المجموع : 222
من كانَ معتذِراً من شتمِه عمراً
من كانَ معتذِراً من شتمِه عمراً / فابنُ النجاشيِّ منهُ غيرُ مُعتَذرِ
وابنُ النجاشِي بَراءٌ غيرَ محتشمٍ / في دينِه من أبي بكرٍ ومن عمرِ
واختل من طلحة المزهو جبته
واختل من طلحة المزهو جبته / سهم بكف قديم الكفر غدار
في كف مروان مروان اللعين أرى / رهط الملوك ملوكاً غير أخيار
وأول مؤمنٍ صلَّى وزَكّى
وأول مؤمنٍ صلَّى وزَكّى / بخاتَمهِ على رَغمِ الكُفورِ
وقد وجبَ الولاءُ له علينا / بذلك في الجِهار وفي الضَّميرِ
وأخبرنا الإلهُ بما وَقاهمْ / ولقَّاهم هناك من السُّرورِ
وأكرمهم لِما صبروا جميعاً / بجنّابٍ وألوانِ الحريرِ
فلا شمساً يَرون ولا حَميماً / ولا غَسّاقَ بين الزمهريرِ
ذاك قيمُ النارِ من قِيلُهُ
ذاك قيمُ النارِ من قِيلُهُ / خُذي عدوّي وذَري ناصِري
ذاك علي بن أبي طالبٍ / صهرُ النبيّ المصطفى الطاهرِ
حدّثنا وهبٌ وكان امرأ / يَصدق بالمنطقِ عن جابرِ
أنّ عليّاً عاينَ المصطفى / ذا الوحيِ من مُقتَد قادِرِ
عاينَه من جوعِه مُطِرقاً / صلّى عليه اللهُ من صابرِ
وظلَّ كالوالِه مّما رأى / بِصِهرِه ذي النسب الفاخرِ
يجولُ إذْ مرّ بذي حائطٍ / يَسقي بدلوٍ غير مستأجِرِ
قال له ما أنتَ لي جاعلٌ / بكلّ دلوٍ مُترَعٍ ظاهرِ
فقال ما عندي سوى تمرةٍ / بكلّ دلوٍ غيرَ ما غادرِ
فأترع الدلَو إمامُ الهدى / يَسقي به الماءَ من الخاسرِ
حتى استقى عشرينَ دلواً على / عَشر بقولِ العالِمِ الخابِرِ
ثم أتى بالتمرِ يَسعى به / إلى أخيه غيرَ مستأثِرِ
فقال ما هذا الذي جئتَنا / به هداكَ اللهُ من زائرِ
فاقتصَّ ما قد كان من أمرِه / في عاجلِ الأمر وفي الآخر
فضمَّه ثم دعا ربَّه / له بخيرٍ دائمٍ ما طِرِ
قولا لسّوارٍ أبي شملةٍ
قولا لسّوارٍ أبي شملةٍ / يا واحداً في النَوْك والعارِ
ما قلتُ في الطير خلافَ الذي / رويتَه أنت بآثارِ
وخبر المسجدِ إذ خصَّه / محلَّلا من عَرصة الدارِ
إن جُنُباً كان وإن طاهِراً / في كلّ إعلانٍ وإسرارِ
وأخرج الباقين منه معاً / بالوحي من إنزالِ جَبَّارِ
حُبّاً عليّاً وحُسيناً معاً / والحَسَن الطُهرَ لأطهارِ
وفاطماً أهلَ الكساءِ الأولى / خُصّوا بإكرامٍ وإِيثارِ
فمبغضُ الله يَرى بُغضَهم / يَصيرُ للخِزيِ وللنّارِ
عليهِ من ذي العرشِ في فعلِه / وسمٌ يراه الغائبُ الزاري
وأنت يا سوّار رأسٌ لهم / في كلِّ خِزي طالبُ الثارِ
تَعيب من آخاهُ خيرُ الورى / من بين أطهارٍ وأخيارِ
وقال في خُمِّ له معلِناً / ما لم يُلقّوْه بإِنكارِ
من كنتُ مولاه فهذا له / مَولىً فكونوا غيرَ كفَّارِ
فعوِّلوا بعدي عليهِ ولا / تَبغوا سرابَ المهمِهِ الجاري
من كنتُ مولاهُ فهذا له / مَولىً فلا تَأبوا بتكفارِ
جاروا على أحمدَ في جارِه / واللهُ قد أوصاهُ بالجارِ
هو جارُه في مسجدٍ طاهرٍ / ولم يكن من عَرصة الدارِ
أربى بما كان وأربى بما / في كلّ إعلانٍ وإسرارِ
وأخرجَ الباقين منهُ معاً / بالوحيِ من إنزال جَبَّارِ
يا عَجَباً لابن عطاءٍ رَوى
يا عَجَباً لابن عطاءٍ رَوى / وربّما صرّحَ بالمنكَرِ
عن سيّد الناس أبي جعفرٍ / فلم يقلْ صِدقاً ولم يبرُرِ
دفنتُ عمّي ثمّ غادرتُه / حليفَ لِبنٍ وتراب ثَري
ما قال ذا قطّ ولو قاله / قلنا انتفاءً من أبي جعفرِ
قال بُنيا النبيّ وابناهُ والبرَّ
قال بُنيا النبيّ وابناهُ والبرَّ / ة والرُّوحُ ثالثٌ في قَرارِ
إذ دعا شبّراً شُبير فقال ال / طُهر للطاهراتِ والأطهارِ
لصراعٍ فقالَ أحمدُ هيّا يا / حَسنٌ شُدَّ شِدّة المِغوارِ
قالت البَرّةُ البتولةُ لّما / سمعتْ قولَه بلا إنكارِ
أتجرّي الكبيرَ والناسُّ طُرّاً / يَقصِدون الصغارَ دونَ الكبارِ
قال إذ كنتُ فاعلاً إن من يك / نِفُ هذا عن الورى مُتواري
إن جبريل قائلٌ مثلَ قولي / فتى النجدِ والنَّدى والوَقارِ
وصفتُ لك الحوضَ يا ابنَ الحُصين
وصفتُ لك الحوضَ يا ابنَ الحُصين / على صفةِ الحارثِ الأعورِ
فإنْ تُسقَ منه غَداً شُربةً / تَفُزْ من نَصيبِكَ بالأوفرِ
فما ليَ ذنبٌ سوى أنّني / ذكرتُ الذي فرَّ عن خَيبَرِ
ذكرتُ امرأ فرَّ عن مِرْحَبٍ / فِرار الحمارِ من القَسْوَرِ
فأنكرَ ذاك جليسٌ لكمْ / زنيمٌ أخو خُلُقٍ أعورِ
لَحاني بحبِّ إمامِ الهُدى / وفاروقِ أمّتِنا الأكبرِ
سأحلقُ لحيتَه إنّها / شُهودٌ على الزُّورِ والمُنْكَرِ
أتيتُ دعيَّ بني العنبرِ
أتيتُ دعيَّ بني العنبرِ / أروم اعتِذاراً فلم أُعْذَرِ
فقلتُ لنفسي وعاتبتُها / على اللؤمِ في فِعلها أقصِري
أيعتذرُ الحرُّ ممّا أتى / إلى رجلٍ من بني العنبرِ
أبوكَ ابنُ سارق عنزِ النبيِّ / وأمّك بنت أبي جَحدرِ
ونحنُ على زعْمِك الرافضو / نَ لأهلِ الضلالةِ والمُنْكَرِ
دونكموها يا بَني هاشمٍ
دونكموها يا بَني هاشمٍ / فجدِّدُوا من آيِها الطامِسا
دونكموها لا علا كعبُ من / أمسى عليكم مُلْكَها نافِسا
دونَكموها فالبَسوا تاجَها / لا تَعدَموا منكمْ لهُ لابِسا
خلافة الله وسلطانه / وعنصر كان لكم دارسا
قد ساسها قبلكم ساسة / ما اختار إلا منكم فارسا
لو خُيِّر المِنبرُ فرسانَه / ما اختارَ إلاّ منكمُ فارِسا
والمُلْكُ لو شُوِورَ في سائسٍ / لما ارتضى غيرَكم سائسا
لم يُبْقِ عبدُ الله بالشام من / آل أبي العاص امرأ عاطِسا
فلستُ من أن تملكوها إلى / هبوطِ عيسى منكمُ آيِسا
وعصبةٍ فتَّشت عنّي وعن حَسبي
وعصبةٍ فتَّشت عنّي وعن حَسبي / فزادها حَسَداً بحثٌ وتفتيشُ
يُخفي على أغبياءِ الناسِ مَعرفتي / أنّي النهارُ وهمْ فيه الخفافيشُ
ألم يكُ لما دعاهُ الرسولُ
ألم يكُ لما دعاهُ الرسولُ / أجاب النبيَّ ولم يُدْهَشِ
فصلَّى هنيئاً له القبلتينِ / على أُنسِهِ غيرَ مُستوحِشِ
إن جبريلَ أتى ليلاً إلى
إن جبريلَ أتى ليلاً إلى / طاهرٍ من بعد ما كان هَجَعْ
بَحَنوطٍ طيّبٍ من جَنّةٍ / في صِرار حُلَّ منه فَسَطَعْ
فدعا أحمدُ من كان بهِ / واثِقاً عندَ مَعَضّاتِ الجَزَعْ
أوثقَ الناسِ معاً في نفسِه / عند مكروهٍ إذا الخطبُ وَقَعْ
قسَّم الصُرَّةَ أثلاثاً فلم / يألُ عن تسويةِ القَسمِ الشَرَعْ
قال جزءٌ لي وجزءٌ لابنتي / ولك الثالثُ فاقبِضْها جُمَعْ
فإذا مِتُّ فحنّطني بها / ثمّ حنّطها بهذا لا تَدَعْ
إنّها أسرع أهلي مِيتةً / ولَحاقاً بي فلا تُكْثِرْ جَزَعْ
فمضى واتَّبَعَتْهُ والِهاً / بعدَ غيض جُرِّعَتْهُ ووَجَعْ
وصيُّ رسول الله والأوّلُ الذي
وصيُّ رسول الله والأوّلُ الذي / أنابَ إلى دارِ الهُدى حين أيفَعا
غلاماً فصلَّى مُسْتَسِرّاً بدينِه / مخافةَ أن يُبغى عليه فيُمنعا
بمكّةَ إذ كانت قريشٌ وغيرُها / تظلُّ لأوثانٍ سجوداً وركعَّا
شريكُ رسولِ الله في البُدُن التي / حَداها هدايا عامَ حجٍّ فودَّعا
فلم يعُد أن وافى الهَديُّ محلّه / دَعا بالهدايا مُشْعَرات فصرَّعا
بكفّيهِ ستّاً بعد ستّين بَكرةً / هدايا له قد ساقها مائةً معا
وفازَ عليُّ الخيرِ منه بأينُقٍ / ثلاثينَ بل زادت على ذاك أربعا
فنحَّرها ثم اجتذى من جَميعها / جُذى ثم ألقى ما اجتذى منه أجمعا
بِقِدرٍ فأغلاها فلمّا أتت أتى / بها قد تهرّى لحمُها وتميَّعا
فقال له كلّ واحسُ منها ومثلما / تَراني بإذنِ الله صنعُ فاصنَعا
ولم يُطْعِما خَلقاً من الناسِ بِضعةً / ولا حسوةً من ذاك حتى تَضلَّعا
وفي يوم بدرٍ حينَ بارزَ شيبة
وفي يوم بدرٍ حينَ بارزَ شيبة / بِعَضبِ حُسامٍ والأسنَّةُ تَلمَعُ
فبادره بالسيف حتى أذاقه / حِمام المنايا والمنيّاتُ تَرْكَعُ
وصيّره نهباً لذئبٍ وقَشْعَمٍ / عليه من الغِربان سودٌ وأبقَعُ
وفي يوم جاءَ المشركونَ بجمعِهم / وعمرو بن عبدٍ في الحديدِ مقنَّعُ
فجدَّله شِلواً صريعاً لوجهِهِ / رَهيناً بقاعٍ حولَه الضَّبْعُ تَخْمَعُ
وأهلكهم ربّي ورُدُّوا بِغيظهم / كما أُهلِكَتْ عادُ الطغاةِ وتُبَّعُ
وفي خاصفِ النّعلِ البيانُ وعبرةٌ / لِمعتَبِرٍ إذ قال والنّعلُ تُرقَعُ
لأصحابه في مجمعٍ إن منكم / وأنفسُكم شوقاً إليه تَطلَّعُ
إماماً على تأويلِه غيرُ جائِرٍ / يُقاتل بَعدي لا يَصِلّ ويَهْلَعُ
فقال أبو بكرٍ أنا هو قالَ لا / فقال أبو حفصٍ أنا هو فاسْفَعُ
فقال لهم لا لا ولكنّه أخي / وخاصفُ نَعلي فاعرِفوهُ المُرَقِّعُ
وفي طائرٍ جاءت به أم أيمنٍ / بيانٌ لمن بالحقِّ يَرضى ويَقْنَعُ
فقال إلهي آتِ عبدَك بالذي / تُحبّ وحبُّ اللهِ أعلى وأَرفَعُ
ليأكلَ من هذا معي وينالَه / فجاءَ عليٌّ من يَصُدُّ ويَمنَعُ
فقال له إنّ النبيَّ ورده / على حاجةٍ فارجع وكلٌّ ليَرجعُ
فعادَ ثلاثاً كلّ ذاكَ يَرُّده / فأهوى بتأييدِ إلى الباب يَقْرَعُ
فاسمَعهُ القرعَ الوصيُّ لِبابِهِ / فقال له ادخل بعدَما كادَ يرجعُ
وقال له يَشكو وقد جئتُ مرّةً / وأخرى وأخرى كلَّ ذلك أَدفعُ
فَسَرَّ رسولَ الله أكلُ وصيِّهِ / وأنفُ الذي لا يَشتهي ذاك يُجدعُ
وقال له ما إن يُحبّك صادِق / من الناس إلاّ مؤمنٌ متورِّعُ
ويَقلاك إلاّ كافرٌ ومنافقٌ / يفارقُ في الحقّ الأنامَ ويَخَلَعُ
فلمّا قضى وحي النبيّ دعا له / ولم يكُ صلّى العصرَ والشمسُ تَنْزِعُ
فرُدّت عليهِ الشمسُ بعد غُروبِها / فصار لها في أوّلِ الليلِ مَطلَعُ
وأسكنه في مَسجد الطُّهر وحدَه / وزوَّجه واللهُ من شاءَ يَرفَعُ
مجاوِرُهُ فيه الوصيُّ غيرُه / وأبوابهم في مسجدِ الطُّهرِ شُرَّعُ
فقال لهم سُدّوا عن اللهِ صادقاً / فضَنُّوا بها عن سَدِّها وتمنَّعوا
فقامَ رجالٌ يذكرونَ قرابةً / وما ثمّ فيما يبتغي القومُ مَطمَعُ
فعاتبه في ذاك منهم معاتِبٌ / وكان له عمّاً وللعمّ مَوْضِعُ
فقالَ له أخرجتَ عمَّكَ كارهاً / وأسكنتَ هذا إن عمّك يَجْزَعُ
فقال له يا عمّ ما أنا بالذي / فعلتُ بكم هذا بل الله فاقنعوا
وقد كان في يوم الحدائقِ عبرةٌ / وقولِ رسولِ الله والعينُ تَدمِعُ
فقال عليّ ممّ تَبكي فقال مِن / ضغائنَ قومٍ شَرُّهم أتوقّعُ
علكَ وقد يُبدونها بعد مِيتتي / فماذا هُديتَ اللهُ في ذاك يُصنَعُ
وفي يومِ ناجاه النبيُّ محمدٌ / يُسِّر إليه ما يُريد ويُطْلِعُ
فقال أطال اليوم نَجوى ابن عمّه / مناجاتُه بغيٌّ وللبغيِ مَصرع
فقال لهم لست الغداة انتجيته / بل الله ناجاه فلم يتورعوا
فأبصر ديناراً طَريحاً فلم يزل / مُشيراً به كَفاً يُنادي ويُسمِعُ
فمال به والليلُ يَغشى سوادُه / وقد همَّ أَهل السُّوقِ أن يتصدَّعوا
إلى بيِّعٍ سَمحِ اليدينِ مباركٍ / توسّم فيه الخيرَ والخيرُ يُتْبَعُ
فقال له بِعني طعاماً فباعَهُ / فقال لك الدينارُ والحَبُّ أجمَعُ
فلا ذلك الدينارُ أُحميَ تِبره / ولا الحَب ممّا كان في الأرضِ يُزرَعُ
فبايعه جبريلُ والضيفُ أحمدٌ / فثمَّ تناهى الخير والبرّ أجمع
وفي أهلِ نجرانٍ عشيَة أقبلوا / إليه وحَجُّوا بالمسيحِ فأبدَعوا
وردُّوا عليه القولَ كُفراً / وقد سمِعوا ما قال فيه وأروعوا
فقال تعالوا نَدعُ أبناءَنا معاً / وابناءَكم ثُمّ النساءَ فأجمَعوا
وأنفسَنا ندعو وأنفسَكم معاً / ليجمعَنا فيه من الأصلَ مَجْمَعُ
فقالوا نعم فاجمع نُباهِلْكَ بُكرةً / وللقومِ فيه شِرّة وتسرُّعُ
فجاؤوا وجاء المصطفى وابنُ عمّه / وفاطمُ والسِبطانِ كي يَتضرّعوا
إلى اللهِ في الوقتِ الذي كان بينهم / فلمّا رَأَوْهم أحجموا وتَضعضعوا
فقال له مه يا بُريدةُ لا تَقل / فإن برغمي في عليِّ تَتَبُّعُ
فمنِّي عليَّ يا بُريدةُ لم يَزل / وإنّي كذا منه على الحقِّ نُطْبَعُ
وليُّكُم بَعدي علي فايقنوا / وقائِعَهُ بعد الوقيعةِ تُسرِعُ
بتوبته مستعجلاً خابَ إنّه / بِسبِّ علي في لَظىً يَتَدرَّعُ
ألا طرقتنا هندُ والرَّكبُ هُجَّعُ
ألا طرقتنا هندُ والرَّكبُ هُجَّعُ / وطافَ لها منّي خيالٌ مروِّعُ
عجبتُ لها أنّى سَرت فَتَعسَّفَتْ / ظلامَ الدجى والليل أعبسُ أسفَعُ
فأنَّى اهتدت للركبِ والركبُ مُعْرِسٌ / بحيث يَظلّ الطيرُ والوحشُ تَرْتَعُ
وعَهدي بها ترتاعُ من صوتِ وَطئِها / ومَن فَيَّها بين المقاصيرِ تَجزعُ
فقلتُ لها يا هندُ أهلاً ومرحباً / وبتُّ بِها من لَيلتي أتمتَّعُ
بِضَمٍّ وتقبيلٍ على غير رِقبةٍ / وطيبِ عناق ليس فيه تمنُّعُ
ألا حظُ منها الوجهَ كالشمسِ تطلعُ / وألثُمُ منها الثغرَ كالمِسك يَسطعُ
وأرشُف من فيها رُضاباً كأنّه / مُعتّقه راحٌ بماءٍ تُشَعْشَعُ
فيا طيبَ ليلٍ بتّ فيه مُمَتَّعاً / إلى أن بدا وجهٌ من الصّبحِ يَشنُعُ
فقمتُ حزيناً آكلُ الكفَّ حسرةً / وأعلم أن قد كنتُ في النوم أُخدَعُ
أما تَرحمي يا هندُ صبّا متيَّماً / وكادَ اشتياقاً قلبُه يَتقطَّعُ
يبيتُ وقد قرَّتْ بوصِلكِ عينُه / ويُضحي وما في نظرةِ منك يَطمَعُ
فيا ليتَ شعري هل لديكِ لِوامقٍ / سبيلٌ وإلاّ هل عن الحبِّ مَرجعُ
بلى في هوى آل النبيِّ محمدٍ / لمثلي تَعلٍّ عن هَواك ومَقنَعُ
ألا أنّما العبدُ الذي هو مؤمنٌ / يقيناً هو المرءُ الذي يَتَشَّيعُ
إذا أنا لم أهوَ النبيًّ وآلهَ / فمن غيرُهم لي في القيامةِ يَشفعْ
ومن يسقني رِيّاُ من الحوضِ شربةً / هنالك إلاّ أصلعُ الرأسِ أنزَعُ
ومَن قائلٌ للنار إذْ ما وَرَدْتُها / ذَرى ذا وجُلُّ الناسِ في النّارِ وقَّعُ
ومن بِلواءِ الحمدِ ثَمَّ يُظلّني / سواهُ وشمسُ الحشرِ في الوجهِ تَلذَعُ
عليٌّ وصيُّ المصطفى ووزيرُه / وناصرُه والبيضُ بالبيضِ تُقرَعُ
وأكرمُ خلق الله صنو محمد / ومن ليس عن فضلٍ إذا عُدّ يُدفعُ
ومن معه صلّى وصامَ لربِّهِ / وللاّت قومٌ ساجدونَ وركَّعُ
فذاك أمير المؤمنينَ ومن له / فضائلُ ما كادتْ لخِلقٍ تَجَمَّعُ
هو الخاطرُ المختالُ يَمشي بِسيفِهِ / إلى أهلِ بدرٍ والأَسَّنةُ تُنْزَعُ
وقد زُفّت الحربُ العوانُ إليهمُ / عليها حِليٌّ من قواضبَ تَلمَعُ
فجاشت لها نفسُ الشجاعِ مخافةً / وقصّر عنها الفارسُ المتسرِّعُ
واحجم عنها المسلمونَ ولم يكن / ليثبتَ إلاّ رابطُ الجأشِ أروعُ
مشى باذِلاً للموتِ في الله نفسَهُ / وأيّده واللهُ ما شاء يَصنعُ
هناك بَرى هامَ الكُماةِ بصارمٍ / له من سيوفِ الهند ما مَسّ يَقْطَعُ
وفي خيبرٍ فاسأل به آل خيبرٍ / أَمِن ضربِهم بالسيفِ هل كان يَشبَعُ
ألم يُردِ فيها مَرحباً فارسَ الوغى / صَريعاً لجنبيهِ ذئابٌ وأَضبُعُ
أما فتحَ الحصنَ المَشيدَ بناؤُّهُ / وقد كاعَ عنه قبل ذلك تُبَّعُ
ومن قَلعتَ يُمنى يديه رِتاجه / وقد قصَّرت عنه أكفٌّ وأذرعُ
ومن ذا سَبى منه حصاناً كريمَةَ / يَذُبّ هُمامُ القومِ عنها ويَدفعُ
فقرَّ رسولُ الله عيناً بقربِها / وقد طَمِعَتْ منها نفوسٌ تَطلَّعُ
ومن ذا له قال النبيُّ محمدٌ / غداةَ تَبوكٍ حين قالوا وشنّعوا
فغَمّ أميرَ المؤمنين مقالُهم / وكادت أماقيه من الحُزنِ تَدمَعُ
فقام رسول الله فيهم مبلِّغاُ / لهم فضلّه لو كان ذلك يَنجَعُ
فقالَ عليٌّ فاعلموا من نبيّكمْ / كهارونَ من موسى فكفُّوا وأَقلِعوا
ومن ذا لهم في يوم خُمٍّ أقامَه / وقال لهم فيه مَقالاً فأجمعوا
فقال فمن قد كنتُ مولاه منكمُ / فهذا له مَولىً يُطاعُ ويُسمَعُ
ومن حملته الريحُ فوق سحابةٍ / بقدرةِ ربٍّ قدرَ من شاء يَرفعُ
ومرّ بأصحابِ الرقيمِ مسلِّماً / فردّوا من الكهفِ السلامَ فأسمعوا
ومن فجَّر الصخرَ الأصمَّ لجندِه / ففاضَ معيناً منه للقوم يَنُبعُ
ومن لصلاةِ العَصر عند غُروبها / تُرَدُّ له والشمسُ بيضاُ تَلمَعُ
فصلّى صلاةَ العصرِ ثم انثنتْ له / تَسير كَسَيرِ البرقِ والبرقُ مُسرعُ
فيا لائمي في حُبّهم كُفَّ إنّني / بحبِّ أميرِ المؤمنينَ لَمولَعُ
ولا دِنْتُ إلاّ حبَّ آل محمدٍ / ولا شيءً منه في القيامة أنفَعُ
إذا العدلُ والتوحيدُ كانا وحبُّه / بقلبي فإنّي العابدُ المُتطَوِّعُ
أنا السيّد القوَال فيهم مدائحاً / تمرُّ بقلبِ الناصِبينَ فتَصدَعُ
قفْ بالديارِ وحيّها يا مَرْبَعُ
قفْ بالديارِ وحيّها يا مَرْبَعُ / واسأل وكيفَ يُجيب من لا يَسْمعُ
إنّ الديار خلتْ وليس بِجوِّها / إلا الضوابِحُ والحمامُ الوُقَّعُ
ولقد تكونُ بها أوانسُ كالدُّمى / جُمْل وعزُّة والرَّبابُ وبَوْزَعُ
حورٌ نواعمُ لا تُرى في مثلِها / أمثالهن من الصيانةِ أربَعُ
فَغَرِينَ بعد تألّفِ وتَجمُّعٍ / والدهرُ صاحِ مشتِّتٌ ما تَجمَعُ
فاسلمْ فإنّك قد نزلتَ بمنزلٍ / عندَ الأمير تَضرُّ فيه وتَنْفَعُ
تُؤتى هواكَ إذا نطقتَ بحاجةٍ / فيهِ وتَشفعُ عنده فيشفِّعُ
قلْ للأميرِ إذا ظفِرتَ بخلوةٍ / منه ولم يكُ عندَه من يَسمعُ
هبْ للذي أحببتَه في أحمدٍ / وبنيهِ إنّك حاصدٌ ما تَزرَعُ
يختصّ آل محمدٍ بمحبّةٍ / في الصدرِ قد طُوِيَتْ عليها الأضْلُعُ
من ناكثين وقاسيطن الأرْوعُ
من ناكثين وقاسيطن الأرْوعُ / حول الأمين وقال هات ليسمعوا
قم يا ابن مذعورٍ فأنشِد نَكِّسوا / خَضْعَ الرِّقابِ بعينٍ لا تُرفَعُ
لولا حِذارُ أبي بُجير أظهروا / شنانَهم وتَفرَّقوا وتَصدَّعوا
لا تجزَعوا فلقد صَبرنا فاصبِروا / سبعينَ عاماً والأنوفُ تُجَدَّعُ
إذا لا يزال يقومُ كل عَروبةٍ / منكم بصاحبنا خطيبٌ مِصقَعُ
مسحنفِرٌ في غَيِّه متتابعٌ / في الشتم مَثِّلُهُ بِخيلٍ يَسْجَعُ
لِيَسُرَّ مخلوقاً ويُسخِطَ خالقاً / إن الشقيَّ بكلّ شرٍّ مولعُ
لأمِّ عمرٍو باللِّوى مَربَعُ
لأمِّ عمرٍو باللِّوى مَربَعُ / طامسةٌ أعلامُهُ بلْقعُ
تروحُ عنه الطيرُ وحشيّةً / والأُسدُ من خِيفَتِه تَفْزَعُ
برسمِ دارٍ ما بها مؤنِسٌ / إلاّ صِلالٌ في الثَّرى وقَّعُ
رُقشٌ يخاف الموتُ من نَفْثِها / والسمُّ في أنيابها مُنْقَعُ
لما وقفنَ العِيسَ في رسمِه / والعينُ من عِرفانِهِ تَدمَعُ
ذكرتُ ما قد كنتُ ألهو بهِ / فبتُّ والقلبُ شجٍ مُوجَعُ
كأنّ بالنارِ لما شَفَّني / من حبِّ أَرْوى كَبِدي تُلذَعُ
عجبتُ من قومٍ أتَوْا أحمداً / بخُطّةٍ ليس لها موضِعُ
قالوا له لو شئتَ أعلمتَنا / إلى مَن الغايةُ والمَفْزَعُ
إذا توفيتَ وفارَقْتَنا / وفيهمُ في الملكِ من يَطمعُ
فقالَ لو أعلمتكم مَفزَعاً / ماذا عَسيتمْ فيه أن تَصنعوا
صنيعُ أهلِ العِجلِ إذْ فارقوا / هارون فالتَركُ لهُ أوْسَعُ
وفي الذي قال بيانٌ لمن / كان له أُذنٌ بها يَسمَعُ
ثم أتتهُ بعدَ ذا عَزمةٍ / من ربِّه ليس لها مَدفَعُ
أبلِع وإلاّ لم تكنْ مُبلغاً / واللهُ منهم عاصمٌ يَمنعُ
فعندها قام النبيُّ الذي / كان بما يأمرُهُ يَصدَعُ
يَخطب مأموراً وفي كفِّه / كفُّ عليٍّ نورُها يَلْمَعُ
رافِعُها أكرمْ بكفِّ الذي / يَرفع والكفِّ التي تُرفعُ
يَقولُ والأملاكُ من حولِهِ / والله فيهم شاهدٌ يَسمَعُ
من كنتُ مولاه فهذا له / مولىً فلم يَرضَوا ولم يَقنعوا
فاتّهموه وانحنت منهمُ / على خلافِ الصادقِ الأضلُعُ
وضلّ قوم غاظَهم قولُه / كأنّما آنافهمْ تُجدَعُ
حتى إذا وارَوْهُ في قبرِه / وانصرفوا من دفِنهِ ضيَّعوا
ما قال بالأمسِ وأوصى به / واشتروا الضُرَّ بما يَنفعُ
وقطّعوا أرحامَه بعدَهُ / فسوف يُجزون بما قطّعوا
وأزمعوا غدراً بمولاهمْ / تبّاً لما كانوا به أزمَعوا
لا هم عليه يَردوا حوضَهُ / غداً ولا هُوْ فيهمُ يَشفعُ
حوضٌ له ما بين صَنعا إلى / أيلةَ أرضِ الشامِ أو أوسَعُ
يُنصبُ فيه علمٌ للهُدى / والحوضُ من ماءٍ له مُترَعُ
يَفيض من رحمته كوثرٌ / أبيضُ كالفضّةِ أو أنصَعُ
حَصاهُ ياقوتٌ ومَرجانة / ولؤلؤٌ لم تَجنِهِ إصْبَعُ
بَطحاؤه مِسك وحافاتُه / يَهتزُّ منها مونِقٌ مُونِعُ
أخضرُ ما دونَ الجَنى ناضرٌ / وفاقعٌ أصفرُ ما يَطلُعُ
والعِطرُ والرّيحانُ أنواعُهُ / تَسطعُ إن هبَّتْ به زَعْزَعُ
ريحٌ من الجنَّةِ مأمورةٌ / دائمةٌ ليس لها مَنزعُ
إذا مَرته فاحَ من ريحِه / أزكى من المِسك إذا يَسطَعُ
فيه أباريقُ وقِدْحانُه / يَذبُّ عنها الأنزعُ الأصْلَعُ
يذبُّ عنه ابن أبي طالبٍ / ذبَّكَ جَربى إبلٍ تَشْرَعُ
إذا دنوا منه لكي يَشربوا / قيلَ لهم تبّاً لكم فارجِعوا
دونكموا فالتمسوا مَنهلاً / يُريكم أو مَطعماً يُشْبعُ
هذا لمن والى بني أحمدٍ / ولم يكنْ غيرَهمُ يَتْبَعُ
فالفوزُ للشاربِ من حوضِه / والويلُ والذلُّ لمن يَمنَعُ
فالناسُ يومَ الحَشرِ آياتُهم / خَمسٌ فمنهمْ هالكٌ أربَعُ
قائدُها العِجلُ وفِرعونها / وسامريُّ الأمةِ المُفْظِعُ
ومارقٌ من دينه مِخْدَجٌ / أسودٌ عبدٌ لُكَعٌ أَوْكَعُ
ورايةٌ قائِدُها وجهُه / كأنّه الشمسُ إذا تطلُعُ
غداً يلاقي المصطفى حيدرٌ / ورايةُ الحمدِ له تُرفَعُ
مولىً له الجنّةُ مأمورةٌ / والنارُ من إجلالِه تَفْزَعُ
إمامُ صدقٍ وله شيعةٌ / يُرووا من الحوض ولم يُمنعوا
بذاك جاءَ الوحيُ من ربِّنا / يا شيعةَ الحقِّ فلا تَجزعوا
إن كنتَ من شيعةَ الهادي أبي حسنٍ
إن كنتَ من شيعةَ الهادي أبي حسنٍ / حقّاً فأعدِدْ لريبِ الدهرِ تِجفافا
إن البلاءَ مُصيبٌ كُلَّ شيعتِهِ / فاصبِر ولا تك عند الهمِّ مِقْصافا