القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الملك الأَمجَد الكل
المجموع : 139
أهلُ الحِمى قد أودَعوا
أهلُ الحِمى قد أودَعوا / قلبي جوًى وودَّعوا
فقلْ لعُذالي اعذلوا / بعدَ نواهمْ أو دعوا
بانوا فهل لقربهمْ / بعدَ التنائي مَرجِعُ
أم هل لنا في عودِهمْ / الى الديارِ مطمعُ
تُذْكِرُني أيامَهمْ / حمامةٌ تُرجَّعُ
فأنثني وقد تروَّتْ / مِن دموعي الأربٌعُ
وليس للدارِ وللتذَّكارِ / إلا الأدمُعِ
مضنًى يهيمُ بذاتِ الخالِ مِن وَلَهٍ
مضنًى يهيمُ بذاتِ الخالِ مِن وَلَهٍ / يعتادُه وضناهُ مِن علائمهِ
لمّا توشّحَتِ الخِلخالَ مِن هَيَفٍ / بها تَمَنْطَقَ مِنْ سُقْمِ بخاتمهِ
يا أيُّها البدرُ الذي ريقُه
يا أيُّها البدرُ الذي ريقُه / خمرٌ له في فيهِ جِرْيالُ
خدُّكَ أضحى كالشقيقِ الذي / له على وجنتهِ خالُ
وبدرُ تمًّ يحاكي رِيقُ مبسمهِ
وبدرُ تمًّ يحاكي رِيقُ مبسمهِ / خمراً سقِيت به مِن فيهِ جِرْيالا
لو لم يكن خدُّه مثلَ الشقيقِ لما / كان السوادُ الذي يحتلُّه خالا
يُؤرَّقُني حنينٌ وادكارُ
يُؤرَّقُني حنينٌ وادكارُ / وقد خلتِ المرابعُ والديارُ
تناءى الظاعنونَ ولي فؤادٌ / يسيرُ مع الهوادجِ حيث ساروا
حنينٌ مثلَما شاءَ التنائي / وشوقٌ كلَّما بَعُدَ المزارُ
وليلٌ بعدَ بينهمُ طويلٌ / فأين مضتْ لياليَّ القِصارُ
ومذ حكمَ السهادُ على جفوني / تساوى الليلُ عندي والنهارُ
فمَنْ ذا يستعيرُ لنا عيوناً / تنامُ ومَنْ رأى عيناً تعارُ
سهادي بعدَ نأيهمُ كثيرٌ / ونومي بعدما رحلوا غِرارُ
فكيف أرومُ بعدهمُ اصطباراً / وقد عُدِمَ التصبرُ بالقرارُ
فلا ليلي له صبحٌ منيرٌ / ولا وجدي يُقالُ له عِثارُ
وكم من قائلٍ والحيُّ غادٍ / يُحَجِّبُ طعنَهُ النفعُ المثارُ
وقوفُكَ في الديارِ وأنتَ حيٌّ / وقد بَعُدَ الخليطُ عليكَ عارُ
ولمّا لاحَ برقُ الكأسِ ليلاً / ومِن سُدَفِ الظلامِ له صِدارُ
وقد جُلِيَتْ عروسُ الراحِ فيه / بليلٍ والنجومُ لها نِثارُ
وأعملَتِ الكؤوسُ فقالَ قومٌ / بدا لالأؤها لهم فحاروا
أخمرُ في الزجاجِ تدارُ وَهْناً / على النُّدماءِ أم في الكأْس نارُ
مُدامٌ نستطيرُ بها سروراً / متى طَفِقَتْ زجاجتُها تدارُ
عُقارٌ مثلُ ذوبِ التبرِ صرفٌ / يهانُ لعزِّ نشوتِها العِقارُ
اِذا برزتْ تَرقرَقُ في الأواني / خشينا أن يطيرَ لها شرارُ
لها حَبَبٌ علاها مِن لُجينٍ / وتحت شِباكهِ منها نُضارُ
كأنَّ لطائماً في الشَّرْبِ باتتْ / تُذبِّحُ فارَهُنَّ لنا التِّجارُ
فباكِرْها على زَهَراتِ روضٍ / يُغَنِّي في جوانبهِ الهَزارُ
فأيامُ الشبيبةِ والتصابي / على الانسانِ ثوبٌ مستعارُ
سقى أهلَ العقيقِ واِنْ تناءوا / دموعي فَهْيَ بعدَهمُ غِزارُ
واِنْ بَخِلَتْ غوادي السُّحبِ يوماً / فسحبُ الدمعِ مُثْقَلَةٌ عِثارُ
واِنْ نصبَ القِطارُ فِانَّ دمعي / له في كلِّ ناحيةٍ قِطارُ
وربَّ هلالِ ليلٍ بتُّ وهناً / أسايرُه كما انعطفَ السِّوارُ
على هوجاءَ ناحلةٍ برتني / وِايّاها المهامِهُ والقفارُ
لها في كلِّ مُضطرَبٍ ذميلٌ / ولي في كلِّ داجيةٍ منارُ
أُعلِّلهُا إذا لغبتْ بشعرٍ / عليه للهوى أبداً شِعارُ
قريضٌ ما تدفَّقَ بحرُ فكرى / به إلا تضاءلتِ البحارُ
اِذا أنشدتُه خفَّتْ حلومٌ / يُرجِّحُها السكينةُ والوقَارُ
يُذَرِّبُهُ كما أهوى لسانٌ / تُسَنُّ على مضاريهِ الشِّفارُ
له نسبٌ إلى العَرَبِ البوادي / يُصدِّقُه اختبارٌ واختيارُ
يفوحُ الشيحُ منه كلَّ وقتٍ / ويَنفَحُ مِن جوانبهِ العَرارُ
ففكري تقصرُ الأفكارُ عنه / وشِعري لايُشَقُّ له غبارُ
أسروا قلبي ودمعي أطلقوا
أسروا قلبي ودمعي أطلقوا / أطلقوا دمعي وقلبي أسروا
هجروا ظلماً وصدُّوا عَنَتاً / عَنَتاً صدُّوا وظلماً هجروا
زعموا أنِّي خَؤونٌ في الهوى
زعموا أنِّي خَؤونٌ في الهوى / في الهوى أنِّي خَؤونٌ زعموا
أثِموا حقاً وقد ظنُّوه بي / بي وقد طنُّوه حقاً أثِموا
ظلموا لمّا رأوني مُنصِفاً / مُنصِفاً لمّا رأوني ظلموا
علموا ما في فؤادي منهمُ / منهمُ ما في فؤادي علموا
نقموا فرطَ ولوعي بهمُ / بهمُ فرطَ ولوعي نقموا
سلموا مِن لوعةٍ بي في الحشا / في الحشا من لوعةٍ بي سلموا
حكموا لمّا رأوني طائعاً / طائعاً لمّا رأوني حكموا
كَرُموا أصلاً وطابوا عنصراً / عنصراً طابوا وأصلاً كَرُموا
فَهِموا وجدي فجاروا عامداً / عامداً جاروا ووجدي فَهِموا
حرَّموا وصلي وقتلي حلَّلوا / حلَّلوا قتلي ووصلي حرَّموا
فهُمُ قصدي ومنهمُ راحتي / راحتي منهمُ وقصدي فهُمُ
نَعِموا أين استقلَّتْ بزلُهمْ / بزلُهمْ أين استقلَّتْ نَعِموا
وروضٍ بديعِ النَّورِ يضحكُ باكياً
وروضٍ بديعِ النَّورِ يضحكُ باكياً / مِن الغَيمِ يهمي فوقَ تلكَ الحدائقِ
بكتْ حسداً للنرحسِ الغضِّ أعينٌ / به عندما احمرَّتْ خدودُ الشقائقِ
رحلوا سحراً جلبوا فِكَراً
رحلوا سحراً جلبوا فِكَراً / فِكَراً جلبوا سحراً رحلوا
عدلوا عن عهدِهمُ طوعاً / طوعاً عن عهدِهمُ عدلوا
فعلوا بِدَعاً بمحبتِّهمُ / بمحبتِّهمُ بِدَعاً فعلوا
جَهِلوا كلفي بمحاسنهمْ / بمحاسنهمْ كلفي جَهِلوا
كَمُلوا حسناً طابوا خبراً / خبراً طابوا حسناً كَمُلوا
عليلُ الوجدِ عندكَ لا يُعادُ
عليلُ الوجدِ عندكَ لا يُعادُ / وسرُّ الحبِّ عندي لا يُعادُ
ومقروحُ الجفونِ إذا تَشكَّى / أليمَ الشوقِ صدَّقَهُ السُّهادُ
يَحِنُّ على التنائي والتمادي / الى أحبابِه هذا الفؤادُ
فؤادٌ باتَ يقدحُ فيه شوقاً / لنارِ الوجدِ مذ بانوا زِنادُ
وخلانٍ على نجدٍ نزولٍ / لهم منّي المحبَّةُ والودادُ
أُريدُ تصبُّراً عنهمْ وقلبي / يخالفُ ما أردتُ لِما أرادوا
ضلالي في الغرامِ ولا أُحاشي / خُرافاتِ النُّهى بهمُ رشادُ
اِذا حدَّثتُ بالسُّلوانِ قلبي / يقولُ الوجدُ موعدُه المَعادُ
ومذ ساروا عنِ الجرعاءِ ليلاً / سرى عن جفنِ عينَّي الرُّقادُ
فما ليَ والحياةِ إذا تناءتْ / عنِ الخَلْصاءِ هاجرةً سعادُ
أأرجِعُ بعدما بانتْ سَفاهاً / أُحاولُ أن يُخاطبَني الجمادُ
وأنظرُ في الديارِ مَرادَ لهوٍ / به قد كان ساعفَني المُرادُ
وما عندي على وجدي مزيدٌ / وهل فوقَ الذي عندى ازديادُ
وأجفانٍ مِنَ التفريقِ أمسى / تَوالي الدمعِ وهو لها عَتادُ
اِذا أرسلتُهنَّ رأيتُ سَحّاً / عِهادُ الدمعِ يتبعُه عِهادُ
ومحزونٍ بكى الأطلالَ شوقاً / بدمعٍ لا يَجِفُّ له مَزادُ
اِذا ركضتْ سحائبهُ استباقاً / بدا للماءِ فيهنَّ اطِّرادُ
بكى والقربُ محكمةٌ عراه / فكيف به إذا طالَ البِعادُ
كأنَّ بقلبِه وخزَ الأشافي / تُجَدِّدُه مؤلَّلَةٌ صِعادُ
أأيامَ الشبابِ سقاكِ دمعٌ / تغصُّ به الأهاضبُ والوهادُ
كدمعي يومَ بنتِ وقالَ شيبي / نأى عنكَ الشبابُ المستعادُ
فِانَّ لنارِ ذكراه زفيراً / له ما بينَ جنبيَّ اتِّقادُ
ومذ ضَحِكَ البياضُ بكى اكتئاباً / على أيامِ صبوتِه السوادُ
نَبَتْ بالهائمِ الولهانِ ليلاً / مضاجعُه وأنكرَهُ الوِسادُ
كأنَّ على مضاحعِه إذا ما / تَمهَّدهنَّ قد فُرِشَ القَتادُ
رأى تلكَ الحُدوجَ وقد حمتْها / سيوفٌ مِن فوارسِها حِدادُ
وكلُّ مُشَيَّع العَزَماتِ ماضٍ / يُحامي عن حقيقتِه الجِلادُ
فوارسُ كلِّ معركةٍ تمطَّتْ / بهمْ في ليلِ عِثْيَرِها الجيادُ
وقد رجعتْ بهمْ شُعْثَ النَّواصي / على اللَّبّاتِ مِن عَلَقٍ جِسادُ
فليس يَروعُهمْ كالناسِ يوماً / على العِلاّتِ داهيةٌ نآدُ
فلو ردُّوا اليها بعد لأيٍ / وقد هلكوا بصَيلَمِها لعادوا
فلم يكُ دأبُه اِلاّ دموعاً / تَحدَّرُ وهي قانئةٌ وِرادُ
وِانشادُ القريضِ بكلِّ وادٍ / تَعطَّرُ مِن نوافحِه البلادُ
كأنِّي في فصيحِ الفولِ قُسٌّ / ولكنْ ليس لي منكم اِبادُ
بشِعْرٍ بحرُه الزخّارُ عندى / وللغيرِ النقائعُ والشِّمادُ
فما فيهِ مِنَ الاِقواءِ شيءٌ / يُعابُ به ولا فيه سِنادُ
فحِلفاه الجزالةُ والمعاني / واِلفاه الاِصابةُ والسَّدادُ
لا تُخدَعنَّ فتصطفي لكَ صاحباً
لا تُخدَعنَّ فتصطفي لكَ صاحباً / شرَّ الورى نفساً وأخبثَ عنصرا
لَؤمَتْ مغارسُ أصلِه فتكدَّرتْ / نُطَفُ الاِخاءِ بمثلِه وتكدَّرا
يُبدي لكَ الملق الشهي حديثه / وتراه صِلاً مِن ورائكَ أبترا
لا يأتلي بالأوابدِ قاصداً / طبع غدا لابن اللئيمة لمبكرا
ومُطفلٍ سنحتْ في القاعِ ناشدةً / ظبياً لها ضلَّ بينَ الضّالِ والسَّمُرِ
نأتْ نفاراً وداراً مشبهةٌ / ليلى وقد سُمْتُها وصلاً على غررِ
قد أورثتْ خاطرَ المشتاقِ يومَ نأتْ
قد أورثتْ خاطرَ المشتاقِ يومَ نأتْ / سعادُ أَثَلاثِ المنحنى ولَها
قلبي واِنْ كنتُ لا أنفكُّ أُعتِبُه / قد صارَ طوعاً وكرهاً ملكَها ولَها
لا تحسبِ الصبَّ مذ زُمَّتْ أيانِقُها / الىالعقيقِ تناسى عهدَها ولَها
لو شاءِ قصَّرَ مِن أيامِ كاظمةٍ / بالوصلِ مَنْ كان بالهجرانِ طوَّلها
فليت آخرَ أيامِ الحِمى بهمُ / كانتْ على غِرَّةِ الواشينَ أوَّلَها
ومصفرَّ أوراقِ الغصونِ وخضرِها
ومصفرَّ أوراقِ الغصونِ وخضرِها / لعينيكَ في فصلِ الخريفِ تروقُ
فذا ذهب فيها وذاكَ زبرجدٌ / جلتْهُ لكاساتِ المُدامِ بُروقُ
بروقُ رحيقٍ في الزجاجاتِ لُمَّعٌ / لدى الشَّربِ لا يُخشى لهنَّ حريقُ
فهنَّ إلى ربعِ المسرَّةِ كلَّما / دجا لكَ ليلٌ للهمومِ طريقُ
معتَّقةٌ مَنْ باتَ يُعمِلُ كاسَها / فذاكَ مِن الهمَّ الطويلِ عَتيقُ
أذالَ على بالي الرسومِ المدامعا
أذالَ على بالي الرسومِ المدامعا / مشوقٌ رأى برقاً على الغَورِ لامعا
وخاطبَ اطلالاً رآها أواهلاً / بأهلِ الحمى دهراً فعادتْ بلاقِعا
فلم يرَ في الأطلالِ إلا ابنَ دايةٍ / يُرى طائراً فوقَ الربوعِ وواقعا
منازلُ قد كان الشبابُ إلى المها / زمانَ الحِمى والحاجبيَّةِ شافعا
مرابعُ سقّاها مِنَ المزنِ هاطلٌ / كدمعي إذا أصبحتُ مِلْهينِ جازعا
وحيّا الحيا قوماً على الجِزْعِ والحِمى / أضاعوا على حكمِ الضلال الودائعا
لئن ضيَّعوا عهدي فما ضاعَ عهدهمْ / وحاشا بعدَ الحفظِ يُحسَبُ ضائعا
حبائبُ أدنتني اليهنَّ في الهوى / نوازعُ شوقٍ لا أُرى عنه نازعا
وفي عرصاتِ الدارِ منَّيَ والهٌ / يُرى في ذُراه داميَ الجفنِ دامعا
أُسقَّي ثرى تلكَ الطلولِ بادمعي / وأخلُفُ في النوحِ الحمامَ السواجعا
وأنظُر هاتيكَ الرسومَ خوالياً / فتنهلُّ فيهنَ الدموعُ هوامعا
ومما شجاني البرقُ في عرصاتِها / وقد لاحَ محمرَّ الذوائبِ ناصعا
فأَذكَى صباباتٍ تقادَمَ عهدُها / بأهلِ الحِمى حيَّ الحِمى والأجارعا
وأشتاقُ أيامَ الدنوَّ فهل أَرى / زمانَ التداني بالأحبَّةِ راجعا
وما لغليلِ الشوقِ إلا دنوُّه / دواءٌ إذا جمرُ الهوى عادَ لاذعا
وما شوقُ ورقٍ غابَ عنها هديلُها / وقد كانَ ما بينَ الحدائقِ ساجعا
تنوحُ سُحَيراً في الغصونِ كأنَّما / لها عَذَبُ الباناتِ أمستْ صوامعا
فتصدعُ قلبي حينَ تصدحُ سُحرةً / وقد حلَّ أهلُ الرقمتينِ مُتالعا
كشوقي إلى جيرانِ سَلْعٍ وحاجرٍ / واِنْ ضيَّعوا سِرّى فأصبحَ ذائعا
وهَجْلٍ به تُنضَى القَطا الكُدْرُ جُبْتُهُ / بأعيسَ يُدينهِ واِنْ كانَ شاسِعا
اخوضُ به لُجَّ العساقيلِ بعدَ ما / شقتُ به نحوَ الخليطِ اليَلامِعا
يُجاذِبني فضلَ الجديلِ وقد غدتْ / عياءً بُنيّاتُ الجَديلِ خواضِعا
يَطُسنَ بركبانِ الغرامِ على الوَجا / الى جيرةٍ بالرقمتينِ اليَرامِعا
فأغدو على ظهرِ المطيَّةِ ساجداً / مِن الأينِ ما بينَ الصَّحابِ وراكِعا
الى أن أرى شمساً شهيّاً بزوغُها / مِن الحيَّ أو بدراً مِن الخِدْرِ طالِعا
وكم ليلةٍ قد بتُّ ارعى نجومَها / وقد حَسَدَتْ عيني العيونَ الهواجِعا
أُساهرُ ديجورِها النجمَ حائراً / وأهجرُ في ظَلْمائِهنَّ المضاجِعا
غراماً بوجهٍ لو بدا من خبائه / رأيتَ له نوراً على الأُفْقِ ساطِعا
يعودُ له بدرُ السماءِ إذا بدا / له ورآه خاسئَ الطرفِ خاشعا
وما روضةٌ قد وشَّحَتْها يدُ الحيا / بدمعِ سحابٍ قد كساها الوشائعا
فاصبحَ فيها النَّورُ يَبسِمُ ثغرُه / وفاحَ بها عَرفُ الأزاهيرِ رادِعا
بأحسنَ مِن شعري وأين كمثلِه / جواهرُ من لفظٍ تُحلَّي المسامعا
يُحيَّرُ ربَّ المنطقِ الجزلِ لفظُه / فيصبحُ مِن بعدِ التعاظُمِ ضارعا
تراه على ذاكَ الترفُّعِ نادماً / اِذا حطَّهُ شعري وللسنَّ قارعا
ويغدو وما بينَ الأضالِعِ جذوةٌ / على الشعرِ نظمي قد حشاها الأضالِعا
متى حانَ مِن شمسِ النهارِ غروبُ
متى حانَ مِن شمسِ النهارِ غروبُ / جرتْ مِن دموعِ المقلتينِ غروبُ
وما الحبُّ إلا زفرةٌ بعدَ زفرةٍ / ودمعٌ على بالي الرسومِ يَصُوبُ
ووجدٌ إذا ما قلتُ تسكنُ نارُه / أثارَ لظاها للنسيمِ هبوبُ
فميعادُ شوقي أن تلوحَ على الحمى / خيامُهمُ أو أن تَهُبَّ جَنُوبُ
خليليَّ قُصّا لي أحاديثَ هاجرٍ / اِذا شئتما عقلي اليَّ يثوبُ
فاِنَّ به قوماً عليَّ أعزَّةً / أحاديثُهمْ للمستهامِ تطيبُ
همُ القومُ ما ألقى نصيراً عليهمُ / فكيف غدا لي في الغرامِ نصيبُ
لقد لازمَ القلبَ المعنَّى ببينِهمْ / خُفُوقٌ على طولِ المدى ووجيبُ
أُناسٌ جفونا والديارُ قريبةٌ / عليه محبٌّ في الغرامِ غريبُ
يساهرُ نجمَ الليلِ عندَ طلوعِه / ويَرْقُبُ شمسَ اليومِ أين تغيبُ
فيا ليت شعري هل يُعيدُ دنوَّهمْ / زمانٌ بشملِ العاشقينَ لعوبُ
اِذا ما بدا برقٌ من الغورِ لائحٌ / شكتْ من تباريحِ الغرامِ قلوبُ
ولمّا نأتْ تلكَ الحُدُوجُ وطوَّحتْ / بهنَّ نوًى تُنضي النياقَ شَعُوبُ
وسارَ فؤادي في الظعائنِ غُدوةً / وراءَ مطايا القومِ وهو جَنيبُ
وسارتْ بهمْ عن منحنى الجِزْعِ أينقٌ / براهنَّ وخدٌ في الفلا ودُؤوبُ
سمحتُ بدمعي في الديارِ وقد غدتْ / وليس بها مِن أهلهنَّ غريبُ
واِنَّي واِنْ ضنُّوا عليَّ بزَوْرَةٍ / تحومُ عليها غُلَّتي وتلوبُ
سأعذرُهمْ فيها واِنْ كنتُ كارهاً / مخافةَ أمرٍ في الغرامِ يُريبُ
فمِنْ نفحاتِ الطيبِ واشٍ عليهمُ / نمومٌ ومِنْ جَرْسِ الحُليَّ رقيبُ
ولي من نسيمِ الأبرقَيْنِ إذا سرى / بريّاهمُ بعدَ الهدوَّ طبيبُ
وعندي مِن الأشواقِ ما لم يلاقِه / على قربِ ما بينَ المزارِ كئيبُ
وما بنتُ دوحٍ غابَ عنها قرينُها / وطالتْ نواه فهو ليس يؤوبُ
تُؤرَّقها قمريَّةٌ فوقَ بانةٍ / تُداعي هديلاً عندها فيُجيبُ
اِذا سمعتْ صوتَ الحمائمِ سُحرةً / وقد رفَّ غصنٌ بالغَضا فتجيبُ
أجدَّ لها ذاكَ التغرُّدُ لوعةً / تكادُ لها حَبُّ القلوبِ تذوبُ
فتشتاقُه والشوقُ يُضْرِمُ نارَها / اليه وما بينَ الضلوعِ لهيبُ
كشوقي إذا أنشدتُ شِعري وزادَني / بهمْ طرباً أن المحبَّ طَرُوبُ
قوافٍ إذا فوَّقتُ سهمَ نضيدِها / غدتْ لخفيّاتِ الصَّوابِ تُصيبُ
نسيبٌ كمعتلَّ النسيمِ معطَّراً / غدا في نِجارِ الشعرِ وهو نسيبُ
لكلَّ فؤادٍ منه وجدٌ مُجَدَّدٌ / وفي كلَّ قلبٍ مِن هواه حبيبُ
خاطبتُ بعدَكمُ الأطلالَ والدَّمَنا
خاطبتُ بعدَكمُ الأطلالَ والدَّمَنا / وتلكَ حالةُ مَنْ بالبينِ قد غُبِنا
نَشَدتُ بعدَكمُ قلبي وطالَ بكم / مدى النوى فنَشَدتُ القلبُ والوَسَنا
أحبابَنا أن رأيتمْ مَنْ قضى أسفاً / بعدَ الفراقِ على أحبابهِ فاَنا
عوضتموني وقد سارتْ ركائُبكمْ / يومَ الفراقِ بيومِ الملتقى حَزَنا
أجاهلياً غدا وجدي القديمُ بكم / حتى تعبَّدَ من أوثانِكمْ وثنا
نَصَّبتُمْ لقتيلِ الوجدِ بينكمُ / أصنامَ حُسنٍ غدتْ ما بينكمْ فِتَنا
وكلَّما ثُوَّرتْ للبينِ عيسكمُ / ثارتْ نوازعُ وجدٍ قلَّما سَكَنا
وندَّ دمعي تلكَ العيسُ سائرةٌ / عن الربوعِ وقِدْماً طالما خُزِنا
أرخصتُه بعدما بِنتمْ على دِمَنٍ / لم يبقَ للدمعِ مِن بعدِ النوى ثمنا
وقالَ قومٌ أذاعَ السرَّ بعدهمُ / وكنتُ لولا النوى في الحبَّ مؤتَمنا
جيرانَنا حبذا أيامُ كاظمةٍ / زمانَ لم يَفْطُنِ البينُ المشتُّ بِنا
قد كانَ قُرْبُكمُ مِن كلَّ نائبةٍ / تنوبُ في الوجدِ مِن قبلِ النوى جُنَنا
وكانَ في الربعِ لي مِن أهلِه وطرٌ / هجرتُ مِن أجلِه الخُلاّنَ والوطنا
تَيمَّنَني فيه غِزلانٌ لواحظُها / أعرنَ آرامَ نجدٍ ذلكَ العَيَنا
مرابعٌ كنتُ منها في بُلَهْنِيَةٍ / مِنَ الوصالِ وهذا الدهرُ ما فطنا
فحين بانوا وأمستْ وَهْيَ خاليةٌ / مِن كلِّ بدرٍ رمى قلبي غداةَ رَنا
وقفتُ فيها فأضحى في مرابِعها / سرِّي بدمعي الذي أجريتُه عَلَنا
وقلتُ في هذه كانتْ جآذِرُهمْ / تُصميننا بظُبى ألحاظِها وهُنا
سقى محلَّهمُ دمعي فاِنَّ له / سحابَ دمعٍ به قد خَجَّلَ المُزُنا
اِذا تقشَّعَ عنه عارضٌ هَتِنُ / عنِ الربوعِ حباه عارضاً هَتِنا
يا غائبينَ لئن جادَ الزمانُ بكم / بعد الفراقِ تقلَّدنا له المِنَنا
فكم أقلَّتْ ظهورُ الناجياتِ بكم / مِن منظرٍ حسنٍ لم يولني حَسَنا
وشاقَني كلُّ لَدْنِ القدِّ مائهُ / يحكي الغصونَ اعتدالاً والقنا اللُّدُنا
ولا مني فيهمُ قومٌ فقلتُ لهم / ما للوائمِ في أحبابِنا ولَنا
هَبْنا الحمامُ نرى حُبَّ القدودِ لنا / رأياً كما تألفُ الهتّافَةُ الغُصُنا
حمائمٌ سجعتْ في البانِ صادحةً / شوقاً وما فارقتْ اِلفاً ولا سَكَنا
فكيف بي والنياقُ الهوجُ مَحدَجةٌ / والقومُ قد قرَّبوا للرحلةِ الظُعُنا
يا عاذليَّ لقد عَنفَّتُما رجلاً / لم يُعطِ للومِ في أحبابهِ أُذنا
هذا الحِمى فدعاني في مرابعِه / أجُرُّ للهو في ساحاتِه الرَّسنَا
علَّلتماني به والدارُ نائيةٌ / وبالأحبَّةِ من بعدِ النوى زمنا
وأينُقٍ ذكرتْ أرضَ الحِمى فَغَدَتْ / هِيماً تجاذبُني نحوَ الحِمى العُرُنا
غدتْ عِجافاً وقد أودى الذميل ُبها / مِن بعدِما كنَّ في أرسانِها بُدُنا
أحدو لها بقريضي وهي جانحةٌ / تؤمُّ مِن هضباتِ المنحنى حَضَنا
سوابحاً في بحارِ الآلِ تحسبُها / فيه تَهاوى بركبانِ الهوى سُفُنا
شعراً إذا لغبتْ أضحى يُعلِّلُها / به لسانُ فتِّى فاقَ الورى لَسَنا
مِن كلِّ قافيةٍ أمستْ منزَّهةً / عن أن تصاحبَ لا عيّا ولا لَكَنا
شوارداً في بلادِ الّلهِ سائرةً / اِذا القريضُ على عِلاّتِه قَطَنا
بها تَمايلُ أعطافُ الكريمِ اِذا / ما هِيجَ يوما ويوماً تجلبُ الاِحَنا
فيها وفيها واِنْ أمستْ مبّرأةً / من كلَّ ما دنسٍ في غيرِها وخَنا
لم تُلقِ يوماً إلى غيري لها بيدٍ / لما رأتْهُ بماً لا تشتهي قَمنَا
ولا رأتْ عنده لطفَ القريضِ ولا / أدَّتْ لدعواه لا فرضاً ولا سُنَنا
عوازفٌ عن أُناسٍ عندَهمُ / منهنَّ إلا ادِّعاءٌ زائدٌ وعَنا
مناهمُ منه ما أصبحتُ أنظِمُهُ / فالقومُ في غُمَّةٍ من حسرةٍ ومُنى
أشاقكَ مِن غرامِكَ ما يشوقُ
أشاقكَ مِن غرامِكَ ما يشوقُ / وهاجتكَ المرابعُ والبروقُ
اِذا هدرتْ رواعدُها حَسِبْنا / عِشارَ السحبِ يزجرُها الفنيقُ
مرابعُ كم لبثتُ بهنَّ دهراً / ولستُ مِنَ الصبابةِ أستفيقُ
وقفتُ على معالِمها ودمعي / ووجدي ذا الحبيسُ وذا الطليقُ
فلا وجدي يبوخُ له لهيبٌ / ولا دمعي يشحُّ عليه موقُ
أسائلُ مِن غرامي عن أُناسٍ / ديارُهمُ اليمامةُ والعقيقُ
وأحمِلُ ما أُطيقُ فاِنْ تناءوا / حملتُ مِنَ الهوى ما لا أُطيقُ
ولي قلبٌ بنارٍ الشوقِ صالٍ / وطرفٌ في مدامعِه غريقُ
أضمُّ عليه اِشفاقاً يميني / مِنَ الذكرى فينَفُضُها الخفوقُ
سبيلُ الحبِّ يسلُكُها فؤادي / واِنْ أمسى بما جلبتْ يضيقُ
اِذا ما قلتُ قد نكَّبتُ عنه / بدتْ لي في مجاهلِه طريقُ
تُتَيمِّنُي اللواحظُ فاتراتٍ / وَيملِكُ صبوتي القدُّ الرشيقُ
وأفواهٌ يُمَجُّ اليَّ منها / على ظَمَئي بها مسكٌ فتيقُ
فما يُدرى أخمرٌ بتُّ أُسقَى / بها أم في مُجاجِتها رحيقُ
أحبتَّنا نسيتُمْ طيبَ عيشٍ / على الجرعاءِ كان بكم يروقُ
وأياماً بكاظمةٍ حبانا / بطيبِ زمانِها العيشُ الرقيقُ
أُريقُ بها دمَ الاِبريقِ صرفاً / وغصنُ شبابنا غضُّ وريقُ
مدامٌ في النديمِ لها غروبٌ / وفي كفِّ المديرِ لها شروقُ
يَلَذُّ بها الصَّبُوحُ وَيطَّبينا / الى ساعاتِ نشوتِها الغَبُوقُ
كأنَّ نوافحاً في الروضِ باتتْ / يُضَوِّعُها لنا الخمرُ العتيقُ
خليليَّ اتركا عَذَلي فقلبي / به مِن نارِ أشواقي حريقُ
ودمعي في ديارِهمُ سفوحٌ / على عَرَصاتِ أربعِها دفوقُ
أأصبرُ بعدَما قد سارَ ليلاً / أُهيلُ الحيِّ وارتحلَ الفريقُ
وأسمعُ منكما ما لا عدوُّ / يفوه به الغَداةَ ولا صديقُ
فما أنا ذلكَ الكَلِفُ المعنَّى / بحبِّهمُ ولا الصبُّ المشوقُ
وما روضٌ سقاه المزنُ حتى / غدا النُّوّارُ وهو به أنيقُ
تضرَّحَ فيه خدُّ الوردِ حتى / تبرَّمَ في مُلائتهِ الشقيقُ
وفاحَ به عقيبَ القَطْرِ عرفٌ / يهانُ لنشرهِ القُطُرُ السحيقُ
بأحسنَ أو باطيبَ مِن نظيمٍ / بألبابِ الأنامِ له علوقُ
اِذا أنشدتُه انفرجتْ قلوبٌ / بها مِن شدَّةِ البُرَحاءِ ضيقُ
نظيمٌ خاطري في كلَّ وقتٍ / ببارعِ ما يُنظِّمُه خليقُ
يسابقُ في المدى الأشعارَ حتى / يَقفِنَ فلا تَخُبُّ ولا تسوقُ
وكيف تُنالُ غايتُه وفيه / وما فيها
مِنَ السهمِ المروقُ /
علامةُ سُلواني إذا قلتُ بعدكمْ
علامةُ سُلواني إذا قلتُ بعدكمْ / وقد بِنتمُ أن المزارَ بعيدُ
وميعادُ اِحراقي بنارِ هواكُمُ / اِذا حانَ مِن ذاكَ النسيمِ زكودُ
أحِنُّ إلى أيامِ نجدٍِلعلِّها / بقربكمُ يوماً عليَّ تجودُ
مواسمُ لهوٍ أن رجعنَ حميدةً / بجيرانِ سَلْعٍ اِنَّني لسعيدُ
مقالةُ مَحنيِّ الضلوعِ على هوًى / يَرِثُّ جديدُ الدهرِ وهو جديدُ
محبُّ له دمعٌ وشوقٌ مُجَدَّدٌ / على الدارِ يقوى سَحُّهُ ويزيدُ
فليس لنارِ الشوقِ في الربعِ بعدَكمْ / خمودٌولا للسافحاتِ جمودُ
يؤرِّقها ذكراكمُ كلَّ ليلةٍ / وأعينُ باقي العاشقينَ رقودُ
مُعنَّى بتسآلِ الرسومِ وتارةً / يسائلُ حادي العيسِ أين يُريدُ
واِنَّ امراً لم يَفْضَحِ البينُ سِرَّهُ / على ما يعانيهِ بكم لجليدُ
كتابُكَ كالروضِ الذي فاحَ نشرُه
كتابُكَ كالروضِ الذي فاحَ نشرُه / وفاضتْ به الغدرانُ وابتسمَ الزهرُ
ففي كلَّ سمعِ منه شنْفٌ مرصَّعُ / وفي كلَّ قطرٍ مِن تأرُّجِه عِطُرُ
فللّهِ ما تحوي السطورُ التي به / كأنَّ رياضّ الحَزْنِ ما قد حوى السَّطْرُ
حرامٌ على الجفنِ القريحِ منامُه
حرامٌ على الجفنِ القريحِ منامُه / اِذا بانَ مَنْ تهوى وغزَّ لِمامُهُ
حياةُ الفتى / والعيسُ تُحدَجُ للنوى
حِمامٌ واِنْ لم يُقضَ فيها حِمامُهُ /
ومضنًى بكى في الربعِ حتى بكى له / به رحمةً عُذّالُهُ وسَقامُهُ
به لاعجٌ مِن شدَّةِ الوجدِ مُقلِقُ / يزيدُ على بعدِ المزارِ ضِرامُهُ
غريمُ الهوى العذريِّ في كلَّ حالةٍ / على ما يراهُ وجدُهُ وغرامُهُ
حمامَ الحِمى قلْ لي هلِ البانُ مثمرٌ / وويحَ المُنى أن لم يُحِبني حَمامُهُ
فهذا الحِمى والبانُ والأثلُ قد بدا / لعيني وأين المنحنى وخيامُهُ
وأين غزالٌ كان يهدي مع الصَّبا اليَّ / إذا ما بانَ عنّي سلامُهُ
يُذكِّرنُي ومض البروقِ اِذا بدتْ / تلوحُ على وادي الأراكَ ابتسامُهُ
وألمحُ ذاكَ الثغرَ يلمعُ برقُه / متى حُطَّ عن درِّ الثنايا لِثامُهُ
له مِن غزالِ الرملِ جيدٌ ومقلةٌ / وما شانَهُ اِذ ليس فيه بُغامُهُ
فكلُّ كلامٍ في الحشا مِن حديثهِ / اِذا ذُكِرَتْ ألفاظُه وكلامُهُ
مِنَ الحور وَدَّ البدرُ مِن فرطِ حسنهِ / وفرطِ الحيا لوعادَ وهو غلامُهُ
فلم أُعطِ يوماً للعذولِ مسامعي / عليه ولم يَثنِ الغرامَ ملامُهُ
هو البدرُ إلا أنَّه غيرُ خائفٍ / مِنَ النقصِ يوماً حين تمَّ تمامُهُ
وأين الحِمى يبدو أنيقاً جميمُه / ومنهَلهُ الفياضُ تطغى جِمامُهُ
وتلكَ الرياضُ الفيحُ فيه وزهرُها / تَفتَّحُ عن مثلِ الثغورِ كِمامُهُ
وخرقٍ أزرناه النجائبَ سُهَّما / يُسابِقُها مِن كلَّ مَرْتٍ نعامُهُ
فتنأى النعامَ الرُّبدَ فيه لواغباً / واِنْ بَعُدَتْ أعوارُه وأكامُهُ
أمامَ المطايا شاهقُ الكُورِ أهوجٌ / تَخَمَّطَ أن يَثنيهِ عنه خِطامُهُ
تناثرَ في البيداءِ وردُ خِفافِه / وَيندِفُ ندفَ البُرسِ فيها لُغامُهُ
بحيث تراه في الفلاةِ كأنَّما / تقاضاه وجدي بالحِمى وغرامُهُ
هما سَبَبا ذاكَ التماسكِ بعدَما / أضرَّ به اِرقالُه ودوامُهُ
يناحلُه في البيدِ وهو مُهربِدٌ / الى الجِزعِ يشأى الواخداتِ زِمامُهُ
ودارٍ وقفنا بعدَما بانَ أهلُها / بها فسقاها دمعُ جفني غمامُهُ
حبستُ بها صحبي مِن الوجدِ لاثماً / ثرى منزلٍ يَشفي الغليلَ التثامُهُ
مُسائلَ أطلالٍِ صحبتُ بها الهوى / حليفايَ فيها عهدُهُ وذِمامُهُ
وليلٍ عقدتُ الطرفَ وجداً بنجمهِ / وقد بانَ مَنْ أهوى وعزَّ مَرامُهُ
فيا حارِ أن جئتَ العقيقَ فحيِّهِ / واِنْ بانَ عنه أهلُه وكِرامُهُ
تحيِّةَ مشغوفِ الفؤادِ مُلَدَّدٍ / يُروِّعُه اِصباحُه وظلامُهُ
اِذا ذُكِرَ الأحبابُ أثجمَ دمعُه / وطالَ على بالي الرسومِ انسجامُهُ
وأنشدَ فيها مِن نتائجِ فكرِه / فريداً تساوى قَدُّهُ وقَوامُهُ
يُحيِّرُ أربابَ النظيمِ إذا بدا / وقد راقَ في سلكِ القريضِ نظامُهُ
ويفعلُ في عقلِ الأريبِ سماعُهُ / من السكرِ ما لم تستطعْهُ مُدامُهُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025