القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الزَّقّاق البَلَنْسِي الكل
المجموع : 155
نادمتُهُ فقرعتُ السنَّ منْ ندمِ
نادمتُهُ فقرعتُ السنَّ منْ ندمِ / في جنح ليل كحالي حالكِ الظُّلَمِ
غنَّى يرددُ يا شوقي لظعنهمُ / فردَّد السمعُ يا شوقي إلى الصمم
وفتيانٍ مصاليتٍ كرامِ
وفتيانٍ مصاليتٍ كرامِ / مُدَرَّبةٍ على خَوْضِ الظلامِ
وقد خفقَ النعاسُ بهمْ فمالوا / به مَيْلَ النزيفِ من المُدام
وكلّ نجيبةٍ هوجاءَ تهفو / سوابقُها بإرخاء الزمام
سريتُ بهم وللظلماءِ سَجْفٌ / يمزِّقُهُ ببارقةٍ حسامي
أجرُّ ذوابلي من أرضِ نجدٍ / خلالَ مَجَرِّ أذيال الغمام
على ميثاءَ رفَّ بها الخزامى / وأضحى الزهرُ مفضوضَ الختام
تلفُّ غصونها ريحٌ بليلٌ / فيعتنقُ الأراك مع البشام
ألا يا صاحبيَّ استروحاها
ألا يا صاحبيَّ استروحاها / شآميةً فمن أهوى شآمي
عسى نَفَسُ النعامى بعد وَهْنٍ / يُبَشِّرُ من سُلَيْمى بالسلام
خذها ولا تلفظ بغير بيوتها
خذها ولا تلفظ بغير بيوتها / متمثلاً فالشهدُ غير العلقم
معسولةً كالأري إلا أنها / لكيودها حُمَةُ الشُّجاعِ الأرقم
لا عيب فيها غير ذكر زعانف / جهلوا فهمُّوا بانتقاد الأنجم
والشّهب لو مزجت لكم بجنادل / لم تَفْرِقوا بين الصَّفا والمرزم
يفوقهمُ لأنَّ الجهلَ فيهم
يفوقهمُ لأنَّ الجهلَ فيهم / وجهلُ المرء يكفيه الملاما
فربَّ لئامِ قومٍ قد تسامَوْا / بلؤمٍ عند ألأمهم كراما
ومن يكُ للسوابقِ في رهانٍ / وراءَ يكنْ لِسِكِّيتٍ أَماما
لا تصيخَنَّ لتشويق النديمِ
لا تصيخَنَّ لتشويق النديمِ / واجتنبْ وصلَ بنيَّاتِ الكرومِ
يا كؤوسَ الراحِ لا راحةَ لي / فيكِ ما شُبَّتْ مصابيحُ النجوم
قد نهيتُ النفسَ عن خلع النهى / في الأباريق وأَمضيت عزيمي
أَيسرُ الأشياء في شربك أن / تذهبي أو تسلبي حلم الحليم
ما انجلى عنيَ همٌّ واحدٌ / بكِ إلا كان مفتاحَ الهموم
ربَّ أُنسٍ كنت من أعوانه / وهو من أعظم أَعوانِ الغمومِ
حفظ الله فتىً لم يغتبطْ / من حميَّاكِ بطعمٍ أو شميم
كم تغرِّينَ أُناساً شُغلوا / بك عن مُفتَرَضِ الدينِ القويمِ
وشعاعُ الخمرِ كم نحسبه / فيك نوراً وهو من نار الجحيم
كم حميَّاً أورثت شاربَها / بركوبِ الذنبِ أخلاقَ الذميم
وكريمٍ سَلَبَتْهُ عَقْلَهُ / فانبرى يرفلُ في ثوبِ لئيم
ها أنا أُقلع عن أكوابها / قبلَ ما تُقْلِعُ أنواءُ الغيوم
وإذا حدثني عنها امرؤٌ / ظَلْتُ أُقصيه ولو كان حميمي
أشنأ الغصن إذا ضاهى به / مِعْطَفَ النشوانِ خفَّاقُ النسيم
وأعافُ الورقَ مهما سجعتْ / فحكتْ بالسجع تغريدَ النديم
لا يرى الناس يداً تَسْنُدُ لي / مِقْوداً في يد شيطان رجيم
أَحْسَنُ التوبةِ في عصر الصِّبا / والشبابُ الغضُّ مصقولُ الأديم
لا ألمَّت بفؤادي لذَّةٌ / تجلبُ المرءَ إلى زجرِ لئيم
لا ولا خاللتُ إلاَّ نَدُساً / نيِّرَ الغُرَّةِ في الخطبِ البهيم
أُلْهِبَتْ خدَّاه من نار الحيا / وهما قد أُشربا ماءَ النعيم
باسطُ النصحِ لمن جالسه / فائضُ الكفِّ على الهدي القويم
مُصْحبٌ إنْ قاده إخوانُهُ / ولمن عانده صعبُ الشكيم
مِثلهُ فابغِ من الدهرِ ولا / تعتمدْ إلاَّ على حرٍّ كريم
واقتنِ المجدَ مقيماً وادعاً / بالوَفا أو بالسُّرى غيرَ مقيم
وإذا رابتك أرضٌ أو نبتْ / بك جاوِزْها بوخدٍ أو رسيم
وإذا ما عُدِمَ الوفرُ فَكُنْ / من علاً أو من نهىً غيرَ عديم
ما الغنى الأكبرُ إلاَّ أن تُرى / قانعاً بالشطءِ من دون الجميم
وإذا كنت صحيحَ الذاتِ لا / تَقرعِ السنَّ على مالٍ سقيم
كنْ جسيمَ المجد والعليا وإن / كان ما تملكه غير جسيم
لا يغرنَّك مِنْ ذي ثروة / نَشَبٌ يَرْفَعُ من قدرِ اللئيم
كل شيء فاسْلُ عنه هالكٌ / غيرَ وجهِ اللهِ ذو العرش العظيم
مَنْ كانَ يبغي أن تضاهيَ كفُّهُ
مَنْ كانَ يبغي أن تضاهيَ كفُّهُ / أُفقَ السماءِ بما حوتْ من أنجم
لا تخلُ مني راحتاهُ لدى الوغى / أَرْمِ العدا بشهابِ قَدْحٍ مضرم
فأنا التي تحكي الهلالَ معاطفي / وأنا التي تحكي الكواكبَ أسهمي
لله شهرٌ ما انتظرتُ هلالَهُ
لله شهرٌ ما انتظرتُ هلالَهُ / إلا كنونٍ أو كعطفة لام
حتى بدا منه أَغن مهفهف / لضيائه ينجابُ كلُّ ظلام
فطفقتُ أَهتفُ في الأنامِ ضللتمُ / وغلطتمُ في عِدَّةِ الأيام
ما جاءَنا شهرٌ لأوَّل ليلة / مذ كانتِ الدنيا ببدرِ تمام
وليلٍ قطعتُ دياجيرَهُ
وليلٍ قطعتُ دياجيرَهُ / بعذراءَ حمراءَ كالأنجم
أديرت كواكبُ أقداحها / عليَّ فأغربتُها في فمي
تجلَّى الظلامُ سريعاً بها / كسرعةِ عَبْلِ الشَّوى أَدهم
يقولُ وقد مال عرنينُهُ / ولونُ الدجى واضحُ المبسم
رأَيْتكَ تشربُ زُهرَ النجومِ / فولَّيْتُ خوفاً على أنجمي
بيني وبينَ الحادثاتِ خصامُ
بيني وبينَ الحادثاتِ خصامُ / فيما جَنَتْهُ على العلا الأيَّام
كسفت هلالَ سمائِها من بعد ما / وافاهُ من كَرَمِ الجلالِ تمام
ورمتْ قضيبَ رياضها بتقصفٍ / غضَّاً سقاه من الشباب غمام
فاليومَ بستانُ المكارمِ ماحِلٌ / واليومَ نورُ المعلُواتِ ظلام
رامت صروفُ الحادثاتِ فأدركت / مَنْ كان لم يبعدْ عليه مرام
أودت بمهجته الليالي بعد ما / فخرت به الأسياف والأقلام
وغدا وراح المجد ذا ثقة به / أن يردعَ الأحداثَ وهي جسام
وبدتْ عليه من حلاهُ شمائلٌ / لا تهتدي لنعوتها الأوهام
كالروضِ لما دبّجتُهُ غمامة / والمسكِ لما فُضَّ عنه ختام
ناحتْ عليه الشهبُ وهي عرائسٌ / وبكى عليه الغيمُ وهوَ جهام
وانجابَ ظلُّ الأنسِ فهو مقلَّصٌ / وامتدَّ ليلُ الخطب فهو تمام
واربدَّ ضوءُ الشمسِ في رأد الضحى / حتى استوى الإشراقُ والإظلام
ما للمدامعِ لا يُطَلُّ بها الثرى / والسادةُ الكبراء فيه نيام
أَكذا يُبادُ حلاحلٌ ومهذَّبٌ / أَكذا يُنالُ مُسَوَّدٌ وهمام
تَعِسَ الزمان فإنَّما أيامه / ومقامنا في ظلِّها أحلام
لنرى الديارَ وهنَّ بعد أنيسها / دُرُسُ المعالمِ والجسومِ رِمام
والنسرُ مقتَنصٌ بأشراكِ الرَّدى / وبناتُ نعشٍ في الدجى أيتام
بأبي قتيلٌ قاتلٌ حُسْنَ العزا / مذ أَقصدته من المنونِ سهام
غدرتْ به أُمُّ اللهيمِ وطالما / فلَّ الخميسَ المجرَ وهو لُهام
وأبى له إلاَّ الشهادةَ ربُّهُ / ومضاؤُهُ والبأسُ والإقدام
فتك الردى بأبي شجاعٍ فتكةً / زلَّت لها رضوى وخرَّ شمام
فُقِدَتْ لها الألبابُ والأحسابُ وال / آداب والإسراج والإلجام
ندبته أبكارُ الحروبِ وعونها / وبكاهُ حزبُ الله والإسلام
أيُّ السيوفِ قضى عليه وبينه / قِدْماً وبين ظبا السيوفِ ذِمام
وبأيِّ لحدٍ أودعوه وإنَّه / ما قَطُّ في الضريحِ حسام
ما كان إلاَّ التبرَ أُخلِصَ سبكُهُ / فاسْتَرْجَعَتْهُ تربةٌ ورغام
يا حامليه قِفوا عليه وقفةً / يَشْفَى بها قبل الوداع هُيام
رُدُّوا وليَّ الله حتى يُشْتَفى / من أروعٍ شُفِيَتْ به الآلام
ردُّوا الشهيد نُسَقِّهِ من أَدمع / إنْ أَخلفتْ مُزْنٌ بهنَّ رهام
لا تسلموه إلى الثرى فلسيفِهِ / مذ كان من أعدائه استسلام
ولتدفنوه في الجوانحِ والحشا / إن كان يُرضيه هناك مَقام
واستنشقوا لثنائِهِ عَرْفَاً به / ينحطُّ عن نفسِ الصباح لثام
ما ضمَّهُ بطنُ الثرى إلا وقد / ضمَّتْه في دارِ النعيمِ خيام
صلى عليه الله ما ثنت الصبا / غصناً وما غنَّتْ عليه حمام
يا عينُ شأنك والمدامعَ فاسمحي / ولتعلمي أن الهجوعَ حرام
إن الذي كان الرجاءُ مشيّداً / بوفائِهِ غدرتْ به الأيام
أَعززْ عليَّ بضيغمٍ ذي سطوةٍ / أَجماته بعد الرماحِ رِجام
اعززْ عليَّ بزهرةٍ مطلولةٍ / أمست ولا غيرَ الضريحِ كِمام
اعززْ عليَّ بمنْ يعزُّ على العلا / إن غيل قَسْوَرُ غيلها الضرغام
إن كان أفنتْهُ الحروبُ فشدَّ ما / فنيت بِمُنْصُلِهِ الطلى والهام
أو راح مهجورَ الفِناءِ فطالما / هَجَرَتْ به أرواحَها الأجسام
أمضرَّجٌ بدمائه هي ميتة / وَقْفٌ عليها السيد القمقام
البأسُ والإقدام أوردكَ الردى / إن كان أنجى غيرَك الإحجام
قد كنتَ في ذاك المقام مخيَّراً / لكن ثبتَّ وزلَّتِ الأقدام
لم يُلْفَ فيه سوى الفرارِ أو الردى / فاخترتَ صَرْفَ الموتِ وهو زؤام
وأبتْ لك الذمَّ المكارمُ والعلا / والسمهريُّ اللدنُ والصمصام
الليلُ بعدك سرمدٌ لا ينقضي / فكأنما ساعاتُهُ أعوام
والأنْسُ غمٌّ والسرورُ كآبةٌ / والنومُ سُهْدٌ والحياةُ حمام
لمن اطَّرحَت المجد وهو كأنه / طَلَلٌ تعفّيه صباً وغمام
ولمن تركتَ الصافناتِ كأنَّها / موسومةٌ باللؤمِ وهي كرام
زَفَرَتْ لموتِ أبي شجاعٍ زفرةً / لم يبقَ ساعَتَها لهنَّ حزام
عمَّتْ رزيَّتُهُ القلوبَ فكلُّها / كاسٌ وأنواعُ المدامِ حمام
كَثُرَ العويلُ عليه بعد نعيِّه / حتى كأنَّ العالمين حمام
وحكتْ دموعَ الغانياتِ عقودُها / لو لم يكن لعقودهنَّ نظام
يا حاملينَ النعشَ أين جيادُهُ / يا ملبسيه التربَ أين اللام
أينَ السماحةُ والفصاحةُ والنهى / منه وأين الجودُ والإكرام
أضحى لعمرُ الله دونَ جلاله / سترٌ من الأجداث ليس يرام
أأبا شجاعٍ إنْ حُجِبْتَ بربوةٍ / فالزهرُ منبتهُ رُبىً وأَكام
قم تبصرِ الخفراتِ حولك حُسَّراً / لو كان يمكنُهُ الغداةَ قيام
واسمعْ عويلَ بكائها فلقد بكتْ / لبكائها الأصواء والأعلام
ضجَّتْ لمصرعكَ النوادبُ ضجَّةً / سدَّت مسامعَها لها الأيام
ولقد عهدتُك كوكباً أَبراجه / جُرْدُ المذاكي والسماءُ قتام
وعهدتُ سيفك جدولاً في وِردِهِ / يومَ الكريهة للنفوسِ هيام
فابشرْ فدارُ الخلد منكَ بموعدٍ / واهنأ ففيها غبطةٌ ودوام
مرَّ الغمامُ على ثراك محيِّياً / فعلى الغمامِ تحيَّةٌ وسلام
الجيشُ يُملي نَصْرَهُ المَلَوانِ
الجيشُ يُملي نَصْرَهُ المَلَوانِ / فافتكْ بكلِّ مهنَّدٍ وسِنانِ
واجنبْ إلى الهيجاءِ كلَّ كتيبةٍ / واخفضْ إلى الهيجاءِ كلَّ عنان
وارجمْ شياطينَ الوغى بكواكبٍ / تمحو الضلالَ إذا التقى الجمعان
إن عسعستْ ظُلَمُ القَتام فما لها / إلاَّ طُلى الأعداءِ من قُربان
دلفوا كما دلفتْ أسودُ خفيّةٍ / والتفَّتِ الأقرانُ بالأقران
حتى إذا ما النقعُ أظلمَ أجفلوا / خوفَ انتقامكَ فيه كالظُّلمان
فرقوا لطيفك في المنام ففرَّقوا / بين الكرى المعهودِ والأجفان
ولقد تروعهمُ الكواكبُ هَبَّةً / لما حكين أَسِنَّةَ المرَّان
ولربَّما عطشوا فحلأَّهمْ عن ال / غُدُر اشتباهُ البيضِ بالغدران
أيّ الغوائلِ آمنوها بعدما / عركتْ كماتَهمُ رحى الميدان
خاضت دماءَهمُ السوابحُ فاستوتْ / منها عتاقُ الخيلِ في الألوان
والجوُّ يرفلُ في مُلاءِ قَساطلٍ / رفعتْ بها ظلا على الفرسان
والسيفُ دامى المضربين كجدولٍ / في ضفَّتيه شقائقُ النعمان
يقضي بيمنك دائماً منه على / يمناك ماضي الشفرتين يماني
أَلْبَسْتَ أعطاف الجيادِ لدى الوغى / حُلَلَ الدماءِ بمرهفٍ عريان
والمُلك محميُّ الذمارِ محجَّبٌ / فالمُنْتَضى ومن انتضى سيفان
وعجاجةٍ كالليلِ إلاَّ أنها / ينقضُّ فيها نجمُ كلِّ سنان
نشأتْ كما نشأتْ سحابةُ عارضٍ / يتلوه غيمٌ وَدْقُهُ مُتَدان
وبدتْ صواديها فقلتُ بوارقٌ / لمَّا اختطفنَ الهامَ باللمعان
زاحمتَها والشهبُ دهمٌ والقنا / متقصفٌ والموت أحمر قاني
في جحفلٍ ملء الملا شَرِقَتْ به / شُمُّ الربى وسباسبُ الغيطان
آجامُ أَشْبُلِهِ القضابُ من القنا / ويروجُ أنجمِهِ من الخرصان
ما أن تني الخضراءُ في رَهَجٍ به / يسمو ولا الغبراءُ في رَجَفَان
راياتُهُ والنصرُ معقود بها / كقلوب أهلِ الشركِ في الخفقان
وجنوده كالأُسدِ مألفُها الشرى / والصافناتُ الجردُ كالعقبان
تمشي الونى تحت الفوارس في الوغى / متبختراتٍ مِشْيَةَ النَّشْوان
تطأُ الجماجمَ تحتهمْ فكأنما / قد أَنعلوا بالهامِ كلَّ حصان
بيضٌ يرونَ البيضَ أو سُمْرَ القنا / أَوْلَى من الأرواح والأبدان
لا تَثْبُتُ الأقدامُ عند لقائهمْ / ولو أنَّهم حُملوا على ثهلان
وإذا المنايا استحوذتْ فمناهمُ / بيعُ النفوسِ بكلِّ سوق طعان
يا أيها الملكُ الذي هنديُّهُ / يومَ الطِّعان كشعلة النيران
كم جبتَ فيه بعزمةٍ أرضَ العدا / فتركتها قفراً بلا عمران
وهدمتَ من بِيَعٍ لهم وكنائسٍ / وكسرتَ من صُلُبٍ ومن أوثان
وجررتَ أذيال الكتائبِ رافلاً / بين الصوارمِ والقنا الريَّان
فالدينُ موقوفٌ عليكَ رجاؤُهُ / أَنْ يُسْتباحَ الشركُ بالإيمانن
ما لاحَ في الهيجاءِ نجمُ مُثَقَّفٍ / وهلالُ كلِّ حنيَّةٍ مِرْنان
خليليَّ ما لي كلما هبَّ بارقٌ
خليليَّ ما لي كلما هبَّ بارقٌ / جَرَتْ عَبَرَاتُ العينِ سَحَّاً وتَهْتانا
فمن مقلةٍ عبرى تصوبُ صبابةً / ومن كبدٍ حرَّى تُكابِدُ أَحزانا
وما ذاك إلا أنني جدُّ هائمٍ / أَروحُ وأغدو دون صهباءَ نشوانا
تذكرتُ مملوكاً على شَحَطِ النَّوى / فهاجَ شجىً بالمستهامِ وأَشجانا
وما أنا إلا مِلْكُ مملوكي الذي / جَفا النومُ عني مذ تباعد أجفانا
أساءَ ولكنِّي أقولُ علاقةً / جزى اللهُ ذاك الظَبي عنِّيَ إحسانا
لي سَكَنٌ شَطَّتْ به غُرْبَةٌ
لي سَكَنٌ شَطَّتْ به غُرْبَةٌ / جادتْ لها عينايَ بالمُزْنِ
ما حَسُنَ الصبحُ ولا راقني / بياضُهُ مذ بانَ في الظَّعن
كأنما الصُّبْحُ لنا بعدَهُ / عينٌ قد ابْيَضَّتْ من الحزن
طُرَّةُ ليلٍ فوقَ صُبْحٍ مُبينْ
طُرَّةُ ليلٍ فوقَ صُبْحٍ مُبينْ / أم حَلَكُ اللَّمةِ فوقَ الجبينْ
وابِأبي مَنْ أرتضي حُكْمَهُ / في مُهْجَتي وهو من الظالمين
أَغْيَدُ في وَجْنَتِهِ رَوْضَةٌ / يجري بها ماءُ الشباب المعين
قلتُ وقد أقبل يختالُ في / بُرْدَتِهِ يَسْبِي نُهى الناظرين
هذا هو البدرُ وغصنُ النَّقا / فلا تكنْ فيه من الممترين
عُلِّقْتُهُ أحوى حَوى بهجةً / تَمَثَّلَ السحرُ بها في العيون
مطرَّزُ الخدِّ بماءِ الصِّبا / ناهيكَ مِنْ وردٍ ومن ياسمين
أطعتُ فيه نَزَعَات الهوى / ولم أزلْ أعصي به العاذلين
وصنتُ نفسي عن هوى غيرِهِ / من روضِ خَدَّيْهِ بوشيٍ مَصون
ولو سِوَى مَنْظَرِهِ راقني / لألاؤُهُ كنتُ من الخاسرين
يا غُصُناً أزرى بِسُمْرِ القنا / وشادناً أودى بأُسْدِ العرين
طلعتَ منْ قَوْمِكَ في أنجمٍ / أَوْضَحَتِ الظلماءَ للمدلجين
أمسيتَ فيهم قمراً زاهراً / يُعشي سناهُ أعينَ الناظرين
يا لَهَنا المجدِ الذي حُزْتهُ / إنَّكَ منهُ في أي مكانٍ مكين
وليهنأ النبلُ سماتٍ بدت / عليك من فهمك للسامعين
ما لمحيَّاك يروقُ الضحى / وما لأعطافكَ تَسْبي الغصون
هل أنتَ إلا قِبْلَةٌ للورى / قد وقعوا طُرَّاً لها ساجدين
أبا الوليد انتضِ سيفَ الهوى / واخضبْ ظُباه بدما العاشقين
قد نمَّق الحسادُ في وصلنا / زخارفَ الخالين والحاسدين
راموا انقلابَ الودِّ فلْترْمِهِمْ / بردهم ينقلبوا صاغرين
تَطَلَّعَ مثلَ البدرِ في غَسَقِ الدجى
تَطَلَّعَ مثلَ البدرِ في غَسَقِ الدجى / فحنَّتْ قلوبٌ حائماتٌ وأجفان
تودُّ سويدا الوالهين لو انها / إذا ما بدا في صحنِ خَدَّيْهِ خيلان
وأغرَّ مصقولِ الأديمِ تخالُهُ
وأغرَّ مصقولِ الأديمِ تخالُهُ / بَرْقَاً إذا جَمَعَ العتاقَ رهانُ
يطأ الثرى متبختراً فكأنَّه / من لحظِهِ في متنه نشوان
فكأنَّ بدرَ التِّمِّ فوقَ سَراته / حُسْناً وبين جفونِهِ كيوان
يا عالمَ السِّرِّ منِّي
يا عالمَ السِّرِّ منِّي / اصْفَحْ بفضلكَ عنِّي
مَنَّيْتُ نفسي بعفوٍ / مولايَ منكَ ومني
وكان ظنِّي جميلاً / فكنْ إذاً عندَ ظني
وساق يحثُّ الكاسَ وَهْيَ كأنما
وساق يحثُّ الكاسَ وَهْيَ كأنما / تلألأ منها مثلُ ضوءِ جبينهِ
سقاني بها صِرْفَ الحميَّا عشيَّةً / وثنَّى بأُخْرى من رحيقِ جفونه
هضيم الحشا ذو وجنةٍ عَنْدَمِيَّةٍ / تريكَ قِطافَ الوردِ في غير حينه
فأشْرَبُ منْ يُمناهُ ما فوقَ خدِّهِ / وألثُمُ من خَدَّيْهِ ما في يمينه
وغزالين دنا وَصْلُهُما
وغزالين دنا وَصْلُهُما / بعد ما كانَ قصيَّاً غيرَ دانِ
وَصَلا حَبْلَ ودادي فهما / عنْ يميني وشمالي ختلان
يا طائرَ البانِ إنْ آنَسْتَ مُؤْتَمناً
يا طائرَ البانِ إنْ آنَسْتَ مُؤْتَمناً / سرَّ الغرام فلا يعلمْ به البانُ
إنَّ الأوانسَ أغصانٌ مهيمنةٌ / وقد أغارَ على الأغصانِ أغصان
شجوي وشجوُكَ مقرونان في قَرَنٍ / إلا جفوني لها سحٌّ وتهتان
أبكي العقيقَ وأياماً به سَلَفَتْ / سَقَى العقيقَ مُلِثُّ الودقِ حَنَّان
فكلما زادَ دمعي زادني عطشاً / فالقلبُ ظام وجفنُ العين ريَّان

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025