المجموع : 293
فَرَسٌ تَراهُ إذا سَرى
فَرَسٌ تَراهُ إذا سَرى / للضّعف يمشي القهقرى
يحكي سكابَ سوى المحا / سن لا يُباعُ فَيُشْتَرى
وكأنّه الفتّالُ يَمشي / في الطّريقِ إلى ورا
ونابحٍ قَدِ افتَرى
ونابحٍ قَدِ افتَرى / تَشَبُّهاً بالشُّعرا
يلوك شعراً يابساً / من طبعة مُحجِّرا
وَوَلعُ الوطواطِ بالشّمسِ / يَضُرُّ البَصرا
زَقْزَقَةٌ أعرِفُها / منهُ إذا ما فَشّرا
كانَ جديراً من شُعا / عِ الشّمسِ لو تَستّرا
بَلْ عَيْنُه قَوِيّةٌ / صّماءُ تحكي الحجرا
فَقُلْ لهُ يكفُّ عن / هذا مُقَصِّرا
إذْ شعرُهُ / كَذَقنهُ مثلُ
قَطَعوا زُنّارَهُ فغدا
قَطَعوا زُنّارَهُ فغدا / بَعْدَ جمعِ الشمل مُفترِقا
سَرَقَ الخَصْرَ الرَّقيق وقد / باتَ مَقطوعاً بما سَرَقا
أوحَدني الدَّهرُ ولي هِرَّةٌ
أوحَدني الدَّهرُ ولي هِرَّةٌ / تُؤنِسُني مَعْ طولِ أفكاري
تُرى كلينا شاكياً حالهُ / أشكو وَتشكو قِلّةَ الفارِ
العيدُ عيدٌ والصيام صيامُ
العيدُ عيدٌ والصيام صيامُ / والشّهرُ شَهْرٌ كُلُّهُ أيّامُ
والفطرُ من بعْدِ الغروبِ مُحَلّلٌ / لكَنّهُ بَعدَ الشُّروقِ حرامُ
وإذا دَنى وَقتُ السّحورِ فكُل إذا / ما كانَ عنَدكَ للسّحورِ طعامُ
والشّمسُ تَطْلُعُ بالنّهارِ وإنّما ال / ليلُ البَهيمُ إذا دنى الإظلامُ
وإذا رأيتَ الناسَ فوقَ رِحالهم / هَجَعوا فإنّهُمُ كَذاكَ نيامُ
وإذا سَعَيْتَ إلى الصّلاة فإنّما / ذاكَ المقدَّمُ في الصّلاةِ إمامُ
واعلَمْ بأنَّ الدَّسْتَ مَجلسُ سيِّدٍ / يُرعى ومن فَرَشَ البساطَ غُلامُ
وكذا العبيدُ إذا اعتبرتَ فَمنهُمُ / تلكَ الفحولُ ومنْهُمُ الخّدامُ
وإذا لَقيتَ مُخاطباً بتحية / عندَ اللقاء فإنَّ ذاكَ سلامُ
وَلَقَد يكونُ البُخُل ِشحّاً في الورى / والمفضلونَ على الأنام كرامُ
ورأيتُ مجدَ الدينِ في بَذْلِ النّدى / والجودِ والمعروفِ ليسَ يُلامُ
يَهَبُ الدَّراهِم كاللُّجَينِ كأنّما / أشعارُ مادحهِ لَدّيهِ كَلامُ
وإذا أشارَ إلى الغُلامِ بِطَرفِهِ / أعطِ الحكيمَ فذلكَ الإنعامُ
ومتى وَصَفنا بالسّحائبِ كفّهُ / كَرَماً وَجوداً فالسّحابُ غَمامُ
مُتَبَسِّماً كفَتىً يَهشُّ طَلاقةً / في ضحكهِ والضّاحِكُ البسّامُ
يأوي إليهِ البائسونُ وَكُلّهُمْ / كالسّائلينَ لَهُمَ هُناكَ زِحامُ
في مَنْزلٍ كالبيتِ إلاَّ أنّه / في أرضهِ عِوَضَ البلاط رُخامُ
ولهُ سِماطٌ كالخِوانِ إذا بَدا / قُلنا عَلَيهِ في العشاءِ حسامُ
وَلَرُّبما الصّينيُّ كلُّ صحافهِ / مِن غيرِ شَكً والقدورُ بُرامُ
وَلَدَيهِ أَصحابٌ أخلاَّءٌ لهُ / والواقِفونَ منَ العَبيدِ قِيامُ
بَلَدي الجزيرةُ والمواطنُ تُربةٌ / لكنَّ أكثرَ أهلهِا أقوامُ
وبأرضِنا قومٌ إذا قالوا بِيا / أنجا عَلمِنا أنّهم أعجامُ
وَرأيتُ أخوالي لأُمّي إخوةً / لكنَّ إخوةَ والدي أعمامُ
هذا هُوَ الصِّدقُ الصريحُ وغيرُهُ / فيهِ التّحرُّضُ والنِّظامُ نظامُ
ما كانَ مثلَكَ في الإسلامِ سُلطانُ
ما كانَ مثلَكَ في الإسلامِ سُلطانُ / ولا لكسرى كذا الإيوانُ إيوانُ
ذاتُ العمادِ تبدَّت في جَوانبهِ / بَلْ جَنّةُ الخُلْد والبّوابُ رضوانُ
إنْ غبتَ عنهُ فشخصٌ منكَ يملأُهُ / مهابةً يتّقيها الإنسُ والجانُ
صوَّرتَ جَيْشَكَ فيهِ مثلَ عادَتهِ / كأنّهم في ظهورِ الخيلِ سكانُ
لا يسأمونَ ركوبَ الخيلِ في طَلَبِ ال / أعداءِ يوماً ولا يُلهيهمُ شانُ
قد حَدَّقَتْ لامتثالِ الأمرِ أعيُنُهم / فَلَيْسَ تُطبِقُ مِنْهُمْ قَطُّ أَجفانُ
سُيوفهُم بدِماءِ الكفر قد رُوِيَتْ / سَفْكاً وَكُلٌّ إلى الهيجاءِ عَطْشانُ
كأَنّهُم في غِياضٍ من رِماحِهمُ / تحتَ البنودِ وَهُم حورٌ وولدانُ
صوَّرتُهم فإذا رُسْلُ الملوكِ رأوا / جَمالَهم فُتنوا والحسنُ فتّانُ
وأَطرقوا ثمَّ قالوا خفِّضوا وَقفوا / منها هُنا اليومَ للحيطانِ آذانُ
مثالُ ذا صَعدوا تلكَ المعاقلَ من / حيطانها وَهُمُ رَجلٌ وفُرسانُ
لولا الأمانُ لَداسَتْنا خُيولُهُمُ / واستَخطَفتنا منَ الحيطان عُقبانُ
وَقُبّةٌ هي للأَفلاكِ عاشرةٌ / وَدونَها في عُلُوِّ الشأنِ كَيْوانُ
كأنّها العالَمُ العُلويُّ تحرُسُها ال / أَملاكُ لَم يدنُ منها ثمَّ شَيْطانُ
عَلَتْ فأَفلاكُها الأفلاك في شَرَفٍ / وتبرُها الشُّهبُ والأرَكانُ أَركانُ
وأنتَ يا أَشرفَ الأَملاك شمسُ عُلا / شهابهُا وعلى ظَنّي سُلَيْمانُ
وَتَحْتَ دِهليزِكَ الزَاهي بزركشةٍ / من كلِّ ماتَتَمنى النّفسُ أَلوان
والجيشُ بالقَبقِ المنصورِ قد وَلعوا / بكُلِّ طائشة والقَوسُ مرنانُ
كأَنَهّا العَرضُ يومَ العرض إذ عُرضوا / عله صفّاً وللإعطاء ميزانُ
خَمرٌ بِثَغرِكَ مُورَدُ
خَمرٌ بِثَغرِكَ مُورَدُ / والخدُّ منكَ مُوَرَّدُ
ولأَنتَ يا ريمَ النّقا / كالنّومِ فيكَ مُشَرَّدُ
لا تُنكِرَنْ قَتلي فإنَّ / دَمي بِخَدِّكَ يَشْهَدُ
أَمُقَلِّداً سيفَ الفُتو / رِ دَمي الذي تتقلّدُ
يا جَنّةً سَكَنَ الفُؤا / دَ ونارُهُ تَتَوَقدُ
مالي سَكَرْتُ صبابةً / وهوىً وأَنتَ مُعَرْبِدُ
وَبَلَوْتُ أبناءَ الزَّما
وَبَلَوْتُ أبناءَ الزَّما / ن سِواكَ حينَ أُعَدَّدُ
فَوَجدتُ عِرضي أَبيضاً / لكنَّ حَظِّيَ أَسودُ
جاءَ العَفيفُ مُبَشِّراً
جاءَ العَفيفُ مُبَشِّراً / وَهُوَ الدَّليلُ المرشِدُ
والسُّحْبُ تَبرُقُ قبل أنْ / تهبَ الغُيوثَ وترعدُ
فَلِذاكَ أُنشدُهُ وأبْ / ناءُ الأماني تُنْشِدُ
اليومَ عَهدُكُمُ وذا / مَثَلٌ فأينَ الموعدُ
وَلِكُلِّ يومٍِ كالذي / أَعددتموهُ لي غدُ
تَمَنَيْتُ لَمّا عَزَّني الوفرُ والمُنى
تَمَنَيْتُ لَمّا عَزَّني الوفرُ والمُنى / ضَلالاً بأنَ الوفرَ خُصَّ به أَيري
ولو كان أيري مثلما قلتُ وافراً / لأتعبني حملاً ولذَّ به غَيري
قل للّذي منهُ صِرْت أدعى
قل للّذي منهُ صِرْت أدعى / لِلْفَضْلِ من جملةِ الأُناسِ
عُذراً وقد كانَ بي جديراً / أنّي بتأخيرِها أُناسي
لأنّني لَسْتُ مستطيعاً / أُوازنُ التّبرَ بالنُّحاسِ
لكنّني واثقٌ بأنّي / ودَّعتُها طاهرَ النحاسي
طودٌ منَ العلمِ مُشمَخرٌّ / والفرحُ ثبتُ الأصول راسي
أخمَصهُ ما يزالُ فوق ال / فخار مثولهُ عندَ رأسي
وما العَزازيُّ غيرُ ليث / إنْ ريمَ يوماً صَعْب المراس
بلْ هو بحرُ العلومِ لكن / تَقْصُرُ عنْ دَرْكِهِ المَراسي
كمْ زرتُه لابتغاءٍ جودٍ / فكانَ لي مُطْعماً وكاسي
وكَمْ حَباني بِرَوضِ فضلٍ / وكم سَقاني بفضل كاسِ
وكم أراني حِماهُ لَيثاً / قد جمعَ الخَيْس بالكناسِ
مردِّداً رِفدَهُ مِراراً / حتى لَقَد خِلتُه كناسي
وَواصِلٌ الرَّجاءِ حَبلي / لِما أُرَجِّيهِ بعدَ ياسي
أكرَمُ مِن حاتمٍ وأَوفى / في صحّةِ الذهنِ من اياس
ذكاءُ مَن دونهِ ذُكاءٌ / ظُبْاهُ أمضى مِن المواسي
ونائلٌ لم أجدْ سِواهُ / في عسْريَ المُسعْدَ المواسي
ربيعُ فَضلٍ أبيتُ مِنهُ / ما بينَ وَردٍ وبينَ آس
لا زالَ لي من سَقامِ حالي / خيرَ مواسٍ وخيرَ آسي
عَوناً على الدَهرِ حينَ أشكو / منْ صَرْفهِ كُلّما أقاسي
وعُدَّةٌ والزمانُ إلبٌ / مُلَيِّناً مِنْهُ كلَّ قاسي
حَيِّ مصراً فَغوطةَ الخشّابِ
حَيِّ مصراً فَغوطةَ الخشّابِ / فَرُبى الخور مَعْهداً للتّصابي
مَوْطنَ اللّهوِ والخلاعةِ والقَص / فِ ومأوى عُلوقنا
كانَ منْ قبلِ تَوبتي لي فيهِ / ما لأَهلِ الجنان يومَ الثّوابِ
منْ قُصورٍ وَقاصراتٍ حسانٍ / وكؤوسٍ قد أُترِعَتْ بالشّرابِ
وَلَنا في مَخادعِ أمِّ شهابٍ / كلُّ وَبْثٍ أمَّ شهابِ
ليلةً وقد نامَتِ الأَعْ / يُنُ فَرداً أَحلى منَ الحُلاّب
فاطمأنّتْ ثمَّ اشرأبَتْ / وَهْوَ فيها قَد جازَ حدَّ التَّصابِ
باتَ قَلبي منْ ثغرِها باردَ العَيْ / ش و من في التهابِ
حبّذا ليلةُ الزَّفافِ وَقَد با / تَ فؤادي للوعد حلف اضطراب
إذْ تَبَدَّتْ كالبَدْر بينَ نُجوم / منْ نساء وَقْيْنها أتراب
وَلَها خَشيةَ الرقيبِ أشارا / تُ سلامٍ بِلَحظِها وعتابِ
وَنَظَمنا شملَ العِناقِ وقد جئ / تُ سُحَيراً في صورة الدّبّاب
قالَ لي زَوجُها المثكّلُ مَن ه / ذا وَماذا وَجَرني بثيابِي
قُلتُ طبّاخُ ذي الهّريسةِ في العر / سِ وَهذي قِدري وذا دَكسابي
لم يَبْقَ عِندِيَ ما يُباعُ فَيُشترَى
لم يَبْقَ عِندِيَ ما يُباعُ فَيُشترَى / إلا حَصيرٌ قَدْ تَساوى بالثّرَى
وَبَقيّةُ النّطعِ الذي وَلِعَتْ بهِ / أيدي البِلى حتى تَمَزَّقَ وانبَرى
نَطْعٌ تُرٍيقُ دَمي عَلَيهِ بَقّةٌ / حتّى تَراهُ وهو أسودُ أحمرا
في منزلٍ كالقَبرِ كَمْ قَدْ شاهَدَتْ / فيه نَكيراً مُقلتاي وَمُنكرا
لو لم يَكُنْ قبراً لَما أمسيتُ نسِياً / فيهِ حتى أنّني لم أذكرا
والقبرُ أهنا مَسكناً إذْ لم أكنْ / مَعْ ضيقِِ سُكناهُ أُطالبُ بالكرى
لا فَرقَ بينَ ذوي القبورِ وبينَ مَن / لا رِزقَ يُرزَقُه سوى العيش الخرا
أفٍّ لِعُمْرٍ صارَ في رَيَعانهِ / مثلي يَوَدُّ بأنْ يَموتَ فَيُقْبرا
ولَرُبَّ قائلةٍ أما من رحلةٍ / تُمسي وَقَدْ أعَسرت منها مُوسِرا
سِر فالهِلالُ كمالُهُ في سَيْرِهِ / والماءُ أَطيَبُ ما يكونُ إذا جرى
كم مُدْبرٍ لمّا تحرَّكَ عَدَّهُ / بعَد السُّكونِ ذوو العقولِ مُدبِّرا
فأجبتُها سَيري وَمَكثي واحدٌ / النّحسُ نَحسٌ مُنجِداً وَمُغَوِّرا
إنَّ المدائِنَ وَهيَ أوسعُ بقعة / ضاقَتْ عَلَيَّ فكيف أرحَلُ للقرى
تاللهِ قَد أقوى السّماحُ وأصبَحَتْ / منهُ عِراصُ البِرِّ برَّاً مُقْفِرا
وَلَقَد سألتُ عنِ الكرامِ فلم أجد / في الناس عن تلكَ الكرامِ مُخَبِّرا
حتّى كنَّ حديثَ كُل أخي نَدَى / عَن كُلِّ مَنْ يَروي حديثاً مفتَرى
إنْ كانَ حقّاً ما يُقالُ فإنّهم / كانوا وما ولّى الزَّمانُ القهقرى
لم يبقَ عندَهُم حَديثٌ طيِّبٌ / للطّارِقينَ ولا مُناخٌ في الذُّرى
واليومَ أبناءُ الزَّمانِ أشَحُّهم / يدعى المُدَبِّرَ والسّخِيُّ مُبَذِّرا
منْ كُلِّ مَن قد ساءَ خَلقاً مثلما / قد ساءَ خُلقاً في النُّهى وَتَصّورا
قَرَنَ الفضيّلةَ بالرَّذيلةِ جاهلاً / وكفاهُ جَهلاً أنّه لَن يَشْعُرا
وَمِنَ المصيبةِ أَنَّ رِزقيَ فيهم / نَزْر وَرُبّتما غداً متعذِّرا
فَلَئِنْ ذَمَمْتُ ذَمَمْتُ مَن لا يَرْعَوي / ولئن شَكَرتُ شكرتُ من لم يشكرا
فلأصبِرَنَّ على الزَّمانِ وإنّني / لأخو الشّقاءِ صبرتُ أو لنْ أصبِرا
أَصبّحتُ أَفقَرَ مَن يَروحُ وَيغتدي
أَصبّحتُ أَفقَرَ مَن يَروحُ وَيغتدي / ما في يَدي من فاقتي إلاَ يَدي
في مَنزِلٍ لم يحَوِ غَيريَ قاعداً / فمتى رَقَدتُ رَقَدتُ غيرَ مُمَدَّد
لَمْ يبقَ فيهِ سِوى رسومِ حَصيرةٍ / ومخدَّةٍ كانَتْ لأُمِّ المهتَدي
تُلقى على طُرَّاحةٍ في حَشْوها / قملٌ شبيهُ السمسمِ المُتَبَدِّدِ
والبقُّ أَمثالُ الصّراصِرِ خِلقةً / مِن مُتْهمٍ في حَشوِها أو مُنْجدِ
يَجْعَلْنَ جِلْدي وارِماً فَتَخالُه / من قَرْصِهِنَّ به يذوبُ الجلمدُ
وترى بَراغيثاً بجسمي عُلِّقَتْ / مثلَ المحاجمِ في المساءِ وفي الغَدِ
وكذا البعوضُ يطيرُ وهو بِريشهِ / فمتى تمكّنَ فوقَ عرقٍ يفصُدِ
وَتَرى الخنافِس كالزنوجِ تصفّفَتْ / منْ كُلِّ سوداءِ الأَديمِ وأَسودِ
وَلَرُبّما قُرِنَتْ بِجَمْعِ عَقَاربٍ / قتالةٍ قدرَ الحمامِ الرُّكّدِ
وَتقيمُ لي عندَ المساءِ زبانَها / فأراهُ وهو كإصبع المتشهدِّ
هذا وَكَمْ من ناشرٍ طاوي الحشا / يبدو شبيهَ الفتكِ المتَسرِّدِ
يُبدي إذا ما انسابَ صفحةَ جَدولٍ / عَبَثَتْ بهِ ريحُ الصّبا مُتَجعِّدِ
والفارُ يَرْكضُ كالخيولِ تَسابُقاً / من كُلِّ جَرداءِ الأَديمِ وأجرَدِ
يأكُلنَ أَخشابَ السّقوفِ كمثلِ فا / راتِ النِّجارةِ إذْ تُحَكُّ بمِبْرَدِ
وكأنَّ نسجَ العنكبوتِ وَبَيْتَه / شَعْرِيّةٌ من فَوْقِ مُقْلَةِ أرمَدِ
وكذاكَ للحِرذَونِ صَوْتٌ مثلُهُ / في مَسْمَعي صوتُ الزِّنادِ المُصْلَدِ
وإذا رأى الخُفّاشُ ضوءَ ذُبالةِ / عندي أَضرَّ بِضَوئها المتَوَقِّدِ
وكأنّما الزنبورُ أُلبِسَ حُلّةً / مُوشِيّةً أعلامُها بالعَسْجدِ
مُتَرَنِّمٌ بينَ الذُّبابِ مُغَرِّدٌ / لا كانَ منْ مُتَرَنِّمٍ وَمُغَرِّدِ
حَشَراتُ بيتٍ لو تَلَقّتْ عَسْكراً / ولّى على الأَعقابِ غيرَ مُرَدَّدِ
هذا ولي ثوبٌ تَراهُ مُرَقّعاً / منْ كُلِّ لَونٍ مثل ريشِ الهُدْهدِ
لولا الشّقاوة ما وُلِدْتُ وَلَيتني / إذْ كانَ حظِّي هكذا لم أولَد
ولكيفَ أرضى بالحياة وَهمّتي / تسمو وَحَظِّي في الحضيضِ الأَوهدِ
وأرى السّعادةَ قد أُحِلّتْ مَعْشراً / رَبتَ العُلا لا بالنُّهى والسؤددِ
تَفديكُمُ نَفْسٌ بِكُمْ صَبّه
تَفديكُمُ نَفْسٌ بِكُمْ صَبّه / ليس لها في غيرِكُمْ رَغْبَه
يا سادةً درَّبّني عِشْقُهُمْ / ولم يَكُنْ بالِعشْقِ لي دربَه
بأيِّ شيءٍ أتَلا فاكُمُ / إلى الرِّضى منْ هذهِ الغَضْبَه
حاشاكُمُ أنْ تَنْقُضوا مَوْثقي / وبيتنا مِن زَمَن صًحْبَه
كُلُّ حسابٍ كانَ في خاطِري / وهَجْركُمْ ما كانَ في الحَسْبَه
باللهِ زوروني وَلَو في الكرى / وَفَرِّجوا عنيَ ذي الكُريَه
أو فَعِدوني مَوْعِداً باللقا / بِلَفْظَةٍ لو أَنّها كِذْبَه
وَجَرِّبوني وافرضوا أَنَّني / يا سادَتي في يَدِكِمْ خَضْبَه
أَنتُمْ نَسيمُ الأنس إن تُمسكوا / عَنّي زَماناً فَلَكُمْ هَبّه
في وصْفِ حُسْنِكُمُ تَكِلُّ الألسُنُ
في وصْفِ حُسْنِكُمُ تَكِلُّ الألسُنُ / وَجَمالُكُمْ فَهُوَ الجَمالُ الأحسَنُ
يا سادةً غَابوا فَماتَ تَصَبُّري / وبكيتُهمْ حتّى بكاني المسْكَنُ
لي فيكُمُ ظَبْيٌ ذَكَرتُ لِحُسْنهِ / عينَ الجِنانَ أحمُّ أحوى أعَينُ
بادٍ وَلكنْ في الضّميرِ مُحَجّبٌ / سَهْلٌ ولكنْ بالرِّماحِ مُحَصّنُ
حَلَفوا بأنَّ الوردَ زهرةُ خَدِّهِ / صَدَقَ الوشاةُ وَعارضاهُ سَوْسَنُ
متلون الميثاق لكن وجهه / بِسوى الحياءِ الطّلْقِ لا يتلوّنُ
في خَطِّ عارِضهِ وَنُقْطَةِ خالهِ / شَكلٌ يُصَادِرُ في الهوى وَيُبَرهنُ
رَضيتُ بأجفانِ هذا الرَّشا
رَضيتُ بأجفانِ هذا الرَّشا / سِهاماً فَلَمْ تُخْطِ منّي الحشا
تَلَثّمَ لمّا بَدا بالهلالِ / وَمن شَعْرِهِ بالدُّجى شرْبَشا
رَخيمُ الدَّلالِ بَعيدُ المنالِ / متى سمتُهُ قُبلةً أَجْهَشا
لهُ أَرَجٌ كلما رامَ أنْ / يزورَ المحبَّ عليهِ وَشى
تَجلّى عِشاءً على العاشقينَ / ومنْ عادةِ البدر يُجلي عِشا
وحاجِبُه مُمْسِكٌ قوسَهُ / وأجفانُه حَمَلَتْ تُركُشا
وريّانَ منْ كأسِ خمرِ الصِّبا / يُعَرْبِدُ بالدَّلِّ أنّى انتشى
وحاوٍ منَ الحُسنِ منْ صدْغهِ / عقارِبَ قد جاوزَتْ أَحنَشا
بَذَلتُ لهُ الرُّوحَ في وَصْله / وقاضي الهوى لا يحب الرشى
وبدرٌ لهُ أَدمُعي نثرةً / يفوق الهلالَ بَدا في الرَّشا
يَكَيْتُ وفي كَبِدي الواقدِي / فأمسى بهِ ناظري الأخفشا
فَسُبحانَ مَنْ صَدَّني عَنْ سواهُ / كأن بهِ ناظِري في غشا
وَغُصْنٌ فؤادي بهِ طائرٌ / على أنّهُ منه قد ريّشا
بَكَتْ فَقَدْ أكديشي خيولُ المرابطِ
بَكَتْ فَقَدْ أكديشي خيولُ المرابطِ / وناحَ عَلَيهِ كلُّ غازٍ مُرابطِ
لقد كانَ شيخاً ما يزالُ محنّكاً / بِتَجربةٍ ذا فِطْنة بشَرائطِ
وكانَ إذا ما راثَ أجمعُ رَوْثَهُ / بكفِّي وأحويهِ لهُ في الخرائطِ
وما كانَ من فرطِ الشّجا قطُّ وارداً / سوى ما أسقيهِ لهُ بالمَساعِطِ
وَكُنْتُ عليهِ راكباً مثل راجلٍ / لِحُقْرَتِهِ أو صاعداً مثلَ هابطِ
تمرُّ بِنا الأَبطالُ وَهْوَ مكانَهُ / كأنِّي منهُ راكِبٌ فوقَ حائطِ
وما سُقتُه في السُّوقِ إلاَّ تغامزَتْ / على أخذهِ منِّي كلابُ المَسافِطِ
قَضى فربوعُ الزِّبلِ منهُ دَوارسٌ / وقد نَسَفتها ريحُ تلكَ المضارطِ
وما ساءني إلاّ بنو الضّوءِ عندما / بَدَوا بينَّ سلاّخٍ لجلدٍ وكاشطِ
وكم قالَ لي إذْ كانَ يأكلُ زِبلَهُ / أتمنَعُني لِلْجوعِ مِنْ أكلِ غائِطي
فَقُلتُ لهُ يكفيكَ زِبلُكَ بُلغَةً / إذا عزَّ ما تقتاتُهُ كالمغالِطِ
فَهَمْلَجَ من غَيظٍ عَلَى بَرِفَسة / وقد كانَ لولا غَيظهُ غَيرَ ناشطِ
وَضَرَّطَ في وجهي ثمانينَ ضَرْطةً / فَتَبّاً لأَشياخ الخُيولِ الضّوارطِ
وقالَ لحاكَ الله منْ مُتَصنعٍ / يُصَوَقُني بالمَسحِ مثلَ المواِشط
وَبَطْنيَ خالٍ مثلَ راسك فارغٌ / على أَنّهُ من حُرقةٍ مثل شائطِ
فأغلقتُ للأصطَبلِ باباً مُوَثّقاً / وغادرتُه في زبْلهِ أيَّ خابط
فأصبَح مرفوعَ القوائمِ داعِياً / عَلَيَّ ولم أَقْدَرْ على رد فاقطِ
وعاينتُه كالطّبلِ مُنْتَفخاً وَقَدْ / أُضيفَ إلى موتي الخيولِ السّواقطِ
وجاءَتْ كلابُ السُّوقِ ما بينَ لاهثٍ / طماعِيَةً فيه وما بينَ لاعطِ
فأعلَيتُ صوتي بالبكاءِ لفَقْدِهِ / فآهاً عليه من أنيس مُخالط
قُل لِقاضي الفُسوقِ والإدبارِ
قُل لِقاضي الفُسوقِ والإدبارِ / عَضُدِ البُلهِ عُمْدَةِ الفُجّارِ
والذي قد غَدا سَفينةَ جَهْلٍ / وَلَهُ مِن قُرونهِ كالصّواري
لكَ أشكو من زَوْجة صَيَرتني / غائباً بَيْنَ سائرِ الحُضّارِ
غَيّبتني عَلَيَّ ما أطمَعَتني / فأنا اليومَ مُفْكِرٌ في انتظاري
غِبتُ حتّى لو أنّهم صَفَعوني / قلتُ كفّوا باللهِ عن صَفْعِ جاري
فَنَهاري منَ البّلادةِ ليلٌ / في التساوي الليلُ مثلُ النّهارِ
دارَ رأسي عن بابِ داري فبالل / هِ اخبِروني يا سادتي أينَ داري
مَلَكتني عيارةً وعياراً / حينَ زادَتْ بالدردَبيسِ عياري
أينَ مُخُّ الجمالِ من طبعِ مُخِّي / في التّساوي وأينَ مُخُّ الحمارِ
غَفَرَ الله رُبّما رُحتُ للبح / رِ منَ البردِ أصطّلي بالنّارِ
وَتَجرَّدت للسبَّاحةِ في الآ / ل لِظَنّي بهِ الزُّلالَ الجاري
ولكم قد عَصَبْتُ رجلي لرؤيا / أوطأتني حُلماً على مِسْمارِ
وَلَكم رُمتُ قَلعَ ضِرْسٍ ضَروب / بعدما ضَرَّ غاية الأضرار
فإذا بي قَلَعْتُ بعدَ عَنائي / وأجتهاديِ القويَّ من أزراري
وَرَحىً جُزتُها لِطَحنٍ فما زِلْ / تُ ضَلالا أدورُ حولَ المدارِ
وأُنادي وَقَدْ سَئِمتُ منَ الرَّك / ضِ تُرى أَينَ مُنْتَهى مِضْمارِي
أنا أَختارُ لو قَعَدْتُ منَ الجَه / د ولكن أَمشي بِغَيْرِ اختياري
أنا أنسى أَنّي نَسيتُ فلا يَخْ / شى مُسِري أذاعةَ الأَسرارِ
أنا سَطلُ الشّرايِحيِّ بِما أو / دعتُ من عجّةٍ ومن إنزارِ
وَلَكَمْ قد رأيتُ في الماءِ شيخاً / وهو جاثٍ في الحبِّ كالعبارِ
شيخُ سوءٍ كالثلج ذَقناً ولكن / وَجهُهُ في سوادِهِ كالقار
أشبَهُ النّاسِ بي وَقَد يشبه التّي / سُ أخاهُ في حَومةِ الجزّارِ
صاحَ مِثلي أذْ صِحتُ مِنه عِناداً / بأنتِهارٍ يا صاح مثلَ انتهارِ
فأعتَراني رُعْبٌ وَناديتُ ما كُنْ / تُ إخالُ اللصوصَ في الأَزيارِ
لَمْ يَغِظني مِنهُ سوى أنّهُ عَبَّ / سَ مثلي وافتَرَّ مثلَ افتراري
أينَ تُرسي وأين دِرعي الحقيني / أمَّ عمروٍ بِصارمي البتّارِ
إنْ أَمُتْ كُنْتُ في الغزاةِ شهيداً / أو أعشْ كُنتُ أشطرَ الشطّار
ثُمَّ أَثخَنْتُ ذلكَ الزّيرَ ضَرْباً / بحُسامي حتّى هوى لانكسارِ
فَجَرى الماءُ فأختَشَيْتُ وإلاّ / كُنْتُ أقفو الآثارَ في التيار
أنا كالبانِ في قوامِيْ وإنْ أف / ردْتَني كُنْتُ في التّهارش ضَاري
أنا مثلُ الخَروف قُرناً وإنْ أس / قَطْتَ فائي أُعَدُّ في الأَقذار
أنا تيسيرُ ما يقادُ بحذف ال / ياءِ والرَاءِ حالة الإعسارِ
أنا لو رُمتُ للعلاجِ طَبيباً / ما تَعَدَّيتُ دكّةَ البيطارِ
بعدَما كُنْتُ منْ ذَكائِي أَدري / أنَّ بَابي من صَنْعَةِ النّجارِ
أحزِرُ البيضَ قبلَ أنْ يكسروهُ / أنَّ فيهِ البياضَ فوقَ الصّفَار
وَبِعَيْني نَظَرتُ كوزَ زُجاجٍ / كانَ عِندي أو هي منَ الفخّارِ
وكثيرٌ مِنّي على شيبِ رأسي / حِفظُ هذي الأشياءِ مثلَ الصِّغارِ
واصلِ العَبْدَ بالنّضوحِ الحلالِ
واصلِ العَبْدَ بالنّضوحِ الحلالِ / عِوضاً عنْ سُلافِكَ الجريالِ
وتصدِّق بهِ على النّاسكِ التّا / ئبِ واغنِمْ دُعاءةَ الدّانِيالي