المجموع : 318
أَما رأيتَ هلالَ العيدِ حين بَدَتْ
أَما رأيتَ هلالَ العيدِ حين بَدَتْ / للعين منه بَقايا جرم دائرِهِ
كحرفِ جامٍ من البَلّورِ قابَلَه / ضوءٌ وأخفَى الدُّجى إشراقَ سائرِهِ
أو درهمٍ فوقَ دينارٍ تَجلَّله / عُلْواً وضاق عن استيعابِ آخره
وحجرةٍ من عَدد القبورِ
وحجرةٍ من عَدد القبورِ / بِتُّ بها للقَدرَ الضَّروري
في ليلةٍ مُسْرِفِة الحُرور / كأَرْؤُسِ الخِرْفان في التَّنّور
مُطبَّق مُطيَّن مَسْجور / بَعوضُها يكسر كالنسور
أو كالبُزاة الشُّهْب والصقور / تفعل في الأَوْجُه والظهور
فِعْل رِماحِ الخَطِّ في النُّحور / أصواتُها في الحالكِ الدَّيْجور
تُشبِه ما صاح من الناعور / فلم نَزلْ في الوَيْل والثُّبور
وكلِّ أمرٍ خَطِرٍ محذور / حتى أتانا صبحُها بالنور
فذقتُ طعمَ الموتِ والنُّشور /
وساعةٍ جاد بها العُمرُ
وساعةٍ جاد بها العُمرُ / ونام عن خُلْستِها الدهرُ
والطيرُ والدُّولاب يَشْدو لنا / كمُطرِبٍ يَتْبَعه زَمْر
والوردُ فوق الماء ما بيننا / قد نُثِرتْ أوراقُه الحُمْر
لم تَر عيني منظرا مثله / ماء تَلظَّى فوقه جَمْر
تِهْنا به زَهْوا كما تَزْدهِي / بالآمرِ الأحكامُ والأمر
مَنْ وجهُه بدرٌ ومن لفظُه / دُرٌّ ومن راحُته بحر
سارتْ عَطايا جودِه مثلما / قد سار فيه الحمد والشكر
وعَطَّر الدنيا بأوصافه / في الفضل حتى خَجِل القَطْر
وما أَنْسَ طِيبَ العِناقِ
وما أَنْسَ طِيبَ العِناقِ / ولا سِيمَّا عند بَرْدِ السَّحَرْ
وقد أفرط الضمُّ ما بينَنا / فكوَّن من بَشَرَيْنا بَشَر
كماءَيْنِ من صَبَبَيْ هضْبةٍ / أَلَماّ فضَمَّهما مستقرَ
فلو جَهَد الموتُ أن يستب / دّ منا بمنفردٍ ما قَدَر
واظبْ تَنَلْ كلَّ صعبٍ مُعْوِزٍ عَسِرِ
واظبْ تَنَلْ كلَّ صعبٍ مُعْوِزٍ عَسِرِ / فالماءُ أَثَّر بالإدمانِ في الحَجَرِ
فمانعُ النفسِ من إدراكِ ما طَلَبَتْ / ميلٌ إلى سَوْفَ أو ميلٌ إلى ضَجَرِ
وبالغُ الجهدِ معذورٌ إذا عَرَضتْ / موانعٌ ليس منه بل من القَدَر
وربما وقعتْ أشياءُ خارجةٌ / عن القياس فدَقَّت عن نُهَى البشر
من ذاك أحمقُ مرزوقٌ له جِدَةٌ / وعاقلٌ دونَ كسبِ القوتِ في ضرر
وأكرَمُ الناسِ في ذلٍّ ومَخْمصةٍ / وألأمُ الناسِ في عزٍّ وفي بَطَر
ما ذاك إلا لتدبيرٍ يُصرِّفُه / بين الورى غيرُهم تصريفَ مقتدِر
أُفٍّ لها دُنْيا فلا تستِقرّْ
أُفٍّ لها دُنْيا فلا تستِقرّْ / وعيشُها بالطبعِ مُرٌّ كَدِرْ
جميلةُ المنظرِ لكنّها / أقبحُ شيءٍ عند مَنْ يختبِر
قد وَحِل العالم في سجنها / فكل جنسٍ تحت بؤس وضُرّ
فقيرُها يطلب نيلَ الغِنى / وذو الغِنى يجمعُ كيْ يَدَّخِر
فذاك للإملاقِ في حسرةٍ / وذاك خوفَ الفقرِ تحت الحَذر
والزاهد العابدُ في كُلْفةٍ / من شَعَث الصومِ وطولِ السَّهَر
وخوفِ مايلقاهُ من ربِّه / في آخر الأمرِ إذا ما حُشِر
وَهَمُّه في القوتِ من حِلِّه / صعبٌ شديدٌ مستحيلٌ عَسر
والفاسقُ المذنِبُ في وصمةٍ / مُسفَّه الرأيِ قبيح الأَثَر
ليس بمأمونٍ ولا آمنٍ / مُذمَّم في قومه محتقَر
منخِفض الرتبِة بين الوَرَى / يفتخِر الناسُ ولا يفتخِر
والحوتُ والطير ووَحْش الفَلا / في كُلَفٍ من وِرْدها والصَّدَر
فالوحشُ لا يأمَنُ من قانِصٍ / أو حابِل أو أسدٍ محتِضر
أو جارح يُدرِكها بَغْتةً / في الجو لا يضرِب إلا كَسَر
والطيرُ في الأقفاصِ سجنا لها / تَنوح فيه نَوْحَ صَبٍّ أُسِر
والملكُ الأعظم في خُطَّة / من شدةِ الأمرِ وطول السَّهَر
وخوفِه من ملكٍ غادرٍ / إذا رأى الفرصةَ فيه غدر
إما بسُمٍّ أو سلاحٍ فلا / يأمَنُ حاليْ سَفَرٍ أو حَضَر
يَستشعِر الخِيفةَ من مَلْبسٍ / أو مطعم أو مشرب أو خَضِر
فالناسُ في أمن به وهْو في / توهُّم الخوف فلا ينحصر
والحوتُ في اللُّجِّ على بُعْدِه / من مَلْمسِ الكفِّ ولَمْحِ البصر
يُدْلِي له الصيادُ خِيطانَه / والطُّعْم فيها فوق عُقْفِ الإِبَر
حتى إذا أَوْقَعه جَرَّه / جرَّ عنيف جار لما قَدَر
والبعضُ منها آكِلٌ بعضَه / فما جَفا يأكل ما قد صَغُر
مصائبٌ جَلَّتْ ولكنني / أوردتُ منها نُبذةَ المختِصر
تقديرُ من لا حُكْمَ إلا له / في كلِّ ما يأتِي وفيما يَذَر
حَذَّرتُك الدنيا فلا تحتِقر / نصيحتي عندك نصفُ الخَبر
ما أَبْعَدَ الأشياءَ مما يَسُرّْ
ما أَبْعَدَ الأشياءَ مما يَسُرّْ / فِعْلا وأَدْناها إلى ما يَضُرّْ
فالخير في النادر إلمامُه / والشرُّ ليلا ونهارا يَكُرّْ
والداءُ فيما لَذَّ أو ما حَلا / والنفعُ في كل كريهٍ ومُر
أولَ ما تشربُ يأتي القَذى / فاك وتبِغي صَرْفه لا يَمُر
حتى إذا حاولتَ إخراجَه / بصَبِّ بعضِ الماء وَلَّى وفَرّْ
كأنه يقصِد ذاك الذي / يفعل مختارا لكَيْدٍ وشَرّْ
نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ
نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ / فأَقْصَرَ لولا أنّه في تَذكُّرِ
إذا خَطرتْ في خاطرٍ منه جَدَّدتْ / أسىً يَتلظَّى بين وِرْدٍ ومَصْدَر
سَقَى ذلك العهدَ الذي طال عهدُه / حَيَا كلِّ مُنَهلٍ من الغيثِ مُمطِر
أأَيامَنا بالثغرِ هل لكِ عودةٌ / إلى حافظٍ للعهدِ لم يتَغيَّر
وهل أتَملَّى من نسيمِك سُحْرةً / يُصافحُ مطلولَ النباتِ المنوِّر
وأرفُلُ في ثَوْبَي صِباً وصبابةٍ / وأسحَبُ ذيلي مِشْيَة المُتبختِر
ودمعُ الندى في وَجْنةِ الوردِ حائر / كجامِ عقيقٍ تحتَ دُرٍّ مُنثَّر
ونورُ الأَقاح الغَضِّ يحِكي إذا بدا / تَبسُّمَ خَوْدٍ عن شتيتٍ مُوشَّر
كأنّ بياضَ الماء في كل جَدْولٍ / إذا لاح في غصنٍ من الروض أخضر
غِلالُة شَرْبٍ ضَمَّها فوق لابسٍ / رشيقُ قَباءٍ أخضرٍ لم يُزرَّر
إذا جَمَّشت أيدي النسيم مُتونها / حَكَت من حَبيكِ السَّرْد كلَّ مقدَّر
وإنْ نَعَرت فيها النَّواعيرُ رَجَّعت / بها الطيرُ ألحانَ الغناءِ المُحرَّر
كأنّ الغصونَ المائساتِ رَواقصٌ / تَثنَّت على إيقاعِ دُفٍّ ومِزْهَر
تَضايقتِ الأشجارُ في الجوِّ فوقها / سوى فُرَجٍ تُهْدِى الضِّياءَ لمُبْصِر
فيَبْسُط منها البدرُ كلَّ مُدَرْهَمٍ / وتَنشُر منها الشمسُ كلَّ مُدَنَّرِ
عَسى يرجِع العيشُ الذي فات وانقضى / وصورتُه معلومةٌ في تَصَوُّري
عَسَى يَجْري الزمانُ على اخْتِياري
عَسَى يَجْري الزمانُ على اخْتِياري / فيُدْنِينى إلى وَطني ودارِي
فأدفعَ عادياتِ الشوقِ عني / وآخذَ من صُروف البَيْن ثاري
وأَمْرَح في ميادين التَّصابي / وأخلع في مَلاعبِها عِذاري
وقد نشر الربيعُ على الرَّوابي / ملابسَ رَقْمِ أَنْداءِ القِطار
ورَنَّة زامرِ الدُّولاب فيها / تُوافق طيبَ ألحانِ القَمارِي
وفاض خَليجُها والريحُ تُنشِى / دُروعا هنَّ من زَرَد صِغار
وقد بثَّ النسيمُ بخورَ عطرٍ / يُصعِّد طِيبه من غير نار
وقد حَبَك الربيعُ لساحليه / فَراوِزَ في حَواشٍ باخْضِرار
مُرصَّعةَ الزمردِ باللآلى / مُفصَّلة الجَواهر بالنُّضار
جِنانُ الخيرِ فالنَّورُ فيها / لفَرْط الضيقِ كالشُّهْب الدَّراري
سَماواتٌ من الأوراق فيها / شموسٌ من بدورٍ في ثمارِ
وتُرْبٍ فيه من بِرَكٍ بقارٍ / سُبِكْنَ فسِلْنَ قُضْبا في المَجاري
فكم ثغرٌ بذاك الثغرِ عَذْبٌ / كطعم الشّهد في أَرَج العُقار
سكرت به هَوىً ونَوىً وصَدّا / فها أنا في التذكُّر في خُمار
ولكنْ سدَّ همُّ الشيبِ قلبي / فضاق عن الصغائر بالكبار
فوا عَجَباه من فرحي بليلي / ومن أَسَفي على ضوء النهار
جَرتْ نُقَطُ المدامِع من جفوني / على نقطٍ لشيبٍ في عِذارى
وزادت هذه لمزيد هذي / فأصبحَتا بِحارا في بحار
وقائلةٍ وقد نظرت إليه / فكادتْ أن تُبادر بالفرار
أَشيبٌ ما بدا بك قلت لا بل / هو الملبوس من حُلَل الوقار
وجاريتُ الأسى طَلقا فأَبْدَى / بفَرْقى ما رأيتِ من الغُبار
فولَّت وهْي هاربة وقالتْ / تَيبَّبْ لاعتذارك في اعتذاري
إذا ما الشيبُ نَوَّر في عِذارٍ / جَفتْه كلُّ غانيةٍ نَوارِ
سَقَى الإسكندريةَ كلُّ غيثٍ / يُحاكى بعضَ أدمُعِيَ الغزار
ولو أني أرَقْتُ جميع دمعي / وأطلقتُ الدعاءَ بلا اختصار
لأَصبح فوقَها طوفانُ نوحٍ / يجِلُّ عن السواحلِ والقَرار
ولكنْ كلُّ مُرتجِزٍ غزيرٍ / يفيض على السَّوارى
إلى أنْ تُصبحَ الهَضَبات فيها / مُعطَّرة المُلاءِة والخِمار
عرائسُ تَجْتَلى في زَوِّ روضٍ / لها منثوره مثل النُّثار
فوا أسفاهُ أنْ فُقِدتْ حياتي / ولم يُدْنِ الزمان بها مَزارى
على أَنّى أُؤَمِّلها وما لى / سوى صبرٍ يسيرٍ في إسارِى
كأنما النَّرْجِسُ الطاقيّ حين بدا
كأنما النَّرْجِسُ الطاقيّ حين بدا / قِعاب تِبْرٍ على جاماتِ بلّورِ
كأنّ أوراقَه والشمسُ تصقُلها / أوراقُ شمعٍ فمن خامٍ ومَقْصورِ
سلامٌ على القَصْرَين من مَنْشَأ الصَّبا
سلامٌ على القَصْرَين من مَنْشَأ الصَّبا / إلى ساحل الثَّغرِ المُطِلِّ على البحرِ
سلامُ امرىءٍ ما غادرَ الدهرُ عندَه / سِوى أَنَّه يَرْفَضُّ عن ضَرَم الصَّدر
ودمعٍ إذا ما غُصَّ جفنى بمائه / تَرَقْرق مُحْمَرُّ الغروب على سخري
تمسكت من قولى لَعلَّ بهُدْبَةٍ / فلما وَهَت باليأسِ مات لها صبرى
فقدتُ شبابي بعدَ أهلى وَمنْشَىء / فها أنا مَيْتٌ غيرَ أني بلا قبر
ومَن فارقَ الأوطانَ في طلب الغِنى / فقد نالَ لو حاز الغِنَى أنكدَ الفقر
تذكرتُ أيامَ الشّبيبةِ من عمرى / وعيشا خلا من ناظِري وهْو في صدري
فيا دهرُ ألاَّ كان ليلَى كُله / كليلةِ شَرْقيِّ الخَليِج من الثغر
فيا ليلةٌ ماذا مضى تحت جُنْحِها / من المُلَح اللاتي تَجِلُّ من القَدْر
حديثاً لوَ أْنّ الصخرَ باشَر بعضَه / لأَرْقص من إطْرابِه جَلْمَدَ الصَّخر
ودمع دلالٍ في دموع صَبابةٍ / كما انْهَلَّ منظومُ العَقيق على الدُّر
وشكوى كما رقَّ النسيمُ بسحْرةٍ / فساق دموعَ الطْلِّ عن وَرَق الزَّهْر
صَفتْ خُلسةً من كاشِحٍ ومُراقبٍ / كما رُوِّقت في الكأس مَشْمولةُ الخمر
ولا عيبَ فيها غيرَ أنّ عِشاءَها / أَتَى قائداً أو سائقاً آخِرَ الفجر
يا مَنْ به تَحْسُن الدنيا وتَفتخِرُ
يا مَنْ به تَحْسُن الدنيا وتَفتخِرُ / طويلُ كلِّ مديحٍ فيك مُخْتصَرُ
أقلُّ أوصافِك الحُسْنى يَضيق بها / خواطرُ الخَلْقِ والأقطارُ والسِّيَر
في كل يومٍ تُرينا فَضْلَ مَكْرُمةٍ / غريبةِ الفَضْلِ لم يَسْبِق لها بشر
فقد تكاملتَ في خَلْق وفي خُلُق / حتى تَنافسَ فيك السمعُ والبصر
يا باسطَ العدلِ في بَدْو وفي حَضَرِ
يا باسطَ العدلِ في بَدْو وفي حَضَرِ / ورافعَ الجَوْرِ عن اُنْثَي وعن ذَكَرِ
أَبدعتَ في كلِّ فضل كلَّ مُعجزةٍ / غَرّاءَ ما عُهِدتْ من قبلُ في بَشر
زادتْ على كلِّ مخلوقٍ فأَيْسَرُها / مِلْءُ الزمانِ وملءُ الأَرضِ والسِّيَر
وصاغَك اللهُ في خَلْقٍ وفي خُلُق / مِلْءَ القلوبِ وملء السمع والبصر
يا أفضلَ الناسِ لم تُنْسَب إلى لقبٍ / إلا فِعلُك أَوْفَى منه فافْتخِر
وما دُعيتَ بشاهِنْشَاهَ فاعترفتْ / به الملوكُ على جهلٍ ولا غِرَرِ
لكنْ رأتْ شرفَ الإقرارِ وهْولها / أَمنٌ أجلُّ من الإنكارِ والخَطر
يَستعظِم الخَبر الإنسانُ عنك وفي / مكانِ خُبْرِك ما يُغْنِى عن الخَبر
يا دوحةَ الرُّتَبِ العُليا لقد لَحظتْ / منك العيونُ كما لا ليس في الشجر
كَرُمتَ أَصلا وفرعا ثم جئتَ بما / زَكا وأينعَ واحْلَوْلَى من الثمر
من كل قَرْمٍ جُيوشيِّ النِّجارِ غدا / في كعبةِ الفخرِ مثل الرُّكْنِ والحَجَر
تَلوذ آمالُ حُجّاجِ النَّوال به / شُعْثا فمن طائفٍ سَعْيا ومُعْتمِر
تَلى مَساعيَك العظمى فما خرجتْ / به السعادةُ في قَصدٍ عن الأَثَر
عقدٌ تَخيَّرتَ منه كلَّ واسطةٍ / للمُلْكِ منها جمالُ العينِ والنظر
جاورتَه فأَخَفْتَ الدهرَ صَوْلَتَه / حتى تَوَقّاه في وِرْدٍ وفي صَدَر
وارتاعتِ الأُسْدُ في أقصى مَرابضها / منه فما نومُها إلا على حذر
واستكبرتْ سادةُ الأَملاكِ هَيْبتَه / واسْتعظَم الدهرُ معناه على صِغر
فتحتَ للناس أبوابَ السرورِ به / فالعرسُ في كل قلبٍ غيرُ مختصَر
للهِ مُلْكٌ وإملاكٌ قد اقْتَرَنا / إلى السعادة في اَمْنٍ من الغِيَر
نَثرتَ للناسِ من عَيْنٍ ومن وَرِقٍ / فيه فلم يبقَ من لم يحظَ بالبِدَر
فلو أردتَ مَزيدا في النِّثار له / لم يبقَ في الجوِّ نجمٌ غيرُ منتثر
يَهْنِى المَعالى التي أضحتْ لكم وطنا / تَشريفُها باتصالِ في صافٍ بلا كَدر
حتى تَرى من بنيه كلَّ مُعتصِبٍ / بالتاجِ يُرْضيكَ منه سَيدُ العِتَر
تُرْخِي أومرُاك العليا عزائمه / فلا تمرّ بمَلْكٍ غيرِ منعِفرِ
فاسلَمْ ودُمْ في بقاءٍ غيرِ مُنصرِم / ملازم السَّعْدِ من عُمْر إلى عُمُر
عَبِقت بطيبِ ثَنائِك الأَقْطارُ
عَبِقت بطيبِ ثَنائِك الأَقْطارُ / وتَجمَّلتْ بَمديحِك الأَشْعارُ
وعَظُمتَ وصْفا في السَّماعِ فمُذْ بَدا / للعينِ خُبْرُك هانتِ الأخبار
فات المدائحَ بعضُ وصفِك كلّها / عَجْزا عن التقصيرِ وهْي قِصار
وسقى البلادَ سَخاءُ جودِك فارتوتْ / وتَأرَّجتْ بثنائِك الأزهار
فكأنما الدنيا عروس تُجْتَلى / ولها مَواهبُك الغِزار نِثار
فرِضاك عَدْلٌ واصْطِناعك رحمةٌ / وسُطاك مَهْلكةٌ وعزمُك نار
والأرضُ مُلْكٌ والزمانُ وأهلُه / خَدَمٌ وبعضُ جيوشِك الأَقْدار
ما قيل شاهِنشاهُ إلا كان ل / لأكِ من معنى الكلام فَخار
يا مالكَ الدنيا الذي من عَدْلِه / في كل أرض عسكرٌ جَرّار
ومُقسِّمَ النِّعَم التي لِنوالِها / في كل موضعِ شعرةٍ بَتّار
ومُبخِّلَ الكرماءِ أَيْسَرُ جودِه / فكأنما حَسناتُهم أوزار
جُحِد الكمالُ من الوجود فمُذْ بَدا / للناسِ فضُلك أُنْكِر الإنكار
إن كان هذا الخَلْقُ أصلُ وجودِه / طينٌ فأَصُلك جَوْهرٌ ونُضار
لا شكَّ لما طابَ أصُلك في العُلا / والمجدِ طابتْ هذه الأثمار
ثَمَرٌ جيوشيُّ المَغارِسِ أَفْضَل / ىُّ الفرع للفَضْلَيْن فيه شِعار
كالمرتضى شمس المعالي مَنْ حَبا / كَ اللهُ منه بكلِّ ما تختار
فكسوتَ وجه الأرضِ منه محاسنا / فلِعزِّك الدنيا به أنوار
فأَتى بما اقتضتِ الفِراسة فِعْلَه / فتَنافستْ في فضِله الأفكار
جاورْتَه داراً لدارٍ فاغتدَتْ / لجلالِه في كلِّ قلب دار
وجَلونَ منه على الأَنامِ فَضائلا / فعُقول أهلِ الأرضِ فيه تَحار
أظهرتَه للناس عند كَمالِه / فَضْلا فأنجَبَ ذلك المضمار
فتَلا مَحاسنَك الشريفة للعُلى / بالجِدِّ فهْو السابق السَّيّار
وقَرنْتَه بالشمسِ فِعْلَ مُجرِّب / إنّ الشموس بُعولُها الأقمار
فالخَلْق في عرسٍ يدوم سرورُه / أَبدا كأنّ الليل فيه نهار
لم تَنفرِدْ مصرٌ به عن غيرِها / سِيّانِ مصرٌ فيه والأَمْصار
كاد المُقطّمُ أنْ يَميدَ مَسرَّةً / لو لم يُصِبْه من لَدُنْك وَقار
غَمرتْ مَكارُمك البريةَ قبلَه / وانْضاف هذا العرس فهْي بِحار
بَذلتْ هِباتُك فيه كلَّ نفيسةٍ / حتى تأكد للنُّضار بَوار
اللهُ يبِقى في بقائك عُمْرَه / ما دام للفَلك الأَثير مَدار
حتى يشدَّ بَنوك ملكَك مثله / ويشدَّه أبناؤه الأبرار
واللهُ يجعلنا فداءَك إنّه / لولاك ما طابت لنا الأعمار
وليلةٍ من حِسانِ الدهرِ بِتُّ بها
وليلةٍ من حِسانِ الدهرِ بِتُّ بها / بساحلِ الثَّغْرِ في أعلى مَناظرِهِ
وفي المَنارةِ من تلْقائِنا قَبَس / والبدر يظهر ثُلْثاه لناظرِه
كشاربٍ قام إجلالا وفي يده / كأسانِ للشرب مسرورا بزائره
عندَنا كِيزانُ فُقّا
عندَنا كِيزانُ فُقّا / عٍ لها حُسْنٌ ومَنْظَرْ
كلُّ كوزٍ قد تَزَيَّى / وَتَردَّى وتَعطَّر
مَنْ رآنا نُورِد الأي / دي إليها ثم نصدرْ
ظَنَّ في أَنُملنا لل / شمِّ تفاحاتُ عنبر
والنيلُ مثلُ عِمامةٍ
والنيلُ مثلُ عِمامةٍ / نُشِرتْ مُحشّاةً بأَخْضَرْ
والجسر فيها كالطِّرا / ز ومَوْجُه رَقْمٌ مُصَوَّرْ
والبحرُ في رأس الجزي / رةِ كالسَّراويل المحرَّر
تَفْرِيكُه ما دَرَّجت / فيه الرياحُ من التكسُّر
تأملتُ بحرَ النيلِ طولا وخَلفَه
تأملتُ بحرَ النيلِ طولا وخَلفَه / من البركةِ الغَنّاء شكلٌ مُدَوَّرُ
فكان وَقد لاحتْ بشَطَّيْهِ خُضْرة / وكانتْ وَفيها الماءُ باقٍ مُوَفَّر
عِمامةَ شَرْبٍ في حواشٍ بُخضْرةٍ / أُضيف إليها طَيْلسانٌ مُقَوَّر
أَسيرُ وقلبي في يديكِ أَسيرُ
أَسيرُ وقلبي في يديكِ أَسيرُ / وحادِى غرامي لوعةٌ وزَفيرُ
أظلُّ أُناجي الشوقَ حتى كأنما / فؤادي لأنواعِ الهموم سَمير
أَلا هلْ لأيامِ الوصالِ تَواصُلٌ / وهل لي إلى سكانِ مِصْر مَصير
متى كانتِ الأيامُ تُسْعِف بالمُنَى
متى كانتِ الأيامُ تُسْعِف بالمُنَى / وروضُ الهوى غَضُّ النباتِ نَضيرُ
وعينُ النّوَى وَسْنانةٌ وشَبا العِدَا / كَليلٌ وباعُ الحاسِدين قصير
لياليَ لا خوفُ النوى يَسْتَفِزُّني / ولا جاريا دمعي أَسىً وزَفير