القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 318
أَما رأيتَ هلالَ العيدِ حين بَدَتْ
أَما رأيتَ هلالَ العيدِ حين بَدَتْ / للعين منه بَقايا جرم دائرِهِ
كحرفِ جامٍ من البَلّورِ قابَلَه / ضوءٌ وأخفَى الدُّجى إشراقَ سائرِهِ
أو درهمٍ فوقَ دينارٍ تَجلَّله / عُلْواً وضاق عن استيعابِ آخره
وحجرةٍ من عَدد القبورِ
وحجرةٍ من عَدد القبورِ / بِتُّ بها للقَدرَ الضَّروري
في ليلةٍ مُسْرِفِة الحُرور / كأَرْؤُسِ الخِرْفان في التَّنّور
مُطبَّق مُطيَّن مَسْجور / بَعوضُها يكسر كالنسور
أو كالبُزاة الشُّهْب والصقور / تفعل في الأَوْجُه والظهور
فِعْل رِماحِ الخَطِّ في النُّحور / أصواتُها في الحالكِ الدَّيْجور
تُشبِه ما صاح من الناعور / فلم نَزلْ في الوَيْل والثُّبور
وكلِّ أمرٍ خَطِرٍ محذور / حتى أتانا صبحُها بالنور
فذقتُ طعمَ الموتِ والنُّشور /
وساعةٍ جاد بها العُمرُ
وساعةٍ جاد بها العُمرُ / ونام عن خُلْستِها الدهرُ
والطيرُ والدُّولاب يَشْدو لنا / كمُطرِبٍ يَتْبَعه زَمْر
والوردُ فوق الماء ما بيننا / قد نُثِرتْ أوراقُه الحُمْر
لم تَر عيني منظرا مثله / ماء تَلظَّى فوقه جَمْر
تِهْنا به زَهْوا كما تَزْدهِي / بالآمرِ الأحكامُ والأمر
مَنْ وجهُه بدرٌ ومن لفظُه / دُرٌّ ومن راحُته بحر
سارتْ عَطايا جودِه مثلما / قد سار فيه الحمد والشكر
وعَطَّر الدنيا بأوصافه / في الفضل حتى خَجِل القَطْر
وما أَنْسَ طِيبَ العِناقِ
وما أَنْسَ طِيبَ العِناقِ / ولا سِيمَّا عند بَرْدِ السَّحَرْ
وقد أفرط الضمُّ ما بينَنا / فكوَّن من بَشَرَيْنا بَشَر
كماءَيْنِ من صَبَبَيْ هضْبةٍ / أَلَماّ فضَمَّهما مستقرَ
فلو جَهَد الموتُ أن يستب / دّ منا بمنفردٍ ما قَدَر
واظبْ تَنَلْ كلَّ صعبٍ مُعْوِزٍ عَسِرِ
واظبْ تَنَلْ كلَّ صعبٍ مُعْوِزٍ عَسِرِ / فالماءُ أَثَّر بالإدمانِ في الحَجَرِ
فمانعُ النفسِ من إدراكِ ما طَلَبَتْ / ميلٌ إلى سَوْفَ أو ميلٌ إلى ضَجَرِ
وبالغُ الجهدِ معذورٌ إذا عَرَضتْ / موانعٌ ليس منه بل من القَدَر
وربما وقعتْ أشياءُ خارجةٌ / عن القياس فدَقَّت عن نُهَى البشر
من ذاك أحمقُ مرزوقٌ له جِدَةٌ / وعاقلٌ دونَ كسبِ القوتِ في ضرر
وأكرَمُ الناسِ في ذلٍّ ومَخْمصةٍ / وألأمُ الناسِ في عزٍّ وفي بَطَر
ما ذاك إلا لتدبيرٍ يُصرِّفُه / بين الورى غيرُهم تصريفَ مقتدِر
أُفٍّ لها دُنْيا فلا تستِقرّْ
أُفٍّ لها دُنْيا فلا تستِقرّْ / وعيشُها بالطبعِ مُرٌّ كَدِرْ
جميلةُ المنظرِ لكنّها / أقبحُ شيءٍ عند مَنْ يختبِر
قد وَحِل العالم في سجنها / فكل جنسٍ تحت بؤس وضُرّ
فقيرُها يطلب نيلَ الغِنى / وذو الغِنى يجمعُ كيْ يَدَّخِر
فذاك للإملاقِ في حسرةٍ / وذاك خوفَ الفقرِ تحت الحَذر
والزاهد العابدُ في كُلْفةٍ / من شَعَث الصومِ وطولِ السَّهَر
وخوفِ مايلقاهُ من ربِّه / في آخر الأمرِ إذا ما حُشِر
وَهَمُّه في القوتِ من حِلِّه / صعبٌ شديدٌ مستحيلٌ عَسر
والفاسقُ المذنِبُ في وصمةٍ / مُسفَّه الرأيِ قبيح الأَثَر
ليس بمأمونٍ ولا آمنٍ / مُذمَّم في قومه محتقَر
منخِفض الرتبِة بين الوَرَى / يفتخِر الناسُ ولا يفتخِر
والحوتُ والطير ووَحْش الفَلا / في كُلَفٍ من وِرْدها والصَّدَر
فالوحشُ لا يأمَنُ من قانِصٍ / أو حابِل أو أسدٍ محتِضر
أو جارح يُدرِكها بَغْتةً / في الجو لا يضرِب إلا كَسَر
والطيرُ في الأقفاصِ سجنا لها / تَنوح فيه نَوْحَ صَبٍّ أُسِر
والملكُ الأعظم في خُطَّة / من شدةِ الأمرِ وطول السَّهَر
وخوفِه من ملكٍ غادرٍ / إذا رأى الفرصةَ فيه غدر
إما بسُمٍّ أو سلاحٍ فلا / يأمَنُ حاليْ سَفَرٍ أو حَضَر
يَستشعِر الخِيفةَ من مَلْبسٍ / أو مطعم أو مشرب أو خَضِر
فالناسُ في أمن به وهْو في / توهُّم الخوف فلا ينحصر
والحوتُ في اللُّجِّ على بُعْدِه / من مَلْمسِ الكفِّ ولَمْحِ البصر
يُدْلِي له الصيادُ خِيطانَه / والطُّعْم فيها فوق عُقْفِ الإِبَر
حتى إذا أَوْقَعه جَرَّه / جرَّ عنيف جار لما قَدَر
والبعضُ منها آكِلٌ بعضَه / فما جَفا يأكل ما قد صَغُر
مصائبٌ جَلَّتْ ولكنني / أوردتُ منها نُبذةَ المختِصر
تقديرُ من لا حُكْمَ إلا له / في كلِّ ما يأتِي وفيما يَذَر
حَذَّرتُك الدنيا فلا تحتِقر / نصيحتي عندك نصفُ الخَبر
ما أَبْعَدَ الأشياءَ مما يَسُرّْ
ما أَبْعَدَ الأشياءَ مما يَسُرّْ / فِعْلا وأَدْناها إلى ما يَضُرّْ
فالخير في النادر إلمامُه / والشرُّ ليلا ونهارا يَكُرّْ
والداءُ فيما لَذَّ أو ما حَلا / والنفعُ في كل كريهٍ ومُر
أولَ ما تشربُ يأتي القَذى / فاك وتبِغي صَرْفه لا يَمُر
حتى إذا حاولتَ إخراجَه / بصَبِّ بعضِ الماء وَلَّى وفَرّْ
كأنه يقصِد ذاك الذي / يفعل مختارا لكَيْدٍ وشَرّْ
نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ
نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ / فأَقْصَرَ لولا أنّه في تَذكُّرِ
إذا خَطرتْ في خاطرٍ منه جَدَّدتْ / أسىً يَتلظَّى بين وِرْدٍ ومَصْدَر
سَقَى ذلك العهدَ الذي طال عهدُه / حَيَا كلِّ مُنَهلٍ من الغيثِ مُمطِر
أأَيامَنا بالثغرِ هل لكِ عودةٌ / إلى حافظٍ للعهدِ لم يتَغيَّر
وهل أتَملَّى من نسيمِك سُحْرةً / يُصافحُ مطلولَ النباتِ المنوِّر
وأرفُلُ في ثَوْبَي صِباً وصبابةٍ / وأسحَبُ ذيلي مِشْيَة المُتبختِر
ودمعُ الندى في وَجْنةِ الوردِ حائر / كجامِ عقيقٍ تحتَ دُرٍّ مُنثَّر
ونورُ الأَقاح الغَضِّ يحِكي إذا بدا / تَبسُّمَ خَوْدٍ عن شتيتٍ مُوشَّر
كأنّ بياضَ الماء في كل جَدْولٍ / إذا لاح في غصنٍ من الروض أخضر
غِلالُة شَرْبٍ ضَمَّها فوق لابسٍ / رشيقُ قَباءٍ أخضرٍ لم يُزرَّر
إذا جَمَّشت أيدي النسيم مُتونها / حَكَت من حَبيكِ السَّرْد كلَّ مقدَّر
وإنْ نَعَرت فيها النَّواعيرُ رَجَّعت / بها الطيرُ ألحانَ الغناءِ المُحرَّر
كأنّ الغصونَ المائساتِ رَواقصٌ / تَثنَّت على إيقاعِ دُفٍّ ومِزْهَر
تَضايقتِ الأشجارُ في الجوِّ فوقها / سوى فُرَجٍ تُهْدِى الضِّياءَ لمُبْصِر
فيَبْسُط منها البدرُ كلَّ مُدَرْهَمٍ / وتَنشُر منها الشمسُ كلَّ مُدَنَّرِ
عَسى يرجِع العيشُ الذي فات وانقضى / وصورتُه معلومةٌ في تَصَوُّري
عَسَى يَجْري الزمانُ على اخْتِياري
عَسَى يَجْري الزمانُ على اخْتِياري / فيُدْنِينى إلى وَطني ودارِي
فأدفعَ عادياتِ الشوقِ عني / وآخذَ من صُروف البَيْن ثاري
وأَمْرَح في ميادين التَّصابي / وأخلع في مَلاعبِها عِذاري
وقد نشر الربيعُ على الرَّوابي / ملابسَ رَقْمِ أَنْداءِ القِطار
ورَنَّة زامرِ الدُّولاب فيها / تُوافق طيبَ ألحانِ القَمارِي
وفاض خَليجُها والريحُ تُنشِى / دُروعا هنَّ من زَرَد صِغار
وقد بثَّ النسيمُ بخورَ عطرٍ / يُصعِّد طِيبه من غير نار
وقد حَبَك الربيعُ لساحليه / فَراوِزَ في حَواشٍ باخْضِرار
مُرصَّعةَ الزمردِ باللآلى / مُفصَّلة الجَواهر بالنُّضار
جِنانُ الخيرِ فالنَّورُ فيها / لفَرْط الضيقِ كالشُّهْب الدَّراري
سَماواتٌ من الأوراق فيها / شموسٌ من بدورٍ في ثمارِ
وتُرْبٍ فيه من بِرَكٍ بقارٍ / سُبِكْنَ فسِلْنَ قُضْبا في المَجاري
فكم ثغرٌ بذاك الثغرِ عَذْبٌ / كطعم الشّهد في أَرَج العُقار
سكرت به هَوىً ونَوىً وصَدّا / فها أنا في التذكُّر في خُمار
ولكنْ سدَّ همُّ الشيبِ قلبي / فضاق عن الصغائر بالكبار
فوا عَجَباه من فرحي بليلي / ومن أَسَفي على ضوء النهار
جَرتْ نُقَطُ المدامِع من جفوني / على نقطٍ لشيبٍ في عِذارى
وزادت هذه لمزيد هذي / فأصبحَتا بِحارا في بحار
وقائلةٍ وقد نظرت إليه / فكادتْ أن تُبادر بالفرار
أَشيبٌ ما بدا بك قلت لا بل / هو الملبوس من حُلَل الوقار
وجاريتُ الأسى طَلقا فأَبْدَى / بفَرْقى ما رأيتِ من الغُبار
فولَّت وهْي هاربة وقالتْ / تَيبَّبْ لاعتذارك في اعتذاري
إذا ما الشيبُ نَوَّر في عِذارٍ / جَفتْه كلُّ غانيةٍ نَوارِ
سَقَى الإسكندريةَ كلُّ غيثٍ / يُحاكى بعضَ أدمُعِيَ الغزار
ولو أني أرَقْتُ جميع دمعي / وأطلقتُ الدعاءَ بلا اختصار
لأَصبح فوقَها طوفانُ نوحٍ / يجِلُّ عن السواحلِ والقَرار
ولكنْ كلُّ مُرتجِزٍ غزيرٍ / يفيض على السَّوارى
إلى أنْ تُصبحَ الهَضَبات فيها / مُعطَّرة المُلاءِة والخِمار
عرائسُ تَجْتَلى في زَوِّ روضٍ / لها منثوره مثل النُّثار
فوا أسفاهُ أنْ فُقِدتْ حياتي / ولم يُدْنِ الزمان بها مَزارى
على أَنّى أُؤَمِّلها وما لى / سوى صبرٍ يسيرٍ في إسارِى
كأنما النَّرْجِسُ الطاقيّ حين بدا
كأنما النَّرْجِسُ الطاقيّ حين بدا / قِعاب تِبْرٍ على جاماتِ بلّورِ
كأنّ أوراقَه والشمسُ تصقُلها / أوراقُ شمعٍ فمن خامٍ ومَقْصورِ
سلامٌ على القَصْرَين من مَنْشَأ الصَّبا
سلامٌ على القَصْرَين من مَنْشَأ الصَّبا / إلى ساحل الثَّغرِ المُطِلِّ على البحرِ
سلامُ امرىءٍ ما غادرَ الدهرُ عندَه / سِوى أَنَّه يَرْفَضُّ عن ضَرَم الصَّدر
ودمعٍ إذا ما غُصَّ جفنى بمائه / تَرَقْرق مُحْمَرُّ الغروب على سخري
تمسكت من قولى لَعلَّ بهُدْبَةٍ / فلما وَهَت باليأسِ مات لها صبرى
فقدتُ شبابي بعدَ أهلى وَمنْشَىء / فها أنا مَيْتٌ غيرَ أني بلا قبر
ومَن فارقَ الأوطانَ في طلب الغِنى / فقد نالَ لو حاز الغِنَى أنكدَ الفقر
تذكرتُ أيامَ الشّبيبةِ من عمرى / وعيشا خلا من ناظِري وهْو في صدري
فيا دهرُ ألاَّ كان ليلَى كُله / كليلةِ شَرْقيِّ الخَليِج من الثغر
فيا ليلةٌ ماذا مضى تحت جُنْحِها / من المُلَح اللاتي تَجِلُّ من القَدْر
حديثاً لوَ أْنّ الصخرَ باشَر بعضَه / لأَرْقص من إطْرابِه جَلْمَدَ الصَّخر
ودمع دلالٍ في دموع صَبابةٍ / كما انْهَلَّ منظومُ العَقيق على الدُّر
وشكوى كما رقَّ النسيمُ بسحْرةٍ / فساق دموعَ الطْلِّ عن وَرَق الزَّهْر
صَفتْ خُلسةً من كاشِحٍ ومُراقبٍ / كما رُوِّقت في الكأس مَشْمولةُ الخمر
ولا عيبَ فيها غيرَ أنّ عِشاءَها / أَتَى قائداً أو سائقاً آخِرَ الفجر
يا مَنْ به تَحْسُن الدنيا وتَفتخِرُ
يا مَنْ به تَحْسُن الدنيا وتَفتخِرُ / طويلُ كلِّ مديحٍ فيك مُخْتصَرُ
أقلُّ أوصافِك الحُسْنى يَضيق بها / خواطرُ الخَلْقِ والأقطارُ والسِّيَر
في كل يومٍ تُرينا فَضْلَ مَكْرُمةٍ / غريبةِ الفَضْلِ لم يَسْبِق لها بشر
فقد تكاملتَ في خَلْق وفي خُلُق / حتى تَنافسَ فيك السمعُ والبصر
يا باسطَ العدلِ في بَدْو وفي حَضَرِ
يا باسطَ العدلِ في بَدْو وفي حَضَرِ / ورافعَ الجَوْرِ عن اُنْثَي وعن ذَكَرِ
أَبدعتَ في كلِّ فضل كلَّ مُعجزةٍ / غَرّاءَ ما عُهِدتْ من قبلُ في بَشر
زادتْ على كلِّ مخلوقٍ فأَيْسَرُها / مِلْءُ الزمانِ وملءُ الأَرضِ والسِّيَر
وصاغَك اللهُ في خَلْقٍ وفي خُلُق / مِلْءَ القلوبِ وملء السمع والبصر
يا أفضلَ الناسِ لم تُنْسَب إلى لقبٍ / إلا فِعلُك أَوْفَى منه فافْتخِر
وما دُعيتَ بشاهِنْشَاهَ فاعترفتْ / به الملوكُ على جهلٍ ولا غِرَرِ
لكنْ رأتْ شرفَ الإقرارِ وهْولها / أَمنٌ أجلُّ من الإنكارِ والخَطر
يَستعظِم الخَبر الإنسانُ عنك وفي / مكانِ خُبْرِك ما يُغْنِى عن الخَبر
يا دوحةَ الرُّتَبِ العُليا لقد لَحظتْ / منك العيونُ كما لا ليس في الشجر
كَرُمتَ أَصلا وفرعا ثم جئتَ بما / زَكا وأينعَ واحْلَوْلَى من الثمر
من كل قَرْمٍ جُيوشيِّ النِّجارِ غدا / في كعبةِ الفخرِ مثل الرُّكْنِ والحَجَر
تَلوذ آمالُ حُجّاجِ النَّوال به / شُعْثا فمن طائفٍ سَعْيا ومُعْتمِر
تَلى مَساعيَك العظمى فما خرجتْ / به السعادةُ في قَصدٍ عن الأَثَر
عقدٌ تَخيَّرتَ منه كلَّ واسطةٍ / للمُلْكِ منها جمالُ العينِ والنظر
جاورتَه فأَخَفْتَ الدهرَ صَوْلَتَه / حتى تَوَقّاه في وِرْدٍ وفي صَدَر
وارتاعتِ الأُسْدُ في أقصى مَرابضها / منه فما نومُها إلا على حذر
واستكبرتْ سادةُ الأَملاكِ هَيْبتَه / واسْتعظَم الدهرُ معناه على صِغر
فتحتَ للناس أبوابَ السرورِ به / فالعرسُ في كل قلبٍ غيرُ مختصَر
للهِ مُلْكٌ وإملاكٌ قد اقْتَرَنا / إلى السعادة في اَمْنٍ من الغِيَر
نَثرتَ للناسِ من عَيْنٍ ومن وَرِقٍ / فيه فلم يبقَ من لم يحظَ بالبِدَر
فلو أردتَ مَزيدا في النِّثار له / لم يبقَ في الجوِّ نجمٌ غيرُ منتثر
يَهْنِى المَعالى التي أضحتْ لكم وطنا / تَشريفُها باتصالِ في صافٍ بلا كَدر
حتى تَرى من بنيه كلَّ مُعتصِبٍ / بالتاجِ يُرْضيكَ منه سَيدُ العِتَر
تُرْخِي أومرُاك العليا عزائمه / فلا تمرّ بمَلْكٍ غيرِ منعِفرِ
فاسلَمْ ودُمْ في بقاءٍ غيرِ مُنصرِم / ملازم السَّعْدِ من عُمْر إلى عُمُر
عَبِقت بطيبِ ثَنائِك الأَقْطارُ
عَبِقت بطيبِ ثَنائِك الأَقْطارُ / وتَجمَّلتْ بَمديحِك الأَشْعارُ
وعَظُمتَ وصْفا في السَّماعِ فمُذْ بَدا / للعينِ خُبْرُك هانتِ الأخبار
فات المدائحَ بعضُ وصفِك كلّها / عَجْزا عن التقصيرِ وهْي قِصار
وسقى البلادَ سَخاءُ جودِك فارتوتْ / وتَأرَّجتْ بثنائِك الأزهار
فكأنما الدنيا عروس تُجْتَلى / ولها مَواهبُك الغِزار نِثار
فرِضاك عَدْلٌ واصْطِناعك رحمةٌ / وسُطاك مَهْلكةٌ وعزمُك نار
والأرضُ مُلْكٌ والزمانُ وأهلُه / خَدَمٌ وبعضُ جيوشِك الأَقْدار
ما قيل شاهِنشاهُ إلا كان ل / لأكِ من معنى الكلام فَخار
يا مالكَ الدنيا الذي من عَدْلِه / في كل أرض عسكرٌ جَرّار
ومُقسِّمَ النِّعَم التي لِنوالِها / في كل موضعِ شعرةٍ بَتّار
ومُبخِّلَ الكرماءِ أَيْسَرُ جودِه / فكأنما حَسناتُهم أوزار
جُحِد الكمالُ من الوجود فمُذْ بَدا / للناسِ فضُلك أُنْكِر الإنكار
إن كان هذا الخَلْقُ أصلُ وجودِه / طينٌ فأَصُلك جَوْهرٌ ونُضار
لا شكَّ لما طابَ أصُلك في العُلا / والمجدِ طابتْ هذه الأثمار
ثَمَرٌ جيوشيُّ المَغارِسِ أَفْضَل / ىُّ الفرع للفَضْلَيْن فيه شِعار
كالمرتضى شمس المعالي مَنْ حَبا / كَ اللهُ منه بكلِّ ما تختار
فكسوتَ وجه الأرضِ منه محاسنا / فلِعزِّك الدنيا به أنوار
فأَتى بما اقتضتِ الفِراسة فِعْلَه / فتَنافستْ في فضِله الأفكار
جاورْتَه داراً لدارٍ فاغتدَتْ / لجلالِه في كلِّ قلب دار
وجَلونَ منه على الأَنامِ فَضائلا / فعُقول أهلِ الأرضِ فيه تَحار
أظهرتَه للناس عند كَمالِه / فَضْلا فأنجَبَ ذلك المضمار
فتَلا مَحاسنَك الشريفة للعُلى / بالجِدِّ فهْو السابق السَّيّار
وقَرنْتَه بالشمسِ فِعْلَ مُجرِّب / إنّ الشموس بُعولُها الأقمار
فالخَلْق في عرسٍ يدوم سرورُه / أَبدا كأنّ الليل فيه نهار
لم تَنفرِدْ مصرٌ به عن غيرِها / سِيّانِ مصرٌ فيه والأَمْصار
كاد المُقطّمُ أنْ يَميدَ مَسرَّةً / لو لم يُصِبْه من لَدُنْك وَقار
غَمرتْ مَكارُمك البريةَ قبلَه / وانْضاف هذا العرس فهْي بِحار
بَذلتْ هِباتُك فيه كلَّ نفيسةٍ / حتى تأكد للنُّضار بَوار
اللهُ يبِقى في بقائك عُمْرَه / ما دام للفَلك الأَثير مَدار
حتى يشدَّ بَنوك ملكَك مثله / ويشدَّه أبناؤه الأبرار
واللهُ يجعلنا فداءَك إنّه / لولاك ما طابت لنا الأعمار
وليلةٍ من حِسانِ الدهرِ بِتُّ بها
وليلةٍ من حِسانِ الدهرِ بِتُّ بها / بساحلِ الثَّغْرِ في أعلى مَناظرِهِ
وفي المَنارةِ من تلْقائِنا قَبَس / والبدر يظهر ثُلْثاه لناظرِه
كشاربٍ قام إجلالا وفي يده / كأسانِ للشرب مسرورا بزائره
عندَنا كِيزانُ فُقّا
عندَنا كِيزانُ فُقّا / عٍ لها حُسْنٌ ومَنْظَرْ
كلُّ كوزٍ قد تَزَيَّى / وَتَردَّى وتَعطَّر
مَنْ رآنا نُورِد الأي / دي إليها ثم نصدرْ
ظَنَّ في أَنُملنا لل / شمِّ تفاحاتُ عنبر
والنيلُ مثلُ عِمامةٍ
والنيلُ مثلُ عِمامةٍ / نُشِرتْ مُحشّاةً بأَخْضَرْ
والجسر فيها كالطِّرا / ز ومَوْجُه رَقْمٌ مُصَوَّرْ
والبحرُ في رأس الجزي / رةِ كالسَّراويل المحرَّر
تَفْرِيكُه ما دَرَّجت / فيه الرياحُ من التكسُّر
تأملتُ بحرَ النيلِ طولا وخَلفَه
تأملتُ بحرَ النيلِ طولا وخَلفَه / من البركةِ الغَنّاء شكلٌ مُدَوَّرُ
فكان وَقد لاحتْ بشَطَّيْهِ خُضْرة / وكانتْ وَفيها الماءُ باقٍ مُوَفَّر
عِمامةَ شَرْبٍ في حواشٍ بُخضْرةٍ / أُضيف إليها طَيْلسانٌ مُقَوَّر
أَسيرُ وقلبي في يديكِ أَسيرُ
أَسيرُ وقلبي في يديكِ أَسيرُ / وحادِى غرامي لوعةٌ وزَفيرُ
أظلُّ أُناجي الشوقَ حتى كأنما / فؤادي لأنواعِ الهموم سَمير
أَلا هلْ لأيامِ الوصالِ تَواصُلٌ / وهل لي إلى سكانِ مِصْر مَصير
متى كانتِ الأيامُ تُسْعِف بالمُنَى
متى كانتِ الأيامُ تُسْعِف بالمُنَى / وروضُ الهوى غَضُّ النباتِ نَضيرُ
وعينُ النّوَى وَسْنانةٌ وشَبا العِدَا / كَليلٌ وباعُ الحاسِدين قصير
لياليَ لا خوفُ النوى يَسْتَفِزُّني / ولا جاريا دمعي أَسىً وزَفير

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025