المجموع : 127
نذركَ بِالغوطتَيْنِ قَد ضَمِنَت
نذركَ بِالغوطتَيْنِ قَد ضَمِنَت / ربْوَتُهَا رَبْعَهُ ومَقْراها
أَطْلِعْ لَها الشَّمسَ مِن جَبينِكِ لَم / تَرجُ سِواها في النّومِ جَفْناها
فَالخَيلُ صور إِلى تَساهُمِ سَهمَي / ها وملهى في بيتِ لِهْيَاهَا
دَولَةُ مَن دانَتِ البَلَدُ لَهُ / وَعَمّها ظِلُّهُ فَأَغناها
لا بِسِواها تَليقُ بَهجَتُها / وَلا سِواهُ تَبغي رَعاياها
ما بَرِقَت بيضُكَ في غَمامِها
ما بَرِقَت بيضُكَ في غَمامِها / إِلّا وَغَيْث الدّينِ لاِبتِسامِها
مَحمودٌ المَحمودُ جَدّاً وجِدّاً / أَرخَصَ جِلدَ الأَرضِ حكمَ عامِها
مَلْكٌ أَزالَ الرُّومَ عَن صُلبانِها / دِفاعُهُ وكبَّ مِن أَصنامِها
جالَ عَلى الجَوْلانِ أَمس جَولةً / صَفَّرَتِ الأُدحيَّ مِن نَعامِها
وَالجَوْنُ قَد جَرَّعَها أُجونُهُ / وفَلَّ مشحوذاً مِنِ اِعتِزامِها
وَشَدَّ في القدِّ لَهُ مَليكُها / قَود عَتودِ القَوْطِ في شبامِها
وَفي الرُّها صابَت لهُ سَحابَةٌ / صَاروا جُفَاء خَفَّ في اِلتِطامِها
وَهبَّ في هابٍ لَهُ عَواصِفٌ / تَجَهّمتها الْهِفَّ مِن جَهامِها
وَكَفْرُ لاثا لاثَ في جَبينِها / لَثمُ ظُباً أَبَت على أَشامِها
وَقائِعٌ يَرفَضُّ تَحتَ وَقعِها / نَظمُ الثُّرَيَّا في فضا مصامِها
فَساعَة البيضِ إِذا عدَّدها / سَوط عَذابٍ صبَّ في أيّامها
وَا عَجباً لعُصبِ الشّركِ الّتي / لَم يَعصِب الرُّشدُ عَلى أَحلامِها
حِكمَةَ اِستِواءها في غيّها / في نَقصِ ما أحصدَ مِن إِبرامِها
مُظفَّر الرّاياتِ والرّأيِ إذا ال / حَربُ مَشت تَعثُر في خِطامِها
عَدَت بِهِ حَدَّ العَلاءِ هِمَمٌ / هُنّ النجومُ أَو نَواصي هامِها
جَلَت لَهُ الدُّنيا عَلى زَبرجِها / عَفواً فَلم تلوِ على خطامِها
رَأتهُ وهوَ اللَّيْثُ يدمي ظفرُهُ / أَنفذ في المشكِلِ مِن حُكّامِها
فَتَوّجَتهُ العزّ في مَرتَبَةٍ / تَمنطّقَ الجَوزاء في نِظامِها
غَضبان لِلإِسلام لا يُغيظُهُ اِسْ / تِسلامُها لِلقسّر مِن إِسلامِها
خَطَّ عَلى مِثل أَبٍ طاعَت لَهُ الْ / آفاقُ وَاِستَشرَفَ لاِغتِشامِها
تَصرِفُ الدّنيا عَلى إِيثارِهِ / عِراقَها مُستردفاً بِشامِها
لَو لَم يَكُن دونَ مِنى فاتَ المُنى / وَأَقعدَ الفائِزَ مِن قوّامها
وامْتَك ماءَ مَكّةَ رَواضعٌ / يَقصُرُ باعُ الدّهرِ عَن فِطامِها
وَصارَ كَالجَمرِ الجمار وَخَلا / مِن أَهلِهِ الأَشرَفُ مِن مَقامِها
وَدونَها لازِلتَ تَرقى في حِمىً / مِن مُؤلِمِ الأَرواءِ أَو لِمامِها
تُلْبِسُ بَيتَ اللَّهِ وَشيَ يَمَنٍ / يَقَرأ آياتكَ مِن أَعلامِها
فَإِنّما الدّينُ رَحىً قَطّبتَها / وَبازِل مُكِّنتَ مِن زِمامِها
أَمَّت بِنا الآمالُ مِنكَ كَعبَةً / سِلم اللّيالي آيَةُ اِستِسلامِها
وَأَرشفَتنا بكَ ثَغرَ نِعمَةٍ / لا نَسأَلُ اللَّه سِوى دَوامِها
بِجدّكِ أَصحَب الجدّ الحزون
بِجدّكِ أَصحَب الجدّ الحزون / وَأَطلَعَ فَجرَه الفَتحُ المُبينُ
وَفي كَنَفيكَ سولِمَتِ اللّيالي / وَفارَقَ طَبعَهُ الزَّمَنُ الخَؤُونُ
وَمِنكَ تَعلَّمَ القطع المَواضي / وَقَد زَبَنَت بِهِ الحَربُ الزَّبونُ
وَأَنتَ السَّيفُ لَم تَمسَسهُ نار / وَلا شَحَذَت مَضارِبَهُ القيونُ
تَرَقْرَقُ فَوقَ صَفحَتِهِ الأَماني / وَيَقطر مِن غَراريهِ المَنونُ
وَقَبلَكَ ما سَمِعتُ بِذي فَقارٍ / يُبيرُ الفَقرَ كانَ وَلا يَكونُ
وَلا غَيثٌ سَماوَتهُ سَريرٌ / وَلا لَيثٌ وِسادَتُهُ عَرينُ
وَلا قَمَرٌ لَهُ الهَيجاءُ هالٌ / وَلا تاجٌ لَهُ الدّنيا جَبينُ
جُبِلتَ نَدىً وَعَفواً وَاِنتِقاما / وماءٌ كلُّ مجبولٍ وَطينُ
وَمُلْكُكَ عَمَّمَ الأَقطارَ قطْراً / فَأمرعَتِ الأَواعِثُ وَالحزونُ
تَلَألَأ تَحتَهُ غُررُ اللّيالي / إِذا الأَيّامُ عِندَ سِواكَ جونُ
وَأَنتَ أَقَمتَ لِلجَدوى مَناراً / يُبينُ لِشائِميهِ وَلا يَبينُ
وَعِندَكَ مَشرب النّعمى زلالٌ / إِذا عَبقت مَشارِبها الأجونُ
تَحَكَّمَ في عَطائِك كلُّ عاطٍ / وَقَد شِيدَت مِنَ المَنْعِ الحُصونُ
لَقَد أَشعَرتَ دينَ اللَّهِ عِزّاً / تَتيهُ لَهُ المَشاعِرُ وَالجحونُ
وَقامَ بِنَصرِهِ وَالناسُ فَوضى / قويٌّ منك في الجُلَّى أَمينُ
رَجَعتَ مُلوكَهم وهُم خُيوفٌ / أَسيرٌ في صِفادِكَ أَو كَنينُ
فَبَرنَسْتَ البِرِنسَ لِقاعِ خَسْفٍ / وَجَرّعَ مرُّ جَوْسِكَ جوسلينُ
إِذا ما الفِعلُ عُلَّ تَلاهُ حَذْفٌ / يُتاحُ لِمُنْتَهاهُ أَو سكونُ
غَنوا حَتّى غَزوتَهُمُ فَغنّى الص / صَدى في أَرضِهم حفّ القطينُ
وَكَم عَبَرَ الصّليبُ بِهم صَليبا / فَرَدَّته قَناكَ وَفيهِ لينُ
وَما خَطَرَت بِدارِ الشّركِ إِلّا / هَوى النّاقوسُ وَاِرتَفَع الأذينُ
مَلَأتَ عِظامَ ساحِهُمُ عِظاماً / فَكلّ ملاً لقوكَ بِهِ جرينُ
بِإنَّب في القَنا تجري نجيعاً / كَأَنَّ عُيونَ أَكعُبِها عيونُ
وَبَين حرارِ صَرخَد ذُبْنَ حَرّاً / لَهُ في كُلِّ حَبحَبَةٍ كَمينُ
وَفَيْنَ مِنَ العُرَيْمَة في عرامٍ / لَهُ في جونِها الأَقصى وَجونُ
وَكَم حَرمٍ لِحارِمَ غادَرَتهُ / وَدارَته لِمَنسَفِها درينُ
وفي شَعْراء قُورُس صُغْن شِعْراً / تُدارُ عَلى غِرارَيه اللَّجونُ
وَقائِعُ صِرْنَ في صَنعاءَ طَيراً / يوقعُها عَلى عَدْنٍ عدونُ
نَماكَ أَبٌ إِذا عُدَّ اِنتِساباً / تَراقى مصعداً والنّاس دونُ
شمالاً كان أملاكُ البرايا / وَقَد قيسوا بِهِ وهوَ اليَمينُ
قَضى وَقَضاؤُه في الأرضِ حَتْمٌ / وَطاعَةُ أَهلِها لِبَنيهِ دينُ
لِهذا اليومِ تُنْتَخَب القوافي / وَيذخرُ نَفسه الدُّرُّ المَصُونُ
وَنَحنُ أَحقُّ منك بأَن نُهنّا / إذا قرَّت بِرُؤيَتِكَ العيونُ
سَلِمتَ لَنا فَإِنّا كلُّ صعبٍ / نُوازيه بِأَن تبقى يَهونُ
تُرابِطُنا بِعِقوَتِكَ التّهاني / وَيَغبِطُنا بِدَولَتِكَ القرونُ
لِعَلائك التّأييدُ والتأميلُ
لِعَلائك التّأييدُ والتأميلُ / ولمُلْكِكَ التَّأْبيدُ والتّكميلُ
أبداً تُهِمّ وتقتفي فَتنالُ ما / عَزَّ الوَرى إدراكُهُ وتُنيلُ
إِمّا كِتابٌ يَستَقيلُ بِهِ الكتا / ئب أَو رَسولٌ لِلنّجاحِ رسيلُ
لَكَ مِن أَبي سعدٍ زَعيمِ سعادة / قمن تَفاءَلَ فيكَ لَيسَ يفيلُ
نِعْمَ الحُسَامُ جَلَوْتَهُ وبَلَوْتَهُ / يُرضيكَ حينَ يصلُّ ثمَّ يَصولُ
سَهمٌ تُعوّدَ في الكنانة عودُهُ / وَيُقصّرُ المطلوبَ وهوَ طَويلُ
سَدَّدتَهُ فَمَضى وَقَرطسَ صادراً / كَالنّجمِ لا وَهْلٌ ولا تَهليلُ
فَثَنا القُلوبَ إِلى وَلائِكَ حُوَّلٌ / مِنهُ بِما يَجني رضاكَ كَفيلُ
وَأَقامَ يَنشُرُ في العراق ودِجلةٍ / آياً تَأَوّلها لمصرَ النّيلُ
وَكَساكَ مِن رأيِ الخليفةَ جُبَّةً / لا النّقصُ يُوهيها ولا التّقْليلُ
كُنتَ الشّريفَ أَفَضت في تَشريفِهِ / ماءٌ عَلَيهِ مِن سَناكَ دليلُ
أَلِيُوسفٍ لَمّا طَلَعتَ مُقَرطقاً / طَمَثت حِصانٌ وَاِستَخفّ أبيلُ
أَم عن سُليمانَ يفرج ضاحِكاً / سجفَ الرواقِ وَضَعضع الكيّولُ
ومُمَلَّكٌ في السّرج أمْ ملكٌ سَطَت / لِبَهائِهِ عَقلٌ وَتاهَ عقولُ
وَبَرَزت في لبسِ الخِلافَةِ كَالهِلا / لِ جَلاهُ في حُلَل الدُّجا التهليلُ
خِلَعٌ خَلَعْن على القلوب مَسَرَّةً / سَدكاتُها التَعظيمُ وَالتَبجيلُ
نَثرت نُضاراً جامداً أَعلامها / وَتَكادُ تَجري رِقَّةً وتَسيلُ
لَقَضى لَها أَنْ لا عَديلَ لِفَخْرِها / رَبٌّ بَراكَ فَما تلاكَ عَديلُ
أَنتَ المُهَنَّد مُنذُ سَلَّتْهُ العُلا / لم يَخْلُ من مُهَجٍ عَلَيه تَسيلُ
مُذْ هَزَّ قائمَهُ الإِمامُ تَأَلَّقَتْ / غُرَرٌ شُدِخنَ لِمُلكِهِ وَحجولُ
والَيْتَ دولَته فتِهْتَ بدولةٍ / مُتَكلِّلٌ بِصَعيدِها الإكليلُ
وَنَصرتَهُ فَحلاكَ أَبيضَ دونَهُ / صَرْفُ الزَّمانِ إِذا اِستَكلَّ كليلُ
قُلِّدْتَهُ وكِلاكما مُتَلَهْذِمٌ / عَضْبٌ فزانَ المغمد المسلولُ
وَحَبا رِكابَكَ حينَ قَرَّ بِزَحفِهِ ال / قرآنُ وَاِستَخْذَى له الإنجيلُ
بأَقَبَّ أَصفر مشرف الهادي له الت / تَحْجيل لونٌ واللّما تَحجيلُ
قَسَم الدُّجا بَينَ الغَدائِرِ والشّوى / وَاِعْتامَ رَونَقَهُ الأَصيلَ أصيلُ
وَتَقاسَمَ الرّاؤُوهُ تَحتَكَ أَنَّه / حَيزومُ يصرفُ عطفَهُ جبريلُ
تَختالُ في حُبِّك الحُليّ مُخَيِّلاً / أَنَّ الشّوامِخَ لِلبدورِ خيولُ
مُرْخَى الذَّوائِبِ كَالعَروسِ يزينُهُ / طرْفٌ بِأَطرافِ الرّماحِ كَحيلُ
تَتَصاعَقُ النّعرات تَحتَ لبانه / إنْ شبَّ زفْرٌ واسْتَجَشَّ صهيلُ
لَم يَحْبُ مثلَك مثلَهُ مُهدٍ وَلَم / يَشلُل عَلى سرقٍ سِواهُ شليلُ
الدهرُ أنت ودارُك الدُّنيا ومَن
الدهرُ أنت ودارُك الدُّنيا ومَن / في العَدّ بعدُ مؤمِّل وحَسُودُ
وأزمَّةُ الأقدار طَوْعُ يديك وال / أَيَّامُ جُنْدُك والأنامُ عبيدُ
فُتَّ الوَرى وَعَقَدت ناصِيَةَ المَدى / بِمذمّر الشِّعرى فَأَينَ تريدُ
تالٍ أَباكَ فَهل سليمانٌ يُرَى / في الدَّسْت مَهَّد مُلْكَه داودُ
جَلَّى وسُدْتَ مُصَلِّياً ولا يُرْفَعُ ال / مَعْدُومُ ما لَم يَشفَعِ المَوجودُ
لم يُختَرَم جَدٌّ نَماكَ وَلا أبٌ / إِنّ النّباهَةَ في الخليفِ خلودُ
شَمَخت مَنارُكَ في اليَفاع وأمَّها / من لم يسُدْ فأَرَتْهُ كيف يسودُ
وَهَبَبْتَ لِلإِسلامِ وَهوَ مُصوّح / فَاِهْتَزَّ أَهضابٌ وَرَقَّ نجودُ
وَفَثأتَ جَمرَةَ صالميه بِصَيْلَمٍ / نَصَعَ الأجنَّةَ يومُهَا المشهودُ
خَطَمَتهُمُ فَوقَ الخَطيمِ لَوافِحٌ / نَفسُ الأَرينِ لِوأرهِنَّ برودُ
وَرُمُوا عَلى الجَوْلانِ مِنكَ بِجَولَةٍ / تَوئيدُها نَسرُ الضَلالِ وَئيدُ
وَلَحَا عِظامَهمُ بعَرْقَة عارِقٌ / مازِلتَ تَمحضُ جَوّهُ فَتَجودُ
وَشَلَلت بِالرّوح السّروج وَفَوقها / زرعٌ تحصِّدُه الرِّماح حصيدُ
وَعَلى عَزاز عَنَوْا وَثَلّ عُروشَهُم / مَلكٌ مُقيّدُ مَن عَصاهُ مَقيدُ
وبِتَلِّ باشِرَ باشَروكَ فَعافَسوا / أُهبَ الأَساوِدِ حَشوُهُنَّ أسودُ
أَوْدَوا كَما أَوْدَى بعادٍ غَيُّها / وَعَقوا كَما اِستَغوى الفَصيلَ ثَمودُ
إِنْ آلَموا عَقراً فَإِنَّكَ صالحٌ / أَو آلَموا غَدراً فَإِنَّكَ هودُ
وَزَّعتَهم فَبِكُلِّ مهبطِ تَلْعَةٍ / خَدٌّ بِهِ مِن وازعٍ أُخْدُودُ
وَعَصَبتَهم بِعَصائِبٍ مِلء المَلا / شَتَّى وَإِنْ خلَّ البَسالَة عودُ
آثارُها مَحمودَةٌ وَآثارها / مشهودةٌ وشعارها محمودُ
لَبِسَتْ مِنَ اِسْمِكَ في الكَريهَةِ مَلبِساً / يَبْلَى جديدُ الدَّهْرِ وهو جديدُ
وَقَصيرَةُ الآجالِ طَوَّلَ باعها / بَوْحٌ يُسامي هامَها وقدودُ
مطرورةُ الأسلاب مُذْ هَزَّعتها / تَاهَ الهُدى وَتَبخْتَرَ التّوحيدُ
أَشْرَعْتَها فَعَلى شَريعَةِ أَحمَدٍ / مِمّا جَنَتهُ بَوارِقٌ وَعُقودُ
وَلَكَم نَثَرتَ نَظيمَها في مَوقِفٍ / تَغريدُ صالي حَرّهِ التَغريدُ
يَجلو سَناكَ ظَلامَهُ وَيحُلّ ما / عَقَدت قَناهُ لِواؤك المَعقودُ
في هَبوَةٍ زَحَمَ السَماءَ رواقُها / وَالأَرضُ تَرجُف تَحتَه وتَميدُ
ضَرَبتْ مُخَيَّمَها فَكانَ كُمَاتُها / أَوتادَهُ القُصوى وَأَنت عَمودُ
في كُلِّ يَومٍ مِن فُتوحِكَ صادِحٌ / هزجُ الغناءِ وَطائرٌ غِرِّيدُ
تُهدي لِعانَةَ كَأسَه فِرغانة / وَتسيغُ زبدة ما شَداهُ زبيدُ
فَغِرارُ سَيفِكَ لِلأَحابِش محبسٌ / ومُثارُ نَقعِكَ لِلصّعيدِ صَعيدُ
لا تَعْدَمَنْ هَذا المقلّدُ أُمَّةً / مُلقى إِليهِ لِرَعْيِها الإِقليدُ
الوِرْدُ قرٌّ والمسارحُ رَحْبَةٌ / والرّفْدُ مَدٌّ والظّلالُ مَديدُ
وَالعَيشُ أَبلَجُ مُشرِقُ القَسَمَات وال / أَشجارُ غُرٌّ وَالأَصائلُ غيدُ
وَالمُلْكُ مَمدودُ الرّواقِ مُنوّرَ ال / آفاقِ وَضّاءُ المُنى مَحسودُ
في دَولَةٍ مُذْ هَبَّ نَشرُ رَبيعِها / نُشِر الرّفاتُ وَأَثمَرَ الجُلْمُودُ
مَحمودَةُ الآثارِ مَحمودِيَّةٌ / كلُّ المَواسِمِ عِندَها تَعْييدُ
هُنّيتِ رُوزي فَذاكَ صَومُكِ وال
هُنّيتِ رُوزي فَذاكَ صَومُكِ وال / مِيلادُ جاءَ والعيدُ في نَسقِ
فَذاكَ اِنحَلَّت فيهِ كُلَّ يَد / وَذاكَ أخملت فيهِ كلّ نَقي
وَجهٌ كَصدرِ الحُسامِ تَصبو لَهُ ال / عينُ وَيَنقد القَلبُ من فَرَقِ
وَمُقْلَةٌ شَوقها لِيَقْظَتِها / شَوقٌ لِحسّادها إِلى الأَرقِ
ومُرْتَقىً تَعْجَبُ السّماءُ لَهُ / إِذا اِستَطالَت إِليهِ كَيفَ رُقي
تَوّجتَ شَهباءَها بِمُشْرِقَةً / مُشرِفة شُهْبُها عَلى الأُفُقِ
جَوٌّ تَهاوى مِنهُ كَوكَبُهُ / طَرفُهُ طَرفُ رُجُوم مُسْتَرِقِ
فَوارِسُ تُذهل الفَوارِس أَن / تَهافَتَت مِن أَرشاقِها الرشِقِ
مِن راكضٍ في الهَواءِ أَهوَ منَ ال / فَتحِ مجرّ مِن تَحتِهِ لَبقِ
شَاوٍ مِنَ الخصرِ لَو تحاوِلُهُ ال / خُضرُ لَزَلَّت عَن مَوطِئ زُلَقِ
يَقولُ مَن دينُهُ الفروسَة ما / لاقَكَ إِلّا ضَربٌ مِنَ الإِلقِ
بَدائِعٌ تغبطُ السماءُ بِها ال / أَرضَ وتُذكي الإِشفاقَ في الشَفَقِ
في دَولَةٍ جَمَعتْ إيالَتُها / مِن بَدَد الحُسْنِ كلَّ مفترقِ
تَزرُّ أطواقُهَا على ملكٍ / مكتفلٍ رزقَ كلّ مرتزقِ
مَحمودٌ اِسماً وَمَيسَماً وندىً / وَاِعتَصب الدم كلّ مرنققِ
طبَّق طوفانُه فَلَسْت ترى / إلّا مُغيثاً مُشفٍ على غرقِ
يا بحرُ لا خلق تدّعي شبَهاً / فات المدى ما حَوَيْتَ من خُلُقِ
مُلْكُكَ هَذا الَّذي تَملأه / صِباهُ يَجري وَالدهر في طلقِ
أبداً تُباشرُ وجهَ غزْوِكَ ضاحكاً
أبداً تُباشرُ وجهَ غزْوِكَ ضاحكاً / وتؤوبُ منه مؤيَّداً منصوراً
تُدْني لك الأمل البعيدَ سَوَاهِمٌ / مَحقت أهلّتها وكُنّ بُدُورا
مِثلُ السّهامِ لوِ اِبتَغى ذو أربعٍ / في الجوّ مُطَّلَباً لكُنّ طيوراً
نَبذَت عَلائِقها بِحمصَ وَأَعلَقَت / سَحَراً بمعرِقِ عِرقِه الأظفورا
وعَدَوْن صافيثاءَ لاحَ شوارُهَا / قَد أَتْلَعت عُنقاً إليك مُشيرا
القَلبُ أَنتَ فَإِنْ تَعامى عَن هُدىً / عُضْوٌ أَهابَ بِهِ فَعادَ بَصيرا
عَرَفوا مَكانكَ وَالظهيرَةُ بَينَهُم / يُغري بَياضُ أَديمِها الدَّيجورا
أَينَ الذّبالُ مِنَ الغَزالةِ أَشرَقَت / وَجهاً وَطَبّقتِ البَسيطَة نورا
غَضبانُ أَقسمَ لا يَشيمُ حُسامهُ / وَالأَرضُ تَحمِلُ في الكُفورِ كفورا
غَسلَ العَواصِم أَمس مِن أَدرانِهم / وَاليَومَ ردّ بِهِ السّواحِلَ بَورا
لم يُبْقِ بين الحَوْلَتَيْن وآمِدٍ / وتراً لِمُضْطَغنٍ ولا مَوْتُورا
أَخْلَى دِيارَ الشّركِ مِن أَوثانِها / حتَّى غَدا ثالوثُهنَّ نَكيرا
رَفَعَ القُصورَ عَلى نَضائِدِ هامِهِم / مِن بَعدِ ما جَعلَ القُصورَ قُبورا
بِشَواحِبِ الأَلياطِ تَقطو في الظَّلا / مِ قَطاً وَتَهوي في الصَّباحِ نُشورا
غادَرتَ أَنطرسوسَ كَالطِّرسِ اِمَّحَى / رَسماً وَحَمَّرَ دِرعَها يحمورا
وَهيَ الرَّمادُ لِفتنةٍ كانت على الْ / إِسلام أَحكم كسره إِكْسيرا
هَتَمتَ طَرابُلسا فَأَصبَحَ ثَغرُها ال / بَسّامُ مِن عِزّ الثُّغُورِ ثَغِيرا
إِقْليدها كانَت وقَد أُنْطِيتَهُ / وَاِسأل بِهِ مِمّن دَهَتْهُ خَبيرا
إِنَّ الأُلَى أمِنوا وِقاعك بعدها / غُرُّوا وَقَد رَكِبوا الأَغرَّ غُرُورا
أَلْقِ العَصا فيمَن أَطاعَ وَمَن عَصى / مِنهُم وَدمِّرْ أَرضَهمْ تَدميرا
لا يُلْهِهِم أَنْ قَد مَنَنْتَ وشُنَّها / شَعواءَ تُصلي الكافرينَ سَعيرا
باكِرْ بِرَكْزِ قناً تُنَسِّفُ أُسَّها / والخَيلَ صَوِّر كَي تُزْيرَك صورا
وَتُريكَ لامِعَة التّريك بِساحَةِ الْ / أَقصى مُطَهِّرةً لَها تَطهيرا
أَوَ لَسْتَ مِن قَومٍ إِذا هَزُّوا القَنا / فَتَلوا مَعاصِمَهم لَها تَسويرا
وَإِذا هُمُ خَطَبُوا اليَراعَ عَزيزةً / ساقوا الشّفارَ عَلى المهارِ مُهورا
أَلقى قَسيماهُم إِلَيكَ أزِمَّةَ الْ / مُلْكَ المُطلِّ عَلى السُّهَا تَأثيرا
ضَحِكَت لَكَ الأيّامُ وَاِكتَأَبَ العِدا / قَلَقاً فَجِئتَ مُبشّراً وَنَذيرا
لا مُلْك إِلّا مُلكُ مَحمود الّذي / تَخِذَ الكتابَ مُظَاهِراً وَوَزيرا
تَمشي وَراءَ حُدودِهِ أَحكامُهُ / تَأتمُّهُنَّ فَيَحكم التّقديرا
يَقظانَ يَنشُرُ عدلهُ في دولَةٍ / جاءَت لِمَطْوِيِّ السّماح نُشُورا
خَلف الخَلائفَ قائِماً عَنهُم بِما / عَيُّوا به أَلْوَى أَلَدَّ غَيُورا
البَرُّ وَالمَعصومُ والمَهْدِيُّ والْ / مأمونُ والسَّفَّاحُ والمنصورا
بشّروا بهِ فعُهودهم وَعهادهُم / يمْتَحْنَ تحت لِوائه مَنشورا
المَجدُ ما اِدّرَعَت ثَراكَ هضابُهُ
المَجدُ ما اِدّرَعَت ثَراكَ هضابُهُ / وَتَثقَّفَتكَ شُعُوبُهُ وشِعابُهُ
مَلكٌ تكنَّفَ دينَ أَحمدَ كنه / فَأَضاءَ نَيَّره وَصابَ شِهابُهُ
فَالعَدلُ حَيثُ تَصرّفتْ أَحكامُهُ / والأمنُ حيث تصرًّمَتْ أشرابُهُ
مُتَهلِّلٌ وَالمَوتُ في نَبراتِهِ / يُرجى وَيُرهَبُ خَوفُهُ وَعِقابُهُ
عَقَدَ اللِواءَ وسارَ يَقدمُهُ وَما / حَلَّت عُقودَ تَميمها أَترابُهُ
أُسدٌ فَرائِسُهُ الفَوارِسُ وَالظُّبا / أَظفارُهُ والسَّمْهَرِيَّة غابُهُ
طَبعَ الحَديدَ فَكانَ مِنهُ جِنانُهُ / وَسِنانُهُ وَإِهابُهُ وَثِيابُهُ
وَتَهشّ إِن كَثب الوجوهُ كَأنَّما / أَعداؤُهُ تَحتَ الوَغى أَحبابُهُ
نُشِرت بِمَحمودٍ شَريعَةُ أَحمَدٍ / وَأَرى الصّحابَةَ ما اِحتَذاهُ صحابُهُ
ما غابَ أَصْلَعُ هاشِمٍ فيها وَلا ال / فاروقُ باءَ بِخطبِهِ خَطّابُهُ
أَبناءُ قَيلَةَ قائِمونَ بِنَصرِهِ / إِنْ أَجلَبَت مِن قاسِطٍ أَحزابُهُ
صَبَحُوا مُحَلّقة البرنسِ بِحالِقٍ / حَرش الضَّباب مِنَ القلوبِ ضبابُهُ
ما زالَ يَغلُب من بغاه ضَلالَة / حَتّى أُتيحَ مِنَ الهُدى غَلّابُهُ
مُلقى بِوَحشِ الأَصرمينَ تَزَيَّلت / آراؤُهُ وَتَزايَلَت آلابُهُ
دونَ الأُرُنطِ سَخَت بِهِ نَجداتُهُ / وَنِجادُهُ وقِرابُهُ وقُرابُهُ
سَلَبته دُرّةَ تاجِهِ يَدُ ضَيْغَمٍ / لَم تُنْجِهِ مِن بِأسِهِ أَسلابُهُ
وَأَتَتهُ تَجلِبُ جُوسِلينَ جَنائِبٌ / هَبَّت فَقلَّ إِلى القِتالِ هيابُهُ
أَسرَتهُ لا مَنعت سراهُ وعزّهُ / بِالقاعِ إِن رامَ الوُرودَ سرابُهُ
يَمشي فَيسمعُهُ وَقائِعَ قيدِهِ / هَزَجاً تَقيء دَماً لَهُ أَندابُهُ
لا تَلُّ باشِره ولا كَيسونهُ / صَدّت منىً عَنهُ ولا عِنتابُهُ
ضَمِنَت شَقاوَتُهُ سَعادَةَ صافحٍ / غَطّى عَلى إِعناتِهِ إِعتابُهُ
ما زالَ يَغدُرُ ثُمَّ يَغدر قادراً / حتّى أَتاهُ بِجامحٍ أَصحابُهُ
قَصر الأَماني أَن يملأ عصرك ال / إسلامُ مضروباً عَليهِ حِجابُهُ
مَجرٌ يَجرُّ إِلى الغَنائِمِ قبُّهُ / وَحِمىً يُزارُ على الفُتوحِ قِبابُهُ
لَقَد أَوطَأتَ دينَ اللَّهِ عِزّاً
لَقَد أَوطَأتَ دينَ اللَّهِ عِزّاً / أَديمُ الشِّعريَيْنِ له رغامُ
دَعاكَ وَقَد تَناوَشتِ الرّزايا / له أُهباً يوزّعها العذامُ
فَقُمْتَ بِنَصرِهِ وَالنّاسُ فَوضى / قِيامٌ ذَمَّ ما اِقتَرَفَت فِئامُ
جَذَبتَ بِضَبْعِهِ مِن قَعْرِ يَمٍّ / لَهُ مِن فَوقِ مقسمِهِ اِلْتِطامُ
صَبَبتَ عَلى الصّليبِ صَليبَ بَأسٍ / قُواهُ تَحتَ كَلْكَلِهِ خطامُ
وَمِلْتَ عَلى مَعاقِلِهم فَخَرَّت / ولاءً مِثلَ ما اِنتقَضَ النّظامُ
بِصَرخَد والخَطيمِ وفي عِزازٍ / وَقائعَ هَزَّ مَشهَدها الأنامُ
وَلَو لَم تَعتَرِق وَتشم لَأَمسى / وأَصبَحَ لا عِراقَ ولا شَآمُ
وَيَومٌ بِالعُرَيْمَةِ كانَ حتْفاً / عَلى الإِشراكِ أَمقَرهُ العرامُ
لَقُوك كأنّ ما سَلّوهُ سَيحٌ / وَما اِعتَقلوهُ مِن خورٍ ثمامُ
وَهاب وقُورس وبِكفرِلاثا / ذَممتَ وَأَنت لِلجليّ ذمامُ
صَدمتَهمُ بِأرعَنَ مُرجحِنٍّ / كَأنَّ مَطارَ أنْسُره غمامُ
وَأيَّةُ لَيلَةٍ لَم تلفَ فيها / لَهم طَيفاً يَروعُ بِهِ مَنامُ
بِنورِ الدينِ أنشر كلُّ عَدلٍ / تَعَفَّت في الثّرى مِنهُ الرمامُ
وَعادَ الحَقُّ بَعدَ كَلالِ حدٍّ / حمىً مِن أَن تُراعَ لَهُ سُوامُ
تَألَّقَ عَدلُهُ وذَكت سُطاهُ / فَلا حَيفٌ يخافُ وَلا اِهتِضامُ
بَقاؤُكَ خَيرُ ما يَرجوهُ راجٍ / وَأَنفَعُ ما يُبَلّ بِهِ أُوامُ
تَوَلَّتِ الأَعيادُ لا زِلتَ لَها
تَوَلَّتِ الأَعيادُ لا زِلتَ لَها / تُبلي دَبابيجَ البَقاءِ وتُجِدْ
الفِطْرُ وَالمِيلادُ وَالمولودُ لَو / قابَلَهُ بَدرُ التَّمامِ لَسَجَدْ
ثَلاثةٌ تُعْرِبُ عَن ثَلاثَةٍ / لِمِثلِها يذكرُ حَمداً مَن حَمَدْ
فَتحٌ مُبينٌ وَطلابٌ مُدْرَكٌ / وَدَولَةٌ ما تَنتَهي إِلى أَمَدْ
وَجِئتَ بِأحمَدٍ فَمَلأتَ حَمداً
وَجِئتَ بِأحمَدٍ فَمَلأتَ حَمداً / مَوارِدَ كانَ مَعدنُها عَذابا
تَهَلَّلَ وَجهُ مُلْكِكَ يَومَ أَهدَت / قَوابِلُهُ لَكَ المُلكَ اللّبابا
شَبيهُكَ لا يُغادِرُ مِنكَ شَيئاً / سَناً وحَياً وَبَذلاً وَاِستِلاباً
قَسيم الحَمدِ إِلّا أَنّ حرفاً / مِن اِسمِكَ زادَ لِلمَعنى مَنابا
أَلا للَّهِ يَومٌ فَرَّ عَنْهُ / وَرَكْبٌ نَصَّ بِالبُشْرَى الرِّكابا
أَيَا سَيفاً أَعزَّ الدّينَ مِنهُ ال
أَيَا سَيفاً أَعزَّ الدّينَ مِنهُ ال / غِرارُ العَضْبُ وَالنَّومُ الغرارُ
مَلَأتَ جَوانِحَ الأَقطارِ رَجفاً / كَأنَّ الأَرضَ خامَرَهَا دُوارُ
عَلاكَ حلىً على الدُّنيا فَتاجٌ / بِمَفْرِقِها وفي يَدِها سِوارُ
أَضاءَت شَمسُ عَدلِكَ في دُجاها / فَكُلُّ زَمانٍ ساكَنَها نَهارُ
تُحَرِّقُ مَن عَصاكَ وَأَنتَ ماءٌ / وَتُغرِقُ مَن رَجاكَ وَأَنتَ نارُ
أَلا للَّهِ وَجهُكَ وَالمَنايا / مُكَحّلةٌ وَلِلبيضِ اِفْتِرارُ
هَتَكتَ حِجابَهُ وَالنَّصرُ غَيبٌ / وَلِلهَبواتِ طَيٌّ وَاِنتِشارُ
بِطَعنٍ لِلقُلوبِ بِهِ اِنتظامٌ / وَضَربٍ لِلرُؤوسِ بِهِ اِنتِشارُ
تُبادِرهُ كَأَنَّ المَوتَ غُتْمٌ / وَما مِن عادَةِ البَدرِ البِدارُ
أَنَخْتَ عَلى الصّليبِ مَطا صليبا / بِهِ مِن صَكِّ مَبركهِ هِدارُ
بِمشرَفَةِ المَناكِبِ مَقرباتٌ / لَهُنَّ بِمَتنِ كُلِّ وَغىً حِضارُ
جَبينٌ بِإنّب أنَّب العَناصي / وَإِضن وَلِلقَنا مِنها ثِمارُ
وفي هابٍ أَهَبْتَ بها فَجاءَت / كَما أَجلى مِنَ الكَسمِ الصّوارُ
وَكَم في فَجِّ حارِمَ مِن حَريمٍ / عَفَتهُ فَلا جَديرَ وَلا جِدارُ
وَأَنطاكِيَّةُ اِسْتَنَّتْ إِلَيها / فَأَجفَلَ خَيطُها وَلَهُ عِرارُ
وَصُبحٌ في عَزازَ بِها عزازٌ / فَأَمسى وَهوَ وَعْثٌ أَو خبارُ
يَشُقُّ بِها دُجا الغَمراتِ عَسفاً / جَوادٌ لا يُشَقُّ له غُبارُ
وما يَومُ الفِرنْجَةِ مِنكَ فذٌّ
وما يَومُ الفِرنْجَةِ مِنكَ فذٌّ / فَتَحصِرُ عَدَّهُ خُطَطُ الحِسابِ
أَجاشَ الأَربعاءُ لَهُمْ خَميساً / بَعيدُ الغورِ مُلتَطِمُ العُبابِ
وَأَحكِم بِالخَطيمِ لَهُم خِطاماً / أَمرَّ برِيمِهِ مُرَّ الضّرابِ
مَشَوْا مُتَسانِدينَ إِلى صَليبٍ / يُبَرْقِعُ هَبوَةَ الصمِّ الصِّلابِ
تَلُفُّهُمُ المَنايا في الثَّنايا / وَتَفجؤُهُمْ شعوبُ مِنَ الشَّعابِ
أَطاشَتْ سَهمَ كَبشِهِمُ هَناةٌ / فَكُنتَ ذُبابَ طائِشَةِ الذّبابِ
حَلَلتَ التّاجَ عَنْهُ وَحَلَّ تاجاً / مَكانَ العِقْدِ مِن عِقدِ الكِعابِ
أَنافَ عَلى العِقَابِ فَكانَ أَشْهَى / وَأَبهى مِنهُ في ظِلّ العِقابِ
فَأَشْرَف وَهوَ عَن شَرفٍ مَعوقٍ / وَأَصعَد وَهوَ غايَةُ الاِنصِبابِ
تُكاشِرُهُ الشَّوامِتُ وهوَ مُغْضٍ / ثَناهُ مُنَاهُ عَن رَجْعِ الجَوَابِ
بَعيداً عَن قِراعٍ وَاِقتِراعٍ / يَؤوبُ لَهُ إِلى يَومِ المَآبِ
وَكَم سَوطٍ بِخَيلِكَ أَقبلوه ال / صُدورَ فَكانَ سَوطاً مِن عَذابِ
تَركتَهُم بِأَرضِ الشّامِ شاماً / لِظُفْرٍ تَتّقيهِ أَو لِنَابِ
هَتكتَ حِجابهُ وَالشَّمسُ وَسْنَى / بِشَمسٍ لا تُوَارَى بالحجابِ
بِأَبيضَ مِن حَبِيكِ الهِندِ صافٍ / مَصُونِ المَتْنِ مُبتَذِلِ الذُّبابِ
لَهُ سِمَةُ الشّيوخِ صَفاءَ شَيبٍ / وَفي خَطَراتِهِ نَزَقُ الشّبابِ
أَلا يا ناظِرَ الدُّنيا بِعَيْنٍ / أَرَتْهُ عِلابَها خَدْع السّرابِ
تَبَطَّنَها فَطَلّقَها ثَلاثاً / عَلى عِزِّ التَمَلُّقِ والخِلابِ
فَلا يَأوي إِلى رَأيٍ شَعاعٍ / وَلا يثني إِلى أَمَلٍ خَرابِ
تَرَفَّعَ عَن مُجاوَزَةِ الأَماني / وَحَلَّقَ عَن مُحاضَرَةِ التّصابي
صَلاةُ اللَّهِ كُلَّ دُرورِ شَمسٍ / عَلى مَثْوَى أَبيكَ مِنَ التُرابِ
فَقَد أَلْقَى إِلى الإِسلامِ عَضْباً / يُطَبِّقُ في النّوائبِ غيرَ نابي
تَجِيشُ لَهُ رَوَاسٍ كَالرَّواسي / تُمدُّ لَها جِفانٌ كَالجَوابي
مُظفَّرُ العَزمِ مَمدودُ الرّواقِ على
مُظفَّرُ العَزمِ مَمدودُ الرّواقِ على / مَعالِمِ الدِّينِ يَرفيها وَيَبنيها
رَدَّ الكَنائِسَ كُنْساً لِلهُدَى فَخَبَت / نَارُ الضَّلالِ وَوارَتها أَثافيها
وَأَورَدَ العِلمَ عَدّاً مِن إِيالَتَهِ / فَاِستَنَّ وَاِفتَنَّ عبّاً في صَوافيها
وَبَثَّ لِلشِركِ أَشراكاً فَما دَرَجَت / طَريدَة مِنهُ إِلّا اِستَوهَقَت فيها
يا بَدْرُ مُذْ أَشرَقَتْ في الدَّسْتِ غُرَّتُهُ / غِيثَ الرَّعِيَّةُ وَاِخْضَلَّت مَراعيها
أَقامَ أَحمَدُ مِن مَحمودِها عَلَماً / بِهِ اِستَقامَ عَلى البَيضاءِ ساريها
مُحيِي شَريعَتِهِ مِن بَعدِما اِنهَدَمَت / وَاِستَعجَمَت بَعدَ إِفصاحٍ مَعانيها
شابَت مَواهِبَهَ فيها مَهابِتُهُ / حَتّى اِستَقَرَّت على سَمْتٍ سَواريها
عَزَّت سُيوفُكَ فَالعِراقُ عِراقُها
عَزَّت سُيوفُكَ فَالعِراقُ عِراقُها / وَالشّامُ غَير مُدافعاتٍ شامُها
إِنْ أُغمِدَت حَلَّ العَزائِمَ حَلُّها / أَو جُرِّدَت حَرَمَ الكرى إِحرامُها
شَخَبَت عِداكَ بِها فَلا إِشراقُها / بِمَفازَةٍ مِنها ولا إِعتامُها
سَرَبَت فَصَبَّحَها بِها يَقظانُهَا / هَدَأَت فَمَسَّتها بِها أَحلامُها
كَالماءِ إِلّا أَنَّ في رَشفاتِهِ / نَاراً حَشاشاتُ النّفوسِ ضِرامُها
خَفَّت عَلى إِيمانِكُم أَوزانُهَا / يَومَ الوَغى وَاِستَثقَلَتها هامُهَا
حَتّى أَحَلْن الشّامَ شاماً صَرصَرَت / فيهِ جَنادِبُها وَصَدَّحَ هامُها
ورَحَضْنَ أَدْراجَ الجَزيرَةِ بَعدَما / غَمرَت بِها وَهداتُها وَإِكامُها
شَطراً أَبَرْت وَمِثلَهُ أَنْظَرتَهُ / وَقعَ الخُطوبِ تَكرُّها أَيّامُها
بِالخابِطاتِ الغابَ تَزْأرُ أُسدُهُ / وَالمُجفِلي الحَيِّ اللّقاحِ صِيامُها
أَورَدتَها أَجماتِ أَنطاكِيَّة / عَنقاً وَقَد شَبّب الصّدا إِجمامُها
تَلقى المَشافِرَ في مَراشِف كُلَّما / بَردَت بِها الأكبادُ زادَ هُيامُهَا
فَغَدَت وَقَد عَزَّ السّراح سِراحُها / وَتَوزَّعَت في كنسها آرامُها
وَمَشى الضّلالُ القَهقرى وَاِستَأصلَ ال / آذانَ مِن رَجعِ الأَذانِ صِلامُها
وَغَدا يُخَلِّلُها الخَليلُ سَواحِباً / عَذباً يُمرُّ لَها العَذابَ غَمامُها
غَضَباً لِدينِ اللَّه خصّ جَناحَهُ / بَغياً وَأَدمى صَفحَتَيهِ لدامُها
فَالآنَ رَدّ النّورَ فيهِ نورُهُ / وَاِنجَابَ مِن تِلكَ الهناتِ ظَلامُها
مَحمودٌ المَحمودُ إِقراماً إِذا / خامَ الكُماةُ وَزلزلَت أَقدامُها
الفارِجُ الكُرَبَ العِظامَ تَضاجَمَت / أَشداقُهَا وَفَرى القُلوبَ ضِغامُها
أَمّا الرَّعايا فَإِنَّها رَشَفَت
أَمّا الرَّعايا فَإِنَّها رَشَفَت / لَدَيكَ نُعْمَى عَذباً ثَناياها
سَلَكتَ نَهجَ العَدلِ القَويمِ بِها / فَأَحمَدت دينَها وَدُنياها
وَكَم أمنيت خَوفاً فَأَمَّنَها / مَتَالِفَ الخَوفِ خَوفُكَ اللهَ
للَّهِ أَقطارُكَ الَّتي قَطَرت / لَها مُناها إِلى مَناياها
أَنَّبَ في إِنَّب فَوارِسَها / تَرْدِي فَتُردي أُولاك أُخراها
أَشجَت لهاةَ البِرنْسِ هَبوَتَها / وَكَم عَتا عاتِياً فَأَشجاها
وَجوسِلينَ اِستَساغَ نُطفَتَها / فَاِحْتَلَبَ الذُّلَّ تَحتَ مَغداها
رَدَّتهُ صِفْراً مِن كُلِّ ما مَلَكَت / يَداهُ أَيْدٍ ما ضَلَّ مَسراها
جُوَيس جاسَتكَ أَوجُهٌ لا رَأَت / بُؤسَاً وَجادَ الحَيَا محياها
سَرِيَّة لَو تَكونُ فارِسَها / يَومَئِذٍ ما اِنْبَعَثَ أَشقاها
لا زالَ ظِلُّ النَّعْماءِ عَن ملكٍ / ما الشَّمسُ كُفئاً لَهُ إِذا باهى
وَاللَّهُ جازيهِ عَن مُقيَّدةٍ / أَعزَّها اللَّهُ مُذْ تَولّاها
مَحمودٌ المُعْتَلي إِلى فَلَكِ ال / حَمْدِ وَثيراً لَهُ وَلاياها
أَعطاكَهُ جَدُّكَ المُتَوَّجُ بِال / جدِّ وَنَفسٌ للَّهِ مَغْزاها
نَفسٌ عَزُوفٌ عَنِ الخَنا طُبِعَت / نَزَّهَها اللَّهُ يَومَ سوّاها
أَنتَ الَّذي سَلَّم الأَنامُ لَهُ / يُمْنى طِباقِ العُلا وَيُسراها
وَأَنتَ مَولى المُلوكِ قاطِبَةً / مَن كانَ فَناخِسْرُو شاهِنشاها
وَالشِّعرُ هَذا لا قَولٌ أَحمدُهُ / أَوّه بَدِيلٌ مِن قَوْلَتي واها
يا اِبنَ الَّذي لَم يَألُ في نَجدَةِ ال / إِسلامِ إِدلاجاً وَتَهجيرا
تَكَنَّفَ الشّامَ وَقَد شامَ بَرْ / قُ الخَوفِ إِنجاداً وَتَغويرا
وَكَفَّ كَلبَ الرّومِ مِن بَعدِ أَن / أَنشَبَهُ ناباً وَأُظفورا
فَأَهلُهُ رِقُّكَ إِنْ أَنصَفوا / رِقّاً بِحَدِّ السَّيفِ مَسطورا
بَدرٌ هَوَى وَاِستَخلَفَ الشَّمسَ في / دَسْتِكَ إِشراقاً وَتَأثيرا
مَلكٌ كَسا الإِسلامَ مِن ذَبِّهِ
مَلكٌ كَسا الإِسلامَ مِن ذَبِّهِ / بُرْداً بتَدْبيجِ الظّبا مُعلمَا
مَن أَصبَحَ الشّامُ بِهِ شامَةً / يَقطُرُ مِن قَتلِ عِداه دَما
لَوْ لَمْ يَقُم مُنْصَلِتاً دونَهُ / لَم نَلْقَ في أَقطارِها مُسلِما
الدَّهرُ مارَضتهُ بِالجودِ وَالباسِ
الدَّهرُ مارَضتهُ بِالجودِ وَالباسِ / مُقَسَّمٌ بَينَ أَغراسٍ وَأَعراسِ
فَتحٌ تَعاقَبَهُ فَتحٌ ومُطَّلبٌ / داني المَنالِ ومُلكٌ ثابِتٌ راسي
نَصراً بِبُصرى وَصَفحاً عَن حَماةَ لَقَد / أَحسَنتَ لِلدّاءِ حَسماً أَيُّها الآسي
يا اِبْنَ الَّذي عَنَتِ الدُّنيا لِدَولَتِهِ / مِن فاطِمِيٍّ أعزّ بِهِ وَعبّاسي
غَدا الدّينُ بِاِسمِكَ سامي العَلَم
غَدا الدّينُ بِاِسمِكَ سامي العَلَم / أَمينَ العِمادِ مَكينَ القَدَمْ
لِذلِكَ لُقِّبت نوراً لَهُ / وَقَد أَغطَشَ الظُّلْمُ فيهِ الظُّلَم
أَضاءَت بِعَدلِكَ آفاقُهُ / وَفُضَّت عُرَى الدِّينِ لَمّا اِدْلَهَم
وَلَو لَم تَمشِ رَهواً لِنَصْرِ الرُّها / وَمِثلُكَ أَدرَكَ لَمّا عَزَم
وَيَومٍ بِسوطا بَسَطتَ الحمام / عَلى الهَضبِ مِن رُكْنِها فَاِنْهَدَم
وبُصْرَى وَصَرْخَدَ لَو لَم تَثُر / دِراكاً لَكَانا ردِيفَيْ إِرَم
ومُذْ فضَّ جَيشُكَ في الغوطَتَيْ / نِ فضَّ الصّليبُ لَهُ ما نَظَم
وَفي كَفرِلاثا وَهاب حَلَلْ / تَ عُقَدَ البرنِس بِبيضٍ خِذَم
مُعَوَّدةً أَنَّها لا تُسَل / لُ إِلّا مُقَمقمةً لِلقِمَم
وَيَومَ بَسَرْفُود جَرَّعْتَهُم / أُجاجاً أَغَصَّهمُ وَاِصْطَلَم
وَفَوقَ العُرَيْمَةِ غَشّاهُمُ / عُرامُ جُيوشِكَ سَيلَ العَرِم
وَأَنتَ بِكَلبِهِم في الكبول / مُباح الحَريمِ مُذال الحُرَم
وَبارَتُهُم أَذَّنَت أَنَّها / أَبارَتهُمُ فَليَبوؤا بِذَم
بَنَوْها وَأَعلَوْا وَلَم يَعلَموا / بِما خَطَّ في اللَّوحِ مِنكَ القَلَم
وَأَنَّكَ خارِمٌ ما أَحكَموهُ / وَمِن دِينِنا راقِعٌ ما اِنْخَرَم
فَتَرفَعُ مِن بَعدِ خَفضٍ هُدى / وَتَخفِضُ مِن بَعدِ رَفعٍ صَنَم
سَمَكتَ المَدارِسَ فَوقَ النّجوم / فَكَم منْجمٍ تَحتَها قَد نَجَم
وَعاشَ الحَنيفِيُّ وَالشافِعِيّ / بِما شِدتَ مِنها وَكانا رِمَم
وَإِنْ لَم تَكُن هاشِميَّ الأُصول / فَإنَّكَ فَرعُ الهِزَبْرِ الهِشَم
وَمَن يَدَّعي في العُلا ما اِدَّعَيت / وَأَنتَ اِبنُ مَن عَزَّ لَمّا اِحتَكَم
وَأُقسِمُ ما غابَ سَيفٌ سَقَتْ / مَغارِسَهُ عَين هَذي الشِّيَم
وَدَمشَقَ في دِمَشقَ رِجالُ سِلمٍ
وَدَمشَقَ في دِمَشقَ رِجالُ سِلمٍ / لِحُورِ نِسائِهم مِنهُم نِساءُ
هِيَ الفِرْدَوْسُ أَصبَحَ وهوَ عافٍ / مِنَ العالي وَمِن خالٍ خلاءُ
جِنانٌ تَعرِفُ الجَنَّات فيها / وَلا رَأيٌ هُناكَ وَلا رواءُ
لأَسمَح صَعبِها وَدَنَت قصاها / وَأَمكَنَك اِقتِيادٌ وَاِمتِطاءُ
وَيا نِعْمَ العَطاء عَطاءُ رَبٍّ / تَوَسَّطَهُ فَأَنشَطَهُ عَطاءُ
تَفاءَلَ بِاِسمِهِ فَالفَألُ وَعْدٌ / يَكونُ عَلى ظُباكَ بِهِ الوَفاءُ
هوَ السَّببُ الَّذي شَزرت قُواهُ / وَهَذَّبَهُ بِخِدمَتِكَ الصّفاءُ
وَسَيفٌ إِن تَشِمْهُ تَشِمْ حُسَاماً / وَإِنْ يُغْمَدْ فَنارٌ بَل ذكاءُ
جَنَتْهُ لَكَ السّعادَةُ قَطْفَ رَأيٍ / لِنَقبِ الخادِعيكَ بِهِ هناءُ