المجموع : 591
أنكرتْ ليلةَ اِعتَنَقنا حُسامي
أنكرتْ ليلةَ اِعتَنَقنا حُسامي / وهو مُلقىً بيني وبين الفتاةِ
إنْ يكن عائقاً يسيراً عن الضم / م فما زال واقياً من عُداتي
هو قِرْنٌ صفوٌ ولا بُدّ في كل / لِ صفاءٍ ننالُهُ من قذاةِ
وَاِنتِفاعٌ وما رأَينا اِنتِفاعاً / أبدَ الدّهرِ خالياً من بَذاةِ
قِفا بي عَلى تِلكَ الطّلولِ الرّثائثِ
قِفا بي عَلى تِلكَ الطّلولِ الرّثائثِ / مُحِينَ بنَسْجِ المُعصِراتِ المواكثِ
وَلا تَسأَلوا عَن اِصطِبارٍ عهِدتُما / فَقَد بانَ عنّي بِاِنتِهاكِ الحوادثِ
كَأنَّ فُؤادي بِالنّوى لَعِبتْ بهِ / نُيوبُ أُسودٍ أو مخالبُ ضابثِ
أُجَوِّلُ في الأَطلالِ نَظرةَ عابثٍ / وَما أَنا حزناً واِشتِياقاً بِعابثِ
كَأنِّي وَقَد سارَتْ مطيُّ حُدوجِهِمْ / أُلاطِمُ موجَ اللُّجَّةِ المتلاطِثِ
فَللّهِ حِلمي يومَ مرَّتْ رِكابُنا / على عَجَلٍ منها برِمْثِ العناكِثِ
وَودّ فُؤادي أنَّهنُّ رَوائثٌ / وَهُنّ بما يُحفَزْنَ غيرُ روائثِ
جَحدتُ الهَوى لَمّا سُئِلتُ عَنِ الهَوى / وَكَمْ غِرّةٍ مِن ذي شَجىً في المباعثِ
وَآليتُ خَوفَ الشرِّ ألّا أُحبَّكمْ / وَتِلكَ لعَمْر اللَّهِ حِلفةُ حانثِ
بَني عَمّنا لا تَطمَعوا في لِحاقنا / فَكَمْ بَينَ أَسماكِ السُّهى والكثاكِثِ
سَبَقناكُمُ عَفواً وَلَم تَلحَقوا بنا / عَلى جُهْدِ مجهودٍ ولَهْثَةِ لاهِثِ
وَقِدْماً عَهِدتُمُ دَفْعَنا عنكُمُ وقدْ / عُضِضتُمْ بِأَنيابِ الخطوبِ الكوارثِ
وَنَحنُ عَلى إمّا جِيادٍ ضَوامرٍ / وَإِمّا عَلى أَقتادِ خوصٍ دلائثِ
وَما زِلتُمُ مُستَمطِرينَ سَحائباً / بِنَصرِكُمُ ما بَينَ تلكَ الهثاهثِ
فَخَرْتُمْ بغير الدّين فينا وإنّما / فَخَرتمْ بأنسابٍ لِئامٍ خبائِثِ
وإِنَّ لكم أطمارَ ذُلٍّ كأنّها / من الشّينِ أطمارُ النّساءِ الطّوامِثِ
وقلتُمْ بأنّا الآمرون عليكُمُ / وذاك بأسبابٍ ضعافٍ نكائثِ
وما ضرّنا أنّا خَلِيّون من غِنىً / وكم شِبَعٍ يهفو بهِ غَرْثُ غارثِ
قَعَدتُمْ عنِ الإجمالِ فينا بباعثٍ / وَقُمنا بهِ فيكمْ بلا بعثِ باعثِ
وَما غَرّكمْ إلّا التغافلُ عنكُمُ / عَلى ظالمٍ مِنكمْ لَدينا وعائثِ
فَأُقسِمُ بِالبيتِ الّذي جوّلتْ بهِ / أَخامص أقوامٍ كرامٍ مَلاوِثِ
وَبالبُدْنِ في وادِي مِنى يومَ عَقْرِهمْ / يُقَدْنَ إلى أيدٍ هناك فوارثِ
تَخالُ رِباطَ الفاتقين نحورَها / برشِّ دمٍ منها غُلالَةَ طامثِ
ومَنْ بات في جَمْعٍ كليلاً من الوَجا / إلى شُعُثٍ من السُّرى وأشاعثِ
لَنحنُ بِنشر الفخرِ أعبقُ منكُمُ / وَأَسمق مِنكمْ في الجبالِ اللّوابِثِ
لنحنُ السَّلَفُ الأعلى الّذي تعهدونَهُ / علقنا بهِ من وارثٍ بعد وارثِ
هُمُ أوسعوا في النّاسِ ضمنَ أكفّهمْ / وَهمْ أَوسعوا في الأزْمِ جوعَ المغارثِ
وهُمْ ورّثوا آباءهمْ مأثرَاتِهمْ / وأنتمْ من العلياء غيرُ مَوارِثِ
وهمْ نزّهوا أولادَهمْ بأواخِرٍ / وشِنْتُمْ قديماً كان منكمْ بحادِثِ
وَنَحنُ غَداة الجَدْبِ خيرُ مَخاصبٍ / وَنَحن غداةَ الرَّوعِ خيرُ مَغاوثِ
وَأَطعنُ مِنكمْ لِلكلى بمثقّفٍ / نَضمّ عليهِ بالطّوالِ الشّوابثِ
وَأَضربُ مِنكمْ للرؤوس لدى وغىً / وأوْهبُ منكمْ للهِجانِ الرواغثِ
لنا في النّدى سَحٌّ وهَطْلٌ ووابِلٌ / وكيف لكمْ فيه بقَطْرِ الدثائثِ
وما خَزِيَتْ منّا رؤوسٌ بريبةٍ / تُكشّفها في النّاسِ نبثةُ نابِثِ
فكيف لكمْ نَكثٌ ومِنَ أجلِنا / ولم تُبْتَلوْا منّا بنَكْثةِ ناكثِ
فَلا تَكسِفوا أَنوارَنا بظلامكمْ / ولا تعدِلوا أصقارَنا بالأباغِثِ
خُذوا كلامي اليومَ زفرةَ زافرٍ / وأنّةَ مَكروبٍ ونفثَةَ نافثِ
كَم ذا سَرى بِالموتِ عنّا مُدْلِج
كَم ذا سَرى بِالموتِ عنّا مُدْلِج / أَبكي اِشتِياقاً بي إليه وأنشِجُ
وَأوَدُّ أنّي ما تعرّى جانبي / مِنّي ولَم يُخرجْهُ عنّي مُخرجُ
وَكَذا مَضى عنّا القُرونُ يكبُّهُمْ / خَطْبٌ أخو سَرفٍ وصَرْفٌ أعوجُ
خَدَعَتْهُمُ الدّنيا بِرائقِ صِبْغِها / وَاِقتادَهُمْ شوقاً إليها الزِّبْرجُ
فَتَطامَحوا وَتَطاوحوا بيد الرّدى / وَتَقوّموا ثُمّ اِنثنَوْا فتعوّجوا
وَكأنّهمْ لمّا عموا بظلامِ أرْ / ماسٍ لهمْ ما أشرقوا أو أبْلجوا
لَم ينجِهمْ وَقد اِلتَوى بهمُ الرّدى / وإليه يُمضي أو عليهِ يُعَرَّجُ
وَهوَ الزّمان فمسْمِنٌ أو مُهزِلٌ / طولَ الحياةِ ومحزنٌ أو مُبهِجُ
وَمسلِّمٌ لا يَبْتَلِي ومُسالمٌ / وموادِعٌ لا يختلِي ومُهَيِّجُ
والمرءُ إمّا راحلٌ أو قد دنا / منه وما يدري الرّحيلُ المزعجُ
بينا تراه في النّديِّ مُنشِّراً / حتى تراه في الحفيرة يُدرَجُ
تسري به نحو الرّدى طولَ المدى / بيضٌ وسودٌ كالرّكائب تهدِجُ
وإذا الرّدى كان المصير فما الأسى / منّا على نشَبٍ وثوبٍ يَنْهَجُ
لولا المقادِرُ قاضياتٌ بيننا / خَبْطاً لما سبق الصحيحَ الأعرجُ
يا ناعِيَ ابنِ محمّدٍ ليتَ الّذي / خبّرتَنيهِ عن الحقيقة أعوجُ
أفصحتَ لا أفلحتَ بالنبأِ الّذي / للقلبِ منه توقّدٌ وتوهّجُ
ولَطالما ضنّ الرّجال بمثلِ ما / صرّحتَ عنه فجمجموا أو لَجْلَجوا
يا ذاهباً عنّي ولي من بعده / قلبٌ به متلهّبٌ متأجّجُ
أعززْ عليَّ بأنْ أراك مُسَرْبَلاً / بالموتِ تُدفن في الصّعيد وتُولَجُ
في هُوّةٍ ظلماءَ ليس لداخلٍ / فيها على كرّ اللّيالي مَخْرَجُ
بيني وبينك شاهقٌ لا يُرتقى / طولاً وبابٌ للمنيّة مُرْتَجُ
ويُصَدُّ عنك القاصدون فما لهمْ / أبداً على شِعْبٍ حَلَلْتَ مُعَرّجُ
كم ذا لنا تحت التّراب أناملٌ / تَندى ندىً وَجبينُ وجْهٍ أبْلَجُ
من أين لي في كلِّ يومٍ صاحبٌ / يرضاه منِّي الدّاخل المُتَولِّجُ
هيهاتَ فرّ من الحِمامِ مغامِرٌ / حيناً وكَعَّ عن الحِمامِ مُدَجَّجُ
وكَرَعْتُ منك الودَّ صِرْفاً صافياً / ولَكَمْ نرى ودّاً يُشابُ ويُمزَجُ
لا تُسْلِنِي عنهُ فتسليةُ الفتى / عمّن به شَغَفُ الفؤادِ تهيّجُ
ولَكَمْ غَطا مِنّي التجمّلُ في الحَشى / مِن لاعِجاتٍ في الأضالعِ تَلْعَجُ
فَاِذهَبْ كما شاءَ القضاءُ وكن غداً / في القَومِ إمّا سُوِّدوا أو تُوِّجوا
لَهُمُ بأفنيةِ الجِنانِ مساكنٌ / طابَتْ مَساكِنُها وظلٌّ سَجْسَجُ
وَسَقى ترابَكَ كلُّ مُنخرِقِ الكُلى / يسرِي إذا ما شئتَهُ أو يُدْلِجُ
للرّعد فيه قعاقِعٌ وزماجِرٌ / والبرق فيه توهّجٌ وتموّجُ
والنَّورُ في حافاتِهِ مُتفسِّحٌ / والأُقحوانُ بجانبيهِ مُفَلَّجُ
وَإِذا سَقاكَ اللَّه مِن رَحماتِهِ / فَلأَنْتَ أسعدُ من أتاهُ وأفلجُ
أَعلى الرّكائبِ سارتِ الأحداجُ
أَعلى الرّكائبِ سارتِ الأحداجُ / وَالبينُ ما عنه هناك مَعاجُ
لا تطلبوا منّي السلوَّ فليس مِنْ / حاجي ولِي في مَنْ ترحّلَ حاجُ
قالوا اِصطَبرْ والصّبرُ ليس بزائلٍ / مَنْ عنده بالغانياتِ لجاجُ
ودواءُ أمراضِ النفوسِ كثيرة / والحبُّ داءٌ ليس منه علاجُ
بَيني وَبَينَ تَجلُّدِي وَتَماسُكي / والعيسُ تُرحلُ للفراق رِتاجُ
همْ أوقدوا نارَ الهوى في أضلُعِي / بفراقهمْ يومَ الرّحيل وهاجوا
في ساعَةٍ ما إِنْ بِها إِلّا جوىً / يُضنِي وسيلُ مدامعٍ ثجّاجُ
عاجوا عَلَينا بالوَداعِ وليس لِي / صَبرٌ عليهِ فَلَيتَهمْ ما عاجوا
وَسَرَوْا بمُسْوَدٍّ بهيمٍ ما لهمْ / إِلّا وُجوهُ البيضِ فيه سراجُ
وَإِذا هُمُ بِالرغمِ منّا أدلجوا / أودى المُتَيَّمَ ذلك الإدلاجُ
وَلَقد نعى وَصْلي لكمْ وبكى بهِ / قبلَ الفراقِ الناعقُ الشَّحّاجِ
نادى فَأَزعَج كلَّ من لم يأْتِهِ / لولاهُ إقلاقٌ ولا إزعاجُ
لِمْ شِرْبُكُمْ عندي النّميرُ وعندكمْ / شِرْبي على الظّمإ الشديد أُجاجُ
وَإِذا ضَنِنْتُمْ بِالعَطاءِ فليتَهُ / ما كان إفقارٌ ولا إحواجُ
وَالبُخلُ مِلْءُ بيوتِكمْ فليتَهُ / يُثرِي ويَغْنى منكمُ المحتاجُ
وَأَنا الفَصيحُ فَإِن شَكوت إليكُمُ / جَنَفَ الغرامِ فإنّني اللّجلاجُ
وَفَلاحُ قلبٍ لا يُرجّى بعدما / وَلِيَتْ عليه الطّفلةُ المِغْناجُ
أقسمتُ بالبيتِ الحرامِ وحولَهُ / للزَّائريهِ من الوفودِ ضُجَاجُ
عَرَقَتْهُمُ حتّى أتَوْهُ هُزّلاً / بِيدٌ عِراضٌ دونَه وفجاجُ
ومِنى وبُدْنٍ ما صُرِعْنَ بتُربها / إلّا لتُبزلَ عنده الأوداجُ
والمَوْقِفَيْن عليها وَإِليهِما / طَلبَ النَّجا وتزاحمَ الحُجّاجُ
لولايَ لم يكُ للنّدى سيلٌ ولا / في الرَّوع إلجامٌ ولا إسْراجُ
ما ضَرّنِي أَنْ لَيسَ فَوق مَفارقِي / تاجٌ ومن فضلِي عليَّ التّاجُ
وأنَا الغبينُ لئنْ رضِيتُ بأن تُرى / فوقِي العيوبُ وتحتِيَ الهِمْلاجُ
وبأنْ تَقِلَّ مكارمٌ مِنّي ولي / ثَمَرٌ كثيرٌ سائغٌ وخَراجُ
وَالضّاحكون بيومِهمْ ما فيهمُ / إِلّا الّذي هو في غدٍ نشّاجُ
دَعْ مَن يكون جمالهُ وفخارهُ / في الفاخرين الوَشْيُ والدّيباجُ
فثيابُ مِثلي يومَ سِلْمٍ عِفّةٌ / وَثيابُ جسمي في اللّقاءِ عَجاجُ
قل للأُلى سَخِطوا الجميلَ فما لهمْ / يوماً إلى كسبِ العُلا مِنهاجُ
لَو شِئتُمُ أَن تَعلموا لَعَلمتمُ / عِلمي فَلَيسَ على العلومِ سياجُ
ما فيكمُ لولاي لو أنصفتُمُ / دخّالُ كلِّ كريهةٍ خَرّاجُ
كلُّ الفضائلِ في يدَيَّ وما لكمْ / منهنّ أفرادٌ ولا أزواجُ
ومعالِمِي خضرُ الذوائب لم يَسِرْ / فيهنّ إخلاقٌ ولا إنْهاجُ
ولقد ظهرتُ فليس يُخفِي شُهرتِي / في النّاسِ إدراجٌ ولا إدماجُ
وعَشِيتُمُ مِنّي وفوقَ رؤوسِكمْ / بِالرّغمِ يَلمع كوكبي الوهّاجُ
فالمَكْرُماتُ عقيمةٌ منكمْ ولِي / منهنّ في كلّ الزّمان نتاجُ
ما فيكُمُ صفوٌ ولكنْ أنتُمُ / كَدَرٌ لصفوٍ في الورى ومزاجُ
قوموا أَروني تابعاً فرداً لكمْ / ودعوا الّذي أتباعُهُ الأفواجُ
وَالنّقصُ مُلتَحفٌ بكمْ ما فيكُمُ / عنهُ المحيصُ ولا له إفراجُ
حتّى سوَيعاتُ السّرور قصيرةٌ / فيكمْ ووضعُ الحاملاتِ خِداجُ
وإذا رضيتُمْ بالحُطامِ فلا اِرتَوى / صادٍ ولا اِمتَلأتْ لكمْ أعفاجُ
مَن لِي بخِلٍّ يستوي لِيَ عنده / يُسرِي وعُسرِي والغِنى والحاجُ
وإذا عَرَتْنِي في الزّمانِ شديدةٌ / فهو المكثِّفُ كَرْبهَا الفَرّاجُ
ما يستوي جَدْبٌ وخِصْبُ لا ولا / وَشَلٌ وبحرٌ فائضٌ عجّاجُ
بِتْنا وَنَحن المُعرِقون تقودنا / بين العِدى وتسوقنا الأعلاجُ
ما وِرْدُنا في الدّهرِ إلّا رَنقُهُ / وَلَنا الإضاعةُ فيه والإمراجُ
لا خيرَ في هامٍ بِغَيرِ أزِمّةٍ / فينا وسَجْلٍ ليس فيه عِناجُ
وَمِنَ الضرورةِ أَن يَكون معَ الثرى ال / ندبُ الخفيفُ إذا علا الهِلباجُ
ما حقُّ مِثلِي وهو ممّن قولُهُ / يسرِي إلى الآفاق منه لِهاجُ
سَقى دارَها حَيثُ اِستقرّتْ بِها النّوى
سَقى دارَها حَيثُ اِستقرّتْ بِها النّوى / مِنَ المُزنِ مخروقُ المَزادِ خَدوجُ
وَكُنتُ إِذا ما سِرتُ قصداً لِغير ما / أميلُ إلى أبياتها وأعوجُ
فَلِي مِن جوىً فيهنَّ رنّةُ عاشِقٍ / وَلي أَدمعٌ تَجرِي دماً ونشيجُ
فَإِنْ تلْحَنِي يوماً وقلبُك طَيِّعٌ / خَلِيٌّ فلِي قلبٌ بهنّ لَجوجُ
حَلَفتُ بربّ الواقفين عشيّةً / على عرفاتٍ والمَطِيُّ وُلوجُ
وبالبُدْنِ تهوِي نحو جَمْعٍ خِفافها / من الأَينِ منها راعفٌ وشَجيجُ
وما عقروهُ في مِنى مِن مُسِنَّةٍ / لها بين هاتيك الجِمارِ خَديجُ
وبالبيتِ لاذ المُحرِمون برُكنِهِ / وَطافَ بهِ بعدَ الحَجيج حجيجُ
ولمّا قضَوْا أوطارَهمْ منه ودّعوا / وأرزاقُهمْ من ضيقهنّ فرُوجُ
لَحُبُّك من قلبِي كقلبِي كرامةً / فَليس له عُمْر الزّمان خُروجُ
فإن عَذُلوهُ زيدَ شجْواً وهاجَهُ / على وجْدِهِ ما لا يكاد يهيجُ
وَكَيف يفيد العَذْلُ والعذلُ ظاهرٌ / وحبُّك ما بين الضّلوع وَلوجُ
ونَجْلاءَ لا تَرْقا لها الدّهرَ دمعةٌ
ونَجْلاءَ لا تَرْقا لها الدّهرَ دمعةٌ / لها بين أطباقِ الضّلوعِ نشيجُ
تُضيِّقُ رَتْقاً ما بها من تفتّقٍ / وتُفرِجُ فيما ليس فيهِ فُروجُ
فَلا دارُها في ساعةِ النأْي تَنْتَئي / وَلا بُرؤُها فيما يَعوج يعوجُ
تصَمُّ عَنِ الرّاقين منها كأنّها / مُصِرٌّ على عَذْلِ اللُّحاةِ لَجوجُ
تُفادى وتُحْشى بالسِّبارِ فَسَبْرُها / دَخولٌ إلى أعماقها وخَروجُ
لها فغرَةٌ إنْ شاءَ يوماً وُلوجَها / خَروقٌ لها بالرّمحِ فهو وَلوجُ
أَمِنْكِ الشّوقُ أرّقنِي فَهاجا
أَمِنْكِ الشّوقُ أرّقنِي فَهاجا / وقد جَزَعتْ ركائبُنا النّباجا
وطيفُكِ كيف زارَ بذاتِ عِرْقٍ / مضاجعَ فِتْيةٍ وَلَجوا الفِجاجا
تَطرَّقَنا ونحن نخالُ إلّا / يَعوجَ بِنا منَ البَلوى فَعاجا
فأوْهَمنا اللِّقاءَ ولا لقاءٌ / وناجى لو بصدقٍ منه ناجي
ألَمَّ بنا وما رَكبَ المطايا / ولا أَسرى ولا اِدّلجَ اِدّلاجا
ومُعتَكِرِ الغدائرِ باتَ وَهْناً / يُسقّيني بريقتهِ مُجاجا
أَضاءَتْ لي صَباحتُهُ فكانتْ / وَجُنحُ الليلِ مُلتبسٌ سِراجا
وَمُنتسبٍ إِلى كرمِ البوادِي / خبرْتُ فكانَ ألْأَمَ مَنْ يُفاجا
غذاهُ اللؤْمَ صِرْفاً والداهُ / فضمَّ إليهِ من صَلَفٍ مِزاجا
وَكَفٍّ لا تُمدُّ إلى جميلٍ / كَأنَّ بِها وَما شَنجتْ شناجا
عَدانِي بِالطّفيفةِ مِن حقوقي / وَأَطبقَ دون ضفَّتِيَ الرِّتاجا
وَقَد حَاججتُهُ فيها مبيناً / فما أرعى مسامعَهُ الحِجاجا
يَلجُّ وَكَم أَدالَ اللّه ممّنْ / عَلى غُلَوائِهِ ركب اللَّجاجا
ألا قلْ للأجادِلِ من بُوَيْهٍ / أرى أوَداً شديداً وَاِعوِجاجا
ومُثْقَلَةً كؤوداً لا تُرادى / وداهيةً صموتاً لا تُناجى
ديارُكُمُ لكمْ قولاً ويَجْبِي / سِواكمْ من جَوانبها الخَراجا
وَفي أَرجاءِ دِجْلَةَ مؤْبِداتٌ / وَأَدواءٌ تريد لَها عِلاجا
رَعانا بَعْدَكمْ مَن كانَ يَرعى / عَلى الغِيطانِ إِبْلاً أو نِعاجا
وذُؤبانٌ تخطّفُ كلَّ يومٍ / لكمْ ما خفّ من نَعَمٍ وَراجا
فَمن عَنّا يُبلِّغُكمْ خطوباً / إذا ذُكِرتْ يَصَمُّ لها المُناجى
تَملّكنا ببُعدِكُمُ الأعادي / وعاد نميرُنا مِلْحاً أُجاجا
فَما نَرجُو لِتيهَتِنا رشاداً / وَلا نَرجو لِضيقتنا اِنفِراجا
وَإنَّ بِنا وَما يَدري المعافى / شَجىً في الصّدرِ يَعتلجُ اِعتِلاجا
وإنَّ السّرحَ تحمِيهِ أسودٌ / فلا دَرّاً نصيبُ ولا نِتاجا
ونحن وغيرُكمْ والٍ علينا / كظالِعةٍ نطالبها الرّواجا
ومَنْ ضربَ القليبَ ببطنِ سَجْلٍ / ولم يشدُدْ إلى وَذَمٍ عِناجا
أَرونا النّصْفَ فيمنْ جارَ دهراً / فإنّ بنا إلى الإنصافِ حاجا
فإنّكُمُ الشّفاءُ لكلِّ داءٍ / وَيَأبْى كيُّكُمْ إلّا نِضاجا
وَصونوا الدّولةَ الغرّاءَ ممّنْ / يُداجِي بالعداوةِ أو يُداجى
يريمُ كصلِّ رَمْلةِ بَطن وادٍ / فإمّا فرصةٌ هاجتْهُ هاجا
ولا تنتظّروا في الحرب منهمْ / تماماً طالما نُتِجَتْ خِداجا
فما زالوا متى قُرِعوا صخوراً / مُلَمْلَمَةً وإنْ صُدعوا زجاجا
لعلِّي أن أراها عن قريبٍ / على الزّوراءِ تمترقُ العَجاجا
عليها كلُّ أرْوَعَ من رجالٍ / كرامٍ طالما شَهِدوا الهِياجا
تَراهمْ يولغون ظُبا المَواضي / ويُرْوُونَ الأسنّةَ والزّجاجا
وَتَلقاهمْ كأنّ بِهمْ أُواماً / إِلى أَن يَبْزلوا بدمٍ وِداجا
فَدونَك يا شقيقَ اللؤْمِ قولاً / يَسوؤك ثمَّ يوسِعنا اِبتِهاجا
وخذْ ما هِجتَ من كَلِمٍ بواقٍ / فما حقُّ المُفَوَّهِ أن يُهاجا
بِرباعكمْ يا أهْلَ يثربَ حاجي
بِرباعكمْ يا أهْلَ يثربَ حاجي / وعليكُمُ دون الأنامِ مَعاجي
وَمَتى اِدّلجتُ إلى زيارةِ أرضكمْ / حَذرَ الوشاةِ فحبّذا إدْلاجي
كَمْ فيكُمُ لمَنِ الهَوى من شأنِهِ / من مَبْسَمٍ رَتِلٍ وطَرْفٍ ساجِ
ومُحَكَّمٍ في الحسنِ يُكرَعُ عندهُ / كأسُ الهوى صِرْفاً بغير مزاجِ
ماذا على مَن ضَنّ دهراً بالنّدى / لَو كانَ يوماً ضنَّ بالأحداجِ
وَيَسوؤُني وهو الّذي في كفِّهِ / ما شئتُ من جَذَلِي ومن إبهاجي
ويذودنِي وبِيَ الصّدى عن عَذْبِهِ / فإذا سَقاك سَقاك كلَّ أجاجِ
وَصْلٌ كعشواءِ الظّلامِ تردّداً / وقطيعةٌ تَجري على مِنهاجِ
يا قاتلَ اللَّه اللّواتِي بِاللّوى / أوْرَطنَنا حبّاً وهنّ نواجِ
مازلن بِالرّجل الصحيحِ منَ الهَوى / حتّى تَعايا فيه كلُّ علاجِ
يا صاحبَيَّ تنظّرا بِأَخيكما / أَنْ تَستَثيرا العيسَ بالأحداجِ
حَتّى اِلتَوَتْ هامُ الكَواكب مُيَّلاً / والفجرُ في عَقِبِ الدّجى كسراجِ
وَأبِي الظّعائِنِ يومَ رُحْنَ عشيّةً / والبينُ شاهدُنا بغير خِلاجِ
لَقد اِحتَوين على قلوبِ معاشرٍ / خفّتْ كما خفّ القطينُ الناجي
ودّعْنَنا من غيرِ علمٍ بالّذي / أودَعْنَنا من جاحِمٍ وهّاجِ
والرّكبُ بين مغيّضٍ كَمَدَ الهوى / في لُبّهِ أو مُعْولٍ بِنشاجِ
يذري دماً من عينِهِ فكأنّه / يبكي أحِبّتَهُ من الأوداجِ
وَأنا الّذي اِستوطنتُ ذِرْوَةَ هاشمٍ / وحَلَلْتُ من عدنانَ في الأثباجِ
الضّاربين الهامَ في يومِ الوغى / والقائلين الفصْلَ يومَ حِجاجِ
والزّاحمين ترفّعاً وتنزّهاً / للطالعات دجىً عن الأبراجِ
وَالساحبينَ إِلى ديارِ عدوّهمْ / أذيالَ كلِّ مُعَضَّلٍ رَجْراجِ
كالبحرِ تَلتمعُ الأسنّةُ والظُّبا / في قعرهِ بَدَلاً من الأمواجِ
يحوِي رجالاً لا يبالون الرّدى / إلّا ردىً في غير يومِ هياجِ
نبذوا الحياةَ وأمْرَجوا أرواحَهمْ / بين المنايا أيّما إمراجِ
وأتَوْا على صَهَواتِ جُرْدٍ ضُمَّرٍ / ملأى من الإلجامِ والإسراجِ
أكلَ الغِوارُ لحومَها وتعرّقتْ / أوصالَها أنيابُ كلِّ فجاجِ
فَأتَتْ كما شاء الشّجاعُ خفائفاً / مثلَ القِداحِ تُجيلهُنَّ لحاجِ
قومٌ دفاعُهُمُ النجاةُ لخائفٍ / وندى أكفّهِمُ اليَسارُ لراجِ
لا يغصبونَ إذا الرّجالُ تَغاصبتْ / إِلّا العقائلَ مِن عظيمِ التاجِ
وَإِذا الوجوهُ تَكالحتْ حَذر الرّدى / فوجوهُهمْ أقمارُ كلِّ عَجاجِ
وَمَتى شبيهَهُمُ طلبتَ وجدَتهمْ / ضربوا على أحسابهمْ برِتاجِ
ولقد طلبتُ على العظيمةِ مُسعِداً / فرجعتُ منقلباً على أدراجي
ووجدتُ أطمارَ الحفائظ بيننا / في كلِّ شارقةٍ إلى إنهاجِ
زَمنٌ عقيمُ الأمّهاتِ من الحِجى / فإذا حَمَلْنَ وضعنَهُ لخِداجِ
كم حاملٍ فيه لِعِبْءِ فهاهَةٍ / متعثّرٍ بلسانِهِ لَجْلاجِ
غِرٌّ تجرُّ النائباتُ لسانَهُ / فَإذا اِطمأَنَّ فدائِمُ التّشحاجِ
كَلِفٌ ببيضِ الأُزْرِ لَكن قَد غَدا / مُتقنّعاً فينا بِعرْضٍ داجِ
وَتَراهُ يَرضى خِفّةً من سُؤْددٍ / إنْ باتَ يوماً موقَرَ الأعفاجِ
قَد قلتُ للباغِي المروءَة عِندهمْ / يرمي القليبَ بغيرِ ذاتِ عِناجِ
ماذا تُكلِّفُ ذاَ بطنٍ حائلٍ / جدّاءَ من دَرٍّ لها ونِتاجِ
وَتُريدُ أَنْ تَحظى بِجمّاتِ الغِنى / مِن مَعدِنِ الإِقتارِ والإنْفاجِ
وَمِنَ الغَباوةِ أنْ يظنّ مؤمّلٌ / جُرعَ الإساغَةِ من مِغصٍّ شاجِ
إِنّ الّتي حَكتِ الضّحى
إِنّ الّتي حَكتِ الضّحى / والصُّبحُ في أسْرِ الدّياجِي
ما كنتُ يومَ تعرّضتْ / لِي من حِبالتها بناجِ
أدْوَتْ فؤادِي من صَبا / بتها وضنّتْ بالعلاجِ
ولقد أقولُ لها وضل / لَ عن النّصيحةِ مَنْ يُداجِي
يا حُلْوةً كم دون حُلْ / وكِ للمتيَّمِ من أُجاجِ
وإذا ضَنِنْتِ فقد أسَأْ / تِ وفي يديكِ بلوغُ حاجِي
مولايَ يا بدرَ كلِّ داجيةٍ
مولايَ يا بدرَ كلِّ داجيةٍ / خذ بيدِي قد وقعتُ في اللُّجَجِ
حُسنُك ما تنقضِي عجائبُهُ / كالبحرِ حدّثْ عنه بلا حَرَجِ
بحقّ من خطّ عارِضَيْك ومَنْ / سلّطَ سُلطانَها على المُهَجِ
مُدَّ يديكَ الكريمتينِ مَعِي / ثمّ اِدعُ لِي مِن هواك بالفَرَجِ
سَلِ الجِزْعَ أينَ المنزلُ المتنازحُ
سَلِ الجِزْعَ أينَ المنزلُ المتنازحُ / وهل سَكَنٌ غادٍ من الدّار رائحُ
وَقَد كنتُ قَبل البينِ أَكتتمُ الهوى / فباح به دمعٌ من العين سافحُ
يَجود وَإِنْ أَزرى وأنَّبَ ناصحٌ / ويهمِي وإنْ أغرى وألّبَ كاشحُ
ألا إنّ يوماً نلتُ فيه مُنى الهوى / برغم العدى يومٌ لَعَمْركَ صالحُ
ولمّا تلاقينا بشِعْبِ مُغَمِّسٍ / على شَرَفٍ فيه الوكورُ الجوارحُ
خَلَطنا نُفوساً بالنفوسِ صبابةً / وَضاق اِعتناقٌ بيننا وتصافحُ
وليلةَ أضْللنا الطّريقَ إليكُمُ / فَلم يهدِ إلّا العنبرُ المتفاوحُ
وَإلّا سَقيطُ الدرّ زعزع سِلكَهُ / غُصونٌ تثنّيها الرّياحُ النّوافحُ
فإِنْ لم يُشَافِهنا بكمْ أبطَحُ الحِمى / فلا سُقيتْ ماءَ السّحاب الأباطحُ
وإنْ لم تكنْ تلك المسارحُ مُلتقىً / لأهل الهوى فلا عَمِرْن المسارحُ
يضَنّونَ بالجدوى عليَّ وإنّني / لأمنحهُم مِن خيرِ ما أنا مانحُ
وَمن قبلُ شَاقَتنِي وَنَحنُ عَلى مِنى / حمائمُ من فرعِ الأراكِ صوادحُ
ينُحْنَ ولم يُضمِرْنَ شجواً وإنّما / شَجىً وَاِشتِياقاً ما تنوحُ النّوائحُ
فللهِ يَومُ الحُزْنِ حين تطلّعت / لنا من نواحيهِ العيونُ الملائحُ
شَبَبْن الهوى فينا وهنّ سوالِمٌ / وغادرننا مَرْضى وهنّ صحائِحُ
أمِنْ بعد أنْ دُسْتُ الثّريَّا بأَخمصي / وطأطأ عنِّي الأبلخُ المتطامحُ
تَرومين أَنْ أَغنى بِدارِ دناءَةٍ / ولِي عن مقامِ الأدنياءِ منادِحُ
وَقد عَلمتْ أحباءُ فِهْرِ بن مالكٍ / بأنِّيَ عن تلك العَضائِهِ نازحُ
وأنَّيَ لا أدنو من الرّيبةِ الّتي / تسامحُ فيها نفسُه من تسامحُ
وأنِّيَ لا أرضى بتعريضِ معشرٍ / يُذعذِعُ عِرْضِي قولُهُ وهو مازِحُ
يَحُزّ فلا يدرِي لمن هو جارحٌ / ويقدح لا يدرِي بما هو قادحُ
وما غرّنِي من مومضٍ فيَّ مِدْحَةً / وَما غَرّت الأقوامَ إلّا المَدائحُ
وَلَولا فَخارُ الملكِ ما كنتُ ثاوياً / وَرَحلي عَلى ظهرِ المطيّةِ بارحُ
وَلا طالعاً إِلّا مخارمَ لم يكنْ / ليطلعها إلّا الشّجاعُ المُشايحُ
وقلْقَلَها رُكبانُها نحو بابِه / كما طاح من أعلامِ ثَهْلانَ طائحُ
إِذا ما بَلغناه فَقل لمطيِّنا / حرامٌ على أخفافكُنَّ الصّحاصِحُ
أنِخْنَ بمنْ لا نبتغِي بَدَلاً بهِ / فما ضرّ شيئاً أنّكنَّ طَلائحُ
بحيثُ الجفانُ الغُرُّ تُفْهَقُ للقِرى / ملاءً وميزانُ العطيّةِ راجحُ
إِلى ملكٍ لا يأْلَفُ الهَزْلَ جدُّهُ / ولا تُضمرُ الفحشاءَ منه الجوانحُ
وَقورٌ وأحلامُ الأنامِ طوائشٌ / وَيبدِي اِبتِساماً والوجوه كوالحُ
سَقى اللَّه أيّاماً لَنا في ظِلالِهِ / فَهُنّ لأظلامِ الزّمانِ مصابحُ
ليالِيَ تنهَلُّ الأَمانيُّ حُفَّلاً / عَلينا كَما اِنهلّتْ غيومٌ طوافحُ
وَلَمّا تَناهبنا الثّناءَ بفضلِهِ / وجاشتْ بما تولِي يداهُ القرائحُ
ثناءً كنشرِ المندلِيِّ تعبّقتْ / بهِ في اِبتِلاجِ الصّبحِ هوجٌ بوارحُ
تَقاصر عن علياءِ مَجدك قائلٌ / وَقصّر عن إتيانِ حقّك مادحُ
وَمَن كَتم النُّعْمى عن النّاس راجياً / تناسِيَها نمّتْ عليه المنائحُ
وَقد عَلِموا لَمّا عرا الملكَ داؤهُ / وَلا مَنهجٌ يَشفِي من الدّاءِ واضحُ
بِأنّك عَن ساحاتِه الدّاءَ طاردٌ / وَأَنّك عَن أكتادِه الثِّقْلَ طارحُ
وَما شَعروا حتّى صَبَحْتَ دِيارَهُمْ / بِمَلمومَةٍ فيها القنا والصّفائحُ
وَجُردٍ تَهاوى كالقِداحِ أجالَهَا / على عَجَلٍ يبغِي الغِلابَ مُرابحُ
فَما رمْتَ حتّى الطّيرُ تعترِقُ الطُّلى / وَحتّى جَبينُ التُّربِ بالدّمِ راشحُ
وكَم لكَ من يومٍ له أَنت حاقرٌ / وَفي مثلِهِ نُجْحٌ لو اِنّك ناجحُ
أتيتَ بِهِ عَفواً مراراً ولم يَطُرْ / سِواك بهِ في عمرهِ وهوَ كادحُ
وَما أَنا إلّا من مَدَدْتَ بِضَبْعِهِ / إلى حيثُ لا ترنو العيونُ الطّوامحُ
أَروحُ وأَغدو كلّ يومٍ وليلةٍ / وظَهْرِيَ من أعباءِ سَيْبِكَ دالحُ
أَأنساك تُدنيني إلى الجانِبِ الّذي / نصيبيَ فيهِ من عطائك رابحُ
وَتوسِعُ لي في مَشهدِ القومِ موضعاً / تضيق بهِ مِنهمْ صدورٌ فسائحُ
فَما أَنا إلّا في رِياضك راتعٌ / وَلا أَنا إِلّا مِن زنادكَ قادحُ
هَنيئاً بِيَومِ المِهْرَجانِ فإنّهُ / وَكلَّ زَمانٍ نَحوَ فَخرك طامحُ
تَعِزُّ بكَ الأيّامُ وهيَ ذَليلةٌ / وَتَسخو اللّيالي منك وهْيَ شحائحُ
فَهذا أَوانٌ مِيسمُ اليُمْنِ بَيِّنٌ / عَليهِ وعُنوانُ السعادةِ لائحُ
وَلا زِلتَ تَستقرِي الزّمانَ وأهلَهُ / لَكَ الخلدُ فيهِ وَالمَدى المتطاوحُ
مَنْ رأى الأظعانَ فوق ال
مَنْ رأى الأظعانَ فوق ال / بيدِ من بُعدٍ تلوحُ
كَسفينٍ عَصفتْ في / هِنّ للنكباءِ ريحُ
أو غمامٍ هو بالما / ءِ الذي فيه دَلوُحُ
أو رِئالٍ راتِكاتٍ / ليس فيهنّ طَليحُ
رُحْنَ بالرّغمِ من الأْن / فِ وما إنْ قلتُ روحوا
ففؤادِي بعد أن بِن / نَ كما شِئْنَ قَريحُ
وغَبوقِي دمعُ عيني / يَ هَتوناً والصَّبوحُ
وَثَنايا بَينَهنَّ ال / خَمرُ والمسكُ يفوحُ
وَمَليحُ العِطْفِ لو كا / نَ له عَطْفٌ مليحُ
أَيُّ شيءٍ ضرَّ والحا / دِي بما يخشى صَدوحُ
مِن سَلامٍ لم يكنْ بال / سِرِّ من وَجْدٍ يبوحُ
إنَّ مَنْ شحَّ عن الصّدْ / يانِ بالماءِ شَحيحُ
وَلَقَدْ هاجَ اِشتِياقي / نوحُ قُمْرِيٍّ ينوحُ
غَرِدٌ مسكنُهُ الطُّب / باقُ أو لا فالطُّلوحُ
أيّها الدانِي إلينا / لا يكنْ منك النُّزوحُ
نَحنُ أجسادٌ وأنت ال / دَهْرَ في الأجسادِ روحُ
وَبِحَربٍ ثمّ في جَدْ / بٍ جَنوحٌ وَمنوحُ
وَإِذا لَم ينفحِ القو / مُ فيُمناك النَّفوحُ
وإذا الجُرمُ بذي الحِلْ / مِ هفا أنتَ الصَّفوحُ
إِنْ شَككتمْ منهُ في النَّجْ / دَةِ والشّكُّ فضوحُ
فَاِنظُروهُ في الوغى يحْ / مِلُهُ الطِّرفُ السَّبوحُ
والقنا يولِغُ من نحْ / رٍ نجيعاً والصّفيحُ
حيثُ لا يُطوى على المَيْ / تِ منَ الأرضِ ضَريحُ
لَيس إلّا ناطحٌ بال / طَعنِ قَعْصاً أو نَطيحُ
ورَكوبٌ حظُّهُ طع / نُ الكُلى فهو طريحُ
وكَرورٌ وفَرورٌ / ومُشِيحٌ ومُلِيحُ
وَمَضى البينُ فَلا عا / دَ بِعادٌ ونزوحُ
فقلوبٌ حَرِجاتٌ / هنَّ في ذا اليومِ فِيحُ
قَد رَأتْ ما كانَ يَرجو / بعضَه الطَّرفُ الطّموحُ
ورأينا ثَمَرَ الحُسْ / نى وما يجنِي القبيحُ
ومضى الصعب ولم يب / قَ لنا إلّا السَّميحُ
وَاِنقضى الضّيقُ ووافا / نا مِنَ العيش الفسيحُ
قُلْ لِمَن كانَ جَريحاً / دمِلَتْ تلك الجروحُ
لَيس إِلّا أَملٌ قد / نيل أو بيعٌ رَبيحُ
وَلَنا في الأمنِ بالدّو / وِ سُروبٌ وسُروحُ
وَخيولٌ نَحوَ ما نَه / وى مِنَ الأمرِ جُنوحُ
وقلوبٌ ساكناتٌ / وجَنانٌ مستريحُ
وَلَنا الأَعوادُ ما في / ها وصُومٌ وجُروحُ
والجلودُ المُلْسُ ما في / ها قروفٌ وقروحُ
فَاِقبَل التّوبَة مِن دهْ / رٍ خلا منه قبيحُ
غَشّ حيناً وهوَ الآ / نَ بما نهوى نَصوحُ
باسمٌ طَلْقٌ وكم با / نَ لنا منهُ الكُلوحُ
إنّما الجَدُّ لمن نا / لَ المَدى وهو مُريحُ
سَوفَ تَأتيكَ كَما تَهْ / وى فروجٌ وفتوحُ
وسعودٌ ما محاهُن / نَ دُروسٌ ومُصوحُ
وَلِما أَجملتُ تفصي / لٌ طويلٌ وشروحُ
فخذِ التّعْريضَ حتّى / يأتِيَ القولُ الصّريحُ
وَإِذا عنّ اِتّقاءٌ / عَيَّ بالقولِ الفصيحُ
لا تزل في نِعَمٍ تغ / دو عليها وتروحُ
ونأَى عن مَشيِ عِزٍّ / لَكَ أيْنٌ ورُزوحُ
وعِراصٌ لك لا أقْ / وينَ من خِصْبٍ وسوحُ
وليطِحْ عنك الّذي لمْ / ترضَهُ فيما يَطيحُ
فَالفَتى مَن كانَ مَجداً / قاصراً عنه المديحُ
خلِّ المَدامِعَ في المنازلِ تسفحُ
خلِّ المَدامِعَ في المنازلِ تسفحُ / والقلبُ من ذكر الأحبّةِ يفرحُ
ما كانَ عِندي أنّ غُزلان النَّقا / لسوادِ طَرْفِي يومَ رامةَ تسنحُ
لمّا مَرَرْنَ بنا خطفن قلوبَنا / وقلوبُهنّ مقيمةٌ لا تبرحُ
والدّار من بعد الشّواغفِ إنّما / هيَ للجَوى والحزِن مغنىً مَطرحُ
للَّهِ زَوْرٌ زارَنا وقتَ الكرى / واللّيل جَوْنُ أديمِهِ لا يوضِحُ
وَالعيسُ مِن بعدِ الكلالِ مُناخةٌ / والرّكبُ فيما بينهنَّ مُطرَّحُ
فيما طَرقتَ وَلَيلنا مُستحلِكٌ / لَو ما طرقتَ وصبحُنا متوضَّحُ
بينا يؤلّفنا أغمٌّ مُظلمٌ / حَتّى يُفرّقنا مضيءٌ أجْلحُ
يا صاحِبيَّ على الزّمانِ تأمّلا / ما جرّه هذا الزّمانُ الأقبحُ
في كلِّ يومٍ لي خليطٌ يَنتَئِي / عنِّي ودارٌ بالمسرّةِ تنزحُ
وهمومُ صدرٍ كلّما دافعتُها / آلتْ طِوالَ الدّهرِ لا تتزحزحُ
لا أَستطيعُ لها الشكايةَ خِيفةً / والهمُّ لا يُشكى لقلبك أَجْرحُ
وإذا طلبتُ لِيَ الإخاءَ فليس لِي / مِن بَينهمْ إلّا السَّؤُولُ الأرسخُ
من كلِّ مشتهر العيوبِ وعندهُ / أَنّ العيونَ لعيبهِ لا تَلمحُ
ومجاورٍ ما كنتُ يوماً راضياً / بِجِوارهِ وَمشاورٍ لا ينصحُ
وَمعاشرٍ نَبذوا الجميلَ فما لهمْ / إِلّا بِأَوديةِ القبائحِ مَسرَحُ
وَمِنَ البَليّةِ أنّنِي حوشيتُما / أُمسِي كما يهوى العدوُّ وأُصبِحُ
في كربةٍ لا تنجلي وَشَديدةٍ / لا تنقَضِي ودُجُنَّةٍ لا تُصبِحُ
جَمْرِي تناقَلُهُ الأكفُّ ولم تجدْ / لَفْحاً له وجِمارُ غيرِيَ تلفحُ
وإذا عزمتُ على النّجاءِ فليس ما / أَنجو بِهِ إلّا الطِّلاحُ الرُّزَّحُ
قُل للّذي يَعدو بِهِ في مَهْمَهٍ / طِرْفٌ تخيّره الفوراسُ أقرحُ
بَلِّغْ بلغتَ عَميدَنا وزعيمَنا / ومشرّفاً دُنياً لنا لا يَمْصَحُ
إنّي ببُعدِك في بهيمٍ مُظلمٍ / لمّا عدانِي مَن به أستصبحُ
إنْ طاب لِي طعمُ الحياةِ أمرَّهُ / شوقٌ إليك كما علمتَ مبرِّحُ
ولقد علمتُ زمانَ تبغِي كارهاً / قربي ببعدك أنّنِي لا أربحُ
وأنا الّذي من بعدِ نأْيكَ مُبْعَدٌ / عن كلِّ ما فيه الإرادةُ منزَحُ
في أسْرِ أيدٍ بالأذى مفتوحةٍ / لكنّها عند النّدى لا تُفتحُ
ومُهوِّنٌ عندي الشدائدَ أنّها / تدنو الأنام وأنتَ عنها الأنزحُ
وإذا عَدَتْكَ سهامُ دهرٍ ترتمِي / فدعِ السِّهامَ لجِلدِ غيرك تجرحُ
ما ضرّنا وقلوبُنا مُلتفّةٌ / دَوٌّ تعرّض بيننا أو صَحْصَحُ
فَالأَبعَدونَ مع المودّة حُضَّرٌ / وَالأقربونَ بِلا المودّةِ نُزَّحُ
وَلَقدْ فضحتَ مَعاشراً لم يبلغوا / شأْواً بلغتَ وفضلُ مثلك يفضحُ
وَتَركتنا مِن بَعدِ حقٍّ كان فِي / كفّيكَ نَغبُقُ بالمُحال ونصْبَحُ
وإذا بنو عبد الرّحيم تبوّؤوا / شِعْباً فإنّي بينهمْ لا أبرحُ
المُسرِعون إلى الصّريخ فإِنْ قضَوْا / وَطَرَ الوَغى فهُمُ الجبالُ الرُّجحُ
لا أَستَطيعُ فِراقهمْ ولربّما / فارقتُ مَن بفراقهمْ لا أسمحُ
وأنا الجواد فإنْ سئلتُ تحوّلاً / عن قربكمْ فأنا البخيلُ الشّحْشَحُ
قومٌ وقَوْنِي الشَّرَّ وهو مُصمِّمٌ / وكفَوْنِيَ الضَّرَّاءَ وهي تُصَرِّحُ
إنْ ناكروا الأمرَ الذّميم تباعدوا / أو باكروا المَغْنَى الكريم ترَوَّحوا
وإذا دَعوتَهُمُ لنصرك من ردىً / جاءتْ إليك بهمْ جِيادٌ قُرَّحُ
مِثْلَ الدَّبا لَفّتْهُ فينا زَعزَعٌ / والسّيلُ ضاق به علينا الأبطحُ
والبيضُ في قللِ الكُماةِ غمودُها / والسّمرُ من ماءِ الترّائبِ تُنضحُ
فعليك منّي غائباً عن مُقلتِي / فدموعُها حتّى تراهُ تسفَحُ
تسليمةٌ لا تنقضِي وتحيّةٌ / يمضِي المدى وقليبُها لا ينزحُ
وصفحتُ عن ذنبِ الزّمانِ وإنّنِي / عَن ذَنبِه بِفراقِنا لا أصفحُ
ليس في العشقِ جُناحُ
ليس في العشقِ جُناحُ / بل هو الدّاءُ الصِّراحُ
هُوَ جِدُّ جرّه مَعْ / قَدَرِ اللَّهِ المزاحُ
وظلامٌ ما لساري / هِ مدى الدّهر صباحُ
هو سُكرٌ مثلما دَب / بتْ بأعضائك راحُ
وَسَقامٌ ما بهِ بُرْ / ءٌ ولا فيه صَلاحُ
وعذابٌ إنْ نأى عن / هُ وصالٌ وسماحُ
ويحَ أهلِ العِشْقِ فِي لُج / جٍ عزيرِ العُمقِ طاحوا
جَحَدوا الحبَّ وَلَكِنْ / كَتَموهُ ثمّ باحوا
وَلَهم ألسُنُ دمعٍ / تَرجَمتْ عنهُ فِصاحُ
لَيتَ أَهلَ العِشْقِ ماتوا / فَأَراحوا وَاِستَراحوا
يا اِبن عبد العزيز إنّ فؤادِي
يا اِبن عبد العزيز إنّ فؤادِي / منذ فارقتنِي عليك جريحُ
إنَّ جَفْنِي عليك حزناً جوادٌ / وهو في كلّ من سواك شحيحُ
عَذَلونِي وما اِستَوى عِندَ أهْلِ الْ / نَصْفِ والعَدْلِ سالمٌ وجريحُ
داءُ قلبِي يُدوى وفيهِ من الأشْ / جانِ ما فيه ما يقول الصَّحيحُ
وإذا لم تكنْ مُصيخاً إلى عَذْ / لٍ فَسيّان أَعجَمٌ وَفَصيحُ
لي لسانٌ ومدمعٌ حَمَلا رُزْ / ءَك ذا كاتمٌ وذاك يبوحُ
ويراني الصّحيحَ من ليس يدري / أنّ غيرِي هو السَّليمُ الصَّحيحُ
وَبرَغْمي عَريتُ منكَ وبُوعِدْ / تَ ردىً وَاِحتَوى عَليكَ الضّريحُ
مُفردٌ وَالأنيسُ عَنكَ بَعيدٌ / لَيس إلّا جَنادلٌ وصفيحُ
وغمامٌ موكّلُ الجَفْنِ بالقَطْ / رِ ووُرْقٌ من الحمامِ ينوحُ
لَيسَ يَنجو منَ الحِمامِ مليحٌ / لا ولا صادقُ الضّرابِ مُشيحُ
وإذا أمّك الحِمامُ فما يُغْ / نِي من الطّيرِ بارحٌ وسَنيحُ
وَمِنَ اِينَ البقاءُ والجسمُ تُربٌ / يَتَلاشى وإنّما الرُّوحُ روحُ
وَإِذا غايَةُ الفتى كانتِ المو / تَ فماذا التَعميمُ والتّمليحُ
كلُّ يومٍ لنا بطُرقِ الرّزايا / طَلَبَ الغُنْمَ رازحٌ وطليحُ
رائِحٌ ما لهُ غدّوٌ وَإمّا / ذو غدوٍّ لكنّه لا يروحُ
وإذا فاتنا غَبوقُ المنايا / بِاِتّفاقِ الزّمانِ فهو الصَّبوحُ
كم لنا مودَعاً إلى ساعةِ الحش / رِ ببطنِ التّرابِ وجهٌ صبيحُ
وجليلاً معظّماً كان للآ / مالِ فيه التّرحيبُ والتَّرشيحُ
أيّها الذّاهبُ الّذي طاحَ والأح / زانُ مِنّا عليه ليس تَطيحُ
لا عرفتَ القبيح في دارك الأخ / رى فما كان منك فعلٌ قبيحُ
ليس إلّا الصّلاة والصّوم والتَّسْ / هيدُ جُنحَ الظّلامِ والتّسبيحُ
وحديثٌ تَرويهِ ما فيه إلّا / واضحٌ نيِّرٌ وحقٌّ صحيحُ
إِنّ قَوماً ما زالَ حشواً لأَضلا / عِك ودٌّ لهمْ نقِيٌّ صريحُ
لك وِرْدٌ من حوضهمْ غيرُ مطرو / قٍ وبابٌ إليهمُ مفتوحُ
وَاِلتِقاءٌ بِهم وحولَهُمُ النّا / سُ فذا خاسرٌ وذاك ربيحُ
والثّوابُ الّذي يضيق بقومٍ / هو من أجلهمْ عليك فسيحُ
لَستُ أَخشى عليكَ عُسراً ومنهمْ / لك مُعطٍ ونافحٌ ومُميحُ
فَسَقى قَبرَك الّذي أَنتَ فيهِ / مُسبِلٌ هاملُ السّحابِ سَفوحُ
كلَّما جازه غمامٌ نزيحٌ / جاءَه مُثقَلُ الرَّبابِ دَلوحُ
وإذا زاره الرّجالُ فلا زا / ل عليهم منه الذَّكاءُ يفوحُ
إن عاقب الشّيب السّوادَ بمَفْرقي
إن عاقب الشّيب السّوادَ بمَفْرقي / فاللّيل يتلوه الصّباحُ الواضحُ
مَنْ أخْطَأَتْهُ وقد رمتْ قوسُ الرّدى / تبيضُّ منه مفارقٌ ومسائحُ
لو كان للّيلِ البهيمِ فضيلةٌ / لم تُدْنَ منه مقابِسٌ ومصابحُ
البيضُ لِلْعينينِ وجهٌ ضاحكُ / والسّودُ للعينين وجهٌ كالحُ
وأَشدُّ من جَذَعِ الجِيادِ إذا جرتْ / جَرْياً وأصبرُهُنَّ نَهْدٌ قارحُ
والبُزْلُ تغتالُ الطّريقَ سليمةً / وعلى الطّريقِ من البِكارِ طلائحُ
رَأَيتكَ لا تَرعى حُقوقي ولم تُصخْ
رَأَيتكَ لا تَرعى حُقوقي ولم تُصخْ / إلى القول منّي حيثما أنا ناصحُ
فجهرُك لي مُرْضٍ وسرُّك مُسخِطٌ / ووجهك بسّامٌ وقلبك كالحُ
ووُدُّكَ لي إمّا سرابٌ بِقِيعَةٍ / وإلّا فبرقٌ خُلَّبُ الوَمْضِ لائحُ
وإلّا هشيمٌ في فضاءٍ تكدُّهُ / محكّمَةٌ فيه الرّياحُ البوارحُ
وَما ليَ منكَ اليومَ إلّا أَظافرٌ / حِدادٌ وأنيابٌ بجلدِي جوارحُ
تُمزّقني عَمْداً كأنّكَ مخطئ / وَتَقذِفني جِدّاً كأنّكَ مازحُ
فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابةٍ
فما ماءُ مُزْنٍ بات جَفْنَ سحابةٍ / يصوبُ على أعلى الصّخور ويسفحُ
توزّعَهُ عَبْرُ الرّبا فكأنّهُ / مُلاءٌ رحيضٌ بالفَلاةِ مُطرّحُ
وإِنْ صافحتهُ الرّيحُ وهي ضعيفةٌ / تمرّ عليه قلتَ صُحْفٌ تُصَفَّحُ
بأعذبِ مِنْ فيها إذا ما توسّنَتْ / وهبّتْ وجلدُ اللّيلِ بالصُّبحِ يوضِحُ
وما روضةٌ باتَ الخُزامى يحفّها / ونَوْرُ الأقاحِي وسْطها يتفسّحُ
كأنّ بِمَغناها تُفضُّ لَطيمةٌ / مُجَعْجِعَةٌ أو مَنْدَلُ الهند ينفحُ
بِأَطيبَ مِنْ أَردانها حينَ أَقبلتْ / وغضُّ النَّقا في دِرْعها يترنَّحُ
وَما مُغزِلٌ أَضحتْ بدوٍّ صريمةً / تفسّح في تلك الفيافي وتسرحُ
تفِيءُ إلى ظلِّ الكِناسِ وتارةً / تَشَوَّفُ من أعلى الهضابِ وتسنحُ
بأحسنَ منها يومَ قامتْ فودّعتْ / قُبَيلَ التّنائِي والمدامع تنزحُ
وما وِرْدُ مطرودٍ عن الوِرْدِ خامسٍ / له كَبِدٌ من شهوةِ الماءِ تُقرحُ
تُسَقّى الهيامُ حولَهُ وهو ظامئٌ / فلا الوِرْدُ يُدنيهِ ولا هو يبرحُ
بأروى وأشهى من رُضابٍ تمُجُّهُ / ثناياً عِذابٌ من ثناياكِ تَمْتَحُ
وما نوحُ قُمْرِيٍّ على فرعِ أيكةٍ / يَعُنُّ له ذكرُ الفراقِ فيصدحُ
لَهُ مَدمعُ الشاكي جفوناً وقلبُهُ / لما جرّه فقدُ الأليفِ مُقَرَّحُ
بِأَشجى شَجىً مِنِّي غداةَ ذكرتُكُمْ / ووادي مِنىً بالعيس والقومِ يطفحُ
وما هزّةُ الدَّوحِ المُبِنِّ بقفرةٍ / تُزعزعُ منه الرّيحُ ما يتسمّحُ
إِذا اِنتَشرتْ فيه الشّمال عشيّةً / رأيتَ حَماماً فوقه يترجّحُ
بأظهَرَ مِنِّي هزّةً يومَ أقبلتْ / تشكّي الهوى وحْياً به لا تُصَرِّحُ
تعاوَرَها خوفُ النّوى والعِدى معاً / فلا هِيَ تَطويهِ ولا هِيَ تُفصِحُ
وما مُنْيَةٌ سِيقَتْ إلى كَلِفٍ بها / مُقيمٍ على تطْلابِها ليس يبرحُ
إذا لامَهُ اللّاحون فيها طَما بهِ / إلى نيلها شوقٌ لَجوجٌ مُبرّحُ
بِأَشهى وَأَحلى مِن لقائِكِ موهِناً / وألحاظُ مَنْ يبغِي النميمةَ نُزَّحُ
وما مُقْفَقِلُّ الكفِّ شَحْطٌ عن النّدى / له راحةٌ من ضِنّةٍ لا تَرَشَّحُ
أَتاهُ الغِنى من بَعْدِ يأْسٍ وكَبْرَةٍ / فَلَيسَ بِشيءٍ خِيفةَ الفقرِ يسمحُ
بأبخلَ منِّي يومَ ساروا بنظرةٍ / إليكِ وأحداقُ الرّفاق تُلَمِّحُ
حلفتُ بربّ الرّاقصاتِ عشيّةً / إلى عَرَفاتٍ وهْيَ حَسْري ورُزَّحُ
ومَنْ ضَمّهُ جَمْعٌ وَبينَ بِلادهمْ / إِذا اِفتَرقوا سَهْبٌ عريضٌ مطوِّحُ
وبالبُدْنِ تُهدى في مِنىً لمليكها / وتُدنى إلى أخرى الجمالُ فتُذبحُ
لأنتَ على رغمِ العدوّ مِنَ الّذي / يُضيءُ سوادَ اللّيلِ أبهى وأملحُ
ونجواكِ تَشْفِي السُّقْمَ طَوْراً وتارةً / يُعَلُّ بنجواكِ السَّليمُ المُصَحَّحُ
وأنتِ وإنْ أوقدتِ في القلبِ جمرةً / تَلَظَّى على كَرِّ اللّيالي وتَلْفَحُ
أعزُّ عليهِ موضعاً من سوادِهِ / وأعذبُ فيهِ مِنْ مُناهُ وَأَرْوَحُ
يا قَلبُ قُل لي أينَ صادَفك الهَوى
يا قَلبُ قُل لي أينَ صادَفك الهَوى / أَم كَيفَ عَنّ لكَ الغزالُ السّانِحُ
كيفَ اِطّباكَ إِلى الهوى غَمْرٌ بِهِ / سُكرُ الصِّبا جَذَعاً وأنتَ القارحُ
إِنَّ الّذين عَلى مِنىً عُلِّقْتَهُمْ / راحوا وَكَم أَردَى المقيم الرّائحُ
ما ضرّهمْ طَرَحوا الحدوجَ وإنّما / أحداجُهمْ مُهَجٌ لنا وجوانِحُ
وتكلّفوا ذَبْحَ الهَدِيِّ وإنّما / ألْحاظُهُنّ لنا هناكَ ذوابحُ
أمَا سمعتَ حَمامَ الأيْكِ إذْ صَدَحا
أمَا سمعتَ حَمامَ الأيْكِ إذْ صَدَحا / غَنَّى ولمْ يدرِ أنّي بعضُ مَنْ جَرحا
لم أقترحْ منه ما غنّى الغداةَ بهِ / وربّ مَنْ نال ما يهوى وما اِقتَرحا
ولِي جفونٌ من البَلْوى مُسَهَّدَةٌ / لا تعرفُ الغَمْضَ ممّا ترقُبُ الصُّبُحا
فقلْ لممرضِ قلبي بعد صحّتِهِ / إنّ السّقيم الّذي أدويتَ ما صَلُحا
قد جدّ بِي المزحُ من صَدٍّ دُهيتُ بهِ / وطالما جدّ بالأقوامِ من مَزَحا
ماذا على القلبِ لولا طولُ شِقْوتِهِ / مِنْ نازلٍ حلَّ أو من نازِحٍ نَزَحا
يا مُثْكِلِي نومَ عينٍ فيه ساهرةٍ / جَفْنِي عليك بدمعي فيك قد قُرِحا
وفِيَّ ضدّانِ لا أسطيعُ دَفْعَهُما / نارٌ بقلبي وماءٌ بالهوى سَفَحا
وَقَد عَذلتمْ فُؤاداً بِالهَوى كَلِفاً / لو كان يقبل نُصْحاً للّذي نَصَحا
صَحا الّذي يشرب الصَّهْبَاءَ مُتْرعةً / وشاربُ الحبِّ أعيا أنْ يُقالَ صَحا
لم يبرَحِ الوجدُ قلبي بعد أنْ عَذَلوا / على صبابتِهِ لكنّه بَرِحا
وقد ثوى أمَّ رأسي للصبابةِ ما / يُغرِي بمعصيتِي مَنْ لامَنِي ولَحا
ليت الفراقَ الّذي لا بدّ أكرعُ مِنْ / كاساتِهِ الصَّبْرَ صِرْفاً لا يكون ضحا
وليت أدْمَ المَهارَى النّاهضات بما / تحوِي الهوادجُ كانت رُزَّحاً طُلُحا
طوَوْا رحيلَهُمُ عنّي فنمَّ بهِ / عَرْفُ اليَلَنْجوجِ والجادِي إذا نَفَحا
وقد طلبتُ ولكنْ ما ظَفِرتُ به / من الفراقِ الّذي أَمُّوه مُنْتَدَحا
أهوى من الحيِّ بدراً ليس يطلعُ لِي / يوماً وظَبْيَ فَلاةٍ ليتَه سَنَحا
أبَتْ ملاحَتُهُ من أنْ يجودَ لنا / فليتَه في عيونِ العِشقِ ما مَلُحا
وكان لي جَلَدٌ قبلَ الغرامِ به / فَالآن أفنَى اِصطباري وَجْدُهُ ومَحا
وزائرٍ زارَني واللّيلُ معتكرٌ / والصُّبحُ في قبضةِ الظّلْماءِ ما وَضَحا
كَأنّهُ كَلِمٌ راعتْ وليسَ لَها / مَعْنىً ولَمعةُ برقٍ خلَّبٍ لَمَحا
لو أنّه زارَني والعينُ ساهرةٌ / أعطيتُه من نصيبِ الشّكرِ ما اِقتَرحا
أَعطى إلى العَينِ مِنّي قُرّةً وأتى / قلبي فأذْهبَ عنه الهمَّ والتَّرَحا
زَوْرٌ أبِيتُ به جَذْلانَ منتفعاً / وكم من الزَّوْرِ ما طرنا به فرحا
وبات يسمحُ لِي منه بنائِلِهِ / لكنّه راجعٌ فيما بهِ سَمَحا
يا صاحبي إنْ تُرِدْ يوماً موافقتِي / فقد بلغتَ بِيَ الأوطارَ والنُّجَحا
جَنِّبْنِيَ اللّهوَ في سرٍّ وفي عَلَنٍ / وعاطِ غيرِي إذا غنّيتَه القَدَحا
ولا تُهِبْ بِي إلى ثِنْيَيْ بُلَهْنِيةٍ / وَاِجعَلْ نِداءَك لِي من فادحٍ فَدَحا
فَلَستُ أَفرحُ إلّا بالّذي مَدَحَتْ / مِنّي الرّجال فَلا تطلبْ لِيَ الفَرَحا
وَكُنْ إِذا اِصطبَح الأقوامُ في طَرَبٍ / بالمجدِ مُغتَبِقاً والحمدِ مُصْطَبِحا
مَنْ لِي بِحُرٍّ من الأقوامِ ذي أنَفٍ / ينحو طريقي الذي أنحوه حين نَحا
تَراهُ وَالدّهرُ شتّى في تقلّبِهِ / لا يَقبَلُ الذلّ كيما يقبلُ المِنَحا
وإنْ مضى لم تُعِجْهُ الدّهرَ عائجةٌ / ولا يُقادُ إلى الإقدامِ إنْ جَنَحا
حَلفتُ بِالبيتِ طافَتْ حولَه عُصَبٌ / من لاثمٍ ركنَه أو ماسحٍ مسحا
والبُدْنِ حلّتْ ثرى جَمْعٍ وقد وُدِجَتْ / وَإِنّما بَلغ الأوطارَ من رَزَحا
وَبِالحُصيّاتِ يقذَفنَ الجمارُ بها / وبالهَدِيِّ على وادي مِنى ذُبحا
وشاهِدِي عَرَفاتٍ يومَ موقِفِهمْ / يستصفحون كريماً طالما صَفَحا
لقد حللتُ من العَلياءِ أفنيةً / ما حلّها بشرٌ نحو العُلا طَمحا
وقد مُنِحتُ وضلّ الناسُ كلُّهُمُ / عنه طريقاً لطيبِ الذّكر ما فتِحا
كان الزّمان بهيماً قبل أنْ مَنَحتْ / فضائلِي جِلدَه الأوضاحَ والقُرحا
وقد رجحتُ على قومٍ وُزِنتُ بهمْ / وما عليَّ من الأقوامِ مَنْ رَجَحا
فإنْ كدَحتُ ففي عزٍّ أَضنُّ بهِ / وضلّ مَنْ في حطامٍ عمرَه كَدَحا
ما زلتُ أُسّاً وباقي النّاسِ أَبنَيةٌ / وكنتُ قُطباً وحولِي العالمون رَحا
وأيُّ ثِقْلٍ وقد أعيا الرّجالَ على / ظَهري الّذي حَمل الأثقال ما طُرِحا
وَسُدْتُ قومِيَ في عَصرِ الصِّبا حَدَثاً / وَلَم يسودوا مَشيباً لا ولا جَلَحا
فكمْ قدحتُ وأضرمتُ الورى لهَباً / وكمْ من النّاس قد أكْدى وما قَدَحا
فَقُلْ لِقَومٍ غرستُ البِرَّ عندهُمُ / فما رَبحْتُ وكم من غارسٍ رَبِحا
ليت الّذي غرّ قلبي من تجمّلكمْ / ما سال فينا له وادٍ ولا رَشَحا
وَلَيتَني لَم أَكُنْ يوماً عرفتكُمُ / وَكُنتُ مِنكُمْ بعيدَ الدّار مُنتَزِحا
قَد عادَ صدرِيَ منكمْ ضيِّقاً حَرَجاً / وكان من قبل أنْ جرّبتُ منشرِحا
فَلا تَروموا لِوُدِّي أوْبَةً لكُمُ / إنّ الجوادَ جوادَ الودِّ قد جَمَحا
طَرحتموني كَأنّي كنتُ مُطَّرحاً / ولُمْتُموني كأنّي كنتُ مُجتَرِحا
وخلتُ أنّكُمُ تجزونَنِي حَسَناً / فالآن أوْسعتمونِي منكمُ القُبَحا
فَلا تَظنّوا اِصطِلاحاً أَنْ يَكون لنا / فَلم يدع ما أَتَيتمْ بَيننا صُلُحا
وَلو جزيتُكُمُ سوءاً بسَوْءتِكُمْ / لَكُنتُ أنْبِحُ كلبَ الحيِّ إنْ نَبَحا
وَلا سَقَتكمْ منَ الأنواءِ ساقيةٌ / ولا نَشَحْتُمْ إذا ما معشرٌ نَشَحا
وَلا يَكن عَطَنٌ مِنكمْ ولا وَطَنٌ / مُتّسعاً بالّذي تَهْوَوْنَ مُنفسِحا
وَلا لَقيتمْ بضرّاءٍ لكمْ فَرَجاً / ولا أصبتم بسرّاءٍ بكمْ فَرَحا