المجموع : 105
حَيَيتُما من دمنتي طَلينِ
حَيَيتُما من دمنتي طَلينِ / عطلين موحشتين مقفرتينِ
عفّى عراصهما عَلى طول البلى / نوء الرَشا وَبَوارح الفرعَينِ
وَمَحاهما مِن آلِ محوة وَالصَبا / أَذيال غاديتين رائِحتينِ
وَكأَنَّما أَبقين من رسميهما / طِرسَين مِن أَثوابِ ذي القرنَينِ
يا مَن رأى ظعن الخَليط كَأَنَّها / نَخل الرُبا أَو دوم ذي الحَدَقَينِ
يقطنَ بِالأَحداجِ بطن مقضب / قَلَتِ الرُبا وَمَشارِق الجَبَلَينِ
مِن كُلِّ أَلباب الرِجالِ كَأَنَّما / صِفر الحَشا سَحّارَة العَينَينِ
تَصطادُ أَلباب الرِجالِ كَأَنَّما / تَرمي بِبَعض عَزائِمِ المَلَكَينِ
وَكأَنَّ مبسمها وَلؤلؤ عقدها / دُرَّين مؤتَلِفَين مُنتَظِمَينِ
وَإِذا مَشَت قطف الخُطى فَكَأَنَّها / ملكُ الخَورَنَقِ ماسَ في بُردَينِ
تَزهو عَلى القَمَرِ المُنير بِوَجهِها / وَتَتيهُ من حُسنِ عَلى الثقلينِ
فَبِنَرجَسِ العَينَينِ سِحر إِن رَنَت / أَو أَسفَرَت فَشَقائق الخَدَّيَنِ
وَلَها سِلاحٌ لا يَضُرُّ دُنوّه / وَالبُعدُ منه جالِبٌ لِلحَينِ
لَحَظاتٌ طرفٍ كالسُيوفِ جُفونُها / أَجفانُها وَفَصيلتا نَهدَينِ
وَلَها قوام ما رأَيت مِثاله / تَهتَزُّ فيهِ كاِهتِزار رُدَيني
رَيّانَة الخِلخالِ ظامئة الحَشا / هُركولة خُرعوبة الساقَينِ
رَيّا العِظام نَديَّة أَعطافها / رَخصُ البَنانِ دَقيقة الخَصرَينِ
قَد كانَ لي عَيش بِهِنَّ فَخانَهُ / صرف النَوى وَتَقَلُّبِ العَصَرَيِ
أَيام لَم يَرُعِ المُحِّبينَ النَوى / عَنّا وَلضم يَنعق غراب البَينِ
قالَت بُريهَة إِذ شجتها رِحلَتي / وَرَنَت بِناظرتين باكِيَتَين
فَكأَنَّ أَدمُعَها وَلَفظ عِتابِها / دَرَّين مفترقين مُنتَثِرَينِ
أَنّى تُريدُ تَرَحُّلاً عَن أَرضِنا / نَفديك بالأَبَوَينِ وَالأَخَوَينِ
فَأَجبتها صَبراً فَإِنّي ناهِض / عَنكِ الغُداةَ صَبيحَةِ الإِثنَينِ
وَلأقتُلَنَّ العُدمَ قتلةَ ثائِرٍ / بِالجودِ من نَفحاتِ كَفِّ حُسَينِ
الماجِدِ ابنِ أَبي هِشام ذي النَدى / مَحض الفَخارِ مُهَذَّبِ الجَدَّينِ
وَرِث المَعالي عَن أَبيهِ وَجَدِّهِ / فَنَشا بِمَجدٍ معلم الطَرفَينِ
بَيت السَماحِ جَماهِريٌّ مجده / تَعلو بِهِ يَمَنٌ عَلى النَجمَينِ
يُغضي لَهيبته الزَمان إِذا اِنتَضى / عَضَبُ المَنابِرِ باتِر الحَدَّينِ
مُتَقَلدٌ من رأيِهِ وَحُسامِهِ / سيفين قَد نيطا إِلى كَتِفَينِ
نِعَمٌ تُباحُ لِراغِبٍ أَو راهِبٍ / جَمُّ المَواهِبِ باسِطِ الكَفَّينِ
حازَ الفخار بِجِدِّهِ وَبِجَدِّهِ / فَهوَ المفضَّلُ كامِل الشَرفَينِ
يا أَيُّها المولى الأَجَلُّ ومن لَهُ / هِمَمٌ تَجاوَزَ مطلع القَمَرَينِ
ما أَنتَ فاعِلٌ الغُداةَ بِشاعِرٍ / رَثِّ الثِيابِ مشعَّثِ القَدَمَينِ
قَد طافَ في طَلَبِ العُلى وادي القُرى / وَالعز من عَدَنٍ إِلى السِرينِ
وَإِلى عُمانَ وَفارِس ثُمَّ اِنتَحى / بِالرَيّش نَحوَ جَزيرَة البَحرَينِ
وَأَقامَ في شيرازَ سَبعَةَ أَشهُرِ / وَأَناب مِن كُلِّ بِخُفِّ حُنَينِ
وَأَنا عَلى الأَيّامِ أَعتَبُ عاتِبٍ / وَبذاك يَقضي بينهنَّ وَبَيني
لا زلت في رُتَبِ المَعالي ساحِباً / ذَيلَ المَكارِمِ مُسبَل الكُمَّينِ
ما نَوَّر الأَصباحَ جِلبابَ الدُجى / وَتَجاوبا طيران في غُصنَينِ
قُل لِلَّذي وَردُ خَدِّهِ القاني
قُل لِلَّذي وَردُ خَدِّهِ القاني / في لَجِّ بَحرِ الغَرامِ أَلقاني
ما نِلتُ من ثغر ريقَك الهاني / عَن ثَغرِ الأَنامِ أَلهاني
قالوا قُتلت بِصارِمٍ من طَرفِهِ
قالوا قُتلت بِصارِمٍ من طَرفِهِ / فيما زَعمت وَما نَراهُ بَقاني
فَأَجَبتُ خير البيض ما سَبَقَ الدِما / فَمَضى وَلَم يَتَخَضَّب القُربانِ
أَحياهُ بَعدَ اللَهِ إِذ حَيَّاهُ
أَحياهُ بَعدَ اللَهِ إِذ حَيَّاهُ / طَيف يُسرّي الهَمّ عَنهُ سُراهُ
أَهدى السَلام عَلى تَنائي أَرضِهِ / يا حَبَّذا المُهدى ومن أَهداهُ
أَهداهُ أَحوَرَ مِن ظباء تِهامَةٍ / كالظَبّي الحاظ الظباء ظُباهُ
كَلَّت ملاحظُ مُقلتيه وَإِنَّما / لحظ العُيونِ أَكلُّه أَمضاهُ
يُعدي وَلا يزراه سقم جُفونِهِ / وَالسَيف لَيسَ يَضرُّهُ حَدَّاهُ
ما العَيش غير جواره في رَوضَةٍ / يَنضافُ رَيّاها إِلى رَيّاهُ
يَثني النَسيم الأُقحوانُ بِمِثلِهِ / فيها كَما تَتَلاثَم الأَفواهُ
نَفسي الفِداء لَهُ عَلى هِجرانِهِ / أَبَداً وَمَن لي أَن أَكون فِداهُ
أَستودع اللَهَ الحِجازَ وَأَهله / وَسَقاهم سَيلَ الحَيا وَسَقاهُ
أَهوى الحِجاز وَطلحه وَسيالِهِ / وَأَراكه وَبشامه وَعضاهُ
فَسَقى الإِلَهَ سهولَهُ وَحزونه / وَمروجَهُ ووهادَهُ وَرُباهُ
غَيثاً يُطبِّق بِالفلاة فَيَستَوي / بِالرَوضِ منظر أَرضِهِ وَسَماهُ
جوداً كجوديد ابن عمران الَّذي / بَهَرَ الأَنامَ سَناؤُهُ وَسِناهُ
يَحكي الشَريف أَبا عليِّ جودِهِ / يَتَوَسَّم الوَسميُّ في سيماهُ
كَيَمين عَبّاسٍ أَبي الحسن الَّذي / بَهَرَ الأَنامَ سَناؤُهُ وَسِناهُ
ضَحِكَ الزَمانُ وَكانَ عَبّاساً لَنا / بِنَوالِ عَبّاسٍ وَطيب ثَناهُ
ملك يُقِرُّ بِفَضلِهِ وَبِبَذلِهِ / وَبِعَدلِهِ أَصحابَهُ وَعِداهُ
جبل الأَنامِ عَلى الخِلافِ وَلا أَرى / رَجُلَينِ يَختَلِفانِ في عَلياهُ
قَد صاغَهُ الرَحمَنُ مِن كَرَمٍ فَلَو / لمسته راحة باخِلٍ أَعداهُ
اليمن في يُمناهُ كَيفَ تَصَرَّفَت / أَحواله وَاليُسر في يُسراهُ
ساسَ الأَقاليمَ العِظام بِكَفِّهِ / قلم يَفُلُّ شَبا الخُطوبِ شَباهُ
يَجلو جَبيناً لِلعُفاةِ تَرَقرَقَت / وَتَدَفَّقَت للبشر فيهِ مياهُ
وَيُبَشِّر العافين بِشر جَبينه / بِالنُجح قَبلَ يَنالهم جَداوه
وَلِجودِهِ مِن نَفسِهِ داعٍ إِذا / ناداهُ حَيَّ عَلى النَدى لَبّاهُ
يَدري الجَوادَ إِذا استَوى في مَتنِهِ / أَنَّ الفَقير إِلى الحِزام سِواهُ
فَكَأَنَّهُ لِثَباتِهِ في طَرفِهِ / عضو تَمَكَّن في سواء قُراهُ
لا يَقتَني العليا إِلّا بِالظُبى / قدماً إِذا ونيَت صُدور قَناهُ
فالبيض السنة نَواطِق مالها / إِلّا الجَماجِمُ وَالرِقابُ شِفاهُ
ماضي العَزيمِ لَو اِستَنابَ عَزيمَةً / عَن كُلِّ حَدِّ مُهَنَّدٍ أَغناهُ
يا مَن يُفَنِّدُهُ عَلى إِعطائِهِ / لَومُ السَحائِبِ أَن تَشُحَّ سَقاهُ
أَتَلومَهُ في الجودِ وَهوَ رَضاعة / قِدماً ومن بعد الرَضاعِ غَذاهُ
فَإِذا نَهاهُ عاذِلٌ عَن جودِهِ / لَم يُثنِهِ وَكأَنَّهُ أَغراهُ
لا يُستَطاع لِفَضلِهِ وَصفٌ وَلَو / أَنَّ العِبادَ بأَسرِهم أَفواهُ
فَقَد اِغتَدى في كُلِّ شَيء كامِلاً / فَوَقاه مِن عَينِ الكَمالِ اللَهُ
إِقدام حَيدَرَةٍ وَبأس مُحَمَّدٍ / فيهِ وَلا يعدوهما أَبواهُ
نَسَباً تَرى عنوانه في وَجهِهِ / فَلَو أَنَّ أُميّا يَراهُ قَراهُ
أَشبهتَ في العَلياء جَدَّكَ أَحمَداً / إِنَّ الأَكارِمَ في العُلى أَشباهُ
قُسِمَ النَدى فَجَرى الأَنام بِأَسرِهِم / مِنهُ اسمه وَحويتُمُ مَعناهُ
فَمَنِ ادَّعى بَعدَ النَبيِّ وَآلِهِ / مَعنى الفَضائِلِ كُذِّبَت دَعواهُ
لَو يَنسِل المَعروف كنتَ إِبناً لَهُ / أَو كانَ مَولوداً لَكُنتَ أَباهُ
أَنتَ الرَبيع وَكَيف يَحيا مَوضِع / غير الرَبيع بِهِ فَما أَحياهُ
مَن كانَ نَحو ابنِ الإِمامَةِ سَيره / فالنُجح وَالتَوفيق مُكتَنِفاهُ
سَيف لَهُ في وَجهِ شفرة وَجهِهِ / وَجه إِذا كُلُّ الوجوهِ لَجاهُ
ما قالَ لا مُذ كانَ إِلّا قوله / عِندَ الشَهادَةِ لا إِلَه سِواهُ
وَقَد اِعتَزمت عَلى الرَحيلِ فَإِن رأى / إِمضاءُ أَمرِ وَليِّهِ أَمضاهُ
وَلَقَد علمت بِأَنَّ مَوتي عِندَهُ / هَزَلاً يَفوق العَيش عند سِواهُ
لِكِنَّهُ هَجَمَ الشِتاء وَعِندَهُ / مِمَّن تَكون تِهامَة مَثواهُ
يا أَيُّها الملك الَّذي لَم أَغتَرِب / عَن أَرضِ قَومي خُطوَةَ لَولاهُ
أَيَجوز أَن أَشكو إِضاقَة عيشة / وَالمال عندك واهِن وَالجاهُ
مُتَصَرِّف أَنّى يَشاءُ بِرأيِهِ / وَيَمينه لا في يَمين سِواهُ
وَكَذاكَ ظفر اللَيث في يَد غَيرِهِ / يَنبو وَيفري الهام في يُمناهُ
قَلَم بِخِلقَتِهِ المَنايا وَالمُنى / كالصِلِّ فيهِ سُمّه وَشفاهُ
قَطُّ العِدى في قَطِّهِ وَمِدادِهِ / تَنفيس مُدَّة كل مَن والاهُ
يا مَن يَلومُ المُعصِراتُ عَلى النَدى / وَالمزن أَكرَم أَن يَضنَّ نَباهُ
ملك إِذا قسناهُ أَو قُسنا بِهِ / قالَت بَدائِع فَضلِهِ حاشاهُ
ينميه من زيدانٍ يشبه مَعشَرٌ / لَهُمُ من الشَرَفِ الرَفيع ذراهُ
مِن كُلِّ وَضّاحٍ إِذا أَفنى النَدى / من كَفِّهِ المال اِقتَنى بقناهُ
ليهن كلاك مَداها القَصيّ
ليهن كلاك مَداها القَصيّ / وَمجد يُؤَثَّل عَنها سَنىِّ
لَقَد حَلَّ سؤددك المُرتَقى / الَّذي لا يَروم إِلَيهِ الهوادِجَ
وَذَلَّ بِعَزمِكَ صرف الزَمانِ / حَتّى أَطاعَكَ منه العَصيّ
وَرُضتَ الحَوادِثَ ذا حِنكَةٍ / فَصَيَّرَت ما اِعوَجَّ مِنها سَوي
وَأَنتَ عَميد العُلى لَم تَزَل / وَأَنتَ لك اليَعمل الشَدقَميّ
وَقائلة رَعَتها خِلَّة / أَلَيسَ لَكَ اليَعمل الشَدقميّ
وَهَذا ابن يَحيى إِلى فَضلِهِ / تُنَضُّ الرِكابَ وَتنظى المَطيّ
فَعِش في ذُراهُ فَإِنَّ الوَرى / لَهُم رغد العيش مِنهُ الهَنيّ
جناب مَريع لِوُرّادِهِ / بِوادٍ خَصيب وَشُربٍ رَويّ
فَلَمّا تيممته قاصِداً / تكنَّفني مِنه جود سَنيّ
وَقابَلَني البَدرُ من وَجهِهِ / وَناطقني مصقع هبرَزيِّ
يَجُرُّ العُقول بِأَلفاظِهِ / فَيَرتَدُّ عَقلاً لَدَيهِ الدَهيِّ
وَقورٌ تُراع لَهُ هَيبَة / لَذيذ الفَكاهِةِ عَذب شَهيّ
كَأَنَّ تألَّقّ آرائِهِ / سَنا البَرق يَفتَرُّ عَنهُ الحَبيّ
يَشُفُّ العُيون بإِيماضِها / كَأَنَّ القَضاء لَدَيهِ نَجيّ
إِذا ما اِنتَضى العَزمُ أَقلامَهُ / تَذَلَّلَ طَوعاً لَهُ السَمهَريّ
وَلَم يَنُجُ مِنهُنَّ حَدُّ الظُبى / وَلا الزُعف وَالزَرد التُبَعيّ
فَتِلكَ اليَراع اللَواتي لَها / شَباة يَفض بِها السابِريّ
يَشُبُّ بِأَطرافِهِنَّ الوَغى / فَتَضحى وَللهام فيها هَويّ
يزين المَهارِق مِن لُبسِهِ / كَما فَوَّقَ الزَرد الأَتحَميّ
كَنورِ الحَديقَةِ في رَوضَةٍ / تَتابَع وَسميّها وَالوَليّ
تَروقُ العُيونُ بِأَزهارِها / وَتَبسِمُ عَن نَشرِها العَنبَريّ
فَحينَ تقيلتُ أَظلالها / ظَلَلتُ وَبالي لَدَيهِ رَخيّ
بِحالٍ قَعدتُ بِها عاطِلاً / فَصيغ لَها من نَداهُ الحُليّ
فَتىً يَفعَل المكرمات الجِسام / وَيسترهن بِطَرف حَييّ
وَلما صَفا لي ريق الحَياةِ / وَساغ لي العَذب مِنهُ المَريّ
بَذَلتُ حَدائِقَ شُكري لَهُ / واِتبعتُ فيهنَّ مَدحاً جَنيّ
فَقُلتُ الَّذي رامَ مَسعي أَبي حسن / لَقَد خابَ سَعياً بَطيّ
إِذا هوَ خُودِعَ عَن مالِهِ / تَخادَعَ وَهوَ النَبيه الدَريّ
منحتك عَذراء زُفَّت إِلَيكَ / كَما اِزدَلَفَت لِلهَداء الهَديّ
إِذا ما ثَنى التيه أَعطافها / تَضَوَّع من نشرها المَندَليّ
فَقَد قَصَّرَ المَدحُ عَن شُكرِ مَن / أَطاعَ لَهُ الدَهر قَسراً أَبيّ
تَمَلَّ العُلى ما بَدا كَوكَبٌ / وَما أَعقَبَ اللَيلَ صُبحَ ذَكيّ