المجموع : 316
يا من تظل له الكواكب حسدا
يا من تظل له الكواكب حسدا / لعلو رتبته وتمسي سجدا
حاشا اهتمامك أن أروح مؤخراً / بعد التقدم في نديك والندى
قسماً عليك أبا الضياء مؤكداً / لا تقبضن إلا على ود يدا
فوحق نعمتك التي من أجلها / أصبحت محسوداً عليك من العدا
لو قست بي من يدعي لك خدمة / ومحبة لغدوت وحدي أوحدا
وعلمت أني في يمينك صارم / ماض يسرك منتضى أو مغمدا
أفنى وأبقي فيك غر قصائد / يبقى الثناء بها عليك مخلدا
فارجع لعادتك الكريمة منعماً / أولا فقل لي ماعدا مما بدا
واسلم فقد شكر الوصي وآله / عزماً نصرت به النبي محمدا
يا أكرم الحاضر والبادي
يا أكرم الحاضر والبادي / وفارس الموكب والنادي
ويا ذباب الأبيض المنتضي / عزماً ونصل الصعدة الصادي
وافى كتاب منك مضمونه / شكرك عن بري وإسعادي
بدأت بالحسنى فجازيتها / والفضل في الإحسان للبادي
فثق بودي وأعتقد أنني / لمن يناويك بمرصاد
وسل من الله تجد منعماً / طول حياة الناصر الهادي
هذي مناجاة عبد رق حاسده
هذي مناجاة عبد رق حاسده / من البلاء الذي أمسى يكابده
لا يطرق النوم أجفاناً لمقلته / ومقلة الموت من قرب تراصده
لا يقرع الباب إلا قلت قارعه / وزارع العمر مهما شاء حاصده
ليلي من الهم ليل لا صباح له / كأنني فيه أعمى ضل قائده
أردد الظن في يأس وفي طمع / قد ضج هابطه مني وصاعده
فخوفه منك إشفاقاً يباعده / وظنه منك بالإحسان واعده
أما الرجاء فقد جهزت مركبه / وفداً إلى ملك ما خاب وافده
الكامل بن أبي الفتح الذي اعتصمت / به الخلافة لما غاب والده
حاشا كمالك من نقص تقدمه / والبدر يعرف بعد النقص زائده
فتش تجد لي نصيراً في الذين هفوا / وما نظيرك ممن أنت واجده
وما أقيم لنفسي حسن معذرة / أنا المسيء الذي ضلت مقاصده
بعدت عنكم وكانت زلة خطأ / فاغفر وذلك ذنب لا أعاوده
إني شقيت فهل من فضل عاطفة / علي تسعد جدي أو تساعده
لست الجليد على ما قد بليت به / فارحم فلو كنت صخراً ذاب جامده
أنا ابن سبعين قد أشفى على طرف / من المنية واختلت قواعده
أنا الفقير فهل من رحمة ورضى / يجود بالنفس باديه وعائده
مولاي أبق على روحي فربتما / أرضاك طارف إخلاصي وتالده
هذا الرديني لا يهتز عامله / حتى يقوم بالتثقيف مائده
إن خلصتني من البلوى عواطفه / فتلك في كل ملهوف عوائده
لو قصر الحمد بي عن شكر نعمته / فالله شاكره عني وحامده
سفر الزمان بواشح من بشره
سفر الزمان بواشح من بشره / وافتر باسم ثغره من ثغره
وأضاء حتى خلت فحمة ليله / طارت شراراً في توقد فجره
وتمايلت أعطافه فكأنما / أعطاه ساقي الراح رقة خمره
وتفاوحت أنفاسه فكأنما / فض اللطائم فيه جانب عطره
وازداد باهر حسنه فكأنما / نثر الربيع عليه باهر زهره
واختال في حلل الجمال تطاولاً / بجمال أيام السعيد وعصره
بالياسر المغني بأيسر جوده / والمقتني عز الزمان بأسره
من طالت اليمن العراق بفضله / وسمت على أرض الشآم ومصره
فأضاء بدراً في سماء فخاره / وصفاته الحسنى ثواقب زهره
أو ما ترى الأيام كيف تبجلت / عن سعيه وتعطرت من ذكره
سبق الكرام لها وأبدى عجز من / لم يحوها وأبان عاجز عذره
فكأنما اختصرت له طرق العلى / فضلاً وضل عداته في إثره
أحيا معارف كل معروف بها / ومحا معالم منكريه بكره
وأفاض منها للبرية أنعماً / نطق الزمان بشكرها وبشكره
فالمدح موقوف على إحسانه / مابين بارع نظمه أو نثره
والعيش رطب تحت وارف ظله / والورد عذب من مناهل بره
والسعد منقاد له متصرف / ما بين عالي نهيه أو أمره
والملك مبتسم الثغور مورد ال / جلباب نشوان يميل بسكره
لما غدا تاجاً لمفرق عزه ال / سامي وعقداً في ترائب نحره
متفرد دون الأنام بصونه / متكفل دون الأنام بنصره
وهو الذي شهدت بباهر فضله / شيم سمت قدراً بسامي قدره
ثبت المواقف في لقاء عداته / ماضي العزائم في مجاول فكره
متصرف في طاعة الملكين في / ما رامه من نفعه أو ضره
متناهياً في النصح مجبولاً على / إخلاصه في سره أو جهره
حفظ الإله به النظام لدسته / وقضى بسير بلاده في ستره
متقحماً فيه العجاج مضرماً / نار الهياج ببيضه وبسمره
يستنبط المعنى الخفي بلطفه / ويرى المغيب من مرايا فكره
ماكانت الدنيا تضيق بطالب / لو أن واسع صدرها من صدره
وكأن راحة كفه لعفاته / بحر تدفق من تدفق بحره
وكأنما برق السحائب لائح / من بشره وقطارها من قطره
لله إنعام السعيد فإنه / أغنى العديم وسد فاقة فقره
فالوفد ينعم في رياض نعيمه / وعدوه يشقى بشدة أسره
والطيب يطوي البيد نحو فنائه ال / سامي وينشر فائحاً من نشره
عم البرية فالمقل كأنه / فيها أخو المال الكثير لكثره
وغدا بوصل الجود فيها مغرماً / لهجاً إذا لهج البخيل بهجره
يا من يحاول وصف أيسر وصفه / أين البلاغة من تعاطي حصره
إن السعيد ابن السعيد أجل أن / يحصي مآثره البليغ بشكره
ومدائح المداح فيه نتائج / من سعيه وقلائد من دره
فليبق معمور الفناء مخلد ال / نعماء ممدوداً له في عمره
وليهن عيد الفطر رؤيته التي / إشراقها إشراق غرة فطره
ما عاد شوال ببهجة عيده / وسما الصيام بفضل ليلة قدره
ومتى أخل بواجباتك شاكر / عن قدرة هدمت مباني فخره
إن الصنائع في الكرام ودائع / تبقى وإن فني الزمان بأسره
الشعر يعلم أن قدرك أكبر
الشعر يعلم أن قدرك أكبر / مما نقول وأن فضلك أكثر
لكن مدحك خدمة مفروضة / أمر المقل بفعلها والمكثر
ومتى يقوم ببعض حقك معشر / أضحت خطاياهم بمدحك تغفر
شرفوا بخدمة ذا المقام فجهدهم / أن يحمدوه مدى الزمان ويشكروا
نظمت خواطرهم مديح خليفة / في مدحه السبع المثاني تنثر
العاضد الطهر الذي أعراقه / في الأصل من ماء الغمامة أطهر
من هاشم حيث التقت شعب العلى / وغدت ينابيع الندى تتفجر
من دوحة نبوية أغصانها / بالعز من نسل الأئمة تثمر
لم ينقشع وبل الهدى من فوقها / حتى تحدر منه جدك حيدر
إن الرعايا استبشرت بخليفة / وجه الزمان بوجهه يستبشر
نظروا إليك وأكبروك مهابة / فمسبح ومهلل ومكبر
وتسابقوا لثم التراب كأنه / من طيبه مسك يساق وعنبر
عنت الوجوه وقد طلعت فما يرى / إلا جبين في التراب معفر
حتى حللت رواق عالية الذرى / أمست ذرى الهرمين عنها تقصر
شبهتها والنيل يجري تحتها / بالخلد أجري في ذراها الكوثر
وإذا اختصرت القول في تشبيهها / فكأنها الفلك المحيط مصور
شرفت أمير المؤمنين مواسم / أضحت تؤرخ باسمكم وتسطر
قسمت كما قسم الزمان فحاضر / لم ينصرم ومقدم ومؤخر
وأجلها يوم الخليج فإنه من بينها / يوم أغر مشهر
يوم خلعت عليه ليل عجاجة / شهب الأسنة في دجاها تزهر
يوم كأن الجيش تحت قتامه / سر بأثناء الجوانح مضمر
وافاك فيه النيل وهو من الحيا / خجل يقدم رجله ويؤخر
قد جاء معتذراً إليك وتائباً / من ذنبه الماضي ومثلك يعذر
لولا تعثره بأذيال الثرى / ما كان مذروراً عليه العثير
لو لم تغبر في الندى وجهه / ما لاح قط عليه لون أغبر
ولو أنه لاقى ركابك صافياً / صرفاً لكدره العجاج الأكدر
ولقد عدمناه فنبت نيابة / عز الغني بها وأثرى المعسر
إن كان من نهر فكفك لجة / أو كان من مطر فوبلك أغزر
شتان بينكما أبحر واحد / كيد أناملها الكريمة أبحر
في كل وقت فيض جودك حاضر / فينا ونائله يغيب ويحضر
وعلى الحقيقة لا المجاز فإنه / من نعمة الله التي لا تكفر
كسر الخليج عبارة عن منة / أضحى بها كسر المنية يجبر
فتمل موسمه وعمراً خالداً / تمضي لياليه وأنت معمر
وتهل أيام الكفيل ودولة / عزت بها فهو الهناء الأكبر
هادي الدعاة كفيل دولتك التي / تهدي إذا ضل السميع المبصر
إن كنت في وجه الخلافة مقلة / فالصالح الهادي عليها محجر
أو كنت فيحرم الإمامة قبلة / فهو الشعار لأهلها والمشعر
أو كنت للإسلام شمس هداية / فطلائع منها الصباح المسفر
ملك إذا عد الملوك وفضلها / بدأ اللسان به وثنى الخنصر
شيم يروق الأذن منها مسمع / وعلى يروق العين منها منظر
أحيا بمحيي الدين سيرته التي / يطوى بها نشر الثناء وينشر
ذخر الأئمة من خلائف هاشم / ووسيلة لهم تصان وتذخر
الناصر المحيي الذي بغنائه / أضحت عظيمة كل خطب تصغر
شرفت بنو رزيك حتى أنهم / دون البرية للكواكب معشر
وتواضعوا والدهر يعلم والعلى / أن الزمان بهم يتيه ويفخر
الشائدون على كبا من دونها / كسرى وقصر عن مداها قيصر
فليسلموا للعاضد بن محمد / عضداً يذل به العدو ويقهر
إذا ما لقيت الأكرم الندب فاعتذر
إذا ما لقيت الأكرم الندب فاعتذر / إليه عن التقصير في الحمد والشكر
وقل لا خلا منك الزمان ولا انطوى / بساطك من نهي مطاع ومن أمر
فمازلت طلق الوجه في السخط والرضى / حميد السجايا في التهجم والبشر
إذا ما تسحبنا عليك قبلتنا / قبول رحيب الساح والراح والصدر
طمع المرء في الحياة غرور
طمع المرء في الحياة غرور / وطويل الآمال فيها قصير
وحياة الإنسان ثوب معار / واجب أن يرده المستعير
يفرح المرء بالمسرات أحيا / ناً وهيهات أن يدوم السرور
ويريد الصفاء من ود دنيا / لم يزل في صفائها تكدير
طالما عوشرت فغرت وعزت / وبدت في السرور منها الشرور
ولكم واثق بها خدعته / وهو مغرى بحبها مغرور
ولكم قدر الفتى فأتته / نوب لم يحط بها التقدير
ضاع تدبير حازم لم يعنه / من له الأمر فيه والتدبير
ليت يوم الاثنين لم تبتسم لي / عن محياه لليالي ثغور
طلعت شمسه بيوم عبوس / حير الطير شره المستطير
وتجلى صباحه عن جبين / إثمد الليل فوق مذرور
صبح المجد في صبيحة ذاك الي / وم غبراء صيلم عنقفير
بلغ الدهر عندها ما تمنى / وعليها كان الزمان يدور
حادث ظلت الحوادث مما / شاهدته من جوره تستجير
ترجف الأرض حين تخبر عنه / وتكاد السماء منه تمور
طبق الأرض من مصاب أبي الغ / ارات خطب له النجوم تغور
فض ختم الحياة عنك حمام / لا يراعي إذناً ولا يستشير
وترقت إلى ثبير خطوب / شاخ تحت التراب منها ثبير
ما تخطى إلى جلالك إلا / قدر أمره علينا قدير
بذرت عمرك الليالي سفاهاً / فسيعلمن ما جنى التبذير
سوف يصحو سكران وقت ويلقى / سورة الخمر شارب مخمور
قل لصرف الردى بأي زمان / قدت صعباً إباؤه مشهور
وبأي الرقى توصلت / حتى سكن الصعب واستكان النفور
يا غياث الأنام هل من لقاء / تشتفي لوعة به وزفير
يا أمير الجيوش هل لك علم / أن حر الأسى علينا أمير
إن قبراً حللته لغني / إن دهراً فارقته لفقير
هل يداوى بلثم تربك داء / جره فقدك الأجاج المرير
عطل المدح والنسيب وقامت / قدم الرثاء وهي عثور
إن أقم فيك والرثاء جبان / فمديحي كما علمت جسور
يا أبا الوفد والضيوف تفضل / بقراهم وغيرك المأمور
وأجرهم أن يحجبوا عن ضريح / حل فيه منك العزيز المجير
فلعل العيان يشفي نفوساً / نغلت من همومهن الصدور
وبعيد عنك السلو بشيء / ولك الفكر موطن والضمير
سوف تمضي وحزننا مستجد / بعد ذا الشهر أشهر ودهور
لا يظن الزمان أنك تنسى / عظم الخطب فالسلو عسير
يحسن الصبر في البلاء وهذا / فادح ماعليه منا صبور
سخنت بالبعاد عنك عيون / كنت حياً وطرفهن قرير
أنست بالحداد فيك إلى أن / شجبت أوجه وطالت شعور
سهرت حسرة عليك ونامت / مقل في وفائها تقصير
لا تظن الأيام أنك ميت / لم يمت من ثناؤه منشور
لك رضوان زائر ولقوم / هلكوا فيك منكر ونكير
حفظت عهدك الخلافة حفظاً / أنت منها به خليق جدير
أحسنت بعدك الصنيعة فينا / فاستوت منك غيبة وحضور
وأبى الله أن يتم عليها / ما نوى حاسد لها أو كفور
ضيقوا حفرة المكيدة لكن / ضاق بالناكثين ذاك الحفير
وتجروا على القصور بقدر / وسراج الوفاء فيها ينير
حرم آمن وشهر حرام / هتكت منهما عرى وستور
لا صيام نهاهم لا إمام / طاهر ترب أخمصيه طهور
أخفروا ذمة الهدى بعد علم / ويقين أن الإمام خفير
وإذا ما وفت خدور البوادي / بذمام فما تقول القصور
غضب العاضد الإمام فكادت / فرقاً منه أن تذوب الصخور
أدرك الثأر من عداه بعزم / لم يكن في النشاط منه فتور
واستقامت بنصره وهداه / حجة الله واستمر المرير
إذا مضى كافل فهذا كفيل / أو وزير ولى فهذا وزير
دولة صالحية خلفتها / دولة عادلية لا تجور
نشرت ذكرها وأحيت علاها / هكذا هكذا يكون النشور
لو رأت عينه فعالك قرت / واستقرت بساكنيها القبور
كل ما أنت فاعل من جميل / فهو عنه مخلد مأثور
شرف باذخ ومجد رفيع / يستوي فيه أول وأخير
أعقب الدهر بؤسه بنعيم / رب حزن في الطي منه سرور
ما شكونا كسر النوائب حتى / قيل في الحال كسركم مجبور
نصر الناصر العلى بالعوالي / ولنعم المولى ونعم النصير
ملك طالما تمناه تاج / ورتاج ومنبر وسرير
لو خلا الدست قبله ومن وقار / خف شوقاً إليه دست وقور
ما شككنا وفي الظنون يقين / أن أمر الورى إليه يصير
لم يلقب ذخر الأئمة إلا / وهو كنز لملكهم مذخور
لم تزر بابه الوزارة إلا / وله العير قبلها والنفير
لم يحز رتبة الكفالة إلا / والليالي إليه فيها تشير
ما أراد الجلوس إلا تجلى / ملك أبلج وملك كبير
أشرق الدست منه عن نور وجه / يرجع الطرف عنه وهو حسير
هو شمس الهدى وأبناء رزي / ك نجوم من حوله وبدور
هم يمين على العدى حين يسطو / وهو قطب به رحاهم تدور
ركبوا صهوة العلى بصعود / مالهم من صعودهن حدور
الليوث التي رداها عنيد / والغيوث التي نداها بحور
سكنوا طائش القلوب وكانت / مرجل الشر والبلاء يفور
وأقاموا ميل الرقاب إلى أن / تركوها مهابة وهي صور
عززوا الملك من عيون الأعادي / بذكور تقلدتها ذكور
عميت عن كمالهم كل عين / أي طرف يضر وهو ضرير
حملوا ملكهم وحاطوا حماهم / فهم فوقه سوار وسور
أهل بيت إذا نصحتك عنهم / فهم اللب والأنام القشور
لم أعرهم شهادة مع أني / لمديحي من فضلهم أستعير
سادهم أبلج يفديه منهم / بأبيه صغيرهم والكبير
عادل أقسمت صروف الليالي / أنها في زمانه لا تغير
ساس أمر الورى بعزم وحزم / أغنياه عما يقول المشير
مستقل ثقل الخطوب اللواتي / تنحني تحت ثقلهن الظهور
رضيته النفوس طوعاً وكرها / واطمأنت على يديه الأمور
نصر الجود بأسه بالعطايا / فالندى للردى أخ ونصير
طالعوا سيرة الملوك ففيها / خبر الجود عنهم مسطور
وانظروها لتعلموا فضل ملك / ماله في بني الزمان نظير
إن مصراًً بعدله ونداه / بلد طيب ورب غفور
لا يقولن جاهل بالقوافي / ذهب الناقد السميع البصير
فالمرجى أبو شجاع خبير / بمقادير أهلهن خبير
كنت أخشى بأن يقول المنادي / أيها الضيف جف عنك الغدير
فابتداني بفضله قائلاً لي / لك ظل فيه المحل الأثير
ثم أدى اليد التي كل خل / حاسد لي من أجلها وغيور
ملك القلب واللسان فهذا / مضمر حبه وهذا شكور
يا ظبية الرمل التي
يا ظبية الرمل التي / أؤنسها وتنفر
لام عليك عذلي / لو شاهدوك عذروا
هل أنت إلا ظبية / نم عليها الزهر
ينفح من حيث الصبا / لها نسيم عطر
وصاحب قلت له / صفو الليالي كدر
فاستغنم العيش إذا / ما نام عنك القدر
ولا تخل حاضراً / لغائب ينتظر
ولا تسوف أملاً / فالعيش من ذا أقصر
واستغفر الله إذا / أذنبت فهو يغفر
واشكر أبا النجم الذي / إحسانه لا يكفر
بدر بن رزيك الذي / أدنى نداه البدر
ذو غرة تزهو بها / تيجانه المغفر
لا تسألا عن خبره / غيري فعندي الخبر
متوج علمني / بالجود كيف أشكر
أخجلني بأنعم / أنظمها وينثر
فلا أغارت أبداً / على نداه الغير
وهذه وصيفة / على الخطاب تجسر
فاصفح وهب لي جرمها / فإنها لا تشعر
لو نتفت ذقن فتو / ح كان ذنباً يغفر
أو صفحت حمدان لم / تأت بشيء ينكر
وهذه عجوزة / خلفها القفندر
بنحسها وشؤمها / مات الوزير جعفر
لو صبحت اسكندراً / ما أفلح الإسكندر
سيئة الخلق لها / مقابح لا تحصر
تعظم عند نفسها / وقدرها محتقر
عيبة عيب لم يزل / يعرف منها المنكر
كأنما أدبها / ذاك اللعين الأعور
سوداء ما في جسمها / أبيض إ لا الشعر
نوبية مشفرها / مشقق مشتر
تبسم عن كوادم / طحلبهن أخضر
قلت وقد تنفست / هذا خرا أم بخر
بالله قولي واصدقي / هذا فم أم مبعر
وحركت جناحها / ففاح منه كور
إن لم يصب منه العمى / أصاب منه العور
لي كل يوم معها / حكاية تسطر
تظهر لي نصيحة / والغش فيها مضمر
تقول لي حتى متى / يا خاملاً لا تظهر
ترضى بأن يقال ذا / من الرجال أشعر
وكلهم مستخدم / مبجل موقر
صادفت منهم راكباً / أعرفه وأنكر
تسمع في ركابه / تقدموا تأخروا
قلت لمن كان معي / اكشف لنا ما الخبر
فقال لي منتهراً / اسكت بفيك الحجر
يجوز أن يخفى السها / فكيف يخفى القمر
فقلت من هذا الذي / تعظمه وتكبر
قال جلال الرؤسا / فاستمعوا وأبصروا
هذا الذي تجملت / مصر به لا شيزر
فعندها قلت لحظي / أنت حظ مدبر
حتى متى أضجر من / دهري ولست تضجر
وسوف أبلغ المنى / إن عزم المظفر
لأنني من ظله / في ذمة لا تخفر
نلت به ما أرتجي / أمنت مما أحذر
وهو على ما أشتهي / من كل خلق أقدر
قولا لنجم الدين يا خير من
قولا لنجم الدين يا خير من / نادت نداه غر أشعاري
ووارث الأفضل من بعده / منصبه العاري من العار
يا من ثناه وسنا وجهه / نزهة أسماع وأبصار
يفديك أقوم عطاياهم / ماء أجاج بين أحجار
ظاهر أثوابهم أبيض / والعرض من زفت ومن قار
زعانف تأنف من ذمهم / وحمدهم عوني وأبكاري
أهدي لي فرو له قيمة / غالية لكنه عاري
يبيت في الليل بلا سترة / والقط يحميه من الفار
فامنن ولا تمنن على إثرها / بشقة من عمل الدار
فسوف يجزيك ثنائي بها / من كل قيراط بقنطار
يا مطلق العبرات وهي غزار
يا مطلق العبرات وهي غزار / ومقيد الزفرات وهي حرار
ما بال دمعك وهو ماء سافح / تذكى به من حر وجدك نار
لا تتخذني قدوة لك في الأسى / فلدي منه مشاعر وشعار
خفض عليك فإن زند بليتي / وار وفي صدري لظى وأوار
إن كان في يدك الخيار فإنني / ولهان لم أترك وما أختار
في كل يوم لي حنين مضلة / يودي لها بعد الحوار حوار
عاهدت دمعي أن يقر فخانني / قلب لسائلة الهموم قرار
هل عند محتقر يسير بلية / أن الصغار من الهموم كبار
قد كنت أشرق من ثماد مدامعي / أسفاً فكيف وقد طمى التيار
عم الورى يوم الخميس وخصني / خطب بأنف الدهر منه صغار
ما أوحش الدنيا غدية فارقت / قطباً رحى الدنيا عليه تدار
خربت ربوع المكرمات لراحل / عمرت به الأجداث وهي قفار
نعش الجدود العاثرات مشيع / عميت برؤية نعشه الأبصار
شخص الأنام إليه تحت جنازة / خفضت برفعة قدرها الأقدار
سار الإمام أمامها فعلمت أن / قد شيعتها الخمسة الأطهار
ومشى الملوك بها حفاة بعدما / حفت ملائكة بها أنوار
فكأنها تابوت موسى أودعت / في جانبيه سكينة ووقار
لكنه ما ضم غير بقية الإس / لام وهو الصالح المختار
أوطنته دار الوزارة ريثما / بنيت لنقلته الكريمة دار
حتى إذا شيدتها ونصبتها / علماً يحج فناؤه ويزار
وتغاير الهرمان والحرمان في / تابوته وعلى الكريم يغار
آثرت مصراً منه بالشرف الذي / حسدت قرافتها له الأمصار
وجعلتها أمناً به ومثابة / يرجو مثوبة قصدها الزوار
هذا الأثير غدا بها متعلقاً / فجرى له من عفوك الإيثار
أعلمتنا بجميل صفحك أنها / حرم وأنك صافح غفار
وأبوك أولى من غدا لضريحه / والأمر أمرك ذمة وذمار
ليقول من يرث الليالي بعدنا / يفنى الورى وتعمر الآثار
وأبوك أعظم أن يقاس بأعظم / أضحى بكاظمة لهن جوار
أين الفرزدق من علاك وغالب / بل دارم بل يعرب ونزار
قد قلت إذ نقلوه نقلة ظاعن / نزحت به دار وشط مزار
ما كان إلا السيف جدد غمده / بسواه وهو الصارم البتار
والبدر فارق برجه متبدلاً / برجاً به تتشعشع الأنوار
والغيث روى بلدة ثم انتحى / أخرى فنوء سحابه مدرار
يا مسبل الأستار دون جلاله / ماذا الذي رفعت له الأستار
مالي أرى الزوار بعد مهابة / فوضى ولا إذن ولا استئمار
أكفيل آل محمد ووليهم / من حيث عرف وليهم إنكار
غضب الإله على رجال أقدموا / جهلاً عليك وآخرين أشاروا
لا تعجبن لقدر ناقة صالح / فلكل عصر صالح وقدار
واخجلتا للبيض كيف تطاولت / سفهاً بأيدي السود وهي قصار
واحسرتا كيف انفردت لأعبد / وعبيدك السادات والأحرار
رصدوك في ضيق المجال بحيث لا / الخطّيُّ متسع ولا الخطار
ما كان أقصر باعهم عن مثلها / لو كنت متروكاً وما تختار
ولقد وفى لك من صنائعك امرؤ / بثنائه يستمتع السمار
ولقد ثبت ثبات مقتدر على / خذلانهم لو ساعد المقدار
وتعثرت أقدامهم لك هيبة / لو لم يكن لك بالذيول عثار
أوفى أبو حسن بعهدك عندما / خذلت يمين أختها ويسار
غابت حماتك واثقين ولم يغب / فكأنهم بحضوره حضار
لا تسألا إلا مضارب سيفه / فلقد تزيد وتنقص الأخبار
لقي المنية دون وجهك سافراً / عن غرة لجبينها إسفار
حتى إذا انقطع الحسام بكفه / وانفل منه مضرب وغرار
ألقى عليك وقاية لك نفسه / لما انتحتك صوارم وشفار
إن لم يذق كأس الردى فبقلبه / من خمرها أسفاً عليك خمار
هي وقفة رزق المكرم حمدها / وعلى رجال لومها والعار
أحللت دار كرامة لا تنقضي / أبداً وحل بقاتليك بوار
يا ليت عينك شاهدت أحوالهم / من بعدها ورأت إلى ما صاروا
وقع القصاص بهم وليسوا مقنعاً / برضى وأين من السماء غبار
ضاقت بهم سعة الفجاج وربما / نام العدو ولا ينام الثار
وتوهموا أن الفرار مطية / تنجي وأين من القضاء فرار
طاروا فمد أبو الشجاع لصيدهم / شرك الردى فكأنهم ما طاروا
أما وأعمار البرية مدة / تجري إلى غاياتها الأعمار
فتهن بالأجر العظيم وميتة / درجت عليها قبلك الأخيار
مات الوصي بها وحمزة عمه / وابن البتول وجعفر الطيار
تلك السعادة والشهادة والعلى / حياً وميتاً إن ذا لفخار
ولقد أقر العين بعدك أروع / لولاه لم يك للعلى استقرار
لولا جميل بلائه لتفجرت / خلج البلا وتداعت الأقطار
لما استقام لحفظ أمة أحمد / عمرت به الأوطان والأوطار
الناصر الهادي الذي حسناته / عن سيئات زماننا أعذار
ملك جناية سيفه وسنانه / في كل جبار عصاه جُبار
جمعت له فرق القلوب على الرضى / والسيف جامعهن والدينار
وهما اللذان إذا أقاما دولة / دانت وكان لأمرها استمرار
وإذا هما افترقا ولم يتناصرا / عز العدو وذلت الأنصار
ياآمراً نقضت له عقد الحبى / وغدا إليه النقض و الإمرار
ومضت أوامره المطاعة حسبما / يقضي به الإيراد والإصدار
إن الكفالة والوزارة لم يزل / يومى إليك بفضلها ويشار
كانت مسافرة إليك وتبعد ال / أخطار ما لم تركب الأخطار
حتى إذا نزلت عليك وشاهدت / ملكاً لزند الملك منه أوار
ألقت عصاها في ذراك وعريت / عنها السروج وحطت الأكوار
لله سيرتك التي أطلقتها / وقيودها التأريخ والأشعار
جلت فصلى خاطري في مدحها / وكبت ورائي قرح ومهار
والخيل لايرضيك منها مخبر / إلا إذا مالزها المضمار
ومدائحي ماقد علمت وطال ما / سبقت ولم يبلل لهن عذار
إن أخرتني عن جنابك محنة / بأقل منها تبسط الأعذار
فلدي من حسن الولاء عقيدة / يرضيك منها الجهر والإسرار
وفى لك حد الجد والسيف غادر
وفى لك حد الجد والسيف غادر / وأنهضك التأييد والدهر عاثر
وأغنتك عن سل المواضي سعادة / تدور بها فيمن عصاك الدوائر
فتوح لها في كل يوم مسرة / تباشر سمع المجد منها البشائر
قضى الله يا ذخر الأئمة أن من / يناويك أو ينوي لك الغدر خاسر
ليهنك فتح أنجبت لك أمه / وأم العلى بالنصر والفتح عاقر
أتاك به الجد السعيد وسلمت / مقادته في راحتيك المقادر
صرفت بن أم الكبائر بعدما / نسينا بها منهن ماأنت ذاكر
وأبطلت كيد الخارجي بن يوسف / وأنت كفيل لابن يوسف ناصر
توهم أن الملك ما سولت له / وساوس أمثلها المنى والخواطر
وهذا مرام لم تزل دون نيله / موارد حتف مالهن مصادر
نصبت له فوق التراب وتحته / حبائل كيد ما لهن مرائر
وسدت عليه الأرض صولتك التي / مهابتها سور على الأرض دائر
ومازال مرعياً من الصبح والدجى / بعين رقيب طرفها لك ساهر
يقرب مثواه من البعد نحوكم / هواجر تحدو عيسه ودياجر
ومن كانت الأقدار خادمة له / مضت في العدى أحكامه وهو قادر
وكان ورد النيل أقصى أمانه / فحل به من أمنه ما يحاذر
وما راعه إلا توثب أروع / يباده في نصر الهدى ويبادر
جزى الله عز الدين عزاً فلم تزل / تزورك بشرى النصر فيما يباشر
هو الفخر لم يسبق إليه وإن يكن / له قبلها في الناكثين نظائر
أخو النصح مازالت طوية سره / تباطن فيما سركم وتظاهر
وذو الحزم والعزم الذي طال ما غدا / يراوح فيما تشتهي ويباكر
فشد به يمنى يديك فإنما / حسام حسام في يمينك باتر
وما هو إلا نعمة لك حمدها / وكافر نعماكم من الناس كافر
خصصت بها بيضاء لم يفتخر بها / من الوزراء الصيد قبلك فاخر
تجاوزت قدر الحمد فيها فما الذي / يقوم به منا خطيب وشاعر
وأسبغتها نعمى عممت بها الورى / فأثنى بما أوليت باد وحاضر
ووسعتها من بعدما ضاق رحبها / وغصت بأنفاس الرجال الحناجر
لكم يا بني رزيك لازال ظلكم / مواطن سحب الموت فيها مواطر
سللتم على عباس بيض عزائم / قهرتم بها سلطانه وهو قاهر
ولو لم تغيبوا فاز بالنصر فائز / وخلص من ظفر المنية ظافر
حفظتم لآل الحافظ الحرمة التي / رعى حقها منكم قديم وآخر
أبوك سقى في مثلها ابن مدافع / كؤوساً بها خمر المنية دائر
وأنت كفيت العاضد بن محمد / عدواً أتاه ثائراً وهو ثائر
فأنتم لهذا البيت كف وساعد / وأنتم لهذا الدست سمع وناظر
وكم لك عند العاضد الطهر من يد / لك الله فيها عن إمامك شاكر
ولا مثل خطب تقشعر لمثله / جلود الورى خوفاً وتبلى السرائر
تزل به الأقدام بعد ثبوتها / وتذهل أبصار وتعمى بصائر
ولولاك بعد الله فيها لزعزعت / أسرة ملك للهدى ومنابر
خبأت لذا الفتح المبين ذخيرة / ويا رب خطب فرجته الذخائر
فدامت معاليك الجسام التي بها / وجوه ليالينا زواه زواهر
دانت لأمرك طاعة الأقدار
دانت لأمرك طاعة الأقدار / وتواضعت لك عزة الأقدار
وسما على الشعري محلك في الورى / فسمت بذكرك همة الأشعار
وملكت ناصية الزمان وأهله / فجرى بما تهوى القضاء الجاري
فاصرف وصرف من تشاء من الورى / بأعنة الإيراد والإصدار
وامدد يديك أبا الشجاع مثوبة / وعقوبة بالسيف والدينار
فهما ذريعة عزة وكرامة / وهما ذريعة ذلة وصغار
النائبان عن المنية والمنى / في قسمة الأرزاق والأعمار
والمصلحان فساد كل طوية / مرتابة بالعرف والإنكار
والقائمان إذا تطاول ناكث / بحراسة الأوطان والأوطار
والحاملان على الممالك ثقل ما / تحتاج من نقض ومن إمرار
والرافعان غداة كل كريهة / خطر الملوك على القنا الخطار
والموقدان لهم بكل ثنية / نار العلى في رأس كل منار
ولقد جمعت أبا الشجاع إليهما / خفض الجناح ورفعة المقدار
وذعرت ساهية القلوب بهيبة / سكنتها بسكينة ووقار
ووفيت هذا الدين واجب حقه / فصفت مشاربه من الأكدار
ولكل عصر دولة وسياسة / تجري الأمور بها على الإيثار
وإذا بدا لك جالساً في دسته / فحذار من ليث العرين حذار
واقصر خطاك وكف عن وجه الثرى / ما طال من ذيل وفضل إزار
واحصر مقالك إن نطقت فربما / وعظ المقل بعثرة المكثار
عندي لك الخبر اليقين يثق بما / ينهي إليك جهينة الأخبار
أصبحت منه وقد علمت فصاحتي / في كل ناد استقيل عثاري
أقسمت بالملك الذي ألفاظه / سحر العقود ونفحة الأسحار
ذخر الأئمة كافل الخلفاء من / نسل الهداة الخمسة الأطهار
لقد اعتراني الشك هل في تاجه / وجه صبيح أم صباح نهار
وجه به تقذى عيون عداته / كمداً وتجلى أعين النظار
لم أدر هل نصبت مراتب دسته / بمقر ملكك أم بدار قرار
دار غدت يا شمسها وغمامها / فلكاً ولكن ليس بالدوار
وكأنما هي جنة أغنيتها / يا بحرها عن منة الأنهار
وجعلتها دار السلام فبوركت / دار السلام وكعبة الزوار
لو لم يكن بيتاً يمينك ركنه / ما كان مستوراً بذي الأستار
أهدت لنا تنيس ما لم يفتخر / بنظيره عصر من الأعصار
وأمدها حسن اقتراحك بالذي / لم تقترحه خواطر الأفكار
فتنزهت أبصارنا في حسنها / إن الحدائق نزهة الأبصار
يستأنس الحيوان بين مروجها / فوحوشها ليست بذات نفار
طير على الأشجار إلا أنها / ليست مغردة على الأشجار
وجناة أثمار وما حصلوا بها / أبداً على شيء من الأثمار
وقفوا بها متعلقين تعلقي / بذمام عدلك من وقوف الجاري
قطع من الروض الأنيق كسوتها / فوراً ولم يك جسمها بالعار
شبهت لونيها سبائك فضة / قد زخرفت حافاتها بنضار
خدم الربيع به المصيف كرامة / لأجل مخدوم وأكرم دار
حياك حسن رياضها وبياضها / بلطائف الأنواء والأنوار
نوعان من نور ونور ألفا / بين النجوم الزهر والأزهار
فتمل دولتك التي افتخرت بها / مصر على الأعصار والأمصار
غبرت في وجه الملوك بسيرة / لم يكتحل أحد لها بغبار
وغدت علاك صحيفة عنوانها / أمنت رعية من يخاف الباري
وبنيت بعد أبيك شامخ رتبة / يغني البيان لها عن الإخبار
أعلمتنا لما طلعت ببرجها / أن البروج مطالع الأقمار
يا خابط العشواء بعد طلائع / هذا الشهاب ضرام تلك النار
يا ظامئ الآمال إنك نازل / بغدير ذاك العارض المدرار
يا خائف الضاري نصحتك فاتئد / واحذر فهذا شبل ذاك الضاري
واسلم لأيام غدا بك أهلها / من جورها في ذمة وجوار
سجوداً فهذا صاحب الركن والحجر
سجوداً فهذا صاحب الركن والحجر / ووارث علم النمل والنحل والحجر
وهمساً لأصوات وغضاً لأعين / تشاهد أسرار الهدى وهي لا تدري
إلا حبذا دست الخلافة كلما / غدا باسماً عن ثغره عاضد الطهر
إمام هدى أربى على كل غاية / كمالاً وما أربى سنيناً على العشر
إذا نحن شرفنا القوافي بذكره / فيا غيرة الشعرى عليه من الشعر
ولو قدرت أفعاله حق قدرها / مدحناه بالقرآن في النظم والنثر
ولكن أقول المدح شكراً لنعمة / تطرق بالإحسان بين يدي شكري
مناقب وضاح الأسرة ولم يزل / على وجهه نور الطلاقة والبشر
الست ترى ما أحسن التاج دائراً / على طلعة أبهى من الشمس والبدر
تمل أمير المؤمنين مواسماً / تزورك من صوم شريف ومن فطر
يواصلها سعد بجدك مقبل / فعام إلى عام وشهر إلى شهر
ركبت إلى كسر الخليج وإنما / ركبت إلى جبر الرعايا من الكسر
ولما رأيت البر بحراً من الظبى / تعجبت من بحر يسير إلى نهر
غدوت بفتح السد في زحف أرعن / يسد هبوب الريح بالأسل السمر
يرد ظلام النقع فجراً كأنما / أسنته مطبوعة من سنا الفجر
كأن على البيداء منه صحيفة / كتابتها سطر يضاف إلى سطر
إذا خفقت أعلامه وبنوده / رأيت عليها غرة العز والنصر
وقد خلع التأييد فوقك حلة / وطرز بالإحسان والعدل والبر
وأشرقت الدنيا بغرتك التي / تبلج منها نور أفعالك الغر
وخيمت في أكناف عالية الذرى / تنيف على برج السماكين والنسر
تخاطبها الجوزاء سراً وخفية / بمكنون ما لله فيك من السر
هي الصرح إلا أن هامان لم يشد / بناه ولا استمطاه فرعون للكفر
وقد خدمت سلطانك الأرض والسما / فأنوارها تسري وأنهارها تجري
تنزهت عن فخر بمصر وملكها / وقد عده فرعون قاصية الفخر
أوارث مجد الحافظ بن محمد / وحافظ حكم الله في محكم الذكر
إذا ما استجاب الله صالح دعوة / فمتعك الرحمن بالناصر الذخر
فقد سترت أيامه عيب دهرنا / فلا كشف الرحمن ذلك من ستر
تقلد هذا الأمر والدهر جامح ال / عنان ووجه العرف قد هم بالنكر
فمازال حتى ذل جامح صعبه / وأذعن طوعاً بالسياسة والقسر
وكم لك يا ذخر الأئمة من يد / فككت بها الإسلام من ربقة الأسر
وكم لك من ناري قراع ومن قرى / فنار لمغتر ونار لمعتز
ومختلف الطعمين عدلاً بنفسه / على قدر السجلين بالحلو والمر
تعلم منك الحزم لما لقيته / من البأس والإحسان بالسهل والوعر
ومكرمة بين المثوبة والعلى / قسمت العلى فيها الحمد والأجر
ومقترف للذنب معترف به / بسطت له ما ضاق من سعة العذر
وذي هفوة سامحته عن بصيرة / ولو شئت كشفت الرماد عن الجمر
وكم قدرة يا آل رزيك منكم / تعبر بالإحسان عن شرف القدر
ولو لم تكونوا آمرين على الورى / لكنتم أحق الناس بالنهي والأمر
فكيف وقد أضحى إمام زمانكم / لكم جامعاً بين الكفالة والصهر
فدمتم له مادام شعري فإنه / سيبقى إلى أن ينقضي عمر الدهر
سرى لك عرف في النسيم الذي سرى
سرى لك عرف في النسيم الذي سرى / وخطرة ذكر نفرت سنة الكرى
وأومض من تلقاء أرضك بارق / قضى لك عندي أن تنامي وأسهرا
يذكرني دراً بثغرك أبيضاً / ولون خضاب في بنانك أحمرا
طوى لك برد الليل نشراً كأنما / أجاز على دارين وهناً وما درى
وما كان ذاك النشر إلا تحية / بعثت بها مسك الذوائب أذفرا
بعثت بتلك الريح روح ابن قفرة / برى لحمه هز النوافج في البرى
حليف لأكوار المطايا كأنما / يعد القرى أوطى مهاداً من القرى
إذا قطعت أوصال أرض ركابه / فقد وصلت ذيل الهواجر بالسرى
كأن ابن حجر قد عناه بقوله / نحاول ملكاً أو نموت فنعذر
وما ظفر الراجي من المجد غاية / إذا هو لم يرج الأجل المظفر
أغر كأن الدهر أقسم جاهداً / بهيبته لا شاب بالعرف منكراً
تزور الأماني منه أبيض أبلجا / منيع الحمى رحب الذرى شامخ الذرى
تصافح إيمان المنى منه راحة / غمامية تنزى بها راحة الثرى
إذا ابتسمت أجفانه وجفانه / رأيت جبين المجد أبلج مسفرا
وقور النهى حتى إذا شهد الوغى / نهى طائش الأرماح أن يتوقرا
إذا اشتعلت خرصاته في عجاجة / تمد مذاكيها على الجو عثيرا
توهمت سقط النار في كل صعدة / تصعد في أطرافها فتسعرا
وإن هزها كف الشجاع وزنده / ورى زنده بالطعن في ثغر الورى
وأسكرها خمر النحور فأظهرت / عواملها سراً من النار مضمر
عتاد لمنصور العزائم لم يزل / إذا صار منصور اللواء مظفرا
تروع قلوباً أو تروق نواظراً / كذاك الحسام العضب مرأى ومخبرا
حسام بكف الصالح الملك لم يزل / تطير فراش الهام عنه إذا فرى
إذا سامه يوم الردى كان ماضياً / وإن سامه قسر العدى كان قسورا
مصون إلى وقت الجلاد وإنما / يعرى ذباب السيف إن حادث عرا
إن اختط معمور الرقاب أعادها / خراباً ويختط الربوع ليعمرا
أقام به سوراً على حوزة الهدى / وحلى به المجد الرفيع وسورا
فتى جمل الدنيا بغر محاسن / غدت من جبين الشمس أبهى وأبهرا
رأى الصالح الهادي الكفيل بمجدها / وأوصافها الحسنى أحق وأجدرا
فبرأ منها نفسه وأضافها / إليه لكي يثنى عليه ويشكرا
وكم نشأت من لج بحر غمامة / سرى وبلها في لجة البحر ممطرا
وفرع زكت فيه صنيعة أصله / فأورق بالشكر الجميل وأثمرا
يغرك صفو الود فيه فلا تقل / بجهل صفا من وده ما تكدرا
بنيت أبا الماضي بسيفك والندى / لمجديك من قيس وغسان مفخرا
وقدمك السعي الجميل إلى العلى / ومن لم تقدمه المساعى تأخرا
إذا رام عز الدين غاية سؤدد / فكل أمام عند همته ورا
أما وأبي ماضي لقد قال مجده / دع الخبر الماضي وخبر بما ترى
فتى طرفه في الحرب محراب جيشه / وساحته مأوى القراءة والقرى
ترحب عنه بالوفود رحابه / وتغدو لمن يلقاه بالشعر مشعر
لئن أحسنت فيه القوافي فإنه / رآني بعين لا يراني بها الورى
أضاف إلى الجود الكرامة فاستوت / نيابته عني مغيباً ومحضرا
وهذب فكري نقده وانتقاده / وأثنى على شعري وإن كان أشعرا
وألبسني الموشى من حبراته / فألبسته وشي الثناء محبرا
وخالفني فالجود منه مكرر / ومني له المدح الذي ما تكررا
وإني وإن أهديت من حسناته / إلى سمعه القول الذي ليس يفترى
أذم إليه خاطراً كلما جرى / إلى شكر ما أولى من الجود قصرا
ولو بلغتني ما أريد بلاغتي / نظمت له نثر الكواكب جوهرا
ليست صفات علاك مما يمترى
ليست صفات علاك مما يمترى / فيها ولا مما يصاغ ويفترى
مدحتك قبل مديحنا لك همة / أغنتك شهرة فضلها أن تشهرا
وعلت فشامخ مجدها لا يرتقى / وغلت فباذخ قدرها لا يشترى
يا بدر والبدر المنير عبارة / عن نور وجهك لم يزل لك مسفرا
إن النزاهة والنباهة أقسما / لا صاحباً أحداً سواك من الورى
ولو أن ألسنة المكارم والعلى / حاولن غيرك صاحباً لتعذرا
ولقد جمعت بما فرقت من الندى / فرقاً من الأهواء كانت نفرا
وزرعت في حب القلوب محبة / يأبى لها الإخلاص أن تتكدرا
وكفتك عن جر العساكر هيبة / أضحت تجر بكل أرض عسكرا
وشفعتها بعزائم لولا التقى / أذكت على الآفاق جمراً مسعرا
ووقائع أيدتها بصنائع / ضمن المديح لذكراها أن يشترى
نابت مناب الخضر في تطوافه / مذ فارقت هذا الجناب الأخضرا
كم موقف أذكيت من شهب القنا / في ليل عثيره سنا وسنورا
ومواطن وطنت نفسها عندها / لما وردت الموت أن لا تصدرا
فتكشفت من فارس الإسلام عن / ملك تعود أن يعان وينصرا
صدقت نعتك بالمظفر عندما / حمي الوطيس بها فرحت مظفرا
حيث الأعنة والأسنة شرع / والجو قد لبس العجاج الأكدرا
وكأنك عزمك قال حين تقدمت / بك همة لم ترض أن تتأخرا
لا تكسر الأعداء حتى يشهدوا / صدر الذوابل في الصدور تكسرا
والمشرفية لا يروق بياضها / إلا إذا صبغ النجيع الأحمرا
بين الحديد على يمينك غيرة / حسد الحسام بها الأصم الأسمرا
فغدا لما نظم المثقف ناثراً / عقداً تمام جماله أن ينثرا
فافخر بهمتك التي من حقها / إن لم يزعها مجدها أن تفخرا
وأرى السعود لها عليك وفادة / تصل الهواجر والدياجر والسرى
ولو اقترحت على الزمان شبيبة / سلفت أتاك بها الزمان مبشرا
لم تحترق دار الخليج وإنما / شبت لمن يسري بها نار القرى
طلبت يفاع الأرض دون وهادها / فتوقدت في رأس شامخة الذرى
طلعت طلوع النجم نال به الهدى / سار أضل طريقه فتحيرا
ودليل ذلك أنها لم تشتعل / في الليل حتى رنقت سنة الكرى
أو هل تزور النار ساحة جنة / أجريت فيها من نداك الكوثرا
الله فيك أبا الضياء سريرة / يجري بطاعتها القضاء إذا جرى
فتمل دار شيدتها همة / يغدو العسير بأمرها متيسرا
جملتها وتجملت مصر بها / لما علت بك عزة وتكبرا
فاقت على الإطلاق كل بنية / وسمت فما استثنت سوى أم
أنشأت فيها للعيون بدائعاً / رقت فأذهل حسنها من أبصرا
فمن الرخام مسيراً ومسهماً / ومنمناً ومدرهماً ومدنرا
والعاج بين الأبنوس كأنه / أرض من الكافور تنبت عنبرا
وسقيت من ذوب النضار سقوفها / حتى لكاد نضارها أن يقطرا
قد كان منظرها بهياً رائقاً / فجعلتها بالوشي أبهى منظرا
وكذاك جيد الظبي يحسن عاطلاً / ويروقك البيت الحرام مسترا
ألبستها بيض الستور وحمرها / فأتت كزهر الروض أبيض أحمرا
فمجالس كسيت رقيماً أبيضاً / ومجالس كسيت طميماً أصفرا
لم يبق نوع صامت أو ناطق / إلا غدا فيها الجميع مصورا
فيها حدائق لم تجدها ديمة / أبداً ولانبتت على وجه الثرى
لم يبد منها الروض إلا مزهراً / والنخل والرمان إلا مثمرا
والطير مذ وقعت على أغصانها / وثمارها لم تستطع أن تنقرا
وبها من الحيوان كل مشهر / لبس الوشيج العبقري مشهرا
لا تعدم الأبصار بين مروجها / ليثاً ولا ظبياً بوجرة أعفرا
أنست نوافر وحشها بسباعها / فظباؤها لا تتقي أسد الشرى
وكأن صولتك المخوفة أمنت / أسرابها أن لا تراع وتذعرا
وبها زرافات كأن رقابها / في الطول ألوية تؤم العسكرا
نوبية المنشأ ترك من المها / روقاً ومن بزل المهاري مشفرا
جبلت على الإقعاء من إعجابها / فتخالها للتيه تمشي القهقرا
يا أيها الملك الذي اعتصمت يدي / منه بحبل غير منفصم العرى
وغدوت محسوداً على إحسانه ال / ضافي ومحسوداً عليه من الورى
حتى متى أنا في جوارك أكتري / داراً ودورك للأنام بلا كرى
فامنن بها بالقرب منك فسيحة / فالقرب منك بنوم عيني يشترى
واجمع جواهر خاطر لو لم يغص / في بحر جودك لم يقل ذا الجوهرا
فقر إذا فض الثناء ختامها / فضت على ناديك مسكاً أذفرا
تسقي العقول سلافة لم تعتصر / من بابل أبداً ولا من عكبرى
روى منابت كرمها الكرم الذي / أضحى بينبوع الندى متفجرا
شرب السماح بفارسي كؤوسها / فقضت على معروفه أن يشكرا
بدر بن رزيك الذي لا تتقى / هفواته في مجلس أن تبدرا
صافي الطوية والسريرة لم يزل / ينهى دخيل الحقد أن يتوعرا
نشرت جميل الذكر عنه طوية / أمرت عليه العدل أن يتأمرا
واستوجب الأجر الجميل بصورة / شكرت وقل لمثلها أن يشكرا
كم هاض من طاغ بها متجبر / ونهاه خوف الله أن يتجبرا
وسرى بحسن صلاته وصلاته / مستصغراً ولبره مستغفرا
وإذا تواضعت النفوس لربها / نالت بذاك تجارة لن تخسرا
فليحي ما حييت مدائح مجده / وليبق مابقي الزمان معمرا
عند ظباء الجهلتين ثاره
عند ظباء الجهلتين ثاره / وبين أطناب المها عثاره
فلا ترقا لشكاة مغرم / أسلمه إلى الضنى اصطباره
تخير الموت بألحاظ المها / فخليا عنه وما يختاره
أذله الشوق ولولا فقره / إلى الغواني ما بدا افتقاره
يا حبذا في حبهن لوعة / تضرم وجداً لاتبوخ ناره
وموقف رقت حواشي عتبه / ودق حتى لم يبن سراره
يا صاحبي والغرام صبوة / ألذها ما عظم اشتهاره
عمركما عارية مردودة / لابد أن يرد مستعاره
فاستقبلا رونق عيش مقبل / وابتدراه لا يفت بداره
وأظهرا المكنون من هواكما / فإنما حسن الهوى إظهاره
فقد ضمنت للعذول عنكما / أمراً علي في الهوى إمراره
إن كان ذنباً فعلي ذنبه / أو كان عاراً فعلي عاره
وأنت يا عاذل كل مغرم / يقدح من جمر الهوى أواره
لا تسألنّ ساكتاً عما به / فإنما سكوته إقراره
وفي سبيل العالمين ربربٌ / آنسني من وحشة نفاره
من كل ساجي المقلتين لم يزل / أشفاره إذا رنا شفاره
يهتز خوط البان في وشاحه / ويلتقي على النقا إزاره
يطلع من أزراره بدر الدجى / إذا أفيضت فوقه أزراره
ذو طرة وغرة لا ليله / بآفل منها ولا نهاره
يا هذه إن المشيب حلة / يخلعها على الفتى وقاره
فليس لليل البهيم رونق / إلا إذا ما طلعت أنواره
والروض لا يرضي العيون بهجة / إلا إذا ما انفتحت أنواره
يا هذه بين التصابي والصبا / موكب لهو لم يغب غباره
فلا تصدي واعلمي بأنه / ما كل شائب بدا عواره
إن أقلع الوبل فعندي طله / أو ذهب الخمر فبي خماره
سقى مغانيك وإن لم يغنها / عن أدمعي من الحيا مدراره
كل ملث لا يزال فوقها / عشية الرائح أو إبكاره
يسحب ذيل السحب فيها وابل / ترخى على وجه الثرى أستاره
تحسب صوت الرعد في ربابه / صوت قطيع أرزمت عشاره
كأن بدراً سمحت يمينه / بذلك الوابل أو يساره
قد علم الأنواء خلق راحة / منها رواح الغيث وابتكاره
ما ضر قطراً استميح قطره / إن السحاب أخلفت أمطاره
أبلج من غسان لا نصيفه / يدرك في المجد ولا معشاره
لا ترتضي همته بغاية / إلا إذا امتد بها مضماره
أقر بالفضل له وبالعلى / معترف لم يغنه إنكاره
وقصرت عن شأوه عزائم / طالت على أذرعها أشباره
أطهر من ماء الغمام باطناً / لا حقده يرجى ولا أسراره
مختلف السجلين يرجى نفعه / ويتقى مع نفعه إضراره
حلو السجايا الغر إلا إنه / مر إذا الشر بدا شراره
لا يقتفي الآثار إلا في التقى / وفي المعالي تقتفى آثاره
منزه الهمة لا إعلانه / يعرب عن فحش ولا إسراره
واف بعهد المجد لا ذمامه / يطرقه الذم لا ذماره
فر من الذم إلى بذل الندى / فاعجب لليث زانه فراره
من آل رزيك الذين أقسموا / لا خذل الحق ولا أنصاره
المدركون ثار آل المصطفى / من بعد ما كاد يضيع ثاره
القائمون في الهدى في حيث لا / يعربه قامت ولا نزاره
لو لم يردوا الأمر في أربابه / ما قر في نصابه قراره
الملزمون الدار حسن سيرة / صفت على الرغم بها أكداره
جمل صدر الدست منهم كافل / تسند عن أفعاله أخباره
الصالح الهادي الذي لو أنكم / لم تفخروا أغناكم فخاره
ملك أقام المجد في رواقه / وذكره أباحه أسفاره
جاوز أعنان السماء رفعة / وما انتهت من رفعة أقداره
مجتمع العزمين سامي الهم لا / تلهيه عن أوتاره أوتاره
بفارس الإسلام عز ملكه / فأذعنت طائعة أقداره
كأنما الملك رحى وعزمه / الهام قطب حولها مداره
كاف متى تعرق به مهمة / عذراء لم يعرق لها عذاره
فإن رمى وعر العدى بعزمه / في مأزق تسهلت أوعاره
مؤيد سمر القنا بنانه / مظفر بيض الظبى أظفاره
موفق الآراء لا إيراده / يصدر عن عجز ولا إصداره
بدر ين رزيك الذي لا ينقضي / نور محياه ولا إبداره
قد خالف البدر فلا خسوفه / في حالة تشخى ولا سراره
يطلع من أبنائه في دسته / نجوم ملك هم غداً أقماره
أشبال خيس وهم أسوده / صغار عصر وهم كباره
أصبحت غصناً وهم ثماره / أمسيت بحراً وهم أنهاره
إن أبا النجم الهمام لم يزل / يعلو على نجم السما مناره
سار على نهج أخيه بعدما / حلق في جو العلى مطاره
أشبهه خلقاً وخلقاً طاهراً / إذ كان من أنجاره نجاره
ورثتما أبناء رزيك وهم / خيار بيت أنتما خياره
هم لباب أنتم لبابه / وهم نضار أنتما نضاره
فاحتسبوا لي بولاء صادق / أخبركم عن صدقه اختباره
كل يرى حبكم وإنما / عمارة من دونهم عماره
واسمع أبا النجم مديح خادم / تسمو على الشعرى بكم أشعاره
مدح يفيض بحره من خاطري / كأنني من فضلكم أمتاره
مدح يروح في علاك شرحه / وإن غدا في غيرك اختصاره
مدح متى تخطب إلي عونه / كنت الذي تخطبه أبكاره
مدح دعا الفكر إلى أبكاره / منك اختراع الجود وابتكاره
مدح وإن كثرته لم يرضني / إقلاله فيك ولا إكثاره
مدح يزيد كلما / على محك ناقد عياره
يرجح بالقول البليغ وزنه / كأنما قيراطه قنطاره
إن نال فخراً فبك افتخاره / أو خاف بهراً فبك انتصاره
ما ضره وقد غدا مكانه / منك قريباً إن نأت دياره
وقل ما يسلو الفتى أوطانه / إلا إذا ما حصلت أوطاره
من مبلغ سعد العشير معشري / من نازح شط به مزاره
إن الليالي عوضتني بعدهم / جوار ملك لا يضام جاره
وإنني يممت ركناً للندى / إليه حج المدح واعتماره
قد زار شهر الصوم بابك الذي / تكرم في ساحاته زواره
وأنت من يرضي الشهور كلها / تسبيحه لله واستغفاره
أوقرته بالبر بل وقرته / حتى اشتكى ثقل التقى فقاره
ولم يزدك في التقى صيامه / شيئاً على ما سنه إفطاره
فاسلم لعصر حطته وزنته / فأنت سور العصر بل سواره
يا سيداً في وصفه
يا سيداً في وصفه / درج المديح إلى الفخار
اسمع فديتك قصتي / متفضلاً وأقل عثاري
هي قصة نتفت سبا / ل الشعر بل سلبت شعاري
لا أستجيز حديثها / إلا بحكم الاضطرار
أوقعت نفسي جاهلاً / في دار سعد الافتخاري
وغلطت فيها غلطة / أزرت بقدري واقتداري
ضرب الظهير ببذلها / مني الفقار بذي الفقار
وظننت شرح بليتي / فيها يؤول إلى اختصار
لم أدر أني عندها / كمبخر في ألف خاري
لما ذكرت عيوبها / أكسلت بعد الانتشار
دار هممت بتركها / ولو أنها دار القرار
لكن نفضت كنانتي / فيها بحكم الإغترار
وإذا العمارة لا تلي / ق بغير أرباب اليسار
أتلفت فيها كل ما / تحوي يميني أو يساري
وكفاك شراً أنني / بعت الموطأ والبخاري
وعلى نداك معولي / فيها فقد وقفت حماري
ولربما زلق الحما / ر وكان في غرض المكاري
قل لأبي النجم الذي منُّهُ
قل لأبي النجم الذي منُّهُ / كمنة النجم على الساري
وحق نعمائك وهي التي / أعدها من نعم الباري
ما يملك المملوك في وقته ال / حاضر شيئاً غير دينار
والويل للشعر إذا لم يصل / وأنت لي عون إلى الجاري
وصابر الدولة أقوى على ال / عصفور من ظفري ومنقاري
قل لولي الدولة اسمع فقد
قل لولي الدولة اسمع فقد / ضيقت صدر النظم والنثر
إن كنت لم تشكر على ما مضى / من اختصاصي لك بالشكر
فابسط لي لا عذر على زلتي / فإنني أنظر في أمري
ألا أيها الناسي قديم مودة
ألا أيها الناسي قديم مودة / أبيت لها حفظاً مع النوم ذاكرا
أراك إذا أومأت نحو مهمة / ركبت إليها كل هول مبادرا
وإن عرضت حاج إليك صغيرة / أعدت رسولي مخفق السعي صاغرا
فإن كنت ذا عدلاً دعونا عادلاً / وإن كنت ذا جوراً دعوناك جائرا
ولو كنت كالنقاش فيما عدمته / من الشعر لم يعدم من الناس غادرا
ولكنني مازلت أدعى حقيقة / وإلا مجازاً قبل شعرك شاعرا
وقد أزمع الوفد اليماني رحلة / فرأيك في أن لا تعوق المسافرا