المجموع : 224
زَهَت لَنا رَوضتك الزاهِرَة
زَهَت لَنا رَوضتك الزاهِرَة / وَعبقت أَلفاظَها العاطِرَه
بَصائر الكمَّل أَضحَت بِها / مَشغوفة كَالاعيُن الباصِرَه
أَهدَت لَنا نَفح نَسيم الصبا / وَللأَعادي لَفحة الهاجِرَه
لَجَت بِها ألسننا مِثلَما / تَلهَج بِالأَمثلة السائِرَه
مِن خَفرات الشام مَحجوبة / إِلى الغريين أَتَت زائِرَه
فآنستنا في حَديث الهُدى / وَلَم تَكُن وَحشية نافِرَه
قَد سحرتنا في أَعاجيبها / فَغادَرَت ألبابنا حائِرَه
فَأَعجب لَها نؤمن في سرها / وَقَد علمنا أنَّها ساحِرَه
غالية قَد سفرت ضَحوة / حَييت مِن غالية سافِرَه
وَتحسن الغادة إِذ لا تَرى / وَحسن هذي أَن تَرى ظاهِرَه
ماذا عَلى بَهجتها لَو بَدَت / وَإِن تَرى ما بَيننا حاضِرَه
فَالطرف إِن يَرنو لَها خاسئٌ / وَاليدُ إِن مُدَت لَها قاصِرَه
شُكراً لما أَوليتنا مِن يَد / بَيضاء تَهدينا إِلى الآخره
وَكَيفَ لا نَشكُرهانعمة / أَئمة الحَق لَها شاكِرَه
فَمثلَها لَم نَرَ في عَصرنا / لا بَل وَفي أَيامِنا الغابِرَه
فَأَصدع بِما يَأمر فيهِ الهُدى / مُؤيداً بِالعترة الطاهِرَه
نَزلت بِنا دَهياء أَدهَشَت الوَرى
نَزلت بِنا دَهياء أَدهَشَت الوَرى / وَرقت إِلى بَدر الهُدى فَتكورا
ما صالح إِلّا هلال هداية / إِن غابَ ضل أَخو الهُدى وَتَحَيرا
بَكَت المَكارم فَقده فَشجونها / مشتدة وَالدين منحل العُرى
قَلب الزَمان لَهُ المجن فخانه / وَاغتاله فاغتال مِنهُ غَضَنفَرا
يا صاحِبيّ تَنعما بِهنا الكرى / وَلي السهاد أِلا اعذلا أَو فاعذرا
أَودى أَبو الهادي فأَودى بِالحَشا / وَفؤادَها وَبِمُقلتيَّ وَبِالكَرى
لِلّه نَعش قَد سَرى بسكينة / عَنهُ اِنحطَطَن بَنات نَعش مُذ سَرى
مَشَت المَلائك خَلفه وَأَمينها / جبريل هلل مُذ رآه وَكبرا
دَفَنوه في جدث فَأَيقَن مِن رَأى / أن البُحور غَدَت تَغيض في الثَرى
يا راكِباً وَجناء انحلها السَرى / قَد راحَ يَخبط في الوهاد مشمرا
أَسرع هَديت وَدَع بصدرك حاجة / وَأعمد بعيسك قاصِداً أُم القُرى
عج لِلمَقام وَنح بِهِ مُتَعَلِقا / بِستوره إِن تَلقه مُتسترا
وَلَعَله قَد هَتِّكت أَستاره / مِما عَرى بَيت النُبوة ما عَرى
وَانع المَقامة وَالحَطيم وَزمزما / وَالبيت في أَركانه وَالمشعرا
قف حَيث معتلج البطاح فَكَم حَوَت / تِلكَ المَرابع مِن لَويٍّ قسورا
قُل فيهُم قدمات أَوطأ كَم قَرى / في الخَطب أَو قَل ماتَ ابذلكم قَرى
هدي المَسيح لَهُ بابهة بِها / أَربى عَلى كِسرى المَلاك وَقَيصَرا
كادَت تَعود الجاهلية بَعدَه / مِن فَترة في فَقده دَهَت الوَرى
لَكنما بَعث الإِلَه محمدا / بَين البَرية مُنذِرا وَمُبَشِرا
هُوَ مَصدر العلماء وَهوَ المُبتَدا / لَهُم فَكُن بِالفَضل عَنهُ مُخبِرا
مَلأ الصُدور مَهابة فَإِذا رَنى / طَرف العَدُّو لَهُ يَرد القهقرى
يَمشي لِكُل فَضيلة وَملمة / قَدما وَمشي القَوم كانَ إِلى وَرا
خشن بِذات اللَه لا خشن الرَدا / يُبدي إِلَيك خلاف ما قَد أَضمَرا
وَإِذا تَرى عرفانه وَمَقامه / شاهَدت رسطاليس وَالاسكَندرا
وَبنى عَلى ما أَسست أَسلافه / وَسِواه بدّل ما بَنوه وَغَيرا
متَمحض لِلّه في خَلواته / لَم يَغدو في لذاته مُتَسَتِرا
المُشتري جُمَل المَكارم وَالتُقى / وَإِذا تباع كَريمة أَو تُشتَرى
لا تندبنَّ سِوى مَناقب عزه / فَسوى مَناقبه حَديث مُفتَرى
لا تَسألن سِواه علماً أَو نَدىً / وَأَبيك كُل الصَيد في جَوف الفَرا
زَعم الحَسود بِأَن يُباري شَأوه / هَيهات ذا أَين الثَريا وَالثَرى
حلف السَماحة حينَ يَهبط واديا / وَأَخو الفَصاحة حينَ يرقى مِنبرا
مِن هَمه كِتمان كُل فَضيلة / فيهِ وَيَأبى اللَه حَتّى تَظهَرا
وَجَرى إِلى العَلياء جرية سابق / وَأَخوه كانَ مصليّاً لَما جَرى
إِن الحُسين نَشا لانف محمد / رَيحانة فيها الوُجود تَعطرا
لا يحسن النادي إِذا لم تلقه / كَاللَيث محتبياً بِهِ متصدرا
وَالذكر للهادي أَراه بِمنطقي / حسناً زَهى بِهما الوُجود وَأَزهَرا
نَشآ فقل يا غلة الصادي أَبردي / وَحلى محط الرحل يانوق السرى
سَقيا لتربة سيد فخرت عَلى الس / سَبع الشِداد وَحَقَها أَن تَفخَرا
قَد كانَ صالح وَالسِيادة ناقة / شاء الإِلَه بِمَوته أَن تُعقَرا
يا حامي الدين وَيا مَن لَهُ
يا حامي الدين وَيا مَن لَهُ / فَضل عَلى الإِسلام لَم يُنكرِ
فَضلك فيما بَيننا حاضر / وَإِن يَكُن شَخصك لَم يَحضرِ
يَهنيك إِن الماء عذب جَرى / إِلى بِلاد المُرتَضى حَيدر
نشم أَنفاسك فيهِ فَما / نَحسبه إِلا مِن الكَوثر
إِن الحَميدية خَيرية / انفع ذخر لَك في المحشر
وَثقت بِالفرد فارختها / تَسقيك يَوم العَطش الأَكبَر
هذي النَوافح فانشق طيبها العَطِرا
هذي النَوافح فانشق طيبها العَطِرا / وَاستجلها سترى أَلفاظها زهرا
مِن كُل نَظم يرى كَالعقد مُنتَظِما / فيها وَنثر يَرى كَالدر مُنتَثِرا
فَهَذِهِ لعلي خَر مُعجزة / وَكَم سِواها لَهُ مِن مُعجز ظَهرا
قَد سَل ذات فقار مِن يراعته / وَفي شباها ابن ود الجَهل قَد نَحرا
آثار جعفر لَولا سَعيه درست / بَل شَرع جعفر لَولا علمه دَثرا
ذا واحد قَد ثَنا اللَه الوساد لَهُ / وَثلث اللَه فيهِ الشَمس وَالقَمَرا
فَأَين قس الأَيادي مِن فَصاحته / هُوَ الثُريا وَقسٌّ في القِياس ثَرى
وَأَين سحبان مَن أَدنى بَراعته / وَأَي شَخص يَرى كالدرة المدرا
أَتى لَنا بِكتاب نَشره عُطرا / نَفضه فَنشم العَنبر العطرا
كَأَنما هُوَ مُوسى وَالكِتاب لَهُ / كانَ العَصا وَفُؤاد الحاسد الحجرا
وَكَم لَهُ مِن يَد بَيضاء يُخرِجها / مِن غَير سوء فَيَغشى نُورَها البَصَرا
لَو تَملك الغيد سَطراً مِن نَوافحه / لِنظمته على أَعناقِها دُررا
فَليَتَخذهُ سَميراً كُل ذي أَدب / فَقَد حَوى طَبقات الشعر وَالشعرا
يَكسو الأَديب الَّذي وَلت شَبيبته / برد الشَباب فَيَقضي بِالهَوى وَطرا
وَقانص العلم وَالآداب أَن يَره / أَغناه عَن كُل صَيد فَهوَ جَوف فَرا
فَكَم بِهِ حكم لِلمبتغي حُكما / وَكَم بِهِ سَير لِلمبتغي سَيرا
كَأَنَّما نَفس السَريّ مازجه / فَكانَ مثل الصِبا إِذ نسمت سحرا
العالم العلم الراقي بفطنته / لرتبة ردَّ عَنها الطَرف منحسرا
مَولى أَرانا كِتاب اللَه مُتَضحا / وَكانَ سراً بحجب الغَيب مستترا
ما غابَ عَن فهمه تَفصيل مجمله / كَأَنَّه حينَ جاءَ الوَحي قَد حَضَرا
لِلّه مِن ملك إِن حَلَ محتبياً / في الدست خَيل للرائين لَيث شَرى
أَصغى لَهُ الدَهر إِجلالاً وَلاحظه / شَوقاً فَقيَّد مِنهُ السَمع وَالبَصَرا
وَقامَ في أَمره مصغ لدعوته / إِذا نَهاه اِنتَهى أَو يَأمر ائتمرا
عَلى الوزارة قَد شدت مآزره / وَدُون أَدنى علاه رُتبة الوزرا
أتى العِراق وَكانَت قبل في رهج / فَاِنصاع يُؤمن منها الخَوف وَالحذَرا
كَعارض المُزن وَافانا فحاصبه / عَلى العصاة وَيَهمي فَوقَنا المَطَرا
سَل عَنهُ بَدر السَما وَالغَيث حينَ هَمى / فَالمَرء يَعرف بِالأَشباه وَالنَظَرا
أَزكى الوَرى محتدا أَقواهم جلدا / أَشدهم عضداً في الخَطب حينَ عَرى
مكافاتكم عَنها يَمينيَ تَقصر
مكافاتكم عَنها يَمينيَ تَقصر / وَاتحف ما عِندي الثَنا وَالتشكر
نظرتم عَلى بعد إِلى مَن يحبكم / كَما السحب لِلأَرض المحيلة تَنظر
فَفي كُل عام ديمة مُستهلة / تُغادر أَرضي وَهِيَ بِالرَوض تزهر
وَلم أَرَ سُحباً وَهيَ في جَو حائل / تَسح عَلى أَهل العِراق وَتُمطر
إِذا ذكروا جُود البُحور وَنَفعها / ذكرتكم وَالشَيء بِالشَيء يُذكر
وَإِن مَدَحوا شهب السَماء وَنُورَها / فَأَوجهكم أَحلى جَمالاً وَأَنوَر
وَمَهما تَزد شم الجِبال رَزانة / فَإنكم أَرسى حلوما وَأَوقر
وَللأسد في الإقدام صَبر وَجُرأة / وَلَكنَكُم أَجرا قُلوباً وَأَصبر
لَكَ الخَير يا عَبد العَزيز فَلَيسَ لي / سِواك أَخ للخَير وَالشَر يذخر
لَقَد سَخر الرَحمَن لي مِنكَ راحة / إِذا وَكَفت فَهِيَ السَحاب المُسخر
رُوَيدك قَد بَخلت بِالجُود حاتِما / وَما حاتم في جَنب جُودك يُذكر
فَحاتم لَو يَدري بِبَذلك لِلنَدى / لَقال وَيا حاشاك أَنتَ المبذر
وَلو وزعت أَدنى عَطاياك في الوَرى / بأجمعهم لم يَبقَ بِالأَرض معسر
إِذا ما التقى الجَمعان هَبت نَسائم / مِن اللَه في نَصر الأَمير تبشر
قتلمظ في الهَيجاء بيض سُيوفَكُم / ظوام وَماء المَوت مِنهُن يَقطر
مسلطة أَسيافكم فَكأَنَّها / صَواعق مُزن كُل شَيء تدّمر
فَكَم رَكضت بِالبَغي رَجل قَبيلة / وَما راكض بِالبَغي إِلّا وَيعثر
لَقَد غَرَهُم حلم الأَمير فَأَصبَحَت / تَضج بِلاد اللَه مِنهُم وَتَضجر
فَصبحهم سُلطان نَجد بِغارة / يُغطي السَما مِنها عَجاج وَعَثير
وَشَدَت عَلى قَلب الصُفوف خُيولَه / وَما هَمها إِلّا الرَئيس المشهر
فَما اِفتَرق الجَمعان حَتّى تَجمَعَت / عَلى جثث القَتلى سِباع وَأَنسر
إِذا لاحَ للأَعداء وَجه مُحمد / فَما الرَأي إِلا أَن يُولوا وَيدبروا
وَإِن نشرت راياته نَحوَ معشر / فَفي الدَو لا يَبقى عَلى الأَمن معشر
فَرايتهُ البَيضا بِها الفَتح أَبيَض / وَرايَتهُ الحَمرا بِها المَوت أَحمَر
تَكاد تَزول الأَرضُ رُعباً بِأَهلِها / إِذا شمَّرت عَن ساعد الضَرب شمر
مَناجيب مِن أَعلى قَبائل حمير / وَفيهم لعمر اللَه انجب حمير
أَبو ماجد بِالرَأي دبر أَمرَهُم / وَلِلرَأي قَبل السَيف نعم المدبر
أكتِّم حُبي لابن عم محمد / وَلَكنهُ ما بَين عَينيَّ يَظهر
لَقَد شَدَ فيهِ اللَه أَزر محمد / كَما الذكر عَن مُوسى وَهرون يُذكر
فَكانَ وَزيراً لِلأَمير بِقَوله / وَعَن أَمره يَنهي الأَنام وَيامر
فَلَيتَ الأَمير اِبن الأَمير محمدا / عَلى كُل ذي بَغي مَدى الدَهر ينصر
بُشرى العِراق فَفيك أَشرَق نُورَها
بُشرى العِراق فَفيك أَشرَق نُورَها / هِيَ جَنة الدُنيا وَأَنتَ وَزيرَها
دبرتها بِالرَأي وَهِيَ عَظيمة / لِسِواك لَيسَ بِممكن تَدبيرها
وَغَمزتها غَمز الكَمي قَناته / حَتّى اِستَقَمنَ كُعوبَها وَصُدورَها
سَكَّنت مِن ضَوضائِها وَلَكُم بِها / كانَت شَقاشق لا يقرّ هَديرها
وَإمام هذا العَصر إِذ وَلاكها / لا شَك أن مراده تَعميرها
فَخلى بِأَمنك جَوَها وَحلى بِيمنك / صُفوَها وَأضا بِوَجهك نُورَها
وَإِذا الثَنايا وَالثُغور طلعتها / ضَحكت ثَنيات العُلى وَثُغورَها
قَد سرَت فينا سيرة العَدل الَّتي / كانَت رِجال اللَه قَبل تَسيرها
أَمنت بِكَ الأَقطار حينَ حَكمتها / حَتّى اِصطَلحنَ بِغاثها وَصُقورَها
وَالبهم راتِعَة بِكُل خَميلة / وَالأَطلس السرحان لَيسَ يَضيرها
وَسِياسة الإِسلام أَنتَ خَبيرها / وَعَليمها وَسَميعها وَبَصيرها
قَد جئت مِن شعر النَبي بِطاقة / نَفح الخَلائق نَشرها وَعَبيرها
فَنشم نَشر المسك حينَ نَشمها / وَنَزور دار الخُلد حينَ نَزورها
هِيَ طاقَة الرَيحان شرف قَدرها / هادي الأَنام بَشيرها وَنَذيرها
إِن لَم تَصل بَلد الوَصي فَإنَّها / حِكم بِدا لِلعارفين ظُهورَها
إِن الوَصي مِن النَبي كَنَفسه / وَكَأَنَّما الشعرات مِنهُ صُدورَها
وَمَع التَأسف حينَ لَم نَحضر لَها / فَحُضور سَيدنا الوَصي حُضورَها
طوبى لِمَن حب ابن عَم محمد / فَبحبه لذنوبنا تَكفيرها
وَيَحيل قبح صَنيعنا حسناً كَما / قِطَع النحاس يَحيلها أَكسيرها
فَلنشكرنَ رِعاية الملك الَّذي / هُوَ ظل كُل المسلمين وَسُورَها
سُلطاننا الغازي الَّذي بِحسامه ال / أرض اطمَأَنت وَاستقمن أُمورَها
هَيهات أَن تخفي الطَوايح ملة / عَبد الحَميد وَليها وَنَصيرها
مازال يَحميها بِعَزمته كَما / يَحمي مخدرة الحجال غيورَها
بَحر لَهُ شَرع الإلَه مَوارد ال / عليا فَطابَ وَرودها وَصُدورَها
فَغَدا يَقل مِن الزَمان ثقاله / بيد خَفيف لِلعُلى تَشميرها
يا دَولة شأت الكَواكب رفعة / نظر الإِلَه لَها فَعز نَظيرها
بَيضاء أوّلها النَبي محمد / وَإِلى القِيامة يَستمدّ أَخيرَها
يُوصي بِها أَشياخَها لِشبابها / حفظاً وَيَعهد للصغير كَبيرها
متهلل بجمال يُوسف تاجَها / وَمُقبل قَدم النَبي سَريرها
هِيَ حبوة الملك الَّذي قَد دبر الد / دُنيا وَكانَ عَلى الهُدى تَدبيرها
لَو يَغمد الأَسياف عَنها ساعة / لا راب كُل موحد تَغييرها
قَد حلَّ قَسطنطين وَهِيَ بَعيدة / مِن دُونِها سَهل الفَلا وَوعورها
لَكن أَنعمه الجسام قَريبة / يَتعاقبان عشيها وَبكورها
كَالشَمس أَبعَد مِن يَديك مِن السَما / وَإِليك اَقرب من خَيالك نُورَها
قَد بَث جُند اللَه في أَقطارَها / فَهم لِغائبة الثُغور حضورها
فَإِذا سللن سُيوفَهُم في مَعرك / فَغمودهن مِن العصاة نُحورَها
وَإِذا شَرَعنَ رِماحهم في مَوقف / فَمقرّهن مِن البغاث صُدورَها
وَإِذا زَججن سِهامهم فَكأنها / أَطيار حَتف وَالقُلوب وكورها
آساد حَرب كَم أَثاروا عَثيرا / بِجياد خَيل لا يَخاف عُثورَها
العاديات الضابحات الموريا / ت القادِحات إِذا الكماة تغيرها
إِن وجهوها للعصاة وَدورها / نسفت بغارتها العصاة وَدَورَها
وَيدمرون الناكثين بذنبهم / إِن الذُنوب معجل تدميرها
ما قابلتهم دَولة إِلّا وَقَد / هَلكت وَكان إِلى الجَحيم مَصيرها
اللَه يَعلم كَيفَ يَبعَث مَيتها / وَبُطون ساغبة السِباع قُبورَها
حَمد المظفر دَولة نبوية / ما كانَ في الدول البعاد نَظيرها
مِن قاس فيها دَولة فَبرأيه / شرع صَحيحات العُيون وعورها
رُوح العَدو عَلى ذبابة سَيفه / مثل الذبابة كَيفَ شاء يَطيرها
وَلَكُم أَجار مِن الزَمان قَبائِلا / جارَت عَلَيها بِالسنين دُهورَها
وَلَو استجارَت فيهِ باكِية الحَيا / مِن ضَرب سَوط البَرق فَهوَ يُجيرها
وَلَجادَت السُحب الثقال بَدرَها / وَبها البَوارق لا يَشب سَعيرها
أَهلاً فَقَد لاحَت لَنا البَشائر
أَهلاً فَقَد لاحَت لَنا البَشائر / وَأَصبَح الغري وَهوَ زاهر
بِالشاه سُلطان الوَرى محمد / إِلى علي جاءَ وَهُوَ زائر
الملك الوارث مِن آبائه / مآثراً ما مثلها مآثر
قبل بُلوغ العشر نالَ رُتبة / تَقصر عَنها السَبعة الزَواهر
مظهر رشد الخَلق في وُجوده / وَأَهله كانوا هُم المَظاهر
لِلّه أمٌّ ولدت محمدا / طاهِرَة قَد جاءَ مِنها طاهر
مَن يَرها في الملك وَهِيَ لَبوة / قال اِبنَها لا شَكَ لَيث خادر
هاجر كي يَحج قَبر سَيد / أَركان مَثواه هِيَ المَشاعر
مهاجر للَه قَد أَرخته / محمد أفضَل مَن يُهاجر
محمد يا أَخا ودي وَأُنسي
محمد يا أَخا ودي وَأُنسي / وَيا مَن فيهِ هَم القَلب يَسري
تَسير نَحوَكُم غرر القَوافي / فَيدلج بِالثَناء لَكُم وَيَسري
إِذا ما الممحل استجدى نداكم / تَيَقَن أن بَعد العُسرِ يُسرا
أَعدلي يا فداك أَبي وَكفر / يَمينك سبحة سَوداء يسرا
وَما تَبغي بِسودا همت فيها / وَكَم قَلبتها يُمنى وَيُسرا
أَخويّ ما جاوَرت دارَكُما
أَخويّ ما جاوَرت دارَكُما / إِلا لجور نَوائب الدَهر
فَرقدت في أَمن كَسانحة ال / بَطحاء قَد أَمنت مِن الذُعر
وَنَصبت وَجهي نَحوَ بَيتِكُما / عِندَ الصَلاة وَواجب الذكر
وَالآن عِندي حاجة عَرضت / نَفت الرقاد وَأَقلَقَت فكري
لي في خَبايا البَيت زاوية / عادية العمرين وَالعُمر
وَكَأَن ظلمتها أَجار كَما / رَب البَرية ظُلمة القَبر
سيان إِن دَخل الضَرير بِها / أَو من يَقلب مقلة الصَقر
لا يَلقط الحُب الحمام بِها / وَالفار مَأمون مِن الهر
لَو تَسمحان بكوتين لَها / طَلعت عليَّ أَشعة الفَجر
وَغُنمتما مني الدُعا أَبَدا / وَرَبحتما بِالحَمد وَالشُكر
رَعى اللَه طَيباً جاءَ مِن أَرض مَكة
رَعى اللَه طَيباً جاءَ مِن أَرض مَكة / يَفوح عَبيراً مثل أَنفاس مبدر
أَرى كُل جنس يَستَميل لِجنسه / كَذا الطَيب لا يَهدي لِغَير المعطر
إِن في أُفق السَّماوات العُلى
إِن في أُفق السَّماوات العُلى / قَمَراً في كُل قُطر يزهر
وَلَنا في الأَرض بَدر مثله / مُستَقيماً وَهوَ فيها مبدر
شَكاتك لَيتَها اِنقَلَبَت لِناس
شَكاتك لَيتَها اِنقَلَبَت لِناس / بِمَجدك نافسوك أَبا بدور
وَمثلك واحد في الناس يفدى / مِن الإِسلام بِالجَم الغَفير
أَقبلت مُلتَمِساً محلّ قَرار
أَقبلت مُلتَمِساً محلّ قَرار / مَتأمِلاً للجار قَبل الدار
فَهَداني المَهدي لِخَير مَحلة / لِأماجد كانوا حماة الجار
أَبناء جَعفر عِندَ ساحة مَجدِهم / مثل النُجوم تَحف بِالأَقمار
يا طالب العلم اِغتَنم مِن علمهم / وُحز الغِنى يا طالب الدِينار
لَو كانَ جار أَبي دَواد حاضِرا / لَرَأى القُصور بِجاره عَن جاري
تَفدى العمارة بِالحويش واظفر ال / عَباس تَفدى في حَبيب الحار
كضم قائل لي لَم تركت جوارنا / وَعرفتنا خدماً مَدى الأَعمار
فَأَجبته إِن الجوار لعصمة / للمرء في الاحضار والأسفار
جار الفَتى عَبد الحسين كَأَنَّهُ / مُتعَلق بِالبَيت ذي الأَستار
كَم قَد حَباني عَنبرا هوَ عَنبر / وبخارة لَيسَت بِذات بخار
فَيمينه البَيضاء يمن لِلوَرى / وَيَساره لِلناس كَنز يَسار
فَإِذا تَكلم مجهرا في بابه / فَاللوح لَم يَحوج إِلى مسمار
وَانظم بأحمد ما استطعت مِن الثَنا / فَمديحه ضَرب مِن الأَذكار
كَم قَد حَباني قيمة لَو قوّمت / لازداد درهمها عَلى القنطار
وَالديك أثكله بخير دجاجة / قَد باتَ يَندبها عَلى الأَوكار
يا لَيتما جبر خلا مِن داره / أَو داره تَخلو من الدِيار
قد كُنت ثالثهم هناك وَلم أَكُن / لاثنين ثان اذهما في الغار
وَلَقَد كَتبت وَفكرتي مَشغولة / عَنكُم بنقل الجصّ وَالأحجار
طابوق داري وَالحجار جَميعه / في استا جابر المعمار
خلاصة شَكواي إِن الغري
خلاصة شَكواي إِن الغري / لبعدك كالرسم عافي الأَثر
لإِنك ناظم عقد الكَمال / وَلمّا بَعدت وَهِى وَانتثر
لييلات تَشريقنا أظلمت / لبعدك يا ذا المحيّا الأَغر
أَتنسى معاهدنا السالفات / سَقى عَهدهن عهاد المَطر
لَيالي ما ذمَّ مِنها السَمير / بِطُول أَياديك إِلا القصر
لَيالٍ خَلَت بَعد ما قَد حلت / وَمَرت سراعاً كَلَمح البَصَر
فَعَيناي عَينان نضاختان / وَقَلبي قَليب الأَسى وَالفكر
فراق الأَحبة قصِّر مَداك / فَنارك لوّاحه للبشر
وَيا قَلب أبعد ذاكَ الفَريق / وَيا عَين أغفل ذاكَ السمر
فَصَبراً عَلى مثل حزّ المَدى / وَنَوماً عَلى مثل وَخز الإبر
بِقَلبي شكَّت سِهام الفراق / وَناظِرَتي ما بِها مِن نَظَر
نَشدت الَّذي عادَ في يوسف / لِيَعقوب بَعد اِنقِطاع الخَبَر
بِأَنك تَعود أَبا أَحمَد / مهنا بِنَيل المُنى وَالظفر
لِتمسي بِخَير وَيُمسي العدوّ / كَما نَفسه حدثته بشر
وَكسرك للضد لا جبر فيه / كَأَنك عَين القَضا وَالقَدَر
الدَولة اليَوم زادَ اللَه بهجتها
الدَولة اليَوم زادَ اللَه بهجتها / وَقبل كانَت لِعَين المَجد مُنتَزها
كما بناصرها كانت معززة / سَيف المظفر قِواها وَعزّزها
مَوروثة من أَب لابن مسلمة / السَعد وشعها وَاليمن طرَّزها
ثَوب الشهادة ذاكَ الملك فازَ بِهِ / وَلِلسَعادة هذا الملك أَحرَزَها
تَهلل التاج إِذا نادى مؤرخه / تلج الشَهيد عَلى رَأس السَعيد زَها
بُشراكُم هذا غُلام لَكُم
بُشراكُم هذا غُلام لَكُم / مِثل الَّذي بشر فيهِ العَزيز
سمعا أباه إِن تاريخه / أعقبت يا بشراك عَبد العَزيز
أَقبلت وَقت رَقدة الحراس
أَقبلت وَقت رَقدة الحراس / بالرحيقين ريقها وَالكاس
وَلخوفي بان تراها عُيون الن / ناس عوذتها برب الناس
طفلة تألف البُيوت وَلَكن / إِن لَوَت جيدها فعفر كناس
ضحكت حين سلمت فأَرَتني / برد الطل أَو حباب الكاس
كسرت جفنها حياء فَخلنا / إِن في عَينها بَقايا نعاس
وَأَدارت عَلى السَوالف صدغا / مِثلما لفّع الأَقاح بآس
طربت حينَ رَق عَتبي لَدَيها / وَتَثنت بقدها المياس
وَحَسوت اللمى فذقت برودا / لَيسَ يَبقي عَلى غَليل الحاسي
وَعَهدت اللمى كَساكب كاس / فَهوَ لا يَستَحيل بِالانعكاس
فَوقت حاجباً وَعَيناً فَحتفي / بَينَ تِلكَ السِهام وَالأَقواس
وَاصَلَتني مِن بَعد يَأسيَ مِنها / ما الَّذ الوصال بَعد الياس
فَأَضاءَت مَرابِعي حينَ أَبدَت / غرة في الجَمال كَالنبراس
وَبِقَلبي من عَذلِ مَن لام فيها / وَهُو َخلو الحَشا كَحز المواسي
هوَ في رُؤية الكَواعب مثلي / غَير أني قاسيت مالا يُقاسي
فَبأي الحَواس أَصبو إِلَيهِ / وَالهَوى آخذ بِخَمس حَواسي
كُل جَرح لَهُ أَساة وَلَكن / ما لجرح الهَوى بِقَلبي آسي
لا أَرى غَير حُبَها وَاعتِقادي / قول مَن لامَني مِن الوَسواس
وَأَسياني عَلى الغَرام بلميا / يا خَليليَّ وَالخَليل المواسي
أَو بَأس بحبها لا وَرَبي / لا أَرى في هَوى المَها مِن باس
لَم نَزَل نَهبط الرؤوس إِلَيها / وَنَرى العز في هُبوط الراس
فَأَغد يا رَسولها القَول لَكن / أَنتَ نَبهت ذاكِراً غَير ناسي
غنّ لي باسمها لِيَأنس قَلبي / إِن في الحُب لَذة استيناس
شبَّ حَرباً بجسك العُود وَاعلم / إِن حَرب البَسوس مِن جسّاس
أَنتَ منك التَرديد في وَتر ال / عود وَمني التَرديد في أَنفاسي
وأجل في مغامر الأُنس شعري / رب شعر يجال كَالأَفراس
إِنَّ عرس ابن كائم بَهناه / بَعث البشر في جَميع الناس
فَرحة أَصبَح المبشر فيها / مِن أُناس يَهدي بِها لا ناس
إِن دار العُلى بكاظم أَضحَت / تَضع الفرقدين تَحتَ الأَساس
هوَ لَيث يَحوط خيس المَعالي / وَكَذا اللَيث حائط الأخياس
عربي لَهُ فَصاحة سحبان / ذكي لَهُ ذَكاء إياس
أثكل الدولتين في شعراها / وَهم في القريض أَهل مراس
مَدحه في بَني النُبوة لا / بِالعبشميين أَو بني العباس
كَم لَهُ في مَديحهم بنت فكر / حليت مِن بَديعها بِالجناس
هوَ شَخص سَما بِنَوع كَمال / فَأَرى الصنف عاليَ الأجناس
وَأَرى جَلبي القَريض إِلَيهِ / مثل جَلب الإِماء لِلنخاس
تَتَمنى مَنابر الذكر أَن لا / يَرتَقي غَيره عَلى الجلاس
لا تَقسه بالناس وَالفرق باد / عَدم الفرق مِن شُروط القِياس
إِن من قاسه بِشخص سِواه / مثل مَن قاسَ عسجداً بِنحاس
طبعه رقَّ كَالنَسيم وَلَكن / أين من حلمه الجبال الرَواسي
لَم يَزَل مالئ الجفان فَلا غر / و إِذا بات فارغ الأَكياس
منفق لَو كُنوز قارون يَحوي / ما تَخطى عَن خطة الإِفلاس
بِكَ اِفتَخَرَت أَبناء آل محمد
بِكَ اِفتَخَرَت أَبناء آل محمد / وَسار مسير الشَمس ذكرك في الناس
تَخير فَأَما أَن تجيء لمرتضى / وَأَما بِأَن نَأتي عَلى العَين وَالراس
فَإِن كُنت لَم تَعلَم محل نُزولنا / أَنا والرضا وَالمُرتَضى عِندَ عَباس
وَدَدت بأني لا أُفارق شخصه
وَدَدت بأني لا أُفارق شخصه / وَلكنما الأَيام تَجري عَلى العكس
ولي كُلما نامَت عُيوني فَزعة / لذكراك أَخشى أَن تذوب لَها نَفسي
وَمَن كانَ مَجنوناً لذكر حَبيبه / فَياسين لَم تَنفَع وَلا آية الكُرسي
سرت العيس بالدمى تغليسا
سرت العيس بالدمى تغليسا / حي تِلكَ الدُمى وَحي العيسا
مائلات الرقاب يَمشين هَونا / موقرات أَهلة وَشُموسا
يَتدافعن في هَوادج تَزهو / بِالتصاوير تَشبه الطاووسا
مثقلات قَد خففت وَطأها ال / أرض فمرت وَما سَمعنا حَسيسا
كُل صرح يَضم بيضة خدر / مثلما ضمَّ عرشُها بلقيسا
لَو يَرودون حَيث سحَّت دُموعي / لأَحبوا بعشبها تَعريسا
بَينهم فتنة المشوق لَميس / لارمت اسهم البعاد لميسا
كَم حَبتني كدر فيها خطابا / وَجلت لي كوجنَتيها كُؤوسا
قابلت خدَها الطلا فَأَرَتني / كُل مثل بمثله معكوسا
إِن تَشوَقت للطلا وَإليها / شمت نورين خمرة وَعروسا
أبصرتَني كعازر مِن هَواها / فَأَمدّت علي راحة عيسى
وَدَعتني أَخيَّ دلّاً وَلَكن / أَنا في لثمِها اتبعت المَجوسا
وَبجرس الحلي قَد غادَرتَني / أَتَمنى أَن أَسمَع الناقوسا
أَنا سلم الَّتي سَنا وَجنَتيها / بَينَ أَهل الغَرام يَحمي الوَطيسا
فَاكهتنا وَهِيَ البشوش وَلَكن / سعرت حربنا فكانَت بسوسا
جرحتنا بطرفها وَشممنا الط / طيب مِنها فجرحنا لَيسَ يوسي
وَشَكَونا وَخز الرِماح العَوالي / مُذ دَعاها دلالها أَن تَميسا
وَحَنَت قَوس حاجب فَنهضنا / نَتشَكى الحنوَّ وَالتَقويسا
وَرجفنا مِن ثَغرِها مُذ أَرانا / جَوهر البَرق بارِزاً مَحسوسا
لَكَ أَفدي الشَقيق يا وَجنة ال / خَد وَنعمان وابنه قابوسا
صبغة اللَه عندمتك وَلَكن / وَرست كُل عاشق تَوريسا
حرست خَدَها عقارب صدغ / يا سقى الطل وَرده المَحروسا
فَتنت كُل ناسك وَأَعانَت / بِتصانيف خدعها ابليسا
سَعد دَعني مِن الهَوى إِن قَلبي / كانَ طَوع المَها وَصارَ شموسا
ضلة يا نَديم تذكارنا ال / بيض وَقَد عمَّم البَياض الرُوسا
قَد لَقينا وَصل المَها وَجفاها / وَعَرَفنا نَعيمها وَالبوسا
فَاتبعني للانس في بَيت مَجد / دامَ بِاللَه عامراً مَأنوسا
لِنَزور العَباس في رَوضة الأُن / س وَنَقضي فَرض التَهاني جُلوسا
فرح دائم وَساعة يمن / سَعدَها المستهل يَمحو النحوسا
قَد لَقينا بِها نَعيماً مُقيما / وَلَقى ضدنا عَذاباً بَئيسا
بِهَنا المُرتَضى اصطبحنا فملنا / كَالنشاوى إِذ عاقروا الخَندريسا
قَد نظمنا بِهِ عُقود قَريض / وَرَصفنا التَرصيع وَالتَجنيسا
أَيّ عُرس بِهِ اللَيالي أرتنا / وَجهها ضاحِكاً وَكانَ عَبوسا
قُل زَليخا أَتَت لِيُوسف تَسعى / أَو سليمان قَد أَتى بلقيسا
نجل بَحر لجعفر الفَضل ينمى / نجتني العلم مِنهُ درّاً نَفيسا
لا تَقس علم جَعفر بِسواه / قَد نَهى شَرع جعفر أَن تَقيسا
معشر في النَوال سحوا غيوثا / وَبِأُفق الكَمال شَعوا شُموسا
يا رَئيسي دين النبي وَكُل / مِنكُما يفضل ابن سينا الرَئيسا
وَحكيمي رياضة غبرا في / وَجه بقراطها وَجالينوسا
رضتما الأَنفُس الطَواهر خَوف الل / ه لا خدعة وَلا تَدليسا
وَتوازرتما عَلى نصرة الد / ين كَهارون حينَ وازر موسى
فيكما اليَوم نثلب الجبت وَالطا / غوت وَالجاثليق وَالقسيسا
جعفريون تجلسون مُلوكا / وَتسرون بِالخِطاب الجَليسا
تَنزل الناس كَالوفود عَلَيكُم / يمترون التعليم وَالتَدريسا
وَيصفون كَالجُيوش صُفوفاً / فَتعبونها خَميساَ خَميسا
وَلَكُم تَهبط المَلائك لَيلاً / يَرفعون التَسبيح وَالتَقديسا
أسس الدين جعفر فنهضتم / تستجدون ذَلِكَ التَأسيسا
وَكَشَفتُم لنا الغِطاء فَشمنا / مِنهُ نُور الفَقاهة المَأنوسا
وَاعدتم معالم الدين تَزهو / في رِياض الهُدى وَكانَت دُروسا
أَنتُم الأَسد وَالشَريعة خَيس / وَالأُسود الوراد تَحمي الخيسا
تَأنس الناس بِالمَلاهي وَأَنتُم / ما رَضيتُم سِوى الكِتاب أَنيسا
فَوانعامكم عَلى الناس طرا / لِأرى هذهِ يَمينا غَموسا
إنكم أصبح الأَنام وُجوهاً / بَل وَأَعلى قَدرا وَأَزكى نُفوسا
قَد مَحَوتُم لَنا ذُنوب زَمان / نَحن في عدها صبغنا الطُروسا
جبر اللَه قَلب كُل أَديب / لَم يَزَل يَحمل العَنا وَالبُوسا
لَو أَتى البَحر وَهُوَ طام لِيَروي / مِنهُ أَظماءه لعاد يَبيسا
لَم يَفده الهيام في كُل واد / إِن يَكُن عَنهُ رزقه مَحبوسا
وَأَمض الجُروح أَن رَئيسا / من ذوي الفضل يَمدح المرؤوسا
لا أَراني الإِله أَمدح قَوماً / كانَ عَيش العَفيف فيهم خَسيسا
أَهل حرص قَد كَسَروا الفلس جم / عين وَصاغوه أَفلَسا وَفُلوسا
لي لِسان كَالصل لَم يَقرب النا / س بِسُوء إِلا إِذا ماديسا
كَم لَديغ بِهِ يحوقل راقيه / فَما كانَ برؤه مَأيوسا
كم كَريم أَركبته غارب ال / فَخر وَنذل أَنزلته مَنكوسا
بِالثَنا تارة أَعلّي رُؤوسا / وَالهجا تارة أَنكس رُوسا
فَاقبلوا مِن نتايج الفكر بكرا / أَنا أَهديتها إِليكُم عروسا
رفلت نَحوَكُم بِثَوب ثَناء / لَم تمزق مِنهُ اللَيالي لَبوسا