المجموع : 163
إذَا الدهرُ أَقَصْى عنك خِلاًّ مُكَرّماً
إذَا الدهرُ أَقَصْى عنك خِلاًّ مُكَرّماً / فلا تُكثرِ الأحزان يَا ذا وتندما
لعلَّ بأنْ يأتي قريباً ويَقْدَما / لقد يجمعُ الله الشَّتِيتَيْن بعدما
يظنانِ كلَّ الظَّنِّ أَنْ لا تَلاقِيا /
نَشرتُ شِراعَ الشوقِ لما هَوِيتكُمْ
نَشرتُ شِراعَ الشوقِ لما هَوِيتكُمْ / وسافرتُ فِي الأمواجِ حَتَّى أتيتكُمْ
نقضتُ عهودَ الود لما وفيتكُم / طفوتُ عَلَى بحرِ الهوى فدعوتُكُم
دعاءَ غريقٍ مَا لَهُ مُتعوَّمُ /
أُناديكُم والعينُ تجري بدمعةٍ / وبحرُ الهوى يُفضِي عليَّ بغَمْرةٍ
فما لِي أدعوكم دعاءً بأَنَّةٍ / لتَسْتنقذوني أَوْ تُغيثوا برحمةٍ
فلم تستجيبوا لي وَلَمْ تَترحَّموا /
إِلَى كم أُدارِي الدهرَ ثُمَّ إِلَى متى
إِلَى كم أُدارِي الدهرَ ثُمَّ إِلَى متى / وباعثُ صبرِي لا يزال مُشتَّتا
أُكلِّف نفسي عزةً وتَثَبُّتاً / تجنبتُ ظهرَ الشرِّ حَتَّى إذَا أتى
وحلَّ بدارِي قلت للشر مَرْحبا /
إذَا لَمْ أجد كَنْفاً منيعاً يُظِلُّني / وَلَمْ أرَ فِي الدنيا كريماً يُجِلُّني
ولا ملجأً عن دار قومٍ تُذِلُّنِي / سأركبُ ظهرَ الشرِّ حَتَّى يَملّني
إذَا لَمْ أجد عن مركبِ الشرِّ مركبا /
فواللهِ لا أَدري بأيةِ حيلةٍ / سأحتال فِي تقبيلِ ثغرِ خليلة
تحيرتَ حَتَّى فِي أقلِّ قليلة / أمنديلُنا قُل لي بأي وسيلة
توسلتَ حَتَّى قَبَّلتْك ثغورُها /
فهل يُنْهِموني أن أُبيحَ هواهمُ / وأكشفَ سري فِي الهوى لسواهمُ
دعوني دعوني كي أُقبِّل فاهمُ / فإني من القوم الَّذِين إذَا همُ
قد استُودِعوا الأسرارَ كانوا قبورَها /
فهل يحسبوا أني أُحدِّثُ عنهمُ
فهل يحسبوا أني أُحدِّثُ عنهمُ / بما أَوْدعوني من هواهم ومنهمُ
أمَا علموا أني أمينٌ عليهمُ / وأني من القوم الَّذِين همُ همُ
إذَا استُودِعوا الأسرارَ كَانُوا قبورَها /
إذَا الدهرُ أَقْضى عنك خلا مكرَّماً
إذَا الدهرُ أَقْضى عنك خلا مكرَّماً / فلا تُكثِر الأحزانَ يَا ذا وتَنْدَما
فرُبَّ بعيدٍ أَنْ سيأتي ويَقْدَما / لقد يجمعُ الله الشَّتِيتَين بعدما
يَظنانِ كلَّ الظن أَنْ لا تَلاقِيا /
أقول إذَا مَا البرقُ وَهْناً تَبسَّما
أقول إذَا مَا البرقُ وَهْناً تَبسَّما / وذَكَّرني عهداً قديماً تَصرَّما
أيا برقُ إِنْ جئتَ الخيامَ مسلِّماً / لَكَ اللهُ إِني بالحمى وذوي الحمى
رهينُ الأَسى والدمعُ تَهْمِي هَواطِلُهْ /
خَليليَّ عُوجاً بي قليلاً وَأَقْرَبا / عَلَى ساحةِ الفَيْحا لأبكي وأَنْدُبا
زمانَ الصِّبا إذ كنت لا أعرف الصبا / جهلتُ الهوى إذ كنت فِي شِرَّة الصِّبا
غَريراً بِهِ لَمْ أدرِ مَا هو فاعلُه /
لقد زادَ همي فِي الهوى وتحسُّري / عَلَى فائتٍ لَمْ يُجْدِ فِيهِ تَصبُّري
فآهٍ لأمر طال فِيهِ تحيُّري / نعمتُ وَمَا أنعمت فِيهِ تبصُّري
نعم ضاع مني الحزمُ فيما أحاوله /
إِن فِي الخلقِ أنت أحسن جاراً
إِن فِي الخلقِ أنت أحسن جاراً / لَمْ أُطقْ عنك مَا حييتُ اصْطِبارا
كيف أسلو وَقَدْ بَعُدتَ مزاراً / أَشعل الله فِي القَرَنْفُلِ نارا
حَيْثُ صَدَّ المُحبِّ عمن أَحبَّهْ /
لعمرُك مَا الأَسْوَا أصابتْ مَقاتِلي
لعمرُك مَا الأَسْوَا أصابتْ مَقاتِلي / ولا حبُّ من أهوى وإِنْ لَجَّ عاذِلي
أَتُدْنِي العِدى دوني وتصبح خاذِلي / وصالك للأعداء لا الهجرُ قاتلي
ولكنْ رأيتُ الصبر أَوْلَى من الشكوى /
أَبيتُ بخسرانٍ وأنت تُقيدهم / وأهلِك هجراناً ويبقى جَديدُهم
وأبعَد ممقوتاً ويدنو بعيدُهم / وفيتَ لهم دوني فسوف أَكيدهم
بصبري إِلَى أنْ أبلغَ الغايةَ القصوى /
أتهجرني والهجرُ لا شكَّ قاتِلي
أتهجرني والهجرُ لا شكَّ قاتِلي / وتُغري بيَ الأعداء وتُرضي عواذلي
بحقِّك هل تَرْضَى بأنك باذِلي / لقد كنتُ أرجو أن تكون مُواصِلي
فأسقيتني بالهجر فاتحةَ الرَّعدِ /
لعمرُك مَا الهجرانُ والوصلُ بالسَّوَا / وشتانَ بَيْنَ القرب والهجر والنَّوَى
أَأُصبحُ مقتولاً بسيفٍ من الهوى / فباللهِ بَرِّد مَا بقلبي من الجوى
بفاتحةِ الأَعرافِ من ريقِك الشَّهدِ /
خُلقتُ جَلوداً للأمور الفَوادِحِ
خُلقتُ جَلوداً للأمور الفَوادِحِ / وَمَا كنت خِلْواً من حسودٍ وقادِحِ
فلستُ أبالي من ليالٍ كَوالِح / ولو قَص مني الدهرُ ريشُ جوانحي
فلا أَتشكَّى للعدو فيَشْمتا /
أُصابر دهرِي كلما زلَّ أَوْ عَفا / وَلَمْ أشكُ أحداثَ الزمانِ وإِن جَفا
فسِيّان عندي كدَّر الدهرُ أَوْ جفا / فلا أتشكَّى للصديق مُكاشِفا
فيبقى حزيناً لا يطيق التكلما /
لئن جمع الدهرُ الجفا وشُجونَهُ / وشَتَّت أَسباب الوفا وفُنونَهُ
وقَطَّع أَوْصالَ الصفا وشئونه / فأصبرُ صبراً يَعْجز الصبرُ دونه
إِلَى أن يصيحَ الصبرُ مني تَألُّما /
لنا الشرفُ السامي عَلَى كل معشرِ
لنا الشرفُ السامي عَلَى كل معشرِ / إذَا افتخر الأقوامُ فِي كل مَحْضرِ
علَوْناهُم فخراً بمجدٍ وعنصرِ / إذَا اجتمعتْ يوماً قريشٌ لمَفْخَر
فعبدُ مَنافٍ سِرُّها وصميمُها /
فقد نالَ فقدانَ الربيعِ وليتنا
فقد نالَ فقدانَ الربيعِ وليتنا / فديناك من غِلماننا بأُلوفِ
لقد كنتَ سيفاً فِي اليمين وساعِداً / فغالك عنا غائلاتُ حُتوفِ
وَقَدْ كنتَ طَبّاً فِي الأمور مُجرَّباً / عفيفاً إذَا خانوا وأيَّ عفيف
سبَتْك الليالي لا رعى اللهُ يومَها / مُولَّعة يَسْبِين كلَّ طريفِ
عَوادِي الليالي فِي العَوادي تحكّمت / كما حُكِّمت يوماً عَلَى ابن طريف
فلو أنّها تُفدَى من البين أنفسٌ / بذلنا الفِدا من تالدٍ وطريف
ولكنْ قَضاءُ اللهِ لا شكَّ نافذٌ / بتشتيتِ شملٍ أَوْ فراقٍ شريف
فلم تبرحِ الأيامُ لا دَرَّ دَرُّها / تُفرِّق أحباباً برغم أُنوف
أبي الدهرُ إِلاَّ أن يُفرِّق بَيْنَنا
أبي الدهرُ إِلاَّ أن يُفرِّق بَيْنَنا / ويُبعِد أحباباً كي يقربَ بَيْنَنا
فراقُك يومَ البينِ كدَّر عيشَنا / فقدناك فقدان الربيع وليتنا
فديناك من غلماننا بألوف /
فقدناك فقدان الربيع وليتنا
فقدناك فقدان الربيع وليتنا / صحبناك وقَتَيْ مَشْتَأ ومَصيفِ
ويا ليتَ أني إذ رحلتَ مودِّعاً / فديناك من غلماننا بألوف
رُمتُ المعالي فامتنعْنَ وَلَمْ يزلْ
رُمتُ المعالي فامتنعْنَ وَلَمْ يزلْ / صعبُ المَسالكِ مُرْتَقاهُ يَعُوقُ
فتمنّعتْ طبعَ الدلالِ وهكذا / أبداً يُمانع عاشقاً معشوقُ
فصبرتُ حَتَّى نلتُهنَّ وَلَمْ أقل / إن المُمنَّع داؤه التّعويق
فعلوتُ ذِرْوَتها وَلَمْ أك قائلاً / ضجراً دواءُ الفاركِ التطليق
رمت المعالي فامتنعن وَلَمْ يزل
رمت المعالي فامتنعن وَلَمْ يزل / للحُرِّ فِي طُرُق العُلى تَعْويقُ
أنا ربُّها لا بعلها لكنه / أبداً يمانع عاشقاً معشوقُ
فصبرت حَتَّى نلتهن وَلَمْ أقل / كالغيرِ مَا مثلي لهن يَليقُ
قَدْ لازمتْ خَدمي فعِفْت مقالَها / ضجراً دواءُ الفارك التطليق
رمت المعالي فامتنعن وَلَمْ يزل
رمت المعالي فامتنعن وَلَمْ يزل / صعب المسالك شأنُه التعويقُ
فلئن تَمنّعتِ الدلالَ فهكذا / أبداً يمانع عاشقاً معشوق
فصبرت حَتَّى نلتهن وَلَمْ أقل / تَرْكُ الممنّعِ فِي القلوبِ يَليقُ
سموتَ بأَعلى الأفْقِ تخترِق الذُّرَى
سموتَ بأَعلى الأفْقِ تخترِق الذُّرَى / لتعلمَ صنْعَ الكائناتِ وَمَا جَرَى
وأنت كمثلِ النملِ تمشي عَلَى الثَّرَى / وَمَا الأرضُ بَيْنَ الكائناتِ الَّتِي تَرى
بعينيك إِلاَّ درةٌ صغُرتْ حجما /
فعلمُك من بحرِ المَشيئةِ قطرةٌ / وجسمك من ظهرِ البَسيطة مَدرةٌ
تريد اكتشافَ الغيبِ ذَلِكَ عبرة / وأنت عَلَى الأرض الحقيرة ذرة
تحاول جهلاً أن تحيطَ بِهَا علما /
صديقي عدوي إِذن لا تَزِدْني
صديقي عدوي إِذن لا تَزِدْني / فإني بَلوتُ الزمانَ اختبارا
وجربتُ دهرِي فأيقنت حتْماً / بأن الأنامَ بدهرِي حَيارَى
كلُّ شيءٍ قَدْ يُنالُ يوفُق
كلُّ شيءٍ قَدْ يُنالُ يوفُق / إنْ يَرُمْهُ الفتى بإخلاصِ صدقِ
يَسْتَرِقُّ العُلى من يجود بِعَتْقِ / إن تكن ظافراً فكُنْه برفقِ
فشجاعٌ بغيرِ رفقٍ جبانُ /
جَرِّدِ الصفحَ من يديك حُساماً / فسَماحُ القدير أعلى مقاما
واجعلِ العفوَ للمُسيء ختاماً / إن عندي لكل شيءٍ تماما
وتمامُ الشجاعةِ الإِحسانُ /