القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الملك الأَمجَد الكل
المجموع : 139
حالي غدا عاطلاً مِن وصلكِ الحالي
حالي غدا عاطلاً مِن وصلكِ الحالي / فكم أُغالطُ عن ذا الهجرِ آمالي
كتمتُه فوشتْ بي وهي جالهةٌ / مدامعٌ أَرْخَصَتْ مِن سريَ الغالي
يا جيرةَ الحيَّ أشمتُّمْ بهجركمُ / قبلَ التفرُّقِ لُوّامي وعُذّالي
تلقونَني ثمَّ القاكمْ ولا عجبٌ / عندَ العتابِ باِدلالٍ واِذلالِ
أبكي على مربعٍ من بعد بينكمُ / عافٍ وجسمٍ على أطلالكمْ بالِ
بأدمعٍ لم يزلْ في الوجدِ صَيَّبُها / وقفاً على جيرةٍ تنأَى وأطلالِ
وزَّعتُه بين هجرٍ أو أليمِ هوًى / ما بين ساكبِ تَهماعٍ وتَهمالِ
في أربعٍ حكمتْ أيدي النوى عبثاً / فيها بما لا جرى منّي على بالي
وقفتُ فيها / وقد سارتْ ركائبُهمْ
على ضِرامٍ لنيرانِ الهوى صالِ /
ما بين ناشدِ قلبٍ ضلَّ من وَلَهٍ / وبين منشدِ أشعارٍ وأغزالِ
منازلٌ طالَ فيها بعدما دَرَستْ / عنِ الحبائبِ تَردادي وتَسآلي
لبئس ما اعتضتُ فيها عن جمالِهمُ / من بعدِ رونقِِ اِحسانٍ واِجمالِ
يا هل يردُّ زماناً بانَ مُذْهَبُه / بكايَ في رسمِ دارٍ غيرِ محلالِ
مررتُ فيها فلم ألمحْ / وقد دَرَسَتْ
سوى رسومٍ كَبُردِ الصَّبرِ اسمالِ /
والدهرُ ما زالَ في حالاتهِ أبداً / مذ كانَ ما بين ادبارٍ واِقبالِ
يا منحنى الجِزعِ لي قلبٌ يطالِبُني / بما تقضَّى لنا في عصرِكَ الخالي
مِن حسنِ اِلفةِ أحبابٍ ومجتمعٍ / وطيبِ أوقاتِ أسحارٍ وآصالِ
تلكَ المنازلُ أبكتنا حمائمُها / وقد تغنَّينَ فوق الطلحِ والضّالِ
أجرينَ بالنوحِ دمعي في ملاعبها / فَنَحْنُ ما بين تغريدٍ واِعوالِ
منازلٌ درستْها الريحُ سافيةً / والقَطرُ ما بين مُنهلًّ ومُنهالِ
يا ريمَ رامةَ قد أمسيتَ تُسلِمُني / الى الممضَّينِ نسياني واِغفالي
قلبي وجسمي هما ما قد عرفتَهما / في النائباتِ لأوجاعٍ وأوجالِ
لا تَبْعُدَنَّ فكم في الحبَّ مِنْ نُغَصٍ / ومِنْ ملامٍ ومِنْ قيلٍ ومِنْ قالِ
تركتُه لأناسٍ يَحفِلُونَ به / وقلَّ بالعذلِ واللوامِ اِحفالي
يا حبذا زمنٌ لم تُمْنَ راحلتي / فيه بشدًّ إلى السرى واِرقالِ
كلاّ ولم أُمْنَ / والأيامُ تجمعُنا
قبلَ الفراقِ / باِزماعٍ وتَرحالِ
ايامَ كان غزالُ الحيَّ مؤتَمناً / على الهوى لم تَشُنْهُ نفرَةُ القالِ
واليومَ أُصبِحُ في وجدي وفي حُرَقي / بمعزلٍ عن جوى قلبي وبَلْبَالي
نبّاذُ فيه حضماهُ مِن لواحظِه / خوفاً عليه بسيّافٍ ونبّالِ
ما في المحبينَ مثلي في صبابتهِ / يا بُعدَ مطلبِ أضرابي وأشكالي
تاللهِ أنسى هواه أو أُرى أبداً / عنه وعن حبَّهِ ما عشتُ بالسالي
ولا أرى عوضاً منه ولو سمحَ / الزَّمانُ عنه بأعراض وأبدالِ
ولستُ أُصبِحُ عنه الدهرَ في شُغُلِ / إِلاّ به فهو أوطاري وأشغالي
يا طالبَ الشَّعرِ تُعييهِ مذاهبُهُ / فينثني منه في ضيق ٍ واِشكالِ
خُذْها فكم مِن فنونٍ في طرائفِه / فيها ومِن حِكَمٍ تسري وأمثالِ
حيَّ عنّي الحمى وحيَّ المصلَّى
حيَّ عنّي الحمى وحيَّ المصلَّى / وزماناً بالرقمتينِ تولّى
كان أغلى الأوقاتِ في النفسِ قَدْراً / فتلاشى زمانُه واضمحلا
ثمَّ لمّا نوى الفريقُ فِراقاً / نَهِلَ الحيُّ مِن دموعي وعَلاّ
مربعُ الوجدِ فيه أرسلتُ دمعي / بعدَ بُعدِ الأحبابِ وبلاً وطِلاّ
منزلٌ لم تُبَقَّ منه الغوادي / ودموعي والدهرُ إلا الأقلاّ
لستُ اسلو ما كانَ فيه من العيشِ / وحاشا المحبَّ أن يتسلّى
ما استحقَّ الفراقَ نجدٌ فنسلوهُ و / لا استوجبَ الحِمى أن يُمَلاّ
أيُّها الظاعنونَ هذي دموعي / بعدكمْ في الرسومِ تسقي المَحَلاّ
قد وقفنا فيها وكلُّ خليلٍ / بعزاليَّ دمعِه ما أخلاّ
وتذكرتُ مِن سنا الوصلِ نوراً / زالَ عنّي في الحالِ حين تجلّى
فهو مثلُ الشبابِ ما زارَ حتى / قيلَ سارتْ أظعانُه فاستقلاّ
أيُّها الهاجرونَ قد كان صبري / صارماً قبلَ هجركمْ لم يُفلاّ
أتُراكمْ ترضونَ بالهجرِ حقاً / للمحبَّ المشوقِ حاشا وكلاّ
أم تقيلونَهُ العثارَ امتناناً / منكمُ في الغرامِ أن كان زلاّ
اِنْ تراخى عنِ الغرامِ أُناسٌ / وتخلَّوا عنه فما يتخلّى
كيف ينسى أيامَ لهوٍ تقضَّتْ / بكمُ والزمانُ منها محلّى
هل إلى ذلكَ الزمانِ سبيلٌ / وضلالٌ أن تقتضي الشوقَ هلاّ
اِنْ يَفُتْني فاِنَّ حُزْني مقيمٌ / صارَ اِلباً عليَّ مذ صارَ كلاّ
أين ظبيُ الأراكِ طابا جميعاً / بين روضِ العقيقِ طيباً وظِلاّ
لي اليه تطلُّعٌ وحنينٌ / حيثما سارَ في البلادِ وحلاّ
بانَ عنّي وكنتُ وهو قريبٌ / ذا سرورٍ به وقِد حي المُعَلّى
فاسألا عن هجرِ مثلي اعتداءً / بعد ذاكَ الوصالِ كيف استحلاّ
يا فؤادي وكيف أدعو فؤاداً / يومَ بينِ الخليطِ هامَ وضلاّ
لستُ ارضى له الدناءَةَ خِدناً / فعلامَ ارتضى مِنَ الوجدِ خِلاّ
وبريقٍ قد باتَ يلمعُ وَهْناً / كالحُسامِ الصقيلِ في الرَّوعِ سُلاّ
بتُّ والبرقَ لا أمَلُّ دموعي / عندَ اِيماضِه ولا البرقُ ملاّ
مستهاماً ألقى الغرامَ بجسمٍ / منذ أبلاه هجرُه ما أبَلاّ
ذا عليلٌ من حرقةِ البينِ / والهجرِ بغيرِ اقترابِه لن يُبَلاّ
أيُّها الناظمونَ هذا قريضٌ / دقَّ في صنعةِ القريضِ وجَلاّ
يتمشَّى على السَّماكِ افتخاراً / ثمَّ يُضحي منه عليكمْ مطلاّ
وبغيضٌ اليَّ مَنْ ليس يدري / صنعةَ الشَّعرِ أن يكونَ مُدِلاّ
بقريضٍ إذا كسا الشَّعرُ عِزّاً / قائليهِ كساهُ هوناً وذُلاّ
ما تسمَّى في حلبةِ الشَّعرِ يوماً / سابقاً لا ولا استحثَّ فصلّى
هل بعد ذا كَلَفٌ بكم وغرامُ
هل بعد ذا كَلَفٌ بكم وغرامُ / جسدٌ يذوبُ وعَبرةٌ وسَقامُ
وحمامةٍ تدعو الهديلَ وطالما / جلبَ الحنينَ حمامةٌ وحمامُ
هتفتْ وكم شاقتكَ فوقَ غصونِها / وُرْقٌ تَجاوَبُ والعيونُ نيامُ
فسهِرتُ مِن دونِ الرفاقِ لنوحِها / ولبارقٍ بالرقمتينِ يُشامُ
أمسى يلوحُ / ولي فؤادٌ خافقٌ
بوميضِه دونَ القلوبِ يُضامُ /
رحلَ الأحبَّةُ عن زرودَ وخلَّفوا / مضنًى تكنَّفَهُ أسًى وهُيامُ
ومتى خلا ربعُ الهوى مِن أهلِه / فكرى الجفونِ على الجفونِ حرامُ
واِذا قضى بالبينِ بعدَ دنوَّهم / عبثُ النوى فعلى الحياةِ سَلامُ
جنفَ العواذلُ في الملامِ وما ارعوى / وجدي وقد عَنَفوا عليه ولاموا
مَنْ مبلغٌ جيراننا بِطُوَيلِعٍ / أنّي سَهِرتُ مِنَ الغرامِ وناموا
قومٌ إذا ذُكِروا طربتُ صبابةً / فكأنَّما دارتْ عليَّ مدامُ
بانوا وقد كانوا عليَّ أعزَّةً / وهمُ واِن بانوا عليَّ كرامُ
أهوى رجوعَ الراحلينَ وطالما / كَذَبَتْ أمانيٌّ وعَزَّ مَرامُ
هيهاتَ أين رجوعُ أيامِ الحمى / ذهبتْ فدمعي اِثرهنَّ سِجامُ
أم كيف تُرجى للأحبَّةِ عودَةٌ / ويَلَمْلَمٌ مِن دونهم وثِمامُ
طلبُ الحبائبِ ضلَّةٌ مِن بعدِما / قعدَ العواذلُ حولهنَّ وقاموا
هُجِرَ المحبُّ تجنباً وأُضيعُ في / شرعِ الهوى عهدٌ له وذمامُ
فكأنَّما أيامُه بالمنحنى / كانتْ لطيبِ العيشِ وهي منامُ
فسقتْ صوادي الربعِ ديمةُ جفنِه / سَحّاً إذا ما ضَنَّ فيه غمامُ
ربعٌ أسائلهُ وفي قلبي له / مِنْ مؤلمِ الشكوى اليه ضِرامُ
عن جيرةٍ ظعنوا وأوحشَ منهمُ / نادي السرورِ في الفؤاد اقاموا
كانتْ ليالي القربِ أعياداً بهمْ / تُزهى وكان الدهرُ وهو غلامُ
واليومَ أخفقتِ المطامعُ بعدما / ساروا وأمسى البينُ وهو لِزامُ
جيرانَنا مَنْ باتَ مشغوفاً بكمْ / ونأيتمُ عنه فكيف ينامُ
ميعادُ شوقي أن تَهُبَّ مِنَ الحمى / نفسُ الصَّبا أو أن تلوحَ خيامُ
ونجائبٍ ترمي الفِجاجَ ضوامرٍ / هنَّ القِسيُّ وركبهُنَّ سهامُ
طلبتْ ربوعَ الظاعنينَ يحثُّها / سَبَبا غرامٍ جِنَّةٌ وعُرامُ
وتجنَّبتْ زَهْرَ الجميمِ إلى الحمى / ومواردَ الوادي وهنَّ حُمامُ
تسننُّ بينَ دَهاسِهِ فكأنَّها / في المَرْتِ تسخرُ بالرَّياحِ نَعامُ
مِن كلَّ جائلةِ الوضينِ كانَّها / مما عراها في الزَمامِ زِمامُ
أو مُصعَبٍ لم يثنِ مارنَ أنفِه / في البيدِ مِن قَلَقِ النشاطِ خِطامُ
يسري ولا لأخِي الغرامِ ولا له / في منزلٍ بعدَ الخليطِ مُقامُ
واِذا تغيَّرَ مَنْ حَفِظْتَ ودادَهُ / وغدتْ حبالُ العهدِ وهي رِمامُ
فدعِ الملامةَ لا تلُمْهُ فقلَّما يجدي / وقد نقضَ العهودَ مَلامُ
ولشرُّ أربابِ المواثقِ حُوَّلٌ / فيها يؤنَّبُ تارةً ويُلامُ
ومتى تفاخرَ بالنظيمِ عصابةٌ / نبغوا فاِنَّي للجميعِ اِمامُ
ختموا بأشعاري وكان ختامهم / مسكاً ويضحي المسك وهو ختام
تَضاعُفُ ما ألقاه غيرُ بديعِ
تَضاعُفُ ما ألقاه غيرُ بديعِ / ولي كَبِدٌ للبينِ ذاتُ صدوعِ
سلامٌ على أُنسي وقلبي وراحتي / وطيفِكمُ بعدَ النوى وهجوعي
سلامٌ امرئٍ أمسى رهينَ صبابةٍ / وشوقٍ إلى رؤايكمُ وولوعِ
قنوعٍ بما تُهدي الرياحُ وطالما / تفيّأَ ظلَّ الوصلِ غيرَ قنوعِ
يَحِنُّ إذا ما شامَ ومضةَ بارقٍ / على عَذّباتِ الأبرقَينِ لموعِ
حنينَ المطايا الهيمِ من بعدِ ظِمئها / الى طيبِ وردٍ بالحِمى وشروعِ
إِذا نكَّبتْ ماءَ العُذَيبِ فِإنَّهُ / على ثقةٍ منها بماءِ دموعي
يوزَّعهُ البينُ المشتَّتُ ظالماً / على جيرةٍ بالمنحنى وربوعِ
صَحِبْتُهمُ والعيشُ في عُنفوانِه / شهيَّ المبادي والشبابُ شفيعي
لياليَ لم يقدحْ زِنادَ فراقهم / ضِرامُ الهوى العذريَّ بينَ ضلوعي
متى شئتُ غازلتُ الغزالَ مُقرَّطا / على غِرَّةِ الواشي وباتَ ضجيعي
مُدِلاً بأبرادِ الشبابِ مباعداً / بعزَّتها عن ذِلَّةٍ وخضوعِ
إلى أن تبدَّتْ للمشيبِ أوائلٌ / تشيرُ على غَيَّ الهوى بنزوعِ
تبدَّلتُ عن ليلِ الشبيبةِ مُكْرَهاً / بصبحٍ مِنَ الشيبِ المُلِمَّ فظيعِ
بدا طالعاً راعَ الشبابَ نهارُه / ومَنْ لي به لو دامَ بعدَ طلوعِ
سأبكي بِدّرَّ الدمعِ ماضي شبابِه / فاِنْ لم يُفِدْ بكيَّتُه بنجيعِ
ربيعَ زمانِ العمرِ والوصلُ مكثِبٌ / وناهيهما مِن نعمةٍ وربيعِ
فما ذُخِرَتْ تلكَ الدموعِ واِنْ غلتْ / لغيرهما في حِنْدِسٍ وصديعِ
ومما شجاني البرقُ يهتزُّ ناصعاً / لموعاً كمطرورِ الغِرارِ صنيعِ
فحتامَ بالبرقِ الحِجازيَّ مَوْهِناً / وبالصبحِ لا أنفكُّ غيرَ مروعِ
أُراعُ بنارَيْ بارقِ وصبابةٍ / مقيلُهما مِن مزنةٍ وضلوعِ
وأرتاحُ أن هبَّ النسيمُ مُعنبَراً / رقيقَ حواشي البُردِ بعدَ هزيعِ
كأنَّ الصَّبا قد بشَّرتْني بأوبةٍ / لِمَنْ بانَ عن روضِ الحمى ورجوعِ
وهيهاتَ لا ظِلُّ الشبابِ وقد نأوا / ظليلٌ ولا مرعى الهوى بِمَريعِ
وخَرْقٍ جزعنا بالمطيَّ سرابَهُ / وما فوقَها للبينِ غيرُ جَزُوعِ
تجولُ مِنَ الضُّمرِ النسوعُ واِنَّنا / لأنحفُ مِن جُدْلٍ لها ونسوعِ
عليها رجالُ الوجدِ لم تلقَ فيهمُ / لفادحِ خطِب البينِ غيرُ قريعِ
متى صُمَّ عن داعي الغرامِ عصابةٌ / فما فيهمُ في الوجدِ غيرُ سميعِ
بكَوا في رسومٍ غيرَّتْها يدُ البِلى / بدمعٍ على أطلالهنَّ هموعِ
بكاءَ مشوقٍ في الديارِ مُوَلَّهٍ / سميعٍ لأحكامِ الفراقِ مطيعِ
أضاعَ عهودَ القومِ لمّا أذاعَها / بدمعٍ لأسرارِ الغرامِ مذيعِ
آليتُ لا حِلْتُ ولا حِلْتُمُ
آليتُ لا حِلْتُ ولا حِلْتُمُ / عن كلَّ ما أعهدُهُ منكمُ
وبالذي ارعاه مِن عهدِكمْ / بعدَ نواكمْ يُعرَفُ المغرمُ
قد كنتُ أبكي والنوى لم تَحِنْ / بعدُ فما الحيلةُ أن بِنتمُ
وكيف لا يَقلَقُ مِنْ لم يزلْ / يُقْلِقُهُ حبُّكمُ الأقدَمُ
أرتاحُ للريحِ إذا ماسرتْ / مشمولةً تُخبِرُني عنكمُ
كأنَّها تأسو جِراحَ الهوى / فهي لقلبي دونكمْ مرهمُ
ما عَلِمَ الرُّكبانُ ما حلَّ بي / في الوجدِ لو لم يَلُحِ المَعْلَمُ
كتمتُه حتى إذا ما بدا / أظهرتِ العبرةُ ما أكتمُ
ولم تزلْ تُظهِرُ سرَّ الهوى / منّي إذا ما زرتُها الأرسُمُ
أسألُها عن أهلِها ضَلَّةً / كأنّها تسمعُ أو تَفْهَمُ
وربَّما أعربَ عن كلَّ ما / يزيدُ وجدي ربعُها الأعجَمُ
منازلٌ قد صِرْتُ أبكي لها / مِن بعدِ ما كنتُ بها أَبسِمُ
بادمعٍ مِن بعدِ أهلِ الهوى / على ثرى أطلالِهم تَسْجُمُ
اِنْ أعوزَ الغيثُ وان أنجمَتْ / سحائبُ الرَّىَّ انبرتْ تَثجِمُ
والدهرُ حالانِ فطوراً له / بؤسي وطوراً بعدها أنعُمُ
فلا تَضيقَنَّ بأفعالِه / فربَّما هانَ الذي يَعظُمُ
أحبابَنا لا تَرِدوا أدمعي / فاِنَّها بعدَ نواكُمْ دَمُ
بَعُدْتُمُ فالدهرُ في ناظري / بغيرِ أنوارِكمُ مُظلِمُ
وعيشتي البيضاءُ بعدَ النوى / كدَّرها هجركُمُ الأدهَمُ
لولا دموعي يومَ توديعكمْ / لم تكُ أسرارُ الهوى تُعلَمُ
أأشتكيكمْ أم إلى جورِكمْ / أشكو الذي قد حلَّ بي منكمُ
ولا أرى في مذهبي أَنَّهٌ / يُنصِفُني مَنْ لم يزلْ يَظلِمُ
شِنْشنَةٌ صارتْ له مذهباً / وهو لها دونَ الورى أخزَمُ
أحبَّةٌ لو قيلَ ماذا الذي / نختارُه ما قلتُ إلا همُ
هم أسلموني لاِسارِ الهوى / ظلماً وظنُّوا أنَّني أسلمُ
قلبي على ما نالَهُ منهمُ / لا يعرفُ البثَّ ولا يسأمُ
اِنْ أنجدوا أو أتهموا لم يزلْ / وهو المَرُوعُ المنجِدُ المتهِمُ
وناظرٍ لم يَغْفُ خوفَ النوى / والبينِ لمّا هجعَ النوَّمُ
جيرانَنا ها أنا باقٍ على / عهدي فهل أنتمْ كما كنتمُ
ما غيَّرَ الدهرُ لنا وجهُهُ / عنِ الرَّضى حتى تغيَّرتُمُ
وفَيْتُ لمّا خانَ أهلُ الهوى / ولم أقلْ إِنكمُ خنتُمُ
كنايةٌ في طيَّها كلُّ ما / يُوهنُني منكمْ وما يؤلمُ
فليتكمْ لمّا سرتْ عيسُكمْ / عن أبْرَقِ الحنّانِ ودَّعتُمُ
آهاً على طيبِ ليالي الغَضا / لو أنَّها عادَتْ ولو عُدْتُمُ
غبتمْ فما لذَّ لنا عيشُنا / ولا استُحِثَّ الكاسُ مذ غِبتُمُ
فالغيثُ والمنثورُ هذا أسًى / للبينِ يبكيكمْ وذا يَلطِمُ
وأصفرُ الزهرِ ومبيضُّهُ / هذاكَ دينارٌ وذا درهمُ
والروضُ مخضلٌّ بقطرِ الندى / فالطيبُ مِن أرجائهِ يَفْغَمُ
وللهوى في كبدي جذوةٌ / تبيتُ مِن خوفِ النوى تُضرَمُ
فهل أرى حيَّهمُ باللَّوى / يُدنيهِ منّي البازلُ المُكْدَمُ
كأنَّه في هَبَواتِ السُّرى / يُثيرُهنَّ الخاضِبُ الأصلَمُ
كم رُفِعَتْ أخفافهُ عنْ دَمٍ / كأنَّه في اِثرِه عَنْدَمُ
ترتاعُ للصوتِ واِرهابِه / كأنَّما في ثِنيهِ أرقمُ
يا أيُّها النظمُ نداءَ امرئٍ / يَشغَفُهُ مذهبُكَ الأقومُ
تَعُبُّ كالسيلِ على خاطرٍ / طمى عليه بحرُكَ المُفْعَمُ
أُثني بما فيكَ على رُتْبَةٍ / لم يُعْطَها عادٌ ولا جُرْهُمُ
لو كنتَ في عصرِ رجالٍ مَضَوا / صَلَّوا على لفظكَ او سَلَّموا
أرسمَ الهوى العذريَّ دمعُكَ في الرسمِ
أرسمَ الهوى العذريَّ دمعُكَ في الرسمِ / دليلٌ على ما في الجوانحِ مِن نُعْمِ
وقفتَ به قبلَ التفرُّقِ باكياً / كانَّكَ بالتفريقِ قد كنتَ ذا عِلْمِ
وأصبحَ في الأطلالِ قِسمُكَ وافراً / مِنَ الدمعِ والتبريحِ والبينِ والسُّقْمِ
مرابعُ ما طولُ الوقوفِ بنافعٍ / على ما شجاني مِن أثافيَّها السُّحْمِ
وليس سؤالُ الربعُ إلا علالةً / متى رمتَ نطقاً مِن ملاعبِه العجْمِ
ملاعبُ خُلانٍ تعرَّفَها البِلى / فا شكلتِ الآثارُ حتى على الوهمِ
وقد دَرَستْ إلا بقيةُ معهدٍ / على وَجَناتِ التربِ أخفى مِنَ الوشمِ
فأَغْنَى وليُّ الدمعِ فيه وطالما / تحدَّرَ وسميّاً فأغنى عنِ الوسمي
علامةُ أربابِ الغرامِ وقوفُهمْ / على الدارِ مِن بعدِ الخليطِ على رغمِ
فمِنْ مشتكٍ بيناً اليها وناشدٍ / فؤاداً أضاعوه ومِنْ عَبْرَةٍ تهمي
وليلٍ بطيءٍ الفجرِ خِلْتُ غدافَه / وقد باتَ مكتوفَ الجناحينِ مِن همَّي
تطلَّبتُ فيه شاردَ النوم ضَلَّةً / وأين كرى جفنٍ تعلَّقَ بالنجمِ
وشاطرتُ فيه النيَّراتِ سهادَها / فهل مِن مُعينٍ لي على السَّهَرِ الجَمَّ
سألتكَ يا حزبَ الفراقِ وحربَه / بيومِ النوى إلا جنحتَ إلى السلمِ
أرادَ عسوفُ القصدِ تشتطُ كلَّما / بدتْ لكَ اسرارُ المحبينَ في الحُكْمِ
وكيف أُرجَّي منكَ سلماً وهذه / سهامُ النوى والهجرِ داميةَ الكَلْمِ
وقد كنتُ مِن قبلِ المحبّةِ حازماً / ولكنَّها الأهواءُ تَذْهَبُ بالحزمِ
ومبتسمٍ أضحتْ لآليءُ ثغرِهِ / تُخَجَّلُ منضودَ الفرائدِ بالنظمِ
لبهنانةٍ نمَّ العواذلُ في الهوى / عليها فأضحى البينُ في حبَّها خصمي
همُ حَلاَّوْا الظمآنَ عن رشفاتِه / وذادوه لا ذادوه عن باردِ الظَّلْمِ
ولما رأيتُ الركبَ صرعى صبابةٍ / على الربعِ يُفْتُنونَ المعالمَ باللثمِ
بكيتُ بدمعٍ في الطلولِ مورَّدٍ / على موجعاتِ البينِ مذ لجَّ في ظُلمى
فجسمي ورسمُ الدارِ لما تشابها / عفاءً سألتُ الركبَ أيُّهما جسمي
وخَرقٍ به البزلُ المراسيلُ جُنَّحٌ / نواحلُ كالأرسانِ تنفخُ في الخُطمِ
برى نَيَّها طولُ الوجيفِ وأصبحتْ / طِلاحاً عجاناً فهي جلدٌ على عظمِ
غدتْ كالحنايا فوقَ كلَّ نجيبةٍ / مِنَ القومِ ماضي العزمِ أنفذُ من سهمِ
فهنَّ سفينُ البرَّ يُقْذَفْنَ كلَّما / بدا لامعاً بحرٌ مِنَ الآلِ كاليَمَّ
على شُعَبِ الأكوارِ منهنَّ فتيةٌ / قريبونَ مِن مدحٍ بعيدونَ مِن ذمَّ
يصمُّونَ عن داعي الشنارِ نزاهةً / ويُسمِعُهمْ في الروعِ قرعُ القنا الصُّمَّ
له نسبٌ في المكرماتِ مؤثَّلٌ / يذودُ الدنايا عن عرانِينها الشُّمَّ
وحَلْبَةِ شعرٍ أقبلتْ فيه سُبَّقاً / جيادُ قريضي وهي تَمزَعُ في اللُّجمِ
تُغيظُ بُناةَ الشَّعرِ منها قصائدٌ / تَدِقُّ معانيهنَّ إلا على فهمي
رياضُ قريضٍ قد رقمتُ بساطَها / بفكرٍ عزيزِ المثلِ في صنعةِ الرَّقْمِ
ينقَّحُها فكري فتأتي سليمةً / مبرأةَ الألفاظِ مِن خَجَلِ الخَرْمِ
اذا أُنشدتْ هزَّ النديَّ سماعُها / وفكَّتْ وثَاقَ القلبِ مِن رِبقةِ الهمَّ
أفي كلَّ يومٍ عبرةٌ لكَ تَهمَعُ
أفي كلَّ يومٍ عبرةٌ لكَ تَهمَعُ / وقلبٌ مِنَ البينِ مُوَجَّعُ
وورقاءَ تَهدي لاعجَ الشوقِ والهوى / اِذا ما انبرتْ فوقَ الغصونِ تُرَجَّعُ
وريعٍ إذا حيَّيتَ دارسَ رسمِه / شجتكَ ديارٌ للأحبَّةِ بلقعُ
منازلُ يَشجيني لهنَّ وقد خلا / مِنَ القومِ مصطافٌ يروقُ ومريعُ
أسوفُ ثرى الأطلالِ فيها وهكذا / أخو الشوقِ مِن فرطِ الصبابةِ يصنعُ
وقفتُ بها والدمعُ تجري غروبُه / على الخدَّ منّي والحمائمُ تَسجَعُ
فمنهنَّ تغريدٌ ومنّي على الحمى / وأيامِه نوحٌ يزيدُ وأدمعُ
حمائمُ لم يسجعنَ في البانِ والغَضا / مغرَّدةً إلا وعينايَ تَدمَعُ
على جيرةٍ بانوا فلي بعدما نأوا / على الربعِ جفنٌ بالمدامعِ مُترَعُ
حَفِظْتُ لهمْ عهدَ الحمى وزمانَه / على أنَّهمْ خانوا العهودَ وضيَّعوا
لقد أودعوا قلبي مع الوجدِ والأسى / ضِرامًا مِنَ الأشواقِ ساعةَ ودَّعوا
فلا أدمعي ترقا ولا القلبُ ساكنٌ / ولا لوعتي تخبو ولا العينُ تهجعُ
يُجَدَّدُ لي ذكراهمُ كلَّ ساعةٍ / فؤادٌ بأيامِ التواصلِ مولعُ
وما كنتُ أدري قبلَ ما بانَ حيُّهم / بأنَّي إذا بانوا عنِ الجِزعِ أجزعُ
ولا أن تَهيامي القديمَ يعيدُه / جديدًا كما كان الحنينُ المرجَّعُ
ومما شجاني في الأراكِ حمامةٌ / تنوحُ وبرقٌ جَنبَهُ يتلمَّعُ
أُقابلُ ذا مِن نارِ قلبي بمثلِه / وتصدحُ هذى في الغصونِ فيُصدَعُ
وقائلةٍ والحيُّ قد سارَ غُدوةً / ولم يبقَ مِن قربِ التزاورِ مطمعُ
وقد ضقتُ ذرعًا بالفراقِ وصُنْعِه / حنانيكَ كم تبكي وكم تتوجَّعُ
كأنَّك لم تعلمْ بأنَّكَ في الهوى / تُعذَّبُ أحيانًا به وتُمتَّعُ
فقلتُ لها أُبدي التجلُّدَ ظاهرًا / ولي كَبِدٌ مِن هولهِ يَتقطَّعُ
سأقنعُ بالطيفِ الملمَّ على النوى / وما كنتُ لولا البعدُ بالطيفِ أقنعُ
وأقرعُ سنَّي للفراقِ ندامةً / على فائتِ الوصلِ الذي ليس يَرجِعُ
على أننَّي ما زالَ قلبي معذَّبًا / بجيرانِ سَلْعٍ أن أقاموا وأزمعوا
وحوراءَ بانتْ عن مرابعِ لَعْلَعٍ / فما راقني مِن بعدِ ذلكَ لَعْلَعُ
ولا شاقني مِن بعدِما أوضعتْ بها / الى البينِ أعضادُ النجائبِ مَوضِعُ
فهل لليالي القربِ مِن بعدِ ما مضتْ / حميدةَ أوقاتِ الزيارةِ مَرجِعُ
ومَنْ لي بأنْ يدنوا المزارُ فأشتكي / اليها صنيعَ البينِ بي وهي تَسمَعُ
وأُنشدُها مّما أُحبَّرُ شُرَّدًا / يَذِلُّ لها حُرُّ الكلامِ ويخضعُ
لها في نديَّ القومِ نشرٌ تخالُه / شذا المسكِ في أرجائهِ يتضوَّعُ
متى سمعوا منّا البديعَ وعظَّموا / محاسنَهُ نظَّمتُ ما هو أبدعُ
معانٍ هي البحرُ الخِضَمُّ يَزينُها / كلامٌ هو الروضُ الأريضُ الموشَّعُ
على مَفْرقِ الأيامِ مِن دُرَّ لفظِها / وعسجدِ في الدهرِ تاجٌ مرصَّعُ
دعْ عنكَ ما زخرفَ الواشي وما زَعَما
دعْ عنكَ ما زخرفَ الواشي وما زَعَما / لم يَصْحُ قلبي مِنَ البلوى ولا عَزَما
أمارَةُ الوجدِ عندي أدمعٌ ذُرُفٌ / على الديارِ وجسمٌ يألَفُ السَّقما
ومسمعٌ كلَّما زادَ العذولُ على / وجدي بليلى ملامًا زادَهُ صَمَما
لم أنسَ يومَ النوى والعيسُ مُحدَجَةٌ / والبينُ قد جَمَعَ التوديعَ والعَنَما
وكلَّما أرمضتْني مِن ملامتهِ / قوارصٌ أضرمتْ في مهجتي ضَرَما
يا حارِ والحرُّ مَنْ لم يُضْحِ في شُغُلٍ / مِنَ الغرامِ ومَنْ لم يُمسِ مُهتَضَما
اِنْ كنتَ أنكرتَ مِنْ دمعي نميمتَهُ / والقومُ عن حاجرٍ قد قوَّضوا الخِيَما
فما تحدَّرَ إلا مِن هوًى ونوًى / قد أحوجاه إلى اِظهارِ ما كتما
حالٌ تَذِلُ لها غلْبُ الأُسودِ وقد / أعزَّ اِقدامُهُنَّ الغِيلَ والأَجَما
أحبابَنا سُقيتْ أيامُ قربِكمْ / وجادَها الغيثُ منهلاًّ ومُنسجِما
مَضَتْ سِراعًا وما أدرى لسرعتها / أيقظةً ما أراني الدهرُ أم حُلُما
لا تَتْهَمُوا القلبَ بالسُّلوانِ بعدَكُمُ / فمذ عَرَفْتُ الهوى ما كنتُ متَّهَما
لم يبقَ لي أملٌ مِن بعدِ بينكمُ / اِلاّ وغادرَهُ صَرْفُ النوى أَلَما
أكادُ أبكي إذا سطَّرتُ مشتكياً / مِنَ الفراقِ ومِن أفعالِه القَلَما
ما للخيالِ ومالي ما ألمَّ بنا / اِلاّ وأورثَني اِلمامُه لَمَما
حيّا وفارقَني في الحالِ مُنصرِفاً / عنَّي فمتُّ على آثارِه نَدَما
طوى المهامهَ حتى جاءَ منفرِداً / اليَّ لم يَهَبِ البيداءَ والظُّلمَا
ودونهُ مِن فِجاجَ البيدِ مُنطمِسٌ / كاليمَّ مَجْهَلُه يستوقفُ الهِمَما
ما أوجفَ الركبُ أو ضلَّ الدليلُ به / اِلاّ وشيَّبَ مِنْ رُكبانِه اللَّمَما
يا دارُ ما لكِ قد عُوَّضتِ بعدهمُ / كُرْهاً بحكمِ النوى الغِربانَ والرَّخَما
لو كنتِ مِن حَدَثانِ الدهرِ سالمةً / لكانَ فيكِ فؤادي ربَّما سَلِما
ومنزلٍ عجتُ مِن بعدِ الخليطِ ضحًى / عليه أسألُ مِن أطلالِه الرُّسُما
فلم يُجبني وكم في الصَّمتِ من لَسَنٍ / فَهِمْتُه فجرى دمعي له وهَمَى
لمّا ذكرتُ به هنداً وجيرتَها / أيامَ قد كان شملُ الحيَّ ملتئما
تحدَّرتْ مِن جفوني فوقَهُ دِيَمٌ / اِذا استهلَّ حياها أخجلُ الدَّيَما
اِنَّ الكريمَ يرى ذكرَ الذين نأوا / وان أضاعوا عهودَ المنحنى ذِمَما
أين الحبائبُ في أيامِ جِدَّتِه / أولَينَهُ بشفاعاتِ الهوى نِعَما
نُفَرنَ عنه وهذي شيمةٌ عُرِفتْ / مِنَ الأوانسِ لمّا شارفَ الهَرَما
ما روضةٌ وشَّعتْها كلُّ غاديةٍ / فوشَّحتْها الثُّمامَ الغَضَّ واليَنَما
حاكَ الغمامُ لها مِن وشيهِ حُلَلاً / فيها فيا حسنَ ما وشَّى وما رَقَما
هِمْنا وقد هبَّ معتلُّ النسيمِ بها / كأنَّه بأحاديثِ الحِمى نَسَما
وخصَّني دونَ أصحابي بسَّرِهمُ / كأنَّه بالذي ألقاه قد عَلِما
يوماً بأحسنَ مِن تفويفِ ما نَظَمَتْ / قرائحي مِن كلامٍ يُنتِجُ الحِكَما
حوى العلومَ فأضحى في جزالتهِ / وسبكهِ بينَ أشعارِ الورى عَلَما
ولا الفراتُ كدمعي في غواربهِ / يوماً إذا جاشَ في تيّارِه وطَمَا
ولا الحمائمُ في نوحي ولا قلقي / غداةَ أضحتْ تُبكَّي الضّالَ والسَّلَما
متى ترنَّمَ منها طائرٌ غَرِدٌ / وقلتُ شعراً غدونا نَنْشُرُ الرَّمَما
وقد رضيتُ بقاضي العقلِ لي حَكَماً / فيما أقولُ وحسبي رأيُه حَكَما
أمّا الشبابُ فشيءٌ عزَّ مطلبُه
أمّا الشبابُ فشيءٌ عزَّ مطلبُه / قد بان مذ بانَ مِن ذا العمرِ مُذْهَبهُ
لم يبقَ مِن بعدِما قد فاتَ رَيَّقُه شيءٌ / اِذا حلَّ أخشاه وأرهَبُهُ
نأى الأحبَّةُ لمّا أن رأوا شَعَراً / في الرأسِ رِيعَ بصبحِ الشيبِ غيهبُهُ
وكلُّ ما نالَ قلبي مِن صدودِهمُ / قد كنتُ مِن قبلِ هذا اليومِ أحسبُهُ
للهِ ذا القلبُ كم يشكو لوازمَه / مِنَ الغرامِ ويُشجيهِ معذَّبُه
قلبٌ له بالهوى أُنسٌ تعوَّدَهُ / فلو نأى عنه أمسى وهو يطلبُه
وشادنٍ باتَ يُعييني تعنُّتُهُ / فظَلْتُ طوراً أحيَّيهِ وأعتِبُه
فما ارعوى لي وذاكَ الصُّدغُ منعطِفٌ / مِن بعدِما لَسَبتْ ذا القلبُ عقربُه
ما زالَ فرطُ تجنَّيهِ يُهَدَّدُني / بكلَّ ما نالَ مِن قلبي تجنُّبُه
وصرتُ مِن بعدِ قربٍ كان يجمعُنا / زمانُه كهلالِ الفطرِ أرقُبُه
وعادَ جظَّي عذاباً لا انقضاءَ له / بعدَ الوصالِ الذي قد بانَ أعذَبُه
وصارَ يُبعِدني مَنْ لم أزلْ أبداً / على ازديادِ تجنَّيهِ أُقرَّبُه
يا برقُ قد باتَ قلبي كلَّما لمعتْ / منكَ الشرارةُ يحكيها تلهبُّهُ
وصرتُ مغرًى بدمعي في ديارهمُ / بعد الأحبَّةِ أُذريهِ وأسكبُهُ
اِذا وقفتُ بها والدمعُ منهملٌ / فاِنَّني بدمِ الأجفانِ أقطبُه
فويحَ دمعٍ إذا ناحَ الحمامُ على / باناتِ سَلْعٍ رأيتُ التربَ تشربُه
مدامعٌ في سبيلِ الحبَّ ما برحتْ / عوناً على كل خطبٍ بتُّ أركبُه
سِيّانِ أسهلُه عندي ولي مُقَلٌ / بالدمعِ تُنْجِدُني فيه وأَصْعَبُه
هذا فؤادٌ أُراني أنَّني رجلٌ / في الحبَّ أتبعُ ما يختارُ مَذْهَبُه
وربَّ روحٍ إذا غنّى الحمامُ به / بين الخمائلِ أشجاني تطرُّبُه
ذكرتُ ربعَ هوًى لم أنسَ قاطنَهُ / طيبُ الوصالِ به قد كنتُ أنهبُه
بانتْ أوانسُه عنه وأنكرني / مِن بعدِ عرفانهِ في الحبَّ ملعبُه
بكيتُ فيه ونوحُ الوُرْقِ يُسعدني / على النوى ولسانُ الدمعِ يَندبُه
شوقاً إلى موردٍ ما شابَهُ كدرٌ / كم راقَ قبلَ نوى الأحبابِ مشربُه
بطيبِ عيشٍ قطعناهُ مُعاوَضَةً / قد كان يَصحَبُني حيناً وأصحَبُه
إِنْ فارقَتْني على رَغْمٍ لذاذاتُه / قَسْراً وباتتْ يدُ التفريقِ تسلُبُه
فسوف أُثني على أيامِ صُحْبَتِه / بخاطرٍ طالَ مِن شعري تعجُّبُه
ومِقولٍ كلَّما جدَّ الكلامُ به / قد هالَهُ بمعانيهِ تلعُّبُه
فأيُّ قلبٍ مشوق لم أزدْهُ هوًى / وأيُّ عقلٍ به ما بِتُّ أخلُبُه
شعرٌ إذا أمسيتِ الأشعارُ قاطبةً / دعيَّةً فإلى عدنانَ أنسبُه
ما لحبلِ الوصلِ قد أمسى رِماما
ما لحبلِ الوصلِ قد أمسى رِماما / ولزومِ الصدَّ قد صار لِزاما
يا أحبائي إذا لم تحفظوا / ذلكَ العهدَ فمَنْ يرعى ذِماما
شِيَمٌ لستُ أراها لكمُ / قعدَ القلبُ لجرّاها وقاما
ما عهدناها ولكنْ هذه / عادةُ الأيامِ تعتامُ الكراما
لا ولا كُنّا نُرجَّي منكمُ لِعُرى الوصلِ / وحاشاها انفصاما
أين أيامي على كاظمةٍ / جادَها الدمعَ انسكاباً وانسجاما
وزمانٌ بالحمى قضَّيتُه / ليته كانَ على العلاّتِ داما
زمنٌ لو عادَ أضحى مُكْرَهاً / لي هجيرُ الهجرِ برداً وسلاما
حبذا الريحُ غدتْ حاملةً / أرجَ الطيبِ وأنفاسَ الخُزامى
كلَّما مرَّتْ لها هَينمَةٌ / خلتُها مِن نحوِ أحبابي كلاما
فلماذا حرَّموا النومَ وما / كان لولا البينُ والهجرُ حراما
ومباحٌ لهمُ أن يمنعوا / لرضاهمْ مقلتي مِن أن تناما
مَنْ لقلبٍ كلَّما قلتُ خَبَتْ / نارُه أذكتْهُ لي ريحُ النُّعامى
وغريمِ الوجدِ مِن أهلِ الحمى / نفحةُ الريحِ تعاطيني الغراما
أرجٌ لولا أُهيلُ المنحنى / ما نشقناه ولا سُفْنا الرغَّاما
ورياضٍ بتُّ في أرجائها / باكياً روَّيتُ بالدمعِ الثُّماما
كلَّما مرَّتْ عليها شَمْأَلٌ / نبهَّتْ منها عَرارا وبَشاما
رقدتْ للنَّورِ فيها أعينٌ / والهوى يمنعُ عينَّي المناما
فاِذا غنَّتْ على أغصانِها / هُتَّفُ الوُرْقِ غدا دمعي المُداما
يا لَقَومي مِن حنينٍ زادَني / سَقَماً منه وما نلتُ مراما
لمعتْ لي بارقاتُ المنحنى / وهي تُبدي في دجى الليلِ ابتساما
خلتُها لمّا بدت مسلولةً / مِن قِرابِ المزنِ تهتزُّ حُساما
أو غدتْ مشبهةً مِن لوعتي / نارَها حَرّاً ووَقْداً وضِراما
ليت شعري والأماني ضَلَّةٌ / هل أرى الربعَ وهاتيكَ الخياما
منزلاً راقَ لعيني منظراً / وبهاءً ومُناخاً ومُقاما
حيث لم أسمعْ ولم تسمعْ بنا / زينبٌ مِن زخرفِ الواشي ملاما
ما وجدنا لليالي حاجرٍ / ولأيامِ الحمى في الدهرِ ذاما
ذاكَ دهرٌ سوف أُطريِه بما / يُخْجِلُ الدُّرَّ اتساقاً ونظاما
كلَّما رَدَّدَ شعري منشدٌ / في نديًّ عَلَّمَ النوحَ الحماما
بقريضٍ كلَّما أنشدَهُ / خلتَهُ فضَّ عنِ المسكِ الختاما
كلُّ أشعارِ الورى مؤتَّمةٌ / وهو للأشعارِ قد أضحى إِماما
كفى حَزَناً أنَّي أبثُّكَ ما عندي
كفى حَزَناً أنَّي أبثُّكَ ما عندي / وقد رحلَ الأحبابُ عن علَمَيْ نَجدِ
وكيف وقد كنتُ الأمينَ على الهوى / أُحدَّثُ عن أشياءَ طالَ لها جَحْدي
وما لُمْتُهمْ فيما جنوه مِنَ النوى / لعلمي بأنَّ اللومَ في الحبَّ لا يُجْدي
فيا عاذلي دعْ عنكَ عَذْلي فما أرى / عليكَ ضلالي في الغرامِ ولا رشدي
إليكَ فهذا الشوقُ قد عادَ مأْلَفاً / لقلبي وهذا الوجدُ قد صارَ لي وَحْدي
أحِنُّ إلى ليلى فلو زالَ حبُّها / ولا زالَ عن قلبي طَرِبْتُ إلى هندِ
سقى زمنَ الجرعاءِ دمعي إذا ونتْ / سحائبُ يحدوهنَّ حادٍ من الرعدِ
اِذا لمعتْ فيها البوارقُ خلتُها / قواضبَ في ليلٍ مِنَ النقعِ مسودَّ
زماناً قطعناهُ شهيّاً أوانُه / بساعاتِ وصلٍ كلُّها زمنُ الوردِ
فليت لأيامِ تقضَّتْ بقربهمْ / رجوعاً ولا يُرْجَى لما فاتَ مِن ردَّ
ومما شجاني في الأراكِ حمامةٌ / تغنَّتْ على فرعٍ من البانِ والزَّنْدِ
تنوحُ اشتياقاً والهديلُ أمامَها / على البانِ لم تعبثْ به راحةُ البُعْدِ
فكيف بها لوعاينتْ موقفَ النوى / مضافاً إلى هجرِ تطاولَ أوصدِِّ
وخوصُ النياقِ الواخداتِ بواركٌ / لوشكِ النوى مابينَ حَلِّ إلى شَدِّ
ومَعْرَكٍَ بينٍ فالغزالُ مرَّوعٌ / يُودِّعنُي سرّاً ودمعيَ كالعِدِّ
فطوراً أُرى فيه جريحَ لحاظِه / وطوراً أُرى فيه طعينَ قنا قَدِّ
وقد عدتُ مقروناً بوجدي ولوعتي / غداةُ سرى الحادي عنِ الأجْرَعِ الفردِ
أسائلُ رسمَ الدارِ عن أمدِ النوى / واِنْ لم أكن بالعَودِ منهمْ على وعدِ
وذي هَيفٍَ ما زالَ يهزأُ قدُّه / وقد هزَّهُ الاِعجابُ بالقُضُبِ المُلْدِ
تطاولتِ الأزمانُ بيني وبينَهُ / وما حالَ حاشاه ولا حلتُ عن عهدِ
كأنَّ الهوى إلى عليه أَليَّةً / بأنْ لا أَرى لي منه ماعشتُ مِن بُدِّ
وهيَّجتُ أشجانَ الرِّفاقِ بعالجٍ / وهوجُ المطايا الناجياتِ بنا تَخدي
وقد زرتُ ربعَ الظاعنينَ عشيَّةً / فباتَ إلى قلبي رسيسُ الهوى يَهدي
بنوحٍ على ما فاتَ مِن زمنِ الصِّبا / ودمعٍ على عيشٍ تقضَّى بهمْ رغدِ
وأعدانيَ الرسمُ الدريسُ بسُقْمِه / فأعديتهُ والسُّقمُ أكثرُه يُعدي
فيا قلبُ قد أصبحتَ جَلْداً على النوى / وما كنتَ تُدعَى قبلَ ذلكَ بالجَلْدِ
ولو لم تكن جَلْداً لما كنتَ بعدهمْ / بقيتَ ولو أصبحتَ مِن حجرٍ صَلْدِ
أحبتَّنا مَنْ حلَّ بالجِزعِ بعدكمْ / وقد بنتمُ عنه ومَنْ حلَّهُ بعدي
ومَنْ باتَ يَسقيهِ الدموعَ غزيرةً / تَحدَّ رُشوقاً فوقَ ذاكَ الثرى الجَعدِ
وينظرُ خفّاقَ البروقِ فينطوي / على أضلعٍ لم يبقُ فيها سوى الوجدِ
اِذا لاحَهُ حرُّ الغرامِ رأيتُه / يعانقُ أطلالَ الديارِ مِنَ الوقدِ
يُبَرِّدُ بالائآرِ لذعَ غليلِهِ / وجاحمُ نارِ الشوقِ في ذلكَ البَرْدِ
وما صارمٌ يَفْري الضرائبَ باتكٌ / مَخُوفُ سُطا الحدَّينِ يُعزى إلى الهندِ
اِذا ما انتضاهُ في الكريهةِ ضاربٌ / ومَرَّ يؤمُّ القِرنَ في ملتقى الأسدِ
يرى الموتَ منه في الغِرارينِ كامناً / يلاحظُه مابينَ حدِّ إلى حدَّ
بأمضى غِراراً مِن لساني إذا انبرى / يُنَظَّمُ شِعراً ليس لي فيه مِن نِدِّ
فكلُّ كلامٍ فيه عِقْدٌ منضَّدٌ / وكلُّ قصيدٍ فيه واسطةُ العِقْدِ
متى ينجلي بالقْربِ ذا الناظرُ القذي
متى ينجلي بالقْربِ ذا الناظرُ القذي / ويَرجِعُ سهمُ البعيدِ غيرَ مقذَّذِ
وأصبحُ لا مِن روعةِ البينِ والنوى / اخافُ ولا مِن وِقْفَةِ المتلَوَّذِ
وتَنفحُني مِن نسمةِ القربِ نفحةٌ / أهيمُ سروراً مِن تأرُّحِها الشذي
ولمّا تفرَّقنا وأمسيتُ ممسكاً / بكفِّي على أعشارِ قلبٍِ مغلَّذِ
وقفتُ على بالي الديارِ كأنَّني / بجمرِ الأسى والشوقِ فيهنَّ محتذي
سقى دارهَمْ بالخَيْفِ كلُّ غمامةٍ / يعيشُ بها ميتُ النباتِ ويغتذي
أناسٌ نأوا عنِّي فها أتا بعدَهمْ / أجوبُ الفيافي منفذاً بعدَ منفذِ
أقابلُ مِن شمسِ الظهيرةِ نارَها / على كلَّ مفتولِ الذراعِ مُهَربِذِ
كلانا غَراماً أو عُراماً إلى الحمى / أخو عَزَماتٍ كالحُسامِ المُشَحَّذِ
به جِنَّةٌ فيه وبي فضلُ جِنَّةٍ / كلانا على عِلاتِه كالمُوَخَّذِ
نجيبٌ نمتْهُ للِفجاجِ نجائبٌ / سفائنُ بيدٍ مِن نجائبِ شُمَّذِ
فِانْ وقفتْ دون المرادِ طلائحاً / فعذْ برسولِ الريحِ أن هبَّ أو لُذِ
فِانَّ النسيمَ الرطبَ مِن جانبِ الحمى / يُبِّردُ تسعيرَ الفؤادِ المحنَّذِ
فؤادٌ مشوقٌ قد تشرَّبَ شوقهُ / الى مَنْ نأى عن أرضِ نجدٍ وقد غُذي
يحاسبُ أيامَ الفراقِ ولم يكن / حنانيكَ لولا الشوقُ فيها كَجِهْبِذِ
فمن لي بأيامِ الغرامِ ولم أقلْ / على مؤلمِ الهجرانِ هل أنتَ منقذي
ومَنْ لي بأنْ تُثنَى الحدوجُ رواجعاً / فَتَغْنَمَ عيني نظرةَ المتلذِّذِ
وأغدو ولا ذا القلبُ مِن حرِّ بينهمْ / كما غادروه مِن جُذا الشوقِ يَجتذي
ولمّا ترامَى السربُ قلتُ بليةٌ / تراءتْ لمسلوبِ الفؤادِ مجذَّذِ
لئن أخطأتْهُ يومَ رامةَ أعينٌ / مِنَ العِينِ لم تثبتْ حشاشَتَه فذي
ومزمعةٍ مِن غيرِ جرمٍ ترحُّلاً / ودمعي عليها رُقْيَةُ المتعوِّذِ
أقولُ لها في عشرةِ البينِ هذه / يميني وهذا البينُ عطفاً بها خُذي
فقد أخذَ الهجرانُ والشوقُ والنوى / بنا في أفانينِ الهوى كلَّ مأخَذِ
مُعاهِدُكِ المأمونُوهو على الهوى / أمينٌ فِانْ لم يرعَ عهدَكِ يُنْبَذِ
فتَّى يدُه الطولى واِنْ طالَ عهدُه / بها مِن حبالِ الشوقِ لم تَتجبَّذِ
يُنَظِّمُ وجداً كلَّ بِكرٍ رقيقةٍ / بحكمٍ على أهلِ القريضِ منفَّذِ
مسلَّمةٍ مِن كلَّ عيبٍ يَشينُها / مبرّأةٍ مِن وصمةِ المنطقِ البذي
تعجِّزُ مِن أهلِ الفريضِ فحولَهُ / قصائدُ مِن صوغِ اللبيتِ المجرَّذِ
ينقِّحُها فكري على ما يُريدُه / فيصبيكَ تنقيحُ المجيدِ المنجِّذِ
لقد هزأتْ مِن أهل ذا الفن جملةً / بلابسِ شُربُوشِ ولابسِ مِشْوَذِ
بَعُدَ المزارُ فأنَّةٌ وتذكُّرُ
بَعُدَ المزارُ فأنَّةٌ وتذكُّرُ / بعدَ الخليطِ وعبرةٌ تتحدَّرُ
ومولهٌ بينَ الطلولِ كأنَّهُ / ألِفٌ يخاطبُها وهنَّ الأسطرُ
وصبابةٌ بينَ الجوانحِ كلَّما / ذُكِرَ الفراقُ فنارُها تتسعَّرُ
لّلهِ قلبي كم يَلِجُّ به الهوى / فيبيتُ يُنجِدُ وجدُه ويُغَوِّرُ
يرجو الوصالَ وتارةً يخشى النوى / فِالامَ يرجو في الغرامِ ويَحْذَرُ
يا قلبُ كم تصبو إلى زمنِ الحمى / وأهيلِه شوقاً وكم تتذكَّرُ
بانوا فقلبكَ حسرةً مِن بعدِما / بانوا على آثارِهمْ يتفطَّرُ
قلبٌ يقولُ لعاذليهِ على الهوى / كُفُّوا فميعادُ السُّلوِّ المحشرُ
تُصبيكَ حوراءُ العيونِ غضيضةٌ / هيفاءُ مُخْطَفَةٌ وظبيٌ أحورُ
وكأنَّما هذي مهاةُ أراكةٍ / ترنو بيقفلها وهذا جؤْ ذَرُ
ظبيٌ أرومُ الوصلَ منه ودونه ال / بيضُ القواضبُ والمشيجُ الأسمرُ
في حيث لا لمعُ البروقِ وسحبُها / اِلاّ القواضبُ والعجاجُ الأكدرُ
وفوارسٌ خاضوا الوغى وغمارَها / في حيث بحرُهمُ الحديدُ الأخضرُ
والخيلُ تمزعُ والأسنَّةُ شُرَّعٌ / والبيضُ تُثلَمُ والقنا تتأطَّرُ
فظُبي الصوارمِ لا البروقُ لوامعٌ / في حيث سحبُ حُماتهنَّ العِثيَرُ
وغمامةُ الحربِ العَوانِ ملثةٌ / بسوى النصالِ كماتُها لا تُمطّرُ
نشقوا رياحينَ الرماحِ حماسةً / فكأنَّما فيهنَّ مسكٌ أذفرُ
مِن كلِّ فارسِ مَعرَكٍ يردُ الردى / اِلْفاً ويُطربُه الثناءُ فَيُنْشُرُ
ونجائبٍ كلفنُهنَّ إلى الحمى / شوقاً تظلَّمَ منه مَرْتٌ أزورُ
أنضيتُ فيه الناعجاتِ فِانْ وفَتْ / كَفلَتْ تلاقينا العتاقُ الضمَّرُ
طمعاً بِعَوْدِ زمانِ أيامِ اللِّوى / ومُحَجِّرٍ سُقيَ الّلوى ومُحَجِّرُ
لا الظاعنونَ عنِ العقيقِ إلى الحمى / رجعوا ولا قلبي المعنَّى يَصبِرُ
تَخِذَ النزوعَ إلى الأحبَّةِ دَيْدَناً / فغدا وجامحُ شوقِه لا يَقصُرُ
لامَ العواذلُ في الغرامِ فما ارعوى / وجدي واِنْ جَنفَوا عليَّ فأكثروا
سِيّانِ عندي بعدَما احتنكَ الهوى / وسَطا الغرامُ أطولوا أم قصَّروا
ولربَّ يومٍ للودَاعِ شَهِدتُه / حيرانَ تعترفُ الدموعُ وأُنكرُ
كشفَ الفراقُ مِنَ الحياءِ قِناعَهُ / فطَفِقتُ لا أخشى ولا أتسَّترُ
في موقفٍ ما فيه إلا أنفسٌ / ذابتْ فَسمَّوها دموعاً تَفطُرُ
لا العذلُ يملكُ صبوتي فيردُّها / جبراً ومثلُ صبابتي لا تُجبَرُ
كلاّ ولا وجدي القديمُ بمنتهٍ / عمَّنْ يُؤنَّبُ في هواه ويُزجَرُ
كلاّ ولا وِردُ الوصالِ وبردُه / حاشاه بعدَ صفائهِ يتكدَّرُ
ومدلَّهٍ أمستْ وشاةُ دموعِه / عنه تُحدِّثُ بالهوى وتُخبِّرُ
وغدا تنفُّسُه يَنْمُّ بكلِّ ما / يُخفيهِ مِن سرِّ الغرامِ ويُظهِرُ
وتغيَّرتْ تلكَ الطلولُ وأهلُها / بعدَ النوى وهواه لا يتغيَّرُ
هطلتْ سحابةُ دمعِه فيها فما / حَفَلَتْ وقد بَخِلَ السحابُ الممطرُ
تُصبيهِ أغصانُ القدودِ موائلاً / ويشوقُه وردُ الخدودِ الأحمرُ
ياليلُ طلتَ فِانْ تناقصَ بعدما / أفرطتَ صبري فالحنينُ موفَّرُ
طمحٌ يزيدُ وأضلعٌ تَلْظَى هوًى / وصبابةٌ تقوى وصبرٌ يُقهَرُ
كم بتُّ بالليلِ الطويلِ مروَّعاً / وأخو السلوِّ ينامُ فيه وأسهرُ
زمنٌ عذيرايَ الصبابةُ والصِّبا / فيه ومغلوبُ الصبابةِ يُعذَرُ
مَنْ لي وكافورُ المشيبِ مُنَوَّرٌ / لو دامَ مِن ليلِ الشبابِ العنبرُ
ياأيُّها الشعراءُ هل مِن لا قطٍ / دُرّاً يسودُ به فهذا الجوهرُ
وقفَ اختياركمُ عليه فما لَهُ / مُتَقَدَّمٌ عنه ولا متأخَّرُ
هذا هو الشِّعرُ الذي لو أنَّه / ماءٌ لقالَ الناسُ هذا الكوثرُ
ولو انَّه خُطَبٌ أرتِّبُ لفظَها / جُمعيَّةً لصبا اليها المنبرُ
عُرُبُ القصائدِ ما غدونَ شوارداً / وغدا النويُّ بهنَّ وهو معطَّرُ
يزددنَ حسناً ما ترنَّمَ منشدٌ / بنسيبهنَّ وما تَكُرُّ الأعصرُ
عزَّتْ على خطّا بهنَّ وكلُّ مَنْ / يستامهنَّ مطوَّقٌ ومسوَّرُ
مِن كلِّ قافيةٍ إذا غضغضتَها / عُبَّ الكلامُ كما تُعَبُّ الأبحرُ
عذراءَ بكرٍ في القريضِ غريبةٍ / بسوى النفوسِ كلامُها لا يُمهَرُ
ما كنتُ أرضى أن يكون خليلَها / كسرى أنوشِرْوانَ والاِسكندَرُ
ما ضرَ أهلَ الحمى لو أنَّهمْ رجعوا
ما ضرَ أهلَ الحمى لو أنَّهمْ رجعوا / بانوا فأقفرَ مصطافٌ ومرتبَعُ
بانوا فبانَ على آثارِ نأيهمُ / عصرُ الشبابِ فمنْ أبكي ومَنْ أدعُ
أحبابَنا لا تظنُّوني أُقادُ الى / قومٍ سواكمْ فأسلوكمْ وأتَّبِعُ
مُنايَ اِصلاحُ ما بيني وبينكمُ / وكلُّ شيءٍ مِنَ الدنيا له تَبَعُ
وقفتُ بعدكمُ في الربيعِ أندبُه / والحافزانِ هما التبريحُ والهلعُ
مرابعٌ لم أزلُ فيهنَّ ذا جزعٍ / بعد الخليطِ وماذا ينفعُ الجزعُ
خلتْ ملاعُبها مِن كلِّ غانيةٍ / نأتْ فدمعي على آثارِها دُفَعُ
اِنْ ضنَّتِ السُّحْبُ جادَتْها غمائمُه / أو أمسكَ القطرُ أمسى وهو مُنْدَفِعُ
ديارُ هندٍ سقتْها كلُّ غاديةٍ / مِنَ الجفونِ إذا ما أخلفَ الكَرَعُ
مازلتُ أسالُ عنها كلَّ بارقةٍ / تبيتُ بين سَواري السُّحْبِ تَمتصِعُ
كأنها زفراتي حين يَضرِمُها / بعدَ التفرُّقِ لي في قربهمْ طمعُ
ياقلبُ ويحكَ كم تأبى نفارَهمُ / فتستفيقُ زمانا ثم تنخدعُ
ما أنتَ أوَّلَ مَنْ شاقتْهُ لامعةٌ / على الديارِ ولا هتّافةٌ سُجُعُ
مازلتَ بي وبما تهواه مِن عُلَقٍ / حتى علتني لأثوابِ الضنى خِلَعُ
حملتَ ثِقلَ أليمِ الهجرِ مُضْطَلِعاً / به فكيف بحملِ البعدِ تضطلعُ
في كلِّ يومٍ نياقُ البينِ مُحْدَجَةٌ / تَخُبُّ كرهاً بَمنْ تهواه أو تضعُ
هذا على الوجدِ قلبٌ لا يقلِّبُه / طولُ الفراقِ ولا بالعذلِ يرتدعُ
قلبٌ تنفِّرُه البلوى فتَعطِفُه / عن الغرامِ وَتثنيهِ له الخُدَعُ
والحبُّ في مذهبِ العشاقِ كلِّهمُ / داءٌ دويُّ ومبدا أمرِه الولَعُ
وفَوا فخانَهمُ الأحبابُ وانتقضتْ / تلكَ العهودُ إلا يا بئسَ ما صنعوا
جيرانَنا حبذا أيامُ ذي سَلَمٍ / والدارُ دانيةٌ والشملُ مجتمعُ
أبعدَ ذاكَ التداني مِن دياركمُ / أبيتُ والهجرُ عن لقياكمُ يَزَعُ
أماّ الغرامُ وأنتم تعلمونَ به / لكم مجيبٌ وأمّا الصبرُ ممتنعُ
لا أدَّعى أننّي جلدٌ عليه ولا / أقولُ اِنّي بدرعِ الصبرِ مدَّرعُ
مَنْ لي بردَّ ليالينا بكاظمةٍ / لو أنهَّا بعدَ طولِ البعدِ تُرتْجَعُ
قد كانَ لي في زمانِ اللهوِ عندكمُ / قبلَ النوى وتنائي الدارِ مُتَّسَعُ
يا ساكني هضباتِ القاعِ مِن اِضَمٍ / بالعيشِ بعدَ نواكمْ لستُ أنتفِعُ
ما كنتُ قبلَ النوى بالوصلِ مقتنعاً / واليومَ بعدَ النوى بالطيفِ أقتنعُ
ملاتْمُ القلبَ مِن شوقٍ ومِن حُرَقٍ / ومِن تجنِّ وهجرٍ فوقَ ما يَسَعُ
كان اللقاءُ مع الساعاتِ مقترناً / واليومَ مَنْ لي به لو أنَّه لُمَعُ
يا ناظمي الشعرَ هذا في جزالتهِ / مِنَ البديعِ الذي ما شابَهُ بِدَعُ
لا يستكينُ لأشعارٍ ملفقَّةٍ / ولا يُرى في حواشي لفظهِ ضَرَعُ
شِعرٌ وسحرٌ إذا خادعتَ في أربٍ / به العقولَ أجابَ الأعصَمُ الفَرِعُ
هذا النظيمُ الذي أضحى يُطاوعُني / في سبكهِ النُّظّامِ يَسْتَنِعُ
لو أنَّه خُطَبٌ زادتْ به عِظَماً / على تعاظُمِها الأعيادُ والجُمَعُ
ما بالُ طرفكَ بعدَ البعدِ مارقدا
ما بالُ طرفكَ بعدَ البعدِ مارقدا / ما ذاكَ إلا لأمرٍ أوجبَ السَّهَدا
صبابةٌ وحنينٌ يبعثان على / بُعدِ المزارِ إليكَ الشوقَ والكَمَدا
ما أنتَ غِرٌّ بأيامِ الغرامِ فلا / تظنَّ جهلاً بأنَّ الوجدَ صار سُدى
أقلُّ ما فيه أن تُلقي بلا سببٍ / على الحبائبِ فيه اللَّوْمَ والفَنَدا
لُدْنُ القدودِ كباناتِ الحمى هَيفَاً / بيضُ الطِّلى كظباءِ المنحنى جيَدا
حوراً العيونِ كأحداقِ المها عَينَاً / غِيدُ الجسومِ بنفسي ذلكَ الغَيَدا
كم قدْ سفكنَ بهاتيكَ العيونِ دماً / وما رأيتُ لها ثأراً ولا قَوَدا
أغراكَ برقُ الحمى بالذِّكْرِ آونةً / لما تراءَى على أجزاعِه وبدا
ما لاحُ إلا وفي قلبي كمومضِه / وَقيِدُ نارٍ غرامٍ مثلَ ما وَقَدا
نارانٍ نارُ زنادِ المزنِ ما خمدتْ / تحت الظلامِ ولا جمرُ الهوى خَمَدا
هذي تلوحُ فيحكيها تلهُّبُه / وهناً بجاحمِ شوقٍ قلَّما بَرَدا
يا راكباً يِطسُ الرَّضْراضَ مُجْفَرُه / كالهَيْقِ نحوَ الحمى والجِزْعِ قد وَخَدا
يسري على الأيْنِ لا يَثنيهِ مُنخَرَقٌ / عنِ الرسيمِ ولا يَستبعِدُ الأمدا
قلْ للغزالِ الذى حالتْ مواثِقُه / اِنِّي على ذلكَ العهدِ الذي عَهَدا
ما حلتُ في الحبِّ عماّ كان يعرفُه / ولا مددتُ إلى السُّلوانِ عنه يَدا
أحبابَنا سُقِيتْ أيامُ وصلكمُ / بهاطلٍ كلَّما جادَ الرُّبى رَعَدا
اِذا ونى سَحُّهُ أو قلَّ سافحُه / أجرتْ له مقلتي مِن مائها مَدَدا
يا بينُ ويحكَ ما أبقيتَ بعدَهمُ / للوالهِ الصبِّ لا صبراً ولا جَلَدا
قد كان ذا جَلَدٍ جَمٍّ فسارَ بهِ / حادي مطاياهمُ في الظعينِ يومَ حَدا
أين الأحبَّةُ لم يوفوا بما وعدوا / مِن بعدِما أنجزَ التفريقُ ما وعدا
بانوا فها أنا في الأطلالِ بعدهمُ / وِردي الدموعُ إذا ما شئتُ أن أرِدا
لأحمَدَنَّ زماناً كان يجمعُنا / بالرقمتينِ فخيرُ العيشِ ما حُمِدا
وقائلٍ قبلَ وشكِ البينِ مِن جَزَعٍ / قد نالَهُ للنوى والبينِ ما أفِدا
ما أنتَ يومَ نوى الأحبابِ صانِعُه / اِذا رأيتَ مزارَ القومِ قد بَعُدا
فقلتُ والقلبُ فيه حَرُّ نارِ جوًى / للبينِ تُضرَمُ مِن أنفاسيَ الصُعَدا
يدايَ / اِنْ حُمَّ بينٌ
قد ذَخَرتُهما / هذي لدمعي وهذي تَلْزَمُ الكَبِدا
ما استوطنوا بلداً إلا وعدتُ لِما / عندي من الوجدِ أهوى ذلكَ البلدا
لا تُلْزِمَنِّي بصبرٍ بعدما رحلوا / عنِ العقيقِ فصبري بعدهم نَفِدا
يا واقفاً في عراصِ الدارِ مكتئباً / يُذري المدامعَ في أرجائها بَدَدا
حيرانَ تُذْكِرُهُ الآثارُ بعدهمُ / عيشاً تولَّى بجيرانِ النقا رَغَدا
حَرانَ يسمعُ أشعاري فيحسبُني / وقد ترنَّمتُ فيها طائراً غَرِدا
مِن كلِّ قافيةٍ للعقلِ ساحرةٍ / نفثتُ في عُقَدٍ مِن سِحرها عُقَدا
أمسيتُ والبحرُ وردي من صناعِتها / متى وردتُ وغيري يَرشُفُ الثَّمَدا
شِعرٌ إذا سمعَ النظّامُ محكمَهُ / أقرَّ كرهاً له بالفضلِ مَنْ جَحَدا
معاشرٌ حسدوه لا أرى لهمُ / فيما توخَّوه لا راياً ولا رَشَدا
لغيرِ شيءٍ سوى انِّي أفوقُهمُ / بخاطرٍ كلَّما أذكيتُه اتَّقَدا
لا زلتُ في الفضلِ محسوداً ولا بَرِحوا / لا يقدرونَ على أن يُظْهِروا الحَسَدا
خلا مِنَ القومِ مصطاف ومرتبعُ
خلا مِنَ القومِ مصطاف ومرتبعُ / فليس في راحةٍ مِن بعدهمْ طَمَعُ
ساروا فكلُّ سرورٍ بعدَ بينهمُ / ولذَّةٍ لتنائي دارهمْ تَبَعُ
تلكَ الديارُ فما ضرَّ الذين نأوا / عنها بحكمِ النوى لو أنَّهم رجَعُوا
ما زلتُ بعدَ نوى الأحبابِ ذا جَزَعٍ / على الربوعِ وماذا ينفعُ الجَزَعُ
بانوا فأصبحتُ أشكو بعدما رحلوا / قبيحَ ما صنعَ الحادي وما صنعوا
مَنْ لي بلمياءَ لو يدنو المزارُ بها / بعدَ الفراقِ فأشكوه وتستمعُ
شكوى تكادُ لها صُمُّ الصَفا جَزَعاً / كما تصدَّعَ قلبي منه تَنصَدِعُ
لكنَّه الوجدُ ما أشناه فيه مَله / نحوي انطياعٌ وما أهواه يمتنعُ
والحبُّ أسبابهُ شتى ومعظمُها / فيما رأيناه منها العينُ والولعُ
يا منزلاً بانَ أهلوه وغيَّرَهُ / طولُ الزمانِ فدمعي فوقه دُفَعُ
أبكيكَ حزناً وأبكي مَنْ نأى أسفاً / عنكَ الغداةَ فمَنْ أبكي ومَنْ أدعُ
لو أن قلبي على ما كنتُ أعهدُه / ما كان يَصْدُفُ أحياناً وينخدعُ
يا قلبُ لا بالتجني عن محبتَّهِمْ / يُفيقُ منها ولا بالهجرِ يَرْتَدِعُ
في الناسِ عمن ترى في ودَّه مَلَقاً / أعواضُ خيرٍ وفي الأهواءِ مُتَّسَعُ
يا برقُ نارُكَ مِن وجدي ومِن حُرَقي / مضرومةٌ في عِراصِ الربعِ تَمْتَصِعُ
كأنَّها زفراتي عندَما كَرَبتْ / تلكَ الحمولُ عن الجرعاءِ ترتفعُ
تسري بهنَّ المطايا وهي لاغبةٌ / هِيمٌ تَراقلُ بالأحبابِ أو تَضَعُ
اِذا تبدَّتْ لها الكثبانُ وانكشفتْ / بالوخدِ عنها تراءى السَّقطُ والجَرَعُ
في مهمهٍ يتساوى في مجاهلِه / خِرَّبتُه فَرَقاً والعاجزُ الضَّرِعُ
حيث الاِكامُ إذا عاينتَهنَّ بها / عاينتهنَّ بضافي الآلِ تَلْتَفِعُ
أحبابَنا أن نأيتمْ عن دياركمُ / وأصبحَ الصبرُ عنكم وهو ممتنعُ
لا تحسبوني إذا ما الدهرُ باعدكمْ / بالعيشِ
لا كان ذاكَ العيشُ / أنتفعُ
طوبى وليت ولهفي غيرُ واحدةٍ / على زمانِ الحمى لو كان يُرتجَعُ
أبكي إذا سجعتْ في الأيكِ صادحةٌ / والدهرُ عن قربِ جيرانِ النقا يَزَعُ
بأدمعٍ كلَّما جادتْ سحائبُها / فما نخافُ إذا ما أخلفَ الكَرَعُ
وجدي يثيرُ لظاهُ كلُّ بارقةٍ / تبيتُ بين سواريَ السحبِ تلتمعُ
ودمعُ عَيْنِيَ تَمرِيهِ متى شجعتْ / على صوامِعها الحنّانَةُ السُّجُعُ
كمِ الفؤادُ وكم مقدارُ قدرتهِ / حتى تحمَّلَ منهم فوقَ ما يَسَعُ
وكم يُقادُ إلى مَنْ يعنفونَ على / ما عندهُ من تجنَّهمْ فيتَّبِعُ
وكم يكون اصطباري بعد رحلتهمْ / عنِ العقيقِ وكم بالطيفِ اقتنعُ
أليس لي جسدٌ أودى الغرامُ به / فكيف بالبينِ أو بالهجرِ يضطلعُ
يا أيُّها النظمُ قد أغريتُ فيكَ وقد / أعربتُ والحقُّ شيءٌ ليس يندفَعُ
لولاكَ ما عرفَ العشاقُ مذهبَهمْ / فيه ولا شرعوا في الحبَّ ما شرعوا
ولا أقولُ الذي قد قلتُه عبثاً / أين النظيمُ ومن في سبكهِ برعوا
وأين مِن أهلِ هذا الفنَّ مَنْ وقفتْ / مِن دونِ حلبتهِ الأضدادُ والشَّيَعُ
هذا قريضٌ إذا فاه الرواةُ به / وطارَ فَهْوَ على سِرَّ الهوى يقعُ
وسُبَّقٍ مِن جيادِ الشَّعر قد عجزتْ / عن الَّلحاقِ بهنَّ الشُّرَّبُ المِزَعُ
وُلُوْعٌ بَتذكارِ الأحبَّةِ لا يَفْنَى
وُلُوْعٌ بَتذكارِ الأحبَّةِ لا يَفْنَى / وفرطُ حنينٍ في المنازلِ لو أغنى
ودمعٌ غزيرٌ بعدَ جيرانِ حاجرٍ / يُخَجَّلُ هامي غَربِ دِمتهِ المُزْنا
أُوزَّعُه يوماً على الهجرِ والنوى / ويوماً إذا ما اجتزتُ بالربعِ والمغنى
ومنزلِ لهوٍ مذ وقفتُ بربعِه / عقيبَ نوى سكانِه قارعاً سنّا
أُنادي به لُبنى واِن كنت لا أرى / سوى مربع بالي الرسومِ ولا لُبنى
على العادةِ الأولى فلّلهِ درُّها / قُبَيلَ النوى ما كان أصفى وما أهنا
وللهِ أيامٌ حظيتُ على الحمى / بها مثلَ رَجْعِ الطَّرْفِ ثمَّ انجلتْ عنّا
لئن لا مني العُذّالُ فيها فما لهم / ضلوعي التي مِن جمرِ الغَضا تُحنى
ولا قطفوا باللثمِ وردةَ خَدَّها / ولا هصروا في ثِني أبرادِها الغصنا
مهفهفةٌ كم باتَ يَحسِدُ قربَها / اليَّ النوى حتى اشتفى فعلُها منّا
لعمري لقد أمهى لها البينُ بعدما / تدانى مزارنا مخالِبَهُ الحُجْنا
وسارتْ فقلبي بعدما بانَ أُنسُها / كأنّي أراه حلَّ مِن بعدِها سِجنا
فيا ليتها عادتْ وعادتْ بأهلِها / حميدةَ أوقاتِ التداني كما كنّا
لقد حَسَدَتْ عينايَ عندَ سُهادِها / عقيبَ نوى أحبابها المقلةَ الوسنى
اِذا نفحاتُ الريحِ هبَّتْ عنِ الغَضا / معطَّرةَ الأنفاسِ مِن نحوِها هِمنا
علامةُ أهلِ الوجدِ طرفٌ مسهَّدٌ / يفيضُ بقاني الدمعِ أو جسدٌ مضنى
وما روضةٌ قد وشَّعَتْها يدُ الحيا / فأبدتْ لنا أزهارُها الملبسَ الأسنى
سرى في حواشيها النسيمُ معنبراً / وجرَّ بليلاً في جوانبها الرُّدْنا
وحلَّ عليها المزنُ أخلافَ دَرَّهِ / وميَّلَ فيها الريحُ أغصانَها اللُّدْنا
بأحسنَ منها يومَ زارتْ وقد جَلا / صباحُ محيّاها لنا الأمنَ واليُمنا
فيا سائقَ الأنضاءِ يأتمُّ حاجراً / رويدكَ كم تُفنى بها السَّهْل والحَزْنا
يَطيرُ على وجهِ الثرى مِن لُغامِها / اِذا احتثَّها العادونَ ما أشبه العِهْنا
نواحلُ قد أنضيتُهُنَّ إلى الحمى / وقد كنَّ في الأرسانِ قبلَ النوى بُدْنا
فَعُجْ أيُّها العَجْلانُ بي نحوَ حاجرٍ / فلولا أليمُ الهجرِ والشوقِ ما عُجْنا
أسائلُ أطلالَ الديارِ واِنَّها / لتورِثُنا الهمَّ المبرَّحَ والحُزْنا
فأُقسمُ لولا جاحمُ الوجدِ لم نَبُحْ / بسرًّ ولولا البينُ فيهنَّ ما نُحْنا
وما ذاتُ طوقٍ في الظلامِ شجيةٌ / تُردَّدُ في الأغصانِ مِنْ شوقِها اللحنا
لقد أفصحتْ عما أَجَنَّ ضميرُها / الى أن غدونا عند اِفصاحِها لُكْنا
اِذا ما تغنَّتْ فوقَ غصنِ أراكةٍ / طربنا فحييَّنا أراكتَها الغَنّا
وخامرنا مِن نفحةِ البانِ نشوةٌ / رفضنا لِجرّاها السلافةَ والدَّنّا
بأطربَ مِن شعري وأين كمثلِه / قريضٌ عليه تَحسِدُ المقلةُ الأذِنا
اِذا ما دعا العُصْمَ استجابتْ صبابةً / اليه وأنساها شوامِخُها الرَّعْنا
فكيف إذا ما الصبُّ رجعَّ صوتَه / به عند تَذكارِ الأحبَّةِ أو غنّى
اِذاً لسمعتَ الوجدَ تُروى صحيحةً / أحاديثُه في كلَّ ناحيةٍ عنّا
نسيمٌ عن الأحبابِ هبَّ معطَّرا
نسيمٌ عن الأحبابِ هبَّ معطَّرا / تَفاوحَ مسكاً في الرياضِ وعنبرا
تأرَّحَ لمّا مرَّ بالحيَّ موْهناً / فيا ليتُه بي حين هبَّ تعثَّرا
سرى يملأُ الآفاقَ طيباً كأنَّما / تحمَّلَ مسكاً مِن اميمةَ أذفرا
أهيمُ بها وجداً وأفنى صبابةً / وحسبُ أخي الأشواقِ أن يتذكَّرا
مهاةٌ أرى مِن شَعرِها وجبينها / اِذا ما بدتْ ليلاً مِنَ الشَّعرِ مُقْمِرا
لقد أضرمتْ في القلبِ نارَ صبابةٍ / أبتْ بعدَ ذاكَ البُعْدِ إلا تسعُّرا
وأوردَني حبيَّ لها كلَّ موردٍ / مِنَ الوجدِ لم أعرفْ له الدهرَ مَصدَرا
اِذا ما تذكَّرتُ الزمانَ الذي صفا / به وصلُها بكَّيتُ ما قد تكدرا
زماناً رأينا الوصلَ فيه مروَّضاً / وغصنُ التداني بالأحبَّةِ مُثمِرا
فسقّاهُ دمعي لا السحابُ فاِنَّني / أرى الدمعَ مِن ماءِ السحائبِ أهمرا
يروحُ على أطلالِها متدفَّقاً / ويغدو على أرجائها متدَرا
وحيّا دياراً بالعقيقِ تبدَّلتْ / مِن الاِنسِ ظِلمانَ النعامِ المنفَّرا
لقد همَّ فيها المزنُ أن يُمْسِكَ الحيا / وعارضَهُ دمعي بها فتحدَّرا
منازلُ كم حاورتُ فيهنَّ شادِناً / مِن الإنسِ مصقولَ الترائبِ أحورا
اِذا ما تبارى الغيثُ فيها وأدمعي / غدتْ أدمعي فيها مِن الغيثِ أغزرا
وقائلةٍ ما بالُ وجدِكَ زائداً / وقد كان عندي أن وجدَكَ أقصرا
فقلتُ لها يأبى الوفاءُ لصبوتي / على قِدَمِ الأيامِ أن يتغيَّرا
مقالةُ محنيَّ الضلوعِ على هوًى / اِذا ما دعاهُ الوجدُ سارَ مشمَّرا
تعوَّدَ في لُقيا الأحبَّةِ دائماً / لقاءَ الأعادي يافعاً وحَزَوَّرا
مُعَنًّى بأسرابِ الصريمِ فتارةً / يلاحظُ ظبياً أو يغازلُ جُؤذَرا
يداوي أليمَ الشوقِ بالربعِ ضَلَّةً / وهيهاتَ أن يزدادَ إلا تذكُّرا
سقاهُ الهوى كأساً وسقَّى رجالَهُ / بفضلةِ ما أبقاه فيها وأسأرا
فاِنْ أنجدَ الأحبابُ أنجدَ وجدُه / واِنْ غوَّروا أمسى الحنينُ مغوَّرا
يهونُ عليهم أن تنامَ عيونُهمْ / اِذا طالَ ليلُ المستهامِ ويسهرا
وخَرْقٍ أزرناهُ النجائبَ ضلَّعاً / تجوبُ بنا مَرْتاً مِن البيدِ أزورا
نكلَّفُها السيرَ الحثيثَ واِنْ غدتْ / من النجمِ في الظلماءِ اهدى وأسيَرا
حروفٌ محتْ في مُهْرَق البيدِ أسطراً / بأخفافِها طوراً وأثبتنَ أسطرا
عليهنَّ مِن أهلِ الغرامِ عصابةٌ / نفى الوجدُ عن أجفانِها لذَّةَ الكرى
فكُلاًّ ترى فوق المطيَّةِ منهمُ / على شُعَبِ الأكوارِ أشعثَ أغبَرا
تُميلُهمُ كأسُ الكَلالِ كأنَّما / تعاطَوا على أعلى الغواربِ مُسْكِرا
وأحماسِ حربٍ فوقَ كلَّ طِمِرَّةٍ / مُضبَرَّةِ المتنينِ محبوكةِ الفَرا
ليوثُ وغًى يومَ الكفاحِ تراهمُ / أقلَّ عديداً في اللقاءِ وأكثرا
مُعَوَّدَةٌ أن تتركَ البيضَ في الوغى / محطمةً والسمهريَّ مُكَسَّرا
بحيثُ لسانُ السيفِ يصبحُ خاطباً / وحيث يكونُ الهامُ للسيفِ منبرا
واِنْ أقبلتْ زرقُ الأسنَّةِ شرَّعاً / وعاينتَ في أطرافِها الموتَ أحمرا
بأيدي رجالٍ ما أخفَّ إلى الوغى / اِذا ما دعا داعي الجِلادِ وأصبرا
رأيتَهم والموتُ مُرٌّ مذاقُه / يخوضونَ منه في الملمّاتِ أبحُرا
أسودٌ تخالُ السمهريةَ في الوغى / لها أُجُماً والمشرفيَّةَ أظفُرا
يبيعونَ في يومِ النزالِ نفوسَهمْ / اِذا ما رأوا اِبنَ المحامدِ يُشترى
واَمّا دعا داعي الصريخِ وأقبلتْ / كتائبُ يحملن القنا والسنورا
يحفُّونَ بالبزلِ الحراجيجِ سُهَّماً / اليها وبالجُردِ العناجيجِ ضُمَّرا
ومَنْ كان في يومِ اللقاءِ ابنَ حرةٍ / تَقدَّمَ لا يختارُ أن يتأخَّرا
بعزم يفسل المرهفات بحده / ويهزم في يوم الكريهة عسكرا
وما روضةٌ باتَ القِطارُ يجودُها / فأعشبَ مغبرُّ الرياضِ وأزهرا
تَدرهمَ نُوّارُ القاحيَّ مَوْهِناً / ولاحتْ له شمسُ الضحى فتدنَّرا
وهبَّ نسيمُ الصبحِ في جنباتِه / سُحيراً بأخبارِ الحمى فتعطَّرا
ورنَّحَ رندَ الواديينِ هبوبُه / فمالَ على حَوذانِه وتأطَّرا
وشعَ فيها القَطْرُ ديباجَ روضِه / فراقتكَ أزهارُ الخميلةِ منظرا
بأحسنَ مِن شِعري إذا ما نظمتُه / وفصَّلتُ منه في القلائدِ جوهرا
نظيمٌ إذا ما حكتُه قالتِ النُّهى / حنانيكَ ما أحيا فؤاداً وأشعرا
ونلتُ مِنَ الشَّعرِ الثريا تطاولاً / فيا ليتهمْ نالوا على قربهِ الثرى
تركتُ لأهلِ الشعرِ ضحضاحَ مائهِ / وأحرزتُ منه رائقَ الوِردِ كوثرا
حقيقٌ بأنْ يبكي الديارَ غريبُها
حقيقٌ بأنْ يبكي الديارَ غريبُها / بأدمعِ عينٍ لا تَجِفُّ غروبُها
ديارٌ على بعدِ المسافةِ شاقَني / نضارتُها قبلَ الفراقِ وطيبُها
شهيٌّ إلى هذي النفوسِ حِمامُها / اِذا بانَ عنها بعدَ قربٍ حبيبُها
تناءَى فما أبقى وقد بانَ أُنسُه / عنِ الجِزعِ لي مِن راحةٍ أستطيبُها
فللّهِ أغصانُ الوصالِ لقد ذوى / سريعاً بحكمِ البينِ منها رطيبُها
وللهِ ليلاتٌ يطولُ على المدى / نحيبي على أمثالِها ونحيبُها
متى ذكرتْها النفسُ ذابتْ صبابةً / وتَذكارُ أيامِ اللقاءِ يُذيبُها
ليالي قلبي في الغرامِ كأنَّما / يُجِنُّ الذي باتتْ تُجِنُّ قلوبُها
قريبٌ الينا الأُنسُ منهنَّ كلمَّا / تباعدَ عن ليلى الغداةَ رقيبُها
فيا حبذا تلكَ الليالي وطيبُها / ويا حبذا اِحسانُها وذنوبُها
وما ذاتُ طوقٍ لا تزالُ على الغَضا / تنوحُ اشتياقاً والهديلُ يُجيبُها
باكثرَ مِن قلبي حنيناً إلى الحمى / اِذا عَنَّ مِن تلكَ الرياحِ هبوبُها
قد طالَ بعدَكِ في الديارِ وقوفي / أُذري مدامعَ ناظرٍ مطروفِ
ولهانَ لستُ بسامعٍ في ربعِها / ولعَ العذولِ بمؤلمِ التعنيفِ
حيرانَ أسألُ كلَّ رسمٍ داثرٍ / والدمعُ وِردي والسَّقامُ حليفي
ولربَّ مقروحِ الفؤادِ مرَّوعٍ / بالبينِ مسلوبِ الرقادِ نحيفِ
يهوى الغزالَ الحاجريَّ ودونَه / غَربانِ غَربُ أسنَّةٍ وسيوفِ
يرتاحُ للآرواحِ أن نسمتْ له / سحراً وتلكَ عُلالةُ المشغوفِ
حرّانُ مَنْ لغليلهِ أن يرتوي / يوماً ببردِ رضابهِ المرشوفِ
شاكٍ الىالأطلالِ بعدَ رحيلهِ / المَ الفراقِ وغُلَّةَ الملهوفِ
مضنًى يقولُ لحظَّهِ في وجدِه / هل كنتَ فيما كنتَ غيرَ طفيفِ
ولِجُرحِ حبَّةِ قلبهِ يومَ النوى / لا كنتَ مِن جُرحٍ بها مقروفِ
أفنيتُ في ذا الوجدِ كلَّ ذخيرةٍ / أعددتُها من تالدٍ وطريفِ
ووقفتُ أسألُ كلَّ ربعٍ ماحلٍ / عن جيرةٍ بالرقمتينِ خُلُوفِ
كلِفاً بأربابِ الخصورِ دقيقةٍ / مِن تحت أغصانِ القدودِ الهِيفِ
غبرَ الزمانُ وما أرى مِن وعدِهمْ / شيئاً سوى التعليلِ والتسويفِ
مِن كلَّ جائلةِ الوشاحِ رشيقةٍ / مِن فوقِ خَصرٍ كالجَديلِ قَصيفِ
تَغْنَى رماحُ قدودهنَّ اِذا انبرتْ / تحكي رماحَ الخطَّ عن تثقيفِ
يا منزلاً قد طالَ نحوَ ربوعهِ / خَبَبي على طولِ المدى ووجيفي
مِن فوقِ كلَّ شِمِلَّةٍ عَيرانَةٍ / في مهمٍ نائى المحلَّ مخوفِ
أحتثُّها شوقاً إلى بانِ الحمى / وظِلالِه والمنزلِ المألوفِ
فهناكَ أقمارُ الخدورِ تَزينُها / هالاتُها في مربعٍ ومصيفِ
وهناكَ أفنيتُ الشبيبةَ طائعاً / لِجوًى على حكمِ الهوى موقوفِ
ما روضةٌ باتَ القطارُ يجودُها / غَنّاءُ ذاتُ تهدُّلٍ ورفيفِ
يمشي النسيمُ بأرضِها متمهََّلاً / فيها كمشي الشاربِ المنزوفِ
فيعيدُ ثوبَ النبتِ في أرجائها / ما بينَ تدبيجٍ إلى تفويفِ
يوماً بأحسنَ من قريضٍ ناصعٍ / نَضَّدتُه كاللؤلؤِ المرصوفِ
تُمليهِ أفكاري فيطغى بحرُه / مدّاً وليس البحرُ بالمنزوفِ
فِقَرٌ إذا ألفتُهنَّ مُنظَّماً / جاءتكَ مثلَ العِقْدِ في التأليفِ
ما جلَّ منه فهو عِقدٌ فاخرٌ / أو دقٌ منه فهو سِمطُ شُنُوفِ
مِن كلَّ قافيةٍ إذا أنشدتٌها / فَغَمتْ بنشرٍ كالعبيرِ مَدوفِ
سَهُلَتْ عليَّ فكلَّما أمهيتُها / بالفكرِ أمستْ وهي غيرُ عيوفِ
تأتي منقَّحةَ الكلامِ شريفةً / من خاطرٍ سهلِ القيادِ شريفِ
أظنُّكَ لو علمتَ بفرطِ حبَّي
أظنُّكَ لو علمتَ بفرطِ حبَّي / لما عذَّبتَ بالهجرانِ قلبي
ولو عاينتَني ابكي غراماً / بدمعٍ فيه بعدَ البينِ شُرْبي
رثيتُ لما أُلاقيهِ وحسبي / بأنْ ترثي لِما ألقاهُ حسبي
أيا رشأً اعارَ الظبيَ جيداً / يُدِلُّ بحسنِه في كلَّ سربِ
لقد وكَّلْتَ بالتَّسهادِ عيني / وبالبَلْبالِ لمّا بنتَ لُبَّي
فِنْ يكنِ الغرامُ ولا أُحاشي / إدا ذنبي إليكَ فدامَ ذنبي
يميناً أن يَدُمْ هجري سأقضي / واِنْ لم يَدْنُ نحبي منه نُحْ بي
وكم لي فيكَ آمالٌ تُريني / مكانَ رضايّ بعدَ وَشِيْكِ عَتْبي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025