المجموع : 318
أقسمتُ لو كاتبتُكم
أقسمتُ لو كاتبتُكم / حَسْبَ اشتياقي واعتقادي
وفعلت ما يقضي به / أسَفِي على طول البعاد
لَكتبتُ في خدي لكم / بسواد عيني أو فؤادي
ولكان ذكركمُ يج / لُّ عَن الصَّحائِف والمِداد
لا فرقَ بينكمُ وبين فؤادي
لا فرقَ بينكمُ وبين فؤادي / في حالَتَىْ قُربِي لكمُ وبِعادي
فلَقد حَبَبْتكم على عِلاّتِكم / كمحبَّةِ الآباءِ للأَولاد
ونَزلتُمُ مني وَإنْ لم تُنصِفوا / بمَنازلِ الأرواحِ في الأجساد
ورجوتُ أن أسلو لسوء صَنيعِكم / عندي فصار ذَريعةَ لودادي
قد كنتُ أطمعُ بالخيال لو أنكم / لم ترحلوا يومَ النَّوَى برُقادي
ولذكركم في مِسْمَعىَّ لَذاذةٌ / كالماء عذبا في لَهاةِ الصّادي
بِكم آلَ وَحْيِ اللهِ يفتخرُ المجدُ
بِكم آلَ وَحْيِ اللهِ يفتخرُ المجدُ / وفيكم يَسوغ المدحُ والشكر والحمدُ
وما يَنتهِي فيكم ثَنا الشعرِ غايةً / ولكنه حَسْبُ الذي يبلغُ الجُهْد
إذا أنزل اللهُ الكتابَ بمَدْحِكُم / فكم قَدْرُ ما يأتِي به شاعرٌ بَعْدُ
إليكَ أميرَ المؤمنين تَشوَّقْت / معانٍ وألفاظٌ كما انْتَظمَ العِقْد
فجاءتْ كما مر النسيم على ندى ال / رياضِ فحَيّا وَفْده الآسُ والوَرْد
حلاوتُها شِيبَتْ بعطرٍ كأنما / تنافس في ألفاظها المِسْك والشهد
فقد سَمِعتْها الصُّمُّ من كلِّ أَخْرسٍ / وأَبْصَرها في حِنْدِسِ الظُّلَمِ الخُلْد
وذكرُك أَعْلَى قَدْرَها فتشرَّفتْ / ولولا الحسامُ العَضْبُ ما حُلِّى الغِمْد
ومعنى كتاب الله شَرَّف صُحْفَه / فقُبِّلَ منها الحبر والطِّرْس والجلد
تَهنَّ أميرَ المؤمنين خلافةً / تَشيب أَعاديها وأيامُها مُرْد
فإنْ يتأخر خيرُها فهْو أولٌ / وبعد توالى الزَّنْد يَضْطرِم الوَقْد
وما الناسُ إلا كالدُّجَى وصَباحُها / أَئِمَّتها والشمسُ آخرُ ما يبدو
إذا الآمر المنصور كان لأُمةٍ / فلا عَدَمٌ يَقِضى عليها ولا فَقْد
فمَنْ عاش أَحْياهُ نَداهُ ومن يَمُتْ / على حبه طَوْعا فمسكنُه الخُلْد
إمامٌ تَبدَّى للوَرىمن جبينه / ضياءٌ به تُشْفَى بَصائرُها الرُّمْد
هو المَفصِد الأقصى هو الغاية التي / بها صَحَّ للمُستمسِك الفوزُ والسعد
هو الحُجَّة العظمى هو الغاية التي / تَأَتَّي به للمبُصِر الحَلُّ والعَقْد
أَطاعْته أسرارُ القلوبِ ديانةً / فما لامرىءٍ لم يعتقد حُبَّه رُشْد
فيا بْنَ رسولِ الله هذا أَوانُكم / وُعِدتم به والآن يُنْتَجَز الوعد
ستأخذ للإِسلام ثاراته التي / تَقادمَ للكفرِ اللعينِ بها العهد
كما فعلتْ في يوم بدرٍ سيوفُكم / وفي الشِّرْك من دُونِ القَليبِ لهاوِرْد
لك العَزَمات النافذات إذا انْبَرتْ / إلى مَقْصِدٍ لم تمنعِ البيضُ والسَّرْد
وإنْ خَفَتْ راياتُك الحمر سّبَّحتْ / لنَصْرِك أَعلاها ملائكةٌ جُنْد
وخَطِّيةٌ سُمْر وبيض صَوارمٌ / ومَسْرودةٌ زَغْفٌ ومُقْرَبة جُرْد
وقوم مَناياهم مُناهم إذا اقتضتْ / رضاك وفي طِيب الحياةِ لهم زُهْد
فقد شامَ منك الشامُ بَرْقا سيحتوِي / على مُلْك قُسْطَنْطِينَ من سَيْلِه مَدّ
تزلزل ما خلفَ الفرنجِة هيبةً / له فروَاسِيها تَحِزُّ وَتَنْهَدّ
وللهِ سرٌّ فيك حانَ ظهورُه / ليُوقنَ مرتابٌ ويرجعَ مُرتدّ
غمرتَ جميعَ الخَلْق بالعدل فانتهى / عنِ الوَحْش والطيرِ الكواسِرُ والأُسْدُ
ولو أَسعدتْها من بِساطك خلوةٌ / لَقَبَّله من كل جنسٍ لها وفد
وهَذبتَ أفعالَ الزمانِ وأهله / فلا خَطَأٌ فيما يَضُرُّ ولا عَمْد
لقد غادرتْ آثارُ عزمِك سِنْبِسا / نذيرا لمن قد غَرَّه الجمعُ والحَشْد
ولما طغى شيطانُها وتأكدتْ / بذاك عليها حُجَّةٌ ما لها رَد
خَرقَت بأطرافِ القَنا في قلوبها / مَسالكَ حتى ليس يَسْكُنها الحقد
فقد شكرتْ آثارَ سيِفك فيهمُ / قَشاعُم تَتْلوها مُحَلْحَلة عِقْد
فمَن عاش منهم بالفرارِ فإنما / حُسامُك موتٌ فوقَه حيثُما يَغْدو
لقد كان في أَفْياء عدلِك مَرْتَعٌ / لهم فيه لو لم يَغْدروا عيشةٌ رَغْد
وفي العدل إصلاحُ الخليقةِ كلِّها / ولكنْ من بينها يَفْسد الوغد
ولو لم تُغِثْهم رحمةٌ نَبوية / تَوارثَها منكم عن الوالدِ الوُلْد
لَما عاش من أحياءِ سِنْبِسَ واحدٌ / ولو عاش أفنى عمَره القيد والقِدّ
فإنْ عاوَدوا فالعَيْر يأتي بنفسه / ليَفْرِسه في خِيسه الأسد الوَرْد
لأَنَتَ الإمامُ الآمر العادل الذي / به يُعضَد الدينُ الحَنيف ويَشْتدُّ
له أَرْبَعٌ في الناس نِيطَتْ بأَرْبعٍ / فما لامرىءٍ عنها فكاكٌ ولا بُدّ
فطاعتُه فرضٌ وخدمته تُقىً / ونُصرته دِين ومَرْضاته جَد
لك الأرضُ مُلْكٌ باكتسابٍ ومَوْرثٍ / وما حَملتْ مالٌ ومن جَمعتْ عَبدُ
ثناؤك ما تُهدى الرياضُ لناشِقٍ / ولولاه ما فاح الخُزام ولا الرَّنْد
ونورك ما يُهدى الصباح لناظرٍ / ولولاه ضلّ الناس وامتنع القصْد
فضائلك الدُّرّ الذي لو تجسَّمتْ / قلائده لم يبق في الأرض مسْوَدّ
وهَيْهاتَ أنْ يستكمِلَ الوصفُ بعضها / إذا ما تَناهَى أو يحيطَ به حَد
وكيف يُكالُ البحرُ أم كيف تُوزَن ال / جبالُ وهل تُحْصَى الرمالُ وتَنْعَدّ
وغيرُ غريبٍ منك فضلٌ وإنما / حَياتُك دُنْياهُ وراحُتك المَهْد
سَينفُق مدحى فيك علما بأنه / إليك انتهى في جوهر الحِكَم النَّقْد
أجاد ابنُ هاني في المُعِزِّ مَدائحا / هَداه إليها ذلك الفضلُ والمجد
وقد جاد مَدْحِي فيك لما رأيتُ ما / رأى فاسْتَوىَ المدْحَان والإبنُ والجَدّ
ليَهْنِكَ عيدٌ جاء شوقاً لنظرةٍ / إليك له من أَجْلِها سنةٌ يَغْدو
يُفيد بها منك الذي جَلَّ قَدْرُه / فَضائلَ شتى ماله غيرَها وُكْد
فيُبِصر وجهاً كلُّ نورٍ شُعاعُه / ويلثم كفّا كلُّ جودٍ لها زَنْد
ويبدو له منك الكمالُ الذي حَوَى / مَحاسنَ لا تُحْصَى على أنه فَرْد
ويَعلم أنّ اللهَ شَرَّف أرضَه / بكَوْنِك فيها فاعْتَلَىَ الكوكبَ الوَهْد
هَنيئاً لعيدِ الفِطْر أنّك سامعٌ / تُهنَّى به لفظاً يُصيخ له الصَّلْد
تَهُزّ القَوافِي منك رَضْوى وَيَذْبُلا / كما اهتز من ريح الصَّبا القُضُب الملد
فلا زلتَ تَلْقَى كلَّ عيدٍ وموسمٍ / ومُلكُك بالتوفيق والسعد مُشتَدّ
ودمتَ لها مستقبِلا ومُشَيِّعا / بَقاءً يُبيد الحاسِدين ويَمْتدّ
مَجدٌ تَقاصرَ عن سَماهُ الفَرْقَدُ
مَجدٌ تَقاصرَ عن سَماهُ الفَرْقَدُ / وسعادةٌ أسبابها تتأكد
رُتَبٌ خُصِصْتَ بها وما صادفتها / لكنْ أَفادَكها الحِجَا والسؤدد
وسياسةٌ ورياسةٌ ونَفاسة / وتَفقُّد وتَسدُّد وتَأَيُّد
إنّ الخلافةَ ما اصْطَفَتْك لنفسها / حتى اخْتُبِرت لكلِّ أمرٍ يُحْمَد
فاشْتُقَّت الألْقابُ فيك لأنها / وصفٌ جميلٌ في صفاتٍ تُوجد
فدَعتْك بالمأمون وهْي جِبِلَّة / مما يُثَبِّتُها لديك المَوْلِد
تاج الخلافِة وهْو تاجُ فَضائلٍ / تَقْضِي الجواهرُ دُونَه والعَسْجَد
فَخْرُ الصَّنائِع أيُّ فخر صِبغه / أَبدا على طول المَدى يتجدَّد
وإذا وجيه الملك قيل فإنه / وَجْهٌ له من كلِّ فضلٍ مُسْعِد
نِعْمَ الذَّخيرةُ أنت للأمرِ الذي / يَنْحُو أميرَ المؤمنين ويَقْصِد
يُزْهَى بك التشريفُ والخِلَعُ التي / جَلَّت وجوهر طرفها المتوقِّد
ما خاب فيك دعاؤُنا ورجاؤُنا / واللهُ يَعْلم ما نقول ويَشْهَد
كم من قَريحِ القلبِ في ظُلَم الدُّجَى / ودعاؤها لك دائم يتردّدُ
وضعيفةٍ تحنو على أطفالها / فلَهم نوالُك كلَّ وقت يُورَد
ومُكرِّرِ الزَّفَرَاتِ في مِحْرابه / يَقْرأ ويركع للإله ويسجد
أوْليتَه بِرّا فأَخْلَص دعوةً / نجَحَتْ وأنت بها المَجِيد الأَسْعَد
فأبْشِرْ فهذا بعضُ ما سَتنالُه / إنّ الذي يأتِي أَجلُّ وأَرْغَد
شَمِل الورى فَضْلانِ منك ونعمةٌ / أَسْديتَها أو مِنَّةٌ تُتقلَّد
من يزرعِ المعروفَ زَرْعَك للنَّدى / لا شكَّ مثلَ حصيدِ سَعْدِك يَحْصُد
مولاىَ قد أَوْليتَ عبدَك نِعمةً / فَله عليك بها ثَناءٌ سَرْمَد
والآن قد أضحتْ حَواشِى حالِه / هُدْبا فلا تُرْفَى ولا هي تُعْقَد
فكأنني بعضُ الملائكةِ التي / لا تغتذى وكأن بيتيَ مسجد
وتكاثُرُ الأطفالِ فاقَ تَجلُّدي / لكنّني كم قَدْرُ ما أتجلَّد
فكأننا ليكائهم في مأتمٍ / طولَ الزمانِ وما لنا من نفقد
وتَعُّذر الجارى أَضَرَّ بحالهم / وأَضرَّبى وهو القليل الأنكد
هو خمسةٌ عدداً يَصِحُّ ثلاثةً / لكنْ هُمُ عَشْرٌ تَتِمُّ وأزْيَد
وتساوىُ العَدَدين عندَك هينٌ / لو شئتَه ما كان أمرا يبعُد
فاقْصِدْ مَسَرَّتَهم فتلك غنيمةٌ / فثَناؤها وثوابُها لا يَنْفَذ
قد وَجَّهوني قاصِدين وأيقنوا / أنْ سوف يفعلها الأجلُّ محمد
سلامٌ على الثَّغْرِ الذي طال عنهدُه
سلامٌ على الثَّغْرِ الذي طال عنهدُه / سلامٌ يَرِثُّ الدهرُ وهْو جديد
فكم لي فيه من غُدْوةٍ وعَشيةٍ / صَفا العيشُ لي فيهنّ كيفَ أُريد
شبابٌ وأَحبابٌ وعيش كأنه / أميرٌ على الأيام وهْي جنود
أُراسل من أَهْوَى حديثا وما له / سوى غمز أجفان العيون بَريد
وكم خُلْسة للَّثْم فيها كأنها / على طمأٍ عذبُ المذاق بَرود
ثغورٌ بذاك الثغر تَحِكي أَقاحَه / إذا لمحتْه الشمسُ وهْو يَميد
بَعُدْتَ على رغمي فكيف تَلَذُّلي / حياةٌ ولو طالتْ وهنّ بعيد
ليالٍ كأبياتِ المعاني بديعةٌ / وسائرُ عمري بعدهنّ قَصيد
يا دارُ حَلَّت فيك كلُّ سعادةٍ
يا دارُ حَلَّت فيك كلُّ سعادةٍ / طولَ الزمانِ على نظامٍ واحدِ
وَحَويْتِ كل مَسَرَّةٍ وكُفيتِ ك / لَّ مَضَرَّةٍ وعَلَوْتِ كلَّ مُعانِد
وغَدتْ ببابك للنجاح بَشائر / من صادِرٍ يَلْقَى عزيمةَ وارد
وتَنافستْ في مدِح ساكِنك الوَرى / من بينِ مُثْنٍ لا يَمَلُّ وحامد
فلقد سَما فوقَ النجومِ بمثِلها / مِن زُهْرِ أفعالٍ وجَدٍّ صاعد
فإذا ابتغيْنا الفضلَ كان مَقرُّه / بيدَيْ أبى عبد الإله القائد
لم يُعْلِ شاهِنْشاهُ رتبةَ قَدْرِه / في العز إلا وهْو أَخْبَرُ ناقد
اللهُ يرفعُ في المعالي قَدْرَه / أَبدا على رغم العدو الحاسد
يا دارُ دارتْ بك السُّعودُ
يا دارُ دارتْ بك السُّعودُ / كأنها منك تستفيدُ
فيكِ من الحُسنِ كلُّ معنى / يُقَصِّر عن مثله الوُجود
فأنتِ بعضُ اقتراحِ مولىً / للفضلِ من كَفِّه وُرود
لا زال في نعمةٍ وعزٍّ / بينهما يهلك الحسود
صَوَّره الله للعطايا / فطبعُه نَخْوةٌ وجُود
لما رأيتُك فوقَ السرير
لما رأيتُك فوقَ السرير / ولاح المَناوِرُ والمَسْنَدُ
رأيتُ سليمان في ملكه / يخاطبني وأنا الهُدهد
عجبتُ لجرأةِ هذا الغزالِ
عجبتُ لجرأةِ هذا الغزالِ / وأمرٍ تَخطَّى له واعتمدْ
وأعجبْ به إذا أتَى جاثماً / فكيف اطمأنّ وأنت الأسد
لو كان بالصبرِ الجميلِ مَلاذُه
لو كان بالصبرِ الجميلِ مَلاذُه / ما سَحَّ وابِلُ دَمْعِه ورَذاذُهُ
ما زال جيشُ الحبِّ يَغْزو قلبه / حتى وَهَى فتقطعتْ أَفْلاذه
لم يَبْقَ فيه مع الغرام بقيةٌ / إلا رَسيس تحتويه جُذاذه
من كان يرغبُ في السلامة فلْيَكُن / أبداً من الحَدَق المِراضِ عياذُه
لا تَغْرُرَنَّك بالفتورِ فإنه / مرضٌ يضرُّ بقلِبك اسْتِلْذاذه
يا أيُّها الرَّشَأُ الذي مِنْ لحظِه / سهمٌ إلى حَبِّ القلوب نَفاذه
دُرٌّ يلوح بِفيكَ من نَظّامُه / خمرٌ يجول عليه مَنْ نَبّاذُه
وقناةُ ذاك القَدِّ كيف تَقوَّمت / وسِنان ذاك اللحظِ ما فُولاذه
رِفْقاً بجسمك لا يذوبُ فإنني / أخشى بأنْ يَجْفو عليه لاذُه
هاروتُ يَعْجِز عن مَواقعِ سِحْره / وهو الإمامُ فمن تُرى أستاذه
تاللهِ ما علقتْ مَحاسُنك أمرأً / إلا وعزَّ على الورى اسْتِنْقاذه
أَغْزيتَ حبَّك في القلوبِ فأذعنتْ / طَوْعاً وقد أَوْدَى بها اسْتِحواذه
مالي أتيتُ الحظَّ من أبوابه / جهدي فَدام نفورُه ولواذه
إياكَ من طمعِ المُنَى فعَزيزه / كذَليله وغنيُّه شَحّاذه
ذالية ابن دريد استهوى بها / قوماً غداةَ نَبتْ به بغداذه
دانوا لُزخرفِ قوله فتفرقوا / طمعاً فهم صَرْعاه أو جُذّاذه
من قَدَّر الرزقَ الذي لك أَيْنَما / قد كان ليس يضرُّه إنفاذه
جاء الكتابُ فكان لي
جاء الكتابُ فكان لي / مما أُكابِدُهُ مَلاذا
وقرأته فوجدت في / ه لكلِّ معجزةٍ نَفاذا
فأزال نارَ تَأسُّفٍ / عاد الفؤادُ به جُذاذا
لو قيل لي ما الحُسْن كن / تُ أَفُضُّه وأقول هذا
هذا الربيعُ أتى بأحسنِ منظرِ
هذا الربيعُ أتى بأحسنِ منظرِ / يختالُ بين مُدَبَّجٍ ومُعَصْفَرِ
فانْهض إلى داعِي السرورِ وخَلِّنى / مما يُقال عذرْتَ أم لم تَعْذُرِ
واسرقْ بنا خُلَس الزمان مُبادرا / والدهرُ في غَفَلاته لم يشعر
والروضُ يُقْلِقه الصَّبا فيُثير مِن / أرجائه نَفَحاتِ مسكٍ أَذْفَر
وكأنَّ مُصْفَرَّ الأَصيلِ خِلالَه / وَرْشٌ يُذَرُّ على بساطٍ أخضر
والشمسُ قد حَوَت المغَاربُ شطرَها / فَرنَت بعينِ الذَّاهِب المُتحسِّر
والجو من شَفَق الغروبِ مُفَرْوَزٌ / كحديقةٍ حُفَّتْ بوردٍ أحمر
مبَدا الهلالُ لِليلتين كأنه / فِتْرٌ حَوى تفاحةً من عَنْبَر
والماءُ يُبدي للنسيم تَملُّقا / فيَسير بين تدرُّجٍ وتَكسُّر
والطيرُ يُطرِب شَجْوُها أَغصانَها / فتَظلُّ بين تَمايُل وتَبخْتُر
والليلُ يختلس النهارَ كعُصْبةٍ / من آلِ حامٍ خلفَ آلِ الأَصْفَر
وحاذقٍ مُحْكِمٌ كُنافَتَه
وحاذقٍ مُحْكِمٌ كُنافَتَه / لا تَشْبَع العينُ منه بالنَّظَرِ
كأنما بَسْطُه العجينَ على / أكراه لما حُفَّت بمستِعر
يَنْسج غَيْماً من السحاب على / وامضِ برقٍ يَكْتَنُّ بالمطر
كأنه يفتح الفواقعَ دا / راتٍ على راكدٍ من الغُدُر
فهْي كمثلِ السَّراب يُعْدَم من / ها اللمسُ وهْما يلوح للبصر
انْظُرْ إلى الخالِ على خَدِّها
انْظُرْ إلى الخالِ على خَدِّها / ولونِه الأسودِ في الحُمْرَهْ
كطابَعٍ من عنبرٍ حَطَّهُ / مُبَخِّرَ في وَسَط الجَمْرَه
أو قطعةٍ من نَثرٍ مسكٍ عَلَتْ / طافيةً في رائقِ الخَمره
لا أسعدَ اللهُ مسعودا فَصَنْعَتُه
لا أسعدَ اللهُ مسعودا فَصَنْعَتُه / كوجِهه كلُّ قُبْحٍ منه مُخْتَصَرُ
لا يَحْلِق الرأسَ إلا مرة وبها / تُغْنيه عن عودةٍ ما مَدَّة العُمُر
لأنَّ أَلْطَفَ لمسٍ من أَنامِلِه / سَلْخٌ ومهل بعد سلخٍ ينبت الشَّعَر
فلو نَوى حلقَ رأسٍ في ضَمائِره / بفطنةٍ كاد منه المخ ينتثر
وروضٍ له من جَلْمَدِ الصَّخرِ أَزْهارُ
وروضٍ له من جَلْمَدِ الصَّخرِ أَزْهارُ / خَصيبٌ إذا ما أُضْرِمتْ تحتَه النارُ
تَجنَّبَ قرب الشمسِ والبدرِ دائماً / فأكثرُ ما فيه شموس وأقمار
تولَّد فيه من جحيمٍ وجنةٍ / مِزاجٌ لتعديلِ المزاجاتِ مختار
وروضةٍ في هجيرِ
وروضةٍ في هجيرِ / وجنةٍ في سَعيرِ
خصَّتْ بكل نعيمٍ / ولذةٍ وسرورِ
منيرةٌ بشموسٍ / مُضيئةٌ ببُدور
كأنما سَقْفُها ال / زهرُ غِبَّ يومٍ مَطير
والماءُ صافٍ غزيرٌ / كأدمُعِ المهجور
كأنما كلُّ حوضٍ / مودةٌ في ضمير
تكاد تُبصِر فيه ال / قذاةَ عينُ الضرير
تحكى الموازيبُ منها / صوالحَ البلور
قد رُصِّعَتْ برُخامٍ / كنقشِ بُسْط الحرير
نَحيْا بها ويُحيِّي ال / نفوسَ طيبُ البخور
فما تُمَلُّ مُقاما / على اختلافِ الدهور
ويومِ بَرْدٍ عقودُه بَرَدٌ
ويومِ بَرْدٍ عقودُه بَرَدٌ / لها سلوكٌ من هَيْدَبِ المَطَرِ
يَنْثُره الجوُّ ثم تنِظم من / ه الأرضُ في الحال كلَّ منتثِر
فهْو يحاكي الثُّغورَ في اللونِ وال / لُطْفِ وعذْبِ الرُّضاب والخَصَر
وجمرُ كانونِنا يُماثله / فعلاً بما بَثَّه من الشَّرر
كأن ذاك الشرار من ذهب / قُراضةٌ تستطير من نُقَر
والغيم يبكي والرعد يضحك وال / برق يُديم ابتسامَ ذي خَفر
وبيننا روضةٌ مفوَّفةٌ / ببيتِ شعرٍ يَروق أو خبر
نَقِطف أزهارها وال / أفواهُ أكمامُ ذلك الثَّمر
انظُرْ إلى ما ضُمِّن ال
انظُرْ إلى ما ضُمِّن ال / كانونُ من فحمٍ وجَمْرْ
هذا يزيد وذا يَبي / د كما انْطَوَى ليلٌ بفَجرْ
فكأنها رُسُلُ الوصا / ل تَواترتْ بزَوال هجر
أو كالعُقودِ تَضمَّنتْ / نوعين من سَبَجٍ وشَذْر
أو جمرةِ الوَجَنات لا / ح شَقيقُها في آسِ شَعر
يَلْجا إلى الكانونِ في / كانونَ مُفْتقِرٌ ومُثْر
فمُقامُه في البيتِ أن / فعُ فيه من نَمَطٍ وسِتر
تأملْ ففي الكانونِ أعجبُ منظرٍ
تأملْ ففي الكانونِ أعجبُ منظرٍ / إذا سَرَحتْ في فحِمه جمرةُ النار
كما مَيَّل الدنَّ المروَّقَ ساكبٌ / فدَبَّ احمرارُ الخمرِ في حَلَك القار