المجموع : 347
ما لكَ عندَ الحبيبِ عذرٌ
ما لكَ عندَ الحبيبِ عذرٌ / وكلُ يومٍ نوىً وهجرُ
إذا تناءيتَ لا يبالي / وإن تقربتَ لا يسرُّ
يأبى عليِهِ الدلالُ أن إلا / يزالُ فيهِ عليكَ كبرُ
ليسَ سوى الحبُّ من جنونٍ / وليسَ غير العيونِ سحرُ
تشكو إلى البدرِ من جفاهُ / كلاهما لو علمتَ بدرُ
وترقبُ الفجرَ في الدياجي / وهل لليلِ المحبِ فجرُ
قد عرفَ الناسُ ما تعاني / وليسَ للعاشقينَ سرُّ
فلا تطعْ من يلومُ فيهِ / ولا يغرنكَ ما يغرُّ
ولا تكن للوشاةِ عبداً / فليسَ بينَ الوشاةِ حرُّ
واصبر على اللغوِ صبرَ قومٍ / مروا كراماً غداةَ مروا
وهونِ الخطبَ كم عسيرٍ / أعقبهُ في الأمورِ يسرُ
ماذا على الدهرِ إن تمادى / وكلُّ يومٍ عليكَ دهرُ
وكيفَ ترضاهُ وهو حلوٌ / وتجزعُ اليومَ وهو مرُّ
واصبرْ لها ما دهاكَ خطبٌ / إن دواءَ الهمومِ صبرُ
تفنى الليالي وليسَ يبقى / ما ينفعُ المرءَ أو يضرُّ
يا من تعذبتُ في هواهُ / أما لصبري الطويلِ أجرُ
بي حسراتٌ عليكَ ما إن / يقوى على مسهنَّ صدرُ
نسيتني والزمانُ بؤسٌ / وكنتَ لي والزمانُ نضرُ
إذا رضينا فما علينا / إن ليسَ يرضى زيدٌ وعمرو
يا صاحِ من للقلبِ من نائم
يا صاحِ من للقلبِ من نائم / كلُّ محبٍ فيهِ سهرانُ
هجرتُ نومي وهو لي هاجرٌ / فكلُّ عمري فيهِ هجرانُ
لو سلطوا عينيهِ في عسكرٍ / لم يبقَ في العسكرِ انسانُ
أبصرتهُ تحتَ ظلامِ الدجى
أبصرتهُ تحتَ ظلامِ الدجى / تضيءُ في خديهِ لي جمرتانِ
فقلتُ في الخدينِ نارُ الحشا / فقالَ لكنْ فيهما جنتانِ
حكمةُ اللهِ في القلوبِ فما
حكمةُ اللهِ في القلوبِ فما / ترحمنا عينُهُ من الحورِ
وما أرى قلبهُ يرقُ لنا / كأنما قلبهُ من الحجرِ
يا فاتنَ الناسِ حسنَ صورتهِ / ما تتقي اللهَ خالقَ الصورِ
أطابَ لذلكَ لرشإ الجفاءُ
أطابَ لذلكَ لرشإ الجفاءُ / فلذَّ لأعيني فيهِ البكاءُ
رشاً ذلَتْ لهُ الأسْدُ الضواري / وعزَّتْ في ملاحتهِ الظباءُ
تعلمَ كيفَ تنبعثُ المنايا / وكيفَ تراقُ ي الحبِّ الدماءُ
وعلمَ ناضريهِ الفتكَ حتى / كأن عليهما وقفَ القضاءُ
تلقتهُ الصبا سحراً فمرتْ / وفيها للمحبينَ الشفاءُ
لهُ مني التدللُ والرضاءُ / ولي منهُ التذللُ والإياءُ
فما ألقاهُ إلا في الأماني / وهل يشفي الجوى هذا اللقاءُ
إذا ما شاءَ ردَّ عليَّ نومي / ولكني أراهُ لا يشاءُ
غفتْ تلكَ المرابعُ والمغاني / وما عفتِ المودةُ والإخاءُ
وأصبحتِ الليالي حاسراتٍ / كما لطمتْ عوارضَها النساءُ
وفي قلبي من الهجرانِ سقمٌ / وفي كبدي من الأشواقِ داءُ
وليلٍ بتُّ أقضيهِ بكاءً / وأنجمهُ كآمالي بطاءُ
لو أن على الكواكبِ ما بنفسي / لألقتها إلى الأرضِ السماءُ
همومٌ تشفقُ الأطوادُ منها / وأحزانٌ يضيقُ بها القضاءُ
كأني ما لبستُ الصبحَ تاجاً / تألقُ فوقَ مفرقهِ ذُكاءُ
ولم انضِ الكؤوسَ محجلاتٍ / تخفُّ بها إلى الهم الطلاءُ
بروضٍ تصدحُ الآمالُ فيهِ / ويرقصُ بينَ أيدينا الهناءُ
وقد هبَّ النسيمُ على فؤادي / كنضوِ اليأسِ هبَ لهُ الرجاءُ
كأنَّ في المجرةِ فيهِ نهراً / تحومُ غليهِ أفئدةٌ ظماءُ
وقد أنسَ الحبيبُ ومرَّ يلهو / كما يلهو بمسرحِها الظباءُ
وضرجتِ المدامةُ وجنتيهِ / فكادَ الوردُ يفضحهُ الحياءُ
ومالَ فراحَ يرقصُ كلُّ غصنٍ / وللأغصانِ بالقدِّ اقتداءُ
زمانٌ كانَ مثلَ الصبحِ راحتْ / بهِ الدنيا وأعقبهُ المساءُ
كذاكَ الدهر حالٌ بعدَ حالٍ / لأهليهِ التنعمُ والشقاءُ
إذا سرَّتْكَ أيامٌ أساءتْ / فليتكَ لا تُسَرُّ ولا تُساءُ
وإن لم يبقَ في الدنيا حبيبٌ / فأولها وآخرها سواءُ
إذا ما بكيتُ فنحْ يا حمامْ
إذا ما بكيتُ فنحْ يا حمامْ / وطارحْ أخاكَ شجونَ الغرامْ
ويا نفحاتُ الصباحِ احملي / بجيبِ الصبا نفحاتِ السلامْ
ومرِّي بتلكَ الديارِ التي / بكيتُ عليها بكاءَ الغمامْ
فكم زمنٍ هامَ فيها الفؤادُ / بينَ الفتاةِ وبينَ الغلامْ
بكيتَ لصحبي فابكيتهمْ / وكم مستهامٍ بكى مستهامْ
وذو الشوقِ يرثي لأخوانهِ / كذي السقمِ يرحمُ أهلَ السقامْ
الا فرعى اللهُ ذاكَ الأنيسَ / وإن كانَ روَّعنا بالخصامْ
هو البدرُ لكنهُ ظالمٌ / وذلكَ يكشفُ عنا الظلامْ
وقالَ صحابي خذ في المنى / فقلتُ أراهُ ولو في المنامْ
ومن لي بذاكَ الرضابِ الذي / أرى كلَّ خمرٍ سواهُ حرامْ
لقد هجرَ الحبُّ جلَّ القلوب / ولكنهُ في ضلوعي أقامْ
أما آنَ لهذا المُعرضِ
أما آنَ لهذا المُعرضِ / الغضبانَ أن يرضى
رمتْ عيني الفؤادَ بهِ / فبعضي قاتل بعضا
وما أصبحَ مثلَ الشم / سِ حتى فتنَ الأرضا
فإن يقضى عليَّ بهِ / فقدْ قُدِرَ أن يقضى
ولستُ إذا الطبيبُ جنى / أرى الذنبَ على المرضى
لم يألُ صبراً عليكَ حينَ هجرتهُ
لم يألُ صبراً عليكَ حينَ هجرتهُ / لو كانَ ينفعُ صبرهُ لسلاكا
تطوي الليالي في هواكَ حياتهُ / وأراهُ ينساها ولا ينساكا
رُحماكَ يا من أطالَ بليتي / يا من أطالَ بليتي رُحماكا
أعليَّ هذا الهجرُ طالَ عذابهُ / وعلى الذي يهواكَ صالَ هواكا
فلقد عرفتُ بكَ الشقا بعدَ الهنا / لما عضبتَ علي بعد رضاكا
نهنهْ دموعكَ يا حزينُ فإنها / دُوَلٌ سيضحكَ الذي أبكاكا
قولوا لهذا الرشإ الهاجر
قولوا لهذا الرشإ الهاجر / إن دموعي جرحتْ ناظري
أبيتُ لا بدرَ الدجى مُسعدي / ولا أخوهُ في الكرى زائري
والليلُ في خطوةِ أقدامهِ / أبطأُ من تأميلي العاثرِ
وطائرُ البانِ على أيكهِ / مكتحل من نومي الطائرِ
وبي هوىً قامَ على مهجتي / ينفذُ أمرَ الملكِ الجائرِ
أطيعهُ في قتلِ نفسي وما / عليَّ إلا طاعةُ الأمرِ
من ام يكنْ مثلي فلا يدعي / حبَ ذاتِ النظرِ الفاترِ
أنا الذي أرسلَ ذكرَ الهوى / في الناسِ مثلَ المثلِ السائرِ
من معشرٍ نالوا العلى كابراً / تعزى لهُ العلياءُ عن كابرِ
حلوا ذرَى الفخرِ وما غيرهم / يسمو إلى الذروةِ من فاخرِ
فقل لهذي الأرضِ تزهى بنا / زهو السما بالفلكِ الدائرِ
إنَّا ليوثٌ شهدوا أنها / أشبالُ ذاكَ الأسدِ الكاسرِ
المفزعِ الدنيا بسمرِ القنا / والضاربِ الآفاقِ بالباترِ
والمحكمُ العدلَ كما شاءهُ / من باتَ يخشى بطشةَ القاهرِ
ما عابني أن قيلَ ذو صبوةٍ / أو قيلَ مجنونٌ بني عامرِ
والحبُّ أهدى لفؤادِ الفتى / من حاجةِ النفسِ إلى الخاطرِ
بحارُ عقلُ المرءِ فيهِ فهلْ / من حيلةٍ في عقلي الحائرِ
وبي مليحُ الدلِّ ذو طلعةٍ / تكمدُ وحه القمرِ الباهرِ
وافتْ إلي المكرماتُ التي / ليسَ لها غيري من شاعرِ
لو مرَّ بالظبياتِ لاستأنستْ / وجداً بمثلِ الرشإ النافرِ
ولو رأتهُ الأسدُ في غابها / رأتء مذلَّ الأسدِ الخادرِ
براهُ من صوَّرَهُ فتنةً / مهفهفاً كالغصنِ الناضرِ
يسومني الصبرُ وهل عاشقٌ / من لم تمتهُ لوعةُ الصابرِ
راحَ بنومي واصطباري معاً / يتيهُ تيهَ الملكِ الظافرِ
ومن اتقى اللهَ ولا يتقي / في مدمعي الملتطمِ الزاخرِ
يا مرهفَ الأعطافِ ماذا الذي / ترهفهُ من لحظكَ الساحرِ
سلبتني النومَ وضيعتهُ / فردَّ بعضَ النومِ للساهرِ
كم عاذلٍ فيكَ وكم عاذرٍ / وما على العاذلِ والعاذرِ
إنب امرؤٌ في نفسهِ عزةٌ / تجلُّهُ عن شيمةِ الغادرِ
إن قتلتني صبوتي فالهوى / أولُهُ يقتلُ في الآخرِ
خلقَ اللهُ الجمالَ حكمةً
خلقَ اللهُ الجمالَ حكمةً / تذكرُ الناسَ نعيمَ الآخرةْ
كلُّ عينٍ سهرتْ فيهِ ولمْ / تكُ من قبلِ الهوى بالساهرةْ
ليسَ ما يروى عن السحرِ سوى / ما تراهُ في العيونِ الساحرةْ
زارتْ وقد طافتْ بنا سنةٌ
زارتْ وقد طافتْ بنا سنةٌ / فطفقتُ أسمعها من العتبِ
وكأنما أشفي جوىً بجوى / وأتوبُ من ذنبٍ إلى ذنبِ
فبدا لها فتدللتْ ونأتْ / تدعو على الأحبابِ والحبِ
فنهضتُ مضطرباً أرى فإذا / بيديَّ من أسفي على قلبي
بنفسيَ من تشفي أناملها الجوى
بنفسيَ من تشفي أناملها الجوى / فلو قبَّلَ المضنى يديها لما اشتكى
ولو أن قلبي كانَ في القبرِ ساكناً / ومرتْ عليهِ كفها لتحركا
صدتْ فكانَ سلامُها نزرا
صدتْ فكانَ سلامُها نزرا / وغدتْ تضنُّ بذلكَ النزرِ
ومضتْ ليالٍ كنتُ أحسبُها / قبلَ التفرقِ آخر العمرِ
أيامَ نحنُ وعيشنا رغدٌ / يجري الزمانُ بنا ولا ندري
من عاشقٍ يشكو لعاشقةٍ / بثَّ الأسيرُ أخاهُ في الأسرِ
وتميسُ في أثوابها الحمرِ / كالغصنِ في أثوابهِ الخضرِ
وكأن ليلة إذ تقابلني / بعدَ التمنعِ ليلةُ القدرِ
كانتْ سلاماً لا نحاذرُِ في / ما كانَ إلا مطلعَ الفجرِ
وأرى الندى في الوردِ منحدراً / كالدمعِ فوقَ خدودها يجري
كلُّ امرئٍ لاق منيتهُ / والحبُّ جالبُها على الحرِّ
سلي بعدكِ الواشينَ هل ذاعَ لي سرُّ
سلي بعدكِ الواشينَ هل ذاعَ لي سرُّ / وإن كانَ أضناني بتبريحهِ الهجرُ
على أنني كاتمتُ صدري ما بهِ / وفي كبدسي ما ليسَ يعلمهُ الصدرُ
حفظتكِ لا أني ارجي من الهوى / وفاءٌ ولكن ليسَ من شيمي الغدرُ
إذا هجعتْ عيناكِ جافاني الكرى / وباتتْ تناجيني الخواطرُ والفكرُ
أقاتلتي ظلماً لي الصبرُ والرضا / وإن كانَ قلبي ليسَ يحلو لي الصبرُ
إذا كانَ ذنبي أنني لكِ عاشقٌ / فمنكِ إليكِ العذرُ لو يشفعُ العذرُ
لكِ النهيُ إلا عن هواكِ وللهوى / بلحظكِ في ألبابنا النهيُ والأمرُ
وقد ذقتُ من حلوِ الزمانِ ومرِّهِ / فلا الحلو أنساني هواكِ ولا المرُّ
ويا رحمَ اللهُ الليالي التي مضتْ / ليالي كنا والزمانُ بنا نضرُ
وكانَ حماماتُ اللواحظِ بيننا / تروحُ وتعدو والقلوبُ لها وكرُ
الا ربَّ ليلٍ أسفرتْ تحتَ جنحهِ / فما شكَّ أهلُ الحيِّ أن طلعَ البدرُ
وقالتْ عذيري منكَ أمسيتَ غادراً / فقلتُ معاذَ اللهِ أن يغدرَ الحرُّ
فقالتْ فما للفجرِ تشكو لهُ الهوى / فقلتُ وهل ليلُ المحبِّ لهُ فجرُ
فقالتْ نسيتَ العهدَ قلتُ وهل سوى / غرامكَ خصمي يومَ يجمعنا الحشرُ
فقامتْ على كبرٍ تقولُ قتلتهُ / كأن لم تكنْ تدري أو عندها خبرُ
ومثلي فتى الدنيا الذي إن مشوا بهِ / إلى القبرِ يطوي مآثرهُ القبرُ
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً / ولا يردُ شبا عينيكَ عينانِ
ما دمتَ تهوى حبيباً فالفؤادُ لهُ / وليسَ ينزلُ في قلبٍ حبيبانِ
نزعَ القلبُ بي فسرتُ رويداً
نزعَ القلبُ بي فسرتُ رويداً / فإذا من أحبهُ في طريقي
يتجنى كأنَّ قاضي الجنايا / تِ نصيرٌ لقدهِ الممشوقِ
ورآني بذلةِ العاشقِ الصبِّ / فصدتهُ عزةُ المعشوقِ
أنتَ غرستَ الحبَّ في اضلعي
أنتَ غرستَ الحبَّ في اضلعي / فكيفَ لا أسقيهِ من أدمعي
لو شئتَ يا حلوَ اللمى لم تبتْ / غلةَ هذا القلبِ لم تنقعِ
ولم أبتْ ليلةَ جافيتني / من مضجعٍ جافٍ إلى مضجعِ
إذا دعاني السهدُ لبيتهُ / وإن دعوتُ النومَ لم يسمعِ
أسألُ ليليَ ما لهُ لم يغبْ / وما لنجمِ الصبحِ لم يطلعِ
وأحسبُ الطيرَ إذا رجعتْ / حنتْ لمن أهوى فناحتْ معي
ذو هيفٍ يقنعني طيفهُ / وهو بغيرِ الروحِ لم يقنعِ
لم ألقَ ممن نظروا وجههُ / الا فتىً يعشقُ أويدعي
يا هاجراً أسقمني طرفهُ / كلُ دواءٍ فيَّ لم ينجع
كم حرقةٍ قد ضاقَ صدري بها / ولوعةٍ كاتمتها اضلعي
وحسرةٍ في النفسِ ما غادرتْ / قلب الفتى العذريِّ حتى نُعي
أخلفها بعدي لأهلِ الهوى / من موجعِ القلبِ إلى موجعِ
تستنزلُ المالكَ عن عرشهِ / بينَ يدي عرشِ الهوى الأرفعِ
وتبعث الروعة يوم الوغى / إلى فؤاد البطل الأورعِ
فابعث لقلبي منكَ تسليمةً / أبثها في ذلكَ الموضعِ
تسترجع النومَ إلى أعيني / فقد مضى النومُ ولم يرجعِ
كم أمرَ الحبُّ وكم قد نهى / فبتُّ باكي العينِ لم أهجعِ
ومن يكنْ قائُدُهُ حُبُّهُ / يقدهُ بالرغمِ إلى المصرعِ
أمن الظبا ذاكَ الغريرُ المعجبُ
أمن الظبا ذاكَ الغريرُ المعجبُ / يلهو بحباتِ القلوبِ ويلعبُ
قد كنتُ أحسبني رأيتُ نظيرهُ / حتى بدا فرايتُ ما لا أحسبُ
قمر كأنَّ الشمسَ فوقَ جبينهِ / أضحتْ لو أنَّ الشمسَ ليستْ تغربُ
وكأنَّ طرتهُ طليعةُ ليلةٍ / حلكتْ فأشرقَ في دجاها كوكبُ
جمعَ المحاسنَ فهيَ تنسَ إن يغبْ / وإذا بدا فلهُ المحاسنُ تنسبُ
وعلقتهُ كالظبيِ أحورَ يُرتجى / وعشقتهُ كالليثَ أزورَ يرهبُ
يرنو فتنتزعُ القلوبَ لحاظُهُ / وتكادُ أنفسنا عليهِ تذهبُ
وإذا مشى الخيلاءَ في عشاقِهِ / خلتَ المليكَ مشى وقامَ الموكبُ
وبثغرهِ ظلمٌ يحرمُ رشفهُ / ظلماً وعهدي أن يحل الطيبُ
ولقد تحكمَّ في النفوسِ فبعضها / أودى العذابُ وبعضها يتعذبُ
وعجبتُ أن الحبَّ يقتلُ أهلهُ / ولأن أكونَ بهِ قتيلاً أعجبُ
أما كفاكَ الفراقُ غدرا
أما كفاكَ الفراقُ غدرا / وبعدَ هذي الديارِ هجرا
أسائلُ البدرَ عنكَ حيناً / وأسألُ الشمسَ عنكَ طورا
وكلما غردتْ حمامٌ / في الأيكِ طارَ الفؤادُ طيرا
قضى علينا الغرامُ أنا / نتخذُّ الليلَ فيهِ سترا
فمن عيونٍ تبيتُ عبْرى / ومن عيونٍ تبيتُ سَكْرى
وكلُّ يومٍ يخلفُ يوماً / أراهُ دهراً يعقبُ دهراً
يا أحسنَ الفاتنينَ قدّاً / وارفعَ المالكينَ قدرا
فتنتَ مصرا فهل تولى / يوسفُ يا ذا الدلالِ مصرا
لو عشقَ الشمسَ فيكَ قومٌ / لكانَ هذا الجمالُ عذرا
ما إن حسبتُ الزمانَ يوماً / يتركُ نفسي عليكَ حسرى
إذ تتثتَّى جوىً وحسناً / وإذ تجنَّى هوىً وكبرا
نقتسمُ العيشَ لا نبالي / أكانَ حلواً أم كانَ مُرّا
وقد تركنا زيداً وعَمْرا / يضربُ زيدٌ هناكَ عَمْرا
وقد أبانتْ لنا الليالي / أن لهذي الحياةِ سرّا
بينا يكونُ الزمانُ عُسْرا / إذا تراهُ استحالَ يُسرا
طالَ عليَّ ليلي
طالَ عليَّ ليلي / وليلكم في قِصَرِ
من نامَ ملءَ العينِ لا / يعرفُ أهلَ السهرِ
فسائلوا ريحَ الصبا / تنبيكم عن خبري
يا قمرَ الآفاقِ هل / سرقتَ حسنَ قمري
فأنتَ مثلُ وجهها / والليلُ مثلُ الشعرِ
ذاتُ الجفونِ قتلتْ / بصارمٍ منكسرِ
تلينُ في حديثها / وقلبها كالحجرِ
وأعقدَ الثديانِ في / قوامها كالثمرِ
لهفي على دهرٍ مضى / معَ الليالي الغررِ
مرَّ بها فلم تكنْ / إلا كلمحِ البصرِ
أماتني هذا الهوى / قبلَ انقضاءِ العُمُرِ
أوقعني في خطرٍ / من منقذي من خطري
لا تعذلوني إنهُ / حكمُ القضا والقدرِ