المجموع : 127
أيا مِلكاً ألقى على الشِّرْك كلكلاً
أيا مِلكاً ألقى على الشِّرْك كلكلاً / أَناخَ عَلى أماتِه كِلكَلَ الثَّكلِ
جَمَعْتَ إلى فتح الرُّها سدّ بابهِ / بِجَمعكَ بينَ النَّهْب والأسر والقتْلِ
هُو الفَتح أَنسى كُلَّ فَتحٍ حَديثُهُ / وَتَوَّجَ مَسطورَ الروايَةِ والنَّقْلِ
فَضَضْتَ بِهِ نَقشَ الخَواتِمِ بَعدَه / جُزِيتَ جزاء الصّدق عن خاتَم الرُّسْلِ
تَجرَّدتَ للإِسلامِ دونَ ملوكِهِ / تُبَتِّكُ أسباب المَذَلَّةِ والخَذْلِ
أَخو الحَربِ غذَّتْهُ القراع مفطَّماً / يَشوبُ بِإِقدامِ الفتى حنكَةَ الكهلِ
وما يومُ كلبِ الرُّومِ إلّا أخو الّذي / أَزحتَ بهِ ما في الجَناجنِ مِن نبلِ
أَتاكَ بِمِثلِ الرّومِ حَشداً وإنّهُ / لَيَفْضُلُ أضعافاً كثيراً عن الرملِ
فَقاتَلتَهُ بِاللَّه ثمَّ بِعَزمةٍ / تصُكُّ قلوبَ العاشقين بما تسلي
تَوهَّمَ أنَّ الشامَ مَرعىً وما دَرَى / بِأَنّكَ أَمضى مِنهُ في الشزرِ وَالسجلِ
فَطارَ وَخَيرُ المَغْنَمَيْنِ ذِمَاؤُه / إذا ردَّ عنه مغنمُ المال والأهلِ
بعماد الدّين أضْحَتْ عُرْوَةُ الد
بعماد الدّين أضْحَتْ عُرْوَةُ الد / دينِ مَعصوباً بها الفتحُ المبينْ
وَاِستَزادت بِقَسيمِ الدَّولة ال / قسمُ مِن إدحاضِ كيدِ المارِقينْ
مَلكٌ أسْهَرَ عيناً لم تَزَلْ / هَمُّهَا تشريد هَمّ الرَّاقدين
لا خَلَتْ من كَحَل النّصرِ فقد / فقأت غَيظاً عُيون الحاسدين
كُلُّ يومٍ مَرَّ مِن أيّامِهِ / فَهوَ عيدٌ عائِد لِلمسلمينْ
لو جرى الإنصافُ في أوصافِهِ / كَانَ أَولاها أَمير المُؤمنينْ
ما رَوى الرّاوُونَ بَل ما سَطّروا / مِثلَ ما خَطَّتْ لَه أَيدي السنينْ
إِذ أَناخَ الشِّرْكُ في أَكنافِهِ / بِمئي ألْفٍ ثَناها بمئينْ
وَقْعَةٌ طاحَت بِكَلبِ الرومِ من / قِطعَةِ البَيْن إلى قَطعِ الوَتينْ
إِن حَمت مِصرٌ فَقَد قام لها / واضحُ البرهان أنَّ الصِّينَ صِينْ
دَرَج الدَّهْرُ عليها مُعْصِراً / لَم يُدنَّس بِمرام اللّائِمينْ
والرُّها لو لم تكن إِلّا الرُّها / لكَفَتْ حشْماً لشكّ المُمْتَرينْ
هَمَّ قسطنطينُ أن يَفّرعها / وَمَضى لم يحوِ مِنها قسطَ طينْ
ولَكَمْ من ملِكٍ حاولها / فتحلّى الحَيْنُ وسْماً في الجبينْ
هيَ أُختُ النَّجْم إِلّا أنّها / منه كالنّجم لرأي المُبْصِرينْ
مُنِيَتْ منه بلَيْثٍ قائدٍ / بِعرانِ الذّلّ آسادِ العَرينْ
زَارها يَزأرُ في أُسْدِ وَغىً / تُبدِّلُ الأُسْدَ مِن الزّأْرِ الأَنين
صَولَجوا البيضَ بِضَرب نثر ال / هَامَ في ساحاتِها نَثر الكرين
يا لها هِمَّةُ ثغرٍ أضحكتْ / من بني القُلفِ ثغور الشّامتين
بَرنَسْتَ رأسَ بُرنس ذِلَّةً / بَعدَما جاسَت حَوايا جُوْسِلين
وسَرُوجُ مُذْ وَعَتْ أسراجَهُ / فَرَّقَتْ جُمّاعَها عنها عِضِين
تِلكَ أقفالٌ رَماها اللَّه من / عَزمهِ الماضي بِخَيرِ الفاتِحين
شامَ منهُ الشّام بَرْقاً ودْقُهُ / مُؤمن الخَوفِ مُخيفَ الآمِنين
كم كنيسٍ كَنَسْتَ قد رامَها / منه بعد الرُّوحِ في ظلّ السَّفين
دَنَتِ الآجالُ مِن آجالها / فأَحَلَّتْهَا القَطا بَعدَ القَطين
ومنارٍ يجتلي صُلْبانهُ / بَينَ بِيضٍ تَتبارَى في البرين
قَرعَته البيضُ حتّى بَدّلت / قَرعةَ النّاقوسِ تَثويبَ الأذين
بالقَسِيميّات مقسوماً لها الد / دَهر في عَلْكِ لُجينٍ أَو لجين
سَلْ بها حَرّان كم حرّى سَقَتْ / بَرَداً مِن يَوم رُدَّت ماردين
سَمَطْتَ أَمسَ سُمَيْسَاط بِها / نَظْمَ جَيشٍ مُبْهجٍ لِلنّاظرين
وَغَداً يُلْقَى على القدسِ لَها / كَلْكَلٌ يدرُسُهَا دَرْسَ الدّرين
هِمَّةٌ تُمسي وتضْحى عَزمةً / لَيسَ حِصنٌ إِنْ نَحَتْهُ بحَصِين
قُلْ لقومٍ غَرَّهُم إمهالُهُ / سَتَذوقونَ شَذاهُ بَعدَ حين
إِنّهُ المَوتُ الَّذي يدركُ مَن / فَرَّ منه مُشحاً للغافِلين
وهو يُحْيي مُمْسكي عُرْوَته / إنّها حبلٌ لِمَنْ تابَ مَتين
مَنْ يُطِعْ يَنْجُ وَمَن يَعْصِ يكن / من غداةٍ عبْرَةً للآخَرين
بِكَ يا شَمسَ المعالي رُدَّتِ الر / روحُ في المَيْتَيْن من دُنيا وَدين
أَقسَم الجَدّ بِأَن تَبقى لِكَيْ / تَملِكَ الأَرضَ يَميناً لا يَمين
وتُفيضُ العَدلَ في أَقطارِها / مُنْسِياً مُؤْلِمَ عسفِ الجائرين
لا تَزَلْ دارُكَ كَيفَ اِنتَقَلتْ / كعبةً محفوفةً بالطّائفين
كُلُّ يَومٍ يَتَحلَّى جيدُهَا / مِن نَظيمِ المَدحِ بالدُّرَّ الثّمين
كُلّما أَخلَصَ فيها دَعوَةً / لَكَ قالَت أَلْسُنُ الخَلْقِ آمين
يا بدْرُ لا أفْلُ ولا محاقُ
يا بدْرُ لا أفْلُ ولا محاقُ / ولا يَرُمْ مشرقَكَ الإشراقُ
بِالدّينِ وَالدّنيا الَّذي يَشكو وَهَل / يَهتَزُّ فَرعٌ لَم يُقِمْهُ ساقُ
لَن تُورِقَ القُضْبُ وَيَجري ماؤُها / إِلّا إِذا ما اِلتاثَتِ الأَعراقُ
إنّ الرَّعايا ما سَلِمَتْ في حِمىً / لِلخَطْبِ عَن طُروقِهِ إِطراقُ
غَرَسْتَ بِالعَدلِ لَهُم خَمائِلاً / تَرتَعُ في حَديقِها الحداقُ
يا هضبَةَ الدينِ الّتي عاذَ بها / فَعادَ لا بَغتٌ وَلا إِرهاقُ
لَو لَم تُحِطْهُ راحِلاً وَقافِلاً / أَصبَحَ لا شامٌ ولا عِراقُ
عِمادُ دِينٍ قد أقام زَيْغَهُ / حيّ وماتَ الشِّرْكُ والنّفاقُ
يا مُحْييَ العَدلِ الَّذي في ظِلِّهِ / تَسَرْبَلَتْ زينَتَها الآفاقُ
يَفديكَ مَن لانَ مهاد جَنبِهِ / لَمّا نَبا بِجَنبِكَ الإِقْلاقُ
مَن بِشَبا سَيفِكَ أَنبَطت لَهُ ال / عَذْبَ وماءُ عِيسِه زُعاقُ
تَجَرَّعَ السّمَّ وَلَوْ لَم تَحمِهِ / بِحدّه لَعَزَّهُ الدّرياقُ
مُلوكُ أَطرافٍ حَمى أَطرافَها / عَزْمُك هَذا اللّاحِقُ السّبّاقُ
لَو لَم ترق ماءَ كرى العَينِ لَمَا / ساغَت بِأَفواهِهِمُ الأرياقُ
شَقَقتَ من دونِهم مَوْج الرَّدى / وَشَقَّ أَكبادَهم الشّقاقُ
أُقسِمُ لَو كَلّفْتهم أَن يَسمَعوا / حَديثَ أيّامكَ ما أَطاقوا
لَمّا اِشتَكَيتَ دَبَّ في أَهوائِهم / توجُّسٌ للسَّمع واسْتِراقُ
تَطاوَلَوا لا عَدِمَت آمالُهُم / قصراً ولا جانَبَها الإِخفاقُ
تَوَهَّمُوهَا غَسقاً ثُمَّ اِنْجَلَتْ / والصَّفْوُ من مشربهم غسّاقُ
لَئِن ألَمَّ ألَمٌ بِقَدمٍ / خَدُّ السُّها لِنعْلِها طرّاقُ
أو كان مدَّ يَده إلى يدٍ / تجري بها الآجال والأرزاقُ
فالنَّصْل يُعْلَى صَدَءاً وتحتهُ / حدّ حسام وسناً رقراقُ
رَمى الصَّليبَ بِصَليبِ الرأيِ عَن / زوراءَ أَوْهَى نزْعَها الإغراقُ
ونومُ مَنْ خلفَ الخليج سَهَرٌ / والعَيشُ في فِرِنجَة سيّاقُ
ماتوا فلا همسٌ ولا إشارةٌ / خوفَ هَمُوسٍ زأْرُهُ إزهاقُ
لا سَلَبَتْ منك اللّيالي ما كَسَتْ / ولا عرتْ جِدَّتَك الإخلاقُ
في ذُرى مَلْكٍ هوَ الدَّه
في ذُرى مَلْكٍ هوَ الدَّه / رُ عطاءً وَاِسْتلابا
مَن لهُ كفٌّ تبُزُّ ال / غَيْث سَحّاً وَاِنسكابا
فاتحٌ في وجهِ كلِّ / أمَّةٍ للنّصر بابا
تَرجُفُ الدُّنْيا إذا حر / رَكَ للسَّيْر الرِّكابا
وتخِرُّ المُشمَخِرّا / تُ اِختِلالاً واِضطِرابا
وَتَرى الأَعداءَ مِن هَيْ / بَتِهِ تَأوي الشِّعابا
وَإِذا ما لَفَحَتْهُمُ / نارُهُ صَاروا كبابا
يا عِمادَ الدّينِ لا زِل / تَ على الدّين سحابا
جاعلاً مِن دونه سَيْ / فَكَ إنْ رِيع حِجابا
فَاِلبَس النَّعْمَاءَ في الأم / نِ الّذي طِبت وطابا
وَاصْفُ عَيشاً إِنَّ أَعدا / ءَكَ قَد صَاروا تُراباً
أيا خيرَ الملوكِ أباً وجَدّاً
أيا خيرَ الملوكِ أباً وجَدّاً / وأَنقعهم حيّاً لغليلِ صادِ
عَلَوْا وغَلَوا وقال الناسُ فيهم / شوارد من ثُناءٍ أو أُحَادِ
وما اِقتَسموا ولا عَمدوا بِناهم / بِمَنصِبك القسيميِّ العِمادي
وَهَل حلَبٌ سِوى نفسٍ شَعَاعٍ / تَقَسَّمها التّمادي والتّعادي
نَفى ابن عمادِ دين اللَّه عَنها الش / شَكاة فَأَصبَحت ذاتَ العِمادِ
تَبَخْتَرُ في كسا عدْلٍ وبذلٍ / مدبَّجة التَّهائم والنِّجادِ
وفي مِحرابِها داودُ منه / يهذّبُ حكمة آيات صادِ
تجاوزتَ النّجوم فأين تبغي / تَرَقَّ فلا خَلَوْتَ منِ اِزديادِ
ملكٌ ما أَذَلَّ بِالفَتح أرضاً
ملكٌ ما أَذَلَّ بِالفَتح أرضاً / قَطُّ إلّا أعزَّها إغلاقُهْ
والوَهَى في الرُّهَاءِ أزْجَى إليها / عارضاً شيب الدُّجَى إبراقُه
جَأرتْ جَأرةً إِلَيه فَحلى / عطلاً من إِعناقها إِعناقُه
تِلكَ بِكْرُ الفتوحِ فَالشّامُ مِنها / شامُهُ والعراق بعدُ عراقُه
أَينَ كانَ المُلوكُ عَن وَجهِها الطّل / قِ يُرينا إضاءةً إطْلاقُه
سُنَّةٌ سَنَّها أَبوه بِكَلبِ الر / رومِ لمّا أظلّه إرهاقُه
خافِقاً قَلبُهُ إِلى أملٍ عا / جَلَه دون نَيْله إخفاقُه
قَسَمَت راية المواضي القسيمي / يات وابتزّ من لَهَاهُ عراقُه
وكذا أنْتَ يا ابْنَه ما عدا من / خُلقه فيك خَصْلةً خَلّاقُه
وكفى البحرَ أنّه ابنُ سحابٍ / ما وَنَى سَحُّهُ ولا إصْعاقُه
لم يَمُتْ من سَدَدْتَ ثُلْمتَه يا / مَن على الدّين كظَّه إشفاقُه
رَهبةً لَم تدَع على الأرض قلباً / خلْفَ صدرٍ يَنْشَقُّ عنه شقاقُه
كُلُّما طَنَّ ذِكْرُهَا منه في الس / سَمعِ يكمَى في النَّافِقاء نِفاقُه
وَجِهادٍ عَن حَوزَةِ الدّين لم يأ / لُ له رَكْضُهُ ولا إنفاقُه
أيَّ شأنٍ أدركتَ يا نور دينِ ال / لَهِ أَعيا عَلى المُلوكِ لِحاقُه
نَطَقَ الحاسِدونَ بِالعَجزِ عَن ملْ / كٍ مُحَلّىً بِالنَّيِّراتِ نِطاقُه
غضّ أبصارهم لِحاقُ جَوادٍ / لَيسَ إِلّا إِلى المَعالي سباقُه
سَلْ بصيراً كم أعْتَقَتْ يوم بُصْرَى / مِن أسارِ المَوتِ الزُّؤام عِتاقُه
كَم عرامٍ على العُرَيْمَة شبت / ضاقَ منه على الصَّليب خناقُه
وَلَكم هبوة بِهاب وأُخْتَيْ / ها لها صكّت الأسارى رباقُه
بَسطَ الذُلُّ فَوقَ بَسطَةِ باسو / طا وَلَكِنْ طَواهُ عَنهُ اِرتِفاقُه
لَم يشنهُ مِن ماءِ يُغْراءَ أن فر / رَ الأشابات ذاد عنها انذلاقُه
كان فيها لَيْثَ العَرِين حَمى الأشْ / بالَ منه غضبان كالنّار ماقُه
وَشبيه النبيِّ يوم حُنَيْنٍ / إِذ تَلافى أَدواءهم درياقُه
وَهيَ الحَربُ فَحْلُها يُحْسِنُ الكَر / رَة إنْ عضّ بأسها لا نياقُه
بنور الدّين رُوِّض كُلُّ مَحْلٍ
بنور الدّين رُوِّض كُلُّ مَحْلٍ / من الدُّنيا وجُدِّد كلُّ بالِ
أقام على ثنيّة كلِّ خوفٍ / سُهاداً بات يكْلأُ كُلَّ كالِ
وَصَوَّبَ عدلُهُ في كلِّ أوْب / فعَوَّض عاطلاً منه بحالِ
يُنَكِّسُ رأيُهُ رأيَ المحامي / ويَقْتُلُ خوفُهُ قبل القتالِ
لَقَد أَحصدْتَ للإِسلامِ عِزّاً / يفوت سَنَامُه يَدَ كلِّ قالِ
وَأَصبَحتِ العَواصمُ مُلحفاتٍ / عصاماً غير مُنْتَكِثِ الحبالِ
فِدَاكَ مَن صامَ وَمَن أَفطَرا
فِدَاكَ مَن صامَ وَمَن أَفطَرا / وَمَن سَعى سَعْيَكَ أَو قصّرا
وَما الوَرَى أَهلاً فتُفْدَى بِهِم / وَهَل يُوازي عَرَضٌ جَوهرا
عَدْلٌ تَساوى تَحتَ أَكنافِهِ / مطافلُ العِين وأُسْدُ الشَّرَى
يا نورَ دينِ اللَّهِ كَم حادِثٍ / دَجا وَأَسْفَرْتَ لَهُ فَاِنْشَرَى
وَكَم حِمىً لِلشِّرْكِ لا يَهتدي ال / وَهْمَ لَه غادَرتَهُ مَجزرا
يا مَلكَ العصر الّذي صدرُه / أَفسحُ مِن أَقطارِها مَصدرا
وَاِبْنَ الَّذي طاوَلَ أَفلاكَها / فَلَم يَجِد مِن فَوقِهِ مَظهرا
مَناقِبُ تَكْسِرُ كِسْرَى كَما / تُقصِرُ عَن إِدراكِها قَيصَرا
ما عامَ في أَوصافِها شاعِرٌ / إِلّا رَأَى أَوصافَها أَشعرا
للَّهِ أصْلٌ أَنتَ فَرعٌ لهُ / ما أَطيَبَ المَجنى وَما أَطهرا
ما حَلَبُ البَيضاءُ مُذ صُنْتَها / إِلّا حَرامٌ مثل أُمّ القُرَى
شِيدَتْ في مَعمورِ أَرجائِها / لكلّ باغي عُمْرة مِشْعَرا
فَأَصبَحَ الشادي إِذا ثوَّبَ الد / داعي له هلّل أو كَبَّرا
لا عَدمَ الإسلامُ مَنْ كَفُّهُ / كَهْفٌ لِمَنْ أُرهق أو أُحْصِرا
كأنّما ساحتُه جَنَّةٌ / أجْرَتْ بها راحتُه كوثَرا
تَصرَّم الشّهر الَّذي كنت في / أَوقاتِهِ مِن قَدرِهِ أَشْهُرا
جِهادُ لَيلٍ في نَهارٍ فَفُزْ / إذْ كنت فيه الأصْبَرَ الأَشكَرا
أَصدَقُ ما يَرشُفُهُ سامع / ما هزَّ مِن أوصافكَ المِنبرا
أبقاك للدُّنيا وللدّين مَنْ / خَلّاكَ في لَيلِهما نيِّرا
حتَّى نَرى عيسى مِنَ القُدسِ قَد / لَجا إِلى سَيفِكَ مُستَنصِرا
أَقْوَى الضَّلالُ وأقْفَرَتْ عَرَصَاتُهُ
أَقْوَى الضَّلالُ وأقْفَرَتْ عَرَصَاتُهُ / وعَلا الهدى وتبلَّجَتْ قسماتُهُ
واِنْتَاشَ دينَ محمَّدٍ محمودُهُ / من بعد ما عُلَّتْ دماً عَبَراتُهُ
رَدَّتْ على الإسلام عصرَ شبابِهِ / وَثباته مِن دونِهِ وثباتُهُ
أَرسَى قَواعِدَهُ وَمَدَّ عِمادَه / صُعُداً وشيَّد سورَه سوراتُهُ
وَأَعادَ وَجهَ الحَقِّ أَبيضَ ناصِعاً / إصْلاتُهُ وصِلاتُه وَصَلاتُهُ
لَمّا تَواكَلَ حِزبُهُ وَتَخاذَلت / أَنصارُهُ وَتَقاصَرَت خطواتُهُ
رَفَعت لِنورِ الدّينِ نارَ عزيمَةٍ / رَجَعَت لَها عَن طَبعِها ظُلُماتُهُ
مَلكٌ مَجالسُ لهوه شدَّاتُه / ومشُوقُهُ بين الصُّفوف شذاتُهُ
يُغْرَى بِحَثحثةِ اليَراعِ بَنانُهُ / إِنْ لذّ حَثحَثةَ الكُؤوسِ لِداتُهُ
ويروقُهُ ثَغْرُ العداء قانٍ دَما / لا الثّغْر يَعبِق في لَماهُ لثاتُهُ
فصَبُوحُهُ خمْرُ الطَّلَى وغُبُوقُه / تطف النّفوس تديرها نشواتُهُ
فتحٌ تعمَّمتِ السَّماءُ بفخرهِ / وهَفَتْ على أغصانها عَذَباتُهُ
سَبَغَتْ على الإسلام بيض حُجُوله / وَاِختالَ في أَوضاحِها جبهاتُهُ
واِنْهَلَّ فَوقَ الأَبطَحينِ غَمامُهُ / وسَرَتْ إلى سَكِينها نَفَحَاتُهُ
للَّه بَلجَةُ لَيلَةٍ مَحَصت بِهِ / واليوم دَبَّجَ وشْيَهُ ساعاتُهُ
حَطَّ القَوامِص فيهِ قِماصها / ضَربٌ يُصلصلُ في الطّلى صعقاتُهُ
نَبذوا السّلاحَ لِضَيْغَمٍ عاداتُه / فَرْسُ الفوارسِ والقَنا غاباتُهُ
لِمُجرّب عُمَرِيَّة غضباتُه / للَّه مُعْتَصِمِيَّةٌ غَزَواتُهُ
تَحيا لِضِيق صفاده أُسَراؤه / وَتغيض ماءً شؤونها نقماتُهُ
بَينَ الجَبالِ خَواضِعاً أَعناقُها / كَالذَّوْد نابَت عن براه حداتُهُ
نَشَرت عَلى حَلبٍ عقودُ بُنُودهم / حُلَل الربيعِ تَناسَقَت زهراتُهُ
رَوضٌ جَناهُ لها مكرُّ جيادِه / وَاِستَوأَرَتْ حمّاله حملاتُهُ
مُتَسانِدين على الرّحالِ كَما اِنتَشى / شرْب أمالت هامَه قهواتُهُ
لم تُنْبِتِ الآجام قبل رماحِهِ / شجراً أصولُ فروعِه ثمراتُهُ
فلْيَحْمَدِ الإسلامُ ما جَحَدت له / شربات غَرس هَذِهِ مَجناتُهُ
وَسَقى صَدى ذاكَ الحَيا صَوبَ الحَيا / خَيرُ الثَرى ما كنتَ أَنتَ نباتُهُ
نَصَبَ السّريرَ ومالَ عَنهُ وَمَهّدَت / لِمَقَرِّ مَنصِبك السّريّ سراتُهُ
ما ضَرّ هَذا البدرَ وهو محلّقٌ / أَنَّ الكواكبَ في الذُّرا ضرّاتُهُ
في كُلِّ يَومٍ تَستطيلُ قَناتُهُ / فَوقَ السّماءِ وتعْتَلي دَرَجاتُهُ
وَتَظلّ ترقم في الضُّحَى آثارُهُ / مَجداً وَأَلسِنَةُ الزَّمانِ رُواتُهُ
أَين الأُلَى ملأوا الطُّرُوسَ زَخارِفاً / عَن نَزفِ بَحرٍ هَذِهِ قَطَراتُهُ
غَدَقوا بِأَعناقِ العَواطِلِ ما لهُ / مِن جوهرٍ فَأَتتهم فذاتُهُ
لَو فَصّلوا سِمطاً بِبَعضِ فتوحِهِ / سَخِرت بما اِفتَعلوا لهم فِعلاتُهُ
يُمْسِي قَنانيه بَناتُ قيونه / فَوقَ القَوانِسِ والقينا قيناتُهُ
صِلَتان من دونِ المُلوكِ تُقرّها / حرَكاتهُ وتُنيمُها يقظاتُهُ
قَعَدَت بهم عَن خَطوِهِ هِمّاتُهم / وَسَمَت بِه عن قَطوِهم همّاتُهُ
سَكَنوا مُسجَّفة الحجالِ وأسكنَت / زُحَل الرّحال مع السُّها عزماتُهُ
لو لاحَ لِلطّائِيّ غُرَّةُ فتْحِهِ / باءَت بِحَملِ تَأوّه باءاتُهُ
أو هَبَّ للطَّبَرِيّ طِيبُ نسيمِه / لَاِحْتَشَّ من تاريخهِ حَشواتُهُ
صَدَمَ الصَّليب على صلابَةِ عُودِهِ / فتفرَّقَتْ أيدي سَبا خَشَباتُهُ
وَسَقى البِرِنْس وقد تَبَرْنَسَ ذِلَّةً / بالرُّوج ممقر ما جَنَتْ غَدَراتُهُ
فَاِنقادَ في خِطَمِ المَنِيَّة أنفُهُ / يَومَ الخَطيمِ وأقطرت نزواتُهُ
وَمَضى يُؤنِّب تَحتَ إِنِّبّ همَّةً / أمْسَتْ زوافر غيّها زفراتُهُ
أسدٌ تَبوأ كالغرنفِ فجأتهُ / فتبوّأتْ طرفَ السِّنان شواتُهُ
دونَ النُّجُومِ مغمضاً ولَطالَما / أَغضَت وَقَد كَرَّت لها لحظاتُهُ
فَجَلَوته تَبكي الأَصادِق تَحتَهُ / بِدَمٍ إِذا ضَحِكَت لَه شُمَّاتُهُ
تَمشي القَناةُ بِرَأسِهِ وَهوَ الّذي / نَظَمتْ مدار النَّيِّرَيْن قناتُهُ
لَو عانَقَ العَيُّوقَ يوم رفعتَهُ / لأَراكَ شاهِدَ خفضه إخْبَاتُهُ
ما اِنْقادَ قَبلَكَ أَنفُهُ بِخُزَامِهِ / كلّا وَلا هَمَّت لها هدراتُهُ
طيّان خفّ السَّرْح طالَ زَئيرهُ / نَطَقَت سُطاكَ لَهُ فَطالَ صُماتُهُ
لَمّا بدا مُسْوَدُّ رايكَ فَوقهُ / مُبْيَضُّ نصْرك نُكسَتْ راياتُهُ
وَرَأَى سُيوفَك كَالصَّوالِجِ طاوَحت / مِثل الكرين تَقَلَّصت كرّاتُهُ
ولّى وقَد شَرِبَت ظُباك كُمَاتَه / تحت العَجاج وأَسْلَمَتْه حُمَاتُهُ
تَرَكَ الكَنائِسَ وَالكناس لِناهِبٍ / بِالبيضِ يَنهبُ ما حَواهُ عُفاتُهُ
غَلّاب أَروع لا يُميتُ عِداته / داءُ المطال ولا تعيشُ عُداتُهُ
لِلوَحشِ مُلْقىً بالعرا يقتاتُهُ / ما كان قبلُ بصيدِهِ يقتاتُهُ
اليَّومَ مَلّككَ القراعُ قِلاعَهُ / مُتسنِّماً ما اِستَشرَقَت شرفاتُهُ
وَغَداً تحلّ لَكَ الحلائل أَسهُم / مُتَوزّعات بَينَهنّ بناتُهُ
أَوطَأتَ أَطرافَ السَّنابكِ هامَهُ / فَتَقاذَفَت بعتيقها قذفاتُهُ
لا زالَ هَذا الملك يَشمَخُ شأنه / أبداً ويكفت في الحضيض شتاتُهُ
ما أَخطأتكَ يَدُ الزّمانِ فَدونهُ / مَن شاءَ فلتُسْرع إليه هناتُهُ
أَنتَ الَّذي تُحلي الحياةَ حياتُهُ / وَتَهبُ أَرواح القصيدِ هِباتُهُ
أسْنَى الممالك ما أطَلْت منارَها
أسْنَى الممالك ما أطَلْت منارَها / وجعلتَ مُرْهَفَةَ الشِّفارِ دِسارَها
وأحقُّ من مَلَكَ البلاد وأهلَها / رؤٌف تكنَّف عدلُه أقطارَها
من عام سام الخافِقَينِ وَحامها / مِنناً وَزاد هَوىً فَخصّ نِزارَها
مُضَرِيَّةٌ طبعَت مَضارِبَهُ وَإِن / عَدَتهُ ذَروة فارسٍ أَسوارَها
آل الرّعيّة وهيَ تَجهَلُ آلها / وتعاف نُطْفَتَها وتكره دارَها
فَأَقرَّ ضَجعَتَها وَأَنبتَ نيّها / وأساغ جُرْعتها وأثبت زارَها
ملكٌ أبوه سما لها فَسَمَا بها / وأجارها فعلت سُهيلاً جارَها
نَهَجَ السَّبيلَ له فَأَوضَحَ خلفه / وَشَدا لهُ يمن العلا فَأَنارَها
أنشرْتَ يا محمودُ ملّةَ أحمدٍ / من بعد ما شمل البِلَى أبشارَها
إن جانأت عَدَلَ السِّنانُ قَوامَها / أو نَأنأتْ كان الحسام جبارَها
عقلت مَعَ العصمِ العَواصِم مُذ غَدَت / هذي العَزائِمُ أسرها وإسارَها
وَتَكفَّلت لَكَ ضُمَّر أَنضَيتها / في صَونِها أَن تَستردّ ضِمارَها
كَلأت هَوامِلَها ورد مطارها / ما أريشته وَثقفت آطارَها
كَم حاوَلَت مِن كفتيها غرّةً / غلبَ الأسود فقلَّمت أَظفارَها
أنَّى وحامي سَرحِها مَن لَو سَمَت / لِلفلكِ بَسْطَته أَحال مدارَها
في كُلِّ يَومٍ مِن فُتوحِك سورةٌ / للدّين يحمل سِفْرُه أسفارَها
وَمُطيلةٌ قِصَر المنابِرِ إِنْ غَدا ال / خُطَباءُ تَنثُرُ فَوقَها تقصارَها
هِمَمٌ تَحجَّلت المُلوك وَراءَها / بِدَمِ العِثارِ وما اِقتفَت آثارَها
وَعزائمٌ تَستَوئزُ الآسادَ عن / نَهشِ الفَرائسِ إِن أَحسَّ أُوارها
أَبداً تقصر طولَ مشرفَةِ الذُرا / بِالمَشرفيَّةِ أَو تُطيلُ قصارها
فَغَرَتْ أَفامِيةٌ فماً فَهَتَمْتَهُ / كَبَوَار أَجناها الأَران بَوارَها
أَرهَقتَ رائَكَ فَوقَ رائك تَحتَها / فَحَططتَ مِن شعفاتها أَعفارها
أَدركت ثَأرَك في البُغَاةِ وَكُنتَ يا / مُختارَ أُمّةِ أَحمدٍ مُختارَها
عارِيّة الزّمنِ المُغير سَما لها / مِنك المعيّر فَاِستَردَّ معارَها
زَأَرَ الهِزَبْرُ فَقيّدت عاناتها / عَصرَ الضلالِ وَأَسلَمت أَعيارها
ضاءَت نُجومكَ فَوقَها وَلَربُّما / باتَتَ تنافِثها النجوم سرارَها
أمْسَتْ مع الشِّعْرَى العبور وأصبحت / شُعراء تَستقلي الفُحول شوارَها
وَلَكَم قَرعت بِمقرباتِكَ مِثلَها / تلعاً وقلّدت الكُماة عذارَها
حتَّى إِذا اِشتَملَتك أَشرَقَ سورها / عِزّاً وَحلاها سَناكَ سِوارَها
خَرَّ الصّليبُ وَقَد عَلَت نَغَماتُها / وَاِستَوبَلَت صَلواتُه تِكْرارَها
لَمّا وَعاها سَمْعُ أَنطاكية / سَرَتِ الوقار وَكَشفَت أَستارَها
فَاليَومَ أَضْحَت تَستَذمّ مُجيرَها / مِن جَورِهِ وَغَدت تذمّ جوارَها
عَلِمَت بأَن سَتَذوقُ جرعَةَ أُختِها / إِن زَرَّ أَطواقَ القباءِ وزارَها
ماضٍ إذا قرع الرّكابَ لبلدةٍ / ألْقَتْ له قبل القراع إزارَها
وإذا مَجَانِقُه رَكَعنَ لِصعبة ال / ملقاةِ أَسْجَدَ كالجديرِ جدارَها
ملَأ البِلادَ مَواهباً ومَهابةً / حتّى اِستَرقّت آيُهُ أحرارَها
يُذكي العيونَ إِذا أَقامَ لعونها / أَبَداً وَيُفضي بِالظّبا أَبكارها
أَوما إِلى رمم النَدى فَأَعاشَها / وَهَمى لِسابِقَةِ المنى فَأَزارَها
نَبَويُّ تَشبيهِ الفُتوحِ كَأَنَّما / أنصارُه رجعت له أنصارَها
أَحيا لِصَرحِ سَلامها سَلمانها / وَأَماتَ تحتَ عَمَارَها عُمَّارَها
إِنْ سارَ سارَ وقَد تَقَدّمَ جَيشَه / رجفٌ يقصّع في اللّها دعارَها
أَو حلَّ حَلَّ حبا القرومِ بِهيبةٍ / سَلَب البدور بدارها أبدارَها
وَإِذا المُلوكُ تَنافَسوا دَرج العُلا / أَربى بِنَفس أَفرعته خيارها
ونُهىً إِذا هيضَت تدلّ بِخيرها / وسُطىً تُذلّ إذا عنت جبارها
تُهْدَى لمحمود السَّجايا كاِسمِهِ / لو لزّ فاعلةً بها لأَبَارَها
الفاعِلُ الفعلاتِ يَنظِمُ في الدجى / بَينَ النجومِ حسودها أَسمارها
ساعٍ سَعى وَالسابقات وَراءَهُ / عَنَقاً فَعَصفَرَ منتماه عثارَها
كَالمضرَجِيِّ إِذا يُصَرْصِرُ آيِباً / خرس البغاث وَهاجَرت أَوكارَها
عَرَفَت لِنورِ الدينِ نور وقائعٍ / يُغشَى إِذا اِكتَحَلَت بِهِ أَبصارها
مَشهورة سَعَطت وَقَد حاولتها ال / أقدار عجزاً أنْ تشقّ غُبَارَها
للّهِ وَجهُكَ وَالوجوهُ كأنّما / حطّت بها أوقار هِيت وقارَها
وَالبيضُ تَخنسُ في الصُّدور صدروها / هبراً وتكتحل الشُّفور شفارها
وَالخَيلُ تدلج تَحتَ أَرْشية القَنا / جَذب المَواتِحِ غاوَرت آبارَها
فَبَقيتَ تَستَجلي الفتوحَ عَرائِساً / متملّياً صَدرَ العلا وصدارها
في دَولَةٍ لِلنصرِ فَوقَ لِوائها / زبر تنمِّقُ في الطّلَى أسطارَها
فالدّينُ مَوْماةٌ رفعت بها الصُّوَى / وحديقةٌ ضَمِنَتْ يداكَ إيارَها
خَنَسَ الثّعالبُ حين زَمْجَرَ مصحر
خَنَسَ الثّعالبُ حين زَمْجَرَ مصحر / مَلأَ البلادَ هماهِماً وَزئيرا
تَرَكوا مُشاجَرَةَ الرِّماح لِحاذِقٍ / جَعَلت مَخافتُهُ القُصورَ قُبورا
لِرَبيبِ حَربٍ لَم تزلْ فعلاتُهُ / كالرّاء يلزم لفظُهَا التكريرا
أسدٌ إِذا ما عاد من ظفرٍ بمفْ / ترسٍ أحدَّ لمثلِهِ أظفورا
يَتَناذَرُ الأَعداء مِنه سَطوة / ملء الزّمان تغيُّظاً وَزَفيرا
عَرَفوا لِنورِ الدّين وقْعَ وَقائعٍ / وَفّى بِها الإِسلام أَمس نذورا
أبداً يظافركَ القضاءُ على الّذي / تَبغي فَتَرجِعُ ظافِراً مَنصورا
قوَّضت فَاِنتَقع الظّهائر ظُلمةً / وَقَفَلت فَاِشتَعل الديّاجر نورا
وَعَلى العَواصِمِ من دفاعكَ عاصِم / ينشي الرّشيدَ وينشرُ المنصورا
هو الجدّ بِزّ التّمام البدورا
هو الجدّ بِزّ التّمام البدورا /
شوى كلَّ ما جَنَتِ الحادثا / تُ ما كنت ظلّاً عَلَينا قَريرا
أَسأْنَ وَأَحسَن كنّ الهِلال / وَمَلأنَنا منكَ بدراً مُنيرا
إِذا ثَبح البَحر أَخطأنَهُ / فلا غَرْوَ أنْ يَنتَشِفن الغَديرا
وَأَصْغِر بِفُقدانِنا الذّاهِبينَ / ما عِشتَ نَأتيك ملكاً كَبيرا
وما أَغمَدَ الدّهرُ ذاكَ الحُسا / م ما سلّ حدّاك عضْباً بَتُورا
قسيمُ عُلاك ونِعْمَ القسيم / أخٌ شاف نزراً وأعطى كثيرَا
وَكانَ نَظيرك غارَ الزّما / نُ مِن أَنْ يرى لَكَ فيهِ نَظيرا
فدتْكَ نفوسٌ بِكَ اِستَوطَنت / مِنَ الأمْن نوراً وقد كُنَّ بُورا
بَقيتَ مُعزّاً مِنَ الهالِكينَ / تُوقّى الرَّدَى وتوفَّى الأُجورا
وغيرُكَ يُمَهِّدُ بُسُطَ العَزاء / ويُولي المُسَلِّين سمعاً وَقُورا
وَما نَقصَ الدّهْرُ أَعدادَكم / إِذا شَفَّ قطراً وأبقى بُحُورا
وَلَو أَنصفَ المَجد مَوتاكُمُ / لَخَطَّ لَهم في السّماءِ القُبُورا
حَياتُك أحْيَتْ رميمَ الرّجاءِ / وأَمْطَتْ من الجُود ظَهْراً ظَهيرا
تَرَنَّحَ معطف الزَّوراءِ لَمّا
تَرَنَّحَ معطف الزَّوراءِ لَمّا / دعاك لزَوْر سِنْجَار لمامُ
وَزَلزَلت الصّعيدَ وراءَ مصرٍ / غَداةَ عَلَتْكَ في قَطَنَا الخيامُ
رجاءٌ هَزَّ تِيك وتلك خوفٌ / وَلَو قَد شِئت ضمّهما قرامُ
بِعَيشِك يا مُبيدَ الخيلِ رَكضاً / حَمَامٌ هُنَّ تحتك أم حِمَامُ
أَرِحْها فهيَ أَزلامُ المَعالي
أَرِحْها فهيَ أَزلامُ المَعالي / لهنّ إلى الوغى تَوْقُ المَغَالي
أَقالَ مَقيلَهنَّ بِكلِّ نَقعٍ / يُقَوِّض بِالهدى عمر الضَّلالِ
وَأيّ سُيوفِكَ الحُمرِ الحَواشي / مَنزِلَة مَتى دُعِيَتْ نَزَالِ
مَواضٍ إِنْ سُللنَ سَلكنَ جَزماً / نَفاهُ مِنَ الطّلى لَفْظُ اِعتِلالِ
لَقَد غلتِ الصَّليبَ بحَرِّ حرْبٍ / يُشيب أُوارُها لمم اللَّيالي
وَشِمتَ لِنَصرِ هذا الدينِ بَأساً / تُحرّمُ مِنهُ كُلّ حِمىً حَلالِ
وَقائِعُ أنزعَت في كُلِّ فجٍّ / وَقائِعُ جَوِّها دامي العَزَالِ
تُسائل حمصُ عن منسيّ دين / تقاضاه لك الحِجج الخوالي
فَواتَت وَهيَ أُختُ النجمِ بُعداً / وَوَعداً صيغَ مِن مَطلٍ مطَالِ
تَشَامخَ أَنفُهَا عِزّاً وَشدَّت / عَلى أَن لا تَنالَ يداً يَنالِ
فَما زَالت رقاكَ تَجدُّ نَقضاً / لِما تُثنيهِ مِن مررِ الحِبالِ
إِلى أَن أَطلَقَ الحَسناءَ كُرْهاً / وَآلَ إِلى مُلاوَحَةِ المآلي
يَصدّ الوجهَ عَن شَمّاءَ أَلقَت / يَداً لِأَشَمَّ ذي باعٍ طِوالِ
شَغَلتَ بِها يَمينَك وَالمَواضي / تَكفَّل أنّ مِصْراً للشّمالِ
إِذا فَتَحَ القِتالُ عَلَيكَ أَرضاً / أباحَكَ أُخْتَها لا عَنْ قتالِ
فَدَتْكَ القُلوبُ بِأَلبابِها
فَدَتْكَ القُلوبُ بِأَلبابِها / وَساحُ المُلوكِ بِأَربابِها
كَتائِبُ تَرمي جُنودَ الصَّلي / بِ مِنها بِتَقطيعِ أَصلابِها
إِذا ما اِنثَنَت مِن قراعِ الكُماة / كَسَت وَقدَها وَشْيَ أَسلابِها
تَبَرْنَسَ منها البرنسُ الثّيابَ / وَحَلّتهُ مِن وَقْعِ أَحلابِها
عَشيَّةَ غَصَّتْ على إِنَّبٍ / نُفوسُ النّصارى بِغصّابِها
وَقامَ لِأَحمَد مَحمودُها / بِجَدْعِ مَوارِن أَحزابِها
تَجَلّى لَها حَيدَرِيُّ المصا / عِ أَغلب مُودٍ بِغَلّابِها
مُورِّثُ أَركاسِها مِن أَبٍ / أَكولِ الفَوَارِسِ شَرّابِها
هُمامٌ إِذا اِعْصَوْصَبَتْ نَبْوَة / دَهاها بِها شُمّ أَعصابِها
مَضى وَجَنى لَكَ حُلوَ الشها / دِ مِمّا تَمَطَّقَ مِن صابِها
وَأَوصى بِها لَكَ مِن بَعدِما / تَجَرَّعَ مُمقَرَّ أَوصابِها
وَأَقسمَ جَدُّكَ أَلّا يَليق / بِغَيْرِكَ مَلبَس أَثوابِها
صَبَحتَ دِمَشقَ بِمَشقِ الجِيادِ / زبورِ الوَغى بَينَ أَحدابِها
وَأَصْلَتَّ رَأيَكَ قَبلَ الحُسامِ / فَجَمّدَ جَمرَة أَجلابِها
فَأَعطَتكَ ما لَم تَنَلْهُ يدٌ / وَفازَت رُقاكَ بِأَصحابِها
وَأَنتَ تصرِّفُ فَضلَ الزّما / مِ مِن حمصِ تَأخيرِ رُكّابِها
تخوّنها الجور فاستدركت / بعدْلِك أغبار ظبظابها
وَفاجَأتَ قُورُس بِالشّائِلاتِ / تَمُجُّ القَنا سُمَّ أَذنابِها
فَما رُمتَ حَتّى رَمَت بَيضَها / إِلَيكَ أَزِمّةَ ضرّابِها
وَعَزَّت عَزازُ فَأَذْلَلتَها / بِمَجرٍ مضيق لأَسْهابِها
بِأَشمَخَ مِن أَنفِها مَنكِباً / وَأَكثَر مَن عَدَّ تورابَها
دَلِفتَ لِعيطاءِ أُمِّ النّجو / مِ في الأَمرِ إِبطاءَ أَترابِها
وَعَذراء مُذْ عَمَرْت ما اِهتَدت / ظُنونُ اللَّيالي لِإِخْرابِها
تَفَرَّعتها بِفروعِ الوَشي / جِ مُثمِرَةً هامَ أَوشابِها
وَعوجٍ إِذا أنبَضَت أغمَضَت / ذُكاء لإِرسالِ نشّابِها
وَمُحدَودباتٍ تَطيرُ الخُطوب / مَلافِظَ أَلسُن خُطّابِها
تُصَوّبُ عِقبانَ رَيْب المَنونِ / مَتى زَبَنتها بِأَعقابِها
وَما رَكَعت حَولَ شَمِّ الهِضا / بِ إِلّا سَجَدنَ لِأَنصابِها
فَلاذَت بِمُعْتَصِمٍ بِالكتابِ / وَهوبِ المَمالِكِ سَلّابِها
بِمُعْتَصِمِيّ النَّدَى وَالهُدَى / هَموسِ السُّرَى غَير هَيّابِها
مُحلّى المَحل بِوَصفِ الفُتوح / وَوَصفِ التَهاني وَأَربابِها
وَتَعجَزُ مُدّاحُهُ أَن تُحيط / بِآدابِهِ فلك آدابِها
بَدائِع لَو رُدَّ دَهر رَمي / نَ بَناتَ حَبيبٍ بِأَحبابِها
وَأَينَ اِبن أَوسٍ وَآياتُهُ / مِنَ اللّاءِ أَودَت بِحسّابِها
مِنَ اللّاءِ عادَ عَتيقٌ لَها / وَرَدَّ عَلَيها اِبن خَطَّابها
فَأيّامُهُ من حُبُورٍ تَكادُ / يَطيرُ بِها فَرْطُ إِعجابِها
لَكَ الفَضلُ إِنْ رَاسَلتكَ الجيا / دُ وَقامَت أَدلّة أَنجابِها
إِذا اِعتَسَفَت هِمَمُ الجائرينَ / أَتَيتَ السِيادَةَ مِن بابِها
أَبوك أَبوها وَأَنتَ اِبنُها ال / عَريق وَدُميَةُ مِحرابِها
أَقولُ لِمُؤجِرِهِ بِالغرورِ / تَمَطَّت عواها فَأَهوى بِها
حَذارِ فَعندَ اِبتِسامِ الغُيو / ثِ تُخشى صَواعِقُ أَلهابِها
وَلا تُخْدَعُوا بِاِفتِرارِ اللّيُو / ثِ فَالنَّار في بَردِ أَنيابِها
هَيهاتَ يِعصِمُ مَن أَرَدتَ حِذارُ
هَيهاتَ يِعصِمُ مَن أَرَدتَ حِذارُ / أَنّى وَمن أَوهاقِكَ الأقدارُ
طَلَعَت عَلَيكَ بِجُوسِلين ذَريعَةٌ / لا سَحلَ أَنشاها وَلا إِمرارُ
وَسَعادةً ما زِلتَ تُمْرَى خَلفَها / فَيَشِفُ وهوَ النّاتِقُ المِدْرارُ
فَأَرَتْكَ ما يَجني الوفيَّ وفاؤُه / وَأَرته كَيفَ يُحيَّن الغدّارُ
عُودٌ أَمَرّ على أَبارك طَلْعُهُ / فَأُحيلَ ذاكَ البرّ وهوَ بَوارُ
ما زِلتَ تَنعَمُ وَهوَ يكفُر عاتِياً / وَاللَّه يَهدِمُ ما بنى الكفَّارُ
حَتّى أَتاحَ لِقَومِهِ ما جَرّهُ / لِثَمُود مِن عقرِ الفَصيل قدارُ
أَسرى فَأَصبَحَ في بَراثِنِ آسِرٍ / ما زالَ يُدْمي ظُفْرهُ الأَظفارُ
سامٍ كَقَرنِ الشمسِ يَقبِسُ نورُهُ / وتُغضّ دونَ مَحلِّه الأَبصارُ
يَهَبُ التِلادَ مِنَ البِلادِ وَما حَوَت / إِنَّ السّماحَة لِلبِحارِ بِحارُ
يَقظانُ يَخشى اللَّه في خَلَواتِهِ / لا مُترفٌ لاهٍ ولا جبّارُ
نَصَبَ المُراقِب لِلعَواقِبِ ناظراً / فيها كَذلِك تُربَأ الأَبرارُ
لا كَالّذينَ تَعَجَّلوا حَسواتُها / وَتَفلسوها بَعدُ وَهيَ خَسارُ
دَرَجوا وَأدرجَ في مَلفِّ رُفاتِهِم / سَوأَى تُساءُ لِذِكرِها الآثارُ
وَالمَرءُ مَن يُطْوَى فيَنشرُ طَيّهُ / ما أَودَعَتهُ صُدورها الأَخيارُ
قُل لِلأُلَى ناموا على نَأماتِهِ / ما كُلُّ هبّةِ بارحٍ إِعصارُ
لا تَأمَنوا في اللَّه بَطشَةَ ثائِرٍ / للَّهِ مِلء سَريرِهِ أَسرارُ
صافٍ إِذا كَدَرَ المَعادنُ عادِلٌ / إِنْ حافَ حُكّامُ المُلوكِ وَجاروا
أَعْلَى أَبوهُ لَهُ النِّجاد وَشيدَ في / صَهَواتِها مِمّا اِبتَناهُ مَنارُ
مَحمودٌ المَحمودُ آثاراً إِذا / نَظمَت على جيدِ الدُّجَى الأَسمارُ
دانَت لَهُ الأيّامُ صاغِرَةً كَما / دانَت لَهُ في ظِلّهِ الأَمصارُ
هِمَمٌ تُحِلَّكَ كلَّ يومٍ رتبةً / تَسري فَيُصبح دونَما الأَقمارُ
وَمَطامِح في العِزِّ إِذ هِيَ صوّبت / فَلَهُنَّ في الفَلَك الأثيرِ قرارُ
ما المُلك إِلّا ما حَواهُ نِجادُهُ
ما المُلك إِلّا ما حَواهُ نِجادُهُ /
وَتدينُ حُسَّدُهُ لِمُحْكَمِ آيِهِ / وَالفَضلُ ما شَهِدت بِهِ حُسّادُهُ
شَمسٌ إِذا ما الحَربُ زَرَّ جُيوبَها / حَلَّ المَعاقِدَ كَرُّهُ وطِرادُهُ
ألْوَى أَلَدّ حَمى الشَريعَة جهدُهُ / وَأَذلَّ ناصِيَة الضّلالِ جهادُهُ
صعقَ البِرِنْسُ وَقَد تَلَألأ برقُه / وَأَطارَ ساكِنَ جَأشِهِ إِرعادُهُ
وَلَّى وَقَد سُلَّت فَسَلَّت ضَغنُهُ / زُبر تَلقّى فَودَهُنَّ فُؤادُهُ
مُستَلئِماً مُستسلِماً لا عدَّةٌ / ردّ المُنَى عَنهُ وَلا اِستِعدادُهُ
وَلِجوسِلين اِحتَثَّهُنّ فَأَصبَحَت / نُهْبَى لَهُنَّ بلادُه وتلادُهُ
جاءَت بِهِ بَعدَ الشّماسِ عَوابسٌ / قودٌ يَلين لِعُنفِهِنَّ قيادُهُ
وَتَصيَّدَتْهُ لَكَ السُّعود وقلّما / يَنجو بِخَيرٍ مَن أَرَدت مصادهُ
دانى لَهُ قيناهُ أَدهَم كُلَّما / غَنّاه طارَ شماتةً عوّادُهُ
سَلَبَت عزازَ عَزاءِهِ وبِقُورُسٍ / مَحجوبة فَرَشَت لَه أَقتادُهُ
وَبِتلِّ خالدٍ يَوم تَلَّ جَبينَها / خَلَطَ الثَّرَى بِجَبينِهِ إِخلادُهُ
وَغداً يُباشِرُ تَلَّ باشِرَ قَلبُهُ / بِأَحرّ ما حَمَل القلوبَ عِدادُهُ
مَنَّتْ أَمانيهِ بَشائِرك الّتي / عادَت لَهُنَّ مآتِماً أعيادُهُ
وحَبَوْتَ مُلْكَكَ من نظيم ثُغُورهِ / حَلْياً تَتَايَه تَحتَهُ أَجيادُهُ
لا يَخْدَعَنْكَ فإنّما إِصلاحُ مَن / يُخشَى انتشاط خناقه إفسادُهُ
أَنزِلهُ حيثُ قَضت لَهُ غَدراتُهُ / وأَحَلّه طُغيانه وعنادُهُ
في حِيثُ لا يَأوي لَهُ سَجّانُهُ / حَنَقاً وَيكشطُ جِلدُهُ جَلّادُهُ
وَثَنٌ هَدَمتَ بَني الضّلالِ بِهَدمِهِ / وَعَدت عبادك عَنوةٌ عبادُهُ
فَتَكَت بِهِ آياتُ مَنْ لِمُحَمَّدٍ / وَلِدِينِهِ إِبداؤُهُ وَعوادُهُ
أَو أَنشط البَلَدَ الحَرامَ تَواءَمَت / تُثْني عَلَيهِ تِلاعُهُ وَوِهادُهُ
وَلَوَ اَنَّ مِنبَرَهُ أَطاقَ تَكلُّماً / نَطَقَت بِباهرِ فَضلِهِ أَعوادُهُ
نامَ الخَليفَةُ وَاِستَطالَ لذَبّهِ / عَن سدّتَيهِ وَاِستطيرَ رُقادُهُ
رَجَعَت لَكَ العِزَّ القَديمَ سُيوفُهُ / ما زانَ رَونَقُ مائِها أَغمادُهُ
مِن بَعدِ ما نَعقَ الصّليبُ لِحِزبِهِ / وَرَأَيتَ زَرعَ المُلْكِ حانَ حَصادُهُ
أنَّى تُمِيلُ الحادثاتُ رِواقَهُ / بِهبوبِها وَاِبنُ العِمادِ عِمادُهُ
هِيَ الخَيلُ خَيرُ عَتادِ الكَريمِ
هِيَ الخَيلُ خَيرُ عَتادِ الكَريمِ / يُحَضِّرُ لِلهَمِّ إِحضارَها
ضَغمْت فَأَدْرَرت أَفواهَها / وَسِرت فَقَلَّمت أَظفارَها
إِلامَ وَلَم تُبقِ مِمّا غَزَوْتَ / قُلوباً تُكابِدُ إِذعارَها
أَما في مُفَصّلِ آيِ الْقِرا / عِ أَنْ تَضَعَ الحربُ أَوزارَها
عَسى أَن يُحمَّ لِهذا الحِما / مِ أَنْ يَتَوكَّرَ أَوكارَها
وَما يَوم مَن غلتهُ واحِدٌ / فَتودِعُهُ اللُّسْنُ أشعارَها
وَأَينَ المَقَاول ممّا فَعَلت / وَلَو شَفع القطر إِكثارَها
فَكَم أَجلَبَت خَلفَكَ الجافِخاتُ / فَصَلصَلَ فخرُك فخّارَها
أَعَدْتَ بِعَصركَ هذا الأَني / قِ فُتُوحَ النّبيِّ وأَعصارَها
فَواطَأتَ يا حَبَّذا أُحُدَيْهَا / وَأَسرَرتَ مِن بَدْر أَنوارها
وَكانَ مهاجرُها تابعيكَ / وَأَنصارُ رأيكَ أَنصارَها
فَجَدَّدْتَ إِسلامَ سَلمانِها / وَعَمَّر جدُّك عُمَّارها
وَما يَومَ إِنّب إلّا كَتي / كَ بَل طالَ بِالبوعِ أَشبارها
وَأَيّامكَ الغرُّ مِن بَعدِهِ / تُعيد إلى الطَّيّ أغرارَها
وَلَمّا هَبَبتَ ببُصْرَى سَمَكت / بِأهباءِ خَيلِك أَبصارَها
وَيومٌ عَلى الجَوْنِ جَون السّرا / ة عزّ فسعّطَها عارَها
صَدَمتَ عُرَيْمَتَها صَدمةً / أَذابَت مَعَ الماءِ أَحجارَها
فَصبَّحْتَ بِالخَمسِ أَحفاضَها / ومَسَّيْت بِالخَمس أَبكارَها
وَفي تَلِّ باشِر باشَرْتَهُم / بِزَحْفٍ تَسَوَّر أَسوارَها
وَإِنْ دَالَكتهم دُلُوك فَقَد / شَددت فصدّقت أخبارَها
وَشَبّ التَّدامر حتّى طَلعتَ / عليها فَوَلَّتْكَ أدبارَها
مَشاهِدُ مَشهورةٌ نَمنَمت / على صَفحَةِ الدّهرِ أَسطارَها
يَلذُّ الأَغانِيَ تَرجيعُها / وَتَستَسفِرُ السَّفْرُ أَسفارَها
بَنيت لِوَفدِ المُنَى كَعبَةً / تُجيرُ المُعلَّق أَستارها
مَلَكت الأراضي مُغْبَرَّةً / تَكادُ تُحَدِّثُ أخبارَها
فَمازِلت تدجنُ حتَّى مَحَوتَ / دُجاها وَشَعشعت أَنوارَها
وَصَلْتَ فَأَعزَزتَ مِسكينها / وصُلْتَ فأذْلَلْتَ جبّارها
وَصُغْتَ حُلىً مِن عُلاً أحكمت / عَلى عَنق الدَّهر أزرارَها
أَخليفَةَ اللَّه الَّذي ضَمِنَت لهُ
أَخليفَةَ اللَّه الَّذي ضَمِنَت لهُ / تَصديقَ واصِفِه سراةُ المِنبَرِ
لا المُستَطيلُ بِمصرَ ظلُّ قُصورِهِ / وَالمُستطالُ إِليهِ شقَّة صرصرِ
يا نورَ دينِ اللَّهِ وَابنَ عِمادِهِ / والكوثَرَ ابنِ الكَوثَرِ اِبنِ الكَوثرِ
صَفِّر بِحَدِّ السيفِ دارَ أَشائِبٍ / عَقلوا جيادَكَ عَن بناتِ الأصفَرِ
هُم شَيّدوا صَرْحَ النّفاقِ وَأَوقَدوا / ناراً تَحُشّ بِهم غَداً في المَحشَرِ
أَذكَوا بِجِلَّقَ حرّها وَاِستَشعَرَت / لَفَحاتُها بَينَ الصَّفا وَالمِشعَرِ
شَرَّدْتَهُم مِن خَلفِهِم مُستَنجِداً / ما ظاهَرَ الكُفَّار مَن لَم يَكفُرِ
لا تَعْفُ بَل شقّ الهُدى نَفسَ الَّذي اِد / درَع الضَّلالَ على أَغرَّ مشهّرِ
قَلّدهُ ما أَهدى عليّ لِمَرحب / فَلَقَد تَهَكَّم في الخِداعِ الخَيْبَري
ما الغُشُّ مِمّن أُمُّهُ نَصرانةٌ / لم تَخْتَتِنْ كالغشّ من متنصّرِ
أَذْكَتْ لَنا هَذي العَزائِمُ لا خَبَتْ / ما غارَ مِن سُنَن المُلوكِ الغُبَّرِ
إِثقابَ آراءِ المُعِزّ وَخَفقِ رايا / تِ العَزيزِ وَيَقظةِ المُسْتَنْصِرِ
شَمِّر فَقَد مَدّت إِلَيكَ رِقابَها / لا يُدرِكُ الغايات غَير مشمِّرِ
أَوَلَسْتَ مَن مَلَأ البَسيطةَ عدلُهُ / واجْتَبَّ بالمعروفِ أَنفَ المُنكرِ
حَدَبُ الأبِ البَرِّ الكبيرِ ورأفَةُ ال / أُمّ الحَفِيّةِ باليتيمِ الأَصغرِ
يا هَضْبَةَ الإسلامِ مَن يُعْصَم بها / يؤمن وَمَن يتولَّ عَنها يكفرِ
كانوا عَلى صَلبِ الصّليبِ سرادِقاً / أَنْبَتْ بُنَيَّته بِكُلِّ مذكّرِ
آثارُهُم نَجَسٌ أَذالَ المَسجِدَ ال / أقْصَى فصُنْ ما دنّسوهُ وطهّرِ
جارَ الخليلُ وَمَن بِغَزَّةِ هاشمٍ / بِلُهامِك المُتَدَمْشِق المُتمصِّرِ
بعَرَمْرَمٍ صَلَمَتْ وعاوِعُه عُرَى / أسماعَ جَيْحُون وسيف البربَرِ
يَفترُّ عَن ملكِ المُلوكِ مُنحّل الْ / أَنْواءِ بَل سَعدُ السُّعُودِ الأَكبرِ
عَن طاعِنِ الفُرسانِ غَير مكذّب / وَمُتمِّم الإِحسانِ غَير مكدّرِ
بَدرُ الجَحافِلِ وَالمَحافِلِ فارِسِ ال / آسادِ في غابِ الوَشيجِ الأَسمَرِ
مَلكٌ تَساوى النّاسُ في أَوصافِهِ / عُذِرَ المُقِلُّ وبان عجز المُكْثِرِ
يا أيُّها الملكُ المُنَادِي جُودُهُ / في سائِرِ الآفاقِ هل من مُعْسِرِ
إِنَّ القصائِدَ أَصبَحَتْ أَبكارُهَا / في ظلّ مُلْكِكَ غالياتِ الأمهرُ
إنْ كنتَ أحيَيْتَ ابنَ حمدانٍ لها / فَأَنا الَّذي غبرت في وَجهِ السّري
ولأَنْتَ أكرم من أُناسٍ نوّهوا / بِاِسمِ اِبنِ أَوسٍ واِستخصُّوا البُحْتُري
ذَلَّت لِدَولَتِك الرّقابُ ولا تزل / إِنْ تَغْزُ تغْنَم أو تقاتلْ تَظفرِ
أَبوكَ أبٌ لو كانَ للنّاسِ كلّهم
أَبوكَ أبٌ لو كانَ للنّاسِ كلّهم / أباً وَرَضوا وَطءَ النّجومِ لَفنّدوا
وما ماتَ حتَّى سَدّ ثلمَةَ مُلْكِهِ / بِكَ اللَّه ترمي ما رماهُ فَتَصردُ
صَدَمتَ ابنَ ذي اللُّغْدَيْنِ فَاِنحلَّ عِقدُهُ / وَكالسِّلكِ قَد أَمسى يَحلُّ وَيعقِدُ
يُقَلِّبُ خَلفَ السجفِ عَيناً سَخينَةً / وَيَبكي بِأُخرى ذاتِ شَترٍ وَيسهدُ
وَلا غَروَ قَد أَبقى أَبوهُ وَجدُّهُ / لَهُ كلَّ يَومٍ ثَوبَ عجْزٍ يُجَدَّدُ
فَيا راكِباً إِمّا عَرَضتَ فَبَلّغَنْ / يَبوتاً عَلى جيرون بِالذُّلِّ تعمّدُ
وَقُل لِمُبيرِ الدّينِ وهوَ مُجيرُهُ / بِزَعمٍ لَهُ وَجهُ الحَقيقَةِ أَزبدُ
حَمَلتَ الصّليبَ باغِياً وَنَبذتَهُ / وَثَغرُكَ مَطووس النَباتِ وأَدردُ
وَحارَبتَ حِزبَ اللَّه واللَّهُ ناصِرٌ / لِناصِرِهِ وَدينُ أَحمَدَ أَحمدُ
تَنَصَّرْتَ حيناً وَالبلاءُ مُوكل / ولابُدَّ مِن يَومٍ بِه تَتَهَوَّدُ
وَأَقسَمَ ما ذاقَ اليَهودُ بِإِيليَا / وَمَوضِعها مِن بُخْتُنَصَّرَ أسودُ
كَبَعضِ الَّذي جَرَّعتَهُ فَسَرطتهُ / وَأيَّدَ فيهِ مِن عماكَ المؤيَّدُ
وِلايَتُهُ عَزلٌ إِليكَ مُوَجَّهٌ / وَتَصفيحُهُ قَتْلٌ عَلَيكَ مُؤبّدُ
رَماكَ بِباقلّا دِمشقَ فَلَم تَكُن / سِوى بَقلَةٍ حَمقاءَ بالحُمْقِ تُحْصَدُ
وَجالَدت جَلّاداً وَأَنتَ مُؤنَّثٌ / تَذَكّرْت وَالجلّادُ أَدهى وَأَجلدُ
تَطاوَلتَ لِأَنفُس تسمّى ولا أبٌ / وَراءَكَ زَحفاً إِنّما أَنتَ مُقْعَدُ
أَمَسْعاةَ نورِ الدّينِ تَبغي وَدونَها ال / أَسِنَّةُ بُتْرٌ وَالعَوامِلُ تعضدُ
بِمَحمودٍ المَحمود سَيفاً وَساعِداً / حملتَ لَقد ناجَتكَ صُمّاً مؤيّدُ
وَهَل يَستوي سارٍ تَأسّد طاوِياً / وَنَشوانَ يُعْلَى مِعصَماً وَيُؤيّدُ
تَنَصَّرتَ أُمّاً بَل تَمجَّسْتَ والِداً / وَعَمّاً فعِرْقُ الكُفْرِ فيك مردّدُ
تَخِذتَ بني الصّوفيِّ أسراً وأُسرةً / لِكَي يُصلِحوا ما في يَديكَ فَأَفسَدوا
لَعَمْري لَنِعْمَ العَبدُ أَنتَ تُجيعُه ال / مَوالي وتُوليه هواناً فَيحمدُ
إِلَيكُم بَني العلّاتِ عَن مُتشاوسٍ / لَه الشّامُ مَرفا وَالعِراقُ مَرفدُ
وَما مِصرُ إِلّا بَعضُ أَمصارِهِ الَّتي / إِلى أَمرِهِ تَسعى قماءً وتَحفدُ
أَنيبوا إِليهِ فَهوَ أَرحمُ قادرٍ / لَهُ الصَّفحُ دينٌ وَاِقبَلوا النُّصْحَ تَرْشدُوا
وَلا تَرشفوا نَفثَ المُؤيّد إنّهُ / عَنِ الخَيرِ يزوي أَو إِلى المَيْنِ يسندُ
وَفِرُّوا إلى مَولاكُم وَالَّذي لَهُ / عَلَيكم أيادٍ وَسْمُهَا لَيسَ يُجحدُ
وَلا تَكفُروهُ إِنَّما أَنتُم لَهُ / وَمِنهُ وَيَوم عِندَ حَوْرانَ يُشهدُ
غَداةَ عَلى الجَوْلان جَول وَلِلظّبا / رُعودٌ فَربص المَوتِ مِنهُنَّ يرعدُ
وَلَمّا اِكْفَهرَّ اليوم وَاِرْبَدَّ وَجهُهُ / وَعَوّذَ مَرهونٌ وَفَرّ مزيدُ
وَأَيقَنَ مِن بَينِ السُّدَيْرِ وَجاسِمٍ / بِأَنَّ الجِرارَ السُّود بِالجرّد تجردُ
رَدَتهم على بُصْرَى وصرخد خيلُه / وقد أبصرت بُصْرَى رادَها وصرخدُ
وَطاروا تَهزُّ المُرهِفاتِ طِلابُهم / كَما اِنصاعَ مِن أُسدِ نَعامٍ مُشرّدُ
وَلَيلَةَ أَلقى الشركُ بِالمَرجِ بركهُ / وَمارِجِ نِيرانِ الوَغى تَتَوقَّدُ
رَمى وَأَخوهُ مَغرِبَ الشَمسِ دونَكم / بِمَشرِقِها غَضبانَ يَعْدو وَيسئدُ
فَمُذ وَرَدَت ماءَ الأُرَنْطِ مُغِذَّةً / أثارت بثَوْرَا غَلَّةً ليس تبردُ
أيا سَيف شامَتْهُ يدُ الملكِ صارِماً / فَيمهَدُ إذ يَسْري ويَسْري فَيَهمدُ
دِمَشقَ دِمَشقَ إِنّما القُدسُ سَرحَةٌ / وَمَركَزُها صَرْحٌ عَلَيها مُمَرَّدُ
حَموها لِكَي يَحموا وَقَد بَلَغَ المَدى / بِهِم أَجَلٌ حَتمٌ وعُمْرٌ محدَّدُ
مَتى أَنا راءٍ طائرَ الفَتحِ صادِحاً / يُرَفرِفُ في أَرجائِها وَيُغرَّدُ