المجموع : 380
في القلب من حَرِّ الصبابة نارُ
في القلب من حَرِّ الصبابة نارُ / جَمرٌ عليه مَهابةٌ ووقارُ
لعب الهوى بجوارحي فَأَذابَها / فالقلب بين حشا الضلوع مُعَارُ
إن قلت قابله ماهون قبله / غُلِبَ العَزاءُ فما لَدَيَّ قَرارُ
قد كان في تلف المحبِّ بحبِّه / قبل الذي سلفت به الأشعارُ
ذهبتُ أطلبُ ألفاظاً أُخاطِبُهُ
ذهبتُ أطلبُ ألفاظاً أُخاطِبُهُ / وقد شُغِلتُ بعينٍ تشتهي النَّظَرا
وكلما حارَ طرفي في محاسنه / لأَشتَفي منه قال الحُسنُ كيف ترى
هذا الذي ابتدع الرحمن صُورَتَهُ / فلا تفاوُتَ فيه فارجعِ البَصَرا
فقلت ما قال قبلي نسوةٌ بصرت / بيوسف الحسن ما هذا الفتى بَشرا
يبدو فتحسبه بالحسن متعجراً / بالطيب مرتدياً باللين مؤتزرا
لو تقدح النارُ من خديه لانقدحت / أو يقطر الماء من أطرافه قطرا
فلا تكن كدرَ الأخلاق يا أملي / فيُصبح الصَّفوُ من ذا كلِّه كدرا
إن السياسة يُرجى خير صاحبها / كالبَرق يأمل فيه الزارعُ المَطَرا
وأنت غير غَنيٍّ عن أخي ثقةٍ / ولا غَنَاءَ لقَوسٍ تعدم الوَتَرا
زِدنا فإنّا شكرنا حسن فِعلكم / وقد يُزَادُ على الإحسان مَن شكرا
أيا شَبيهَ الذي باعُوه إخوتُه
أيا شَبيهَ الذي باعُوه إخوتُه / ويا سَمِيَّ الذي ألقَوهُ في النارِ
لولا مَلاحةُ قَدٍّ منك تُعجبني / وحُسن طرفٍ مليح اللَّحظ سَحّارِ
وحاجِبَينِ وأصداغٍ معقربةٍ / وطرةٍ جعدةٍ سوداء كالقارِ
ما كنتُ أرعى نجوم الليل مُكتئباً / ولا بكيتُ بدمعٍ واكفٍ جاري
إن كنتَ قد حُلتَ عن وَصلي بلا جُرُمٍ / فاللَهُ يُنصِفني من كلِّ غَدّارِ
وشادنٍ مُختصَرِ الخَصرِ
وشادنٍ مُختصَرِ الخَصرِ / مُكحَّل الأجفان بالسحرِ
كأنَّ ماء الحُسن في خدِّهِ / ماءُ النَّدى يُمزَجُ بالخَمرِ
وقُبلة منه على غفلةٍ / زيادةٌ في مُدَّةِ العُمرِ
لاحَظنَني بالوعد أجفانُهُ / فَصدَّق الظنَّ به فكري
في ليلةٍ صلى كها زاهرٌ / تصغر عنه ليلةُ القَدرِ
أنظُرُ في البدرِ لعلّي به / أُسكِّنُ اللوعةَ في صدري
والقلب يأبى أن يكن سالياً / عن مُشبهٍ للبدر بالبدرِ
حتّى إذا جاوَزَ ميعادنا / والدمع يجري حذرَ الفَجرِ
أقبل والحَيرةُ في عينه / شاهِدَةٌ تشهد بالعُذرِ
والخَجَل الظاهر في خدِّه / قد زاده زَهراً على زهرِ
يلتمِس العَفوَ على ما مضى / فيما جَنى بالنَّظَر الشَّزرِ
الآنَ لمّا بدا في وجهكَ الشَّعَرُ
الآنَ لمّا بدا في وجهكَ الشَّعَرُ / رأيتُ فيك الذي قد كنتُ أنتظِرُ
شبهت وجهك من نورٍ ومن ظُلَمٍ / بُرجاً تلاقى به التِّنين والقمرُ
يقولون قد أخفى محاسنَهُ الشَعرُ
يقولون قد أخفى محاسنَهُ الشَعرُ / فهيهات هل يخفى على الظُّلمة البَدرُ
كم بين أرضٍ قِفارٍ لا نباتَ بها / وأرضٍ اُخرى عليها النبت والزهرُ
اعلَم بأنَّ مسرَّتي
اعلَم بأنَّ مسرَّتي / لو كان فيها ما يَضرُّكْ
لَتَركتُ ذلك واتَّبَع / تُ مضرَّتي فيما يسرُّكْ
أما لو كنتُ مُهدِيَ ملكِ مِصرٍ
أما لو كنتُ مُهدِيَ ملكِ مِصرٍ / إليك لَقَلَّ عن مقدار شُكرِكْ
فأهديتُ القليلَ ببسط أُنسي / وأسألك القبول بِبَسط عذرِكْ
لولا مَدامعُ عُشّاقٍ ولَوعتُهم
لولا مَدامعُ عُشّاقٍ ولَوعتُهم / لَبَانَ في الخَلق غيرُ الماءِ والنارِ
وكلُّ نارٍ فمن أنفاسِهم قدحت / وكل ماءٍ فمن دمعٍ لهم جاري
كلُّ العَذاب الذي في النار مُستَرَقٌ / ممّا بقلبيَ من شوقٍ وتَذكارِ
وكلُّ ما في جنان الخلد يَجمَع لي / في الوصل ما بين لذّاتي وأوطاري
فغُصَّة البُعد لا شَيءٌ يُقاس بها / ولذَّة الوصل جازت كلَّ مقدارِ
يا سيِّدي كيف كنتَ في سَفَرِكْ
يا سيِّدي كيف كنتَ في سَفَرِكْ / مازال قلبي يهيمُ في أثَرِكْ
تركتَني مفرداً أخا شَجَنٍ / وقاكَ ربّي وزادَ في عُمُرِك
بلَّغكَ اللَهُ كلَّ ما كنتَ تَه / واهُ وما قد تحبُّ من وَطَرِك
يقتبس البدرُ من سنا وجهكَ ال / مُشرقِ والليل حَلَّ في شَعرِك
أمّا السَّماء فما فيها سوى قمرٍ
أمّا السَّماء فما فيها سوى قمرٍ / فيا مُهيمن كم في الأرض من قَمَرِ
قد كنتُ أسمع عنه قبل رؤيتهِ / ببعض ذا ليس رأيُ العَين كالخَبَرِ
مِنِّيَ تُقياً ومنكَ مَكرُ
مِنِّيَ تُقياً ومنكَ مَكرُ / وفِيَّ بلوىً وفيك صَبرُ
ما لَكَ في الظُّلم والتعدِّي / عُذرٌ ولي في هواكَ عُذرُ
أنتَ غَزالٌ وأنت غُصنٌ / وأنتَ ليلٌ وأنت بَدرُ
تُبدي لنا نرجساً وورداً / حَشوهما فِتنةٌ وسِحرُ
بخَمرِ عَينيك في فؤادي / من قبل سُكر المدام سُكرُ
يا نَدِيماً نادمتُ فيه السُّرورا
يا نَدِيماً نادمتُ فيه السُّرورا / بأبي أنتَ مُلهياً وسميرا
بِغناءٍ يبثُّ دُرّاً نظيماً / وحديثٍ يبثُّ درّاً نثيرا
أنت لو لم تكن بُعِثتَ الى اللَّهْ / وِ رَسُولاً لم أنطق الطنبورا
لم يَزَل ناطقاً يُناغيكَ حتّى / كادت الأرضُ تحتنا أن تَمُورا
فلو اَنَّ البحور خمرٌ لدينا / وتَغَنَّيتَ لارتَشَفنا البحورا
قصرَ الليلُ إذ حَدَوتَ مطايا / هُ فأسرعنَ إذ طَوَينَ المَسيرا
كم أستغيثُ وكم أشكو وأعتذرُ
كم أستغيثُ وكم أشكو وأعتذرُ / وكم أنُوحُ وكم آتي وكم أذَرُ
لو كنتُ أشكو صباباتي إلى حجرٍ / لكان أو كاد لي من عنده الظفرُ
أفنيت عمري في شُكرٍ ومعذرةٍ / من غير ذنبٍ فهلا كنتَ تَغتفِرُ
تَذلَّل لمن تهوى تكن واجِدَ العِزِّ
تَذلَّل لمن تهوى تكن واجِدَ العِزِّ / فما غير مَن تهوى لقلبِكَ من حِرزِ
فإن خِفتَ من عين الرَّقيب فَعُذ به / وسَلِّم إليه بالإشارة والغَمزِ
ولا تُوقِظَن هجرانَه بعيادةٍ / فما تقطع الأسيافُ إلا على الحَزِّ
لستَ ترى ذا الفقار مُذكَّراً
لستَ ترى ذا الفقار مُذكَّراً / إلا إذا يُذكرُ الفتى حيدَرْ
جازَ أبو القاسم المَديحَ عُلاً / وقَدرُه في المَديح لا يُقدَرْ
شكرتُه من أخٍ ومِصر تُرى / مُخصِبَةً إذ بِجُوده تُمطَرْ
أَشعَرُ في مَدحِه ومَن أودَع ال / نِعمَةَ من يستحقها أشعَرْ
مَن يجعلِ الفضلَ في مواطنه / فذاك في كل موطنٍ يُشكَرْ
لولا أُناس يقوم شكرُهُمُ / بالجود كاد البخيل أن يُعذَرْ
لازلتَ حيّاً كذا الوليُّ لك ال / فائز دَوماً والشانئ الأبتَرْ
بدت لوداعٍ والتجمُّل سترُها
بدت لوداعٍ والتجمُّل سترُها / فزال لإشفاق التفرُّق هجرُها
فتاةٌ كأن الصبح يجلوه وجهُها / لنا وكأن الليل يدجيه شَعرُها
فلو أبصَرَتها أُمَّةٌ ثَنَويَّةٌ / لكان إله القوم ما ضمَّ خِدرُها
نفى حُسنُها عنها العتابَ لأنها / إذا ما أساءت كان في الحُسن عُذرُها
لقد زال طيبُ العيش عنّي لفقدها / كما زال عنها للتفجُّع كِبرُها
ولمّا تسارقنا الوداعَ تخالُساً / لعَيني رقيبٍ يغلب الليلَ خزرُها
جرى ماءُ جفنَيها على نار خدِّها / فصار لظاها في فؤادي وجمرُها
لقد قلَّ صبري بعدها وتجلُّدي / فيا ليت شعري بعدنا كيف صبرُها
فأصبحتُ حيرانَ الفؤاد لفُرقَةٍ / أُقاسي هَناةً ليس يجمل ذكرُها
وما افتقرت نفسي إذا كان إنما / يلوذ بإخوان التَّديُّنِ فقرُها
فكلُّ مُحبّي آل أحمد أنجمٌ / وآلُ أبيك السادةُ الغُرُّ زُهرُها
إذا اختلفت بالأكرمين مجالسٌ / فإنك في كلِّ المجالس صدرُها
وإن كنتَ في شرخ الشباب هلالها / فإنك في مستكمل القَدرِ بدرُها
تخلَّقتَ أخلاقاً هي الخمر لذَّةً / وطيباً ولكن في الصَّبابة سُكرُها
وليس قبيحاً سكرة اللهو بالفتى / ولا سيَّما والظَّرف والشَّكل خمرُها
وكان وصيُّ المصطفى خيرةِ الورى / له مزحات ينثر الأُنسَ نَشرُها
تَلَقّى العَوافي بالأيادي فإنها / مآثرُ لا يعفو على الدهر أثرُها
وتزكو الأيادي عند ذي الشكر مثل ما / تَضاعف في الأرض الزكيَّة بذرُها
مشاكلة الآداب والشكل فيهما / وسائل لا يُخشى من الحرِّ خَفرُها
فدُونَكها بِكر المعاني زففتُها / عروساً ومن خير العرائس بكرُها
إذا نحن قلنا طال عمرُك أيقنت / بذاك المعالي أنَّ عمرك عمرُها
حَسَنٌ تكامل في المحاسن فاغتدى
حَسَنٌ تكامل في المحاسن فاغتدى / لكماله في الحسن أوحدَ عصرِهِ
واللَهِ ما أدري بأيِّ صفاته / أسَرَ القلوبَ فأُوثقت في أسرِهِ
أبوجهه أم شَعرِه أم نحرِهِ / أم قدِّه أم ردفه أم خصرِهِ
اللَهُ صيَّره خليفةَ شمسِه / فينا وأغنانا به عن بدرِهِ
خَلقٌ وخُلقٌ زيَّناه وذلَّلا / عزَّ النفوس لنهيه ولأمرِهِ
بصيانةٍ في أُنسه وتواضعٍ / في نيله وبشاشةٍ في كِبرِهِ
في طرفه سحرٌ يُشحِّطُنا به / فلذاك حُمرة خدِّه من قَطرِهِ
لو جاء ناظرُه ببابل لاعترت / هارُوتَ أو ماروتَ أُخذةُ سحرِهِ
لو أنَّ ذا القَرنَين في ظلماته / لاقاه يضحك لاستضاء بثغرِهِ
إني لأحسبني إذا استَنكَهتُه / ملكٌ تطلَّع في جِرابة عطرِهِ
قد ظَنَّ بي ظنّاً ولا وحياته / ما كان بل قد ظنَّه في سكرِهِ
إنَّ الوفاء ديانةٌ ولقد يُرى / غَدرُ الفَتى أخزى له من كُفرِهِ
أأمسُّه بنقيصةٍ لِم ذا ولو / مُلِّكتُ عمري زدتُه في عُمرِهِ
سيّان عندي نائمٌ في نومه / يُجنى عليه وميِّت في قَبرِهِ
إن كُنتُ رُمتُ خيانةً في وصله / جعل الإلهُ منيَّتي في هَجرِهِ
لو متُّ وجداً ما غدَرتُ بعهدِ مَن / أسَلُ الإلهَ كفايةً من غَدرِهِ
وإذا ابتذلتك يا مصون فكيف بي / بأخٍ أتِيهُ بصونه وبسترِهِ
إني أُجلُّك عن توهُّمك الخَنى / وأُجلُّ فاك بأن يفوه بذكرِهِ
من غير خُبرٍ تدَّعي ما تدَّعي / وتردُّ حجَّةَ مخبرٍ عن خُبرِهِ
ما كانَ ذا مقدارَ قدرك عنده / كلا ولا مقدارَه في قَدرِهِ
مَن عينُه قطّ لم تلتذّ بالنظرِ
مَن عينُه قطّ لم تلتذّ بالنظرِ / فَلِم يُعَذِّبُها في العشق بالسَّهَرِ
أعمى يحنّ إلى مَن ليس ينظره / هذا لعمري من الآيات والعِبَرِ
والعشق أكبر أن تُحصى كبائرُهُ / لكنَّ عشق العَمى من أكبر الكُبَرِ
الحبُّ أعمى وذا أعمى يحبُّ وذا / على القياسَين أعمى القلب والبصَرِ
لو كان معشوقُه ذا منطقٍ حسنٍ / أو ملمسٍ ناعمٍ أو مفشأ عطرِ
قلنا يلذُّ بشمٍّ أو ملامسةٍ / أو مسمعٍ حين لا يلتذُّ بالنظرِ
لكنَّ معشوقه في اللمس من حَسَكٍ / واللفظِ من صخبٍ والشمِّ من قَذَرِ
لو كان ممَّن له في حسنه خَبَرٌ / قلنا له عشقه جهلاً على الخَبَرِ
ما عشق من ليس يدري أن منيته / في صورة القردِ أو في صورة القَمَرِ
أعمى يُغَنَّى إذا ما الشوق أقلَقَه / عيني أُديرُ فما لي لا أرى القمر
مُتَنَصِّرٌ صبغ الهوى جسمي به
مُتَنَصِّرٌ صبغ الهوى جسمي به / فأذابَ قلبي في الهوى تَذكارُهُ
فكأنَّني من صُفرةٍ غِسلينُه / وكأنَّني من دقَّةٍ زُنّارُهُ
وإذا جحدتُ هواه أو أنكرتُهُ / شهدت عَليَّ من الهوى آثارُهُ