القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل الصَّغير الكل
المجموع : 141
تشرينُ مهرُ المعالي ما نثرتَ على
تشرينُ مهرُ المعالي ما نثرتَ على / حدّ الظُّبى ومثارُ النقعِ قد لفَحا
منحتها مهج الأحرارِ داميةً / كذلك فليَمنحِ الأوطان من منحا
من كل ريحانةٍ يندى الحياءُ بها / فإن تثرها أثرت الفاتكَ الوقحا
نشوانُ يهزَأُ بالجلى فإن عبست / له المنايا أراها العابث المرحا
يكاد يغتالهُ فرطُ النحول فلا / تدري أشخصاً رأت عيناك أم شبحا
حتى إذا انقضّ قلتَ السيف منجرِداً / والليثُ محتدما والسيل مكتسحا
يُخضّب الشوك من كفي ومن كبدي / دم عليه جنيّ الورد قد نفحا
ألبستُ تشرين منهُ يوم مولده / ألا تراه بلونش الورد متشِحا
عرسٌ أهازيجهُ حمرٌ وأكؤسهُ / يرويك مغتبقا منها ومصطبحا
أرزيّةٌ يعربياتٌ شمائلها / لو قبلت أبكماً في ثغره فصحا
لكنه وطنٌ فديتُ مهجته / بمهجتي نبذَ الأحرار واطّرحا
سقيت ريحانهُ من مدمعي ودمي / هذا إذا انهلَ أو هذا إذا انسفحا
شطران قلبيَ شطرٌ للمقيمِ بهِد / على الوفاء وشطرٌ للذي نزَحا
تشرين قل للتشارين التي سلفَت / لنا عتابٌ ولا نرضاه إن جرحا
اسمى وأكرمُ عفو أنت مانحهُ / عفو الذبيح عن السيف الذي ذبحا
كم ضحكةٍ تشكو الشفاهُ أوارَها
كم ضحكةٍ تشكو الشفاهُ أوارَها / تبدو لعينكَ ديمَةً تتَرقرَقُ
ومُصَفّقٍ بيدَيهِ قلتُ له اتَّئِد / أو خلّ قلبكَ في الضلوع يُصَفقُ
عجباً لشاعرِ أمةِ حسناتهُ / في جيدها ويكافَأُ المتَمَلِّقُ
ولسان صدق لم يزايل غمدَهُ / إلا ومن قتلاهُ رأيٌ أحمقُ
وشمائلٌ حسدَ الضحى لمعانها / وكسا الرياض أريجها والرونقُ
نفس الكريم على الخصاصةِ والأذى / هي في الفضاء مع النسور تحلّق
بردى، نظمتَ لنا الزمانَ قصائداً
بردى، نظمتَ لنا الزمانَ قصائداً / بيضاً وحُمْراً منْ ندىً وصفاحِ
في كلِّ رابيةٍ وكلِّ حنيةٍ / عصماءُ تسطعُ بالشذا الفواحِ
وعلى الضفافِ، إذا تموجتِ الضحى / لونانِ منْ أرَجٍ ومنْ تصَداحِ
والغُصنُ، في حِضنِ الرياضِ، وسادةٌ / نمتْ على عُنُقَينِ منْ تُفَّاحِ
متلازمينِ، توجَّسا إثمَ الهوى / فتخوَّفا طرفَ الضحى اللماحِ
كمْ وقفةٍ لي في ذراكَ وجولةٍ / شعريةٍ، وهوى الشآمِ سلاحي
فدَّيتُ ليلكَ، والكواكبُ في يدي / ولثمتُ بدرك، والضياءُ وشاحي
ليلٌ حريريُّ النسيجِ، كأنهُ / شكوى الهوى وصبابةُ الملتاحِ
باكرتُها، والزهرُ يَشْرَقُ بالندى، / في فتيةٍ شُمِّ الأنوفِ صِباحِ
أهلُ الندى والبأْسِ، إنْ تنزلْ بهمْ / تنزلْ على عربٍ هناكَ فصاحِ
الشَّامُ منبتُهمْ، وكمْ منْ كوكبٍ / هادٍ، وكمْ منْ بلبلٍ صداحِ
نسلتهمُ أمضى السيوفِ، فهذهِ / لابنِ الوليدِ وتلكَ للجراحِ
وطنٌ أعارَ الخلدَ بعضَ فتونهِ / وسقى المكارمَ فَضلةَ الأقداحِ
والشمسُ، فوقَ سهولهِ ونجودهِ، / عربيةُ الإمساءِ والإصباحِ‏
عودوا إلى تلك القرى فلقد
عودوا إلى تلك القرى فلقد / سلختكم عن قلبها المدن
الذكريات على مقادسها / الأم والأخوات والسكن
قبل الطفولة في ترائبها / ليت الحياة لبعضها ثمن
تحت الدوالي ملعب بهج / عند الظهيرة والربى وُكن
فدت العيونُ النجل أجمعها / عينا تدفق ماؤها الهتن
تأوي الطيور إلى أظلتها / ويظل يلثم كفها الغصُن
تَرِد الصبايا بالجرار وقد / عادت على أكتافها المزن
تلك اللبؤات التي عمرت / بشبولها الأجمات والعُرُن
لبنان لبنان الحبيب خوى / لا البيت لا البستان لا العطن
خلت المرابط من سوابقها / وتثاءبت بحبالها الأُنن
الجانيان القاسيان على / (شيخ الربى) بيروت والسفن
قالوا السياسة قلت هل نبتت / إلا على لهواتها المحن
قالوا الوظائف قلت هل نحرت / إلا بها الأخلاق والفطن
قالوا المدارس قلت ثابتة / خضراء إلا أنها دمن
أين الألوف من الشباب وما / قبسوه من علم وما خزنوا
ماتوا بعلمهمُ فما طبخوا / منه ولا طحنوا ولا عجنوا
الأرض أطهر والمحارث من / عيش على أدرانه الدر
لبنان ما فعل الزمان بنا / سله أما لحروبه هدن
يغدو عليه بأوجهٍ كلحت / فمتى ينوّر وجهك الحسنِ
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ
لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ / واستقلّتْ لكَ الدموعَ المآتمْ
ودّ لو يفتديكَ صقرُ قريشٍ / بالخوافي، من الردى، والقوادم
دارَ هولُ المصابِ حتى احتوى / الكو نَ، كما دار بالأصابع خاتم
فإذا البحرُ مثقلُ الصدْرِ بالأَحْ / زانِ، والأفقُ شاحبُ الوجهِ ساهم
وإذا أنتَ ، لا ترى غيرَ رأسٍ / مُطرِقٍ وارمِ المحاجرِ واجم
أسْنِدوا «البيتَ» بالصدور، فقد ما / دَ، وخانتْ جدرانهنَّ الدَّعائم
وامنعوا «القبرَ» أن يلمَّ به النا / عي، فينعى إلى «الرسول» القاسم
عرفتْ قدركَ العيونُ فأغضتْ / واستعارتْ لها عيونَ الفواطم
فطغى مصرعُ «الحسينِ» على الشَّرْ / قِ، وشُدّتْ على الرماح العمائم
واكتسى مفرقُ الجهادِ جمالاً / بالأكاليل من ذؤابة هاشم
فيصلَ العُرْبِ، ما هززناكَ / إلا بالجفونِ المقرَّحات السواجم
بالمنى الذابلاتِ، بالأمل الدا / مي، بثُكل الهوى، بفقد المراهم
فهززنا، لما هززناكَ، دنيا من / جمالٍ وجنَّةٍ من مَراحم
قل لتلك العهودِ في رَهَج الحَرْ / بِ، وفي سكرة القنا والغلاصم
قد لمحناكَ في عيون الثعالي / ولمسناكَ في جلود الأراقم
َّثونا عن الحقوق فلمّا كبَّر / النصرُ ، أعوزتْنا التراجم
نفحتْنا بها الحروبُ سلاماً / ورمانا بها السلامُ أداهم
قُلْ - وقُيتَ العِثارَ - في ندوة القَوْ / مِ، متى أصبح الحليفُ مُخاصِم؟
أين ذاك الهيامُ في أول الحبْ / بِ، وتلك الموشّحاتُ النواعم؟...
كدتُ أخشى عليكمُ تلفَ النفْ / سِ ببان اللِّوى وظبْي الصرائم
علِّمونا كيف الشفاءُ من الحبْ / بِ، فما يستوي جهولٌ وعالمْ
واذكروا عهدَنا القديم، فقِدماً / بخل الدهرُ بالصديق الملائمْ..
إنَّ تحت الصدورِ جذوةَ مَوْتو / رٍ، وخلف الحدودِ زأْرَة ناقم
ليس في الدهر أوَّلٌ وأخيرٌ / فالبداياتُ كنَّ قبلاً خواتم
لو أفاد العتابُ، ملنا على النفْ / سِ بما لا تطيقهُ نفسُ نادم
أخذتنا الدنيا بما زيّنتْهُ من أمانٍ، / ونحن بعدُ براعمْ
وعلِقْتم من عهدهم بسرابٍ / كمْ سُمومٍ تحت الشفاهِ البواسم
هفوةٌ ، جرَّها الزمانُ علينا لا / ملومٌ أنا، ولا أنا لائم
ذلك الليلُ في السنين الخوالي / سوف يغدو فجرَ السنين القوادم
للتجاريب في الأمور يداها رُبَّ / بانٍ ما كان بالأمس هادم
رجَّةٌ ، أجفلَ الكواسرُ منها ورمى / الذُّعرُ في العرين الضراغم
واشرأبّ الوجودُ، ينظر للنَّسْ / رِ على ذروة العروبة جاثم
مدَّ فوق الثرى جناحاً وألقى / شامخاً ما له من الموت عاصم
حاملاً ملء ثوبه من جراحا / تِ الليالي، ومنْ غبار الملاحم
يُطبق الناظِرَيْن، إلا بقايا من / شعاعٍ حول المحاجر هائم
هكذا مصرعُ النسورِ: وِسادٌ / من جلالٍ وقبةٌ من طلاسم
قد حملنا الشآمَ من طرفيهِ / فوق بحرٍ من الأسى مُتلاطِم
وسفحنا في «دجلةٍ» قلبَ «لبنا / نَ»، وأجفانَه الهوامي الهوائم
خذْ بهمس القلوبِ في أذن الحُبْ / بِ، ودعْ عنكَ كاذباتِ المزاعمْ
نَسِيَتْ نوحَها الحمائمُ في الدَّوْ / حِ، فجاءت تُصغي إليَّ الحمائم
ومن النَّوْح ما يهزّكَ للعَطْ / فِ، ومنه المدمدِماتُ الهوادم
أيها النيلُ يا حبيبَ الرياحين
أيها النيلُ يا حبيبَ الرياحين / عيونُ الأزهارِ نسجُ عيونك
حسدتكَ الأنهارُ حين أتاها / أن آمونَ من هواك وطينك
إملأ الشاطئَينِ حُبّا وشعرا / فجناحُ الهوى شراعُ سفينك
لَثَمَ الدهرث راحيتكَ / وغنى عبقري الألحان تحت غصونك
ويح الفقير فما تراه يلاقي
ويح الفقير فما تراه يلاقي / سُدّت عليه منافذُ الأرزاق
عصفت به وبريحه سرب الشقا / فتساقطوا كتساقط الأوراق
فإذا بصرت به عجبت لشمعة / كالزعفران تجول في الأسواق
أخذ الشقا يدها فسارت خلفه / والليل ممدود على الآفاق
وتلوح آثار النعيم بخدها / كالفجر قبل تكامل الإشراق
يا رب قالت وهي جاثية له / إن شئت حلّ من الحياة وثاقي
قد عشت عمري ما عرفت بريبة / وعبدت بعدك عفتي وخلاقي
والآن والأيام ملأى بالأذى / قد أصبحت وقرا على الأعناق
زوجي يحارب في التخوم وطفلتي / فوق الفراش تزيد في إرهاقي
من أمها تبغي الغذاء لجسمها / من أمها تبغي الدواء الواقي
وطرقت أبواب الكرام فأوصدوا / أبوابهم فرجعت بالإخفاق
سام الفتى عرضي فيالك من فتى / كاسي الغنى عار عن الأخلاق
هب أن أختك والزمان أصابها / مثلي أصابت سافل الأعراق
أفكان سرك أن ترى إحسانه / ثمن العفاف لضمة وعناق
إن الريال غنى ولكن عفتي / فوق الغنى ونفائس الأعلاق
أأصون عرضي وابنتي وحياتها / وعلاجها يحتاج للإنفاق
أنا إن أعف قتلتها فعلام / لا تحيا بماء تعففي المهراق
لا لا تموت فإنها لبريئة / حسناء ما شبت عن الأطواق
إني مفارقة ابنتي أو عفتي / فعلى كلا الحالين مرّ فراق
والذنب للأيام في حدثانها / والذنب للأخلاق غير رواقي
رباه حلمك فالمصائب جمة / وأنا بواحدة يضيق نطاقي
لو شئتُ موتا لابنتي لأخذتها / وجعلت طهري قدوة لرفاقي
لكن أردت بقاءها وأردت لي / فقري أتظمئني وأنت الساقي
ستعيش بنتي وليكن ما شأته / ستعيش لكن من لهى العشاق
ومشت لموعده بماء جفونها / القرحى وجمر فؤادها الخفاق
لو صوروا اللؤم الذميم فمثلوا / ذاك الفتى عدّوا من الحذاق
ترعى السفالة في مجاهل قلبه / وتطل إن شبعت من الآماق
ومتى يحاول حجب مكنوناته / يلبس محياه حجاب نفاق
حتى إذا اختليا انثنى بوصالها / وقد انثنت برياله البراق
قنص الفتاة بفقرها وشقائها / وبما تكابد من أسى وتلاقي
رجعت وفي يدها الريال ورأسها / لحيائها متواصل الإطراق
وكأنها خطرت لها ابنتها وما / تلقاه من ألم الطوى المقلاق
فأصابها مثل الجنون فتمتمت / بشراك إني عدت بالترياق
هو ذا الريال فإنه نعم الذي يهب / الشفاء لنا ونعم الراق
هو ذا الريال وقد تألق ماحق / دجن الهموم وقد أردن محاقي
هو ذا الريال ولم يكن لولا ابنتي / ليسومني نكراً على الإطلاق
ومضت إلى الطباخ تلجم ما بها / لفتاتها من لاعج الأشواق
قالت وأعطته الريال ألا اعطتني / بعض الغذا واردد علي الباقي
أسرع فإنك إن تأخرني تذق / من جوعها بنتي أمر مذاق
نقف الريال بإصبعيه وجسّه / وإنهال بالإرعاد والإبراق
قبحا لوجهك.... سيدي أتسبني! / عفوا وتحسبني من السراق
لا فالريال مزيف ...أمزيف؟ / صاحت وقد سقطت من الإرهاق
سقطت على قدم الشقا فبكت لها / عين العلى ومكارم الأخلاق
وبكى عفاف الآنسات عفافها / خلل السجوف بمدمع مهراق
يا طير عفتها فديتك طائرا / هلا حذرت حبائل الفساق
طلعت عليها الشمس وهي سجية / وفتاتها ضيف على الأسواق
أما الأثيم فلا تزال شباكه / منصوبة لنواعس الأحداق
يسقي الرحيق بأكؤس ولواحظ / والله يكلأ (وهو نعم الواقي)
أينَ مِنْ مُقْلَتِي الكَرَى يا ظَلَام
أينَ مِنْ مُقْلَتِي الكَرَى يا ظَلَام / أَنْصَفَ الليل والخَلِيُّونَ نامُوا
مَسَحَتْ راحةُ الكَرَى أعيُنَ الناس / فَنَامَتْ وَنَامَ فيها الغرامُ
وأنا تذكرُ الضِّيَاءَ عُيُونِي / مثلما يَذْكُرُ الغُصُونَ الحَمامُ
يا نسيمَ الدُّجى اللطيفِ احتَمِلنِي / لِيَ عهدٌ عند النسيمِ لِزَامُ
كُلُّنا ناحِلٌ فأنت بَرَاكَ الله / لَكِنْ أنا بَرَانِي السَّقَامُ
اِحْتَمِلنِي وَلَا تَخَفْ بِي مَلَاماً / مَا عَلَى صَانِعِ الجَميلِ مَلامُ
اِحِتَمِلنِي تَحمِلْ بَقِيَّةَ رُوحٍ / تَرَكَتْهَا لِشَقْوَتِي الآلامُ
يا نسيم الدُّجُى الحَرِيرَ تَمَوَّجْ / أَطْيَبُ الماءِ ما سَقَاهُ الغَمَام
من لي بمعبدَ وابنِ
من لي بمعبدَ وابنِ / عاشئةٍ ومالك والغريضِ
برئاسة ابن سريجَ / ملتئمين في الروض الأريض
وبشاعرِ الغيد ابن / مخزومٍ ونابغةِ القريض
في مثل ليلات الوليد / نقول للكاسات فيضي
بين الكواعب من حباب / والنواهد من بغيضِ
يخطرن تيها في غلائلهن / من حمر وبيضِ
فإذا نظرنَ فعَن مريض / وإذا بسمنَ فعن وميض
عش هكذا يوماً / وتستغني عن العمر العريض
خليلي كيفَ أنسى عهدَ كنا
خليلي كيفَ أنسى عهدَ كنا / وقد نسجَ الشبابُ لنا وحاكا
تطوف بنا مجنّحةُ الأماني / فتعبثُ في مفارقها يداكا
وكم أفقٍ هناك يفيضُ سحرا / كأنك قد طبعتَ عليه فاكا
ذكرتُك والصبا حلو العشايا / وقد غنى اليراعُ على هواكا
وكم طيرٍ تسلى عن هواهُ / إذا غنى الأمين زقى وزاكا
وودّ لو أنهُ وترٌ حنونٌ / يسيل على بنانكَ أو صداكا
ذكرتكُ تملأ الآفاقُ باسمي / فتنفضحُني الزهور شذا شذاكا
إذا أنشدتُ قافيَةً بقُطر / جعلت طرازَ بردتها ثناكا
فيا ذكرى الأحبةِ مات قلبي / فإني لا أحسّ له حراكا
ورُبّ أخ رأى فرجاً بذّمي / فقلتُ رضيت ذمّك لو شفاكا
غذا غنى حماة الحق شعري / فكم غنى البشامة والأراكا
يطِلّ به الزمان على الليالي / شعاعا من هناك ومن هناكا
حسناء، أي فتى رأت تصد
حسناء، أي فتى رأت تصد / قتلى الهوى فيها بلا عدد
بصرت به رث الثياب، بلا / مأوى بلا أهل بلا بلد
فتخيرته، وكان شافعه / لطف الغزال وقوة الأسد
ورأى الفتى الآمال باسمة / في وجهها، لفؤاده الكمد
والمال ملء يديه، ينفقه / متشفياً إنفاق ذي حرد
ظمآن والأهواء جارية / كالسلسبيل، مسى يرد يرد
روض من اللذات، طيبة / أثماره، خلو من الرصد
نعم أفانين، يكاد لها / يختال من غلواه في برد
ماضيه، لو يدري بحاضره / رغم الأخوة مات من حسد
سكران، والكاسات شاهدة / إن الكؤوس لها من العدد
سكران لا يصحو كسكرته / أمساً، وسكرته غداة غد
سكران، وهي تزقه قبلاً / ويزقها، وإذا تزد يزد
سكران، وهي تمص من دمه / وتريه قلب الأم للولد
سكران، حتى رأسه أبداً / لا يستقر لكثرة الميد
قالت له: نم، نم لفجر غد / ضع رأسك الواهي على كبدي
نم، لا تسلط يا حبيب على / مخمور جسمك قلة الجلد
عيناك متعبتان من سهر / ويداك راجفتان من جهد
لا، لا أنام ولا أذوق كرى، / إن النهار مضى ولم يعد
لا أنام و لا أذوق كرى، / أنا لست من يحيا لفجر غد
سلمى، أحس النار سائة / بدمي، وتجري معه في جسدي
وأحس قلبي فاغراً فمه / للحب، للذات، للرغد
إن ضاع يومي، ما أسفت على / خضر الربيع وزرقة الجلد
نم لا تكابر، كاد رأسك أن / يهوي بكأسك، غير أن يدي
يهوي !نعم يا فتنتي ومنى / نفسي، وزهرة جنة الخلد
يهوي ! .. ولم لا، والشباب ذوى / وعلى شبابي كان معتمدي
لم تبق لي من، سوى رمق / متراوح في أضلع همد
رباه مذ يومين كنت فتى / لي قوتي وشبيبتي وغدي
واليوم، أسرع للبلى، وأنا / لم أبلغ العشرين أو أكد
سلماي إنك أنت قاتلي / فجميل جسمك مدفني الأبدي
وطويل شعرك صار لي كفناً / كفن الشباب ذوى وكان ندي
سلمى اطفئي الأنوار وافتتحي / هذي الكوى لنسائم جدد
ودعي شعاع الشمس يضحك لي / فشعاعها يرد على كبدي
ودعي أريج الزهر ينعشني / وهديل طر الأيكة الغرد
أنا، إن قضيت هوى، فلا طلعت / شمس الضحى بعدي على أحد
أنا إن قتلتك كيف تحفظني / إن صح زعمك، حقظ مقتصد
أو كنت مت لليلتي جهد / يا مهجتي خفف ولا تزد
لا، أنت محييتي ومنقذتي / من عيشي المتنكر النكد
أفأنت قاتلتي ؟ كذبت أنا، / لولاك كنت أذل من وتد
لكنما العشاق، عادتهم / ذكر المنايا ذكر مفتئد
يبكون من جزع للذتهم / أن لا تكون طويلة الأمد
قلبي لقلبك خافق أبداً / ويظل يخفق غير متئد
إن كان ذاك، فهذه شفتي / من يشتعل في الحب يبترد
وتصافحا فتعانقا فهما / روحان خافقتان في جسد
نهبا أويقات الصفاء، وقد / عكفا عليهما عكف مجتهد
وترشفا كأس الغرام، وما / تركا بها من نهلة لصدي
ومشى الهوى بهما كعادته، / والبحر لا يخلو من الزبد ...
سنة مضت، فإذا خرجت إلى / ذاك الطريق بظاهر البلد
ولفت وجهك يمنة، فترى / وجهاً متى تذكره ترتعد :
هذا الفتى في الأمس، صار إلى / رجل هزيل الجسم منجرد
متلجلج الألفاظ مضطرب / متواصل الأنفاس مطرد
متجعد الخدين من سرف / متكسر الجفنين من سهد
عيناه عالقتان في نفق / كسراج كوخ نصف متقد
أو كالحباحب، باخ لامعه، / يبدو من الوجنات في خدد
تهتز أنمله، فتحسبها / ورق الخريف أصيب بالبرد
ويكاد يحمله، لما تركت / منه الصبابة، مخلب الصرد
يمشي بعلته على مهل / فكأنه يمشي على قصد
ويمج أحياناً دماً. فعلى / منديله قطع من الكبد
قطع تآبين مفجعة / مكتوبة بدم بغير يد
قطع تقول له: تموت غداً / وإذا ترق، تقول: بعد غد
والموت أرحم زائر لفتى / متزمل بالداء مغتمد
قد كان منتحراً، لو أن له / شبه القوى في جسمه الخصد
لكنه ، والداء ينهشه، / كالشلو بين مخالب الأسد
جلد على الآلام، ينجده / طلل الشباب ودارس الصيد
أين التي علقت به غصناً / حلو المجاني ناضر الملد
أين التي كانت تقول له: / ضع رأسك الواهي على كبدي؟
مات الفتى ، فأقيم في جدث / مستوحش الأرجاء منفرد
متجلل بالفقر، مؤتزر / بالنبت من متيبس وندي
وتزوره حيناً، فتؤنسه / بعض الطيور بصوتها الغرد
آه ياهندُ لوترينْ
آه ياهندُ لوترينْ / موقفي بين حائطينْ
لايحيران أخرسينْ / وعلى الخدِ دمعتينْ
انصف الليل والأنامْ / كلهم كلهم نيامْ
وأنا يشهد الغرامْ / بعتُ للسُهد ناظرينْ
أبدا" ساهر" كئيبْ / لا صديق ولا حبيبْ
ومع الليل لي نحيبْ / كنحيب الحمامتينْ
ولقد خيم السكون / ونجوم السما عيون
فتمنيت أن نكون / في سما الحب نجمتين
ليتنا والهوى أمانْ / بالجناحين طائرانْ
فأذا ضمنا مكانْ / ضمً قلبين عاشقينْ
يا لأحلامي العِذابْ / ذابلاتٌ مع الشبابْ
فكأًن المنى ضبابْ / يتلاشى بِنفختينْ
لَم يعُد في السراجِ زيتْ / وكما ينطفي انطفيتْ
فأنا الأن مثل ميْتْ / مالهُ غيرُ ساعتينْ
إسقنيها، بأبي أنت وأمي
إسقنيها، بأبي أنت وأمي / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
إملإ الكأس ابتساما وغراما / فلقد نام الندامى و الخزامى
زحم الصبح الظلاما فإلاما.. / قم ننهنه شفتينا
ونذوب مهجتينا / رضي الحب علينا يا حبيبي
بابي أنت وأمي إسقنيها / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
غني واسكب غناك ولماك / في فمي، فديت فاك، هل أراك
وعلى قلبي يداك ورضاك / هكذا أهل الغزل
كلما خافوا الملل / أنعشوه بالقبل يا حبيبي
إسقنيها، بأبي أنت وأمي / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
صبها من شفتيك في شفتيا / ثم غرق ناظريك في ناظريا
واختصرها، ما عليك أو عليا / إن تكن أنت أنا،
وجعلنا الزمنا / قطر في كأسنا يا حبيبي
إسقنيها، بأبي أنت وأمي / لا لتجلو الهم عني، أنت همي
أترى يذكرونه أم نسوه
أترى يذكرونه أم نسوه / هم سقوه الهوى وهم أسكروه
عللوه فكان أقتل شيء / ذلك الصد بعدما عللوه
عمرك الله هل عرفت فؤاداً / كفؤادي عليه جار ذووه
ليتهم يذكرون ليلة كنا / و الهوى نحن أمه و أبوه
و عيون النجوم ترنو إلينا / و لسان الدجى يكاد يفوه
و النسيم الخفيف يلهو بثوبينا / كطفل أهلوه ما هذبوه
ورشفنا كأس الحميا فباحت / بالذي في الصدور منا الوجوه
قلت أهواك يا ملاكي فردت / مقلتاه لكن تلعثم فوه
إن كان لا بد من مدحٍ تُنَمّقهُ
إن كان لا بد من مدحٍ تُنَمّقهُ / فامدح لنا الورد أو فامدح لنا القدحا
من يسرقُ الخُبزَ إنقاذا لصبيبتهِ / أحق بالعذر ممن يسرق المِدَحا
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ
سقطَ السيفُ بعد طول الضرابِ / من يدِ المجد أحمرَ الجلبابِ
فهوَت أمةٌ عليه تُفَديهِ / بمنخوبِ شيبها والشبابِ
تتلوّى تحت المصاب وتصغي / لحديثِ الدموع في الأهدابِ
مأتمٌ في الخدودِ للأدمعِ الحمراء / ما بينَ مستهِلّ وخابِ
يتعَثّرن تارةً بالذي جفّ / وحينا يطفونَ طفوَ الحَبابِ
خطباءُ المآتمِ الخرسُ هذا / ذو اقتضابٍ وذاك ذو إسهابِ
كبقايا جيشٍ كسيح من الشهب / ترامى الشهاب إثرَ الشهاب
أبلغُ الشعرِ دمعةٌ تتلَظّى / فوق خدّ لا صفحةٌ في كتابِ
أطغى البحرُ ذو العباب على العربِ / فَلَفّ القصورَ بالأطنابِ
أم هو الحشر يوم زلزلت الأرضُ / على صوت بوقها الصخّاب
سأل السيل نفسه ما سيولٌ / من شعوب سدّت عليّ شعابي
كنشاوى مدهدهين أراقوا / فضلات الحلومِ في الأكوابِ
سكرةُ الحزن سكرةٌ ليس يصحو / المرء منها ما دام فوق الترابِ
تتغذّى بالذكريات وتنمو / بمآسي الأوطان والأحباب
إي أبا طارقوعهدكَ بالأيام / عهد الكفاحِ والأوصابِ
اي دائيك كان أفتك بالجسم / وأورى لثورة الأعصاب
عزمةٌ تقطع الحديد وجسمٌ / في قميص من الضنى والعذاب
تتلاقى عليه آمال شعبٍ / بين دفع من دهرها وانجذاب
ما رأينا طيفا أخفّ من الظلّ / على كاهليه شمّ الهضاب
ليس يزري القراب من رونق السيف / إذا كان عبقريّ الذباب
كم نحول يشفّ عن نفس جبار / جريءٍ الفعال ضخم الرغاب
قوّة الروح والعقيدة جيشٌ / من لهيب وقائد من صواب
حقّرت قوةّ الجسوم وأزرَت / بالسرايا وعسكرت في الروابي
يا دماء الشباب ما أنت إلا / ذائب الطيب يا دماء الشباب
أدفقي رحمةً ونورا وكوني / جدول السفح أو هزارَ الغابِ
لا تضنّي على الحراب وإن آذتك / بل عطري رؤوس الحراب
إملئيها شذى كما يملأ الورد / يد الجارحيه بالأطياب
قطرةٌ منك بسمة في فم الرفق / تردّ السيوفَ وهي نوابِ
كل حق لم تسقهِ لضَياعٍ / كلّ صرح لم تبنِهِ لتَبابِ
كم سياج من الحديد تعفّى / وسياجٍ باقٍ من الآداب
شرِقَت مقلَةُ المنابرِ بالدمع / ورقّ المحرابُ للمحرابِ
والليالي عوابسٌ والأماني / تائهاتٌ على الفساح الرحاب
والعناقيد من أغان ومن شعر / تتلوّى على الثرى المخضاب
فحنا قلبيَ الجريحُ عليها / كحُنُوّ الندى على الأعشاب
أنا منها وقلبُ لبنان في / قلبي وأهدابهُ على أهدابي
مَنِ الناعبُ قبل الفجرِ
مَنِ الناعبُ قبل الفجرِ / من هذا على البابِ
أعيذُ القبحَ من قبحٍ / بأظفارٍ وأنيابِ
أقبلَ الشمس في الآف / اق والعصفور في الغابِ
وما زار الكرى جفني / ولم تعلقُهُ أهدابي
ولا غدّيت أطفالي / سوى همّي وأوصابي
فراشي يا وقاكَ الله من / ه بعضُ أعشابِ
وهذي كوبَتي الفخّ / ار ما فيها سوى صاب
فما تبغيهَ في باني / ومن أنت أنا الجابي
إليهي أي دهياء / يردّي مثلها مثلي
ويشكو فقرهُ قبوي / ويشكو محلهُ حقلي
وشاتي وهيَ أمّ البي / ت يشكو ضرعها طفلي
رويداً يا أخا الهيج / اء قد اسرفتَ في القتل
ألا تبقي على شيء / فمن يحيا بلا أكل
كفانا أننا نمشي / من البؤس بلا نعل
وأنا نمضغُ الموتَي / نش من ظلمٍ ومن ذلّ
فمن أغرى الرزايا بي / ومن أنت أنا الجابي
بربّ الأرزِ حدثني / أحقّا قولهُم حقا
بأن الناس في بيروت / لا تشقى كما نشقى
وأن الأتنَ والثيرانَ / تلقى العطفَ والرفقا
فإن صح الذي قالوا / أيرضى العدل ذا الفرقا
ويرضى صاحب السلطان / أن نفنى وأن يبقى
أللحكام ما نجني / متى كنا لهم رزقا
كذا يلقى الذي / يبتاع بالحريّة الرقا
فعد بالله عن بابي / وخذ ما شئت يا جابي
لمن ينساق هذا المال / قولي يا سما قولي
ايلولٌ على الأبواب / لا عشنا لأيلول
يباع الخبز في بيتي / لتزمير وتطبيل
وخنق الدمعة الحمراء / في كف الأباطيل
أيحيا عيد أيلول / على مليون مقتول
ولا يرثي ألو الأمر / لأشباح مهازيل
نيام بين توراة / وقرآن وإنجيل
فما في الغاب من ناب / فزمجِر أيها الجابي
ألا سيفٌ من الإيمانِ / يبري السيف مسنونا
يجلّي عن سما الأوطان / هذا الذل والهونا
يقود إلى جنون المج / د أبطالاً مجانينا
بقلب يحمل الآمال / والآلام والدينا
يهزّ القوم بالذكرة / وقد ينسى الفتى حينا
إذا أعطيت وعد الحرّ / كان الوعد مأمونا
ولكن ليسَ في الباب / سوى الجنديّ والجابي
شكت فقرها فبكت لؤلؤاً
شكت فقرها فبكت لؤلؤاً / تساقط من جفنها وانتثر
فقلت وعيني على دمعها / أفقر وعندك هذه الدرر
كفاني يا قلب ما أحمل
كفاني يا قلب ما أحمل / أفي كل يوم هوى أول
أيخلق منك جديد الهوى / فؤاد من السكر لا يعقل
له عثرة الطفل حول السرير / ودمعته البكر إذ يعول؟
أفي كل يوم لنا مرتع / وفي كل ثغر لنا منهل
كفى نهما لن يفر الجمال / و ترحل انت ولا يرحل
عذرتك يا قلب من للهوى / أنتركه بعدنا يذبل
سكتنا فما غرد العندليب / وتبنا فما غرد الجدول
إن كان أحلى الحبّ أولَ قبلةٍ
إن كان أحلى الحبّ أولَ قبلةٍ / ما ضرّهُ لو مات أولَ عمرهِ
كالزهرِ مات مكَفّناً بأريجهِ / ووَسيمِ نصرتِهِ ونشوَةِ طثهرِهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025