القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمَر بنُ أَبي رَبِيعة الكل
المجموع : 419
الريحُ تَسحَبُ أَذيالاً وَتَنشُرُها
الريحُ تَسحَبُ أَذيالاً وَتَنشُرُها / يا لَيتَني كُنتُ مِمَّن تَحسَبُ الريحُ
كَيما تَجُرَّ بِنا ذَيلاً فَتَطرَحنا / عَلى الَّتي دونَها مُغبَرَّةٌ سوحُ
أَنّى بِقُربِكُمُ أَم كَيفَ لي بِكُمُ / هَيهاتَ ذَلِكَ ما أَمسَت لَنا روحُ
فَلَيتَ ضِعفَ الَّذي أَلقى يَكونُ بِها / بَل لَيتَ ضِعفَ الَّذي أَلقى تَباريحُ
إِحدى بُنَيّاتِ عَمّى دونَ مَنزِلِها / أَرضٌ بِقيعانِها القَيصومُ وَالشيحُ
تَشُطُّ غَداً دارُ جيرانِنا
تَشُطُّ غَداً دارُ جيرانِنا / وَلَلَدّارُ بَعدَ غَدٍ أَبعَدُ
إِذا سَلَكَت غَمرَ ذي كِندَةِ / مَعَ الرَكبِ قَصدٌ لَها الفَرقَدُ
وَحَثَّ الحُداةُ بِها عَيرَها / سِراعاً إِذا ما وَنَت تُطرَدُ
هُنالِكَ إِمّا تُعَزّي الفُؤادَ / وَإِمّا عَلى إِثرِهِم يَكمَدُ
فَلَستُ بِبِدعٍ لَئِن دارُها / نَأَت فَالعَزاءُ إِذاً أَجلَدُ
صَرَمتُ وَواصَلتُ حَتّى عَلِم / تُ أَينَ المَصادِرُ وَالمَورِدُ
وَجَرَّبتُ مِن ذاكَ حَتّى عَرَف / تُ ما أَتَوَقّى وَما أَحمَدُ
دَعانِيَ مِن بَعدِ شَيبِ القَذا / لِ رِئمٌ لَهُ عُنُقٌ أَغيَدُ
وَعَينٌ تُصابي وَتَدعو الفَتى / لِما تَركُهُ لِلفَتى أَرشَدُ
فَتِلكَ الَّتي شَيَّعَتها الفَتاةُ / إِلى الخِدرِ قَلبي بِها مُقصَدُ
تَقولُ وَقَد جَدَّ مِن بَينِها / غَداةَ غَدٍ عاجِلٌ موفَدُ
أَلَستَ مُشَيِّعَنا لَيلَةً / تُقَضّي اللُبانَةَ أَو تَعهَدُ
فَقُلتُ بَلى قَلَّ عِندي لَكُم / كَلالُ المَطِيِّ إِذا تُجهَدُ
فَعودي إِلَيها فَقولي لَها / مَساءُ غَدٍ لَكُمُ مَوعِدُ
وَآيَةُ ذَلِكَ أَن تَسمَعي / إِذا جِئتُكُم ناشِداً يَنشُدُ
فَرُحنا سِراعاً وَراحَ الهَوى / إِلَيها دَليلاً بِنا يَقصِدُ
فَلَمّا دَنونا لِجَرسِ النِباحِ / إِذا الضَوءُ وَالحَيُّ لَم يَرقُدوا
نَأَينا عَنِ الحَيِّ حَتّى إِذا / تَوَدَّعَ مِن نارِها المَوقِدُ
وَناموا بَعَثنا لَنا ناشِداً / وَفي الحَيِّ بِغيَةُ مَن يَنشُدُ
فَقامَت فَقُلتُ بَدَت صورَةٌ / مِنَ الشَمسِ شَيَّعَها الأَسعَدُ
فَجاءَت تَهادى عَلى رِقبَةٍ / مِنَ الخَوفِ أَحشاؤُها تُرعَدُ
وَكَفَّت سَوابِقَ مِن عَبرَةٍ / عَلى الخَدِّ جالَ بِها الإِثمِدُ
تَقولُ وَتُظهِرُ وَجداً بِنا / وَوَجدي وَإِن أَظهَرَت أَوجَدُ
لَمِمّا شَقائي تَعَلَّقتُكُم / وَقَد كانَ لي عِندَكُم مَقعَدُ
عِراقِيَّةٌ وَتَهامى الهَوى / يَغورُ بِمَكَّةَ أَو يُنجِدُ
هَل أَنتَ إِن بَكَرَ الأَحِبَّةُ غادي
هَل أَنتَ إِن بَكَرَ الأَحِبَّةُ غادي / أَم قَبلَ ذَلِكَ مُدلَجٌ بِسَوادِ
كَيفَ الثَواءُ بِبَطنِ مَكَّةَ بَعدَما / هَمَّ الَّذينَ تُحِبُّ بِالإِنجادِ
هَمّوا بِبُعدٍ مِنكَ غَيرِ تَقَرُّبٍ / شَتّانَ بَينَ القُربِ وَالإِبعادِ
لا كَيفَ قَلبُكَ إِن ثَوَيتَ مُخامِراً / سَقَماً خِلافَهُمُ وَحُزنُكَ بادي
قَد كُنتَ قَبلُ وَهُم لِأَهلِكَ جيرَةٌ / صَبّاً تُطيفُ بِهِم كَأَنَّكَ صادي
هَيمانُ يَمنَعُهُ السُقاةُ حياضَهُم / حَيرانُ يَرقُبُ غَفلَةَ الوُرّادِ
فَالآنَ إِذ جُدَّ الرَحيلُ وَقُرِّبَت / بُزلُ الجِمالِ لِطِيَّةٍ وَبِعادِ
وَلَقَد أَرى أَن لَيسَ ذَلِكَ نافِعي / ما عِشتُ عِندَكِ في هَوىً وَوِدادِ
وَلَقَد مَنَحتُ الوُدَّ مِنّي لَم يَكُن / مِنكُم إِلَيَّ بِما فَعَلتُ أَيادي
إِنّي لَأَترُكُ مَن يَجودُ بِنَفسِهِ / وَمُوَكَّلٌ بِوِصالِ كُلِّ جَمادِ
يا لَيلَ إِنّي واصِلي أَو فَاِصرِمي / عَلِقَت بِحُبِّكُمُ بَناتُ فُؤادي
كَم قَد عَصيتُ إِلَيكِ مِن مُتَنَصِّحٍ / خانَ القَرابَةَ أَو أَعانَ أَعادي
وَتَنوفَةٍ أَرمي بِنَفسي عَرضَها / شَوقاً إِلَيكِ بِلا هِدايَةِ هادي
ما إِن بِها لي غَيرَ سَيفي صاحِبٌ / وَذِراعُ حَرفٍ كَالهِلالِ وِسادي
بِمُعَرَّسٍ فيهِ إِذا ما مَسَّهُ / جِلدي خُشونَةُ مَضجَعٍ وَبِعادِ
قَمنٍ مِنَ الحَدَثانِ تُمسي أُسدُهُ / هُدءَ الظَلامِ كَثيرَةَ الإيعادِ
بِالوَجدِ أَغدَرُ ما يَكونُ وَبِالبُكا / وَبِرِحلَةٍ مِن طِيَّةٍ وَبِلادِ
أَرسَلَت تَعتِبُ الرَبابُ وَقالَت
أَرسَلَت تَعتِبُ الرَبابُ وَقالَت / قَد أَتانا ما قُلتَ في الإِنشادِ
قُلتُ لا تَغضَبي فِدىً لَكِ قَولي / بِلِساني وَما يُجِنُّ فُؤادي
ثُمَّ لا تَغضَبي فِدىً لَكِ نَفسي / ثُمَّ أَهلي وَطارِفي وَتِلادي
إِن تَعودي تَكُن تِهامَةُ داري / وَبِنَجدٍ إِذا حَلَلتِ مَعادي
أَنتِ أَهوى إِلَيَّ مِن سَإِرِ النا / سِ ذَريني مِن كَثرَةِ التَعدادِ
طالَ لَيلي فَما أُحِسُّ رُقادي
طالَ لَيلي فَما أُحِسُّ رُقادي / وَاِعتَرَتني الهُمومُ بِالتَسهادِ
وَتَذَكَّرتُ قَولَ نُعمٍ وَكانَ ال / ذِكرُ مِنها مِمّا يَهيجُ فُؤادي
يَومَ قالَت لِتِربِها سائِليهِ / أَيُريدُ الرَواحُ أَم هُوَ غادي
وَاِحذَري أَن تَراكِ عَينٌ وَإِن لا / قَيتِ بَعضَ المُكَثِّرينَ الأَعادي
فَاِجعَلي عِلَّةً كِتاباً لَكِ اِستُح / مِلَ في ظاهِرٍ مِنَ السِرِّ بادي
ثُمَّ قولي كَفَرتَ يا أَكذَبَ النا / سِ جَميعاً مِن حاضِرينَ وَبادي
لَقَد أَرسَلَت في السِرِّ لَيلى تَلومُني
لَقَد أَرسَلَت في السِرِّ لَيلى تَلومُني / وَتَزعُمُني ذا مَلَّةٍ طَرِفاً جَلدا
تَقولُ لَقَد أَخلَفتَنا ما وَعَدتَنا / وَبِاللَهِ ما أَخلَفتُها طائِعاً وَعدا
فَقُلتُ مَروعاً لِلرَسولِ الَّذي أَتى / تَراهُ لَكَ الوَيلاتُ مِن أَمرِها جِدّا
إِذا جِئتَها فَاِقرَ السَلامَ وَقُل لَها / ذَرى الجَورَ لَيلى وَاِسلُكي مَنهَجاً قَصدا
تَعُدّينَ ذَنباً أَنتِ لَيلى جَنَيتِهِ / عَلَيَّ وَلا أُحصي ذُنوبَكُمُ عَدا
أَفي غَيبَتي عَنكُم لَيالٍ مَرَضتُها / تَزيديني لَيلى عَلى مَرَضي جَهدا
تَجاهَلُ ما قَد كانَ لَيلى كَأَنَّما / أُقاسي بِها مِن حَرَّةٍ حَجَراً صَلدا
فَلا تَحسَبي أَنّي تَمَكَّثتُ عَنكُمُ / وَنَفسي تَرى مِن مَكثِها عَنكُمُ بُدّا
وَلا أَنَّ قَلبي الدَهرَ يَسلى حَياتَهُ / وَلا رائِمٌ يَوماً سِوى وُدِّكُم وُدّا
أَلا فَاِعلَمي أَنّي أَشَدُّ صَبابَةً / وَأَحسَنُ عِندَ البَينِ مِن غَيرِنا عَهدا
غَداً يُكثِرُ الباكونَ مِنّا وَمِنكُمُ / وَتَزدادُ داري مِن دِيارِكُمُ بُعدا
فَإِن تَصرِميني لا أَرى الدَهرَ قُرَّةً / لِعَيني وَلا أَلقى سُروراً وَلا سَعدا
وَإِن شِئتِ حَرَّمتُ النِساءُ سِواكُمُ / وَإِن شِئتِ لَم أَطعَم نُقاخاً وَلا بَردا
وَإِن شِئتِ غُرنا نَحوَكُم ثُمَّ لَم نَزَل / بِمَكَّةَ حَتّى تَجلِسوا قابِلاً نَجدا
تِلكَ هِندٌ تَصُدُّ لِلهَجرِ صَدّا
تِلكَ هِندٌ تَصُدُّ لِلهَجرِ صَدّا / أَدَلالٌ أَم هَجرُ هِندٍ أَجَدّا
أَو لِتَنكا بِهِ كُلومَ فُؤادي / أَم أَرادَت قَتلي ضِراراً وَعَمدا
أَيُّها الناصِحُ الأَمينُ رَسولي / قُل لِهِندٍ مِنّي إِذا جِئتَ هِندا
يَعلَمُ اللَهُ أَن قَد أوتيتِ مِنّي / غَيرَ مَنٍّ لِذاكَ نُصحاً وَوِدّا
قَد بَراهُ وَشَفَّهُ الحُبُّ حَتّى / صارَ مِمّا بِهِ عِظاماً وَجِلدا
ما تَقَرَّبتُ بِالصَفاءِ لِأَدنو / مِنكِ إِلّا نَأَيتِ وَاِزدَدتِ بُعدا
قَد يُثَنّي عَنكِ الحَفيظَةُ حَتّى / لَم أَجِد مِن سُؤالِكِ اليَومَ بُدّا
فَاِرحَمي مُغرَماً بِحُبِّكِ لاقى / مِن جَوى الحُبِّ وَالحَفيظَةِ جَهدا
قَضى مِنشِرُ المَوتى عَلَيَّ قَضِيَّةً
قَضى مِنشِرُ المَوتى عَلَيَّ قَضِيَّةً / بِحُبِّكِ لَم أَملِك وَلَم آتِها عَمدا
فَلَيسَ لِقُربٍ بَعدَ قُربِكِ لَذَّةٌ / وَلَستُ أَرى نَأياً سِوى نَأيَكُم بُعدا
أُحِبُّ الأُلى يَأتونَ مِن نَحوِ أَرضِها / إِلَيَّ مِنَ الرُكبانِ أَقرَبُهُم عَهدا
فَما نَلتَقي مِن بَعدِ يَأسٍ وَهِجرَةٍ / وَصَدعِ النَوى إِلّا وَجَدتُ لَها بَردا
عَلى كَبِدٍ قَد كادَ يُبدي بِها النَوى / صُدوعاً وَبَعضُ الناسِ يَحسَبُني جَلدا
أَبلِغ سُلَيمى بِأَنَّ البَينَ قَد أَفِدا
أَبلِغ سُلَيمى بِأَنَّ البَينَ قَد أَفِدا / وَاِنبِئ سُلَيمى بِأَنّا رائِحونَ غَدا
وَقُل لَها كَيفَ أَن يَلقاكِ خالِيَةً / فَلَيسَ مَن بانَ لَم يَعهَد كَما عَهِدا
نَعهَد إِلَيكِ فَأَوفينا بِعَهدِنا / يا أَصدَقَ الناسِ مَوعوداً إِذا وَعَدا
وَأَحسَنَ الناسِ في عَيني وَأَجمَلَهُم / مِن ساكِنِ الغَورِ أَو مَن يَسكُنُ النَجدا
لَقَد حَلَفتُ يَميناً غَيرَ كاذِبَةٍ / صَبراً أُضاعِفُها يا سُكنَ مُجتَهِدا
بِاللَهِ ما نِمتُ مِن نَومٍ تَقَرُّ بِهِ / عَيني وَلا زالَ قَلبي بَعدَكُم كَمِدا
كَم بِالحَرامِ وَلَو كُنّا نُحالِفُهُ / مِن كاشِحٍ وَدَّ أَنّا لا نُرى أَبَدا
حُمِّلَ مِن بُغضِنا غِلّاً يُعالِجُهُ / فَقَد تَمَلّا عَلَينا قَلبُهُ حَسَدا
وَذاتِ وَجدٍ عَلَينا ما تَبوحُ بِهِ / تُحصي اللَيالي إِذا غِبنا لَنا عَدَدا
تَبكي عَلَينا إِذا ما أَهلُها غَفَلوا / وَتَكحَلُ العَينَ مِن وَجدٍ بِنا سَهَدا
حَريصَةٍ إِن تَكُفَّ الدَمعَ جاهِدَةً / فَما رَقا دَمعُ عَينَيها وَما جَمَدا
بَيضاءَ آنِسَةٍ لِلخِدرِ آلِفَةٍ / وَلَم تَكُن تَألَفُ الخَوخاتِ وَالسَدَدا
قامَت تَراءى عَلى خَوفٍ تُشَيِّعُني / مَشى الحَسيرِ المُزَجّى جُشِّمَ الصَعَدا
لَم تَبلُغِ البابَ حَتّى قالَ نِسوَتُها / مِن شِدَّةِ البُهرِ هَذا الجَهدُ فَاِتَّئدا
أَقعَدنَها وَبِنا ما قالَ ذو حَسَبٍ / صَبٌّ بِسَلمى إِذا ما أُقعِدَت قَعَدا
فَكانَ آخِرَ ما قالَت وَقَد قَعَدَت / أَن سَوفَ تُبدي لَهُنَّ الصَبرَ وَالجَلَدا
يا لَيلَةَ السَبتِ قَد زَوَّدتِني سَقَماً / حَتّى المَماتِ وَهَمّاً صَدَّعَ الكَبِدا
أَمسى بِأَسماءَ هَذا القَلبُ مَعمودا
أَمسى بِأَسماءَ هَذا القَلبُ مَعمودا / إِذا أَقولُ صَحا يَعتادُهُ عيدا
كَأَنَّني يَومَ أُمسي لا تُكَلِّمُني / ذو بُغيَةٍ يَبتَغي ما لَيسَ مَوجودا
أَجري عَلى مَوعِدٍ مِنها فَتُخلِفُني / فَما أَمَلُّ وَما تَوفى المَواعيدا
كَأَنَّ أَحوَرَ مِن غِزلانِ ذي بَقَرٍ / أَهدى لَها شَبَهَ العَينَينِ وَالجيدا
قامَت تَراءى وَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِنا / لِتَنكَأَ القَرحَ مِن قَلبٍ قَدِ اِصطيدا
بِمُشرِقٍ مِثلِ قَرنِ الشَمسِ بازِغَةً / وَمُسبَكِرٍّ عَلى لَبّاتِها سُوَدا
قَد طالَ مَطلي لَوَ أَنَّ اليَأسَ يَنفَعُني / أَو أَن أُصادِفَ مِن تِلقائِها جودا
فَلَيسَ تَبذُلُ لي عَفواً وَأُكرِمُها / مِن أَن تَرى عِندَنا في الحِرصِ تَشديدا
لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد
لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد / وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد
وَاِستَبَدَّت مَرَّةً واحِدَةً / إِنَّما العاجِزُ مَن لا يَستَبِد
زَعَموها سَأَلَت جاراتِها / وَتَعَرَّت ذاتَ يَومٍ تَبتَرِد
أَكَما يَنعَتُني تُبصِرنَني / عَمرَكُنَّ اللَهَ أَم لا يَقتَصِد
فَتَضاحَكنَ وَقَد قُلنَ لَها / حَسَنٌ في كُلِّ عَينٍ مَن تَوَد
حَسَدٌ حُمِّلنَهُ مِن أَجلِها / وَقَديماً كانَ في الناسِ الحَسَد
غادَةٌ تَفتَرُّ عَن أَشنَبِها / حينَ تَجلوهُ أَقاحٍ أَو بَرَد
وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما / حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد
طَفلَةٌ بارِدَةُ القَيظِ إِذا / مَعمَعانُ الصَيفِ أَضحى يَتَّقِد
سُخنَةُ المَشتى لِحافٌ لِلفَتى / تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد
وَلَقَد أَذكُرُ إِذ قُلتَ لَها / وَدُموعي فَوقَ خَدّي تَطَّرِد
قُلتُ مَن أَنتِ فَقالَت أَنا مَن / شَفَّهُ الوَجدُ وَأَبلاهُ الكَمَد
نَحنُ أَهلُ الخَيفِ مِن أَهلِ مِنىً / ما لِمَقتولٍ قَتَلناهُ قَوَد
قُلتُ أَهلاً أَنتُمُ بُغيَتُنا / فَتَسَمَّينَ فَقالَت أَنا هِند
إِنَّما خُبِّلَ قَلبي فَاِجتَوى / صَعدَةً في سابِرِيٍّ تَطَّرِد
إِنَّما أَهلُكِ جيرانٌ لَنا / إِنَّما نَحنُ وَهُم شَيءٌ أَحَد
حَدَّثوني أَنَّها لي نَفَثَت / عُقَداً يا حَبَّذا تِلكَ العُقَد
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا / ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد
يا صاحِ لا تَعذُل أَخاكَ فَإِنَّهُ
يا صاحِ لا تَعذُل أَخاكَ فَإِنَّهُ / ما لا تَرى مِن وَجدِ نَفسي أَوجَدُ
اللَهُ يَعلَمُ أَنَّني لَأَظُنُّني / إِن بِنتُمُ أُمَّ الوَليدِ سَأَكمَدُ
ما لي أَرى حُبَّ البَرِيَّةِ كُلِّها / عِندي يَبيدُ وَحُبُّكُم يَتَجَدَّدُ
وَإِذا أَقولُ سَلا تُجَدِّدُ ما بِهِ / مِنها عَقائِلُ حُبُّها المُتَرَدِّدُ
شَمسُ النَهارِ إِذا أَرادَت زَينَةٌ / وَالبَدرُ عاطِلَةً إِذا تَتَجَرَّدُ
كَلِفَ الفُؤادُ بِها فَلَيسَ يَصُدُّهُ / عَنها العَدُوُّ وَلا الصَديقُ المُرشِدُ
يا صاحِبَيَّ تَصَدَّعَت كِبدي
يا صاحِبَيَّ تَصَدَّعَت كِبدي / أَشكو الغَداةَ إِلَيكُما وَجدي
مِن حُبِّ جارِيَةٍ كَلِفتُ بِها / حَلَّت بِمَكَّةَ في بَني سَعدِ
حَلَّت بِمَكَّةَ وَالنَوى قُذُفٌ / هَيهاتَ مَكَّةُ مِن قُرى لُدِّ
لا دارُها داري فَتُسعِفَني / هَذا لَعَمرُكَ مِن شَقا جَدّي
وَاللَهِ لا أَنسى مَقالَتَها / حَتّى أُضَمَّنَ مَيِّتاً لَحدي
وَوَداعُها يَومَ الرَحيلِ وَقَد / زُمَّ المَطيُّ لِبَينِهِم تَخدي
وَالعَينُ واكِفَةٌ وَقَد خَضِلَت / مِمّا تُفيضُ عَوارِضُ الخَدِّ
اِذهَب فَدَيتُكَ غَيرَ مُبتَعِدٍ / لا كانَ هَذا آخِرَ العَهدِ
أَرِقتُ وَلَم أَملِك لِهَذا الهَوى رَدّا
أَرِقتُ وَلَم أَملِك لِهَذا الهَوى رَدّا / وَأَورَثَني حُبّي وَكِتمانُهُ جَهدا
كَتَمتُ الهَوى حَتّى بَراني وَشَفَّني / وَعَزَّيتُ قَلباً لا صَبوراً وَلا جَلدا
إِذا قُلتُ لا تَهلِك أَسىً وَصَبابَةً / عَصاني وَإِن عاتَبتُهُ زِدتُهُ جِدّا
وَإِنّي لَأَهواها وَأَصرِفُ جاهِداً / حِذارَ عُيونِ الناسِ عَن بَيتِها عَمدا
رَأَيتُكِ يَوماً فَاِقتَبَستُ حَرارَةً / فَيا لَيتَها كانَت عَلى كَبِدي بَردا
هَويتُكِ وَاِستَحلَتكِ نَفسي فَأَقبِلي / وَلا تَجعَلي تَقريبَنا مِنكُمُ بُعدا
يا صاحِ هَل تَدري وَقَد جَمَدَت
يا صاحِ هَل تَدري وَقَد جَمَدَت / عَيني بِما أَلقى مِنَ الوَجدِ
لَمّا رَأَيتُ ديارَها دَرَسَت / وَتَبَدَّلَت أَعلامَها بَعدي
وَذَكَرتُ مَجلِسَها وَمَجلِسَنا / ذاتَ العِشاءِ بِمَسقِطِ النَجدِ
وَرِسالَةٍ مِنها تُعاتِبُني / فَرَدَدتُ مَعتَبَةٍ عَلى هِندِ
أَن لا تَلومي في الخُروجِ فَما / أَسطيعُكُم إِلّا عَلى جَهدِ
وَاللَهِ وَالبَيتِ العَتيقِ لَقَد / ساوَيتِ عِندي جَنَّةَ الخُلدِ
فَاِعصي الوُشاةَ بِنا فَإِنَّ لَكُم / عِندي مَصافاةً عَلى عَمدِ
نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ غَيرَ موَسَّدِ أَ
نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ غَيرَ موَسَّدِ أَ / رَعى النُجومَ بِها كَفِعلِ الأَرمَدِ
حَتّى إِذا الجَوزاءُ وَهناً حَلَّقَت / وَعَلَت كَواكِبُها كَجَمرٍ موقَدِ
نامَ الأُلى لَيسَ الهَوى مِن شَأنِهِم / وَكَفاهُمُ الإِدلاجَ مَن لَم يَرقُد
في لَيلَةٍ طَخياءَ يُخشى هَولُها / ظَلماءَ مِن لَيلِ التَمامِ الأَسوَدِ
فَطَرَقتُ بابَ العامِريَّةِ موهِناً / فِعلَ الرَفيقِ أَتاهُمُ لِلمَوعِدِ
فَإِذا وَليدَتُها فَقُلتُ لَها اِفتَحي / لِمُتَيَّمٍ صَبِّ الفُؤادِ مُصَيَّدِ
فَتَفَرَّجَ البابانِ عَن ذي مِرَّةٍ / ماضٍ عَلى العِلّاتِ لَيسَ بِقُعدُدِ
فَتَجَهَّمَت لَمّا رَأَتني داخِلاً / بِتَلَهُّفٍ مِن قَولِها وَتَهَدُّدِ
ثُمَّ اِرعَوَت شَيئاً وَخَفَّضَ جَأشَها / بَعدَ الطُموحِ تَهَجُّدي وَتَوَدُّدي
في ذاكَ ما قَد قُلتُ إِنّي ماكِثٌ / عَشراً فَقالَت ما بَدا لَكَ فَاِقعُدِ
حَتّى إِذا ما العَشرَ جَنَّ ظَلامُها / قالَت أَلا حانَ التَفَرُّقُ فَاِعهَدِ
وَاِذكُر لَنا ما شِئتَ مِمّا تَشتَهي / وَاللَهِ لا نَعصيكَ أُخرى المُسنَدِ
إِنَّ الخَليطَ مُوَدِّعوكَ غَدا
إِنَّ الخَليطَ مُوَدِّعوكَ غَدا / قَد أَجمَعوا مِن بَينِهِم أَفَدا
وَأَراكَ إِن دارٌ بِهِم نَزَحَت / لا شَكَّ تَهلِكُ إِثرَهُم كَمَدا
ما هَكَذا أَحبَبتَ قَبلَهُمُ / مِمَّن يُجَدُّ وِصالُهُ أَحَدا
قالَت لِمِنصَفَةٍ تُراجِعُها / فَأَذابَ ما قَد قالَتِ الكَبِدا
الحَينُ ساقَ إِلى دِمِشقَ وَما / كانَت دِمِشقُ لِأَهلِنا بَلدا
إِلّا تَكاليفَ الشَقاءِ بِمَن / لَم تُمسِ مِنّا دارُهُ صَدَدا
مُتَنَقِّلاً ذا مَلَّةٍ طَرِفاً / لا يَستَقيمُ لِواصِلٍ أَبَدا
قالَت لِذاكَ جُزيتِ فَاِعتَرِفي / إِذ تَبعَثينَ بِكُتبِهِ البُرُدا
فَالأَنَ ذوقي ما جُزيتِ لَهُ / صَبراً لِما قَد جِئتِ مُعتَمِدا
إِنَّ المَليكَ أَبى بِقُدرَتِهِ / أَن تَعلَمي ما تَكسِبينَ غَدا
مَن لِقَلبٍ عِندَ الرَبابِ عَميدِ
مَن لِقَلبٍ عِندَ الرَبابِ عَميدِ / غَيرِ ما مُفتَدىً وَلا مَردودِ
قَرَّبَتهُ بِالوَعدِ حَتّى إِذا ما / تَبَّلَتهُ لَم توفِ بِالمَوعودِ
آنِسٌ دَلُّها قَريبٌ فَمَن يَس / مَع يَقُل ما نَوالُها بِبَعيدِ
وَالَّذي جَرَّبَ المَواعِدَ قَد يَع / لَمُ مِنها أَن لَن تُنيلَ بِجودِ
ثَلاثَةِ أَحجارٍ وَخَطٍّ خَطَطتِهِ
ثَلاثَةِ أَحجارٍ وَخَطٍّ خَطَطتِهِ / لَنا بِطَريقِ الغَورِ بِالمُتَنَجَّدِ
وَمَعمَلِ أَصحابي وَخَوصٍ ضَوامِرٍ / وَمَمشى إِلى البُستانِ يَوماً وَمَقعَدِ
وَرَشِّ الفَتاةِ الطَلُّ بِالأَبطَحِ الَّذي / جَلَسنا إِلَيهِ وَالمَطِيُّ بِأَقتُدِ
وَإِرسالِها لَمّا أُجِدَّ رَحيلُها / عَلى عَجِلٍ بادٍ مِنَ البَينِ موفِدِ
بِأَن بِت عَسى أَن يَستُرَ اللَيلُ مَقعَداً / وَيَغفُلَ عَنّا ذو الرَدى المُتَهَجِّدِ
أَلمِم بِزَينَبَ إِنَّ البَينَ قَد أَفِدا
أَلمِم بِزَينَبَ إِنَّ البَينَ قَد أَفِدا / قَلَّ الثَواءُ لَئِن كانَ الرَحيلُ غَدا
أَمسى العِراقِيُّ لا يَدري إِذا بَرَزَت / مَن ذا تَطَوَّفَ بِالأَركانِ أَو سَجَدا
لَعَمرُها ما أَراني إِن نَوىً نَزَحَت / وَدامَ ذا الحُبُّ إِلّا قاتِلي كَمَدا
بَكرٌ دَعا فَأَتى عَمداً لِشَقوَتِهِ / ما جاءَ مِن ذاكَ إِن غَيّاً وَإِن رَشَدا
مَن يَنهَ يُعصَ وَمَن يَحسِد وَلا وَأَبي / ما ضَرَّني مَن وَشى عِندي وَمَن حَسَدا
هَذا يُقَرِّبُهُ مِنها وَعَبرَتُها / يَومَ الفِراقِ فَما أَرعى وَما اِقتَصَدا
قَد حَلَفَت لَيلَةَ الصَورَينِ جاهِدَةً / وَما عَلى المَرءِ إِلّا الحَلفُ مُجتَهِدا
لِتِربِها وَلَأُخرى مِن مَناصِفِها / لَقَد وَجَدتُ بِهِ فَوقَ الَّذي وَجَدا
لَو جُمِّعَ الناسُ ثُمَّ اِختيرَ صَفوَتُهُم / شَخصاً مِنَ الناسِ لَم أَعدِل بِهِ أَحَدا
وَقَد نَهَيتُ فُؤادي عَن تَطَلُّبِها / فَاِغتَشَّني وَأَتى ما شاءَ مُعتَمِدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025