القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كاظِم الأُزْري الكل
المجموع : 137
لا تزرعنَّ سوى نبات عوال
لا تزرعنَّ سوى نبات عوال / إن العلى ثمر القنا العسّالِ
وإذا الليالي حاربتك صروفها / فألبس لتلك الحرب صبر رجال
كم للقضاء جواد عزم سابق / ظلعت لديه حيلة المحتال
وشواظ حرب أججتها غلمة / فغدا لها ذاك المؤجج صالي
راموا النجاة فلم يروا من بأسنا / عللا تداويهم من الأعلال
وأغن لو زجّ السماء بلفتة / هالت كواكبها مهيل رمال
قنّاص أسد الغاب غلا أنه / يرنو بأحور من جفون غزال
لم تلقه إلا كومضة بارق / ينهل بالمعسول والعسّال
سالت غدائره على وجناته / سيل الحيا من عارض هطّال
لم أنسه وهو المفرّد بعدما / طافت يداه بقرقف سلسال
فأدرانا دور الكؤوس بحبّه / ما بين يمنى للهوى وشمال
خاض الورى من شعره وجينه / بحرين بحر هدى وبحر ضلال
للَه ليلتنا بضال المنحنى / ونديمنا فيها غزال الضّال
والكأس راكعة لدنّ ساجد / والراح خاشعة لصوت التّالي
والدهر يطرق لارتياح نشيده / حتى شممنا منه ريح هبال
في روضة جوريّها من خدّه / وقضيبها من قدّه الميّال
مغتالة الأغصان ينشق الربى / منها بكفّ مساحب الأذيال
يا آل ميّ ما إخال عهودكم / إلا كومضِ أو كلمعة آل
ولقد بكينا للطلول بواكيا / وجسومنا أبلى من الأطلال
أيام كنّا والزمان كأنّه / حبّ يمكن من عناق وصال
حيث الشبيبة غضّة أعطافها / والعيش أترف من رياض جمال
سيزول شيب الدهر مثل شبابه / وستضمحل أواخر كأوال
إن كنت طالب سؤدد ومعالٍ
إن كنت طالب سؤدد ومعالٍ / فاطلبه بين صوارم وعوال
كم من فتىً يبغى بغيلته العلى / والسيف يبطل غيلة المغتال
من صدّق الآمال كذب حزمه / إن الغرور نتيجة الآمالِ
والمجد في طرفي أصم كأنما / ميلانه ميلان ذات دلال
في كعبه كعب المعيشة سافل / وبصدره صدر المنية عال
من مرويات الوحش وهي ظوامىء / بغدير قانٍ لا غدير زلال
سمر ذوابل غير أنّ ذبولها / يخضر عن ورق من الأقيال
أوحدّ أحدب تلتوي عذباته / بمعاقد الهمام التواء صلال
ينشق عنه دجى القتام كأنّه / في جيد ليل النقع طوف هلال
عضب إذا عزّت مواصلة العلى / وجد القريع به طريق وصال
ورياض غلمانٍ أعارتها القنا / في يوم معترك بلى لاطلال
إن أججوا نار الحروب فلم يكن / إلا لها قلب المؤجج صال
طلبوا الفرار فأوقفتهم حيرة / والخوف قد يدعو إلى استبسال
وجدوا بروقاً في خصور أهلّة / وقلوب أسد في صدور رجال
فثنوا إلى الأجفال كلّ مطهّم / سدت عليه طرائق الأجفال
مهلا بني الأعمام لو نطق القنا / كانت لكم أبدا من العذال
أن غركم حلم الكرام فربما / غرَّ العيون تبسم الرّئبال
ولقد طمعتم أن تنالوا نيلنا / طمع الجهول بمستحيل الحال
هيهات أين لكم عزائمنا التي / ردّت إلى الأمكان كل محال
عزم ينوب عن السلاح بنفسه / وكذا الغِنى بالنّفس لا بالمال
نحن البقية من أكارم دهرهم / يومان يوم وغى ويوم نوال
من عصبة إنسية ملكية / قد أرخصوا قيم الزمان الغالي
من كلِّ مستلب القشاعم حاذق / في سرقة الأرواح لا الأموال
يجد الردى أقضى القضاة حكومة / والمرهفات شهود تلك الحال
ترك السّوابق بالرؤوس عواثراً / عثر الرياح بأرؤس الأجبال
لم يلتق الحرب العوان بكرّه / إلا وانكحها ذكورَ نصال
قوم أناملهم قبائل للنّدى / يحمون فيها بيضة الأفضال
وإذا تفيأت الملوك وجدتهم / يتفيّؤن من القنا بظلال
حيّ من الكرماء لست تخالهم / إلا فرائد في عقود كمال
لم يعد قولهم الفعال وهكذا / قول الأكارم أكرم الأقوال
قد صح معتل الزمان بقربهم / إن الكريم طبيب ذي الأقلال
نحن الذين كأن مسكة وجدهم / في وجنة الأيام نقطة خال
إن تغننا الهيجاء أفقرنا الندى / إن السماحة آفة الأموال
والمرء يعرف بالتكرم قدره / إن التكرم سيد الأفعال
لا نسأل الدنيا جناح بعوضة / والذل غايته أقل سؤال
إن ضمّنا النسب الأثيل فإنه / ليس الغدو يقاس بالآصال
نمتم فخيلت المنى لكم الغنى / إن الكرى سمح بكلّ خيال
إن غركم رهج المنى فسينجلي / بصبا من الأسياف أو بشمال
لا نرتضي إلا محاكمة القنا / حيث الأمور منوطة بجدال
لم نتخذ إلا السيوف وسائلا / وكذا السيوف وسائل الأبطال
أنسيتم يوم اللقاء وقوفنا / والخيل تسبح في دم الأقيال
ونزولنا في الأثل من قصب القنا / والحرب دائرة بكاس نزال
والموت يجلى كالعروس بمعرك / نشرت عليه ذوائب الآسال
والطعن يقذي عين كلّ عزيمة / فيحول بين الأسد والأشبال
ولكم سلكت من الطعان مسالكا / ضاقت بهنّ منافس الآجال
فوقفت ثم أذب عن حرم العلى / لتصان منها كل ذات حجال
ولبست للهيجاء صهوة أدهم / كالبدر منتعلا أديم ليال
حتى انثنت تلك الجبال كأنها / في عاصفات الريح كثب رمال
وخطرتم في حرّ قلبي خطرة / ردت عليَّ حياة بالي البالي
حتى فضضت لكم على روض المنى / دنّ الكرامة بعد دنّ وبال
وعزائم اردفتها بعزائم / موصولة الأهوال بالأهوال
المحييات الجود يوم سماحة / والقاتلات الموت يوم قتال
قالوا نراك تخوض أبحر صابها / والأسد صادرة عن الأوشال
تغزو الطوائف مفرداً لم تستعن / إلا بطائفتي قنا ونصال
قلت اسكتوا كيف التوجل والقضا / درع مزررة على الآجال
هيهات لم يرد الردى إلا الذي / طبعت طبيعة من الأوجال
رمتم بسوء الغدر حسن وصالها / والغدر أقصى همة الأنذال
هيهات قد ركض القضاء بسابق / ظلعت لديه حيلة المحتال
أي النواحي تنتحون وخلفكم / من يملأ الدنيا من الزلزال
لو تعقلون رضيتم بامامها / والعقل للإنسان أي عقال
لولا ضلال لاح في زيّ الهدى / ما غرَّت الظمآن لمعة آل
عللتم تلك الجوارح بالمنى / وكذا المنى ضرب من الأعلال
أو ما علمتم أنّ مشكلة العلى / بالسيف راجعة عن الأشكال
إن تقفلوا أبوابها فاستبشروا / من راحتي بمفاتح الأقفال
وتذكروا أجياد عيشكم التي / صفنا السيوف لها من الأغلال
أيام تستسقي عزائمنا لكم / صاب المنون من القنا العسّال
ونردكم قرحى الجفون كأنها / مقل تفيض بمدمع هطّال
وعلى العلى منا رواصد لم نزل / كالصبح مرصوداً بعين بلال
نحن الذين نصول ما بين الورى / بمثقفات القول والأفعال
نختال بين حماسة وسماحة / والمجد أفضل حلية المختال
وكذا السيادة عزّة مقرونة / بجميل فعل الخير لا بجمال
أعلمتم أني امرؤ يوم الوغى / تلقى إليه مفاتح الآجال
أو لا فقوموا لاصطلامي تعلموا / والعلم مفترض على الجهّال
أنا ذاك مفتاح المكارم والعلى / ما بين باب ندىً وباب نزال
المسقم الآسي الذي أجسامكم / من راحتيه كثيرة الأعلال
جرد حسامك في الوجوه فإنه / لم يبق من يسوى شراك نعال
ترك الورى طعم الحياء زهادة / فأذقهم بالسيف طعم نال
ولقد عجبت من الحريص ورزقه / كالموت يأتيه بغير سؤال
وكذا إذا ترك الزمان وصنعه / جعل الأواخر في الأمور أوالي
نذكر بالرقاع إذا نسينا
نذكر بالرقاع إذا نسينا / ونطلب حين تنسانا الكرام
لأن الأم لم ترضع فتاها / مع الاشفاق إن سكت الغلام
ليت الكناس تراجعت آرامها
ليت الكناس تراجعت آرامها / فاخضرّ واديها وشفّ وسامها
من لي برجع مرابع موشية / بنيت بأقمار الوجود خيامها
وأظنها غابت كواكبها التي / كانت تضيء بها فشاط ظلامها
عهدي بهم والدار غير بعيدة / ومسارح الوادي يروق بشامها
إن أقفرت تلك العِراص فربما / رقصت بهم وهداتها وأكامها
بعد المزار وفرقت ما بيننا / خيفانة بيد الزمان زمامها
من آخذ بيد العليل تذيبه / لفحات وجدٍ لا يبوخ ضرامها
علقت يداه من الحسان بناعم / خشن العريكة لا يرام مرامها
ولقد سقاني في اليمامة ريمها / مسكية الأنفاس ينفح جامها
كأس ترقرقها لنا يد شادن / فضحت برقّة سالفيه مدامها
راح يشعشعها النديم كأنها / زهر الشقائق فتحت أكمامها
نام الزمان فقم لنا يا صاحبي / يهنيك من مقل الخطوب منامها
أدر الكؤوس لنا فما من أمة / للّهو إلّا والمدام إمامها
قم فاسقني الاثم التي من شابها / بمراشف المحبوب زال أثامها
ما العيش إلا زورة من قهوة / ينسيك كل ملمة إلمامها
شمطاء أولدها المزاج فواقعاً / عن مثل ذوب التبر فضّ ختامها
حمراء يكنفها اخضرار زجاجة / شبه السماء توقّدت أجرامها
وتديرها ذات السوار كأنها / من صورة القمر المنير تمامها
يا جيرة العلمين هل من جيرة / أو ليس حقّ ذوي الهوى اكرامها
كم بت بعد نزوحكم في ليلة / هي ليلة الملسوع ليس ينامها
من عاذري في وجنة موشية / كالقهوة الحمراء رقّ قوامها
أيام كان من الرحيق رضاعنا / والكأس مرضعة يعز فطامها
هل تعلمون بأن وجدي كلّما / شابت نواصيه يشب ضرامها
منعت طروقك يا ديار محجر / سود المحاجر لا تطيش سهامها
من كل لدّاغ بفرع ذؤابة / كالأفعوان مضيضة آلامها
حيّ تلثّم سالفاه بصبية / بيض يماط عن الحياة لثامها
لم أنس معترك العيون ودونه / تنقد أفئدة الكماة ولامها
ووراء ذاك الفتك من لحظاتهم / حلبات عادية يصل لجامها
هبوات نقع لا يشق أهابها / وعقود طعن لا يفل نظامها
للَه ما بين الكماة محجب / يلتذ للأرواح فيه حمامها
تندى بريّ الغوث منه مراشف / نديّة يشفي الكليم كلامها
حيّتك يا سمراتِ وادي ضارج / وطفاء لا ينفك عنك سجامها
كم زرت حيّك ضاحكاً في ساعة / لسّاعة يبكي بها ضرغامها
لم أنس مطلك بالديون لعصبة / عذريّة كان الغريم غرامها
فاظت نفوسهم عليك خلاعة / للَه أدمية يباح حرامها
عصب أبت إلّا الفناء بحبكم / فعليكم وعلى الحياة سلامها
قضي الزمان وما انقضى أرب لهم / غرّت عيون معاشر أحلامها
ومواعد الدنيا تسير إلى الورى / كالسحب إلا أنهن جهامها
تعِد المنى صبحاً وتنقضه ضحىً / وبمثل ذلك تنقضي أيامها
كلّ يميل بصفحتيه إلى غلنى / حطم الورى ياللرجال حطامها
أمن المروءة أن يذلّ نضارها / ويعزّ رغماً للنضّار رغامها
كن كيف تهوى يا زمان فإنما / بدر الدجنّة لم يشنه ظلامها
يا دهر مالك في السقام واسعد / برء اللواتي لا يصح سقامها
قم راجياً منه الشفاء فإنما / يقضي مهمات الأمور همامها
ضخم الدسيعة غير مهزول السطا / هزلت لديه من الحروب ضخامها
ملك تعانق سيفه وسنانه / ربت على عنق الزّمان مقامها
لا يفررنّك ورد غير حياضه / ما كل واردة يبل أوامها
فهناك من ماء السماح مناهل / لو شارفتها الهيم زال هيامها
لا تطمع الأموال منه بخلّة / هيهات أن يرعى لديه ذمامها
ملك متى يممته للبانة / ضربت بأودية النجاح خيامها
ومتى رمى جيشاً بلحظة مغضب / غضبت على شوس الفوارس هامها
تزن البسيطة راسيات حلومه / وتخف دون علومه أعلامها
علم كملتطم العباب وحكمة / حطمت أنابيب القنا اقلامها
وشذاً لو انتشقته أصداء البلى / طارت بأجنحة الحياة رمامها
سبقت به همم كأنّ فعالها / حلفت به أن لا ينال قنامها
لم تنقض الدنيا عقود سياسة / إلا وكان بسيفه إبرامها
وإذا توالت موبقات قطّبت / منها الوجوه فإنّه بسّامها
ولذكره تهتز بانات النقا / طرباً ويهتف بالثناء حمامها
ويمر بالوادي فترقص كثبه / وتقر آنسة به آرامها
حسن الخلال متم كلّ صنيعة / وزكاة كل صنيعة إتمامها
سهل خلائقه وفيه شراسة / لم يرضها أن الزمان غلامها
من معشر للَه فيهم نفحة / يجلو غموم العالمين غمامها
فئة كأرواح العناصر لامست / رمم الثرى فتحركت أجسامها
شرف توهمت الكواكب أنها / تنتاشه فكبت بها أوهامها
جردت آراء ملكت بها العلى / إن السيوف نوافذ أحكامها
ولو أن دائرة الثريا حاولت / أدنى علاك لسفّهت أحلامها
هذي المنابر والمحابر والقنا / غرثى ومجدك قوتها وجمامها
ونفائس الدنيا لديك دنية / سيّان عندك ماسها ورخامها
وكذا المروءة والفتوة والحجى / لولا نهاك لأعقمت أرحامها
فاسلم ودم في عيشة ملكية / يهني جميع العالمين دوامها
أي عذر لمن رآك ولاما
أي عذر لمن رآك ولاما / عميت عنك عينه أم تعامى
أو لم ينظر اللواحظ تهدي / سقماً والشفاه تشفى السقاما
أو يرى ذلك القوام المفدّى / خيزرانا يقل بدراً تماما
لا هنيئاً ولا مريئاً لقوم / شربوا من سوى لماك المداما
أتراهم توهموها عصيراً / من محياك حين شبت ضراما
ما لمن يترك السلافة في في / كَ حلالا ويستحل الحراما
إن للناس حول خدّيك حوماً / كالفراش الذي على النار حاما
إي وعينيك ما المدام مدام / يوم تجفو ولا الندامى ندامى
أيها الريم ما ذكرتك إلا / واحتقرت الأقمار والآراما
لست أدري والحر بالصدق أحرى / إضراما قدحت لي أم غراما
بأبي أنت من خليل ملول / لم يدع عهده إذا الظل داما
لك خد ومبسم علّم الور / د ابتهاجاً والاقحوان ابتساما
لا تقسني بالورق يا غصن إني / أنا من علّم النواح الحماما
ليس من يشرب المدامة أحيا / ناً كمن يشرب المدام دواما
إن تصلني فصل وغلا فعدني / ربّما علّل السراب الاواما
لو ملكنا ملك العراق ومصر / دون رؤياك ما بلغنا المراما
يا لقومي من لي بخلّ وفيّ / لا يرى القتل في الغرام حراما
يا مديراً ما لم تشب بالثنايا / أحميماً أدرتها أم حماما
وعدونا فأخلونا وخانوا / أنّهم اخلفوا الوعيد أثاما
ظعن الركب بغتة واستهاما
ظعن الركب بغتة واستهاما / يقطعون الأوهاد والآكاما
فمن المبلغ الأحبّة عنّي / أنني ما برحت فيهم هياما
ومذ استقبلوا متالعَ نجد / وتلقّوا شمالها والخزامى
حجبوها عن الرياح لأنّي / قلت يا ريح بلغيها السلاما
وبنفسي ركائب أدلجوها / آل ميّ قد أرقلت تتراما
لو رضوا بالحجاب هان ولكن / منعوها يوم الوداع الكلاما
فتنفست ثم قلت لطيفي / ويكَ إنزرت طيفها إلماما
دعهم يمنعونها ما استطاعوا / لن يسدوا الأفكار والافهاما
هي منّي برغمهم نصب عيني / فليؤموا نجداً وينحو شآما
وسألناهم الرقاد فشحّوا / يا جفوني بالدمع كوني كراما
كنت أدري من قبل يوم نواهم / أنّ للدهر مقلةً لن تناما
لم أزل برهةً أجاذب نفسي / ثم ألقيت للزمان الزّماما
كلما قلت مر عنّي سهم / فوّقت لي أيدي الليالي سهاما
فتيقظ إذا رأيت عيون ال / حظّ يقظى ونم إذا الحظّ ناما
وتلقّ المنى بصحّة عزم / صحّة البري تصلح الأقلاما
لم يعودوا إلّا بعتبٍ علينا / زار ذاك الغمام لكن جهاما
وأبوا أن يفوا لنا فوفينا / إن للخلف عند قوم ذماما
ولنا العذر ان ندر حيث داروا / فهوى النفس ينقل الاقداما
ليت شعري أنحن بالوجد همنا / ساعة النفر أم بنا الوجد هاما
قد ينال المرام غير مجدّ / بل وقد يحرم المجد المراما
ذكراني يوم العقيق فقد عبّ / عقيق الدموع منّي انسجاما
يوم ملنا من شدّة السكر صرعى / تحسب القوم وهي يقضى نياما
يا طبيب الآلام هل من علاج / إن آمالنا بكت آلاما
إن تزر ساعة فلسنا نبالي / بافتقاد الأقمار عاما فعاما
كل فجّ خلا محيّاك منه / أذن اللَه أن يكون ظلاما
مثل دار السلام لولا سليما / ن لما اوشكت تنال السلاما
علم يحمل العلوم بجنبي / ه كما تحمل الثرى الاعلاما
وأخو النائل العجيب بأدنى / مدد منه يعدم الاعداما
ناظم بالسنان عينا فعينا / نائر بالحسام لاما فلاما
إن في برده لدى السر منه / جوهارً ليس يقبل الانقساما
مصدر الخيل بعد ورد المنايا / لابسات من أعين الصيد لاما
هو معطي السيوف إحكام فطع / وهي تعطيه من علا أحكاما
وهو أنموذج المعارف والعر / ف ويدعونه المليك الهماما
كلما مسّ مائلات أمور / قوّم اللَه ميلها فاستقاما
لا تسل غير رأيه عن عويص / ثاقب الرأي ليس يخطى مراما
مدرك كلّ ما رماه برأي / رب رأي تخاله إلهاما
وتمام الآداب والعقل أسنى / من بلوغ الإنسان حظا تماما
إن للسعد من كلا ساعديه / اسهماً قبل رميه تترامى
راكب من عزائم الأمر خيلا / لا تمل السراج والألجاما
ثابت حيث للكماة اختلاج / كلما أفطروا عن الذعر صاما
وإذا ما اعتبرت قتلى يديه / تلف إمّا لهىً وإما لهاما
ممطر بالنجيع كلّ رعيل / طبقت سحبه فكانت ركاما
إن في لبدتيه للَه أسداً / تحجم الخيل دونه إحجاما
هازمٌ كلّ هازمٍ لا يبالي / قوض الموت رحله أم أقاما
كلما استمطت الرقاب ظباه / رجّلت من فوارس الدهر هاما
وإذا قامت الصفوف أمام ال / حرب صلّى بالدارعين إماما
لا ترم شأوه الملوك وأنّى / يطمع الخفّ أن يكون سناما
ما رآه الراءون إلا وعادوا / بقلوبٍ من العقول يتامى
أودع اللَه فيه للحرب أقسا / ماً وللعلم والنهى أقساما
صيغ تمثاله نعيماً لقوم / ولقوم إهانةً وانتقاما
بأبي العوذة التي عوّذ الل / ه بها المسلمين والإسلاما
صاحب الدولة التي أزكت الوس / طى الذي عزّ جارها أن يضاما
دولة كلها عقود معالٍ / أحكمتها له العوالي نظاما
دولة مطمئنة ضربت في / كلّ واد من الجميل خياما
مكرمات لبيت حمير تترى / ما تريك الكرام إلا لئاما
هممٌ يتحدن في جوهر المج / د اتحادا ويلتحمن التحاما
سل به الوفد كيف منّ عليهم / بمنىً كنّ قبله أوهاما
جامع الخيل للرجال ومخلي / من جموع الضراغم ألا جاما
كذب الباسل المسامي سطاه / إن كيوان كوكب لا يسامى
كلما أخصبت مراعي ملوك / أرسل المرهفات فيها سواما
وإذا أخر الفوارس إقدا / م المنايا وجدته المقداما
واسع الصدر واسع الدار يقري / الضيف وفراً وعزّة واحتشاما
قل لمن ظنّ أن في المال غنماً / حلية الغمد لا تفيد الحساما
يا أبا أحمد لجودك زوّج / ت ركابي دكادكا وأكاما
هادياً من لواقح عاصفاتٍ / ملأت عقوة الثريّا قتاما
ولكَ الصاحالت تصلح فيها / مفسدات الدنيا وتحييى الرماما
إن نظرت الحطام كان جنيّاً / أو نظرت الجنيَّ كان حطاما
كم عصرنا ماء الغِنى من أياديك / كما تعصر الرياح الغماما
ووردنا ما لم يخض شامخ الأع / لام في لجه ولا النجم عاما
إن للعيد في مغانيك عيداً / يسع الناس نشره أعواما
أقصرَ الحاسدين منك كمال / أمسكت دونه العقول هياما
وجرت للورى غواديك جرباً / بنعيمٍ كما تهب النعامى
كم رفعنا إليك عذراء مدح / أصبحت عندها العذارى أيامي
فأتت كالفتاة طاب افتتاحاً / نشر ديباجها وطاب اختتاما
محمد قد عرفت مكان ودّي
محمد قد عرفت مكان ودّي / وإخلاصي منا لزمن القديم
عهود فيك سالمة الهوادي / سلامة صاحب القلب السليم
أنخت قلائصي بحماك غرثى / فسرّحها بأودية النعيم
وسقت منا لرحال إليك ركبا / فسيّره على النهج القويم
فرد لبانتي للعهد نقض / ونقض العهد من شيم اللئيم
لك النسب المؤثل من أهال / أضاءوا في دجى الزمان إليهم
جحاجحة بهم تحيا المعالي / كما تحيا القرائح بالعلوم
تدب هباتهم في كل عدم / دبيب البرء في جسد السقيم
أتتك مآربي تبغي نجاحا / فلا تصن المدام عن النديم
وكيف نعود عنك بغير ريّ / وأنت البحر ذو المدد العظيم
وكم لي فيك من أفلاك شعر / مطرزة المطارف بالنجوم
تطوف بمدحكم شرقاً وغرباً / طواف السحب بالغيث العميم
أنيخاها بمنعرج الغميم
أنيخاها بمنعرج الغميم / فثم ملاعب الرشأ الرخيم
منازل سالمتني في رباها / أسرة ذلك الزمن القديم
وما أنسى الغوير وإن سقاني / نواح حمامه كأس الحميم
وتطرب مسمعي نغمات ورق / تردد نوحها بدجىً بهيم
متى تصحوا ليالينا وهلا / أفاق الدهر من سكر قديم
يعنفني اللحاة بغير علم / وكم كلمٍ أشد من الكلوم
يجلّي العين بعدكم بكاها / وتجلى المزن بالمطر العميم
محب ما استفال ولا تصدى / لزجر الطير من رخم وبوم
كأني يوم نشداني المغاني / سقيم يستغيث إلى سقيم
ويرفع لي على طور التجلي / سنى نار تبل صدى الكليم
وتسنح لي القلائص قد تلتها / عتاق الخيل تمرح بالشكيم
أرشنا نبل أقواس التصابى / فما أخطأت أفئدة الهموم
فثم أكون أطرب من مشيب / أحس من الشبيبة بالقدوم
فمن ورق على ورق تغني / ومن طلّ على روض جميم
ويوم فاختي الظل ينفي / ببرد نسيمه حر السموم
وفي النادي الحرام لنا أحلت / يد الزمن الكريم دم الكروم
أظلتنا مدامته بوشي / منالعقبان مصقول الأدبم
إذا غضبت شكوناها سريعا / إلى ابن المزن ذي الطبع السليم
لها في الكأس ان سكبت أريج / يضيع نوافح المسك الشميم
أبت أرواحنا الا بقاء / وان وقع الفناء على الجسوم
ولي قمر سماوي المعانيي / تشكل للعيون بشكل ريم
على عينيه عنوان المنايا / وفي خديه ترجمة النعيم
ومن لي أن أكون له شهيدا / عسى يبكي على الجسد الرميم
وما أنسى على خديه مسكا / تعلل منه أنفاس النسيم
وأرقني على الآثار برق / الح مكررا خبر الصريم
ألا يا برق كيف عهدت حيا / نزولا بين زمزم والحطيم
وهل قبّلت عني ثغر خشف / كأن الريق منه رقى السليم
وهل انبا طروق الطيف ليلا / بما عندي من النبأ العظيم
أعد يا برق ذكر نجوم حيّ / رماني البين عنها بالرجوم
ولم يترك من العشاق ألا / بقايا من جسوم كالرسوم
هم جاروا وما عدلوا وقالوا / لمن ظلموه ويحك من ظلوم
وخذ خبر الرضاب ففيه شرح / لجالينوس في برء السقيم
لقد كانت لنا تلك المغاني / نتاج اللهو في الزمن العقيم
تقاسمت النوى نفسي فشطر / بذي سلم وشطر بالغميم
أضعت الحزم ألا بامتداحي / أبا داود ذا الحزم الجسيم
أعد الوصال ولو بطيف منام
أعد الوصال ولو بطيف منام / فالصد دلّ عليّ طيف حمامي
من منجدي من ركب حيّ منجد / وصلوا سرى الأنجاد بالأنهام
أن ينكروا دائي الخفي فرما / جهل الطبيب مكامن الاسقام
أين الديار وأين زمرة أهلها / ما أشبه اليقظات بالأحلام
ولرب عصر للشباب قضيته / برضاب أشنب أو رضاب مدام
حيث الشبيبة غضة أعطافها / والعيش أترف من عذار غلام
في ليلة نادمت بدر كمالها / بالشمس تطلع من سماء الجام
وتلوح من خلل الكؤوس كأنها / سيف يطل به دم الآلام
لا تحسب الورقاء وجدي وجدها / شتان بين غرامها وغرامي
باتت على غصن وبت مكابدا / نارين نار هوى ونار هيام
لا ينكر اللاحي بحبك نسبتي / إن الهوى رحم من الأرحام
أي والعيون سقيمة أحداقها / ضمنت على غيظ الشفاه سقامي
لأذب عن حرم الجمال بصارمي / حتى تحل به عقود الهام
ولقد وقفت وللصوارم رنة / غنى الحمام بها غناء حمام
فأنمت بالأسل المثقف والظبى / قوما عن الغارات غير نيام
والبأس حلية كل شيء عاطل / كالملح يصلح طعم كل طعام
وسنام ليل بالحسام ركبته / فقطعت منه أعنة الأظلام
مكنت ثغر مهندي من ثغره / فافتر عن مثل الفم البسام
وطرقت عادية الأسود فرعتها / ما راعني إلا هوى الآرام
إياك من نظر الملاح فإنما / نظر الملاح عبادة الأصنام
شمر ذراعك ان هممت بنية / فالني لم ينضج بغير ضرام
لا ترض إلا بالسيوف أدلة / حيث الأمور شديدة الإبهام
خذ من زمانك حذر لا متجاهل / بمكان حادثة ولا متعام
فالدهر في فلك التقلب دائر / كالبدر بين نقيصة وتمام
زعم ابن آدم ان ينعم دائما / أين الدوام من القوام الدامي
ما الأم الأيام ليس متاعها / الإكمال في أكف لئام
ضاع الغنى بيد الليم وما عسى / أن ينفع الجبناء حمل حسام
وعقول أكثر من رأيت مطاشة / لو يعقلون تفكهوا بحطام
سفهاً لهذا الدهر حذوة سائل / ما يصنع الرامي بغير سهام
أيروعني الزمن الذي لا جوده / جودي ولا أقدامه أقدامي
لم يعيني طلب ولكن ربما / أتت السهام خلاف قصد الرامي
وإذا طلبت منىً ولم أظفر بها / فالعضب قد ينبو نبو كهام
ومتى وصلت إلى سليمان العلى / عرفته بمقامه ومقامي
ملك نزلت جواره فأجارني / ورعى بروض المكرمات سوامي
فوردت بحر المجد غير مكدر / يرزجي سحاب الجود غير جهام
ومكوكب من نيرات أثيره / سيارة النقمات والأنعام
ملك بطالعه السعود مدارة / ألقى الزمان إليه كل زمام
حامي الحقيقة ليس يخفر عهده / إن الذميم يضيع كل ذمام
ومتى أطل على الوجود بجوده / خرقت يداه صحيفة الأعدام
ويضم منه السابري غضنفرا / في لبدتيه تصرف الأيام
وجلاله كنواله متفاقم / تهتز منه رواسخ الأحلام
وترى رؤوس الصيد حول قبابه / تضع الوجوه مواضع الأقدام
وتسير منه المغنيات إلى الورى / كالريح حاملة جبال غمام
أيد تفجّر من جوانب قطرها / ذات القطار تبل كل أوام
لو شاء وافته النجوم جحافلا / والليل كان لها مكان اللام
انظر إلى أسد العزائم رابضا / من راحتيه بأشرف الآجام
وإذا دعاك إلى الإغاثة غيثه / فاذهب مخافة فيضه بسلام
ماذا ينال الوصف من شرف امرىء / سامي المحلّ على الثناء السامي
يا صقيل العقلاء بالهمم التي / مسحت عن الأيام كل قتام
ذللت بالقلم الحسام فأصبحت / زبر الحديد تلين للأقلام
ما أنت إلا حتف كل معاند / لا يهتدي وسلامة الإسلام
لك راحة خير العطاء عطاؤها / وكذا مدام الكرم خير مدام
لولا نداك تعطلت ملل الندى / إنالزمان سدى بغير إمام
كم من صنائع حكمة قلدتها / من عقد علمك جوهر الأحكام
وسيوف لا هلع الفؤاد سللتها / فأرتك كيف بلوغ كل مرام
هي عزمة من نفحة قدسية / جعلت نعالك تاج كل همام
ونشرت في ناديك أجنحة الندى / فرفعن أقواما على أعلاما
إن غاص رأيك في الغيوب فإنما / بعض القلوب معادن الإلهام
يجري ذكاؤك في العلوم كأنه / مدد من الأرواح للأجسام
إن نلتم عظم المحل فعنكم / كانت تحدث السن الأعظام
وأوائل الغيث العميم إذا انقضت / أبقت من النوار خير ختام
قوم هم مفتاح كل ملمة / كالضوء يفتح باب كلّ ظلام
عثرت بمعناك العقول كأنها / رجل البعوض تعثرت بأكام
وشكا إليك الدهر ثقل مكارم / وقعت بأجسام عليه جسام
فاهنأ بناشئة العلى وانحر لها / من شانئيك بهيمة الإنعام
واغنم ثنائي فالثناء غنيمة / لأحلي أزين من عقود كلام
للَه أنملك اللواتي ألحمت / بسدى منائحها العظام عظامي
وأنا النزيل فكن لعهدي راعيا / إن النزيل أحق بالإكرام
لمن الحدوج تخب بالآرام
لمن الحدوج تخب بالآرام / موصولة الأنجاد بالاتهام
للَه ما حملته من تلك المها / أنجوم سعد أم بدور تمام
ولرب عصر للشباب طويته / برضاب أشنب أو رضاب مدام
أجريت حكم شبيبتي في مثله / حتى رأيت الدهر من خدامي
أيام لم ترم السعود مواردي / منها ولم يفم الزمان مقامي
حيث المدامة كالنسيم لطافة / تنثي من الأقوام كل قوام
والمزج ينسج عن يدي ندمانها / حلق الفواقع محكم الإبرام
وتلوح من خلل الكؤوس كأنها / مال يشاب حلاله بحرام
لا تحسب الورقاء وجدي وجدها / شتان بين غرامها وغرامي
باتت على غصن وبت مكابدا / نارين نار هوى ونار هيام
إن ينكروا دائي الخفي فربما / جهل الطبيب مكامن الاسقام
يكفيك يا قمر الهوى مني حشاً / صيرتها بالهجر شبه ظلام
وليهن منظرك المورد ناظر / وردّته بدم ودمع هام
لا ينكر اللاحي بحبك نسبتي / إن الهوى رحم من الأرحام
أي والعيون سقيمة لحظاتها / ضمنت على غيظ الشفاه سقامي
لأذب عن حرم الجمال بصارمي / حتى تحل به عقود الهام
ولقد وقفت وللصوارم رنة / غنى الحمام بها غناء حمام
فأثرت هاجعة المنون وقد كبت / خيل العزائم من خيال قتامي
والجبن للإنسان أخبث صاحب / لم يخل منه كواذب الأوهام
والبأس ينفع في الأمور جميعها / كالملح يصلح طعم كل طعام
وسنام ليل بالحسام ركبته / فقطعت منه أعنة الأظلام
لما رأيت البرق يضعف دونه / أتبعته بالبرق برق حسامي
ووضعت ثغر السمهري بثغره / فافتر عنه بأشنب بسام
وطرقت كل قبيلة في حيها / ما راعني إلا هوى الآرام
إياك من نظر الملاح فإنما / نظر الملاح عبادة الأصنام
شمر ذراعك ان هممت بنية / فالنيّ لم ينضج بغير ضرام
وإذا سمعت صدى الكريم فلبّه / إن الكريم أحق بالإكرام
وإذا دعاك إلى المزاح فم امرىء / فلقد دعاك إلى أشد خصام
كم سبة للمزح كانت أولا / ثم انثنت للرمح والصمصام
خذ من زمانك حذر لا متجاهل / بمكان حادثة ولا متعام
فالدهر في فلك التقلب دائر / كالبدر بين نقيصة وتمام
لا ترض إلا بالسيوف أدلة / حيث الأمور شديدة الإبهام
لا تحسبنّ الدهر بعدك خالدا / إن الحمام سينتهي لحمام
زعم ابن آدم ان ينعم دائما / أين الدوام من القوام الدامي
ما الأم الأيام ليس نعيمها / إلا كمال في أكفّ كرام
ضاع الغنى بيد الليم وما عسى / أن ينفع الجبناء حمل حسام
ذهب الشباب كأن ذلك لم يكن / ما أشبه اليقظات بالأحلام
ذهبت مرابع للسرور أنيقة / بعذار كأس أو عذار غلام
في ليلة نادمت بدر كمالها / بالشمس تطلع من سماء الجام
فكأن تلك الشهب بيض كواعب / تمشي الهوينا تحت زرق خيام
أيام ما غير المدامة مشربي / فيها ولا غير العناق طعامي
كم بت أشرفها ودون رضابها / برء السقيم وريّ قلب الظامي
حتى رأيت الشمس وهي كأنها / خدّ الفتاة تلثمت بلثام
خير المودة ما أتت من ماجد / وأشر كل الود ود لئام
لا يحسب الإنسان غايته الفنا / فالذكر يلبسه لباس دوام
يرجو الحريص بلوغ كلّ لبانة / والكل راجعة إلى أقسام
أجهل لعلك أن تنال بعجزه / ما لم تنل من قوة الإفهام
وإذا صحبت الحلم لم تر صاحبا / هيهات أين ترى ذوي الأحلام
وترى المروة والفتوة والندى / لم يبق منها الدهر غير أسام
لو كان قسم الدهر عدلا في الورى / ما كان مأوى الأسد في الآجام
فقد الورى قدر العقول لأنهم / لو يعقلون تفكهوا بحطام
لم يعيني طلب ولكن ربما / أتت السهام خلاف قصد الرامي
أيروعني الزمن الذي لا جوده / جودي ولا أقدامه أقدامي
أو ما درى أني إذا نازلته / بندى عليّ قدته بزمام
ملك نزلت جواره فأجارني / ورعى بروض المكرمات سوامي
فوردت بحر المجد غير مكدر / يزجي سحاب الجود غير جهام
بينٌ براني بري العضب للقلم
بينٌ براني بري العضب للقلم / وسلّ من جفن عيني صارم الحلم
للَه فرقة أحبابي الألى هجروا / من الوجود أحالتني إلى العدم
يا أهل ودّي أعيدوا لي زمان هوى / كان العناق به يدني فماً لفم
بنات نعش تفرّقنا وكان لنا / شمل كشمل الثريا أي ملتئم
ويح المحبين ما يبكون غير دم / كأن في أعين العشاق بحر دم
نحن الألى خانت الأيام ذمتهم / وهل وفي الدهر للأحرار بالذمم
وأبيض الخدّ كالقرطاس بأن به / سطر من الحسن مكتوب بلا قلم
أغنّ لو أنصفته الشمس ما طلعت / والبدر بات له من جملة الخدم
نبهته وعيون الشهب نائمة / وعين من ألف التذكار لم تنم
فقلت قم فحياتي كلها نكد / ما لم تغثني ببنت الكرم والكرم
قم اسقنيها ونغّم لي لاشربها / ما لذة الراح إن وافت بلا نغم
يسعى بها قمر في لحظة أسد / قد حل من هدب الأجفان في أجم
يا ساكنين المصلى إن ريمكم / في القلب يرعى ومرعى الريم في السلم
يصيد كلّ غزال كلّ ذي جبن / إلا غزالكم قد صاد كلّ كمي
دع الأنام فأوفى الناس أخونهم / لا تغترر لا بميثاق ولا قسم
أما ترى الناس من أدنى فعالهم / نقض المواثيق والتضييع للذمم
وبطّنت في بطن البلاد كأنني
وبطّنت في بطن البلاد كأنني / خيال سرى في مقلة المتوهم
وما اليأس إلا الحزم إن كنت عاقلا / وما طمع الإنسان غير التوهم
ذريني وآرائي فلم أر راحة / سوى اليأس من جودي فصيح وأعجم
وقائلة صف لي الكناية واقتصر
وقائلة صف لي الكناية واقتصر / فقلت لها ملزوم عمرو اللازم
ولكن هذي سنة سفلية / تريدين وطء اليوم أمرد ناعم
بسمر القنا والمرهفات الصوارم
بسمر القنا والمرهفات الصوارم / بناء المعالي واقتناء المكارم
وفي صهوات الخيل تدمى نحورها / شفاء لأدواء القلوب الحوائم
وما الفخر إلا الطعن والضرب في الفتى / وخوض المنايا واحتقاب الجرائم
ولفّ السرايا بالسرايا تخالها / على الروس لفّت للتجار العمائم
تقحمهها قدما إلى الموت فتية / ثوى عيشها في الذل حز الغلاصم
وما السمر عندي غير خطية القنا / وما البيض عندي غير بيض اللهاذم
ولا تذكر الصهباء ما لم تكن دما / ولا مسمعي ما لم يكن صوت صارم
وإني أحب الشرب في ظل قسطل / مجالسهم فيه ظهور الصلادم
وأهوى عناق الدارعين وأجتوي / عناق بويضات الخدور النواعم
ومن طلب العلياء جوّد سيفه / وخاض به بحر الوغى غير واجم
وما عظمت قدما قريش ووائل / على الناس إلا بارتكاب العظائم
ومن لم يلج بالسيف في كل مبهم / يعش غرضا للذل عيش البهائم
ومن لم يقدها ضامرات إلى العلى / تقد نحوه عوج البرى والشكائم
وما انقادت الأشرار إلا لغاشم / له فيهم فتك الأسود الضراغم
ومن رام أن يستعبد الناس فليمل / عليهم بأطراف القنا غير راحم
لسمر عواليكم وبيض الصوارم
لسمر عواليكم وبيض الصوارم / أحاديث ترويها أسود الملاحم
أسانيدها بين الكثيبة فاللوى / منقحة من عهد نوح وآدم
إذا خفقت منها البنود كأنها / قوادم عقبان النسور القشاعم
اسنتها الشهب الثواقب للعدى / وأسيافها أيماض برق لغاشم
تحكم في أجسام خيل شوازب / تزابن عن أرواح أسد ضراغم
فوارس شوس يعذب الموت عندهم / ويحلو لديهم صاب مر العلاقم
ينافث منهم كل أروع والدما / مجاسد يعيي صنعها صنع دارم
بجثمانه من عثير النقع والدما / مجاسد يعيي صنعها صنع دارم
تمطاه موار العنان مطهما / من الريح أجرى والغيوث السواجم
يسدده رأي المقيم بأمره / ويزجيه زجرا في مجال التصادم
يشن على الأعداء شعواء غارة / تعيد صباح القوم عصر المآتم
وكان جديرا أن يزلزل أرضها / ويبكي لديها الدهر نوح الحمائم
ولكنها حلم الوزير أجارها / كما حازني عن سوء دهر مخاصم
سمي سليمان النبي ومن له / عنايات لطف عمها روح راهم
وأيده بالفتح والنصر فاستوى / على عرشه رغما على أنف راغم
وقد شد ما أوهى المكاره عزمه / وحل عقود المشكلات اللوازم
ففرج من شداتها كل أزمة / وسرح من أهوالها كل هازم
فقام بإصلاح العباد وبرهم / فكان أبر الخلق من ولد آدم
على أنه للأمر أثبت قائم / وللحكم بالتدبير أحزم حازم
تجلت به بغداد نورا فأشرقت / بطيب مزايا عدله المتقادم
فشيد ركن العدل منها بحلمه / وهدّم ركني جورها والمظالم
وأحيا رسوم الدين بعد أندراسه / وأزهر منه كل أبهم قاتم
ووطد أرجاء البلاد بأمنه / ولم تنكتم منها سريرة كاتم
فأضحى كنور الشمس يعشي شعاعها / بصائر راءٍ لا بصيرة عالم
تشابه سامي قدره بصفاته / فكانا كعقد في قلادة ناظم
حوى من جليل المكرمات مكارما / تقاصر عنها قيصر ذو المكارم
ذكاء وإقداما وحلما ونائلا / يحقّر أدنى سيبه جود حاتم
حكى واكفات المزن جود أكفّه / وساجل طامي لجة المتلاطم
ملاذا وكهفا للأنام وملجا / وغيث ملمات وعصمة عاصم
نهانا النهى إذ لا نحيط لكنهه / بنعت فملنا للظنون الرواجم
فيارتبة عن نيل أدنى محلها / تقاصر سامى عربها والاعاجم
رأتك المعالي نفسها فتطاولت / إليك بأمر اللَه أحكم حاكم
فيا كعبة تسعى الأنام لحجها / ليستمسكوا منها بانعام قاسم
إليك شددت الرحل أزجي مطيتي / تجوب الفلافي سيرها غير سائم
فوافتك تشكو ريب دهر تحكمت / مخالبه من نحرها والحيازم
فمن لها عفوا وفضلا لكي ترى / قريرة عين باكتساب المغانم
فلا برحت تيجان مجدك بالعلى / مكللة والسعد أنصح خادم
ليلق إليك الدهر طوعا قياده / إطاعة منقاد إلى الأمر قادم
بطاها ختام المرسلين محمّد / واصحابه والآل أهل المكارم
عليهم سلام الله ما هبت الصبا / وما جاد ثغر الروض دمع الغمائم
لاحت مطالع عدل شأنها الشان
لاحت مطالع عدل شأنها الشان / فاليوم يصطحب السرحان والضان
وأسفر البدر عن ديباج رونقه / فزاده رونقاً حسن وإحسان
القائد الخيل والعقبان طائرة / إلى الوغى وعلى العقبان عقبان
قب الأياطل تزراً في أعنّتها / كما تلمض في الهيجاء ثعبان
هوائج يسلسل الملك الجموح بها / كأنهن لخيل النصر أرسان
خوارق بسراها كلّ داجية / كأنها لبنات الافق أخدان
يا فارس الخيل والفرسان طائشة / تصك منها بقرع الطعن أذهان
أنت المزلزل منها ركن طاغية / كما يزلزل قلب الشّرك إيمان
قلدت مرهف حزم لا غلاف له / فارتاح حق به وارتاع بطلان
قدها على رغم من تكوى حشاشته / كأنها وهي روض الحسن نيران
الفاضحات جياد الريح في طلب / إن ضمها وجياد الريح ميدان
والسابحات إذا جاشت غواربها / سبح الكواكب والظلماء طوفان
من المغيرات في الإغلاس يحفزها / جأش تعاظم فيه الشأو والشان
طلائع كاثير الافق طالعة / تشقى بطلعتها خيل وفرسان
أبوا خلاف المساوي لا أبالهم / فهم لها أبداً رهط وخلان
سرت وزارتك الدنيا وسيء بها / جبن وبخل واخلاف وعدوان
أعريت منها البرايا واكتسيت بها / وكل من ليس يكسى المجد عريان
أصبحت في الناس كالميزان منتصباً / للخلق يبدو به نقص ورجحان
مؤيداً لك فوق المشتري طنب / مؤسساً لك في العيوق بنيان
وقال في حظك الأوفى مؤرخه / ملك تسربل برديه سليمان
خذ بالمعالي فلحظ السعد يقظان
خذ بالمعالي فلحظ السعد يقظان / والجو أفيح والندمان ندمان
والعيش يفتر عن بيضاء صافية / قد راق فيها لنا حان وألحان
والدهر يختال في صفراء فاقعة / قد زينتها أكاليل وتيجان
والملك يشرق إجلالا بغرته / أني وقد حك منه الافق تبيان
وأنجم السعد تجري في مطالعها / زهواً بطلعة ملك شأنه الشان
قطب الوزارة لو دارت دوائره / يوم الفخار فمن أدّ وقحطان
القائد الخيل للأفواه فاغرة / كما تلمظ في هيماء ثعبان
جوامح يسلس الملك الجموح بها / كأنهن لخيل النصر أرسان
خوارق بسراها كلّ داجية / كأنها وبنات الافق أخدان
يا فارس الخيل والفرسان طائشة / تصك منها بقرع الطعن أذهان
أنت المزلزل منها ركن طاغية / كما يزلزل قلب الشّرك إيمان
فتى الملوك مفدّاها ولا عجب / أن يفتدى بالحصى درّ ومرجان
وساحب الفيلق الجرار تحسبه / شهب البزاة أقلتهن عقبان
الفاضحات جياد الريح في طلب / إن ضمها وجياد الريح ميدان
والسابحات إذا جاشت غواربها / سبح الكواكب والظلماء طوفان
من المغيرات في الإغلاس يحفزها / شأو تعاظم منه ذلك الشأن
مختالة تتهادى يوم معترك / كأنها في مروج الرّوض غزلان
طلائع كأثير الأفق ثائرة / تشقى بطلعتها خيل وفرسان
بشرى لها بأبي الفرسان فخرهم / بأنهم لأمير منه غلمان
ملك ترفع قدراً في سياسته / عن أن يقاس به كسرى وساسان
قد شرفت ساكني الزوراء زورته / كما يشرّف قدر الأرض هتان
وقال في حظّه الأوفى مؤرخه / بالفتح والنصر طل عزّا سليمان
خذ بالسرور فلحظ السعد يقظان
خذ بالسرور فلحظ السعد يقظان / والرّبع أفيح والندمان ندمان
والعيش يفتر عن بيضاء صافية / قد أخلصتها لنا حان والحان
والبيض تختال عجبا في غلائلها / كأنها وبنات الافق أخدان
والكون يرفل في صفراء فاقعة / من جنة زهرها حور وولدان
والكون أضحى على كيوان مرتقيا / كما ارتقى تلمات الفضل كيوان
وافى وقد أصبحت تسمو دعائمه / فخرا بعزة ملك شأنه الشان
القائد الفيلق الشهباء لو نزلت / نجداً لظل لها يهتز عمان
والمخصب البلد العافي بنائله / والفخر اثنان أقدام وإحسان
صعب العريكة لا تلوى شكيمته / سهل القياد إذا ناداه ولهان
أعظم به وظلام النقع معتكر / والبيض نوم وهام الصيد أجفان
يلقى الألوف بقلب غير مكترث / كأنما قصب المران ريحان
صلت المكلل مرهوب لهيبته / لو ضمه وقراع الشوس ميدان
حيث البسيطة بالأطواد راجفة / وأعين البهم تحت النقع آذان
وللقواضب في الأدراع صلصلة / يجيبها من قسيّ القوم مرنان
كأنه تحت نقع الخيل بدر دجى / والشهب من حوله بيض وخرصان
فالعيد نال بكم نيل الأنام به / وبشرت بكم الأزمان أزمان
وزين أفق العلى منكم ببدر هدى / أمسى بفخر المعالي منه قرآن
وأصبحت بكم الآفاق آمنة / جاران في بره السرحان والضان
ملك سما في بني الأملاك مفخره / كما سمت شرفا في العرب قحطان
فمن لأمّ العلى منه بلثم ثرى / عنا له الثقلان الانس والجان
وكم تجلى بصبح من أسرّته / فانجاب عنّا به بؤس وأحزان
وقال في شأنه الأعلى مؤرخه / بدا بعيد منىً أضحى سليمان
إن كنت في سنة من غارة الزمن
إن كنت في سنة من غارة الزمن / فانظر لنفسك واستيقظ من الوسن
ليس الزمان بمأمون على أحد / هيهات أن تسكن الدنيا إلى سكن
لا تنفق النفس إلا في بلوغ منى / فبائع النفس فيها غير ذي غبن
ودع مصاحبة الدنيا فليس بها / إلا مفارقة السكان للسكن
والعيش أنفس ما تقنى لذاذته / لولا شراب من الاجال غير هني
وكيف يحمد للدنيا صنيع يد / وغاية البشر منها غاية الحزن
هي الليالي تراها غير خائنة / إلا بكل كريم الطبع لم يخن
ألا تذكرت أياماً بها ظعنت / للفاطميين أظعان عن الوطن
أيام دارت بشهب المجد دائرة / ما كان مركزها إلا على الشجن
أيام طل من المختار أي دم / وأدميت أي عين من أبي حسن
أعزز بناصر دين الله منفردا / في مجمع من بني عبادة الوثن
يوصي الأحبة أن لا تقبضوا أبدا / إلا على الدين في سرّ وفي علن
وإن جرى أحد الأقدار فاصطبروا / فالصبر في القدر الجاري من الفطن
ثم انثنى للأعادي لا يرى حكما / إلا الذي لم يدع رأسا على بدن
سقيا لهمته ما كان أكرمها / في سقي ظامي المواضي من دم هتن
حيث الأسنة للآجال مفصحة / عن المنايا بذاك المقول اللكن
وللظبى نغمات في رؤوسهم / كأنها الطير قد غنت على فنن
يا جيرة الغي أن أنكرتم شرفي / فإن واعية الهيجاء تعرفني
لا تفخروا بجنود لا عداد لها / إن الفخار بغير السيف لم يكن
ومذ رقى منبر الهيجاء اسمعها / مواعظا من فروض الطعن والسنن
للَه موعظة الخطي كم وقعت / من آل سفيان في قلب وفي أذن
كأن أسيافه إذ تستهل دماً / صفائح البرق حلت عقدة المزن
فلم يروا غير ذاك الليث مقتنصاً / تلك الأوابد لم ينكل ولم يهن
للّه حملته لو صادفت فلكاً / لخر هيكله الأعلى على الذقن
يفري الجيوش بسيف غير ذي ثقةٍ / على النفوس ورمح غير مؤتمن
وعزمة في عرى الأقدار نافذة / لو لاقت الموت قادته بلا رسن
حتى إذا لم تصب منه العدى غرضاً / رموه بالنبل عن موتورة الضغن
فانقض عن مهره كالشمس عن فلك / فغاب صبح الهدى في الفاحم الدجن
قل للمقادير قد أبدعت حادثة / غريبة الشكل ما كانت ولم تكن
أمثل شمرٍ أذل الله جبهته / يلقى حسيناً بذاك الملتقى الخشن
واحسرة الدين والدنيا على قمر / يشكو الخسوف من العسالة اللدن
يا سيداً كان بدء المكرمات به / والشمس تبدأ بالأعلى من القنن
من يكنز اليوم من عِلم ومن كرم / كنزاً سواك عليه غير مؤتمن
هيهات أن الندى والعلم قد دفنا / ولا مزية بعد الروح للبدن
لقد هوت من نزار كل راسية / كانت لابنية الأمجاد كالركن
للَه صخرة وادي الطفّ ما صدعت / إلا جواهر كانت حلية الزمن
قد أنفقتها بأطراف القنا فئة / على أساسهم بيت النفاق بني
خطب ترى العالم العلوي لأن له / ما العذر للعالم السفلي لم يلن
ان تبكه مقل الأفلاك تبك فتى / كان الوجود به في أمنع الجنن
من المعزّي حمى الإسلام في ملك / من بعده حرم الإسلام لم تصن
يهنيك يا كربلا وشي ظفرت به / من صنعة اليمن لا من صنعة اليمن
للَه فخركِ ما في جيده عطل / ولا بمرآته الأدنى من الدرن
كم خرّ في تربك النوري بدر تقى / لولاه عاطلة الإسلام لم تزن
من كل فارس أقدام ومكرمة / لاقى المنايا بلاغمٍ ولا منن
حي من الشوس معتاد وليدهم / على رضاع دم الأبطال لا اللبن
يجول في مشرق الدنيا ومغربها / نداهم جولان القرط في الأذن
من مبلغ سوق ذاك اليوم أن به / جواهر القدس قد بيعت بلا ثمن
يوم بكت فيه عين الكومات دماً / على الكريم فبلّت فاضل الردن
يوم أجال القذى في طرف فاطمة / حتى استحال وعاء الدمع والوسن
لم تدر أيّ رزايا الطف تندبها / ضربا على الهام أم سبيا على البدن
لهفي على ناطقات العلم كيف غدت / وأفصح اللسن منها ألكن اللسن
أي الشموس توارت بعد ما تركت / في صدر كل كمال قلب مفتتن
ما للحوادث لا دارت دوائرها / أصابت الجبل القدسي بالوهن
قل للمكارم موتي موت ذي ظمأ / فقد تبدل ذا العذب بالأجن
إن زلزلت هذه السفلى فلا عجب / دارت على الفلك الأعلى رحى المحن
تبكي على سيد كانت له شيم / يجري بها المجد مجرى الماء في الغصن
لقد أطلت على الإسلام نائبة / كقتل هابيل كانت فتنة الفتن
إن الندى كان لا يلقى صدى أمل / إلا بأكرم من صوب الحيا الهتن
أين الهدى كان يجلو كل معتكر / ولا يقيم الورى إلا على السنن
إن أصبح الدهر يزجي من عزائمه / فإن حظ بقايا المكرمات فني
لقد هوى علم الإسلام بعد فتى / هداه والدين مقرونان في قرن
أقول والنفس مرخاة أزمتها / يقودها الوجد من سهل إلى حزن
مهلا فقد قربت أوقات منتظر / من عهد آدم منصور على الزمن
كشاف مظلمة خوّاض ملحمة / فياض مكرمة فكاك مرتهن
قرم يقلّد حتى الوحش منّته / وابن النجابة مطبوع على المِنن
صباح مشرقها مصباح مغربها / مزيل محنتها من كل ممتحن
أغرّ لا يتجلى نور سؤدده / إلا بروض من الدين الحنيف جني
تسعى إلى المرتقى الأعلى به همم / لا تحتذي منه إلا قنّة ألقنِن
يسطو بسيفين من بأسٍ ومن كرم / يستأصلان عروق البخل والجبن
يا من نجاة بني الدنيا بحبهم / كأنها البحر لم يركب بلا سفن
طوبى لحظ محبيكم لقد حصلوا / على نصيب بقرن الشمس مقترن
يا قادة الأمر حسبي أنس حبكم / في وحشة الحشر يرعاني ويؤسني
هل تزدري بي آثامي ولي وله / بكم إلى درجات العرش يرفعني
وهل تميد بي الدنيا إلى دول / ومن ولائي فيكم ما يقوّمني
أرجوكم وراجاء الأكرمين غنى / حياً وبعد اندراج الجسم في الكفن
ومنكر ونكير لا أهابهما / أنّىولحظ رجال الله يلحظني
ظفرت بالأمن إذ يممت مالكه / وصعب نيل المنى سهل على الفطن
يا من بقدرهم إلا على علت مدحي / والدر يحسن منظوماً على الحسن
إن طالبتني بمدح ذات أمجدكم / فرب طالب أمر وهو عنه غني
فهاكم من شجيّ البال مغرمة / عذراء ترفل في ثوب من الشجن
جاءت تهادى من الآزري حالية / من اجتلى حسنها الفتّان يفتتن
خذوا إليكم بلا أمر مدائحه / أنتم أولو الأمر من باد ومكتم
ثم الصلاة عليكم ما بدا قمر / فانجاب عنه حجاب الغارب الدجِن
وقفت بذات الأثل من نعمان
وقفت بذات الأثل من نعمان / فشجت فؤاد متيم ولهان
وتذكرت في الابرقين مناخها / فتنفست عن مدمع حران
تبكي على ما مرّ من زمن الصبا / متعلقاً بذوائب الأقران
للَه وقفتها بذي سلم ضحىً / ودموعها وقفت على الأجفان
والوجد ينحرها بغير مهند / والشوق يطعنها بغير سنان
لم تدر قبل ركوبها خطط الهوى / إن الهوىمنهاج كل هوان
تمشي وتلتفت التفاتة عاشق / نفثت عليه آفة الهيمان
يا ناق من ملأ الوعاء من الهوى / أعيا بذاك المجمر الملآن
ولقد أراك على اللقاء حريصة / والحرص متحد مع الحرمان
إن عاد ذيّاك الوصال فربما / رجعت بسالفه يد الأزمان
لا تيأسي من روح عائدة الهوى / كم عاد مقصوص إلى الطيران
وأنا الفداء لظاعنين ترحلوا / بالصبر قبل ترحل الأظعان
كانوا وكان الحسن بين قبابهم / برتاح بالأقمار والأغصان
من كل من تبدو أسرة وجهه / فتضيء ما صبغت يد الأشجان
ويريك لحظاً من محاجر طرفه / كالسيف إلا أنه روحاني
من للقلوب تقلبت مفريّة / بسنان ذاك الأحور الوسنان
لاحظته فلحظت خدّي أبلج / قد سار في فلكيهما القمران
ولمحت من شفتيه عذبا سائغا / كالراح تلمع من خلال دنان
وترى القلوب تميل من ميلانه / جهلت غصون البان في الميلان
يا صاحب القدّ المثقف لدنه / مهلا ملأت قلوبنا بطعان
لا أعتبنك في تناسي عهدنا / ما أخلق الإنسان بالنسيان
ما أنت إلا الدهر أمسك نوءه / من بعد ما أشفى على الهملان
ولقد جثثت على المعالي ناقتي / فتلفعت بسباسب ورعان
ورمت بي الأرض البعيد مرامها / من قبل أن يتراجع الجفنان
يا ناق إن العشق ليس بقائد / للصب غير خوارق الأحزان
هل يغررنك ما تحدثه المنى / وحديثها ضرب من الهذيان
أمّي ديار الأكرمين فإنها / للطالبين معادن الإحسان
تطوي الثرى أخفافها فتخالها / خفقان أجنحة من العقبان
ظمآى إلى الورد المبرّد دماؤه / غرثى إلى المرعى العظيم الشان
قد قارنت زحل السرى فأنختها / في ظل أسعد بدر كل قران
المرشد الحيران من مهوى القضا / حيث الزمان يجول كالحيران
علم تمد له العلوم رقابها / فيقودها ذللا بغير عنان
لم تنبت الدنيا قناة فضيلة / إلا وكان لها مكان سنان
لولاه كان العيش ليس بنافع / والكف لم تنفع بغير بنان
لو كان جود يديه ماء سحابة / لم تأمن الدنيا من الطوفان
وبدت لدائرة النجوم هباته / فتعلمت شيئا من الدوران
يعطى فليس يمينه منكفّة / من فك أسر أو إغاثة عان
ويلذ قول المعتفين لسمعه / كالماء ينقع غلة الظمآن
لم يبق داء في العفاة كأنما / بيديه علم الطب للأبدان
يا نازلا من أفق دائرة العلى / باشم من حساده القمران
لا تحسب العلياء حظك حظها / فالفضل للباني على البنيان
والجود يقرأ من جبينك سطره / كم أسطر قرئت من العنوان
ولقد أرى لك في القلوب محبة / كمحبة الفقراء للوجدان
فليطمئن الكون منك براحة / كانت أناملها رقى الأكوان
ولتفخر الدنيا بسعدك فخرها / ما دار مثلك في مدار زمان
من معشر غرّ الجباه كأنها / لمعان برق أو بريق يمان
تندى بواكفة الصلات أكفهم / فكأنها مدد من الرحمان
وكأن أوجههم مدائن حكمة / يوقى الزمان بها من الحدثان
يلقاهم يقق الصباح فيكتسي / بعد المشيب ذوائب الشبان
فتذم أسد الطعن منهم عزمة / تثني عليها السن المران
وترى جنود الليل ترفع ذكرهم / بخفوق ألوية من النيران
عصب إذا ذكرتهم أمم الوغى / خرت نواصيها إلى الأذقان
يا محرزا قصب الشجاعة والندى / لك منهما نسبان قدسيان
أما السماح فقد ظفرت باسره / فملأت منه وعاء كلّ مكان
ومن الشجاعة قد بلغت مكانة / قام الزمان بها مقام جبان
للَه أوطان بشمسك أسعدت / ما كان أسعدها من الأوطان
فاقت بجوهرك الكريم على السما / شرفية والدار بالسكان
دار متى استسقى الرجاء سجالها / وكفت له بمذانب العقيان
وإذا تغشاها امرؤ خوف الردى / ضربت عليه سرادقات أمان
أني تهنا بالمنازل في الثرى / ومحلك الأدنى على كيوان
ظفرت نصال المجد منك بصيقل / لولاه ما مسحت من الأدران
يا جوهر البشر امتيازك منهم / مثل امتيازهم من الحيوان
لو لم تكن من ولد آدم لم تكن / كل العوالم عالم الإنسان
لا زلت أعجب ممّ عدنان سمت / حتى براك اللَه من عدنان
وبمن أقيسك في أقل مزية / ربما يخف لوزنك الثقلان
ولقد رعيت بروض ظلك أينقي / فرعت بأسعد من جنى السعدان
وقفت بدارك تستجير بربها / سجم الدموع حوالك الألوان
وجدت لديك عقود لؤلؤة الندى / منحلة بالوابل الهتان
فترشفت من راحتيك أناملا / تهتز للجدوى اهتزاز لدان
خفت مؤنتها لديك وطالما / كانت تنوء بمثقلات أمان
وأنا الذي ترك الأنام وراءه / وأتى إليك مشمر الأردان
متبينا آثار كل كريمة / وعلى الصباح يقوم كل بيان
هيهات أن أنسى ثناءك ما انثنى / غصن النقا وأراك لا تنساني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025