المجموع : 160
شديد الحزن من هول المصاب
شديد الحزن من هول المصاب / وما دمعي سوى قلب مذاب
وما المحيا سوى أمل ويأس / وما الدنيا سوى دار اكتئاب
وما خبر المنون لدى البرايا / سوى وقع أشدَّ من الحراب
فما للأرض مادت بالرواسي / وما للكون أصبح في اضطراب
وما للعين قد هجرت كراها / وما للنوم بالغ في اجتنابي
عهدت الدمع في عيني نقيا / فكيف أراه يجمل للخضاب
ومن يستعذب الايام حينا / تذقه المرَّ في كأس العذاب
ومن يترك عتاب الدهر يوماً / يجد أن لا مناص من العتاب
فزل يا موت عن عيني بعيداً / فما يرضي الورى لك باقتراب
وعدت الخلق يوم تزور حزنا / ووعدك جاءَ في قول صواب
وشر القول عند الناس وعد / أصاب الصدق في النوب الصعاب
حسبت الملك يحمى مالكيهِ / ولم تكن المنية في الحساب
أمرّ على الجلال فلا أراه / وما عهدي به طول الغياب
وليس من العجيب لدى المنايا / ذكاء تختفي تحت التراب
فديتك ربة الدنيا رويدا / فما لك بعد بينكِ من اياب
وما للملك غيركِ من كفيل / ولا للسيف بعدكِ من ضراب
وكنت البحر في رفد وجود / وليس لغير بحرك من عباب
وقومكُ خير قوم لم يزالوا / ليوث الحرب في قور وغاب
تمشت في جنازتكُ البرايا / بوجه لاشتداد الحزن كاب
وكلٌّ خافض عينيه حزناً / لفقدكِ من بكاء وانتحاب
على سلطانة درجت وكانت / قبيل الموت أمنع من عقاب
عليكِ صلاة ربكِ كل يوم / وما هطلت شآبيب السحاب
لقد غادرت عرشك في جلال / ونضرة ملك نجلك في شباب
فيا ملك الملوك لك التعزي / جميل بالدعاء المستجاب
فثق باللَه واستنجد بصبر / تنل من عنده حسن الثواب
رأيتك في الورى ملكاً وحيداً / وليس لها سواك بلا ارتياب
فخذ من شاعر النيل امتداحاً / يثير حفائظ القوم الغضاب
ذريني وقلبي قبل أن يتفطرا
ذريني وقلبي قبل أن يتفطرا / أدار هوى بين الجوانح مضمرا
فؤاد جوىّ كلما هبت الصبا / تذكر من ماضي ما تذكرا
ولم أنس يوم البين وقفة نازح / عن الدار غطى وجهه وتأزرا
ولم ألق كالأحداج يوم وداعه / بعينيَّ لولا البين احسن منظرا
صفوف صفوف من جمال واينق / يمالئن قوماً دارعين وحسرا
غرام تلظى بي فاذرف عبرتي / وما خلتها لولاه ان تتحدرا
حببتك دنيا القلب والحب جذوة / اذا لمست جلمود صخر تسعرا
تعرض لي قوم يقولون قد اتى / بشعر جرير لائما ومعيرا
فهاتوا جريراً ثم ثوبوا الى الهدى / ولِلّه في الغفران ان يتخيرا
ارى الحسد المطويّ يملى عليكمُ / اذا كنت في سوق التفاضل اشعرا
وحسبي فخاراً ان أقاس بمفلق / رقى بين مداح الخلائف منبرا
عهدتكمُ ادنى البرية محتدا / واخبث خلق اللَه نفساً وعنصرا
فلا تبتغوا شأوى فلست بمدرك / ولا تحرجوا في الخيس اغلب قسورا
وفيم ملامي رهط ديني ومعشري / اذا قلت جاء الشيخ إدّا ومنكرا
ترامى إلى حب الكعاب ضلالة / فيا ليته قبل الضلال تبصرا
ومن غيه والغيّ أخشن مركبا / يرى فرعه اسمى قبيلا ومعشرا
افق يا ابن يسى من ضلالك في الهوى / فمثلك احرى ان يفيق فيبصرا
رآك ابوها ارذل القوم عنده / واسقط نفساً في العباد واحقرا
فخلت الهدايا تسترق فؤاده / فارسلت تهديها السوار المجوهرا
ولم ينهك الاعراض حتى كسوتها / رداء من الخز النفيس محبرا
ولست وايم اللَه كفؤاً لمثلها / ولو بت أغنى العالمين وايسرا
ولست الذي يرضى لؤياً وغالبا / ولو فات كسرى في الفخار وقيصرا
ركبت المخازي وامتطيت متونها / وقد كنت أدرى بالمآل وأخبرا
ذممت حماة الدين والشرع بعدما / أذاقوك سما رغم انفك ممقرا
ومن يذمم الشرع الحنيف وقومه / فقد ذم طه والكتاب المطهرا
خرقت سياج الطهر وهو ممنع / وجست فناء بالعفاف مسورا
لأنت الذي سودت للفضل وجهه / وقد كان قبل اليوم أبيض أزهرا
وأنت الذي يأباه دين محمد / ولم يرضه عيسى اذا ما تنصرا
ما لِبنتِ الحسيبِ هامت بوغدٍ
ما لِبنتِ الحسيبِ هامت بوغدٍ / سافلٍ جاهلٍ غويٍّ خؤونِ
قُل لها عن جَذِيمةٍ لِرَقَاشٍ / حِينَ باتت والعِرضُ غيرُ مصون
حَدّثيني وأنتِ غيرُ كذوب / أبحرٍّ شُغِفتِ أم بهجين
أم بعبدٍ وأنتِ أهلٌ لعبدٍ / أم بدوُنٍ وأنتِ أهلٌ لدون
العبد ما في هجوه من باس
العبد ما في هجوه من باس / ان العبيد لألأم الاجناس
يا ابن الزنوج ومن عهدت قبيله / تعزى الى الاوران والنسناس
ليس العبيد وان تشامخ انفهم / الا من الخدام والحراس
والارض مهما طهّرت من رجسها / لم تنس رجس أولئك الارجاس
يا صاحب النيل السعيد ومن له / ذكر جميل في الندى والباس
طهر بلادك منهمُ بدمائهم / تطهر من الانجاس بالانجاس
لا خير في من حظه وإهابه / وضميره كالحبر في القرطاس
أيكون ذا أدب ويدعى كيّسا / من بيع في الاسواق بالاكياس
يا عبد يا ابن العبد حسبك شاعرا / ينحى على شيطانك الخناس
انكرت حكمة أحمد ويراعه / وطفقت تهجو شاعر العباس
وزعمت نفسك مفردا فاربأ بها / يا مفرداً في الجهل والإِفلاس
تعس العبيد أتلتقي أنفاسهم / يوم الفخار بهذه الانفاس
فارجع الى الأرض التي فارقتها / والعب لهم بالطاب والبرجاس
ماذا تروم ابا المريسة بيننا / واخا البنات العشر في الاعراس
أحسُن دل على القلى حملَه
أحسُن دل على القلى حملَه / أم ما رواه الوشاة والعذله
قد غادر الصب ما به رمق / تراه يحييه بعد ما قتله
وما الهوى غير لوعة وجوى / والشوق الا تلهف ووله
ما للعذول الذي منيت به / لا يتقي اللَه في الذي نقله
يا هاجر الصب حيلتي نفدت / وعاذل الصب متقن حيله
قطعت حبل الهوى بلا سبب / يقضى به والمحب قد وصله
مالي وللحب اني رجل / ثناك يا خير راحل شغله
قول من الشعر في سلاسته / يحار ربُّ البلاغة القُوَله
أقمت في مصر فازدهت طربا / حتى تثنت بمهجة ثمله
وظل وادي النضار في دعة / وأصبح القطر لابساً حلله
مثلت إدوار في مهابته / وفي علاءٍ ظهرت مشتمله
مملكا سائدا على أمم / العدل فيها أقل ما فعله
رَبَّ معالٍ مطاعَ مملكة / لم يرض بالشمس عرشه بدله
أذل أعداءَه وما برحت / قلوبهم من سيوفه وجله
فسر بيمن مفاخرا دولا / بدولة بالفخار متصله
بدولة لن نزال نحمدها / مقيمة بيننا ومرتحله
كم من دعى جعلته هدفاً / للذل والبعض للعلى جعله
وشر مولى يسوس عن خطل / في رأيه ثم لا يعي خطله
وثاقب الرأي من رمى غرضا / الى المعالي فنال ما أمله
هي الآس والريحان والوردة التي
هي الآس والريحان والوردة التي / يطيب لنفس العاشقين شميمها
إذا خطرت مِليَا تنسمتَ روضة / من الحسن لا يخفى عليك نسيمها
صغت القوافي التي راقت معانيها
صغت القوافي التي راقت معانيها / والسعد يكتبها والمجد يمليها
تسعى إلى الهند من مصر مدبجة / في صاحب التاج والدنيا وما فيها
أثنى عليه ولا فخر بشاردة / عليّ فيه قد انثالت قوافيها
زهى به الدهر والايام معجبة / تهز في ظله اعطافها تيها
اللَه اكبر هذي الهند في دعة / فأي مصرٍ غداة الفخر يحكيها
باتت زماناً ونار الجدب تحرقها / وقد أفاقت وماء الخصب يرويها
وليس فاتح بلدان ليسعدها / يوماً كفاتح بلدان ليشقيها
اني بمدحك مغرى غير ملتفت / بين الملوك الى نعمى اياديها
وكيف امدح علياك التي بلغت / اقصى الفخار بقوم من مريديها
لا يخضعون لخطب ان المّ بهم / أهزت الهوج عن أرض رواسيها
واصدق الشعر في قوم ذوي همم / قد زاحموا الزهر حتى في مساريها
يا صاحب التاج خذ للتاج من كلمي / نظماً هو الدر تمثيلاً وتشبيها
مهلا فلا شأو بعد النجم تلحقه / ولا جلالة بعد الشمس تبغيها
طلعت بالعدل والايام مظلمة / بسدفة الظلم فابيضت دياجيها
بدولة تعجز الدولات نهضتها / يوم الوغى ودليل الحزم هاديها
اذا الصريخ دعاها يوم طارئة / همت اليه ولبت صوت داعيها
يهابها الدهر ان سلت صوارمها / يوم التلاحم اوصلت عواليها
كأنها وربيب الملك يحرسها / عريسة وربيب الخيس يحميها
لها عجائب تبدو من مآثرها / كالشمس لا تقدر الابصار تخفيها
يا قوم مصر ولم أنظر لكم اثرا / إذا المعالي دعت قومي دواعيها
أتفخرون بآثار لغيركمُ / الظلم شيدها والدهر يبليها
الى م تبغون ملكا عز جانبه / وتبلغون من الدعوى تناهيها
وتفرحون بما خوفو بنى لكمُ / وتمدحون من الأهرام بانيها
قومي ألم تكن الاهرام قائمة / من قبل ان تدخلوا مصراً وواديها
فأي فخر لكم فيما نشاهده / يا أمة نسيت في الذل ماضيها
قوموا بها وانهضوا حتى نوافيكم / بكل كاسية تزهو لعاريها
فان عجزتم عن مآثرها / ما في مآثرنا شيء يضاهيها
أودى فضج المعشر الاشراف
أودى فضج المعشر الاشراف / من كان كعب جده ومناف
اودى الذي نزل الكتاب لجده / فبكت له يسين والاعراف
ان جئت انشده الرثاء فطالما / بالمدح فيه ترنحت اعطاف
قد كان اموج للعفاة عوارفا / إما تموج بحره الرجاف
يا دوحة الشرف الرفيع لقد ذوت / بك من قريش دوحة مئناف
ان لم اف الحق الذي لك عندنا / نُسب الجحود اليَّ والاجحاف
ضج الحجاز من البقيع ليثرب / وبكى العلاءَ جدودك الاسلاف
قد كنت من قوم يطول فخارهم / فكأنهم بين العباد نياف
وثبوا الى الاسلام وثبة فارس / في كفه صمصامه الرّعاف
فاخضرت الدنيا بنائل كفهم / واحمرت الارماح والاسياف
فانزل على رحب المقام بجنة / لك ضجعة ما بينها وطواف
وتوسد القبر المجلل هادئاً / عم السكون فليس ثمَّ خلاف
وسقى الاله ثراك صوب غمامة / هي من يديك الصيب الذراف
يا قلب صبراً فالحياة كما ترى / خُلُقُ الحياة الغدر لا الانصاف
أودى الشريف ومن له عصبية / تأبى المجرة منزلاً وتعاف
أيهذا الخزان نلت الفخارا
أيهذا الخزان نلت الفخارا / وكساك الذي بناك الوقارا
هذه مصر ترتجيك زمانا / فقدت أرضها بهِ الامطارا
يذهل الفكر في مبانيك رغما / وتروق العيون والابصارا
قد تركت الثرى خصيباً وبالما / ء ملأت الفجاج والاقطارا
ليس بدعا اذا أسلتَ لجينا / بدل الماءِ أو اسلت نضارا
أمة المجد شيدتك بقطر / بلغت في احتلاله الاوطارا
وأحق الاقوام بالمدح قوم / ركبوا في سبيلها الاخطارا
فخليق لمثل مصر بان تع / جب حتى تفاخر الامصارا
أولاة الزمان هبوا قليلا / إن في رقدة الخمول لعارا
فالعظيم الذي يحاول بالج / د جلالاً وعزَّة واقتدارا
والذي لو توعد الشمس ادجت / وإذا هدد العرمرم غارا
والذي ان تبوأ الملك يختا / لُ بعصر يفاخر الاعصارا
حتام هذا الجؤذر
حتام هذا الجؤذر / يجفو المحب ويهجر
رشأ أسيل خده / أحوى المباسم احور
ومن العجائب شادن / يعنو لديه القسور
يا أخت مقتحم الوغى / يعلوه نقع اكدر
هل تنعمين بزروة / فيها يعف المئزر
او ترفقين بمهجة / بين الجوانح تصهر
ارجو نداك وبالندى / رب الاريكة اجدر
سمح كأن يمينه / في الجود غيث ممطر
وكأن عيد جلوسه / للناس عيد أكبر
عيد العزيز ومن به / آي الثناء تحبر
قد قلَّ عنه تبع / في مجده والمنذر
شمل الجناة بعفوه / والعفو حظ اوفر
أمنوا الشقاء فكلهم / يطرى الامير ويشكر
لا غرو فهو مملك / يمحو الذنوب ويغفر
طلق اليدين كانه / يوم الرغائب جعفر
وضح الجبين كأنه / قمر تألق مبدر
في موكب تخذ السهى / أرضاً عليها يعبر
ضخم الجلال كأنما / كسرى به أو قيصر
حفت بموكبه فوا / رس دارعون وحسر
مثل السيول اذا جرت / من شاهق تتحدر
وترى العتاق كأنها / ظبيات قاع ضمر
تطوى السهوب وخلفها / ريح الصبا تستحسر
نهد أغر وأدهم / يطأ الهواء وأشقر
ركب يتوق لمثله / رمسيس والاسكندر
عيد ابان لخاطري / كيف الخيال يصور
فالازبكية حولها / سُرُج تنير وتزهر
روض اضاء كأنه / فلك منير مقمر
فكأنما هو جنة ال / فردوس اوهو انضر
فيه الحمائم جثم / تخشى المصاد وتحذر
رأت الضياء كأنه / صبح تلألأ مسفر
فتنبهت بعد الكرى / بين الارائك تهدر
ترجو الهجوع بأيكها / فيروعها من يزجر
وترى البيارق تارة / تطوى وطورا تنشر
فكأنما هي أعقب / قد رفرفت أو أنسر
وترى المشاعل تلتوى / مثل الاسنة تشهر
أو كالاراقم سربت / من وكرها تتسور
رقش تثور وما بها / الا اللظى المتسعر
متها الكواكب طلع / آنا وآنا غوّر
يغشو الغريب لضوءها / والطارق المتنور
يقق يروق وازرق / صافي الاديم واصفر
او احمر متوهج / يطفو عليه الاخضر
فكأنما هي جوهر / في نثرها متخير
وكأنها صوب الحيا / في قطره او أغزر
وترى الظلام كراهب / في برده يتعثر
او بنت حام فوقها / أبهى اللآلئ ينثر
ماذا اقول ووصفها / عنه البلاغة تقصر
واريكة يشدو بها / حلو الضروب مؤثر
فكأنما هو واعظ / وكأنما هي منبر
شاد يداعب عوده / ويُسِرّه ما يضمر
وذوى غرام حوله / مثلَ العرمرم يزخر
من كل ذي شغف على / مضض الهوى لا يصبر
او عاشق يشكو الجوى / او وامق يتذكر
يا عيد اسعد شاعراً / بجلال قدرك يشعر
لا زال ربك سيداً / ينهى العباد ويامر
لك الله إسماعيل في كل موقف
لك الله إسماعيل في كل موقف / تمد به للمكرمات سرادقا
لانت الذي زكاه للناس ربه / وقال اذكروه انه كان صادقا
يا منقذ النيل لا ينسى لك النيل
يا منقذ النيل لا ينسى لك النيل / يدا لها من فمِ الاصلاح تقبيل
انا نودّعُ فيكَ العرفَ أجمعه / وما لنا غيرَ حسنِ الصبرِ تعليل
تسعى النفوسُ الى تشييعِ مرتحل / أنيَّ يكن فهوَ مرجوٌّ ومأمول
حاشاك ما انتَ بالمغصوبِ منصبه / كلا ولا أنتَ عن علياكَ معزول
نرضى بديلك عن طيبٍ بأنفسنا / وليس لِلّهِ فيما رامَ تبديل
ألفتَ بين قلوبِ الخلقِ عن مقةٍ / يدعو لها الخلقَ فرقانٌ وانجيل
جعلتَ مصرَ بلادا أمطرت ذهبا / فتربها بمذاب التبرِ مبلول
خلفتها ويدُ الاسعادِ تكنفها / داراً عليها منَ النعمى سرابيل
حللتَ فيها وغلُّ الجورِ مقعدُها / ذلّاً وفارقتها والجور مغلول
وكنت ملجأها أيامَ نكبتها / وللحوادث بابن النيل تنكيل
سستَ العباد بأمرٍ ليس ينقصه / ناهٍ تحقق ان الامر مفعول
وقد رفعتَ من الاصلاح ألويةً / لها رواق على الاصقاع مسدول
وقمتَ بالامرِ حتى ما لنا طلب / يرجى وأنت امام اللَه مسؤول
وللوزير الذي أطراك عن ثقة / مدح على صفحات البرقِ منقول
أرى اناساً تمنوا في سياستهم / ان يخذلوك وخصم الحق مخذول
يهوّلون بلا جدوى مزاعمهم / ولن يضرَّك ايهامٌ وتهويل
لو كان بالناس عدلٌ ما قضى عمرٌ / ربُّ العدالة فيهم وهو مقتول
ولو تأنوا دَرَوا ما كنت تزمته / ففيهِ ما هو معلومٌ ومجهول
وكنت تنجز بالحسنى مطالبهم / لو انَّ قولهمُ في النقدِ معقول
صرنا نخاف على الاعراضِ من نفر / كأن جروهمُ في نهشها غول
قد جردوا ألسناً يا ليتها قطعت / من دونها مرهفُ الحدَّين مسلول
فلو أردت انتقاما منهمُ نهضت / ناسٌ لنصركَ لا عزلٌ ولا ميل
قوم يحاكونَ أسد الغاب رابضةً / لهم منَ البيضِ أو سمر القنا غيل
وخاضت البحرَ والآذىُّ ملتطمٌ / شمُّ البوارج تقفوها الاساطيل
لكنَّ حلمكَ يقضى ان تجاملهم / بالرفق مهما أساءتك الاباطيل
لك الاناةُ التي في نيلها طمعت / شيبٌ كهولٌ وشبانٌ بهاليل
فلا يهولنكَ في أفعالهم نزقٌ / ولا يسوءَنك للاقوالِ تأويل
ما أنت ممن يثير اللغو هادئه / أو يستفزُّ حجاهُ القال والقيل
قضيتَ عمركَ والآثارُ ناطقةٌ / توحى الهدى ولبعضِ القوم تضليل
مذ كان عهد الصبا غضّاً ونضرتهُ / لها على ريّقِ الايام تحجيل
أجهدتَ نفسكَ فاربأ تسترح زمنا / لا يستريح امروءٌ والفكرُ مشغول
لك الشفاءُ أقم ما شئت من زمن / فينا فانت على العينين محمول
وان رحلت عن الفسطاطِ كان لنا / شكرٌ كبرّك بالفسطاطِ موصول
نعلل النفس بالتمثال نبصره / وان تكن عنك لا تغنى التماثيل
وللقوافي التي أطلقت بلبلها / في نظم مدحك تسجيعٌ وترتيل
بناتُ فكر تراكَ الكفوءَ ما تليت / لها على الدرّ ادلال وتفضيل
فسر مع اليمنِ مصحوباً بادعيةٍ / يحف ركبك تعظيمٌ وتبجيل
إنني قلت للعذول تمهل
إنني قلت للعذول تمهل / لست ممن عن الهوى يتحول
أبصر الليل في دنوك صبحا / وإذا ما نأيت فالصبح أليل
وإذا ما استعذبت فيك عذابي / كان عندي لماك أعذب منهل
كيف أسلو أم كيف ينهض قلبي / والغواني حملنه ما تحمل
قتلتني العيون من غير سيف / وعيون المها من السيف أقتل
ان أطلت الحنين شوقاً إليها / فليالي النوى على القلب أطول
أبدل الهزل يا فؤادي بجد / إنَّ جد المقال بالحر أفضل
واطلب المجد بالظبا والعوالي / انما المجد في سنان وفيصل
زان شعري وزان نظمي مديحي / للذي يعني بالمديح ويحفل
هو أعلى من ان يقال مليك / ان عددناه والملوك فأول
شيم كالسلسال من غير مدح / وسجايا مثل الرحيق المسلسل
صقلت ذهنه التجاربُ حتى / مثل الغيبَ ذهنهُ فتمثل
يا ابن توفيق والأمور ضروب / أصعب الامر عند رأيك أسهل
ليس يُرضى الورى سواك عزيز / صّعر الخد في ثراه المقبّل
أنت تاجٌ على رؤوس البرايا / والمعالي عليك تاجُ مكلل
ما رآى الطرف في الخضم سفينا / قبل هذي على الجلالة تحمل
قد رست باسم اللَه واسمك حتى / بان عنها بدر العلى وترجل
فأتيناه راجلين احتراما / وهرعنا اليه من حيث أقبل
فهنيئاً لمصر منك قدوم / وهنيئاً لك العلاءُ المؤثل
أرى سماء اضاءت في جوانبها
أرى سماء اضاءت في جوانبها / زهر الدجى بين تصويب واصماد
ارى ليالي مثل الصبح بهجتها / فهن من طرب ايام اعياد
ارى الثريات فوضى في تفرقها / تشف عن كوكب في الافق وقاد
كأن منظرها والنور منبعث / غيد وضعن حلاها فوق اجياد
اني رأيت الكرى زالت بواعثه / والناس في ارق مثلي وإسهاد
انحن في الليل عشاق يؤرقنا / غمز المثالث من عود وعواد
ام نحن مثل حمام الأيك هيجنا / صوت الهديل وهذا البلبل الشادي
اني ظننت السنا والليل يظهره / شيباً يلوح بأقفاء وافواد
مالي أرى الصبح لم يشرق تبلجه / كأن ليلتنا من غير ميعاد
البدر أم أنت أجلى
البدر أم أنت أجلى / والظبي أم أنت اجلى
نأيت عني وقلبي / بجذوة النأي يصلى
والبين لم يبق مني / للصبر الا الأقلا
والدمع اغرق عيني / بما جرى واستهلا
والسهد كحل جفني / ولم يك السهد كحلا
فهل بنفسك مني / كما بنفسي أم لا
من مل فيك غراما / فانما الهجر ملا
حرمت وصلي وهجري / في مذهبي لن يحلا
فجد بطيفك ليلا / لعل في الطيف وصلا
ومرحبا بك أهلا / اذا طرقت وسهلا
كتمت حبك خوفاً / من الوشاة لئلا
يا طالما عنفوني / عليك ظلماً وجهلا
وفوقوا نحو قلبي / من الملامة نبلا
كفاك مني محبا / لم يخش في الحب عزلا
انا العزيز ومثلي / يأبى امتهاناً وذلا
يا قلب نهنه قليلا / واختر سوى الحب شغلا
فليس يجديك نفعا / وعدٌ ترى فيه مطلا
يا جفن لا تبك دهرا / عن الكرام تخلى
قد أخلق الفضل فيه / وقد عفا واضمحلا
ودولة العلم زالت / وحكمها قد تولى
مولاي خير وأبقى / وأغزر الخلق فضلا
سمح تكاد الغوادي / تراه أعظم هطلا
أنار مصر بفكر / مجا الخطوب وجلى
يا سيدي استجل مدحا / عليك بالحمد يملى
دنوت بعد التنائي / يا ألف مولاي أهلا
بدا سناك فقلنا / بدا الهلال وهلا
وانت أسمى مقاما / وأنت أعلى محلا
أدركت مصر بخصب / لولاك ما انفك محلا
لولاك لم ترق مصر / لولاك لم تلق عدلا
ان أظلمت كنت شمسا / أو أجدبت كنت وبلا
يا فرحتي بزمان / أراك فيه الاجلا
زكوت نفسا وأهلا / سروا الى الحرب بُسلا
جروا السيوف وقادوا / خيلا الى المجد قُبلا
والنصر يضحك فيهم / مدججين وعزلا
فيا ملاذ البرايا / وأشرف الخلق أصلا
أراك من غير مثل / ولن أرى لك مثلا
ولست تدرك وصفا / أتعبت فكري فمهلا
سهم الزمان الى الاديب مفوّق
سهم الزمان الى الاديب مفوّق / فالى متى وأنا المغيظ المحنق
قد نلت مكرمة الحياة بعزة / يجثو لديها الحاسد المتلهوق
هي مهجة قد أوشكت ترد الردى / من حزنها والنفس كادت تزهق
بادهر لا تصدع رجوتك في الحشا / صدعا على طول المدى لا يرتق
أبقى عليهم حيث هم يفنونني / والناس بعدي ان فنيت فلا بقوا
يا شعر ودعني فلست بناظم / شيأ يثير لي الهموم ويقلق
ما أنت الا محنة لذوي الحجى / وأسى وتسهيد ورزق ضيق
أبنات فكري طلقيني واعجبي / لأبيك وهو أبوك كيف يطلق
خير لكن الوأد من أني أرى / بيد الليالي عرضكن يمزق
لم تبق دار كي يجلس خلالها / لعلى ولا باب لمجد يطرق
شعراء وادى النيل جئت مؤدعا / لكمُ وما أنا من وداعي مشفق
مني السلام عليكم فتجمعوا / ما شئتمُ لا بد أن تتفرقوا
وتناشدوا عني مقالي واذكروا / مني أديباً شأوه لا يلحق
هذي هي الدنيا كما تبدو لكم / حِرمَ اللبيبُ وفاز فيها الأحمق
ضلَّ الغويُّ فقال الارض ثابتة
ضلَّ الغويُّ فقال الارض ثابتة / وقال آخر قد شدّت بأوتاد
ما للرفاعي وما للارض يوقفها / بالقول من غير برهان واسناد
اين الدليل بان الأرض جامدة / يا من رماني بكفران والحاد
حث الحكيم على رشد فناوأه / باغى الضلال ومن يؤذى بارشاد
إيهاً محمد في جود ومكرمةٍ
إيهاً محمد في جود ومكرمةٍ / واربأ بكف تحاكى الصيّب الغدقا
جددت للمجد جلباباً كسيت به / وكان قبلك جلبابُ العلى خَلفا
فلا برحت أجلّ القوم قاطبةً / وانت أعظمهم يوم الندى خُلُقا
أطريت مجدك والعلياء شاهدة / في كل ما قلته اني امرؤٌ صدقا
هتكت من الغيد اخدارها
هتكت من الغيد اخدارها / ومزقت بالهتك أستارها
وكانت عرى الطهر معقودة / ففكك جهلك أزرارها
نبذت الفضيلة نبذ النوى / وعفّيت في القوم آثارها
بنيت الاماني على غرة / وقد قوض الدهر أسوارها
ذهبت ولكن الى هضبة / سلكت الى البغي أوعارها
قريب مزار الشريفة لكن / لمن غرّروها فيا دارها
فلا تشرئب الى نيلها / وتنسى من الغي أخطارها
صغرت لدى أمة خنتها / وسائل اذا شئت خمارها
ودنست انساب اهلى العلى / ولوثت بالفحش أخيارها
اجدك لا تك دون الورى / جحود العوارف كفّارها
نظيرك لا يرتجى للبلاد / ولو بات ميتاً لما ضارها
ومن كان انجس ذيلاً عليها / فكيف يطهر اوضارها
وكيف يقابل يوم المعاد / اله البرايا وجبارها
وكيف يقابل في خزيه / رسول العباد ومختارها
غداة يقاد الى حفرة / يؤجج خزّانها نارها
فيختلس اللمح من مقلة / تغض على الذل أشفارها
فليت المنون لك استجمعت / وقد أنشبت فيك اظفارها
هجوت الشريعة في حكمها / وهددت بالعزل احبارها
فحتى م ترمي الشريعة جهلا / ومثلك يجهل اسفارها
وحتى م تجرع للطيش كأسا / تسوّغ للشَّرب اكدارها
وحتى م تصبو الى ذلة / وتكسب نفسك إصغارها
وفيك الكفاءة معدومة / فخل المعالي واصهارها
وبشر صديقك من لم يجرب / مراس الخطوب وأضرارها
يحاول اخفاء آثامه / ونحن نحاول اظهارها
رويدك ان بها شاعراً / حليف القوافي ومكثارها
اذا قال ارهف صمصامها / وثقف بالجزل خطارها
فيا قوم هبوا معي هبة / لنقضيَ للنفس اوطارها
ونثأر بالشعر من عصبة / تشد على الشر أكوارها
ما للملوك اضاعوا العمر في الشغب
ما للملوك اضاعوا العمر في الشغب / واوقفوا الخلق بين الخلف والشجب
ما زالت الناس حسادا لعرشهمِ / والعرش لو علموا قد حف بالنوب
دع عنك عرشاً تبيت الليل تحرسه / من فتك مغتصب او بطش منتهب
ماذا تؤمل من ملك تدبره / بفكر مكتئب او قلب مضطرب
هذي الشعوب تنادي وهي ثائرة / على ملوكهم بالويل والحرب
يستسهلون المنايا وهي جارية / على الظباة كأمواهٍ على شطب
ويسقطون بلا خوف ولا حذر / عن عرشه كل ظلام ومرتكب
لا يرفع العرش الا عدل صاحبه / ولا يقوّيه غير العدل من طنب
ما للملوك يخالون الورى خدماً / ويدَّعون العلى من غير مطلّب
وان تهادوا رأيت الناس تتبعهم / في محفل حاشد او جحفل لجب
خذ عن يمينك تلق السرب في هرج / وأرؤس القوم بين البيض والقضب
شعب رأى الموت خيراً من تحمله / عبأً من الشك او ثقلا من الريب
أعياهمُ جور ملك بات عندهمُ / من الجلالة والعلياء في حجب
لقد اتته المقادير التي خلقت / لحتفه سبباً ناهيك من سبب
رآى فحب فتاة من وصائفه / والحب من ملك يدعو الى العجب
وصيفة لم تكن للملك صالحة / أقل منه لدى العلياء في النسب
تذمر الشعب حتى صال صولته / وباتت الارض تخشى الموت من رهب
هم اجمعوا أمرهم والليل منسدل / على الكماة فلا عين لمرتقب
فكان ما كان حتى راح مالكهم / شهيد مافعلوا في مشهد الشهب
وبعده بات شعب السرب في مرح / قد رنحته شمول العجب والطرب
لِلّه در الليالي في تقلبها / كم فرجت عن ذوي البأساء من كرب