القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد الزّين الكل
المجموع : 84
انظُر لِآدابِ الفَتى في الأَكلِ
انظُر لِآدابِ الفَتى في الأَكلِ / تَعرفهُ إِن كُنتَ بِه ذا جَهلِ
خُلق الفَتى يَظهَرُ في الطَعامِ / كَما يَبِينُ اللُبُّ في الكَلامِ
مَهما يَكُن مِن خُلُقٍ يُخفيهِ / فَإِنَّهُ في أَكلِهِ يُبديهِ
وَهَذِهِ آدابُهُ في شِعري / فَصَّلتُها كُلُؤلُؤٍ في نَحرِ
فَاِعمَل بِها إِن كُنتَ ذا كَمالِ / تُكرَمُ في الحِلِّ وَفي التَّرحالِ
دُونَكَ غَسلَ اليَدِ قَبلَ الأَكلِ / لا يَهنَأُ الأَكلُ بَغَيرِ غَسلِ
وَكَثِّرِ الأَيدي عَلى الطَعامِ / فَإِنَّهُ مِن خُلُقِ الكِرامِ
إِن لَم تَجد مُشارِكاً في أَكلِك / فَكثِّرِ الأَيدي وَلَو مِن أَهلِك
إِنَّ يَدَ اللَهِ مَع الجَماعَه / وَخَيرُ ما تَعلو بِهِ القَناعَه
شَرُّ الوَرى مَن أَكلُهُ بِمَعزِلِ / ذاكَ وَضِيعُ القَدرِ مَهما يَعتَلي
حَذارِ الاتِكاءَ حِينَ تَأكُلُ / وَاِعمَل كَما كانَ النَبيُّ يَعمَلُ
وَلا تُغيِّر هَيئَة الجُلوسِ / وَلا تَكُن في الأَكلِ ذا عُبُوسِ
إِيّاكَ وَالتَبديلَ في المَكانِ / فَإِنَّها مِن خِفَّةِ الإِنسانِ
إِيّاكَ وَالأَكلَ عَلى سَبيلِ / وَاِحذَر مِنَ الإِكثارِ في الفُضولِ
فَإِنَّما الفُضولُ في الطَعامِ / عِندي كَالفُضولِ في الكَلامِ
وَإِن دَعَوتَ الصَحبَ نَحوَ دارِك / فَلا تُمِلَّ القَومَ بِاِنتِظارِك
لا تَذكرِ البِطنَةَ عِندَ الأَكلِ / فَإِنَّ هَذا غايَةٌ في البُخلِ
وَلا تَقُل رُبَّ طَعامٍ يُهلِكُ / وَرغِّب القَومَ إِذا ما أَمسَكوا
وَكَرِّر القَولَ عَلى الإِخوانِ / وَاِحذَر مِن التَرغيبِ بِالإِيمانِ
فَإِنَّهُ مِن غُررِ المَكارِمِ / أَن تَذكرَ العَظيمَ في العَظائِمِ
وَحاذِر الصَمتَ عَلى الطَعامِ / فَإِنَّها مِن سيرَةِ الأَعجامِ
لا تَلتَمِس غَير الَّذي يَليكا / فَإِن هَذا خُلُقٌ يُعلِيكا
إِيّاكَ أَن تَأكُلَ مِما يَبعُدُ / عَنكَ فَهَذا خُلُقٌ لا يُحمَدُ
إِيّاكَ أَن تَأكُلَ حَتّى تَشبَعا / كَم لُقمَةٍ عادَت سِماماً مُنقَعا
إِيّاكَ وَالإِفراط في التَقَنُّعِ / فَإِنَّهُ ضَربٌ مِن التَصَنُّعِ
وَإِن تَكُن بِالمكرُماتِ تُوصَفُ / فَلا تَسِر إِلا عَلى ما يُعرَفُ
لا تُحوج الصاحِبَ لانتِقادِ / إِن كُنتَ ذا عَقلٍ وَذا سَدادِ
لا تَسبِق القَومَ إِلى طَعامِ / فَإِنَّهُ مِن جَشَعِ اللِئامِ
لا تَتَبعِ اللُقمَةَ غَير فاحِصِ / فَإِنَّ هَذا مِن فعالِ الناقِصِ
وَغُضَّ عَنهُم طَرفَكَ اِستحياء / وَلا تَقُل هَل يَشرَبونَ ماء
فَإِنَّ مِن أَخبارِ مَن قَد سَلَفا / أَن امرأً واكلَ بَعضَ الخُلفا
فَأَبصرَ الأَميرُ بَعضَ الشَعَرِ / في لُقمَةِ الفَتى فَقالَ اِنتَظِرِ
إِنّي أَرى وَسطَ الطَعامِ شَعَرا / فَنَحِّهِ فَإِنَّ فيهِ ضَرَرا
قالَ لَهُ الفَتى أَأَنتَ ناظِرُ / إِليَّ إِنّي لِلطَعامِ هاجرُ
أَتَنظُرُ الشَعرةَ في طَعامي / أَفضل مِن طَعامِكُم صِيامي
كَيفَ تَرى اللُقمَةَ فيها شَعرَه / لَيسَ الكَريمُ مَن يُحِدُّ نَظره
فَقالَ فَاستُرها وَكُن لِي غافِرا / لَيسَ الكَريمُ لِلمُساوي ناشِرا
وَهَكَذا المَرءُ إِذا ما كَرُما / تَراهُ يَخشى أَن يُقالَ لؤُما
إِيّاكَ أَن تَذكُرَ ما يُستَقذَرُ / فَإِنَّهُ مِنَ الكَريمِ مُنكَرُ
إِيّاكَ وَالإِمساكَ عَن طَعامِ / إِن كانَ يَدعُو الصَحبَ لِلقِيامِ
شاركهُمو وَلا تَشِذّ عَنهمُو / فَإِن شَبِعتَ فَاِعتَذِر إِلَيهمو
وَلا تُقَدِّر ثَمَناً لِلأَكلِ / وَلا تَقُل يَأكل هَذا مِثلي
إِيّاكَ وَالسُعالَ وَالبُصاقا / وَاِحذَر عَلى الخِوانِ الارتِفاقا
وَاِغسِل يَدَيكَ بَعدَ الانتِهاءِ / وَقَدِّمِ الأَفضَلَ عِندَ الماءِ
لا تَرفضنَّ مِنهُمو تَقدِيما / إِن قَدَّمُوكَ بَينَهُم تَكرِيما
قَد قيلَ في أَمثالِ مَن تَقَدَّمُوا / لا يَرفُض الإِكرامَ إِلّا الأَلأَمُ
لا تَحتَقِر قَدرَ امرئٍ ذي فَضلِ / وَاصبُب عَلى يَديهِ ماءَ الغَسلِ
فَلَيسَ في ذَلِكَ مِن صَغارِ / لا سِيَّما إِن كُنتَ رَبَّ الدارِ
طَهارَةُ الشَمائِلِ
طَهارَةُ الشَمائِلِ / تَظهَرُ بِالمُؤاكِلِ
فَاِدعُ إِلى الطَعامِ / أَحَقَّ بِالإِكرامِ
لا تَدعُوَنَّ فاسِقا / وَلا امرَأً مِنافِقا
وَلا كَثيرَ الصَخَبِ / وَلا حَليفَ الكَذِبِ
لا تَبتَغِ المُطاوَلَه / بِهِ وَلا المُفاضَلَه
وَاِبغِ بِهِ الإِكراما / وَصِل بِهِ الأَرحاما
فَإِنَّما المَوائِدُ / غايتُها التَوادُدُ
تُكثِرُ فيكَ الراغِبا / وَتَستَميلُ الصاحِبا
وَإِن تَكُن ذا نُبلِ / وَأَدَبٍ وَفَضلِ
فَاِدعُ فَتىً مُلَبِّيا / لا تَدعُوَنّ آبِيا
وَإِن دُعِيتَ فَأَجِب / وَلا تَقُل إِني نَصِب
وَلَبِّ مَن يَدعُوكا / مَهما يَكُن مَفلوكا
لا فَرق في القِياسِ / عِندي بَينَ الناسِ
لا فَرقَ بَينَ مُوسِرِ / فيما أَرى وَمُعسِرِ
فَكَم غَنِيٍّ باخِلِ / وَكَم فَقيرٍ باذِلِ
وَضَنَّ بِالإِكرامِ / بُخلاً عَلى اللِئامِ
فَإِنَّما اللَئيمُ / يُفسِدُهُ التَكرِيمُ
يأكُلُ ما تُقَدِّمُ / إِلَيهِ ثُمَّ يَنقِمُ
يُكثر في المَذَمَّه / وَلا يُراعي حُرمَه
إِيّاكَ وَالتَصَدُرا / إِذا الطَعامُ اِستُحضِرا
فَإِنَّما الصُدُورُ / يُعقُبها نُفُورُ
وَدَع لِرَبِّ المَنزِلِ / تَرتيبَ أَهل المحفِلِ
لا تَعتَرِض ما يَفعَلُه / فَذاكَ شَيءٌ تَجهَلُه
لَعَلَّ ذاكَ الصَدرا / بِهِ سِواكَ أَحرى
إِيّاكَ وَالتَضيِيقا / تُؤذى بِهِ الصَدِيقا
وَاِفسَح إِذا قيلَ اِفسَحِ / وَلا تَقُل لَم أَبرَحِ
وَاِغضُض مِن المَقالِ / وَاِحذَر مِنَ الجِدالِ
فَإِنَّما المُؤاكَلَه / تُفسِدُها المُجادَلَه
وَإِن تَكُن ذا أَدَبِ / فَلا تَكُن ذا غَضَبِ
تَقومُ وَسطَ القَومِ / تَرمي سِهامَ اللَومِ
حَتّى يَكُفَّ الآكلُ / وَلا يُسِيغَ الناهِلُ
وَذاكَ شَيءٌ يَكثُرُ / في عَصرِنا لا يُنكَرُ
وَاحذَر مِن الإصغاءِ / لِحُجرةِ النِساءِ
وَاِجلِس بَعيداً عَنها / لا تَقرَبَنَّ مِنها
إِيّاكَ أَن يَفتِنَكَ الشَبابُ
إِيّاكَ أَن يَفتِنَكَ الشَبابُ / وَأَن يَغُرَّ عَينَكَ السَرابُ
فَإِنَّما الشَبابُ ظِلٌّ زائِلُ / وَبَدرُهُ لا بُدَّ يَوماً آفِلُ
وَزَهرَةٌ تُذبِلُها اللَيالي / وَلَيسَ وَصلُهُ سِوى خَيالِ
سَرعانَ ما يَنقَشِعُ الجَهامُ / مِن سُحبِهِ وَيُسفِرُ الإِظلامُ
بادِرهُ ما اسطَعتَ بِما يَزينُ / وَلا تُدَنِّسهُ بِما يَشينُ
وَاِغتَنِم الشَبابَ قَبلَ الهَرَمِ / وَقَبلَ أَن تَصلى أُوارَ النَدَمِ
وَاِبخَل بِهِ إِلّا عَلى ما يَنفَعُك / وَجُد بِهِ فيما تَراهُ يَرفَعُك
فَإِنَّما أَيّامُهُ لَآلي / فَابخَل بِها إِلّا عَلى المَعالي
لا تُفنِها في لَذَّةِ المُدامِ / فَلَذَّةُ الكَأسِ إِلى آلامِ
لا يَسبِكَ الدَلُّ مِن الحِسانِ / وَاحذَر مِن التَشبيبِ بِالغَواني
وَاِطَّلبِ العَلياءَ فَهيَ أَطيَبُ / وَإِنَّ وَصلَ الغيدِ بَرقٌ خُلَّبُ
إِيّاكَ أَن تَجلِسَ في سَبيلِ / تَنظُر ذاتَ مَنظر جَميلِ
تَرشُقُها بَأَسهُمِ الأَلحاظِ / وَساقِطِ الأَقوالِ وَالأَلفاظِ
إِنّي أَرى عَجائِباً في مِصرِ / لا سِيَّما فِتيانُ ذاكَ العَصرِ
تَجَرَّدُوا مِن حِلية التَدَيُّنِ / فَلَم يَعُد إِيمانُهُم في مَأمَنِ
يَقضِي الجَهولُ ناضِرَ الشِهابِ / في لَعِبِ النَردِ مَعَ الأَصحابِ
تُنذِرهُ الساعاتُ وَهوَ سادِرُ / وَكَم هَداهُ الدَهرُ وَهوَ حائِرُ
يَقُولُ بادِر لَذَّةَ الحَياةِ / فَكُلُّ لَذّاتٍ إِلى فَواتِ
مِما حَفِظناهُ مِن العِظاتِ / وَما رَوَيناهُ عَنِ الهُداةِ
أَوّاهُ لَو كانَ الشبابُ يُبصِرُ / وَآهِ لَو كانَ المَشيبُ يَقدِرُ
لا تَزدَهيكَ عِزَّةُ المَناصِبِ / فَعِزَّةُ الدُنيا كَبَرق خالِبِ
عَمّا قَليلٍ شَمسُها تُغَيَّبُ / ما فَخرُ ذِي العَقلِ بِمَجدٍ يَذهَبُ
لا عِزَّةٌ بِمَنصِبٍ وَجاه / وَإِنَّما العزُّ بِتَقوى اللَهِ
فَحَسبُكَ التَقوى عُلاً وَعزاً / وَعُدَّةً لِمَن أَرادَ بَزّا
لا تَفتَخِر بِمَنصَبٍ وَمالِ / إِن كُنتَ ذا عَقلٍ وذا كَمالِ
دَع ما اِستَطَعتَ الفَخرَ بِالأُصُولِ / فَذاكَ فَخرُ العاجِزِ الكَسُولِ
وَإِن تَكُن بَينَ الوَرى شَريفاً / فَاضمُم إِلى تَلِيدِهم طَرِيفا
لا يُرفَعُ المَرءُ بِمَجد الوالِدِ / فَكُلُّنا فرعٌ لأَصلٍ واحِدِ
لا فَضلَ لامرِئٍ عَلى أَخيهِ / إلا بِذِكرٍ طَيِّبٍ يُبقيهِ
مِمَّا حَفِظناهُ مِنَ الآثارِ / وَما سَمِعناهُ مِن الأَخبارِ
أَنَّ امرَأً أَتى إِلى مُحَمَّدِ / يَسأَلُه عَن دينهِ وَيَهتَدي
فَأَدرَكَتهُ رِعدةٌ وَهَيبَه / لَمّا رَأى مُحَمَّداً وَصَحبَه
فَإِنَّهُ كانَ مَهِيبَ المَحضَرِ / إِن تَلقَه كَأَنَّهُ في عَسكَرِ
قالَ لَهُ النَبيُّ ماذا تَرهَبُ / مِنّا وَقَد جِئتَ إِلَينا تَرغَبُ
هَوِّن عَلَيكَ ما أَنا جَبّارُ / وَلا أَنا بَينَ الوَرى قَهّارُ
أُمّي كانَت تَأكُلُ القدِيدا / أَكرم بِهَذا خُلُقاً حَمِيدا
وَهَكذا كُلُّ عَظيم القَدرِ / دانٍ إِلى الناسِ قَليلُ الفَخرِ
وَمَن تَكُن بُغيَتُه العَلياءُ / فَقَدرُهُ في نَفسِهِ هَباءُ
يَسعى إِلى المَجدِ وَلَيسَ يَقنَعُ / وَمَن يَذُق طَعمَ العُلا لا يَشبَعُ
أَمّا قَصِيرُ الباعِ في المَعالي / فَإِنَّهُ يَقنَعُ بالآمالِ
مَهما تَكُن رُتبَتهُ صَغِيره / فَإِنَّها في ظَنِّهِ كَبيرَه
حَسبُكَ ما قَد جاءَ في الأَمثالِ / وَالكَلِمِ النَفائِسِ الغَوالي
إِن الأُسُودَ فَخرُها زَئيرُ / وَبِالنَهيقِ تَفخَرُ الحَميرُ
لا تُزهَ بِالطَريفِ وَالتلادِ / فَكُلُّ ما تَرى إِلى نَفادِ
أَوّاهُ لَو يَعرِفُ كُنهَ قَدرِهِ / في الناسِ مَن أَسقَطَهُ بِكبرهِ
لَو يَنظرُ الإِنسانُ مِمّا صُوِّرا / وَما يَؤُولُ أَمرُهُ ما اِستَكبَرا
إِن كُنتَ ذا عُلاً وَذا اِرتِفاعِ / في الناسِ فَاِحفَظهُ بِالاتِّضاعِ
وَكُن شَبيهَ البَدرِ في السَماءِ / وَنُورُهُ يَلُوحُ فَوقَ الماءِ
إِنَّ الفَتى مَن لَم يقُل أَنا أَنا / كَالغُصنِ إِن أَثمَرَ مالَ وَاِنثَنى
وَإِن يُصِب أَخُوكَ فَضلَ مَنصِبِ / فَلا تَزِد في الوُدِّ وَالتَحَبُّبِ
فَإِنَّهُ ضَربٌ مِنَ النِفاقِ / وَإِنَّهُ مِن سَيِّئِ الأَخلاقِ
وَإِن تَكُن ذا أَدَبٍ وَكيسِ / فَكُن كَما كُنتَ لَهُ بِالأَمسِ
وَزِدهُ في التَبجِيلِ وَالتَعظِيمِ / وَلا تَزد في وُدِّكَ القَديمِ
وَإِن تَزُرهُ وَهوَ في دِيوانِهِ / فَلا تُداعِبهُ لَدى إِخوانِهِ
تريدُ أَن يَفهَم مِنكَ الكُلُّ / أَنَّكَ أَنتَ الصاحِبُ المُدِلُّ
دَع ذَلِكَ الخُلقَ فَإِنّ فيهِ / غَيظاً لِمَن آخَيتَه يُؤذِيهِ
لا تَحسَبَنَّ خُلقَه ما تَفهَمُ / قَبلُ وَلا طِباعَه ما تَعلَمُ
فَإِنَّما الأَخلاقُ قَد تُبدَّلُ / وَالطَبعُ بِالعِزَّةِ قَد يُحَوِّلُ
أَولى بَني حَوّاءِ
أَولى بَني حَوّاءِ / بِالمَدحِ وَالثَناءِ
مَن قَولُهُ مَعرُوفُ / وَالآلِفُ المَألُوفُ
فَطَيّب المُعامَلَه / وَأَحسنَ المُجامَلَه
وَادَّرَعَ المُصانَعه / لِيَأمَنَ المُقاطَعَه
وَبَذَلَ العَطاءَ / لا يَبتَغي ثَناءَ
أَحسِن تَكُن أَمِيرا / وَاِزهَد تَكُن نَظيرا
لَم أَرَ كَالسَخاءِ / أَدعى إِلى صَفاءِ
وَلَيسَ كَالأَيادي / أَجلبَ لِلودادِ
قَد جادَ بِالمَعالي / مَن ضَنَّ بِالنَوالِ
وَلَيسَ لِلبَخيل / في الناسِ مِن خَليل
فَإِنَّما هُم سِربُ / وَأَينَ أَينَ الحَبُّ
لا تَبغِ بِالإِحسانِ / شُكراً مِن الإِنسانِ
وَاِبتَغ شُكرَ القادِرِ / فَاللَهُ خَيرُ شاكِرِ
عَلَّ رَبيبَ نِعمَتِك / كانَ دَليلَ نِقمَتِك
أَعرِض عَن المَثالِبِ / تَسلَم مِن المَعاطِبِ
وَاِنظُر إِلى ما فِيكَ / فَإِنَّهُ يَكفِيكَ
لَيسَ مِن التَهذيبِ / حِفظُكَ لِلعُيوبِ
وَمَن يَرى رَذائِلَه / وَلا يَرى فَضائِلَه
فَذاكَ عِندي الكامِلُ / وَهوَ البَصيرُ العاقِلُ
وَمَن يُريني عَيبي / فَذاكَ خَيرُ صَحبي
أَفدِيهِ بِالحَياةِ / لِأَنَّهُ مِرآتي
أَرى بِها القَبيحا / مِنّيَ وَالمَليحا
شَرٌّ مِن المُكاشِحِ / مَن زانَ لي قَبائِحي
فَرُبَّما يَضُرُّ / لأَنَّهُ يَغُرُّ
ذاكَ الشَفيقُ الغافِلُ / وَهوَ الصَديقُ الجاهِلُ
وَلا أُريدُ حَمدي / بِالشَيءِ لَيسَ عِندي
أَأَلبَسُ المُعارا / وَأعجَبُ اِفتِخارا
فَمادِحي بِالمَينِ / مُبالغٌ في شَيني
مَن ذَمَّني بِحَقِّ / وَعابَني بِصِدقِ
أَنصحُ عِندَ العاقِلِ / مِن مادِحٍ بِالباطِلِ
سالِم جَميعَ الناسِ / تَسلَم مِن الوُسواسِ
وَطَوِّلِ العِنانا / وَقَصِّر السِنانا
هُم حَربُ مَن يُقارِبُ / فَكَيفَ مَن يُحارِبُ
إِيّاكَ وَالمُنافَرَه / وَأَحسَن المُعاشَرَه
فَحُسنُها يَزينُ / وَسُوءُها يَشِينُ
تُقَرِّبُ الغَريبا / وَتَجمَعُ القُلُوبا
كُن لَيِّنَ الخِلالِ / في القَولِ وَالفِعالِ
سَهلاً بِغَيرِ ذُلِّ / تُحمَدُ عِندَ الكُلِّ
مَن طابَ مِثلَ الزَهرِ / يُحمَلُ فَوقَ الصَدرِ
لَكنَّما الثَقيلُ / في قَومِهِ مَرذُولُ
يُلقى عَنِ الكَواهِلِ / فَالأَرضُ أَقوى حامِلِ
وَكُن سَليمَ الجانِبِ / وَاِنظُر إِلى العَواقِبِ
لَيسَ مِن العَلاءِ / وَصفُكَ بِالدَهاءِ
يَفرُّ مِنكَ الكُلُّ / وَيَتَّقيكَ الأَهلُ
مَن ذا الَّذي لا يَهرُبُ / مِنكَ وَأَنتَ عَقربُ
يَخشاكَ مَن يُجانِبُك / فَكَيفَ مَن يُقارِبُك
فَأَنتَ كَالصَيادِ / وَالناسُ كَالجَرادِ
مَن ضَمَّه الشراكُ / فَما لَهُ فَكاكُ
تِلكَ سَجايا عالِيَه / وَذِي عِظاتٌ غالِيَه
جَمعتُها في شِعري / كَلُؤلُؤٍ في نَحرِ
ظَلِلتُ فيها مُدَّه / تِسعينَ يَوماً عِدَّه
بَينَ نَهارٍ جاهِدِ / وَبَينَ لَيلٍ ساهِدِ
مُقرَّحَ الجُفونِ / مُفَرَّقَ الشؤُونِ
وَالسُقمُ منّي بادِ / وَالهَمُّ في وِسادي
وَالفِكرُ في شَتاتِ / مِن نَكَدِ الحَياةِ
في حِين أَنَّ الأَدَبا / في أَرضِ مِصر نَضَبا
فَلا أَرى مَن يُنصِفُ / وَلا أَرى مَن يَعرِفُ
وَلا أَرى تَشجيعا / لَكِن أَرى تَشنيعا
بَينَ مَقال حاقِدِ / أَو اِنتِقاد حاسِدِ
تِجارَةُ الأَخلاقِ / أَبعَدُ عَن نَفاقِ
وَباذِلُ الآدابِ / كَباذِلِ التُرابِ
فَكِدتُ عَنها أَنكُلُ / لَولا الإِمامُ الأَفضَلُ
عَلامَةُ الزَمانِ / وَمَهبِطُ العِرفانِ
هَذا فَريدُ العَصرِ / وَغُرَّةٌ في مِصرِ
وَذُو العُلا وَالمَجدِ / فيها فَريدُ وَجدي
ذاكَ الذَكيُّ الأَروَعُ / شَمسُ هُداه تَسطَعُ
مَكانُهُ لا يُجهَلُ / بَينَ الرِجالِ أَوَّلُ
أَشباهُهُ قَليلُ / وَرَأيُهُ جَميلُ
حَبَّبَ لي الإِقداما / وَثَبَّتَ الأَقداما
تِلكَ يَدٌ لا تُكفَرُ / وَمِنَّةٌ لا تُنكَرُ
فَهَذِهِ حَوراءُ / وَمَهرُها الدُعاءُ
لا أَبتَغي جَزاء / بِها وَلا ثَناء
وَالحَمدُ لِلّهِ كَما / أَولى الجَميلَ مُنعِما
ثُمَّ الصَلاةُ أَبَدا / عَلى النَبيِّ أَحمَدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025