المجموع : 154
يا خير من ملك الملوك بجوده
يا خير من ملك الملوك بجوده / ولفضله قد أشبهَ الأملاكا
واللهِ ما عرفَ الزمانُ وأهلُهُ / أمناً ويمناً دائماً لولاكا
وافَيتُ أهلي بالرياض عشيةً / في روض جاهك تحت ظل ذَراكا
فوجدتُه قد طلَّه صوب الندى / بسحائب تنهلُّ من يُمناكا
وسفائنِ مشحونةٍ ألقى بها / بحرُ السماح يجيش من نُعماكا
رُطَبٌ من الطَّلع النضيد كأنها / قد نُظِّمت من حسنها أسلاكا
من كل ما كان النّبيُّ يحبها / وأحبها الأنصار من أولاكا
وبدائع التحفِ التي قد أطلعت / مثلَ البدور أنارت الأحلاكا
نطف من النور المبين تجَسَّمتْ / حتى حسبنا َنَّهنَّ هداكا
يحلو على الأفواه طيبُ مذاقها / لولا التجسّدُ خلتُهنَّ ثناكا
طافت بها النَشأُ الصِّغارُ كأنَّها / سربُ القطا لمّا وَرَدْنَ نَدَاكَا
نَجْواهُمُ مهما سمعت كلامهم / ونداؤهم مولايَ أو مولاكا
بَلَّغْتَ في الأبناء عبْدَك سُؤُلَه / لا زلتَ تبلغ في بنيك مُناكا
يتدارسون من الدعاء صحائفاً / كيما يطيلُ الله في بُقياكا
فبقيتَ شمساً في سماء خلافةٍ / وهُمُ البدورُ أمدّهن سناكا
أزور بقلبي معهدَ الأُنس والهوى
أزور بقلبي معهدَ الأُنس والهوى / وأَنْهَبُ من أيدي النسيم رسائِلا
ومهما سألت البرق يهفو من الحمى / يبادرُهُ دمعي مُجيباً وسائلا
فيا ليت شعري والأماني تعلُّلٌ / أيرعى ليَ الحيُّ الكرامُ الوسائلا
وهل جيرتي الأولى كما قد عهدتُهم / يُوالون بالإحسان من جاء سائلا
أمولايَ يا ابن السابقين إلى العلا
أمولايَ يا ابن السابقين إلى العلا / ومن نصروا الدين الحنيفيَّ أَوْلاَ
غنيتَ بنور اله عن كلّ زينةٍ / وأُلبِستَ من رضوانه أشرف الحلى
وقارُكَ زادَ الملك عزاً وهيبةٌ / وسوَّغه في رحمة الله منهلا
ويا شمس هَدْيِ في سماء خلافةٍ / وأبناؤه الزُّهرُ المنيرةُ تجتَلَى
تبارك من أبداك في كلِّ مظهر / جميلاً جليلاً مستعاذاً مؤمَلا
فيُخجلُ منك الشمسَ شمسُ هدايةٍ / ويحسُدُ منك البدرُ بدراً مكمَّلا
إذا أنت ألبست الزمان وآلهُ / ملابس عزٍّ ليس يدركها البلى
وطوَقْتَ أجياد الملوك أيادياً / وتوْجتهم بالفخر تاجاً مكلْلاَ
فما شئت فالبَسْ فالمُشاهدُ قائلٌ / تبارك ما أبْهى وأسْنى وأَجْملاَ
ألاَ كلُّ من صلّى وضحّى ومن دعا / ومدَّ يدَيْهِ ضارعاً متوسِّلا
وُجُودُكَ شرٌ في حصولِ قَبوله / وَجُودُك أَثْرى كفَه فتنفَّلاَ
يا من له الوجه الجميل إذا بدا
يا من له الوجه الجميل إذا بدا / فاقت محاسنُه البدورَ كمالاَ
والمنتقى من جوهر الفخر الذي / فاق الخلائف عزةً وجمالا
ما أبصرت عيناي مثل هديةٍ / أبدت لنا صنع الإله تعالى
فيها من التفاح كلُّ عجيبةٍ / تذكي بريَّاها صَباً وشَمالا
تُهدي لنا نهدّ الحبيب وخدّهُ / وتُري من الورد الجنيِّ مثالا
وبها من الأَترجِّ شمسٌ أطلعت / من كل شطر للعيونِ هلالا
ويحفُّها وَرَقٌ يروقُ كأنّه / وَرَقُ النُّضار وقد أجاد نِبَالا
لون العشية ذهَّبَتْ صفحاتها / رقَّتْ وراقَتْ بهجةً وجمالا
وبها من النَّقْل الشَّهيِّ مذكَّرٌ / عهداً تولّى ليْتَهُ يتوالى
لله منها خضرة من حضرة / تُغني العُفَاةَ وتُحْسِبُ الآمالا
أذكرتني العهد القديم ومعهداً / كانت شموسُ الراح فيه تلالا
فأردتُ تجديدَ العهود وإنما / كتبَ المشيبٌ على عذاري لالا
فأدرتُ من ذكراك كأس مُدامة / وشربتُ من حبي لها جريالا
فبقيتَ شمساً في سماء خلافة / لا يستطيعُ لها الزمانُ زوالا
لو كنتُ أُعطي من لقائك سولا
لو كنتُ أُعطي من لقائك سولا / لم أتخذ برقَ الغمام رسولا
أو كنتُ أبلغ من قبولك مأملي / لم أودع الشكوى صَباً وقَبُولا
لكن معتل النسيم إذا سرى / ما زال يوسع ذا الهوى تعليلا
وبملتقى الأرواح دوحة أيكة / جاذبتها عند الغروب مميلا
عهدي بها سَدَلّتْ عليَّ ظلالها / فسدلتُ ظلاًّ للشباب ظليلا
رتعت به حولي الظباء أوانساً / فنعمت فيه معرْساً ومقيلا
وصقلت للحسناء صفح مودتي / لما اجتليتُ العارضَ المصقولا
ثم انتشَيْتُ وقد تعاطيت الهوى / ريماً أغرّ وجؤذراً مكحولا
كم فيه من مُلَح لمرتاد الهوى / تركَتْ فؤاد مُحِبِّهِ مَتُبُولا
لم تروِ لي عيناه حكمة بابل / إلا أخذت حديثها مقبولا
ولقد أجدَّ جوايَ لما زرتُهُ / رسماً كحاشية الرداء مُحِيْلا
قد أنكرته العين إلا لمحةً / عرفَتْ به آثارَهُ تخييلا
وإذا الطلولُ تعرضت لمتيم / غادَرْنَ دمع جفونه مطلولا
من ينجد الصبر الجميل فإنه / بعد الأحبة قد أجَدَّ رحيلا
كيف التجمّل بعدهم وأنا الذي / أَنْسَيْتُ قيساً في الهوى وجميلا
من عاذري والقلب أول عاذلٍ / فيمن أفنّد لائماً وعذولا
أَتْبَعْتُ في دين الصبابة أمّةً / ما بدّلوا في حبّهم تبديلا
يا مورداً حامت عليه قلوبُنا / لو نيلَ لم تجرِ المدامع نيلا
ما ضرَّ من رقَتْ غلائلُه ضحىً / لو باتَ ينقعُ للمحبِّ غليلا
كم ذا أُعَلِّل بالحديث وبالمنى / قلباً كما شاء الغرام عليلا
أَعْدَيْتُ واصلةَ الهديل بِسُحرةِ / شجواً وجانحَةَ الأصيل نحُولا
وسريتُ في طي النسيم لعلّني / احتلُّ حَيّاً بالعقيق حلولا
هذا ووجدي مثلُ وجدي عندما اس / تشعرتُ من ركب الحجاز رحيلا
قد سددوا الأنضاء ثم تتابعوا / يتلو رعيلٌ في الفلاة رعيلا
مثلُ القسيِّ ضوامرٌ قد أُرسلَتْ / يذرعن عرض البيد ميلاً ميلا
مترنحين على الرمال كأنما / عاطينُ من فرط الكلال شَمُولا
إن يلتبسُ عَلَمُ الطريق عليهم / جعلوا التشوّق للرسول دليلا
يا راحلين وما تحمّل ركبُهم / إلا قلوب العاشقين حُمولا
ناشدتكم عهدَ المودة بيننا / والعهد فينا لم يَزَلْ مسؤولا
مهما وصلتُمْ خيرَ من وطئ الثرى / أن توسعوا ذاك الثرى تقبيلا
يا ليت شعري هلْ أُعرّسُ ليلة / فأَشُمَّ حولي إذ خراً وجليلا
أو تُروِني يوماً مياه مجنّة / ويشيم طرفي شامَةٌ وطفيلا
وأَحُطُّ في مثوى الرسول ركائبي / وبيت للحرم الشريف نزيلا
بمنازل الوحي التي قد شُرّفَتْ / قد شافهت أعلامها التنزيلا
بمعاهد الإيمان والدين التي / قد صافحَتْ عرصاتُها جبريلا
ومُهاجرِ الدين الحنيف وأهلِهِ / حيث استقر به الأمان دخيلا
دارِ الرسول ومطلع القمر الذي / أبداؤه ما فارق التكميلا
يا حبّذا تلك المعالمُ والرُبا / يا حبذا تلك الطلول طلولا
حيث النبوةُ قد جلَتْ آفاقها / وجهاً من الحق المبين جميلا
حيث الرسالةُ فُصِّلت أحكامها / لِتُبَيِّنَ التحريم والتحليلا
حيث الشريعةُ قد رست أركانها / فالنَّصُّ منها يعضِدُ التأويلا
حيث الهدى والدين والحق الذي / محق الضلال وأذهب التضليلا
حيث الضريحُ يضم أكرمَ مرسلٍ / وأجلَّ خلق الله جيلا جيلا
إن الإله اختارها لمقامه / واختاره للعالمين رسولا
رحم الإله العالمين ببعثه / فيهم وفضَّل جنسَهُ تفضيلا
بدعائه انقشع الغمام وقبلها / والت بدعوته الغمام همولا
والشَّمْسُ قد رُدَّت له ولطالما / قد ظلَّلته سحابُها تظليلا
لِمَ لا يطاوعُه الوجودُ وقد غدا / من نوره في خلقه معلولا
يا نكتة الأكوان يا عَلَم الهدى / آياتُ فضلكَ رُتِّلتْ ترتيلا
لولاك لم يَكُ للكيان حقيقة / ولكان باب وجودها مقفولا
لولاك للزُّهر الكواكب لم تلُحْ / مثلَ الأزاهر ما عرفن ذبولا
لولاك لم تجلُ السماءُ شموسها / ولكان سَجْفُ ظلامها مسبولا
لولاك ما عُبدَ الإله وما غدا / ربعُ الجنانِ بأهلِه مأهولا
يا رحمة الله التي ألطافها / سحبت علينا للقبول ذيولا
يا حجة الله التي برهانها / ما كان يوماً صدقه مجهولا
كم آيةٍ لك قد صدعت بنورها / ليلَ الضلال وإفكّهُ المنحولا
أوضحتها كالشمس عند طلوعها / وعقلتَ عن إدراكهنَّ عقولا
وأتيت بالذكر الحكيم مُبيِّناً / قد فُصِّلت آياته تفصيلا
أثنى عليك بكتبه من أنزل ال / قرآن والتوراة والإنجيلا
فإذا البليغ يروم مدحك جاهداً / أضحى حُسام لسانه مفْلولا
يا شافع الرسل الكرام ومن به / يرجون في يوم الحساب قَبولا
رفقاً بمن مَلك القضاءُ زمامَهُ / فغدا بقيد ذنوبه معقولا
وا حسرتا ضيَّعتُ عمري في الهوى / والتَّوْبُ أضحى دَيْنُهُ ممطولا
وجريتُ في طَلَقِ البَطالةَ جامحاً / حتى انثنى طرف الشباب كليلا
وعثرتُ في طلب المفاز جهالةً / لكن وجدتُك للعثار مُقيلا
يا صفوة الله الأمين لوحيه / من أمَّ جاهك أَحْرَزَ التأميلا
واللهِ ما لي للخلاص وسليةٌ / إلا رضاك وعفوك المأمولا
إن كنتُ ما أعدَدْت زاداً نافعاً / أعدَدْتُ حبَّك شافعاً مقبولا
صلّى عليك الله ما ركبٌ سرى / فأجدَّ وخْداً في المفازة ميلا
وأعزَّ من ولاّه أمر عباده / فحباهُمُ إحسانَه الموصولا
وأقام مفروض الجهاد بعزمةٍ / تركت بأفئدة العداة فلولا
والله ما أدري وقد حضر الوغى / أحُسامُهُ أمْ عزمُهُ مصقولا
ملك إذا لَثَم الوجودُ يمينه / فالبحر عذباً والرياض بليلا
أو يُخلف الناسَ الغمامُ وأمحلوا / فنداه لا يَخْشَى العفاة محولا
من دوحة نصرية يمنيةٍ / وَشَجَتْ فروعاً في العلا وأصولا
فإذا سألت الكتب نقل فضيلةٍ / لَمْ تُلْفِ إلاّ فخرها منقولا
يا أيُّها الملك الذي أيامه / وَضحَتْ بأوجه دهرهنَّ حجولا
والله ما آثار هديك عندنا / إلاّ نجوماً ما عرفن أُفُولا
لم يعرف التركيبَ سيفُكَ في الوغى / فاعجبْ له قد أحكم التحليلا
كم صورةٍ لك في الفتوح وسورةٍ / تُجلى وتُتلى بكرة وأصيلا
لم تسرِ ساريةُ الرياحِ بطيبةٍ / إلا لتحملَ ذكرَهُ المعسولا
وكأنّ صفحَ البرق سيفُكَ ظلَّ من / غِمدِ الغمامة مرهفاً مسلولا
كم بلدةٍ للكفر قد عوّضت من / ناقوسها التكبيرَ والتهليلا
صَدّقتْ مقدمةُ الجيوش فصيَّرت / من حينها موضوعَها محمولا
كسروا تماثيل الصليب ومثّلوا / بمن انتمى لولائه تمثيلا
لما أحطْتَ بها وحان دمارُها / أخرجت مترفها الأعزَّ ذليلا
تجري الدموع وما تبلّ غليله / فمصفَّدٌ يبكي هناك قتيلا
سلَّتْ يمين الملك منك على العدا / عَضْباً مهيب الشفرتين صقيلا
لم يرضَ سيفُك أن يُحَلَّى جوهراً / حتى يُحلّى عسجداً محلولا
لم ترضَ همّتُك القليلَ من التقى / حتى أتت بالصالحات قبيلا
فأقمت ميلادَ الرسول بليلة / أوضحت فيها للجهاد سبيلا
حيث القباب البيض جَلَّلتِ الرُبا / أزهارَ روض ما اكتَسَيِّنَ ذبولا
ومواقدُ النيران تُذكي حولَها / فينير مَشعَلُها رُباً وسُهُولا
والأفق فوقكَ قبةٌ محبوكةٌ / مَدَّتْ عليك طِرافَها المسدولا
ورمى إليك ببدره ونجومه / يُهديك منه التَاج والإكليلا
حيث الكتائبُ قد تلاطم موجُها / وتدفقت فيها الخيول سيولا
زخرَتْ بأمواجِ الحديد وربما / ضاق الفضاء فما وَجَدْنَ مسيلا
يتجاوب التكبير في جنباتها / فتُعيده غرُّ الجياد صهيلا
حملَتْ من الأبطال كلَّ مُشمِّر / لا يقتني سُمْرَ القنا ونصولا
آساد ملحمة إذا اشْتَجر الوغى / دخلوا من الأسل المثقف غيلا
إن شمَّروا يوم الحروب ذيولهم / سحبوا من الزرد المُفاض ذيولا
أو قَصَّروا يوم الطعان رماحَهم / وصَلُوا بها الخَطْوَ الوَسَاعَ طويلا
يا ليلةٌ ظفرت يداي بأجرها / وسهرتُ فيها بالرضا مشمولا
واللهِ لو عوِّضتُ عنك شبيبتي / ما كنتُ أرضى بالشباب بديلا
يا ناصر الإسلام يا ملك العُلا / الله يُؤتيك الجَزاء جزيلا
جهْزْ جيوشك للجهاد موفّقاً / وكفى بربك كافياً وكفيلا
ولتُبعدِ الغارات في أرض العدا / واللهُ حسبُك ناصراً ووكيلا
وإليك من سُمر الجهاد غريبةً / جاءت تقرّظُك الثناء جميلا
وأطلتُ لكنِّي أطبتُ وعادتي / أُلْفَى مُطيباً في المديح مُطيلا
لا زال نصرُك كلَّما استنجدتَهُ / لمهمّ دينك عائداً موصولا
لك غُرَّةٌ ودَّ الصّباحُ جمالَها
لك غُرَّةٌ ودَّ الصّباحُ جمالَها / ومحاسنٌ تهوى البدور كمالَها
وشمائلٌ تحكي الرياضَ خِلالُها / وأناملٌ ترجو الأنام خِلالَها
للمستعين خلافة نصريّةٌ / عرفت ملوكُ العالمين جَلالَها
وأنا الذي قد نال منك معالياً / تهدي النجومَ الزاهرات منالَها
تهديه ما قد نلته من بعضها / فالفخر كلُّ الفخر فيمن نالَها
في كل يوم منك مِنَّةُ مُنعمٍ / لو طاولت سمُكَ السما ما طالَها
بلغتَ آمالَ العبيد فبُلِّغَتْ / فيك العبيد من البقا آمالَها
نجوم أمدتها بدور كواملُ
نجوم أمدتها بدور كواملُ / لها النور من شمس الخلافة شاملُ
وفي الشهب من بدر السماء مَشابهٌ / وفي البدر من شمس النهار مخايلُ
وتُعرف فيها من أبيها شمائلٌ / كما في أبيها من أبيه شمائلُ
مرتبُ في عد الحساب ثلاثة / وهنَّ لأقمار العلاء منازلُ
طلعن على حكم السعود أهلّةً / وسَرعان ما تبدو وهنَّ كواملُ
تجلت إلى الأبصار من أفق الهدى / وَبُثَّت إلى الأنصار منها وسائلُ
فيا أيها المولى الذي شاد آخراً / من الفخر ما لم تستطعه الأوائلُ
بنُوك كأمثال الأنامل عدة / فزانت يدَ الإسلام تلك الأناملُ
غصون بروض الجود منك ترعرعت / وقد جادها من صوب نعماكَ وَابِلُ
فوالله ما أدري إذا ما تذوكرت / أأَخلاقها تُجلى لنا أمْ خمائلُ
غيوثُ سماح والعفاة مسايلٌ / ليوث كفاح والكماة تنازلُ
سيوفٌ محلاَةً على عاتق الهدى / إذا تُنْتَضى تمضي وتنبو المناصلُ
تخاف عُداة الدين منهم وتتقي / كما تتقي الأسدَ الظباءُ الجوافلُ
وإن أبا الحجّاج وهو كبيرهم / محلُّ كثيرٍ دونه ممتضائلُ
عليك إذا استقبلت غرة وجهه / تخيلت أن الشمس في ما تقابلُ
إذا استُمطرت في المحل سُحْبُ بنانه / فهنّ لمستجدٍ هَوامٍ هواملُ
وإن سال ماء البشر فوق جبينه / فليس بمدفوع عن الورد سائلُ
تقلّدَ منه عاتق الملك صارماً / له العزم نصل والسعود حمائلُ
وأبناؤه در تناسق عِقُدُهُ / يُحلَّى بهم من لَبَّةِ الفخر عاطلُ
أزاهر في روض المحاسن أينعت / فلا روضها ذاوٍ ولا الزهر ذابلُ
زواهر في أفق العلاء تطلعتْ / يشابِهُ بعضٌ بعضَها ويُشاكلُ
فما منهم إلا أغرُّ مُحَجْلٌ / بورد المعالي في الشبيبة ناهلُ
أَقمت لها الأعذار موسم رحمة / تسنّتْ به للمتقين المآملُ
وما هو إلا مورد لسعادة / تفيض لها منه المنى والفواضلُ
وأجريتَ سَرعان الجياد بملعب / تذكّر فيه موقفَ الجِدِّ هازلُ
نجوم وآفاق الطراد مشارق / عليها بدورٌ من وجوهِ كواملُ
مفاتيح أبواب الفتوح فطالما / أُبيحت بها للكافرين المعاقلُ
فأشهبُ كالإصباح راق أديمه / وغالت به شهبَ السماء الغوائلُ
ألم تَرَ أن الشهب في الأفق كلّما / تجلّى له الإصباح فهْيَ أوائلُ
وأحمرُ زان الوردُ منه خميلةً / يَحُفُّ به نهرٌ من السيفِ سائلُ
جرت لونَه من فوقه مهج العدا / فلله منه الجامد المتسايلُ
تلاقي به أمثالَه فكأنها / جِمارٌ وقد أذكى بها البَأس باسلُ
إذا قبست بالركض في حومَةِ الوغى / تنير بها ليلَ القتام مشاعلُ
وأشقرُ مهما حاول البرقَ في مدى / يفوتُ جوادَ البرق منه المحاولُ
تحلَّى بمحْلول النُّضار أديمهُ / فكل محلَّى دونه فهو عاطلُ
وأدهمُ في مِسحِ الدُّجى متلفّعٌ / وقد خاض منه في الصباح الأسافلُ
يُكَلَّلُ بالجوزاء حَلْيُ لجامه / فدرُّ الدراري من حِلاهُ عواطلُ
ولم يُرضِه سرج الهلال مُفضْضاً / فأعرض عنها للأهلة ناعلُ
واصفر في ثوب الأصيل قد ارتدى / ورُبَّتَما ودّتْ حِلاه الأصائلُ
وقد قُدْ من بُرد العشيّ جِلالُه / وفي ذيله صبغ من الليل حائلُ
وصاعدةٍ في الجو ملء عنانها / تُسامتُ أعنان السما وتطاولُ
طلعت تحيّي البدر منها بصعدة / عليها لواءُ الصبح في الأفق مائلُ
وقد أعربت بالرفع عن طيب فخرها / متى نصبتها في الفضاء العواملُ
يمدُّ لها الكفٌُّ الخضيب بساعدٍ / ويشكي السماك الأعزل الرمح عاملُ
وتنتابها هيفُ العصي كأنها / سِهام وعاها للرمية نابلُ
تُراوغها طوراً وطوراً تُضيفها / فسامِ لأعلى مُرتقاها ونازلُ
وبالأمس كانت بعض أغصان دوحها / فنقَّلها عنها على الرغم ناقلُ
فحنت إلى أوطانها وتسابقت / تعاود مسراها بها وتواصلُ
وبرج منيف في ذراها قد ارتقى / لتُرفَعَ منه للبروج الرسائلُ
تَطَوَّر حالات أتى في جميعها / بأوضاع حلي وصفه متغافلُ
فتاجُ بأعلاها وشاح بخصرها / وفي الساق منه قد أُديرت خلاخِلُ
وما هو إلا قائم مدَّ فلكه / إلى الله في البقيا لما صَدَّ سائلُ
ولله عينا من رأى القصر حوله / منازلُ بالنصر العزيز أواهلُ
تروقك فيه للبدور مطالعٌ / إذا مثلَتْ في ساحتيه الأماثلُ
مظاهر أقمار مراتبُ أنجم / منازلُ بالنصر العزيز أواهلُ
وقد كان هولُ الحفل رَوْعَ أَهِلَّةٍ / وأُشِعرَتِ الإشفاقَ تلك المحافلُ
فأبدت به أبناء نجلك أوجهاً / تبين إلى السارين منها المجاهلُ
فلا الحفل مرهوب ولا الخطو قاصر / ولا السرب مرتاع ولا الروع هائلُ
ولا القلب منخوب ولا الحِلمُ طائش / ولا العقل معقول ولا الفكر ذاهلُ
أولئك أبناء الخلافة بوكروا / وتجري على أعدائهنَّ الصواهلُ
هنيئاً بها من سنّة نبويّة / زها الفخرَ محصول لديها وحاصلُ
ورُحمى له من عاذر بان عذره / وأوهم نقصاً فضله متطاولُ
فنقص هلال الأفق ما زال مؤذناً / لمرآه أن يبدو لنا وهو كاملُ
ومن نقص ظل الشمس تزداد رفعةً / إلى أن تُرى والظل في الشرق مائلُ
وإن تابع النقص الشهور فإنها / على إثره تأتي وهنّ كواملُ
ونقص صلاة الظهر يوم عَروبةٍ / لمعنى كمال أوضحته الدلائلُ
وإن نقص البازي رياش جناحه / يزيد استباقاً وهو للصيد خاتلُ
ونستفرغ الأنعام ما في ضروعها / عشياً لتغدو والضروع حوافلُ
ونقص زكاة المال فيه وُفورُه / ومشق ذباب السيف يخشاه صاقلُ
لك الخير من صنع جلوتَ محاسناً / يُحدّي بها حادي السُّرى ويناقلُ
ألا هكذا فليعقد الفخرُ تاجَه / ويسمو إلى أوج العلا ويطاولُ
بأبلج غار الصبح منه بطلعة / لها البدر تاج والنجوم قبائلُ
إذا خطب العليا تخطّتْ بركبِهِ / على خطر المسعى القنا والقنابلُ
ولو رام إدراك النجوم بحيلة / لأحرزَ من إدراكها ما يُحاولُ
وإن طلبت زُهرُ النجوم لَحَاقَهُ / فمن دون ما تبغي المدى المتطاولُ
وتخفُقُ بالنصر العزيز بنودُهُ / إذا خَفَقَت فيها الصّبا والشمائلُ
وليل جهاد بات يرعى نجومه / فلا الليل مُنْجَابٌ ولا النجم آفلُ
يُراعي حماة الدين فيه بمقلة / يُراعي بها الإسلامَ كافٍ وكافلُ
إذا اشتاق هزّ الريح خافق بنده / وإن حَنَّ غنَّتْه الجياد الصواهلُ
وفي الله عن وصل الأحبة مرغَبٌ / وفي الغزوِ عن ذكر المنازل شاغلُ
من الخزرجين الَّذين نمتهُمُ / عشائر من قحطانها وفصائلُ
تسامى إلى ماء السماء فجودُهُ / بماء سماءٍ في البسيطة حائلُ
أقول لمستامِ الربيع وقد غدا / يَرودُ مَصَابَ الغيث والعامُ ماحلُ
أمامك دار للغنيِّ بربه / بأرجائها للمعتفين مناهلُ
تفجّر من كفيه عشرة أبحر / يغَضُّ بهنّ البحر وهي أناملُ
فتجري بها سفُنُ الرجاء إلى مَدّى / وليس إلى الجودي من الجود ساحلُ
فراجيه تستجدي العفاة نوالَهُ / وسائلُه تُرجى إليه الوسائلُ
أحاديثُ عنه في السماح غريبةٌ / يُروّي عواليها عطاءٌ وواصلُ
لك الله من نالٍ غمامُ بَنانه / أَقامت فروضَ البِرِّ منها النّوافلُ
طلعتَ بأفق الغرب نَيَّرَ رحمةٍ / وقد شَرُفَتْ منك العُلا والفضائلُ
فحمدك أحرى ما أفادت حقائب / وذكرك أسنى ما أقلّت رواحلُ
تروم جواري الشُّهب شأوّكَ في العُلا / ومن دونه للنَّيِّرات مراحلُ
وفي الصبح من ذاك الجبين أشعةٌ / وفي الشمس من ذاك المحيَّا دلائلُ
وفي الروض من رياك عَرفٌ ونَفْحَةٌ / وفي الغيث من يُمناك جود ونائلُ
إذا أنت لم تُزْجِ الجنود إلى العلا / فإن جنود الله عنك تقاتلُ
وإن لم تقوِّمْها سهاماً مريشةً / فإن سهام الله عنك تناضلُ
تريش لك الأقدار أسهم أسعد / تُصَابُ بها للدارعين مقاتلُ
لك العز تستجلي الخطوبُ بنوره / فليس له إلا الصّباحَ مماثلُ
إذا العزم لم يصقلْ حسامَ كميِّه / فما نافع ما قد جَلّتُهُ الصياقلُ
فقبل مضاء السيف تُمضي عزائمٌ / وبعد بناء الرأي تُبنى المعاقلُ
وما يستوي والعلم لله وحده / عليم بأعقاب الأمور وجاهلُ
تُظلَّلُ سحبُ الطّير جيشَكَ حيثما / تميلُ به الراياتُ وهي حواملُ
فلاقى بها عقبان طير وراية / تُبيد الأعادي والرماحُ حبائلُ
فقل لعميد الروم دونك فارتقبْ / طلائعَ فيها للمنايا رسائلُ
وشِمْ بارقَ السيف اللموع جفونُه / سحابُ قتام تحته الدَّمُ سائلُ
ولا تزجُر الغربان في البحر إنها / سفائن والبحرُ المذلَّلُ حاملُ
ولكنها واللهُ يُنجزُ وعده / جوارٍ بآساد الرجال حواملُ
ومخضرَةِ الأرجاء في جَنَبَاتها / مسارحُ تحميها الرماحُ الذّوابلُ
ترى الدوحَ منها بالأسنة مزهراً / إذا ما سقته للسيوف الجداولُ
تَبُلُّ غليلَ الرمح من مُهج العدا / إذا ما كَسَتْ منها الرَماحُ غلائلُ
فيا عجباً للرمح روِّيتَهُ دماً / وقد راق منه العينَ ريّانُ ذابلُ
لقد كَملَتْ فيك المحاسنُ كلُّها / وما كلُّ من يُعطي الخلافة كاملُ
فعند جميع الخلق شكرُك عاجلٌ / وعند الإلهِ الحقّ أجرك آجلُ
ودونك من نظمي جواهرَ حكمة / يفاخرُ منها السحر بالشعر بابلُ
وما هو غلا ذكرُ أوصافِك العلا / فتفعل يا مولايَ والعبدُ قائلُ
فتُتلى على الأسماع منها بدائع / وتُجلى على الأبصار منها عقائلُ
ولو أنني أدركتُ أعصار من مضى / لما قال فيها الشاعر المتخايلُ
وإني وإن كنت الأخير زمانُه / لآتٍ بما لم تستطعه الأوائلُ
ولا افتخرت قدماً إيادٌ بقُسّها / ولا استصحبت سحبانَ في الفخر وائلُ
فلا زلت يا مولايَ موردَ رحمةٍ / عطاشُ الأماني في رضاك نواهلُ
تقيمُ رسوم المعلُوات بمغرب / وذكرُك في أقصى البسيطة جائلُ
وأدركتَ في الأعداء ما أنت طالب / وبُلِّغت في الأبناء ما أنت آملُ
أبحرَ سماحٍ مدَّ عشرة أبحر
أبحرَ سماحٍ مدَّ عشرة أبحر / تفيض غمام الجود وهي الأناملُ
بكفِّك غيث للبلاد وأهلها / يُروَّض مَحلَ الأرض والعام ماحلُ
لك الخير أن أصبحت بحر سماحةٍ / يعمُّ نداه فالمواهب ساحلُ
خلعتَ على هذا الرسول ملابساً / بها تتسنّى في عُلاكَ المآملُ
وبلَّغتَه آمالَه كيف شاءها / فَبُلِّغْتَ يا مولايَ ما أنت آملْ
أقول لبدر التُمِّ كيف هلالُكا
أقول لبدر التُمِّ كيف هلالُكا / نعمتَ صباحاً بالسّعود وآلُكا
وبُلِّغتَ في النَجْلِ الكريم سعادةً / تَقَرُّبها عيناً وينعَمُ بالُكا
وخُصْصتَ بالبشرى من الله ربَّنا / كما عمَّ أقطارَ البلاد نوالُكا
أسائل بدرَ التَّمِّ كيف هلالُهُ
أسائل بدرَ التَّمِّ كيف هلالُهُ / وأدعو له الرّحمن جلَّ جلالُهُ
ستبلُغُ فيه ما تؤمَّلُ من مُنىً / ويُرضيك يا بدَ الكمال كمالُهُ
بشرى كما وَضَحَ الزمانُ وأجملُ
بشرى كما وَضَحَ الزمانُ وأجملُ / يُغشي سَناها كلَّ من يتأمَّلُ
أبدى لها وجهُ النَّهار طلاقةً / وافترّ من ثغر الأقاح مُقبَّلُ
ومنابرُ الإٍسلام يا ملك الورى / بحلاك و بحليّها تتكلَّلُ
تجلو لنا الأكوان منك محاسناً / تُروى على مرِّ الزمان وتنقلُ
فالشمس تأخذ من جبينك نورَها / والبشر منك بوجهها يتهلَّلُ
والروضُ ينفحُ من ثنائك طِيبَهُ / والوُرْقُ فيه بالممادح تهدلُ
والبرق سيفٌ من سيوفك مُنْتَضَى / والسحبُ تهمي من يديك وتهمُلُ
يا أيها الملك الذي وصافه / درٌّ على جيد الزمان يُفَصَّلُ
الله أعطاك التي لا فوقها / وحباك بالفضل الذي لا يُجهلُ
وجهٌ كما حَسَرَ الصباحُ نِقابَهُ / لضيائه تعشو البدور الكُمَّلُ
تلقاه في يوم السماحة والوغى / والبشرُ في وجناتِهِ يتهلَّلُ
كفٌّ أبت ألاَّ تكفَّ عن النّدى / أبداً فإِنْ ضنَّ الحيا تسترسلُ
وشمائلٌ كالروض باكره الحيا / وسَرَتْ بريَّاهُ الصَّبا والشَّمأَلُ
خلُقُ ابن نصر في الجمال كخَلْقِهِ / ما بعدها من غاية تُستكمَلُ
نورٌ على نورٍ بأبهى منظرٍ / في حسنه لمؤمِّلٍ ما يأمُلُ
فاق الملوكَ بسيفه وبسَيْبه / فبعد له وبفضله يُتمثّلُ
وإذا تطاول للعميد عميدهم / فله عليه تطاولٌ وتطوُّلُ
يا آيةَ الله التي أنوارها / يُهدَى بها قصدَ الرشاد الضُّلَّلُ
قل للذي التبست معالم رشده / هيهات قد وضحَ الطريقُ الأمثلُ
قد ناصحَ الإسلامَ خيرُ خليفةٍ / وحمى عزيز الملك أغلبُ مُشبلُ
فلقد ظهرت من الكمال بمستوى / ما بعده لذوي الخلافة مَأْمَلُ
وعنايةُ الله اشتملتَ رواءها / وعلقت منها عروة لا تُفصلُ
فالجود إلاّ من يديك مُقتّر / والغيثُ إلاّ من نَداك مُبَخِّلُ
والعُمر إلا تحت ظلّك ضائعٌ / والعيش إلاّ في جنابك مُمحلُ
حيثُ الجهاد قد اعتلَتْ راياتُهُ / حيثُ المغانمُ للعفاة تُنَفَّلُ
حيثُ القبابُ الحمرُ تُرفعُ لِلقرى / قد عام في أرجائهنَّ المندلُ
يا حجَةَ الله التي برهانها / عز المحقُّ به وذَلَّ المبطلُ
قل للذي ناواك يرقُبُ يومَه / فوراءه ملك يقول ويفعلُ
واللهُ جَلَّ جلالُه إن أمْهَلت / أحكامُهُ مُستدرَجاً لا تُهملُ
يا ناصر الإسلام وهو فريسةٌ / أسدُ الفلا من حولها تَتَسَلَّلُ
يا فخر أندلس وعصمة أهلها / لك فيهم النعمى التي لا تُجهلُ
لا يُهمل اللهُ الذين رعيتَهم / فلأنت أكفى والعناية أكفلُ
لا يبعدُ النصرُ العزيزُ فإنه / آوى إليك وأنت نعم الموئلُ
لولا نَداك لها لما نفع الندى / ولجفَّ من وِرد الصنائع منهلُ
لولاك كان الدينُ يُغمطُ حقُّه / ولكانَ دَيْنُ النصرِ فيه يُمطلُ
لكن جنَيِّتَ الفتح من شجر القنا / وجنى الفتوحِ لمن عداك مُؤمَّلُ
ولقبلُ ما استفتحت كلَّ ممنَّعٍ / من دونه بابُ المطامع مُقفلُ
ومتى نزلْتَ بمعقلٍ متأشِّبٍ / فالعُصْمُ من شعفاته تُسْتَنْزَلُ
وإذا غزوت فإن سعدك ضامنٌ / ألاَّ تخيبَ وأنّ قصدك يكملُ
فمن السعود أمامَ جيشكَ موكبٌ / وفي الملائك دون جُندِكَ جحفلُ
وكتيبةٍ أردفتها بكتيبةٍ / والخيل تمرحُ في الحديد وترفُلُ
من كل منحفز كلمحةِ بارقٍ / بالبدر يُسرجُ والأَهِلَّةِ يُنعلُ
أوفى بهادِ كالظليم وخلفه / كَفَلٌ كما ماجَ الكثيبُ الأهيلُ
حيٌّ إذا ملك الكَمِيُّ عِنانَهُ / يهوي كما يهوي بجوِّ أَجْدَلُ
حملتْ أسودَ كريهةٍ يوم الوغى / ما غابُها إلا الوشيجُ الذُّبَّلُ
لبسوا الدروع غدائراً مصقولةً / والسُّمرُ قضبٌ فوقها تَتَهَدَّلُ
من كل معتدل القوام مثقَّفٍ / لكنّهُ دون الضريبة يَعْسِلُ
أذكيت فيه شعلَةَ من نصلهِ / يهدي بها إن ضلَّ عنه المقتلُ
ولربَّ لمّاعِ الصّقال مشهّرٌ / ماضٍ ولنْ فعلُهُ مستقبلُ
رقَّتْ مضاربُهُ وراق فِرَنْدُهُ / فالحسن فيه مجمَلٌ ومفصَّلُ
فإذا الحروب تسعَّرتْ أجزالها / ينساب في يُمناك منها جدولُ
وإذا دجا ليل القتام رأيته / وكأنه فيه ذبالٌ مشعلُ
فاعجبْ لها من جذوةٍ لا تنطفي / في أبحر زخرت وهنّ الأنملُ
هي سنَّةٌ أَحْيَيْتَها وفريضةٌ / أَدَّيتَها قُرُبَاتُها تُتَقَبَّلُ
فإذا الملوك تفاخرت بجهادها / فأنت أحفى بالجهاد وأحفلُ
يا ابن الذين جمالهم ونوالهم / شمسُ الضحى والعارضُ المتهلَّلُ
يا ابن الإمام ابنِ الإمام ابنِ الإما / م ابن الإمام وقدرُها لا يُجهلُ
آباؤك الأنصار تلك شعارهم / فلِحَيِّهمْ آوى النَّبِيُّ المرسلُ
فهُمُ الألى نصروا الهدى بعَزائمٍ / مصقولةٍ وبصائر لا تخذلُ
ماذا يُحَبِّر شاعر في مدحهم / وبفضلهم أَثنى الكتَابُ المُنَّزَلُ
مولايَ لا أحكي مآثرك التي / بحديثها تُنْضَى المطيُّ الذُّلَّلُ
وذا الحقائق ليس يدرك كنهها / سيانِ فيها مكثر ومقلّلُ
فإليك من شوال غرّة وجهه / أهدَاكَها يومٌ أغرُّ محجّلُ
عذراء راق العيدَ رونقُ حسنها / فغدا بنظم حليّها يتجمّلُ
رضعت لبانَ العلم في حِجْرِ النُّهى / فوفَتْ لها فيه ضروعٌ حُفّلُ
سَلَكَ البيانُ بها سبيل إجادةٍ / لولا صفاتك كان عنها يعدلُ
جاءتْ تهنّي العيد أيمن قادمٍ / وافى بشهر صيامه يتوسَّلُ
وطوى الشهورَ مراحلاً معدودةً / كميا يُرى بفِناء جودك ينزلُ
وأتى وقد شفّ النحولُ هلالَه / ولشوقِهِ للقاء وجهك ينحلُ
عقدت بمرقبة العيون مسرّةً / فَمُكِبّرٌ لطلوعه ومهلِّلُ
فاسلم لألفٍ مثله في غبطةٍ / ظِلُّ المنى من فوقه يتهدّلُ
فإذا بقيتَ لنا فكلُّ سعادة / في الدين والدنيا بها تتكفَّلُ
طلع الهلالُ وأفقهُ متهلّلُ
طلع الهلالُ وأفقهُ متهلّلُ / فمكبِّرٌ لطلوعهِ ومهلُلُ
أوفى على وجه الصباح بغرّة / فغدا الصباح بنوره يتجمَلُ
شمس الخلافة قد أمدّت نوره / وبسعدها يرجو التمام ويكملُ
للهِ منه هلالُ سعد طالعٌ / لضيائه تعشو البدور الكُمّلُ
وألحت يا شمس الهداية كوكباً / يعشْي سناه كلَّ من يتأمّلُ
والتاج تاجُ البدر في أفق العلا / ما زال بالزُّهر النجومُ يُكَلَّلُ
ولئن حَوى كلَّ الجمال فإنه / بالشهب أبهى ما يكون وأجملْ
أطلعت يا بدرَ السماح هلالَه / والملكُ أفق والخلافة منزلُ
يبدو بهالاتِ السروج وإنه / من نور وجهك في العلا يستكملُ
قلَّدتَ عطف الملك منه صارماً / بغَنائِهِ ومضائه يُتَمثَّلُ
حلَّيتَه بحلى الكمال وجوهر الخُلقِ / النفيس وكلَّ خلق يجمُلُ
يغزو أمامك والسعود أمامه / وملائك السبع العلا تتنزّلُ
من مبلغ الأنصار منه بشارة / غرُّ البشائر بعدها تسترسلُ
أحيا جهادَهم وجدّد فخرهم / بعد المئين فملكهم يتأثّلُ
فيه إلى الأجر الجزيل توصلوا / وبهم إلى رب السما يتوسَّلُ
من مبلغ الأذواء من يمن وهُمْ / قد تُوِّجوا وتملّكوا وتَقَيَّلوا
أنّ الخلافة في بنيهم أطلعت / قمراً به سعدُ الخليقةِ يكملُ
من مبلغٌ قحطان آساد الشرى / ما غابُها إلا الوشيح الذُبَّلُ
أنّ الخلافة وهو شبل ليوثهم / قد حاط منها الدينَ ليث مُشبلُ
يهني بني الأنصار أن إمامهم / قد بلّغته سعودُهُ ما يأملُ
يهني البنودَ فإنها ستظله / وجناح جبريل الأمين يظلّلُ
يهني الجيادَ الصافنات فإنها / بفتوحه تحت الفوارس تهدلُ
يهني المذاكي والعوالي والظبى / فيها إلى نيل المنى يتوصّلُ
يهني المعالي والمفاخر أنّه / في مرتقى أوج العلا يَتَوَقَّلُ
سبقت مقدمةُ الفتوح قدومَهُ / وأتاك وهو الوادع المتمَهِّلُ
وبدتْ نجوم السعد قبلَ طلوعه / تجلو المطامع قبلَه وتُؤثَّلُ
وروتْ أحاديث الفتوح غرائباً / والنصر يملي والبشائرُ تنقلُ
أَلقت إليك به السعودُ زمامَها / فالسعدُ يُمضي ما تقول ويفعلُ
فالفتحُ بين معجّلٍ ومؤجلٍ / يُنسيك ماضيَه الذي يستقبلُ
أوليس في شأن المشير دلالةٌ / أن المقاصدَ من طلابك تكملُ
ناداهم داعي الضلال فأقبلوا / ودعاهم داعي المنون فجُدِّلوا
عَصَوُا الرسول إبايةً وتحكمت / فيهم سيوفك بعدها فاستمثلوا
كانوا جبالاً قد عَلتْ هضباتها / نسفتهُمُ ريحُ الجلاد فزُلْزلوا
كانوا بحاراً من حديد زاخر / أذكتهم نار الوغى فتَسيَّلُوا
ركَبت أرجلها الأداهمَ كلما / يتحركون إلى قيام تصهلُ
كان الحديدُ لباسهم وشعارهم / واليوم لم تلبسه إلاّ الأرجُلُ
الله أعطاك التي لا فوقها / فتحاً به دينُ الهدى يتأثَّلُ
جددت للأنصار حَلْيّ جهادها / فالدين والدنيا به تتجمّلُ
من يتحف البيت العتيق وزمزماً / والوفد وفدُ الله فيه ينزلُ
متسابقين إلى مثابة رحمةٍ / من كلّ ما حَدَبٍ إليه تنسلُ
هيماً كأفواج القطا قد ساقها / ظمأٌ شديدُ والمطافُ المنهلُ
من كل مرفوع الأكف ضراعةً / والقلبُ يخفقُ والمدامع تهملُ
حتى إذا روت الحديث مسلسلاً / بيضُ الصوارم والرماحُ العُسَّلُ
من فتحك الأسنى عن الجيش الذي / بثباته أهل الوغى تتمثّلُ
أهدتهم السَّرَّاءَ نصرةُ دينهم / واستبشروا بحديثها وتهللوا
وتناقلوا عنك الحديث مسرَّةً / بسماعه واهتزّ ذاك المحفلُ
ودعوّا بنصرك وهو أعظم مفخراً / أن الحجيج بنصر ملكك يحفلُ
فاهنأ بملك واعتمد شكراً به / لطفَ الإله وصنعَه تَتَخَوَّلُ
شرفتَ منه باسم والدك الرضى / يحيا به منه الكريمُ المفضلُ
أبديت من حسن الصنيع عجائباً / تُروي على مرِّ الزمان وتنقلُ
خفقت به أعلامُك الحمرُ التي / بخفوقها النصر العزيز موكّلُ
هَدَرَتْ طبول العزّ تحت ظلالها / عنوان فتح إثرها يستعجلُ
ودعوتَ أشرافَ البلاد وكلهم / يثني الجميلَ وصُنعُ جودك أجملُ
وردوا ورود الهيمِ أجهدها الظما / فَصَفَا لهم من وِردِ كفك منهلُ
وأثرت فيه للطراد فوارساً / مثل الشموس وجوهُهم تتهلّلُ
من كل وضاح الجبين كأنه / نجم وجنح النقع ليل مسبلُ
يردُ الطرادَ على أغرَّ محجّل / في سرجه بطلٌ أغرُّ محجِّلُ
قد عُوُدوا قنصَ الكماة كأنما / عقبانها ينقضُ منها أجْدَلُ
يستتبعون هوادجاً موشيَّةٌ / تنسي عُقول الناظرين وتُذهِلُ
وتضمنت جزل الوقود حمولها / والنصر في التحقيق ما هي تحملُ
والعاديات إذا تلت فرسانها / آيَ القتال صفوفها تترتلُ
لله خيلك إنها لَسَوَابح / بحر القتام وموجُه متهيّلُ
من كل برق بالثريا ملجمٍ / بالبدر يُسرج والأهلّةِ ينعلُ
أَوْف بهادِ كالظليم وخلفه / كفَلٌ كما ماج الكثيب الأهْيلُ
حتَّى البوارق غير أن جيادَها / عن سبق خيلك يا مؤيد تنكُلُ
من أشهب كالصبح يعلو سرجَهُ / صبحٌ به نجم الضلالة يأفلُ
أو أدهمٍ كالليل قَّدَ شُهبه / خاض الصباحَ فأثبتَتُه الأجلُ
أو أشقرٍ سال النُضار بعطفه / وكساه صبغة بهجةٍ لا تنصلُ
أو أحمرٍ كالجمر أضمر بأسه / بالركض في يوم الحفيظة يشعلُ
أو أصفرٍ لبس العشي ملاءةً / وبذيله لِلَّيل ذيل مسبلُ
أجملت في هذا الصنيع عوائداً / الجود فيها مجمل ومفصّلُ
أنشأت فيها من نداك غمائماً / بالفضل تنشأ والسماحة تهمِلُ
فجّرتَ من كفّيكِ عشرة أبحر / تزجي سحاب الجود وهي الأنمُلُ
من قاس كفك بالغمام فإنه / جهل القياس ومثلها لا يجهلُ
تسخو الغمام ووجهها متجهم / والوجه منه مع الندى يتهلّلُ
والسحب تسمح بالمياه وجودُهُ / ذهبٌ به هلُ الغنى تتموّلُ
من قاسَ بالشمس المنيرة وجههه / ألفَيْته في حكمه لا يعدلُ
من أين للشمس المنيرة منطق / ببيانه دُرُّ الكلام يُفصّلُ
من قاس بالبدر المنير كمالَه / فالبد ينقص والخليفةُ يكمُلُ
من أين للبدر المنير شمائلٌ / تسري بريّاها الصِّبا والشَّمالُ
من أين للبدر المنير مناقبٌ / بجهادها تُنضى المطيُّ الذُلَّلُ
يا من إذا نفحت نواسمُ حمده / فالمسك يعبق طيبُه والمندلُ
يا من إذا لُمحت محاسنُ وجهه / تعشو العيون ويُبهر المتأملُ
يا من إذا تُليت مفاخر قومه / آيُ الكتاب بذكرها تتنزّلُ
كفل الخلافة منك يا ملك العلا / واللهُ جلاَّ جلالهُ لكَ أكفلُ
مأمونُها وأمينُها ورشيدها / منصورها مهديُّها المتوكّلُ
حسبُ الخلافة أن تكون وَليَّها / ومجيرَها من كل من يتحيَّلُ
حسبُ الزمان بأن تكون إمامَهَ / فله بذلك عزة لا تُهملُ
حسبُ الملوك بأن تكون عميدَها / ترجو الندى من راحتيك وتأملُ
حسب المعالي أن تكون إمامها / فعليك أطناب المفاخر تُسدلُ
يا حجة الله التي برهانها / عزَّ المحقُّ به وذَلَّ المبطلُ
أنت الإمام ابنُ الإمام ابنِ الإما / م ابنِ الإمام وفخرها لا يُعدَلُ
علّمت حتّى لم تدعْ من جاهل / أَعطيت حتى لم تدعْ من يسألُ
وعنايةُ الله اشتملت رداءها / وعلقت منها عروةً لا تُفْصَلُ
أخذت قلوبَ الكافرين مهابةٌ
أخذت قلوبَ الكافرين مهابةٌ / فعقولهم من خوفها لا تعقلُ
حسبوا البروق صوارماً مسلولةً / أرواحهم من بأسها تتسلّلُ
وترى النجوم مناصلاً مرهوبةٌ / فيفرُّ منها الخائف المتنصّلُ
يا ابن الألى إجمالهم وجمالهم / شمسُ الضحى والعارض المتهلّلُ
مولايّ لا أحصي مآثرك التي / بجهادها يتوصّلُ المتوسِّلُ
أصبحتُ في ظل امتداحك ساجعاً / ظلُّ المنى من فوقهِ يتهدّلُ
طوّقته طوق الحمائم أنعماً / فغدا بشكرك في المحافل يهدلُ
فإليك من صون العقول عقيلةً / أهداكها صَنَعٌ أغرُّ محجَّلُ
عذراء راق الصنعَ رونقُ حسنها / فغدا بنظم حُليّها يتكلَّلُ
خيرتها بين المنى فوجدتها / أقصى مُناها أَنّها تُتَقَبَّلُ
لا زلت شمساً في سماء خلافة / وهلالك الأسمى يتم ويكملُ
يا وارث الأنصار وهي مَزِيَّةٌ
يا وارث الأنصار وهي مَزِيَّةٌ / بفخارها أثنى الكتابُ المنزلُ
أهديتني الباكورَ وهي بشارة / ببواكر الفتح الذي يستقبلُ
وولادة لهلال تِمِّ طالع / وجهُ الزمان بوجهه يتهلّلُ
هو أول الأنوار في أفق الهدى / وترى الأهلة بعدها تسترسلُ
مولايَ صِدقُ الفال قد جَرَّبْتَهُ / من لفظ عبدك والعواقب أجملُ
أنا تاج كهلال
أنا تاج كهلال / أنا كرسيُّ جمالِ
ينجلي الإبريق فيه / كعروسٍ ذي اختيالِ
جودُ مولانا ابنِ نصرٍ / قد حباني بالكمالِ
يا فرَجاً علَّلْتُ نفسِي به
يا فرَجاً علَّلْتُ نفسِي به / والفال محبوب لتعليلِهِ
حرَمتُ إحليلك هذا على / نفسي وأَفتيْتُ بتحليلِه
ما للحُمول تحنُّ للأطلال
ما للحُمول تحنُّ للأطلال / ويشوقُها ذكرُ الزمان الخالي
يثني أزمّة هِيمها شوق إلى / ظل الأراك وأزرق سَلْسالِ
ذكرت بها الحيّ الجميع كعهدها / والربعُ منها أخضر السِّرْبالِ
والدار حاليةٌ المعاطف والربا / ومَرَادها بالروضة المخضالِ
أيَّانَ ما لعبت بها أيدي النوى / وتراهنت في الحل والتَّرْحالِ
وجَرَتْ بسدتها الحداة كأنها / قطعُ السفائن خضن بحر ليالِ
دَعْني أطارحْها الحنين فإنني / لا أنثني لمقالة العُذَّالِ
وهي المنازل أشبهت سكانها / أعمارها تفضي إلى الآجالِ
بلِيَتْ محاسنها وخَفَّ أَنيسُها / والشوق والتذكار ليس ببالي
ولقد أقولُ وما يُعنَّف ذو الهوى / ذهب الغرام بحيلة المحتالِ
أَحَشّى تذوب صبابة ومدامعٌ / تغري جفون المزن باستهلالِ
ووراء مطَلع الخدور جآذر / تُجلى شموساً في غمام حجالِ
يا ساكني نجدٍ وما نَجْد سوى / نادي الهدى ومخيّم الآمالِ
ما للظباء الآنساتِ بربعكم / عُطُلاً وهنَّ من الجمال خوالي
أو للرياح تهبُّ وهي بليلةٌ / فتهيجُ من وجدي ونم بَلْبالي
هي شيمة عذرية عوّدتُها / قلباً شَعاعاً ما يُرى بالسالي
يا بنتَ من غَمَرَ العفاةَ نوالُهُ / هلاَّ سمحتِ ولو بطيفِ خَيَالِ
فلكم بعثتُ مع النسيم تحيَّتي / عوّدْتُ ساري البرق من أرسالي
بالله يا ريح النُّعامى جرِّري / فوق الخُزامى عاطر الأذيالِ
وإذا مررتَ على الكثيب برامةٍ / صافِحْ محيّا الروضة المخضالِ
فيها المعاهد قد طلعن بأفقها / زمناً ولم أَجنحْ لوقت زوالِ
أمذكري عهدَ الشبيبة جادَهُ / صوبُ العهاد بواكف هَطَالِ
عاطيتني عنه الحديثَ كأنّما / عاطيتَني منه ابنهَ الجريالِ
هذا على أني نزعتُ عن الصِّبا / وصرمتُ من حبِّ الحسان حِبالي
حسبي وقاراً في النديِّ إذا احتبى / وتجادلوا في الفخر كل مجالِ
أني ألوذ بدولة نصْريةٍ / حليَتْ محاسنها بكل كمالِ
حيث الوجوهُ صبيحة والمكرما / تُ صريحة والعزُّ غيرُ مُزالِ
حيث المكارم سنها أعلامُها / من كل فياض الندى مفضالِ
بيض الأيادي والوجوهِ أَعِزَّةٌ / قد شيّدوا العليا بسمر عوالي
هم آل نصر ناصرو دين الهدى / والمصطفَوْن لخيرة الأرسالِ
ما شئتَ من مجد قديم شاده / أبناءُ قيلةَ أشرف الأقيالِ
ما منهم إلا أغرُّ محجّلٌ / يلقى العظائم وهو غير مبالِ
مُتَبَسِّمٌ واليوم أكلحُ عابسٌ / والحربُ تدعو بالكُماةَ نَزَالِ
قد عُوَّدوا النصر العزيز وخوَّلوا / الفتح المبين بملتقى الأبطالِ
بذلوا لدى الهيجا كرائمَ أنفسٍ / قد أرخصت في الله خير منالِ
أصبحتَ وارث مجدهم وفخارهم / ومُشرّفَ الأمصار والأبطالِ
وطلعت في أفُقِ الخلافة نَيِّراً / تجلو ظلامَ الظلم والإضلالِ
فُقت الملوك جلالة وبسالة / وشأوْتَهُم في الحِلم والإجمالِ
أَعْدَتْ محاسنُك المحاسنَ كلَّها / فجمالُها يُزري بكل جمالِ
فالشمسُ تأخذ عن جبينك نورَها / والروض ينفح عن كريم خِلالِ
والريحُ تحمل عن ثنائك طيبها / في ملتقاها من ضباً وشَمَالِ
والغيثُ إلا من نداك مبُخَلٌ / فالغيثُ يُقلعُ والندى مُتَوَالِ
تعطي الذي لا فوقَهُ لمؤمِّلٍ / وتجود بالإحسان قبلَ سؤالِ
طاولتَ عُلويَّ النجوم بهمةٍ / لا فاقداً عزماً ولا مكسالِ
وبلغتَ من رُتب السعادة مبلغاً / أبعدتَ فيه مرتقاك العالي
وقياسُ سعدك في مرامك كلَّه / يقضي مُقَدَّمُهُ بصدق التالي
لمن الجيادُ الصافناتُ كأنها / في الوِرْدِ أسرابُ القطا الأرسالِ
من كل ملموم القُوى عبل الشَّوى / مُرخي العنان مُحَفَّز جَوَّالِ
لمن القباب الحمر تُشرَع للندى / فتفيض للعافين فيض سجالِ
لمن الخيام البيض تحسب أنها / زُهْرُ الكواكب أَطلِعَتْ بِحِلالِ
منداحةُ الأرجاء عاليةُ الذرى / فكأنها في الوهد شمُّ جبَالِ
هو مظهرُ الملك العلي ومطلع ال / نور الجلي بمرقب متعالِ
آثار مولانا الإمام محمّدٍ / بدر الهدى لا زال حِلفَ كمالِ
للهِ وجهتك التي نلنا بها / أَجرَ الجهاد وبغيةَ الآمالِ
ما شئت من حسن يفوق كمالُهُ / ويروق منظره الجميل الحالي
كم من عجائبَ جمةٍ أظهرْتَها / ما كان يخطرُ وصفهُنَّ ببالي
أَمَّتْ وفود الناس منك مملّكاً / قد خُصَّ بالتعظيم والإجلالِ
جاءُوا مواقيتَ اللقاء كأنهم / وفدُ الحجيج برامةٍ وألالِ
لله عينا من رأى ملك العُلا / حَفَّ الوقارُ جمالَه بجَلالِ
في موكبِ لبسوا الخلوصَ شعارهُ / وتميزوا منه بزِيِّ جمالِ
بلغوا به العددَ الكثيرَ وكلُّهم / أرضاهُمُ إحسانُك المتوالي
يهني المريَّةَ نعمة سوغتها / جادت بها الأيامُ بعد مِطالِ
قدست واديها وزرت خلالَها / فلها الفخار بها على الآصالِ
وكسوتَها بُرد الشباب مُفوّقاً / وشفيتَ ما تشكو من الأوجالِ
مولايَ لا أحصي ثناءك إنه / أربى على التفصيل والإجمالِ
أعليتَ في أفق العناية مَظهري / وخصصته بعوارف الإفضالِ
ظفرت يدايَ بكلّ ما أمّلتُه / في النفس أو في الجاه أو في المالِ
لم تُبق ليل أملاً وما بُلِّغتُهُ / بُلّغتَ ما ترجو من الآمالِ
رفعت قوسَ سمائي
رفعت قوسَ سمائي / يُزهى بتاج الهلالِ
قد قلَّدتْه نقوشي / دُرَّ الدراري العوالي
ترى الأباريق فيه / تُهديك عذْبَ الزلالِ
قد زان قصريَ سعدٌ / بسعده المتوالي
فدام يعمر ربعي / في كلّءِ مولى الموالي
بما قد حزت من كرم الخلالِ
بما قد حزت من كرم الخلالِ / بما أدركت من رتب الجلالِ
بما خُوِّلتَ من دين ودنيا / بما قد حزتَ من شرف الجمالِ
بما أوليتَ من صنع جميلٍ / يطابق لفظُهُ معنى الكمالِ
تغَمّدْني بفضلك واغْتَفرها / ذنوباً في الفِعال وفي المقالِ
لك الخير شأنُ الجفن يحرسُ عينَه
لك الخير شأنُ الجفن يحرسُ عينَه / وهذا بعين الله يحرس دائماً
تبيتُ له خمسُ الثريا مُعيذةً / تُقلِّدُه زُهرُ النجوم تمائما
فيا جفنُ لا تنفك في الحفظ دائما / وإن كنتَ في لجٍ من البحر عائما