المجموع : 234
إِنْ حُجِبْتُ عَنْ ذَاتِي بالْطِين
إِنْ حُجِبْتُ عَنْ ذَاتِي بالْطِين / فالغِنَى غِنَى الفقر يُدنيني إِليّا عندي
إِن خَلَعْتْ يا طَالِبَ الْفَقْرِ /
عالَمَ الْجُسُومِ مَعْ عالَمِ السِّرِ /
بِذَاكَ نَعْنِي الْخَلْقَ والأمرِ /
يَنْجَلِي لكَ الاسمُ في الحينِ /
وترى إِمتدادَ الكافِ والنونِ مَنِ المبدى /
كافُنَا الإلهيُ لاَ يَفْنَى /
إِنْهُ إِلى لَفْظِكُم مَعْنَى /
كُلَّ مَنْ يَهِيمُ بِما هِمْنَا /
مَالُو احتياجٌ لتبيينِ / ذَوْقُهُ إِلى كِل مَكْنُون
هُوَ الْمُهْدِي /
سَلِّمْ المعارجَ لِلذَوْقِ /
قَطْعُكَ العلائقَ بالحقِ /
وَلْتَدَعْ ما سِوَى الحَقِ /
فالْفَنَا هُوَ غايَةُ الدِّينِ / أن نَمُوت فموتي يُحْييني
مِنَ الْبُعْدِ /
إِلْحَظْ المراتبَ في الْعِلْمِ /
واصْرِف اللحُوظَ إِلى الوَهْمِ /
وانْظُر الذِي خاضَ في الْيَمِ /
إِن يكُنْ يُرَى خائِضاً دونِي / فرُدُّه ولاَ بُدَّ مَسْنُون
كذا عِنْدِي /
كم لِي نَجْرِي
كم لِي نَجْرِي / وكانَ جَرْيي لِعِنْدِي
أمْرٌ ثابتْ / وَسِرُّ سِرِّي وَجْدِي
فَمَن جَا يَرُومْ / تَبِنْ لُو رُسومْ
ويَتْحَصَّلْ على رَشْحٍ قليلْ مِنْ مرادي / وبِهْ تُكْتَب تراجيمُ العبادْ
كُلّ واقفْ / لسْ واللهِ يبرُزْ بِحِيلَهْ
لاِحْتِبَاسُوا / جَهْلاً بأوَّلْ فتِيلَهْ
وَلَوْ يَبْقَى سارِي / ويَقْطَعْ براري
يَقُلْ ما وَرَادَ وَارِي / دَوَارْ في اعتقادي
وذاكَ المُقام مقام كلِّ بادِي /
كُلِّ عارفْ يَعْرِفْ / بأنْ لَسْ هُ وَاصِلْ
ولا يَقنعْ بأشْ ما وَجَدْ / عِنْدُو حاصلْ
وَيخْطُرْ لُو يُحْكي / بِوَهْمُوا المَكِّي
كمجنون لَيْلَى عَلَى كُلِّ وادِي / ينوحُ وَيبْكي ألَمَ الْبِعَادِ
لو تَرَانِي نَتِهْ / عَلَيَّا ونزهو
حِينْ أَخَذْنِي بالامْتِنَانْ / مُتُّ مِنْوُا
وَلاَ طَفَنِي عِنيَّ / وَانَا بِهْ نُغَنِّي
أُشَاهِدْ مِنْهُ في سِرِّي التَّجَلِّي مُرَادِي / وأتْنَعَّمْ بِقَرْبِي مِنهُ في الْفُؤَادِ
صَاحِ هَذِي الأسْرارْ
صَاحِ هَذِي الأسْرارْ / فَدْ اشْعَلتْ في الْحَشَا مني النارْ
مُدْ لاَحَ لِي سُّرُ مَنْ نَهْواهْ /
لَمْ اسْتَطِعْ كَتْمَ ما أِلْقَاهْ /
مِنْ شَجْوِ قلبي وَمِنْ شَكْوَاه /
وَيْح قلبي قَدْ طارْ / في ذَا الهوى سابِحاً ذَا اسْتِهْتار
يا غايَتي في الهوى يا أنْسِي /
أنْتَ الْعَلِيمُ بما في النفسِ /
مَلَكْتَ مِنِّي الْقُوَيِ معْ حِسي /
فَعَسَى أنْ تَخْتَارْ / لمدنفِ مستهامِ قدْ حارْ
ما شْتِهِي إِلاَّ أنْ تُحِييني /
بالوصلِ مِنكَ وأنْ تَسْقِيني /
مِنْ خَمْرِ وُدِّكَ ما يُرْوِينِي /
يا لَها مِنْ أدْوَارْ / تُزيلُ حُكْماَ لِصَبٍ قد حارْ
إِن دَارتْ الكاسُ زَالَ الْعَطَشْ /
والْمَحْو رَاحْ وبانَ النَّقَشْ /
وصَارَ ما كانْ سِرَّا يُفَشْ /
وأضاءت أنْوار / وانْهَلْ مُزْنْ وفَاحتْ أزْهَارْ
وعادَ جِسْمي مِني رُوحَا /
والشِّكُ بالغيبِ لِي مَوْضُوحَا /
وأجْنَحْ فَما أرَى تَبرِيحَا /
وساعَدَتْنِي أقدارْ / وصِرْتُ شَخْصاً رَفيعَ الْمَنَارْ
يا مَنْ بَدَا ظَاهِرْ
يا مَنْ بَدَا ظَاهِرْ / حِينَ اسْتَتَرْ
واخْتَفَى بَاطِنْ / لَمَّا ظَهَرْ
طَهَرَتَ لَم تُخْفَ / عَلَى أحَدْ
وغِبْتَ لَمْ تَظْهَرْ / لِكُلِّ حَدْ
فأَنْتَ هُ الواحدْ / بِلاَ أحَدْ
واحِدْ بِلاَ ثَانِي / تَحْقِيقْ خَبَرْ
ما زَادْ عَلَى الواِحدْ / مِنَّكْ ظَهَرْ
إِسْمَعْ تَرَى قَوْلِي قولاً بديع / لمن تقول إسمع أنت وَالْمُسْتَمِعْ
أنت هو القائل / والمستمع
ما غَابَ أشْ تَدْرِي / مَتَى حَضَرْ
اللهْ هُوَ الواحدْ / بِلاَ أخَرْ
ما ثَمَّ شَيْ مِثْلِي / وَاحِدْ أنَا
والأيْنُ في حَقِّي / هُوَ الْعَنَا
فإنْ تَرَكْتَ الأينْ / وَجَدْتَّنَا
فَتُوب عن نَفسَك / أو أقْتَصَرْ
ترى بْعين قَلْبَكْ / مَعْنى الْخَبر
قُل لي مَنْ الشَّيْطَانْ / أوِ الْمَلَكْ
أوْ أدْمَ أوُ حَوَّا / أو الفَلَكْ
أوْ مَنْ نَجَا قُلِّي / أوْ مَنْ هَلَكْ
أوْ منْ سَجَدْ للْشَمس / أوِ لِلْقَمَرْ
أوْ مَن عَبَدْ لِلْنَّارْ / أوِ الْحَجَرْ
لِعَاقِلْ يَفْهَمْ / يَكُنْ نَبِيهْ
يَقَرا وَيتعَلِّمْ / يَرْجِعْ فَقِيهْ
يَعْرِفْ طرِيقْ الحقْ / يسلك عَلِيهْ
فان فهم شرحوا / اش ينتظر
اخرج عن الكونين / ترى القمر
لِلْحَقِّ صُبْحٌ قَدْ أسْفَرْ
لِلْحَقِّ صُبْحٌ قَدْ أسْفَرْ / لِمن تَبَصَّرْ
أبْحَثْ وكُنْ مِمَّنْ بَعْثَرْ / فَأنْتَ أكْبَرْ
يا طَالِباً وَهْوَ المطْلُوبْ / إِيَّاكَ أعْني
أنْتَ اَلْمُنَى أنْتَ الْمَرْغُوبْ / فَخُذْها عَنِّي
واشْرَب فما يُلْقَى مَشْروبْ / مِنْ غَيْرِ دَنِّي
ولا تُعَرْبِدْ إِذْ تَسْكَرْ / حَتَّى تَجَوْهَر
إِبْحَثْ وَكُنْ مِمَّنْ يَعْثَرْ / فَأنْتَ اكْبَرْ
وأيَّمَا ذَاتاً تَلْقَى مِنَ الْجَمَالِ /
كُنْهَا وُجَودْ حَقَّا وارْقا إِلى الجلالِ /
فمِنْهَا قَطْعَّا قد تُسْقَى كاسَ الكمالِ /
رَكَّبْ وحَلِّلْ كَيْ تَظْفَرْ / بِما تَسَتَّرْ
إِبْحَثْ وكُنْ مِمَّنْ بَعْثَرْ فأنْتَ أكْبَرْ /
لاَبُّدَّ مِنْ حِفْظِ الْمَعْنى مَعَ القَرَايِنْ / والشكل عامل بالحسنى كي لا تحارن
فَهْوَ اخْتِلالٌ بالْمَعْنى لِمَنْ يُبَايِن /
أكْرِمْ بِسِرِّ ما يُبْصَرْ / لِلْسِرِّ مَظْهَرْ
إِبْحَثْ وَكُنْ مِمَّنْ بَعْثَرْ / فأنْتَ أكْبَرْ
لكِنَّ ذَا بَعْدَ أنْ تَفْنَى ذَوْقاً وتَحْيَا /
ولَمْ تَجِدْ خَلْفاً يُدْنَى فَطِبْتَ مَحْيَا /
إِلاَّ وُجُوداً قد أغْنَى لَمْ يُعْطَ نَفْيَا /
قَضِيَّةٌ لَيْسَتْ تُنْكَرْ / وَلاَ تُقَرَّرْ
إِبْحَثْ وكُنْ مِمَّنْ بَعْثَرْ / فأنْتَ أكْبَرْ
بِيهَا وفيها قد هِمْنا كَمَا تَرَانَا /
وكُل مَنْ أوْمَى مِنَّا أو مِن سِوانا /
لَها فخُذْ عَمَّنْ فَنَا فِيمَن سَقَانا /
الْحُبٌ أغْلَى ما يُذْكَرْ / والْحِبُ أكبرْ
إِبْحثْ وكُنْ ممن بعثرْ / فأنتَ أكبرْ
سَقَانِي حِبَّي بِكُؤُوسْ
سَقَانِي حِبَّي بِكُؤُوسْ / من خَمْرَةٍ لم تَنْعَصِر
مِنْها شَرَابْ أهْلِ الْخُلوص / وكُلُّ شَيْ فِيها ظَهَرْ
شَرَبْتُ منها جُرْعَتِي / وهِمْتُ فِيكَ يا ذا الجلاَلْ
وانْجَلتْ لِي جَلْوَتِي / وَلاَ رَأيْتُ إلاَّ الكمال
وأسْكَرتْني سَكْرَتِي / كما سَكِرْ منْهَا الرِّجالْ
مُدَامةَ تُحْيي النُّفُوسْ / ومَنْ شَرِب مِنْها سَكَرْ
قَد انْجَلَت لِي كالْعَروس / ورأيتُ شمساً وقَمَرْ
بالكْ تَكُنْ بُوِيح أخِي / وامْسِك السِّرَّ العجيب
كَيْ يَنْكَشِفْ لك الْغِطا / حَتَّى تُشَاهِد للحبيب
مِنَّك وَفيك هُ كُلَّ شيْ / إِنْ كُنْتَ فاهِم أو لبيب
إرجَعْ إِلى ذَاتِكْ وغَوِص / وإِيَّاك تَقفشى في الْوَعَر
تَبْقَى الْعَوام غَفْلَه جُلُوس / وأنْتَ تَرَى حِبَّك جَهَارْ
يا جاهلاً بذي الأمور / سَلِّم لنَا فِيما تَرَى
الْخَمْرُ بيننا تَدُور / والْكُلُّ نَحْنُ سُكَّرا
تَرَى الرجال مَعْنا حضورُ / وقُلُوبهم مِعَمَّرَا
تَراهُم الْكُلُّ رُقُوص / والسِّرُّ فِيهِم قد ظَهَر
وقد بَذَلُوا فيها النفوس / ولَيْلُهُم قَد صارَ نَهَار
عدِّ عن الْوَهَم والْخَيالِ
عدِّ عن الْوَهَم والْخَيالِ / واسْتَعْمِلِ الْفِكْرِ والنَّظَر
ما النَّاسَ إِلاَّ كما الْخَيَالِ / فانْظُر إِلى ماسِكِ الصِّوَر
مَنْ يَعْتَبِر يَجد اعْتِبَارُه / ويَشْهَدِ الْحَقَّ في الشُهُود
مَثَّل هُدِيْتَ الوجود ستاره / وانْظُر لِمَن أطْلعَ الوُجُودْ
يَدَا لهُ قَبْلَ أنْ أدَارَهْ / وَأَوَّلُ السَّعْدِ في الصُّعُودْ
مَنْ يَرْقَى مِن سافِلٍ لعَالِي / يُعايِنُ العَيْن في الأثَر
ما النّاسُ إِلاَّ كما الْخَيالِ / فانْظُر إِلى ماسِكِ الصُّوَر
أوَّلُ ما يُبْصرُ الضَّعيفُ / كالطِّفْلِ شَكْلاً مُمَثَّلاَ
كَثايفا أصْلُهَا كَنِيفُ / لكِنَّها تَقْبَلُ الْجِلاَ
لِذَاتِها فِعْلُها يُضيفُ / والْقَولُ مَهْما تأمَّلاَ
إِذَا التماثِيلُ لِلْمِثالِ / يَظْهرنَ في عالَمِ الْبَصَر
ما النَّاسُ إلاَّ كما الْخَيَالَ / فانْظُر إلى ماسِكِ الصُّورَ
حَتَّى إذا أشْرَقَ النَّهارُ / واكْتَهَلَ الطَّفْلُ واهْتَدَى
رَأى الدَّوَات التي تُدَارُ / تَبْدُوا مَوَاتَا وجَلْمَدَا
بِها لِمُنْ صاغَها اسْتتارُ / خَفَى بِها إذْ بِها بَدَا
شُرَابُها لاَحَ كالزُّلاَل / قد فاتَه الرَّيُّ وانْحَصر
ما النَّاسُ إلاَّ كما الْخَيَالِ / فانْظُر إلى ماسِكِ الصُّوَر
عجبْت إذْ سرَّهُ عجيب / لِحُكْمِهِ كَيْفَ يَنْفَدُ
هذا كما شاءَ قرِيبُ / وذَا مِنْ الْوَصْلِ مُبْعَدُ
وذَا بَرِيءٌ وذَا مُرِيبُ / كذَاكَ شاءَ الْمُشَعْوَدُ
تَرَاهُ يُبْدِي ولاَ يُبَالِي / في كلّ طَوْر لَهُ وَطَرْ
ما النَّاس إِلاَّ كما الْخَيالِ / فانْظُر إِلى ماسِك الصُّور
يُلْبِسُها لُبْسَهُ المُنوطْ / واللَّبس في كُلِّ لابِسْ
نِيطَت بأطْرافِها خُيُوط / تَخْفَى على الإنْسِ إِذْ نَسِي
تذكارُها دونَهُ شُرُوطُ / أوَّلُهُ تَرك الأنفس
فَذِكْرُهَا أوَّلُ الْكَمالِ / حَيْيُ اغتدى آخِرِ النَّظر
ما النَّاسُ إِلاَّ كما الْخَيالَ / فانْظُر إِلى ماسكِ الصُّوَر
جِزْ ظاهِرَ الْكائِنات يَظهَر / ما باطِنِ الأمْرِ ما خَفَى
تِلك سُتُورٌ بها تَسَتَّر / عرِفُوا إِذ كُنَّ أحْرُفا
جُلِيَتْ الْعَيْنِ مَنْ تَبُصَّر / بها فَقد فاقَ مَنْ غَفا
حُذْ صاحِ عنْ حالةِ الْمَحالِ / فالصَّحْو أوْلى بمنْ سَكر
ما النَّاسُ إِلاَّ كما الْخيال / فانْظُر إلى ماسِك الصُّورَ
القلْبُ غيْبٌ والرَّبُ غَيْبُ / والْغيْبُ لِلْغَيْب يُنْسَبُ
مه يا أخَا الْقِشْرِ ثَمَّ لُبُّ / فاطْلُبْهُ فاللُّبُّ يُطْلب
ودونَه للسُّقاةِ شِرْبُ / يَشْدُو الذي مِنْهُ يَشْرَبُ
دَعْ ما يُقَالُ مِنْ الْمَحَالِ / مِمَّا خَفَى أو مِمَّا ظَهَرْ
ما النَّاسُ إِلاَّ كما الْخَيَالِ / فانْظُرْ إِلى ماسِكِ الصُّوَرْ
قَبْلَ كَوْنِ الزَّمانْ
قَبْلَ كَوْنِ الزَّمانْ / وَوُجُودِ السَّكْرِ
أسْكَرَتْنِي بِدانْ / الْهُوَى والْخَمْرِ
قَمَرْ الرُّشْدِ لاَحْ / وأنَارَ الْفِكْرَا
ونَسِيمَ الصَّباحْ / طابَ مِنْهُ نَشْرَا
وبِرَوْحٍ وراحْ / عادَ شَفْعِي وِتْراً
وأنَا في مهْرَجانْ / طُولْ حياتي عُمْرِي
عِزَّتِي في الْهَوَانْ / وعِنَائِي فَقْرِي
للفقيرِ الوُصُولْ / في ريَاضِ الأنْسِ
كاسُ خَمْرٍ تَجُولْ / نُزِّهَتْ عُنْ جِنْسِ
فَهْيَ فَهْمُ الْعُقُولْ / وحَياةُ النَّفْسِ
لَمْ يُعَبِّرْ لِسانْ / وَصْفَهَا بِالحَصْرِ
مَنْ شَرَبْهَا عِيانْ / قَدْ حُبِي بالسِّرِّ
أشْرَقَتْ كالشُّمُوسْ / في زُجاجِ الْقَلْبِ
مُزِجَتْ في الكُؤُوسْ / مِن خُلُوصِ الْحُبِّ
وهُدَتْ لِلنْفُوسْ / مِنْ خِلالِ الْحُجْبِ
فَهُدَاها اسْتَبانْ / لِلْحَمِيدِ الصَّبْرِ
وَرَآهَا عِيَانْ / يُونُسُ في الْبَحْرِ
فَهَواها دَلِيلْ / وسَنَاها تَدْلَهْ
قَد سُقِيَتْ للخليلْ / ولنوحٍ قَبْلَهْ
وهَدَتْ لِلْسَّبِيلْ / وأنارَتْ سُبْلَهْ
لاَ تَقُلْ كَيْفَ كانْ / كَونُ ذاكَ الأمْرِ
لَيْسَ يَحْوِيهْ مَكانْ / سِرُّ ذَاكَ السِّرِ
ولِمُوسى الْكَلِيمْ / حِين تَجَلَّى لِلْطُّورْ
جَنْحَ لَيْلِ بَهِيمْ / وَرَا سِرَّ النُّورْ
والنَّبِيُّ الكَرِيمْ / باتَ منها مسرور
في رِضَا وامْتِنَان / وسُمُوِّ الْقَدْرِ
شَأْنُهُ خَيْرُ شَانْ / باللِّوَا والفَخْرِ
للنبيِّ الرَّسولْ / زَادَ شَوْقُ الْعَبْدِ
رَبِّ قَرِّب وُصُولْ / مَن شَكَى بالْبُعْدِ
عل ريح القبول / يدنيني من قصدي
جَارَ عَلَيَّا الزَّمانْ / في هَوَى مَنْ تَدرِي
صُمْتُ عَنْهُ أوَانْ / وجَعَلْتُهُ فِطْرِي
إِليَّا مِنِّي هُ الوُصُول
إِليَّا مِنِّي هُ الوُصُول / فَيَا أنَا ايْشْ خَبَرَكْ
تَجِدْني نَجْرِي والْجَريُ / لِعِنْدِي هُو أنْ نُبْصِرك
لَمْ قَطَّ نَغِب عن حضرتي / ولا نَرَى دُوني حِجَاب
عين الحضور هذا غيبتي / عسى تداني والصواب
كَلُّ الصَّوَاب في خُفْيَتي / ولوْلاَ ذَا لَس كان نُصاب
فلَم نَزل لا نزول / ننْصبْ لِذاتي ذا الشِّرك
أخَذْتُّني كَذا نَرَى / وَحْدِي أنَا في الْمُعتَرك
ما لِي شَبِيه ولاَ نَظِيرْ / نَقُل لي ذا في كلِّ حِين
أنا المُشَارُ مَعَ المَشِير / قد صَحَّ ذَا عِنْدي يَقِين
أنَا الغَني مَعَ الْفَقيرْ / حَجَبْني عَنِّي ثوبُ طِين
ظِلال هِ ذَيَّاكَ الطلول / لَسْ معي ثَوْبٌ مُشْتَرَك
نَخْلَع وألْيَق هُ الْعُرَى / ونَلْتَزِم عُقْبَى الدَّرَكْ
نَطْلُبْني مِنيَّ حين نَغِيبْ / عنِي وتَفْتِشْ بالسُّؤالْ
فَقُل بِحَقِّي يا حبيبْ / رَأيتني بِلاَ خَيَالْ
فقلتُ لي وأنا مُصِيب / نَعَم نعمْ مالِي مِثالْ
لقَدْ حَصَّلْتُ لِي حُصول / وقَد رأيتْ مَنْ صَوَّرك
تَرْجعْ تقُلْ لِي نَفْترِي / الْغَيْرُ هُ قد نَمَّرَك
خَمْرَهْ رقيقَهْ خَمْرَتِي / سَكِرْتُ مِنْهَا في الْقِدَمْ
من طِيبها نَكْسِرْ خَبْيتي / وكسرُها لس هُ عَدَمْ
كُلُّ العَجَبْ من قِصَّتِي / اللَّوْحُ أنا مَعَ الْقَلَمْ
فَصَّلْت ذاتي ذا الفُصول / فَيَا أنا ما أشْعَرَكْ
إِلى مَتى تَرك المِرَى / وكُلُ شَيْ في صُوَرَكْ
شَعَرْتُ بيَّا والشُّعُورْ / مِنِّي إِلَيَّا قد ظَهَرْ
كُلُّ الأسَامي لِي قُشُور / وذَاتِي هِ عيْنُ الْخَبَرْ
مِمَّا خَفِيتُ مِنَ الظهورْ / أنشدتُ ليلاً في القمرْ
يا لَيلُ طُلْ أوْ لاَ تَطُلْ / فرضٌ عليّا سهركْ
لو باتَ عندي قمري / مابتُّ أرعى قمركْ
يا مَنْ خَفَى ولَمْ يَزَل
يا مَنْ خَفَى ولَمْ يَزَل / ما أبْيَنَكْ ما أظْهَرَكْ
إِن كانْ تَغِيبْ عَنْ بَصَري / بِعَيْنِ قَلْبِي نُبْصِرَكْ
لَمْ قَطُّ عَنِّي تَخْتَفِي / ولا خَفَى سِرُّكَ عَلَيْ
أمْرُكْ وحُكمَكْ وقَضاك / يَجْرِي عَلَى مَيِّتْ وحَيْ
نَنْظُرْ لِلأشْيَا فَنَرَى / لُطْفُكْ تَوَلَّى كُلَّ شيْ
وأنْتَ دايِمْ لَم تَزَلْ / بالحكْمِ تقْهَر بَشَرَك
والْجَانِي مِنَّا والْبَرِي / كَيْفْ ينْتَهَوا عن أمْرَكْ
يا منْ يُريد يرى الإله / يَنْظُر جَميعَ الْمَوجُودات
صامِتْ وناطِق وَجمَادْ / مِن حَيوان ومِن نبات
في كُلِّ شَيْ يَرَى الإلهْ / مِن غَيْر حُلُولْ ولا جِهاتْ
مِنْ غَيْر جِهَاتٍ ولا حُلُولْ / تَرَى إلاها دَبَّرَكْ
وكُلُ ما هُ بِهْ ذَرَى / يُريدْ بِهِ يَخْتَبِرَكْ
يا وَاحِدا لَسْ لُو نظيرْ / ولا مَثِيل ولاَ شَبِيهْ
ومَنْ لِمُنْشِدْ يَقُول / نَقْطع طَويلَ اللَّيْلِ بِيهْ
اغفرْ لِمُنْشِدْ يَقُول / ومن بِذا القولِ إِليهْ
يا ليلُ طُلْ أو لا تطولْ / فرضٌ عليَّ سَهَرَك
لو باتَ عِندي قمرِي / ما بتُ أرعى قَمَرَك
لاَ أُحِبُّ النَّفْسَا
لاَ أُحِبُّ النَّفْسَا / إِنَّهَا أمَّارَهْ
وَأُحِبُّ الْمَعْنَى / الذي عَمَّارَهْ
سِرُّ كُنْهِ الْحَسْنَا / هل يصفه واصف
والمعاني الحسنا / في كُمُون العارِفْ
خَلِّ عَنْكَ الأْدنى / وانْتَهِضْ يا خايِفْ
بِحُلاهَا تُكْسَى / حِين تَلُوح أسْرَارهْ
لَسْ هُ شَيْ يَفْنَى / إِنْ دِرْتَ مقدارَه
خَلِّ عَنْك الفاني / وانتهِضْ للْباقِي
وتَكُنْ رُوْحانِي / في مَحَلِّ السَّاقِي
الذِي أسقانِي / ومَلاَ أشْوَاقِي
واجْتَبَاني أنَا / مُذْ بَدَتْ أقْمَارَه
فَشَهِدتُ الْحَسْنَا / مِن خِلالِ اسْتاره
يا أخِي باللهِ / هِمْ بِحُبِّ المحبوبْ
لاَ تَكُنْ شَيْ ساهِي / معْ نَفْسِكْ متعوب
خَلِّ قَوْلَ اللاَّهِي / ولا تَبْقَى مَحْجُوبْ
الحقيقهْ جَنَّا / في الذي أبْصارَهْ
مَنْ عَرَفْهَا اتْهَنَّا / وقَضَى أوْطَارَهْ
غُصْ في بَحْرِ الأسرارْ / يا فقيراً مطبوعْ
كُلُّ شَيْ يُذْكارْ / في صِفاتِك مَجْموعْ
والشُّمُوس والأقْمَارْ / فيكْ تَغيب وتَطْلُعْ
والفَلْكْ لاَ تنْسى / الذي دَوَّارَهْ
والجحيمْ والجنَّهْ / الذي عَمَّارهْ
يا فَقيرْ مِنِّي اسْمَعْ / أنتَ هُ مَعْنى الشَّيْ
ولِذَاتِكْ إِرْجَعْ / وتُشاهِدْ لِلْحَيْ
وطَريقَكْ إِتْبَعْ / ولا تَنْظُرْ أثْنَىْ
يا غَرِيباً أمْسى / نازحاً عَنْ دارَه
أُجْخُلْ الحي مَعْنَا / وتَرى أقْمارَه
يا مَن يَدَّعي بالأسرَارْ
يا مَن يَدَّعي بالأسرَارْ / لاَحْ لكْ شَيْ أمارضهْ
أو عُمْرك مضى في الأسفار / يا بَطَّالْ خَسَارَهْ
لاَ تَبْقَي لِقَصْدِكْ متْلوفْ / لاَ تَطْلُب لِتَعْلَمْ
قد قامَتْ براسك دَعْوَى / لَسْ هِ لابْنِ أدْهَمْ
إِعْرفِ اصْطِلاَحْهُم وافْهم / وادْرِ بَعدُ اشْ مَأْتَم
لَسْ تَدْري للحكمهْ مقدار / لس تَفْهم إِشارهْ
وَخام عادْ نَرَكْ يا غدَّار / تحْتاجُ الْقِصارَهْ
أُتْرك الْحُظوظْ اجَّرَّد / واذْهَبْ لِلتَّخلِّي
واقْطَعِ الْعَلائِقْ تُكْسي / حُلَّةَ التَّجلِي
واقْصِدِ الوُجُود الْمُطْلَقْ / تَظْفَر بالتَّجَلِي
وتُسْقَى حُمَيَّا الأسْرار / خَمْراً دُونَ عُصاره
وتَظْهَر عليْكَ الأنْوار / وتصْفُو العِبارَهْ
إِعْرِفِ الصَّنايعْ واطْلُع / بالتَّرْكِيبْ لِبُدَّك
ثُمَّ اهْبِطْ إِليْكَ بالتَّحْلِيل / وذاكْ هُوْ حَدَّك
وابقَى دُر عليك واتْبصَّر / كُلُّ الأشْيا عِنْدَكْ
فجُدَّ وَكُنْ معْ مَن سار / تَكُنْ بِيكْ خياره
وتكْتَب في حِزب الأخيار / فاطْلُبْ ذِيْ التَّجَارَهْ
مَنْ لُو وَهْمْ قد يَتَبقَّى / في طَرِيقَوا ساقَهْ
احْذَر يا فُلان لك تَبْقَى / في المحسُوسْ علاقَهْ
واعْمَلْ أن تُخَلَّص نفسَك / أوِ اسْجُنْها طاقَه
إِنْ لم ترتضي بالاقْدارْ / جَرَّعها الْمَرَارَهْ
لاَ تَمْشِي سِوَى في إِصْغار / بِقَدْرِ الدَبارَهْ
ازْهَد فيما دُونَ المحْبُوبْ / وابْقَى مِنْكَ سَالِي
واجَّوْهَر بِخَمْر التحقيق / وإِيَّاكْ لاَ تُبالِي
بِقَوْلِ الذي قد أنْشَد / في خَمْرِ الدوَالِي
قُمْ دُلُّونِي دارَ الْخَمَّار / في دَرْبِ النَّصارَه
كُوَيْسٌ مَلاَ مِنْ مِسْطار / نُعْطِي في البِشَارَه
ذا الذي نَعْشِقْ نِعْم هُو
ذا الذي نَعْشِقْ نِعْم هُو / قد عشِقْني باخْتِيارُوا
مِن قديمْ هُ عِشْقُوا ذاتي / وأنَا ساكِنْ بِدَارُوا
ليْس شَيْ يُخْرِجْني عَنُّوا / إِذْ ليْسَ ثمَّ دارْ لِغَيْرُوا
كُلُّ شَيْ ظَهرْ لِي مِنَّوا / حتَّى شَرُّوا عادْ وخَيْروا
كُلُّ شَيْ صَدَرْ لِي عَنُّوا / حَتَّى مَسْجِدُوا ودَيْرُوا
أنا واحِدْ ليْسَ إِثْنَيْنِ / وفي هذا الأمْرِ حارُوا
مِنْ حَجَر يَنْبُعْ لَكَ الْمَا / وفي حَجَرِ الماءْ نارُوا
أنا واحِدْ وَهْوَ واحِد / كَيْفَ نَكُونُ إِحْنا اثْنَيْن
وَهْوَ مَعْبُود وأنا عابدْ / فَيَجِي مِنْ هذا ضِدَّيْنْ
وَهْوَ مَشْهُودْ وأنا شَاهِد / مَن هُ فينا صاحِبْ اثنين
إِذا كُنَّا الزَّوْجُ واحدْ / فالوِصالْ يَغيبْ نَفارُوا
ونغِيبْ دُنْيا وَأُخْرَى / في مُقامُوا وقَرَارُوا
إِحْرَزْ إنْ تَطْلُب شَيءَ برَّا / لا تَجِدْ بَرَّامَو جُودْ
ليْسَ يَخْرُج عنْكَ ذَرَّا / كُلُّ شَيْ هُ فيِك مَوجُود
وأنْتَ غايَةُ المسَّرا / وأنْتَ ناقِدْ وأنا مَنْقُود
والْوُجُود واحد هُو كُلُّه بِيك / وفِيكْ تَظْهَرْ آثاروا
وذَهَبْ ذَاتِك مُشَجَّر / وفي أكْبادِكْ عَيارُوا
إِلْتَفِت رُوحَك يا مَحْظُور / أنْتَ هذا لس ثَمَّ غَيْرَك
وأنْتَ هُوَّتُ الحقيقهْ / في قُعُودَكْ وفي سيْرَكْ
وأنْتَ هُ سَرَّكْ وجَهْرَك / ولاَ خَيْرَ إِلاّ خَيْرَك
بِيك ظَهَرت هَذِي الاَشْيا / التي لا تَنْحَصارُوا
وإِليْك تَرْجِعْ بأمْرُوا / إِنَّ مِن أجْلِكْ طِهَارُوا
الالف واحِد هُ كُلُّوا / والحروفْ مِنُّوا ظَهَارَت
خَلِّ أنْتَ الْبَا مع التَّا / عَن ذاتِ الألِفْ صَدارَت
كذلِكَ اللأَم مع الْيَا / مِن وُجُودِها انْفَجارَت
أنْتَ هُوَ الألِفْ والأحرُف / فِي وُجُودِكْ انْحِشارُوا
والعوالمْ كُلُّهمْ فِيكْ / بَعْدَ ما فارُوا وغارُوا
سِرُّ سِرِّي يَلُوح في أمْرِي
سِرُّ سِرِّي يَلُوح في أمْرِي / فافْهَمُوا يا أوِلي النُّهَى خَبْرِي
هُوَ كُلٌ وَحَرْفُهُ مَعْنى /
ذَاكَ حِبِّي ولَيْس لَوْ مَثَنَى /
ولَهُ اسْمٌ مُحَمَّدٌ عَيْنَا /
فافْنَى فيه واخْرُج عن الْغَير / مَا لُو شَبيهْ في مُحْكَمِ الذِّكرِ
هَوَّا هُوَّا مُحَمَّدُ الأعلا /
هُوَ أوَّلْ وآخرٌ يُتُلاَ /
حَرْفَهُ اضْرب فيه حَرْفه مِثْلاَ /
قَوْلِي إِفْهَمْ ومِنِّي هُ سِرِّي / سِرُّ رُوحِي في لَيْلَةِ الْقَدْرِ
قَوْلِي إِفْهَم وخَلِّ عِلْمَ الغَيْر /
أنا وحْدِي خليفةٌ في الدَّيْرْ /
ما لِي أينٌ وأنا لي هُ السَّيْر /
شَفْعِي يُمْحَى في وَحْدَةِ الوِتْرِ / وسُموسي أنا بها بَدرِي
خَمْرِي نشرب في دَيْرِي دون ثاني /
بَيْنَ نومٍ ويقظةٍ فانِ /
فيها يبدو مُلْكِي وسُلْطانِي /
حَيْثُ نَفْنَى عَن جُمْلةِ الغَبْرِ / ثم يَبْدُو لي السَّرُّ مِن سِرَّى
في حُرُوفِ الإله في الرَّسْمِ /
أهْنَا يَرجِعُ السِّرُ لا الاسْمِ /
هذا سِرٌّ مِن أسْرارِ الْعِلْمِ /
هُوَ طُورُ هَوِيّةِ الأمْرِ / ليَ يَظْهر فَمِنِّي طَلْعَةُ الْبَدرَ
اسْمُ الأعظمْ مُحَمَّدُ الْمُخْتارْ /
وَهْو شَمْسٌ تَلُوحُ بَيْن أَقْمار /
وهْوَ نُورٌ ومشكاةُ الأنْوار /
هو بحْرٌ من شامخ الْفخر / فَنَغُوصْ فيه على عظيمْ قَدْري
كلاَمِي اسمعْ واعرَفْ وافْهَمني /
إِفْنَ عنْك وغِبْ عن الأينِ /
دَعْ مَن أنْشدَ في بَدرِه يا بْنِي /
رُبَّ لَيْلٍ ظَفِرْتَ بالبَدرِ / ونُجُومُ السَّماءِ لم تَدرِ
صاح لاَحَ الصَّبَاحُ للْحبْرِ
صاح لاَحَ الصَّبَاحُ للْحبْرِ / بَعْدَ لَيْلٍ دُجاهْ كالحِبْرِ
أشْرَقَتْ شَمْسُهُ لِمرآتِه /
وتَوارَتْ حُجَّابُ ظُلُمّاتِه /
فانْثَنَى فائِزاً بِلَذَّاتِه /
وتَرَقى لِنَيْل مَرْضاتِهْ /
مَن رَآهُ بِلَيْلَةِ الْقَدرِ / مالُه في الوُجُودِ مِن قَدْرِ
كَمْ نَهَاكَ السُّرُورُ والْحَزْنُ /
كم بَرَاكَ الزَّمانُ والأيْنُ /
كم سَبَاكَ الدُّنُوُّ والْبَيْنُ /
انْتَبِه كَيْ تَقَرَّكَ العَيْنُ /
كم تَخَبَّطْتُ في دُجَى عُمْرِي / فِيهِ زَيْدٌ سَمَا عَلَى عَمْرو
ارفعِ الوهمَ تَحْمَدِ السَّعْيَا /
واخْرِقِ الْحُجْبَ تَحْظَ باللُّقْيَا /
وتُفَزِ بالمراتبِ العَلْيَا /
إِن رأيتَ الحبيبَ في الْمَحْيَا /
رَقَّ معناكَ رِقَّةَ الشِّعْرِ / وفَهمْتَ الرُّمُوزَ في الشِّعْرِ
أنتَ مولَى بالوهمِ معبودُ /
بحجابِ الفراقِ مفقودُ /
المُنَى في فَنَاكَ موجودُ /
فاسْألِ القُربَ مَن لَهُ الجودُ /
كم تَجَرَّعْتُ مَرارَةَ الصَّبْر / عَن لِقائِي مَرارَةَ الصَّبْر
يا عَلِيْ أنِبْ إِلى اليُمْنَا /
واتَّخذْ شِرعَةَ الهُدَى حِصْنَا /
تَلْقَ فيهِ النَّجَاةَ والأمْنَا /
وأطِع في هَواكَ من غَنَّى /
جَرِّرِ الذَّيْلَ أيَّمَا جَرِ / وصِل الشُّكْرَ مِنْكَ بالشكْرِ
صَحَّ عِنْدِي الْخَبَر
صَحَّ عِنْدِي الْخَبَر / وسَرَى في سِرِّي
أنَّ عَيْنَ النَّظَر / عَيْنُ عَيْنِ الْفِكْرِ
أغْمِضِ الطَّرْفَ تَرى / وتَلُوحْ أخْبارَك
وافْنَا عَنْ ذَا الْوَرَى / تبْدو لَكْ أسْرارَكْ
وبِصَقْل الْمِرَي / بِهْ يَزَل إِنْكارَكْ
وتَلُوحْ لَكْ صُوَر / مِن عُيُونِ تَسْرِي
فالتفت إن ظهر / في سماك الدرى
الفلك بيك يدور / ويضيء ويلمع
والشموس بِيكْ والْبُدُور / فِيكْ تَغيب وتَطْلع
فاقْرَ مَعْنَى السُّطُور / الَّتي فِيكَ أجْمَعْ
لاَ تُغادِرْ سَطْراً / مِن سُطُورِكْ وادرِي
أيْشُ هُ مَعْنَى الْقَمَر / الذي فيكَ بِسري
بَحْر فِكْري عَمِيق / مِسْكُ كُلّو يَعْبقْ
مَن دَخَل لَوْ حَقيقْ / ليْسَ يَخَافَ أنْ يَغْرق
يَدْرُوا أهْلُ الطَّريقْ / مِن كلاَم عبدِ الْحَقّ
أنَّ ذَاكَ البَحَرْ / لَسْ يُقاس بِبَحْرِي
بَحْرُ فِكْرِي دُرَر / والزَّهْرُ في بَرِّي
فالْتَفتُّ الْخِطابْ / وسَمِعْتُوا مِنِّي
كُلِّي عَنْ كُلِّي غابْ / وَأنَا عَنِّي مَفْنِي
وارتَفَعْ لِي الْحِجاب / وشَهِدتُّ أُنِي
ما بَقالِي أثَرْ / غبْتُ أنا مَعْ أثْرِي
لَم نَجِد مَنْ حَضَر / فَي الْحَقيقهْ غَيرِي
ساداتِي وافْهمُوا / الْمُراد مِنْ قَوْلِي
سِرّي لَسْ نكْتُمُوا / عَنْ أحَد مِن أهْلِي
قَوْلِي لَس يَفْهمُوا / إِلاَّ مَنْ هُ مِثْلِي
سِلْكُ عِقْدي انْتَثَر / وبَدَا لِي دُرِّي
انظموه يا جوَارْ / إِنَّنِي في سُكْرِي
قلْبي هُ ليْلَى وليْلَى هِ الْمُنَى
قلْبي هُ ليْلَى وليْلَى هِ الْمُنَى / تَسْقِيني خَمْري
كَعْبَةُ الْحُسيْنِ هي الْجَذْبُ بِنا / ربّةُ الْخِدْرِ
أنا هُ مَعْنى الوُجود في الاصطباح / لَذَّلي وجْدي
انْظُروا تَوَلَّهِي مَسَا صَباحْ / وَلَهي وحْدِي
قد فنيت في ذا الْهَوَى وسِرِّ باحْ / يا أولِي الرُّشْدِ
عرَّفونِي وَحْدَةِ الْحقِّ بنَا / واحْفَظُوا خُبْرِي
لا أرَى في حضْرةِ الْحق فَنَا / مِن سِوى وتُرِي
أنا هُ عَيْنُ الْغِنا والامْتَانِ / قَلْبي هُ حِبِّي
وأنا معَ الْتباسِي بالْعِيان / حِبِّي هُو قَلبْي
هِمَتي سرَّا سَمَتْ عنِ المكان / طَيُّوفي غَيْبي
هَزِّنِي الزَّهْرُ وشاقَنِي الْغِنَا / مع جرَيِ النَّهْرِ
تَغْرِيدُ القُمْرِي وخمْرُ حُبِّنا / شُرْبُنا فادْرِي
جَنَّتِي شَمْس الْعُلاَ والاقْتِراح / جَنَّتي شمْسِي
مشْربي خمْرَ الْهَوى والافْتتاح / مشْرَبي أُنْسِي
فأنا شَمْسُ المُنَى روحَ الْمِلاحْ / مُنْيَةُ النَّفْسِ
ليْسَ لِي عَنْ ذاتِي وعَن حِبِّي غِنَا / فاقْبَلُوا عُذرِي
مَنْ يُرِدْ وصْلِي فيَاتِي حَيَّنَا / لِمَدَى الدَّهْر
أنا هُو شمْسَ الْبَقا بِلاَ ريا / معْنَوِي الإِسْمِ
هيْأتِي مِنْ بَحْر حِبيَّ بالْحيَا / أبْرزَتْ جِسْمِي
جسْمي هُو أسْرِي وسرى هُ الضِّيا / نَشْأةُ الْعلْمِ
تحْتَوَي رُوحِي على مَعْنى المُنى / مظْهر الأمْر
جنَّةُ الوصْلِ ورَيْحانُ الْهَنا / ليْلةُ الْقدْرِ
قد ثَبَتْ مُلْكي وزالْ عنَّي الْعَنا / قد ثبَتْ مُلْكِي
فالْحظُوا نَحْري إذا ما قد دَنَا / حُجِّي أو نُسْكي
خمْرةُ الْحُبِّ تُباعْ بِديْرنا / والْهَوَى مِلْكي
قلْبي هُوَ لَيْلَى ولَيْلَى هِيَ الْمُنَى / تسْقِني خَمْرِي
كعْبَةُ الْحُسْنِ هي الْجَذْبُ بِنَا / ربّةُ الْخِدرِ
لقَدْ أظْهَرْ لِي كَنْزِي
لقَدْ أظْهَرْ لِي كَنْزِي / وفوّزِني بِفَوْزي
وحَقَّق لَيَا رَمْزِي / بألْطافُوا عَلَيَّا
ما ذِكْروا إِلاَّ مَحْبُور / نُشاهِدْهُ بِمَسْطُور
ومَنْ مَعُو ما يُبْصِرْ / يُشاهِدْ ذِي الثريَّا
سَقانِي مِنْ دِنانِي / برَبْعِي من جَنانِي
وأثْبَتْ لِي بَيانِي / بسيرَهْ باطِنِيَّا
لاَ تنْظُرْ في الأوانِي / وخُضْ بَحْرَ الْمَعانِي
لَعَلَّكَ أنْ تَرَانِي / على أيْدي الصُّوفِيَّا
فهُمْ لَكَ الاْدَلاَّ / فَكُنْ لَهُم أذَلاَّ
وتَرْجِعْ في الْجِبِلاَّ / مُهَيَّا لِلسَّوِيَّا
إِلَيَّا كُتْبي تَرْسَلْ / ونُلْقِي الْفَوْقَ أسْفَل
ونَمْزُجْ عَذْبَ سَلْسَلْ / وَندَلًّل بيّ عَلَيَّا
فنائِي هُ سَمائِي / وَحبِّي هُ حَيائِي
ونُطْقِي هُ رِدائِي / ورَمْزي أعْجَمِيَّا
حُبَّكَ قد سَقانِي أكْواسْ
حُبَّكَ قد سَقانِي أكْواسْ / أجْلَى نُورُ ضِياها الأحْساسْ
لَيْلى قَدْ رَجَعْ نَهاري /
شَمْسِي مِنِّي والدَّرَاري /
عَرْشِي قد حَوَى قرارِي /
قَلْبي هُ الْفَلَكْ الأطْلَسْ / حُبّك قد سَقانِي أكْواسْ
وقْتَ أنْ نُؤمِي عَنِّي طَرْفِي /
نَنْظُرني يَظْهَرْ لِي حَرْفِي /
يَبْدُو لِي ما كان مَخْفِي /
معنْاهُ بعد ملكِ النَّاسْ / حُبُّكْ قد سقانِي أكْواسْ
تُريدْ أنْ تقُولْ لَكَ الْحَقْ /
أنا هُ فقِيرْ مُحَقّقْ /
خَليعْ شُشْتَري مُحَدَّقْ /
نَشْرَبْ معْ نَديمِي بالْكاسْ / حُبُّكء قد سقانِي أكْواسْ
في الدَّيْر اطْلُبْني ترانِي /
مطْرُوحْ ما بينَ الأوَانِي /
خَلِيعْ نعْشَقُ الفُلانِي /
مَنْ وِصالُه يُحْيي الأنْفاسْ / حُبُّكْ قد سقانِي أكواسْ
مُذْ طَلَعْ شَمْسِي
مُذْ طَلَعْ شَمْسِي / لاَحَ لِي أُنْسِي
وَرأتْ نَفْسِي / سِرَّها المكتوم
أنت هُوَ رَبِّي / قد رَأى قَلْبي
إِنْجَلَى كَرْبي / وبَقِيتْ موهومْ
مُذْ رَأيْتُ النُّور / عَلى جبلِ الطُّورْ
ونفخ في الصُّورْ / سِرُّها المفهومْ
لو رأيتَ فَنِّي / والذي نعْنِي
كانْ تَقُولْ عَنَّي / أنْتَ هُ المعلومْ
إِنْ ظَهَرْ سِرُّوا / أوْ بَدَا أمْرُوا
بِلا شَكْ تَدْرُوا / باشْ أنا مَتْهُومْ
يا تُرَى أيْشُ ذا / مَنْ هُ ذَا أو ذَا
رُدَّ ذِي مَعْ ذَا / لَسْ تَجِدْ مقْسُوم
أنا هُ لَوْلاَ / أنْ نكُنْ أعْلاَ
أنا ليْس نَبْلاَ / دايِمُ الدَّيْمُوم
ليْس عليْكْ نَعْنِي / يا رُوحَ المعنى
الجسومْ تفنى / الفنا المحْتومْ
مِنْ هَذِي النُّقْلَةْ / في الْقُلوب ثِقْلهْ
إنَّ في الرحْلَه / خَبَراً مَذْمومْ
ما عَلاَ يَبْقَى / في التُّرابْ مُلْقَى
والَّذي يَرْقَى / ليسَ يَرى مذْمُوم
مَن فَهِم عَنِّي / واتَّبَعْ فَنِّي
إنْ سَمِعْ مِنِّي / لَسْ يكُنْ مَعْدومْ