القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 504
أَوْمَضَ بَرْقُ الخَجَلِ
أَوْمَضَ بَرْقُ الخَجَلِ / فانهَلَّ غيثُ المُقَلِ
وافتَرَّ روضُ الحُبِّ عن / نُور الصبا والغَزَلِ
وهَزَّ أَغصانَ القُدو / دِ سَجْعُ أَطيارِ الحُلِي
وانآدَ دَوْحُ اللَّهْوِ من / حَمْلِ ثمارِ الجَذَلِ
لَمْ يَشْفِ طيفُكَ لما زارني أَلَمَا
لَمْ يَشْفِ طيفُكَ لما زارني أَلَمَا / وإِنما زادَني إِلْمَامُهُ لمَمَا
سَرَى إِلَيَّ وطَرْفُ الليلِ مَرْكَبُهُ / والبَدْرُ إِنْ رَكِبَ الظلماءَ ما ظَلَما
ولم يزل يَدَّعي زُوراً زيارَتَه / حتى تَمَلَّكَ مِنِّي الحِلْمَ والحُلُما
نادَمْتُه فَسَقَاني كأْسَ مُرْتشَفٍ / يُفنِي النديمُ عليها كَفَّهُ نَدَما
حتى إِذا شابَ فَوْدُ الليلِ وانْعَطَفتْ / قناتُه وتدانَى خَطْوُهُ هَرَما
وقمتُ أَعثُرُ والأَشواقُ تَنْهَضُ بِي / فما تقدَّمْتُ من سُكْرِي به قُدُما
قال السلامُ على مَنْ لو مَرَرْتُ به / أَهْدَي السَّلاَم له يَقْظَانَ ما سَلِمَا
واهْتَزَّ كالغُصُنِ المنآدِ فانْتَثَرَتْ / مدامِعِي حَوْلَهُ العُنَّابَ والعَنَمَا
ورُحْتُ أَعبدُ منه دُمْيَةً فَرَضَتْ / تقريبَ قَلْبِي في دِينِ الغرامَ دَمَا
وَجْدُ طَلَبْتُ له كَتْماً فأَردَفَنِي / شَيْباً ثَنَانِيَ أَيضاً أَطلُبُ الكَتمَا
ولِمَّةٌ مُذْ هَفَتْ منها مُلِمَّتُهُ / عادَتْ رماداً وكانِتْ قَبْلَهُ فَحَما
وقد تَلَفَّتُ أَثناءَ الشبابِ فَمَا / رأَيتُ إِلا هموماً حُوِّلَتْ هِمَمَا
فَالسَّيْرَ حتى تَقُولَ العِيسُ من خمر / صِرْنَا رُسُوماً وكُنَّا أَيْنُقاً رُسُما
من كُلِّ منهومَةِ ما غَرثَتْ / إِلاَّ الْتَقَمْتَ عليها المَهْيَعَ اللَّقَما
في عُصْبَةٍ كلَّما شامَتْ صوارمَهُمُ / يَدُ الحفيظةِ في جِنْحِ الدُّجَى انْصَرَما
عاطَيْتُهُمْ غَيْرَ بنتِ الكَرْمِ من سَمَرٍ / على تعاطيهِ رحنا نذكر الكَرَما
فكلما قِيلَ نجمُ الدينِ قَد وَضَحَتْ / أَنوارُه فَمَحَوْنَ الظُّلْمَ والظُّلَما
قلنا وعاد إِلى شَرْخ الشبابِ به / جودٌ مضى هَرِمٌ عنه وقد هَرِما
مَلْكٌ تَحرَّمت الدنيا بسطوتِهِ / فردَّها وهي حِلٌّ والنَّدَى حَرَما
هو الغَمامُ الذي ما حَلَّ في بَلَدٍ / إِلاَّ أَفاضَ دماءً منه أو دِيَمَا
وَهْوَ الحسامُ الذي قالت مضارِبُه / خيرُ الحسامَيْنِ في الأدواءِ مَنْ حَسَما
يطيع سامٌ وحامٌ ما يشير له / ولم يطع قَطُّ إِلاَّ من سَمَا وحَمَى
ذو الحَزْمِ شَدَّ على عِطءفَيْهِ لأْمَتَهُ / في سَلْمِهِ وعلى أفراسِهِ الحُزُما
وذو الرّياحِ التي إِن أَعْصَفَتْ قَصَفَتْ / عيدانَ نَجْدٍ وجدَّت بعدها الرَّتَما
كأَنما الدَّهْرُ أَفْشَيْنٌ نَخِرُّ لَهُ / وقد أَقامَ عليه سَيْفَهُ صَنَمَا
إِنْ قال آل مَصَالٍ منه من يَمَنٍ / قال الأَغالِبُ من مُرٍّ ولا سِيَما
أَمْلَى على العُرْبِ من تدبيرِهِ سِيَراً / في مِضْرَ هزَّتْ على فُسْطَاطِها الْعَجَمَا
فالآنَ أَضْبَحَتِ الآباءُ واحِدَةً / والشَّمْلُ مجتمعاً والشَّعْبُ مُلْتَئِما
رَأْيٌ له بَذَلَ الإِقْليمُ طاعَتَه / فلو يشاءُ كفاه السَّيْفَ والقلما
حَسْبُ البُحَيْرَةِ أَنَّ اللَّه صَيَّرها / بحراً به زاخِرَ الأَمواجِ ملتطما
كم خاضَ ضَحْضَاحَها من غارقٍ فَنَجَا / حتى أَفاضَ عليها سَيْبَهُ العَرما
بالخيلِ يحملُ من فرسانِها أَسداً / والأُسْدِ يحملُ من أَرماحِها أَجَمَا
لِلسَّيْفُ في كفِّهِ نارٌ على عَلَمٍ / إِن كنتَ يوماً سَمِعْتَ النارَ والعلما
يَجْلُو البهيمَ ويحمي البَهْمَ سارِحةً / ويستجيش لكَشْفِ المُبْهَمِ البُهَما
والأَرْضُ ما مَرَّ مجتازُ النسيمِ بها / إِلاَّ تغالَتْ فكادَتْ تُنْبِتُ النَّسَما
فالحمدُ للِّه سدَّ السيفُ ثُلْمَتَها / وعاوَدَ الغِمْدَ محموداً وما انْثَلمَا
فَلْيَبْتَسمْ بكَ ثغرٌ قد جعلْتَ له / ثغراً عن الحسن والإِحسان مبتسما
يجري النَّهارُ على أَنيابِه شنَباً / ويصبِغُ الليلُ منه في الشِّفاهِ لَمَى
حتى نقولَ وكُنَّا قبلَ معرفةٍ / سُبْحانَ عَدْلِكَ أَضحى يَنْقُلُ الشِّيَما
ضَرَبَ الناسُ في العُلاَ الأَمثالا
ضَرَبَ الناسُ في العُلاَ الأَمثالا / وسَمِعْنَا بها ولكِنْ كذَا لا
جَرَّدَ العاضِدُ الإِمامُ من النَّا / صِرِ عَضْباً فكُنْتَ فيهِ الصِّقالا
ملك هَزَّ عَزْمَهُ مُذْ تَوَلَّى / فَعَدُوٌّ وَلَّى وفَتْحٌ توالى
كُلَّما جَيَّشَ الجيوشَ لحربٍ / أَقبلَتْ وَهْيَ تحمِلُ الإِقبالا
وعوالٍ ذَوَابل تَحْسَبُ النَّقْ / عَ دُخاناً فتستنيرُ ذُبالا
بظُباً تنكِرُ الكُلولَ ولا يع / رفُ أَيضاً مَنْ يَنْتَضِيها الكلالا
وقِسِيٍّ كأَنَّما الدهرُ عنها / قائمٌ يقذفُ الوبالَ نِبالا
وخيولٍ مثل الشَّواهِينِ يقنصْ / نَ فَقُلْ باطلاً وقُلْ أَبْطالا
كلمّا حَوَّمَتْ أَدارَتْ جناحاً / عَدَّ في ريشهِ الصَّبا والشَّمالا
أَقبلَتْ كلُّها صدوراً فَمَرَّتْ / خَيْلُ مُرِّيِّ كلُّها أَكْفَالا
وأَقامَتْ لثَغْرِ دِمْيَاطَ ثغراً / ضاحكاً عن كُمَاتِها يَتَلالا
ببروج من الرجالِ وما يُنْ / كَبُ مَنْ يجعلُ البروجَ رِجالا
وفيولٍ من المَجَانيقِِ لا بَلْ / هيَ في الحربِ تقذِفُ الأَفْيالا
خَلْفَ سورٍ من الظُّبا والعوالي / قد تغالَى بناؤهُ وَتَعَالى
وليوثٍ يُظَنُّ يا بْنَ مَصَالٍ / أَنَّ يُمْنَاكَ عَلَّمَتْها المَصَالا
حادَ عنك اللَّعينُ فاستقبلَتْه / بِمِحالِ يُرِى اللَّعِينَ مُحالا
لُحْتَ نجماً على ظسمَاءِ رَشيدٍ / فاجْتَلَى منكَ للهلالِ هلالا
واستشارَ الجموعَ فيكَ وما أَخ / طَأَ مَنْ قالَ في قتالِكَ آلَى
فَمَضَوْا لم يُقاتِلُوكَ وَمِنْ قَبْ / لُ القِتالُ الذي كفاكَ القتالا
عَرَفُوا وجهَكَ الشُّجاعَ فهَلْ أَن / كَرْتَ منهُمْ لمَّا تَوَلَّوْا قَذَالا
واسْتَخَفَّتْهُمُ المقاديرُ حتَّى / زُلْزِلُوا حيثُ يَمَّمُوا زِلْزالا
نصبوا بُرْجَهُمْ إِزاءَ شِهابٍ / كادَ أَنْ يُحْرِقَ البُروجَ اشتعالا
واستجاشُوا قبائِلَ الرُّومِ أَجنا / ساً عليه فلم يساوُوا قَبَالا
حَرَّموا عندَهُ النُّزولَ وما حَرَّ / مَ إِذْ حَرَّمُوا النُّزولَ النِّزالا
وأَرادوا به صِيالاً فَرُدُّوا / وله الفضلُ يرغبونَ سُؤالا
واستمالوهُ بالخضوع ومن شر / طِ الشُّجاعِ الكريمِ أَن يُسْتَمالا
واستماحوا منه النّوى وعجيبٌ / أَنْ يُعَدَّ النَّوى لقوم نوالا
فمضَوْا يقطعونَ بالرَكْضِ أَميا / لاَ رَأَوْها من مثله أَمْوالا
لم يَرُوحوا إِلا خِفاقاً وإِن كا / نَ لِحَمْلِ الجِراحِ راحُوا ثِقالا
ذكَرُوا منه صارماً صارِمَ الحَدِّ / عليهِمْ وعامِلاً عَمَّالا
وانتقاماً لأَجله صمَّمَ الشا / مُ على عَوْدَةٍ إِلَيْهِ انْتِقَالا
ريَّنَ الدِّينَ من شهابٍ ونَجْمٍ / بمنيرَيْن أَلبساهُ الجمالا
حمياهُ طوراً من النَّقْصِ حتَّى / أَلَّفا شَمْلَهُ فنالَ الكمالا
فَرَّق الرُّوم ذا اعْتِداءٍ وهذا / جَمَّعَ العُرْبَ أُلْفَةً واعتدالا
بكفاحٍ قد صيَّر الآلَ بحراً / وسماح قد صيَّرَ البحرَ آلا
أَخذَتْ بالنَّباتِ زينَتَها الأَر / ضُ وكانَتْ من حَلْيِهِ مِعْطالا
رَقَصَتْ تحتَ سُنْدُسِ الرَّوْضِ لَمَّا / شرِبَتْ كأْسَ جودِهِ سَلْسالا
وانثنَتْ في غلائلٍ حاكَها الخِصْ / بُ وكانَتْ بجدبِها أَغلالا
واعتلَتْ ثَغْرَنَا بهِ صِحَّةُ العَيْ / شِ فَلَمْ يَشْكُ بعدَ ذاك اعْتِلالا
عادَ فيه عَوْدَ الحُسامِ إِلى الغِمْ / دِ وقد صالَ في المُهِمِّ وَسالا
أَمُبيدَ العدوِّ كَسْراً وأَسْراً / ومُفِيدَ الوَليِّ مالاً وآلا
فإِذا طابَ نظمُ شعرِي أَو طا / لَ فمن راحَتَيْكَ طابَ وطالا
أَنْتَ أوْجَدْتَهُ وقد كانَ مَعْدُو / ماً وأَوْجَدْتَهُ المقالَ فقالا
دَعَتْهُ المثانِي وادَّعَتْهُ المَثَالِثُ
دَعَتْهُ المثانِي وادَّعَتْهُ المَثَالِثُ / فها هو للنَّدْمَانِ والكأْسِ ثالِثُ
وقارَفَ قَبْلَ الموتِ والبَعْثِ قَرْقَفاً / يعاجلُه منها مُميتٌ وباعِثُ
وكانَ الهوى أَبْقَى عليه صُبَابَةً / من اللُّبِّ وافاها من الكأْسِ وارثُ
فقال إِلي أُمِّ الخبائثِ إِنها / بها أَبداً تصفو النفوسُ الخَبائثُ
وأَحيي بِرُوحِ الرّاحِ جِسْمَ زُجَاجةٍ / على يدِهِ منها قديمٌ وحادثُ
وكم قالَ للصَّهْبَاءِ إِنِّيَ حالِفٌ / فقالَتْ له الصهباءُ إِنَّكَ حانِثُ
وما العيشُ إِلاَّ للذي هو ماكِثٌ / على غَيِّهِ أَو للذي هُوَ ناكثُ
فيا راحِلاً بَلِّغْ أَخِلاَّيَ باللِّوَى / وإِنْ رَجَعُوا أَنِّي على العهدِ لابثُ
هناكَ ولا نَعْمَانَ قُضْبٌ موائسٌ / وثَمَّ ولا يَبْرِينَ كُثْبٌ عَثَاعِثُ
لِمَنْ كِلَلٌ مُدَّتْ حَوامِ حوامِلٌ / قمادَتْ بها الدَّأْمَاءُ أَوْ فَالدَّمائِثُ
رَبيعَةُ فَتْكٍ لمْ تَلِدْنِي مُكَدَّمٌ / عُتَيْبَةُ حَرْبِ لم يَلِدْنِيَ حارِثُ
لِيَ النَّافِثاتُ السِّحْرَ في عُقَد النُّهي / فما هِيَ إِلاَّ العاقِداتُ النَّوَافِثُ
قَوَافِيَّ إِنْ جَدَّتْ بِهِنًّ مَزَلَّةٌ / فقد جُدِّدِتْ أَيضاً بِهِنَّ رَثَائثُ
فمنها أَحاديثُ عن الفاضِلِ اعتَلَتْ / ومنها عَلَى مَنْ شَكَّ فيه حوادثُ
حسامٌ يَفُلُّ الخَطْبَ والخطبُ مُعْضِلٌ / وطَوْدٌ يُقِلُّ العِبْءَ والعِبْءُ كارِثُ
يُرِمُّ له في القولِ لاغٍ ولاغِطٌ / ويَرْمِي لَهُ في الصَّوْلِ فارٍ وفارثُ
مضاءُ وإِمضاءٌ وتلك سَجِيَّةٌ / فلا العِطْفُ معطوفٌ ولا الرَّأْيُ رَائثُ
فديناهُ من سامٍ وحامٍ وقلَّ ذا / ولو أَننا سامٍ وحامٍ ويافِثُ
ثَبُوتٌ على طُرْقِ المكارِمِ وَطْؤُهُ / على أَنَّ طُرْقَ المكرُماتِ أَوَاعثُ
جَرَى ساكِنَ الأَنفاسِ والنِّكْسُ قاعدٌ / يَمُدُّ إِليه لَحْظَهُ وَهْوَ لاهِثُ
وكَفَّ اختيالُ الجَهْلِ والجهلُ رافِلٌ / على لاحِبِ الإِذعان قَسْراً ورافِثُ
منَ القومِ تَنْمِيهِمْ أَصولٌ ثوابتٌ / عليها فروعٌ باسِقاتٌ أَثائِثُ
يجالِدُ فيهِمْ أَو يجادِلُ مِنْهُمُ / فَتًى باحِثٌ عن حَتْفِهِ أَو مُبَاحِثُ
على الدَّهْرِ جاروا فالخطوبُ عوائِذٌ / ومنه أَجارُوا والخطوبُ عَوَائثُ
فما لَهُمُ إِنْ فاخَروا العَارُ عارِضٌ / ولا بِهِمُ إِنْ طاوَلُوا العابُ عابِثُ
عصائِبُ لم يَفْرَقْ لها الخَطْبَ لائِذٌ / مَفَارِقُ لم يَعْصِبْ بها الذَّمَّ لائثُ
إِماءُ القُدورِ الرَّاسياتِ لَدَيْهِمُ / بنارِ القِرى في كُلِّ يوم طَوَامِثُ
وَأَنْتَ وَرِثْتَ الأَكرمينَ عُلاهُمُ / وعالَتْ على قومٍ سِواكَ المَوَارثُ
وَلِي فيكَ ما اسْتَنْبَطْتُهُ بقَرَائِحِي / ورُبَّ نَبَاتٍ ضُمِّنَتْهُ نبائثُ
قوافِيَّ لَوْ أَنَّ البَعِيثَ أَتَى بها / لَجَرَّ جريراً للَبعيثِ البَوَاعِثُ
وكم جَمَل أَعْيَي المُزَارِعَ طِبُّهُ / يُبَلِّطُ بالرِّجْلَيْنِ ما هُوَ حارِثُ
طَرَحْنَا فوقَ غارِبِها الزِّمانا
طَرَحْنَا فوقَ غارِبِها الزِّمانا / فأَسْلَمَها العَرَارُ إِلى الخُزَامَى
رَعَتْ بالجِزْعِ أَسْنِمَةَ الرَّوابي / فجاءَتْ وَهْيَ تحمِلُها سَنَاما
وما بَرِحَتْ تراوحُ أَو تُغادِي / جَمِيماً في أَو جِمَاما
تَحُطُّ به النّعائِمُ مُتْأَقَاتٍ / تَرَجْرَجُ فوقَ أَعناقِ النُّعامى
إِلى أَن عارضَتْنَا فاسْتَرَبْنَا / أَكُوماً نحنُ ننظرُ أَمْ إِكاما
وقالَتْ والخيامُ صَبَاحُ عَشْرٍ / لِلَيْلَتِها أَلاَ حَيِّ الخياما
فعُجْنَا بالأَراكِ على أَرَاكٍ / صَدَحْنَا في ذوائبِهِ حَماما
ومِلْنا للعقيقِ فقام جِسْمِي / به يَقْرَا على قَلْبِي السَّلاما
طرحنا العَجْزَ عن أَعجازِ عَيْشٍ / نُوَشِّحُها على الحَزْمِ الحِزاما
ونُوسِعُها بأَيدِي الوَخْدِ مَخْضاً / تُطيرُ الريح زُبْدَتَهُ لُغَاما
وندفَعُ بالسُّرَي منها قِسِيّاً / فتقذفُ بالنَّوى مِنَّا سِهاما
ونُعْمِلُ كالأَهِلَّةِ ضامراتٍ / لنبلُغَ فوقها القَمَرَ التَّماما
ببابِ الفاضلِ المِفْضالِ حَطَّتْ / فأَطلَقَها وَأَقْعَدَنَا وقاما
تُجَنِّبُها الخوافِيَ والذَُّنَابَي / وَتُورِدُها القوداِمَ والقُدَامَى
كَأَنَّا إِذْ قطعناهم إِليهِ / تَعَسَّفْنَا إِلى الصُّبْحِ الظَّلاما
يَحُطُّ لِثامَ نائِلِهِ فيبدُو / وقد عَقَدَ الحياءُ له لِثاما
ومِنْ أَحكامِهِ أَنْ ليسَ يُبْقَي / على الأَحرارِ للدهرِ احْتِكاما
شَفَتْ وكَفَتْ فصائِلُهُ فلولا / جفونُ الحُورِ أُعْدِمَتِ السَّقَاما
وأَسْكَرَنَا بَيَاناً دامَ حَتَّى / عَجِبْنَا كيفَ خَدَّرْنا المُدَاما
معانٍ تجلسُ الفُصَحاءُ عنها / وتسمَعُها خواطِرُهُمْ قِياما
يتيماتٌ تُصَدِّقُ في عُلاهُ / مَقَالَةَ مَنْ دعاهُ أَبا اليتامى
ونُعْمَى مَنْ رَأَى الأَجسامَ عُطْلاً / فَقَلَّدَها أَيادِيَهُ الجِساما
أَقولُ له وقد أَحْيَتْ يَدَاهُ / عِظاماً من أَوائله عِظاما
أَبَتْ لِيَ أَنْ أُضامَ صفاتُ مَجْدٍ / أَبيَ لولا سَمَاحُكَ أَنْ يُضَاما
وما أَبقي احتفالُكَ فيَّ هَمّاً / ولا فيما يخصُّنِيَ اهتماما
ولكنْ قد بَدَأْتَ به رَحِيقاً / أُنَافِسُ أَنْ تُضِيفَ له الخِتاما
حَيِّ وجهاً من الرياضِ وَسيما
حَيِّ وجهاً من الرياضِ وَسيما / غابَ عن ناظري فأهْدَى النَّسيما
عاودَتْنا البَليلُ عنه بِلَيْلٍ / فأَعادَتْ لنا الحديثَ القديما
طَرَقَتْنَا زيارةُ الطَّيفِ حُلْماً / فاسْتَخَفَّتْ منا اللبيبَ الحليما
وأَحالَتْ على الفؤادِ غراماً / طالَ تردادُهُ فصارَ غريما
ذَكَّرتنا عهدَ المُقيم على العه / دِ وإِن لم يكُنْ عليه مُقيما
والرسومَ التي أَقامَ التَّصابي / في رُباها كما أَردْنا الرُّسوما
لبسَتْ مَعْلَمَ الرّبيعِ وكم أَلْ / بَسَهَا فيه المَعْلَمَ المَعْلُوما
مِنْ مُدامٍ لا عُذْرَ للخالِعِ العُذْ / رَ عليها أَنْ لا يكونَ مُديما
بعثَتْ نَفْحَةَ الجِنانِ من الكأْ / سِ وشَبَّتْ في جانِبَيْهَا الجحيما
أَتُراها إِذ أَدركَتْ عصرَ إِبرا / هيمَ جاءَتْ بنارِ إِبراهيما
فأَعِدْنِي لشُرْبِها أَو فَعِدْني / أَو فَعُدْنِي كما تعودُ السَّقيما
وإِذا هَوَّمَتْ صروفُ الليالي / فاطْرِحْ باعتناقِها التَّهويما
لا تَدَعْ ليلَكَ البهيمَ وقد فُزْ / تَ بها غُرَّةٌ يَمُرُّ بَهيمها
وَأَدِرْها إِنْ شئتَ بالجامِ شمساً / في دُجَاهُ أَو بالكؤوسِ نُجوما
أَنا مالِي وللملاحَةِ فيها / إِن أَطَعْتُ الملامَ كنت مُليِما
لو نَهَاني الإِمامُ مثْلُكَ عنها / لَعَصَيْتُ الإِمامَ والمأَمونا
فادْعُنِي ثانيَ ابْنَ هانِي انْهِتاكاً / وانْهِماكاً لا مَنْظَراً وشَمِيما
وارتكابُ التحريمِ يسهُلُ فيها / حينَ نرجو له الغَفورَ الرحيما
هاتِ بنت الكرومِ صِرْفاً ودَعْنِي / في يَديْ ياسرٍ أَعيشُ كريما
زرتُ منه من لا يَمَلُّ مِنَ النَّع / ماءِ بَذْلاً فهل أَمَلُّ النَّعيما
ولكم حامَ حُسْنُ ظَنِّي عليهِ / واقتناصُ البازِيِّ في أَن يحوما
خَفَقَتْ بي إِليه قادِمَةُ الشَّو / قِ وبُشْرَايَ إِذ رُزِقْتُ القُدوما
ملِكٌ شاعِرُ السّماحَةِ يأْبَى / أَنْ يَمَلَّ التَّسْهِيم والتَّقْسِيما
وخطيبُ الحُسام أَفْصَحُ ما كا / نَ كلاماً إِذا أَثارَ الكُلوما
أَخذَ الدَّهْرُ ذِمَّةً من يَدَيْهِ / مَنَعَتْهُ من أَنْ يكونَ ذميما
واستجارَتْ به الليالي فأَلْقَتْ / لِعُلاَهُ الإِقرارَ والتَّسْلِيما
شَرَّدَ الظُّلْمَ والظَّلامَ فقالتْ / خَيْلُهُ في مَغَارِها والظَّليما
هِمَّةٌ تنشئُ الحَسُودَ وتُنْشِى / أَبداً بَيْنَ جانبَيْهِ الهُموما
أَريحيٌّ بنى له الجودُ بيتاً / قد أَطافَ الورى به تعظيما
ووسيمُ الجبينِ يظهر فيه / من بلالٍ أَبيهِ أَوْضَحَ سِيما
شرفٌ زاحَمَ النجومَ بفودَيْ / هِ ومجدٌ رَسَا فَشَقَّ النُّجوما
وندًى دولةُ الأَميرَيْن منه / حَرَمٌ لا تَرَى به محروما
جَرَّدا منه صارماً شفْرَتَاهُ / تركَتْ عُمْرَ قِرْنِهِ مَصْرُوما
وأَقاماهُ للوزارةِ كهفاً / مانعاً كلَّ ناهضٍ أَن يقوما
فامتطى عابراً لها صهوةَ الإِقْ / دامِ حتى أَنالَها التَّقْدِيما
وشديدٌ على بناِت مِخاضٍ / أَنْ تُجارِي إِلى مَدَاها القُروما
أَيّها القاطعُ الفلاةَ إِكاماً / يمتطيها دون الرِّفاق وَكُوما
لا تَظُنَّ الظلامَ يخلع عنه / رُدُنَيْهِ ولا الزَّمانَ الظَّلوما
قم فطالعِ من نَيِّرَيْ آل عِمْرا / نَ بدوراً قد تُمِّمَتْ تتميما
تَلْقَ هارونَ والكلامُ شُجونٌ / حين تلقاهما وموسى الكَلِيما
واعتمِدْ ياسراً خصوصاً تجِدْهُ / فوق ما أًنت ترتجيه عُموما
وخُذِ الدُّرَّ من أَياديه منثور / راً يَعُدْ بعضُهُ له منظوما
ولو أَنَّ القريضَ وفَّاهُ حقّاً / لم يَدَعْ ذا الرَّوِيَّ والبَحْرَ مِيما
فهنيئاً بالعام أَلْبَسَكَ اللّ / هُ به النائلَ الجزيلَ العميما
نِعَمُ اللِّه فيكَ لا نسأَلُ اللّ / هَ إِليها نُعْمَى سِوَى أَن تدوما
ولو أَنِّي فعلتُ كنتُ كمن يس / أَلُهُ وَهْوَ قائمٌ أَن يقوما
يَرُوعُ الذئبُ حيثُ سِواكَ راعِ
يَرُوعُ الذئبُ حيثُ سِواكَ راعِ / ويُثْلَمُ غَيْرُ نَصْلِكَ بالقِراعِ
ويُخْدِعُ بالمُنَى من بات يرجو / تناوُلَ شَأْوِ عِزِّكَ بالخِداعِ
وما المغرورُ إِلاَّ مَنْ تَعَاطَى / مداكَ وما مداكَ بمُسْتَطاعِ
يحاول نُهْزَةَ الإِطراقِ عنه / وللوَثَبَاتِ إِطراقَ الشُّجَاعِ
فساقَ إِليكَ كُلَّ أَسيرِ حَتْفٍ / دَعَتْهُ إِلى مَتَالِفِهِ الدَّواعي
وقام السَّعْدُ يُنْشِدُ رُبَّ أَمرٍ / أُتِيح لقاعدٍ بِمَسيرِ ساعِ
فَقَلَّصَتِ الرَّعارِعُ جانبَيْها / مُنّزَّهَةَ المَقَامِ عَنِ الرِّعاعِ
وما الحَشَرَاتُ مَعْ نَزْوَاتِ كَيْدٍ / بجاهلةٍ مُنَاجَزَةَ السِّباعِ
فأَينَ متونُ مُشْرَعَةِ العوالى / وأَينَ بطونُ عالية الشِّراعِ
رأت ذاتَ القلوعِ لك احْتِفالاً / أَرَتْهُمْ مثلَهُ ذاتَ القِلاعِ
وكايلَتِ المواضِيَ بالمَوَاضِي / مكايَلَةَ الرِّضا صاعاً بِصاعِ
وإِن ذَمُّوا المِصاع لِحَرِّ بأْسٍ / فقد حمدوكَ في ذَمِّ المصاعِ
وكم حفِظَتْ سيوفُكَ من دماءٍ / أُضيعَتْ عند أَبناءِ الضِّياعِ
رعيتَ اللَّه والإِسلامَ فيهِمْ / وكنتَ لِذَا وذلك خَيْرَ راعِ
وربَّت فارسٍ أَمْسَى مَرُوعاً / وإِنْ أَضْحَى على خِصْبِ المَرَاعي
طَرَحْتَ عنانَهُ لِيَدَيْهِ فيها / وليسَ يخيبُ عندك ذو انتجاعِ
فإِن أَشبعته وخلاكَ ذَمٌّ / فكَمْ أَشْبَعْتَ من أُمَمِ جِياعِ
ولمَّا اسْتَرْفَدُوكَ جَرَيْتَ فيهم / على المحمودِ من كرم الطباعِ
رضعتَ الجودَ في سلْمٍ وحربٍ / وحرَّمت الفِطامَ على الرَّضاعِ
وصُنْتَ بوارق الأُمراءِ عن أَنْ / تَمُدَّ لها الخطوبُ طويلَ باعِ
رفعتَ لهم سماءَ المَجْدِ حتى / سَكَبْتَ المجد دعوى الارتفاعِ
وسُمْتَ مقامَ داعِي الدِّينِ فيهمْ / فكلٌّ للَّذِي أَوْلَيْتَ داعِ
ولو أَدركْتَ تُبَّعَ مالَ فخراً / إِلى التَّقديمَ عندَكَ باتِّباعِ
يضيقُ بك الزمانُ الرّحبُ ذَرْعاً / وعزمُكَ فيه مُتَّسِعُ الذِّراعِ
وكم وَطِئَتْ مساعِيكَ السَّوامي / بأَخْمَصِها على لِمَمِ المساعي
تَبِعْتَ أَباكَ في جودٍ وبأْسٍ / وزِدْتَ على اتِّباعِ بابْتِداعِ
بني شرفَ الفخارِ على يَفَاعٍ / فكنتَ النارَ في شَرَف اليَفَاعِ
ومثلُكَ بالوزارةِ ذو اضطلاعٍ / على من جاد فيها ذو اطلاعِ
بِنهضتِكَ ارتجعتَ لها بلالاً / أَباكَ وليس يَوْمَ الإِرْتِجاعِ
فما نلقَى به إِلاَّ بشيراً / كأَنَّ المَيْتَ لم يندُبْهُ ناعي
وحقَّ لنا بياسرٍ ارْتِياحٌ / عزيزٌ أَنْ يُعَارَضَ بِارْتياعِ
سمعنا عن عُلاهُ وقد رأَينا / سما قدرُ العِيانِ على السَّماعِ
وصارَعْنَا الخطوبَ إِلى حماهُ / فكانَ لنا به غَلَبُ الصِّراعِ
وفارَقْنَا إِليه الأَهلَ علماً / بأَنَّ به دوامَ الإِجْتِماعِ
بَدَأْنا بالتدَّاعي للتَّدانِي / فأَسرعْنَا التَّداني بالتَّداعي
فأَوْرَدَنَا نَدَاهُ البَحْرَ شُدَّتْ / قُرَاهُ بالمَذَانِبِ والتِّلاعِ
وَمَلَّكَنا ربوعَ المجدِ حتَّى / نَظَمْنَاهُنَّ في تلك الرِّباعِ
وأَقْطَعَنَا اقْتِراحاتِ الأَماني / وما الإِقطاعُ منهُ بذِي انْقِطاعِ
فأَصبحَ باسْمِهِ ديوانُ شِعْرِي / على التَّحرِير عالي الإِرْتِفاعِ
وكانت دَوْلَةُ الإِقتار عندي / فقامَ لنا نداهُ باخْتِلاعِ
وصارَتْ رُقْعَةُ الدنيا بكفِّي / بما أَولاهُ من مِنَنِ الرِّقاعِ
ولولا من حَطَطْتُ قِناعَ خدِّي / لعِلَّةِ صَوْنِهِ تَحْتَ القِناعِ
وذكرَى عاوَدَتْ كَبِدِي فعادَتْ / وليْسَ سِوى شَعاعٍ في شَعَاعِ
ضَرَبْتُ بِظِلِّهِ أَوتادَ رَحْلِي / وقُلْتُ أَمِنْتُ عادِيَةَ اقْتِلاعِ
سلامٌ أَيها الملكُ المُعَلَّى / بلفظٍ يستقيلُ من الوداعِ
سلامٌ كالنسيمِ الرَّطْبِ ساعٍ / بخَطْوٍ من تَأَرُّجِهِ وَسَاعِ
فإِنْ ضاعَفْتَ في حقِّي اصطِناعاً / فقَدْ ألْفَيْتَ أَهلَ الإِصْطِناعِ
وإِن وفَّرْتَ فِيَّ الجودَ إِني / لأَرحلُ عنكَ بالشكرِ المُشَاعِ
ثناءٌ تَعْيَقٌ الأَقطارُ منه / وتُخْضَبُ منه ما حِلَةُ البقاعِ
متى غنَّتْ به نَغَمُ الوَافِي / هَفَتْ طرباً لها نَغَمُ السَّماعِ
إِذا ما المجدُ لم يُضْبَطْ بشعرٍ / فقد أَضحى بِمَدْرَجَةِ الضِّياع
قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا
قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا / أَكانا لهم إِلاَّ مَصِيفاً ومَرْبَعَا
ولا تطلبا إِن هُمْ دَنَوْا أَوْ هُمُ نَأَوْا / بأَخبارِهِمْ إِلاَّ جُفوناً وأَضْلُعا
هُمُ عَمَروا قَلْبِي وطَرْفِي وغادَرُوا / منازِلَهُمْ فيما تَظُنَّان بَلْقَعا
وما البينُ من شكوى المحبِّينَ في الهوى / ولكنْ دَعَا من ضلَّ في الحب فادَّعى
فيا عاشقاً أوْلَى به غَيْرُ عاشِقٍ / أَقَمْتَ وسارُوا كيف لمْ تَرْفَعَا معا
يقول أَناسٌ بَطْنُ لَعْلَعَ هاجَهُ / أَكُلُّ مكانٍ عندَهُمْ بَطْنُ لعلعا
نَعَمْ أَنا أَهْوَى بَعْدَهُمْ كُلَّ موضعٍ / فذكرِي لهُمْ لم يُخْلِ في الأَرضِ مَوْضِعا
رعَى الله من لم يَرْعَ لي حْرْمَةَ الهوى / فَيَتْرُكَني أَشْدُو رَعَى اللُّه مَنْ رَعَى
غزالٌ وَشَى عنه تَضَوُّعُ نَشْرِهِ / ومن ذا يصُدُّ المِسْكَ أَن يَتَضَوَّعا
ترعرعَ في بُرْدَيْهِ غُصْنُ أَراكَةٍ / ذَوَي الغُصْنُ مِنِّي والتوى مذ تَرَعْرَعَا
خَدَعْتُ النَّوَى عنه غَدَاةَ فراقِهِ / إِلى أَن أَمالَتْ منه لِيتاً وأَخْدَعا
وقضّيتُ بالتَّقبيلِ فَرْضَ وَدَاعِهِ / فقالَ الهوى لا بُدَّ أَنْ تَتَطَوَّعا
فكم شَعْشَعَتْ خَدَّاهُ لي من مُدامةٍ / أَدَرْت عليها البابِلِيَّ المُشَعْشَعَا
أَأَقْلَعَ عن عَيْنِي وعندِي صبابَةٌ / نهاها النُّهَي أَنْ تستقِلَّ فتُقْلِعا
وقد مَلَكَتْ مِنِّي الثلاثِينَ عن يدٍ / محاسِنَ بدرٍ تَمَّ عَشْراً وأَربعا
ولى في البديعِ الحُسْنِ كلُّ بديعةٍ / ولولا البديعُ الحسنِ ما كنتُ مُبْدِعا
كلانا له الإِحسانُ أَمَّا جَمالُه / فَمَرْأَى وأَمَّا الشعرُ فيه فمَسْمَعا
ولولا صفاتُ المالِكِ العُلَى / تَنَوَّعْتُ في أَوصافِهِ ما تَنَوَّعا
أَفاضَ أَبو الفَيَّاضِ فيَّ نوالَهُ / ووسَّعْتُ مولىً في نَدَاهُ فَوَسَّعا
دَعا خاطري بالمكرُماتِ وإِنما / دعا خاطري بالمكرمات فأَسمعا
وقابلَ منِّي بارعاً في مقالِةِ / بمَنْ لَمْ يَزَلْ في فِعْلِهِ مُتَبَرِّعا
ركِبتُ إِليه زاخِرَ الموجِ طامِياً / وعاصِفَةَ الهَبَّابِ نَكْبَاءَ زَعْزَعا
وظامِئَةً تحتَ الشراعِ وإِن أَبَى / لها ممتطيها أَن تفارِقَ مَشْرَعا
تشقِّق شَيْبَ الماءِ أَبيضَ ناصِعاً / بمثلِ الشَّبابِ الغَضِّ أَسْوَدَ أَسْفَعا
وصُغْتُ له تاجَ المديحِ ولم أَكُنْ / لأَترُكَه حتى يكونَ مُرَصَّعا
فإِنْ قُلْتُ زرنا أَكرمَ النَاسِ راعنا / بفتكته حتى نقولَ وأَشْجَعا
سَمَاحٌ يُرَوِّي الإِلْفَ لا مُتَهَجِّماً / وباْسٌ يُردُّ الأَلْفَ لا مُتَدرِّعا
تَصَدَّى لصَخْرِ المَنْجَنِيقِ بعزمةٍ / زجاجِيَّةٍ لا غَرْوَ أَنْ تَتَصَدَّعا
وجَمَّع مَنْ فرَّقْت بالسَّعْدِ جَمْعَهُ / وما جَمَّع المغرورُ إِلا ليُجْمَعا
فلم يُبْقِ في عينَيْهِ نحوَكَ مَطْمَحاً / ولم تُبْقِ في جَنْبَيْهِ عندَكَ مَطْمَعَا
رأَى لك عزماً محتويا نَعَى له / أَباهُ فَوَلَّى مُدْبِراً عندما نَعَى
ونَهْضَةَ مَنْ راعَ الأَعادِيَ ناشِئاً / بفتكاته مِنْ قبلِ أَن يَتَرَعْرَعَا
مُصِيبٍ سِهامَ الظَّنِّ في كُلِّ مَنْزِعٍ / إِصابَةَ مَنْ لم يُبْقِ في القَوْسِ مَنْزِعا
فكم وَقَفَ العافِي فقالَ له هَلاَ / وكم عَثَرَ الجانِي فقالَ له لَعَا
سَجِيَّةُ ميمونِ النَّقيبةِ ماجدٍ / أَعادَ وأَبْدَى في المعالِي فأَبْدَعا
خَدَمْتُ بأَشعارِي محاسِنَ مَجْدِهِ / وأَخْدَمَنِي الدَّهْرَ الأَبِيَّ المُمَنَّعا
وأَصْفَى مياهَ الفِكْرِ مِنِّي فصفَّقَتْ / وأَرْوَى نباتَ الشُّكْرِ منِّي فأَمْرَعا
وقابَلَني بالأَهْلِ والمالِ عِنْدَما / تركتُ إِليهِ الأَهْلَ والمالَ أَجمعا
وخصَّص مني بالصّنيعةِ أَهْلَها / على شيمةٍ لم يأْتِها مُتَصَنِّعا
وما زلتُ زَوَّارَ الملوكِ الملوكِ مُبَجَّلاً / لديها عزيزاً عندها مُتَرَفِّعا
يَمُجُّ لها شُهْدَ المدائِحِ مَنْطِقِي / وتَنْفُثُ في أَعدائِها السُّمَّ مُنْقَعا
بكُلِّ بديعِ الطُّرَّتَيْنِ مُرَصَّعاً / بدُرِّ الكلامِ المُنْتَقَى ومُصَرَّعا
تشابَهَ أُولاهُ وأُخْراهُ بهجةً / فَوَشَّحَ في اللَّفظِ الرّقيقِ ووَشَّعا
فإِن راقَ أَسماعَ المصيخِينَ مطلعاً / فقد راقَ أسماعَ المُصِيخِينَ مَقْطَعَا
كما فاح عَرْفُ الوردِ في الزَّهْرِ قادماً / وفي الماءِ من بَعْدِ القُدومِ مُوَدِّعا
آياتُ جَدِّكَ لم تَزَلْ تُتْلَى
آياتُ جَدِّكَ لم تَزَلْ تُتْلَى / وصفاتُ مجدِكَ لم تكُنْ تَبْلَى
مُلِئَتْ بمَدْحِكَ كُلُّ سامِعةٍ / والسَّعْدُ أَنْ مُلِئَتْ وما مُلاَّ
وإِذا جلاكَ حَلَتْ لمستمع / كانت على فمِ قائلٍ أَحْلَى
ولقد كَمُلْتَ فما يقالُ لقد / نلْتَ السكمالَ جميعَه إِلاَّ
وسبقْتَ قوماً جئتَ بعدهُمُ / فَدَعِ الذينَ أَتيتَهُمْ قَبْلا
ما زِلْتَ واللَّهَواتُ جامدَةٌ / تُولِي الجزيلَ وتُنْطِقُ الجَزْلا
وإِذا جَلَوْتَ الرَّأْيَ ثُرْتَ به / متوضِّحاً في مُظْلِمِ الجُلَّى
تَكْتَنُّ تحتَ الحِلْمِ منكَ سُطًى / تبدو القلوبُ لها على المِقْلَى
وتخيفُ والأَلحاظُ مُطرِقَةٌ / حتى تَظُنَّكَ حَيَّةً صِلاَّ
والقوسُ تُحْذَرُ كُلَّما اجتمعَتْ / أَطرافُها أَنْ تقذِفَ النَّبْلا
حمَّلْتَ نهْضَتَكَ المُهِمَّ وقَدْ / أَبَتِ الجسومُ نفوسَها حملا
ودَفَعْتَ في صدرِ الخطوبِ / وقد أَلْقَتْ كلاكِلَ صدرِها كَلاَّ
وسَلَكْتَ وحدَكَ موطناً زَلِقاً / أَثْبَتَّ في هاماتِه الرِّجْلا
وبَدَهْتَ فانثَنَتِ الرَّوِيَّةُ عن / من لم يَحِزَّ وطَبَّقَ الفَصْلا
أَخَذَتْ بكَ الأَيامُ زينَتَها / فكأَنَّما هي غادَةُ تُجْلَى
والمُلْكُ عَضْبٌ شِمْتَهُ بيدٍ / يَدُ مَنْ تعاطَىَ شَأْوَهَا شَلاَّ
ووضَعْتَ كُلاًّ عند مَوْضِعِه / في حيثُ لا حاشَا ولا كَلاّ
لا كالذي انقلبَ الزمانُ به / فأَتى يُؤَذِّنُ بَعْدَ ما صَلَّى
للِّه دَرُّكَ ما أَلَذَّ وما / أَصْفَى وما أَوْفَى وما أَحلى
مَدَ الفروع وكُلُّها ثَمَرٌ / تُبْدِي لعينِ المُجْتَلِي الأَصلا
من كُلِّ أَبلجَ شَمْسُ غُرَّتِهِ / بَسَطَتْ لكلِّ مَؤمِّلٍ ظِلاَّ
وَأَغَرَّ يمسح وَجْهَ سؤدُدِه / مسحاً يكادُ يجاوزُ الغَسْلا
يقظانَ يبصر كُلَّ مستتِرٍ / لا ينطوِي عنه وإِنْ مُلاَّ
وإِذا استشارَ سِوى عزائمِهِ / فالطِّرْفَ والخَطِّيِّ والنَّصْلا
وخفيفَ أُنبوبِ اليراعِ وإِنْ / كان الذي يَجْرِي به ثِقْلا
بَذَلَ النوالَ فصانه كَرَماً / فعجِبْتُ كيف يصونُهُ بَذْلا
لا مِثْلَ سُؤْدُدِهِ فإِنْ طَلَبوا / فأَبو السَّدَادِ ولم نَجِدْ مِثْلا
نَجْلا أَبٍ سامٍ يُقِرُّ له / سامٌ ويُغْمِضُ أَعْيُناً نُجْلا
خَلَقَا لعينَيْ دهرِهِمْ كَحَلاً / واستَحْدَثَا من عنبَرٍ كُحْلا
وأَبوهما غيثٌ فلا عَجَبٌ / إِذ يَغْدُوَانِ الطَّلَّ والوَبْلا
وإِليهما قذفَتْ بنا نُوَبٌ / أَغرَتْ بنا أَنيابَها العُصْلا
فأَحلَّنا من عَقْدِها كَرَمٌ / ليسَتْ تُسامُ عقودُهُ حَلاَّ
فلْيَهْنِ أَهليِ إِذ عَدِمْتُهُمُ / أَنِّي وجدتُ بِدَهْلَكٍ أَهلا
وليشكروا عنِّي الشَّمالَ فقد / جَمَعَتْ بأَلْطَفَ منهمُ الشَّمْلا
ولتعلموا أَنِّي لَدَى ملِكٍ / فاتَ المولكَ بأَسرِهِمْ فضلا
كالبدرِ وجهاً ما استهلَّ وكال / غيثِ الرُّكامِ الجَوْدِ ما أَملى
مذ فاخَرَتْهُ الشمسُ ما طَلَعَتْ / إِلا بصفحةِ وجَنَةٍ خَجْلَى
والبحرُ يعلمُ فضلَ نائِلهِ / فتراهُ ينضُبُ بعدَ ما يُمْلا
والمشرَفِيُّ تقولُ شَفْرَتُه / لو شاءَ كنتُ بأَجْمَعِي فَلاَّ
فسقَى الجزيرةَ كُلَّ مُرْتَكِمٍ / لم يَأْلُها نَهْلاً ولا عَلاَّ
مُزْنٌ إِذا سُلَّتْ بوارِقُه / أَرْدَتْ بصارِمٍ خِصْبِها المَحْلا
من كُلِّ مُثْقَلَةٍ تَحُطُّ على / عَرَصَاتِها عن مَتْنِها الحِمْلا
طَلَبَتْ لراحةِ مَالِكٍ شَبَهاً / وتجاسَرَتْ فأَجَبْتُها مَهْلا
خُذْهَا فقد أَعلَيْتُ قائِلَها / وإِن اسْتَدَمْتَ فَرَأْيُكَ الأَعلى
فلديهِ كُلُّ عقيلَةٍ لَطُفَتْ / حِلاًّ فمازَجَ نُورُها العَقْلا
ما صانَها بِكراً بخاتَمَها / إِلا لِيَطْلُبَ مِثْلَها بَعْلا
فَلْيَهْنِكَ الصَّوْمُ الشريفُ وإِنْ / كنت المُهنَّأَ لم تَزَلْ قَبْلا
هل مَرَّ شهرٌ قَطُّ عنك وما / لَكَ أَجْرُ مَنْ قد صامَ أَو صَلَّى
الناسُ دُونَكَ كُلُّهمْ أَكْفاءُ
الناسُ دُونَكَ كُلُّهمْ أَكْفاءُ / لك بالكمالِ عليهمُ إِيفاءُ
يا واحداً منهم رأَوْهُ أَوْحَدًا / كالدُّرَّةِ اختلَطَتْ بها الحَصْباءُ
هل أَنتَ بعضُ الناس إِلاَّ مِثْلَ ما / بَعْضُ الحَصَا الياقوتَةُ الحَمْراءُ
بَيَّنْتَهُمْ نَقْصاً وبِنْتَ زيادَةً / وبضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ
ما أَنتَ والبَدْرُ المنيرُ وإِن غذا / مِلْءَ العيون وراقَهُنَّ سَواءُ
للبدرِ في العَرَضِ الضِّياءُ وأَنتَ قد / جُمِعَتْ بجوهرِ ذاتِك الأَضواءُ
ما ضَرَّ من لِبسَ السَّواد بجِسْمِه / ووراءَهُ نَفْسٌ له بَيْضَاءُ
اللُّه أَكبرُ هذهِ شِيَمُ العُلَى / مَجْدٌ أَشَمُّ وهِمَّةٌ قَعْساءُ
لا مثلَ ذا اليومِ الأَغَرِّ وإِن عَلَتْ / للجندِ منه عجاجةٌ دهماءُ
الدارُ والسلطانُ والحرَّابَةُ ال / أَنجادُ والعًرَفاءُ والوزراءُ
يتناظَرُ الفقهاءُ أَو يتناثَرُ ال / خُطباءُ أَو يتناشَدُ الشعراءُ
كلٌّ يشير إِلى عُلاكَ بلَفْظِهِ / وبلحظِهِ والنُّطْقِ والإِيماءُ
ملِكٌ أَبوكَ له دَعاكَ بمالك / فتلاقَتِ الأَموالُ والأَسماءُ
عجباً لمغرورٍ يَهيجُك ضَيْغَماً / ماذا يريد ودارُكَ الهيجاءُ
الَّلأْمَةُ الخضراءُ والصّمصامَةُ الز / رقاءُ والخَطِّيَّةُ السَّمراءُ
والكاسراتُ من الجواشِكِ تحمل الَّ / ليْثَ الأَزَلَّ الِّلقْوَةُ الفَتْخَاءُ
سُفُنٌ إِذا نشرَتْ جناحَ قُلُوعِها / خَدَم الهواءُ مُرادَها والماءُ
يحملن جُنْدَكَ وَهْوَ في عَدَدِ الثَّرى / عَدَّى بِهِنَّ النَّصرُ والإِْثراءُ
ولقد ركبتَ فليس يُنْكَرُ بعدَها / للخيل في عَدَوَاتِها خُيَلاءُ
بين المواكِب كالكواكِب ما لَها / إِلاَّ سُمُوُّك لا خُفِضْتَ سَماءُ
فارتَجَّتِ الغبراءُ من مُتَغَطْمِطٍ / تخشى رشاشَ عُبابِه الخضراءُ
واكتنَّتِ البيداءُ تحت عجاجةٍ / فكأَنَّما بادتْ به البيداءُ
ويكادُ وهو السّيلُ يدفع مَتْنَه / أَن لا نقولَ لِمَتْنِهِ أَرجاءُ
وكأَنما بين الطُّبولِ تَشَاجُرٌ / قد طالَ للبُوقاتِ فيه مِراءُ
وكأَنما اسْتَمَعَتْ إِلى أَصواتِها / فتخوَّفَتْهَا الصَّعْدَةُ الصَّمَّاءُ
حتى إِذا خفقَ اللِّواءُ مُرَوَّعاً / وثَبَتَّ مقتحماً وأَنتَ لِواءُ
ملأَتْ مهابَتُكَ القلوبَ فلم تكَدْ / تَتَبَيَّنُ الأَحبابُ والأَعداءُ
واسترشد الجُهَلاءُ من لَهَوَاتِهِ / طُرُقَ الهُدَى واستَثْبَتَ العقلاءُ
وكأَنما شقَّ القلوبَ وخصَّها / بالنُّور حيث النُّقْطَةُ السَّوداءُ
فتمسَّكوا بولاءِ مُلْكِكَ عِصْمَةً / ولكلِّ ذي عِتْقٍ عليه ولاءُ
وركبتَ فاخترطَ الصَّوارمَ معشرٌ / ضمِنَتْ صوارِمُهُمْ لهم ما شاؤُوا
لعبت وقرَّت في الجسوم دماؤها / ومن العجائبِ أَن تَقَرَّ دماءُ
آنستَ دَسْتَ المُلْكِ منك بجلسةٍ / قامت بحقِّ جلالِها الجُلَساءُ
فلك الهناءُ ببهجةِ العيدِ الذي / أَبداً لربك لا يزال هَناءُ
قضّيتَ حقَّ الصومِ أَو ودَّعْتَهُ / فلْيَقْضِ حقَّ الصومِ منك لقاءُ
قد رفَّع الرّيحانُ نحوَكَ طرفَه / وتحرَّكَتْ في دَنِّها الصَّهباءُ
واهتزَّ مَتْنُ العُودِ يُخْبِرُ أَنَّه / لا بُدَّ من أَن تَسْجَعَ الوَرْقاءُ
ولنا حديثٌ غَيْرُ ذاكَ بِنَالَهُ / ظَمَأٌ وأَنتَ ومَنْ لَدَيْكَ رِواءُ
الحلسان الحلسان مكررا / قولى
وَفَّيْتَ رَبَّهُما الكِرَاءَ وضِعْفَهُ / فَلْيَجْرِ بالإِطلاقِ منك وَفاءُ
وأَشاءُ إِذنَكَ في الرحيلِ فإِنني / أَسْرِي وشُكْرِي فيكَ كيفَ يَشاءُ
هذا مَقامُ المستجيرِ ولم يَخِبْ / للمستجيرِ لديك قَطٌّ رجاءُ
ما خصَّني الإِعْطابُ من زَمَنِي إِلى / أَن عَمَّنِي من جودِكَ الإِعطاءُ
ساعِدْ بذاكَ نَدًى لأَخرُجَ رابِحاً / رَبِحَ الذي اجْتَمَعَتْ له الأَشياءُ
يا سائِلي عن خبرِ الرّغيف
يا سائِلي عن خبرِ الرّغيف / وعن أَبي القاسم في التَّوليفِ
ناهِيكَه من خبرٍ طريفِ / تُحْلَقُ فيه لِحْيَةُ العريفِ
ولا يقيم قمحُهُ في الرِّيفِ / ويهربُ الربيعُ للخريفِ
كم للفقيهِ فيه من وقوفِ / مشتهرِ في أَوَّل الصّفوفِ
يُنْفَشُ فيه أَلْفُ عِدْلِ صوفِ / حتى يعرّي جلدة الخروفِ
يقول هل أَنكرتُمُ معروفي / والله لا أَسكتُ عن رغيفي
ولا قنعتُ عنه بالتَّسويف / كان غذائي وغذا حليفي
وكان لي يُدَقُّ في السَّفوفِ / لو رامه فارٌ من السقوفِ
صرفته في قبضة الصّروفِ / كم شاربٍ من دونه مَنْتوفِ
وكم صِفاعٍ دونه عنيفِ / من ذا يوافيني به ويوفي
يردُّ فضل عقلِيَ المصروفِ / مُكفكِفاً لدمعِيَ المذروفِ
آه عليه وعلى مَصِيفي / أَظَنَّنِي أَمَلُّ من تعنيفي
لعقلِ أَكَّالٍ له سخيفِ / شيخٍ أَكولٍ أَحمَقٍ خفيفِ
يضيع في توليفه تأْليفي / يأْكلُ أَلْفَ حَمَلٍ معلوفِ
يبدأَ قبل لحمه بِالصُّوفِ / أَدعو عليه اللَّه في وقوفِ
دعاءَ خيرِ دَيِّنٍ عفيفِ /
أَجَزِعْتِ بعد إِقامتي من رحلتي
أَجَزِعْتِ بعد إِقامتي من رحلتي / ليسَتْ عقودُ هَوَاكِ بالمُنْحَلَّةِ
هُوَ ما علمتِ من الغرامِ فَعَلَّةٌ / من فِيك تَشْفِي غُلَّتِي أَو عِلَّتي
ما زُلْتِ عن قلبي وإِن شَحَطَ النَّوى / فنُقِلْتِ ساعَةَ نقلتي من نُقْلَتِي
تحت الشّراعِ أَبيتُ غيرَ مُوَسَّدِ ال / أَيدي إِذا ما بِتُّ تحتَ الكِلَّةِ
وأَطوفُ في الأَقطارِ لا من رغبةٍ / في كثرةٍ أَو رغبة عَنْ قِلَّةِ
كم ضاحِكٍ خلفي وتحت ضلوعِهِ / نارٌ تُشَبُّ بأَدمعٍ مُنْهَلَّةِ
نطقي الذي خَفَضَ اللئامَ فلا هوى / ويدي التي عبثَتْ بهمْ لا شُلَّتِ
لي نقلةٌ ليستْ تُفَتَّر دائماً / والبدرُ غير مُفَتَّرٍ في النُّقلة
ولقد دُلِلْتُ على الكرامِ وإِنَّما / كان النَّدى والبأْسُ بعضَ أَدِلَّتي
ملكٌ تلقَّى دولةً قد أَقبلَتْ / يسعى إِليه بسعدِها لا وَلَّتِ
فلئن حَلَلْتُ عُرايَ عن أَوطانِهِ / فمدائِحي معقودةٌ ما حُلَّتِ
ما سِرْتُ عن عَدَنٍ ولا عن أَهلِها / إِلا وقد أَحْرَزْتُ كُلَّ مسرَّةِ
وتَخَيَّرَتْ عيني الجِلابَ وأَهلَها / فرزقت أَيمن جُلْمَةٍ في حَلْبَةِ
كم لابنِ عبدِ اللِّه عندِيَ من يدٍ / تبيضُّ عند الشّدةِ المسودَّةِ
الناخذاءُ عِليٌّ المُحْتَلُّ من / رُتَب الرِّبانَةِ رأْسَ أَرفعِ رتبةِ
من يهتدي في مظلماتِ بحارِه / وقت الضلالِ بفطْنَةٍ مبيَّضةِ
ويودُّ نوحٌ أَنهُ رُبَّانُهُ / لو كان شاهَدَ مالَهُ من خِبْرةِ
لله جُلْبَتُهُ التي نَهَضَتْ بما / قد حَمَّلَتْهُ وصَمَّمَتْ في الحَمْلَةِ
وسَمَالها ذُو رأسٍ فاسْتَذْرَتْ بِهِ / في ساكنِ الأَمواجِ دانِي الهَبَّةِ
حتَّى إِذا كَمُلَتْ لها آلاتُها / من عُدَّةٍ تجري بها أَو عِدّةِ
مدَّتْ من الرّيحِ التي يختارُها / فطَوَتْ بساطَ بحارِها الممتدَّةِ
ضَرَبَتْ ببطنِ رباك ظَهْرَ دياقَةٍ / ولَوَتْ إِلى الإِحسانِ ثم تَوَلَّتِ
وعَوَى لها كلبو فقال مَرَاكَةٌ / أَهلاً لقيتَ ومرحباً فتثنَّتِ
ثم استقامَتْ في قعو واستَظْهَرَتْ / في بطنِهِ صُبْحًا بحَطٍّ مُثْبِتِ
وتجنُّبٍ قادجَ العميرَ ولم تكُنْ / للعارَةِ الفيحاءِ ذاتَ تلفُّتِ
واستشرفَتْ للبابِ فانفَتَحَتْ لها / طُرُقُ السَّلامَةِ من بحارِ الرحمةِ
فسقى المنادِخَ من مكلا صيرَةٍ / مُزْنٌ يَفُوزُ بكُلِّهِ ذُو الخُشَّتِ
وَهَمى لِمَغْبُونٍ وَصَيِّلةً الحيا / غَدِقاً وحيَّى اللُّه رأْسَ التِّرمِتِ
فعوانَ فالركمايِ فالحبلِ الذي / فيه المَغَاصُ فما حوى من دُرَّةِ
فموارِدِ التّيسينِ من أَمواجِها / فمياهِ عَنْدِ يَد الرِّحابِ المَنْبِتِ
فمقرِّ أَبعَلَ لي إِلى حَرُّ وجَةٍ / فالكردَمِيَّاتِ التي وَكَفَى التى
شَرْمٌ كُفِينا الشَّرَّ فيه ومن يَجُزْ / حَدَّ الصِّراطِ مُبَشَّرٌ بالجَنَّةِ
للِّه ذُو ألأَفراسِ غيرَ صَواهلٍ / وسَرَنْدَلِي والماءُ مِنْ مُبْذُولةِ
فإِلى بناتِ حَجُو فَمَطْرَحِ جانبِ ال / حَرْنُو نِيابِ فسارِبُو فالحَمْلَةِ
فالماءِ من بُلَعٍ وما هو آجِلٌ / فالعَزْرِ من سارُو تجاهَ القُلَّت
فجزيرةِ النَّعْتِ التي هيَ ملجأٌ / أَوصَيِّلِ الناموسِ فوقَ الشَّوْرَت
فمياهِ أَو الشَّوْلِ من أَفيائِها / فمسارِحِ الأَغنامِ عند العَرْبَةِ
ولبحرِه عندي ولستُ أَقوله / ما ضلَّني تذكارُه عن بَحْرَتي
فَدَرْعَرعٍ فالقَحْمِ فالقَلى الذي / منه المجازُ فدجلةٍ فالطُّرَّةِ
فمغاثِ ذي المَعِزِ القليلِ ثُغاؤُهُ / فالماءِ من حاراتِ عند الفَلَّةِ
فمدارِ ظهرَيْهَا فرأْسِ سَرُوجِها / فراقُ رأْسِ سَرُوجها من مُنْيَتي
فبعادِ بَعْسَلَ لي دفَّنى داخلاً / بطن الحُبابِ بأَزْيَبٍ مُتَثَبِّتِ
طوبَى لتلك القولَتَيْنِ بيانعا / سِرْ منه تفضها إِلى بَرِّيَّةِ
إِذ مندلو ادبر مصغى وقصارها / وعبيتها ودهرها في القبضةِ
فنقا مشايتري فصهر يجي دسي / محراب ما ضع وهي كالمعمورةِ
فالواحةِ الغرّاءِ أَحسن مطرح / تبدو لنا دخه بأَيمن غرةِ
فمبايعات يلينها ويلينها / يغدو مبايعهم بأَوفر بيعةِ
بالسَّمْنِ بالأَعسالِ بالأَغنامِ بالذُّ / رَةِ التي قد أسْرَفَتْ في الكَثْرةِ
فانهَضْ إِلى حِينٍ إِلى سكبٍ إِلى / مَرْسَى إِماراتٍ بأَوَّلِ مرّةِ
وبَعَالِ عن راس الوعابي وحل / ظهر نهالها وتَعَدَّ عن ذي الفضلةِ
فاقصد زرائِبَ للمبيتِ وإِن تُرِدْ / رِيًّا فرِدُهُ مِن ذِي الَأثلةِ
وإِذا مَرَرْتَ بصصات فحَيِّهِ / سعياً وما مِنْ حَوْلِهِ من شُعْبَةِ
واندَخْ سواكِنَ داخلاً في حَوْرِها / واركَبْ على الأَعلى بأَعلى همّةِ
يا حبّذا أَنْسَتْ وقد أَنَّستُها / من بَرْكِسَايَ غداةَ قُلْتُ بلمحةِ
وأَدمت عن أَدْمَاتَ سَيْرِي بائِتًا / منْ آضُعٍ في مثلِ وَسْطِ البلدةِ
فَشَعوبُ عَدِّ إِلى جزيرتِها التي / عُرِفَتْ بعبدِ اللِّه عند النِّسْبةِ
فَعُرى الحريِص إِلى زور زينب إِلى / مرسى مَجَرْتَاتٍ وخيراً جَرَّتِ
فإِلى الخوايِ إِلى كراعِيتَ إِلى / مرسى مَدَرْوِيتَ التي قَدْ دَرَّتِ
ثم استمرَّت عن طيوب وأَن حلت / فكلا ولكن في في دَرورٍ حلَّتِ
ولنا الحبور محرامات وقد / أَبدى زهير صيلا كالزهرةِ
فنويّ أَو مرسى عروسٍ أَو محا / ومحا محلٌّ منه حَلُّ العُقْدةِ
مد ريح أَو يعو نرى فالسدى / من راكباي إِلى مكلاَّ حَطَّتِ
فإِلى السَّلاقَيْنِ اللذَيْن تَعَرَّفَا / باسمَيْنِ من صغر بحبّ وكبرةِ
ولقد عَقَدْتِ نَفَحْتُ آمالي كما / عُقِدَ الحليبُ بِجَوْهَرِ الأَنفحتِ
وضربت جَعْدَ دمادبٍ بدبادبٍ / فَغَدَتْ مُبَشِّرَةٌ لنا بالدَّوْلَةِ
نُشِرَتْ فأَنْشَرَتِ الشِّراعَ ولم تَعُقْ / عند العَيُوقِ بمُدَّةٍ عن مدةِ
جَرَتْ خيلُ النَّسيمِ على الغديرِ / ورُدَّتْ تحت قسطالِ العبيرِ
وعَبَّ الصُّبحُ في كأْسِ الثُّرَيَّا / وكان برحَةِ القَمَرِ المنيرِ
وقام على جبين الشمس يهفو / كما يهفو اللِّواءُ على أَميرِ
ودار بها على يدِهِ فكانَتْ / كطوقِ الجامِ في كفِّ المديرِ
ومَجَّت في زجاجِ الماءِ لونًا / قد انْتَزَعَتْهُ من حَلَبِ العصيرِ
فقمنا نستنيمُ إِلى قلوبٍ / تناجَتْ تحت أَستارِ الصُّدورِ
نحقِّقُ بالوفا عِدَةً الأَماني / ونملأُ بالرِّضا نُخَبَ السرورِ
إِلى أَن غادرَتْنَا الكأْسُ صَرْعَى / نَفِرُّ من الكبيرِ إِلى الصغيرِ
ونحسَبُ أَنَّ دِيكَ بني نُمَيْرٍ / أَميرُ المؤمنينَ على السَّريرِ
رُزِقْنَا التاجَ والإِيوانَ منها / وطُفْنَا بالخَوَرْنَق والسَّديرِ
ورُحْنَا تَستطيفُ بنا الليالي / ونبسُطُ من يمينِ المستجيرِ
كَأَنَّا من تَسَحُّبِنَا عليها / روادِفُ تستطيلُ على خُضورِ
وجَرّدْنَا المدائِحَ فاسْتَقَرَّتْ / على أَوصافِ جُرْدَنَّا الوزيرِ
فَنَظَّمْنَا المفاخِرَ كاللآلِي / وحَلَّيْنَا المعالِيَ كالنُّحورِ
وقمنا في سماءِ العِزِّ نَرْعَى / جبينَ الشَّمْسِ في اليومِ المطيرِ
وأَعجَبُ ما جَرَى أَنَّا أَمِنَّا / ونحنُ بجانبِ الليثِ الهَصورِ
وأَرسَلْنَا من الأَشعارِ رِيحًا / نَهُزُّ بها المعاطِفَ من ثَبِيرِ
وقَلَّدْناهْ دُرًّا جاءَ منه / كذاك الدُّرُّ جاءَ من البُحورِ
وقُلْنَا للمُسائِلِ عن عُلاهُ / تَسَمَّعْ قد وَقَعْتَ على الخَبيرِ
لهيبُ صواعِقِ العَزَمَاتِ مِنْهُ / يكاد يُذيبُ أَفئِدَةَ الصُّخورِ
وماءُ مكارمِ الأَخلاقِ منه / يكادُ يردُّ صاعِدَةَ الزَّفيرِ
وأَغراسُ الأَمانِي في يَدَيْهِ / بِهِنَّ معاطِفُ الدَّوْحِ النَّضِيرِ
وعَيْنُ حِرَاسَةِ المَلِكِ اسْتَخَصَّتْ / فلم تَطْرِفْ على سِنَةِ الفُتورِ
رأَى منه المليكُ حِلَى أَمينٍ / بَرِئَ النُّصْحِ من سُقْمِ الضَّميرِ
فأرْقاهُ إِلى الرُّتَبِ اللواتي / يراها النجمُ من طَرْفٍ حَسيرِ
وصَدَّرَهُ على الدِّيوانِ سطراً / هو البِسْمُ التي فوق السُّطورِ
فطالَ بضَبْطِهِ باعُ ارتفاعٍ / تشمّر قبل باعٍ قَصيرِ
ونادَتْهُ الدُّهورُ خُلِقْتَ معنًى / تَكَرَّرَ بَيْنَ أَلسِنَةِ الدُّهورِ
وأَصبحَتِ القصورُ كما عَهِدْنا / مشيَّدةً على غَيْرِ القُصورِ
وصُيِّرَتِ البلادُ جِنانَ عَدْنٍ / وكانَتْ قبلُ من نارِ السَّعيرِ
تدبَّرَها فدَبَّرَها برأْيٍ / محا ظُلُمَاتِها بِضياءِ نورِ
ومدَّ على الرَّعِيَّةِ ظِلَّ عدلٍ / وقاهُمْ لَفْحَ أَلسِنَةِ الهجيرِ
وجدَّل بالسَّعادَةِ مَنْكِبَيْهِ / فَجَرَّ ذيولَها حِبَرَ الحُبورِ
أَحامِي المُلْكِ بالباعِ المُرامِي / وراعِي المُلْكِ باللَّحْظِ الغَيُورِ
ومَنْ هُوَ ناظرٌ فيه بذهن / له إِدراكُ أَعقابِ الأُمورِ
خدمتُ بخاطرِي عَلْيَاكَ جُهْدِي / ولم أَخْدُمْ به غَيْرَ الخطيرِ
وكنتُ متى نظمتُ نظمتُ منه / لِرَبِّ التَّاجِ أَو ربِّ السَّريرِ
فدُمْ تطوي العِدَا والسَّعْدُ يَشْدُو / عليهم لا نُشورَ إِلى النُّشورِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ / وتَنْهَزِمُ الكتائِبُ بالكتابِ
وتخشى نارَ حربِكَ وَهْيَ تَخْبُو / فكيف إِذا ارْتَمَتْ شَرَرُ الحِرابِ
ومذ جَرَّدْتَ عَزْمَكَ وَهْوَ سَيْفٌ / رَقَبْنَا ما يكونُ من الرقابِ
فما وَجَّهْتَهُ حتى حَكَمْنَا / هُنَالك بالغنيمةِ والإِيابِ
وَكَزْتَ حَشَا اللَّعِينِ بمُنْكِصَاتٍ / على الأَعقابِ من جِهَةِ العُقَاب
قطائِعُ تستهلُّ بها المنايا / فتحسَبُ أَنها قِطَعُ السَّحابِ
يصارِعُها العُبابُ فيعتليهِ / بأَهْوَلَ في العُبابِ من العُبابِ
إِذا انْعَطَفَتْ عليه أَو اسْتَقَامَتْ / فقُلْ لَعِبَ الحُبابُ على الحُبابِ
وعُرْبٌ ماجَ منها البَرُّ بحراً / أَليس البحرُ من صِفَةِ العِرابِ
إِذا أُهَبُ القتال تناقَلُوها / أَقَلُّوها أَخَفَّ من الإِهابِ
أَغِرْبَانَ الشّآمِ حَذَارِ شُؤْمًا / لكم مُسْتَوْطَنًا في الاغْتِرابِ
هَفَتْ بكمُ المُنَى فأَطَعْتُمُوهَا / على الأَمْواهِ من عَدَدِ التُّرابِ
فكان لكُمْ من التَّضْعِيفِ فَأْلٌ / على مقدارِ تضعيفِ الحِسابِ
وعند الطَّيْرِ في الرّاياتِ رأْيٌ / فما يخلو عُقابٌ من عِقابِ
دونَ ما بَيْنَنَا من الوُدِّ يَكْفِي
دونَ ما بَيْنَنَا من الوُدِّ يَكْفِي / فاحْتَفِظْ يا أَبَا السُّعودِ المُكَفِّي
أَيُّ شيءٍ رأَيْتَهُ يا قوىَّ ال / عَقْل من رِكَّتِي إِليكَ وضَعْفِي
لستُ مِمَّنْ عَرَفْتَهُ أَنْتَ بالنَّوْ / كِ فتُبْدِي منه الحديثَ وتُخْفِي
إِنَّمَا عادَةُ الكِرامُ وما أَوْ / لاكَ فيهم بأَنْ تُعَدَّ بأَلْفِ
إِنّّهم يُنْكِرون رَدَّ يَدِ الرَّا / غِبِ فيهمْ ولو أَتاهُمْ بعُنْفِ
ويحيُّونه على زَهَرِ الوُدِّ / بخمرٍ من المَحَبَّة صِرْفِ
لا كما قُمْتَ فيه أَيَّدَكَ الَّل / هُ شهيرَ السِّلاحِ أَوَّلَ صَفِّ
وأَجلْتَ البنَانَ بالكَلِمِ الفا / ضِحِ من ذلكَ الخطابِ المُعَفِّي
وتَفَنَّنْتَ بينَ كافِيك في التَّسْ / جِيعِ مِمَّا بَعَثْتَه والتَّعَفِّي
نَظَرا في سؤالِ خِلِّكَ يَخْتَلُّ / ولَيْسَ اخْتِلالَ ناظِرِ طَرْفِ
واعتقاداً فيه وحُشِيَت أَنْ أَنْ / سُبَ منكَ اعتقادَ عَقْلِ السُّخْفِ
فعَلاَمَ استَبَحْتَ ممنوعَ عِرْضِي / وإِلامَ اسْتَجَزْتَ محظورَ قَذْفي
ولماذا أَخَفْتَنِي بالقِلَى وَهْ / وَ لِنَفْسِي أَحبّه دُونَ إِلفى
ورَميْتَ الفؤادَ مِنِّي بنارٍ / أَنتَ لا شَكَّ تصطَلِيِها وتُطْفِي
إِنَّ أشْرَاكَكَ الصِّعابَ لَتَجْرِي / هَيِّناتِ التَّخْلِيصِ ما بَيْنَ كَفِّي
ما سأَلنا إِلاَّ على قدر ذا الدّه / رِ فلا تَشْمَخَنْ عَلَيْنَا بأَنْفِ
كان لي مَوْعِدٌ على حَلِفٍ لا / غَرْوَ أَنْ جاءَ فيه عندي بخُلْفِ
وهْوَ ما قَدْرُهُ من العَيْنِ مثقا / لٌ ومثقالُ ذَرَّةٍ منه يكفي
وبَعَثْتَ الرسولَ فارتَدَّ نحوي / مُسْتَخَفًّا أَفدِيهِ من مُسْتَخَبف
قائلاً لو قَبلْتَ أَخْفَيْتَ هذي النَّ / فْسَ مستقصِيًا فقلتُ سَأُخْفِي
ويَدِي هذِهِ إِليكَ قد امْتَدَّ / تْ بعهدٍ أَلاَّ نَطَقْتَ بحَرْفِ
أَتُرَى إِذْ بَعَئْتَ لي خَطَّكَ العا / لِي وَعَرَّفْتَنِي به غَيْرَ عُرْفي
وطوَيْتُ القِرطاسَ منه على ما / فاحَ حتَّى سَدَدْتُ بالرَّاحِ أَنْفِي
أَنَّنِي لَوْ وَقَفْتُ وقْفَةَ شاكٍ / قد رأَى في الهوى الرجوعَ لِخَلْفِ
وتركتُ العتابَ لم أُجْرِ فيه / قَلَمِي من جميع هذا بحَرْفِ
وتَسلَّيْتُ عن مَوَاعِيدِ فيها / خَلَفٌ لا يزالُ صاحِبَ خُلْفِ
هَلْ في قِطارِ النَّصْرِ نسرٌ واقعٌ
هَلْ في قِطارِ النَّصْرِ نسرٌ واقعٌ / أَو في مَسَالِحَهَ سِماكٌ أَعْزَلُ
أَودعت من قِطعِ السّحائبِ شِبْهَهَا / فالبَرْقُ يُصْلِتُ والرَّوَاعِدُ تَصْهلُ
يَا آلَ عِمْران بدائِعُ فضلِكُمْ / بالفعلِ تستوفي المقال وتُفْضِلُ
فلآل عمران على كلِّ الورى / فضلٌ به نطقَ الكتابُ المُنْزَلُ
ما مَرَّ في التنزيلِ فضلٌ أَوَّلٌ / إِلا ومعناهُ لَكُمْ يُتَأَوَّلُ
أَتُرَاهُمُ عَلِموا الذي لَمْ يَعْلَمُوا / في الدِّينِ أَو عَمِلُوا الذي لم يَعْمَلُوا
أَما الملوكَ فإِنهم خولٌ لكم / حقًا وإِنْ عظُمَ الذي قد خُوِّلُوا
أَبداً سُيُوفُكُمُ تُسلُّ فَتَحْتَوِي / أَملاكَهُمْ ويبيحُها مَنْ يَسْأَلُ
لَكُمُ التقدَّمُ بالتأَخُّرِ بَعْدَهُمْ / كم آخِرٍ تلقاهُ وهو الأَوَّلُ
أَوليسَ سادَ الأَنبياءُ جميعَهُمْ / وأَتى أَخيرَهُمْ النبيُّ المُرْسَلُ
كلُّ الزمانِ بكم ضَحوكٌ مُسْفِرٌ / تَنْدَى معاطِفُهُ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
سيَّرْتَمُوهُ لنا نهاراً مُشْرِقًا / أَو هَلْ مَع البَدْرَيْنِ لَيْلٌ أَلْيَلُ
بدرانِ قد وَقَفَ الكمالُ عليهما / والبدرُ ينقصُ بالمِحاقِ ويَكْمُلُ
ومُهَنَّدَانِ جَلاهُما شَرَفاهُما / بِيضٌ مُهَنَّدَةٌ وسُمْرٌ ذُبَّلُ
فمحمدٌ منه المحامِدُ تَعْتَلِي / وأَبو السعودِ به السعادَةُ تُشْمَلُ
وغَضَنْفَرَانِ وإِنَّما عاباهما / بيض مهندة وسمر ذبلُ
فرعانِ ضَمَّهُمَا الحلالُ المُرْتَضَى / في العِزِّ والشرفُ الرفيعُ الأَطْوَلُ
وأَقرَّ مُلْكَهُما بِلالٌ وابْنُهُ / فتكفَّلا الماضِي وما يُسْتَقْبَلُ
خَلَف السَّعيدُ به الشَّهيدَ فأَعْيُنٌ / مُنْهَلَّةٌ في أَوجُهٍ تَتَهَلَّلُ
ملكانِ ذلك راحِلٌ وثناؤهُ / باقٍ وذا باقٍ ثَنَاهُ يَرْحَلُ
كان الزمانُ جَنَى فجاءَ لياسرٍ / ونصولُهُ ممَّا جَنَى تَتَنَصَّلُ
وَأَغرَّ فوقَ جبينِهِ شمْسُ الضُّحَى / تاجٌ بأَفرادِ النجومِ مُكَلَّلُ
متكفلٌ أَعلى المكارِمِ شِيمَةً / ولَرُبَّما يتكلَّفُ المُتَكَفِّلُ
لمُقَبِّلٍ طولَ الزمانِ بساطَهُ / والورد لَيْسَ مَدَى الزَّمانِ يُقَبَّلُ
يَهْفُو ارتياحاً وهو طودٌ ثابتٌ / ويسيلُ جوداً وهو نارٌ تُشْعَلُ
ويزيدُ في ظُلَمِ الخطوبِ ضِياؤُهُ / في الجَمْرِ أَجْدَرُ أَن يفُوحَ المَنْدَلُ
ويشِفُّ عن صَلَفِ الخُشُونَةِ لِينُهُ / والماءُ يُشْرِقُ وَهْوَ عَذْبٌ سَلْسَلُ
وتَرُوعُ حينَ يروقُ بَهْجَةُ وَجْهِهِ / ولقَدْ يروعُ كما يروقُ المُنْصلُ
ويزينُ أَلحاظَ العيونِ رُواؤُهُ / فكأَنما هي من سناهُ تُكْحَلُ
ويصيبُ والرامي تطيشُ سِهامُه / فلكلِّ سهمٍ من عدُوٍّ مَقْتَلُ
ويكادُ ينتقلُ البلادُ وأَهْلُهَا / شوقاً إِليه فكيفَ لا يَتَنَقَّلُ
بحُسامِهِ المشحوذِ يُفْتَحُ كُلُّها / وبَحدِّهِ المفتوحِ منها يُقْفَلُ
زَرَعَتْ به آلُ الزُّرَيْعِ حَدِيقةً / رقَّ النباتُ بها ورقَّ المَنْهَلُ
واسْتَثْبَتَتْهُ لمُلْكِها فكأَنَّه / ثَهْلانُ ذو الهَضباتِ لا يَتَحَلْحَلُ
ووفَا لها منه هِزَبْرٌ خَلْفَه / طُلْسُ الذِّئابِ مع الذَّوابِلِ تَعْسِلُ
كالأَجْدَلِ الغِطْرِيفِ يَحْمِلُ سَرْجَهُ / سامِي التَّليلِ كما اشْرَأَبَّ الأَجْدَلُ
يبدو فإِمَّا إِصْبَعٌ يُومِي بها / لِجَلاَلِهِ أَو ناظِرٌ يَتَأَمَّلُ
أَهلاً بعيدِ النَّحْرِ بلْ أَهلاً بمَنْ / منه بعيدِ النَّحْرِ عيدٌ أَوَّلُ
بُزْلٌ كأَمثالِ الدِّنانِ تجانَسَتْ / مَعَهَا على طَرَبٍ ذباب نُزَّلُ
ومواقِفٌ ضُرِبَتْ على خَطِّ الوَغَى / فجريحُ لَبَّاتٍ بها ومُجَدَّلُ
وتطوُّلٌ طالَ القرائِح فاسْتوَى / في العَجْزِ عنه مُقَصِّرٌ ومُطَوِّلُ
ومِنَ المكارِمِ أَنْ يكونَ مُقَصِّراً / فيهِنَّ باعُ القول عمَّا يَفْعَلُ
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي / كافُورَةُ الصُّبْحِ فَتَّتْ مِسْكَةَ الغَسَقِ
قد عطَّلَ الأُفْقُ من أَسْمَاطِ أَنْجُمِهِ / فاعْقِدْ بخَمْرِكَ فينا حِلْيَةَ الأُفُقِ
قُمْ هاتِ جامَكَ شمساً عند مُصْطَبَحٍ / وخَلِّ كأْسَكَ نَجْماً عندَ مُغْتَبِقِ
واقسِمْ لكُلِّ زمانٍ ما يليقُ به / فإِنَّ للزَّنْدِ حَلْياً ليس لِلْعُنُقِ
هبَّ النسيمُ وهبَّ الرّيم فاشتركا / في نَكْهِةٍ من نسيمِ الرَّوْضَةِ العَبِقِ
واسْتَرْقَصَتْنِيَ كاسْتِرْقَاصِ حامِلِها / مُخْضَرَّةُ الوُرْقِ أَو مُخْضَرَّةِ الوَرَقِ
وبتُّ بالكأْسِ أَغنَى الناسِ كُلِّهِمُ / فالخمرُ من عسجدٍ والكأْسُ من وَرِقِ
كم ورَّدَتْ وجناتُ الصِّرْفِ في قدحٍ / فتحت بالمزج ما يعلوه من حذقِ
يَسْعَى بها رَشَأٌ عيناه مُذْ رَمَقَتْ / لم يُبْقِ فِيَّ ولا فيها سوى الرَّمَقِ
حَبَابُها وأَحادِيثي ومَبْسِمُهُ / ثلاثَةٌ كلُّها من لؤلؤٍ نَسَقِ
حتى إِذا أَخَذَتْ منا بسَوْرَتِها / ما أَخَذَ النَّوْمُ من أَجفانِ ذي أَرَقِ
ركبتُ فيه بحاراً من عجائِبها / أَنِّي سَلِمْتُ وما أَدرِي من الغَرَقِ
ولم أَزَلْ في ارْتِشافِي منه رِيقَ فم / أَطفأْتُ في بردِهِ مشبوبةَ الحُرَقِ
يا ساكنَ القلبِ عما قد رَمَيْتَ بِهِ / من ساكنِ القلبِ مُغْمًى فيه من قَلَقِ
لا تَعْجَبَنَّ لكل الجسمِ كيف مَضَى / وإِنَّما اعْجَبْ لبعضِ الجِسْمِ كيفَ بَقِي
لم أَستَرِقْ بمنامي وصلَ طيفِهِمُ / فما لهُ صارَ مقطوعًا على السَّرَقِ
ولا اجْتَلَى الطَّرْفُ برقًا من مباسِمٍهٍمْ / فما له مثلَ صوبِ العارِضِ الغَدِقِ
في الهندِ قد قيل أَسيافُ الحديدِ ولو / لا هندُ ما قيلَ أَسيافٌ من الحدقِ
نسيتُ ما تحت تفتيرِ الجفونِ أَمَا / خُلُوقَهُ الجَفْنِ أَثْرُ الصَّارِمِ الذَّلِق
وبِتُّ بالجِزْعِ في آثارهم جَزَعاً / إِن جرّد البَرْقُ إِيماضاً على البُرَقِ
في نار وجدِيَ مغْنًى من تَلَهُّبِهِ / وفي فؤادِيَ ما فيه من الوَلَقِ
خوفٌ أَبو القاسِمِ الأَرزاقَ قَسَّمَهُ / عني فقد صحَّ إِفْراقِي منَ الفَرَقِ
القائدُ الضِّدَّيْن في شِيَم / كالماءِ يجمع بينَ الرِّيِّ والشَّرَقِ
تهلَّلَ الوجهُ منه مثلَ شمسِ ضُحًى / وانهَلَّتِ اليدُ مثل العارضِ الغَدقِ
وجدَّد النِّعَمَ اللاتي نَثَرْتُ لها / أَزاهِرَ الرَّوْضِ باسْمِ المَلْبَسِ الخَلَقِ
وحازَ وَصْفِي رقيقٌ رائِقٌ فَلَهُ / تَشَابَهَ الحُسْنُ بيْنَ الخَلْقِ والخُلُقِ
وثقَّل المَنَّ حتى رُمْتُ أَحمِلُهُ / على عواتِقِ أَمْداحِي فَلَمْ أُطِق
فلَسْتُ أَعرِفُ عَمَّا ذا أَقولُ له / خَفِّفْ عُنق الأَشعارِ أَم عُنُقي
مُضَمَّرُ العَزْمِ لو جاراهُ في طَلَقٍ / من بَطْشَةِ البَرْقِ لم يُوجَدْ بمُنْطَلِقِ
رياسَةٌ تَطَأُ الأَعناقَ صاعِدَةً / فلا كَبَتْ وَهْيَ بَيْنَ النَّصِّ والعَنَقِ
خُصَّتْ بنِي الحَجَرِ الياقوتِ واعْتَزَلَتْ / قوماً همُ الحَجَرُ المَرْمِيُّ في الطُّرُقِ
تخالَفَ الناسُ إِلا في فضائِلِهِمْ / فليسَ تُبْصِرُ فيها غيرَ مُتَّفِقِ
مراتبٌ لأَبي بكرٍ بلها سَبَقٌ / كما أَبو بكرٍ المخصوصُ بالسَّبَقِ
مُهِمَّةُ عُمَرٌ فيها رأَى عُمَرًا / فضمَّها عنده الفاروقُ في فَرَق
وبَسْطَةٌ يرتقي عثمانُ هَضْبَتَها / رُقِيَّ عثمانَ إِلا ساعة الزَّلَقِ
فضلٌ أَبو القاسِمِ المشهورُ قَسَّمَهُ / فيهم فهُمْ في بهيمِ الدّهرِ كالبَلقِ
ولم تَزَلْ لعليٍّ فيه أَوْ حَسَنٍ / فَألٌ عُلُوٌّ وحُسْنٌ غير مُعْتَلَقِ
وطاهِرٌ طاهِرٌ الأَعراضِ من دَنَسٍ / يدنو وخيرونُ ضَيْرُ الرَّاهِنِ الغَلَقِ
وللفتوحِ من الخيراتِ أَجْمَعُها / أَبو الفتوحِ الذي صُفِّي من الرَّنَقِ
تباركَ اللُّه بارِي المجدِ من حَمَإِ / وخالِقُ الكَرم الفيَّاضِ من عَلَقِ
فشِدْ وسُدْ واستزدْ واسعَدْ وجُدْ وأَجِدْ / وسُق وأَرْق وفُقْ واسْمُق وشِقْ ورُقِ
وإِنْ يَكُنْ فِيَّ جسمٌ عن ذَراكَ مَضَى / فإِنَّ عندكَ قلبًا في ذراك يَقِي
ضَرَبُوا الخيامَ على النَّدَى والخِيمِ
ضَرَبُوا الخيامَ على النَّدَى والخِيمِ / ورَغِبْتُ عن مَرْعًى بِهِنَّ وَخيمِ
ما كنتُ أَوَّلَ زاهدٍ في رَوْضَةٍ / تُجْنَى أَراقِمُ وَشْيِها المَرْقُوم
كم من سقيمِ الجسمِ يِتُّ لأَجلِهِ / وأَنا الصَّحيحُ بداءِ كلِّ سقيمِ
فارجِعْ عنِ الوادي فإِنَّ مياهَهُ / مما يُشَبُّ بها غليلُ الهيمِ
مدّ الحُمَاةَ من الأَسِنَّةِ فوقَه / ظِلاًّ وذاكَ الظِّلَّ من يَحْمُومِ
وبشِعْبِ رامَةَ مَعْرَكٌ يغدُو بِهِ / قَلْبُ الهِزَبْرِ أَسيرِ لَحْظِ الرِّيمِ
حيثُ التَفَتَّ إِلى مطالِعِ شَمْسِهِ / أَلفَيْتَها محجوبَةً بِغُيُوم
مَغْنًى يُدِيرُ به النسيمُ رَحِيقَهُ / ممزوجَةَ الرَّشَفَاتِ من تَسْنِيمِ
وكأَنَّ مُبْتًسَمَ السحابِ متيَّمٌ / يبكي عليه بدمعِهِ المسجومِ
لِمَنِ المنازلُ كالمَنازِلِ رِفْعَةً / وضياءَ آفاقٍ وبُعْدَ نُجُومِ
ما رَدَّدَ المشتاقُ فيها نظرةً / إِلا انْثَنَتْ عن نَضْرَةٍ ونعيمِ
أَتُرَى الذي في وَجْهِهِ لِيَ جَنَّةٌ / يَدْري بأَنِّي أَصطلي بجحيمِ
أُبْدِي التَّجَلُّدَ في الكلامِ وأَنطوِي / دونَ العذولِ على حَشًى مكلومِ
مالِي إِذا اسْتَظْلَلْتُ وارِفَ هَمِّه / سَقَطَتْ عَلَيَّ فروعُها بِهُمومِ
أَنا بالبراقِعِ والبَلاقِعِ هائِمٌ / لا أَكْحَلُ الجَفْنيْنِ بالتَّهْوِيمِ
كم مَهْمَهٍ خَفَضَتْ رُءُوسَ إِكامِهِ / نَغَمَ الحُداةِ برَفْعِ أَيدِي الكُومِ
نادَى لسانُ الدهرِ باسْمِي ناقصاً / فَحَمَلْتُه مِنْهُ على التَّرْخِيمِ
ودُعِيتُ بالمرزوقِ ثمّ اسْتَرْجَعَتْ / أَيَّامُهُ فَدُعِيتُ بالمَحْروم
لولا الجدودُ لما ارْتَمَتْ بمُسَافِرٍ / كَفُّ الغِنَى وتعلَّقَتْ بمُقِيمِ
والحظُّ حتَّى في الحروفِ مُؤَثِّرٌ / تختصُّ بالتدقيقِ والتفخيمِ
ويقبِّلُ الضَّحَّاكُ ما سَفَرَتْ لهم / تحتَ العَجَاجَةِ عن أَغَرَّ شَتِيمِ
وتَحَمَّلُوا لِلْفُرْسِ في صَنْعَائِها / أُمَّ التي جاءَتْ على أَحْمِيمِ
وانظِمْ بسِلْكِ القَوْلِ دُرَّ فِعالِهِمْ / في لَبَّةِ المنثورِ والمنظومِ
رُدُّوا لها أَيامَها الأَوائِلا
رُدُّوا لها أَيامَها الأَوائِلا / وإِن تَقَضَّتْ بالحِمى قلائلا
وبَدِّلُوها من سُرَاهَا راحَةً / ومن حَرُوْرِ وَهْجِها طَلاَئلا
وجنِّبُوها هَضَبَاتِ عالِجٍ / واستقبِلوا سِقْطَ اللِّوَى قبائلا
واستنشِقُوا الريحَ البليلَ عَلَّها / تُخْمِدُ من نارِ الجَوَى بلابلا
فَفَوْقَهَا كُلُّ قتيلِ صَبْوَةٍ / يَهْوِي وهَلْ يَهْوَى القتيلُ القاتلا
يَسْتَخْبِرُ الرِّيحَ رسولاً عنهُمُ / ورُبَّما حَمَّلَها رسائلا
وما الصَّبا رِيحىَ لَوْلاَ أَنَّها / تَجُرُّ في رُبُوعِها الغائلا
هاتِ الشَّمولَ إِنني أَرى بها / من ظَبَيَاتِ عاقِلٍ شَمَائِلا
فَثَمَّ رِيمٌ كلما رِيمٌ أَبَى / إِلا صُدودًا في الهوى مُواصِلا
تحسَبُهُ من مَعْطِفَيْهِ رامِحاً / ومن فُتورِ مُقْلَتَيْهِ نابلا
وطالما قبَّلْتُ منه قمرًا / بدرًا وعانَقُتُ قضيبًا مائلا
أَيامَ كانَتْ لِمَّتِي مُسْوَدَّةً / أَنصِبُ للبيضِ بها حبائلا
لا أَخْتَشِي صَدَّ حبيبٍ واصِلٍ / يومًا ولا أَبْكِي خليطاً راحلا
أَقطِفُ أَثمارَ التَّصابِي غضَّةً / وأَحْتَسِي ماءَ الهوى سلاسلا
فاليومَ أَستَسْقِي غماماً مُقْلِعًا / منهمْ وأَسْتَطْلِعُ بَدْرًا آفِلا
كَأَنَّني ما سُمْتُ إِلا غائباً / قَطُّ ولا استنصرتُ إِلا خاذلا
سقي الغمامُ طللاً بعاقلٍ / راحَ لقلبي بعدَهُنَّ عاقلا
أَو راحَةُ الحافِظِ تَهْمِي إِنها / عَلَّمَتِ الجُودَ الغمامَ الهاطلا
جَلَّى به اللُّه الزمانَ فاغتدَى / يُزْهَى بما نالَ وكان عاطِلا
لو صُوِّرَ الدَّهْرُ لأَضْحَى تاجَهُ / وأَصبَحَتْ كِرامُهُ خلاخلا
يا طالِب العِلْمِ اغْتَرِفْ من زاخرٍ / لا يُدْرِكُ الأَوهامُ منه ما حلا
ويا أَسيرَ الفَقْرِ قِفْ ببابِه / مستنصرًا راحَتَه أَو سائلا
قد أُنشِرَ الفضلُ وكانَ مَيِّتاً / وأُظهرَ المَجْدُ وكانَ خاملا
أَصبح بَيْتُ المال منه مُقْفِراً / وظَلَّ بَيْتُ الشكرِ منه آهلا
فارسُ عِلْمٍ جَرَّدَتْ فِطْنَتُه / على مُجَارِيهِ به مَنَاصِلا
أَلْوى طويلُ السّاعِدَيْن أَروَعٌ / قامَ بأَعباءِ المعالي حاملا
انْظُرْ إِلى البدرِ تَجِدْ من حُسْنِهِ / فيه إِذا أَبْصَرّتَهُ مَخَايِلا
واستَنْشِق الروض تجِدْ من نَشْرِهِ / وبِشْرِهِ الممدوحِ مَعْنًى حاصِلا
فَرَتْ إِليه العِيسُ أَثواب الدُّجَى / رافِلَةً بين الرُّبَى ورافِلا
لا تشتكِي السَّيْرَ على أَنَّ السُّرَى / أَبادَ مَتْنَ ظهرِها والكاهِلا
يا حافِظًا للمستجيرِ حافِظاً / وعالِماً بما لَدَيْهِ عاملا
أَلبست عيدَ الفطرِ منك بهجةً / بعها غدا عيداً لدينا كاملا
واسلَمْ متى غنَّى الحمامُ سَحَراً / وهزَّتِ الرياحُ غُصْنًا ذابلا
عادَ له الدَّهْرُ كما قد بدا
عادَ له الدَّهْرُ كما قد بدا / فراحَ في صَبْوَتِهِ واغْتَدَى
وفائِض العَبْرَةِ ذي حَنَّة / يَسْرِي ولا يقدِرُ أَن يَبْعُدا
قُلِّدَ كالعِقْدِ بأَولادِهِ / فَقَلَّدَ الدَّوْحَ بما قُلِّدا
وراح يستَرْفِدُ من غَيْرِهِ / وإِنَّما اسْتُرْفِدَ كي يَرْفُدا
تنبعِثُ الأَمواهُ منه إِلى / خَوَرْنِقٍ أَبيضَ قد جُعِّدا
كأَنما الموجُ على متنِهِ / صرحُ سليمانَ الذي مرَّدا
ومجلسٍ شَقَّ تفارِيجَهُ / نَهْرٌ كما شَقَّ الطَّروبُ الرِّدا
يلعب كالأَيْمِ فإِن درَّجَتْ / منه الصَّبا أَبْصرْتَهُ مِبْرَدَا
تنحَدِرُ الكاساتُ في مَتْنِهِ / فتَذْكُرُ العيُّوقَ والفَرْقَدا
كَلَّل شَطَّيْهِ أُولُو هِمَّةٍ / مدَّتْ لهم في الطَّيِّباتِ المَدَى
قد جَعَلُوا اللَّهْوَ مطاياهُم / وقد كَبَتْ عنهُمْ صُروفُ الرَّدَى
ونافخٍ في صُورِ ناياتِهِ / يُحْيِي المَسَرَّاتِ كما عوَّدا
تلا المزاميرَ بمِزْمارِهِ / لَحْنًا فَخَرَّيْنَا له سُجَّدا
وروْضِ يُسْتانٍ بجنَّاتِهِ / تَعْبَقُ في راحَةِ قَطْرِ النَّدى
ذابَ له الغَيْمُ لُجَيْناً وقَدْ / جَمَّدَ في أَغصانِهِ عَسْجَدا
تَضْحَكُ في أَحشائِهِ لُجَّةٌ / أَرَقُّ من دمْعةِ مَنْ أُكْمِدا
فِسْقيَّةٌ يرشُقُ حافاتِها / بأَسهُمٍ ليستْ تُبيدُ العِدا
هذِي هِيَ الجَنَّةُ قد عُجِّلَتْ / لو كانَ فيها أَحدٌ خُلِّدا
وسهْمِ فَوَّارَة انْبَعَثَتْ
وسهْمِ فَوَّارَة انْبَعَثَتْ / غادَرَتِ الجَوَّ يَحْتَذِي أَرْضَهْ
كأَنها خَيْمَةٌ مُكَلَّلًةٌ / عَمُودُها من سبائِكِ الفِضَّهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025