المجموع : 504
أَوْمَضَ بَرْقُ الخَجَلِ
أَوْمَضَ بَرْقُ الخَجَلِ / فانهَلَّ غيثُ المُقَلِ
وافتَرَّ روضُ الحُبِّ عن / نُور الصبا والغَزَلِ
وهَزَّ أَغصانَ القُدو / دِ سَجْعُ أَطيارِ الحُلِي
وانآدَ دَوْحُ اللَّهْوِ من / حَمْلِ ثمارِ الجَذَلِ
لَمْ يَشْفِ طيفُكَ لما زارني أَلَمَا
لَمْ يَشْفِ طيفُكَ لما زارني أَلَمَا / وإِنما زادَني إِلْمَامُهُ لمَمَا
سَرَى إِلَيَّ وطَرْفُ الليلِ مَرْكَبُهُ / والبَدْرُ إِنْ رَكِبَ الظلماءَ ما ظَلَما
ولم يزل يَدَّعي زُوراً زيارَتَه / حتى تَمَلَّكَ مِنِّي الحِلْمَ والحُلُما
نادَمْتُه فَسَقَاني كأْسَ مُرْتشَفٍ / يُفنِي النديمُ عليها كَفَّهُ نَدَما
حتى إِذا شابَ فَوْدُ الليلِ وانْعَطَفتْ / قناتُه وتدانَى خَطْوُهُ هَرَما
وقمتُ أَعثُرُ والأَشواقُ تَنْهَضُ بِي / فما تقدَّمْتُ من سُكْرِي به قُدُما
قال السلامُ على مَنْ لو مَرَرْتُ به / أَهْدَي السَّلاَم له يَقْظَانَ ما سَلِمَا
واهْتَزَّ كالغُصُنِ المنآدِ فانْتَثَرَتْ / مدامِعِي حَوْلَهُ العُنَّابَ والعَنَمَا
ورُحْتُ أَعبدُ منه دُمْيَةً فَرَضَتْ / تقريبَ قَلْبِي في دِينِ الغرامَ دَمَا
وَجْدُ طَلَبْتُ له كَتْماً فأَردَفَنِي / شَيْباً ثَنَانِيَ أَيضاً أَطلُبُ الكَتمَا
ولِمَّةٌ مُذْ هَفَتْ منها مُلِمَّتُهُ / عادَتْ رماداً وكانِتْ قَبْلَهُ فَحَما
وقد تَلَفَّتُ أَثناءَ الشبابِ فَمَا / رأَيتُ إِلا هموماً حُوِّلَتْ هِمَمَا
فَالسَّيْرَ حتى تَقُولَ العِيسُ من خمر / صِرْنَا رُسُوماً وكُنَّا أَيْنُقاً رُسُما
من كُلِّ منهومَةِ ما غَرثَتْ / إِلاَّ الْتَقَمْتَ عليها المَهْيَعَ اللَّقَما
في عُصْبَةٍ كلَّما شامَتْ صوارمَهُمُ / يَدُ الحفيظةِ في جِنْحِ الدُّجَى انْصَرَما
عاطَيْتُهُمْ غَيْرَ بنتِ الكَرْمِ من سَمَرٍ / على تعاطيهِ رحنا نذكر الكَرَما
فكلما قِيلَ نجمُ الدينِ قَد وَضَحَتْ / أَنوارُه فَمَحَوْنَ الظُّلْمَ والظُّلَما
قلنا وعاد إِلى شَرْخ الشبابِ به / جودٌ مضى هَرِمٌ عنه وقد هَرِما
مَلْكٌ تَحرَّمت الدنيا بسطوتِهِ / فردَّها وهي حِلٌّ والنَّدَى حَرَما
هو الغَمامُ الذي ما حَلَّ في بَلَدٍ / إِلاَّ أَفاضَ دماءً منه أو دِيَمَا
وَهْوَ الحسامُ الذي قالت مضارِبُه / خيرُ الحسامَيْنِ في الأدواءِ مَنْ حَسَما
يطيع سامٌ وحامٌ ما يشير له / ولم يطع قَطُّ إِلاَّ من سَمَا وحَمَى
ذو الحَزْمِ شَدَّ على عِطءفَيْهِ لأْمَتَهُ / في سَلْمِهِ وعلى أفراسِهِ الحُزُما
وذو الرّياحِ التي إِن أَعْصَفَتْ قَصَفَتْ / عيدانَ نَجْدٍ وجدَّت بعدها الرَّتَما
كأَنما الدَّهْرُ أَفْشَيْنٌ نَخِرُّ لَهُ / وقد أَقامَ عليه سَيْفَهُ صَنَمَا
إِنْ قال آل مَصَالٍ منه من يَمَنٍ / قال الأَغالِبُ من مُرٍّ ولا سِيَما
أَمْلَى على العُرْبِ من تدبيرِهِ سِيَراً / في مِضْرَ هزَّتْ على فُسْطَاطِها الْعَجَمَا
فالآنَ أَضْبَحَتِ الآباءُ واحِدَةً / والشَّمْلُ مجتمعاً والشَّعْبُ مُلْتَئِما
رَأْيٌ له بَذَلَ الإِقْليمُ طاعَتَه / فلو يشاءُ كفاه السَّيْفَ والقلما
حَسْبُ البُحَيْرَةِ أَنَّ اللَّه صَيَّرها / بحراً به زاخِرَ الأَمواجِ ملتطما
كم خاضَ ضَحْضَاحَها من غارقٍ فَنَجَا / حتى أَفاضَ عليها سَيْبَهُ العَرما
بالخيلِ يحملُ من فرسانِها أَسداً / والأُسْدِ يحملُ من أَرماحِها أَجَمَا
لِلسَّيْفُ في كفِّهِ نارٌ على عَلَمٍ / إِن كنتَ يوماً سَمِعْتَ النارَ والعلما
يَجْلُو البهيمَ ويحمي البَهْمَ سارِحةً / ويستجيش لكَشْفِ المُبْهَمِ البُهَما
والأَرْضُ ما مَرَّ مجتازُ النسيمِ بها / إِلاَّ تغالَتْ فكادَتْ تُنْبِتُ النَّسَما
فالحمدُ للِّه سدَّ السيفُ ثُلْمَتَها / وعاوَدَ الغِمْدَ محموداً وما انْثَلمَا
فَلْيَبْتَسمْ بكَ ثغرٌ قد جعلْتَ له / ثغراً عن الحسن والإِحسان مبتسما
يجري النَّهارُ على أَنيابِه شنَباً / ويصبِغُ الليلُ منه في الشِّفاهِ لَمَى
حتى نقولَ وكُنَّا قبلَ معرفةٍ / سُبْحانَ عَدْلِكَ أَضحى يَنْقُلُ الشِّيَما
ضَرَبَ الناسُ في العُلاَ الأَمثالا
ضَرَبَ الناسُ في العُلاَ الأَمثالا / وسَمِعْنَا بها ولكِنْ كذَا لا
جَرَّدَ العاضِدُ الإِمامُ من النَّا / صِرِ عَضْباً فكُنْتَ فيهِ الصِّقالا
ملك هَزَّ عَزْمَهُ مُذْ تَوَلَّى / فَعَدُوٌّ وَلَّى وفَتْحٌ توالى
كُلَّما جَيَّشَ الجيوشَ لحربٍ / أَقبلَتْ وَهْيَ تحمِلُ الإِقبالا
وعوالٍ ذَوَابل تَحْسَبُ النَّقْ / عَ دُخاناً فتستنيرُ ذُبالا
بظُباً تنكِرُ الكُلولَ ولا يع / رفُ أَيضاً مَنْ يَنْتَضِيها الكلالا
وقِسِيٍّ كأَنَّما الدهرُ عنها / قائمٌ يقذفُ الوبالَ نِبالا
وخيولٍ مثل الشَّواهِينِ يقنصْ / نَ فَقُلْ باطلاً وقُلْ أَبْطالا
كلمّا حَوَّمَتْ أَدارَتْ جناحاً / عَدَّ في ريشهِ الصَّبا والشَّمالا
أَقبلَتْ كلُّها صدوراً فَمَرَّتْ / خَيْلُ مُرِّيِّ كلُّها أَكْفَالا
وأَقامَتْ لثَغْرِ دِمْيَاطَ ثغراً / ضاحكاً عن كُمَاتِها يَتَلالا
ببروج من الرجالِ وما يُنْ / كَبُ مَنْ يجعلُ البروجَ رِجالا
وفيولٍ من المَجَانيقِِ لا بَلْ / هيَ في الحربِ تقذِفُ الأَفْيالا
خَلْفَ سورٍ من الظُّبا والعوالي / قد تغالَى بناؤهُ وَتَعَالى
وليوثٍ يُظَنُّ يا بْنَ مَصَالٍ / أَنَّ يُمْنَاكَ عَلَّمَتْها المَصَالا
حادَ عنك اللَّعينُ فاستقبلَتْه / بِمِحالِ يُرِى اللَّعِينَ مُحالا
لُحْتَ نجماً على ظسمَاءِ رَشيدٍ / فاجْتَلَى منكَ للهلالِ هلالا
واستشارَ الجموعَ فيكَ وما أَخ / طَأَ مَنْ قالَ في قتالِكَ آلَى
فَمَضَوْا لم يُقاتِلُوكَ وَمِنْ قَبْ / لُ القِتالُ الذي كفاكَ القتالا
عَرَفُوا وجهَكَ الشُّجاعَ فهَلْ أَن / كَرْتَ منهُمْ لمَّا تَوَلَّوْا قَذَالا
واسْتَخَفَّتْهُمُ المقاديرُ حتَّى / زُلْزِلُوا حيثُ يَمَّمُوا زِلْزالا
نصبوا بُرْجَهُمْ إِزاءَ شِهابٍ / كادَ أَنْ يُحْرِقَ البُروجَ اشتعالا
واستجاشُوا قبائِلَ الرُّومِ أَجنا / ساً عليه فلم يساوُوا قَبَالا
حَرَّموا عندَهُ النُّزولَ وما حَرَّ / مَ إِذْ حَرَّمُوا النُّزولَ النِّزالا
وأَرادوا به صِيالاً فَرُدُّوا / وله الفضلُ يرغبونَ سُؤالا
واستمالوهُ بالخضوع ومن شر / طِ الشُّجاعِ الكريمِ أَن يُسْتَمالا
واستماحوا منه النّوى وعجيبٌ / أَنْ يُعَدَّ النَّوى لقوم نوالا
فمضَوْا يقطعونَ بالرَكْضِ أَميا / لاَ رَأَوْها من مثله أَمْوالا
لم يَرُوحوا إِلا خِفاقاً وإِن كا / نَ لِحَمْلِ الجِراحِ راحُوا ثِقالا
ذكَرُوا منه صارماً صارِمَ الحَدِّ / عليهِمْ وعامِلاً عَمَّالا
وانتقاماً لأَجله صمَّمَ الشا / مُ على عَوْدَةٍ إِلَيْهِ انْتِقَالا
ريَّنَ الدِّينَ من شهابٍ ونَجْمٍ / بمنيرَيْن أَلبساهُ الجمالا
حمياهُ طوراً من النَّقْصِ حتَّى / أَلَّفا شَمْلَهُ فنالَ الكمالا
فَرَّق الرُّوم ذا اعْتِداءٍ وهذا / جَمَّعَ العُرْبَ أُلْفَةً واعتدالا
بكفاحٍ قد صيَّر الآلَ بحراً / وسماح قد صيَّرَ البحرَ آلا
أَخذَتْ بالنَّباتِ زينَتَها الأَر / ضُ وكانَتْ من حَلْيِهِ مِعْطالا
رَقَصَتْ تحتَ سُنْدُسِ الرَّوْضِ لَمَّا / شرِبَتْ كأْسَ جودِهِ سَلْسالا
وانثنَتْ في غلائلٍ حاكَها الخِصْ / بُ وكانَتْ بجدبِها أَغلالا
واعتلَتْ ثَغْرَنَا بهِ صِحَّةُ العَيْ / شِ فَلَمْ يَشْكُ بعدَ ذاك اعْتِلالا
عادَ فيه عَوْدَ الحُسامِ إِلى الغِمْ / دِ وقد صالَ في المُهِمِّ وَسالا
أَمُبيدَ العدوِّ كَسْراً وأَسْراً / ومُفِيدَ الوَليِّ مالاً وآلا
فإِذا طابَ نظمُ شعرِي أَو طا / لَ فمن راحَتَيْكَ طابَ وطالا
أَنْتَ أوْجَدْتَهُ وقد كانَ مَعْدُو / ماً وأَوْجَدْتَهُ المقالَ فقالا
دَعَتْهُ المثانِي وادَّعَتْهُ المَثَالِثُ
دَعَتْهُ المثانِي وادَّعَتْهُ المَثَالِثُ / فها هو للنَّدْمَانِ والكأْسِ ثالِثُ
وقارَفَ قَبْلَ الموتِ والبَعْثِ قَرْقَفاً / يعاجلُه منها مُميتٌ وباعِثُ
وكانَ الهوى أَبْقَى عليه صُبَابَةً / من اللُّبِّ وافاها من الكأْسِ وارثُ
فقال إِلي أُمِّ الخبائثِ إِنها / بها أَبداً تصفو النفوسُ الخَبائثُ
وأَحيي بِرُوحِ الرّاحِ جِسْمَ زُجَاجةٍ / على يدِهِ منها قديمٌ وحادثُ
وكم قالَ للصَّهْبَاءِ إِنِّيَ حالِفٌ / فقالَتْ له الصهباءُ إِنَّكَ حانِثُ
وما العيشُ إِلاَّ للذي هو ماكِثٌ / على غَيِّهِ أَو للذي هُوَ ناكثُ
فيا راحِلاً بَلِّغْ أَخِلاَّيَ باللِّوَى / وإِنْ رَجَعُوا أَنِّي على العهدِ لابثُ
هناكَ ولا نَعْمَانَ قُضْبٌ موائسٌ / وثَمَّ ولا يَبْرِينَ كُثْبٌ عَثَاعِثُ
لِمَنْ كِلَلٌ مُدَّتْ حَوامِ حوامِلٌ / قمادَتْ بها الدَّأْمَاءُ أَوْ فَالدَّمائِثُ
رَبيعَةُ فَتْكٍ لمْ تَلِدْنِي مُكَدَّمٌ / عُتَيْبَةُ حَرْبِ لم يَلِدْنِيَ حارِثُ
لِيَ النَّافِثاتُ السِّحْرَ في عُقَد النُّهي / فما هِيَ إِلاَّ العاقِداتُ النَّوَافِثُ
قَوَافِيَّ إِنْ جَدَّتْ بِهِنًّ مَزَلَّةٌ / فقد جُدِّدِتْ أَيضاً بِهِنَّ رَثَائثُ
فمنها أَحاديثُ عن الفاضِلِ اعتَلَتْ / ومنها عَلَى مَنْ شَكَّ فيه حوادثُ
حسامٌ يَفُلُّ الخَطْبَ والخطبُ مُعْضِلٌ / وطَوْدٌ يُقِلُّ العِبْءَ والعِبْءُ كارِثُ
يُرِمُّ له في القولِ لاغٍ ولاغِطٌ / ويَرْمِي لَهُ في الصَّوْلِ فارٍ وفارثُ
مضاءُ وإِمضاءٌ وتلك سَجِيَّةٌ / فلا العِطْفُ معطوفٌ ولا الرَّأْيُ رَائثُ
فديناهُ من سامٍ وحامٍ وقلَّ ذا / ولو أَننا سامٍ وحامٍ ويافِثُ
ثَبُوتٌ على طُرْقِ المكارِمِ وَطْؤُهُ / على أَنَّ طُرْقَ المكرُماتِ أَوَاعثُ
جَرَى ساكِنَ الأَنفاسِ والنِّكْسُ قاعدٌ / يَمُدُّ إِليه لَحْظَهُ وَهْوَ لاهِثُ
وكَفَّ اختيالُ الجَهْلِ والجهلُ رافِلٌ / على لاحِبِ الإِذعان قَسْراً ورافِثُ
منَ القومِ تَنْمِيهِمْ أَصولٌ ثوابتٌ / عليها فروعٌ باسِقاتٌ أَثائِثُ
يجالِدُ فيهِمْ أَو يجادِلُ مِنْهُمُ / فَتًى باحِثٌ عن حَتْفِهِ أَو مُبَاحِثُ
على الدَّهْرِ جاروا فالخطوبُ عوائِذٌ / ومنه أَجارُوا والخطوبُ عَوَائثُ
فما لَهُمُ إِنْ فاخَروا العَارُ عارِضٌ / ولا بِهِمُ إِنْ طاوَلُوا العابُ عابِثُ
عصائِبُ لم يَفْرَقْ لها الخَطْبَ لائِذٌ / مَفَارِقُ لم يَعْصِبْ بها الذَّمَّ لائثُ
إِماءُ القُدورِ الرَّاسياتِ لَدَيْهِمُ / بنارِ القِرى في كُلِّ يوم طَوَامِثُ
وَأَنْتَ وَرِثْتَ الأَكرمينَ عُلاهُمُ / وعالَتْ على قومٍ سِواكَ المَوَارثُ
وَلِي فيكَ ما اسْتَنْبَطْتُهُ بقَرَائِحِي / ورُبَّ نَبَاتٍ ضُمِّنَتْهُ نبائثُ
قوافِيَّ لَوْ أَنَّ البَعِيثَ أَتَى بها / لَجَرَّ جريراً للَبعيثِ البَوَاعِثُ
وكم جَمَل أَعْيَي المُزَارِعَ طِبُّهُ / يُبَلِّطُ بالرِّجْلَيْنِ ما هُوَ حارِثُ
طَرَحْنَا فوقَ غارِبِها الزِّمانا
طَرَحْنَا فوقَ غارِبِها الزِّمانا / فأَسْلَمَها العَرَارُ إِلى الخُزَامَى
رَعَتْ بالجِزْعِ أَسْنِمَةَ الرَّوابي / فجاءَتْ وَهْيَ تحمِلُها سَنَاما
وما بَرِحَتْ تراوحُ أَو تُغادِي / جَمِيماً في أَو جِمَاما
تَحُطُّ به النّعائِمُ مُتْأَقَاتٍ / تَرَجْرَجُ فوقَ أَعناقِ النُّعامى
إِلى أَن عارضَتْنَا فاسْتَرَبْنَا / أَكُوماً نحنُ ننظرُ أَمْ إِكاما
وقالَتْ والخيامُ صَبَاحُ عَشْرٍ / لِلَيْلَتِها أَلاَ حَيِّ الخياما
فعُجْنَا بالأَراكِ على أَرَاكٍ / صَدَحْنَا في ذوائبِهِ حَماما
ومِلْنا للعقيقِ فقام جِسْمِي / به يَقْرَا على قَلْبِي السَّلاما
طرحنا العَجْزَ عن أَعجازِ عَيْشٍ / نُوَشِّحُها على الحَزْمِ الحِزاما
ونُوسِعُها بأَيدِي الوَخْدِ مَخْضاً / تُطيرُ الريح زُبْدَتَهُ لُغَاما
وندفَعُ بالسُّرَي منها قِسِيّاً / فتقذفُ بالنَّوى مِنَّا سِهاما
ونُعْمِلُ كالأَهِلَّةِ ضامراتٍ / لنبلُغَ فوقها القَمَرَ التَّماما
ببابِ الفاضلِ المِفْضالِ حَطَّتْ / فأَطلَقَها وَأَقْعَدَنَا وقاما
تُجَنِّبُها الخوافِيَ والذَُّنَابَي / وَتُورِدُها القوداِمَ والقُدَامَى
كَأَنَّا إِذْ قطعناهم إِليهِ / تَعَسَّفْنَا إِلى الصُّبْحِ الظَّلاما
يَحُطُّ لِثامَ نائِلِهِ فيبدُو / وقد عَقَدَ الحياءُ له لِثاما
ومِنْ أَحكامِهِ أَنْ ليسَ يُبْقَي / على الأَحرارِ للدهرِ احْتِكاما
شَفَتْ وكَفَتْ فصائِلُهُ فلولا / جفونُ الحُورِ أُعْدِمَتِ السَّقَاما
وأَسْكَرَنَا بَيَاناً دامَ حَتَّى / عَجِبْنَا كيفَ خَدَّرْنا المُدَاما
معانٍ تجلسُ الفُصَحاءُ عنها / وتسمَعُها خواطِرُهُمْ قِياما
يتيماتٌ تُصَدِّقُ في عُلاهُ / مَقَالَةَ مَنْ دعاهُ أَبا اليتامى
ونُعْمَى مَنْ رَأَى الأَجسامَ عُطْلاً / فَقَلَّدَها أَيادِيَهُ الجِساما
أَقولُ له وقد أَحْيَتْ يَدَاهُ / عِظاماً من أَوائله عِظاما
أَبَتْ لِيَ أَنْ أُضامَ صفاتُ مَجْدٍ / أَبيَ لولا سَمَاحُكَ أَنْ يُضَاما
وما أَبقي احتفالُكَ فيَّ هَمّاً / ولا فيما يخصُّنِيَ اهتماما
ولكنْ قد بَدَأْتَ به رَحِيقاً / أُنَافِسُ أَنْ تُضِيفَ له الخِتاما
حَيِّ وجهاً من الرياضِ وَسيما
حَيِّ وجهاً من الرياضِ وَسيما / غابَ عن ناظري فأهْدَى النَّسيما
عاودَتْنا البَليلُ عنه بِلَيْلٍ / فأَعادَتْ لنا الحديثَ القديما
طَرَقَتْنَا زيارةُ الطَّيفِ حُلْماً / فاسْتَخَفَّتْ منا اللبيبَ الحليما
وأَحالَتْ على الفؤادِ غراماً / طالَ تردادُهُ فصارَ غريما
ذَكَّرتنا عهدَ المُقيم على العه / دِ وإِن لم يكُنْ عليه مُقيما
والرسومَ التي أَقامَ التَّصابي / في رُباها كما أَردْنا الرُّسوما
لبسَتْ مَعْلَمَ الرّبيعِ وكم أَلْ / بَسَهَا فيه المَعْلَمَ المَعْلُوما
مِنْ مُدامٍ لا عُذْرَ للخالِعِ العُذْ / رَ عليها أَنْ لا يكونَ مُديما
بعثَتْ نَفْحَةَ الجِنانِ من الكأْ / سِ وشَبَّتْ في جانِبَيْهَا الجحيما
أَتُراها إِذ أَدركَتْ عصرَ إِبرا / هيمَ جاءَتْ بنارِ إِبراهيما
فأَعِدْنِي لشُرْبِها أَو فَعِدْني / أَو فَعُدْنِي كما تعودُ السَّقيما
وإِذا هَوَّمَتْ صروفُ الليالي / فاطْرِحْ باعتناقِها التَّهويما
لا تَدَعْ ليلَكَ البهيمَ وقد فُزْ / تَ بها غُرَّةٌ يَمُرُّ بَهيمها
وَأَدِرْها إِنْ شئتَ بالجامِ شمساً / في دُجَاهُ أَو بالكؤوسِ نُجوما
أَنا مالِي وللملاحَةِ فيها / إِن أَطَعْتُ الملامَ كنت مُليِما
لو نَهَاني الإِمامُ مثْلُكَ عنها / لَعَصَيْتُ الإِمامَ والمأَمونا
فادْعُنِي ثانيَ ابْنَ هانِي انْهِتاكاً / وانْهِماكاً لا مَنْظَراً وشَمِيما
وارتكابُ التحريمِ يسهُلُ فيها / حينَ نرجو له الغَفورَ الرحيما
هاتِ بنت الكرومِ صِرْفاً ودَعْنِي / في يَديْ ياسرٍ أَعيشُ كريما
زرتُ منه من لا يَمَلُّ مِنَ النَّع / ماءِ بَذْلاً فهل أَمَلُّ النَّعيما
ولكم حامَ حُسْنُ ظَنِّي عليهِ / واقتناصُ البازِيِّ في أَن يحوما
خَفَقَتْ بي إِليه قادِمَةُ الشَّو / قِ وبُشْرَايَ إِذ رُزِقْتُ القُدوما
ملِكٌ شاعِرُ السّماحَةِ يأْبَى / أَنْ يَمَلَّ التَّسْهِيم والتَّقْسِيما
وخطيبُ الحُسام أَفْصَحُ ما كا / نَ كلاماً إِذا أَثارَ الكُلوما
أَخذَ الدَّهْرُ ذِمَّةً من يَدَيْهِ / مَنَعَتْهُ من أَنْ يكونَ ذميما
واستجارَتْ به الليالي فأَلْقَتْ / لِعُلاَهُ الإِقرارَ والتَّسْلِيما
شَرَّدَ الظُّلْمَ والظَّلامَ فقالتْ / خَيْلُهُ في مَغَارِها والظَّليما
هِمَّةٌ تنشئُ الحَسُودَ وتُنْشِى / أَبداً بَيْنَ جانبَيْهِ الهُموما
أَريحيٌّ بنى له الجودُ بيتاً / قد أَطافَ الورى به تعظيما
ووسيمُ الجبينِ يظهر فيه / من بلالٍ أَبيهِ أَوْضَحَ سِيما
شرفٌ زاحَمَ النجومَ بفودَيْ / هِ ومجدٌ رَسَا فَشَقَّ النُّجوما
وندًى دولةُ الأَميرَيْن منه / حَرَمٌ لا تَرَى به محروما
جَرَّدا منه صارماً شفْرَتَاهُ / تركَتْ عُمْرَ قِرْنِهِ مَصْرُوما
وأَقاماهُ للوزارةِ كهفاً / مانعاً كلَّ ناهضٍ أَن يقوما
فامتطى عابراً لها صهوةَ الإِقْ / دامِ حتى أَنالَها التَّقْدِيما
وشديدٌ على بناِت مِخاضٍ / أَنْ تُجارِي إِلى مَدَاها القُروما
أَيّها القاطعُ الفلاةَ إِكاماً / يمتطيها دون الرِّفاق وَكُوما
لا تَظُنَّ الظلامَ يخلع عنه / رُدُنَيْهِ ولا الزَّمانَ الظَّلوما
قم فطالعِ من نَيِّرَيْ آل عِمْرا / نَ بدوراً قد تُمِّمَتْ تتميما
تَلْقَ هارونَ والكلامُ شُجونٌ / حين تلقاهما وموسى الكَلِيما
واعتمِدْ ياسراً خصوصاً تجِدْهُ / فوق ما أًنت ترتجيه عُموما
وخُذِ الدُّرَّ من أَياديه منثور / راً يَعُدْ بعضُهُ له منظوما
ولو أَنَّ القريضَ وفَّاهُ حقّاً / لم يَدَعْ ذا الرَّوِيَّ والبَحْرَ مِيما
فهنيئاً بالعام أَلْبَسَكَ اللّ / هُ به النائلَ الجزيلَ العميما
نِعَمُ اللِّه فيكَ لا نسأَلُ اللّ / هَ إِليها نُعْمَى سِوَى أَن تدوما
ولو أَنِّي فعلتُ كنتُ كمن يس / أَلُهُ وَهْوَ قائمٌ أَن يقوما
يَرُوعُ الذئبُ حيثُ سِواكَ راعِ
يَرُوعُ الذئبُ حيثُ سِواكَ راعِ / ويُثْلَمُ غَيْرُ نَصْلِكَ بالقِراعِ
ويُخْدِعُ بالمُنَى من بات يرجو / تناوُلَ شَأْوِ عِزِّكَ بالخِداعِ
وما المغرورُ إِلاَّ مَنْ تَعَاطَى / مداكَ وما مداكَ بمُسْتَطاعِ
يحاول نُهْزَةَ الإِطراقِ عنه / وللوَثَبَاتِ إِطراقَ الشُّجَاعِ
فساقَ إِليكَ كُلَّ أَسيرِ حَتْفٍ / دَعَتْهُ إِلى مَتَالِفِهِ الدَّواعي
وقام السَّعْدُ يُنْشِدُ رُبَّ أَمرٍ / أُتِيح لقاعدٍ بِمَسيرِ ساعِ
فَقَلَّصَتِ الرَّعارِعُ جانبَيْها / مُنّزَّهَةَ المَقَامِ عَنِ الرِّعاعِ
وما الحَشَرَاتُ مَعْ نَزْوَاتِ كَيْدٍ / بجاهلةٍ مُنَاجَزَةَ السِّباعِ
فأَينَ متونُ مُشْرَعَةِ العوالى / وأَينَ بطونُ عالية الشِّراعِ
رأت ذاتَ القلوعِ لك احْتِفالاً / أَرَتْهُمْ مثلَهُ ذاتَ القِلاعِ
وكايلَتِ المواضِيَ بالمَوَاضِي / مكايَلَةَ الرِّضا صاعاً بِصاعِ
وإِن ذَمُّوا المِصاع لِحَرِّ بأْسٍ / فقد حمدوكَ في ذَمِّ المصاعِ
وكم حفِظَتْ سيوفُكَ من دماءٍ / أُضيعَتْ عند أَبناءِ الضِّياعِ
رعيتَ اللَّه والإِسلامَ فيهِمْ / وكنتَ لِذَا وذلك خَيْرَ راعِ
وربَّت فارسٍ أَمْسَى مَرُوعاً / وإِنْ أَضْحَى على خِصْبِ المَرَاعي
طَرَحْتَ عنانَهُ لِيَدَيْهِ فيها / وليسَ يخيبُ عندك ذو انتجاعِ
فإِن أَشبعته وخلاكَ ذَمٌّ / فكَمْ أَشْبَعْتَ من أُمَمِ جِياعِ
ولمَّا اسْتَرْفَدُوكَ جَرَيْتَ فيهم / على المحمودِ من كرم الطباعِ
رضعتَ الجودَ في سلْمٍ وحربٍ / وحرَّمت الفِطامَ على الرَّضاعِ
وصُنْتَ بوارق الأُمراءِ عن أَنْ / تَمُدَّ لها الخطوبُ طويلَ باعِ
رفعتَ لهم سماءَ المَجْدِ حتى / سَكَبْتَ المجد دعوى الارتفاعِ
وسُمْتَ مقامَ داعِي الدِّينِ فيهمْ / فكلٌّ للَّذِي أَوْلَيْتَ داعِ
ولو أَدركْتَ تُبَّعَ مالَ فخراً / إِلى التَّقديمَ عندَكَ باتِّباعِ
يضيقُ بك الزمانُ الرّحبُ ذَرْعاً / وعزمُكَ فيه مُتَّسِعُ الذِّراعِ
وكم وَطِئَتْ مساعِيكَ السَّوامي / بأَخْمَصِها على لِمَمِ المساعي
تَبِعْتَ أَباكَ في جودٍ وبأْسٍ / وزِدْتَ على اتِّباعِ بابْتِداعِ
بني شرفَ الفخارِ على يَفَاعٍ / فكنتَ النارَ في شَرَف اليَفَاعِ
ومثلُكَ بالوزارةِ ذو اضطلاعٍ / على من جاد فيها ذو اطلاعِ
بِنهضتِكَ ارتجعتَ لها بلالاً / أَباكَ وليس يَوْمَ الإِرْتِجاعِ
فما نلقَى به إِلاَّ بشيراً / كأَنَّ المَيْتَ لم يندُبْهُ ناعي
وحقَّ لنا بياسرٍ ارْتِياحٌ / عزيزٌ أَنْ يُعَارَضَ بِارْتياعِ
سمعنا عن عُلاهُ وقد رأَينا / سما قدرُ العِيانِ على السَّماعِ
وصارَعْنَا الخطوبَ إِلى حماهُ / فكانَ لنا به غَلَبُ الصِّراعِ
وفارَقْنَا إِليه الأَهلَ علماً / بأَنَّ به دوامَ الإِجْتِماعِ
بَدَأْنا بالتدَّاعي للتَّدانِي / فأَسرعْنَا التَّداني بالتَّداعي
فأَوْرَدَنَا نَدَاهُ البَحْرَ شُدَّتْ / قُرَاهُ بالمَذَانِبِ والتِّلاعِ
وَمَلَّكَنا ربوعَ المجدِ حتَّى / نَظَمْنَاهُنَّ في تلك الرِّباعِ
وأَقْطَعَنَا اقْتِراحاتِ الأَماني / وما الإِقطاعُ منهُ بذِي انْقِطاعِ
فأَصبحَ باسْمِهِ ديوانُ شِعْرِي / على التَّحرِير عالي الإِرْتِفاعِ
وكانت دَوْلَةُ الإِقتار عندي / فقامَ لنا نداهُ باخْتِلاعِ
وصارَتْ رُقْعَةُ الدنيا بكفِّي / بما أَولاهُ من مِنَنِ الرِّقاعِ
ولولا من حَطَطْتُ قِناعَ خدِّي / لعِلَّةِ صَوْنِهِ تَحْتَ القِناعِ
وذكرَى عاوَدَتْ كَبِدِي فعادَتْ / وليْسَ سِوى شَعاعٍ في شَعَاعِ
ضَرَبْتُ بِظِلِّهِ أَوتادَ رَحْلِي / وقُلْتُ أَمِنْتُ عادِيَةَ اقْتِلاعِ
سلامٌ أَيها الملكُ المُعَلَّى / بلفظٍ يستقيلُ من الوداعِ
سلامٌ كالنسيمِ الرَّطْبِ ساعٍ / بخَطْوٍ من تَأَرُّجِهِ وَسَاعِ
فإِنْ ضاعَفْتَ في حقِّي اصطِناعاً / فقَدْ ألْفَيْتَ أَهلَ الإِصْطِناعِ
وإِن وفَّرْتَ فِيَّ الجودَ إِني / لأَرحلُ عنكَ بالشكرِ المُشَاعِ
ثناءٌ تَعْيَقٌ الأَقطارُ منه / وتُخْضَبُ منه ما حِلَةُ البقاعِ
متى غنَّتْ به نَغَمُ الوَافِي / هَفَتْ طرباً لها نَغَمُ السَّماعِ
إِذا ما المجدُ لم يُضْبَطْ بشعرٍ / فقد أَضحى بِمَدْرَجَةِ الضِّياع
قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا
قِفا فاسأَلا مِنِّي زفيراً وأَدْمُعا / أَكانا لهم إِلاَّ مَصِيفاً ومَرْبَعَا
ولا تطلبا إِن هُمْ دَنَوْا أَوْ هُمُ نَأَوْا / بأَخبارِهِمْ إِلاَّ جُفوناً وأَضْلُعا
هُمُ عَمَروا قَلْبِي وطَرْفِي وغادَرُوا / منازِلَهُمْ فيما تَظُنَّان بَلْقَعا
وما البينُ من شكوى المحبِّينَ في الهوى / ولكنْ دَعَا من ضلَّ في الحب فادَّعى
فيا عاشقاً أوْلَى به غَيْرُ عاشِقٍ / أَقَمْتَ وسارُوا كيف لمْ تَرْفَعَا معا
يقول أَناسٌ بَطْنُ لَعْلَعَ هاجَهُ / أَكُلُّ مكانٍ عندَهُمْ بَطْنُ لعلعا
نَعَمْ أَنا أَهْوَى بَعْدَهُمْ كُلَّ موضعٍ / فذكرِي لهُمْ لم يُخْلِ في الأَرضِ مَوْضِعا
رعَى الله من لم يَرْعَ لي حْرْمَةَ الهوى / فَيَتْرُكَني أَشْدُو رَعَى اللُّه مَنْ رَعَى
غزالٌ وَشَى عنه تَضَوُّعُ نَشْرِهِ / ومن ذا يصُدُّ المِسْكَ أَن يَتَضَوَّعا
ترعرعَ في بُرْدَيْهِ غُصْنُ أَراكَةٍ / ذَوَي الغُصْنُ مِنِّي والتوى مذ تَرَعْرَعَا
خَدَعْتُ النَّوَى عنه غَدَاةَ فراقِهِ / إِلى أَن أَمالَتْ منه لِيتاً وأَخْدَعا
وقضّيتُ بالتَّقبيلِ فَرْضَ وَدَاعِهِ / فقالَ الهوى لا بُدَّ أَنْ تَتَطَوَّعا
فكم شَعْشَعَتْ خَدَّاهُ لي من مُدامةٍ / أَدَرْت عليها البابِلِيَّ المُشَعْشَعَا
أَأَقْلَعَ عن عَيْنِي وعندِي صبابَةٌ / نهاها النُّهَي أَنْ تستقِلَّ فتُقْلِعا
وقد مَلَكَتْ مِنِّي الثلاثِينَ عن يدٍ / محاسِنَ بدرٍ تَمَّ عَشْراً وأَربعا
ولى في البديعِ الحُسْنِ كلُّ بديعةٍ / ولولا البديعُ الحسنِ ما كنتُ مُبْدِعا
كلانا له الإِحسانُ أَمَّا جَمالُه / فَمَرْأَى وأَمَّا الشعرُ فيه فمَسْمَعا
ولولا صفاتُ المالِكِ العُلَى / تَنَوَّعْتُ في أَوصافِهِ ما تَنَوَّعا
أَفاضَ أَبو الفَيَّاضِ فيَّ نوالَهُ / ووسَّعْتُ مولىً في نَدَاهُ فَوَسَّعا
دَعا خاطري بالمكرُماتِ وإِنما / دعا خاطري بالمكرمات فأَسمعا
وقابلَ منِّي بارعاً في مقالِةِ / بمَنْ لَمْ يَزَلْ في فِعْلِهِ مُتَبَرِّعا
ركِبتُ إِليه زاخِرَ الموجِ طامِياً / وعاصِفَةَ الهَبَّابِ نَكْبَاءَ زَعْزَعا
وظامِئَةً تحتَ الشراعِ وإِن أَبَى / لها ممتطيها أَن تفارِقَ مَشْرَعا
تشقِّق شَيْبَ الماءِ أَبيضَ ناصِعاً / بمثلِ الشَّبابِ الغَضِّ أَسْوَدَ أَسْفَعا
وصُغْتُ له تاجَ المديحِ ولم أَكُنْ / لأَترُكَه حتى يكونَ مُرَصَّعا
فإِنْ قُلْتُ زرنا أَكرمَ النَاسِ راعنا / بفتكته حتى نقولَ وأَشْجَعا
سَمَاحٌ يُرَوِّي الإِلْفَ لا مُتَهَجِّماً / وباْسٌ يُردُّ الأَلْفَ لا مُتَدرِّعا
تَصَدَّى لصَخْرِ المَنْجَنِيقِ بعزمةٍ / زجاجِيَّةٍ لا غَرْوَ أَنْ تَتَصَدَّعا
وجَمَّع مَنْ فرَّقْت بالسَّعْدِ جَمْعَهُ / وما جَمَّع المغرورُ إِلا ليُجْمَعا
فلم يُبْقِ في عينَيْهِ نحوَكَ مَطْمَحاً / ولم تُبْقِ في جَنْبَيْهِ عندَكَ مَطْمَعَا
رأَى لك عزماً محتويا نَعَى له / أَباهُ فَوَلَّى مُدْبِراً عندما نَعَى
ونَهْضَةَ مَنْ راعَ الأَعادِيَ ناشِئاً / بفتكاته مِنْ قبلِ أَن يَتَرَعْرَعَا
مُصِيبٍ سِهامَ الظَّنِّ في كُلِّ مَنْزِعٍ / إِصابَةَ مَنْ لم يُبْقِ في القَوْسِ مَنْزِعا
فكم وَقَفَ العافِي فقالَ له هَلاَ / وكم عَثَرَ الجانِي فقالَ له لَعَا
سَجِيَّةُ ميمونِ النَّقيبةِ ماجدٍ / أَعادَ وأَبْدَى في المعالِي فأَبْدَعا
خَدَمْتُ بأَشعارِي محاسِنَ مَجْدِهِ / وأَخْدَمَنِي الدَّهْرَ الأَبِيَّ المُمَنَّعا
وأَصْفَى مياهَ الفِكْرِ مِنِّي فصفَّقَتْ / وأَرْوَى نباتَ الشُّكْرِ منِّي فأَمْرَعا
وقابَلَني بالأَهْلِ والمالِ عِنْدَما / تركتُ إِليهِ الأَهْلَ والمالَ أَجمعا
وخصَّص مني بالصّنيعةِ أَهْلَها / على شيمةٍ لم يأْتِها مُتَصَنِّعا
وما زلتُ زَوَّارَ الملوكِ الملوكِ مُبَجَّلاً / لديها عزيزاً عندها مُتَرَفِّعا
يَمُجُّ لها شُهْدَ المدائِحِ مَنْطِقِي / وتَنْفُثُ في أَعدائِها السُّمَّ مُنْقَعا
بكُلِّ بديعِ الطُّرَّتَيْنِ مُرَصَّعاً / بدُرِّ الكلامِ المُنْتَقَى ومُصَرَّعا
تشابَهَ أُولاهُ وأُخْراهُ بهجةً / فَوَشَّحَ في اللَّفظِ الرّقيقِ ووَشَّعا
فإِن راقَ أَسماعَ المصيخِينَ مطلعاً / فقد راقَ أسماعَ المُصِيخِينَ مَقْطَعَا
كما فاح عَرْفُ الوردِ في الزَّهْرِ قادماً / وفي الماءِ من بَعْدِ القُدومِ مُوَدِّعا
آياتُ جَدِّكَ لم تَزَلْ تُتْلَى
آياتُ جَدِّكَ لم تَزَلْ تُتْلَى / وصفاتُ مجدِكَ لم تكُنْ تَبْلَى
مُلِئَتْ بمَدْحِكَ كُلُّ سامِعةٍ / والسَّعْدُ أَنْ مُلِئَتْ وما مُلاَّ
وإِذا جلاكَ حَلَتْ لمستمع / كانت على فمِ قائلٍ أَحْلَى
ولقد كَمُلْتَ فما يقالُ لقد / نلْتَ السكمالَ جميعَه إِلاَّ
وسبقْتَ قوماً جئتَ بعدهُمُ / فَدَعِ الذينَ أَتيتَهُمْ قَبْلا
ما زِلْتَ واللَّهَواتُ جامدَةٌ / تُولِي الجزيلَ وتُنْطِقُ الجَزْلا
وإِذا جَلَوْتَ الرَّأْيَ ثُرْتَ به / متوضِّحاً في مُظْلِمِ الجُلَّى
تَكْتَنُّ تحتَ الحِلْمِ منكَ سُطًى / تبدو القلوبُ لها على المِقْلَى
وتخيفُ والأَلحاظُ مُطرِقَةٌ / حتى تَظُنَّكَ حَيَّةً صِلاَّ
والقوسُ تُحْذَرُ كُلَّما اجتمعَتْ / أَطرافُها أَنْ تقذِفَ النَّبْلا
حمَّلْتَ نهْضَتَكَ المُهِمَّ وقَدْ / أَبَتِ الجسومُ نفوسَها حملا
ودَفَعْتَ في صدرِ الخطوبِ / وقد أَلْقَتْ كلاكِلَ صدرِها كَلاَّ
وسَلَكْتَ وحدَكَ موطناً زَلِقاً / أَثْبَتَّ في هاماتِه الرِّجْلا
وبَدَهْتَ فانثَنَتِ الرَّوِيَّةُ عن / من لم يَحِزَّ وطَبَّقَ الفَصْلا
أَخَذَتْ بكَ الأَيامُ زينَتَها / فكأَنَّما هي غادَةُ تُجْلَى
والمُلْكُ عَضْبٌ شِمْتَهُ بيدٍ / يَدُ مَنْ تعاطَىَ شَأْوَهَا شَلاَّ
ووضَعْتَ كُلاًّ عند مَوْضِعِه / في حيثُ لا حاشَا ولا كَلاّ
لا كالذي انقلبَ الزمانُ به / فأَتى يُؤَذِّنُ بَعْدَ ما صَلَّى
للِّه دَرُّكَ ما أَلَذَّ وما / أَصْفَى وما أَوْفَى وما أَحلى
مَدَ الفروع وكُلُّها ثَمَرٌ / تُبْدِي لعينِ المُجْتَلِي الأَصلا
من كُلِّ أَبلجَ شَمْسُ غُرَّتِهِ / بَسَطَتْ لكلِّ مَؤمِّلٍ ظِلاَّ
وَأَغَرَّ يمسح وَجْهَ سؤدُدِه / مسحاً يكادُ يجاوزُ الغَسْلا
يقظانَ يبصر كُلَّ مستتِرٍ / لا ينطوِي عنه وإِنْ مُلاَّ
وإِذا استشارَ سِوى عزائمِهِ / فالطِّرْفَ والخَطِّيِّ والنَّصْلا
وخفيفَ أُنبوبِ اليراعِ وإِنْ / كان الذي يَجْرِي به ثِقْلا
بَذَلَ النوالَ فصانه كَرَماً / فعجِبْتُ كيف يصونُهُ بَذْلا
لا مِثْلَ سُؤْدُدِهِ فإِنْ طَلَبوا / فأَبو السَّدَادِ ولم نَجِدْ مِثْلا
نَجْلا أَبٍ سامٍ يُقِرُّ له / سامٌ ويُغْمِضُ أَعْيُناً نُجْلا
خَلَقَا لعينَيْ دهرِهِمْ كَحَلاً / واستَحْدَثَا من عنبَرٍ كُحْلا
وأَبوهما غيثٌ فلا عَجَبٌ / إِذ يَغْدُوَانِ الطَّلَّ والوَبْلا
وإِليهما قذفَتْ بنا نُوَبٌ / أَغرَتْ بنا أَنيابَها العُصْلا
فأَحلَّنا من عَقْدِها كَرَمٌ / ليسَتْ تُسامُ عقودُهُ حَلاَّ
فلْيَهْنِ أَهليِ إِذ عَدِمْتُهُمُ / أَنِّي وجدتُ بِدَهْلَكٍ أَهلا
وليشكروا عنِّي الشَّمالَ فقد / جَمَعَتْ بأَلْطَفَ منهمُ الشَّمْلا
ولتعلموا أَنِّي لَدَى ملِكٍ / فاتَ المولكَ بأَسرِهِمْ فضلا
كالبدرِ وجهاً ما استهلَّ وكال / غيثِ الرُّكامِ الجَوْدِ ما أَملى
مذ فاخَرَتْهُ الشمسُ ما طَلَعَتْ / إِلا بصفحةِ وجَنَةٍ خَجْلَى
والبحرُ يعلمُ فضلَ نائِلهِ / فتراهُ ينضُبُ بعدَ ما يُمْلا
والمشرَفِيُّ تقولُ شَفْرَتُه / لو شاءَ كنتُ بأَجْمَعِي فَلاَّ
فسقَى الجزيرةَ كُلَّ مُرْتَكِمٍ / لم يَأْلُها نَهْلاً ولا عَلاَّ
مُزْنٌ إِذا سُلَّتْ بوارِقُه / أَرْدَتْ بصارِمٍ خِصْبِها المَحْلا
من كُلِّ مُثْقَلَةٍ تَحُطُّ على / عَرَصَاتِها عن مَتْنِها الحِمْلا
طَلَبَتْ لراحةِ مَالِكٍ شَبَهاً / وتجاسَرَتْ فأَجَبْتُها مَهْلا
خُذْهَا فقد أَعلَيْتُ قائِلَها / وإِن اسْتَدَمْتَ فَرَأْيُكَ الأَعلى
فلديهِ كُلُّ عقيلَةٍ لَطُفَتْ / حِلاًّ فمازَجَ نُورُها العَقْلا
ما صانَها بِكراً بخاتَمَها / إِلا لِيَطْلُبَ مِثْلَها بَعْلا
فَلْيَهْنِكَ الصَّوْمُ الشريفُ وإِنْ / كنت المُهنَّأَ لم تَزَلْ قَبْلا
هل مَرَّ شهرٌ قَطُّ عنك وما / لَكَ أَجْرُ مَنْ قد صامَ أَو صَلَّى
الناسُ دُونَكَ كُلُّهمْ أَكْفاءُ
الناسُ دُونَكَ كُلُّهمْ أَكْفاءُ / لك بالكمالِ عليهمُ إِيفاءُ
يا واحداً منهم رأَوْهُ أَوْحَدًا / كالدُّرَّةِ اختلَطَتْ بها الحَصْباءُ
هل أَنتَ بعضُ الناس إِلاَّ مِثْلَ ما / بَعْضُ الحَصَا الياقوتَةُ الحَمْراءُ
بَيَّنْتَهُمْ نَقْصاً وبِنْتَ زيادَةً / وبضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ
ما أَنتَ والبَدْرُ المنيرُ وإِن غذا / مِلْءَ العيون وراقَهُنَّ سَواءُ
للبدرِ في العَرَضِ الضِّياءُ وأَنتَ قد / جُمِعَتْ بجوهرِ ذاتِك الأَضواءُ
ما ضَرَّ من لِبسَ السَّواد بجِسْمِه / ووراءَهُ نَفْسٌ له بَيْضَاءُ
اللُّه أَكبرُ هذهِ شِيَمُ العُلَى / مَجْدٌ أَشَمُّ وهِمَّةٌ قَعْساءُ
لا مثلَ ذا اليومِ الأَغَرِّ وإِن عَلَتْ / للجندِ منه عجاجةٌ دهماءُ
الدارُ والسلطانُ والحرَّابَةُ ال / أَنجادُ والعًرَفاءُ والوزراءُ
يتناظَرُ الفقهاءُ أَو يتناثَرُ ال / خُطباءُ أَو يتناشَدُ الشعراءُ
كلٌّ يشير إِلى عُلاكَ بلَفْظِهِ / وبلحظِهِ والنُّطْقِ والإِيماءُ
ملِكٌ أَبوكَ له دَعاكَ بمالك / فتلاقَتِ الأَموالُ والأَسماءُ
عجباً لمغرورٍ يَهيجُك ضَيْغَماً / ماذا يريد ودارُكَ الهيجاءُ
الَّلأْمَةُ الخضراءُ والصّمصامَةُ الز / رقاءُ والخَطِّيَّةُ السَّمراءُ
والكاسراتُ من الجواشِكِ تحمل الَّ / ليْثَ الأَزَلَّ الِّلقْوَةُ الفَتْخَاءُ
سُفُنٌ إِذا نشرَتْ جناحَ قُلُوعِها / خَدَم الهواءُ مُرادَها والماءُ
يحملن جُنْدَكَ وَهْوَ في عَدَدِ الثَّرى / عَدَّى بِهِنَّ النَّصرُ والإِْثراءُ
ولقد ركبتَ فليس يُنْكَرُ بعدَها / للخيل في عَدَوَاتِها خُيَلاءُ
بين المواكِب كالكواكِب ما لَها / إِلاَّ سُمُوُّك لا خُفِضْتَ سَماءُ
فارتَجَّتِ الغبراءُ من مُتَغَطْمِطٍ / تخشى رشاشَ عُبابِه الخضراءُ
واكتنَّتِ البيداءُ تحت عجاجةٍ / فكأَنَّما بادتْ به البيداءُ
ويكادُ وهو السّيلُ يدفع مَتْنَه / أَن لا نقولَ لِمَتْنِهِ أَرجاءُ
وكأَنما بين الطُّبولِ تَشَاجُرٌ / قد طالَ للبُوقاتِ فيه مِراءُ
وكأَنما اسْتَمَعَتْ إِلى أَصواتِها / فتخوَّفَتْهَا الصَّعْدَةُ الصَّمَّاءُ
حتى إِذا خفقَ اللِّواءُ مُرَوَّعاً / وثَبَتَّ مقتحماً وأَنتَ لِواءُ
ملأَتْ مهابَتُكَ القلوبَ فلم تكَدْ / تَتَبَيَّنُ الأَحبابُ والأَعداءُ
واسترشد الجُهَلاءُ من لَهَوَاتِهِ / طُرُقَ الهُدَى واستَثْبَتَ العقلاءُ
وكأَنما شقَّ القلوبَ وخصَّها / بالنُّور حيث النُّقْطَةُ السَّوداءُ
فتمسَّكوا بولاءِ مُلْكِكَ عِصْمَةً / ولكلِّ ذي عِتْقٍ عليه ولاءُ
وركبتَ فاخترطَ الصَّوارمَ معشرٌ / ضمِنَتْ صوارِمُهُمْ لهم ما شاؤُوا
لعبت وقرَّت في الجسوم دماؤها / ومن العجائبِ أَن تَقَرَّ دماءُ
آنستَ دَسْتَ المُلْكِ منك بجلسةٍ / قامت بحقِّ جلالِها الجُلَساءُ
فلك الهناءُ ببهجةِ العيدِ الذي / أَبداً لربك لا يزال هَناءُ
قضّيتَ حقَّ الصومِ أَو ودَّعْتَهُ / فلْيَقْضِ حقَّ الصومِ منك لقاءُ
قد رفَّع الرّيحانُ نحوَكَ طرفَه / وتحرَّكَتْ في دَنِّها الصَّهباءُ
واهتزَّ مَتْنُ العُودِ يُخْبِرُ أَنَّه / لا بُدَّ من أَن تَسْجَعَ الوَرْقاءُ
ولنا حديثٌ غَيْرُ ذاكَ بِنَالَهُ / ظَمَأٌ وأَنتَ ومَنْ لَدَيْكَ رِواءُ
الحلسان الحلسان مكررا / قولى
وَفَّيْتَ رَبَّهُما الكِرَاءَ وضِعْفَهُ / فَلْيَجْرِ بالإِطلاقِ منك وَفاءُ
وأَشاءُ إِذنَكَ في الرحيلِ فإِنني / أَسْرِي وشُكْرِي فيكَ كيفَ يَشاءُ
هذا مَقامُ المستجيرِ ولم يَخِبْ / للمستجيرِ لديك قَطٌّ رجاءُ
ما خصَّني الإِعْطابُ من زَمَنِي إِلى / أَن عَمَّنِي من جودِكَ الإِعطاءُ
ساعِدْ بذاكَ نَدًى لأَخرُجَ رابِحاً / رَبِحَ الذي اجْتَمَعَتْ له الأَشياءُ
يا سائِلي عن خبرِ الرّغيف
يا سائِلي عن خبرِ الرّغيف / وعن أَبي القاسم في التَّوليفِ
ناهِيكَه من خبرٍ طريفِ / تُحْلَقُ فيه لِحْيَةُ العريفِ
ولا يقيم قمحُهُ في الرِّيفِ / ويهربُ الربيعُ للخريفِ
كم للفقيهِ فيه من وقوفِ / مشتهرِ في أَوَّل الصّفوفِ
يُنْفَشُ فيه أَلْفُ عِدْلِ صوفِ / حتى يعرّي جلدة الخروفِ
يقول هل أَنكرتُمُ معروفي / والله لا أَسكتُ عن رغيفي
ولا قنعتُ عنه بالتَّسويف / كان غذائي وغذا حليفي
وكان لي يُدَقُّ في السَّفوفِ / لو رامه فارٌ من السقوفِ
صرفته في قبضة الصّروفِ / كم شاربٍ من دونه مَنْتوفِ
وكم صِفاعٍ دونه عنيفِ / من ذا يوافيني به ويوفي
يردُّ فضل عقلِيَ المصروفِ / مُكفكِفاً لدمعِيَ المذروفِ
آه عليه وعلى مَصِيفي / أَظَنَّنِي أَمَلُّ من تعنيفي
لعقلِ أَكَّالٍ له سخيفِ / شيخٍ أَكولٍ أَحمَقٍ خفيفِ
يضيع في توليفه تأْليفي / يأْكلُ أَلْفَ حَمَلٍ معلوفِ
يبدأَ قبل لحمه بِالصُّوفِ / أَدعو عليه اللَّه في وقوفِ
دعاءَ خيرِ دَيِّنٍ عفيفِ /
أَجَزِعْتِ بعد إِقامتي من رحلتي
أَجَزِعْتِ بعد إِقامتي من رحلتي / ليسَتْ عقودُ هَوَاكِ بالمُنْحَلَّةِ
هُوَ ما علمتِ من الغرامِ فَعَلَّةٌ / من فِيك تَشْفِي غُلَّتِي أَو عِلَّتي
ما زُلْتِ عن قلبي وإِن شَحَطَ النَّوى / فنُقِلْتِ ساعَةَ نقلتي من نُقْلَتِي
تحت الشّراعِ أَبيتُ غيرَ مُوَسَّدِ ال / أَيدي إِذا ما بِتُّ تحتَ الكِلَّةِ
وأَطوفُ في الأَقطارِ لا من رغبةٍ / في كثرةٍ أَو رغبة عَنْ قِلَّةِ
كم ضاحِكٍ خلفي وتحت ضلوعِهِ / نارٌ تُشَبُّ بأَدمعٍ مُنْهَلَّةِ
نطقي الذي خَفَضَ اللئامَ فلا هوى / ويدي التي عبثَتْ بهمْ لا شُلَّتِ
لي نقلةٌ ليستْ تُفَتَّر دائماً / والبدرُ غير مُفَتَّرٍ في النُّقلة
ولقد دُلِلْتُ على الكرامِ وإِنَّما / كان النَّدى والبأْسُ بعضَ أَدِلَّتي
ملكٌ تلقَّى دولةً قد أَقبلَتْ / يسعى إِليه بسعدِها لا وَلَّتِ
فلئن حَلَلْتُ عُرايَ عن أَوطانِهِ / فمدائِحي معقودةٌ ما حُلَّتِ
ما سِرْتُ عن عَدَنٍ ولا عن أَهلِها / إِلا وقد أَحْرَزْتُ كُلَّ مسرَّةِ
وتَخَيَّرَتْ عيني الجِلابَ وأَهلَها / فرزقت أَيمن جُلْمَةٍ في حَلْبَةِ
كم لابنِ عبدِ اللِّه عندِيَ من يدٍ / تبيضُّ عند الشّدةِ المسودَّةِ
الناخذاءُ عِليٌّ المُحْتَلُّ من / رُتَب الرِّبانَةِ رأْسَ أَرفعِ رتبةِ
من يهتدي في مظلماتِ بحارِه / وقت الضلالِ بفطْنَةٍ مبيَّضةِ
ويودُّ نوحٌ أَنهُ رُبَّانُهُ / لو كان شاهَدَ مالَهُ من خِبْرةِ
لله جُلْبَتُهُ التي نَهَضَتْ بما / قد حَمَّلَتْهُ وصَمَّمَتْ في الحَمْلَةِ
وسَمَالها ذُو رأسٍ فاسْتَذْرَتْ بِهِ / في ساكنِ الأَمواجِ دانِي الهَبَّةِ
حتَّى إِذا كَمُلَتْ لها آلاتُها / من عُدَّةٍ تجري بها أَو عِدّةِ
مدَّتْ من الرّيحِ التي يختارُها / فطَوَتْ بساطَ بحارِها الممتدَّةِ
ضَرَبَتْ ببطنِ رباك ظَهْرَ دياقَةٍ / ولَوَتْ إِلى الإِحسانِ ثم تَوَلَّتِ
وعَوَى لها كلبو فقال مَرَاكَةٌ / أَهلاً لقيتَ ومرحباً فتثنَّتِ
ثم استقامَتْ في قعو واستَظْهَرَتْ / في بطنِهِ صُبْحًا بحَطٍّ مُثْبِتِ
وتجنُّبٍ قادجَ العميرَ ولم تكُنْ / للعارَةِ الفيحاءِ ذاتَ تلفُّتِ
واستشرفَتْ للبابِ فانفَتَحَتْ لها / طُرُقُ السَّلامَةِ من بحارِ الرحمةِ
فسقى المنادِخَ من مكلا صيرَةٍ / مُزْنٌ يَفُوزُ بكُلِّهِ ذُو الخُشَّتِ
وَهَمى لِمَغْبُونٍ وَصَيِّلةً الحيا / غَدِقاً وحيَّى اللُّه رأْسَ التِّرمِتِ
فعوانَ فالركمايِ فالحبلِ الذي / فيه المَغَاصُ فما حوى من دُرَّةِ
فموارِدِ التّيسينِ من أَمواجِها / فمياهِ عَنْدِ يَد الرِّحابِ المَنْبِتِ
فمقرِّ أَبعَلَ لي إِلى حَرُّ وجَةٍ / فالكردَمِيَّاتِ التي وَكَفَى التى
شَرْمٌ كُفِينا الشَّرَّ فيه ومن يَجُزْ / حَدَّ الصِّراطِ مُبَشَّرٌ بالجَنَّةِ
للِّه ذُو ألأَفراسِ غيرَ صَواهلٍ / وسَرَنْدَلِي والماءُ مِنْ مُبْذُولةِ
فإِلى بناتِ حَجُو فَمَطْرَحِ جانبِ ال / حَرْنُو نِيابِ فسارِبُو فالحَمْلَةِ
فالماءِ من بُلَعٍ وما هو آجِلٌ / فالعَزْرِ من سارُو تجاهَ القُلَّت
فجزيرةِ النَّعْتِ التي هيَ ملجأٌ / أَوصَيِّلِ الناموسِ فوقَ الشَّوْرَت
فمياهِ أَو الشَّوْلِ من أَفيائِها / فمسارِحِ الأَغنامِ عند العَرْبَةِ
ولبحرِه عندي ولستُ أَقوله / ما ضلَّني تذكارُه عن بَحْرَتي
فَدَرْعَرعٍ فالقَحْمِ فالقَلى الذي / منه المجازُ فدجلةٍ فالطُّرَّةِ
فمغاثِ ذي المَعِزِ القليلِ ثُغاؤُهُ / فالماءِ من حاراتِ عند الفَلَّةِ
فمدارِ ظهرَيْهَا فرأْسِ سَرُوجِها / فراقُ رأْسِ سَرُوجها من مُنْيَتي
فبعادِ بَعْسَلَ لي دفَّنى داخلاً / بطن الحُبابِ بأَزْيَبٍ مُتَثَبِّتِ
طوبَى لتلك القولَتَيْنِ بيانعا / سِرْ منه تفضها إِلى بَرِّيَّةِ
إِذ مندلو ادبر مصغى وقصارها / وعبيتها ودهرها في القبضةِ
فنقا مشايتري فصهر يجي دسي / محراب ما ضع وهي كالمعمورةِ
فالواحةِ الغرّاءِ أَحسن مطرح / تبدو لنا دخه بأَيمن غرةِ
فمبايعات يلينها ويلينها / يغدو مبايعهم بأَوفر بيعةِ
بالسَّمْنِ بالأَعسالِ بالأَغنامِ بالذُّ / رَةِ التي قد أسْرَفَتْ في الكَثْرةِ
فانهَضْ إِلى حِينٍ إِلى سكبٍ إِلى / مَرْسَى إِماراتٍ بأَوَّلِ مرّةِ
وبَعَالِ عن راس الوعابي وحل / ظهر نهالها وتَعَدَّ عن ذي الفضلةِ
فاقصد زرائِبَ للمبيتِ وإِن تُرِدْ / رِيًّا فرِدُهُ مِن ذِي الَأثلةِ
وإِذا مَرَرْتَ بصصات فحَيِّهِ / سعياً وما مِنْ حَوْلِهِ من شُعْبَةِ
واندَخْ سواكِنَ داخلاً في حَوْرِها / واركَبْ على الأَعلى بأَعلى همّةِ
يا حبّذا أَنْسَتْ وقد أَنَّستُها / من بَرْكِسَايَ غداةَ قُلْتُ بلمحةِ
وأَدمت عن أَدْمَاتَ سَيْرِي بائِتًا / منْ آضُعٍ في مثلِ وَسْطِ البلدةِ
فَشَعوبُ عَدِّ إِلى جزيرتِها التي / عُرِفَتْ بعبدِ اللِّه عند النِّسْبةِ
فَعُرى الحريِص إِلى زور زينب إِلى / مرسى مَجَرْتَاتٍ وخيراً جَرَّتِ
فإِلى الخوايِ إِلى كراعِيتَ إِلى / مرسى مَدَرْوِيتَ التي قَدْ دَرَّتِ
ثم استمرَّت عن طيوب وأَن حلت / فكلا ولكن في في دَرورٍ حلَّتِ
ولنا الحبور محرامات وقد / أَبدى زهير صيلا كالزهرةِ
فنويّ أَو مرسى عروسٍ أَو محا / ومحا محلٌّ منه حَلُّ العُقْدةِ
مد ريح أَو يعو نرى فالسدى / من راكباي إِلى مكلاَّ حَطَّتِ
فإِلى السَّلاقَيْنِ اللذَيْن تَعَرَّفَا / باسمَيْنِ من صغر بحبّ وكبرةِ
ولقد عَقَدْتِ نَفَحْتُ آمالي كما / عُقِدَ الحليبُ بِجَوْهَرِ الأَنفحتِ
وضربت جَعْدَ دمادبٍ بدبادبٍ / فَغَدَتْ مُبَشِّرَةٌ لنا بالدَّوْلَةِ
نُشِرَتْ فأَنْشَرَتِ الشِّراعَ ولم تَعُقْ / عند العَيُوقِ بمُدَّةٍ عن مدةِ
جَرَتْ خيلُ النَّسيمِ على الغديرِ / ورُدَّتْ تحت قسطالِ العبيرِ
وعَبَّ الصُّبحُ في كأْسِ الثُّرَيَّا / وكان برحَةِ القَمَرِ المنيرِ
وقام على جبين الشمس يهفو / كما يهفو اللِّواءُ على أَميرِ
ودار بها على يدِهِ فكانَتْ / كطوقِ الجامِ في كفِّ المديرِ
ومَجَّت في زجاجِ الماءِ لونًا / قد انْتَزَعَتْهُ من حَلَبِ العصيرِ
فقمنا نستنيمُ إِلى قلوبٍ / تناجَتْ تحت أَستارِ الصُّدورِ
نحقِّقُ بالوفا عِدَةً الأَماني / ونملأُ بالرِّضا نُخَبَ السرورِ
إِلى أَن غادرَتْنَا الكأْسُ صَرْعَى / نَفِرُّ من الكبيرِ إِلى الصغيرِ
ونحسَبُ أَنَّ دِيكَ بني نُمَيْرٍ / أَميرُ المؤمنينَ على السَّريرِ
رُزِقْنَا التاجَ والإِيوانَ منها / وطُفْنَا بالخَوَرْنَق والسَّديرِ
ورُحْنَا تَستطيفُ بنا الليالي / ونبسُطُ من يمينِ المستجيرِ
كَأَنَّا من تَسَحُّبِنَا عليها / روادِفُ تستطيلُ على خُضورِ
وجَرّدْنَا المدائِحَ فاسْتَقَرَّتْ / على أَوصافِ جُرْدَنَّا الوزيرِ
فَنَظَّمْنَا المفاخِرَ كاللآلِي / وحَلَّيْنَا المعالِيَ كالنُّحورِ
وقمنا في سماءِ العِزِّ نَرْعَى / جبينَ الشَّمْسِ في اليومِ المطيرِ
وأَعجَبُ ما جَرَى أَنَّا أَمِنَّا / ونحنُ بجانبِ الليثِ الهَصورِ
وأَرسَلْنَا من الأَشعارِ رِيحًا / نَهُزُّ بها المعاطِفَ من ثَبِيرِ
وقَلَّدْناهْ دُرًّا جاءَ منه / كذاك الدُّرُّ جاءَ من البُحورِ
وقُلْنَا للمُسائِلِ عن عُلاهُ / تَسَمَّعْ قد وَقَعْتَ على الخَبيرِ
لهيبُ صواعِقِ العَزَمَاتِ مِنْهُ / يكاد يُذيبُ أَفئِدَةَ الصُّخورِ
وماءُ مكارمِ الأَخلاقِ منه / يكادُ يردُّ صاعِدَةَ الزَّفيرِ
وأَغراسُ الأَمانِي في يَدَيْهِ / بِهِنَّ معاطِفُ الدَّوْحِ النَّضِيرِ
وعَيْنُ حِرَاسَةِ المَلِكِ اسْتَخَصَّتْ / فلم تَطْرِفْ على سِنَةِ الفُتورِ
رأَى منه المليكُ حِلَى أَمينٍ / بَرِئَ النُّصْحِ من سُقْمِ الضَّميرِ
فأرْقاهُ إِلى الرُّتَبِ اللواتي / يراها النجمُ من طَرْفٍ حَسيرِ
وصَدَّرَهُ على الدِّيوانِ سطراً / هو البِسْمُ التي فوق السُّطورِ
فطالَ بضَبْطِهِ باعُ ارتفاعٍ / تشمّر قبل باعٍ قَصيرِ
ونادَتْهُ الدُّهورُ خُلِقْتَ معنًى / تَكَرَّرَ بَيْنَ أَلسِنَةِ الدُّهورِ
وأَصبحَتِ القصورُ كما عَهِدْنا / مشيَّدةً على غَيْرِ القُصورِ
وصُيِّرَتِ البلادُ جِنانَ عَدْنٍ / وكانَتْ قبلُ من نارِ السَّعيرِ
تدبَّرَها فدَبَّرَها برأْيٍ / محا ظُلُمَاتِها بِضياءِ نورِ
ومدَّ على الرَّعِيَّةِ ظِلَّ عدلٍ / وقاهُمْ لَفْحَ أَلسِنَةِ الهجيرِ
وجدَّل بالسَّعادَةِ مَنْكِبَيْهِ / فَجَرَّ ذيولَها حِبَرَ الحُبورِ
أَحامِي المُلْكِ بالباعِ المُرامِي / وراعِي المُلْكِ باللَّحْظِ الغَيُورِ
ومَنْ هُوَ ناظرٌ فيه بذهن / له إِدراكُ أَعقابِ الأُمورِ
خدمتُ بخاطرِي عَلْيَاكَ جُهْدِي / ولم أَخْدُمْ به غَيْرَ الخطيرِ
وكنتُ متى نظمتُ نظمتُ منه / لِرَبِّ التَّاجِ أَو ربِّ السَّريرِ
فدُمْ تطوي العِدَا والسَّعْدُ يَشْدُو / عليهم لا نُشورَ إِلى النُّشورِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ
تَهُزُّ بك الْخُطوبُ من الْخِطابِ / وتَنْهَزِمُ الكتائِبُ بالكتابِ
وتخشى نارَ حربِكَ وَهْيَ تَخْبُو / فكيف إِذا ارْتَمَتْ شَرَرُ الحِرابِ
ومذ جَرَّدْتَ عَزْمَكَ وَهْوَ سَيْفٌ / رَقَبْنَا ما يكونُ من الرقابِ
فما وَجَّهْتَهُ حتى حَكَمْنَا / هُنَالك بالغنيمةِ والإِيابِ
وَكَزْتَ حَشَا اللَّعِينِ بمُنْكِصَاتٍ / على الأَعقابِ من جِهَةِ العُقَاب
قطائِعُ تستهلُّ بها المنايا / فتحسَبُ أَنها قِطَعُ السَّحابِ
يصارِعُها العُبابُ فيعتليهِ / بأَهْوَلَ في العُبابِ من العُبابِ
إِذا انْعَطَفَتْ عليه أَو اسْتَقَامَتْ / فقُلْ لَعِبَ الحُبابُ على الحُبابِ
وعُرْبٌ ماجَ منها البَرُّ بحراً / أَليس البحرُ من صِفَةِ العِرابِ
إِذا أُهَبُ القتال تناقَلُوها / أَقَلُّوها أَخَفَّ من الإِهابِ
أَغِرْبَانَ الشّآمِ حَذَارِ شُؤْمًا / لكم مُسْتَوْطَنًا في الاغْتِرابِ
هَفَتْ بكمُ المُنَى فأَطَعْتُمُوهَا / على الأَمْواهِ من عَدَدِ التُّرابِ
فكان لكُمْ من التَّضْعِيفِ فَأْلٌ / على مقدارِ تضعيفِ الحِسابِ
وعند الطَّيْرِ في الرّاياتِ رأْيٌ / فما يخلو عُقابٌ من عِقابِ
دونَ ما بَيْنَنَا من الوُدِّ يَكْفِي
دونَ ما بَيْنَنَا من الوُدِّ يَكْفِي / فاحْتَفِظْ يا أَبَا السُّعودِ المُكَفِّي
أَيُّ شيءٍ رأَيْتَهُ يا قوىَّ ال / عَقْل من رِكَّتِي إِليكَ وضَعْفِي
لستُ مِمَّنْ عَرَفْتَهُ أَنْتَ بالنَّوْ / كِ فتُبْدِي منه الحديثَ وتُخْفِي
إِنَّمَا عادَةُ الكِرامُ وما أَوْ / لاكَ فيهم بأَنْ تُعَدَّ بأَلْفِ
إِنّّهم يُنْكِرون رَدَّ يَدِ الرَّا / غِبِ فيهمْ ولو أَتاهُمْ بعُنْفِ
ويحيُّونه على زَهَرِ الوُدِّ / بخمرٍ من المَحَبَّة صِرْفِ
لا كما قُمْتَ فيه أَيَّدَكَ الَّل / هُ شهيرَ السِّلاحِ أَوَّلَ صَفِّ
وأَجلْتَ البنَانَ بالكَلِمِ الفا / ضِحِ من ذلكَ الخطابِ المُعَفِّي
وتَفَنَّنْتَ بينَ كافِيك في التَّسْ / جِيعِ مِمَّا بَعَثْتَه والتَّعَفِّي
نَظَرا في سؤالِ خِلِّكَ يَخْتَلُّ / ولَيْسَ اخْتِلالَ ناظِرِ طَرْفِ
واعتقاداً فيه وحُشِيَت أَنْ أَنْ / سُبَ منكَ اعتقادَ عَقْلِ السُّخْفِ
فعَلاَمَ استَبَحْتَ ممنوعَ عِرْضِي / وإِلامَ اسْتَجَزْتَ محظورَ قَذْفي
ولماذا أَخَفْتَنِي بالقِلَى وَهْ / وَ لِنَفْسِي أَحبّه دُونَ إِلفى
ورَميْتَ الفؤادَ مِنِّي بنارٍ / أَنتَ لا شَكَّ تصطَلِيِها وتُطْفِي
إِنَّ أشْرَاكَكَ الصِّعابَ لَتَجْرِي / هَيِّناتِ التَّخْلِيصِ ما بَيْنَ كَفِّي
ما سأَلنا إِلاَّ على قدر ذا الدّه / رِ فلا تَشْمَخَنْ عَلَيْنَا بأَنْفِ
كان لي مَوْعِدٌ على حَلِفٍ لا / غَرْوَ أَنْ جاءَ فيه عندي بخُلْفِ
وهْوَ ما قَدْرُهُ من العَيْنِ مثقا / لٌ ومثقالُ ذَرَّةٍ منه يكفي
وبَعَثْتَ الرسولَ فارتَدَّ نحوي / مُسْتَخَفًّا أَفدِيهِ من مُسْتَخَبف
قائلاً لو قَبلْتَ أَخْفَيْتَ هذي النَّ / فْسَ مستقصِيًا فقلتُ سَأُخْفِي
ويَدِي هذِهِ إِليكَ قد امْتَدَّ / تْ بعهدٍ أَلاَّ نَطَقْتَ بحَرْفِ
أَتُرَى إِذْ بَعَئْتَ لي خَطَّكَ العا / لِي وَعَرَّفْتَنِي به غَيْرَ عُرْفي
وطوَيْتُ القِرطاسَ منه على ما / فاحَ حتَّى سَدَدْتُ بالرَّاحِ أَنْفِي
أَنَّنِي لَوْ وَقَفْتُ وقْفَةَ شاكٍ / قد رأَى في الهوى الرجوعَ لِخَلْفِ
وتركتُ العتابَ لم أُجْرِ فيه / قَلَمِي من جميع هذا بحَرْفِ
وتَسلَّيْتُ عن مَوَاعِيدِ فيها / خَلَفٌ لا يزالُ صاحِبَ خُلْفِ
هَلْ في قِطارِ النَّصْرِ نسرٌ واقعٌ
هَلْ في قِطارِ النَّصْرِ نسرٌ واقعٌ / أَو في مَسَالِحَهَ سِماكٌ أَعْزَلُ
أَودعت من قِطعِ السّحائبِ شِبْهَهَا / فالبَرْقُ يُصْلِتُ والرَّوَاعِدُ تَصْهلُ
يَا آلَ عِمْران بدائِعُ فضلِكُمْ / بالفعلِ تستوفي المقال وتُفْضِلُ
فلآل عمران على كلِّ الورى / فضلٌ به نطقَ الكتابُ المُنْزَلُ
ما مَرَّ في التنزيلِ فضلٌ أَوَّلٌ / إِلا ومعناهُ لَكُمْ يُتَأَوَّلُ
أَتُرَاهُمُ عَلِموا الذي لَمْ يَعْلَمُوا / في الدِّينِ أَو عَمِلُوا الذي لم يَعْمَلُوا
أَما الملوكَ فإِنهم خولٌ لكم / حقًا وإِنْ عظُمَ الذي قد خُوِّلُوا
أَبداً سُيُوفُكُمُ تُسلُّ فَتَحْتَوِي / أَملاكَهُمْ ويبيحُها مَنْ يَسْأَلُ
لَكُمُ التقدَّمُ بالتأَخُّرِ بَعْدَهُمْ / كم آخِرٍ تلقاهُ وهو الأَوَّلُ
أَوليسَ سادَ الأَنبياءُ جميعَهُمْ / وأَتى أَخيرَهُمْ النبيُّ المُرْسَلُ
كلُّ الزمانِ بكم ضَحوكٌ مُسْفِرٌ / تَنْدَى معاطِفُهُ أَغَرُّ مُحَجَّلُ
سيَّرْتَمُوهُ لنا نهاراً مُشْرِقًا / أَو هَلْ مَع البَدْرَيْنِ لَيْلٌ أَلْيَلُ
بدرانِ قد وَقَفَ الكمالُ عليهما / والبدرُ ينقصُ بالمِحاقِ ويَكْمُلُ
ومُهَنَّدَانِ جَلاهُما شَرَفاهُما / بِيضٌ مُهَنَّدَةٌ وسُمْرٌ ذُبَّلُ
فمحمدٌ منه المحامِدُ تَعْتَلِي / وأَبو السعودِ به السعادَةُ تُشْمَلُ
وغَضَنْفَرَانِ وإِنَّما عاباهما / بيض مهندة وسمر ذبلُ
فرعانِ ضَمَّهُمَا الحلالُ المُرْتَضَى / في العِزِّ والشرفُ الرفيعُ الأَطْوَلُ
وأَقرَّ مُلْكَهُما بِلالٌ وابْنُهُ / فتكفَّلا الماضِي وما يُسْتَقْبَلُ
خَلَف السَّعيدُ به الشَّهيدَ فأَعْيُنٌ / مُنْهَلَّةٌ في أَوجُهٍ تَتَهَلَّلُ
ملكانِ ذلك راحِلٌ وثناؤهُ / باقٍ وذا باقٍ ثَنَاهُ يَرْحَلُ
كان الزمانُ جَنَى فجاءَ لياسرٍ / ونصولُهُ ممَّا جَنَى تَتَنَصَّلُ
وَأَغرَّ فوقَ جبينِهِ شمْسُ الضُّحَى / تاجٌ بأَفرادِ النجومِ مُكَلَّلُ
متكفلٌ أَعلى المكارِمِ شِيمَةً / ولَرُبَّما يتكلَّفُ المُتَكَفِّلُ
لمُقَبِّلٍ طولَ الزمانِ بساطَهُ / والورد لَيْسَ مَدَى الزَّمانِ يُقَبَّلُ
يَهْفُو ارتياحاً وهو طودٌ ثابتٌ / ويسيلُ جوداً وهو نارٌ تُشْعَلُ
ويزيدُ في ظُلَمِ الخطوبِ ضِياؤُهُ / في الجَمْرِ أَجْدَرُ أَن يفُوحَ المَنْدَلُ
ويشِفُّ عن صَلَفِ الخُشُونَةِ لِينُهُ / والماءُ يُشْرِقُ وَهْوَ عَذْبٌ سَلْسَلُ
وتَرُوعُ حينَ يروقُ بَهْجَةُ وَجْهِهِ / ولقَدْ يروعُ كما يروقُ المُنْصلُ
ويزينُ أَلحاظَ العيونِ رُواؤُهُ / فكأَنما هي من سناهُ تُكْحَلُ
ويصيبُ والرامي تطيشُ سِهامُه / فلكلِّ سهمٍ من عدُوٍّ مَقْتَلُ
ويكادُ ينتقلُ البلادُ وأَهْلُهَا / شوقاً إِليه فكيفَ لا يَتَنَقَّلُ
بحُسامِهِ المشحوذِ يُفْتَحُ كُلُّها / وبَحدِّهِ المفتوحِ منها يُقْفَلُ
زَرَعَتْ به آلُ الزُّرَيْعِ حَدِيقةً / رقَّ النباتُ بها ورقَّ المَنْهَلُ
واسْتَثْبَتَتْهُ لمُلْكِها فكأَنَّه / ثَهْلانُ ذو الهَضباتِ لا يَتَحَلْحَلُ
ووفَا لها منه هِزَبْرٌ خَلْفَه / طُلْسُ الذِّئابِ مع الذَّوابِلِ تَعْسِلُ
كالأَجْدَلِ الغِطْرِيفِ يَحْمِلُ سَرْجَهُ / سامِي التَّليلِ كما اشْرَأَبَّ الأَجْدَلُ
يبدو فإِمَّا إِصْبَعٌ يُومِي بها / لِجَلاَلِهِ أَو ناظِرٌ يَتَأَمَّلُ
أَهلاً بعيدِ النَّحْرِ بلْ أَهلاً بمَنْ / منه بعيدِ النَّحْرِ عيدٌ أَوَّلُ
بُزْلٌ كأَمثالِ الدِّنانِ تجانَسَتْ / مَعَهَا على طَرَبٍ ذباب نُزَّلُ
ومواقِفٌ ضُرِبَتْ على خَطِّ الوَغَى / فجريحُ لَبَّاتٍ بها ومُجَدَّلُ
وتطوُّلٌ طالَ القرائِح فاسْتوَى / في العَجْزِ عنه مُقَصِّرٌ ومُطَوِّلُ
ومِنَ المكارِمِ أَنْ يكونَ مُقَصِّراً / فيهِنَّ باعُ القول عمَّا يَفْعَلُ
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي
ألْحِقْ بَنَفْسِجَ فَجْرِي وَرْدَتَيْ شَفَقِي / كافُورَةُ الصُّبْحِ فَتَّتْ مِسْكَةَ الغَسَقِ
قد عطَّلَ الأُفْقُ من أَسْمَاطِ أَنْجُمِهِ / فاعْقِدْ بخَمْرِكَ فينا حِلْيَةَ الأُفُقِ
قُمْ هاتِ جامَكَ شمساً عند مُصْطَبَحٍ / وخَلِّ كأْسَكَ نَجْماً عندَ مُغْتَبِقِ
واقسِمْ لكُلِّ زمانٍ ما يليقُ به / فإِنَّ للزَّنْدِ حَلْياً ليس لِلْعُنُقِ
هبَّ النسيمُ وهبَّ الرّيم فاشتركا / في نَكْهِةٍ من نسيمِ الرَّوْضَةِ العَبِقِ
واسْتَرْقَصَتْنِيَ كاسْتِرْقَاصِ حامِلِها / مُخْضَرَّةُ الوُرْقِ أَو مُخْضَرَّةِ الوَرَقِ
وبتُّ بالكأْسِ أَغنَى الناسِ كُلِّهِمُ / فالخمرُ من عسجدٍ والكأْسُ من وَرِقِ
كم ورَّدَتْ وجناتُ الصِّرْفِ في قدحٍ / فتحت بالمزج ما يعلوه من حذقِ
يَسْعَى بها رَشَأٌ عيناه مُذْ رَمَقَتْ / لم يُبْقِ فِيَّ ولا فيها سوى الرَّمَقِ
حَبَابُها وأَحادِيثي ومَبْسِمُهُ / ثلاثَةٌ كلُّها من لؤلؤٍ نَسَقِ
حتى إِذا أَخَذَتْ منا بسَوْرَتِها / ما أَخَذَ النَّوْمُ من أَجفانِ ذي أَرَقِ
ركبتُ فيه بحاراً من عجائِبها / أَنِّي سَلِمْتُ وما أَدرِي من الغَرَقِ
ولم أَزَلْ في ارْتِشافِي منه رِيقَ فم / أَطفأْتُ في بردِهِ مشبوبةَ الحُرَقِ
يا ساكنَ القلبِ عما قد رَمَيْتَ بِهِ / من ساكنِ القلبِ مُغْمًى فيه من قَلَقِ
لا تَعْجَبَنَّ لكل الجسمِ كيف مَضَى / وإِنَّما اعْجَبْ لبعضِ الجِسْمِ كيفَ بَقِي
لم أَستَرِقْ بمنامي وصلَ طيفِهِمُ / فما لهُ صارَ مقطوعًا على السَّرَقِ
ولا اجْتَلَى الطَّرْفُ برقًا من مباسِمٍهٍمْ / فما له مثلَ صوبِ العارِضِ الغَدِقِ
في الهندِ قد قيل أَسيافُ الحديدِ ولو / لا هندُ ما قيلَ أَسيافٌ من الحدقِ
نسيتُ ما تحت تفتيرِ الجفونِ أَمَا / خُلُوقَهُ الجَفْنِ أَثْرُ الصَّارِمِ الذَّلِق
وبِتُّ بالجِزْعِ في آثارهم جَزَعاً / إِن جرّد البَرْقُ إِيماضاً على البُرَقِ
في نار وجدِيَ مغْنًى من تَلَهُّبِهِ / وفي فؤادِيَ ما فيه من الوَلَقِ
خوفٌ أَبو القاسِمِ الأَرزاقَ قَسَّمَهُ / عني فقد صحَّ إِفْراقِي منَ الفَرَقِ
القائدُ الضِّدَّيْن في شِيَم / كالماءِ يجمع بينَ الرِّيِّ والشَّرَقِ
تهلَّلَ الوجهُ منه مثلَ شمسِ ضُحًى / وانهَلَّتِ اليدُ مثل العارضِ الغَدقِ
وجدَّد النِّعَمَ اللاتي نَثَرْتُ لها / أَزاهِرَ الرَّوْضِ باسْمِ المَلْبَسِ الخَلَقِ
وحازَ وَصْفِي رقيقٌ رائِقٌ فَلَهُ / تَشَابَهَ الحُسْنُ بيْنَ الخَلْقِ والخُلُقِ
وثقَّل المَنَّ حتى رُمْتُ أَحمِلُهُ / على عواتِقِ أَمْداحِي فَلَمْ أُطِق
فلَسْتُ أَعرِفُ عَمَّا ذا أَقولُ له / خَفِّفْ عُنق الأَشعارِ أَم عُنُقي
مُضَمَّرُ العَزْمِ لو جاراهُ في طَلَقٍ / من بَطْشَةِ البَرْقِ لم يُوجَدْ بمُنْطَلِقِ
رياسَةٌ تَطَأُ الأَعناقَ صاعِدَةً / فلا كَبَتْ وَهْيَ بَيْنَ النَّصِّ والعَنَقِ
خُصَّتْ بنِي الحَجَرِ الياقوتِ واعْتَزَلَتْ / قوماً همُ الحَجَرُ المَرْمِيُّ في الطُّرُقِ
تخالَفَ الناسُ إِلا في فضائِلِهِمْ / فليسَ تُبْصِرُ فيها غيرَ مُتَّفِقِ
مراتبٌ لأَبي بكرٍ بلها سَبَقٌ / كما أَبو بكرٍ المخصوصُ بالسَّبَقِ
مُهِمَّةُ عُمَرٌ فيها رأَى عُمَرًا / فضمَّها عنده الفاروقُ في فَرَق
وبَسْطَةٌ يرتقي عثمانُ هَضْبَتَها / رُقِيَّ عثمانَ إِلا ساعة الزَّلَقِ
فضلٌ أَبو القاسِمِ المشهورُ قَسَّمَهُ / فيهم فهُمْ في بهيمِ الدّهرِ كالبَلقِ
ولم تَزَلْ لعليٍّ فيه أَوْ حَسَنٍ / فَألٌ عُلُوٌّ وحُسْنٌ غير مُعْتَلَقِ
وطاهِرٌ طاهِرٌ الأَعراضِ من دَنَسٍ / يدنو وخيرونُ ضَيْرُ الرَّاهِنِ الغَلَقِ
وللفتوحِ من الخيراتِ أَجْمَعُها / أَبو الفتوحِ الذي صُفِّي من الرَّنَقِ
تباركَ اللُّه بارِي المجدِ من حَمَإِ / وخالِقُ الكَرم الفيَّاضِ من عَلَقِ
فشِدْ وسُدْ واستزدْ واسعَدْ وجُدْ وأَجِدْ / وسُق وأَرْق وفُقْ واسْمُق وشِقْ ورُقِ
وإِنْ يَكُنْ فِيَّ جسمٌ عن ذَراكَ مَضَى / فإِنَّ عندكَ قلبًا في ذراك يَقِي
ضَرَبُوا الخيامَ على النَّدَى والخِيمِ
ضَرَبُوا الخيامَ على النَّدَى والخِيمِ / ورَغِبْتُ عن مَرْعًى بِهِنَّ وَخيمِ
ما كنتُ أَوَّلَ زاهدٍ في رَوْضَةٍ / تُجْنَى أَراقِمُ وَشْيِها المَرْقُوم
كم من سقيمِ الجسمِ يِتُّ لأَجلِهِ / وأَنا الصَّحيحُ بداءِ كلِّ سقيمِ
فارجِعْ عنِ الوادي فإِنَّ مياهَهُ / مما يُشَبُّ بها غليلُ الهيمِ
مدّ الحُمَاةَ من الأَسِنَّةِ فوقَه / ظِلاًّ وذاكَ الظِّلَّ من يَحْمُومِ
وبشِعْبِ رامَةَ مَعْرَكٌ يغدُو بِهِ / قَلْبُ الهِزَبْرِ أَسيرِ لَحْظِ الرِّيمِ
حيثُ التَفَتَّ إِلى مطالِعِ شَمْسِهِ / أَلفَيْتَها محجوبَةً بِغُيُوم
مَغْنًى يُدِيرُ به النسيمُ رَحِيقَهُ / ممزوجَةَ الرَّشَفَاتِ من تَسْنِيمِ
وكأَنَّ مُبْتًسَمَ السحابِ متيَّمٌ / يبكي عليه بدمعِهِ المسجومِ
لِمَنِ المنازلُ كالمَنازِلِ رِفْعَةً / وضياءَ آفاقٍ وبُعْدَ نُجُومِ
ما رَدَّدَ المشتاقُ فيها نظرةً / إِلا انْثَنَتْ عن نَضْرَةٍ ونعيمِ
أَتُرَى الذي في وَجْهِهِ لِيَ جَنَّةٌ / يَدْري بأَنِّي أَصطلي بجحيمِ
أُبْدِي التَّجَلُّدَ في الكلامِ وأَنطوِي / دونَ العذولِ على حَشًى مكلومِ
مالِي إِذا اسْتَظْلَلْتُ وارِفَ هَمِّه / سَقَطَتْ عَلَيَّ فروعُها بِهُمومِ
أَنا بالبراقِعِ والبَلاقِعِ هائِمٌ / لا أَكْحَلُ الجَفْنيْنِ بالتَّهْوِيمِ
كم مَهْمَهٍ خَفَضَتْ رُءُوسَ إِكامِهِ / نَغَمَ الحُداةِ برَفْعِ أَيدِي الكُومِ
نادَى لسانُ الدهرِ باسْمِي ناقصاً / فَحَمَلْتُه مِنْهُ على التَّرْخِيمِ
ودُعِيتُ بالمرزوقِ ثمّ اسْتَرْجَعَتْ / أَيَّامُهُ فَدُعِيتُ بالمَحْروم
لولا الجدودُ لما ارْتَمَتْ بمُسَافِرٍ / كَفُّ الغِنَى وتعلَّقَتْ بمُقِيمِ
والحظُّ حتَّى في الحروفِ مُؤَثِّرٌ / تختصُّ بالتدقيقِ والتفخيمِ
ويقبِّلُ الضَّحَّاكُ ما سَفَرَتْ لهم / تحتَ العَجَاجَةِ عن أَغَرَّ شَتِيمِ
وتَحَمَّلُوا لِلْفُرْسِ في صَنْعَائِها / أُمَّ التي جاءَتْ على أَحْمِيمِ
وانظِمْ بسِلْكِ القَوْلِ دُرَّ فِعالِهِمْ / في لَبَّةِ المنثورِ والمنظومِ
رُدُّوا لها أَيامَها الأَوائِلا
رُدُّوا لها أَيامَها الأَوائِلا / وإِن تَقَضَّتْ بالحِمى قلائلا
وبَدِّلُوها من سُرَاهَا راحَةً / ومن حَرُوْرِ وَهْجِها طَلاَئلا
وجنِّبُوها هَضَبَاتِ عالِجٍ / واستقبِلوا سِقْطَ اللِّوَى قبائلا
واستنشِقُوا الريحَ البليلَ عَلَّها / تُخْمِدُ من نارِ الجَوَى بلابلا
فَفَوْقَهَا كُلُّ قتيلِ صَبْوَةٍ / يَهْوِي وهَلْ يَهْوَى القتيلُ القاتلا
يَسْتَخْبِرُ الرِّيحَ رسولاً عنهُمُ / ورُبَّما حَمَّلَها رسائلا
وما الصَّبا رِيحىَ لَوْلاَ أَنَّها / تَجُرُّ في رُبُوعِها الغائلا
هاتِ الشَّمولَ إِنني أَرى بها / من ظَبَيَاتِ عاقِلٍ شَمَائِلا
فَثَمَّ رِيمٌ كلما رِيمٌ أَبَى / إِلا صُدودًا في الهوى مُواصِلا
تحسَبُهُ من مَعْطِفَيْهِ رامِحاً / ومن فُتورِ مُقْلَتَيْهِ نابلا
وطالما قبَّلْتُ منه قمرًا / بدرًا وعانَقُتُ قضيبًا مائلا
أَيامَ كانَتْ لِمَّتِي مُسْوَدَّةً / أَنصِبُ للبيضِ بها حبائلا
لا أَخْتَشِي صَدَّ حبيبٍ واصِلٍ / يومًا ولا أَبْكِي خليطاً راحلا
أَقطِفُ أَثمارَ التَّصابِي غضَّةً / وأَحْتَسِي ماءَ الهوى سلاسلا
فاليومَ أَستَسْقِي غماماً مُقْلِعًا / منهمْ وأَسْتَطْلِعُ بَدْرًا آفِلا
كَأَنَّني ما سُمْتُ إِلا غائباً / قَطُّ ولا استنصرتُ إِلا خاذلا
سقي الغمامُ طللاً بعاقلٍ / راحَ لقلبي بعدَهُنَّ عاقلا
أَو راحَةُ الحافِظِ تَهْمِي إِنها / عَلَّمَتِ الجُودَ الغمامَ الهاطلا
جَلَّى به اللُّه الزمانَ فاغتدَى / يُزْهَى بما نالَ وكان عاطِلا
لو صُوِّرَ الدَّهْرُ لأَضْحَى تاجَهُ / وأَصبَحَتْ كِرامُهُ خلاخلا
يا طالِب العِلْمِ اغْتَرِفْ من زاخرٍ / لا يُدْرِكُ الأَوهامُ منه ما حلا
ويا أَسيرَ الفَقْرِ قِفْ ببابِه / مستنصرًا راحَتَه أَو سائلا
قد أُنشِرَ الفضلُ وكانَ مَيِّتاً / وأُظهرَ المَجْدُ وكانَ خاملا
أَصبح بَيْتُ المال منه مُقْفِراً / وظَلَّ بَيْتُ الشكرِ منه آهلا
فارسُ عِلْمٍ جَرَّدَتْ فِطْنَتُه / على مُجَارِيهِ به مَنَاصِلا
أَلْوى طويلُ السّاعِدَيْن أَروَعٌ / قامَ بأَعباءِ المعالي حاملا
انْظُرْ إِلى البدرِ تَجِدْ من حُسْنِهِ / فيه إِذا أَبْصَرّتَهُ مَخَايِلا
واستَنْشِق الروض تجِدْ من نَشْرِهِ / وبِشْرِهِ الممدوحِ مَعْنًى حاصِلا
فَرَتْ إِليه العِيسُ أَثواب الدُّجَى / رافِلَةً بين الرُّبَى ورافِلا
لا تشتكِي السَّيْرَ على أَنَّ السُّرَى / أَبادَ مَتْنَ ظهرِها والكاهِلا
يا حافِظًا للمستجيرِ حافِظاً / وعالِماً بما لَدَيْهِ عاملا
أَلبست عيدَ الفطرِ منك بهجةً / بعها غدا عيداً لدينا كاملا
واسلَمْ متى غنَّى الحمامُ سَحَراً / وهزَّتِ الرياحُ غُصْنًا ذابلا
عادَ له الدَّهْرُ كما قد بدا
عادَ له الدَّهْرُ كما قد بدا / فراحَ في صَبْوَتِهِ واغْتَدَى
وفائِض العَبْرَةِ ذي حَنَّة / يَسْرِي ولا يقدِرُ أَن يَبْعُدا
قُلِّدَ كالعِقْدِ بأَولادِهِ / فَقَلَّدَ الدَّوْحَ بما قُلِّدا
وراح يستَرْفِدُ من غَيْرِهِ / وإِنَّما اسْتُرْفِدَ كي يَرْفُدا
تنبعِثُ الأَمواهُ منه إِلى / خَوَرْنِقٍ أَبيضَ قد جُعِّدا
كأَنما الموجُ على متنِهِ / صرحُ سليمانَ الذي مرَّدا
ومجلسٍ شَقَّ تفارِيجَهُ / نَهْرٌ كما شَقَّ الطَّروبُ الرِّدا
يلعب كالأَيْمِ فإِن درَّجَتْ / منه الصَّبا أَبْصرْتَهُ مِبْرَدَا
تنحَدِرُ الكاساتُ في مَتْنِهِ / فتَذْكُرُ العيُّوقَ والفَرْقَدا
كَلَّل شَطَّيْهِ أُولُو هِمَّةٍ / مدَّتْ لهم في الطَّيِّباتِ المَدَى
قد جَعَلُوا اللَّهْوَ مطاياهُم / وقد كَبَتْ عنهُمْ صُروفُ الرَّدَى
ونافخٍ في صُورِ ناياتِهِ / يُحْيِي المَسَرَّاتِ كما عوَّدا
تلا المزاميرَ بمِزْمارِهِ / لَحْنًا فَخَرَّيْنَا له سُجَّدا
وروْضِ يُسْتانٍ بجنَّاتِهِ / تَعْبَقُ في راحَةِ قَطْرِ النَّدى
ذابَ له الغَيْمُ لُجَيْناً وقَدْ / جَمَّدَ في أَغصانِهِ عَسْجَدا
تَضْحَكُ في أَحشائِهِ لُجَّةٌ / أَرَقُّ من دمْعةِ مَنْ أُكْمِدا
فِسْقيَّةٌ يرشُقُ حافاتِها / بأَسهُمٍ ليستْ تُبيدُ العِدا
هذِي هِيَ الجَنَّةُ قد عُجِّلَتْ / لو كانَ فيها أَحدٌ خُلِّدا
وسهْمِ فَوَّارَة انْبَعَثَتْ
وسهْمِ فَوَّارَة انْبَعَثَتْ / غادَرَتِ الجَوَّ يَحْتَذِي أَرْضَهْ
كأَنها خَيْمَةٌ مُكَلَّلًةٌ / عَمُودُها من سبائِكِ الفِضَّهْ