المجموع : 130
يسأئلني ما حاجتي في دياره
يسأئلني ما حاجتي في دياره / غزالٌ بأوطار الفؤاد عليمُ
ستشهدُ لي عيناه أنهما الهوى / ومبسمُه أنىّ عليه أحومُ
أتُظهِرُ في عرفانِ ما بي جهالةً / وما أَحدٌ في الناس منك سليمُ
وكيف يداوِى داءَ قلبىَ باخلٌ / على طَرِفهِ بالبُرء وهو سقيمُ
أرقِّع فيك الودَّ وهو ممزَّقٌ / وأرعَى ذمامَ العهدِ وهو ذميمُ
وفي دون ما لاقيتُ للمرء زاجرٌ / ولكنَّ عِرْقى في الوفاء قديمُ
يقولون راجعْ صاحبَ الرأى واطَّرحْ
يقولون راجعْ صاحبَ الرأى واطَّرحْ / هواكَ فما تُغنى الدموعُ السواجم
ولو أنه بالعقل يَعشَق عاشقٌ / لما ازدوجتْ أطيارُها والبهاتمُ
أليست على أُلاّقها بجهالةٍ / يحاربُ شِبْهٌ شِبهَهُ ويخاصِمُ
بالجِزْعِ ذى السَّمُراتِ لى قمرٌ
بالجِزْعِ ذى السَّمُراتِ لى قمرٌ / غلبَتْ عليه سحائب الأزُرِ
أرسلتُ أنفاسي فما انقشعتْ / عنه وجاد الطَّرفُ بالمطرِ
يا طيبَ يومٍ حَجبتْ شمسَهُ
يا طيبَ يومٍ حَجبتْ شمسَهُ / سحائبٌ تُمطِرُ كافورا
لما توارت تحت أستارِها / مجَّت لنا من ريقها نورا
إذا كان هذا الجهلُ قد شاعَ في الورى
إذا كان هذا الجهلُ قد شاعَ في الورى / فذو العلم فيما بينهم هو جاهلُ
فإن قال مالم يعرفوا قدرَ لفظهِ / ولا قيمةَ المعنَى فما هو قائلُ
وإن هو بالصمت استجارَ لسانُه / ففي الصمتِ ذو نقصٍ سواءٌ وفاضلُ
فليس له غيرَ التجاهل ملجأٌ / وأصعبُ شيء عالمٌ متجاهلُ
وكنَّا سمعنا في الزمان بباقلٍ / وهذا زمانٌ كلُّ أهليهِ باقلُ
هززناكُمُ بالمدحِ نَجنِى ثمارَكم
هززناكُمُ بالمدحِ نَجنِى ثمارَكم / ونحِلُبُ من اخلافِ وُجدِكُمُ وَفْرا
فلم نحظَ من رِبح الثناءِ بطائلٍ / فرُدُّوا كرأس المال أو بعِضه شِعرا
فإن أنتمُ لم تنصفونا فإننا / سنقتصُّ من أعراضكم ذلك الوِترا
إذا المنع والإعطاءُ كان خيارُه / إليكم تخيرَّنا المذمَّةَ والشكرا
فلا تحسبوا أنَّا إذا نلتم الغنَى / ولم تُشركونا نُوسعكم عذرا
بِتنا على الزَّوراء نهدِمُ ما
بِتنا على الزَّوراء نهدِمُ ما / بَنَتِ القلوبُ من الأمانى الزُّور
لما لقينا من تُجاهِك عصبةً / نضحَتْ بشكواها ذَفَارَى العِيرِ
إنّ امرأً سلكتْ إليك ركابُهُ / فجًّا لقد دلَّى بحبلِ غرورِ
غرَّاء تحسبها غُموداً كلّما
غرَّاء تحسبها غُموداً كلّما / شهَرَتْ بوارقُها بها أسيافا
كُسِىَ الثَّرَى لمّا همَتْ فظننتُها / بالحَزْنِ عِيرا أُوقرت أفوافا
وتناثرت دُرَرا عليه دموعُها / لما جَمَدن فخلتُها أصدافا
قالوا ذر الشعرَ وكن عائدا
قالوا ذر الشعرَ وكن عائدا / بالله يصرفْ عنك شيطانَهُ
في الناس جَهلٌ وبهم شِرَّة / لأجل ذَيْنَ صغَّروا شاَنهُ
لم يفقهوا اللفظ ولم يفهموا ال / معنَى ولا يَدرون ميزانَهُ
فكلُّهم يُنكر رُجحانَه / وكلُّهم يجهلُ نقصانَهُ
قلتُ أمن أجل عمىً فيهمُ / لا يُظهر المعدِنُ عِقيانَهُ
هبُوا لسانى راعيا ناعقا / دعا بما تجهلُه ضانَهُ
قد يُطربُ القُمرىُّ أسماعَنا / ونحن لا نفهم ألحانَهُ
أحاط بىَ العُذَّال حتى صرفتُهم
أحاط بىَ العُذَّال حتى صرفتُهم / بأنّ الهوى طبعٌ ولا يُنقَلُ الطبعُ
رأَوا كلَّ ما أبصرتُه أنا عاشقٌ / وما تسمع الأذنانِ ليس له نفعُ
فقالوا وقلبي ليس يقبلَ نصحَهم / أخونا له عينٌ وليس له سمعُ
تخاوصت الحسناءُ عن شَيب لِمَّتى
تخاوصت الحسناءُ عن شَيب لِمَّتى / ولم تلتفت إلى سنىَّ القلائلِ
وليس بياضا ما رأت من شُعاعِه / ولكنّه نُور النُّهى والفضائلِ
كان الوداد منغِّصا لوُشاتنا
كان الوداد منغِّصا لوُشاتنا / ولو ارتموا ما بيننا بفواقرِ
تُحظى ظواهرُنا فنُغِمضُ عيننا / عنها ونطمحُ في صوابِ ضمائرِ
متحلِّلِى عُقَد الضغائنِ كلَّما / نصبَ الحسودِّ لنا حِبالة ماكرِ
أيامَ لا عِرسٌ غلإخاء بطالقٍ / منّا ولا أُمّ الصفاءِ بعاقرِ
فالآن أقلقنا الحسودُ كما اشتهى / فينا ونفّرنا صفيرُ الصافرِ
وكأنّما كانت وساوسَ حالم / تلك المودّةُ أو فكاهةَ سامرِ
ومتى ثكَلت مودْةً من صاحبٍ / فلقد عِدمت بها سوادَ الناظرِ
ولذاك نُحْتُ على إخائك مثلما / ناحَ الحمامُ على الربيع الباكرِ
هيهات لستَ بواجدٍ من بعدها / مِثلى ببذلِ بضائعٍ ومَتاجرِ
لا تَنبِذ الخُلاّنَ حولك حَجْرةً / فالعينُ لا تبقى بغَير مَحاجرِ
ما كنتُ أحسبُ أنّ صِبغةَ ودِّنا / مما تحولُ على الزمان الغابر
ولو أننى حاذرتُ ذاك فد يتُها / منه بلونِ ذوائبي وغَدائرى
لكنَّ كلَّ غريبةٍ وعجيبةٍ / من فعلِ هذا المَنْجَنونِ الدائرِ
فلئن أقمتَ على التصرمُ لم تجدْ / رَيْبا سِوى عَتِب الحبيب الهاجرِ
وإن استقلتَ أقلتُها وجزاؤها / منّى مَثوبةُ تائبٍ من غافرِ
حتى ترى سُحُب الوصال معيدةً / ذاك الهشيمَ جميمَ روضٍ ناضرِ
إن الغصونَ يعودُ حُسنُ قَوامِها / من بعد ما مالت بهزِّ صراصرِ
أنا من علمتَ إذا المناطقُ لجلجتْ / ألفاظها أو غامَ أُفْقُ الخاطرِ
ما بين ثغرِى واللَّهازِم بَضعةٌ / هزِئتْ بشِفشقةِ الفنيِق الهادرِ
متحكَّمٌ في القول يلقُط دُرَّه / غَوصِى ولو من قعر بحر زاخرِ
وإذا نثرتُ سمَت بلاغةُ خاطبٍ / وإذا نظمتُ علتْ فصاحةُ شاعرِ
لي في المطايا الفضلِ كلُّ شِمِلةٍ / أبدا أرحِّلها لزادِ مسافرِ
كم موردٍ عرضَ الزُّلالَ لمشربي / روَّعتُه وفجعتُه بمصادرى
إن رثَّ غِمدى لم ترِثَّ مَضاربي / أو فُلَّ لم تُفَلَّ بصائري
تأتي جيادي في الرَّهان سوابقا / وجيادُ غيري في الرعيلِ العاشرِ
ومجالسُ العلماء حشوُ صدورها / أنا والذُّنابَى للجهول الحائرِ
إن قال أقوامٌ علىَّ مَناقصا / لم يضرُر الحسناءَ عيبُ ضرائرِ
لو لم تكن في وسط قلبي حَبَّةً / لسلوتُ عنك سُلوَّ بعِض ذخائرى
ولقلتُ ما هذا بأوّلِ ناقضٍ / عهدا ولا هذا بأوّلِ غادرِ
لكن حللتَ من الفؤاد بمنزلٍ / أصبحتَ فيه ربيبَ بيتٍ عامرِ
شِيَمِى على جَوْر الزمان وعدلِه / أنى أقولُ لَعاً لرِجلِ العاثرِ
هل في جُنوبِ اللِّوى وجدٌ فأطرَبهُ
هل في جُنوبِ اللِّوى وجدٌ فأطرَبهُ / بأنَّةٍ أرسلَتْها حَنَّةُ العِيرِ
أم روضةُ الحَزِن من دمعى على ثقةٍ / فلا تحيِّى حياَ الغُرّ المباكيرِ
ومن يكن غرّه في الحبّ غادرُه / فقد هَوِيتُ ولُبِّى غيرُ مغرورِ
وما ركبتُ الهوى إلا وقد علمتْ / نفسى بما فيه من هول وتغريرِ
أغشَى الخيامَ بذلٍّ ليس يطرُدُه / لَفتُ الخدودِ وإعراضُ الأرسايرِ
دون الأمانىِّ فيهم كلُّ لاذعةٍ / والشَّهدُ من دونه لسعُ الزنابيرِ
ما للزمان تُحلِّى لى خدائعُهُ / أكلَ المُرارِ بأنواعِ الأزاهيرِ
لا يَتبع العينَ قلبي وهي تابعةٌ / وكيف طاعةُ ذى أمرٍ لمأمورِ
وصاحب لا يدُ التجريب تنقُدُه / ولا سبائكُهُ تصفو على الكِيرِ
يسىءُ حتَّى إذا فاحت إساءتُه / رمَى وراء الخطايا بالمعاذيرِ
تركتهُ بعبَاءِ الغِلّ مشتملا / يُكنُّ للغيظ جُرعا غيرَ مسبورِ
حاشَ الذي شفَّ لي عن كلّ خالصةٍ / كأنَّ كَشحيْه صِيغا من قواريرِ
لا يجتبى ببيوت النافقاءِ ولا / يروح مشتملا ثوبا من الزورِ
أيا بنَ ودِّى انتسابا مالَهُ رحِمٌ / إلا الذي فيك من فضلٍ ومن خِيرِ
إليك أشكو مشيبا لاح بارقُهُ / في فرع دهماءَ تجرى بالأساطيرِ
كانت مَفارِقها مسكا مضمَّخةً / فما لها بُدّلت منه بكافورِ
ومقلةً عُهِدتْ كحلاءَ مرَّهها / طولُ البكاءِ على بِيض الطواميرِ
كانت دجىً حسَد الإصباحُ لِمتّه / فجزَّها بحسامٍ منه مشهورِ
يا حبَّذا هي والأقلامُ واردةٌ / فيها وصادرةٌ سُحْمَ المناقيرِ
كأنّما كرَعَت في ناظرَىْ رشأ / أو في سُويداءِ قلبٍ غير مسرورِ
تَحوى القراطيسُ منها روضةً أُنُفا / فيها مُفاخَرة الظلماءِ للنُّورِ
فكيف لي بخضابٍ تسترِدُّ به / من الشبيبة لونا غير مهجورِ
ذؤابة النار شطرٌ فيه معتمدٌ / وفيه للنَّحل شطرٌ غير مبرورِ
قد أحكمته يدُ الطاهى فناشَله / كجاذب القوس عن نزعٍ وتوتيرِ
فجاءنا بغُدافٍ لا تسابقه / شُهبُ البزُاةِ إلى فخرٍ وتنفيرِ
لو أنّ صِبغتَه فاز الشبابُ بها / لما رمىَ الدهرُ فَودَيْهِ بتغيرِ
وحاجة النِّقس إن قلَت وإن كثرت / إذا سمحتَ بها مثلُ الدنانيرِ
ما زال يكِشف عنّى كلَّ طارقةٍ
ما زال يكِشف عنّى كلَّ طارقةٍ / ما خوَّل الله من صُمِّ الأنابيبِ
إن أمطرتْها بنانٌ جاش غاربُها / على المهَارقِ منهلَّ الشأبيبِ
حتى بلغن إلى الغاياب حاسرةً / هُتْمَ السنابكِ من بدءٍ وتعقيبِ
واحتضَرتْها المُدَى نحتاً وقد فُلِقتْ / هاماتُها بين تصعيدٍ وتصويبِ
فعادَ من طول ما يسِرى عَشَنَّقُها / مدغَّما بين أطرافِ الرواجيبِ
وعندك الدوحةُ العلياء تُنبِتها / مَنابت النبع في شُمّ الشَّنا خيبِ
فقُدْ غلىَّ جيادا من ضوامرِها / صمَّ السنابكِ سَبْطاتِ الظَّنابيبِ
تختال في حَبِرَات الوشى تائهةً / على متون العوالى والقواضيبِ
لو أن بعض غصون الأيك أشبهها / ألهى الحمائمَ عن شدوٍ وتطريبِ
ولو يبايعني الخَطِّىُّ أنْفَسه / لم أعطِه شطرَ أُنبوبٍ بأنبوبِ
وحَملُ كفّى على الأقلام تُرسلها / يطلب حملى على الجُردِ السِّراحيبِ
لا يملِك الفارسُ المغوارُ شِدتهُ / ولا بسالَته إلا بمركوبِ
تظنُّ فراقا أن تثارَ حُمولُ
تظنُّ فراقا أن تثارَ حُمولُ / وهل مثلُ إعراض الوجوهِ دليلُ
وإن الصدودَ والتجنِّى وإن دنت / ديارهُمُ وخدٌ لهم وذميلُ
وكان شفاءً لي لو أن طُلولَهم / خُلقنَ ركابا والركابَ طلولُ
كأنَّ الحمامَ الوُرقَ حاد غصونه / ليُدركَهم والبانُ كيف يزولُ
ألا إنهم كالخمر أحسنُ صنعِها / إلى شاربيها أن تزولَ عقولُ
تروّون يا آل المُهيّأ سَرحكم / وبابن أبيكم في الفؤادِ غليلُ
ومالي إلى ماء السحائب حاجةٌ / ولكنْ يبينُ جائدٌ وبخيلُ
أيوعدني الأقوام أن ودَّت المُنَى / بأنّا لبعض الفاركاتِ بُعولُ
يقولون كرُّ الطَّرف في السِّرب غارةٌ / عليه وأطماع النفوس ذُحولُ
فلا تنذروا سفكَ الدماء لنرعوى / فكلُّ صريعٍ باغرام قتيلُ
أبى القلبُ إلا حبَّها عامريَةً / بها السيف واشٍ والسنان عذولُ
أخافَ الغيورُ السُّبلَ بينى وبينها / فما إن لنا إلا الخيال رسولُ
فياليت أن النجمَ ضلَّ طريقَه / وعُمْر الدُّجَى في الخافقيْن طويلُ
كما طالَ ليلُ الحِبر عندى ومالَه / إلى الضوء من صبح البياض سبيلُ
وظلَّت أنابيبُ اليراع طريحةً / كما يتلوَّى في الفراش عليلُ
تشَهىَّ على كفّى ولو سلخَ أرقمٍ / تبَختَرُ في أعطافه وتجولُ
فمن لي بخزَّانٍ لديه صنيعةٌ / يجودُ بما جادت به فينيلُ
وما أنا باغٍ غيرَ تِسعينَ رَيْطة / تَكافأَ عَرضٌ عندهنَّ وطولُ
نواعمَ قد أفِرغن في قالَب المُنَى / فكلٌّ لكلٍّ في القَوام عديلُ
صحائف لو شئنا لقلنا صفائحٌ / فما منهما إلا أغرُّ صقيلُ
إذا صافَحتْهنَّ النواظرُ عاقها / شُعاعٌ يردُّ الطَّرفَ وهو كليلُ
وإن زَغزغَتهنَّ البنانُ تضاحكتْ / قَهاقِهُ في ترجيعهنَّ صَليلُ
على مثلها يُلقىِ الغَيورُ رداءَه / ويُغلىِ علينا مهرَها فيُطيلُ
ولكن إلى رُّخو المفاضل في الندى / خطبنا فقد جُرَّت لهنَّ ذيولُ
وأفورُ قِدح قِدحُ خِلٍّ رِشاؤه / بحاجاتِنا في الأبعدين كفيلُ
إن لم أكنْ من راضعى الخمرِ
إن لم أكنْ من راضعى الخمرِ / ولك أداو السكرَ بالسكرِ
ولا إذا ما ركَدتْ خيلُهَا / أجريُتَها في حلبةِ الصدرِ
فإننى أهوَى النَّدامَى وما / يأتون من خيرٍ ومن شرِّ
وأعشق الكأَس وسلطانُها / يأخذهم بالنهى والأمرِ
كأنما الراحُ براحاتهم / كواكبٌ في فَلِكٍ تجرى
منتظِمو اليدى بأدوارها / كنظمك الأحرفَ في السطرِ
ياقوتُها الأصفرُ أمواههم / يَنبُتُ فيها زَهَرُ الدُّرِّ
تحظى بها عينى وحاشا يدى / منها وحاشا موضعَ البشرِ
بل ربما طاف بها أهيفٌ / أجفانه من صُحُف السحرِ
مِن سَبَج الإظلامِ أصداغُهُ / ووجهُهُ من جوهر البدر
والراح لا يرضَى سواها قِرىً / ولو قَريَناه من التِّبرِ
إذا علاها زَبدٌ خلَته / سُحْباً عليها شَنَبُ الثغرِ
وليس لي ممّا بها قَطرَةٌ / يا واكفَ الأنواءِ بالقَطرِ
فجدْ بها تُشبِهُ في عَرِفها / عِرضى وفي رِقَّتها شِعرِى
أنتَ صَرِيفِنْىِ وقُطْرُبُّلِى / وموضعُ الشكر من الدهرِ
لو يهتدى وصفِى إلى شغَفى
لو يهتدى وصفِى إلى شغَفى / خُطِمتْ بنا في غارب الصُّحُفِ
وتركتُ أقلامى مُفلَّلةً / وخواطرى منزوحة النُّطَفِ
شوقا إليك وما رُمِى جلَدى / بسهام هجرٍ أو نوىً قُذُفِ
ما مرَّ يومٌ لا أراكَ بهِ / إلا على خطبٍ من الأسفِ
متلفتا تِلقاءَ داركُمُ / أرنو بعينَىْ مغرم دنِفِ
فإذا طمحتُ لوَى الهوى عُنُقى / وإذا جمحتُ فسائقى كلَفى
وإذا انصرفتُ فإنما جسدى / ولىَّ وقلبي غيرُ متصرِف
من ذا ينيلُ جوارحى أملا / ومواعدُ الآمال للخُلُفِ
طَرفٌ نفَى إنسانَ ناظرِه / عنه اقتناعا منك بالخَلَفِ
والسمعُ منبِته مفاوضةٌ / معقودةٌ في موضع الشَّنِف
ويريد جثمانى مصاحبةً / مثلَ اصطحابِ اللام للألفِ
ومطامعى هذى تَصَيُّدُهَا / كنصيُّد الشَّغواءِ في الشَعَفِ
يا أيّهذا الخلُّ دعوةَ مَنْ / أثقلتَه بالقرض والسّلَفِ
لا تُسرفَنْ في الودِّ معتمدا / رِقِّى فإنّ البخلّ في السَّرِف
قد جاءنى القِرطاسُ مكتسيا / ببدائع كالدُّرّ في الصَّدَفِ
فكأن راحَتك الربيعُ فما / تُخلى الرّبَى من روضة أُنُفِ
ألقت فُويقَ مناكبي مِنَناً / مضمونها جبرى على الكُلَفِ
حسبى عوارفك التي جمعتْ / بين اللُّهىَ لي منكَ والشَّرَفِ
يا ماءَ لِينَةَ لو نقعتَ أُوامى
يا ماءَ لِينَةَ لو نقعتَ أُوامى / كانت حياضُك لي كئوسَ مُدامِ
لا يعدِلُ المشغوفُ عن سَنَن الهوى / ولو أنَّ العذل غَربُ حسامِ
كيف السلُّو وليس يسلك سمعه / إلا حنين أو بكاء حمام
حتى كأن القلب مد حجابه / ليرد عنه طوارق اللوام
لقد عرضت على السلو جوانحي ال / حرَّى فلم يَرهنَّ دارَ مقامِ
ما ضَّر من زار الغيورَ أمامَهُ / لو زار في ثوبٍ من الأحلامِ
جُزْ باللوى إن كنتَ تُؤثر أن تَرى / حَدَق المها وسوالفَ الآرامِ
وتأنَّ في نظرِ الخدور فبينها / صورةٌ تبيحُ عبادةَ الأصنامِ
ناضلننا بنوافذٍ مسمومةٍ / ووددتُ لو قبَّلتُ سهمَ الرامى
وكنَنَّ في الأيدى خضابا ناميا / ونظيره في القلب حبٌّ نامِ
ليس البراقعُ كاسمها لكنها / يومَ الوداع كنائنٌ لسهامِ
بينى وما بين الكواعب موعدٌ / يُلقِى إلى كفّ المشيب زِمامى
لا ينتهى الطيفُ المزاورُ مضجعى / عنّى وفي فَوْدىَّ جُنحُ ظلامِ
والدهرُ ذو شيئين يصبغ لِمتَّى / كلتاهما بالصبح والإظلامِ
قد كنتَ بُهْمَى جَعدة خسّيّة / فبأىّ ماء صرتَ نَوْرَ ثَغامِ
أعلَّى تقترعُ الليالي بعد ما / غلَّت يديْها شِرَّتى وعُرامى
تلهو بحَوْذان العراق ركائبى / وعزائمى ترعَى رياضَ الشامِ
لي في بطون اليعمَلات مَزادةٌ / تُروِى إذا غدَر رياضَ الطامى
وإذا الجِفانُ الغُرُّ طلّقت الضحى / حَنَت الظُّبىَ من غارب وسَنامِ
كم بازلٍ كوماءَ أخطأها القِرىَ / رُدَّت فريضتُها إلى الأَزلامِ
إن القناعة مذ خَطمتُ بحبلها / طمعى تساوت رحلتى ومقامى
فالبِيدُ عندى كالقصور ونهضتى / كتثبُّطى والوُجْدُ كالإِعدامِ
ألقَى بنى هذا الزمانِ مُهجهجا / زجرَ الحُداةِ بهميةَ الأنعامِ
أشخاصُهم لا حِسَّ في عَرَصاتها / وقلوبُهم ثكَلى من الأفهامِ
حسبي وقد أصبحتُ فذًّا بينهم / بك يا أبا الحسَن الشقيقِ تؤامى
حَمَلتْ بنا في ليلةٍ مزؤدةٍ / أمُّ الخِلال الغرّ حملَ تَمامِ
وتكفَّلت ظِئرُ العلا برَضاعنا / حوْلَين ما تحصيهما لفطامِ
حتى إذا الآداب شُّدَ نِطاقُها / زُفَّت إلى شُمّ الأنوف كرامِ
يَسْبون أبكارَ المعاني حيثما / شنُّوا الإغارةَ وهي غيرُ حرامِ
هذا هو النسبُ الصريحُ وغيرنا / يختال بالأخوال والأعمامِ
لو كان نصلُ إِخاىَ يصدئه النوى / لصقلتُه بالوصل والإلمامِ
لكننى والبينُ يَحرُق نابَه / أفترُّ عن ثغرِ الهوى البسّامِ
أنتَ النهارَ تذكُّرى وتفكُّرى / والليلَ أحلامى وطيفُ منامى
إن كان أقوامٌ نظام فرائدٍ / كنتَ النظامَ وسِلكَ كلّ نظامِ
أنا عن سوابقك الجيادِ مقصّرٌ / زمسلِّم يومَ الرِّهَانِ لجامى
قلتُ لعمرو جَذِلا
قلتُ لعمرو جَذِلا / اُشجُجْ بها هامَ الفلا
فما اجتويتَ منزلا / إلا انتجعتَ منزلا
وإنّ من تسجُنه / أوطانُه لمُبتَلىَ
قعيدةُ الخدرِ فما / تعرِفُ إلا المِغزَلا
أما ترى الطائرَ في / أُفحوصه مقلقَلا
يستخدم الجَنوبَ في / جَناحهِ وَالشَّمأَلا
مخلِّفا وراءَه / حمامةً وجَوْزلا
إما يصيبُ جازئا / من قُوته أو أجدَلا
والقدرَ المحتومُ لا / يحُزُّ إلا المَقِصلا
لما رأيتُ الذلَّ قد / أبرز ناباً أعصَلا
شاورتُ عزمى ما ترى / فقال هاتِ وهَلا
إما عتاقا للنجا / ء أو هجانا بزلا
أرى الأموالَ في اللؤماء تثوِى
أرى الأموالَ في اللؤماء تثوِى / وتجتنبُ الكرامَ من الرجالِ
كذاك الدُّرُّ في مِلحٍ أُجاجٍ / وليس يكون في عَذبٍ زُلالِ