المجموع : 294
لقد فُجعَ الإسلامُ منهُ بناصرٍ
لقد فُجعَ الإسلامُ منهُ بناصرٍ / كما فُجعَ الأيتامُ منه بوالدِ
بكتْهُ اليتامى والأيامَى وأَعوَلتْ / عليهِ الأسارَى خائباتِ المواعدِ
دَعْني أصُنْ حرَّ وجهي عن إذالتهِ
دَعْني أصُنْ حرَّ وجهي عن إذالتهِ / وإنْ تغرَّبتُ عن أهلي وعن ولدي
قالوا نَأَيتَ عنِ الإخوانِ قلتُ لهم / ما لي أخٌ ما تُطوَى عليهِ يَدي
يا ابْنَ الخلائفِ والصِّيدِ الصَّناديدِ
يا ابْنَ الخلائفِ والصِّيدِ الصَّناديدِ / ألقتْ إليكَ الرَّعايا بالمقاليدِ
يا مَن عليهِ رداءُ البأسِ والجودِ
يا مَن عليهِ رداءُ البأسِ والجودِ / من جودِ كفكَ يجري الماءُ في العودِ
لمَّا تطلعتَ في يومِ الخميسِ لنا / والناسُ حولك في عيدٍ بلا عيدِ
وبادرتْ نحوكَ الأبصارُ واكتحلتْ / بحسنِ يوسُفَ في محرابِ داودِ
سوادُ المرءِ تُنفدُهُ الليالي
سوادُ المرءِ تُنفدُهُ الليالي / وإنْ كانتْ تَصيرُ إلى نَفادِ
فأسودُهُ يصيرُ إلى بَياضٍ / وأبيضُهُ يعودُ إلى سَوادِ
تَجَنَّبْ لِبَاسَ الخَزِّ إِنْ كُنْتَ عَاقِلاً
تَجَنَّبْ لِبَاسَ الخَزِّ إِنْ كُنْتَ عَاقِلاً / ولا تَخْتَتمْ يَوْماً بِفَصِّ زَبَرْجَدِ
ولا تَتَطَيَّبْ بِالغَوالي تَعطُّراً / وَتَسْحَبَ أَذْيَالَ الملاءِ المُعضَّدِ
ولا تَتَخَيَّرْ صَيِّتَ النَّعْلِ زاهِياً / ولا تَتَصَدَّرْ في الفِراشِ المُمَهَّدِ
وكُنْ هَملاً في النَّاسِ أَغْبَرَ شَاعِثاً / تَرُوحُ وَتَغْدُو في إِزارٍ وَبُرْجُدِ
يَرى جِلْدَ كَبْشٍ تَحْتَهُ كُلَّما اسْتَوى / عَلَيْهِ سَريراً فَوْقَ صَرْحٍ مُمَرَّدِ
ولا تَطْمَحِ العَيْنانِ مِنكَ إلى امْرئٍ / لَهُ سَطَواتٌ بِاللِّسانِ وباليَدِ
تَراءَتْ لَهُ الدُّنْيا بزِبْرِجِ عَيْشِها / وقادَتْ لَهُ الأَطْماعُ مِنْ غَيرِ مِقْودِ
فَأَسْمَنََ كَشحَيْهِ وَأَهْزَلَ دِيْنَهُ / وَلم يَرْتَقِبْ في الْيَومِ عاقبةَ الغَدِ
فَيَوْماً تَراهُ تَحْتَ سَوْطٍ مُجَرَّداً / ويَوماً تَراهُ فَوْقَ سَرْجٍ مُنَضَّدِ
فَيُرْحَمُ تاراتٍ ويُحسَدُ تارَةً / فذا شَرُّ مَرْحُومٍ وَشَرُّ مُحَسَّدِ
مَقيلُكَ تَحتَ أَظْلال العَوالي
مَقيلُكَ تَحتَ أَظْلال العَوالي / وَبَيْتُكَ فَوْقَ صَهواتِ الجِيادِ
تَبَخترُ في قمِيصٍ مِنْ دِلاصٍ / وَتَرْفُلُ في رِداءٍ مِنْ نِجادِ
كَأَنَّكَ لِلْحُروبِ رَضيعُ ثَدْيٍ / غَذتْكَ بِكُلِّ داهِيةٍ نَآدِ
رَياحينُ أُهْديها لِرَيْحانَةِ المَجْدِ
رَياحينُ أُهْديها لِرَيْحانَةِ المَجْدِ / جَنَتْها يَدُ التَّخجيلِ مِنْ حُمْرَةِ الخَدِّ
ووَرْدٌ بهِ حَيَّيْتُ غُرَّةَ ماجِدٍ / شَمَائِلهُ أَذْكَى نَسيماً مِنَ الوَرْدِ
ووَشْيُ رَبيعٍ مُشْرِقِ اللَّوْنِ ناضِرٍ / يَلوحُ عليْهِ ثَوْبُ وشْيٍ مِنَ الحمدِ
بَعْثتُ بها زَهْراءَ مِنْ فَوْقِ زَهْرَةٍ / كتركيبِ مَعشوقَينِ خَدّاً على خَدِّ
الجسمُ في بَلَدٍ وَالرُّوحُ في بَلَدِ
الجسمُ في بَلَدٍ وَالرُّوحُ في بَلَدِ / يَا وحشَة الرُّوحِ بَلْ يَا غُربَةَ الجَسَدِ
إِنْ تَبْكِ عَيْنَاكَ لي يَا مَنْ كلِفْتُ بِهِ / مِنْ رَحمَةٍ فَهُما سَهْمانِ في كَبِدي
شَبابي كيْفَ صِرْتَ إلى نَفَادِ
شَبابي كيْفَ صِرْتَ إلى نَفَادِ / وَبُدِّلتَ البيَاضَ مِنَ السَّوَادِ
وَما أَبْقَى الحَوَادِثُ مِنْكَ إلَّا / كما أَبْقَتْ مِنَ القَمرِ الدَّآدي
فِرَاقُكَ عَرَّفَ الأَحْزَانَ قَلبي / وَفَرَّقَ بَينَ جَفْني وَالرُّقَادِ
فَيا لنَعيمِ عَيْشٍ قَدْ تَوَلَّى / ويا لِغليلِ حُزْنٍ مُسْتَفادِ
كأَنّي منكَ لم أَرْبَع برَبْعٍ / وَلم أَرْتَدْ بِهِ أَحْلى مرادِ
سَقَى ذاكَ الثَّرَى وَبْلُ الثُّرَيَّا / وغادَى نبتَهُ صَوْبُ الغَوادِي
فَكَمْ لي مِنْ غَليلٍ فِيهِ خافٍ / وكم لي مِنْ عَويلٍ فِيه بادِي
زَمانٌ كانَ فِيهِ الرُّشْدُ غَيّاً / وكانَ الغَيُّ فِيهِ مِنَ الرَّشادِ
يُقَبِّلُني بدلٍّ مِنْ قَبُولٍ / وَيُسْعِدُنِي بِوَصْلٍ مِنْ سُعادِ
وَأَجْنُبُهُ فَيُعْطيني قِياداً / وَيَجْنُبُني فَأُعْطيهِ قِيادِي
فَكَمْ هذا التَّمَنِّي للْمَنايا / وكم هذا التجلُّدُ للجِلادِ
لَئِنْ عُرفَ الجهادُ بِكُلِّ عامٍ / فإنَّكَ طُولَ دَهْرِكَ في جِهادِ
وإِنَّكَ حِينَ أُبْتَ بِكُلِّ سَعْدٍ / كَمِثْلِ الرُّوحِ آبَ إِلى الفُؤادِ
رأَيْنا السَّيْفَ مُرتَدِياً بِسَيْفٍ / وعايَنَّا الجَوادَ على الجوادِ
وا كَبدا قدْ تَقَطَّعَتْ كَبِدي
وا كَبدا قدْ تَقَطَّعَتْ كَبِدي / وحَرَّقَتْهَا لواعِجُ الْكَمَدِ
ما ماتَ حَيٌّ لِمَيِّتٍ أَسَفاً / أَعْذَرُ مِنْ والِدٍ على وَلَدِ
يا رَحمَةَ اللَّهِ جاوِري جَدَثاً / دَفَنْتُ فِيهِ حُشاشَتي بِيَدِي
وَنَوِّري ظُلْمَةَ الْقُبُورِ على / مَن لَمْ يَصِلْ ظُلْمُهُ إِلى أَحَدِ
مَنْ كانَ خِلْواً مِنْ كُلِّ بائِقَةٍ / وَطَيِّبَ الرُّوحِ طاهِرَ الجَسَدِ
يا مَوت يحيى لَقَدْ ذَهَبْتَ بِهِ / لَيْسَ بِزُمَّيْلةٍ ولا نَكِدِ
يا مَوْتَهُ لو أَقَلْتَ عَثْرَتَهُ / يا يَوْمَهُ لو تَرَكْتَهُ لِغَدِ
يا مَوْتُ لو لم تَكُنْ تُعَاجِلُهُ / لَكانَ لا شَكَّ بَيْضةَ البَلَدِ
أو كُنْتَ رَاخَيْتَ في العنانِ لَهُ / حَازَ العُلا واحْتَوى على الأَمدِ
أَيَّ حُسَامٍ سَلبْتَ رَوْنَقَهُ / وَأَيَّ رُوحٍ سَلَلْتَ منْ جَسَدِ
وَأَيَّ سَاقٍ قَطَعْتَ مِنْ قَدَمٍ / وأيَّ كفٍّ أَزَلتَ مِنْ عَضُدِ
يا قَمَراً أَجْحَفَ الخُسُوفُ بِهِ / قَبْلَ بُلوغِ السَّواءِ في الْعَدَدِ
أَيُّ حَشاً لَمْ تَذُبْ لَهُ أَسَفاً / وَأَيُّ عَينٍ عَليْهِ لَمْ تَجُدِ
لا صَبْرَ لي بَعْدَهُ ولا جَلَدٌ / فُجعْتُ بالصَّبْرِ فِيهِ وَالجَلَدِ
لو لَمْ أَمُتْ عِنْدَ مَوْتِه كَمداً / لحُقَّ لي أَنْ أَمُوتَ مِنْ كمدِي
يَا لَوْعَةً مَا يَزَالُ لاعجُها / يَقْدحُ نَارَ الأَسَى على كبِدِي
مَنْ لي إِذا جُدْتُ بَينَ الأَهْلِ والوَلَدِ
مَنْ لي إِذا جُدْتُ بَينَ الأَهْلِ والوَلَدِ / وَكانَ مِنّي نَحْوَ الموْتِ قيد يَدِ
وَالدَّمْعُ يَهْمُلُ وَالأَنْفاسُ صَاعِدَةٌ / فَالدَّمْعُ في صَبَبٍ والنَّفْسُ في صُعُدِ
ذَاكَ الْقَضَاءُ الذي لا شَيءَ يَصْرِفُهُ / حَتَّى يُفَرِّقَ بينَ الرُّوحِ وَالجَسَدِ
مَدامِعٌ قَدْ خَدَّدَتْ في الخُدود
مَدامِعٌ قَدْ خَدَّدَتْ في الخُدود / وأَعيُنٌ مَكْحُولَةٌ بالهُجود
وَمَعْشَرٌ أَوْعَدهُمْ رَبُّهُمْ / فبادَروا خَشْيَة ذاكَ الوعِيد
فَهُمْ عُكُوفٌ في مَحارِيبِهمْ / يَبْكونَ مِنْ خَوْفِ عِقابِ المَجيد
قَدْ كادَ أَنْ يُعْشِبَ مِنْ دَمْعِهمْ / ما قابَلتْ أَعْيُنُهُمْ في السُّجُود
يُنْبيكَ أنَّكَ لم تَجِدْ وَجْدِي
يُنْبيكَ أنَّكَ لم تَجِدْ وَجْدِي / ما خَدَّتِ الْعَبراتُ مِنْ خَدِّي
نامَ الخَليُّ عَنِ الشَّجِيِّ بِهِ / وجَفا المَلولُ ولَجَّ في الصَّدِّ
كُنْتَ الشِّفاءَ فَصِرتَ لي سَقَماً / أَبَداً تَتُوقُ إِلى هَوىً مُرْدِي
سَرى طَيْفُ الحَبيبِ على البِعادِ
سَرى طَيْفُ الحَبيبِ على البِعادِ / لِيُصْلِحَ بَيْنَ عَيْني والرُّقادِ
فَباتَ إلى الصَّباحِ يَدي وِسادٌ / لِوَجْنَته كما يَدُهُ وِسادي
بِنَفْسي مَنْ أعادَ إِليَّ نَفْسي / وَرَدَّ إِلى جَوانِحِهِ فُؤادِي
خَيالٌ زارَني لمَّا رآني / عَدَتْني عَنْ زيارَتهِ عَوَادي
يُواصلُني على الهِجْرَانِ مِنْهُ / وَيُدْنِيني على طُولِ البعادِ
يَا مُجِيلَ الرُّوحِ في جَسَدي
يَا مُجِيلَ الرُّوحِ في جَسَدي / والذِي يَفْتَرُّ عَنْ بَرَدِ
وَفَريدَ الحُسْنِ واحِدَهُ / مُنْتَهاهُ مُنْتَهى العَدَدِ
خُذْ بِكَفِّي إِنَّني غَرِقٌ / في بِحارٍ جَمَّةِ المَدَدِ
ورِياحُ الهجْرِ قدْ هَدَمَتْ / ما أقامَ الصبرُ مِنْ أَوَدِي
وحامِلَةٍ راحَاً على راحَةِ اليَدِ
وحامِلَةٍ راحَاً على راحَةِ اليَدِ / مُوَرَّدةٍ تَسْعَى بِلَوْنٍ مُوَرَّدِ
متَى ما تَرَى الإبْريقَ لِلْكأسِ راكِعاً / تُصلِّي لَهُ مِنْ غَيْرِ طُهْرٍ وَتَسجُدِ
على ياسَمينٍ كاللُّجينِ ونَرْجِسٍ / كأَقْراطِ دُرٍّ في قَضيبِ زَبَرْجَدِ
بِتلْكَ وهذي فَالهُ لَيْلكَ كُلَّهُ / وعَنْها فَسَلْ لا تَسْألِ النَّاسَ عَنْ غَدِ
سَتُبدي لكَ الأيّامُ ما كُنتَ جاهِلاً / وَيأتِيك بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوّدِ
يا غَليلاً كالنارِ في كَبدِي
يا غَليلاً كالنارِ في كَبدِي / وَاغْترابِ الفُؤادِ عَنْ جَسَدي
وَجُفُوناً تذري الدمُوعَ أسىً / وَتَبيعُ الرُّقادَ بالسُّهدِ
لَيْتَ مَنْ شَفَّني هَواهُ رَأى / زَفَرات الهَوى على كَبِدي
غادَةٌ نازِحٌ مَحَلَّتُها / وَكَّلَتْني بِلَوعةِ الكَمَدِ
رُبّ خَرْقٍ مِنْ دُونِها قَذَفٌ / ما بِهِ غَيْرَ الجِنِّ مِنْ أَحَدِ
يا قَتيلاً مِنْ يَدِه
يا قَتيلاً مِنْ يَدِه / مَيّتاً مِنْ كمَدِهْ
قَدَحت لِلشّوْقِ ناراً / عَيْنُهُ في كَبدِهْ
هائِمٌ يَبْكي عَلَيهِ / رَحمةً ذُو حَسَدِه
كُلّ يَومٍ هُوَ فيهِ / مُستعيذٌ مِنْ غَدِه
قلْبُهُ عِند الثريّا / بائِنٌ عَنْ جَسَدِه
ذَكَرَتْ مِنْ طِيزَناباذِ
ذَكَرَتْ مِنْ طِيزَناباذِ / فَقُرى الْكَرْخِ بِبغداذِ
قَهوةً لَيْسَتْ بِبَاذِقةٍ / لا وَلا بِتْعٍ ولا داذِي
مُرَّةً يَهذِي الحَليمُ بِهَا / بِأبي ذلك منْ هاذِي
فَهيَ أسْتاذُ الشرابِ بنا / وَالمعاني دَأبُ أسْتاذِي