المجموع : 604
قُل للّوائِم كُفّوا عن مَلامِكُمُ
قُل للّوائِم كُفّوا عن مَلامِكُمُ / فإنَّه يَستَثِيرُ الهمَّ والأَسَفَا
لا تُذكروني تَجَنِّيهِ وهَجْرَتَهِ / فحبُّه شَاغِلٌ عن كلِّ ما سَلَفَا
إذا عرضتُ على قلبِي إساءَتَهُ / هَفَا وأنكرَ منها كلَّ ما عَرَفَا
وإن هممتُ بصبرٍ عنه واجَهَنِي / من وجْهِهِ بشفيعٍ زادَني شَغَفَا
بَاحَتْ بسرِّكَ أدمعٌ تَكِفُ
بَاحَتْ بسرِّكَ أدمعٌ تَكِفُ / فإِلاَمَ تُنكر وهْي تَعتَرفُ
هل يُغِنَينْ عنكَ الجحُودُ إذَا / شَهِدَ النحولُ عليكَ والكَلَفُ
أُخفي غَرامي وَهوَ مُشتَهِرٌ / بادٍ وأسترُهُ وينكشِفُ
أسفي لِعُمْرٍ ضاعَ مُذهَبُهُ / في حبّكُم لو رَدّهُ الأسَفُ
وهَوىً عُنِيتُ بِرعْيِ ذمَّتِهِ / فأضَاعَهُ المتلَوِّنُ الطَّرِفُ
أنفقتُ في كَسبي مودَّتِهِم / شرخَ الشبابِ فأعوزَ الخلَفُ
وصدفتُ عن قولِ الوُشاةِ وما / قالُوهُ فيَّ بِسَمعِهِم شَنَفُ
وتنكَّرُوا حتَّى كأَنّهُمُ / ما أنكرُوا وُدّي ولا عَرَفُوا
ولُهم لَديَّ علَى ملالِهِمُ / وُدٌّ بِخِلبِ القلبِ مُلْتَحِفُ
بَيني وبينهُم وإن قَرُبُوا / من هَجرِهمْ أبداً نَوىً قُذُفُ
يا جَائرِينَ وهُم أَعزُّ على / قَلبي من الطَّرفِ الذي طَرَفُوا
أَغْرَاكُم بالهجر عِلمُكُمُ / أنَّي بكمُ مُستَهتَرٌ كَلِفُ
مَا بالملاَلَةِ حين تَعْرِضُ من خَفَا
مَا بالملاَلَةِ حين تَعْرِضُ من خَفَا / إن لم تَخُن فابلُغ رِضاكَ مِنَ الجَفَا
فاليأسُ منكَ إذا صَددتَ خِيانَةٌ / وإذا مَلَلتَ رَجَوتُ أن تَتَعطَّفَا
إنّي لأضعُفُ عن صُدودِكَ ساعةً / وأرى قُوايَ عن الخيانةِ أضْعفَا
حتّى مَتَى يا قلبُ لا تَستفيقْ
حتّى مَتَى يا قلبُ لا تَستفيقْ / حَسْبُكَ قد حُمِّلتَ مالا تُطيقْ
أضنَاكَ إشفاقُكَ من غَدرِهمْ / وما عَسى يُجدي حِذَارُ الشَّفِيقْ
إن أخْلَفُوا عَهدَك أو بدَّلُوا / فكُن بِحُسْن الصَّبرِ عنهُم خَليقْ
واعزِم عَلى سُلوانِهِم عَزْمةً / تَثْنِيكَ بعد الرِّقِّ حُرّاً طليقْ
لا تَبكِهِم إن نَزَحَتْ دارُهُمْ / واهجرْهُمُ هجرَ الخَلِيِّ المُفيقْ
لن تعدَمَ الأَعواضَ عنهُم ولاَ / في الأرضِ إن أنتَ ترحَّلتَ ضِيقْ
دَعْ ذا فما الناسُ سواءٌ ولا / يلْقَى الفتَى في كلِّ أرضٍ صَديقْ
وهبكَ تلقى عِوضاً عنهُمُ / أراجعٌ عصرُ الشبابِ الأَنيقْ
عَلِقتُهم حينَ رداءُ الصِّبَا / ضَافٍ وغُصني ذُو اعتدالٍ ورِيقْ
حتى إذا أُشرِبَ قَلبي لهُمْ / حُبّا جَرى في الجسمِ جَرْيَ الرَّحيقْ
ألتِمِسُ الأعواضَ عنهُم َلقَد / أتيتُ ما ليسَ بمثلي يَليقْ
أرُوعُهم بالعَتْب مُستصلِحا / وتحتَ ذاك العَتبِ قَلبٌ شَفيق
يرعَى لهم ما ضيَّعُوا إِنَّهُ / بِهمْ على ما كانَ منهُم رَفيقْ
قَمرٌ إذا عاتَبتُهُ شغَفاً بِهِ
قَمرٌ إذا عاتَبتُهُ شغَفاً بِهِ / غَرسَ الحياءُ بوجنتَيْهِ شَقيقَا
وتلهّبتْ خجَلاً فلولا ماؤها / مترقرِقٌ فيها لصار حَرِيقَا
وازْوَرَّ عنِّي مُطرِقاً فأضلَّنِي / أن أهتدي نحوَ السُّلوِّ طَريقَا
فَليلْحَني مَن شاءَ فيهِ فَصَبوَتي / بهواهُ سُكرٌ لستُ مِنهُ مُفيقَا
انظُر شَماتَةَ عاذِلي وسُرورَهُ
انظُر شَماتَةَ عاذِلي وسُرورَهُ / بكُسُوفِ بَدرِي واشتِهارِ مَحاقهِ
غَطّى ظَلامُ الشّعْرِ من وَجناتِه / صُبحاً تضيءُ الأرضُ من إشراقهِ
وهو الجهُولُ يقولُ هذا عارضٌ / هُو عارضٌ لكن على عُشّاقِهِ
بُثَيْنَةُ ما أعرَضتُ عنكِ ملاَلةً
بُثَيْنَةُ ما أعرَضتُ عنكِ ملاَلةً / ولا أنَا عمّا تعلمينَ مُفِيقُ
ولكن خشِيتُ الكاشِحين فإنَّني / على سِرِّنا مِن أَن يَذيعَ شفيقُ
فأصبحتُ كالهَيمانِ عَايَنَ مَورِداً / بَروداً ولكن ما إليهِ طَريقُ
للهِ ليلتُنا التي رَحُبَتْ لَنا
للهِ ليلتُنا التي رَحُبَتْ لَنا / فيها المسرّةُ في مجالٍ ضَيّقِ
ما شَابَها لولا مَشِيبُ ظلامِها / كَدَرٌ ولا راعَتْ بِواشٍ مُحنَقِ
فلوِ استطعتُ خَضَبتُها بشَبيبتي / وجعلتُ لونَ صَباحِها في مَفرِقي
يَا لائِمي أُنْظُر إلى قَمرٍ
يَا لائِمي أُنْظُر إلى قَمرٍ / في الأرضِ في وجنَاتِه شَفَقُ
وبخدِّهِ وَردٌ إذا نَظَرَتْ / عَيني إليه تَناثَر الورَقُ
سبحانَ مَن أذكى بوجنتهِ / نارَ الحياءِ وليسَ يَحتَرقُ
وغَزالٍ في فيه راحٌ ودرُّ
وغَزالٍ في فيه راحٌ ودرُّ / وعقيقٌ رطبٌ ومِسكٌ فتيقُ
شَبَّهوا دُرَّ ثَغرِهِ بالأَقَاحِي / لَيسَ للأُقْحُوانِ ذاكَ البَريقُ
بيَ سُكرٌ منهُ وسِحْرٌ فلا أُر / قَى لهذا ولستُ من ذا أُفيقُ
عَادَيتَنِي حين عاديتُ الورَى فِيكَا
عَادَيتَنِي حين عاديتُ الورَى فِيكَا / هَجْرُ القِلَى والتَّجنّي كان يَكفيكَا
أَحِينَ خَالفتُ فيكَ الخلقَ كلَّهُمُ / أطعتَ بِي واشِياً بالهجرِ يُغرِيكَا
تُصدِّقِ الطيفَ يَسعى بي فتهجُرُني / وأُكذِبُ العينَ فيما عايَنت فيكَا
نَزِّه محاسِنَك اللاّتي خُصِصْتَ بها / عَمَّا يَشينُ وما يهواهُ شَانِيكَا
أغضيتُ منكَ على جمرِ الغَضَا زمناً / وخلتُ أنَّ الرِّضا بالجَوْرِ يُرضيكَا
فما نَهاكَ وَلُوعي عن مُبَاعَدتِي / ولا ثَنَاك خُضوعي عن تَعدّيكَا
باللهِ يا غُصنَ بَانٍ حَامِلاً قَمَراً / صِلْ مُغرَماً بك يُغريهِ تَجنّيكَا
يَدنُو وهجرُكَ يُقْصِيهِ ويُبعدهُ / وتَنْثَنِي عَنهُ والأشواقُ تُدنيكا
سكرانَ في الحبِّ لا يَدري أسكرتُهُ / لِسِحْر عيْنيكَ أم للخَمرِ من فيكا
أمَا في الهَوَى حاكِمٌ يَعدِلُ
أمَا في الهَوَى حاكِمٌ يَعدِلُ / ولا مَنْ يَكُفُّ ولاَ يَعذِلُ
ولا مَن يَفُكُّ أُسارَى الغَرا / مِ والوجْدِ مِن ثِقلِ ما حُمِّلُوا
ولا مُنصفٌ عالمٌ أَنّهُ / إذا قالَ بالظَّنِّ يُستجهَلُ
إذا هُو لم يَدْرِ ما يلتَقي / أخُو الوجدِ مِنْ دَائِه يَسألُ
لِيَعلَمَ أنَّ سِهامَ الغَرا / مِ قبلَ إصابَتِها تَقتُلُ
وأنَّ الدموعَ إذا ما سُفِحْنَ / أَثَرْنَ لَظىً في الحَشا يُشعَلُ
وإن قَال هُنَّ مياهٌ فقُلْ / صَدقتَ وفي الماءِ ما يَسْمُلُ
مسَاكينُ أهلُ الهَوى مالَهُم / مُجيرٌ ولا لهُمُ مَوئِلُ
ولا راحمٌ لهُمُ يَستدي / مُ حُسنَ المعافَاةِ مما بُلُوا
قتيلُهُمُ مالَه واتِرٌ / ومظلومُهُمْ أبداً يُخذَلُ
وإعلانُهُم للهوى فاضِحٌ / قَتولٌ وكِتمانُهم أَقْتَلُ
وإن جَحدوا الحبَّ خوفَ الوُشاةِ / أقرّتْ بهِ أدمعٌ تَهمِلُ
وفي سُقمِهمْ إنْ هُمُ أنكرُوا / صبابَتَهُم شَرحُها المُجملُ
وكُلُّهُمُ خاضِعٌ يَستكي / نُ للظُّلمِ أوْ وَالِهٌ يُعوِلُ
وعَيشُهُمُ تَعَبٌ كلُّهُ / وبالموتِ راحَتُهُمْ تَحصُلُ
بِنَفسِيَ مُستَهتَرٌ بالصّدو / دِ حازَ الجمالَ ولا يُجمِلُ
جُنُونِي بهِ أَبَداً زائدٌ / وماضِي غَرامِيَ مُستقبَلُ
مَلِيحٌ بإجماعِ كلِّ الأَنامِ / سواءٌ محبُّوهُ والعُذَّلُ
مِنَ الحُورِ رضوانُه بُخْلُهُ / وَرِيقَتُهُ البارِدُ السَّلسَلُ
وما ذُقتُها غيرَ أَنْ العُيونَ / شهادَتُها أبداً تُقبلُ
بخيلٌ على مُقلَتِي بالرّقَادِ / ولستُ عَليهِ بِهَا أبْخَلُ
سَقامِيَ مُستَصْغَرٌ عِندَهُ / وأَمريَ مُطَّرَحٌ مُهمَلُ
يَرانِيَ مِن حُبِّهِ في السِّيا / قِ وهْو بِمَا بيَ لا يَحفِلُ
أُعاتبُهُ وهو لا يَرْعَوِي / وأَعذِلُهُ وهو لا يَقبلُ
فلا الوصلُ لي فيهِ مِن مطمَعٍ / ولا الهجرُ فيَّ لَهُ مَحملُ
ولا فيهِ عاطِفَةٌ تُرتَجى / وكلُّ بَلائِي بهِ مُشكِلُ
وسُكرِيَ من حُبِّهِ لا أُفِي / قُ منهُ فأعَلَمَ ما أَعمَلُ
وبعدُ فأَستَغفِرُ الله مِن / مَقالِي فإنّي بهِ أَهزِلُ
وَما أَنا بالحُبِّ ذُو خِبرةٍ / ولا هُو لي عَن عُلاً مُشغِلُ
ولَكِن كما قالَ ربُّ العبا / دِ فينا نَقولُ ولا نَفعَلُ
قَالُوا قَلاكَ ومَلّا
قَالُوا قَلاكَ ومَلّا / فقلتُ حاشا وكلّا
مَا صَدَّ عَنِّي مَلالاً / وإنّما يَتَحَلَّى
وهْو السّوَادُ لِعيني / لا بَلْ أعزُّ وأَغْلَى
وكلَّما زادَ عِزّاً / عليَّ قد زِدتُ ذُلّا
كَم ذَا التَّجَنِّي وكثرةُ العِلَلِ
كَم ذَا التَّجَنِّي وكثرةُ العِلَلِ / لا تأمنُوا من حَوادِث المَلَلِ
ولا تقُولوا صَبٌّ بنا كَلِفٌ / فأوَّلُ اليأسِ آخِرُ الأَملِ
ولستُ ممن يُريد شَقَّ عَصاً / الذّنبُ ذَنبي والحبُّ يَشفعُ لِي
هبُونِيَ اخطَأتُ عَامِداً فهَبُوا / خَجْلَةَ عُذْري مَا كَان مِن زَلَلِي
واغتَنِمُوا القربَ قبلَ يفَجؤُنَا ال / بينُ فكُلٌّ مِنهُ علَى وَجَلِ
قُل لِلمَلُول الذي أَعيا تَلَوُّنُهُ
قُل لِلمَلُول الذي أَعيا تَلَوُّنُهُ / تُرى مَلاَلَك هَذا غيرَ مَمْلُولِ
إذَا تَجاهلتُ عمّا ساءَ مِنهُ أتَى / من الصُّدودِ بذَنبٍ غيرِ مَجهولِ
وما جَنَى قطُّ إلاّ جئتُ مُعتَذِراً / إِليهِ لكنَّ عُذري غيرُ مقبولِ
كيفَ الخَلاصُ لقلبي من يَديْ قَمَرٍ
كيفَ الخَلاصُ لقلبي من يَديْ قَمَرٍ / أَسيرُ ناظِرِهِ بالوَجدِ مَغلُولُ
جُرحي لديهِ جُبارٌ لا قِصاصَ له / في حكمِه ودمي في الحبِّ مطلُولُ
أحْبَابَنا إن كان هجرُكُمُ
أحْبَابَنا إن كان هجرُكُمُ / غَدراً فُوُدّي غيرُ منتَقِلِ
أو كانَ من مَلَلٍ طَرا فَعسى / تَطْرَا مَلالَةُ ذَلِكَ المَلَلِ
والصبرُ دَأْبي أو تُفَاجِئَني / بُشْرَى الرِّضَا أو راحةُ الأجَلِ
يَلُومُونَنِي في حبِّ لَيلى وإنَّنِي
يَلُومُونَنِي في حبِّ لَيلى وإنَّنِي / لأُكْرِمُها عن عُرضَةِ اللّوْمِ والعَذْلِ
وقالُوا هَواها خابِلٌ لَكَ فاسلُها / ومن لومِهم لا مِنْ هَوايَ لها خَبَلي
هي الشمسُ تَبدُوا في رداءٍ من الدُّجَى / على خُوطِ بانٍ في كَثيبٍ من الرّملِ
تَهادَى تهادي الظّلِّ هَوناً كأَنَّما / تَخَافُ عِثارَ الحَزْنِ في الدّهَسِ السّهلِ
وتنظُر من عَيْنَيْ مَهاةٍ كفَاهُما / وأغناهُما كُحُلُ المَلاحَةِ عن كُحلِ
ما خَطَر السُّلوانُ فِي بَالي
ما خَطَر السُّلوانُ فِي بَالي / فما الّذي أَطمعَ عُذّالي
وجدِي بهمْ في اليومِ كالأمسِ ما / غيّرَهُ ما حَالَ من حَالي
أهوَى وما حَظِّيَ منهُم كما / أَهوَى وَلا قَلبِيَ بالسّالِي
لجَاجةٍ في الحبِّ ما تَحتَها / سوى صَبابَاتِي وبِلبَالي
لِيَ القِلَى منهُم ومِن لاَئِمي / فيهم طويلُ القيلِ والقَالِ
وما أُبالِي بالّذي نَالَني / لو أَنَّني منهم على بَالِ
يا قمراً في غُصنِ بانٍ على / نَقاً مَهُولٍ غيرِ مُنهالِ
ميّلَكَ الواشِي فَما حيلتي / في أَهيَفِ القامَةِ ميّالِ
مُستَهْتِرٍ بالهَجرِ ألقَاهُ في ال / أَحلامِ وهو المُعرِضُ القَالِي
نَاظِرُهُ الفتّاكُ لا ناظِرٌ / علَى تَعَدِّيهِ ولا وَالي
يحكُمُ في أرواحِنا طَرْفُهُ / حكمَ أَبي الغَاراتِ في المَالِ
وإذا مَرَرْتَ على الدّيارِ فَقِفْ بِها
وإذا مَرَرْتَ على الدّيارِ فَقِفْ بِها / واسأَلْ مَعَالِمَها بدمعٍ سَائِلِ
ما ظنُّها بِطَعينِ أغْصانِ النّقا / مَاسَتْ مُنَصَّلَةً بأسهُمِ بَابِلِ
هَدرَ الهوَى دَمَهُ لأنَّ لِحاظَهُ / أرْدَتْهُ أم أَفتى بقَتْل القَاتِلِ