المجموع : 99
كَمالَ الدّينِ أَنتَ لِكُلِّ خَيرٍ
كَمالَ الدّينِ أَنتَ لِكُلِّ خَيرٍ / وَعارِفَةٍ تُفيدُ الشُكرَ أَهلُ
مُخائِلُكَ الجَميلَةُ أَخبَرَتنِي / بِأَنَّكَ لا يَبُورُ لَدَيكَ فَضلُ
وَها أَنا كُلَّما اِستَأذَنتُ قالَت / لِيَ الحُجّابُ لِلمَخدُومِ شُغلُ
فَإِن قُلتُ اِعلمُوهُ بِغَيرِ إِذنٍ / مَقالَةَ مَن لَهُ أَدَبٌ وَعَقلُ
رَأَيتُ لِكُلِّهِم عَنّي اِزوِراراً / جُنوحَ العِجلِ مالَ عَلَيهِ عِجلُ
وَطالَ عَناي يَوماً بَعدَ يَومٍ / وَكُلُّهُمُ عَلَيهِ ذاكَ سَهلُ
وَلَولا كَثرَةُ الأَشغالِ فَاِعلَم / لَما خَفَقَت إِلى ناديكَ نَعلُ
وَإِهداءُ السَلامِ إِلَيكَ شَأني / فَهَل لِسلامِ مُصفي الوُدِّ ثِقلُ
وَلِلحُجّابِ وَهمٌ غَيرُ هَذا / وَلِلأَوهامِ في الأَذهانِ فِعلُ
وَلا وَاللَهِ ما بِدُخُولِ مِثلي / عَلَيكَ يَفُوتُ أَهلَ الذَنبِ ذَحلُ
فَإِنّي بِعتُ مَركُوبي وَما لي / سِواهُ يَدٌ أَنُوءُ بِهِ وَرَحلُ
بِأَوكَسِ قِيمَةٍ في شَرِّ وَقتٍ / وَعَضلُ البَيعِ في الحاجاتِ بسلُ
وَقُلتُ أَقي بِهِ عِرضي لِئَلّا / يَرَى حَسَبي بِعَينِ النَقصِ نَذلُ
وَكُلٌّ عالِمٌ لَكِن خَضُوعي / لِغَيرِ عُلاكَ بَعدَ اللَهِ خَبلُ
فَما رابَ المُجاهِدَ مِن دُخولي / وَأَبيَكَ إِنَّ ذا لَعَمىً وَجَهلِ
وَذا حِينَ الوداعِ وَسَوفَ يَأتي / ثَناءٌ يُطرِبُ الأَسماعَ جَزلُ
فَلا عَبَثَت بِساحَتِكَ اللَيالي / فَإِنَّكَ لِلصَّديقِ يَدٌ وَنَصلُ
وَلا بَرِحَت عِداتُكَ حَيثُ كانُوا / وَكُلُّ حَياتِهِم حَربٌ وَثَكلُ
لِذا اليَومِ أَعمَلتُ القِلاصَ العَباهِلا
لِذا اليَومِ أَعمَلتُ القِلاصَ العَباهِلا / وَأَبقَيتُها تَحكي الحَنايا نَواحِلا
لِذا اليَومِ كَم نَفَّرتُ عَن زُغبِها القَطا / وَنَبَّهتُ ذُؤبانَ الفَلاةِ العَواسِلا
لِذا اليَومِ كَم مِن حُوتِ بَحرٍ ذَعَرتُهُ / وَكَم رُعتُ لَيثاً أَعصَلَ النابِ باسِلا
لِذا اليَومِ كَم جاثٍ بِغابٍ أَثَرتُهُ / وَغادَرتُ هَيقاً يَمسَحُ الأَرضَ جافِلا
لِذا اليَومِ نَكَّبتُ الجَزيرَةَ راجِعاً / وَإِربِلَ لَم أَعطِف عَلَيها وَبابِلا
لِذا اليَومِ فارَقتُ اِختيارَاً أَحِبَّتي / وَأَهلَ وِدادي وَالمُلوكَ الأَفاضِلا
فَكَم خُضتُ رَجوى اليَومِ مِن لُجِّ مُزبِدٍ / يُظنُّ اِصطِفاقُ المَوجِ فيهِ مَشاعِلا
وَكَم جُبتُ مِن مَوماةِ أَرضٍ تَرى بِها / مَعَ الآلِ حَقَّ العَينِ وَالأُذنِ باطِلا
تَخالُ بِها الحِرباءَ في رَأسِ جذلَةٍ / شَبيحاً مِنَ البدوانِ لِلعرضِ ماثِلاً
وَتَحسبُ فيها الثُعلُبانَ مُجَدَّلاً / مِنَ الخَيلِ إِذ تَعلُو كَثيباً مُقابِلا
وَإِن عَرَضَت فيها الرِئالُ حَسِبتَها / بخاتِيَّ تَحمِلنَ الرَوايا قَوافِلا
وَحَيِّ عِدىً قَد طالَ ما نَذَروا دَمي / فَلَو ظَفَروا بِي عَمَّمُوني المَناصِلا
تَخَطَّيتُهُم هُدءاً مِن اللَيلِ بَعدَما / تَنَكَّبَ حادي النَجمِ لِلغَربِ مائِلا
وَلَو لَم أُمَنِّ النَفسَ في كُلِّ ساعَةٍ / بِذا اليَومِ لَم تَعدَم مِنَ الهَمِّ قاتِلا
إِذا ما اِنقَضَت أَيّامُ عادٍ تَرَكتُها / وَقُلتُ نُرَجّي ذَلِكَ اليَومَ قابِلا
فَيا سَعدَهُ يَوماً بِلُقيايَ سَيِّداً / أَبَرَّ عَلى الساداتِ حَزماً وَنائِلا
بِلُقيايَ مَلكاً زَيَّنَ المُلكَ مُذ رَقَى / ذُراهُ وَحَلّى مِنهُ ما كانَ عاطِلا
هُماماً أَبَت هِمّاتُهُ أَن تَرى لَهُ / عَلى الأَرضِ في بَأسٍ وَجُودٍ مُماثِلا
جَميلَ الثَنا عَذبَ السَجايا مُهَذَّباً / أَشَمَّ طَويلَ الباعِ قَرماً حُلاحِلا
رَزينَ حَصاةِ الحِلمِ أَلوى مُمَاحِكاً / لِأَعدائِهِ طَلّابَ وَترٍ مُماطِلا
سَريعاً إِلى الجُلّى بَطيئاً عَنِ الخَنا / قَؤُولا لِما يُعيي الرِجالَ المَقاوِلا
مِنَ الصارِمِ الهِنديّ أَمضى عَزائِماً / وَأَصدَقَ مِن نَوءِ الثُرَيّا مَخائِلا
يُخافُ وَيُرجى حالَةَ السُخطِ وَالرِضا / وَما قالَ إِلّا كانَ لِلقَولِ فاعِلا
سَما لِلعُلى طِفلاً وَحالَ اِثِّغارِهِ / سَقى مِن نُحورِ الدارِعينَ العَوامِلا
وَدانَت كُماةُ الحَربِ غَصباً لِبأسِهِ / وَلَمّا تَجُز في السِنِّ عَشراً كَوامِلا
فَيا سائِلاً عَنهُ وَما مِن جَهالَةٍ / تُسائِلُ بَل تُبدي لِأَمرٍ تَجاهُلا
سَلِ الخَيلَ عَنهُ يَومَ تَكسُو حُماتَها / طَيالِسَةً مِن نَسجِها وَغَلائِلا
أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً / وَأَطوَلَها إِذ ذاكَ باعاً وَذابِلا
أَلَم يَأتِ مِن أَرضِ الشَواجِنِ يَختَطي / حَرابِيَّ أَجوَازِ الفَلا وَالخمائِلا
كَسَهمِ عَلاءٍ أَو كَما اِنقَضَّ كَوكَبٌ / يُعارِضُ عِفرِيتاً مِنَ الجَوِّ نازِلا
فَما حَلَّ عَقدَ السَيفِ حَتّى أَناخَها / ضُحىً بِعِذارِ الخَطِّ حَدباءَ ناحِلا
وَقَبلَ أَذانِ العَصرِ نُودي بِمُلكِهِ / نِداءاً أَرانا الدَهرَ يَفتَرُّ جاذِلا
وَلَم يَرزَ مَنصُوراً فَتيلاً لِمُلكِهِ / عَلَيهِ وَلا أَولاهُ إِلّا فَواضِلا
وَذُو المَجدِ لا يَرضى عُقوقاً وَلا أَذىً / لِذِي رَحِمٍ لَو لَم يَكُن قَبلُ واصِلا
وَلَو لَم يَخَف أَن يَذهَبَ المُلكُ لَم يَرُح / عَلى اِبنِ أَخيهِ مُدَّةَ الدَهرِ صائِلا
وَلَم يَبغِ فيهِ مُسعِداً غَيرَ نَفسِهِ / وَمِثلُ عِمادِ الدِينِ يَكفي قَبائِلا
سِوى أَنَّ مِن نَسلِ المُفَدّى عِصابَةً / أَبَوا أَن يُطِيعُوا في هَواهُ العَواذِلا
وَما ذاكَ إِلّا أَن رَأَوا مِثلَ ما رَأى / وَقَد يَحفَظ الدُولاتِ مَن كانَ عاقِلا
لَعَمري لَنِعمَ المُستَغاثُ مُحَمَّدٌ / إِذا البيضُ نُوزِعنَ البُرى وَالمَجاوِلا
وَنِعمَ مُناخُ الطارِقينَ رَمَت بِهِم / شَآمِيَّةٌ تُزجي سَحاباً حَوافِلا
وَنِعمَ المُراعى لِلنَزيلِ وَطالَما / أَحَلَّت رِجالٌ بِالنَزيلِ النَوَازِلا
وَنِعمَ لِسانُ القَومِ في يَوم لا تَرى / لِكِلمَةِ فَصلٍ تَرفَعُ الشَكَّ قائِلا
أَعَزُّ وَأَوفى مِن عُمَيرٍ وَحارِثٍ / وَأَكرمُ مِن كَعبٍ وَأَوسٍ شَمائِلا
وَأَصدَقُ بَأساً مِن كُلَيبٍ إِذا غَدا / يَجُرُّ إِلى حَربِ المُلوكِ الجَحافِلا
وَأَحَلَمُ مِن قَيسٍ إِذا الحِلمُ لَم يَرُح / يُطَوِّقُ عاراً أَو يُمَوِّقُ جاهِلا
وَأَمنَعُ جاراً مِن يَزيدٍ وَهانِئٍ / وَجَسّاسٍ الساقي حَسا المَوت وائِلا
إِذا ما رَأَيناهُ ذَكَرنا مُحَمَّداً / أَباهُ فَبَشَّرنا مَضيماً وَآمِلا
وَقُلنا لِأَبناءِ المُلوكِ تَوَقَّعُوا / لَهُ فَرَجاً يَأتي بِهِ اللَهُ عاجِلا
وَأَيُّ فَتى مَجدٍ وَمُجدي رَغائِبٍ / وَمِحضَأ حَربٍ يَترُكُ الشَيخَ ذاهِلا
وَشَلّالُ مَغشاةٍ وَحَلّالُ تَلعَةٍ / حَمى الخَوفُ خُبراواتِها وَالمَسائِلا
فَيا باعَلِيٍّ يا اِبنَ مَن فاقَ مَجدُهُ / أَواخِرَ أَربابِ العُلا وَالأَوائِلا
مَلَكتَ فَسِر فِيمَن مَلَكتَ بِسِيرَةٍ / تَسُرُّ مُقيماً في ذُراكُم وَراحِلا
وَكُن مِثلَ ما قَد كانَ والِدُكَ الَّذي / تَلَقَّيتَهُ وَاِعمَل بِما كانَ عامِلا
وَأَدرِك رَعايا ضَيَّعَتها رُعاتُها / وَراحَت لِضُبعانٍ وَذِئبٍ أَكايِلا
فَأَنت لَعَمري بَينَ خالٍ وَوالِدٍ / يُعيدانِ لِلعَليا سَناماً وَكاهِلا
أَبُوكَ الَّذي لَم تَحمِلِ الخَيلُ مِثلَهُ / إِذا أَجهَضَ الرَوعُ النِساءَ الحَوامِلا
مَضى لَم يُدَنِّس عِرضَهُ بِرَذِيلَةٍ / وَلا راحَ لِلمَولى وَلا الجارِ خاذِلا
وَمَن يَدَّعي خالاً كَخالِكَ يَدَّعي / مُحالاً وَإِفكاً مُستَحيلاً وَباطِلا
وَمَن كَحُسَينٍ إِن أَلَمَّت مُلِمَّة / تُريكَ البَليغَ النَدبَ فِدماً مُوائِلا
مَتى تَدعُهُ تَدعُ اِمرَءاً لا مُضَيِّعاً / صَديقاً وَلا عَن صارِخٍ مُتَثاقِلا
حَمُولا لَما حَمَّلتَهُ ذا فَظاظَةٍ / عَلى مَن يُعادي أَلمَعِيّاً مُناضِلا
وَما بَرِحُوا آلَ المُفَدّى لِجارِهِم / وَلِاِبنِ أَخيهِم حِيثُ كانُوا مَعاقِلا
وَغَزوانَ فَاِحفَظ وُدَّهُ وَاِحتَفِظ بِهِ / تَجِد سَيفَ عَزمٍ في مَراضِيكَ فاصِلا
وَقابِل بِهِ كَيدَ العَدُوِّ وَصِل بِهِ / جَناحَكَ واِجعَلهُ لِعَلياكَ حائِلا
فَما فيهِ تَضييعٌ عَلَيكَ وَلا تَرى / لَهُ في مَراضي مَن تُصافي مُشاكِلا
وَأَيُّ رَئيسٍ لا يُرى دُونَ مالِهِ / صَديقٌ وَلا عافٍ يُرَجِّيهِ حائِلا
وَجُندُكَ رُشهُم ما اِستَطَعتَ وَلا تَكُن / وَإِن غَفِلُوا عَن رَبِّهِم مُتَغافِلا
فَما الجُندُ إِلّا جُنَّةٌ تَتَّقي بِها / غَوائِلَ مَولىً أَو عَدُوّاً مُصاوِلا
وَلا تُهمِلَن وُدّي لَكُم وَقَرابَتي / وَأَشعارِيَ اللّاتي مَلَأنَ المَحافِلا
فَكَم لِيَ في عَلَياكُمُ مِن غَريبَةٍ / يَظَلُّ مُسامِيكُم لَها مُتَضائِلا
نَتائِجُ فِكرٍ غادَرَت كُلَّ فِكرَةٍ / نَتُوجٍ لِما يَحلُو مِنَ الشِعرِ حائِلا
وَكَم غُصَصٍ جُرِّعتُها في هَواكُمُ / وَلَم أُصغِ سَمعاً لِلَّذي جاءَ عاذِلا
وَفارَقتُ أَهلي غَيرَ قالٍ وَأُسرَتي / وَولدِيَ خِلّانَ الصِبا وَالمَنازِلا
وَإِنَّ مَديحي غَيرَكُم غَيرُ رائِقٍ / وَلَو أَنَّني بُلِّغتُ فيهِ الوَسائِلا
بَقيتَ لَنا يابا عَلِيٍّ لِنَقتَضي / بِكَ الثارَ مِن أَيّامِنا وَالطَوائِلا
وِعاشَ اِمرُؤٌ يَشناكَ ما عاشَ خائِفاً / قَليلاً ذَليلاً خاشِعَ الطَرفِ خامِلا
وَيهنيكَ ذا المُلكُ الَّذي عَمَّ يُمنُهُ / عُقَيلاً وَأَحيا عَبدَ قَيسٍ وَوائِلا
وَدُونَكَ مِن تَيّارِ بَحرٍ إِذا طَمى / أَراكَ بِحارَ الأَرضِ جَمعاً صَلاصِلا
وَأَنفَذتُها في حِكمَةٍ وَبَلاغَةٍ / كَسَت حُلَّةً مِن بَعدِ عَهدِكَ عاقِلا
ما شِئتُما يا صاحِبَيَّ فَقُولا
ما شِئتُما يا صاحِبَيَّ فَقُولا / هَيهاتَ لَن تَجِدا لَدَيَّ قَبُولا
لَو ذُقتُما ما ذُقتُ مِن أَلَمِ الجَوى / لَم تُكثِرا قالاً عَلَيَّ وَقِيلا
قَد قُلتَ لِلقَلبِ اللَحُوحِ وَما نَأَت / دارٌ وَما عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا
أَصَبابَةً وَأَسىً وَما حَدَجُوا لَهُم / عِيساً وَلا شَدّوا لَهُنَّ حُمُولا
هَذا الغَرامُ فَكَيفَ لَو نادى بِهِم / بَينٌ وَأَصبَحَتِ الدِيارُ طُلولا
فَاِستَبقِ دَمعَكَ وَالحَنين لِساعَةٍ / تَذَرُ الأبيلَ مِن الرِجالِ وَبِيلا
وَإِنِ اِستَطَعتَ غَداةَ داعِيَةِ النَوى / فَاِجعَل لِدَمعِكَ في الدِيارِ سَبيلا
أَنَسيمَ نَجدٍ بِالمُهَتَّكِ سُحرَةً / لِشِفاءِ ذي الكَبدِ العَليلِ عَليلا
اِحمِل إِلى أَرضِ العِراقِ رِسالَةً / عَنّي فَما أَرضى سِواكَ رَسُولا
وَالبَصرَةَ الفَيحاءَ لا تَتَخَلَّفَن / عَنها وَلا تَتَجاوَزَنها مِيلا
وَاِجعَل مُرُورَكَ مِن هُذَيلٍ إِنَّها / أَرضٌ أُحِبُّ جَنابَها المَأهُولا
وَأَفِض عَلَيها أَلفَ أَلفِ تَحِيَّةٍ / بِالمِسكِ تَفتُقُ بُكرَةً وَأَصيلا
وَاِخصُص بِأَكثَرِها الهُمامَ المُرتَجى ال / مَلكَ الأَغَرَّ الماجِدَ المَأمُولا
الأَروَعَ النَدبَ السَرِيِّ العالِمَ ال / حبرَ الجَرِيَّ السَيِّدَ البهلُولا
الحامِلَ العِبءَ الَّذي لَو رازَهُ / حَضَنٌ لآبَ بِظَهرِهِ مَحزُولا
مُعفي العُفاةِ مِن السُؤالِ فَقَلَّما / تَلقاهُ يَومَ عَطائِهِ مَسؤُولا
يُعطي الجَزيلَ مِنَ النَوالِ فَلا يَرى / إِلّا كَعابِرَةٍ عَلَيهِ سَبيلا
وَيَعُمُّ في إِعطائِهِ فَتَخالُهُ / بِجَميعِ أَرزاقِ العِبادِ كَفيلا
لا يُمسِكُ الدِينارَ إِلّا رَيثَما / يَلقى اِبنَ نَيلٍ لَم يُلاقِ مُنيلا
وَمَتى يَقُم مَعَهُ لِأَمرٍ ساعَةً / مِن يَومِهِ فَلَقَد أَقامَ طَويلا
العابِدُ المُحيي قِياماً لَيلَهُ / إِذ ناشِئاتُ اللَيلِ أَقوَمُ قِيلا
وَالزاهِدُ الصَوّامُ غَيرُ مُخَصِّصٍ / بِالصَومِ كانُوناً وَلا أَيلُولا
يا سائِلاً عَنهُ أَعَن شَمسِ الضُحى / تَعمى لَقَد فُقتَ الوَرى تَغفيلا
سِر تَلقَهُ واِبغِ الدَليلِ لِغَيرِهِ / فَالصُبحُ لا تَبغي عَلَيهِ دَليلا
وَإِنِ اِعتَرَتكَ جَهالَةٌ طَبَعِيَّةٌ / فَاِسكُت وَطُف تِلكَ الدُروبَ قَليلا
وَعَلَيكَ بِالبابِ الَّذي لا حاجِباً / تلقى بِسُدَّتِهِ وَلا قِنديلا
لَكِن تَرى الفُقَراءَ مُحدِقَةً بِهِ / زُمَراً وَأَبناءَ السَبيلِ نُزُولا
وَالمُوضِحينَ لِما رَأَوا وَبِما رَوَوا / شَرعَ الرَسولِ مُعَلَّلاً تَعليلا
وَذَوي الوُجُوهِ الصُفرِ شَفَّ جُسُومَها / إِشفاقُها وَكَسا الشِفاهَ ذُبولا
هَذا يَرومُ قِرىً وَذاكَ قِراءَةً / سُمِعَت عَن المُختارِ عَن جِبريلا
فَهُناكَ أَلقِ عَصا المَسيرِ تَجِد ثَرىً / دَمثاً وَظِلّاً لا يَزالُ ظَليلا
وَذُرىً تَقيكَ القُرَّ حينَ هُجُومِهِ / وَالحَرَّ لا وَحماً وَلا مَملُولا
يا عادِلاً بِأَبي شُجاعٍ غَيرَهُ / أُتُراكَ لا نَظراً وَلا مَعقُولا
تَأبى مَكارِمُ باتِكينَ بِأَن تَرى / أَحَداً لَهُ في ذا الزَمانِ عَديلا
جَرَتِ المُلوكُ فَلم تَشُقَّ غُبارَهُ / وَجَرى فَشَقَّ غُبارَها مَشكولا
لَو لَم يَكُن بِالبَصرَةِ اِنقَلَبَت بِمَن / فيها وَجَرَّ بِها الخَرابُ ذُيولا
كانَت سَواداً قَبلَهُ فَأَعادها / مِصراً تَرُوقُكَ مُمسِئاً وَمَقيلا
بِالمُبرِمِ الأَسواقَ وَالسُورِ الَّذي / مَنَعَ الأَعادي أَن تَميلَ مَمِيلا
وَالرّبطِ بَينَ مَدارِسٍ وَمَشاهِدٍ / شَرُفَت وَفُضِّلَ أَهلُها تَفضيلا
أَحيَا بِها لِلشافِعِيِّ وَمالِكٍ / وَأَبي حَنيفَةَ أَحرُفاً وَفُصُولا
وَبِجامِعٍ نَدَّ الجَوامِعِ كُلَّها / حُسناً وَعَرضاً في البِناءِ وَطُولا
لَولا اِتِّفاقُ حَريقِهِ في عَصرِهِ / لَعَفا وَعُطِّلَ رَسمُهُ تَعطيلا
كَم مِن رُواقٍ زادَ فيهِ وَحُصرُهُ / زادَت إِلى تَرفيلِهِ تَرفيلا
وَبَنى بِهِ لِلمُسلِمينَ مُقَرمَداً / تَرَكَ الخَوَرنَقَ في العُيونِ ضَئيلا
وَلَقد مَضَت حُقبٌ بِها وسُراتُها / نَهبٌ فَأَنقَذَ شِلوَها المَأكُولا
أَفعالُهُ لِلّهِ خالِصَةٌ فَما / تَلقى لِمُعتَقدِ الرِياءِ مَثيلا
لَو كانَ في الأُمَمِ الخَوالي مِثلهُ / مَلكٌ لَما بَعَثَ الإِلَهُ رَسُولا
يفديكَ شَمسَ الدّينِ قَومٌ لا تَرى / حَبلاً لَهم بِفَضيلَةٍ مَوصُولا
مِن كُلِّ مَغلُولِ اليَدَينِ عَنِ النَدى / فاقَ اليَهُودَ لآمَةً وَغُلولا
يَبدُو بعُثنُونٍ لَهُ قُبحاً لَهُ / لِقُرَيظَةٍ أَو لِلنَضيرِ سَليلا
زُمَّيلَةٌ فَإِذا المَظالِمُ أُسنِدَت / يَوماً إِلَيهِ رَأَيتَهُ إِزميلا
لا يَتَّقي اللَهَ العَلِيَّ وَلا يَرى / لِشَقائِهِ الفِعلَ الجَميلَ جَميلا
جَمَعَ الحُطامَ وَسَلَّ سَيفاً دُونَهُ / لَؤماً وَسَبَّلَ عِرضَهُ تَسبيلا
لَو أَنَّهُ حُمِلَت إِلَيهِ بَقَّةٌ / لأَضاعَ مِن مالِ الأمانَةِ فِيلا
لَولاكَ ما وَرَّيتُ لَكِن أَتَّقي / بَقَراً يَعُدُّونَ الصَحيحَ فُضولا
فَاِسلَم وَدُم يابا شُجاعٍ لِلعُلى / وَالمَجدِ ما دَعَتِ الحَمامُ هَديلا
تُعطي وَتَمنَعُ ما تَشاءُ وَلا تُرى / إِلّا مُذيلاً عِزَّةً وَمُنيلا
في ظِلِّ خَيرِ خَلِيفَةٍ مِن هاشِمٍ / وَرِثَ الكِتابَ وَأُلهِمَ التَنزيلا
وَاِسعَد بِذا الشَهرِ الأَصَبِّ سَعادَةً / تَبقى وَتُبلِغُكَ المُنى وَالسُولا
وَتُريكَ حاسِدَكَ المُسَفِّهَ نَفسَهُ / حَرِضاً قَليلاً في الأَنامِ ذَليلا
بِالسَيفِ يُفتَحُ كُلُّ بابٍ مُقفَلٍ
بِالسَيفِ يُفتَحُ كُلُّ بابٍ مُقفَلٍ / وَتُحَلُّ عُقدَةُ كُلِّ خَطبٍ مُشكِلِ
فَاِقرَع إِذا صادَفتَ باباً مُرتَجاً / بِالسَيفِ حَلقَةَ صَفقَتَيهِ تَدخُلِ
وَإِذا بَدَت لَكَ حاجَةٌ فَاِستَقضِها / بِالمَشرَفِيَّةِ وَالرِماحِ الذُبَّلِ
لا تَسأَلَنَّ الناسَ فَضلَ نَوالِهِم / وَاللَهَ وَالبِيضَ الصَوارِمَ فَاِسأَلِ
فَالسَيفُ أَكرَمُ مُجتَدىً يَمَّمتَهُ / فَإِذا تَلُوذُ بِهِ فَأَمنَعُ مَعقِلِ
وَاِجعَل رَسُولَكَ إِن بَعَثتَ إِلى العِدى / زُرقَ الأَسِنَّةِ فَهيَ أَصدَقُ مُرسَلِ
وَاِعلَم هُدِيتَ وَلا إِخالُكَ جاهِلا / أَنَّ الرَسولَ يُبينُ عَقلَ المُرسِلِ
وَاِقعُد وَأَرضُكَ ظَهرُ أَجرَدَ سابِحٍ / وَسَماؤُكَ الدُنيا غَيابَةُ قَسطَلِ
كُن كَاِبنِ مَسعُودٍ حُسَينٍ في النَدى / وَالبَأسِ أَو فَعَنِ المَكارِمِ فَاِعدِلِ
الطاعِنِ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ / جَيّاشَةٍ تَغلي كَغَليِ المِرجَلِ
وَالتارِكِ الأَبطالَ تَسجُدُ هامُها / بِالسَيفِ غَيرَ عِبادَةٍ لِلأَرجُلِ
وَالخائِضِ الغَمَراتِ لا مُتَقَهقِراً / حَتّى بِصارِمِهِ المُهَنَّدِ تَنجَلي
وَالنازِلِ الثَغرَ الَّذي لَو يُبتَلى / بِنُزولِهِ رَبُّ الحِمى لَم يَنزِلِ
وَالحامِلِ العِبءَ الَّذي لَو حُمِّلَت / هَضَباتُ سَلمى بَعضَهُ لَم يَحمِلِ
وَالواهِبِ الكُومَ الذُرى وَرعاتَها / وَفِصالَها عَفواً ولَمّا تُفصَلِ
وَهُوَ المُجيرُ الجارِياتِ مُرَوّعاً / مَن جارَهُ فِعلَ الهُمامِ الأَطوَلِ
وَتَبيتُ جارَتُهُ وَلَم يَرفَع لَها / كِسراً بِعِلَّةِ قائِلٍ مُتَضَلِّلِ
يُغضي إِذا بَرَزَت وَيَخفِضُ صَوتَهُ / عَنها فِعالَ الناسِكِ المُتَبَتِّلِ
لَم يَنطِقِ العَوراءَ قَطُّ وَلا اِصطَفى / نَذلاً وَلا أَصغى لِقَولِ مُضَلِّلِ
وَإِذا المُحُولُ تَتابَعَت أَلفَيتَهُ / مُتَبَجَّحَ العافي وزادَ المُرمِلِ
وَإِذا لَظى الحَربِ الزَّبونِ تَأَجَّجَت / أَطفى لَوافِحَها بِحَملَةِ فَيصَلِ
كَم فارِسٍ أَردى بِطَعنَةِ ثائِرٍ / تُدني مِنَ الأَدبارِ حَدَّ المَقتلِ
وَعَميدِ قَومٍ صَكَّ مَفرِقَ رَأسِهِ / بِالسَيفِ في لَيلِ العَجاجِ الأَليَلِ
يَلقى الكَتيبَةَ واحِداً فَكَأَنَّها / في مِقنَبٍ وَكَأَنَّهُ في جَحفَلِ
وَكأَنَّ جاحِمَ كُلِّ نارٍ أُوقِدَت / لِلحَربِ في عَينَيهِ نارُ مُهَوِّلِ
تَلقاهُ أَثبَتَ ما يُكُونَ جَنانُهُ / وَالبِيضُ تَختَطِفُ الرُؤوسَ وَتَجتَلي
مُتَهاوِناً بِالمَوتِ يَعلَمُ أَنَّهُ / سَيَمُوتُ بِالأَدواءِ مَن لَم يُقتَلِ
نَهدٌ عَلى نَهدِ المَراكِلِ سابِحٍ / رَحبِ اللِبابِ مُحَجَّلٍ لِلأَرجُلِ
مُتَمَطِّرٍ سامي التَليلِ مُقابلٍ / بَينَ النَعامَةِ وَالحرُونِ وَقُرزُلِ
كَالمَجدَلِ العادِيِّ إِلّا أَنَّهُ / يُمرى فَيَنقَضُّ اِنقِضاضَ الأَجدَلِ
طِرفٌ يُعَوِّذُهُ الأَريبُ مُجَلَّلاً / مِن شَرقِ طُرَّتِهِ وَغَيرَ مُجَلَّلِ
وَبِكَفِّهِ ماضٍ يُخالُ عَقيقَةً / لَمَعَت بِصَفحَةِ عارِضٍ مُتَهَلِّلِ
عَودٌ عَنِ اليَومَينِ يُخبِرُ صادِقاً / وَعَنِ الثَلاثَةِ وَالكُلابِ الأَوَّلِ
وَالشَيِّطَينِ وَلَعلَعٍ وأُوارَةٍ / وَحِمى ضَرِيَّةَ وَالنِباجِ وَثَيتَلِ
أَبَداً يَقُولُ لِمُنتَضيهِ في الوَغى / اِعلُ الطُلا وَالهامَ بي وَتَوَكَّلِ
كَم هامَةٍ شُقَّت بِهِ وَدَعامَةٍ / دُقَّت فَخَرَّت لِلحَضيضِ الأَسفَلِ
وَعَلَيهِ مُحكَمَةُ القَتيرِ تَخالُها / بَعضَ الإِضاءِ بِصَحصَحانٍ أَنجَلِ
وَقعُ الصَفيحَةِ وَالقَناةِ بِمَتنِها / وَقعُ الحُفاةِ وَريشَةٍ مِن أَجدَلِ
لَو رُدَّ مَحتُومُ القَضاءِ لَقابَلَت / بِالرَدِّ مَحتُومَ القَضاءِ المُنزَلِ
ماضي المُهَنَّدِ وَالسِنانِ وَعَزمُهُ / أَمضى وَغَيرُ كَهامَةٍ في المِقوَلِ
زاكي العُمُومَةِ وَالخُؤولَةِ غَيرُ ذي / أَشَبٍ فَبُورِكَ مِن مُعِمٍّ مُخوِلِ
أَمضى إِذا ما هَمَّ مِن ذِي رَونَقٍ / صافي الحَديدَةِ ذي فِرِندٍ مُنصلِ
نَدَّ الوَرى طِفلاً وَبرَّزَ يافِعاً / وَبَنى العُلى وَعِذارُهُ لَم يَبقُلِ
إِغضاءُ قَيسٍ في شَجاعَةِ وائِلٍ / وَسَخاءُ مَعنٍ في وَفاءِ سَمَوأَلِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجوهِ أَعِزَّةٍ / جُر يامُجاوِرهُم بِهِم أَو فَاِعدِلِ
فَضلٌ أَبُوهُم وَالمَعَظَّمُ عَبدَلٌ / مَن مِثلُ فَضلٍ في الفَخارِ وَعَبدَلِ
وِإِذا عَدَدتَ أَبا سِنانٍ وَاِبنَهُ / وَاِبنَ اِبنِهِ فَاِشرَب خَصيمَكَ أَو كُلِ
غُرٌّ بَنى لَهُمُ الأَغَرُّ أَبُوهُمُ / بَيتاً أَنافَ عَلى السِماكِ الأَعزلِ
إِن قالَ قائِلُهُم أَصابَ وَإِن رَمى / أَصمى وَإِن سُئِلَ النَدى لَم يَبخَلِ
عُقَدُ الجَبابِرِ عِندَهُم مَحلُولَةٌ / وَإِذا أَمَرّوا عُقدَةً لَم تُحلَلِ
نَسلُ العُيُونِيِّ الَّذينَ أَحَلَّهُم / بِفِعالِهِ في المَجدِ أَشرَفَ مَنزِلِ
بِرِماحِهِم وَصِفاحِهِم وَسَماحِهِم / وَرِثُوا السِيادَةَ آخِراً عَن أَوَّلِ
لا غالَهُم صَرفُ الزَمانِ فَكَم لَهُم / في الدَهرِ مِن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ
يا مَن يَقيسُ بِآلِ فَضلٍ غَيرَهُم / لا تُوهِمَنَّ الدَوحَ غَيرَ القَرمَلِ
ما كُلُّ نَبتٍ راقَ طَرفَكَ لَونُهُ / مَرعىً وَلا كُلُّ المِياهِ بِمَنهَلِ
يا آلَ فَضلٍ دَعوَةً مِن مُخلِصٍ / لَكُمُ المَوَدَّةَ لَيسَ بِالمُتَجَمّلِ
لَم يَرتَقي القَومُ الجَميمَ وَما لَنا / غَير الأَلاءَةِ مَرتَعاً وَالحَرمَلِ
وَلِمَ الشَقائِقُ وَالتِلاعُ لِغَيرِنا / وَلنا الخَطائِطُ قسمُ مَن لَم يَعدِلِ
وَالبارِدُ العَذبُ الزُلالُ لِغَيرِنا / وَنُخَصَّ بِالمِلحِ الأُجاجِ الأَشكَلِ
أَرحامُنا مِن يَومِ غُيِّبَ جَدُّكُم / في رَمسِهِ مَقطُوعَةٌ لَم تُوصَلِ
حَتّى كَأَنّا مِن جُهَينَةَ أَصلُنا / لا وُلدَ عَبدِ اللَهِ نَحنُ وَلا عَلِي
وَلِمَ العَدُوُّ يَرُوحُ قِردَ زُبَيدَةٍ / شَبَعاً وَمُصفِي الوُدّ كَلبَةَ حَومَلِ
لَولاكَ قُلتُ وَقُلتُ لَكِنّي اِمرُؤٌ / أَبَداً أَصُونُ عَن الشِّكايَةِ مِقوَلي
بَيتُ الرِئاسَةِ لِي وَحِكمَةُ دَغفَلٍ / وَبَيانُ سَحبانٍ وَشِعرُ الأَخطَلِ
فَبَقِيتُمُ لِلمكرُماتِ وَلِلعُلى / أَبَداً بَقاءَ عَمايَتَينِ وَيَذبلِ
اِنزِل لِتَلثِمَ ذا الصَعيدَ مُقَبِّلاً
اِنزِل لِتَلثِمَ ذا الصَعيدَ مُقَبِّلاً / شَرَفاً وَإِجلالاً لِمَولى ذا المَلا
وَقُلِ السَلامُ عَلَيكَ يا مَن لَم يَزَل / كَنزاً لِأَبناءِ الهُمومِ وَمَعقِلا
وَاِشكُر أَيادِيَهُ الَّتي أَولاكَها / فَلَقَد أَطابَ لَكَ العَطاءَ وَأَجزَلا
وَأَشِر إِلَيهِ بَعدَ ذاكَ مُوَدِّعاً / تَوديعَ لا مَلَلٍ عَراكَ وَلا قِلى
أَفديهِ مِن مَلِكٍ لَقَد أَضحى بِهِ / جَدُّ المَكارِمِ وَالأَكارِمِ مُقبِلا
ما كُنتُ آمُلُ مِن نَداهُ أَنالَني / فَأَنا لَهُ رَبُّ العُلى ما أَمَّلا
أَلفا مُصَتَّمَةٍ أَجازَ وَبَغلَةً / تَشأى النَعامَةَ وَالحَرونَ وَقُرزُلا
وَمِنَ المَلابِسِ خِلعَةً لَو قابَلَت / رَوضَ الحِمى أُنُفاً لَكانَت أَجمَلا
وَوَراء ذَلِكُمُ اِعتِذارٌ أَنَّهُ / لَولا أُمُورٌ جَمَّةٌ ما قَلَّلا
وَأَحَبُّ مِن هَذا إِلَيَّ لِقاؤُهُ / لِي مُسفِراً عَن بِشرِهِ مُتَهَلِّلا
وَسُؤالُهُ لِي كَيفَ أَنتَ وَقَولُهُ / أَهلاً أَتَيتَ وَزالَ نَحسٌ وَاِنجَلى
فَأَضاءَ في عَيني النَهارَ وَقَبلَ أَن / أَلقاهُ كانَ عَلَيَّ لَيلاً أَليَلا
وَشَكَرتُ حادِثَةً أَرَتني وَجهَهُ / لَو كانَ نَزعُ الرُوحِ مِنها أَسهَلا
وَغَفَرتُ زَلَّةَ ظالِمَيَّ لِكَونِها / سَبَبَ اللِقاءِ وقلتُ أَيسَرُ مَحمَلا
إِن كانَ قَد أَبقى حَسُودي باهِتاً / فَلَأُبقِيَنَّ حَسُودَهُ مُتَمَلمِلا
وَلَأَكسُوَنَّ عُلاهُ ما لا يَنطَوي / أَبَدَ الزَمانِ وَلا يُلِمُّ بِهِ البِلى
وَلَأعقِدَنَّ عَلى ذُؤابَةِ مَجدِهِ / تاجاً مِنَ الدُرِّ الثَمينِ مُفَصَّلا
وَلَأَضرِبَنَّ بِجُودِهِ الأَمثالَ كَي / يَشدُو بِها مَن شاءَ أَن يَتَمثّلا
بِأَبي الهُمامِ أَبي الفَضائِلِ ذي العُلى / وَالمَكرُماتِ فَما أَبَرَّ وَأَفضلا
كُن أَيُّها الساعي لِإدراكِ العُلى / كَأَبي الفَضائِلِ في النَدى أَو لا فَلا
وَأَما لَعَمرُ اللَهِ لَستُ بِمُدرِكٍ / شَأوَ الأَميرِ وَما عَسى أَن تَفعَلا
لِلّهِ بَدرُ الدِينِ مِن مَلِكٍ فَما / أَوفى وَأكفى لِلخُطُوبِ وَأَحمَلا
مَلِكٌ أَنَختُ بِهِ الرَجاءَ مُؤَمِّلاً / فَرَجَعتُ مِن جَدوى يَدَيهِ مُؤَمَّلا
أَيّامُهُ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ وَقَد / ضَمنَ الأَخيرُ بِأَن يَفُوقَ الأَوَّلا
زَهَت البِلادُ بِهِ فَما مِن بَلدَةٍ / إِلّا تَمَنَّت أَن تَكُونَ المَوصِلا
مَن مُبلغ ساداتِ قَومي أَنَّني / لاقَيتُ بَعدَهُم الجَوادَ المُفضِلا
وَنَزَلتُ حَيثُ المَكرُماتُ وَقُمتُ في / حَيثُ اِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَالعُلى
يَفديكَ بَدرَ الدِينِ كُلُّ مُسَربَلٍ / بِاللُؤمِ غايَةُ حَزمِهِ أَن يَبخَلا
حَفِظَ الحُطامَ وَسَلَّ سَيفاً دُونَهُ / وَأَضاعَ مِنهُ العِرضَ تَضيِيعَ السَلا
فَغَدَت تُمزِّقُهُ الرِجالُ وَتَختَطي / لُجَجَ البِحارِ بِهِ وَأَجوَازَ الفَلا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي في كَفِّهِ / بَحرٌ أَرانا كُلَّ بَحرٍ جَدولا
لا تَحسَبَنَّ ثَنايَ لِلمالِ الَّذي / خَوَّلتَنيهِ فَلَم أَزَل مُتَمَوِّلا
وَالمالُ عِندَكَ كَالتُرابِ مَحَلُّهُ / تَحبُو بِهِ مَن هانَ قَدراً أَو عَلا
لَكِن رَأَيتُ خَلائِقاً ما خِلتُني / أَحظى بِرُؤيَةِ مِثلِها في ذا المَلا
لَولا النُبُوَّةُ بِالنَبِيِّ مُحَمَّدٍ / خُتِمَت لَقُلتُ أَرى نَبِيّاً مُرسَلا
قُل لِي أَمَلكٌ أَنتَ أَم مَلكٌ فَمَن / نَظَرَ العُجابَ فَحَقُّهُ أَن يَسأَلا
ما هَذِهِ الأَخلاقُ في بَشَرٍ وَلا / هَذا السَماحُ إِذا اللَبِيبُ تَأَمَّلا
فَبَقيتَ ما بَقِيَ الزَمانُ لِذا الوَرى / كَهفاً نَلُوذُ بِهِ وَسِتراً مُسبَلا
وَبَقيتَ لِلمَعرُوفِ أَيضاً وَالعُلا / أَبَداً بَقاءَهُما ثَبيرَ وَيَذبُلا
وَأَراكَ رَبُّكَ ما تُحِبُّ وَعاشَ مَن / يَشناكَ يَهوى المَوتَ مِن جَهدِ البَلا
بَنانُكَ مِن مُغدُودِقِ المُزنِ أَهطَلُ
بَنانُكَ مِن مُغدُودِقِ المُزنِ أَهطَلُ / وَباعُكَ مِن رَضوى وَثَهلانَ أَطوَلُ
وَدارُكَ دارُ الأَمنِ مِن كُلِّ حادِثٍ / وَمَنزِلُكَ المَعمُورُ لِلمَجدِ مَنزِلُ
إِذا عُدَّ أَربابُ النَباهَةِ وَالعُلى / فَأَنتَ عَلى رغَمِ المُعادينَ أَوَّلُ
تَجاوَزتَ مِقدارَ الكَمالِ فَما يُرى / عُلىً كامِلاً إِلّا وَعَلياكَ أَكمَلُ
وَحُزتَ خِلالَ الفَضلِ مِن كُلِّ وجهَةٍ / فَما فاضِلٌ إِلّا وَأَنتَ المُفَضَّلُ
كَمالَ الوَرى آنَ الرَحيلُ وَلَم يَعُد / لِذي أَرَبٍ عَن قَصدِهِ مُتَعَلَّلُ
وَلَم يَبقَ إِلّا أَن يُوَدِّعَ راحِلٌ / مُقيماً فَمنحيها جَنُوبٌ وَشَمأَلُ
أَقولُ وَلِي قَلبٌ شَعاعٌ تَضُمُّهُ / جَوانِحُ يَعلُو الشَوقُ فيها وَيَسفُلُ
وَلي أَنَّةٌ تُشجي القُلوبَ وَزَفرَةٌ / تَكادُ بِأَدناها ضُلوعي تَزَيَّلُ
وَقَد كِدتُ أَن أُبدي الحَنينَ تَبَرُّماً / مِنَ الغَبنِ إِلّا أَنَّني أَتَجَمَّلُ
لَحى اللَهُ دَهراً أَلجَأتني صُروفُهُ / إِلى حَيثُ يُلغى حَقُّ مِثلي وَيُهمَلُ
وَعاقَبَ قَومي الغُرَّ شَرَّ عُقُوبَةٍ / وَخَصَّصَ مَن يَنمي عَلِيٌّ وَعَبدَلُ
فَلَولاهُمُ وَاللَهُ يَعلَمُ ذَلِكُم / لَما فاهَ لي بِالمَدحِ في الناسِ مِقوَلُ
وَلا حُطَّ بِالفَيحاءِ رَحلي وَلا رَأَت / فُرى ظاهِرِ الزَوراءِ شَخصي وَإِربِلُ
وَقَد كان لِي مِن إِرثِ جَدّي وَوالِدي / غِنىً فيهِ لِلرّاجي الَّذي يَتَمَوَّلُ
وَلا اِستَقبَلَت جاهي رِجالٌ جَهالَةً / وَجاهَلَ قَدري بِالمَحامِدِ أَجهَلُ
فَإِن يَكُ ما أَبغي ثَقيلاً لَدَيهِمُ / فَحَملُ الكَريمِ الحُرِّ لِلمَنِّ أَثقَلُ
لَقَد كانَ لِي لَولا رَجاءُ مُحَمَّدٍ / عَنِ المَوصِلِ الحَدباءِ مَنأىً وَمَرحَلُ
ولَم آتِها إِلّا عَلى اِسمِ رَجائِهِ / وَلِلخَطبِ يُرجى ذُو العُلى وَيُؤَمَّلُ
وَيَأبى لَهُ البَيتُ الرَفيعُ عِمادُهُ / رُجوعي بِحالٍ نَشرُها لَيسَ يَجملُ
وَكَيفَ وَعِندي أَنَّهُ ذُو بَصيرَةٍ / إِذا حارَتِ الأَلبابُ وَالجَدُّ مُقبِلُ
خَلِيلَيَّ ما كُلُّ الرِجالِ وَإِن عَلَوا / كَمالٌ وَلا كُلُّ الأَقاليمِ مَوصِلُ
وَلا كُلُّ نَبتٍ تُخرِجُ الأَرضُ مَأكَلٌ / وَلا كُلُّ ماءٍ تُبصِرُ العَينُ مَنهَلُ
هُوَ الماجِدُ النَدبُ الَّذي لا جنابُهُ / بِوَعرٍ وَلا بابُ النَدى مِنهُ مُقفَلُ
هُمامٌ إِذا اِستَسقَيتَ مُزنَ بَنانِهِ / سَقَتكَ حَياً مِن فَيضِهِ البَحرُ يَخجَلُ
جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها / وَلَم يَبقَ في البُزلِ القَناعِيسِ مَحمَلُ
ضَحُوكٌ إِذا ما العامُ قَطَّبَ وَجهَهُ / عُبُوساً وَأَبدى نابَهُ وَهوَ أَعقَلُ
عَلى أَنَّهُ البَكّاءُ في حِندِسِ الدُجى / خُشُوعاً وَمُحيي لَيلِهِ وَهوَ أَليَلُ
يُقِرُّ لَهُ بِالجودِ كَعبٌ وَحاتِمٌ / وَيَقضي لَهُ بِالمَجدِ زَيدٌ وَدَغفَلُ
سَما لِذُرى العَلياءِ مِن فَرعِ وائِلٍ / وَكُلُّ فَتىً مِن وائِلٍ فَهوَ مَوئِلُ
بِآبائِهِ عَزَّت نِزارٌ وَأَصبَحَت / تَقُولُ بِعَزمٍ ما تَشاءُ وَتَفعَلُ
مُلُوكٌ هُمُ أَردُوا لَبيداً وَغادَرَت / صُدورُ قَناهُم تُبَّعاً يَتَمَلمَلُ
وَهُم تَرَكُوا يَومَ الكُلابِ عَلى الثَرى / شُرَحبِيلَ شِلواً حَولَهُ الطَيرُ تَحجِلُ
وَعَمرو بنَ هِندٍ عَمَّمُوا أُمَّ رَأسِهِ / حُساماً يَقُدُّ البيضَ وَالهامَ مِن عَلُ
فَآخِرُهُم ما مِثلُهُ اليَومَ آخِرٌ / وَأَوَّلُهُم ما مِثلُهُ كانَ أَوَّلُ
وَإِنّ كَمالَ الدينِ لا زالَ كامِلاً / لأَشرَفُ أَن يَسمُو بِجَدٍّ وَأَنبَلُ
هُوَ الطَودُ حِلماً وَالمُهَنَّدُ عَزمَةً / هُوَ البَحرُ جُوداً بَل عَطاياهُ أَجزَلُ
لَهُ هَيبَةٌ مِلءُ الصُدورِ وَإِنَّهُ / عَلى عِزَّهِ للناسِكُ المُتَبَتِّلُ
تَوَلّى وَأَولى الناسَ خَيراً وَأَصبَحَت / صَوادي المُنى مِن نَيلِهِ وَهيَ نُهَّلُ
وَلاقى الرَعايا خافِضاً مِن جَناحِهِ / وَفي بُردِهِ لَيثٌ بِخفّانَ مُشبِلُ
تَراهُ فَتَلقى مِنهُ في السِلمِ واحِداً / وَلَكِنَّهُ عِندَ المُلِمّاتِ جَحفَلُ
صَؤُولٌ وَلا خَيلٌ قَؤُوَلٌ وَلا خَفَاً / سَؤُولٌ بحالِ الضَيفِ وَالجارِ فَيصَلُ
فَيا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ شَأوَهُ / رُوَيداً وَلا يَغرُركَ سَعيٌ مُضَلَّلُ
عَرَفتُ بَني هَذا الزَمانِ فَلَم أَجِد / سِواهُ إِذا ما حُمِّلَ الثِّقلَ يَحمِلُ
فَكَم صاحِبٍ صاحَبتُهُ لا مُؤَمِّلاً / نَدىً مِن يَدَيهِ غَيرَ أَنّي المُؤَمَّلُ
فَأَجهَدتُ نَفسي في البِناءِ لِمَجدِهِ / كَأَنّي بِهِ مِن كُلِّ بابٍ مُوَكَّلُ
إِذا صَدِئَت مِنهُ المَساعي جَلَوتُها / بِعارِفَةٍ مِنّي وَلِلمَجدِ صَيقَلُ
فَلَمّا رَماني الدَهرُ عَن قَوسِ نازِعٍ / وَلِلدهرِ حالاتٌ تَجُورُ وَتَعدِلُ
رَمى مَقتَلي مَع مَن رَمى وَهوَ عالِمٌ / بِأَنَّ شَوى مَن كادَهُ الدَهرُ مَقتَلُ
وَأَصبَحَتِ الحُسنى تُعَدُّ إِساءَةً / عَلَيَّ وَيُستَصفى عَدُوّي وَأُعزَلُ
وَتَكثُر عِندي لا لِعُذرٍ ذُنوبُهُ / فَأُمسي عَلى أَبوابِهِ أَتَنَصَّلُ
وَما ذاكَ عَجزٌ عَن مُكافاةِ خائِنٍ / وَلَكِنَّ حِلمي عَن ذَوي الجَهلِ أَفضَلُ
فَلا يُبعِدَنَّ اللَهُ شَخصَ مُحمَّدٍ / فَلَيسَ عَلى خَلقٍ سِواهُ مُعَوَّلُ
وَلا كانَ هَذا آخِرَ العَهدِ إِنَّني / إِلى اللَهِ في أَن نَلتَقي أَتَوَسَّلُ
فَيا شَقوَتا مِن عُظمِ شَوقٍ مُبَرِّحٍ / إِلَيهِ بِأَثناءِ الحَشا يَتَغَلغَلُ
إِلَيكَ كَمالَ الدّينِ عِقدُ جَواهِرٍ / أَضِنُّ بِها عَمَّن سِواكَ وَأَبخَلُ
يُقَصِّرُ عَن تَرصيعِها في عُقُودِها / أَخُو دارِمٍ وَالأَعشيانِ وَجَروَلُ
أَبا الكَرَمِ المَدعُوّ لِلخَطبِ إِنَّني / رَجَوتُكَ وَالمَدعُوُّ لا يَتَأوَّلُ
فَغِر لِكَريمٍ لَم يَكُن في حِسابِهِ / نُزُولٌ بِأَبوابِ السَلاطينِ يَسأَلُ
وَلا خالَ أَنَّ الدَهرَ يَسعى لِكَيدِهِ / فَيُلقى عَلَيهِ مِنهُ نَحرٌ وَكَلكَلُ
فَلَم يَبقَ إِلّا أَنتَ بابُ وَسيلَةٍ / إِلى كُلِّ خَيرٍ مِنهُ لِلناسِ مَدخَلُ
فَعِش لِلمَعالي وَاِبقَ لِلمَجدِ ما بَقي / ثَميرٌ عَلى مَرِّ اللَيالي وَيَذبُلُ
سَما لَكَ مِن أُمِّ العُبَيدِ خَيالُ
سَما لَكَ مِن أُمِّ العُبَيدِ خَيالُ / وَدُونَ لِقاها أَجرُعٌ وَسَيالُ
سَما وَمَطايانا كَأَنَّ اِقتِحامَها / غَوارِبَ أَمواجِ الفُراتِ فِيالُ
فَأَهدى سُروراً عازِباً كانَ قَد مَضى / وَأَنسَتهُ أَيّامٌ مَرَرنَ طِوالُ
وَعادَ فَلَم يَلبَث فَواقاً كَأَنَّما / عَلَيهِ بِتَعجيلِ الرُجوعِ كفالُ
فَشايَعتُهُ أَقضي الذِّمامَ لِأَنَّني / لِذاكَ أَبٌ في الحالَتَينِ وَخالُ
إِلى أَن بَلَغنا الجِسرَ وَالتُرعَةَ الَّتي / بِأَكنافِها الحَيُّ الكِرامُ حِلالُ
وَحانَت لِعَيني يَقظَةٌ بانَ عِندَها / بِأَنَّ الَّذي قَد كُنتُ فيهِ مُحالُ
فَواهاً لَها تَهوِيمَةً بَعَثَت جَوىً / حُرِمتُ لَهُ اللّذّات وَهيَ حَلالُ
أرَتني دِيارَ الحَيِّ قَومي وَدُونَها / وِهادٌ وَأَطوادٌ عَلَت وَرِمالُ
وَكُلَّ اِبنِ شَرٍّ قَرنُهُ مِن رِدائِهِ / يَرى شَخصَهُ جِنُّ الفَلا فَيُهالُ
رَعى اللَهُ هاتيكَ الدِيارَ وَإِن سَرَت / إِلَينا أَفاعٍ أَنبَتَت وَصِلالُ
أَقُولُ لِرَكبٍ مِن عُقَيلٍ لَقيتُهُم / وَأَعناقُها لِلقَريَتينِ تُمالُ
أَيا رَكبُ حُيِّيتُم وَجادَت بِلادَكُمُ / غَمائِمُ أَدنى سَحِّهِنَّ سِجالُ
إِذا جِئتُمُ أَرضَ الحَساءِ وَقابَلَت / قِبابٌ بِضاحي بَرِّها وَتِلالُ
فَأَرخُوا لَها فَضلَ الأَزمَّةِ ساعَةً / وَإِن كانَ أَينٌ مَسَّها وَكَلالُ
إِلى أَن تُوافوا الدَربَ وَالمَسجِدَ الَّذي / بِهِ الحَيُّ حَيٌّ وَالشَمالُ شَمالُ
فَثَمَّ تُلاقُونَ المُلوكَ بَني أَبي / وَيَكثُرُ عَنّي حينَ ذاكَ سُؤالُ
فَقُولُوا لَهُم إِنّا تَرَكنا أَخاكُمُ / بِحَيث مَآلُ الراغِبينَ مَآلُ
لَدى مَلِكٍ لا يَبلُغُ الوَصفُ مَدحَهُ / وَإِن أَطنَبَ المُدّاحُ فيهِ وَقالُوا
حَمُولٌ لِأَعباءِ الأُمورِ وَإِنَّها / عَلى غَيرِهِ لَو رامَها لَثِقالُ
لَهُ أَبَداً عِرضٌ مَصونٌ عَنِ الخَنا / وَمالٌ لِمُمتاحِ النَوالِ مُذالُ
هُوَ المَلكُ لا يَجري البَذا في نَدِيِّهِ / وَإِن طالَ قِيلٌ في الخِصامِ وَقالُ
تَوَلّى فَأَولى كُلَّ خَيرٍ فَأَصبَحَت / بِهِ المُهَجُ العَطشى وَهُنَّ نِهالُ
وَلاقى الرَعايا خافِضاً مِن جَناحِهِ / وَفي بُردَتَيهِ هَيبَةٌ وَجَلالُ
جَوادٌ لَو اِنَّ البَحرَ عارَضَ جُودَهُ / لَما اِبتَلَّ لِلمُجتازِ فيهِ قِبالُ
وَلَو أَنَّ لِلعَضبِ اليَمانِيِّ عَزمَهُ / لَما كادَهُ أَنَّ الرُؤوسَ جِبالُ
وَلَو أَنَّ لِلضِرغامِ قَلباً كَقَلبِهِ / لَما هالَهُ أَنَّ التُرابَ رِجالُ
هُوَ الشَمسُ نُوراً وَاِرتِفاعاً وَشارَةً / كَما قَد تَسَمّى وَالمُلوكُ ذُبالُ
بِهِ البَصرَةُ الفَيحاءُ أَقبَلَ سَعدُها / وَقَد كانَ فيها لِلنُحوسِ مَجالُ
تَوَخّى شَكاياها الَّتي بَرَحَت بِها / فَأَبرَأَ مِنها الداءَ وَهوَ عُضالُ
وَلَولاهُ لَم يَبرَح مُقيماً بِأَرضِها / هوانٌ وَذُلٌّ شامِلٌ وَنَكالُ
أَزالَ الأَذى عَنها اِحتِساباً وَرَغبَةً / وَما كانَ مَرجُوّاً لِذاكَ زَوالُ
وَأَقصى وُلاةَ الجَورِ عَنها حَميَّةً / لِيَسكُنَ مَرعُوبٌ وَيَنعُمَ بالُ
فَلا عُدِمَت أَيّامُهُ الغُرُّ إِنَّها / لَتَعدِلُ طَعمَ الماءِ وَهوَ زُلالُ
وَأُقسِمُ ما تَأتي اللَيالي بِمِثلِهِ / وَأَنّى وَما كُلُّ الرِجالِ رِجالُ
فَيا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ مَجدَهُ / أَفِق إِنَّ هَذا السَعيَ مِنكَ ضَلالُ
وَدَع عَنكَ ما لا تَستَطيعُ فَقَد تَرى / مَساعيَ شَمسِ الدَينِ لَيسَ تُنالُ
إِذا عُدَّ أَهلُ الفَضلِ يَوماً فَكُلُّهُم / عَلى فَضلِهِ لَو يُنشَرونَ عيالُ
لِكُلِّ اِمرِئٍ مِنهُم خِصالٌ حَمِيدَةٌ / وَلَكِنّ شَمسَ الدّينِ فيهِ كَمالُ
تَرى عِندَهُ ما عِندَهُم مِن فَضِيلَةٍ / وَفيهِ خِلالٌ فَوقَها وَخِلالُ
حَياءٌ وَإِقدامٌ وَحِلمٌ وَقُدرَةٌ / وَحَزمٌ وَجُودٌ لَيسَ فيهِ مِطالُ
وَعِلمٌ وَإِيمانٌ وَعَدلٌ وَرَأفَةٌ / وَنُسكٌ وَرَهبانِيَّةٌ وَجَمالُ
تَزاحَمَ أَهلُ العِلمِ وَالطالِبُو النَدى / لَدَيهِ لِكُلٍّ في هَواهُ سُؤالُ
فَلِلطّالِبي الفَتوى بَيانٌ مُعَلَّلٌ / كَذاكَ لِطُلّابِ النَوالِ نَوالُ
فِدىً لَكَ يا تاجَ المُلوكِ مَعاشِرٌ / سِيادَتُهُم لِلمُسلِمينَ وَبالُ
لَهُم عَن فِعالِ الخَيرِ أَيدٍ قَصيرَةٌ / وَلَكِنَّها في المُخزِياتِ طِوالُ
فَدُونكَ عِقداً صاغَهُ الفِكرُ مِن فَتىً / يَرى أَنَّ مَدحاً في سِواكَ خَبالُ
وَلَستُ بِمُهدٍ لِلرِجالِ مَدائِحي / وَإِن قَلَّ مالٌ أَو تَغَيَّرَ حالُ
وَلَكِنَّ نُعمى حَرَّكَتني وَصُحبَةٌ / وَوُدٌّ وَهَذا لِلكِرامِ صِقالُ
فَلا ظَفِرَت مِنكَ الأَعادي بِغِرَّةٍ / وَلا زِلتَ تَغزُو أَرضَها فَتُدالُ
وَجُزتَ المَدى يابا شُجاعٍ وَلا عَدَت / فِناءَكَ مِن بَعدِ الرِجالِ رِحالُ
حُطُّوا الرِحالَ فَقَد أَودى بِها الرَحلُ
حُطُّوا الرِحالَ فَقَد أَودى بِها الرَحلُ / ما كُلِّفَت سَيرَها خَيلٌ وَلا إِبلُ
بَلَغتُمُ الغايَةَ القُصوى فَحَسبُكُمُ / هَذا الَّذي بِعُلاهُ يُضرَبُ المَثَلُ
هَذا هُوَ المَلكُ بَدرُ الدِينِ خَيرُ فَتىً / بِهِ تَعَلَّقَ لِلرّاجي الغِنى أَمَلُ
هَذا الَّذي لَو يُباري فَيضَ راحَتِهِ / فَيضُ البِحارِ لما أَضحى لَها بَلَلُ
هَذا الَّذي لَو لِلَيثِ الغابِ نَجدَتُهُ / ما حَلَّ إِلّا بِحَيثُ الشِيحُ وَالنَفَلُ
هَذا الَّذي بِالنَدى وَالبَأسِ يَعرِفُهُ / وَبِالتُقى كُلُّ مَن يَحفى وَيَنتَعِلُ
هَذا الهُمامُ الَّذي أَقصى مَطالِبِهِ / ما لا يُحدُّ وَأَدنى هَمِّهِ زُحَلُ
الناسُ كُلُّهُمُ هَذا وَلا عَجَبٌ / الخَلقُ أَفضَلُ مِنهُم كُلِّهِم رَجُلُ
اللَهُ أَكبَرُ جاءَ الدَهرُ مُعتَذِراً / إِلَيَّ يَسأَلُني العُتبى وَيَبتَهِلُ
وَقَبلُ كَم سامَني خَسفاً وَألزَمَني / ما لَيسَ لِي ناقَةٌ فيه وَلا جَمَلُ
فَآهِ يا دَهرُ هَلّا كانَ عُذرُكَ ذا / وَلَم يَغِب عَن عَياني الجشُّ وَالجَبَلُ
الشُكرُ في ذا لِمولىً أَنتَ لا كَذِباً / عَبدٌ لَهُ كُلُّ مَن يَهواهُ يَمتَثِلُ
وَكُلُّ مَن فَوقَ ظَهرِ الأَرضِ مِن مَلِكٍ / وَسَوقَةٍ فَلِسامي مَجدِهِ خَوَلُ
أَبو الفَضائِلِ أَولى الناسِ كُلِّهِمُ / بِما يُكَنّى بِهِ فَليُترَكِ الجَدَلُ
الخَيلُ تَعرِفُ يَومَ الرَوعِ صَولَتَهُ / بِحَيثُ في مُلتَقاها يَبطُلُ البَطَلُ
كَم فارِسٍ تَحتَ ظِلِّ النَقعِ غادَرَهُ / بِضَربَةٍ لَم يَشِن أُخدُودَها فَشَلُ
تَخالُهُ أَحوالاً مِمّا بِهامَتِهِ / وَقَبلُ لا حَولٌ فيهِ وَلا قَبَلُ
يَقُولُ حينَ يَشُقُّ السَيفُ هامَتَهُ / لِزَوجَتي وَلأُمّي الوَيلُ وَالهَبَلُ
وَيَستَديرُ وَيَهذي في اِستِدارَتِهِ / حَتّى يُخالُ بِهِ مِن قَبلِها تُؤَلُ
وَالنَسرُ في الجَوِّ ما يَألُو يَقُولُ لَهُ / لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن طالَ المَدى أَجَلُ
وَكَم لَهُ ضربَةٍ يَقضي المُصابُ بِها / وَالنَصلُ يَعمَلُ فيهِ قَبلَ يَنفَصِلُ
مَحضُ الضَريبَةِ مَيمُونُ النَقِيبَةِ طَع / عان الكَتيبَةِ لا غَمرٌ وَلا وَكِلُ
كَهلُ الشَبيبَةِ نَهّابُ الحَريبَةِ وَه / هاب الرَغيبَةِ هَشٌّ بِالنَدى عَجِلُ
ماضي العَزيمَةِ عَيّافُ الغَنيمَةِ تَر / راكَ الجَريمَةِ نِكلٌ لِلعِدى نَكِلُ
أَرسى قَواعِدَ مُلكٍ لَو يُدَبِّرُهُ / كِسرى وَإِسكَندَرٌ أَعيَتهُمُ الحِيَلُ
مِن بَعدِ أَن قِيلَ ضاعَ المُلكُ وَاِنفَصَمَت / مِنهُ العُرى وَاِستوى الرِئبالُ وَالوَرلُ
وَقالَ قَومٌ تَوَلّى المُلكَ مُنصَرِفاً / عَن أَهلِهِ وَكَذا الدُولاتُ تَنتَقِلُ
تَبّاً لِحَدسٍ سَما كُلَّ التَبابِ وَلا / زالَت عُقولُهُمُ يَعتادُها الخَبَلُ
أَما دَرَوا أَنَّ بَدرَ الدِّينِ لَو رُدِيَت / بِهِ الشَواهِقُ لَم يَعقِل بِها وَعَلُ
وَكَيفَ يُخشى عَلى مَلكٍ وَقَد ضُرِبَت / لِمَجدِهِ في ذُراهُ الخيمُ وَالكِلَلُ
مَلكٌ تَحَمَّلَ ما لا يَستَطيعُ لَهُ / حَملاً ثَبيرٌ وَثَهلانٌ فَيَحتَملُ
جَوادُهُ بارِقٌ وَالعَزمُ صاعِقَةٌ / وَسَيفُهُ قَدرٌ في لَحظِهِ أَجَلُ
غَدا بِهِ المُلكُ بِالجَوزاءِ مَنتَطِقاً / وَراحَ وَهوَ بِظَهرِ الحُوتِ مُنتَعِلُ
إِذا شُمُوسُ مَواضيهِ طَلَعنَ فَما / لَهُنَّ إِلّا بِهاماتِ العِدى أَفَلُ
وَإِن نُجومُ عَوالِيهِ لَمَعنَ فَما / يَغِبنَ إِلّا بِحَيثُ الغِشُّ وَالدَغَلُ
مِقدامُ مَعرَكَةٍ كَشّافُ تَهلُكَةٍ / طَلّابُ مَملَكَةٍ تَسمُو بِها الدُوَلُ
وَيَوم نَحسٍ يُواري الشَمسَ عِثيَرُهُ / حَتّى يُخالُ الضُحى قَد غالَهُ الأُصُلُ
كَأَنَّما البِيضُ راحَت وَهيَ مُصلَتَةٌ / فِيهِ بَوارِقُ غَيثٍ رَعدُهُ زَجَلُ
وَالسُمرُ قَد جَعَلَت تَحكي أَسِنَّتَها / كَواكِبَ القَذفِ وَالفُرسانُ تَنتَصِلُ
وَالنَبلُ في الجَوِّ تَحكي لِلمُشَبِّهِهِ ال / كبرِيتَ في رُوسِهِ النِيرانُ تَشتَعِلُ
سَما لَهُ مِشيَةَ الرِئبالِ لا خَوَرٌ / يَشِينُهُ في تَهادِيهِ وَلا كَسَلُ
بِصارِمٍ لَو عَلا ضَرباً بِهِ حَضناً / لَقِيلَ كانَ قَديماً ها هُنا جَبَلُ
إِذا بَدا ضاحِكاً في يَومِ مَعرَكَةٍ / بِكَفِّهِ بَكَتِ الأَعناقُ وَالقُلَلُ
فَصَكَّ هامَ العِدى صَكّاً بِهِ مُقَلٌ / قَرَّت لِأَن سَخِنَت مِن وَقعِهِ مُقَلُ
طَودٌ إِذا لَم يَكُن في الحِلمِ مَفسَدَةٌ / وَإِن يُهَج فَالسَبنتى ظَلَّ يَأتَكِلُ
بَحرٌ يُواري الرُبى وَالقُورَ مُزبدُهُ / وَإِنَّما البَحرُ تَشبيهاً بِهِ وَشَلُ
إِن عُدَّ جُودٌ فَمَن كَعبٌ وَمَن هَرِمٌ / أَو عُدَّ مَجدٌ فَمَن حصنٌ وَمَن حَمَلُ
يا عاذِلاً لامَهُ في البَذلِ دَعهُ وَسِر / مَن يَعشَقِ الجُودَ لَم يَعلَق بِهِ العَذَلُ
وَلا تُفَنِّد كَريماً عَن سَجِيَّتِهِ / حُسنُ السَجِيّاتِ مِن رَبِّ العُلى نِحَلُ
طابَت بِهِ المَوصِلُ الحَدباءُ وَاِتَّسَعَت / لِساكِنِيها بِها الأَرزاقُ وَالسُبُلُ
وَأَصبَحَت جَنَّةً لا يَبتَغي حِوَلا / قُطّانُها لَو إِلى دارِ البَقا نُقِلُوا
وَحَسبُهُ مَفخَراً أَنَّ الإِمامَ بِهِ / بَرٌّ وَأَنَّ لَدَيهِ شَأنَهُ جَلَلُ
إِمامُنا الناصِرُ الهادي فَما اِختَلَفَت / فِيهِ العِبادُ وَما جاءَت بِهِ الرُسُلُ
خَليفَةٌ قَسَماً لَولا مَحَبَّتُهُ / لَما تُقُبِّلَ مِن ذي طاعَةٍ عَمَلُ
هُوَ الَّذي اِفتَرَضَ الرَحمَنُ طاعَتُهُ / وَمن سِواهُ فَلا فَرضٌ وَلا نَفَلُ
فَعاشَ ما شاءَ لا ما شاءَ حاسِدُهُ / في دَولَةٍ نَجمُها بِالسَعدِ مُتَّصِلُ
يا أَيُّها المَلِكُ المُغني بِنائِلِهِ / إِذا المُلوكُ بِأَدنى نائِلٍ بَخِلُوا
إِلَيكَ مِن بَلَدِ البَحرَينِ أَنهَضَني / هَمٌّ لَهُ أَنفُسُ الأَشرافِ تُبتَذَلُ
كَم جُبتُ دُونكَ مِن مَجهُولَةٍ قَذَفٍ / تِيهٍ قَليلٌ بِها حلٌّ وَمُرتَحَلُ
وَمُزبِدٍ لا يَلَذُّ النَومُ راكِبَهُ / لَهُ إِذا اِضطَرَبَت أَمواجُهُ زَجَلُ
وَحُسنُ ظَنّي وَما يُثنى عَلَيكَ بِهِ / أَجاءَني وَالزَمانُ المُفسِدُ الخَبِلُ
شَهرٌ وَشَهرٌ وَشَهرٌ بَعدَ أَربَعَةٍ / لِلمَوجِ وَاليَعمُلاتِ القُودِ بِي عَمَلُ
أَقَلُّها راحَةٌ في غَيرِ مَنفَعَةٍ / وَراحَةٌ لا يُرَجّي نَفعها شُغلُ
وَكَم تَخطَّأتُ في قَصدِيكَ مِن مَلِكٍ / لِي عِندَه لَو أَرَدتُ النَهلُ وَالعَلَلُ
أَفنَيتُ زادي وَمَركوبي وَشيَّبَني / عَلى عُتُوِّ جَناني الخَوفُ وَالوَجَلُ
وَقَد بَلَغتُ الجَنابَ الرَحبَ بَعدَ وَجَىً / وَلَيسَ إِلّا عَلى عَلياكَ مُتَّكَلٌ
بَقيتَ في عِزَّةٍ قَعساءَ نائِيَةٍ / عَن الحَوادِثِ مَقرُوناً بِها الجَذَلُ
وَعاشَ حاسِدُكَ الأَشقى أَخا مَضضِ / وَماتَ في الجِلدِ مِنهُ ذَلِكَ النَغَلُ
أَماراتُ سِرِّ الحُبِّ ما لا يُكَتَّمُ
أَماراتُ سِرِّ الحُبِّ ما لا يُكَتَّمُ / وَأَبيَنُ شَيءٍ ما يُجِنُّ المُتَيَّمُ
ظَنَنتُ نُحُولي وَاِصفِراري مِنَ الهَوى / وَذَلِكَ مِمّا يَقتَضيهِ التَوَهُّمُ
لَعَمرُكَ ما بي مِن هَوىً غَيرَ أَنَّني / بِغُرِّ المَعالي يا اِبنَةَ القَومِ مُغرَمُ
وَقَد عَرَضَت مِن دُونِ ذاكَ فَأَحرَضَت / أُمُورٌ لَها يُستَهلَكُ اللَحمُ وَالدَمُ
إِذا خُطَّةً أَنكَرتُ مِن ذِي عَداوَةٍ / أَتاني مِنَ الأَحبابِ أَدهى وَأَعظَمُ
عَلى أَنَّني النَدبُ الَّذي يُكتَفى بِهِ / إِذا غالَها خَطبٌ مِنَ الدَهرِ مُبهَمُ
وَعِندي لِشانِيها سُيُوفٌ ثَلاثَةٌ / لِسانٌ وَرَأيٌ لا يُفَلُّ وَمِخذَمُ
وَلَستُ بِهَجّامٍ عَلى ما يَسُوءُها / وَلا ناطِقٍ بِالعَيبِ مِنّي لَها فَمُ
وَلا قابِضٍ فَضلَ الغِنى عَن فَقيرِها / وَلا باسِطٍ كَفّاً لَها حينَ أُعدِمُ
وَإِنّي لَأَقصاها إِذا ثابَ مغنَمٌ / وَإِنّي لأَدناها إِذا نابَ مَغرَمُ
وَلِي في الغِنى سَهمٌ إِذا ما أَفَدتُهُ / وَلِلدَفعِ عَن أَحسابِها مِنهُ أَسهُمُ
وَيَمنَعُني كَيدَ العَدُوِّ اِحتِقارُهُ / وَكَيد المُداجي عِفَّتي وَالتَكَرُّمُ
وَأَصفَحُ عَن جُهّالِ قَومي حَمِيَّةً / وَإِن أَسرَجُوا في هَدمِ عِزّي وَأَلجَموا
وَإِن قَطَعُوا أَرحامَ بَيني وَبَينهُم / وَصَلتُ وَذُو العَليا أَبَرُّ وَأَرحَمُ
وَأُغضي عَلى عَوراءِ قَومي وَإِنَّني / لَأَبصَرُ مِنهُم لَو أَشاءُ وَأَعلَمُ
وَأَحفَظُ وُدَّ الأَصدِقاءِ وَإِن هُمُ / إِلَيَّ بِلا جُرمٍ أَساؤُوا وَأَجرَمُوا
وَقائِلَةٍ لي وَالرِكابُ مُناخَةٌ / بِكِيرانِها تَرغُو مِراراً وَتَزغمُ
وَقَد أَيقَنَت مِنّي الرَحيلَ فَدَمعُها / تَوامٌ كَما اِنفَضَّ الجُمانُ المُنَظَّمُ
دَعِ الحلَّ وَالتِرحالَ وَالشَدَّ وَاِصطَبِر / فَصَبرُ الفَتى لَو شَقَّ أَحرى وَأَحزَمُ
وَلا تَجزَعَن إِنَّ اللَيالي بِأَهلِها / تَقَلَّبُ وَالأَيّامُ بُؤسى وَأنعُمُ
وَقَد يُصطَفى العِيرُ اللَئيمُ لِحَظِّهِ / مِراراً وَيُخفى الأَعوَجِيُّ المَطَهَّمُ
وَعاقِبَةُ الصَبرِ المُمِضِّ حَلاوَةٌ / وَإِن كانَ أَحياناً يُمِضُّ وَيُؤلِمُ
فَقُلتُ لَها وَالنَفسُ في غُلَوَائِها / تَجيشُ وَأَفكاري تَغُورُ وَتُتهِمُ
ذَريني فَإِنَّ الحُرَّ لا يَأَلَفُ الأَذى / وَقَد أَكثَرَ النَسلَ الجَديلُ وَشَدقَمُ
وَمَن يَكُ مِثلي ضَيمُهُ مِن رِجالِهِ / فَتِرحالُهُ لَو مَسَّهُ الضُرُّ أَحزَمُ
لَعَمري لَقَد طالَ اِنتِظاري وَلا أَرى / سِوى نارِ شَرٍّ كُلَّ يَومٍ تَضَرَّمُ
تَقُولينَ عُقبى الصَبرِ حُلوٌ مَذاقُهُ / وَما هِيَ إِلّا مُرَّةُ الطَعمِ عَلقَمُ
أَأَصبِرُ إِمّا شاكِياً مُتَعَتِّباً / إِلى شامِتٍ أَو باكِياً أَتَظَلَّمُ
سَأُرحِلُها إِمّا لِداعي مَنِيَّةٍ / وَإِمّا لِعِزٍّ حَوضُهُ لا يُهَدَّمُ
فَفي شاطِئِ الزَوراءِ مِن آلِ هاشِمٍ / إِمامُ هُدىً يُؤوَى إِلَيهِ فَيَعصِمُ
تَطُوفُ المُلوكُ الصِيدُ حَولَ فِنائِهِ / كَما طافَ بِالرُكنِ اليَمانِيِّ مُحرِمُ
تُرَجِّي بِهِ دِيناً وَدُنيا لِأَنَّهُ / إِلى اللَهِ في الدُنيا وَفي الدينِ سُلَّمُ
وَهَل مِثلُهُ يَومَ المَعادِ وَسيلَةٌ / إِلى اللَهِ إِلّا رَهطُهُ المُتَقَدِّمُ
أُبُوَّتُهُ إِمّا نَبِيٌّ مُعَظَّمٌ / إِلى اللَهِ يَدعُو أَو إِمامٌ مُكَرَّمُ
هُمُ القَومُ إِن مالُوا أَمالُوا وَإِن دُعُوا / أَنالُوا وَإِن خَفَّت بَنُو الحَربِ أَقدَمُوا
وَإِن وَعَدُوا أَوفُوا وَإِن قَدَرُوا عَفَوا / وَإِن سُئِلُوا النَعماءَ جادُوا وَأَنعَمُوا
وَإِن عاهَدُوا عَهداً أَصَرُوا وَحافَظُوا / وَإِن عَقَدُوا عَقداً أَمَرّوا وَأَحكَمُوا
وَإِن حارَبُوا قَوماً أَقامُوا وَأَقعَدُوا / وَإِن خُوطِبُوا يَوماً أَحَرّوا وَأَفحَمُوا
هُمُ نَزَلُوا أَحياءَ مَكَّةَ فَاِبتَنَوا / بِبَطحائِها في حَيثُ شاؤُوا وَخَيَّمُوا
وَأَضحوا وَبَيتُ اللَهِ فيهِم وَسَلَّمَت / خُزاعَةُ كُلَّ الأَمرِ فيهِم وَجُرهُمُ
وَلَم يَبقَ حَيٌّ في تِهامَةَ تُتَّقى / عَداوَتُهُ إِلّا أَذَلُّوا وَأَرغَمُوا
وَحَسبُكُمُ بِالناصِرِ المُهتَدى بِهِ / فَخاراً إِذا ما الناسُ لِلحَجِّ وَسَّمُوا
بِهِ يَرفَعُ الصَوتَ المُلَبّي وَبِاِسمِهِ / عَلى اللَهِ في دَفعِ المُلِمّاتِ يُقسِمُ
تُقِرُّ مِنىً وَالمَأزِمانِ بِفَضلِهِ / وَيَشهَدُ جَمعٌ وَالمُصَلّى وَزَمزَمُ
وَكَعبَةُ بَيتِ اللَهِ تَعلَمُ أَنَّها / لَهُ وَكَذا البَيتُ المُقَدَّسُ يَعلَمُ
وَكُلُّ بِقاعِ الأَرضِ قَد جُعِلَت لَهُ / حَلالاً فَيُعطي مَن يَشاءُ وَيَحرِمُ
وَلا دينَ إِلّا ما اِرتَضاهُ وَقالَهُ / وَحَسبُ اِمرِئٍ يَأباهُ دِيناً جَهَنَّمُ
أَضاءَت بِهِ الدُنيا سُروراً وَبَهجَةً / فَأَيّامُها تِيهاً بِهِ تَتَبَسَّمُ
وَأَلقَت إِلَيهِ بِالمَقاليدِ بُلغَرٌ / وَعُربٌ وَأَكرادٌ وَتُركٌ وَدَيلَمُ
وَما الناسُ وَالأَملاكُ إِلّا عَبيدُهُ / صَريحُهُمُ إِن يُنسَبُوا وَالمُخَضرَمُ
وَأَضحى بِهِ الإِسلامُ غَضّاً وَأَصبَحَت / عُيونُ الأَذى عَن سِربِهِ وَهيَ نُوَّمُ
وَمُذ خَفِقَت راياتُهُ وَبُنُودُهُ / فَوَجهُ بِلادِ الشِّركِ بِالضَيمِ يُلطَمُ
لَها كُلَّ يَومٍ مِنهُ شَعواءُ لا تَني / تَؤُزُّ نَواحيها وَجَيشٌ عَرَمرَمُ
وَمُذ سَلَكَت فرسانُهُ مِن دِيارِها / مَحارِمَها لَم يَبقَ لِلشِركِ مَحرَمُ
أَعَزَّ بِهِ اللَهُ الرَعِيَّةَ فَاِغتَدَت / وَلا ظالِمٌ فيها وَلا مُتَظَلِّمُ
وَخَلّي الأَذى مَن كانَ لَولا اِنتِقامُهُ / يُشَمِّرُ عَن ساقٍ لَهُ وَيُصَمِّمُ
وَمَن أَلزَمَ الأُسدَ القِصاصَ فَهَل تَرى / أُوَيساً عَلى شاءٍ بِوادِيهِ يُقدِمُ
جَنَت ما جَنَتهُ وَهي تَحسِبُ أَنَّها / مِنَ العُجبِ إِذ كانَت سِماكٌ وَمِرزَمُ
فَلَمّا رَماها بِالعُقوبَةِ لَم تَرُح / مِنَ الغابِ إِلّا وَهيَ لَحمٌ مُوَضَّمُ
فَأَصبَحَ يَرعى آمِناً في جَنابِهِ / عَتُودٌ وَسِرحانٌ وَعِيرٌ وَضَيغَمُ
إِلَيكَ سَمِيَّ المُصطَفى وَاِبنَ عَمِّهِ / تَخَطَّت بِيَ البَيداءَ وَجناءَ عَيهمُ
وَخاضَ بِيَ الرَجّافَ عارٍ عِنانُهُ / يَبيتُ بِيُمنى فارِسٍ لا يُوَهّمُ
وَحُسنُ اِعتِقادي وَالوَلاءُ أَجاءَني / إِلَيكَ وَوُدٌّ خالِصٌ لا يُجَمجَمُ
وَأَفضَلُ ما يُرجى ثَوابُ زِيارَةٍ / يَؤُمُّ بِها أَكنافَ دارِكَ مُسلمُ
إِلى كَم مُدارَاةُ العِدى وَاِحتِرامُها
إِلى كَم مُدارَاةُ العِدى وَاِحتِرامُها / وَكَم يَعتَرينا ضَيمُها وَاِهتِضامُها
أَما حانَ يا فَرعَي رَبيعَةَ أَن أَرى / بَناتِ الوَغى يَعلُو الرَوابي قَتامُها
رِدوا الحَربَ وِردَ الظامِئاتِ حِياضَها / خَوامِسَ يَغتالُ الفِصالَ اِزدِحامُها
وَخُوضُوا لَظاها بِاِقتِحامٍ فَإِنَّما / يُكَشِّفُ غَمّاءَ الحُروبِ اِقتِحامُها
ولَوذوا بِبيضِ المَشرَفِيَّةِ إِنَّها / لَها عِزَّةٌ قَعساءُ وافٍ ذِمامُها
وَلا تَركَنُوا يَوماً إِلى ذِي عَداوَةٍ / وَإِن قِيلَ هَذا عِقدُها وَنِظامُها
فَإِنَّ عُرى الأَعداءِ قَد تَعلَمونَها / سَريعٌ بِأَيدي الماسِكينَ اِنفِصامُها
وَأُقسِمُ ما عَزَّت مُلوكُ قَبيلَةٍ / غَدَت وَبِأَسبابِ العَدُوِّ اِعتِصامُها
وَلا ظَفِرَت بِالنُجحِ طُلّابُ غايَةٍ / تَروحُ وَفي كَفِّ المُعادي زِمامُها
سَلُوا عَن مُلوكٍ مِنكُمُ هَل أَفادَها / قُعُودُ عُقَيلٍ بَعدَها أَو قِيامُها
وَهَل دَفَعَت عَن ماجِدِ بنِ مُحَمَّدٍ / وَقَد كانَ مِنهُ حِلُّها وَحَرامُها
وَهَل طَلَبَت ثارَ اِبنِ شُكرٍ وَهَل حَمى / أَبا ماجِدٍ خَطِّيُها وَحُسامُها
وَهَل عَن غُرَيرٍ طاعَنَت وَبِهِ اِحتَوَت / مُناها وَبِالبَحرَينِ جارَ اِحتِكامُها
وَهَل سالَمَت مَن كانَ يَحمي جَنابَها / وَتَرعى بِهِ في كُلِّ أَرضٍ سَوامُها
جَزاءُ سِنِمّارٍ جَزاءٌ بِهِ اِقتَدَت / وَمالَ إِلَيها كَهلُها وَغُلامُها
بَنى القَصرَ حَتّى اِستَحكَمَت شُرُفاتُهُ / وَأَيَّدها آجُرُّها وَرُخامُها
وَغُودِرَ مِن أَعلى ذُراها مُنَكَّساً / وَلا ذَنبَ إِلّا حُسنُها وَاِنتِظامُها
بَذَلنا لَها مِن مالِها كُلَّ صَهوَةٍ / يُشَدَّ عَلى مِثلِ القَناةِ حِزامُها
وَصُنّا بِأَنواعِ الحَريرِ جُسُومَها / وَمَلبَسُنا صُوفُ الرُعَينا وَخامُها
وَرُحنا وَدُخنُ القَريَتَينِ طَعامُنا / وَبُرُّهُما المَحضُ المُصَفّى طَعامُها
وَمَن يَعضِ ما يُهدى لَها مِن عَطائِنا / بَساتِينُ يَشدُو بِالأَغاني حَمامُها
وَكُلُّ نَفيسٍ كانَ حَشوَ قُصُورِنا / عَدَلناهُ عَنّا فَاِحتَوَتهُ خِيامُها
وَمِنّا عَوالِيها وَمِنّا دُرُوعُها / وَمِنّا مَواضيها وَفينا كِلامُها
ذَلَلنا وَقُلنا عَلَّ في الذُلِّ راحَةً / وَعَلَّ فُحُولَ الشَولِ تُروى حِيامُها
فَلَم يُغنِ عَنا ذُلُّنا وَخُضُوعُنا / غَناءً وَلا أَموالُنا وَاِقتِسامُها
أَفي كُلِّ يَومٍ يا لَقَومي بَلِيَّةٌ / وَخُطَّةُ خَسفٍ مِن عَدُوٍّ تُسامُها
أَما وَأَبيكُم إِنَّ قَلبي لَمُوجَعٌ / لِذاكَ وَعَيني لا يَجِفُّ اِنسِجامُها
وَما عَبَرَت بِي لَيلَةٌ مُنذُ مُدَّةٍ / كَما قالَ إِلّا لَيلَةٌ لا أَنامُها
وَما ذاكَ ذُلّاً بَل بَقايا حَمِيَّةٍ / عَلى حَدَثانِ الدَهرِ باقٍ عُرامُها
وَإِنّي مِنَ القَومِ الَّذينَ إِذا اِنتَدَت / رَبيعَةُ يَوماً كانَ مِنهُم هُمامُها
أَلا يا لَقَومي مِن عَلِيِّ بنِ عَبدَلٍ / وَلِلخَطبِ يُدعى أُسدُها لا نعامُها
أَلَستُم بَني الغُرِّ الأُلى عُرِفَت لَهُم / نُفوسٌ نَفيساتُ المَعالي مَرامُها
فَإِن نَزَلُوا أَرضاً فَمِنهُم مَلِيكها / وَإِن جَمَحَت قَومٌ فَمِنهُم شَكامُها
أَتَرضونَ ذا النَقصَ الَّذي ما وَراءَهُ / وَأَنتُم إِذا صالَت مَعَدٌّ سِطامُها
وَيُودى قَتيلٌ كانَ في كُلِّ ساعَةٍ / يُجَمِّعُ أَوباشاً كَثيرٌ طَغامُها
وَيَقطَعُ طُرقَ المُسلِمينَ نَهارَهُ / عِلاناً وَلا يَثنِيهِ عَنها ظَلامُها
فَكَم مِن حِمارٍ خَرَّ عَقراً بِسَيفِهِ / وَدَوخَلَّةٍ قَد فُضَّ عَنها خِتامُها
فَإِن غَضِبَت فيها عُقَيلٌ فَأَنتُمُ / بَنو الحَربِ إِذ يُذكي لَظاها ضِرامُها
وَما نِيلَ غَدراً بَل أَتى في عِصابَةٍ / قَليلٌ مِنَ الغَدرِ الشَنيعِ اِحتِشامُها
فَأُوجِرَها نَجلاءَ طَعنَةَ ثائِرٍ / كَجَيبِ قَميصٍ لا يُرَجّى اِلتِئامُها
أَراحَ بِها مِنهُ الحَميرَ فَأَصبَحَت / تَناهَقُ في المَرعى وَيَعلُو رُدامُها
فَواسوأَتا إِن كانَ يُودى قَتيلُها / عَلى ذا وَيُدنى في حِمانا مَقامُها
وَيُقتَلُ بِالغَدرِ الصَريحِ كِرامُنا / فَتُلغى لَقَد خِبنا وَفازَت سِهامُها
أُعِيذُكُمُ أَن تَقبَلُوا ذا وَأَنتُمُ / ذُؤابَةُ أَفصى كُلِّها وَسِنامُها
فَيابا سِنانٍ قُم فَأَنتَ زَعيمُها / وَأَنتَ مُرَجّاها وَأَنتَ هُمامُها
وَفي كَفِّكَ السَيفُ الَّذي لَو سَلَلتُهُ / لقِيلَ أَرى الأَعرابَ خَصَّبَ عامُها
وَخالَ سَناهُ مَن بِنَجدٍ عَقيقَةً / يُشَقَّقُ عَنها يَومَ دَجنٍ غَمامُها
وَحَولَكَ مِن أَبنائِكَ الصِيدِ فِتيَةٌ / كَثيرٌ لِأَرواحِ العَدُوِّ اِختِرامُها
وَمِن نَسلِ جَدَّيكَ العَلِيَّينِ غِلمَةٌ / نَشَت وَبِأَبكارِ المَعالي غَرامُها
وَمَن صُلبِ إِبراهيمَ جَدِّكَ عُصبَةٌ / يَسُرُّكَ في يَومِ التَلاقي مُقامُها
أَنا الضامِنُ الراعي عَلَيها وَإِن شَكَت / مِن الغَبنِ فَهيَ الأُسدُ يُخشى رِجامُها
وَما زالَ في أَبناءِ مُرَّةَ سَيِّدٌ / بِهِ في جَسيماتِ الأُمورِ اِئتِمامُها
وَمن ذا يُسامي مُرَّةً وَبِهِ سَمَت / بَنُو عامِرٍ عِزّاً وَجازَ اِغِتشامُها
وَكَم سَيِّدٍ في مالِكٍ ذِي نَباهَةٍ / إِذا فَقَدَتهُ الحَربُ طالَ أَيامُها
وَما مالِكٌ إِلّا الحُماةُ وَإِن أَبَت / رِجالٌ فَبالآنافِ مِنها رَغامُها
وَفي حارِثٍ وَاللَيثِ غُرٌّ غَطارِفٌ / يُبِرُّ عَلى الخَصمِ الأَلَدِّ خِصامُها
وَإِنَّ لَعَمري في بَقايا مُحارِبٍ / سُيُوفُ ضِرابٍ لا يُخافُ اِنثِلامُها
وَشَيبانُ شَيبانُ الفَخارِ فَإِنَّها / أُسُودُ شَرىً سُمرُ العَوالي إِجامُها
وَمَن كانَ مِنّا مِن جَماهيرِ خِندِفٍ / وَقَيسٍ فَأَترابُ الوَغى وَنِدامُها
وَما في بَني قَحطانَ إِن شُنَّتِ الوَغى / تَوانٍ وَلا يَنبُو لَدَينا حُسامُها
وَإِنَّ لَها لَلسابِقاتِ وَإِنَّها / ليُطرِبُها طَعنُ العِدى وَاِلتِزامُها
فَيالكِرامٍ مِن نِزارٍ وَيَعرُبٍ / وَلَيسَ يُجيبُ الصَوتَ إِلّا كِرامُها
صِلُوا بِالخُطا قُصرَ السُيوفِ فَإِنَّها / تَطُولُ وَلا يُغني غَناءً كَهامُها
فَلَم يَبقَ يُرضي القَومَ إِلّا حُدودُها / وَقد طالَ فَاِسقُوها بِرِيٍّ أُوامُها
فَضَرباً وَطَعناً بِالصَوارِمِ وَالقَنا / فَلا عُذرَ حَتّى يَخضِبَ السَيفَ هامُها
وَلا تَهِنُوا وَاِستَشعِرُوا الصَبرَ جُنَّةً / وَعَزماً فَما لِلحَربِ إِلّا اِعتِرامُها
فَإِنَّكُمُ إِن تَألَمُوا فَعَدُوُّكُم / كَذاكَ وَلِلأَمرِ العَظيمِ عِظامُها
وَقد طالَ هَذا الذُلُّ وَالمَوتُ رائِحٌ / وَغادٍ وَيَأتي كُلَّ نَفسٍ حِمامُها
وَإِنَّ حَياةً هَكَذا لَذَمِيمَةٌ / يُسِرُّ المُعادي لِلمُعادي دَوامُها
وَمِن أَعجَبِ الأَشياءِ وَالدَهرُ كُلُّهُ / عَجائِب يَأتي فَذُّها وَتَوامُها
إِذا نَحنُ زِدنا في عَطايا قَبيلَةٍ / لِكَفِّ أَذاها زادَ مِنّا اِنتقامُها
هِيَ النارُ إِن شَبَّهتَها وَعَطاؤُنا / لَها حَطَبٌ ما زادَ زادَ اِضطِرامُها
فَيا ضَيعَةَ المَسعى وَكَم مِن صَنيعَةٍ / غَدَت ضَلَّةً لَم يَبقَ إِلّا مَلامُها
فَحامُوا عَنِ البِيضِ الحِسانِ فَأَنتُمُ / كَتائِبُ يَغشى ناظِرَ الطَرفِ لامُها
فَكَم قَد رَأيتُم مِن عَقيلَةِ مَعشَرٍ / يَرُوقُ عُيُوناً فَرعُها وَقَوامُها
تُباعُ وَتُشرى بِالكَسادِ ذَليلَةً / وَقَد كانَ لا يَبدُو لِخَلقٍ كَلامُها
فَإِن أَنتُمُ لَم تَمنَعُوهُنَّ فَاِصبِرُوا / لِآبِدَةٍ يَبقى عَلى الدَهرِ ذامُها
وَمَن ذَلَّ لَم يَعدَم غَشُوماً يَسُومُهُ / أَذىً فَيُرِيهِ النَبعَ خَوفاً ثُمامُها
وَهَل مَنَعت يَوماً فَتاةً كَريمَةً / قلائِدُها أَو وُشحُها أَو خِدامُها
وَهَل هُوَ إِلّا المَوتُ وَالمَوتُ فَاِعلَمُوا / يَهُونُ وَلا تَحكِيمُها وَاِصطِلامُها
وَإِلّا فَشدُّوا لِلجَلاءِ فَلَم يَعُد / سِواهُ فَعِندَ الضَيمِ تُجلى كِرامُها
فَإِن كانَ في البَحرَينِ ضيقٌ فلم تَضِق / مَنازِلُ بَكرٍ عَنكُمُ وَشَآمها
وَلا خَيرَ في دارٍ يَعيشُ بِها الفَتى / مَهيناً وَلَو جادَتهُ دُرّاً غَمامُها
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ
كِتابُ مَشُوقٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ / مِنَ الوُرقِ إِلّا حَنَّ شَوقاً إِلَيكُمُ
مُقيمٍ بِأَرضِ المَجزَرِيِّ وَقَلبُهُ / رَهينٌ بِجَرعاءِ الشَمالِ لَدَيكُمُ
يَحِنُّ إِذا هَبَّت شَمالٌ لِأَنَّها / تُؤَدّي إِلَيكُم أَو تَمُرُّ عَلَيكمُ
أَلَم يَأنِ أَن تَنسى عَسى وَلَعَلَّما
أَلَم يَأنِ أَن تَنسى عَسى وَلَعَلَّما / وَتَترُكَ لَيتاً لِلمُعَنّى وَرُبَّما
أَمَ اِنتَ اِمرُؤٌ كَالضَبِّ قَد عَلِقَت بِهِ / حَبائِلُ عَصٍّ حالَفَ الفَقرَ أَرشَما
يَرى نَفسَهُ في كَفِّهِ وَشِفارُهُ / تُحَدُّ وَجَزلُ النارِ يَعلُو تَضَرُّما
وَيَرجُو اِنتِعاشاً إِذ يَقُولُ لِحِسلِهِ / أَرى أَنَّنا في هَذِهِ الحالِ نُوَّما
وَذا مِن هُرُوجِ اللَيلِ لا دَرَّ دَرُّها / فَكَم قَد أَخافَت آمِناً حينَ هوَّما
فَقُم غَيرَ وانٍ وَاِخلَعِ العَجزَ وَاِدَّرِع / قَميصاً مِنَ الظَلماءِ بِالنَجمِ مُعلَما
وَصاحِب لِأَحداثِ اللَيالي ثَلاثَةً / حُساماً وَنِضواً وَالقَطيعَ المُحَزَّما
وَلا تَتَعَلَّل بِالأَمانيّ ضَلَّةً / فَلَو كانَ حَيّاً صاحِبي لَتَكَلَّما
وَلا تَثنِ عِطفاً لِلدِيارِ وَكُن فَتىً / يَهُمُّ فَيَمضي في المُهِمّاتِ مُقدِما
فَما كُلُّ آفاقِ البِلادِ يَسُوسُها / لِأَربابِها مَن كانَ أَعمى وَأعَدما
فَبِع بِالتَنائِي دارَ قَومٍ تَشَبَّهُوا / بِصَبٍّ فَأَمّوا في النُهى حَيثُ يَمَّما
فَلَو لَم يَكُونوا شِبهَهُ ما تَوَهَّمَت / عُقُولُهُمُ في أَمرِهِم ما تَوَهَّما
فَمَن مُبلِغٍ قَومي عَلى أَنَّ دارَها / قَريبٌ ولَكِن لَم أَجِد مُتَكَلّما
بَنِي عَمِّنا كَم يَضبَعُ الرَحمُ شاكِياً / إِلَيَّ وَكَم يُبدي لَدَيَّ التَظَلُّما
بَني عَمِّنا مَن ذا يَسُدُّ مَكانَنا / إِذا يَومُ نَحسٍ بِالعَوالي تَأَجَّما
تَبَدَّلتُمُ الأَعداءَ مِنّا سَفاهَةً / فَيا لَأَبيكُم ما أَعَقَّ وَأَظلَما
وَأَلغَيتُمُ أَيّامنا وَاِستَمَعتُمُ / غُرورَ الأَماني وَالحَديثَ المُرَجَّما
وَكُلَّ بَني عَمٍّ سِوانا وَضِيمَةً / يُعَدُّ لَدى النُسّابِ أَصلاً مُخَضرَما
فَيا لَيتَ شِعري لَو عَرَت مُصمَئِلَّةٌ / وَفَرَّ البَلا عَن نابِهِ فَتَجَهَّما
وَآضَ التَشاكي في نِزارٍ وَأَعلَنَت / ذَوُو يَمَنٍ ما كانَ سِرّاً مُكَتَّما
أَتُغني غِنانا عَنكُمُ خُرَّمِيَّةٌ / سَواسِيَةٌ تَدعُو عَتُوداً مُزَنَّما
فَهَلّا تَرَكتُم ما اِرتَكَبتُم وَزُعتُمُ / إِلى الرُشدِ فَاِستَصلَحتُمُ ما تَرَدَّما
بَني عَمِّنا لا تَظلِمُوا الحَقَّ أَهلَهُ / وَلا تَفتَحُوا باباً إِلى الشَرِّ لَهجَما
فَأَيُّ يِدٍ لَو تَعلَمُونَ قَطَعتُمُ / فَبُدِّلتُمُ باعاً عَنِ المَجدِ أَجذَما
ضَرَبتُم بِها قِدماً عِداكُم وَصُنتُمُ / بِها المُلكَ وَاِقتَدتُم بِها مَن تَجَهضَما
بِذا يَشهَدُ القَصرُ المُشيدُ الَّذي غَدا / بِنا حَرَماً عَمَّن سِواكُم مُحَرَّما
ضَرَبنا بَني بَهرامَ عَنهُ فَأَذعَنُوا / وَكانُوا لِباعِ العِزِّ كَفّاً وَمِعصَما
وَمِلنا عَلى الأَزدِ بنِ غَوثٍ فَأصبَحَت / تُصارِعُ مَوجاً يَرجُفُ اليَمَّ أَعجَما
فَخَلّوا لَنا عَنهُ جَميعاً وَسَلَّمَت / مُلُوكُهُمُ الآرا إلَينا لِتَسلَما
وَنَحنُ حَمَيناهُ الأَعاجِمَ بَعدَما / أَقامَت تَرُومُ المُلكَ حَولاً مُحَرَّما
ضَرَبنا وُجُوهَ الشَرسَكيَّةُ دُونَهُ / وَأَقفاءَها بِالسَيفِ حَتّى تَثَلَّما
وَقَد غَرَّرتهُم مِن نِزارٍ وَيَعرُبٍ / لِشَنآنِكُم قَومٌ وَقَومٌ تَبَرُّما
فَعدنا بِبيضٍ ذَكَّرَتهُم حُدُودُها / بِما كانَ مِن أَخبارِ كِسرى وَرُستُما
فَوَلّوا وَراحَ الرُكنُ مِنهُم كَأَنَّهُ / صَريعُ عُقارٍ باتَ مِنها مُجَشَّما
وَحَولَ اِبنِ يَحيى لَم تَصاهَل جيادُنا / وَقَد كانَ بَحراً ذا عُبابٍ قَلَهذَما
أَذَالَ لَنا الأَموالَ دُرّاً وَعَسجَدا / وَتِبراً وَنَخلاً يانِعاً وَمُكَمَّما
فَعِفنا سَنِيّاتِ العَطايا حَمِيَّةً / عَلَيكُم وَدُسنا الشَرَّ حَتّى تَشَرَّما
وَحَتّى مَلَكتُم مُلكَهُ وَاِقتَصَرتُمُ / مَقاصِيرَهُ اللّاتي بَناها فَأَحكَما
وَقَد كانَ يُزجي كُلَّ يَومٍ كَتيبَةً / إِلَيكُم وَجَيشاً ذا زهاءٍ عَرَمرَما
وَقادَ إِلَيهِ الناسَ بَأسٌ وَرَغبَةٌ / وَعِزٌّ يُناصي يَذبُلاً وَيَلملَما
وَسارَ إِلَيهِ مِنكُمُ مَن عَلِمتُمُ / فَكانَ لَنا لَو نَبتَغي ذاكَ سُلَّما
وَلَكِنَّنا كُنّا لَكُم خَيرَ إِخوَةٍ / يَلُوذُ بِها الجاني وَيَرمي إِذا رَمى
فَكَم تَمضُغُ الأَيّامُ لَحمي وَأَنتُمُ / نُيوبٌ لَها تَستَهلِكُ اللَحمَ وَالدَما
بِكُم بَلَغَت مِنّي الأَعادي وَمِنكُمُ / لَقِيتُ البَلايا السُودَ فَذّاً وَتَوأَما
وَجُرِّعتُ في أَيّامِكُم بِأَكُفِّكُم / كُؤُوساً أَرَتني العَيشَ صاباً وَعَلقَما
وَمِلتُم مَعَ الدَهرِ الخَؤونِ فَكادَني / وَحَلَّلَ في نَفسي وَمالي وَحَرَّما
وَلَو لَم تَكُونُوا جُندَهُ لَتَقَطَّعَت / مَعاقِمُهُ دُوني فَأَخذى وَأَجحَما
وَرَأَّمتُمُوني كُلَّ ذِي عَيدَهِيَّةٍ / بَعِيدَ الرِضا إِن أُعطِهِ الحَقَّ بَرشَما
يَرى نَفسَهُ عُوجاً وَلَولا اِستِماعُكُم / أَباطِيلَهُ كانَ المَهينَ المُقَرقَما
أَقولُ لَهُ أَنتَ الرَشيدُ وَقَد أَرى / قُداراً بِعَيني في قباهُ وَمَنشَما
هَدَمتُم صَياصي قومِكُم وَبَنيتُمُ / صَياصِيَ قَومٍ حَقُّها أَن تُهَدَّما
سَأَرحَلُ لا مُستَوحِشاً لِفِراقِكُم / وَلا أَسَفاً يَوماً وَلا مُتَنَدِّما
فَإِن حَنَّ قَلبي نَحوَكُم أَو شَكا جَوىً / فَصادَفَ مِن زُرقِ الأَسِنَّةِ لَهذَما
وَإِن دَمَعَت عَينايَ سَوقاً إِلَيكُمُ / فَعَوَّضتُها مِن ذَلِكَ الدَمعُ بِالعَمى
وَإِن عارِض الرُكبانِ يَسأَلُ عَنكُمُ / لِساني فَوافَيتُ القِيامَةَ أَبكَما
وَلا جَمَعَتنا آخِرَ الدَهرِ نِيَّةٌ / إِلى أَن يَضُمَّ البَعثُ عاداً وَجُرهُما
فَما فُرقَةُ القالِينَ عِندي رَزِيَّةٌ / أُقيمُ لَها في نَدوَةِ الحَيِّ مَأتَما
وَإِنَّ الكَريمَ الحرَّ يَشنَى مُقامَهُ / بِأَرضٍ يَرى فيها السَلامَةَ مَغنَما
وَما خَيرُ أَرضٍ لا يَزالُ كَريمُها / مُهاناً وَنَذلُ القَومِ فيها مُكَرَّما
صُعُودُ العُلا إِلّا عَلَيكَ حَرامُ
صُعُودُ العُلا إِلّا عَلَيكَ حَرامُ / وَعَيشٌ سِوى ما أَنتَ فيهِ حِمامُ
وَكُلُّ غَمامٍ لَم تُثِر غادِياتِهِ / رِياحُ نَدى كَفَّيكَ فَهوَ جَهامُ
وَما المَجدُ إِلّا ما بَنَيتَ وَشادَهُ / بِعَزمِكَ بَأسٌ صادِقٌ وَحُسامُ
وَلا سَعيَ إِلّا دُونَ سَعيِكَ فَليَنَم / وَيَدري اِمرُؤٌ ناواكَ كَيفَ يَنامُ
وَأُقسِمُ لَولا صِدقُ بَأسِكَ لَاِغتَدَت / قوى مُررِ العَلياءِ وَهيَ رِمامُ
وَلَو لَم تُلافِ المُلكَ مِن صَرعَةِ الرَدى / لَكُشِّمَ عِرنِينٌ وَجُبَّ سَنامُ
لِيَرقَ غَبيٌّ رامَ شَأوَكَ في العُلا / عَلى ظلعِهِ فَالنَجمُ لَيسَ يُرامُ
وَكَيفَ تُغاليكَ السِيادَةَ مَعشَرٌ / سَهِرتَ لَها اللَيلَ الطَويلَ وَنامُوا
بِكَ العِزُّ أَضحَت شَمسُهُ مُستَنيرَةً / وَكانَ عَلَيها لِلخُمُولِ قَتامُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ أَنتَ إِذا غَدا / فِئامٌ تُساقيهِ الحُتُوفَ فِئامُ
وَرِثتَ العُلى عَن أَحمَدٍ وَمُحَمَّدٍ / وَفَضلٍ وَكُلٌّ في العَلاءِ إِمامُ
وَإِنَّ لِمَسعُودٍ إِذا اِشتَجَرَ القَنا / لَطَعنٌ يَردُّ الجَيشَ وَهوَ لُهامُ
وَما الناسُ إِلّا آلُ فَضلِ بنِ عَبدَلٍ / إِذا جَلَّ خَطبٌ أَو تَنَكَّرَ عامُ
مَقالهُمُ فَذٌّ إِذا وَعَدُوا الغِنى / وَضَربُهُمُ تَحتَ العَجاجِ تَوامُ
مَساميحُ طَعّانُونَ وَالخَيلُ تَدَّعي / وَطَيرُ المَنايا وُقَّعٌ وَحُيامُ
وَما مِنهُمُ إِلّا هُمامٌ أَتى بِهِ / أَعَزُّ مِنَ اِولادِ المُلوكِ هُمامُ
يَرُوحُ الفَتى لِلكَدِّ مِنهُم وَما لَهُ / سِوى البَدرِ خِدنٌ وَالنُجُومِ نُدامُ
وَلا مالَ إِلّا ذابِلٌ وَمُهَنَّدٌ / وَسَرجٌ عَلى ذي أَولَقٍ وَلِجامُ
وَدِرعٌ كَأنَّ البيضَ وَالقُضبَ وَالقَنا / إِذا صافَحتَها بُورَقٌ وَثُمامُ
نَكالٌ لِجانٍ غَيرِهِم فَإِذا جَنَوا / فَبَردٌ عَلَيهِم ما جَنوا وَسلامُ
هُمُ القَومُ إِن حامَ المُحامُونَ أَقدَمُوا / وَإِن حَبَسَ القَومُ السَوامَ أَسامُوا
وَإِن رَحَلَ الأَحياءُ عَن قُربِ مَنزِلٍ / لِخَوفٍ بَنوا في جَوِّهِ وَأَقامُوا
وَإِنَّ لَهُم بِالأَريحِيِّ مُحَمَّدٍ / لَفَخراً لَهُ فَوقَ الأَنامِ مصامُ
فَتى الحَربِ يَومَ البيضُ في الهامِ تَنحَني / وَيَومَ العَوالي في الصُدورِ تُقامُ
وَلِلطَيرِ مِن نَقعِ المَذاكي مَواكِنٌ / وَلِلأرضِ مِن قاني الدِماءِ ذِمامُ
هَديرُ فُحُولِ الشَولِ حينَ تُحِسُّهُ / كَشِيشٌ وَزَأرُ المُخدراتِ بُغامُ
إِذا هَمَّ أَمضى هَمَّهُ لَو تَساقَطَت / أَكُفٌّ وَأَقدامٌ لِذاكَ وَهامُ
أَخُو الطَعنَةِ النَجلاءِ تَحسبُها فَماً / تَثَأَّبَ في حَيثُ الكَلامِ كَلامُ
لِصَمصامِهِ هامُ العِدى وَلِرُمحِهِ / كُلاها وَلِلبَوغا دَمٌ وَعِظامُ
ذُراهُ حَياةٌ لِلصَديقِ شَهِيَّةٌ / وَلُقياهُ مَوتٌ لِلعَدُوِّ زُؤامُ
تَفِرُّ كُماةُ الحَربِ مِنهُ كَأَنَّها / وَإِيّاهُ بازي مَرقَبٍ وَحَمامُ
حِذارَ فَتىً لَو صَكَّ بِالسَيفِ ضارِباً / شَماماً لَقال الناسُ أَينَ شَمامُ
صَوارِمُهُ مُذ لَم تَزَل وَرِماحُهُ / بِهِنَّ إِلى ماءِ النُحورِ أُوامُ
أَبَت عِزَّةً أَن تَقبَلَ الضَيمَ نَفسُهُ / وَذُو العِزَّةِ القَعساءِ كَيفَ يُضامُ
وَآلى وَلَم يَستَثنِ أَن ضاعَ نَبلُهُ / وَلَو حالَ عامٌ دُونَ ذاكَ وَعامُ
سَما لِلعلا رَتاً سُمُوَّ اِبنِ حُرَّةٍ / نَجيبٍ نَمتهُ مُنجِبُونَ كِرامُ
وَسامَ حِمى الأَعداءِ خَسفاً وَسَوَّمَت / بِهِ المالَ سامٌ في البِلادِ وَحامُ
وَساسَ رَعاياهُ بِرَأفَةِ وَالِدٍ / وَسَطوَةِ لَيثٍ هَيَّجَتهُ سَوامُ
حَليمٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَفيهِ غَرامٌ إِن يُهَج وَعُرامُ
إِذا فَحلُ قَومٍ هاجَ وَاِنحَلَّ قَيدُهُ / فَفي سَيفِهِ قَيدٌ لَهُ وَخِزامُ
وَإِن نَبَّ في حَيٍّ عَتُودٌ فَعِندَهُ / حَصاةٌ بِها تُوجا الخُصى وَفِطامُ
فَيا مُفرِغاً في كَيدِهِ جُهدَ نَفسِهِ / لخَيرٌ مِنَ السَعيِ الغَوِيِّ نُوامُ
وَيا طامِعاً في نَيلِ ما نالَ مِن عُلاً / مَتى صَدَقَ الظَنَّ الكَذوبَ مَنامُ
وَيا باسِطاً كَفّاً لِإِدراكِ شَأوِهِ / بِكَفِّكَ فَاِضمُمها إِلَيكَ جُذامُ
وَيا مُضمِراً بَغضاءَهُ جُنَّ أَو فَمُت / فَداؤُكَ لا عُوفيتَ مِنهُ عُقامُ
لَهُ هَيبَةٌ مِلءُ الصُدُورِ وَعَزمَةٌ / تُريهِ الجِبالَ الشُمَّ وَهيَ إِكامُ
وَما زالَ يُغضي وَالمُلوكُ تَهابُهُ / وَيَقعُدُ وَالأَعداءُ مِنهُ قِيامُ
فَيا لائِماً في بَسطِ كَفِّ مُحمَّدٍ / مَتى لِيمَ في أَن يَستَهِلَّ غَمامُ
عَدا الذَمَّ عَنهُ وَالمَلامَ مُحمَّدٌ / وَمُنتَجَبُ الآباءِ كَيفَ يُلامُ
أَلا أَيُّها الملَكُ الَّذي لا جَنابُهُ / بِوَعرٍ وَلا مَن في خِباهُ يُضامُ
إِلَيكَ خَدَت بِي عَوهَجٌ شَدقَمِيَّةٌ / لَها السَوطُ عَن رَعيِ الخَميمِ كِعامُ
تَضِلُّ فَيَهدِيها سَناكَ كَأَنَّما / سَناكَ لَها دُونَ الزِمامِ زِمامُ
وقَد أَصبَحَت في خَيرِ دارٍ مُناخَةً / لَدى خَيرِ مَلكٍ في الأَنامِ يُشامُ
فَأَنتَ الَّذي لَولاهُ ما عُرِفَ النَدى / وَلا فُضَّ لِلفِعلِ الجَميلِ خِتامُ
وَلا كانَ لِلعَلياءِ أُمٌّ وَلا أَبٌ / نِصابٌ وَلا لِلمَكرُماتِ نِظامُ
أَيَجمُلُ أَن أُجفى وَأُنفى وَعِندَكُم / لِمَن لَيسَ مِثلي عِيشَةٌ وَمُقامُ
وَيُقبَلُ قَولُ الخَصمِ فِيَّ تَحامُلاً / وَأَسهَرُ خَوفاً مِنكُمُ وَيَنامُ
وَتُقطَعُ أَرحامي وَتُلغى مَوَدَّتي / وَيُقعَدُ بِي ما بَينَكُم وَيُقامُ
وَتُذنِبُ أَقوامٌ فَتُعزى ذُنوبُها / إِلَيَّ وَأُلحى عِندَكُم وَأُلامُ
هَبُونِيَ جاراً لِاِبنِ عَمٍّ مُصافِياً / فَلِلجارِ مِنكُم حُرمَةٌ وَذِمامُ
فَكَم مِن هُمامٍ قَد عَفا وَهوَ مُحرَجٌ / وَجادَ بِصَفحٍ وَالذُنوبُ عِظامُ
وَذُو المَجدِ لا يَستَغرِقُ الجَهلُ حِلمَهُ / وَلَو قَعَدَ الواشُونَ فيهِ وَقامُوا
لَقَد كُنتُ أَرجُو أَن أُرى في جَنابِكُم / وَلِي مِن نَداكُم سابِقٌ وَحُسامُ
إِذا كُنتُ أَخشاكُم وَأَخشى عَدُوَّكُم / فَإِنَّ حَياتي شِقوَةٌ وَغَرامُ
فَإِن كانَ ذَنبٌ فَاِترُكُوهُ لِما مَضى / وَهَل هُوَ إِلّا إِذ يُعَدُّ كَلامُ
وَوَاللَهِ ما أَوضَعتُ فيما يُريبُكُم / وَلا شُدَّ لِي يا قَومِ فيهِ حِزامُ
وَإِنّي لمنكُم سُؤتُمُ أَو سُرِرتُمُ / إِلى أَن يُوارِيني ثَرىً وَرِجامُ
أَلَستُ الَّذي سَيَّرتُ فيكُم غَرائِباً / لِكُلٍّ إِلَيها إذ تَمُرُّ هُيامُ
أَلَيسَ أَبي في الإِنتِسابِ أَباكُمُ / عَلى أَنَّني عَبدٌ لَكم وَغُلامُ
أَما اِجتيحَ مالي في هَواكُم وَأُسهِرَت / بِذا السِجنِ عَيني وَالعُيونُ نِيامُ
فَراعُوا ذِمامي قدرَ ظَنِّي فَكُلُّنا / صَدىً عَن قَريبٍ في التُرابِ وَهامُ
فَلَم يَبقَ إِلّا أَن تُزَمَّ رَكائِبي / وَيُصبِحَ كَيدٌ بَينَنا وَسَنامُ
فَخَيرٌ مِنَ الأَحساءِ إِن دامَ عُتبُكُم / أُشَيٌّ وَوادِى مَنهَمٍ وَنَعامُ
وَما ذاكَ مِنّي بِاِختيارٍ وَلا رِضاً / وَلَكِن يَحِلُّ الشَيءُ وَهوَ حَرامُ
وَلَم أَرَ أَشقى مِن كَريمٍ بِبَلدَةٍ / يَجُرُّ وَيَجني غَيرُهُ وَيُلامُ
وَإِنَّكُمُ دِرعي وَسَيفي وَساعِدي / وَتُرسي إِذا ضَمَّ الكُماةَ زِحامُ
وَما لي لِسانٌ غَيركُم إِن تَطاوَلَت / عَلَيَّ رِجالٌ وَاِستَمَرَّ خِصامُ
فَلا تَسمَعُوا فِيَّ الوُشاةَ فَإِنَّهُم / لَأَكذبُ مِن آلٍ رَأتهُ حِيامُ
فَإِنّيَ سَيفٌ قاطِعٌ مِن سُيُوفِكم / وَبَعضُ السُيوفِ المُنتَقاةِ كَهامُ
وَمِن أَجلِ قُرباكُم حُسِدتُ وَسُدِّدَت / إِلَيَّ نِصالٌ لِلعِدى وَسِهامُ
فَبُورِكتُمُ يا آلَ فَضلٍ فَإِنَّكُم / ضِياءٌ وَبَعضُ المالِكينَ ظَلامُ
وَلا زالَ يُهدى كُلَّ يَومٍ إِلَيكُمُ / عَلى القُربِ مِنّي وَالبعادِ سَلامُ
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ
أَيدي الحَوادِثِ في الأَيّامِ وَالأُمَمِ / أَمضى مِنَ الذَكَرِ الصَمصامَةِ الخَذِمِ
فَلا يَظُنَّنَّ مَن طالَت سَلامَتُهُ / أَنَّ المَقادِيرَ أَعطَتهُ عُرى السَلمِ
كُلٌّ بِما تُحدِثُ الأَيّامُ مُرتَهَنٌ / وَكُلُّ غايَةِ مَوجُودٍ إِلى عَدَمِ
مَن سَرَّهُ الدَهرُ صِرفاً سَوفَ تَمزُجُهُ / لَهُ تَصارِيفُهُ مِن صَفوَةِ النِقَمِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُنيا وَزِينَتُها / وَلَو حَبَتكَ بِحُمرِ الخَيلِ وَالنَعَمِ
فَما اللَذاذَةُ في عَيشٍ وَغايَتُهُ / مَوتٌ يُؤَدِّيكَ مِن قَصرٍ إِلى رُجَمِ
يا غافِلاً لَعِبَ الظَنُّ الكَذُوبُ بِهِ / خَفِ العَواقِبَ وَاِحذَر زَلَّةَ القَدَمِ
وَاِنظُر إِلى حَسَنٍ في حُسنِ صُورَتِهِ / جاءَت إِلَيهِ صُروفُ الدَهرِ مِن أُمَمِ
لَم يَحمِهِ صارِمٌ قَد كانَ يَخضِبُهُ / يَومَ النِزالِ مِنَ الأَعناقِ وَالقِمَمِ
وَلا جَوادٌ أَقَبُّ الظَهرِ مُنجَرِدٌ / يَهوي بِهِ كَهُوِيِّ الأَجدَلِ القَطِمِ
وَلا الغَطارِفُ مِن بَكرٍ وَإِخوَتِها / مِن تَغلِب الغُلبِ أَهلِ البَأسِ وَالكَرَمِ
كانُوا يُفَدُّونَهُ بِالخَيلِ مُسرَجَةً / وَالمالِ وَالآلِ وَالأَولادِ وَالحَشَمِ
إِيهاً بَني وائِلٍ قَد ماتَ لَيثُكُمُ / فَاِبكُوا عَلَيهِ بِدَمعٍ وَاكِفٍ وَدَمِ
قَد كانَ إِن نَزَلَت دَهياءُ مُظلِمَةٌ / وَخامَ عَنها حُماةُ القَومِ لَم يَخِمِ
وَإِن نَبا زَمَنٌ أَو عَضَّ ناجِذُهُ / أَعطي العُفاةَ بِلا مَنٍّ وَلا سَأَمِ
مَضى وَلَم يَدرِ ما سُكرُ الشَبابِ وَلا / أَمالَهُ الغَيُّ عَن رُشدٍ إِلى أَثَمِ
وَلا تَخَطّى بُيُوتَ الحَيِّ مُبتَجِحاً / جَذلانَ يَخطُرُ مُختالاً عَلى قَدَمِ
وَلَم يَكُن هَمُّهُ شُربَ المُدامِ وَلا / شَدُوَ المَزاهيرِ بِالأَوتارِ وَالنَغَمِ
لَكِنَّ هِمَّتَهُ مالٌ يُقَسِّمُهُ / عَلى العُفاةِ وَإِقدامٌ عَلى البُهُمِ
وَلَم يَزَل صائِماً طَوعاً لِخالِقِهِ / وَبِالدُجى قائِماً في حِندِسِ الظُلَمِ
فَيا أَبا جَعفَرٍ لا زِلتَ في دَعَةٍ / لا تَجزَعَن فَقَضاهُ غَيرُ مُتَّهَمِ
وَيا أَبا حَسَنٍ صَبراً فَكُلُّ فَتىً / مُفارِقٌ وَحَياةُ المَرءِ كَالحلُمِ
وَالمَوتُ كُلُّ اِمرِئٍ لا بُدَّ ذائِقُهُ / تَقاصَرَ العُمرُ أَو أَدّى إِلى الهرَمِ
أَينَ المُلوكُ وَأردافُ المُلوكِ وَمَن / سادَ القبائِلَ مِن عادٍ وَمِن إرَمِ
وَأَينَ طَسمٌ وَأَولادُ التَبابِعِ مِن / أَولادِ حِميَرَ وَالساداتُ مِن عَمَمِ
وَأَينَ آلُ مُضاضٍ في قَبائِلِها / مِن جُرهُمٍ ساكِني بَحبوحَةِ الحَرمِ
أَفناهُمُ وَأَدارَ الكَأسَ مُترَعَةً / في وائِلٍ فَسَقاها غَيرَ مُحتَشِمِ
أَردى اِبنَ مُرَّةَ هَمّاماً وَكانَ لَهُ / عَقدُ الرِئاسَةِ عَن آبائِهِ القِدَمِ
وَمانِعَ الجارِ جَسّاساً أُتيحَ لَهُ / سَهمُ المَنونِ عَلى عَمدٍ فَلَم يَرُمِ
وَالحَوفَزانَ الَّذي كانَت تَنُوءُ بِهِ / بَكرٌ سَقاهُ بِكاساتٍ مِنَ النِقَمِ
وَفارِسَ العَرَبِ العَرباءِ إِن ذُكِرَت / بسطامَ مَدَّ إِلَيهِ كَفَّ مُختَرِمِ
فَاِبتَزَّهُ مُلكَهُ غَصباً وَأَنزَلَهُ / فَوقَ التُرابِ عَفيرَ الخَدِّ والقَسِمِ
وَعافرَ الفِيلِ يَومَ القادِسِيَّةِ قَد / سَقاهُ كاسَ الرَدى صِرفاً بِغَيرِ فَمِ
وَقَد أَذاقَ شَبيباً في شَبيبَتِهِ / كَأسَ الحُتُوفِ بِلا سَيفٍ وَلا سَقَمِ
والمَزيَدِيِّينَ غالَتهُم غَوائِلُهُ / وَاِجتَاحَهُم مُزبِدٌ مِن سَيلِهِ العَرِمِ
وَلَم تَدع هانِئاً وَهوَ الَّذي اِنتَصَفَت / بِهِ الأَعارِيبُ وَاِستَولَت عَلى العَجَمِ
وَالحارِثَ بنَ عُبادٍ غالَهُ وَسَطا / بِجَحدَرٍ فارِسِ التَحلاقِ لِلَّمَمِ
وَالحارِثَ بنَ سَدُوسٍ لَم يَهَب عَدَداً / فِيهِم بَنُوهُ وَلَمّا يَكتَرِث بِهِمِ
وَالجعدَ مَسلَمَةً لَم يَحمِهِ فَدَنٌ / بَناهُ والِدُهُ إذ كانَ ذا هِمَمِ
وَهَوذَةَ بنَ عَلِيٍّ حَطَّ مُنتَزِعاً / عَن رَأسِهِ التاجَ عَمداً غَيرَ مُحتَشِمِ
وَشيخَ عِجلٍ أَبا مَعدانَ عاجَلَهُ / مِنهُ الحِمامُ فَلَم يُطلَب لَهُ بِدَمِ
وَفارِسَ العَرَبِ العَربا وَسَيِّدَها / أَعني كُلَيباً قَريعَ العُربِ وَالعَجَمِ
لَم يَحمِهِ عَدَدٌ مَجرٌ وَلا دَفَعَت / عَنهُ المَنِيَّةَ إِذ جاءَت بنُو جُشَمِ
وَلَم يَكُن لِعَدِيٍّ بَعدَهُ عِصَمٌ / مِنهُ وَكانَ عَدِيٌّ أَيَّ مُعتَصِمِ
وَآلَ كُلثُومَ ساداتِ الأَراقِمِ لَم / يَترُك لَهُم مِن حِمى حامٍ ولا حَرَمِ
أُولَئِكَ الغُرُّ مِن ساداتِ قَومِكُما / أَهلُ النُهى وَاللُهى وَالعَهدِ وَالذِّمَمِ
وَهَذِهِ شِيَمُ الدُنيا وَعادَتُها / فِيمَن مَضى أَو بَقى مِن سائِرِ الأُمَمِ
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ
إِلامَ أُناجي قَلبَ حَيرانَ واجِمِ / وَأَنظُرُ عُودي بَينَ لاحٍ وَعاجِمِ
أُقَضِّي نَهارِي بِالزَفيرِ وَأَنَّةٍ / وَأَقطَعُ لَيلي بِالدُموعِ السَواجِمِ
كَأَنّي لِأَحداثِ اللَيالي رَذِيَّةٌ / أُقيمَت سَبيلاً لِلخُطوبِ الهَواجِمِ
وَفي الأَرضِ لِي مَندُوحَةٌ وَمُراغَمٌ / تقرُّ بِهِ عَيني وَتَحلُو مَطاعِمي
بِحَيثُ يَراني الدَهرُ سَعداً وَأَغتَدي / وَقَد حُذِيَت رِجلايَ مِنهُ بِسالِمِ
وَأَسطُو عَلى أَحداثِهِ مِثلَ ما سَطا / عَلَيَّ فَتَبقى وَاهِياتِ الدَعائِمِ
وَأَجتابُ مِن ظِلِّ الخِلافَةِ وارِفاً / يَقي الضُرَّ فَيناناً وَحَرَّ السَمائِمِ
بِمَغنى أَميرِ المُؤمِنينَ الَّذي غَدا / لَهُ مَنسِمٌ يَعلُو جَميعَ المَخاطِمِ
سَمِيُّ النَبيِّ المُصطَفى وَاِبنُ عَمِّهِ / وَمالِكُ أَعناقِ المُلوكِ الخَضارِمِ
نَماهُ أَبُو الفَضلِ الَّذي لَم تَزَل بِهِ / بَنُو الجَذبِ تُسقى في السِنينِ العَقائِمِ
وَحَلَّ الذُرى مِن شَيبَةِ الحَمدِ وَاِرتَقى / إِلى ضِئضئِ العَلياءِ مِن صُلبِ هاشِمِ
وَأَحيا خِلالاً سَنَّها في زَمانِهِ / قُصَيٌّ أَبو ساداتِها وَالبَراجِمِ
لَيالِيَ يُدعى في قُرَيشٍ مُجَمِّعاً / بِجَمعِ ذَويها في فنونِ المَحارِمِ
إِمامُ هُدىً يَدعُو إِلى اللَهِ مُرشِداً / لِكُلِّ البَرايا عُربِها وَالأَعاجِمِ
بِعَدلٍ وَإِحسانٍ وَنُصحٍ وَرَأفَةٍ / وَزُهدٍ وَبُرهانٍ وَكَفٍّ وَصارِمِ
تَناحَلَهُ آباءُ صِدقٍ تَوارَثُوا / كِرامَ المَساعي عَن جُدُودٍ أَكارِمِ
فَما اِحتَلَّ إِلّا صُلبَ كُلِّ خَلِيفَةٍ / مُحِيطٍ بِأَحكامِ الشَريعَةِ عالِمِ
إِذا العَرَبُ العَرباءُ يَوماً تَفاخَرَت / بِذي العِزِّ مِن ساداتِها وَالقُماقِمِ
وَجاؤُوا بِقَيسٍ وَاِبنِهِ وَبِمَعبَدٍ / وَكَعبٍ وَأَوسٍ وَاِبنِ سَلمى وَحاتِمِ
سَماهُم جَميعاً ثُم لمت بِفَترَةٍ / إِلى جُودِ بَحرٍ مِنكُمُ مُتلاطِمِ
إِذا جُدتُم أَفضَلتُمُ فَبِفَضلِكُم / نَجُودُ فَمِنكُم فَضلُ تِلكَ المَكارِمِ
فَلولاكُمُ لَم يُدعَ فَضلٌ وَجَعفَرٌ / بِجُودٍ وَلا اِنهَلَّت نَدىً كَفُّ قاسِمِ
وَلا عَرَفَ الناسُ اِبنَ سَهلٍ وَلا شَدا / بِمَدحِ اِبنِ وَهبٍ ناظِمٌ بَعدَ ناظِمِ
يَقُولُونَ هُم أَرضٌ وَأَنتُم سَماؤُها / وَأَيمانُكُم فِيها مَكانُ الغَمائِمِ
فَإِن أَنتُمُ أَمطَرتُموها تَحَدَّثَت / وَجادَت وَآتَت أُكلَها كُلَّ طاعِمِ
وَإِن أَنتُمُ أَغفَلتُمُوها تَضاءَلَت / وَلَم يَنتَفِع فيها أُوَامٌ لِحائِمِ
بِكُم يُؤمِنُ اللَهُ البِلادَ وَيُصلِحُ ال / عِبادَ وَيَعفُو عَن ثِقالِ الجَرائِمِ
وَأَنتُم مَصابيحُ الظَلامِ وَقادَةُ ال / أَنامِ وَسَدٌّ لِلبلا المُتفاقِمِ
وَفِيكُم أَقامَ اللَهُ أَعلامَ دِينِهِ / وَلَولاكُمُ كُنّا مَعاً كَالبَهائِمِ
تَخَيَّرَكُم رَبُّ العُلا وَاِصطَفاكُم / وَطَهَّرَكُم مِن كُلِّ ذَمٍّ وَذائِمِ
وَآتاكُمُ فَصلَ الخِطابِ وَمُحكَمَ ال / كِتابِ وَمُلكاً زاهِياً غَيرَ زائِمِ
فَأَوضَحتُمُ سُبلَ الهُدى وَكَشَفتُمُ / عَنِ الحَقِّ أَغشاءَ العَمى المُتراكِمِ
وَقَوَّمتُمُ بِالسَيفِ مَن مالَ خَدُّهُ اِص / عِراراً وَلَم يَشمَخ بِأَنفٍ لِخاصِمِ
فَكَم هامَةٍ لِلكُفرِ راحَت وَهامُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِكُم في المَلاحِمِ
فَقُل لِدُعاةِ الشَرقِ وَالغَربِ أَقصِرُوا / وَكُفّواً وَإِلّا تَقرَعُوا سِنَّ نادِمِ
فَما الحَقُّ إِلّا دَعوَةٌ هاشِميَّةٌ / هِيَ الحَقُّ لا دَعوى غَوِيٍّ وَغاشِمِ
بِها أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَقد الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / تَرى الشِركَ مِن شَدّاتِها في مَآتِمِ
تَبيتُ طَواغِيتُ النِفاقِ لِهَمِّهِ / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورُ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَهابَةٌ / ثَوَت وَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأَن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ سَلّى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَجَشَّمَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتنِ ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتُهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرِ واهِ العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِهِمَّةِ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
فَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنُعماكَ مِن أَيدي الزَمانِ الغَواشِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَأَعرانِيَ الوَالي المَشُومُ وَفاتَني / بِما حُزتُهُ مِن ضَيعَةٍ وَدَراهِمِ
فَمالَ عَلى حالي وَمالي وَثَروَتي / مَآلي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَبِتُّ عَزائي السِجنُ في مُدلَهِمَّةٍ / يُجاوِبُني فِيها ثِقالُ الأداهِمِ
وَأَخرَجَني مِن بَعدِ يَأسٍ وَقَد أَتى / عَلى نَشبي أَشكُو إِلى غَيرِ راحِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتَراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تَزيدُ عَلى فَيضِ البُحُورِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ
فَناجَيتُ نَفسي خَالياً حَيثُ لَم أَجِد / مِنَ القَصدِ بُدّاً وَاِستَشَرتُ عَزائِمي
وَمِلتُ إِلى بَعضِ المُلوكِ فَأَجهَشَت / إِلَيَّ وَجاشَت فَوقَ مِلءِ الحَيازِمِ
فَسَكَّنتُها بِالشَدِّ مِنّي بِرحلَةٍ / إِلَيكَ فَأَبدَت ثَغرَ جَذلانَ باسِمِ
وَبَشَّرتُ أَهلي بِالغِنى حَيثُ مَرجِعي / إِلَيهِم عَلى أَنفٍ مِنَ الدَهرِ راغِمِ
فَجِئتُ وَقَد نالُوا السَماءَ وَأَيقَنُوا / بِأَنَّ الغِنى أَضحى كَضَربَةِ لازِمِ
وَلَم أَمتَدِح خَلقاً سِواكَ لِمالِهِ / فَأَحظى بِنَيلٍ أَو بِعَضِّ الأَباهِمِ
وَإِنّي لَأَرجُو مِن أَياديكَ نَفحَةً / عَلى الدَهرِ يَبقى ذِكرُها في المَواسِمِ
أُفيدُ بِها مَجداً وَأكبِتُ حاسِداً / وَأَعلُو بِها هامَ المُلوكِ الغَوانِمِ
وَكَم عاشَ مِثلي في نَداكَ مُؤَمِّلاً / عَظيماً يُرَجّى لِلأُمُورِ العَظائِمِ
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ
عَنّي إِلَيكِ حَوادِثَ الأَيّامِ / ما كُلُّ يَومٍ يُستَطاعُ خِصامي
لا تَحسَبي الصَحبَ الَّذينَ عَهِدتِهِم / صَحبي وَلا تِلكَ الخِيامَ خِيامي
أَنا مَن عَرَفتِ فَأَوقِدي نارَ الوَغى / ما بَينَنا وَتَعَرَّفي إِقدامي
إِن كانَ قَد أَدمى حُسامُكِ مَفرقي / ظُلماً لَسَوفَ تَرَينَ وَقعَ حُسامي
لا يُطمِعَنَّكِ فِيَّ هُلكُ مُقَدَّمٍ / فَالقَوسُ قَوسي وَالسِهامُ سِهامي
وَمُقَدَّمٌ لا شَكَّ طَودٌ باذِخٌ / يَعلُو عَلى الهَضَباتِ وَالآكامِ
وَلَقَد فَقَدنا مِنهُ أَروَعَ ماجِداً / سَهلَ الجَنابِ مُؤَدَّبَ الخُدّامِ
كَم مُقلَةٍ ذَرَفَت عَلَيهِ وَكَم حَشىً / لِمَماتِهِ حُشِيَت بِنارِ غَرامِ
يا طِيبَ دَولتِهِ الَّتي أَيّامُها / شِيَةُ الزَمانِ وَغُرَّةُ الأَيّامِ
لَو كانَ يَفدِيهِ الرَدى لَفَدَيتُهُ / بِأَكارمِ الأَخوالِ وَالأَعمامِ
يا شامِتاً جَهلاً بِيَومِ وَفاتِهِ / صَبراً فَما الدُنيا بِدارِ مُقامِ
إِن كانَ ذَاكَ العَرشُ ثُلَّ فَقَد رَسى / في إِثرِهِ عَلمٌ مِنَ الأَعلامِ
أَو كانَ ذاكَ السَيفُ فُلَّ فَقَد أَتى / سَيفٌ إِذا ما سُلَّ غَيرُ كَهامِ
في أَيِّ يَومٍ لَم نُصَب بِمُتَوَّجٍ / ضَخمِ الدَسيعَةِ صادِقِ الإِقدامِ
لَكِنَّ فينا عِندَ كُلِّ مُصيبَةٍ / تَستَوكِفُ العَبَراتِ صَبرُ كِرامِ
وَإِذا مَضى مِنّا هُمامٌ ماجِدٌ / لَم يَمضِ إِلّا عَن طَريقِ هُمامِ
هَل شَدَّ عَقدَ التاجِ بَعدَ مُقَدَّمٍ / إِلّا فَتى قَومي وَسِلكُ نِظامي
مَن في المُلوكِ إِذا تُعَدُّ كَفاضِلٍ / لِعَطا الرَغائِبِ أَو لِضَربِ الهامِ
مَلِكٌ إِذا قابَلتَ غُرَّةَ وَجهِهِ / مُستَجدِياً قابَلتَ بَدرَ تَمامِ
وَإِذا نَظَرتَ إِلى اِنهِلالِ يَمينِهِ / يَومَ النَوالِ رَأَيتَ فَيضَ غَمامِ
وَإِذا اِنتَضى العضبَ المُهَنَّدَ وَاِعِتَزى / أَيقَنت أَنَّ اليَومَ يَومُ صِدامِ
لَو لَم يَقُم في المُلكِ ضاعَ وَلَم يَعُد / عُمرَ السِنينِ وَمُدَّةَ الأَعوامِ
يَوماهُ يَومُ نَدىً وَيَومُ وَغىً فَما / دامَت صَوارِمُهُ فَهُنَّ دَوامِ
وَالكَرُّ بَعدَ الفَرِّ عادَتُهُ إِذا / ضاقَ المَكَرُّ وَقيلَ بِالإِحجامِ
كَم وَقعَةٍ تَرَكَ العِدى وَجِباهُها / لِلسَيفِ ساجِدَةٌ عَلى الأَقدامِ
وَلَطالَما خَلّى الرُؤوسَ كَأَنَّها / لِلبُعدِ ساخِطَةٌ عَلى الأَجسامِ
طَودٌ إِذا ما الحِلمُ كانَ نَباهَةً / وَإِذا يُهاجُ فَأَيُّ لَيثِ زِحامِ
أَمضى عَلى الأَهوالِ مِن ذي رَونَقٍ / صافي الحَديدَةِ مِخذَمٍ صَمصامِ
مُتَوَقِّدُ العَزَماتِ تَأبى نَفسُهُ / لَغوَ الحَديثِ وَمَجلِسَ الآثامِ
لَو أَنَّ لِلعَضبِ المُهَنَّدِ عَزمَهُ / لَأَراكَ كَالشَمّامِ صَخرَ شَمامِ
لَو أَنَّ لِلضِرغامِ بَعضَ إِبائِهِ / لَاِستَبدَلَ الآكامَ بِالآجامِ
لَو أَنَّ لِلبَحرِ الخِضَمِّ سَماحَهُ / لَغَدا مَقِيلَ العِينِ وَالآرامِ
ما حاتِمٌ في الجُودِ يَعدِلُهُ وَلا / كَعبٌ وَلا قَيسٌ أَبُو بِسطامِ
إِقدامُ جَسّاسٍ وَعِزَّةُ هانِئٍ / وَعَفافُ بِسطامٍ وَنَفسُ عِصامِ
مِن مَعشَرٍ بِيضِ الوُجُوهِ أَعِزَّةٍ / سُمحٍ عَلى العِلّاتِ غَيرِ لِئامِ
وَقِرى النُفوسِ إِذا تَحَطَّمَتِ القَنا / في الدارِعينَ وَفَرَّ كُلُّ مُحامِ
لا يَفزَعُونَ إِذا الصَريخُ دَهاهُمُ / إِلّا إِلى الإِسراجِ وَالإِلجامِ
وَإِذا الرِجالُ تَحَلَّلَت آراؤُها / كانُوا وُلاةَ النَقضِ وَالإِبرامِ
وَإِذا السُنونُ تتَابَعَت أَلفَيتَهُم / كَنزَ العُفاةِ وَكافِلي الأَيتامِ
مَلَكُوا الأَقاليمَ العِظامَ وَأَهلَها / بِالمُرهَفاتِ البيضِ لا الأَقلامِ
وَتَفَيَّحُوا كُلَّ البِلادِ وَسُيِّرَت / أَخبارُهُم في مَغرِبٍ وَشَآمِ
إِن فُوخِرُوا جاؤُوا بِفَضلٍ ذي النَدى / وَبِجَعفَرٍ وَشَبِيبٍ القَمقامِ
وَأَبى سِنانٍ وَاِبنِهِ وَمُحمَّدٍ / مُدني اليَسارِ وَمُبعِدِ الإِعدامِ
يا اِبنَ المُلوكِ النازِلينَ مِنَ العُلى / في كُلِّ ذِروَةِ غارِبٍ وَسَنامِ
يَفديكَ لِلعَلياءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ / أَعمى عَنِ المَعرُوفِ أَو مُتَعامِ
وَليَهنِكَ المُلكُ الَّذي أَسَّستَهُ / بِالكُرهِ مِن شانيكَ وَالإِرغامِ
وَاِرفَع وَضَع وَاِقطَع وَصِل وَاِمنَع وَهَب / وَاِنفَع وَضُرَّ وَقُم وَسامِ وَرامِ
وَاِخفِض جَناحَكَ لِلعَشيرَةِ وَاِرعَها / بِرِعايَةِ الإِجلالِ وَالإِعظامِ
وَاِشدُد يَداً بِأَبي قِناعٍ إِنَّهُ / نِعمَ المُحامي دُونَها وَالحامي
وَاِشكُر لَهُ السَعيَ الَّذي اِنقادَت بِهِ / لَكَ وُلد سامٍ حَيثُ شِئتَ وَحامِ
وَاِرضَ الَّذي يَرضى وَقَدِّم أَمرَهُ / وَأَطِعهُ طاعَةَ مُقتَدٍ لِإِمامِ
وَأَبُو قِناعٍ غَيرُ نِكسٍ إِن عَرى / خَطبٌ شَديدُ الأَخذِ بِالأَكظامِ
الطاعِنُ الفُرسانَ كُلَّ مُرِشَّةٍ / تَنثاعُ مِن خَلفٍ وَمِن قُدّامِ
وَالمُطعِمُ الضِيفانَ مِن قَمَعِ الذُرى / عَبطاً إِذا ما ضُنَّ بِالجُلّامِ
أَحيا جُرَيّاً في السَماحَةِ وَاِبتَني / شَرَفاً أَنافَ عُلىً عَلى بَهرامِ
لَم يَبقَ في حَيّي نِزارٍ مِثلُهُ / لِسَدادِ ثَغرٍ أَو لِعَقدِ ذِمامِ
يُنمى إِلى الشُمِّ الغَطارِفِ وَالذُرى / مِن حارِثٍ وَالسادَةِ الحُكّامِ
وَلِحارِثٍ عُرِفَت رِئاسَةُ عامِرٍ / في جاهِلِيَّتِها وَفي الإِسلامِ
لَيسُوا كَقَومٍ كُلُّ ما عُرِفُوا بِهِ / ثِقلُ النُفوسِ وَخِفَّةُ الأَحلامِ
لا زلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُؤَيَّداً / بِالنَصرِ مَحبُوّاً بِكُلِّ مَرامِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ / بَصِيرٌ بَلى عَن نَيلِ مَكرُمَةٍ عَمِ
إِذا أَيقَظَتهُ لَفظَةٌ عَرَبِيَّةٌ / إِلى المَجدِ قالَت أَرمَنِيَّتُهُ نَمِ
قالُوا الدُبَيثِيُّ ذُو قُوافٍ
قالُوا الدُبَيثِيُّ ذُو قُوافٍ / مُحكَمَةُ النَظمِ مُستَقِيمَه
فَقُلتُ بُعداً لَكُم وَسُحقاً / فَكُلُّ أَفهامِكُم سَقِيمَه
شِعرُ الدُبَيثِيِّ لَو عَقلتُم / أَبرَدُ مِن أُمِّهِ اللَئِيمَه
هُوَ الَّذي تَعلَمُونَ كَلبٌ / فَهَل لِنَبحِ الكِلابِ قِيمَه
إِنّا إِلى اللَهِ مِن طَغامٍ / تَعتَقِدُ الفَضلَ في بَهِيمَه
وَاللُؤمُ وَالشُؤمُ مِنهُ جُزءٌ / وَالغَدرُ وَالإِفكُ وَالنَميمَه
وَيُنسَبُ العارُ وَالدَنايا / طُرّاً إِلى أُمِّهِ القَديمَه
مَتى يَمُت تَصرُخُ المَخازِي / يا أَبَتا واشَقا اليَتِيمَه
بَعدكَ حَلَّت بِنا أُمُورٌ / مُقعِدَةٌ لِلعُوا مُقِيمَه
راحَت جُيُوشُ الضَلالِ فَوضى / قَد هُزِمَت أَسوَأَ الهَزيمَه
وَأَدرَكَ الحَقُّ بَعدَ ذُلٍّ / مِنّا بِآثارِهِ المُنِيمَه
مِن أَينَ لِلظُلمِ باطِنِيٌّ / مثلُكَ يَستَصغِرُ العَظِيمَه
يَومُكَ أَبقى أَخاكَ ديناً / إِبليسَ مُستَهلَكَ العَزيمَه
قَد كُنتَ رِدءاً لَهُ تُساوي / كُلَّ شَياطِينِهِ الرَجيمَه
مَن كُنتَ أَوصَيتَ بِالمَعاصي / مِن هَذِهِ العُصبَةِ الأَثِيمَه
مَن لأَذى ماجِدٍ كَريمٍ / خَلَّفتَ أَو حرَّةٍ كَريمَه
بَعدَكَ ما فُتِّشَت حَصانٌ / وَلا اِشتَكي مُوهَنٌ هَضِيمَه
وَأَطلَقُوا الحُضرَ وَالبَوادي / وَالعُزلَ وَالبيضَ عَن صَريمَه
يُظَنُّ أَنَّ الإِلَهَ أَهدى / لِذا الوَرى نَظرَةً رَحيمَه
يا فَرحَةَ النارِ يَومَ تَأتي / إِلى دِيارِ البَلا وَذِيمَه
كَم يَتَلَقّاكَ مِن زَبانٍ / قَساوَةُ الطَبعِ فيهِ شِيمَه
مِثلَ تَلَقّيكَ سُفنَ ماءٍ / تَحمِلُ مِن بابلٍ لَطِيمَه
إِنَّ بَغِيّاً غَذَتكَ طِفلاً / فَيما أَتَتهُ لَمُستَلِيمَه
لِأَنَّها قَد رَأَت عِياناً / شُؤمَكَ مُذ أَنتَ في المَشيمَه
كَم عِثتَ في بَظرِها بِعَضٍّ / أَورَثَها الشَهوَةَ الذَميمَه
تَطلُبُ مِنها المَنِيَّ قُوتاً / وَلَيسَ بِالصُورَةِ الوَسيمَه
فَهيَ تُنادي الزُناةَ هُبّوا / إِلى حِرٍ يُشبِهُ الأَطِيمَه
وَلَيسَ يَرويكَ غَيرُ ماءٍ / يَنصَبُّ فيها اِنصِبابَ دِيمَه
وَساعَةَ الوَضعِ جِئتَ بَثناً / غادَرتَ وَجعاءَها كَلِيمَه
وَحينَ أَكمَلتَهُنَّ سَبعاً / ملتَ إِلى الصَنعَةِ الذَميمَه
كَسَّدتَ سُوقَ العُلوقِ حَتّى / تَرَكتَ أَبوابَها رَديمَه
حَتّى لَقَد راحَ كُلُّ عِلقٍ / عَلَيكَ في قَلبِهِ سَخِيمَه
كَم مارِدٍ في صِباكَ عاتٍ / صِدتَ بِنَغماتِكَ الرَخيمَه
وَكَم لَعَمري مِن أَلفِ صادٍ / سَطَت بِها مِنكَ فردَ مِيمَه
حَتّى إِذا نَشَت بَعدَ حينٍ / وَطالَتِ اللِّحيَةُ اللَئيمَه
أَصبَحتَ عَشّارَ أَرض سُوءٍ / ما بَرِحَت أَرضُها مَضيمَه
أَسَّسَها شَرُّ آدَمِيٍّ / بِذاكَ كُلُّ الوَرى عَليمَه
قَومُهُ بَعضُهُم بِبَعضٍ / وَأَنتَ مِنهُم أَقَلُّ قِيمَه
قاتَلَكَ اللَهُ كَم تَعامى / وَتَعكِسُ السُنَّةَ القَويمَه
تُلزِمُ زادَ الغَريبِ مَكساً / وَثَوبَهُ يا لَها عَظيمَه
مَهلاً فَلِلظّالِمينَ حَتماً / مَصارِعٌ كُلُّها وَخِيمَه
لِقاؤُكَ عامُهُ يَومٌ قَصيرٌ
لِقاؤُكَ عامُهُ يَومٌ قَصيرٌ / لَدَيَّ وَيَومَ لا أَلقاكَ عامُ
وَما هَذا التَفَرُّقُ بِاِختِياري / وَلَكِن طالَما عَزَّ المَرامُ
عَداني أَن أَزُورَكَ حادِثاتٌ / إِذا ذُكِرَت تَذوبُ لَها العِظامُ
مَتى رُمتَ النُهوضَ تَعَلَّقَت بي / هُمُومٌ لا تُنيمُ وَلا تَنامُ
إِذا هَمٌّ أَطَقتُ بِهِ قِياماً / أَتى ما لا يُطاقُ بِهِ قِيامُ
فَلا تَتَوَهَّمَن لِيَ عَنكَ صَبراً / مَتى صَبِرَت عَنِ الماءِ الحيامُ
فَلَو في الخُلدِ كُنتُ وَلَم أُمَتَّع / بِقُربِكَ لَم يَلَذَّ لِيَ المُقامُ
عَلَيكَ وَكُلِّ أَرضٍ أَنتَ فيها / مِنَ اللَهِ التَحِيَّةُ وَالسَلامُ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ / بِناءُ المَعالي وَاِقتِناءُ المَكارِمِ
وَفي صَهَواتِ الخَيلِ تَدمى نُحُورها / شِفاءٌ لِأَدواءِ القُلوبِ الحَوائِمِ
وَلَيسَ بِبِسمِ اللَهِ قُدّامَ بلغَةٍ / فَخارٌ لِجَعدِ الكَفِّ جَعدِ المَلاغِمِ
وَما الفَخرُ إلّا الطَعنُ وَالضَربُ وَالنَدى / وَرَفضُ الدَنايا وَاِغتِفارُ الجَرائِمِ
وَلَفُّ السَرايا بِالسَرايا تَخالُها / حِرارَ الحِجازِ أَو بِحارَ اللَواطِمِ
تَقَحَّمَها قُدماً إِلى المَوتِ فِتيَةٌ / تَرى عِيشَةً في الذُلِّ حَزَّ الغَلاصِمِ
خَلِيلَيَّ مِن عَمرِو بنِ غَنمِ بنِ تَغلِبٍ / ذَراني فَإِنّي لِلعُلا جِدُّ هائِمِ
وَما السُمرُ عِندي غَيرُ خَطِّيَّةِ القَنا / وَما البيضُ عِندي غَيرُ بِيضِ اللَهازِمِ
وَلا تَذكُرَا الصَهباءَ ما لَم تَكُن دَماً / وَلا مُسمِعاً ما لَم يَكُن صَوتَ صارِمِ
فَإِنّي أُحِبُّ الشُربَ في ظِلِّ قَسطَلٍ / مَجالِسُهُم فيهِ ظُهورُ الصُلادِمِ
وَأَهوى اِعتِناقَ الدارِعينَ وَأَجتَوي / عِناقَ بُنَيّاتِ الخُدورِ النَواعِمِ
وَمَن طَلَبَ العَلياءَ جَرَّدَ سَيفَهُ / وَخاضَ بِهِ بَحرَ الرَدى غَيرَ وَاجِمِ
فَما عُظِّمَت قِدماً قُرَيشٌ وَوائِلٌ / عَلى الناسِ إِلّا بِاِرتِكابِ العَظائِمِ
وَمَن لَم يَلِج بِالنَفسِ في كُلِّ مُبهَمٍ / يَعِش عَرَضاً لِلذُلِّ عَيشَ البَهائِمِ
وَمَن لَم يَقُدها ضامِراتٍ إِلى العِدى / تُقَد نَحوَهُ عُوجُ البُرى وَالشكائِمِ
فَما اِنقادَتِ الأَشرارُ إِلّا لِغاشِمٍ / لَهُ فيهِمُ فَتكُ الأُسُودِ الضَراغِمِ
فَمَن رامَ أَن يَستَعبِدَ الناسَ فَليَمِل / عَلَيهِم بِأَطرافِ القَنا غَيرَ راحِمِ
فَأَكثَرُ مَن تَلقى لِسانُ مُسالِمٍ / وَتَحتَ جَآجي الصَدرِ قَلبُ مُصادِمِ
كَلامٌ كَأَريِ النَحلِ حُلوٌ وَإِنَّهُ / لَأَخبَثُ غِبّاً مِن لُعابِ الأَراقِمِ
فَيا خاطِبَ العَلياءِ لَيسَ مَنالُها / بِرَفعِ الغَواشي وَاِتِّخاذِ التَراجِمِ
فَدَع عَنكَ ذِكراها فَبَعضُ صَداقِها / وَرُودُ المَنايا وَاِحتِمالُ المَغارِمِ
وَلا تَبسُطَن كَفّاً إِلَيها وَخَلِّها / لِأَروَعَ يُغلي مَهرَها غَيرَ نادِمِ
وَخَف سَيفَ بَدرِ الدِينِ وَاِحذَر فَإِنَّهُ / لَأَغيَرُ مِن لَيثٍ جَرِيِّ المَقادِمِ
فَلَيسَ لَها كُفؤٌ سِواهُ فَإِن تَكُن / يَسارَ الغَواني تُخصَ ضَربَةَ لازِمِ
أَلا إِنَّ بَدرَ الدّينِ تَأبى طِباعُهُ / نَظيراً وَفي هِندِيِّهِ فَضلُ قائِمِ
هُوَ المَلِكُ السَامي إِلى كُلِّ غايَةٍ / مَراهِصُها لا تُرتَقى بِالسَلالِمِ
إِذا هَمَّ أَمضى عَزمَهُ بِكَتائِبٍ / حِمى المَلِكِ المُردى بِها غَيرُ سالِمِ
جَرى وَجَرَت كُلُّ المُلوكِ إِلى العُلى / فَجَلّى جَلاءَ الأَعوَجِيِّ المُتائِمِ
جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها / وَلَم يَبقَ في أَخلافِها فُطرُ صائِمِ
يُسَرُّ بِمَرأى النازِلينَ بِبابِهِ / سُرورَ أَبٍ بِاِبنٍ مِن الغَزوِ قادِمِ
هُوَ البَحرُ إِذ لَو زاحَمَ البَحرُ مَدَّهُ / لَأَربى عَلَى تَيّارِهِ المُتَلاطِمِ
هُوَ السَيفُ بَل لَو أَنَّ لِلسَيفِ عَزمَهُ / لَشَقَّ الطُلا وَالهامَ قَبلَ التَصادُمِ
هُوَ الشَمسُ بَل لَو قابَلَ الشَمسَ بشرُهُ / لَما اِستوضحَت إِلّا كَحَلقَةِ خاتِمِ
عَلا في النَدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى / أُوَيساً وَفي الإِغضاءِ قَيسَ بنَ عاصِمِ
وَأَولى الرَعايا عَدلَ كِسرى وَساسَها / سِياسَةَ مَيمُونِ النَقيبَةِ حازِمِ
تَهادى رَعاياهُ اللَطيمَةَ بَينَها / وَكَم مِثلها في مِثلِ حَرِّ الأَطايِمِ
وَيُمسي قَريرَ العَينِ مَن في جَنابِهِ / وَإِن كانَ نَائي الدارِ جَمَّ الدَراهِمِ
إِذا جادَ لَم يُذكَر لِفَضلٍ وَجَعفَرٍ / سَماحٌ وَلَم يُحفَل بِكَعبٍ وَحاتِمِ
وَإِن قالَ أَلغى الناسُ سَحبانَ وائِلٍ / وُقسّاً وَما فاها بِهِ في المَواسِمِ
وَإِن صالَ أَنسى حارِساً وَمُهَلهِلاً / وَعَمراً وَبسطاماً وَحار بنَ ظالِمِ
سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالكُماةُ كَأَنَّها / قِيامٌ عَلى مَوجٍ مِنَ النارِ جاحِمِ
أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً / وَلِلبيضِ وَقعٌ في الطُلا وَالجَماجِمِ
وَكَم هامَةٍ حَسناءَ راحَت جِباهُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِهِ في المَلاحِمِ
لَقَد أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَبلِ الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / يُقيمُ اِصعِرارَ الأَبلَجِ المُتَضاخِمِ
دَعاهُ لِنَصرِ الدِّينِ خَيرُ خَليفَةٍ / وَما زالَ يُدعى لِلأُمورِ العَظائِمِ
فَلَبّى مُطيعاً لِلإِمامِ وَحَسبُهُ / بِذا مَفخَراً في عُربِها وَالأَعاجِمِ
فَقادَ إِلى الإِفرَنجِ جَيشاً زُهاؤُهُ / عَديدُ الحَصا ذا أَزمَلٍ وَزَمازِمِ
وَجَيشاً يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ / إِلى التُركِ إِذ جاؤُوا لِهَتكِ المَحارِمِ
إِذا التَترُ الباغُونَ ذاقُوا لِقاءَهُ / تَمَنّوا بِأَن كانُوا دَماً في المَشائِمِ
جُيوشٌ هِيَ الطُوفانُ لا رَملُ عالِجٍ / وَلا جَبَلُ الأَمرارِ مِنها بِعاصِمِ
مُعَوَّدَةٌ نَصرَ الإِلَهِ فَما غَزَت / مَنيعَ حِمىً إِلّا اِنثَنَت بِالغَنائِمِ
إِذا ما دَعَت يابا الفَضائِلِ أَرعَدَت / فَرِيصَ الأَعادي فَاِتَّقَت بِالهَزائِمِ
سَتَبقى بِهِ الإِفرِنجُ وَالتُركُ ما بَقَت / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورَ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَخافَةٌ / ثَوَت فَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ أَسرى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ طَوَت يابا الفَضائِلِ وَاِمتَطَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتن ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرَ وَاهي العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِعَزمَةٍ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَمالَ عَلَى مالي وَحالي وَثَروَتي / وَجاهي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَظَلتُ أُعاني السِجنَ في قَعرِ هُوَّةٍ / سَماعي وَأَلحاني غِناءُ الأَداهِمِ
وَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنعماكَ مِن أَيدي الخُطوبِ الغَواشِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبُورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تُبِرُّ عَلى فَيضِ البِحارِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ