القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل الصَّغير الكل
المجموع : 141
فدَتِ المنائِرُ كلُهُنّ منارةً
فدَتِ المنائِرُ كلُهُنّ منارةً / هي في فم الدنيا هدىً وتبسُمُ
ما جئتها إلا هداك معلّمٌ / فوق المنابر أو شجاك متيّمُ
بيروتُ هل ذرفت عيونك دمعة / إلا ترشّفها فؤادي المغرمُ
أنا من ثراك فهل أضِنُّ بأدمعي / في حالتيك ومن سمائك ألهمُ
كم ليلة عذراء جاذبها الهوى / أنا والعنادل والربى والأنجمُ
لهفي عليك أكُلّ يوم مصرعٌ / للحق فيك وكلّ عيد مأتَمُ
والأمر أمركِ لو رجعتِ إلى الهدى / ألحُبّ يبني والتباغُضُ يهدِمُ
رباه هل ترضى الشقاء لأمّة / ما اذنبت إلا لأنك تحلمُ
عدلٌ قصاصك كم نبيّ جاءهم / واراد أن يتجمعوا فتقسّموا
ضمنَ الثناء وَفَتّ في الأحقاد
ضمنَ الثناء وَفَتّ في الأحقاد / قدرٌ أخفُ من الحسود العادي
وهبوا نبوغكَ في الحياة لحفنةٍ / من أدمعٍ مجبولة برماد
كم صاحب أحرقت نفسك دونه / فهوى عليك بقسوة الوقاد
وأخي انكسار رحت ترأب صدعه / فعدى عليك مع الزمان العادي
ورضيع آداب أقلتَ عثارهُ / فإذا رمى الأعداء كان البادي
حسب الذكاء عليك دهر باخل / وضع القرائح في يدي نقاد
عصفورةَ الوادي أراك حزينة / أعلمت من حملوا على الأعواد
ألنسر ذا نَزَقِ على هضباتِهِ / والعضب ذا حنق على الأغماد
فتقطّعت مهجٌ وفاضت أعين / رمت الخدود بكل أوطَفَ صاد
مطَرٌ كما انتثر الجمان على اللظى / وتكسّر البلور في الأجياد
هجر الفراخ أبوهمُ لمفازضةِ / مجهولة ولعلّها لمعاد
فتجمعوا في الوكر حول حمامةٍ / بيضاء جللها الأسى بسواد
لهفي على تلك الهواتف في الدجى / أفعائدٌ غير الصدى لمُناد
الله في مهج تذوب وموطنٍ / حرب على المتَقَحّم الذّوادِ
يلقي على قدم الغريب بنفسه / ويشيح عن أبنائه الأنجاد
قلل للوديع أفي جوارك منزل / بين القبور لأمة وبلاد
فالقبر إن عق البلاد رجالها / وتبدلت بالأصدقاء أعادي
وهوت غلى الدرك السحيق وقادها / في الغي شرذمة من الأوغاد
أوفى وأكرضمُ فهو يشفِقُ أن ترى / عطف العذول ورحمةَ الأضداد
قالوا الصحافة قلتُ أيُّ حشاشة / سفِكَت على سنّ من الفولاذِ
وتخالها ما قد تجمّد من دم / خلل السنين على يدي جلاّد
ألله أي شهبدة عربيّة / تمشي على جيل من استشهاد
أدّى بها الظلم الحقوق لأهلها / حمرا ككُفر رعتَه بجهاد
قالوا الصحافةُ قلت أين عميدها؟ / إن الطراد بحاجة لجوادِ
طلق القوائمِ لا يعَضّ لجامَهُ / من غيظهِ ويخُبّ في الأصفاد
تتدحرجُ التيجانُ من ذرواتها / إن راح ينسِفُ أسّها بمِدادِ
تاللهِ ما معنى الوجود وحُكمُهُ / حكم الفناء وأمرهُ لنفادِ
إلا مشقّات الطريق إلى الثّرى / بينَ الأسى وتَفَتّتِ الأكباد
أنا كالمعَرّي لست أسأل رحمةً / إلا من الآباء للأولاد
ألعبقَرِيّةُ ما حيِيتَ جنايِةٌ / فخذ الذمام لها من الألحاد
تمشي على حسك الصدور وشوكها / وتُلَفُّ بعد الموت بالأورادِ
آلى الهدى أن لا يطِلّ على الورى / إلا على جبلٍ من الأجساد
سائل العلياءَ عنّا والزّمانا
سائل العلياءَ عنّا والزّمانا / هل خفرنا ذمةً مُذ عرفانا
ألمُروؤات التي عاشت بنا / لم تزل تجري سعيرا في دمانا
ضحك المجدُ لنا لما رآنا / بدم الأبطال مصبوغاً لوانا
عرس الأحرار أن تسقي العدى / اكؤسا حمرا وأنغاما حزانى
ضجّت الصحراء تشكوعريها / فكسوناها زئيراً ودخانا
مذ سقيناها العلى من دمنا / أيقَنت أن معدا قد نمانا
انشروا الهولَ وصبّوا ناركم / كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا
غذّت الأحداث منّا أنفُسا / لم يزدها العنف إلا عنفوانا
شرفٌ للموتِ أن نطعِمَهُ / أنفسا جبارة تأبى الهوانا
وردةٌ من دمنا في يده / لو أتى النار بها حالت جنانا
ياجهاداً صفّق المجدُ لهُ / لبسَ الغارُ عليه الأرجوانا
شرفٌ باهت فلسطينٌ به / وبناءٌ للمعالي لا يدانى
إن جرحا سال من جبهتها / لثَمَته بخشوعٍ شفتانا
وأنيناً باحت النجوى به / عربيا رشفَتهُ مقلتانا
نحن يا أختُ على العهد الذي / قد رضعناه من المهد كلانا
يشرب والقدس منذ احتلما / كعبتانا وهوى العرب هوانا
قم إلى الأبطال نلمس جرحهم / لمسةً تسبح بالطيب يدانا
قم نجع يوما من العمر لهم / هبهُ صومَ الفصح هبهُ رمضانا
إنما الحق الذي ماتوا لهُ / حقّنا نمشي إليه أينَ كانا
يا أخت زاهرة الربى كم قبلة
يا أخت زاهرة الربى كم قبلة / من عاشق وتحية من شيق
لم أنس حين دخلت روضك غدوة / والزهر بين مزور ومشقق
فقطفت أول قبلة من وردة / ورشفت أول مبسم من زنبق
لى فيك عند المنحنى وعقيقه / ذكرى تطوف بالجنون وتستقى
غذيت ماضيها بأكثر ما مضى / من صبوتى واليوم جئت بما بقى
بأخى هوى متماسك فى أضلعى / سمح على شيع الجمال مفرق
شقت مرائره أسى وتأوهاً / أن فاته الحسن الذى لم يخلق
ما كان ضر الله أو سعف الصبا / فأطال فى أجل الشباب الريق
ذهبت بنضرته مكافحة الهوى / حتى ارعوى عن أغصن لم تورق
مازلت أتبع الجمال فلم أجد / حسناً يدوم وجدة لم تخلق
إلاك يا ضهر الشوير فأنت من / حدث الليالى والخلود بموثق
حسدت محاسنك الربى فتأوهت / غدرانها فى جفنها المغرورق
أفشامخ منها بمفرق تائه / ولأنت أجمل وردة فى مفرق
صلى لك الوادى برهبة ناسك / وضباب مبخرة وهامة مطرق
وأبو الربى صنين قام كشمعة / بيضاء تمعن فى السحاب وترتقى
يتوقد النجم السنى برأسها / فترى بوادر دمعها المترقرق
لك فى السماء نجومها فتلثمى / وعلى المهاد زهورها فتمنطقى
وعليك من وشى الحضارة مطرف / رفت عليه صنعة المتأنق
فإذا ودعت فرقة وتعفف / وإذا زهوت ولا أخال فأخلق
إيه فتى لبنان كم من وقعة / لك فيه بين مغيبه والمشرق
والأفق أكدر والخطوب حواسر / والظلم ينتخب الكرام وينتقى
نصبوا لك التمثال قسط مجاهد / من قومه وشهادة لمحقق
فخلدت فى الدنيا وأنت بأختها / مازلت بين مكذب ومصدق
إنى ذكرتك والظلام مخيم / وبراعم الأقلام لم تتفتق
أيام أطيب أن تعللنا المنى / تفريج مكروب ونهضة موثق
واليوم نحن ولا أخالك جاهلاً / أسلاب معركة ورزق موفق
أسرى ولا أطواق فى أجيادنا / ليس الحمام جميعه بمطوق
أيها الغائب الذي في فؤادي
أيها الغائب الذي في فؤادي / حاضرٌ كيفَ حالُ قلبكَ بعدي
أينَ عيناك تنظراني وكفّي / فوقَ قلبي ودمعتي فوقَ خدّي
شبحٌ طائفٌ كستهُ يد الليل / ببردٍ كوجههِ مسوَدّ
همسَت نجمَةٌ بأذن أخيها / همسَ ثغرِ الندى بمسمَعِ ورد
ما ترى يا أخيّ شخصاً على الغبراء / يمشي لكن على غير قصد
حفيظَ الله قلب أختي من الحب / فهذا في الحب أصغرُ عبد
رفعوا على شرفٍ لواك
رفعوا على شرفٍ لواك / ورعتَ عيونهمُ سماك
أحبيبَ هذا النشءِ / تسقيهِ على ظمَإٍ دماك
روّيتَهُ أدبَ الكلام / يذوبُ فيه أصغراك
فمشى على سُنَنِ الهدى / مترَسِّما فيه خطاك
يا نائراً فِلذَ الحياةِ / حياةُ أكرمها فداك
حقرت ما وهب الكرام / أما وهبت لهم صباك
لولاك ما سكر البيان / بهم ولا غنّى الأراك
بينَ المحابرِ والمنابرِ / ذاب ليلُك في ضحاك
تشكو النجوم من السهاد / وليس تشكو مقلتاك
كم وردة من غرس كفك / راح يجنيها سواك
إيه فتى الأخلاق قد / نسجَ الصباح لها وحاك
جوادةُ النفحات تغمرُ / بالشّذا هذا وذاك
كشمائلِ النبعِ الكريمِ / متى نزلتَ به سقاك
تروي الظماء القاصديكَ / ولا نبلّ به ظماك
شمَمُ الأبِيّ الحرِ / والقفرُ الغَنِيّ تقاسماك
هلا رجعت بنا إلى / زمن الشباب إلى هناك
فأَرَق ما انسفحت / عليه دمعتايَ ودمعتاك
شعر كهينمة النسائم / أو كزمجرَة العراك
هلا رجعت بنا إلى / زمن الشباب إلى هناك
تلك الحليّ فاين واحدةُ / القلائد من حلاك
مجدُ التراب فمن ارادكَ / للتّرابِ فقد هجاك
أيفرضونَ على مثلي ملابِسَهم
أيفرضونَ على مثلي ملابِسَهم / ويسالون ثيابي عن نياشينِ
كأنّني لم أكن عنوانض فخرِهِم / يوم انطلاق القوافي الميادين
إني لمن معشرٍ لولا براعتُهُم / ما كان لبنان غير الماء والطين
زهرةٌ ملءُ عيونِ الأمَلِ
زهرةٌ ملءُ عيونِ الأمَلِ / في الربى الخضراء
نبتَت بين ازرقاق الجدول / والسما الزرقاء
هي حلمُ الغابِ في السفحِ الوديع / سلوةُ الراعي إذا ضاع القطيع
وربيعُ الشعر إن مات الربيع / علم البلبل سحرَ البلبل
لعبها بين ازرقاقِ الجدول / والسما الزرقاء
وبنّياتُ القرى قربَ المغيب / عندما عُدنَ من الكرم الحبيب
بالعناقيد سرت نفحةُ طيب / فإذا الزهراةُ ترنو من علِ
ولها زرقةُ ماء الجدول / والسما الزرقاء
إن يمُرّ الغيمَ أسراباً عليها / يتخذ شكلا ليغري ناظريها
صوراً أو لعَباً تحلو لديها / تارة يدنو وحينا يعتلي
راقصاً بين ازرقاق الجدول / والسما الزرقاء
أَلمها أهدت إليها المقلتين
أَلمها أهدت إليها المقلتين / والظبا أهدت إليها العنقا
فهما في الحسن أسنى حليتين / للعذراى، جل من قد خلقا
ودرى الروض بتين المنحتين / وقديماً يعشق الروض الحسان
فكسا بالورد منها الوجنتين / وكسا مبسمها بالأقحوان
ورمى في صدرها رمانتين / من رآى الرمان فوق الخيزران
فهما في صدرها كالموجتين / أي صب ما تمنى الغرقا؟
أو هما وليسلما كالتوأمين / كلما همت بأمر قلقا
ورآها الليل فأختار المقام / ولقد طاب له - في شعرها
وصبا الفجر فأضحى ، حين هام / بهواها، درة في ثغرها
فإذا مي كما شاء الغرام / ما نجا ذو صبوة من أسرها
غير أن الطهر للحسناء زين / أنزلته قلبها فاستوثقا
فإذا خافا افتراق الصاحبين / ذكرا عهدهما فاعتنقا
هكذا فلتكن الغيد الحسان / عفة في رقة في أدب
ذلك الكنز الذي لا يستهان / أين من ذلك كنز الذهب
وحلى كانت على صدر الزمان / فاستباحتها نساء العرب
فروت عنها ليالي الرقمتين / خير ما يروى ، وغزلان النقا
فشهدنا من لقاء العاشقين / كل ما يجمل في عين التقى
هل رأيت الورد في الوعر نما / فبدا للعين شيئاً عجبا
وردة ، صارت بها الأرض سما ، / عندما لاحت عليها كوكبا
منعت مبسمها الناس ، وما / منعته عن نسيمات الصبا
هكذا مي نمت في أبوين / خلفاها وأخاها للشقا
واستراحا بعد ذا في حفرتين / واباحا جفن مي الأرقا
رب، إن الكون مهما عظما / هو في عينيك لا يحسب شي
قدرة ذلت لديها العظما / كلهم فان وسبحانك حي
ألأمر ضل عنه الحكما / شئت يا ربي أن توجد مي
وأخاها، وهو دون السنتين / لم يكد يحسن بعد النطقا
وأثرت الحرب ملء الخافقين / فغدا الكون بها منصعقا
رب، لو شئت لما سالت دما / أمرك الأمر فمن ذا ينكر
ولما يتم من قد يتما / ولما استل السلاح العسكر
رب، إن نحن بلغنا الهرما / أو يكن حان الذي ينتظر
مر، ولا كفران، ذين الكوكبين / يخرقا الناموس أو يحترقا
واسترح منا، فنغدو بعد عين / أثراً لا بد أن ينمحقا
واخلق الإنسان خلقاً راقيا / واقتل البغض به والكبرياء
واجعل الحب إلهاً ثانياً / واسجن المال ولا تبق الرياء
وليكن كل امتياز لاغيا / يخرج الناس على حد سواء
رب، هل من نصفة في ولدين / خرجا من مصدرين افترقا
فإذا الموسر يكسى حلتين / بينما المعسر يكسى الخرقا
من ترى يشرح لي ذنب الفقير / أو ترى يظهر لي فضل الغني
يرثان البؤس والعيش النضير / ويقيمان معاً في الكفن
أفهذي حكمة الله القدير؟ / لا وجل الله عن هذا الغبن
إنما هذين مثل البذرتين / نثرا في الأرض حتى انبثقا
فكسا المقدور تين النبتتين / هذه قبحاً وهذي رونقا
ضاق جوبيتير صدراً، فانبرى / يتمشى في فراديس الجنان
فبدا أهيب شيء منظرا / وعليه حلة من أرجوان
ورمى الأرض منه نظرا / فرأى الهول وأنواع الهوان
ملعباً للشر، ما من صالحين / فوقها أو أخوين اتفقا
فرمى غيظاً عليها جمرتين / فتلظت وتلظا حنقا
إنها الحرب .. ولم تترك على / سطحها إلا جسوماً باليه
ونفوساً حوماً حول البلى / تتمشى في صدور خاويه
تشتكي الجوع وتقري العللا / عجباً منها جياعاً قاريه
وشكا لبنان منها علتين / حاكماً جلفاً وعيشاً ضيقا
وأموراً لو أصابت جبلين / رسخا فوق الثرى ، لانسحقا
ضرب الجوع بصمام رهيف / فإذا قتلاه ملْ السبل
موقف أمسى به نيل الرغيف / أملاً ، أكذب به من أمل
ويح مي وهي من جنس ضعيف / ما لها بقايا المنزل
وثياب لا تساوي ورقتين / رحم الرحمان ذاك الورقا
ليتها كانت تساوي ذهبين / علها كانت تسد الرمقا
مي، ما السحر سوى ما رسمت / ريشة المبدع في هذي العيوم
لم تصادف مهجة إلا رمت / وأصابت ، هكذا الفتك يكون
فهي لو رقت لمن قد تيمت / وأباحت ذلك الثغر المصون
لجرى التبر إليها واللجين / وكلا الإثنين يبغي السبقا
ومشت من زهوها في موكبين / وحنا الرغد لديها العنقا
في سكون الليل والناس نيام / وفؤاد الكون محموم كئيب
وعلى النجم من الغيم لئام / وهلال الأفق في حضن المغيب
رن في أذن الدجى صوت غلام / وأجابته فتاة بالنحيب
فأسال الأفق منه دمعتين / أترى ذلك أبكى الأفقا؟
ورنا البدر لذين البائسين / فتلظى لوعة فانفلقا
إيه يا ليل، فهذا بيت مي ، / طرق الباب .. فمن زور الدجى
إفتحي. قالت: من الآتي إلي؟ / أنا. من أنت؟ أجابتها: رجا
لم يمر اسم رجا في أذني / أترى تحسب بيتي ملتجا؟
رددت في النفس تين الكلمتين / ومشت تنظر من قد طرقا
فإذا شمطاء تطلي الوجنتين / وينث الطبيب عنها العبقا
يا ابنتي لا تجزعي ، ثم رنت / وانحنت كالأم فوق الولد،
قوتلت هذي الليالي كم جنت / ما عفت - لا عوفيت - عن أحد
ولدي أنت، ولما طعنت / ولدي قد طعنت في كبدي
ما حرام أن أرى هذا الغصين / ذاوياً من بعد ما قد أورقا
وهو لو شاء لأجرى نبعتين / من ينابيع الأماني واستقى
أنا لو شئت؟ لماذا لا أشا / من يطيق الجوع من يهوى السقام
فأخي قد نام من دون عشا / وأنا ما ذقت في يومي طعام
من لهذا القلب أن ينتعشا ؟ / خففي عنك فما مات الكرام
وندى الحاكم يزري المزنتين / فمتى تستمطريه أغدقا
أترى يرحمنا ؟ - سوف ترين / فاستريحي ... وغداً يوم اللقا
أرقت مني كأن الأملا ، / حين نامت ، سارق الجفن الغرارا
فستحال الحزن فيها جذلاً / واستمد القلب منها فاستنارا
حسبتهما نعمة من ذي العلى / من رأى أطهر من قلب العذارى
منح الله العذارى ملكين / يحرسان الطهر كي لا يسرقا
فلذا يشعر من هم بشين / بجناح حولها قد خفقا
لمن القصر بدت فيه الشموس / فعلى وجه الدجى منه نهار
وأديرت في مغانيه الكؤوس / مزجوا فيها رضاباً بعقار
هو كالدنيا: سعود ونحوس / والبرايا منه في ماء ونار
يسبح النذل به في لجتين / ويقاسي الحر منه الحرقا
فمتى ينصف بين الرجلين / إن الإنصاف باباً مغلقا
لا رعاك الله يا قصر ولا / سالم الدهر ولا جاد الغمام
فدماء الشهدا هذي الطلا / وعواميدك من تلك العظام
فاعتصرها أكبداً أو مقلاً / وترشفها غراماً وعرام
تستقي الرغد وتسقي كأس حين / وترى مصطبحاً مغتبقا
فكلانا أبداً في سكرتين / للهنا كأس وكأس للشقا
أيها الناس الألى خاطوا الكفن / لفقير ، كي يفوزوا بالثراء
هب ورثتهم بعده الأرض فمن / يصلح الأرض لكم يا أغنياء
فإذا طاح بذي الفقر الزمن / فالغنى إن يشمل الناس عناء
من روى فيما روى عن حاجزين / يمنعان الماء أن يندفقا
حرما الظمآن بل الشفتين / وأقاما يشكوان الغرقا
وقفت مي بباب الحاكم / كملاك الله مقصوص الجناح
وقفت ، عطشى كطير حائم / حول ماء يحسب الورد مباح
وتخطته برجلي صائم / أو برجلي ثمل من غير راح
وهي لو أن لديها كسرتين / لثنتها عزة عن ذا اللقا
إنما يأس الفتى ليس بهين / لا يبالي يائس أن يخفقا
مي يا أخت الغزال النافر / خبرينا إن ضيعت النفورا
يا ضيا وجه الصباح الطاهر / كيف يبقى ذلك الوجه طهورا
يا أسيراً تحت حكم الآسر / هكذا الآسر يرضى أن تسيرا
سر.. فسارت خطوة أو خطوتين / فإذا الباب عليها أغلقا
قال: أهلاً ... ثم مد الراحتين / ثم
رب! قل للجوع يصبح شبعا / وانقذ الطهر الذي قدسته
أو مر الفسق فيغدو ورعا / إن يكن شراً فلما أوجدته
طبعته قدرة فانطبعا / أي شيء أنت ما قدرته
ملك حطمت منه الجانحين / فهوى من بعد ما قد حلقا
ما ترى بفعل مكتوف اليدين / أترى يقدر أن لا يغرقا؟
يا سما قولي لنا الإنصاف أين / أتراه ضل عنا الطرقا؟
أعرني بعضَ شجوكَ يا حمامُ
أعرني بعضَ شجوكَ يا حمامُ / فقد غلبَ الأسى وعصى الكلام
كلانا يا شقيقُ هوى الأغاني / قَلي عهدٌ عليك ولي ذمامُ
وأيّةُ بهجة للنفس تبقى / إذا ذهبت أحبتُها الكرامُ
فكُلّ خميلَةٍ قفرٌ يبابُ / وكلّ وميض بارقةٍ ظلام
وما ضرّ البنفسجَ إن توارى / حياءٌ والصدور له مقام
تقنّع بالحياء فلا نراه / وأولعَ بالوفاء فما يرامُ
جناحا طائرٍ لا الوكرُ دانٍ / إذا افترَقا ولا الداني الغمام
إذا جادَ الغمامُ فلَستَ تدري / أدمعٌ في الورود أم ابتسام
وبعضُ الجود مرحمَةٌ ورفقٌ / وبعضُ الجود منقصةٌ وذام
وعمرُ الورد ما يهمي شذاهُ / على دنياهُ لا شهرٌ وعام
إني ذكرتُكَ والظلامُ مخَيِّمٌ
إني ذكرتُكَ والظلامُ مخَيِّمٌ / وبراعمُ الاقلامِ لم تِتِفَتَّقِ
والأفقُ أكدَرُ والخطوبُ حواسِرٌ / والظلم ينتخبُ الكرام وينتقي
أيام أطيبُ ما تعِلّلنا المنى / تفريجُ مكروب ونهضةُ موثَقِ
واليوم نحن ولا إخالك جاهلا / أسلابُ معركة ورزقُ موفّق
أسرى ولا أطواق في أجيادنا / ليسَ الحمام جميعهُ بمُطَوّقِ
يا مجدُ يا فنّ يا جنون
يا مجدُ يا فنّ يا جنون / لم تُبقِ منّي الليالي سوى خيال خيالي
لا النحل يرشُفُ شهدي ولا الفراش / وكان جيدي وخدّي لها فراش
أبعد ما كان نهدي يروي العطاش / أصبحت أصبحت وحدي
يا مجدُ يا فنُّ يا جنون / أين الهوى والفتون والعصبةُ المعجون
ما للشفاه الكسالى لا تزودنا
ما للشفاه الكسالى لا تزودنا / فقد حملنا على أفواهنا القربا
بمهجتي شفة منهن باخلة / جاران ، تحسبنا إن تلقنا ، غربا
أهم بالنظرة العجلى وأمسكها / إذا قرأت على ألحاظها الغضبا
أفدي الشفاه التي شاع الرحيق بها / وهم بالكأس ساقيها وما سكبا
أأمنع الشفة الدنيا ، ولو طمحت / نفسي إلى شفة الفردوس ما انحجبا
وبمطر الضيم في أرضي وأشربه / وكنت لا أرتضي أن أشرب السحبا
ذر الليالي تمعن في غوايتها / فقد حشدت لها الأخلاق والعربا
خذ الطريق الذي يرضى الفؤاد به / ولا تخف ، فقديماً ماتت الرقبا
واسكب على راحتيها روح عاشقها / ومص من شفتيها الشعر والعنبا
عُرسٌ ماجت البشائرُ فيه
عُرسٌ ماجت البشائرُ فيه / وتوالت صبابةً وعناقا
واستثار الأرواح في الملإِ الأعلى / فأتلَعنَ نحوضهُ الأعناقا
يتضاربنَ بالجوانح تزحاما / ويمعِنّ في الفضاءِ سباقا
ومشى بالدنان حورٌ وولدانٌ / عصَرنَ الخدود والأحداقا
ونَثَرنَ الأزهار مما كسا الروضَ / ومما كسا القدود الرشاقا
وهزَزنَ النهودَ من خلَلِ الوشيِ / ولَملمن ما أحاط الساقا
فتغنى وشبَب المتنبي / وتصابى الصابي أبو إسحقَ
مرحبا روح حافظ دونكِ الخلدُ / عيونا وأكؤُساً ورفاقا
وأكليل من زنود وأجياد / كما هجت جدولا رقراقا
شاعر النيل خذ بناصية النجم / وداعب جبينهُ البراقا
وتملّ الأحلام في الكاس غرقى / عاريات وبعضها عشاقا
أو فعد للحقول دغدغ بها / الزهر ونبّه في صدرها الأشواقا
أنت والنيل ضفتان لمصرٍ / تنبتان الأذواق والأرزاقا
شاعر يحصد الهموم وينمي / في الندامى بشاشة واطلاقا
وهل الشعر غير ما امتلك / النفس فحلى كاسا وحل وثاقا
ما نسينا لك القصائد حمرا / قطع الشرق دونها الأطواقا
فغسلت الجراح بالسلسل العذبد / وصيرت كل خلف وفاقا
ودوى صوتك النذير بمصر / فإذا الشرق عنده يتلاقى
لاهثا في الحديد رنحهُ الظلم / كما رعت حالما فاستفاقا
أو كسربٍ من الحمام نهيك / أثخَنتهُ يد النوى إرهاقا
يزرعُ الريش في المفاوز جمرا / مثل زرع العواصل الأوراقا
وقديما بكى العباقر لبنانٌ / وروّى الآداب والأخلاقا
وكسا يعربا سموطا من الإبداع / زادت جبينه إشراقا
كم محب على ثرى مصر منّا / ذوّب الروح في الهوى وأراقا
فمن الغي أن تدور بنا الكأس / فلا نلتقي ولا نتساقى
أتتْ هندُ تشكو إلى أمها
أتتْ هندُ تشكو إلى أمها / فسبحان من جمع النيّرَيْنْ
فقالت لها: إن هذا الضحى / أتاني وقبَّلَني قُبلتينْ
وفرَّ، فلما رآني الدجى / حباني من شَعره خصلتينْ
وما خافَ يا أمُّ بل ضمَّني / وألقى على مَبْسَمي نجمتينْ
وذوَّبَ من لونِهِ سائلاً / وكحَّلَني منه في المقلتينْ
وجئتُ إلى الروضِ عند الصباح / لأحجبَ نفسيَ عن كل عينْ
فنادانيَ الروضُ يا روضتي / وهمَّ ليفعلَ كالأوَّلَيْنْ
فخبأتُ وجهي ولكنَّه / إلى الصَّدْرِ يا أمُّ مَدَّ اليدينْ
ويا دهشتي حين فتَّحتُ عيني / وشاهدتُ في الصدرِ رمانتينْ
ومازال بي الغُصْنُ حتى انحنى / على قَدَمي ساجداً سجدتينْ
وكان على رأسِهِ وردتانِ / فقدَّمَ لي تَيْنِك الوردتينْ
وخِفْتُ من الغصن إذ تمتمتْ / بأُذْنيَ أوراقهُ كِلْمَتَينْ
فرُحْتُ إلى البحر للإبتراد / فحمَّلَني ويحه موجتينْ
فما سرت إلا وقد ثارتا / بردفي كالبحر رجراجتينْ
هو البحرُ يا أمُّ كمْ من فتىً / غريقٍ وكم من فتى بين بينْ
فها أنا أشكو إليك الجميع / فبالله يا أمُّ ماذا تريْنْ؟
فقالت، وقد ضحكت أمها / وماست من العُجب في بُردتينْ
عرفتُهُمُ واحداً واحداً / وذقتُ الذي ذقتِهِ مرتينْ!!
آه ما أحلى الحميا
آه ما أحلى الحميا / تحت اذيال السكون
والهوى يوحي إليّا / برسالات العيون
كلما غنّيت لحنا في ديار البلبل / سرق اللحن وألقاهُ بأُذن الجدول
ليس ما يجيك مني / نغماتٌ في فمي
إنها وا لهفض نفسي / قطراتٌ من دمي
أكما شاؤوا غنائي / وكما شاؤوا نُواحي
أفليسَ اللهوُ لهوي / والجراحاتُ جراحي
ملأوا كاسيَ خمراً / ليس من خمري ودنّي
وسَقَوا عودي فغنّي / وفؤادي لم يغَنّ
يا حبيبي قم نرصّع بالهوى / ثغر الحياهُ
نحّ هذه الكأسَ عنّي / واسقني هذي الشفاه
كلّما أومضَ لحظاكَ / بلحنٍ يا حبيبي
كلما شبّبَ خداك / بخمر أو بطيب
كلما رتل نهداك / تراتيل المغيب
صفّق القلب ونادى / يا حبيبي يا حبيبي
سلخَت عني الليالي من أود
سلخَت عني الليالي من أود / مثل سلخ الأم عن مهد الولد
فافترقنا عادة الدهر وهل / عادة الدهر سوى أخذ ورد
ولقد كنا وما كنا سوى / مثلما يستجمع العينين خد
يوم لو عين علينا وقعت / لرأت روحين جالا في جسد
أو جناحي طائرٍ روّعَه / شرك الصياد يوما فشرد
يا لها الله أويقات الصبا / من أويقات لها عنديَ يد
معبداً قامت على دين الهوى / ذاك دين الحق بل دين الأبد
أنزل الوحي على أبنائه / وأتى الناس بأسمى معتقد
يا جنّة الدنيا وسيدة الربى
يا جنّة الدنيا وسيدة الربى / هذا رسول الشعر جاءك زائرا
إن شئت سق من الرياض صحائفا / وأصاب من أزهارهن محابرا
و أذاب ذرات الضياء قصائدا / عد النجوم لمعصميك أساورا
أسرفت في فتن الجمال كأنما / تخذ الجمال على ذراك منابرا
والنهر روح العاشقين ودمعهم / ملقى على قدميك يلهث خائرا
سالت جراحات الهوى في صدره / ليلا فقبلها النسيم محاذرا
لو كان يمكنها الربى لتسابقت / لأعزها تسعى إليك حواسرا
والسهل يحلم منذ كان بزورة / لبس الحلي لها ندى و أزاهرا
وتقطعت خصل الحسان ونثرت / بدل الكروم على التلال غدائرا
يتمثل الأمس البعيد لخاطرى / فأكاد أرسفه لمي و محاجرا
لبكيته لو كنت املك ادمعا / وعطفته لو كنت أعطف هاجرا
قالوا دهت مصر دهياء فقلت لهم
قالوا دهت مصر دهياء فقلت لهم / هل غيض النيل أم زلزل الهرم
قالوا أشد وأدهى قلت ويحكم / إذن لقد مات سعد وانطوى العلم
لم لا تقولون إن العرب قاطبة / تيتموا كان زغلول أباً لهم
لم لاتقولون أن الغرب مضطرب / لم لاتقولون أن الشرق مضطرم
عذرتكم كان ملء الكون صاحبكم / فكيف تمل أذن السامع الكلمُ
للصمت أبلغُ منها وهو منسحقٌ / والدمع أفعل منها وهو منسجم
جاء النبيون من قبل فما لأموا / وجاء سعد فشمل الشرق ملتئم
ألقاتل الحق لا تثنى أعِنّتهُ / والواحد الفرد في أثوابهِ أُمَمُ
لطف المسيح مذاب في حناجره وعزم أحمد في جنبيه يحتدم /
صلى عليه النصارى في كنائسهم والمسلمون سعوا للقبر واستلموا /
ألمؤمنون بسعد أين أبصرهم / والمعجبون بسعد أين أين هم
أفري الطياليس عنهم لا أشاهدهم / أبري القلانسَ عنهم لا أحسهم
وأسأل الحفل عنهم لا يجاوبني / كأنما الحفل في آذانه صممُ
بلى شهدتهم والنقع معتكر / والحق مطلب والثغر مبتسم
وراية الوطن الغالي تظلهم / كأنما حضنت أفراخها الرخم
روح تسيل على القرطاس إن خطبوا / وقد تسيل على القرضاب إن فحموا
مصر وليس سوى مصر لهم أرب / إن تشق يشقوا وإن تنعم فقد نعموا
رجال مصر شفيعي إن عتبتكم / أن المحب لديكم ليس يتهم
إني أخاف عليكم في تحزبكم / أن تنصروا الخصم وهو الخصم والحكمُ
تخاصمون على ضعف وخصمكمُ / وهو القوي عليكم ليس يختصم
توحدوا باسم مصر في تجهمها / وطالعوا ثغرَ مصر كيف يتبسم
سعد أرادكم حلفا فلا قُسمَت / أجزاؤكم حب مصر ليس ينقسِمُ
سيروا لكل أخي دنيا لبانتهُ / حتى إذا ما ربحتم مصر فاقستموا
تاريخ مصر ولودٌ ما انتمى شممٌ / إلا إليه وحابى نفسه الشمم
أم الحضارة بل مجلى أشعتها / يوم الحضارة لم تعلق بها رحم
تقهقرت دونها الأيام واجفةً / فهي الشباب وتلك الشيب والهرمُ
من مبلغ مصر عنا ما نكابده / إن العروبة فيما بيننا ذمم
ركنان للضاد لم تفصم عرى لهما / هم نحن إن رزئت يوما ونحنُ همُ
إن الدساتيرَ لا تعطي أعِنّتها
إن الدساتيرَ لا تعطي أعِنّتها / إلا الأعاصير من جنّ ومن بشَر
من هابط كقضاء الله مكتسحٍ / أو صاعدِ كفَمِ البركان منفجرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025