القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كاظِم الأُزْري الكل
المجموع : 137
ترى يختشي من حلّ عقوة حيدرِ
ترى يختشي من حلّ عقوة حيدرِ / وإن ساورته موبقات الكبائر
وفي محكم التنزيل مس اسم مشرك / حرام على غير الأكف الطواهر
يا صاحبي قم للسرور فهذه
يا صاحبي قم للسرور فهذه / بكر المدام تزف في الأبكار
مسك ولكن في غلالة نرجس / ماء ولكن في طبيعة نار
يا صاحبي قم للشرور فهذه
يا صاحبي قم للشرور فهذه / بكر المدام تزفّ في الابكار
وانظر إلى ذاك الحباب كأنه / زهر الأقاحي نابت في النار
تلك البراقع لو أذاعت ما بها
تلك البراقع لو أذاعت ما بها / لرأيت كيف تهتك الأستار
قد أوترت أيدي الخطوب قلوبنا / واليوم نشكوها إلى الأوتار
قوما إلى الزقّ الجريح فطالما / جبر الهوى بدم إليه جبار
عودا إلى العود الرخيم وناديا / عصر الشباب بنغمة المزمار
كل المعالي من علاي تولّدت
كل المعالي من علاي تولّدت / وكذا العناصر أصلها من عنصري
لكنّه متصنّع
لكنّه متصنّع / كم غشّ أقواماً وغَر
ثور على زيِّ ابن آ / دم إنها احدى الكبر
لا تعذلوه على حماقته / التي فيها اشتهر
فالجهل أبدى العذر عنه / وما أساء من اعتذر
فالفِقه لم يفقه به / وببيت شعرِ ما شعر
زيف ينفقه على / أعمى البصيرة والبَصر
إلى عبد العزيز حثثت عيسى
إلى عبد العزيز حثثت عيسى / فقال لي الزمان أصبت عزّا
هو الحظّ الحميد ظفرت منه / بطلسم العلى ولقيت كنزا
ومن حيث التفتَّ ترى أماناً / أمامك مذ جعلت نداه حرزا
ألم تره يقد الشوس قدّاً / ويملأ حقوي الضرّاء وخزا
أشد من الصبا في الحرب جرياً / وألين من جنى غصن مهزا
فتىً يفري بطون الغيب حدساً / ويدرك من ذوي الحاجات رمزا
ويعطي كلّ سائلة مناها / ولم يسمع من الوفّاد ركزا
وينشر للندى علم الأيادي / فيركزها على كيوان ركزا
يسلّ من العزائم مرهفات / تسوم نواصي الحدثان جزا
غياث إن المَّ بأرض محل / وإكسير إذا لمس الفلزا
قد اعتقلت بساعده الأيادي / فقومها بإذن اللَه غمزا
تشيم النار همتها ارتفاعاً / ويطلب الحضيض الماء عجزا
جزاه اللَه عن كرم السجايا / بأكرم ما به الإنسان يجزا
تناهزني بمدحته الليالي / كلانا طالب للسّبق حفزا
لمية ربع بالصريمة دارس
لمية ربع بالصريمة دارس / الحت بمرّاها عليه الطوامس
خليليَّ ما بعد الكثيب معرس / ولا دون ذاك الحيّ حيّ مؤانس
نشدتكما هل بالظعينة مطمع / فيرتاح ملتاع ويطمع آيس
وعهدي بذاك الحيّ تعطو ظباؤه / كما مرحت بين الرياض الطواوس
معاهد إيناس لبسنا بها الصبا / قشيباً وأيام الشباب أوانس
مغان أعارتهن صنعاء صنعها / وأهدت اليهن التصاوير فارس
كان هديل الطير في وكناتِها / مزامير يتلوها عليك الشمامس
شروني على علم بأبخس قيمة / وللحبّ نقد للمحبين باخِس
فيا ديمة للعمر ما بالها انجلت / وما اخضرّ منها للأماني يابس
تقلّبني الأوهام يمنى ويسرة / وربَّ صحيح أسقمته الهواجس
ولا وجد إلا من رقيب كأنّه / قران تلاقيه النجوم النواحس
وفي الكلّة الصفراء ذات أسرّة / إذا ضحِكت لم يبق في الأرض عابس
ينافسني فيها حميم وصاحب / وفي مثل ليلى لا يلام المنافس
كعاب تفوت اللمس ليناً ورقّة / وأن من الروح البسيط الملامِس
ذكرتكم والدمع أكثره دم / وفي القلب من تلك اللواعج قابِس
فحركت من نبض الهوى كلّ ساكن / كما حرّكت نبض الحروب الأحامس
على أنني لا أنثني عن ثنائكم / ولو زج بي في مقلة الموت راجس
وماذا يضر البيد أن تحمد الحيا / إذا سار عنها والتلاع فرادس
وكم طاف بي في لجّة الليل طيفكم / ودر نجوم الافق طافٍ وراكس
تطرّز أنفاسي الطروس بذكركم / كما طرَّزت وجه الصَعيد البواجِس
وما أنا ممن يودع الكتب سرّكم / ولا سرَّ فيما أودعته القراطس
ولا خير في عضّ البنان ندامة / إذا خلست ما في يديك الخوالس
إذا بان من تهوى فيومك مظلم / وإن زار من تهوى فليلك شامس
ودون الذي أمّلت يا أم سالم / صدور المذاكي والرِماح النوادس
مزحتِ بأطراف الهوى مزح عابث / وفي المزح ما تندق منه المعاطس
أسير على ظهر النَوى متوركاً / فتحسب شخصي راجلا وهو فارس
تقاذفني الأمصار حتى كأنني / صوائب نبلٍ والبلاد رواجس
أعلّل نفسي بالأماني طامعاً / وأكثر أطماع النفوس وساوس
وكم حاجة أقدمت فيها مشمّرا / فأخر عنها الطالع المتقاعس
هو الغرض الأدنى لو الجد مسعد / وهل ينفع الأقدام والجد ناعس
وفي عقلات الحيّ من ذلك الحمى / عقائل أدنى سجفهنَّ الأشاوس
فمن بابن جنس واحد أستعينه / وأبعد من تدعوه من لا يجانس
بكيت عليكم والنَوى مطمئنّة / وما فرقت شعب الفريق العرامس
سلوا النظرة الأولى التي مذ قدحتها / على القلب كم شبّت عليها مقابس
وكم دلجة أردفتها إثر دلجة / وقد كثرت للجنِّ حولي هساهس
نطالب أخفاف القلاص بزورة / فيمطلنا بالوعد دهر مماكس
نرى عكس ما نهوى كأنّ حظوظنا / مرايا لأعراض الشعاع عواكس
وألقت عصاها الشد قميّة بعدما / ونى جانباها واشتكتنا البسابس
تحاول من سعد السعود محمد / رياضاً لها الصوب الإلهي غارس
منبّه أحداق الغنى لمعاشر / عيون حظوظ الدهر عنهم نواعس
تساوى الورى في اللؤم وامتاز كنهه / وبالفضل تمتاز النفوس النفائس
تموت به الحساد غيظاً وحسرة / وفي الورد ما لا تشتهيه الخنافس
يناقش عن ذات المعالي وغيره / يناقش عن ديناره وينافس
إذا لبست نفس سوى المجد والعلى / فللنار ما ضمته تلك الملابس
ومستودع للَه في جنباته / ودائع لم يفطن لها أرسطالس
فتىً كم خبايا في زوايا علومه / يتلمذه غرس بها وقراطس
تدلّت إلى كفيه من كلّ حكمة / غرائس لم يقطف جناهن لامس
له الرأي يقتاد الرواسي بسره / وفي الرأي ما لا تدّعيه الفوارس
من القوم لا يخطي الغوامض حدسهم / وكم شق عن جيب من الغيب حادس
هم القوم لا برق المروءة خلّب / لديهم ولا رسم الفتوة دارس
وأبلج مغشي الرواق إذا سرت / سراياه سدّت للهواء منافس
ينجّم للدنيا بحر سنانه / فتجري بما شاء الجواري الكوانس
ولم يبق صعب لم يسسه بنانه / لكل أبيّ جامح الطبع سائس
تهز مثاني عطفه أريحية / بها كل أنف للأماني عاطس
وترقص أعطاف الندى طرباً به / كما تتهادى بالخلي العرائس
يقاس به معن وعمرو سفاهة / وفي أكثر الأشياء يخطي المقايس
له القلم الماحي الملوك كأنه / أبو اشبل عنّت لديه فرائس
ومخترط ذو مضحك متلألىء / وجوه المنايا فيه غير عوابس
أذنت لرايات الأعادي بنكسها / فعادت بحمد اللَه وهي ناكس
ولولا الحداد البيض ما أبيض مطلب / لقد عرفت داء الظلام النبارس
معاطس من كبّار قوم جدعتها / وكانت على العيوق تلك المعاطس
كرمتم وأسأرتم لغيركم القذى / إذا الأرض طابت طاب فيها المغارس
حرام على من دونكم نيل وصلها / وللشمس وجه لا تراه الحنادس
لمن يعملات في السراب قوامس
لمن يعملات في السراب قوامس / وسرب دمى بين الهوادج كانِس
وعهدي بذاك الحيّ يسرح سربه / كما سرحت بين الرياض الطواوس
معاهد إيناس لبسنا بها الصبا / قشيباً وأيام الشباب أوانس
وللبيض والسمر اهتزاز بحليها / كما اهتزّ بالأوراق فينان مائس
معاهد حلتهنَّ مصر بوشيها / وأهدت اليهن التصاوير فارس
كأن هديل الطير في وكناتها / مزامير يتلوها عليك الشمامس
شروني على علم بأبخس قيمة / وللحبّ نقد للمحبين باخِس
فياديمة للعمر كيف تقشعت / وما اخضرّ منها للأماني يابس
وما كل ما يحكي التوهم صادقاً / فربَّ صحيح أسقمته الهواجس
وفي الكلّة الصفراء ذات أسرّة / إذا ضحكت لم يبق في الأرض عابس
ينافسني فيها حميم وصاحب / وفي مثل ليلى لا يلام المنافس
ولا وجد إلا من رقيب كأنّه / زمان تلاقيه النجوم النواحس
ذكرتكم والدمع أكثره دم / وللوجد وري في الجوانح قابس
فنبه لي تذكاركم كلّ هاجدٍ / كما اقتدحت زند الحروب الاحامس
على أنني لا أنثني عن ثنائكم / ولو زج بي في مقلة الموت راجس
وكم طاف بي في لجّة الليل طيفكم / ودر نجوم الافق طافٍ وراكس
تطرّز أنفاسي الطروس تشبباً / كما طرّزت وجه الصعيد البواجس
وماذا يضر البيد أن تحمد الحيا / إذا سار عنها والتّلاع فرادس
ولا خير في عضّ البنان ندامة / إذا خلست ما في يديك الخوالس
إذا بان من تهوى فيومك مظلم / وإن زار من تهوى فليلك شامس
أحبتنا هل تجمع الدار بيننا / فيرتاح ملتاع ويطمع آيس
بكيت عليكم والنَوى مطمئنّة / وما فرقت شعب الفريق العرامس
أفي كل يوم رحلة وأناخة / ولم تنف عن عيني الأمور اللوابس
أعلّل نفسي بالأماني طامعاً / وأكثر أطماع النفوس وساوس
تقاذفني الأمصار حتى كأنني / صوائب نبلٍ والبلاد رواجس
سلوا النظرة الأولى التي مذ قدحتها / على القلب كم شبّت عليها مقابس
نطالب أخفاف القلاص بزورة / فيمطلنا بالوعد دهر مماكس
كأن المطايا كلّما أرقلت بنا / وجوه مرايا للشعاع عواكس
فمن بابن جنس واحد أستعينه / وأبعد من تدعوه من لا يجانس
ولولا الحداد البيض ما أبيض مطلب / لقد عرفت داء الظلام النبارس
وكم دلجة أردفتها إثر دلجة / وقد كثرت للجنِّ حولي هساهس
وألقت عصاها الشد قميّة بعدما / ونى جانباها واشتكتنا البسابس
تحاول من سعد السعود محمد / ربيعا له النور الإلهي غارس
منبّه أحداق الغنى لمعاشر / عيون حظوظ الدهر عنهم نواعس
تساوى الورى في اللؤم وامتاز كنهه / وبالفضل تمتاز النفوس النفائس
وكم أنكر المعروف من قبله الورى / وما الورد مما تشتهيه الخنافس
ومستودع للَه في جنباته / ودائع لم يفطن لها أرسطالس
أخو حكمة ما شام بقراط ومضها / وللعلم خيل ما امتطاهن فارس
فتىً كم خبايا في زوايا علومه / يتلمه إرس بها وقراطس
تدلّت إلى كفيه من كلّ حكمة / غرائس لم يقطف جناهن لامس
وأبلج مغشي الرواق إذا سرت / سراياه سدّت للهواء منافس
له من سراة الخليل أنعم مجلس / وفي صهوات الخيل نعم المجالس
ينجّم للدنيا بجرّ يراعه / فتجرى بما شاء الجواري الكوانس
له قلم يمحو العوادي كأنه / أبو اشبل عنّت لديه فرائس
وأبيض يفتر الدجى عن فرنده / ولكن وجوه الموت فيه عوابس
وفتيان صدق لا الذمام لديهم / ذميم ولا رسم الفتوّة دارس
جحاجحة لم يخرسوا لملمة / وفي السن الأكياس عنهم مخارس
رعى اللَه منه كلّ دارس حكمة / مهندس للفضل فيه مدارس
يقود برأيٍ واحد ألف قسور / وللرأي ما لا تدّعيه الفوارس
ولم يبق صعب لم يرضه يراعه / لكل أبيّ جامح الطبع سائس
تهز مثاني عطفه أريحية / بها كل أنف للأماني عاطس
وترقص أعطاف الندى طرباً به / كما تتهادى بالخلي العرائس
ولم تمطر الأيام إلّا بنوئه / وأين من الحسنى نفوس خسائس
هو الشهم لا تخطى الخفايا سهامه / وكم شقّ عن جيب من الغيب حادس
وربّ عويصات برأيك أرغمت / وكانت لها فوق السماء معاطس
مددت إلى أذقانها كفّ خافض / فعادت بإذن اللَه وهي نواكس
تكلّفني الدنيا رجاءَ سواكم / ولي نظر عن غيركم متشاوس
فنزهت إلا من نداكم مطامعي / وأكيس أهل الكيس من هو آيس
كرمتم وأسأرتم لغيركم القذى / إذا الأرض طابت طاب فيها المغارس
وذي جمال رعاه اللَه من قمر
وذي جمال رعاه اللَه من قمر / من نوره لو أعار البدر ما نقصا
غرير لحظ عزيز الوصل لأن له / أقسى فؤاد وأغلى مدمع رخصا
طاعته منّي حشاً لولا الهوى لعصت / كما أطاعت قديماً للكليم عصا
من لي بدهر مضى ولّى بذي جشم / أيام كنت بها استفرص الفرصا
أيّام لا نصب فيها ولا وصب / حيث الشبيبة طابت والهوى خلصا
حيّ من العرب لم تذكر صفاتهم / لمسمع الدهر إلا اهتز أو رقصا
بانوا لعمري فما كانوا ببينهم / إلا كدهر على أعقابه نكصا
من مبلغ الحيّ أني غير ملتفت / إلّا إلى ذلك الظلّ الذي قلصا
يا عاذلي ما احتيالي بعد بعدهم / شوق أطاع ولكن السو عصى
أيا خير منعيّ إلى الناس كلّهم
أيا خير منعيّ إلى الناس كلّهم / أصمّ بك الناعي وإن كان أسمعا
لقد برئت من ذمة المجد أنفس / لفقدك لا تقضي أساً وتوجعا
خلا الناس منها أمة بعد أمة / وكل تولى مؤلم القلب موجعا
إفعل كما شئت لا خوف ولا حذر
إفعل كما شئت لا خوف ولا حذر / إن الأذى منك محبوب وموموق
روحي وروحك كانا قبل واحدة / واليوم قسمان عشاق ومعشوق
أتطلّب الانصاف من غير منصف
أتطلّب الانصاف من غير منصف / ومن ظالم هيهات ما الكحل الكحل
يغرك آل تبتغي منه مورداً / وذو اللبّ عن دعوى المحال له شغل
وتبغي بغير الجدّ أن تطلب العلى / ودون اجتناء النحل ما جنت النحل
فإن كنت ذا رأيٍ فكن ذا حفيظة / فما الجبن من طبع الكريم ولا البخل
إذا الحر لاقى الحادثات فإنه / بمزدحم ليث وفي حذر وعل
رعى اللَه رأياً عن يد الحزم رامياً / وقلباً به عن كلّ نائبة نبل
وآل عليّ فاتخذهم وسيلة / فإنهم روح البسيطة والعقل
ولا تتخذ إلا حماهم وقاية / بهم تكشف الأهوال إن زلت النعل
بكم آل بيت المصطفى ميّز الهدى / عن الغيِّ والتوحيد والفضل والعدل
فكل أخي فضل ومجد وأن علا / فمفخرهم بعض وعندكم الكل
وإن قيس جدواكم بجدوى سواكم / فجودكم يمّ ومن بعضه الوبل
وما سيّد يعلو على متن منبر / ليهدي الورى إلا لذكركم يتلو
وقربكم من كلّ لاسبه رقىً / وقولكم فصل وحبلكم وصل
وحبكم سعد وبغضكم شقاً / بذا حكم التنزيل والعقل والنقل
لقد خيّب الساعي إذا أمّ غيركم / إذا لم يفز فيكم فلا أجملت جمل
سفينة نوح للنجاة ورفدكم / هو الخصب للدنيا إذا أعوز المحل
وعلمكم ما لا يحاط بوصفه / لقد ضاق عنه اليم والوعر والسهل
بأيِّ جناية منع الوصال
بأيِّ جناية منع الوصال / أبخل بالمليحة أم دلال
تحرِّم أن تمَسَّ النوم عيني / مخافة أن يمرَّ بها خيال
وفي الركب اليمانيّين خشف / بحبات القلوب له اكتحال
يغصّ شتيته بنمير عذبٍ / لكلّ من عذوبته اشتعال
قرأت السحر من عيني غرير / يترجم عنهما السحر الحلال
ويثمر غصنه قمراً منيراً / قليل أن يقال له كمال
يميناً إن في برديه نشرا / كما هبت بغالية شمال
وفي ديباجيته فتات مسك / يقال لها بزعم الناس خال
وفي عينيه نرجسة ذبول / تعلّق بالقلوب لها ذبال
وفي الحدق المراض بدا عجيب / شفاء للنواظر واعتلال
يمج لعابه عسلا وخمراً / تفانت في طلابهما الرجال
وفيه كل جاذبة إليه / إلا للّه ما صنع الجمال
وقالوا لو سلا لأصاب رشداً / لقد كذبوا وبئس القول قالوا
أتحسب أنّ بعد الدار يسلي / نعم للعاشقين به انسلال
ويوم مثل أجياد العذارى / يقلده من البيض الوصال
شربت به على نغم الأغاني / عقارا للقلوب بها اعتقال
هواء في الاكفّ له جمود / وتبر في الزجاج له انحلال
حللنا تحت حلته نشاوى / ومن خيم الغمام لنا ظلال
ربوع للقيان بهن رقص / وغيث للربيع به اغتسال
وغنّى العود مرتجلا علينا / وللورقاء في الورق ارتجال
وقد مالت عمائمنا لسكر / تمكن في الرؤوس له مجال
ألا يا مالكي هبني لوجه / بمثل هواه طاب الاعتزال
جفونك أيها الرشأ المفدى / حسام اللَه ليس له انفلال
وركب في هواك سروا حيارى / يميل بهم نسيمك حيث مالوا
يذكرهم حديثك يوم حزوى / فتنهتك البراقع والحجال
يرحّلهم هواك بلا اختيارٍ / وتخلع في طواك لهم نعال
أنلتك هذه روحي فخذها / وقلّ من الحياة لك النّوال
تركت بك الجدال فلذّ عيشي / ولولا الحمق لم يكن الجدال
أعينونا على كبدٍ تلظّى / عسى أن ينقع الظما الزلال
وقد طال الحديث بذكركم لي / فواطرباه إن صدق المقال
فسادي في محبتكم صلاحي / وفي عوج القسيّ لها اعتدال
ولا تنسوا تطلعنا إليكم / لكلّ مغيب شارقة مآل
وما أنسى الوداع وقد وقفنا / وجدّ بجيرة الحيّ ارتحال
وقد غفلت عيون الركب عنّا / فأنعم بالوصال لنا غزال
مضت تلك الظعون فلا التفات / إلى تلك الديار ولا انفتال
رعى اللَه الجمال فكم لديه / مواقع عثرة لا تستقال
هوى كالمزح أول ما تراه / مداعبة وآخره قتال
وما أنا والهوى لولا قدود / مهفهفة وارداف ثقال
فكم طير بنى في الجوّ بيتاً / فأسلمته إلى الشرك اغتيال
أراه وباله طمع مبيد / وغاية صاحب الطمع الوبال
نشدتك هل على الدنيا خليل / أخو ثقة تسد به الخلال
كذبت إذا ادّعيت له وجوداً / ولكن هكذا أبداً يقال
تأنّ على الأمور تنل مداها / فإن البدر أوّله هلال
ومن جدّت مطاياه فأكدت / ولكن آفة الطّلب الملال
ولا تسأل تذلّ ولو نفيساً / فإن الذلّ قائده السؤال
ولا تؤيسك قارعة ألحّت / وكيف اليأس والدنيا سجال
ألم تر كيف يتلو الليل صبح / كذاك لكلّ مقبلةٍ زوال
فإن حاولت في الدنيا صديقا / فإنك ليس تعرف ما المحال
وربّ سحابة ملئت بروقاً / وما كل السحاب له انهمال
يروم المرء بالحيل المرامي / وما يغني عن القدر احتيال
ذري إبلي تخد الأرض خدا / فعز الشهب في الفلك انتقال
فأما أن يبادرها نعيم / وأما أن يفاجئها نكال
تريدين الإقامة والتهاني / بأرض ما بها إلا الصلال
وكيف أراع من خطب عقور / سليمان الزمان له عقال
سرى بالخيل موقرة نضاراً / ومن عدد الوغى خيل ومال
يبتّ حبائل الحدثان بتّاً / كريم لا تبت له حبال
تعرّض منه للأقران بحر / تموج به الأسنة والنّصال
ويسبح في غدير من دلاص / تحوم على مشارعه النّبال
ولولا طبّه ما كان يرقا / من الملوين جرحهما العضال
ولا يالو لعمرك عن جميل / فتى بحر الجميل لديه آل
لكلّ صفات أهل المجد فضل / وأفضلها السماحة والنزل
يجدّد كل آونة رسوماً / من العلياء جدّ بها اختلال
تسهل حزنها منه علوم / بخاتمهنّ تنطبع الجبال
مواسم أنعم ومناخ فضل / وذروة حكمة لا تستطال
منازل تنزل الآمال فيها / وأفنية تحط بها الرحال
تسايره الروائح والغوادي / لينعشهن منه الانتحال
وتطلع من خلال قباه شمس / مطالعها الأبوة والجلال
لنائله من الإكسير معنىً / له بالشمس والقمر اتّصال
أقل صفاته نسب نقيّ / وأخلاق مضاربها صقال
أبا داود فزت بمأثرات / هي الأقمار والأيام هال
لو استهديت أعناق الأعادي / لا هدوها إليك وهم عجال
طعنت الطاعنين بطول باع / يقصّر دونه الاسل الطوال
حمدتك إذ ثبتّ له وفروا / ولولا القبح ما عرف الجمال
يريك الرأي صورة كلّ أمر / وفي المرآة يرتسم المثال
جررت فيالقاً لو طاولتهم / أعالي كلِّ شاهقة لطالوا
خزنتهم فكانوا حيث تهوى / وخير خزائن الدول الرجال
تجز بهم نواصي الخيل جزّاً / ويصفع للملوك بهم قذال
وكم أمر تنشق منه عَرفاً / فشبَّ وقد تعاوره اكتهال
وحسبك أنَّ رأيك فلسفيَّ / عليه فلاسف الدنيا عِيال
ضربنا منك بالقدح المُعلّى / ففازت ضربة وأجاد فال
أنالتنا يداك من المعالي / أعاليها اللّواتي لا تنال
فرغت من المثالث والمثاني / بقلب فيه للكرم اشتغال
يمر الدهر حالا بعد حال / وليس يحول من جدواك حال
ولولا أن بخلك مستحيل / لقلنا ليس في الدنيا محال
لينهك طالع لقحت سعوداً / به الدنياوكان بها محال
جمالك لم يزل للعيد عيداً / وأنت شبابه والاقتبال
ولاكملت سعودك في المراقي / فإن البدر آفته الكمال
متى توفى عهودكم وتقضى / ديونكم وقد طال المطال
أرى كرم الكريم بغير وعد / وما أقواله إلا الفِعال
فدم واسلم بعافية وخير / فإن بقاك للنوب اعتلال
هي نعم العروس زفت إلى دا
هي نعم العروس زفت إلى دا / رك بكراً وأنت نعم البعل
أنت أهل لحسنها علم الل / ه كما أنها لحسنك أهل
أهلاً وسهلاً لقد أسفرت عن قمر
أهلاً وسهلاً لقد أسفرت عن قمر / محا كتاب الليالي ضوؤه وجلا
أهلاً بمن أمّن اللَه الزمان به / وكان من رأقت الدنيا بريقه
أهلاً بمن راقت الدنيا بريقه / كأنها ذات عطل البست حللا
أهلاً بمن كان مصباحاً لكل دجى / أهلاً بمن كان مفتاحاً لكل علا
أهلاً بمن لو أتت معناً مكارمه / لعرّفته من المعروف ما جهلا
اللَه أكبر ما أهداك من علم / أوضحت للمبتغي نيل المنى السبلا
يا حبّذا منك شمس نوّرت ظلماً / وحبّذا منك الطاف شفت عِللا
وماجد كلّما هيّجت نخوتَه / هاجت فأفنت يداه الخيلَ والخَولا
قلبٌ سليم وعرضٌ ليس منخرماً / كصفحة الأفق لم تعهد بها خلَلا
يُريك عن عرضه المصقول جوهره / عضباً بغير يد الرحمن ما صقلا
وهمة لم يضق ذرع الكلام بها / كالسَيف منصلتاً والرمح معتدلا
يا صاحب النظر الأعلى أعد نظراً / فإن رأيك رأيٌ لا يرى الزللا
فإن غمزت قناها لاستقامتها / فأنت أنت وأمّا العالمون فلا
إن لم تكن يا أبا نعمان مرويها / فمن بنائله أن ينقع الغَلا
منكم وعنكم وفيكم كل مكرمة / والنحل من طبعه أن ينحل العسلا
فاهنأ بشكري على مرّ الزمان فما / يبيده أو يبيد السهل والجبلا
إن رمت من بكر العلاء وصالا
إن رمت من بكر العلاء وصالا / فأزل حسامكَ واقطع الأوصالا
من يطلب الدنيا بغير مخذّم / فليخذم الحسرات والإذلالا
قلقل ركابك في البلاد فربما / تلقي بأودية النعيم رحالا
واستحل ممقرها وسوّغ صابَها / فلربَّ مالحة غدت سلسالا
وانهض لمقفلة المعالي بالقَنا / إن الأسنة تفتح الاقفالا
ودع الخدائع فهي تخدع أهلها / كم غيلةٍ قد غالت المغتالا
لا تقدمنَّ على مهولات الردى / إلا بعينِ لا ترى الأهوالا
والحزم للحرّ الكريم مقلّدٌ / عطل امرؤ يتقلّد الآمالا
وذر المقامَ ولو أقمتَ بعرّة / فالبدر يسري كي ينالَ كمالا
وإذا طلبت منىً فكن كمحمّد / يجد الجبالَ من الأمور خيالا
ملك يرى علقَ النجيع لطيمةً / وأعاليَ الأسَل الطول ظِلالا
غيث النّدى لدّاغ أفئدة العدى / بالبارقات تخالهن صِلالا
بطل من الملكوت تبطل دونه / حيل الكماة فلا ترى محتالا
يعدو على الجيش البئيس بفتكة / لو لاقت الجبل العظيم لهالا
قرم إذا استنجدت منه فارساً / للمكرمات وجدته معجالا
كم خاض ملحمة يذوب بها القنا / خوفاً فأنّف بالحسام رجالا
يلقى الجنود فتلتقي آجالهم / فتخال زرق رماحه آجالا
ويروعهم منه دوي عزائم / تذري بعاصف ريحها الاقتالا
طعّان كلّ ثنيّة ومجيلها / من حيث لا تجد الرياح مجالا
أخذ الفوارس للأسنة مطعما / والأعوجية للعفاة نوالا
متجلبباً عزمين عزماً يقتضي / طبّا وعزماً يقتضي إعلالا
وإذا العيون تحدقت للقائه / كحل العيون جنادلا ورمالا
تلقاه يوم الرّوع قيد عداته / لم تستطع هرباً ولا اجفالا
وتفوز يوم السّلم منه بأبلج / يحيى النفوس ويقتل الاموالا
كم أمّلوا الآمال منه فلم يروا / إلا ضرائب تقطع الآمالا
ترك الغواني بعد طول عنائها / تستحلب العبرات والأعوالا
شكّت صدورهم صدور رماحه / حتى أعاد جديدهم أسمالا
ولربّ قوم قاتلوك فلم يروا / للسيف فيك ولا السّنان قتالا
فرموا سلاحهم لديك وصيّروا / أمضى سلاحهم عليك سؤالا
لك في العلى رأي كضاحية الضحى / يأبى لها الطبع القديم زوالا
لا مثل طبع البدر يكمل نوره / ويعود من بعد الكمال هلالا
وأشم شئن اللّبدتين ترى له / همماً يكيل بكيلها الابطالا
همم إذا نفخت بأنفخة الردى / سبكت بنار وطيسها الآجالا
تجري على المتغطرفين رياحه / فترى مرابع عيشهم أطلالا
لم أنسه من كلّ عارٍ عارياً / والطعن قد لبِسَ القلوب حجالا
والدهر بالنقع المثار مدجج / لكنه يتوقع الاهوالا
والحرب كالحرباء تجهد جهدها / في الشمس عاشقة لها تمثالا
والضرب يبدع بالجماجم صنعة / كالسحب ترسم في الثرى أشكالا
والسمر من علق النجيع نواهل / كالروض يرتشف الحيا الهطالا
والمشرفية تستدير على الطلى / فكأنها صيغت لها أغلالا
والخيل من خيلائها لا ترعوي / حتى تكاد تلاعب الرئبالا
فيصول جذلان المعاطف باسماً / حيث الصلال تخاف فيه مصالا
للَه دَرَّ المعضلات تطيعه / من حيث تعرف بأسه القتالا
وكأن رامية الحمام تهابه / فتكفَّ يوم الرمي عنه نبالا
واعجب لعين يستقر قرارها / من بعد ما شهدت له تمثالا
ماذا تذوق الشوس منه لدى الوغى / والموت يسقي من يديه نكالا
وإذا الشواهق حصنت أعداءه / لاكت شواهق خيله الأجبالا
للَه حزمك والقلوب خوافق / من حيث زلزلت الوغى زلزالا
والنبل من فزع يطيش رشاشه / قد يورث الفزع الشديد خبالا
والرمح مضطرب الكعوب كأنه / غصن أمالته الرياح فمالا
ففتكت بالأيام فتكة عالم / بالنائبات يقلب الأحوالا
فرقت من آل المجمّع جمعهم / وجمعت من نسب المكارم آلا
وافيتهم والقوم قد فرشوا المنى / وتلحفوا الأيسار والإقبالا
غرّتهم الدنيا بوابل سعدها / ومن السعادة ما يعود وبالا
حتى قدحت من الآسنة والظبى / نار المنون فأشعلت إشعالا
ذابت جسومهم لديك كأنها / برد أصابته السموم فسالا
ولو أنهم ألقوا لديك عصيهم / لرأوا مكان الزاعبية مالا
كم أرؤس من شانئيك نثرتها / بالسيف فانعقدت هناك جبالا
وتركتهم للطير رزقاً واسعاً / فكأنها كانت عليك عيالا
لا يستقال عثار سيفك فيهم / كم من عثارٍ لا يكون مقالا
خضت العجاجة كالدجى تجد القنا / فيها نجوماً والحسام هلالا
وعبرت ذيّاك العباب بمعشر / يجدون بحر القعضبية آلا
جيش إذا هزّت معاطفه الوغى / سحبت على زحل له أذيالا
لقد امتطيت كتائبا ملكيّة / حذيت خدود الحاداث نِعالا
جهلوا إحالتك الحياة منيّة / إن الغبيَّ يرى الصواب محالا
فإذا زجرت الغيث عاد صواعقاً / وإذا نظرت السمّ عاد زلالا
فمسحت هامهم بسطوة قادر / مسخت جبابرة الوغى أطفالا
وبلغت سؤلك منهم وكذا الفتى / لو رام أسنمة السماك لنالا
أذهلتهم بالضرب حتى أنهم / وجدوا لهادية السيوف ضلالا
يا ليت علمي كيف تنكرك الطلى / من بعد ما قلدتهنّ نصالا
وبأيّ أسلحة تقاتلك العِدى / وإذا لحظت أبا قبيس مالا
بأبي صِفاتك لو تقدم عصرها / لجززت من تلك القرون سِبالا
ولقد حملت من الزمان وقائعا / كانت على عنق الزمان ثِقالا
يا فرحة العلياء فيك لأنّها / كانت أشد من المتيّم حالا
لو لم تفضّ عن العلوم ختامها / ما آنست في الكائنات رجالا
يا ابن الكرام السابقين إلى العلى / والمحرزين الباس والافضالا
لا تظن الخليل من رقّ عطفا
لا تظن الخليل من رقّ عطفا / وحلا مبسما وراق مقولا
ليت شعري ما يرتجى من زمان / يستطب الحكيم فيه العليلا
فإذا لم تجد مكاناً لجود / فمن الحزم أن تكون بخيلا
وإذا لم تكن صقيل بنان / لم يفد حملك الحسام الصقيلا
وإذا سيمت النفوس بخسفٍ / لم يكن صبرها عليه جميلا
ربّ غِرٍّ مستنصرٍ بالأماني / مثلما استنصر الثكول العويلا
فاعل فعله الجميل قؤول / إن قيل الكرام أقول قيلا
هو وعدٌ لذي الجلال قديم / أنه كان وعده مفعولا
وإذا لاحظتك مقلة ضيم / فاحش أحداقها قنا ونصولا
ربَّ من تطلب الاعانة منه / فتراه محارباً وخذولا
طيّب الفعل من أطائب قوم / وكذا تتبع الفروع الأصولا
هو ذاك الطبيب لم يبق جسماً / من جسوم الأيام يشكو النحولا
أيها الماجد المشرف شعري / حمّلتني يداك حملا ثقيلا
قد كسوت الزوراء بردى سناءٍ / وسنىً خالدين لن يستحيلا
ولعمري لقد هززت العوالي / بالأيادي كما هززت الرّعيلا
كلما لاحظته عين المعالي / قبّلت ذلك المحيّا الأسيلا
يا هماماً لمثل خطبي يرجى / وكذا يدرا الجليل الجليلا
كيف يسري إلى نزيلك ضيم / وهو للنجم لا يزال نزيلا
شاخصاً للنجوم راقب منها / كلّ حين إناخةً وقفولا
كم عليل لم يمس إلا معافى / ومعافىً لم يمس إلا عليلا
بل إذا أنكرت حقوفك قوم / فاجعل السيف شاهداً ووكيلا
من عذيري إذا نبا ليَ حدَّ / ربما أعقب الضراب فلولا
أيها الليل كم تطول كأني / راكب منك أدهماً مشكولا
وله سطوة تدك الرواسى / لو رأته لعاقها أن تطولا
آخذ مأخذ الصلاح نفور / عن سلوك الفساد ساء سبيلا
زار والليل مؤذن بالرحيلِ
زار والليل مؤذن بالرحيلِ / ضيف طيف مبشّراً بالقبول
مرحبا بالخيال حيّا فأحيا / وقضى حقَّ مغرمٍ عن ملولِ
جاء يسعى في حلّتين بهاء / وتهادى مبشّراً بالوصول
يا خيالاً ألمّ دار خيالٍ / هل إلى آل وائل من سبيل
إن لي بينهم فرند جمالٍ / لاح في مرهف الزمان الصقيل
شمت من وامض الجمال بروقاً / جمعت لي غرائب التشكيل
أعشق السالف الطريّ وأهوى / ريَّ ذاك المفلّج المعسول
ويروق القدّ الأنيق لطرفي / لا على ضّمة ولا تقبيل
وإذا الحب لم يكن عن عفافٍ / كان كالخمر مفسداً للعقول
لست أنسى ركابنا يوم سلع / نوّخاً بين رقّة ونحول
نسأل الأرسم الدوارس عنهم / ربّ علمٍ أصبته من جهولِ
فأذلنا بقيّة الدم والدم / ع لما طلّ من بقايا الطلول
لا عداها حيّا يجس ثراها / مثل جسِّ الطبيب نبضَ العليل
باديار الأحباب كيف تنكّر / تِ ومن ذا رماكِ بالتَبديل
كنت ديباجة المنى بين خدّ / سندسيِّ وسالفٍ مصقول
فسقى ملعب الغزال وميض / يسحب الذيل من أجشَّ هطول
ما قضت عني السحائب ديناً / كان في ذمّتي لرسم محيلِ
يا جفوني أمّا وقد بخل الغي / ث فلا تبخلي بدمعٍ هطول
علّلاني يا صاحبيَّ فعندي / سكرة من شمائل وشمول
عنَّ لي في القِباب من عرفات / رشأ لحظه عِقال العقول
قمرٌ يقمر الفؤادُ يمر / آه ويشفى بريقه المعسول
نفحتنا منه الصبا فأتتنا / من عذاريه بالنَسيم البليل
بأبي أهيف عهودي لديه / مثل خِصر له ضعيف نحيلِ
عقدت وجنتاه وجدي ولكن / خلَّ صبري ببنده المحلول
فهنيئاً لا عينٍ كحلتها / فترات لاعينٍ كحلتها
علّلاني بذكر ميٍّ ألا ربَّ / عليل يصِحّ بالتَعليل
كنت في جانب العيش رغدٍ / بين شرخ الصبا وصفو الخليل
ما تيقظت للنوائب إلا / يوم نادى نفيرهم للرحيل
ما سمعت العذول فيهم وما كا / صواباً إلا مقال العذول
إن دهراً يذل كلّ عزيز / هو دهر يعزّ كلَّ ذليل
أيها الواشيان لا تهزءا بي / ربَّ عود يخضر بعد ذبول
إنَّ فتنة العيون السَواجي / عثرة ما لأهلها من مقيل
ما شعرنا إلا وللبين فتك / إن عمر السرور غير طويل
كم تقول الوشاة عني وعنهم / جهش السمع بين قال وقيل
يا كثير الملال جد بقليل / فقليل الحبيب غير قليل
إن برتنا النَوى فغير عجيب / ظمأ الأرض مؤذن بالذبول
كيف لا أذكر الديار بنجد / وبها مرتع الأغرّ الكحيل
إن نسيت الكرى فعن نكبات / لم تدع لي إلى الكرى من سبيل
كنت صعباً على المقادير لا تك / بو زنادي ولا تقاد خيولي
فاستشاطت عليّ مختلفاتٍ / كسرت أسهمي وأنبت نصولي
يا نديمي جفّ ضرعُ اللَيالي / فانهضا للمعتّق السلسبيل
أعطياني سلافة أتناسي / بحلاها مرَّ الزمان الوبيل
ذكّراني الصبا وأيام سعد / بندى أسعد المليك الجليل
باذخِ العزِّ حلَّ أي محل / من مقام التعظيم والتبجيل
فلك ذو مآثر دائرات / بالمصابيح من أثير الجميل
قرشيٌ تأملته المعالي / فرأته نهاية المأمول
عشت في ظلّه زماناً طويلا / بنوال له عريض طويل
أريحيِّ أراد رعي رسوم / في ربيع ارتياحه المبذول
حدّثاني عن علمه ونداه / وهما نيّرا الفخار الأثيل
عاوناني إن كنتما تسعداني / بمديحي له وإكرامه لي
خبّرا من يروم نيل علاه / ما إلى الشمس مطمع في الوصول
نام من رفدِه الأنام بمأوى / حرم آمنٍ وظلٍّ ظَليلِ
كلّما ما طلّ الزمان بوعد / خلته للزمان أيَّ كفيل
ثم لا تنكر التكرم منه / إنَّ ذاك الكريم فرع الرسول
كيف لا تحسن الصنيعة ذات / ركبت من محمّدٍ والبتولِ
وإذا الفرع لم يطب فتأمل / تجد الذّنب كلّه للأصول
حيِّ المدامَ مدام بيض الأنصل
حيِّ المدامَ مدام بيض الأنصل / فلكم سكرت بريقهن السَلسلِ
كم ليل حرب سرت فيه على هدى / والموت يخبط في ظلام القسطل
وأرى مكان الخدع لا أرضى به / أي الخداع لأهله لم يقتل
مثلي أقل من الغنى في عاقل / ومن الخصاصة عند من لم يَعقِل
وإذا الزمان تجاهلت أوقاته / فأغضض جفونك دونه أو فاجهل
كم في رحى الدنيا مدار دوائر / تأتي خلاف تخيّل المنخيّل
كم طاش سهم مؤمّل عن قصده / وأصاب مرمى القصد غير مؤمّل
واصبر ترد ماء الأماني صافياً / إن المعجل سؤر كلّ مؤجل
أقلل عثارك بالأناة أما ترى / ما أكثر العثرات بالمستعجل
وإذا الفتى لم يختبر أوقاته / حسب السراب بها حساب الجدول
صن ماء وجهك عن سواك فإنه / ماء الحياة لطالب لم يبذل
وإذا افتقرت إلى السؤال وشبهه / فاختر لنفسك ذا مكارم واسأل
فالجود يهتف بالكريم كأنّه / هتف السحاب بمبرق ومجلجل
يا من يرى الآمال عنه بعيدة / أقدم ومهما شاء قلبك فافعل
فالحرب مكتوب على جبهاتها / من يكره الأسل العوالي يسقل
كن كيف تهوى عاذلا أو عاذراً / فالحظ معتقل لمن لم يَعقلِ
نعم المطية للفتى ظهر العلى / وإذا امتطته أسافلٌ فترجّل
هيهات لو ترك الزمان فضوله / لرأيت حينئذٍ مقام الأفضل
لا تحسب الأيام تعثر بالفتى / لكنها الافلاك ذات تنقل
والشيب عنوان الفناء ومن يدر / فكراً بعاقبة الليالي يذهل
إن تنكر الأيام صحبة أهلها / فالسيف ليس بصاحبٍ للصقيل
إن شئت عمر محامد لا تنقضي / فالذكر من عمل المكارم فاعمل
ودع الأذى لا تدخلن ببابه / فالحر في باب الأذى لا يدخل
إن شئت أن تحكي الأوائل فاحكها / هذا زمانك كالزمان الأوّل
وإذا رأيت عزيز قوم ضارعاً / فارفق به مهما استطعت وأجمل
كم حاسدٍ بعدت عليه مذاهبي / هيهات تلك نهاية الشرف العلى
أن يعيه ذاك الطلال فإنما / شر الطباع طبيعة المتعقل
والغِر يعتسف الأمور جهالة / والشهم يسلك في الطريق الأسهل
أعد التأمل في الأمور فربما / يدنو البعيد لناظر المتأمل
كم مدّعٍ غير الحقيقة يدعي / والحق يظهر من كلام المبطل
لو كان في طول الكلام المبطل / نال الهزار به منال الأجدلِ
من لي بيوم للأسنّة ثائرٍ / تغلي الفوارس فيه غلي المرجل
متسردق بالخيل تحسب أنه / تحت العجاجة جنح ليل اليل
فينال قلبي من مغازلة الظبى / نيل المشوق من الظباء الغزل
اللَه أكبر ما طلعت بمعرك / إلا وسال به لعاب الأنصل
بالمرهفات أنال إدراك المنى / وعلى أبي الهيجاء كل معوّلي
القرم عبداللَه ذو الهمم التي / حد الزّمان بغيرها لم يفلل
بأبي سليمان الزّمان ومن له / سلطان مجد قطّ لم يتبدّل
مرّيخ بأس يعتري شهب الوغى / فيصيب رامحها بقلب أعزل
يرث المراتب بالطعان وعنده / أن الغنى بسوى القنا لم يسأل
وإذا السماح أبي النزول بغيره / فالرب للأقمار ليس بمنزِلِ
ملك بريك مع السماح شجاعة / ومن السماح شجاعة المستبسل
وإذا الشجاع سخا بجوهر نفسه / فبعارض من ماله لم يبخل
يا رائد المعروف من جنباته / من ذا هداك إلى حمى الكرم العلي
جئت الفضائل كلّها من بابها / فانهض على اسم اللَه ربّك وادخل
وأغرّتيّمت الزمان بحبّه / لحظات عينٍ بالقذى لم تكحل
طود متى عصف الزمان يلاقه / بفؤاد لا قلقٍ ولا متزلزل
حاز المآثر لم ينل أطرافها / والشلو للآساد ليس بمأكل
وإذا الهداية لم تغب عن رأيه / فالشمس عن أهل السّما لم تأفل
يا من بغير السرّ طال أناته / والسرّ يحمد فيه كل معجل
والجود ميدان السباق إلى العلى / من رام حسن السّبق لم يتمهل
لولاك يا أسد الملاحم لم يكن / نسب الصوارم والقنا بمؤثّل
ضرب وطعن بات بين كليهما / نسب الأسود من الظباء الجفل
خضت الملاحم غير مكترث بها / والجبن للآجال غير مؤجل
وجدت بك الهيجاء ما يردى الردى / ويذيب قاسية الحصى والجندل
لم تدر أنك للمكارم عنصر / وعناصر الأشياء لم تتجول
من سبّق بهم الأماجد تقتدي / والفضل للماضي على المستقبل
أي الحوادث لم تطأ تيجانها / من خيل سؤددك القِداح بأنعل
ذللت أعراق الزمان براحة / تلوي الجبال الصم لوي الأحبل
كف مقدسة المساعي في العلى / طافت بها رشفات كلّ مقبل
ما طار ذكرك في مساعي جحفل / إلا وقصّ به جناح الجحفل
لك حكمة قام الوجود بلطفها / والروح موجبة قيام الهيكل
لا غرو أن أودى خيالك بالعدى / فالوهم قد يقضي على المتوجّل
تهنيك نفس لا يمازجها القذى / والشر عن شيم الكرام بمعزل
هي غرّة ميمونة بزكائها / تجلى بطلعتها الهموم فتنجلي
وكرام أبناء كأن أكفهم / لعواطل المِنن الحسان هي الحلى
من كلّ من شاء العلى فأطاعه / والقول لا يعصي مشيئة مقول
المقفلون لباب كلّ دنيّة / والفاتحون لكلّ مجدٍ مقفل
والمنزلون على من اختار الرّدى / فكأنهم رسل القضاء المنزل
ولقد أراك كأن جودك جنة / للمجتني أو وجنة للمجتلي
إن كان وصفك لم يصبه ذوو النهى / فالحق قد يخفى لمعنىً مشكل
قلّدت لا هوتيّة الحكم التي / أدنى عقود نظامها لم يحلل
ولمست أعضاء الزمان بفكرة / عرفت مكان شفائها والمقتل
من أكرمين هم رؤوس زمانهم / والناس قائمة مقام الأرجل
هم آل حمير الذين عهدتهم / أقصى أمان الدهر للمتوجل
للَه من تلك النفوس أطبّة / ضمنوا الشفاء لكلّ داء معضل
جاؤا الخلائق منذرين ببأسهم / ومبشرين بكل رفد مرسل
من كلّ من ذبل الزمان وذكره / ريحانة بيد العلى لم تذبل
يا بدر هالتها وقطب مدارها / وشهاب مركزها الذي لم يأفل
كن كيف شئت فإنّ جودك كعبة / يسعى إليها قصد كلّ مؤمّل

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025