المجموع : 92
يا خِلُّ ما كُنّا نَخافَكُمُ
يا خِلُّ ما كُنّا نَخافَكُمُ / حَتّى أُتِيتُ بِقَولِكُم أَمسِ
أُخبِرتُ أَنَّكِ قُلتِ نَهجُرُهُ / لا تَفعَلِنَّ فَدَتكُمُ نَفسي
وَاللَه لا آتي لَكُم سَخطاً / حَتّى أُضَمَّنَ مَيِّتاً رَمسي
عُودي بِأَحسَنِ ما عُهِدتِ لَنا / يا أَحسَنَ الجِنانِ وَالإِنسِ
أَنتِ النَهارَ هَوى الفُؤادِ وَلا / يَنفَكُّ حُبُّكِ كُلَّما أُمسي
أَمسَيتِ لي شَجَناً أَهِيمُ بِهِ / مِن بَينِ أَهلِ الغَورِ وَالجَلسِ
لَولا الَّذي حُمِّلتُ مِنكِ لَقَد / زُلنا وَقَلَّ بِأَرضِكُم حَبسي
وَاللَهِ لا أَنسى تَطَوُّفَها / تَهتَزُّ بَينَ كَواعِبٍ خَمسِ
مِثلَ النِعاجِ يَمِسنَ في قَصَبٍ / وَدَمالجٍ وَخَلاخِلٍ خُرسِ
كَالبَدرِ صُورَتُها إِذا اِنتَقَبَت / وَإِذا أَسفَرتِ فَأَنتِ كَالشَمسِ
تَحَمَّلَ اليَومَ أَم لَم تَبرَحِ الأُنُسُ
تَحَمَّلَ اليَومَ أَم لَم تَبرَحِ الأُنُسُ / أَباطِلٌ ذاكَ أَم حَقُّ الَّذي دَسَسُوا
لَو ذَهَبُوا لَم يَطِب نَجدٌ لِساكِنِهِ / وَقَد يَطِيبُ بِهِم نَجدٌ إِذا جَلَسُوا
ما زِلتُ مِن رَوعَةِ البَينِ الَّذي ذَكَرَوا / أُذري الدُمُوعَ وَمِنّي يُحفَزُ النَفَسُ
كَأَنَّني حارِمٌ بِالتَبلِ مُرتَهَنٌ / ساهِي الفُؤادِ عَلَيهِ الأَمرُ مُلتَبِسُ
أَو شارِبٌ مُدمِنٌ طابَ المُدامُ لَهُ / في المُدمِنينَ فَمِنهُ العَقلُ مُختَلَسُ
ما أَطعَمُ النَومَ حَتّى الصُبحِ أَكلَؤُهُ / كَما تَكالا حِذارَ العَورَةِ الحَرَسُ
أَرعى النُجُومَ وَطُولُ اللَيلِ مُعتَكِرٌ / حَتذى بَدا الفَجرُ جِلباباً لَهُ الغَلَسُ
مِن حُبِّ لَيلى وَإِنَّ الأَرضَ ما سَكَنَت / لَيلى فَإِني بِتِلكَ الأَرضِ مُحتَبَسُ
تَرجُو الوُشاةُ بِأَني فِيكِ أَرهَبُهُم / وَكُنتُ أَحسِبُهُم مِن ذاكَ قَد يَئِسُوا
مِثلَ الضَفادِعِ نَقاقونَ وَحدَهُمُ / إِذا خَلَوا وَإِذا لاقَيتُهم خُرُسُ
وَقَد عَلِمتِ إِذا ما اللَيلُ أَعظَمَهُ / بَعضُ الرِجالِ وَهابُو الهَولَ فَاِكتَنَسُوا
أَن رُبَّ لَيلَةِ مِشفارٍ مُزَعزِعَةٍ / طَخياءَ لَيسَ بِها لِلنِسعِ مُلتَمَسُ
قَد بِتُّ أَجشمُ فيها الهَولَ نَحوَكُمُ / إِذا الرِجالُ لَدى أَمثالِها نَعَسُوا
أَجتازُ قَفراً بَعِيدَ القَعرِ لَيسِ مَعي / إِلّا الإِلهُ وَإِلّا السَيفُ وَالفَرَسُ
تَطاوَلُ أَيّامي وَلَيلي أَطوَلُ
تَطاوَلُ أَيّامي وَلَيلي أَطوَلُ / وَلامَ عَلى حُبِّي عُثَيَمةَ عُذَّلُ
يَلُومُونَ صَبّاً أَنحَلَ الحُبُّ جِسمَهُ / وَما ضَرَّهُم لَو لَم يَلُومُوا وَأَجمَلُوا
أَلم يَعلَمُوا لا بُرِكُوا أَنَّ قَلبَهُ / عَصى قَبلَهُم فيها العِدى فَهُوَ مُبهَلُ
وَقالَ أُناسٌ إِنَّهُ لِيُحِبُّها / ضَلالاً لَما لَم يَعلَمِ الناسُ أَفضَلُ
فَلَمّا بَراني الهَمُّ وَالحُزنُ حِقبَةً / وَأَشفَقتُ مِن خَوفِ الَّذي كُنتُ آمَلُ
وَأَبصَرتُ دَهراً لا يَقُومُ لِأَهلِهِ / عَلى ما أَحَبُّوا فاسِدٌ يَتَحَوَّلُ
تَوَكَّلتُ وَاِستَحدَثتُ رَأياً مُبارَكاً / وَأَحزَمُ هَذا الناسِ مَن يَتَوَكَّلُ
وَضَمَّنتُ حاجاتي إِلَيها رَفِيقَةً / بِها طَبَّةً مَيمُونَةً حِينَ تُرسَلُ
مِنَ البَربَرِيّاتِ اللَواتي وُجُوهُها / بِكُلِّ فَعالٍ صالِحٍ تَتَهلَّلُ
وَزيرٌ لَها إِبلِيسُ في كُلِّ حاجَةٍ / لَها عِندَما تَهوي لَهُ يَتَمَثَّلُ
رَآها نِعمَ الخَدينُ فَلَم يَزَل / لِحاجاتِها ما لَم تَحُل يَتَحَمَّلُ
تَخِفُّ لَما نَهوى مِراراً وَإِنَّها / عَن أَشياءَ لَيسَت مِن هَوانا سَتَثقُلُ
فَقالَت فَلا تَعجَل كَفَيتُكَ مَرَحباً / وَلِلسِّرِّ عِندي فَاعلَمَن ذاكَ مَحمِلُ
تَغُشَّت ثِيابَ اللَيلِ ثُمَّ تَأَطَّرَت / كَما اِهتَزَّ عِرقٌ مِن قَناً مُتَذَلِّلُ
فَجاءَت بَواراً طالَما قَد تَعَلّلَت / مِنَ الوَحشِ ما يَسطِيعُها المُتَحيِّلُ
بَدَتها بِقَولٍ لَيِّنٍ وَتَمَثَّلَت / مِنَ الشِعرِ ما يَرقي بِهِ المُتَمَثِّلُ
فَما كانَ إِلّا فَرطَ خَمسٍ حَسِبتُهُ / مِنَ الدَهرِ حَتّى جاءَ لا يَتَعَلَّلُ
بَشِيرٌ بِأَنّا قضد أَتَينا فَهَل لَنا / مِن الخوخة الصُغرى سِوى الباب مَدخَلُ
فَإِنَّ بِبَابِ الدارِ عَيناً وَإِن تَزُغ / حِذاراً لِتِلكَ العَينِ أَهيا وَأَمثَلُ
فَجاءَت بِها تَمشي عِشاءً وَسامَحَت / كَما اِنقادَ بِالحَبلِ الجَوادُ المُجَلَّلُ
تُحَذِّرُها في مَشيها الأَعيُنَ الَّتي / بِها إِن رَأَتها عِندَ ذي الضَغنِ تَجمُلُ
فَتُسرِعُ أَحياناً إِذا هِيَ لَم تَخَف / وَتَخشى عُيُوناً حَولَها فَتَمَيَّلُ
كَما مالَ غُصنٌ مِن أَراكِ بَرِيرَةٍ / تُحَرِّكُهُ رِيحٌ مِنَ الماءِ مُخضَلُ
فَلا أَنسَ فِيما قَد لَقِيتُ مَقالَها / عَلى رِقبةٍ وَالعِيسُ لِلبَينِ تُرحَلُ
تُراكَ لَئِن عِشنا إِلى صَيفِ قابِلٍ / مُلِمّاً بِنازوراً كَما كُنتَ تَفعَلُ
فَقُلتُ لَها إِن لَم أَمُت أَو تَعُوقُني / مَقادِيرُ عَمّا تَشتَهي النَفسُ تَعدِلُ
تَزُورُكِ عِيسٌ يَعتَسِفنَ بي المَلا / عَلأى الأَينِ أَطلاحٌ تَنصُّ وَتَذملُ
فَراخى وِثاقاً عَن فُؤادٍ أَسَرتِهِ / قَليلاً لَعَلِيّ لِلعِدى أَتَجَمَّلُ
وَبِاللَهِ رُدّي دَمعَ عَينَيَّ فِيهِما / إِلى أَيِّ دَهرٍ دَمعُ عَينَيَّ يَهمِلث
فَخافي عِقابَ اللَهِ في قَتلِ مُسلِمٍ / بَرِيءٍ وضلم يَقتُل قَتيلاً فَيُقتَلُ
أُسائِلُ عَن وَجناءَ في السِجنِ جارَها
أُسائِلُ عَن وَجناءَ في السِجنِ جارَها / لَعَمرُ أَبِيها إِنَّني لَمُكَلَّفُ
وَأَنّي لَكَ الوَجناءُ وَالسِجنُ دُونَها / وَيُغلَقُ دُوني ذُو أَواسٍ مُشَّرَّفُ
وَفي الرِجلِ مِنّي كَبلُ قَينٍ يُؤودُها / وَثِيقٌ إِذا ما جاءضهُ الخَطُو يَهتِفُ
كَأَنَّ شَبا مِسمارِهِ وَهوَ ناجِمٌ / شَبا نابِ قَرمٍ يَضرِبُ الشُولَ يَصرِفُ
يَمانِيَّةٌ هاجَت فُؤادي وَوَكِّلَت / بِها النَفس حَتّى دَمعُ عَينَيَّ يَذرِفُ
يُرَوَّعُ أَحياناً إِذا ذُكِرَت لَهُ / كَما رِيعَ مَشعُوفٌ مِنَ النَفرِ يُشعَفُ
وَأَنّي لَكَ الأسعافُ مِنها وَدارُها / جُنوبَ العِدى لَو سالمَتني وَتُنصِفُ
وَما زالَ بي حَيني وَحَمزَةُ دَلَّني / وَلِلحَينِ أَقدارٌ تُحَمُّ وَتُصرَفُ
مَعَ القَدَرِ المُكتُوبِ حَتّى تَعَطَّفَت / بِوَجناءَ نَفسٌ وَجدُها مُتَعِطِّفُ
فَإِني لَما حُمِّلتُ مِنها لَبائِحٌ / وَلَو كانَ ما بي ما بِهِ بُحتُ يُعرَفُ
وَمُستَودِعٍ قَلبي هَوىً فَوقَ ما بَدا / لَوأَنَّ فُؤادي عَن هَواها يُكَشّضفُ
وَإِني لَمُوفيها مِنَ الوُدِّ كَيلَهُ / إِذا نَقَصَ الوُدَّ المُلُولُ المُطَفِّفُ
كَعابٌ إِذا قامَت قَليلاً تَأَوَّدَت / كَمَشي الحَسِيرِ مُكرَهاً وَهوَ مُزحَفُ
مِنَ البيضِ إِمّا ما يُوارى إِزارُها / فَفَقمٌ وَإِمّا ما عَلاهُ فَمُرهَفُ
كَغُصنِ الغَضا فَوقَ النَقا نَفَحَت لَهُ / جَنُوبٌ تُكَفّى فَرعَهُ وَهوَ مُشرِفُ
لَها مِعصَمٌ عَبلٌ وَجِيدُ جِدايَةٍ / وَبَطنٌ إِذا ناطَت بِهِ الوُشحَ مُخطَفُ
وَعَينا مَهاةٍ في كِناسٍ بِرَملَةٍ / بِهاسِنَةٌ مِن نَعسَةٍ حينَ تَطرِفُ
وَوَجهٌ كَمِثلِ البَدرِ إِذ تَمَّ فَاِستَوى / إِذا ما بَدا في ظُلمَةِ اللَيلِ يَسدِفُ
وَثَغرٌ عَلَيهِ الظُلمُ يَجري كَأَنَّهُ / إِذا اِبتَسمَت مِن كَثرَةِ الماءِ يَنطفُ
وَإِني لَأَهوى الأَزدَ طُرّاً لِحُبِّها / عَلى ذاكَ إِن حُلِّفتُ بِاللَهِ أَحلِفُ
بِرَبِّ الهَدايا الواجِباتِ جُنُوبُها / تَضَمَّنَها لِلّهِ في الحَجِّ مَوقِفُ
لَوَجناءُ أَلقاها فَأنظُرُ قائِماً / إِلَيها وَلَو كانَت تَصُدُّ وَتَصدِفُ
أَحَبُّ إِلى نَفسي مِن أُخرى قَريبَةٍ / لَها مادِحٌ عِندي إِذا قامَ يَهرِفُ
أَوجَعَ القَلبَ قَولُها حِينَ راحُوا
أَوجَعَ القَلبَ قَولُها حِينَ راحُوا / لي تَقَدَّم إِلى المَبيتِ هُدِيتا
هَل يَضُرَّنَّكَ المَسيرُ لَئِن سِر / تَ قَريباً وَإِن بَلَغتَ المَبيتا
قُلتُ إِنّي أَخشى عَلَيكِ عُيوُناً / من عِداةٍ وَذا شَذاةٍ مَقِيتا
ثُمَّ قالَت قَد كُنتُ آذَنتُ أَهلي / قَبلَ هَذا عَلى الَّذي قَد هَوِيتا
ما سَلِيمنا إِلَيكَ مُنذُ اِصطَحَبنا / في الَّذي تَشتَهي وَما إِن عُصِيتا
يا مَن لِقَلبٍ شَديدِ الهَمِّ مَعمُودِ
يا مَن لِقَلبٍ شَديدِ الهَمِّ مَعمُودِ / وَنَومِ عَينٍ إِذا أَمسَيتُ مَحدُودِ
مُوَكَّلٍ بِالصِبا يَعصي عَواذِلَهُ / لَهُ حُمَيدَةُ رَهنٌ غَيرُ مَردُودِ
بِحاجَةٍ ما دَعَت شَجواً مُطَوَّقَةٌ / في أَيكَةٍ بَينَ أَغصانٍ بِتَغريدِ
إِذا دَعَت هاجَ ذا الأَشجانِ مَنطِقُها / كَأَنَّها قَينَةٌ غَنَّت عَلى عُودِ
أَقُولُ لَمّا التَقَينا وَهِيَ مُعرِضَةٌ / تَشكو الجَفاءَ وَإِخلافَ المَواعيدِ
مِنّي إِلَيَّ وَتَنسى ذَنبَ رَبَّتِها / إِذا بَرَّحَت بِمُصابِ القَلبِ مَعمُودِ
وَقَد أُرى أَنَّها في القَولِ قَد أُمِرَت / إِذا التَقَينا بِتَغليظٍ وَتَشديدِ
قُلت اِسمَعي جَعَلت نَفسي الفِداء لَكُم / مِنّي ولا تُجمِعي لَومي وَتَصريدي
لِحلفَةٍ بَرَّةٍ اللَهُ يَعلَمُها / وَهَل عَلَيَّ سَبيلٌ بَعدَ مَجهُودي
أَو سائلي تُخبَري إِن كُنتِ جاهِلَةً / هَل يَنقُضُ الحُرُّ عَهداً بَعدَ تَوكِيدِ
أَحلِفُ بِاللَهِ أَيماناً مُضاعَفَةً / في كُلِّ يَومٍ مِن الأَيامِ مَشهُودِ
رَبِّ الحَجيجِ وَرَبِّ البُدنِ قَد وَجَبَت / وَأَشعَرُها بِتَحليلٍ وَتَقليدِ
ما عُمرَةٌ نَهَزتنا نَحُوَ أَرضِكُمُ / وَلا هَوى غَيرِكُم يا أُمَّ داوُدِ
لَولا هَواي وَسَعيي في مَسَّرتِكُم / لَقَلّ بِالغَورِ تَشريعي وَتَصعيدي
وَلا جَشِمتُ وَلا كَلَّفتُ راحِلَتي / أَجواز طامِسَةٍ أَعلامُها بِيدِ
إِذا سَرى الرَكبُ فيها لَم يَدُلَّهُمُ / بَعدَ الإِلهِ سِوى أَمٍ وَتَسديدِ
يَضِلُّ فيها القَطا الكُدري مَشرَبَهُ / ما ماؤُها أَبَداً لَيلاً بِمُورُودِ
مَرابِعُ العِينِ وَالآرامِ يَخلُطُها / خِيطا نَعامٍ بِهِ كَالمَأتَمِ السُودِ
إِذا بَدَت لِجَبانِ القَومِ سَيءَ بِها / قَلبُ الجَبانِ وَما رى بَعدَ تَبلِيدِ
كَأَنَّها صُلُبٌ بِالشامِ في بِيَعٍ / قَد أَخرَجَتها نَصارى الرُومِ لِلعيدِ
أَلا قاتَلَ اللَهُ الهَوى كَيفَ أَخلَقا
أَلا قاتَلَ اللَهُ الهَوى كَيفَ أَخلَقا / وَلَم تَلقَهُ إِلّا مَشُوباً مُمَذَّقا
وَما مِن حَبيبٍ يَستَزيدُ حَبيبَهُ / يُعاتِبُهُ في الوُدَّ إِلّا تَفَرَّقا
أَمَرَّ وِصالُ الغانِياتِ فَأَصبَحَت / فَظاعَتُهايَشجى بِها مِن تَمَطَّقا
تَعَلَّقَ هَذا القَلبُ لِلحِينِ مَعلقاً / غَزالاً تَحَلّى عِقدَ دُرٍّ وَيارَقا
مِنَ الأَدم يعطُو بِالعَشِيِّ وَبِالضُحى / مِنَ الضالِ غُصناً ناعِمَ النَبتِ مُرِقا
أَلُوفاً لِأضلالِ الكِناسِ وَلِلثَرى / إِذا ما ضِياءُ الشَمسِ في الصَيفِ أَشرَقا
شَجِي الحِجلِ يَغتالُ العَجيزَةَ مُرطُهُ / وَإِمّا وَشاحاهُ عَلَيهِ فَأَملَقا
ضَعِيفاً قَعِيعَ الصَوتِ لَذّاً دَلالُهُ / غَضِيضَ سَوامِ الطَرفِ في المَشِي أَخرَقا
إِذا بَلَّ الزَعفَرانِ لُبانَهُ / مَعَ المِسكِ يَزدادانِ طيباً وَيَعبَقا
تَخالُ خِمارَ الخَزِّ مِن فَوقِ جِيدِهِ / عَلى فَرعِ خوطٍ مِن أَباءٍ مُعَلَّقا
يَشُبُّ سَوادُ الفَرعِ مِنهُ بَياضَهُ / شُبُوبَ سَخابِ المِسكِ حَلياً مُبَرَّقا
دَعَتني إِلَيهِ العَينُ بِالخَيفِ مِن منى / فَهاجَت لَهُ قَلباً عَلُوقاً مُشَوَّقا
تُصَرِّفُهُ فِيما اِشتَهَت فَيُطِيعُها / كَما صَرَّفَ الراعي المُعِيدَ المُسَوَّقا
إِذا قُلتُ مَهلاً لِلفُؤادِ عَن الَّتي / دَعَتكَ إِلَيها العَينُ أَغضى وَأَطرَقا
فَوَاللَهِ ما إِن أَفتَحُ الدَهرَ بابَهُ / مِنَ القَولِ إِلّا رَدَّني ثُمَّ أَغلَقا
وَقالَ وَقالَت تَستَغِشّانِ ناصِحاً / قَديماً لعَمري كانَ مِن ذاكَ أَشفَقا
دَعاناً فَلَم نَسبِقُ مُحِبّاً بِما تَرى / فَما مِنكَ هَذا العَذلُ إِلّا تَخَرُّقا
فَقَد سَنَّ هَذا الحُبَّ مَن كانَ قَبلَنا / وَقادَ الصِبا المَرءَ الكَريم فَأَعنَقا
تُعَدِّدُ نَفسي مِن سُلَيمى عِدادَها
تُعَدِّدُ نَفسي مِن سُلَيمى عِدادَها / فَلَم تَرقَ عَيني وَاستطيرَ رُقادُها
فَأَيسَرُ ما تَلقى مِنَ الوَجدِ أَنَّها / مَعَ الحُزنِ مَغمُورٌ بِماءٍ سَوادُها
ذَرُوفُ النَهارِ حِينَ تَحمي مِن البُكا / كَثِيرٌ إِذا جَنَّ الظَلامُ اطِّرَادُها
عَلى عَبراتٍ تَعتَريني لَو أَنَّها / بِجانِبِ رَضوى أَنفَذَتهُ وِهادُها
يُجافِينَ جَنبي عضن فِراشي كَأَنَّها / عَلَيهِ سُيُوفٌ أَقلَقَتهُ حِدادُها
إِذا رامَتِ الأَصعادَ في الصَدرِ زَفرَةٌ / فَسَلمى عَلى بابِ الفُؤادِ رِدادُها
وَلَو فارَقَت جَوفي لَصادَفتُ راحَةً / وَلَكِنَّما في الجَوفِ مِنّي مُرادُها
فَقُلتُ لِعَيني أَعمِدي نَحوَ غَيرِها / بِنَفسي وَعَيني حَيثُ تَهوى قِيادُها
فَزادَت لِنَفسي العَينُ جُهداً وَإِنَّما / إِلى حُبِّ سَلمى حَيثُ كانَ مَعادُها
وَكَيفَ تُطِيقُ الهَجرَ نَفسٌ ضَعِيفَةٌ / بِكَفِّ سُلَيمى حَلُّها وَصِفادُها
فَمنّى عَلَيَّ اليَومَ سَلمى وَسَدِّدي / وَخَيرُ الأُمُورِ حِينَ تُنمى سَدادُها
فَما القَلبُ عَن سَلمى بِجَلدٍ وَإِن نَأَت / وَشَرُّ قُلوبِ الواجِدينَ جِلادُها
فَلا النفسُ تَرضى عَن سُلَيمى بِخُلَّةٍ / وَلَو نَحَلَت نَفسي وَطالَ بعادُها
حَياتي ما غَنّى حَمائِمُ أَيكَةٍ / وَما أَحصَنَت عُصمُ الفَلاةِ صَمادُها
هاجَ مَحَلُّ الحَيِّ أَحزانا
هاجَ مَحَلُّ الحَيِّ أَحزانا / بِالرَونَةِ العَليا فَأَبكانا
أَيّانَ أُنضى وَرَفِيقَينِ لي / يُعاوِرانِ الوَجدَ أَحيانا
قَد حُمِّلا مِثلَ الَّذي حُمِّلَت / نَفسي مِنض الوَجدِ وَأَهوانا
شَتّى فَكُلٌّ يُشتَكي ما بِهِ / لا يُذهِبُ الرَحمَنُ شَكوانا
أَيّامَ عَيشي لَيِّنٌ مَسُّهُ / وَخَيرُ عَيشِ المَرءِ ما لانا
حَتّى عَدانا كاشِحٌ شامِتٌ / يَجعَلُ نارَ الحُبِّ نِيرانا
وَصَرفُ دَهرٍ لَم أَخَف صَرفَهُ / وَصَرفُ هذا الدَهرِ أَبلانا
لا تَحسَبي يا لَيلَ إِن بِنتُمُ / مِنّا بِأَنَّ البُعدَ أَنسانا
مِنكِ أَيادي كُنتِ أَسدَيتِها / إِلَيَّ فيما نابَ أَزمانا
يا لَيلَ إِنّي قائِلٌ فَاِسمعي / وَحالِفٌ بِاللَهِ أَيمانا
رَبِّ المُهلِّينَ إِلى بَيتِهِ / بِالحَجِّ مُشّاءً وَرُكبانا
ما زالَ قَلبي مُنذُ لَم أَلقَكُم / مُتَّخِذاً ذِكرَكُمُ شانا
أَقوَت تَعِرَّةُ فَالإِصغاءُ فَالخالُ
أَقوَت تَعِرَّةُ فَالإِصغاءُ فَالخالُ / مِن آلِ أَسماءَ إِلّا النُؤىُ وَالآلُ
وَغَيرُ هابٍ عَفاهُ القَطرُ مُلتَبِدٌ / لَهُ أَثافٍ صَلِينَ النارَ أَمثالُ
وَقَفتُ أَسألُها عَمَّن عَهِدتُ بِها / وَالناسُ قَبلي رِباعَ الناسِ قَد سالُوا
أَبكى وَيَعذِلُني صَحبي وَيَغلِبُهُم / قَلبٌ لَجُوجٌ وَدَمعٌ فاضَ سَيّالُ
فَقُلتُ إِذ أَكثَرُوا الومى عدمتُهُمُ / إِنّي لِما كَرِهُوا مِن ذاكَ قَوّالُ
ما كُنتُ أَوَّلَ مَن هاجَت لَهُ حَزَناً / حَتّى بَكى جَزَعاً رَسمٌ وَأَطلالُ
لامُوا وَقالُوا وَما بالَيتُ ما فَعَلُوا / قَد لامَني في هَوى أَسماءَ عُذّالُ
لَو إِنَّهُم وَجَدُوا مِثلَ الَّذي وَجَدَت / نَفسي بِأَسماءَ فيما سَرَّني مالُوا
لَكِنَّهُم عُزُفٌ ما إِن يَلِيقُ بِهِم / وَصلٌ وَفي الناسِ قُطّاعٌ وَوُصّالُ
كَأَنَّها ظَبيَةٌ حَوراءُ يَتبَعُها / رَخص الظلوف غَضيض الطَرف مِكسال
إِذا اِنثَنى لِمَقيلٍ خَلفَها نَكَصَت / حَتّى يَقومَ إِلَيها ذاكَ ما زالُوا
خُمصانَةٌ جائِلٌ رَودٌ مُوَشَّحُها / وَلا يَجُولُ لَها في الساقِ خِلخالُ
أَتانا فَلَم نَشعُر بِهِ غَيرَ أَنَّهُ
أَتانا فَلَم نَشعُر بِهِ غَيرَ أَنَّهُ / لَهُ لِحيَةٌ طالَت عَلى حُمُقِ القَلبِ
كَرايَةِ بَيطارٍ بِأَعلى حَدِيدَةٍ / إِذا نُصِبَت لَم تَكسِبِ الحَمدَ بِالنَصبِ
أَتانا عَلى سَغبٍ يَعَرِّضُ بِالقِرى / وَهَل فَوقَ قُرصٍ مِن قِرى صاحِبِ السَغبِ
هَل في ادِّكارِ الحَبيب مِن حَرَجِ
هَل في ادِّكارِ الحَبيب مِن حَرَجِ / أَم هَل لِهَمِّ الفُؤادِ مِن فَرَجِ
أَم كَيفَ أَنسى مَسِيرنا حُرُماً / يَومَ حَلَلنا بِالنَخلِ مشن أَمَجِ
يَومَ يَقُولُ الرَسُولُ قَد أَذِنَت / فَأَتِ عَلى غَير رِقبَةٍ فَلِجِ
أَقبَلتُ أَهوي إِلى رِحالِهِمِ / أُهدى إِلَيها بِرِيحها الأَرِجِ
يا دارَ عاتِكَة الَّتي بِالأَزهَرِ
يا دارَ عاتِكَة الَّتي بِالأَزهَرِ / أَو فَوقَهُ بِقَفا الكَثِيبِ الأَحمَرِ
لَم أَلقَ أَهلَكِ بَعدَ عامَ لَقِيتُهُم / يا لَيتَ أَنَّ لِقاءَهُم لَم يَقدُرِ
بِفِناءِ بَيتِكِ وَاِبن مُشعَبَ حاضِرٌ / في سامِرٍ عَطِرٍ وَلَيلٍ مُقمِرِ
مُستَشعِرِينَ مَلاحِفاً هَرَويَّةً / بِالزَعفَرانِ صِباغها وَالعُصفُر
باتا بِأَنعَمِ لَيلَةٍ حَتّى بَدا / صُبحٌ تَلَوَّحَ كَالأَغَرِّ الأَشقَرِ
فَتَلازَما عِندَ الفِراقِ صَبابَةً / أَخذَ الغَرِيمِ بِفَضلِ ثَوبِ المُعسِرِ
وَما أَنسَ مِلأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها
وَما أَنسَ مِلأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها / لِخادِمِها قُومي إِسأَلي لي عَنِ الوَترِ
فَقالَت يَقولُ الناس في سِتّ عَشرَةٍ / فَلا تُعجِلي مِنهُ فَإِنَّكِ في أَجرِ
فَما لَيلَةٌ عِندي وَإِن قيلَ جُمعَةٌ / وَلا لَيلَةُ الأَضحى وَلا لَيلَةُ الفِطر
بِعادِلَةِ الإِثنَينِ عِندي وَبِالحَرى / يَكُونُ سَواءً مِنهُما لَيلَةُ القَدرِ
عُوجا خَلِيلَيَّ عَلى المَحضَرِ
عُوجا خَلِيلَيَّ عَلى المَحضَرِ / أَلرَّبعِ مِن سَلّامَةَ المُقفِرِ
عُوجا بِهِ فَاِستَنطِقُوهُ فَقَد / ذَكَّرَني ما كُنتُ لَم أَذكُرِ
ذَكَّرَني سَلمى وَأَيّامَها / إِذ جاوَرَتنا بِلِوى عَسجَرِ
بِالرَبعِ مِن وَدّانَ مَبدىً لَنا / وَمَحوَراً ناهِيكَ مِن مَحوَرِ
في مَحضَرٍ كُنّا بِهِ نَلتَقي / يا حَبَّذا ذَلِكَ مِن مَحضَرِ
إِذ نَحنُ وَالحَيُّ بِهِ جِيرَةٌ / فِيما مَضى مِن سالِفِ الأَعصُرِ
إِنسانَةُ الحَيِّ أَم أُدمانَةُ السَمُرِ
إِنسانَةُ الحَيِّ أَم أُدمانَةُ السَمُرِ / بِالنِهي رَقَّصَها لَحنٌ مِنَ الوَتَرِ
حَوراءُ لَو نَظَرَت يَوماً إِلى حَجَرٍ / لَأَثَّرَت سَقَماً في ذَلِكَ الحَجَر
يَزدادُ تَوريدُ خَدَّيها إِذا لُحِظَت / كَما يَزيدُ نَباتُ الأَرضِ بِالمَطَرِ
فَالوَردُ وَجنَتُها وَالخَمرُ رِيقَتُها / وَضُوءُ بَهجَتِها أَضوا مِن القَمَرِ
يا مَنَ رَأى الخَمرَ في غَيرِ الكُرُومِ وَمَن / هَذا رَأى نَبتَ وَردٍ في سِوى الشَجَرِ
كادَت تَرِفُّ عَلَيها الطَيرُ مِن طَرَبٍ / لَمّا تَغَنَّت بِتَغرِيدٍ عَلى وَتَرِ
بِاللَهِ يا ظَبَياتِ القاعِ قُلنَ لَنا / لَيلاي مِنكُنَّ أَم لَيلى مِنَ البَشَرِ
بانَت لَنا بِعُيُونٍ مِن بَراقِعِها / مَملُوءَةٍ مُقَلَ الغِزلانِ وَالبَقَرِ
يا ما أُمَيلِحَ غِزلاناً شَدَنَّ لضنا / مِن هَؤُليائِكُنَّ الضالِ وَالسَمُرِ
إِنَّ امرَءاً تَعتادُهُ ذِكرٌ
إِنَّ امرَءاً تَعتادُهُ ذِكرٌ / مِنها ثَلاثُ مِنىً لَذُو صَبرِ
وَمَواقِفٌ بِالمشعَرَينِ لَها / وَمَناظِرُ الجَمَراتِ وَالنَحرِ
وَإِفاضَةُ الرُكبانِ خَلفَهُمُ / مِثلَ الغَمامِ أَرَذَّ بِالقَطرِ
حَتّى اِستَلَمنَ الرُكنَ في أُنُفٍ / مِن لَيلِهِنَّ يَطَأنَ في الأُزرِ
يَقعُدنَ في التَطوافِ آوِنَةً / وَيطُفنَ أَحياناً عَلى فَترِ
فَفَرَغنَ مِن سَبعٍ وَقَد جُهِدَت / أَحشاؤُهُنَّ مَوائِلَ الخُمرِ
إِذا حُرِمَ المَرءُ الحَياءَ فَإِنَّهُ
إِذا حُرِمَ المَرءُ الحَياءَ فَإِنَّهُ / بِكُّلِ قَبِيحٍ كانَ مِنهُ جَديرُ
لَهُ قِحَّةٌ في كُلِّ شَيءٍ وَسِرُّهُ / مُباحٌ وَخِدناهُ خَناً وَغُرُورُ
يَرى الشَتمَ مَدحاً والدَناءَةَ رِفعَةً / وَلِلسَمعِ مِنهُ في العِظاتِ نُفُورُ
وَوَجهُ الحَياءِ مُلبَسٌ جِلدَ رِقَّةٍ / بَغِيضٌ إِلَيهِ ما يَشِينُ كَثِيرُ
فَرَجِّ الفَتى ما دامَ يَحيا فَإِنَّهُ / إِلى خَير حالاتِ المُنيبِ يَصِيرُ
مَعي اِبنُ غَريرٍ واقِفاً في عَباءَةٍ
مَعي اِبنُ غَريرٍ واقِفاً في عَباءَةٍ / لِعَمري لَقَد قَرَّت عُيُونُ بَني نَصرِ
لَقَد حَبَّبَت نُعمٌ إِلينا بِوَجهِها
لَقَد حَبَّبَت نُعمٌ إِلينا بِوَجهِها / مَنازِلَ ما بَينَ الوَتائرِ وَالنَقعِ