المجموع : 154
يا أيها الملك الذي أيامُهُ
يا أيها الملك الذي أيامُهُ / غُرَرٌ تلوح بأوجه الأعصارِ
قد زارك العيد السعيد مبشْراً / فاسمح لألف منهم بمزارِ
لما ازدَهته عواطفٌ ألطفتها / عطف الإله عليك عطف سوارِ
فأتى يؤمم منك هدْياً صالحاً / كي يستمدْ النور بعد سرارِ
وأتاك بسحب ذيل سُحب أغدقت / تُغري جفون المزن باستعبارِ
جادتْ بجاري الدمع من قطر الندى / فرعى الربيع لها حقوق الجارِ
فأعاد وَجْه الأرض طلقاً مشرقاً / متضاحكاً بمباسم النوّارِ
لما دعاك إلى القيام بسنة / حكَّمْتَ داعي الجود والإيثارِ
فأقضت فينا من نداك مَواهباً / حسنت مواقعها على التكرارِ
فاهنأ بعيد عاد يشتمل الرضى / جذلان يرفلُ في حلى استبشارِ
لا عذر لي أَنْ كنتُ فيه مقصِّراً
لا عذر لي أَنْ كنتُ فيه مقصِّراً / سدَّت صفاتك أوجهَ الأعذار
فإذا نظمتُ من المناقب دُرَّها / شرفتني منها بنظم داري
فلذاك أنظمها قلائد لؤلؤ / لألاؤهْا قد شف بالأنوار
هي نفحةٌ هبت من الأنصارِ
هي نفحةٌ هبت من الأنصارِ / أهدتك فتحَ ممالك الأمصارِ
في بشرها وبشارة الدنيا بها / مستمتع الأسماع والأبصارِ
هبَت على قطر الجهاد فروّضت / أرجاءه بالنفحة المعطارِ
وسرت وأمر الله طيَّ برودها / يهدي البرية صنع لطف الباري
مرّت بأرواح المنابر فانبرت / خطباؤها مفتنّة الأطيارِ
حنّت معارجها إلى أعشارها / لما سمعن بها حنين عِشارِ
لو أنصَفَتْكَ لكلَّلت أدواحها / تلك البشائرُ يانع الأزهارِ
فتح الفتوح أتاك في حلل الرضى / بعجائب الأزمان والأعصارِ
فتح الفتوح جنيت من أفنانه / ما شئت من نصر ومن أنصارِ
كم آيةٍ لك في السعود جليةٍ / خلّدتَ منها عبرة استبصارِ
كم حكمةٍ لك في النفوس خفيةٍ / خفيت مداركها عن الأفكارِ
كم من أمير أمَّ بابكَ فانثنى / يُدعى الخليفةَ دعوة الإكبارِ
أعطيتَ أحمد رايةً منصورةً / بركاتها تسري من الأنصارِ
أركبتَه في المنشآت كأنما / جهزته في وجهة لمزارِ
من كل خافقة الشراع مصفّقٍ / مها الجناحُ تطير كل مطارِ
ألقت بأيدي الريح فضلَ عِنانها / فتكاد تسبق لمحة الأبصارِ
مثل الجياد تدافعت وتسابقت / من طافح الأمواج في مضمارِ
للهِ منها في المجاز سوابحٌ / وقفت عليك الفخر وهي جواري
لما قصدت لها مراسِيَ سبتةٍ / عطفت على الأسوار عطف سوارِ
لما رأت من صبح عزمك غُرةً / محفوفة بأشعة الأنوارِ
ورأت جبيناً دونه شمس الضحى / لَبَّتْكَ بالإِجلال والإِكبارِ
فأقضت فيها من نداك مواهباً / حسنت مواقعها على التكرارِ
وأريتَ أهل الغرب عزم مُغَرَّب / قد ساعدته غرائب الأقدارِ
وخطبت من فاسَ الجديدِ عقيلةً / لَبَّتْكَ طوع تسرّع وبدارِ
ما صدّقوا مَتْنَ الحديث بفتحها / حتى رأوه في متون شِفارِ
وتسمّعوا الأخبار باستفتاحها / والخُبْرُ قد أغنى عن الأخبارِ
قولوا لقردِ في الوزارة غرَّهُ / حلم مَنَنْتَ به على مقدارِ
أسكنتَه من فاسَ جنَّة ملكها / متنعماً منها بدار قرارِ
حتى إذا كفر الصَّنيعةَ وازدرى / بحقوقها ألحقته بالنارِ
جرَعتَ نَجْلَ الكاس كأساً مُرْةً / دَسَّتْ إليه الحتف في الإسكارِ
كفر الذي أوليته من نعمة / لا تأنْسُ النَّعماء بالكفّارِ
فطرحتَه طرح النواة فلم يَفُزْ / من عزِّ مغربِهِ بغير فرارِ
لم يتفق لخليفة مثلُ الذي / أعطى الإلهُ خليفةَ الأنصارِ
لم أدرِ والأيام ذات عجائبِ / تردادها يحلو على التذكارِ
ألِواءُ صبحٍ في ثنيّة مشرق / أمْ رايةٌ في جحفل جرَّارِ
وشهاب أفق أم سنانٌ لامع / ينقضُّ نجْماً في سماء غبارِ
ومناقب المولى الإمام محمدٍ / قد أشرقت أمْ هنَّ زُهرُ درَاري
فاق الملوك بهِمة عُلويّةٍ / من دونها نجم السماء الساري
لو صافح الكفَّ الخضيبَ بكفه / فخرت بنهر للمجرة جاري
والشهب تطمع في مطالع أفقها / لو أحرزت منه منيع جوارِ
سلْ بالمشارق صبحَها عن وجهه / يفتر منه عن جبين نهارِ
سلْ بالغمائم صوبَها عن كفه / تُنْبئْكَ عن بحر بها زخّارِ
سلْ بالبروق صفاحها عن عزمه / تُخْبِرْكَ عن أمضى شباً وغِرارِ
قد أحرز الشيمَ الخطيرةَ عندما / أمطى العزائم صهوة الأخطارِ
إن يلق ذو الإجرام صفحة صفحِهِ / فسح القبول لهُ خُطا الأعمارِ
يا من إذا هبّت نواسمُ حمده / أزرتْ بعَرف الروضة المِعْطارِ
يا من إذا افترّت مباسم بِشرهِ / وهب النفوس وعاث في الإقتارِ
يا من إذا طلعت شموس سعوده / تُعشي أشعتها قُوى الإبصارِ
قسماً بوجهك في الضياء وإنه / شمسٌ تمدُّ الشمس بالأنوارِ
قسماً بعزمك في المضاء فإنه / سيفٌ تجرّده يدُ الأقدارِ
لسماح كفك كلما استوهبتُه / يُزري بغيث الديمة المدرارِ
للهِ حضرتك العليّة لم تزلْ / يُلقي الغريبُ بها عصا التسيارِ
كم من طريد نازحٍ قذفت به / أيدي النوى في القفر رَهُنَ سفارِ
بلّغتَه ما شاء من آماله / فَسَلا عن الأوطان بالأوطارِ
صيَّرت بالإحسانِ دارك دارَهُ / مُتّعتَ بالحسنى وعُقبى الدارِ
والخَلْقُ تعلم أنك الغوث الذي / يُضفي عليها وافيَ الأستارِ
كم دعوةٍ لك في المُحول مُجابةٍ / أَغْرَت جفون المزن باستعبارِ
جاءت مجاري الدمع من قطر الندى / فرعى الربيع لها حقوق الجارِ
فأعاد وجه الأرض طلقاً مُشرقاً / متضاحكاً بمباسم النوّارِ
يا من مآثره وفضل جهاده / تُحدي القطار بها إلى الأقطارِ
حُطتَ البلاد ومن حوته ثغورها / وكفى بسعدك حامياً لذمارِ
فلرب بكر للفتوح خطبتها / بالمشرفية والقنا الخطّارِ
وعقيلة للكفر لما رُعْتَها / أخرست من ناقوسها المهذارِ
أذهبت من صفح الوجود كيانَها / ومحوتَها إِلاَّ من التّذكارِ
عمروا بها جناتِ عدن زُخرفت / ثم انْثَنَوْا عنها ديار بَوارِ
صبَّحْتَ منها روضةً مطلولةً / فأعدتها للحين موقدَ نارِ
واسودْ وجه الكفر من خزي متى / ما احْمَرَّ وجه الأبيض البتّارِ
ولرُبَّ روضٍ للقنا متأوّدٍ / ناب الصهيل به عن الأطيارِ
مهما حكت زُهرُ الأسنةِ زَهرَهُ / حكتِ السيوف معاطف الأنهارِ
متوقِّدٌ لهب الحديد بجوه / تصلى به الأعداء لفح أوارِ
فبكلِّ ملتفت صقالٌ مشهرٌ / قدّاح زندٍ للحفيظة واري
في كف أوعَ فوق نهدٍ سابح / متموّج الأَعطاف في الإحضارِ
من كل منْحفز بلمحة بارق / حمل السلاح به على طيار
من أشهب كالصبح يطلع غرةً / في مستهل العسكر الجرّارِ
أو أدهمٍ كالليلِ إلاَّ أنه / لم يرضَ بالجوزاء حلي عِذارِ
أو أحمر كالجمر يذكي شعلةً / وقد ارتمى من بأسه بشرار
أو أشقرٍ حلَّى الجمالُ أديمَهُ / وكساهُ من زهو جلال نُضارِ
أو أشعلٍ راق العيون كأنه / غَلَسٌ يخالط سُدفةً بنهارِ
شهبٌ وشقرٌ في الطراد كأنها / روض تفتح عن شقيق بهارِ
عَوَّدْتَهَا أنْ ليس تقربُ منهلاً / حتى يُخالَطَ بالدم الموْارِ
يا أيّها الملك الذي أيامُهُ / غُررٌ تلوح بأوجه الأعصارِ
يهني لواءك أنّ جَدَّكَ زاحف / بلواء خير الخلق للكفارِ
لا غروَ أنْ فُقْتَ الملوكَ سيادةً / إِذْ كان جَدُّكَ سيِّدَ الأنصارِ
السابقون الأولون إلى الهدى / والمصطَفَوْنَ لنصرة المختارِ
متهللون إذا النزيل عراهم / سفروا له عن أوجه الأقمارِ
من كل وضاح الجبين إذا اجتبى / تلقاه معصوباً بتاج فخار
قد لاث صبحاً فوق بدر بعدما / لبس المكارمَ وارتدى بوقارِ
فاسألْ ببدرٍ عن مواقف بأسهم / فهم تَلافَوْا أمره ببدارِ
لهم العوالي عن معالي فخرها / نقلَ الرواةُ عواليَ الأخبارِ
وإذا كتاب اللهِ يتلو حمدهم / أودى القصور بمِنّةِ الأشعارِ
يا ابن الذين إذا تُذوكر فخرهم / فخروا بطيب أرومة ونجارِ
حقاً لقد أوضحتَ من آثارهم / لما أخذت لدينهم بالثارِ
أصبحت وارث مجدهم وفخارهم / ومشرْف الأعصار والأمصارِ
يا صادراً في الفتح عن وِردِ المنى / رِدْ ناجح الإيراد والإصدارِ
واهنأ بفتح جاء يشتمل الرضى / جذلان يرفل في حلى استبشار
وإليكها ملء العيون وسامةً / حَيَّتْكَ بالأبكار من أفكاري
تُجري حُداةُ العيس طيبَ حديثها / يتعلَّلون به على الأكوارِ
إن مسَّهم لفح الهجير أبلّهم / منه نسيم ثنائكَ المعطارِ
وتُميل من أصغى لها فكأنّني / عاطيته منها كؤوس عُقار
قذفت بحورُ الفكر منها جوهراً / لما وصفت أناملاً ببحارِ
لا زلت للإسلام ستراً كلما / أمّ الحجيج البيت ذا الأستار
ويقيت يا بدر الهدى تجري بما / شاءت علاك سَوابقُ الأقدار
يا بدرَ تِمٍّ في سماء خلافة
يا بدرَ تِمٍّ في سماء خلافة / حفَّتْ نجومَ السعد هالةَُ قصرِه
ألبست عبدكَ من ثيابك ملبَساً / قد قصّرت عنه مدارك شكره
ورضاك عنه خيرُ ما ألبسته / فلقد أشاد بجاهه وببرْه
ألبستني أركبتني شرّفتني / أهديتني ما لا أقوم بحصره
نظري بوجهك وهو أجمل نَيِّرٍ / يُزري على شمس الزمان وبدره
أعلى وأعظم مِنَّةً لا سيما / وأنا المنعّم في الحضور ببشرِهِ
لا زلتَ مولّى للملوكِ مؤملاً / وحلاك للإسلام مفخر دهرِهِ
وكأنّ النجومَ في غَسَقِ الليْلِ
وكأنّ النجومَ في غَسَقِ الليْلِ / جُمانٌ يلوح من آبنوسِ
وكأنَّ الصباحَ في الأفق يُجْلَى / بحُليِّ النجوم مثلَ العروس
وكأنّ الرياض تهدي ثناءً / للغنيّ بالله فوق الطروسِ
أيا مالكاً لم يبدُ للعين حسنُهُ
أيا مالكاً لم يبدُ للعين حسنُهُ / سوى ملك قد حلَّ من عالم القدسِ
لك الخير خذها كالأنامل خمسةً / تعوِّذ مرآك المكمّلَ بالخمسِ
فمن أبصرتْ عيناك مرآه فليقلْ / أعوذ برب النّاس أو آية الكرسي
أدرْها ثلاثاً من لحاظك واحبسِ
أدرْها ثلاثاً من لحاظك واحبسِ / فقد غالَ منها السكرُ أبناء مجلسِ
إذا ما نهاني الشيبُ عن أكؤس الطلا / تُديرُ عليَّ الخمرَ منها بأكؤسِ
عذيريَ من لحظ ضعيف وقد غدا / يحكَّم منافي جسوم وأنفسِ
وروض شباب ماس غصن قوامه / وفتّح فيه اللحظ أزهار نرجسِ
وما زال وردُ الخدِ وهو مضعّفٌ / يعير أقاحَ الثغر طيبَ تنفُّسِ
وكم جال طِرْفُ الطَّرف في روض حسنه / يقيده فيه العِذارُ بسندسِ
أما وليالي الوصل في روضة الصِّبا / ومألف أحبابي وعهد تأنّسي
لئن نسيتْ تلك العهودَ أحبَّتي / فقلبيَ عهدَ العامريّة ما نسي
وحاشا لنفسي بعدما افترَّ فَوْدُها / من الشَّيب عن صبح به متنفسِ
وألبسها ثوب الوقار خليفةٌ / به لبس الإسلام أشرفَ ملبَسِ
وجدّد للفتح المبين مواسماً / أقام بها الإيمان أفراح معرسِ
وأورثه العلياءَ كلُّ خليفةٍ / نماه إلى الأنصار كلُّ مقدَّسِ
فيا زاجر الأظعان وهي ضوامرٌ / بغير الفلا والوحش لم تتأنَّسِ
إذا جئت من دار الغني بربه / مناخَ العلا والعزّ فَاعقِلْ وعرِّسِ
فإن شئت من بحر السماحة فاغترفْ / وإن شئت من نصر الهداية فاقبِسِ
أَمَوْلاَي إن السعد منك لآيةٌ / أنارتْ بها الأكوانَ جذوةُ مقبسِ
إذا شئت أن ترمي القصيَّ من المنى / تدورُ لكَ الأفاكُ مرفوعة القِسِ
فترمي بسهم من سعودك صائبٍ / سديدٍ لأغراض الأماني مقرطسِ
أهنّيك بالإبلال ممن شفاؤه / شفاؤك فاشكر من تلافي وقدَس
ودعني أرِدْ يُمناك فهي غمامةٌ / تُبخّلُ صوب العارضِ المتبجِّسِ
أقبِّلُ منها راحةً إِثر راحةٍ / أتتك بها الركبانُ من بيت مقدسِ
ومن نَسَبَ الفتح المبين ولادة / إليه بغير الفخر لم يتأسَّسِ
فيا أيُّها المولى الذي بكماله / خلائف هذا العصر في الفخر تأتسي
لآمنتَ موسى من عوادي سميّه / ولولاكّ لم يبرح بخيفة موجِسِ
بعثت بميمون النقيبة في اسمه / خلودٌ لعزِّ ثابت متأسِّس
فجاءك بالمال العريض هديةً / بها الدينُ أثوابَ المسرّة يكتسي
وشفّعها بالصافنات كأنها / وقد راق مرآها جآذرُ مَكْنِسِ
تنصُّ من الإشراف جيدَ غزالةٍ / وترنو من الإيجاس عن لحظ أشوسِ
لك الخير موسى مثلُ موسى كلاهما / بغير شعار الود لم يتلبّسِ
فلا زلتَ في ظل النعيم وكلُّ من / يعاديك لا ينفكُّ يشقى بأبؤسِ
عليك سلامٌ مثلُ حمدك عاطرٌ / تنفس وجهُ الصبح عنه بمعطسِ
أَتَوْني بنوَّار يروق نَضَارةً
أَتَوْني بنوَّار يروق نَضَارةً / كخدّ الذي أهوى وطيب تنفُّسِهْ
وجاءوا به من شاهقٍ متمنع / تمنُّعَ ذاك الظبي في ظلّ مكنِسِهْ
رعى الله مني عاشقاً متقنعاً / بزهر حكى في الحسن خدَّ مؤنِّسِهْ
وإنْ هبَّ خفّاقُ النسيم بنفحة / حكتْ عَرْفَهُ طيباً قضى بتأنُّسِهْ
أُهدي أبا العباسِ
أُهدي أبا العباسِ / مَلِكَ الندى والباسِ
ثوب السماء لأنه / بدرٌ بدا للنّاسِ
فَلَقُ الصباح بوجهه / عوَّذْتُه بالناسِ
يكسو إماماً لم يزل / بحلى المحامد كاسِ
فيا له من مرتدٍ / ثوب التقى لبّاسِ
أذيالُهُ في حمده / مسكِيَّةُ الأنفاسِ
وبطرزه مدحٌ زَرَى / بالمدح في القرطاسِ
إن كنت في لون السما / ءِ بنسبة وقياسِ
فلأنت يا بدر العلا / شرّفْتَني بلباسِ
أنا منشد ما في وقو / فِكَ ساعةً من باسِ
لترى رياضاَ أَطلعت / زهراً على أجناسِ
أوراقها توريقها / بقضيبها الميّاسِ
ومن المديح مدامتي / ومن المحابر كاسي
فالله يمتع لابسي / بالبشر والإيناسِ
من رأى التاج الرفيعا
من رأى التاج الرفيعا / قد حوى الشكر البديعا
تحسُدُ الأفلاكُ منه / قوسَهُ السهل المنيعا
دمتُ ربعاً للتهاني / أنظم الشمل الجميعا
مولايَ يومُ الجُمُعَهْ
مولايَ يومُ الجُمُعَهْ / سعودُهُ مجتمِعَهْ
فانعم صباحاً واغتنم / أوقاتَه المجتمعَهْ
أبشرْ بصنع عاجلٍ / أعلامُهُ مرتفعَهْ
وانتظر الفتح الذي / يأتيك بالنصر معَهْ
وبيضُه وسُمْرُهُ / إلى العداة مُشْرَعَهْ
واللطفُ مرجوٌّ فرِدْ / بفضل ربي مَشْرَعَهْ
فاتحتني شَرَّفتني / برقعة مرفّعَهْ
بل روضة ممطورة / أزهارها منوّعَهْ
حديقةٌ قد جدتها / بصوب جود مترعَهْ
وراية منشورةٌ / وآيةٌ مستبدعَهْ
كم حكمٍ لطيفةٍ / في طيِّها مستودَعَهْ
عقيلةٌ صورتها / من الجمال مبدعَهْ
سَقَيْتَني من فضلها / بفضل كأسٍ مُتْرعَهْ
فَدُمْ وأملاكُ الورى / على عُلاك مُجْمِعَهْ
ومسرى ركاب للصَّبا قد ونَتْ به
ومسرى ركاب للصَّبا قد ونَتْ به / نجائب سحب للتراب نزوعُها
تسلُّ سيوف البرق أيدي حُداتها / فتنهلُّ خوفاً من سطاها دموعُها
تعرَّضْنَ غرباً يَبْتَغين مُعَرَّساً / فقلتُ لها مراكشٌ وربوعُها
لتسقيَ أجداثاً بها وضرائحا / عياضٌ إلى يوم المعادِ ضجيعُها
وأَجدرُ من تبكي عليه يراعةٌ / بصفحة طِرسٍ والمدادُ نجيعُها
فكم من يدٍ في الدين قد سَلَفّتْ له / يُرَضِّي رسولَ الله عنه صَنيعُها
ولا مثل تعريف الشفاء حقوقه / فقد بان فيه للعقول جميعُها
بمرآة حسن قد جَلَتْها يدُ النهى / فأوصافه يلتاحُ فيه بديعُها
نجوم اهتداء والمداد يجنُّها / وأسرار غيب واليراعُ تذيعُها
لقد حزتَ فضلاً يا أبا الفضل شاملاً / فيجزيك عن نصح البرايا شفيعُها
وللهِ ممن قد تصدّى لشرحه / فلبّاه من غُرِّ المعاني مُطيعُها
فكمْ مُجملٍ فَصَّلْتَ منه وحمةٍ / إذا كتم الإدماج منه تُشيعُها
محاسن والإحسان يبدو خلالها / كما افترَّ عن زهر البطاح ربيعُها
إذا ما أجَلْتَ العين فيها تخالها / نجوماً بآفاق الطروس طلوعُها
معانيه كالماء الزلال لذي صدّى / وأَلْفاظه دُرَّيُروِّي نصيعُها
رياض سقاها الفكرُ صوبَ ذكائه / فأخصبَ للورَّاد منها مَريعُها
تفجّر عن عين اليقين زلالها / فلذَّ لأَرباب الخلوص شُروعُها
ألا يا ابن جار الله يا ابن وليِّهِ / لأنتَ إذا عُدَّ الكرامُ رفيعُها
إذا ما أُصولُ المرء طابت أرومةً / فلا عجبٌ أَنْ أَشبهتها فروعُها
بقيتَ لأعلام الزمان تُنيلها / هُدّى ولأحداث الخطوب تروعُها
لك في الخلافة مظهرٌ لا يُفْرَعُ
لك في الخلافة مظهرٌ لا يُفْرَعُ / من دون مرقبِهِ النجومُ الطُلَّعُ
يا أيها الملك الذي أيامه / غرَرٌ بوجه الدهر لا تتقنعُ
سبحانَ من حَلاَّكَ بالخلق الرضا / وكساك منه حُلّةً لا تخلعُ
أما المدام فدمتَ تُطلع شمسَها / بين البدور وشمس وجهك تسطعُ
أغْنَيْتَني عنها بخمر بلاغة / فالطيبُ من نفحاتها يَتَضَوْعُ
بَوَّأَتَني من عزّ نظمك روضةٌ / طاب الجنى منها ولذّ المشْرَعُ
وأريتني جنح الدّجُنَّةِ غرةً / فالنور من قسماتها يتطلعُ
يعنو لها البدر المنير وقد علا / والبدر تاج بالنجوم مُرَصَّعُ
فاتحتني منها بخمس ولائدٍ / لتُعيذها من كل عين تلفَعُ
قَبّلتُها ألْفاً وبتُّ لربِّها / أدعو له حتّى الصباح وأضْرَعُ
لقد زادني وجداً وأغرى بيَ الجوى
لقد زادني وجداً وأغرى بيَ الجوى / ذُبالٌ بأذيال الظلام قد الْتفَّا
تشير وراء الليل منه بنانَةٌ / مخضّبةٌ والليل قد حجب الكفَّا
تلوح سناناً حين لا تنفح الصَّبا / وتبدي سواراً حين تَثْني له العطفا
قطعت به ليلاً يطارحني الجوى / فآونَةً يبدو وآونةٌ يخفَى
إذا قلتُ لا يبدو أشالَ لسانَه / وإن قُلْتُ لا يخفى الضياءُ به كَفَّا
إلى أن أفاقَ الصبحُ من غمرة الدُّجى / وأهدى نسيمُ الرّوض من طيبه عَرْفَا
لك اللهُ يا مصباحُ أَشْبَهْتَ مهجتي / وقد شَفَّها من لوعةِ الحبِّ ما شفَّا
كأني بلطف الله قد عمّ خَلْقَهُ
كأني بلطف الله قد عمّ خَلْقَهُ / وعافى إمام المسلمين وقد شفى
وقاضي القضاء الحَتْم سجَّل ختمه / وخَطّ على رسم الشفاء له اكتفى
يقرُّ بعيني أن أرى الزهر يانعاً
يقرُّ بعيني أن أرى الزهر يانعاً / وقد نازع المحبوبَ في الحسن وصفَهُ
وما أبصرت عيني كزهر قَرَنْفُلِ / حكى خدَّ من يَسْبي الفُؤادَ وعَرْفَهُ
تمنَع في أعلى الهضاب لمجتنى / تمنّعَهُ منّي إذا رمتُ إِلْفَهُ
وفي جبل الفتح اجتَنَوْهُ تفاؤلاً / بفَتْح لباب الوصل يمنح عَطْفَهُ
وما ضرَّ ذاك الغصنَ وهو مرنَّحٌ / إذا ما ثَنى نحو المتيَّمِ عِطْفَهُ
عزاءٌ فإن الشجو قد كان يُسرفُ
عزاءٌ فإن الشجو قد كان يُسرفُ / وبُشْرى بها الداعي على الغور يُشرفُ
لَئِنْ غَرَبَ البدرُ المنيرُ محمّدٌ / لقد طلعَ البدرُ المكمّلُ يوسُفُ
وإن رُدَّ سيف الملك صوناً لغمدهِ / فقد سُلَّ من غمد الخلافة مُرْهَفُ
وإن طَوَتِ البُرْدَ اليماني يدُ البلى / فقد نُشِرَ البُردُ الجديدُ المُفَوَّفُ
وإن نضب الوادي وجف مَعينُهُ / فقد فاض بحر بالجواهر يقذف
وإن صوح الروض الذي يثب الغنى / فقد أزهر الرّوض الذي هو يُخلِفُ
وإن أقلعت سُحْبُ الحيا وتقشَّعت / فقد نشأَتْ منها غمائمُ وُكَّفُ
وإنْ صدعَ الشملَ الجميعَ يدُ النوى / بيوسُفَ فخرِ المنتدى يتألفُ
وإن راعَ قلبَ الدين نعيُ إمامه / فقد هُزَّ منه بالبشارة مَعْطَفُ
وقد ملك الإسلام خير خليفة / من البدر أبهى بل من الشمس أشْرَف
يُعير محياه الصباحُ إذَا بدا / وتُخجِل يُمناهُ الغمام وتَخْلُفُ
فمن نور مرآه الكواكبُ تهتدي / ومن فيض جَدْوَاهُ الحَيَا نتوكَّفُ
ولما قضى المولى الإمام محمدٌ / تحكم في الناس الأسى والتأسُّفُ
فلا جفنَ إلاّ مرسلٌ سُحْبَ دمعه / ولا قلبَ إلا بالجوى يَتَلَهَّفُ
وقد كادت الدنيا تميد بأهلها / وقد كادت الشُّمُ الشوامخ ترجُفُ
وقد كادت الأفلاك ترفضُّ حسرةً / وكادت بها الأنوار تخفو وتُكْسَفُ
ولكن تلافى اللهُ أمرَ عباده / بوارثِهِ واللهُ بالنّاسِ أَزأَفُ
فللدين والدنيا ابتهاجٌ وغبطة / وللثغر ثغرٌ بالمنى يُتَرَشَّفُ
أمانٍ كما تندى الشبيبة نَضْرَةٌ / يمُدُّ له ظلٌّ على الأرض أَوْرَفُ
طلعتَ على الإِسلام في دولة الرضا / فأَمَّنْتَهُ من كل ما يُتَخَوَّفُ
بوجه يُرينا البدرَ عند طلوعه / وفي وجنة البدر المنيرِ التكلُّفُ
وَعزمٍ كما انشقَّ الصباح مُصَمِّم / ورأي به بيض الصوارم تُرْهَفُ
وحولك من حفظ الإله كتائبٌ / وفوقَكَ من ظلِّ السعادة رَفْرَفُ
فوالله ما ندري وللعلم عندنا / براهين عن وجه الحقائق تكشفُ
أوجْهُك أمْ شمس النهار تطلعت / وكَفَّكَ أمْ سُحْبَ الحَيَا نَتَوَكَّفُ
فكم لك من ذكرٍ جميلٍ ومفخر / عميم على أوج الكواكب يُشْرُفُ
يُزار به البيتُ العتيقُ وزمزمٌ / ويعرفّه حتى الصّفا والمُعَرَفُ
ومن يسألِ الأيامَ تخبرْهُ أنها / بقومك تُزهى في الفخار وتشْرُفُ
وهل تهدُم الأيامُ بنيان مفخرٍ / تشيّده آيٌ كِرامٌ ومصحَفُ
ولو كانت الأيام قبلُ تَنَكَّرَتْ / فباسمك يا بدرَ الهدى تَتَعَرَّفُ
ألاَ إنْ تَرُعْنا الحادثات فإننا / عصابة توحيد به نَتَشَرَّفُ
وليس لنا إِلاَّ التوكلّ عادةٌ / وظنٌّ جميل وعدُهُ ليس يُخْلِفُ
فمَنْ مبلغٌ عنّا الغنيَّ بربه / وقد سار للفردوس يُحيا ويُتحفُ
بآية ما بلغت دين محمد / أمانيَّ للرحمن تُدني وتُزلفُ
وعنك يُروِّي الناسُ كلَّ غريبةٍ / يُروَّى لنا منها الغريبُ المصَنَّفُ
فكسّرتَ تمثالاً وهدْمتَ بِيعَةً / وناقوسُها بالكفر يهوي ويهتفُ
وكم من منار بالأذان عمرتَهُ / فصارت به الآذان بعدُ تُشَنَّفُ
وسرتَ وقد خلْفتّ خيرَ خليفةٍ / لك الفخر منه والثناءُ المخَلّفُ
أيوسُفُ قد أَرْضَيْتَهُ أجمل الرضا / وكان بما ترضى وتختار يكلَفُ
وكنتَ له يا قُرَّةَ العين قرةٌ / على برّه المحتوم تحنو وترأفُ
سَتجري على آثاره سابق المدى / فيُهدى له منك الثناءُ المضعَّفُ
سيلقى عدوُّ الدين منك عزائماً / إليه بجرّار الكتائب تزحفُ
ويأسف لما يُبصر البَرَّ يرتمي / بفرسانه والبحرَ بالسفُن يقذفُ
فما أرؤس الكفّار إلاّ حصائد / بسيفك سيف الله تُجنى وتُقْطَفُ
حسامك رقراق الصفيح كأنه / بكفك من ماء السماء يُنَطّفُ
ضعيف يَصِحُّ النصر من فتكاته / فيُروى لنا منه الصحيحُ المضعّفُ
ورمحك مرتاح المعاطف هِزَّةٌ / كَأَنْ قد سقته من دم الكفر قَرْقَفُ
ولا عيبَ فيه غير أن سنانه / إذا شَمَّ ريح النقع في الحرب يرعُفُ
فإن كعّت الأبطال في حومة الوغى / يشير لنا منه البنان المطَرْفُ
لقد فخر الإسلام منك ببَيْعَةٍ / وزال بها عنه الأسى والتخوّفُ
وألبستّهُ بُرداً من الفخر ضافياً / على عطفه وشيُ المديح يُفوَّفُ
وقد نظمت فيه السّعود ميامناً / كما يُنظمُ العِقدُ النفيسُ ويُرصَفُ
قدمتّ قرير العين في كلِّ غبطةٍ / بما شئت من آمالِكَ الغُرِّ تُسعِفُ
ولو أُنشدت بين العُذَيْب وبارِقٍ
ولو أُنشدت بين العُذَيْب وبارِقٍ / لقال رواةُ الغرب يا حبَّذَا الشَّرْقُ
أغرى سراةَ الحيّ بالإطراقِ
أغرى سراةَ الحيّ بالإطراقِ / نَبَأً أصمَّ مسامعَ الآفاقِ
أمسى به ليلُ الحوادث داجياً / والصبحُ أصبح كاسفَ الإشراقِ
فُجع الجميع بواحدٍ جمعت له / شتَّى العُلا ومكارم الأخلاقِ
هبوا لحكمِكُمُ الرصين فإِنّه / صرف القضاء فما له من واقِ
نقش الزمان بصرفه في صفحة / كلُّ اجتماع مؤذنٌ بفراقِ
ماذا ترجي من زمانك بعدما / عَلِقَ الفناءُ بأنفس الأعلاَقِ
من تحسدُ السّبعُ الطباقُ علاءهُ / عَالَوْا عليه من الثَّرى بطباقِ
إنّ المنايا للبرايا غاية / سبق الكرام لخصها بسباقِ
لمّا حسبنا أَنْ تُحَوَّلَ أَبْؤُساً / كشفت عوان حروبها عن ساقِ
ما كان إلا البدرَ طالَ سِرارُهُ / حتى رمتهُ يدُ الردى بمحَاقِ
أَنفَ المُقامَ مع الفناء نزاهةً / فنوى الرحيلَ إلى مَقام باقِ
عدِمَ الموافق في مرافقة الدنا / فنضى الركاب إلى الرفيق الباقي
أسفاً على ذاك الجلالِ تقلَّصَت / أفياؤه وعهدْنَ خيرَ رواقِ
يا آمري بالصبر عيلَ تَصَبُّري / دعْني فدَتْكَ لواعجُ الأشواقِ
وذَر اليراعَ تشي بدمع مدادِها / وشيَ القريض يروق في الأوراقِ
وا حسرتا للعلم أقفر ربعُه / والعدلُ جُرِّدَ أجمل الأطواقِ
ركدت رياح المعلوات لفقدها / كسَدَتْ به الآداب بعد نَفاقِ
كم من غوامضَ قد صَدّعْتَ بفهمها / خَفِيَتْ مداركُها على الحذّاقِ
كم قاعدٍ في البيد بعد قعوده / قعدت به الآمال دون لحاقِ
لمن الركائب بعد بعدك تُنتضى / ما بين شامٍ ترتمي وعراقِ
تفلي الفلا بمناسم مغلولة / تسم الحصى بنجيعها الرقراقِ
كانت إذا اشْتَكَتِ الوجى وتوقفت / يهفو نسيم ثنائك الخفاقِ
فإذا تنسمتِ الثناءَ أمامها / مدّت لها الأعناق في الإعناقِ
يا مُزْجيَ البُدن القلاص خوافقاً / رفقاً بها فالسعيُ في إخفاقِ
مات الذي ورث العلا عن معشر / ورثوا تراث المجد باستحقاقِ
رُفعت لهم راياتُ كل جلالة / فتميَّزوا في حلبة السُّبَّاقِ
عَلَمُ الهداة وقطب أعلام النهى / حَرَمُ العفاة المجتنى الأرزاقِ
رقّت سجاياه وراقت مجتلّى / كالشمس في بعد وفي إشراقِ
كالزَهر في لألائه والبدر في / عليائه والزُّهر في الإِبْراقِ
مهما مدحتُ سواهُ قَيَّدَ وصفَه / وصفاتهِ حمدٌ على الإطلاقِ
يا وارثاً نسب النبوة جامعاً / في العلم والأخلاق والأعراقِ
يا ابن الرسول وإنّها لوسيلة / يرقى بها أوجَ المصاعد راقي
ورد الكتاب بفضلكم وكمالكم / فكفى ثناء الواحد الخلاّقِ
مولاي إنّي في عُلاك مقصِّر / قد ضاق عن حصر النجوم نطاقي
ومن الذي يحصي مناقبَ مجدكم / عدُّ الحصى والرمل غير مُطاقِ
يهني قبوراً زرتها فلقد ثوتْ / منا مصونَ جوانحٍ وحِداقِ
خط الردى منها سطوراً نصها / لا بدّ أنك للفَناء مُلاقِ
ولحقت ترجمة الكتاب وصدرَه / وفوائد المكتوب في الإلحاقِ
كم من سَراةٍ في القبور كأنهم / في بطنها دُرٌّ ثوى بحقاقِ
قل للسحاب اسحب ذيولك نحوه / والعبْ بصارم برقك الخفَّاقِ
أودى الذي غيث العباد بكفه / يُزري بواكف غيثك الغيداقِ
إن كان صوتك بالمياه فدرُّها / دَرٌّ يُروْض ما حل الإملاقِ
بشرٌ كثير قد نُعوا لمَّا نُعِي / قاضيّ القضاة وغاب في الأطباقِ
ألبستهم ثوب الكرامة ضافياً / وأرحتَ من كدِّ ومن إرهاقِ
يتفيّأون ظلالَ جاهك كلما / لفحت سَموم الخطب بالإحراقِ
عدموا المرافق في فراقك وانطوى / عنهم بساط الرفق والإرفاقِ
رفعوا سريرك خافضين رؤوسَهم / ما منهُمُ إلا حليف سياقِ
لكنْ مصيرُك للنعيم مخلّداً / كان الذي أبقى على الأَرْماقِ
ومن العجائب أن يُرى بحرُ الندى / طودُ الهدى يسري على الأعناقِ
إن يحملوك على الكواهل طالما / قد كنت محمولاً على الأحداقِ
أو يرفعوك على العواتق طالما / رُفِّعْتَ ظهر منابر وعِتاقِ
ولئن رحلت إلى الجنان فإننا / نصلى بنار الوجد والأشواقِ
لو كنت تشهد حزنَ من خلّفته / لثنى عِنانك كثرة الإشفاقِ
إن جَنَّ ليل جُنَّ من فرط الأسى / وسوى كلامك ما له من راقِ
فابعث خيالك في الكرى يُبعثْ به / ميْتُ السّرور لثاكلٍ مشتاقِ
أغليتَ يا رُزْءُ التصبُّرَ مثلما / أَرْخصْتَ دُرَّ الدمعِ في الآماقِ
إن يخلُفِ الأرضَ الغمامُ فإِنّني / أَسقي الضريحَ بدمعيَ المُهَراقِ
يا خيرَ من ملك الملوكْ
يا خيرَ من ملك الملوكْ / أهديتني حبَّ الملوكْ
فكأنما ياقوتها / نظمت لنا نظم السٌّلوكْ
إن الملوك إذا لَحَوْا / فغياثهُم أَنْ أَمَّلوكْ
وكذا العفاة إذا شكوْا / فغناهمُ أَنْ يسألوكْ
فالله يقبل من دعا / لعلاك من أهل السلوكْ
لا زلتَ تطلع غُرَّةً / كالشمس في وقت الدلوكُ