المجموع : 92
تزل الحيا بنزوله في معهد
تزل الحيا بنزوله في معهد / لَبِس المسرة ربعه المأنوس
فكأنما ماء الضمامُ مُدامةٌ / وكأن ساحات الديار كؤوس
بلد اعارته الحمامة طوقها / وكساه حلة ريشة الطاووسُ
عرج بمنعرجات واديهم عسى
عرج بمنعرجات واديهم عسى / تلقاهم نزلوا الكثيب الأوعسا
اطلبهم حيث الرياض تفتحت / والريح فاحت والصباح تنفسا
مَثّل وجوههم بدورا طلعا / وتخّيل الخيلان شهبا كُنَّسا
واذ أردت تنعما بقدودهم / فاهصر بَنعمان الغصون المُيسا
بابي غزال منهم لم يتخذ / الا القنا من بعد قلبي مكنِسا
لبس الحديد على لُجَينِ أديمه / فعجبت من صبح توشح حندسا
واتى يجرّ ذوائباً وذوابلا / فرأيت روضاً بالضلال تحرّسا
لا ترهب السيف الصقيل بكفّه / وارهب بعارضه العذار الاملسا
رام العدا عذلي عليه ففتّهم / والنجم ليس بممكن أن يلمسا
وفككت بُغَيهم وفزت وهكذا / فكُ الصحيفةِ خلص المتلمسا
كابد الى العزّ الهجير ولا تكن / في الذل ما بين الضلال معّرسا
واذ وصلت الى الأمير مبشر / فاجعل بساطك في ذراه السندسا
نوع وجنّس في مناك فانه / ملكٌ تنوع في العلا وتجنّسا
أذكّر مَن لم ينس عهداً ولا ينسى
أذكّر مَن لم ينس عهداً ولا ينسى / وأبسطُ في أكناف ساحته النفسا
وأُنشئُها خلقاً جديداً وأغتدى / بظل علاه أغتدى معه الأنسا
وألبس ريعان الشبان وطالما / لبست الخطوب السود ماذية ورسا
واني وايه لمزنٌ وروضةٌ / يباكرني سقياً وأزكة له غرسا
صفا بيننا من خالص الود جوهر / غلبنا به في نور جوهرها الشمسا
وما أنا الا من علاه مكون / غدوت له نوعاً وأصبح لي جنسا
مكارمه مرعى الى جنب معقل / أرود اذا أضحى وآوى اذا أمسى
وأورد خمسا كل يوم بمائِهِ / وكم لي دهر قد مضى لم ارد خمسا
أبا القاسم اشرب قهوة العز واتتقل / ثنائي ومن فضل الكؤوس اسقني كأسا
وخذ بيدي من عثرة قصّرت يدي / وكنت أخا بأس فلم تبق لي بأسا
رميت لها فضفاضتي ومهندي / وخطيتي والنبل والقوس والترسا
ثغور المعالي قابلتك ضواحكاً / فصل لثمها وامصص مراشفها اللعسا
وأجيادها مالت عليك نواعماً / كما مالت الاغصان فانعم بها لمسا
ولا ذكر في الأفواه حاشاك انما / صفاتك آياتٌ ولعنا بها درسا
اليك بها حّراً تلقب أحرفاً / وقطعة ديباج يسمونها طرسا
وفضلك في الاغضاء عما بعثته / فليس يجيد الشعرَ من عُدمَ الحسا
غناء يلذ ولا أكؤس
غناء يلذ ولا أكؤس / تسكن من انفس طائشه
وأعجب كيف شدا طائر / بروضٍ منابته عاطشه
حنيت جوانحه على جمر الغضا
حنيت جوانحه على جمر الغضا / لما رأى برقاً اضاء بذي الاضا
واشتمٌ في ريح الصبا أرج الصبا / فقضى حقوق الشوق فيه بأن قضى
والتف في حبراته فحسبتها / من فوق عطفيه رداء فضفضا
قالوا الخيال حياته لو زارهُ / قلت الحقيقية قلتم لو غمضا
يهوى العقيق وساكنيه وان يكن / خبر العقيق وساكنيه قد انقضى
ويود عودته الى ما اعتاده / ولقلَّما عاد الشباب وقد مضى
ألفِ السرى فكأن نجما ثاقباً / صدع الدجى منه وبرقاً مومضا
طلب الغنى من ليله ونهاره / فله على القمرين مالٌ يقتضي
مهما بدت شمس يكون مذهبا / واذا بدا بدر يكون مغضَّضا
هذا أفاد وفاد غير مقصر / جهد المقل بان يموت مغوّضا
ولرب ربة حانة نبهتها / والجو لؤلؤ طلِّه قد رضرضا
وقد انطفت نار القرى وبقى على / مسك الدجى مذرورُ كافور الغضا
والليل قد سدّى وألحم ثوبه / والفجر يرسل فيه خيطا أبيضا
ومتى ركبت لها أعالي أيكة / نشرت جناحاً للرياح معرضا
والبحر يسكن خيفة من ناصر / أرضى الرئاسة بعد موت المرتضى
ملك سمت علياه حتى دوّحت / وزكا ثرى نعماه حتى روضا
ماء الغمائم جرعة مما سقى / وسنا الاهلة خلعة مما نضا
خفقت عليه راية وذؤابة / فكأن صلاً نحو صلٍ نضنضا
لم ترضه أسدُ البسيطة صاحبا / فاختط مع أسدِ المجرة مَريضا
أبنت الهدى جددت صنعا علا صنعا
أبنت الهدى جددت صنعا علا صنعا / مضى المرتضى أصلا وأتبعته فرعا
جرى الموت جرى الريح في منيتكما / فاذواك ريحاناً وكسّره نبعا
على نسق جاء المصاب وانما / تقدم وترا ثم أتبعته شفعا
قدمَت ربيعاً والربيع كأنما
قدمَت ربيعاً والربيع كأنما / تأخر وتراً اذ تقدمته شفعا
على نسق وافيتها ووفيتها / فكنت حياً سكباً وكان حياً معا
صباح الأماني أنت أطلعته ضحى / وأصل المعالي أنت أنبته فرعا
أيا ضيف لم تنزل فنائي وحده / بَلَى قد نزلت العين والقلب والسمعا
اليك ودادي ان تشهيته قرى / ودونك صدري ان رضيت به ربعا
ودونك خدي فانتعله ومهجتي / فشد على نعليك ناظرها شسعا
وهبني شفاء النفس منك فطالما / بكيت نجيع القلب بعدك لا الدما
ذكرتك والامال نحوك عُطّش / وقد منعوها الخُمسَ بعدك والربعا
وكم ذر لي من أفق بشرك شارق / والليل القطع من اونه قطعاً كذا
صغرتُ مكانا اذ كبرت دراية / كأني ممسيّ على خلقة الأفعى
وكنت أهز المجد في حال حيرة / كمريم اذ هزت وقد حازت الجذعا
ودونكها رقت وراقت محاسنا / فما الروضة الحسناء تشبهها طبعا
أقول تحية وهي الوداع
أقول تحية وهي الوداع / خداعا لي وما يغنى الخداع
أعلل بالمنى قلباً شعاعاً / وهل يتعلل القلب الشعاع
وأترك جيرة جاروا وأشدو / أضاعوني وأي فتى اضاعوا
اذا لم يُرعَ لي أدب وبأس / فلا طال الحسام ولا اليراع
لقد باعتني الأيام بخساً / وعهدي بالذخائر لا تباع
أجفتني فلم ينبت ربيع / وحطتني فلم يثبت يفاع
ومكّنت العدى مني فعاثت / بلحمي ضعف ما عاث السباع
في نصرة الدين لا أعدمت نصرته
في نصرة الدين لا أعدمت نصرته / تلقى النصارى بما تلقى فتنخدع
تنيلهم نعما في طيها نقم / سيستضربها من كان ينتفع
وقلما تسأم الأجسام من عرض / اذا توالى عليها الرى والشبع
لا يخبط الناس عشوا عند مشكلة / فأنت ادرى بما تأتي وما تدع
ضحك الربيع بحيث تلك الأربع
ضحك الربيع بحيث تلك الأربع / لما بكى للغيث فيه مدمعُ
عاطيت فيها الكأس جُؤذر كلَّةٍ / يعطو بأكناف القلوب ويرتع
رقَّ الصبا في خده ورحيقه / في كفّه فموشع ومشعشع
وعلى فروع الايك شاد يحتوي / طرباً لآخر تحتويه الأضلع
يندى له رطب الهواء فيغتدي / وَيُظلُّهُ وَرقُ الغصون فيهجع
تخذ الأراك أريكة لمنامه / فله على الأسحار فيها مضجع
حتى اذا ما هزه نَفَسُ الصبا / والصبح هزك منه شدوٌ مبدع
وكأنما تلك الأراكة منبر / وكأنه فيها خطيب مصقع
وكأنما خبر المؤيد خبرتي / فلسانه بالشكر فيه يسجع
وضحت به العليا فمنهج قصدها / منه الى ظهر المجّرة مهيع
يندى عليك وأنت منه خائف / وكذاك لجَ البحر مغن مفزع
فأشد ما تلقاه عند ليانه / وكذا الأرق من الحسام الاقطع
باللَه شحَّ على حياتك انها / سبب به تحيا البريةُ أجمع
ما كان أرفع موضعي اذ كان لي / في جانب العلياء عندك موضع
أيام أطلب ما أشاء فينقضي / وزمان أدعو مَن أشاء فيسمع
انت السحاب على مكان ينهمي / بالمكرمات وعن مكان يقلع
ألقاهم والظبي ما دونهم فأرى
ألقاهم والظبي ما دونهم فأرى / اني على صورفي الماء أطلعُ
غاروا على الريح فاستعلت رماحهم / دون المهب فما للريح متسع
بدايع الحسن لم تؤت حقيقتها / لغيرهم فكذا أفعالهم بدع
ويح المحبين مما بالهوى فتنوا / ظنوا التباريح فيها انها خدع
لا تؤت نصحك مفتوناً بمذهبه / فما لأعمى بضوء الشمس منتفع
لم أوت من جهة النعمى الى أحد / الا تمكن لي في قلبه ولع
ولا لمحت ابن عباد بناحيةٍ / الا حسبت عمود الصبح ينصدع
ملك يضيء ويبدي منظراً وندى / والجو محلولك والغيث منقشع
عذب المناجاة ما في نطقة خطل / وطاهر الذات ما في طبعه طبع
يعد للامر قبل الامر واجبه / كأنه كاهن فيه لما يقع
ولن يضيق له ذرعٌ بمعضلة / بالبر والبحر في حوبائه يسع
من سرّ لخمٍ ولخم حيث ما شهدت / تقدمت وبنو العليا لها تبع
قوم يوالف سيماهم طهارتهم / كأنهم بطباع المزن قد طبعوا
يا وارث المجد عن شمّ غطارفةٍ / بهم أنوفُ الخطوب الشم تجتدع
ان كان مجدك شعرا في تناسبه / فانما أنت بيت فيه مخترع
أبكو المؤيد بالنجيع فما قضى
أبكو المؤيد بالنجيع فما قضى / حق المكارم مَن بكاه بدمعه
كنا به في روض عزٍّ مثمر / نجنى الأماني غضةً من نبعه
والان حطّ لنا فكأنما / وقفت مجاري الرزق ساعة خلعه
أبصرت أحمد ناسخاً فرأيت ما
أبصرت أحمد ناسخاً فرأيت ما / أعني وأعيى أن يحد ويوصفا
وكأنما منح السماء صحيفةً / والليل حبراً والكواكب أحرفا
يوم العروبة كان ذاك الموقف
يوم العروبة كان ذاك الموقف / أني شهدت فأين من يستوصف
بدا على خدّه خال يزينه
بدا على خدّه خال يزينه / فزادني شغفاً فيه إلى شغف
كأن حبة قلبي حين رؤيته / طارت فقلت لها في الخدّ منه قفي
لم أقل في الثقاف كان ثقافا
لم أقل في الثقاف كان ثقافا / كنت قلبا له وكان شغافا
يمكث الزهرُ في الكمام ولكن / بعد مكث الكمام يدنو قطافا
واذا ما الهلال غاب بغيمٍ / لم يكن ذاك المغيب انكسافا
انما أنت درة للمعالي / ركَّب الدهر فوقها أصدافا
حجب البيت منك شخصاً كريما / مثلما تحجب الدنان السلافا
أنت للفضل كعبةٌ ولو اني / كنت أسطيع لالتزمت الطوافا
تذكر الدار فحنّ اشتياق
تذكر الدار فحنّ اشتياق / واعتاده الحب وكان استفاق
أرقه جنحَ الدجى أورقٌ / قام على ساق وقد ضم ساق
مفستق الطوق أحمُ العرى / أحوى الخوافي ذهبي المتاق
بات بأعلى غصنه نايحا / يبكي على ألافه باحتراق
والقَضبُ بينهما للصبي مثل ما / تعانق الأحباب يوم الفراق
واحسرتا ماذا ابتلينا به / من كامل الذرع قصير النطاق
مهفهف الكشح قريب الخطى / بعيد مهوى القرط طوع العناق
تروق لي في خدّه حمرة / تشهد لي أن دماً قد أراق
أهديت لي من بنات الكرم فاكهةً
أهديت لي من بنات الكرم فاكهةً / كأن طيب اللمى من طيبها شرقا
حبّ أتتني به حب القلوب وخي / لان الخدود وأحداق المها نسقا
هلا ثناك على قلب مشفق
هلا ثناك على قلب مشفق / فترى فراشا في فراش يحرق
قد صرت كالرمق الذي لا يرتجى / ورجعت كالنَفَس الذي لا يلحق
وغرقت في دمعي عليك وغمني / طرفي فهل سبب به أتعلق
هل خدعةٌ بتحية مخفية / في جنب موعدك الذي لا يصدق
أنت المنية والمنى فيك استوى / ظل الغمامة والهجير المحرق
لك قدّ ذابله الوشيح ولونها / لكن سنانك أكحلٌ لا أزق
ويقال انك ايكة حتى اذا / غنيت قيل هو الحَمام الأورق
يا من رشقت الى اسلو فردني / سبقت جفونك كل سهم يرشق
لو في يدي سحري وعندي أخذةٌ / لجعلت قلبك بعض حين يعشق
لتذوق ما قد ذقت من ألم الجوى / وترقّ لي مما تراه وتشفق
جسدي من الأعداء فيك لأنه / لا يستبين لطرف طيف يرمقُ
لم يدر طيفك موضعي من مضجعي / فعذرته في أنه لا يطرق
جفت عليك منابتي ومنابعي / فالدمع يَنشَغُ والصبابة تورق
وكأن أعلام الامير مبشر / نشرت على قلبي فأصبح يخفق
ملك بفتح اللام جوهر هديه / من جوهر الشمس المنيرة أشرق
الخيزرانة تلتظي في كفِّه / والتاج فوق جبينه يتألق
فكأن صوب حيا وصعقة بارق / ما ضم منه نديه والمأزق
متابعد الطرفين جودُ غافل / عما يحل به وعزمُ مطرق
بأس كما جمد الحديد وراءه / كرم يسيل كما يسيل الزئبق
لا تُعجب الأملاك كثرة ما لهم / النبع أصلب والأراكة أورق
ضدان فيه لمعتد ولمُعتف / السيف يجمع والعطاء يفرق
عبقت بنار الحرب نغمة عوده / ما كل عود في وقود يعبق
وانهل من كفّيه نوءٌ مغربٌ / سيان فيه مغرّبٌ ومشرق
يلقى العفاة يمينه وكأنها / قلب الى لقيا الأحبة شيق
يا أول الاعداد في أهل الندى / ولأنت في جمِّ الكريهة فيلق
شهرت علاك فما يشار لغيرها / والخيل أشهرها الجواد الأبلق
بشرى بيوم المهرجان فانه / يوم عليه من احتفالك رونق
طارت بنات الماء فيه وريشها / ريش الغراب وغير ذل شوذق
وعلى الخليج كتيبة جرارة / مثل الخليج كلاهما يتدفق
وبنو الحروب على الجواري التي / تجري كما تجري الجياد السُّبَق
خاضت غدير الماء سابحة به / فكأنما هي في سراب أينُقُ
ملأ الكماة ظهورها وبطونها / فأتت كما يأتي السحاب المُغدق
عجباً لها ما خلت قبل عيانها / أن يحمل الأسدَ الضواري زورق
هزت مجاذيفاً اليك كأنها / أهداب عين للرقيب تحدق
وكأنها أقلام كاتب دولة / في عرض قرطاس تخط وتمشق
يا ناصر العلياء دونك من فمي / دراً على أجياد جودك ينسق
وتقل فيك الشهب لو هي أحرف / والليل حبر والمجرة مهرق
شكراً لأنعمك التي البستني / منها الشبيبة حين شاب المفرق
فاثبتني ظل الندى واثرت لي / ذكراً هو الريحان بل هو اعبق
تباً لمحطوط يروم مكانتي / والنجم من اذيالها متعلق
من كان ينفق من سواد كتابه / فانا الذي من نور قلبي انفق
تُحيّك حتى الشهب عني وقلّ لك
تُحيّك حتى الشهب عني وقلّ لك / فانك نور الشمس تجلى لي الحلك
أكذب ظني أنني لك أرتقي / ومن ذا الذي يرقى من الفلك الفلك
وأعلم أني لست عندك عالماً / أفي تلك اجرى لحاظي أم ملك
لك اللَه حلاك الضحى من سمائه / وختمك الجوزاء والنجم أنعلك
وبوأك المجد الذي في جلاله / تبوأت من وادي المجرة منزلك
تراودك الدنيا الى ذات نفسها / فلا دولة الا تناديك هيت لك
قطعت اليك البحر استصحب الصبا / وأسلك حيث البرق في حفظه سلك
وآمل من ذاك الحجاب رفوعه / لعلي بعين الشوق أن اتأملت
أنا العبد أهلّني الى البشر والرضا / لمن للمعالي والمكارم أهّلك
اقاسمك النفس التي في جوانحي / مقاسمك المعطيك غاية ما ملك
فما اسود فيها من ظلام يكون لي / وما ابيضّ فيها من ضياء يكون لك