المجموع : 315
تَفانَيتُ قِدماً في هَوى كُلِّ أَغيَد
تَفانَيتُ قِدماً في هَوى كُلِّ أَغيَد / لَطيفِ التَثَنّي نادِرَ الحُسنِ مُفرَدِ
وَما عَلِقَت روحي دَنِياً وَإِن يَكُن / جَميلاً وَلَكن ذا جَلالٍ وَسُؤدَدِ
وَكانَ اِبتِدائي أَن هَويتُ محمداً / فَصارَ اِختِتامي في الهَوى بمحمدِ
وَبِالأَعيُنِ السُودِ أُفتُتِنت فيا لَها / سواجي قَد حَرّكنَ شَوقاً لمكمدِ
وَعلّقتُهُ صَعبَ المقادَةِ آبياً / كَثيرَ التَوقي صَيِّنا ذا تَشَدُّدِ
كَريمٌ بِتَأنيسٍ وَتَحديثِ ساعَةٍ / بخيلٌ بِتَقبيلٍ وبِاللَمسِ بِاليَدِ
وَجاذبتُهُ يَوماً فَفَرَّ كَأَنَّهُ / غَزالٌ رَأى منّي اِحتيالَ التَصَيُّدِ
فَلاطَفتُهُ حَتّى اِستَكانَ وَما دَرى / بِأَنَّ الدَنايا لا تَحُلُّ بِمعقَدِ
مُرادِيَ مِنهُ ما يُريدُ وَقَد كَفى / تعهدُّهُ قَلبي بأُنسٍ مُجَدَّدِ
وَرُؤيةُ عَيني البَدرَ عِنديَ طالِعا / وَتَشنيفُهُ سَمعي بدُرٍّ مُنَضَّدِ
وَعلمُ حَبيبي أَنَّني لَستُ تارِكاً / هَواهُ وَلَو أَنّي أَحُلُّ بِملحدي
أُنادِمُ مِنهُ مِلءَ عَيني مَلاحَةً / وَأَلحَظ مِنهُ الشَمسَ حَلَّت بِأَسعَدِ
وَأَقطُفُ مِن آدابِهِ الزَهرَ يانِعاً / وَأشتمُّ رَيحاناً بِخَدٍّ مُوَرَّدِ
وَها أَنا ذا قَد رُحتُ عَنهُ مُوَدِّعا / فَيا لَيتَ شِعري هَل لَهُ بَعدُ أَغتَدي
إِنَّ قَلبي وَمِقوَلي قَد أَرَقّا
إِنَّ قَلبي وَمِقوَلي قَد أَرَقّا / لِلمُقِرّ الأَسمى الشهابيِّ أَحمَد
مِن لِساني ذكرانِ ذكرُ دُعاءٍ / ثُم ذكرٌ بِهِ الثَناءُ مُخَلَّد
وَبِقَلبي حُبّانِ حُبُّ طباعٍ / ثُمَ حُبٌّ لِجُودِهِ قَد تَأَكَّد
أَبطَحِيٌّ فَخارُهُ عُمريٌّ / مَحيَوِيٌ لَهُ المَكارِمُ تُسنَد
هُوَ سِرُّ المُلوكِ في كُلِّ أَمرٍ / فَعَلَيهِ خَناصِرُ المُلكِ تُعقَد
حُبُّهُ وَاجِبٌ عَلى كُلِّ مَن آ / مَنَ بِاللَهِ وَالرَسولِ مُحَمَّد
لابنِ فَضلِ الإِلهِ فَضلٌ عَلينا / وَتَمامُ الإِحسانِ وَالعَودُ أَحمَد
شَغِفتُ زَمانِي بِالعُلومِ وَلَم يَكُن
شَغِفتُ زَمانِي بِالعُلومِ وَلَم يَكُن / لِروحِيَ مَيلٌ لِلكَواعِبِ عَن قَصدِ
وَجَمَّعتُ مالاً راحَ في غَير لَذةٍ / فَأعقَبَني فَقديهِ وَجداً عَلى وَجدِ
وَأَنتَجت أَفراخاً مَضوا لِسَبيلهم / عَلى حينِ نَقلٍ مِن سَريرٍ وَمِن مَهدِ
وَبُلِّغتُ مِن عُمري ثَمانينَ حِجَّةً / وَثنتينِ أُمسِي دائِماً نائِماً وَحدِي
فَقَلبيَ مُسوَدٌ وَليلي مِثلُهُ / سواداً فَجاءوني بِمسوَدَّةِ الجلدِ
فَصِرنا ثَلاثاً ظُلمَة مَع ظُلمَةٍ / عَلى ظُلمَةٍ تَتلُو لَنا ظُلمةُ اللَحدِ
وَدُنياهُمُ ما نِلتُ مِنها نَعيمَها / وَأَرجُو نَعيماً دامَ في جَنَّةِ الخُلدِ
إِذا مالَ الفَتى للسودِ يَوماً
إِذا مالَ الفَتى للسودِ يَوماً / فَلا رَأي لَدَيهِ وَلا رَشادُ
أَتَهوى خُنفَساء كَأَن زِفتاً / كَسا جلداً لَها وَهوَ السَوادُ
وَما السَوداءُ إِلا قِدر فرنٍ / وَكانونٌ وَفَحمٌ أَو مِدادُ
وَما البَيضاءُ إِلا الشَمسُ لاحَت / تُنيرُ العَينُ مِنها وَالفُؤادُ
سَبيكةُ فِضَّةٍ حُشيَت بِوَردٍ / يَلَذُّ السُّهدُ مَعها وَالرُّقادُ
وَبَينَ البيضِ وَالسودانِ فَرقٌ / لِذي عَقلٍ بِهِ اِتَّضَحَ المُرادُ
وجوهُ المُؤمنينَ لَها اِبيضاضٌ / وَوَجهُ الكافِرينَ بِهِ اِسوِدادُ
حَفِظَ اللَهُ ساعَةً مَزَجَتني
حَفِظَ اللَهُ ساعَةً مَزَجَتني / بِحَبيبي فَنَحنُ مَزجاً كَشُهدِ
وَلَحا اللَهُ ساعَةً فَرَّقَتنا / وَحَشَت في حَشايَ أَعظَمَ وَقدِ
صِرتُ كَالشَمعِ مُحرِقاً ذا اصفرار / وَهوَ كَالأَريِ لَو يُباحُ لِوردِ
وَكَلَّفتَني أَمراً لَو انَّ أَقلَّهُ
وَكَلَّفتَني أَمراً لَو انَّ أَقلَّهُ / يكلَّفُهُ ثَهلانُ كادَ يَميدُ
إِعادة ماضٍ وَاستدامَةَ حالَةٍ / وَتحصيلَ آتٍ إِنَّ ذا لَشَديدُ
تَصَرَّفتُ في ماضٍ وَآتٍ وَحاضِرٍ / كَأَني فِعلٌ بانَ عَنهُ جُمُودُ
وَما زالَ بي التَشبيهُ حَتّى تَظافَرَت / مَوانِعُ صَرفٍ ما لَهنَّ مَحيدُ
فَلَيتَ اِنصِرافي في مِكانِ تَصَرُّفي / فَيَنقصُ ذا عَنّي وَذاكَ يَزيدُ
وَقالوا أَبو حَيانَ قَد نالَ رُتبَةً
وَقالوا أَبو حَيانَ قَد نالَ رُتبَةً / سَيركبُ فيها بَغلَةً وَيَزيدُ
وَما كُنتُ أَزهى بِالَّذي صِرت نائِلاً / وَلا أَنا مِمَّن بالبغالِ يَسودُ
أَأَرجو حَياةً بَعدَ فَقدِ زُمُرُّدِ
أَأَرجو حَياةً بَعدَ فَقدِ زُمُرُّدِ / وَكانَت بِها روحي تَلَذُّ وَتَغتَذِي
زُمُرُّدُ قَد خَلَّفتِ للصَّبِّ لَوعَةً / وَحُزناً بِقَلبي آخِذاً كُلَّ مَأخَذِ
رَمَيتِ بِسَهمٍ وَسطَ قَلبٍ مُجَرَّحٍ / كَأَنَّ بِهِ وَقعَ الحُسامِ المُشَحَّذِ
فَحَصَّنتُهُ بِالصَبرِ فيكِ وَعِندَما / نَبَضت أَتاه السَهمُ مِن كُلِّ منفَذِ
فَمِن مُقلَتي تَسهادُ جَفنٍ كَأَنَّما / يَمُرُّ عَلَيهِ اللَيلُ جلدةَ قُنفُذِ
وَمِن مَسمَعي صَغوٌ لِصَوتك دائِماً / وَمِن معطَسي تَوقٌ إِلى عَرفِكِ الشَذِي
وَمِن مَبسَمي أَنفاسُ نارٍ تَردَّدَت / عَلى كَبِدٍ حَرّى وَعَقلٍ مُؤَخَّذِ
بِهِ لَمَمٌ قَد مَسَّهُ وَتَخَبُّطٌ / فَلا بالرُقى يُهدى وَلا بِالتَعوُّذِ
تقدّمها بنتي نَضيرةُ بِنتها / وَقَد جُمِعا في مُلحدٍ لَم يُسرَّذِ
وَكُنّا الَّذي مَع وَصلَةٍ لي وَعائِدٍ / وَقَد حُذفا لَم يَبقَ مِنها سِوى الَّذي
وَزينةِ حِلم عَقلُها ثابِتٌ فَلا / تَأثرُ مِن إِيهامِ كُلِّ مُشَعوذِ
وَحازَت لِحُسنِ الخَلقِ خُلقاً مُدَمَّثاً / وَلينَ كَلامٍ طاهِرٍ لَيسَ بِالبَذي
فَما دَنَّسَت فاها بِغيبَةِ غائِبٍ / وَلا مَنَعَت رفداً لِمَن جاءَ يَحتَذي
وَتعرف أَجناسَ المَبيعِ جَميعه / وَأَثمانه مِن فَحمَةٍ للزُمُرُّذِ
وَإِن جاءَ كَحّالٌ وَذو الطب نَحوَها / تُباريهما فَأَذعنا للتَّتلمُذِ
تَغيَّر ذِهني بَعدَ جِسمي / فَعَقليَ لَم يَقبل عَزائمَ عوَّذِ
وَجسمي إِذا رُمتُ اِضطِجاعاً لِراحَةٍ / يَقلَّب عَلى جَمرِ الغَضا ثُم يَحتَذي
وَإِن رُمتُ نَهضاً لِلقيام فَأَخمَصِي / أَراهُ كَأَن شَوكُ القَتادِ بِهِ حُذي
وَإِن أَنا حاوَلتُ القُعودَ تَواتَرَت / هُمومٌ مَتى تَعلَق بِروحِيَ تَجبذِ
فَقَلبيَ في حُزنٍ وَعَينيَ في بُكا / فَيا لَكَ شَجواً بينَ ذا قَد ثَوى وَذِي
جَميلةُ خَلقٍ سَهلةُ الخُلقِ لينةٌ / رَقيقَةُ قَلبٍ ثاقِبِ الذهنِ أَحوَذي
أَجدك لَن تُصغِي لِشاكٍ مُوَلَّهٍ / جَريحِ فُؤادٍ فيكَ ذي مَدمَعٍ قَذي
تَباخَلتِ حَتّى الطيفُ لَيسَ بِزائِرٍ / لَدى هَجعَةٍ ساهِي الفُؤادِ مُجَذَّذِ
يَقي صالِحٌ وَأَحمَدُ وُمُحَمَّدٌ / وَبلقيسُ كَالأَيتامِ بَعدَ زُمُرُّذِ
وَكانَت لَهُم أُمّاً حَنوناً وَجَدَّةً / شَفوقاً تُشَهِّيهِم بِكُلِّ تَلَذُّذِ
وَتَختارُ أَنواعَ المَطاعِمِ سُكّرٍ / وَحَلوى وَبانيذٍ لَهُم وَطَبَرزَذِ
رَوَت مِن أَحاديثِ الرَسولِ مَسانِداً / وَكانَ لَها روحٌ بِتَسماعِها غُذي
صَحيحَ بُخارِيٍّ وَمسندَ دارمٍ / بِسَمعِ إِمامٍ ثابتِ النَقلِ جَهبَذِ
وَرَوَّت بِبَيتِ اللَهِ وَالقُدسِ ما رَوَت / لِمصريٍّ أَو شاميٍّ أَو مُتَبَغدِذِ
وَحجَّت وَزَارَت مَرَّتَينِ وَقَدَّست / وَما يَكُ مِن بِرٍّ تُعجِّل وَتنفِذِ
قَضى اللَهُ أَن عاشَت وَماتَت سَعيدَةً / وَلَيسَ امرؤٌ مِما قَضاهُ بِمنفَذِ
مَضَت وَلَها ذكرٌ جَميلٌ مُخَلّدٌ / ثَناء كَعَرف المسكِ وَالعَنبَرِ الشَذِي
إِلى العالَمِ العُلويِّ راحُوا بِروحِها / لِروح وَرَيحانٍ وَجَنَّةِ مغتَذِ
وَلَم تَكتَرِث يَوماً بِلِبسٍ وَزينَةٍ / وَحَليٍ فَتَبدو في النَعيمِ المُلَذّذِ
وَلَكن بِجودٍ وَاحتِمالٍ يَزينُها / بِنَفحٍ لِذي فَقرٍ وَصَفحٍ عَن البَذي
مُطَهرةٌ لَفظاً وَقَلباً وَبَرَّةٌ / مُبَرَّأةٌ عَن كُلِّ ما قادحٍ رَذي
بِأَبي ظَبيٌ لعَهد قَد نَبَذ
بِأَبي ظَبيٌ لعَهد قَد نَبَذ / جَبَذَت عَيناهُ قَلبي فَانجَبَذ
كُلُّ ذي حُسنٍ تَرى أَمثالَهُ / غَير مَحبوبي فَهوَ في الحُسنِ فَذ
يا غَريبَ الحُسنِ إِنّي سائِلٌ / وَزَكاةُ الحُسنِ تُعطى من شَحَذ
قالَ ما تَبغِي فَقُلتُ قُبلَةً / تَشعَبُ القَلبَ الَّذي صارَ فِلَذ
قالَ خُذها ثُم لا يَأخُذُها / أَحدٌ منّي وَلا كانَ أَخَذ
فَرَشفتُ مِن لُماهُ سَلسَلاً / وَحَلالي ذَلِكَ الرَشفُ وَلَذ
فَاختَبَطتُ فَأَتوا يَرقُونَني / حَسِبُوا أَن بِي مِن الجِنِّ الأَخَذ
قال كُفُّوا ما بِهِ مِن جُنَّةٍ / إِنَّما سَهمِيَ فيهِ قَد نَفذ
إِنَّهُ لَمّا رَمَتهُ مُقلَتي / وَصلَ السَهمُ إِلى أَقصى القُذَذ
لِيسَ داءُ الحُبِّ يشفى بِالرُقى / لا وَلا يَنفَعُ تَعليقُ العوَذ
بل شِفاءُ الحُبِّ وَصلٌ عاجِلٌ / وَاعتِناقٌ وَاجتماعٌ مُستَلَذ
فُتِنتُ بِمَن لَو نورُها لاحَ لِلوَرى
فُتِنتُ بِمَن لَو نورُها لاحَ لِلوَرى / لأَغناهُم عَن بَهجَة الشَمسِ وَالقَمَر
فَتاة مِن الفردوسِ فَرَّت إِلى الدُنى / لِيُعلَمَ ما فيها مِن الحُسنِ في الصُوَر
كَأَنَّ النَقا وَالغُصنَ وَالبَدرَ وَالدُجى / مَعاً رِدفُها وَالقدُّ وَالوَجهُ وَالشَعَر
أَجَنَةُ عَدنٍ قَد بَدا لي حورها
أَجَنَةُ عَدنٍ قَد بَدا لي حورها / أَم الخَيمَةُ الزَرقاءُ لاحَت بدُورُها
أَم المُقلَةُ الوَسنى تَزورُ حَبيبَها / فَلَمّا اِنثَنَت يَقظَى تَبيَّنَ زُورُها
فُتِنّا بِآرامٍ دَواعي صَبابَةٍ / سَواجِي لِحاظٍ قَد سَبانا فُتورُها
أَوانسَ فارَقنَ الكِناسَ فَأَصبَحَت / نَوافِرَ قَد عَزَّت عَلى مَن يَزُورُها
يُدِرنَ مِن الأَحداقِ أَقداحَ قَهوَةٍ / ثَمِلنا بِها لَكن عَدانا سُرورُها
وَيَنصُبنَ بِالأَهدابِ إِشراكَ فِتنةٍ / تَصيدُ بِها الآسادَ بادٍ زَئيرُها
وَأَسفَرنَ عَن مِثلِ الشُموسِ طَوالِعاً / بِأَعيُنِ عِينٍ عَزَّ مِنها نُفورُها
وَهَب أَنَّ أَغصانَ النَقا شِبهُ قَدِّها / فَأَنّى لَها مُرخىً عَلَيها شُعورُها
تَلَفَّعنَ في داجٍ مِن الوَحفِ سائِلٍ / إِلى كَعبِها يَنجرُّ مِنها صَغيرها
فَمَن يَسرِ خَلفاً ضَلَّ في ظُلمَةٍ وَمَن / يَسيرُ أَماماً فَهوَ يَهديهِ نورُها
وَيَبهرنَ كُلَّ النَيِّراتِ بِغُرَّةٍ / تَلألأ مِنها ضوؤُها وَسُفورُها
وَيُقعِدنَها الأَردافُ رَيّا ثَقيلَةً / فَتنهِضُها ظَمأى خِفافاً خُصورُها
وَتَجلو لآلي ثَغرِها وَتمجّها / جَنى شَهدَةٍ أَضحى الأَراك يَشورُها
أَظَبيَ الفَلا قُل لِي بِأَيَّةِ حيلَةٍ / تَحيَّلتَ حَتّى عَينها تَستَعيرها
وَيا دُرَّةَ الغَوّاصِ زِدتَ مَلاحَةً / إِلى العَين لَمّا أَشبَهتك ثُغُورُها
وَيا حقّي العاجِ الَّذي اِزدانَ حِلةً / مَتى أَمكَنَت مِن خَرطِ نهدٍ نُحُورُها
أَبى نَهدُها مِن مَسِّ وَشيٍ لِجسمِها / كَذا الرِدفُ يَأَبى مَسَّ وَشيٍ ظُهورُها
أَثَرنَ بِقَلبي لَوعَةً إِثرَ لَوعَةٍ / كَذَلِكَ حُبُّ الغانياتِ يُثِيرُها
علِقتُهُ سَبَجِيَّ اللَونِ فاحِمَةُ
علِقتُهُ سَبَجِيَّ اللَونِ فاحِمَةُ / ما ابيضَّ مِنهُ سِوى ثَغرٍ حَكى الدُرَرا
قَد صاغَهُ مِن سَوادِ العَينِ خالِقُهُ / فَكُلُّ عَينٍ إِلَيهِ تُدمِنُ النَظَرا
كَأَنَّما هُوَ مرآةٌ تُقابلُهُ / مِنَ الوَرى أَنفُسٌ قَد أُودِعَت صُوَرا
تِلكَ اللَواتي غَدَت في الحُسنِ مُشرِقَةً / لَفاقَتِ النَيِّرَينِ الشَمسَ وَالقَمَرا
تَقَسَّمت لَونَهُ الأَبصارُ وَالِهَةً / في حُسنِهِ فَإِذا إِنسانُها بَصَرا
لَولا سَوادٌ بِها مِنهُ لَما نَظَرَت / وَلَم يَكُن عاشِقٌ بِالعَينِ قَد سُحِرا
نُوبِيُّ جِنسٍ فُؤادي مِنهُ في نُوَبٍ / مُستَعجِمٌ أَفصَحَت في وَصفِهِ الشُعَرا
مِن آلِ حامٍ أَخي سامٍ وَيافثِهِ / بِحُسنِهِ استعبَدَ السامِينَ وَالخَزَرا
مُكَمَّلُ الخَلقِ مِن فَرقٍ إِلى قَدَمٍ / مُذَلَّلُ الخُلقِ مِطواعٌ إِذا أُمِرا
وَمَلّكتُ روحي لِلحَبيبِ تَطَوُّعاً
وَمَلّكتُ روحي لِلحَبيبِ تَطَوُّعاً / فَها أَنا ذا ساخٍ بِهِ وَهوَ ساخِرُ
وَيا عَجَباً أَنّي أُسَرُّ بِحُبِّه / وَروحيَ عَن جُثمانِيَ اليَومَ سائِرُ
تَقَسَّمت الأَزمانَ فيهِ مَحَبَّتي / فَوَجدِي بِهِ ماضٍ وَآتٍ وَحاضِرُ
وَقابَلَني بِالحُسنِ أَبيَضُ ناعِمٌ
وَقابَلَني بِالحُسنِ أَبيَضُ ناعِمٌ / وَأَسمَرُ حُلوٌ أَصبَحا فِتنَةَ الوَرى
فَذا سَلَّ مِن جَفنَيهِ للضَربِ أَبيَضاً / وَذا هَزَّ مِن عِطفَيهِ لِلطَعنِ أَسمَرا
وَقَد صارَ لي شُغلٌ بِحبيهِما مَعاً / فَأَيُّهما يَنأى فَصفوي تَكَدَّرا
وَإِن يَقرُبا كانَت حَياتي لَذيذَةً / وَإِن يبعُدا عَنّي أَرى المَوتَ أَحمَرا
فَيا لَيتَ قَلبي قَد تَعَنّى بِواحِدٍ / فَيَغنى بِه لَكن فُؤادِي تَشَطَّرا
فَشَطرٌ لَدى مَن لا شُعورَ لَهُ بِهِ / وَشَطرٌ لَدى ريمٍ دَرى مِنهُ وَما دَرى
فَيا عَجَباً للصَّبِّ قَسَّمَ قَلبَه / هَوى اِثنينِ هَذا القَلبُ أَعجَبُ ما يُرى
تَذكَّرَ بُعداً مِن نُضار فَما صَبر
تَذكَّرَ بُعداً مِن نُضار فَما صَبر / حَليفُ أَسىً رامَ السُلُوَّ فَما قَدَر
فَأَضرَمَ ناراً في الحَشا قَد تَسعَّرَت / وَأَمطَرَ شُؤبوبُ المَدامعِ كَالمَطَر
نضارُ لَقَد أَسقَيتِني كأسَ لَوعَةٍ / هِيَ الصبرُ المَكروه أَو طَعمُها أَمَر
نضارُ لَقَد خَلَّفتني ذا مَصائِبٍ / إِذا شَرَعَت تَنأى تَداعَت لَها أُخَر
نضارُ اِعلَمِي أَنّي بِقَلبي وَقالِبي / لَدَيكِ مُقيماً لا يَقُرُّ لِيَ السَفَر
وَأَتلُو كِتابَ اللَهِ سِرّاً وَجَهرَةً / عَلَيكِ وَأَدعُو بِالأَصائِلِ وَالبُكَر
وَأَبكيكِ ما إِن دامَ بِالجِسمِ روحُهُ / وَما لاحِقِي يَوماً مَلالٌ وَلا ضَجَر
وَلَستُ كَمَن بَكّى حَبيبَيهِ حِقبَةً / فَقالَ وَقَد مَلَّ البُكا مِنهُ وَالسَهَر
إِلى الحَولِ ثُمَ اسمُ السَلامِ عَلَيكُما / وَمَن يَبكِ حَولاً كامِلاً فَقَد اِعتَذَر
وَلَكِنَّني أَبكيكِ إِذ نَلتَقي مَعاً / فَتُبصِر عَيني وَجهَكِ الزاهرَ القَمَر
وَأَحظى بِحُسنٍ مِن حَديثكِ إِنَّما / حَديثُكِ أُنسُ القَلبِ وَالسَمعِ وَالبَصَر
وَما كَنُضارٍ في البَناتِ وَما لَها / شَبيهٌ يُرى لا في البَداوَةِ وَالحَضَر
رَزينَةُ عَقلٍ لَو يُقاسُ بِمثلِها / حِجىً كانَت الياقوت قَد قِيس بِالحَجَر
وَتَلاءةٌ آيَ القُرآنِ يَزينُها / فَإِعرابُهُ زَين القِراءةِ بِالدُّرَر
وَرِاويةٌ عَن سَيِّدِ الرُسلِ ما رَوَت / ثِقاتٌ بِما قَد صح مِن مُسنَدِ الخَبَر
وَكاتِبَةٌ خَطّاً يَزينُ يَراعَها / بَراعَتُهُ فيهِ اِبتِهاجٌ لِمَن نَظَر
وَلَيسَت مِن اللآئي شُغلنَ بِزينَةٍ / فَتكحَلَ مِنها العَينُ أَو تَلبَسَ الحَبَر
وَلَكن لَها شُغلٌ بِأَجرٍ تُعِدُّهُ / لِيَوم معادٍ حينَ ينفَخُ في الصُوَر
إِغاثةُ مَلهوفٍ وَإِطعامُ جائِعٍ / وَكُسوَةُ عارٍ وَانتِفاعٌ بِلا ضَرَر
أَلا رَحِمَ الرَحمَنُ نَفساً زَكِيَّةً / لَدى العالمِ العُلويِّ كانَ لَها مَقَر
نَداكَ هُوَ البَحرُ الخِضَمُّ لآمِلٍ
نَداكَ هُوَ البَحرُ الخِضَمُّ لآمِلٍ / أَلَستَ تَراهُ الدَّهر يَلفِظُ بِالدُّرِّ
وَقالوا نَدى كَفَّيكَ سُحبٌ هَواطِلٌ / أَما علِموا أَنَّ السَحابَ مِن البَحرِ
أَنارَت مُحَيّاً إِذ دَجا مِنهُ فرعه
أَنارَت مُحَيّاً إِذ دَجا مِنهُ فرعه / وَأَخصَبَ مِنها الرِدفُ إِذ أَجرد الخَصرُ
إِذا ما مَشَت تَختالُ بَينَ لِداتِها / رَأَيتَ مَلاكَ الدَّجنِ تَكنَفُهُ الزَّهرُ
وَأَعجَبُ مِن ضِدَّينِ فيَّ تَجمَّعا / فَمِن مُقلَتي قَطرٌ وَمِن مُهجَتِي جَمرُ
ذو لِحاظٍ بِهِ سَقامُ فتورٍ
ذو لِحاظٍ بِهِ سَقامُ فتورٍ / لِصِحاحِ القُلوبِ مِنهنَّ كَسرُ
فَلأَنفاسِهِ وَثَغرٍ وَريقٍ / نُسِبَت مِسكَةٌ وَدُرٌّ وَخَمرُ
وَلقَدٍّ وَشعرِهِ وَالمُحيّا / أَشبَهَت خُوطةٌ وَلَيلٌ وَبَدرُ
أَسُهادٌ وَأَدمُعٌ وَزَفيرُ
أَسُهادٌ وَأَدمُعٌ وَزَفيرُ / بَعضُ هَذا عَلى المُحبِّ كَثيرُ
ما تَذَكَّرتُ وَصلَ حُبّيَ إِلّا / كادَ قَلبي شَوقاً إِلَيهِ يَطيرُ
سَكَنوهُ وَأَودَعُوهُ غَراماً / عَجَباً فيهِ جَنَّةٌ وَسَعيرُ
هَنيئاً لِزَينِ الدينِ بِالفَرَحِ الَّذي
هَنيئاً لِزَينِ الدينِ بِالفَرَحِ الَّذي / بِهِ جُلِيَت شَمسُ الضّحاءِ عَلى البَدرِ
أَنارَت بِهِ الأَفلاكُ حَتّى أَثيرُها / بِغُرَّةِ بَدرٍ لاحَ في لَيلَةِ القَدرِ
وَسُرَّ بِهِ الأَحبابُ إِذ سارَ نَحوَهُم / طَعامٌ مِن المَشويِّ أَو مُنضَجِ القِدرِ
وَمِن صادقِ الحَلواءِ زانَت صُدورُها / صدورَ أُناسٍ في الأَنامِ سِوى صَدري
وَخُصُّوا بِها دُوني وَأُهمِلتُ مِنهُم / وَذا شيمَةٌ مِنكُم عَرَفتُ بِها قَدري
حُروفُهُم أَصلٌ وَحَرفي زائِدٌ / كَأَنّي وَاوٌ أَلحِقَت مُنتَهى عَمرُو
عَلى أَنَّني ذاكَ الخَليلُ الَّذي غَدا / مُفيداً لآدابٍ بَريئاً مِن الغَدرِ