المجموع : 92
يا تربة بالطف جادت
يا تربة بالطف جادت / فوقك الديم الهموعه
وغدا الربيع مقيداً في / ربعك العافي ربيعه
حتى يرى الدمن المروعة / منك مخصبة صريعه
ولئن أخيف حيا السحائب / فيك أن يذري دموعه
وحمتك بارقة العدى / عن كل بارقة لموعه
يحدوا الحيا بأجش من صو / ب الرواعد لن يروعه
فلقد سقيت من الربى / الطهر عن ضنأٍ تجيعه
إذ ضيع القوم الشريعه / فيه لحفظهم الشريعه
منعت لذيذ الماء منه / كتائب منهم منيعه
قد أشرعت صم القنا / فحمته من ورد شروعه
غدرت هناك وما وفت / مضر العراق ولا ربيعة
لما دعته أجابها / ورعا فما كانت سميعه
شاع النفاق بكربلا / فيهم وقالوا نحن شيعه
هيهات ساء صنيعهم / فيها وما عرفوا الصنيعه
يا فعلة جاؤا بها في / الغدر فاضحة شنيعه
خاب الذي أضحى الحسين / لطول شقوته صريعه
أفذاك يرجو أن يكون / محمد أبدا شفيعه
عجباً لمغرورين ضيع / قومهم بهم الوديعه
ولأمة كانت إلى / ما شاء خالقها سريعه
وغدت بحق نبيهاً / في حفظ عترته مضيعه
جار الضلال بها و / نور الحق أبدى سطوعه
عَصَت النبي وأصبحت / لسواه سامعة مطيعه
باعت هناك الدين / بالدنيا وخسران كبيعه
ما كان فيما قد مضى / اسلامها الا خديعه
تحت السقيفة أضمرت / ما بالطفوف غدت مذيعه
فلذاك طاوعت الدعي / وكثرت منه جموعه
بجيوش كفر قد غدا / ذاك النفاق لها ضليعه
أبني أمية إن فعلكم / بهم بئس الذريعه
شبعت ضباعكم وكم / أسد لهم لم يشك جوعه
أضحت فرائسه لكم / وبه فرائصكم مروعه
ورغبتم في الملك حين / رضعتم منهم ضروعه
حتى إذا ما الدهر أبدى / عن معونتكم رجوعه
وبدت به لعيونكم / أفعالكم تلك الفظيعه
فارقتم الدنيا وأنفسكم / لما اجترمت جزوعه
وخلعتم حلل الخلافة / وهي بالية خليعه
وأشد من هذا ولو / عددت كفرهم جميعه
تضييق قبر محمد / والأرض عارية وسيعه
بمضجع في جنبه / جعلوه في لحد ضجيعه
وأبو بنيه وصهره / وأخوه ذو الحكم البديعه
ووصيه وأمينه / بعد الوفاة على الشريعه
ما حل مسجده ولا / بيت البتول ولا بقيعه
صبراً أمير المؤمنين فأ / نت ذو الدرج الرفيعه
صلة النبي اليك كانت / منهم سبب القطيعه
يا صاحبَّي بجرعاء الغوير قفا
يا صاحبَّي بجرعاء الغوير قفا / نجد لمن بان بالدمع الذي وكفا
ليست دموعاً من الأجفان سائلة / لكنها أنفس ذابت بهم أسفا
لعل ليل الأحاظي أن يبيح لنا / بدر الدجى قد تجلى هذه السدفا
حتى يعود بروض الأنس مرتعنا / ونستعيض من العيش الذي سلفا
كم ليلة بت والقلب العميد بها / مردد في سنا البرق الذي خطفا
بمهجتي بدر تمَّ لو بطلعته / ليلاً أشافه بدر التم لانكسفا
ما ضره إذ رأى مذعنه قد عطفا / لو انه رقَّ لي بالوصل ما انعطفا
في لحظة دنف أودى به جسدي / فصرت من فرط حبي أعشق الدنفا
إذا حكى الريم من أجفانه وطفا / حكى قضيب النقا من خصره هيفا
إذ فاتني من زمان الورد رونقه / ظللت من خده للورد مقتطفا
ظبى لقلبي وجيف عند رؤيته / وفي صراع ليوث الحرب ما رجفا
قالوا أتوا في لجاف غدره خلقٌ / لو أنصفوا عد ذاك الغدر منه وفا
يا جامد الدمع أقصر عن ملامة من / لو دمع عينيه جاد الأرض ما نزفا
ورب ورقاء في ليل تؤرقني / وهاتف في ذرى الأغصان قد هتفا
وقد علوت عليه بالملام له / إذ كيف تبكي على وجدان ما ألفا
وبان عذري أني لم أزل لعكو / ف البين فينا على الأشجان معتكفا
كما تبين حبي للوصي وصالها / بالشمس إن سامتت قطب السماء خفا
الانني كل يوم من محاسنه / أهدي إلى من توالى دينه تحفا
إن الولاء إذا حققته نِعمٌ / تمت لدي واحسان عليَّ صفا
لا يقصد الباطل المدحوض رتبته / بين البرية من للحق قد عرفا
فآل أحمد فاقوا الناس أجمعهم / كما يفوق ثمين الجوهر الصدفا
بذكرهم تتحلى كل سامعة / حياً حسبنا على أسماعنا شنفا
ماذا أقول أنا والواصفون لهم / وقد تعالوا على أوصاف من وصفا
لو استطعت ركبت الريح عاصفة / حتى أزور سريعاً سيد الخلفا
أناشد الغيث أن لا يستقل إلى / أن ترتوي أعظم قد حلت النجفا
هو الذخيرة لي عند الصراط إذا / أمسكت في الحشر من أسبابه طرفا
ولو إلى غيره أدعى وتجعل لي / ما في البسيطة لم أعلق به أنفا
ولو ذنوبي ملء الأرض قاطبة / تجاوز اللّه عنها لي به وعفا
يا آل طه سمعنا من محاسنكم / ما يسلك السمع منه روضة أنفا
أنتم يميني يوم البعث لا تذروا / سوى يميني أن أوتى بها الصحفا
أنتم طراز على الدنيا تجملها / يا أشرف الناس قد شرفتم الشرفا
لولاكم لم تكن دنيا ولا خلق الل / ه الجحيم ولا الجنات والغرفا
اني ابن رزيك لو أن الورى صدفوا / عنكم وخصص بالدنيا لما صدفا
لقد ضفا لكم ثوب الولاء على / طلائع فلربي الشكر حين ضفا
وقد صفا لي وردي في محبتكم / لكنه عن سواكم رغبة صدفا
دهري أشدد نبلي للطغاة فما / تخطى سهامي من أغراضهم هدفا
وأنتحي لمديحي فسل فاطمة / وأنتفي عن غبي للوصي نفا
أذكرهم الود إن صدوا وإن صدفوا
أذكرهم الود إن صدوا وإن صدفوا / إن الكرام إذا استعطفتهم عطفوا
آدابك الغر بحر ماله طرفُ
آدابك الغر بحر ماله طرفُ / في كل سمع بدا من حسنه طُرفُ
نقول لما أتانا ما بعثت به / هذا كتاب أتى أم روضة أنف
خط تنزهت الأزهار حين بدا / كأنه الدر عنه فتح الصدف
إن نظنه طرق الأسماع كان لها / وإن حوت عطلا من حلية شنف
رقت حواشي كلام أنت فاطمه / فيه فجاء كزهر الروض يقتطف
وردت بحر القوافي فاغترفت كما / قد حل يوماً بمد النيل مغترف
زهت على البدر نوراً إذ أتت بسواد / النقس يشبهه من خده كلف
قرطست رمياً وكالرامٍ بأسهمه / إذا تحقق منه يسلم الهدف
بناظر فاق غزو العد لا وشل / ولا ببرض إذا ما حل ينتزف
إذا تطلع فوق الأرض ذو أدب / فأنت منه على العيوق تشترف
وإن تعرى دعي من فضائله / فأنت مدرع منها وملتحف
إذا تخفى لفتح وجه قافية / فعن قوافيك شيلت دوننا السُجف
لأعين الناس نهب من محاسنها / كما القلوب تلاقيها فتختطف
إذا ذكرناك مجد الدين عاودنا / شوق تجدد منه الوجد والأسف
ورمن ما قد وجدناه لفرقتكم / يحيط بالقلب من أرجائه التلف
ولو عرفت الذي في القلب منك لما / ان كنت عنا على الأحوال تختلف
ولا عجيب إذا حاف الزمان على / حر وكل قضاياه بها جنف
فلا تكن جازعاً إن التجاوز عن / انفاقك الصبر في شرع الهوى سرف
فإن حصلت على الصبر احتويت على / الأجر الجزيل وفي احرازه شرف
يا من جفانا ولو قد شاء كان إلى / جنابنا دون أهل الأرض ينعطف
وحق من أمه وفد الحجيج ومن / ظلت إلى بيته الركبان تختلف
إنا لنوفي على حال العباد كسا / نوفي لمن ضمه في قربنا كنف
ونغفر الذنب ان رام المسيء بنا / عفواً ونستره في حين ينكشف
وإن جنى من رأى أنا نعاقبه / يردنا الصفح أو يعتاقنا الأنف
نعم ونحفظ عند الغيب صاحبنا / وليس يدركنا كبر ولا صلف
فما لإبعادنا يوم الوغى ميل / ولا لموعدنا يوم الندى خلف
فعندنا جنة تدنو الثمار بها / إذا دنا مجتن منها ومقتطف
هدى مصاحبنا ضوء النهار وكم / قد ضل من في ظلام الليل يعتسف
فمل الينا بآمال محققة / وكف غرب دموع لم تزل تكف
كفى اغتراباً فعجل بالاياب لنا / فمنك لا عوض يلقى ولا خلف
وقد أجبنا إلى ما أنت طالبه / فالآن كيف تروى فيه أو تقف
فرّينا فيك قد ضحى علانية / والجند قد عرفوا منه الذي عرفوا
وقدمت لك تمهيداتنا وبها / وحس الفلاة إذا ما روعت أنف
كأننا حين تجري ذكرة لكم / على اضطرام لهيب النار نعتكف
فإن يبالغ أُناس في الثناء على / أوصافكم قصروا في كل ما وصفوا
فخذ نظاماً على قدر الذي كتبت / يداك إذ عدد النظمين مؤتلف
عاومك البحر غمراً ليس تنتزف
عاومك البحر غمراً ليس تنتزف / أسماعنا لمعاني درها صدفُ
فإن يجد فلتة في الدهر ذو ادب / تجده من بحرك الزخار يغترف
تجيل فكرك في روض العقول فلا / نزال تختار ما تجني وتقتطف
بعثت منها هدياً في الورى جليت / فالحسن وقف عليها ليس ينصرف
عذراء تثبت فضل الواصفين لها / فقد تفادت جمالاً كل من يصف
بعثتها ديماً تروي بها عطش الصا / دي ومسكنها في سيرها الصحف
تروى القلوب بها بعد العيون فلا / قلب ولا عين الا وهو يرتشف
ألهت عن الحسن والاحسان أجمعه / إذا استبان بها عن غيرها أنف
حسناء تبرز في عرنينها شمم / من الجمال وفي أجفانها وطف
كأن أسماعنا لما أصخن لها / عجباً أتيح لها من حليها شنف
قد برهنت بالمعاني عن فؤاد شج / قد هاضه الأثقلان الهم والأسف
إن يبتسم غلطة في الدهر عاتبه / قلب مدامعه في صدره تكف
ورب صعب بدا من بعد شدته / لأضعف الناس حولاً وهو منعطف
وكم مصابٍ جنته فرقة فغدا / سحابه بنسيم القرب ينكشف
وكربة نزعت عنها ملابسها / والقلب منها بثوب الهم ملتحف
وحين تشرق أنوار الشموس فما / يضر ماضي ليال عمها السدف
أحوال ضرك مجد الدين واضحة / قد كان للدهر في توكيدها سرف
برق اليقين بدا منا اليك فما / يغر خلبه بل سحبه تكف
لا تخلف الوعد منا بالنجاح لمن / لنا بآماله في القصد يختلف
يقول حاسدنا والحق أنطقه / إذ شمسه لا كمثل الشمس تنكسف
أولاد رزيك لا فخر كفخرهم / حازوا المفاخر في الدنيا وهم نطف
وكم أراد الورى احصاء فضلهم / في المكرمات فما اسطاعوا ولا عرفوا
لكنهم أخذوا ما نستقل به / افهامهم وإلى حيث انتهوا وقفوا
تدنى الغنى من يدي رب المنى فلنا / به المطي إلى أوطانهم تجفُ
في غيرنا تخجل الامال إن قصدت / وما يخيب رجاء عندنا يقف
وقد قضى الله بي تأليف شملكم / وكان ظنكم أن ليس يأتلف
وقد أساء لكم دهر مضنى فإذا / شئتم من الدهر فاقنصوا أو انتصفوا
واقضوا ديون الهوى عن مدة سلفت / تشاكياً وعلى المستأنف استلفوا
وقد بدأنا وتممنا فهل أمل / يدعو وهل مدمع قد عاد ينذرف
نحن الزلال دفعنا غصة عرضت / لكم فلما عرضنا لم تكن تقف
وعندنا أهلكم كانوا لعيشهم / كأنهم عنك ما غابوا ولا انصرفوا
كم جهد ذي الهم أن يبقى تجلده / عليه والهم في استمراره التلف
لا نأسفن على فقدان غيرهم / ففي الملاوم قد جرت له عطف
قوم إذا ارتفعوا قدراً هووا همماً / فالمكرمات لعمري بينهم طرف
ولا نقل إن تذكرت البلاد أسىً / بأن قلبك بالأشواق يختطف
وإن دولتنا كنت الوحيد بها / فضلاً فكيف يرى منكم بها خلف
عليكم بدع الآداب قد وقفت / فما لها عنكم في الدهر منحرف
من ننشد عهد ذاك الاجتماع لنا / فقد أضاعته منكم نية قذف
هنيت أهلك مجد الدين فانتجع الا / تراح وانظر فإن الخير مؤتنف
أيها المنقذي أنت على البعد
أيها المنقذي أنت على البعد / صديق لنا ونعم الصديق
ليس فيما تأتيه من بر أفعالك / للطالب الحقوق عقوق
فلهذا نرى مواصلة الكتب / تباعاً اليك مما يليق
ونناجيك بالمهمات إذ أنت / بالقائها اليك خليق
وأهم الأمور أمر جهاد الكفر / فاسمع فعندنا التحقيق
واصلتهم منا السرايا فأشجاهم / بكور منا لهم وطروق
وأباحت ديارهم فأباد القوم / قتل ملازم وحريق
وانتظرنا بزحفنا برء نور الدين / علماً منا بأنه سيفيق
وهو الآن في أمان من اللّه / وما يعتريه أمر يعوق
ما لهذا المهم مثلك مجد الدين / فانهض به فأنت حقيق
قل له لا عداه رأي ولا زال / لديه لكل خير طريق
أنت في حسم داء طاغية الكفار / ذاك المرجو والمرموق
فاغتنم بالجهاد أجرك كي تلقى / رفيقاً له ونعم الرفيق
ولما حضرنا للسباق تبادرت
ولما حضرنا للسباق تبادرت / خيول ومن أهواه أقدمها سبقا
على أشقر شبه اللهيب توقداً / ولونا فقلنا البدر قد ركب البرقا
أنست بكم دهراً فلما ظعنتم اس
أنست بكم دهراً فلما ظعنتم اس / تقرت بقلبي وحشة للتفرق
وأعجب شيء أنني يوم بينكم / بقيت وقلبي بين جنبي ما بقي
أرى البعد ما بيني وبين أحبتي / كبعد المدى ما بين غرب ومشرق
ألا جددي يا نفس وجدا وحسرة / فهذا فراق بعده ليس نلتقي
أهدى لي القاضي الفقيه عرائساً
أهدى لي القاضي الفقيه عرائساً / فيها بديع الوشي من تنسيقهِ
فأجلت طرفي في بديع رياضه / من ورده وبهاره وشقيقه
فكأنما اجتمع الأحبة فأنبرت / يد عاشق تهوى إلى معشوقه
نزهت في بستان نظمك خاطري / فحظيت من زهر الربا بأنيقه
وأنا أرى تقديم حاجة صاحبي / من دون حاجاتي أقل حقوقه
وكذا الكريم فمهمل لحقوقه / لا مهمل أبداً حقوق صديقه
لا فرق بين خياله ووصاله
لا فرق بين خياله ووصاله / في سرد ماطله وفي تحقيقه
نفق التأدب عندنا في سوقه
نفق التأدب عندنا في سوقه / وبدا اليقين لنا بلمع بروقهِ
أهدى لي القاضي الفقيه عرائساً / فيها بديع الوشي من تنميقه
فأجلت طرفي في بديع رياضه / من ورده وبهاره وشقيقه
فكأنما اجتمع الأحبة فانبرت / يد عاشق تهوى إلى معشوقه
أدب سعى منه إلى غاياته / وأتى فسَّد عليه مر طريقه
ولقد علمت بأن فضلك سابق / يعتد من جاراه من مسبوقه
فلذا اقتصرت ولم أر الامعان في / شأو أمرئ أصبحت غير مطيقه
وأرى الزمان جرى على عاداته / في جمعه طوراً وفي تفريقه
والشوق في قلبي تضرم وهجه / فمتى أراه يكف عن تحريقه
والدمع من عيني لمح فهل يرى / من بحره يوماً نجاة غريقه
نزهت في بستان نظمك ناظري / فحظيت من زهر الربا بانيقه
أنت امرؤ من قال فيك مقالة / الغالي فكل الخلق في تصديقه
وأنا أرى تقديم حاجة صاحبي / من دون حاجاتي أقل حقوقه
وكذا الكريم فمهمل لاموره / لا مهمل أبداً أمور صديقه
هذا النجاح فكل ما قد رمته / قد عم فانظر منه في تحقيقه
فإن زللت قديماً أو جهلت فقد
فإن زللت قديماً أو جهلت فقد / أزال ما كان من جهلي ومن زللي
فحبه قد محا عني الذنوب ولو / كانت ذنوبي ملء السهل والجبلِ
يا لائمي العروة الوثقى امتسكت بها / أعيت عليَّ وضاقت أوجه الحيل
أما علي علت رجلاه كاهل خي / ر الخلق حتى أزال العز عن هبل
أما علي له العلم المصون به / قد حليت هذه الدنيا من العطل
أما علي له الايثار والكرم ال / ممحض الذي فاق أهل الأعصر الأول
أما علي عنى ماء الفرات له / هل كلم الجن والثعبان غير علي
ومن سوى حيدر ردت ذكاء له / من بعد ما جنحت ميلاً إلى الطفل
علي هل كان ماضي غرب مقوله / إذا تفلل سيف النطق ذا فلل
وراية الدين لما كان حاملها / دون الهنا بين هل نيطت إلى فشل
ما جردت من علي ذا الفقار يد / الا وأغمده في هامة البطل
لم يقترب يوم حرب للكمي به / الا وقرب منه مدة الأجل
قد صاب في رأس عمرو العامري وفي / يافوخ مرحب صوب العارض الهطل
وفي مواقف لا يحصى لها عدد / ما كان فيها برعديد ولا نكل
ومدعي القول بالاجماع ينقضه / كم قد تخلف عند العهد من رجل
سلمان منهم وعمار وسعد كذا / العباس لا شك والمقداد والدؤلي
كم كربة لأخيه المصطفى فرجت / به وكان رهين الحادث الجلل
كم بين من كان قد سن الهروب ومن / في الحرب إن زالت الأجبال لم يزل
في هل أتى بيَّن الرحمن رتبته / في جوده فتمسك يا أخي بهلِ
علي قال أسألوني كي ابين لكم / علمي وغير علي ذاك لم يقل
بل قال لست بخير إذ وليتكم / فقوموني فإني غير معتدل
إن كان قد أنكر الحساد رتبته / فقد أقر له بالحق كل ولي
وفي الغدير له الفضل الشهير بما / نص النبي له في مجمع حفل
ومن يغطي نهار الحق منه فما / غنى بهارون فيه ضارب المل
قال النبي لنا أوصوا ومات كما / قالوا ولم يوص يا بعدا لذي جدل
هذا التناقض أوهى علمهم وبذا / يستضحك الجهل فيه ساير لمثل
فأصبحوا غنماً في غيها هملا / فثه على غنم في غيها هل
فإن تقولوا بأن اللّه قد أمر / الهادي بهذا وما هذا بمحتمل
فاللّه يختار ليس الاختيار إلى / زيد وعمرو فما للبغي لم يحل
وكان منهم أبو ذر ومالك ال / نخعي وقيس وأعيان من النبل
فباع منها أبو سفيان آخرة منه / بدنيا فسل عن رأيه الخطل
كم من رباع لهم في حسنها أهلت / حتى اختبرنا وجدنا دارس الطلل
لو لم يكن لعلي غير منقبة / فقد كفاه بقربى خاتم الرسل
ورب لائمة لامت فقلت لها / اليك عني فإني عنك في شغل
والصدق أزين لي قلب يقلب في / ضرام وجد على الأيام في شعل
أميل من أسف من غير ما سكر / هما به مثل ميل الشارب الثمل
أقول يا ليتني قد كنت في زمن / الهادي لأحضر فيه وقعة الجمل
ليشتفي كبدي ضرباً بذي شطب / في الظالمين وطعناً بالقنا الذبل
وانني لقتيل الطف مكتئب / إذ راحتي لبني اللخناء لم تطل
وإن سيفي عف عن دمائهم / وإن طرفي على الانجاس لم يجل
حتى أكون إذا اسودت وجوههم / ألقى الهي بوجه في المعاد جلي
ويا بنيَّ الطهر إن غابت جسومكم / عن رأي عيني فما تنأون بالرحل
فأنتم الذخر في حشري وعافيتي / في علتي وبكم أمني من الوجل
فما يولي ضميري عن ولائكم / ولا تميل الليالي بي إلى الملل
ولا لكم في ضمير القلب مسكنه / وذكركم في فمي أحلى من العسل
وإذ بحبكم ربي تخير لي / أعلى الأنام فما آسى على السفل
إن ابن رزيك ذو قلب يواجهكم / من الولاء بوجهٍ منه مقتبل
يصوغ فيكم رياضاً من مدائحه / كالروض دبجه وفي الندى الخضل
مثل العرائس تجلى من ملابسها / على المسامع في حلي من الحلل
بيض المعاني إذا اسودت مدارعها / فريها آمن من حمرة الخِجل
مثل النجوم تحث السير وادعة / في كل أرض ولا تعتاق بالكلل
تلهى العقول الرصينات البناء بها / عن الشموس التي يغرين في الكلل
كأنما في الخدود الناصعات جرى / ماء اللمى فاعتراه النهب بالقبل
بيضاء سوداء في حالٍ كأن بها / على الحقيقة سر الأعين النجل
وما الامارة من نطقي يانعة / السيف لي وأفانين البلاغة لي
دعني قبيل اللهو غير قبيلي
دعني قبيل اللهو غير قبيلي / وسبيل أهل اللوم غير سبيلي
لم أشتغل عن جمع اشتات العلى / بمليح وجه أو بكأس شمولِ
لا تعذلني انني لا أقتفي / سُبل الضلال لقول كل عذول
قولي لمن قد سامني الرجعى إلى / ما لا يجوز أتيت غير جميل
إن الخليل إذا تجنب مذهبي / قلت ابتعد ما أنت لي بخليل
أتحمل الأثقال الا أنني / لمبايني في الدين غير حمول
أليت لا ألقي عداة آلمتي / الا بعضب الشفرتين صقيل
وأئمتي قوم إذا ظُلموا فهم / لا يظلمون الناس وزن فتيل
كان الزمان لحسنه بوجوههم / يختال بالاوضاح والتحجيل
ومسجل لهم الفخار على الذي / ناواهم إذ صح لي تسجيلي
وهمُ الأئمة ما عدمت فضيلة / فيهم فما ميلي إلى المفضول
فأنا إذا مثلت غيرهم بهم / في فضلهم أخطأت في تمثيلي
آل النبي بهم عرفنا مشكل / القرآن والتوراة والانجيل
هم أوضحوا الآيات حتى بينوا / الغايات في التحريم والتحليل
عند التباهل ما علمنا سادساً / تحت الكسا معهم سوى جبريل
إن الكثير من المدائح فيهم / قل ومدح اللّه غير قليل
قال النبي صِلوا بهم حبلي فلم / يك منهم أحد لهم بوصول
ماذا يكون جواب قوم أخلدوا / إذ مات للتغيير والتبديل
إن قال في الحشر ابنتي لِم فيكم / لم تخل من حزن وطول عويل
هي بضعة مني ففي أضرارها / ضري كما تبجيلها تبجيلي
يلقونها بتبسم في عزكم / وترونها جاءت بدمع ذليل
كذبتموني إذ لها كذبتموا / وعدلتم عن محكم التنزيل
ما بالكم عنها تغاضيتم وقد / نطق الكتاب لها بكل دليل
ما ذاك الا انكم أمسكتم / الدنيا فقد حصلت بكف بخيل
في حقها أنتم تواكلتم إلى / أن ضاع والرحمان خير وكيل
خالفتموا آي الكتاب كأنما / خلقت رؤوسكم بغير عقول
والله يحكم لا مرد لحكمه / ومقيل أهل الظلم شر مقيل
اخترت لو كنت الفداء لسادتي / في النائبات وأسرتي وقبيلي
اني ابن رزيك الذي بولائهم / اسخنت عين معاند وجهول
إن طال وجدي فيهم فأنا الذي / نومي بطول الليل غير طويل
كم من عروس في فمي أبرزتها / فيهم حكت غيداء ذات حجول
لما شحذت لهم عذار تفكري / ما كان فيهم خاطري بكليل
أقسمت لو اني وقفت بغيرهم / لحكيت نادب دارسات طلول
وعلى علي ان عددت فضيلة / لسوى النبي عريت محصولي
قد فعل آل السامري بعجلهم / وأرى اناساً كفرهم بفصيل
ما موقع الاجماع فيه ومعشر / جروا لأخذ العهد بالتنكيل
والخزرجي وغيره أضحى له / في القيد تحت الضرب رجع الليل
أيضح اجماع وقوم جلهم / ما بين مسحوب وبين قتيل
قولا إذا ما لم يكن مني يدي / بلغت مناي فقد شفيت غليلي
عسى لي إلى وصل الحبيب وصول
عسى لي إلى وصل الحبيب وصول / ففي مهجتي مثل النصول نصول
إذا ما خلى قصر النوم ليله / فليلي برعيي للنجوم طويلُ
غرام له عندي غريم ملازم / فليس له بعد الحلول رحيل
تحملت من عبء الصبابة ضعف ما / تحمل قيس في الهوى وجميل
فلو قيل مل عن نقله تسترح لما / رضيت سوى أني إليه أميل
يقل لعيني فيه كثر دموعها / فلو بدم أبكي لقيل قليل
فيا لانسي كف الملام فانني / سلوي قبيح والغرام جميل
عجبت لقلبي كيف تشعل ناره / على أن دمعي فاض منه سيول
فهل لي مقيل من عثار صبابتي / وهل من هجير الهجر ويك مقيل
فيا قلب دع عنك التصابي فإن من / تحب بما تهوى عليك بخيل
ولذ بالكرام السالكين من الهدى / مسالك فيها للنجاة سبيل
غنوا عن دليل في العلى لهم وهل / يقام على ضوء النهار دليل
تمسكت بالحق الصريح فليس لي / مجال عن الحق الصريح عدول
وفزت بسبحي في بحار ولائهم / إذا ما لغيري في الضلال وحول
فقد نلت آمالي بميلي اليهم / وحقق بي بين البرية سول
اناس علا فوق الملائك قدرهم / فأضحى له عند الإله مثول
ركبت بهم سفن النجاة فلي على / يقين على شاطيء المفاز حصول
شموس هدى يهدي إلى الحق ضوئها / فليس لها حتى النشور أقول
إذا ما سعى الساعون للمجد في الثرى / فهم منه من فوق السماء حلول
ورب عذول لي عدو مباين / يرى انه لي ناصح وخليل
له لي عذل خف لا شك عنده / ولكن أتاني منه وهو ثقيل
ومالي على آل الرسول كأنما / سوى جدهم للعالمين رسول
يقول اجتنب تقديم آل محمد / وقلبي لو حاولت ليس يحول
تعاليت عنه إذ أسف ولم أزل / تجرر لي فوق السماء ذيول
يروم نزولي عن ذرى المجد والعلى / ومالي عن المجد الأثيل نزول
ولو حدت عنهم ما عسى لمؤنبي / عليهم إذا رام الجواب أقول
يظن بأني جاهل عن حقوقهم / وما أنا للصبح المنير جهول
فقلت الذي قربت مني مباعد / وما أبرمت كفاك فهو شحيل
هم سر وحي الله والدوحة التي / نمت فزكى فرع لها وأصول
وما يستوي فيهم محب ومبغض / وما يتساوى ناصرٌ وخذول
نصرتهم إذ كنت سيفاً لدينهم / حساماً صقيلاً ليس فيه فلول
أأتبع المفضول مجتنباً لمن / له الفضل مالي في السفاه عدول
بعينهم جلى دجى الشك مثل ما / نمى في تضاعيف الخضاب نصول
فغيري الذي دبَّ الضلال بقلبه / كما دب في الغصن الرطيب ذبول
فهو بهجة الدنيا التي افتخرت بهم / وهم غرة في دهرهم وحجول
إذا شئت أن تحي مناقب فضلهم / يروعك ما يعيي به ويهول
فمنهم أمير المؤمنين الذي له / فضائل تحصى القطر وهي تعول
فإن أبا الأجواد لولاه عاقر / عقيم وأم المكرمات ثكول
هو النور نور الله والنور مشرق / علينا ونور اللّه ليس يزول
سما بين أملاك السموات ذكرهُ / نبيه فما أن يعتريه خمول
طوال رماح الخط عنه قصيرة / وأمضى سيوف الهند عنه كليل
هو الحبر كشاف الشكوك بعلمه / وشراب أبطال الحروب أكول
هو السابق الهادي على رغم أنف من / خلاف الذي قد قلت فيه يقول
ولما التقى الجمعان كان لسيفه / بضرب رقاب القاسطين صليل
وسالك أجواز المناقب كلها / له سفرة في ضمنها وقفول
وقالوا عيون الدين بكر وخالد / فقلت عيون في الهداية حول
اناس بهم قتل الحسين بكربلا / فلي منه إن حن الظلام أليل
وأنصاره سروا بسبي حريمه / ويبدون ضحكاً إذ لهن عويل
أبوه بلا شك أباد جدودهم / فثارت عليهم من أبيه ذحول
فإن يستقر الدار بي إن فكرتي / تقسم في أفعالهم وتجول
فلا يطمع الأعداء فيَّ فإنني / لي اللّه بالنصر المبين كفيل
أقول لهم ميلي إلى آل أحمد / وما أنا ميال الوداد ملول
لأن لهم في كل فضل وسؤدد / فصولاً عليها العالمون فضول
علاء قتلتم بضعة من نبيكم / وتدرون إن الرزء فيه جليل
ضحكتم وأظهرتم سروراً وبهجة / ليوم به نجل البتول قتيل
قتيل شجى الاملاك ما فعلوا به / وأظهر اسحان الجياء صهيل
ومن حقهم أن تخسف الأرض للذي / أتوه ولكن ما الحكيم عجول
وكان مصوناً فهو بالغدر فيهم / مذال وبعد العز فهو ذليل
شكوت جوى من حر قلبي لمعشر / دماؤهم فوق الطفوف تسيل
أميل إذا هبت شمال من الأسى / كما صرعت عقل النزيف شمول
فمالي وللأضداد لست أحبهم / ولا للذي قالوا لدي قبول
فإن ركبوا صعباً إلى النار كان لي / وطي مطي للجنان ذلول
وما نفع أجسام تزان بمجلس / إذا لم يزن تلك الجسوم عقول
على أهل بيت المصطفى من الاههم / صلاة لها غيث يسح هطول
فخذها لهم من نجل رزيك مدحة / تسير كما سارت صبا وقبول
خلَّصت من خدعات الأعين النجل
خلَّصت من خدعات الأعين النجل / ونبت من تبعات اللهو والغزل
وقام عندي لوم الخائنين إذا / خانوا الوداد مقام اللوم والعذلِ
فما بكيت لناس استريح به / من العناء ولم أضحك إلى أمل
ولو سوى هذه الدنيا غدا وطني / لقلت أني لم أربع على طلل
إذا تناكر أفعال الرجال بها / فحومة الحرب والمحراب تشهد لي
أنفت في خلواتي أن يرى لفمي / من غيرتي لهباً إلا على القتل
وعفت ما في قدود السمر إن خطرت / من اعتدال لما في السمر من خطل
وزرقة النصل في طرف القناة أبت / ان يستبين بما بالطرف من كحل
وتحل اثارها في كل معركة / قامت لدي مقام الأعين النجل
حتى كأن أسيلان الخدود وقد / أعرضت عنها أحالتني على الأسل
وإن جوهر سيفي لو قربت به / جواهر التحلي صار الحلي كالعطل
ترفعت همتي حتى وطيت على / كواكب الجو بالمهرية الذلل
فما المجدة في افق السماء سرى / محجة دستها بالخيل والابل
ولا الأهلة مع مر الشهور سوى / اثار خيلي من حاف ومنتعل
ما ثار الا وراء الثور عثيرها / قدماً ولا حملت الا على الحمل
وأخلف الشهب في ليل العجاج إذا / غابت بشهب على الأرماح لم تفل
فليس تبقي غداة الحرب إن فتكت / أعمال فتك لمريخ ولا زحل
وبعد هذا فإن الموت مدركنا / وليس يسبق في ريث ولا عجل
ولا الحول ينفع فيه حين يحضرنا / داعي المنايا ولا يرتد بالحيل
وليس يصحبنا ما نسر به / في هذه الدار الا صالح العمل
ولا يؤمننا في الحشر من وجل / الا ولاء أمير المؤمنين علي
شرعت عرفي إلى حوض النبي به / ولم أعرج على طرق ولا وشل
ومال ودي إلى القربى التي ظهرت / أعراقها لا إلى ود ولا هبل
آل النبي الأُلى آوي إلى سبب / منهم وحبل بحبل اللّه متصل
وما قصدت وقد صيرتهم درجا / إلى نجاتي الا أقرب السبل
بانت طريقهم المثلى لسالكها / فلست عنها بذي زيغ ولا ميل
ما كنت أبغي اعتصاماً بالنزول إلى / خفض الوهاد عن الانجاد والقلل
باللّه لو لم تجد عن نهج مسلكهم / عمى القلوب بقوم لا عمى المقل
ما كان يشكل عن ذي اللب فضلهم / في واضح الصبح ما يغني عن الطفل
من كالامام الذي الزهراء ثاوية / في بيته وأخوه خاتم الرسل
الباذل النفس من دون النبي وقد / فر الجبانان من عجز ومن فشل
في يوم خيبر والأجناد شاهدة / بنص ذلك منذ الأعصر الأول
ومطعم السائل البادي بخاتمه / عند الركوع اوان الفرض والنفل
والخاشع المتجرى في تواضعه / كأنه لم يصل يوماً ولم يصل
وقابض الكف عما لا يحل له / كأنها لم تطل يوماً ولم تطل
ومن يرد عن الدنيا بنان يد / كأنها لم تنل يوماً ولم تنل
سأل به ليلة الأحزاب إذ دلفت / خيل العدى وهي ملء السهل والجبل
وجاء أعداء دين اللّه في رهج / تزلزل الأرض من علو ومن سفل
وساء ظن الألى صارت قلوبهم / إلى الحناجر من خوف ومن وجل
وجردوا حين اطغى القردُّ نارهم / بيضاً توقد في الايمان كالشعل
وجاء عمر بن ود في أوائلهم / من شدة التيه لا يلوي على بطل
حتى توغل صف المسلمين على / نهد إذا زالت الأجبال لم يزل
هل كان غير أمير المؤمنين له / قرناً فرواه من مهل ومن وهل
ويوم بدر وقد ماد القليب دماً / يغص وارده في العل واليهل
شابت بضربته رأس الوليد ضحى / شيباً يضر لغير الفاحم الرجل
وكم وليد سواه في حروبهم / قد ظل يسبق منه الشيب بالأجل
وكل من لعبت أيدي الضلال به / هناك يأوي إلى الأكتاف والطلل
ولم يجز ذاك الا للنبي وما / في غيره حجة يوماً لذي جدل
قد آمر اللّه أن يلقى بمعتزم / من الرجال ولم يأمر بمعتزل
ولو أجاز نكوصا أو محاجزة / في ساعة الزحف للرعديدة الوكل
ما قال قدماً أعدوا ما استطاع له / اولاء للقوم من خيل ومن خول
ولو تولاهم الادبار إن زحفوا / يوماً فراراً إلى الأستار والكلل
ويوم احد غداة البأس حين ثوى / أهل اللواء بسيف الفارس البطل
ما كان في السهل من بعض النعام وفي / الأوعاد لما التقى الجمعان كالوعل
وجاء بعد بليث يستقيل فلم / يقل لدى عذره صدقاً ولم يقل
وفي حنين وللبيض الرقاق به / حنين بيض تنادت فيه بالثكل
من قال قد بطل اليوم الذي عقدوا / فينا من السحر إن الدهر ذو دول
وبعد مثوى رسول اللّه إذ نصبوا / له العداوة من أنثى ومن رجل
ما سد رأي التي كانت صلاتهم / برأيها خوف ذاك العارض الجلل
وبالعراق أراق البغي مِن دم مَن / أحالها مثل صوب العارض الهطل
بني أمية اني لست ذاكركم / إذ لي بذكر سواكم أكبر الشغل
كفى الذي دخل الاسلام إذ فتكت / ايمانكم ببني الزهراء من خلل
منعتم من لذيذ الماء شاربهم / ظُلما وكم فيكمُ من شارب ثمل
أبكيهم بدموع لو بها شربوا / في كربلاء كفتهم سورة الغلل
أنا ابن رزيك يزري ما أقول وان / طال الزمان بما قد قال كل ولي
ما ارتعت مذ كنت للاواء إن طرقت / رجلي ولا ارتحت للسراء والجذل
القلب ينجدني والعزم يصحبني / دون المصاحب في حل ومرتحل
والصبر ينشدني والخطب محتفل / لا تلق دهرك الا غير محتفل
إذا كنت في الحب لا اقبل
إذا كنت في الحب لا اقبل / فقل للعذول لمن تعذل
فما أنت ثان أخا صبوة / يغطي عليه هوىً أولُ
رقاك تلين صلاب الصفا / ولكنها فيه لا تعمل
وسحرك يهزأ من بابل / ولكنه عنده يبطل
أجيراننا بهضاب الغوير / سقاكم حيا ديمة تهطل
منازلكم بصميم الفؤاد / إذا ما نبا بكم منزل
وفي الجفن أمواهكم لا تغور / وفي الصدر نيرانكم تشعل
وتسمية العين عيناً يدل / حقاً على أنها منهل
وسمركم مثل سمر القنا / تميد وأطرافها الانصل
وكنت أؤمل عدل القنا / ة لو أن معتدل يعدل
ألم تر أن طوال الرماح / بحسن استقامتها تقتل
وفي الركب دمية حسن تضل / عقولاً وما ضمها هيكل
تود لورد على خدها / مدى الدهر لو أنها تخجل
ترى الورد يذبل مهما يشم / وهذا يشم ولا يذبل
وأشراكها إذ تصيد القلوب / ذوائب من خلفها تسبل
وما خلت ألحاظها أسهما / وأن النفوس لها مقتل
إلى أن رأيت بها العاشقين / مدى الدهر تؤسر أو تقتل
فذكرني ذاك آل النبي / غداة بكى لهم الجندل
وسال من الصخر غيضاً لهم / دم فاض لم يجره منصل
ولم يجدوا في الورى غير من / يمالي على القوم أو يجذل
دعتهم هنالك أطفالهم / كما قد دعت أسدها الأشبل
وقد جادهم صيب السها / م من كل ناحية يرسل
فشمر في الجبهات الأكف / فكم نصل سهم بها ينصل
وكم نحر طفل صغيراً غدا / يحمر ما بيض الصيقل
أآل الهدى لم يكن في العباد / ولا في البلاد لكم موئل
وما ضركم معهم غير ان / جدكم المصطفى المرسل
ووالدكم فيهم قد ابيد / به جحفل بعده جحفل
وكان ببدر وأُحد له / عليهم مواقف لا تجهل
فجازاه من بعد حين يزيد / بما كان في قومه يفعل
وساق بنيه حفاة عراة / تدمى الثرى منهم الأرجل
إذا ما اشتكوا العري غطاهم / عجاج لخيل العرى مسدل
من الجرد يحمل طول الطريق / بغياً عليهم بمن تحمل
وإن حضيت من نزوح البلاد / فمن دمهم أبدا تنعل
وأول من سن هذا الفعال / منهم ببيعته الأول
تلقتها فلتة لا تجوز / عند العقول ولا تقبل
وأطمع تاليه جهراً بها / فمدت له نحوها الأحبل
ووطا لثالثهم بعد أن / أهل النفاق له أميل
فخلط فيها إلى أن أصيب / بالقتل واللّه لا يغفل
وقامت مخالفة للرسول / هاتيك في مرطها ترفل
هي الأمر لا سترها مسبل / عليها ولا بابها مقفل
على جمل فعلت في العراق / ما لا يليق ولا يجمل
فلله واللّه يجزي به / من المكر ما يحمل المحمل
وكم طعنت قبل هذا عليه / فيما تقول وما تفعل
وقطع أوصاله وهو في / الحياة لسان لها مفصل
إذا وصل الأمر بثته في / المحافل خطبتها الفيصل
وما غاظها غير أن الامام / علياً علا جده المقبل
ولم يك للناس عن خيرهم / وأفضل من فيهم معدل
ومن عجب أن فضل الوصي / يخفي على الخلق أو يثكل
وإن الزمان يرى الناس فيه / حيناً وأعلاهم الأسفل
وما برح الدهر ذا حالتين / مذ قط كلتيهما تثقل
فحلى بزينته بقعة / واخرى إلى جنبها تعطل
فؤاد بفرحته ممرع / دواء بترحته ممحل
ولو لم يكن هكذا لم يكن / به خالص الشهد والحنظل
يا نفس كم تخدعين بالأمل
يا نفس كم تخدعين بالأمل / وكم تحبين فسحة الأجل
وكم تجدّين في تطلبك ال / علم ولا تجهدين بالعملِ
لو تعرف الطير والبهائم أن / الموت يفنى لها على عجل
وأنها لا ترده أبدا / إذا أتى بالخداع والعلل
لكان يمسي لها بذاك عن / الأوكار والرعي أكبر الشغل
هذا وقد أعفيت من الحشر / والنشر وما فيهما من الوجل
وكان موت النفوس غايتها / قضى بذاك الاله في الأزل
وقد علمنا ما لو به عملت / نفوسنا آمنت من الزلل
وكان فيه نجاة أنفسنا / لولا اعتباء الفتور والكسل
فليس في مِلة من المِلل ما / صار في المسلمين من مَللِ
ولا جرى في شريعة سلفت / على اختلاف الأديان والنحل
ما قد جرى من فعال أمتنا / بظلمهم آل خاتم الرسل
لما استبدوا عنهم ببغيتهم / وصاحب الأمر عنه في شغل
في البيت ما غاب عن جهاز رسو / ل الله في دفنه ولا الغسل
ولا رأى أن يسابق القوم في / الأمر إذ كان غير محتفل
بل ظن إن الحق المبين سيأ / تيه بما ينبغي على مهل
وظن ان الذي تقرر في / الغدير لم ينتقض ولم يحل
ما ظن ان العهد الوثيق من / النبي والأمر غير ممتثل
ومنصب الوحي ينبغي بغير ان / تعتدي دولة من الدول
يملكها ناقصاً شرائطها / أخذهم دائماً عن الأُول
حتى أتاه التكبير من جانب / المسجد إذ أجمعوا على الرجل
فقال ما قاله هناك أبو سفيا / ن حتى رشوه بالجمل
فباع أخراه بالحقير من المال / وفي الخر قطّ لم يزل
ثم تعدوا إلى اغتصابهم الز / هراء ما نفلت من النفل
وصيروا ارثها لوالدها / مقسماً في الرعاع والسفل
نعم وقالوا عنه هنالك ما لم / يوص يوماً به ولم يقل
والقصد أن ينقلوا الخلافة / عن بنيه والحق غير منتقل
ما النور شيء يزول يوماً عن / الشمس إلى أن يصير في زحل
ولا صعاب المقلدين أمور / الناس مما يصطاد بالحيل
هيهات هيهات ما لمن حوت / الأرض بما قد ذكرت من قبل
ذاك سر الاله قدره في / خلقه لم يدع ولم يزل
بينه للعقول ان نظرت / تبارك اللّه موضع السبل
يا عجباً للذين ظل بهم فر / ط عما لا يحل في المقل
كيف أجازوا قياس قايسهم / بين عتيق بجهله وعلي
كم بين من في الصلاة معتكف / وعاكف عمره على هبل
وهازم الجيش وحده أبدا / وقاعد للضلال في الظلل
وحامل راية النبي ومن / فر بها في الجبال كالوعل
بخيبر والخبير يعرف ما ذكر / ت من ذاك غير منتحل
سلوا الحميراء عنه فقد عرفت / منه مصاع المحرب البطل
إذ هتكت في رضا أقاربها / عنها ستور النبي والحجل
وأقبلت بالعراق تقصده / زحفاً إليه في موكب زجل
هل غادر القوم حول هودجها / تسيل أرواحهم على الأسل
فليس يسطيع أن يقول لنا / لا ناقتي فيهم ولا جملي
وحرب صفين قد أعاد بني حرب / بها مثله من المثل
يوم اتقاه عمرو بسوئته / وهل تبدت الا من الوهل
لو لم يبادر مثل الحصان غدا / مشمراً جله عن الكفل
وترسه ظاهر لوقع قنا / لكنها ليس بالقنا الذبل
لذاق ما ذاق يوم خندقه / عمرو بن ود علا على نهل
يا أيها الناس قد نصحت لكم / فأنصفوا واحكموا علي ولي
يا أيها الناس هاتوا لي بمثل بني / الزهراء مثلي في العالمين ولي
أنا ابن رزيك لا أقصر في / الجلاد عن دينهم ولم أمل
سيفان عندي أسطو بهذا / على العرض وهذا يسطو على القلل
انطقتني انني بفهمي متى / شئت وعزمي في الحالتين ملي
قل لابن منقذ الذي
قل لابن منقذ الذي / قد حاز في الفضل الكمالا
فلذاك قد أضحى الا / نام على فضائله عيالا
وقريضه عند الظما / ينسيهم الماء الزلالا
كالدر والياقوت ما / سكن البحار ولا الجبالا
لكن يجاور فيض أيمان / واحلاماً ثقالا
ما كان ظني أن يحرم منه / لي السحر الحلالا
كلا ولا يشكو لحمل / رسائل مني كلالا
كم قد بعثنا نحوك / الأشعار مسرعة عجالا
مثل الحسان الغيد / تاهت في محاسنها دلالا
بذلت لك الممنوع ثم / منحتها منك ابتذالا
وصددت عنها حين رامت / من محاسنك الوصالا
ما كان مرسلها وحقك / يستحق بها الملالا
هلا بذلت لنا مقالا / حين لم تبذل فعالا
مع اننا نوليك صبراً / في المودة واحتمالا
ونبثك الأخبار ان أضحت / قصاراً أو طوالا
سارت سرايانا لقصد الشام / نعتسف الرمالا
تزجي إلى الأعداء جرد / الخيل أتباعاً توالى
تمضي خفافاً للمغار بها / وتأتينا ثقالا
حتى لقد رام الأعادي / من ديارهم ارتحالا
وعلى الوعيرة معشر / لو يعهدوا فيها القتالا
لما نأت عمن يحف بها / يميناً أو شمالا
نهضت إليها خيلنا / من مصر تحتمل الرجالا
والبيض لامعة وبيض / الهند والأسل النهالا
فغدت كأن لم يعهدوا / في أرضها حياً حلالا
هذا وفي تل العجول / ملآن بالقتلى التلالا
إذ مر مري ليس يلوي / نحو رفقته اشتغالا
واشتاق عسكرنا له / أهلاً يحبهم ومالا
وسرية ابن فريج الطائي / طال بها وصالا
سارت إلى أرض الخليل / فلم تدع فيها خلالا
فلو ان نور الدين يجعل / فعلنا فيهم مثالا
ويسير الأجناد جهراً / كي ينازلهم نزالا
وبقى لنا ولأهل دولته / بما قد كان قالا
لرأيت للأفرنج طراً / في معاقلها اعتقالا
وإذا أتى الا اطراحاً / للنصيحة واعتزالا
عدنا بتسليم الأمور / لحكم خالقنا تعالى
ما كان أول تائه بجماله
ما كان أول تائه بجماله / بدر منال البدر دون منالهِ
متباين فالعدل من أقواله / ليغرنا والجور من أفعاله
صرع الفؤاد بسحر طرف فاتر / حتى دنى فأصابه بنباله
متعود للرمي حاجبه غدا / من قوسه واللحظ بعض نصاله
ما بلبل الأصداغ فوق عذاره / الا انطوى قلبي على بلباله
يبغي مغالطة العيون بها لكي / يخفي عقاربه مدب صلاله
ويضل من ثقل الغلالة يشتكي / ما يشتكيه القلب من أغلاله
جعل السهاد رقيب عين في الدجا / كي لا ترى في النوم طيف خياله
وحفظت في يدي اليمين وداده / جهدي وضيع مهجتي بشماله
وأباح حسادي موارد سمعه / وحميت ورد السمع عن عذاله
أغراه تأنيسي له بنفاره عني / واذلالي بفرط دلاله
ولربما عاتبته فيقول لي قولي / يكذبه بفتح فعاله
كعاشر أخذ النبي عهودهم / واستحسنوا الغدر الصراح بآله
خانوه في أمواله وأزروا على / أفعاله وعصوه في أقواله
هذا أمير المؤمنين ولم يكن / في عصره من حاز مثل خصاله
العلم عند مقاله والجود / حين نواله والبأس يوم نزاله
وأخوه من دون الورى وأمينه / قدماً على المخفي من أحواله
وصاهم بولاية فكأنما / وصاهم بخلافه وقتاله
واستنقصوا الدين الحنيف بكتمهم / يوم الغدير وكان يوم كماله
عدوه في قوم ولو قبلوا الذي / سمعوه ما باؤا بشع نعاله
ما خلت إن الأمر يشكل فيهم / حتى يعدوا قط من أشكاله
الجود يشهد في الأنام بفضله / والعلم عند سؤاله وسواله
والحق يبدو للنواظر طالعاً / كالشمس بين جلاده وجداله
والفرق يظهر للخبير بهم إذا / أعماله قرنت إلى أعماله
لم يعبد الرحمن خلق قبله / بعد النبي وذاك من اقباله
كشف الغطاء وكلهم متستر / بالكفر يرفل في ظلال ضلاله
وسنا الصباح بيوم صحو مشرق / في النور ليس يعد مع أصاله
وإذا الحروب أتت بيوم معضل / يتقهقر الأبطال عن أبطاله
كحنين أو أيام خيبر انها تبرى / مريض الشك من أغلاله
فروا وخلوه يكافح وسطه / فردا فلم ينسب إلى اخلاله
كالسيف صادق عزمه لكنه / في الحرب ليس يكل مثل كلاله
حتى أبان لهم بقائم سيفه / في الدين نهج حرامه وحلاله
فاستشعروا حداً له كالنار / قد أضحت رماح القوم بعض زباله
طعنوه بل ضربوه بل رجفوا له / برماحه وسيوفه ورجاله
وتعاونوا في حربه بمكائد / خدعت كما خدع السراب بآله
لم يلق في صفين من محتالهم / الا كسا لاقاه من مغتاله
ولقد بدا لي في المنام فهبته / وغضضت عنه الطرف من اجلاله
وأخذت من يده الأمان مبادراً / ليعيذني في الحشر من أهواله
من بعد ما قد عشت عمري كله / أعنو إلى الرحمن في تسئاله
لاراه ليس يحول عوني حايل عنه / سوى اعظامه وجلاله
فأنالني سئولي فما ان ينقضي / شكري له أبدا على أفضاله
أيها السائر المجد إلى الشا
أيها السائر المجد إلى الشا / م تبارى ركابه والخيول
خذ على بلدة بها دار مجد / الدين لاريع ريعها المأمول
وتعرف أخباره واقرأه منا / سلاماً فيه العتاب يجول
قل له أنت نعم ذخراً لصديق / اليوم لكنك الصديق الملول
ما ظننا بأن حالك في القرب / ولا البعد بالملال تحول
لا كتاب ولا جواب ولا قول / به لليقين منا حصول
غير أنا نواصل الكتب إذ قصر / منك البر الكريم الوصل
ذاكرين الفتح الذي فتح اللّه / علينا فالصنع منه جميل
لم يزل فعلنا له خالصاً / وهو لما شاء في الأنام فصول
جاءنا بعدما ذكرناه في كتب / أتاكم بهن منا الرسول
أن بعض الاسطول نال من / الافرنج ما لا يناله التأميل
سار في قلة وما زال باللّه / وصدق النيات ينمي القليل
وبلقا الاسطول ليس له / بعد إلى ساحل الشآم وصول
فحوى من عكا وانطرطوس / عدة لم يحط بها التحصيل
جمع ديوية بهم كانت الافرنج / تسطو على الورى وتصول
قيد في وسطهم مقدمهم / يهدي الينا وجيده مغلول
بعد مثوى جماعة هلكت / بالسيف منها الغريق والمقتول
هذه نعمة الاله وتعديد / أيادي الاله شيء يطول
فأبلغن قولنا إلى الملك العادل / فهو المرجو والمأمول
قل له كم تماطل الدين في الكفار / فأحذر أن يغصب الممطول
سِر إلى القدس واحتسب ذاك / في اللّه فبالسير منك يشفي الغليل
وإذا ما أبطأ مسيرك فاللّه إذاً / حسبنا ونِعم الوكيل