المجموع : 152
من أين جدّ اليوم هذا الخصام
من أين جدّ اليوم هذا الخصام / يا أمم الغرب نقضت الذمام
كنا استعدنا الأمسَ عهدَ الصَّفا / فلم يدم أمس ولا العهد دامْ
كنا نسينا ما جرى بيننا / وكاد يبدو في الجراح التئامْ
واستُجمعت في الصفو اهواؤنا / وعادت الوصلة بعد انصرامْ
أريتنا في الودّ معنى الجفا / وجئتنا بالحرب تحت السلام
إختلف التسليم ما بيننا / يد تحيى ويد في الحسام
لا تبسمي من بعد هذا لنا / قد غرّنا فيما مضى الابتسام
وأمّة ما اشبهت أمّة / تفردت بالغدر بين الأنام
تسومنا الضيم بلا علة / يا بنت روما إننا لن نضام
هذي قلوب لا تهاب الحمام / هذي صدور لا تبالي الصدام
فاضرمي بين الثرى والسما / ناراً تلج ما بين ذاك الضرام
هل تُستبى أمّ أسود الشرى / والأسدُ ما بين يديها قيام
أم يستباح اليوم ذاك الحمى / وفيه أمثال طغورد نيامْ
أم جندنا أضحوا كسرب المها / أم أصبح العُرب كخيط النعام
مهلاً فلا تستقدمنْ خطوة / قد يرغم الآناف هذا الرغام
يا رُبَّ همٍّ أصلهُ من هيام / ورُبَّ غرم فادح من غرام
يشوي الفراش النورُ في ناره / وقد تميت الكاس صبّ المدام
وهذه الأقدار مجهولة / والكون لا يبقى عليه انتظام
ما يبلغ الأسطول من معشر / أسطولهم في البرشم الأكام
منيفة ثابتة صلبة / منيعة جانبها لا يرام
تهوي عوالي الطير من دونها / وينثني عن مرتقاها الغمام
يا علَمُ اخفق يا طبول ارعدي / ويا أسود استقدمي للأمام
والله لا نتركها للعدا / تدوس بالأرجل تلك العظام
حتى تروّى إرضها من دمٍ / وتختفي بطاحها في الرمام
وتصبح الدأماء في حمرة / وتغتدي آفاقُها في ظلام
فلا يلمنا بعدها لائم / من أيقظ الشرّ عليه الملام
صاحت طرابلس بأبنائها / لبّيك أمّاه دعوت الكرام
حتى م تبكي العين طال البكاء
حتى م تبكي العين طال البكاء / أما لحزن بت فيه انقضاء
قد خنتني يا دهر قد خنتني / ما كنت أحجوك قليل الوفاء
إن أبد مالي يعيني سرده / أو أخفه يزدد بهذا الخفاء
ماتت أماني ولما أمت / أحيا إذن للياس لا للرجاء
أصبحت آبى كل ما أرتجي / هيهات ما مثل الاباء الرضا
كيف أعزي القلب عما مضى / ويل لقلب ما له من عزاء
ما زلت أدعو للهدى معشراً / ضلوا فلما يجد طول الدعاء
ضاع ندائي حين ناديتهم / لو لم أضع ما ضاع ذاك النداء
هذي رسوم قد محاها البلى / وذي رسوم قد علاها العفاء
فحيثما تسع تجد مأثماً / باك ومبكي وآبي البكاء
ليس صباح بصباح لهم / ولا مساء لهم بالمساء
في ذمة الله رجال قضوا / طال بهم تحت القبور الثواء
لا التاج ذاك التاج من بعدهم / ولا بهاء الملك ذاك البهاء
تشقي جراغان بسجينها / ويجتلي بيعته من يشاء
يا رب هذي كعبة شيدت / ركناً وهذا خاتم الأنبياء
اساءني بينهما ظالمي / وقد كفى بينهما أن أساء
أعدم قوماً بت أرثيهم / والهفي ماذا يفيد الرتاء
كانوا غيوثي حين لا غيث لي / كانوا نمائي حين ما لي نماء
أقول والطلم بآفاته / يحتث للملك مطايا الفناء
لا ييأس المكروب من فرجة / ولا عليل أبداً من شفاء
العدل سلطان شديد القوى / ينصره الله بجند القضاء
تمادى رجال على غيهم
تمادى رجال على غيهم / أضرّ بهم وبأهل البلاد
وقد وضع الحق في نوره / فمن أمّ أمّ ومن حاد حادْ
ففيم وقوفك يا سيدي / وخطبتك اليوم بين العباد
قناة السويس انقضى أمرها / فلا تستعدهُ فليس يعاد
أثرتَ لهُ أمس حرباً عواناً / فهذا الحريق بذاك الزناد
عزيز علينا خروجك منها / خروج المريد بغير المراد
ومن نكد الدهر أن الصروف / تصيد الرجال وليست تصاد
وخبرت أنك عاتبت قوماً / فقلت العتاب تبيع الوداد
فلما قرأت الذي قلنهُ / غدوتُ بوادٍ وظني بواد
بربك سائل فؤادك يوماً / أأحسنت أم لا يجبك الفؤاد
فإن الضمائر لا ترتشي / ومهما تعاند تمل العناد
وهيهات إن فزت من بعدها / سيضرب ربّ السداد السداد
إن تندموا ليس يفيد الندم
إن تندموا ليس يفيد الندم / قد قضي الأمر وجفّ القلم
الله خلاق الورى عادلٌ / فلا يلومَنْ غيره من ظلم
يا أمة يقتلها جهلها / جهلك لا يشبه جهل الأمم
هكذا كنت أيهذا الهمام
هكذا كنت أيهذا الهمام / خافقات من فوقك الأعلام
كل ساع وراءك اليوم يبكي / نعشك اليوم وحده بسام
نم هنيئاً لقد سهرت كثيراً / فتساليا بها جنودك ناموا
رقدة هذه كأنك فيها / والد حوله بنوه قيام
لا أرى مثل فقدك اليوم فقداً / كل أبطالنا به أيتام
ولئن تبت عن كلام البرايا / مثل ذا الصمت للبيب كلام
فر منك الحمام بين ملونا / وبمصر سطا عليك الحمام
غاظه الله لم يهادنك يوماً / وعلى الخصم تصبر الأخصام
والعدو الكريم يهجع في أم / ن إذا كان في عداه كرام
سوف تبكي الأقلام سيفك دهراً / رب سيف تبكي له الأقلام
الجبال التي وقفت عليها / لم ينل مثل مجدها الأهرام
قد تمنى لو فاز منك بما فا / زت فغنت له به الأعوام
ما تعالى إلا بضيم الاساري / وأساراك مثلهم لم يضاموا
ودعوا منك سيداً حين ساروا / ورأوا منك والداً ما أقاموا
لا أحب الوغى ولا أنا منه / كل ما يقتل النفوس حرام
غير أن الأنام تهوى المعالي / وبسمر الوشيج تعلو الأنام
وبلاد الفتى تعز عليه / وعظام الأباء فيها عظام
وعهود الصبا عهود غوال / وغرام الوفي ذاك الغرام
يوم تأتي فروق تلق ليوثاً / أكبرتها وراءك الآجام
تتثنى لديك تلك العوالي / حين ينجاب عنك ذاك الغمام
وتظل القبور تهتز شوقاً / في الفيافي وتهتف الأرمام
هي كانت من قبل هذا قبوراً / فإذا ما حللت فهي خيام
كلما هب من فروق نسيم / فهو من أهلها عليك سلام
تجالسني أم لا فأبكي أنا وحدي
تجالسني أم لا فأبكي أنا وحدي / أعني بدمع جف يا غيث ما عندي
أمامك أكباد تذوب حرارة / ودمعي لا يجدي ودمعك قد يجدي
بروحي جنات دهنها جهنم / رأينا الفنا فيها يدب إلى الخلد
عرائس حلتها بليلة عيدها / أكف فزفت بعد ذاك إلى اللحد
فما فاز منها حلف يأس بمأمل / ولا كادج عند القرب يشفي جوى البعد
بدت بسمات ثم أعقبها البكا / كذاك وميض البرق يعقب الرعد
أإن تم نظم العقد وا أتلفت به / جواهره تنحل واسطة العقد
غررنا بأحلام فكانت كواذباً / وسرنا لقصد فانحرفنا عن القصد
وكنا نرجي أن يكون اعتزامنا / لحد فجزناه فصرنا إلى الضد
فيا حسرتا لو تنفع اليوم حسرة / إذن لاشتفت مما ألم بها كبدي
دعوا فسرت في أنفس القوم رعدة / ولا عجب فالرعب مثل الضنى يعدي
فلاحت لهم ذات اللظى مشمعلة / كما لاح قرن الشمس من قمة النجد
تلوح برايات وتدعو بألسن / وتبعث جنداً لا يغالب بالجند
تثير دخاناً في الفضاء وقد زها / تراءى به الأقمار في أوجه ربد
إذا عالجته الريح مد رواقه / وأخفى محيا الملك في ذلك المد
تضم القصور الشم ضمة عاشق / تلاقى بمعشوق هناك على وعد
تلاق وأشهى منه رامية النوى / وعطف وأحلى منه مستطرد الصد
ولما تبدت حمرة الشفق انثنت / عليها فشف الخد عن حمرة الخد
لمن دمن لم يبق في عرصاتها / سوى فحم من مسعر الحجر الصلد
تظل نحيبها البواكي بأدمع / تروي ثراها والدموع من العهد
سلام على تلك الطلول التي عفت / لقد عشت أهديها السلام وأستهدي
سلام على الأم التي في سوادها / بدت لتباكي الولد منها على الولد
سلام على مهد الأعالي الألى مضوا / بناة المعالي بل سلام على مهدي
أخ جاء يدعوني إلى نصر أخوة
أخ جاء يدعوني إلى نصر أخوة / وهذا يراع سامع ومجيب
فقلت له لا تسلم النفس للأسى / إذا ساء عيش أنه سيطيب
وهذي الليالي لا يقر قرارها / فمن لم يصبه الخير سوف يصيب
لنا أكبد لا تخمد النار تحتها / ولا هي من حر اللهيب تذوب
أظن لنا في ذمة الدهر طلبة / وأدراكها للآملين قريب
قضى زعماء السوء فينا بما قضوا / لهم دوننا في الطيبات نصيب
نخال جديدات الأمور عجيبة / وما تحت فسطاط السماء عجيب
لا تذكريني فإن الذكر يرجع لي
لا تذكريني فإن الذكر يرجع لي / عادات وجدي في أيامي الأول
وعالجيني بيأس منك ينفعني / البرء باليأس ينسي السقم بالأمل
طاب التجافي فلا تأساك قسمته / إذا مللت فما يشكيك من مللي
لسائم الود أما ينصرم بدل / منه وليس لراعي الود من بدل
دعي ليالي أوطاني تطالبني / بها فلا تشغلي نفسي بلا شغل
وكفكفي الدمع هذا الدمع يفتنني / أشجى الشكايات عندي أدمع المقل
هي اللآلئ تطفو في المحاجر لا / تختار للسبح إلا موضع الكحل
لو لم أكن شاعراً أصبحت حاسداً / فلؤلؤ الدمع منه لؤلؤ الغزل
ظلمتم الدهر فما ذنبه
ظلمتم الدهر فما ذنبه / يرحمه من ظلمكم ربه
شاب بكم في حسرة رأسه / أما كفى في حسرة شيبه
يا ليته عاتبكم مرة / فربما يصلحكم عتبه
لقد مضى من زمن جده / فلا يغرنكمو لعبه
ما للهدى قد ضل عن أرضكم / ما خطبه إذ ضل ما خطبه
أخواننا إن الصبا غركم / وهكذا في غيركم دأبه
قد كان مرعى فانقضى خصبه / هذا الذي بنصره جدبه
بت عليه بعده نادياً / وليس بجدي بعده ندبه
أشكو إلى الله قلوباً جنت / وإنني من قد جنى قلبه
أين الوفاء لا أرى من وفا / أمات أم أماته حزبه
أحزننا أحزننا بعده / وقبله افرحنا قربه
الحمد لله مضى ما مضى / لا يغضه باق ولا حبه
يا منزلاً بات الهوى صبه / وإنني قبل الهوى صبه
أظل ابكيك بدمعي وإن / ينفد يجد بغيره غربه
ودّع فروق لقد أجدّ فراقُ
ودّع فروق لقد أجدّ فراقُ / ما تطيق هل الوداعُ يطاقُ
هي وقفة بين التعلل والأسى / يفنى الرجاء ويخلد الميثاقُ
أعطِ المنازل حقها يوم النوى / هذا الفؤاد وهذه الأحداقُ
واستبق شعرك للقاء إذا دنا / حسبٌ النوى ما تنشد الآماقُ
قد كان شوق ثم نؤت بحمله / فلتنظرنْ ما تصنع الأشواقُ
يا عاشقاً لم يدر ما جهد الهوى / أرأيت ما يتجرّعُ العشاق
أكتبْ شجونك فالشعاع يراعة / والبحر حبر والسما أوراق
فعسى يسوق الدهر ما سطرته / لبنيه بعدك فالشجون تساق
السابقوك إلى المصارع أدركوا / غاياتهم ولك استجدّ سباق
فاغلب بعزمك أمر حزمك وانصلت / تلحق بهم عقبي المجدّ لحاق
رقأت دموع قد جرت لفراقهم / لم يبق دمع بعدهم مهراق
أما الجفون فما بها متسهّد / أما القلوب فما بها خفّاق
والروض موشيّ الطرائق زاهر / أبداً وسائغ مزنه رقراق
والطير في دوحاته متجاوب / والبان في اثلاته مطراق
وجد السلوّ الواجدون وهكذا / كأس الهموم تعاف عين تذاق
سيفيق من سكر الصبا نشوانه / فالسابقون قد انتشوا وأفاقوا
استودع الله الرفاق جميعهم / ولسوف يتّبع الرفيق رفاق
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي
يا ليالي ماذا نرى يا ليالي / خير حال أريت أم شر حال
أكذا يصبح الموالي عبيداً / أكذا يحكم العبيد الموالي
لا أمان فننتهي بالأماني / لا نوال فنكتفي بالنوال
حكمة قد أردتها رب فينا / فامتثلنا والخير في الأمتثال
إن هذا الجيل الأخير لجيل / جاء عاراً لسائر الأجيال
خلافة قد مضى عنها خلائفها
خلافة قد مضى عنها خلائفها / من آل عثمان من سادوا ومن شادوا
أبقوا بها المجد للأخلاف بعدهمو / والمجد يبقيه للأخلاف أمجاد
حتى انتهت لأمير في تسلطه / يخشى مظالمه عاد وشداد
يا ويلنا إنما نبكي لنا وطناً / يبكيه في الترب آباءٌ وأجداد
كفى حزناً إن الرجال كثيرةٍ
كفى حزناً إن الرجال كثيرةٍ / وليس لنا فيما نراه رجالُ
نُحكّم قوماً لا يبالوا قائلاً / وإن قام كل العالمين فقالوا
إذا ارتقبوا أمراً فذلك منصبٌ / أو اطّلبو شيئاً فذلك مال
بغال تسوس الأسْد شر سياسة / وما ساس أُسْداً قبل ذاك بغالُ
قضيتم وعشنا بعدكم مرّ عيشة / تعالوا انظرونا يا جدود تعالوا
أسيدتي إني أمرؤ أحمل الهوى
أسيدتي إني أمرؤ أحمل الهوى / ولكنني عند اللحاظ ضعيف
أحب خفيف الدل إن لم يكن جفا / فكل دلال لا يذيب خفيف
فلا تدعيني حائراً فيك والهاً / فعندك قلب في الغرام لطيف
يا قلب مالك لا تطاوعني
يا قلب مالك لا تطاوعني / ولقد أطعتك في الذي رمتا
أنا راغب عن معشر غدروا / فعلام ترغب فيهم أنتا
أفلا ترى في الغدر منقصة / فتحب من يرضونه نعتا
لو يعلم المهد ما يكون
لو يعلم المهد ما يكون / من بعده ذخره الثمين
لبات حرصاً به ضنيناً / وذو الغوالي بها ضنين
يظل يهفو به حنين / إذا شجا ربه حنين
يصر في ميله صريراً / كأنه تحته أنين
يا حبذا الوجه حين يبدو / من فوقه ذلك الجبين
حسن تشك العقول فيه / وينتهي عنده اليقين
لما تجلى بها صباها / وجاولت عينها العيون
وأقبلت تنثني دلالاً / كما انثنت قبلها الغصون
أطاعها الحب في البرايا / فكيف كانت لهم يكون
تحاجزت دونها الأماني / وأوقفت عندها الظنون
امست وعشاقها ملوك / أضحت وأخوانها قيون
فوجهها للعلا وفي / وقلبها للهوى خؤون
وجسمها في الورى عزيز / وقدرها عندهم مهين
وكم قصور بها حسان / أحب منها لها السجون
ملت سهول الحياة رغماً / وأعجبتها بها الحزون
في أوج تلك السماء شمس / تغضي لاشراقها الجفون
لم يستقر الفؤاد منها / بينا خفوق إذا سكون
وما خلا من جوى فاءما / مضت شجون أتت شجون
أستسلمت للزمان طوعاً / إذا قسا صرفه تلين
تشتاق في عزها ذويها / وحصنها دونهم حصين
حتى م هذي القيود تبقى / يا رب قد كلت المتون
مظلومة تشكو إلى مظلوم
مظلومة تشكو إلى مظلوم / هذي همومك هل عرفت همومي
ما ترتجين من أمرئ لا يرتجى / ومتى السقيم غدا طبيب سقيم
قد حاربوك وحاربوني ضلة / ما في خصومك منصف وخصومي
أن انتصف لك أو لنفسي منهم / ما حيلتي في النازل المحتوم
ما في الزمان ولا بنيه كرامة / فيصان قدر كريمة وكريم
فتساجلي العبرات أنت وشاعر / كل يجود بدره المنظوم
إنا تقاسمنا الشدائد بيننا / ولقد رضيت بحظي المقسوم
لو يستقيم الدهر في أحكامه / ما ضاع حق الآيس المحكوم
إن السماء إذا تغير ودها / سدت معارجها على المظلوم
يعلى الدعاء فينثني من دونها / بصواعق يرمى بها ورجوم
هل مثل هذا الصدر يصبح منزلاً / للواعج ترمى به وغموم
كلا فلو كنت الأله جعلته / وقفاً لثغر الشاعر المحروم
يرنو إليه من بعيد والهاً / يختار في موضع التعظيم
ويرومه فيرده فيرومه / حتى ينال بذاك كل مروم
تبدت مع الصبح لما تبدى
تبدت مع الصبح لما تبدى / فأهدت إلي السلام وأهدى
تقابل في الأفق خداهما / فحييت خداً وقبلت خداً
لقد بدل الله بالبعد قرباً / فلا بدل الله بالقرب بعدا
تلظى اشتياقي بقلبي زماناً / ولكنه أصبح اليوم بردا
فلست بشاك ولست بباك / سأزداد شكراً وأزداد حمدا
أزائرتي بعد طول النوى / تلطفت جداً تعطفت جداً
نظرت لعهدي صدود ووصل / فأبليت عهداً وجددت عهدا
أعدت لهذا المكان صباه / فأصبح كالروض بل كان أندى
ويا طالما كنت أوليه صداً / ويا شد ما صرت أوليه ودا
وكنت أسميه قبل سعيراً / فأصبح عندي نعيماً وخلدا
تعالي فجسي بكفك كبدي / إذا كان ابقى لي الهجر كبدا
على أنني آمل رده / بوصلك لو شئت بالوصل ردا
خشيت السلو فغالبته / فزاد كلانا على البعد وجدا
وليس يضيع مثلي عهداً / وليس يضيع مثلك عهدا
يقوم الغرام على جانبيه / فأما يمل جانب منه هدا
هلمي أسر بك بين الرياض / فننظم فلا وننثر وردا
فهذا أوان هبوب الصبا / لنخمش خداً ونهصر قدا
ستشدو الطيور بألحانها / وأشدو بلحني وأني لأشدى
إذا نظرتك على الأيك غنت / تبدت مع الصبح لما تبدى
عذبتني بهواك يا قلبي
عذبتني بهواك يا قلبي / إن كنت لست تفيق ما ذنبي
روحي الفداء لها فإن رضيت / مني الفداء فإنه حسبي
أنا من يموت بحبها كلفاً / ويعيش بعدي عندها حبي
في مهجتي نار إذا اضطرمت / أخشى حرارتها على لبي
يا نارها زيدي ويا كبدي / ذوبي ويا نسماتها هبي
الله صورها لأعشقها / عشقي لها قد شاءه ربي
يا معشر الشعراء حسبكمو / أو ليس حقي التيه من عجبي
هل عند لحظيك شيء
هل عند لحظيك شيء / من باقيات المعاني
فليلهماني قليلاً / إني ضعيف البيان
ما في فؤادي باق / وقل ما في لساني
يا نعمة الله عندي / وجل من أولاني
لأنت أحسن شيء / أعطاه للإنسان