المجموع : 375
لمثلِ معاليك تعنُو الرِّقابْ
لمثلِ معاليك تعنُو الرِّقابْ / ومن جودك الغَمْرِ يحيا السحابُ
ومن نشوةِ الكَرَمِ المُقْتَنى / لديك يُجَدَّدُ عهدُ الشبابْ
وما ضَرَّ جارَكَ لوْ أَنَّهُ / يَحُدُّ له الدهرُ ظُفْراً ونابْ
يَفِيءُ إِلى رَعْن طَوْدٍ أشمَّ / منيعٍ له من سَحابٍ سِحابْ
أرى الدهرَ طوعَ يدَيْ ماجدٍ / رحيبِ الفِناءِ مَرِيعِ الجَنَابْ
يعلّمُهُ طَرَباتِ الكِرام / إِلى مستميحيهِ عِرْقٌ لُبابْ
تلينُ له نَبْعَتا دهْرِه / بصدمةِ رأيٍ يروضُ الصِّعابْ
إِذا جادَ لم يعترِضْهُ المَلال / وطبَّقَ سَيبُ يديهِ الشِّعابْ
يروعُكَ يوميهِ من أصغريه / بفضل الرِقابِ وفصلِ الخِطابْ
غرائمُ أورعَ ضافِي الإزا / ر في دوحةِ المجدِ عالي النِّصَابْ
غرائمُ تفدِي شِهابَ الضُّحَى / بها وتُروِّي صُدورَ الكِعَابْ
به يُشرِقُ المُلْكُ يومَ الفَخار / ويحتدمُ الحرب يومَ الضِرابْ
يُضيءُ شِهاباه في الغَيْهبي / ن غيهبِ ليلٍ وخَطْبٍ أصابْ
رزينُ حَصاةِ النُّهَى ثابت / إِذا ظَنَّ أو قال يوماً أصابْ
هو المُلكُ سيفاً صقيلَ الغِرار / وأنتَ الفِرِنْدُ له والذُّبابْ
تريعُ إليه بهادي الجموح / وبُهْرَته وهو صِفْرُ الوِطابْ
أرى عِرْقَ نُعماكَ صديانَ عندي / وقد كان قِدْماً ثريَّ التُرابْ
وبعضُ أياديكَ عندي الحياة / إِذا أنعُمُ القومِ عندي سَرابْ
فصُنْ لي معاشي باجراءِ رسمي / وصُنْ ماءَ وجهيَ ذُلَّ الطِّلابْ
ومُنَّ بتوفيرِه مُنعماً / تَحُزْ بفعالكَ حسنَ الثَّوابْ
أَمَّا الزمانُ ففي تنبيههِ عِظَةٌ
أَمَّا الزمانُ ففي تنبيههِ عِظَةٌ / لولا الغِشاوةُ في أجفانِ مسبوتِ
عصراهُ قد حَذَّرا تأكيدَ سحرِهما / كما سَمِعْتَ بهاروتٍ وماروتِ
أهوِنْ بصرفيهِ من بُؤسٍ ومن نُعُمٍ / ولا تُبَالِ بما يأتِي وما يوتي
ولا تخصَّ بمقتٍ بعض سيرتِه / فليس في الدهرِ شيءٌ غيرُ ممقوتِ
لو كان يُعجِبني شيءٌ لأعجبني / فيه شماتةُ مكبوتٍ بمكبوتِ
قالوا وحَظِّيَ محدودٌ ولو نظروا / رأوا تشابُهَ محدودٍ ومبخُوتِ
تحافظوا بوصايا الجهلِ بينَهُمُ / طُرَّاً فما شئتَ من جبتٍ وطاغوتِ
وقِلَّةُ الفِكْرِ ما زالت مؤدِّيةً / إِلى عبادةِ مطبوعٍ ومنحوتِ
أما رأيتَ حظوظَ الدَّهْرِ قد عُكستْ / فالماءُ للضَّبِّ والرمَضاءُ للحُوتِ
ومبسِمُ ابنِ رسولِ اللّه قد عبثتْ / بنو زيادٍ بثَغْرٍ منه منكوتِ
فاقنعْ من العيشِ بالميسورِ تَحظَ به / فلا خَلاقَ لما أربَى على القُوتِ
قوتٌ ودَرُّ سَحابٍ أمسكا رمقاً / فما التنافسُ في دُرٍّ وياقوتِ
وإنَّ للعقلِ لو أبصرتَ معتَبراً / بغَرفةٍ فَرْدةٍ من نهرِ طَالُوتِ
يا شاكياً نكأةَ القَرْحِ التي نكأَتْ / يَدُ الزمانِ بمغتالٍ ومبغوتِ
اطمَحْ بطرفكَ وانظرْ هل ترى وزراً / في مطمعِ النَّسْرِ أو في مسبح الحُوتِ
تعاقبٌ بين مجموعٍ ومفتَرِقٍ / ونوبةٌ بين موصولٍ ومبتوتِ
وللحقيقةِ سِرٌّ لا يباحُ به / أضحى له الناسُ في بَهماءَ سَبروتِ
لا تَتَّهِمْ من شَقَّ فاك فإنَّهُ
لا تَتَّهِمْ من شَقَّ فاك فإنَّهُ / ضَمِنَ الحياةَ وقدَّرَ الأقواتا
وابذُلْ فانّ المالَ شَعْرٌ كلَّما / أوسعتَهُ حلْقاً يزيدُ نباتا
ومُسَدِّدٍ من قوسِ حاجبهِ
ومُسَدِّدٍ من قوسِ حاجبهِ / نحوَ المَقاتِلِ سهمَ مقلَتِهِ
خاف النِّصالَ فصاغ عارِضَهُ / زَرَدَاً تضاعفَ دونَ وجنتِهِ
لمَّا رآني حاسِراً ورأى / إدلالَهُ بكمالِ شِكَّتِهِ
أنحَى على ضَعْفِي بقوَّتِهِ / وسطَا على عَجْزِي بقدرتِهِ
يا من إِذا اجتمعَ الكُتَّابُ كان لهُ
يا من إِذا اجتمعَ الكُتَّابُ كان لهُ / فضلُ الإمارةِ مقتاداً كتيبتَها
شكَتْ إليك دواتِي شيبَ لِمَّتِهَا / وأنتَ أخلقُ مَنْ طَرَّى شبيبتَها
وكنتُ أُراني مفلتاً شَركَ الهَوى
وكنتُ أُراني مفلتاً شَركَ الهَوى / فقد صادني سحرُ العيونِ النوافثِ
وأسمعني داعي الغَرامِ ِنداءَهُ / فقمتُ إِليه مسرعاً غيرَ لابِثِ
وأعطيتُ إخوانَ البطالةِ صَفْقَتِي / وبِعْتُ قديماً من غَرامٍ بحادثِ
فما صفقتي في البيعِ صفقةُ خاسرٍ / ولا بيعتي للحب بيعةُ ناكثِ
فلا تعذلوني في غراميَ بعدَما / تولَّى الصِّبَا فالعَذْلُ أوَّلُ باعِثِ
ولا تبحثُوا عن سرِّ قلبيَ إنَّهُ / صفَاً ليس يمضي فيه مِعْوَلُ باحثِ
أرى صَبواتِ الحبِ قد جَدَّ جدُّهَا / وقد كان بدء الحب مَزْحَةُ عابثِ
بادِرْ بفُرصتكَ الزمانَ ولا
بادِرْ بفُرصتكَ الزمانَ ولا / تلبَثْ فإنَّ الفَوْتَ في اللَّبْثِ
إن الحوادثَ بين أجنحةِ ال / أيامِ وهي سريعةُ الحَثِّ
رأيتُ عواريَّ الليالي مُعَادةً
رأيتُ عواريَّ الليالي مُعَادةً / إليها فلا تَرْجُ البَقاءَ لما تُرْجي
ولم تَتْركِ الأيامُ للنَّمْرِ جلدَهُ / فتأمُلَ أن تُبقِي على صاحب السَّرجِ
أواخرُ دهرٍ أشبهتْ في فَسادِها / أوائِلَها ما أشبَهَ الشَّرْجَ بالشَّرْجِ
رُوَيْدَكَ فالهمومُ لها رِتَاجُ
رُوَيْدَكَ فالهمومُ لها رِتَاجُ / وعن كَثَبٍ يكونُ لها انفراجُ
ألم تَرَ أنَّ طولَ الليلِ لمَّا / تناهَى حان للصُّبْحِ انبلاجُ
وجَنَّةٍ بالطِيبِ موصوفةٍ
وجَنَّةٍ بالطِيبِ موصوفةٍ / مَوشِيَّةِ الأرجَاءِ منسوجَهْ
كأنَّما أزهارُ أشجارِهَا / وَشْيٌ على حَسناءَ مغنوجَهْ
يَشُقُّها في وَسْطِها جَدْولٌ / مياهُهُ العَذْبَةُ مثلوجَهْ
له سَواقٍ طفحَتْ والتوَتْ / تلوّيَ الحيَّةِ مشجوجَهْ
فهي رماحٌ أُشْرِعَتْ نحوَها / تطعنُها سُلْكَى ومخلوجَهْ
زَوَّجْتُها ليقِلَّ عَتْبُ وُشاتِها
زَوَّجْتُها ليقِلَّ عَتْبُ وُشاتِها / ويكونَ عندي صَفْوُهَا ومِزَاجُها
ما ضرَّنِي أنْ كنتُ صاحبَ ضيعةٍ / لي دَخْلُها وعلى سوايَ خَراجُها
أَرِقْتُ لبرقٍ لاح عنِّي وميضُه
أَرِقْتُ لبرقٍ لاح عنِّي وميضُه / وإنسانُ عيني في صَرَى الدمعِ سابحُ
وما لاحَ لي إلّا وبينَ جوانِحي / جوَىً مثلُ سِرِّ الزَنْدِ أوراهُ قادِحُ
فيا لكَ من شوقٍ أروضُ جِماحَهُ / ويأبَى سِوى عضِّ الشكيمِ الجوامحُ
وعازبِ أشجانٍ أُريحَ على الحَشَا / ولو كان مالاً ضاقَ عنه المسارحُ
وكم حَنَّةٍ لي نحوَ نَجْدٍ وأنَّةٍ / كما حَنَّ مرقوعُ الأظلَّينِ رازِحُ
أألْوِي حيازيمي إِذا ما ترنَّمتْ / على عَذَباتِ الأيكِ وُرْقٌ صَوادحُ
وأمسحُ عيني وهي تَحْفِزُ أدمعي / وكيف رُقوءُ الدمعِ والقلبُ طافحُ
وعاذلةٍ هَبَّتْ ترومُ نصيحتِي / وأعوزُ شيءٍ ما يروم النَّواصحُ
تقولُ ألا يصحُو فؤادُك بعدما / تردَّتْ بأفوافِ المشيبِ المسابحُ
فقلتُ دعيني والهَوى فجوانحِي / إليهِ على طولِ العَنَاءِ جوانحُ
ولا تذكري نَجْداً وطِيبَ هوائِهِ / وقد ضَاعَ وَهْنَاً رنْدُهُ المتفاوِحُ
فبِي طَرَبٌ لو أنَّ بالعِيسِ مثلَهُ / أطار البُرى أنضاؤُهنَّ الطلايحُ
وبي شَجَنٌ لو كنتُ ممَّنْ يُذيعُهُ / قليلاً لسالتْ بالشُّجونِ الأباطِحُ
وفي الجيرة الأدنَيْنَ هِيْفٌ خصُورُها / ثقيلاتُ ما تحتَ الخُصورِ رواجحُ
برزنَ بألحاظِ العيون نواشِبَاً / وهنّ لأطرافِ المروطِ روامحُ
جلونَ شفوفاً عن شُنوف ونَقَّبتْ / براقعَها تلك العيونُ اللوامحُ
فلم يملِكِ العينَ الطموحَ مُجاهرٌ / بفِسْقٍ ولا النفسَ النقيةَ صالحُ
ولا غَروَ أن يرتاحَ للصيدِ قانِصٌ / إِذا عَنَّ ظبيٌ بالصَّريمةِ جانِحُ
مولايَ أكرمُ من ألوذُ بظلِّه
مولايَ أكرمُ من ألوذُ بظلِّه / وأَعُدُّهُ وأُعِدُّهُ لصلاحِي
سكنِي إِذا ما الأمْنُ قَرَّ مِهَادُهُ / ولدَى المخافةِ معقِلي وسِلاحي
لِوَسائلِ الآداب فيما بينَنا / ذِمَمٌ وصلنَ جناحَهُ بجَنَاحِي
إنِّي أبثُّكَ كُنْهَ حالي مُجمِلاً / ما بينَ تعريضٍ إِلى إفْصَاحِ
أنا عند مخدومي بأفضلِ حالةٍ / في خيرِ مغدىً عندَهُ ومَرَاحِ
حَسُنَتْ بهِ حالي وطابتْ عِيشتي / واشتطَّ آمالي وفازَ قِداحي
أهوى اللَّحاقَ به وأخشى أنَّني / من بعدِه أمشي بأجْرَدَ ضَاحي
ويصدُّنِي حُبُّ المقامِ وأفرُخٌ / زُغْبٌ تَرُدُّ إِذا عزمتُ طِماحِي
هل أنتَ متّخِذٌ لديَّ صَنيعةً / غَرَّاءَ غيرَ بهيمةِ الأوضاحِ
وممهِّدٌ لي إنْ أقمتُ لديكُمُ / جاهاً عريضاً يُتَّقَى بالرَّاحِ
ومقايضٌ شكري ببرِّكَ راغِبٌ / من متجري في أوفرِ الأرباحِ
حتى أكونَ بشكرِ بِرِّك كافلاً / ويكون بِرُّك كافلاً بنجاحي
يا مَنْ يُسِيءُ إِلى الأنا
يا مَنْ يُسِيءُ إِلى الأنا / مِ وعُذْرُه الوَجْهُ الصبيحُ
حاشا لوجهكَ أنْ يَشي / نَ جمالَهُ الخُلقُ القبيحُ
حتَّامَ يحتملُ الأذى / في حبِّكَ القلبُ القريحُ
متعلِّلاً بالوَعْدِ لا / نُجْحٌ ولا رَدٌّ صَرِيحُ
لا سلوةٌ فيطيبُ عن / كَ ولا حِمامُ فيستريحُ
وأرُدُّ فيكَ النُّصْحَ عن / علمٍ بأنْ صَدَقَ النصيحُ
وأغالِطُ الواشينَ في / كَ وقولُهم عندي صحيحُ
حَصِراً يترجمُ عن ضمي / رِ فؤادِيَ الدمعُ الفصيحُ
أقول لصاحبي ما الرأيُ فيما
أقول لصاحبي ما الرأيُ فيما / أَبثُّكَ فابذُلِ النصحَ الصريحا
أُراني بائعاً قلبي بقلبٍ / ومن ذا يشتري القلب القريحا
فانْ يكسُدْ عليَّ ولم أبِعْهُ / رميتُ به عسى أنْ أسترِيحَا
فقال الرأيُ عندي أن تُداري / على عِلّاته القلبَ الجريحا
فما في الحقِّ أن يشقَى عليلاً / لديكَ وقد سعِدتَ به صحيحا
ولقد تَشَاكينَا على عَجَلٍ
ولقد تَشَاكينَا على عَجَلٍ / بالسَّفْحِ والعَبراتُ تَنْسَفِحُ
فَلَوَ اَنَّ شكوانا هناك بدتْ / لرأيتَ منها النارَ تنقدحُ
ما لي وللعُذَّالِ ليتَهُمُ / ماتوا بغيظهمُ إِذا نصحُوا
قالوا افتضحتَ وليتهمْ صدقُوا / من لي بأني فيكَ أفتضِحُ
بارزتُ دهري وهو قَرْنِي فانتضَى
بارزتُ دهري وهو قَرْنِي فانتضَى / في السُّودِ من فَوْدَيَّ بيضَ صفائحِ
وجرتْ وقائعُ بيننا مشهورةٌ / فاغْبَرَّ من نقعِ الطِّرادِ مسابحي
ناهبتُه شوطَ الجِراءِ ففاتَنِي / جَذَعاً وقَصَّر عنه جَرْيُ القارحِ
ونزلتُ عن أحوى جَمومٍ سابحٍ / وحملتُ بَزِّي فوقَ أشهبَ رازحِ
يكبو بصاحبهِ ويُسلمُهُ إِذا / دُعِيَتْ نَزَالِ إِلى العدوِّ الكاشحِ
هيهاتَ يسلمُ من يبارِزُ قَرْنَهُ / يوم اللقاءِ على عَتُورٍ جامحِ
أعالِمَةٌ بالرَّمْلِ عفراءُ أنَّنِي
أعالِمَةٌ بالرَّمْلِ عفراءُ أنَّنِي / على أي حالٍ أغتدي وأروحُ
أروحُ وقلبي بالهموم معذَّبٌ / وأغدو وعيني بالدموع سَفُوحُ
فلا الموت أهوى قبلَ لُقيا أحبَّتِي / ولا العيشُ لي قبل اللقاءِ مُريحُ
سَقامٌ ووجدٌ واشتياقٌ وغُرْبَةٌ / وقلبٌ بأنواعِ الهُمومِ جريحُ
هي العيسُ قُوداً في الأزمَّةِ تنفخُ
هي العيسُ قُوداً في الأزمَّةِ تنفخُ / تمطّى بها من عُجمةِ الرملِ برزخُ
فَليْنَ الدُّجى عن غُرَّةِ الصبحِ فاغتدتْ / بجنبِ النَّقَا منها وقوفٌ ونُوَّخُ
كأن اللَّغَامَ الجَعْدَ طالَ نسالُهُ / على الجُدُلِ المرخاةِ برْسٌ مُسَبَّخُ
عليها قِطافُ المشي أطولُ خَطوِها / قِدى الفِتْرِ إذْ أدنى خُطاهنَّ فرسخُ
بدورٌ أَكَنَّتْهَا خدورٌ يجُنُّها / جناحُ خُدارِيّ من الليلِ أفتَخُ
تناهبنَ غرَّ الحُسنِ ملأى وسوقُها / فقد شَرِقَتْ منها قِبابٌ وأشرخُ
فوشيُ خُدودٍ بالجَمالِ مُنمنَمٌ / ومسكُ شعورٍ بالشباب مضمَّخُ
فيا ظَعَناتِ الحيِّ باللّه عَرِّجِي / على سَلْسَلٍ من عبرتي يتنضَّخُ
ويا نَسَماتِ الريحِ رفْقاً بمهجتي / ففي القلب نارٌ كُلَّما هجتِ تُنْفَخُ
ويا نارَ قلبي ما لجمرِكَ كُلَّما / نضحتُ عليه الماءَ لا يتبوَّخُ
ويا صادحاتِ الوُرقِ في الأيك أقصِري / فما ليَ إذ أشكو ولا لكِ مُصرِخُ
فيا جِيرةً شطَّتْ بهم غُربةُ النَّوَى / ولاعهدُهم يُنْسَى ولا الوُدُّ يُنْسَخُ
لكم في جنوب الأرضِ مسرىً ومسرحٌ / وللحبِّ في جَنْبَيَّ مرسىً ومرسخُ
فمَنْ مبلغٌ عني عِدايَ أَلُوكةً / تُؤَمُّ بها هامُ العُداةِ وتُشْدَخُ
أَفي كلِّ يومٍ جلبةٌ من عداوةٍ / تفرِّقُ أو شوكٌ من الضِّغْنِ تُنْتَخُ
ولسعةُ كيدٍ لو يُرامُ بنفثِها / مناكبُ رضوى أوشكتْ تتفسَّخُ
تطاولني قُعس الضِراب سَفاهَةً / وقد قَصَّرتْ عني شماريخُ بُذَّخُ
وما راعَنِي هُدرُ الفَحالةِ قبلَكُمْ / فأرتاعُ من رزِّ البكارة تفلخُ
أبَى لي قبولَ الضيمِ مطمحُ هِمَّتِي / ومُلقى قَتودي والأمونُ المُنَوَّخُ
ومرثومةٌ بالعِزِّ شَمَّاءُ تنتحِي / إِذا رَئِمْت بوَّ الصَّغارِ وتشمخُ
وحظِّيَ من أيامِ مُلْكٍ بِعِزِّهِ / تُقامُ مواقيتُ العُلَى وتُؤَرَّخُ
سُلالةُ ظِلِّ اللّهِ في الأرض إنْ جَرتْ / له ذُكْرَةٌ عند السلاطين بَخْبَخُوا
يتوقُ إليه المُلكُ وهو لهُ ابْنُمٌ / ويحنو عليه التاجُ وهو لهُ أخُ
وتعنو له صِيْدُ الممالكِ خُضَّعاً / إِذا اصطفَّ حَوليهِ كهولٌ وشُرَّخُ
وتشتاقُه الجُرْدُ الصوافِنُ شُزَّبَاً / يجوسُ بها أرضَ العِدى فتُدَوَّخُ
وتأمل أن تحظَى وتُنْقَشَ باسْمهِ / وذايلُ تِبْرٍ في المعادن سُوَّخُ
يربي العِدى أبناءَهمْ لِسهامهِ / وللصَّقْرِ ما أضحَى البُغَاثُ يُفَرِّخُ
له هضبةُ العزِّ القُدامسُ والذُّرَى / من المجدِ والطَودُ الذي هو أبذخُ
ملوكٌ همُ حاطُوا الخِلافةَ بعدَما / تهضَّمها أعداؤُها وتنوَّخُوا
بهم ثَبَّتَ اللّهُ الهُدى وتزلزلتْ / أخامِصُ قومٍ في الضَّلالةِ أُرْسِخُوا
وبُصِّرَ محجوبُ البصائر أكْمَهٌ / وأُسمِعَ مشدودُ المسامِع أصلخُ
إِذا المُلكُ دَبَّتْ فيه وعكةُ فِتْنَةٍ / سقَوها الظُّبَا مشحوذةً فتسبَّخُ
فأسيافُهم بالأمنِ والخوف ترتمِي / وأيديهمُ بالمالِ والدَّمِ تنضَخُ
لهم نفحَتا سَطوٍ وعَفْوٍ فهذهِ / زُعَاقٌ وهاتِيكم زُلالٌ منقَّخُ
ثِقالٌ إِذا اصطفَّ السِماطانِ حولَهمْ / خِفافٌ إِذا الداعي المُثَوِّبُ يصرُخُ
حَذا حذوَهمْ ضافي العطاء مؤَيَّدٌ / من اللّهِ ميمونُ النقيبةِ أبلخُ
بنَى قُبَّةَ الإسلامِ بالسيف بعدَما / تهاوتْ مبانيهِ وكادتْ تَسَوَّخُ
يقود الخميسَ المَجْرَ غصَّ به الفَلا / وأصبحَ هامُ الأكمِ وهو مُشَدَّخُ
إِذا كرَّ فيهم طِرْفَه جمدوا لهُ / وذابوا سواءً يافعٌ ومشيّخُ
فلا لونَ إلا حين يُسفرُ مسفِرٌ / ولا روعَ إلا حين يضحكُ مفرِخُ
وقد عَلِمَ الإلحادُ مُذْ نُصِرَ الهُدَى / بأنْ ليس للدينِ الحنيفيِّ مَنْسخُ
غدا وبنوهُ بين حِرباءَ تنضُبٍ / تُشالَ على جِذعٍ ورقشاءَ تُسلخُ
وان يتوقَّوا في الشَّماريخِ منهمُ / فسوف يَحُطُّ القومَ عنها المشمرِخُ
لهُ من بناتِ الريحِ كُلُّ طِمِرَّةٍ / تَخايَلُ في ميدانِها وتَبَذَّخُ
عليها أصابيغُ الدِماءِ كأنها / تُغَلَّفُ ما بين القَنَا وتُلَخْلَخُ
ضَمِنَّ القِرى للوحشِ والطيرِ فارتوتْ / وكظَّتْ جِراءٌ من قِراها وأفرخُ
نَذَارِ لقومٍ أخطأوا سُبُلَ الهُدى / فحاروا وتاهوا في الضَّلال وطخطَخُوا
نَذَارِ لهم قبلَ التي لا شَوى لها / وعيداً يُصَكُّ السمعُ منه فَيُصمَخُ
حَذَارِ لهم من سَخْطةِ اللّه إنها / يُشاهُ بها حُرُّ الوجوه ويُمْسَخُ
كأني بهامٍ منهمُ وسواعدٍ / تَطيحُ كما طاحتْ نَوى القَسْبِ تُرضَخُ
أبعدَ وُضوح الحقِّ يرجونَ فسخَهُ / وللحقِّ عَقْدٌ مُبرَمٌ ليس يُفْسَخُ
خدمتكُمُ والعمرُ غَضٌّ جميمُهُ / نَدٍ وأهاضيبُ الشبيبةِ نُضَّخُ
أُسَيِّرُ في أيامِكمْ من شَواردي / عُلالةَ سيرٍ حين يمتدُ سَرْبَخُ
وأحمِلُ من أسرارِكم كلَّ باهظٍ / يَضيقُ به صدرُ الكريمِ فَيَنْضَخُ
وأُنشِئُ في الشُّورى صحائفَ طيُّها / نوافثُ سِحْرٍ للعزائمِ نُسَّخُ
وأنصحُكمْ في حَلِّ كُلِّ مترجَمٍ / به يُضبطُ الأمرُ الشَّعاعُ ويُرْسَخُ
أحينَ أنى أن اجتني ثمرَ الرِّضا / أُرَدُّ إِلى نَزْرٍ من العيشِ يُرضَخُ
ألوذُ بكم من عَثْرةِ الجَدُّ إنّها / دهتني ولا ذنبٌ به أتلطَّخُ
فعطفاً فقد أودى بيَ الضُّرُ واشتفَى / زمانيَ من وطءٍ يرُضُّ ويفضخُ
ولا تَدَعوني والحوادثَ إنّها / تُعرِّقني عرقَ المُدى وتُمَخْمِخُ
وأوصوا بيَ الأيامَ خيراً فإنها / بكمْ تقتدي فيما تُمِلُّ وتنسَخُ
فقد ذُدْتُم الهِيمَ الخوامسَ عن دمي / وقد كَرَبتْ أعناق قومٍ تَفَسَّخُ
وأنشأتُمُ لي مهجةً جُدْتُمُ بِها / على بَدَنٍ ما فيه للروح مَنْفَخُ
رعاكمْ منِ استرعاكُم الخَلْقَ أنَّكُمْ / لهم وزرٌ في كل خطب ومُصْرَخُ
ولا خَلَتِ الأيامُ منكم فإنَّكُمْ / لها غُرَرٌ فيها تلوحُ وتشدخُ
فؤادٌ على كَرِّ الحوادثِ مارِدُ
فؤادٌ على كَرِّ الحوادثِ مارِدُ / وعَزمٌ على جَوْرِ النوائبِ قاصدُ
وقلبٌ يَعافُ الضيمَ مرتعُ همِّهِ / ولو رتعَتْ فيهِ الرِقاقُ البواردُ
تَنُوءُ به الآمالُ والجَدُّ قاعِدٌ / وتُسْهِرُه العلياءُ والحَظُّ راقدُ
يحوزُ المُنَى من دونهِ كلُّ وادعٍ / ويُحرَمُ ما دونَ الرِضا وهو جاهدُ
بهِ من قِراع الخَطْبِ دَاءٌ مماطلٌ / وليس له إلا الليالي عوائِدُ
ونفسٌ بأعقابِ الأمور بصيرةٌ / لها من طِلاع الغيب حادٍ وقائدُ
عليها طِلابُ العِزِّ من قُذُفَاتِه / وليس عليها أنْ تُنَالَ المقاصِدُ
ويُطمِعُها في نيلِها العزَّ أنَّها / حليفُ طِرادٍ والمعالي طرائِدُ
إِذا ميَّزتْ بين الأمور وأبصرتْ / مصايرَها هانتْ عليها الشَّدائِدُ
فتؤثِرُ بَرْحَ الظِمْءِ والرِيُّ فاضح / وتألفُ بؤسَ الجَدْبِ والذُّلُ رائِدُ
وتأنف أن يَشفي الزلالُ غليلَها / إِذا هيَ لم تشتقْ إليها المواردُ
أُولِّي بني الأيام نظرةَ راحمٍ / وإنْ ظنَّتِ الجُهَّالُ أنِّيَ حاسدُ
لهمْ في تضاعيف الرجاءِ مخاوفٌ / ولي في تصاريف الزمان مواعدُ
لك اللّه من هَمٍّ به تَسعَدُ العُلَى / وتشقى المهارى والدُّجَى والفدافِدُ
يزعزع كيرانَ المَطِيِّ بساهمٍ / علاه شحوبُ المجدِ والمجدُ جاهدُ
أغرُّ إِذا استغنى به العزمُ لم يكنْ / له عن حياضِ المجدِ والموتِ ذائدُ
له أربٌ بين الأسِنَّةِ والظُّبَا / إِذا لم يساعدْهُ الحُبَى والوسائِدُ
فقد لفحتْهُ الهُوجُ وهي سَمائِمٌ / كما نفحَتْهُ النُّكْبُ وهي صَوارِدُ
يَشُقُّ جَنانَ الليلِ عن كلِّ مَهْمَهٍ / يذودُ سوامَ النجمِ والنجمُ ساهدُ
فلا ضجعةٌ والصبحُ شَمْطاءُ حاسِرٌ / ولا هَجْعةٌ والليلُ عذراءُ ناهدُ
فأولَى لها من هِمَّةٍ ذُلِّلَتْ لها / صِعابُ العُلَى لولا الزمانُ المعانِدُ
أُريحتْ عليه ثَلَّةُ المجدِ إذْ غَدا / لها من معينِ الملْكِ زندٌ وساعِدُ
ولولا تصاريفُ الحوادثِ أُوطِئَتْ / رِقابُ المعالي حيثُ تُرخَى القلائِدُ
بهِ اعتذر الأيامُ عن هَفَواتِها / وعُدَّ لها بعدَ المساوي المحامدُ
ولو أنصفتْ حامتْ عليه فما لها / إِذا حُمِدَتْ إلا بعَلياهُ حامدُ
أساءَ إليها فاستثارتْ صروفَها / صيالَ نزوعِ القلبِ والقلبُ واجدُ
وعارضها في صَرْفها فتظاهرتْ / عليه الصروفُ البادياتُ العوائدُ
برغم العُلَى أن أُشهِد الأمرَ غُيَّبٌ / وغُيِّبَ عنه حاضرُ اللُّبِّ شاهدُ
وما غابَ حتى طَبَّقَ الأرضَ جُودُهُ / ودانَ لنعماهُ مُقِرٌّ وجاحدُ
تعاوَرهُ غَمْزُ الثِقَافِ فردَّهُ / صَليبٌ على قَرْعِ الحوادثِ ماردُ
وأرهف حدَّيهِ الخطوبُ طوارقاً / كما رقّقتْ متنَ الحُسامِ المبارِدُ
فلا تَشْمتِ الأعداءُ بالطَوْدِ مائِداً / وقد رسختْ أركانُه والقواعِدُ
فما بالحُسامِ المشرفِيّ غَضاضَةٌ / إِذا ردَّهُ يومَ الكريهةِ غامدُ
فمنْ مخبِرٌ والقولُ بالغيبِ ظِنَّةٌ / عن الدَّوحِ والأيامُ عُوْجٌ نواكِدُ
هل اخضرَّ من بعدِ التسلُّبِ عُودُهُ / ومدَّ بضبعيهِ الغصونُ الأمالدُ
فعهدي على أنّ الحوادثَ جَمَّةٌ / به وهو ريَّانُ العساليجِ مائِدُ
وقد يتعَرَّى الغُصْنُ حيناً ويكتسي / نَضارتَهُ ما لم ينلْ منه خاضِدُ
بكُرهِيَ أنْ فارقتُ جَوَّ ظِلالِه / كما فقدَ الكَفَّ المنيعةَ ساعدُ
تهدَّفتُ للأيامِ بعدَ فِراقِه / إِذا مرَّ منها نازلٌ كَرَّ عائدُ
أَمرُّ بذاك الرَّبْعِ ولهَى رياحُهُ / معطلةً أعلامُه والمعاهدُ
عَهِدناهُ دَهراً بِالوُفودِ مُعضَّلاً / يُزاحِمُ فيهِ الأَقرَبينَ الأَباعِدُ
فَلَيسَ يُرى إِلّا شِفاهٌ لَوائِمٌ / تَراهُ خُضوعاً أَو جِباهٌ سَواجِدُ
مَواسِمُ جودٍ ما يَغِبُّ وُفودُها / إِذا خَفَّ مِنها راحِلٌ حَطَّ وافِدُ
إِذا سامَ فيها المُجتَدونَ مَراتِعٌ / وَإِن عاثَ فيها المُعتَدونَ مَآسِدُ
تُهالُ عَلى بُعدِ الأَعِزَّةِ وَالسُرى / مَهولٌ وَإِن غابَ الأُسودُ الحوارِدُ
مَعارِكُ بِأسٍ في مَآلِفِ صَبوَةٍ / تَجَمَّعُ فيهِنَّ المَعاني الشَوارِدُ
تُغَمغِمُ أَبطالٌ وَتَصهَلٌ قُرَّحٌ / وَتَصخَبُ أَوتارٌ وَتُروى قَصائِدُ
أَضاءَ لَها بَرقٌ مِنَ العِزِّ خاطِفٌ / وصالَ بِها رَدعٌ مِنَ المَجدِ راكِدُ
سَقاها رُجوعُ الظاعِنين فَحَسبُها / وَإِن أَخطَأَتها البارِقاتُ الرَواعِدُ
أَقولُ وَأَنضاءُ الأَماني طَلائِعٌ / لَدَيَّ وَأَنيابُ الدَواهي حَدائِدُ
وَقَد أَصحَرَت مِن جانِبَيَّ مَقاتِلٌ / تُخَضخَضُ فيهِنَّ السِهامُ الصَوارِدُ
وَبَينَ جُفوني لِلدُموعِ مَنابِعٌ / وَتَحتَ ضُلوعي لِلهُمومِ مَراقِدُ
وَأَوطَأَني الأَيّامُ أَعقابَ مَعشَرٍ / لَهُم أَوجُهٌ قَد بَرقَعَتها الجَلامِدُ
فَأَخلاقُهُم بِالمُخزِياتِ رَهائِنٌ / وَأَعراضُهُم لِلمُندِياتِ حَصائِدُ
يُقَهقِرُ عَن نَيلِ المَعالي خُطاهُمُ / فَسِيّانَ ساعٍ لِلمَعالي وَقاعِدُ
أَما يَستَفيقُ الدَهرُ عَن نَزَقاتِهِ / فَيُصبِحُ مُستَثنىً لَدَيهِ الأَماجِدُ
أما آن أن تَقْنَى الخطوبُ حياءَها / فَتُدْرَكُ أوتارٌ وتُشْفَى مواجدُ
أما للرِقاقِ المشرفيَّةِ ضاربٌ / أما للعِتَاقِ الهِبْرَذِيَّةِ ناقدُ
أما جرّدُوه مقضباً وهو ناشِئٌ / أما جَرَّبوه مقنباً وهو واحدُ
ومُفتَقَر الدنيا إِلى رأيهِ الذي / يُرَدُّ إليه في الأمورِ المقالدُ
سيذكُرهُ ذِكْرَ الطّرِيدِ محلَّهُ / عُرَى المُلْكِ مُنْحَلَّاً بهن المعاقدُ
وتصبُو إليه المكْرُماتُ عواطِلاً / تُزحْزَحُ عن أجيادِهنَّ القلائدُ
ويُبْلِغُه الإقبالُ ما هو ضَامِنٌ / ويُنْجِزُ فيه الجَدُّ ما هو واعدُ
وتعتذرُ الأيامُ بعدَ اساءةٍ / فَيُصْحَبُ أبَّاءٌ ويُصْلَحُ فاسدُ
فإن الليالي إن أخذنَ خواطِئاً / غوارمُ ما يأخُذْنَهُ فعوامدُ
على ذا مضَى حكمُ الزمإن لأهلهِ / فوادحُ مقرونٌ بهنَّ فوائدُ
وأرفَهُ خَلْقِ اللّهِ راضٍ بعيشةٍ / وأتعبُهم قلباً على الدهر واجدُ
كأنّي به مِلءَ المواكب والحُبَى / تُباهِي به أفراسُه والمساندُ
فما هو إلا البدرُ بعدَ سِرارِهِ / بَدَا وهو مِلْءُ العينِ والقلبُ صاعدُ