المجموع : 181
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا / وَقَدرك أَجدى بِالمَديح وَأَجدَرا
وَقَصر عَنك الوَبل وَالقَطر في النَدى / فَجارَيت بِالآلاء كِسرى وَقَيصَرا
لِأَنك باريت السَموات رفعة / وَبرّك قَد أَجرى عَلى البَر أَبحُرا
وَإِني أَراكَ البَدر وَالشَمس في الضُحى / بِمَكة أَو كَالغَيث وَاللَيث في السَرى
وَكَيفَ تَباريك المُلوك وَمَن بَرا / أَحلك بِالبَيت المُحَرَم مَنبَرا
يؤمك مِن شَرق البِلاد وَغَربِها / مِن الوَفد راجي الرَفد أَشعَث أَغبَرا
وَذي ظِماءٍ وافى إِلى وَرد زَمزَم / فَأَورَده جَدوى يَمينك كَوثَرا
وَجَيش لهام يَضرب الهام في الوَغى / تَرَكتُ عَلَيهِ النسر قَد مَدّ منسرا
وَبيض بِبيض المُرهفات فَلقتها / وَسُمر جَلَت كَأس المَنية أَحمَرا
وَأَنعلت بِالتيجان خيلكَ فَاِنثَنَت / وَقَد صارَ مِنها أَخضَر اللَون أَشقَرا
إِذا أَصبَحت نَجداً أَظَل غُبارَها / هَذيلاً وَداسَ الهول دَوساً وَحَميرا
تَسير بِها مثل الجِبال كَتائِباً / تَخط بِسُمر الخَط في الأَرض أَسطُرا
فَتوردها صَدر الرَدى وَتردها / وَما كُل هاد أَورَد الخَيل أَصدَرا
بِذي لجب لَف السَباسب بِالرُبا / وَلَثَّم وَجه الأَرض حَتّى تَسَتَرا
تَعَرّض بَينَ الشَرق وَالغَرب وَاِرتَقى / لِنَجم الثُريا حينَ غَصَ بِهِ الثَرى
إِذا لَم تُطاولك المُلوك بِطولها / فَقَد بَسَطَت عُذراً لِمَن كانَ قَصرّا
وَمَن ذا الَّذي أَحرى بِمَجدك مِنهُمُ / وَمَدحك في التَنزيل جاءَ مُحَرَرا
وَأَعلى مُلوك الأَرض كِسرى وَلَم يَكُن / لَهُ نَسَب داني البُتول وَحَيدَرا
وَإِن كانَ بِالإِيوان أَظهَر فَخرَه / فَحَسبُك بِالمحراب وَالبَيت مَظهَرا
إِلى خَير خَلق اللَه تَنَمى أُصولَكُم / فَكُنتُم بِهِ في الناس أَكرَم عُنصُرا
وَقَد جاءَ مِنهُ لِلنَبيين خاتم / فَلَم يَرَ قَدرَ الكَون يَبلغ خُنصُرا
وَأَنتُم بَنوه وَالَّذين بِفَضلِهم / أَتى الروح بِالذكر المُبين مخبرا
وَمَن ذا الَّذي بِالشعر يَبلغ مَدحكم / وَفي هَل أَتى ما قَد أَتى وَتَصَدرا
فَيا اِبن الَّذ قَد سادَ في الحلم أَحنَفا / وَبَذل اللها معناً وَفي اليَأس عَنتَرا
أَتاني كِتاب مِنكَ بِالعَتب أَشرَعَت / أَسِنة مِن أَملى الكِتاب وَحبرا
أَتَحسَب أَني قَد تنصلت في الَّذي / بَعَثت بِهِ كَي لا أُلام
بَرئت مِن الإِسلام إِن كُنتَ كاذِباً / عَلَيكُم بِما قالَ الطَبيب وَحذرا
فَخُذها لِجَيش الحَمد فيكُم طَليعَةٌ / تَريكَ نَظاماً قَد تَقَدَم عَسكَرا
سَأَجري عَلَيكُم بِالقَوافي سَوابِقاً / إِذا رامَ مَجراها النَسيم تَعَثَرا
وَأَنظُر مِن شَكوى الملال لِفكرتي / وَآتي الَّذي أَملى العِتاب فَأَثرا
فَلا زلت مَقصوداً وَلا زلت قاصِداً / أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر / رَعَت في خَضيب بَينَ تلكَ المَحاجر
وَحَلَت مِن البَيت المُحَرَم في حِمى / تَحط بِهِ الأَوزارعَن كُلِ زائر
هُنالك لا أَرضى سِوى أَرض مَعشَر / لَهُم يَعتَزي شَطري فَيَعتَز سائِري
لَهُم قَصَبات السَبق مِن قَبل يَعرُب / إِلى المَجد وَالعَلياء مِن قَبل عابر
إِذا ماجَ بي بَحر البَديهة في الدُجى / فَمَدح بَني الزَهراء مِثل الزَواهر
بِهُم يَهتَدي فكري إِلى ذكر حمدهم / عَلى أَنَّهُ فَرض عَلى كُل ذاكر
وَلي في مَعاليهم مَدائح ناظم / لَهُ مِن أَياديهم مَنائح ناثر
إِذا لَم أَكُن أَثني عَلَيهُم فَإِنَّني / كَمَن قالَ باستحلال تَرك الشَعائر
أَلَم تَنظُر الآمال ما بَينَ وارد / مَكارم عَبد اللَه شَوقاً وَصادر
مَليك تَحَدى الدَهر بِالمَدح فَاِنبَرى / يماتنه فيهِ لِسان المَنابر
مَتى خَطَرت بي الأَريحية لَم يَكُن / إِلى خاطِري يَوماً سِواه بِخاطر
سَما بي إِلى أَوج البَلاغة وَصفه / عَلى أَنَّني لا أَرتَضي باسم شاعر
فَكُدت أُباري البَدر تيهاً وَقَد بَدَت / أَهلة شعري بَينَ أَهل المَشاعر
وَهامَت بِها في كُلِ واد رَواتها / وَأَترابها مَقصورة في السَرائر
نَوابغ لا تَهدي لِغَير مَملك / لَهُ الشَرف المَعالي كَريم العَناصر
شَريف بَعيد الصيت لا الذكر خامل / وَلا الفَضل مَقصور رَهين البَوادر
لَهُ الجود طبع لا التجشم مَوجب / نَداه وَلَن تَلقى الجهام بِماطر
لَهُ الكَرَم الفَياض ساغَ لِوارد / أَرى كُل حَوض دونَهُ حَوض مادر
وَأَقصَر مِن عَمر العِدى عُمر وَعده / وَفاءً وَأَمضى مِن مَواضي البَواتر
وَيَبدَأ بِالآلاءِ وَهِيَ أَدلة / عَلى حَمدِهِ ما بَينَ بادٍ وَحاضر
وَتَستَبق الآمال فيهِ وَإِن نَأى / إِلى غاية مِن جوده المُتبادر
وَتَحذر أَسد الغيل في الغَيل بَأسه / فَخادرها في غابه مثل خاذر
يَنفذ بَينَ البيض وَالبيض حُكمه / وَيفرق ما بَينَ الطَلا وَالمَغافر
كَميٌّ إِذا اِلتَفَ الوَشيج عَلى العِدا / رَمى كُلُ هام مِن همام بِطائر
مِتّى عَقَد الرايات رَوّى حُسامه / وَإِن حَلَّ أَرضاً غَصَها بِالعَساكر
يَزف كَما زَف العِقاب لِواؤه / عَلى كُل نسر مِن كماة المَناسر
تَعَمم أَياديه أَعاديه رَحمة / وَأَحسَن ما في الوجود رَحمة قادر
أَجل بَني مَن جاءَ لِلرُسل خاتِماً / وَشاهده بِالمَجد عَقد الخَناصر
لَهُ النعم العُظمى الَّتي قَبل أَوجبَت / لَهُ الشُكر مني بَعدَ أَول فاطر
هُوَ الغَيث فَاِحذَر أَن تَدفق وَبله / وَقُم عَن مَجاري سَيلِهِ غَير صاغر
نَدى يَفضح الأَنداء وَاللَفظ لُؤلؤٌ / وَمِن عادة الدَأماءِ لَفظ الجَواهر
وَبَيني وَبَين المَجد وَالحَمد وَالعُلا / وَعَون ابن عَون مِثل لمحة ناظر
وَعَنهُ وَمِنهُ سَوفَ أَروي وَأَرتَوي / إِذا وَرَدَت بي العيس مَورد حاجر
صيرت بِالعَزم العَسير يَسيرا
صيرت بِالعَزم العَسير يَسيرا / وَكَثير مَن يَرجو سِواك يَسيرا
وَجَعلت للملك الهلال مهنداً / وَالشَمس تاجاً والسماك سَريرا
وَقَد اِتَخَذت مِن الكَواكب عَسكَراً / لَجبا وَمِن شُهب السَماء سَفيرا
وَرَفعتُ مِن نَجم الثُريا فَوقَهُم / علماً وَمِن سَعد السُعود أَميرا
وَرَميت قَحطاناً بِجُند قاده / ذو قُدرة يَستَصحب المَقدورا
فَإِذا الَّذي تَهوى عَسير كاسمها / أَهدى إِلَيها فَيلَقاً مَنصورا
يممتهم في اليُم ضاقَ بمثله / وَنَظيره في البر كانَ نَذيرا
جر الحُسين عَلَيهُم كَجِبالَهُم / جَيشاً تَصير بِهِ السُهول وَعورا
كانوا بمثل الخُلد إِلا أَنهُم / سَمِعوا شَهيقاً مِن لَظى وَزَفيرا
دلفوا إَليهِ طائِعين فَأَبصَروا / دونَ الأَريكة جَنةً وَحَريرا
وَبصدرها الأسد الغَضَنفر رابض / مَلأ الجِبال وَما أَهيج زَئيرا
مِن عَزم عَبد اللَه جَرَد صارِماً / في مَتنِهِ نَظرت عَسير سَعيرا
خَلَعَت قُلوبَهُم الصُدور فَأَيّما / وَرَدوا تَمَنوا بِالحَياة صُدورا
فَلَو إِنَّهُم نَظَروا البروق تَأَلَقَت / حَسِبوا حُسام العَبدَلي شَهيرا
وَهُم هُم القَوم الأُلى مِن بَأسِهُم / أَضحى الزَمان عَلى بَنيه حذورا
يَستَبشِرون إِذا المَنية كَشَرَت / عَن ناب ذي ظَفر يَكون ظَفورا
لَكِنَّهُم نَظَروا سَليل مُحَمد / قَد سَلَّ سَيفاً لِلحمام نَظيرا
قَد كانَ عِزرائيل قارب حيهم / لَكن إِسرافيل كانَ نَفيرا
حَسِبوا وَقَد لاقوا جُنودَك أَنَّهُم / لاقوا الحمام وَمُنكَراً وَنَكيرا
لَو لَم تَكُن براً وَبرك واكف / أَجريت أَدمية النُحور بُحورا
لكنهم مِن رَجفة نَظَروا الرَدى / بِعيونَهُم فَتَفَجَرَت تَفجيرا
كانوا مِن الأَرجاس إِلّا أَنَّهُم / وَرَدوا شَرابَ العَفو مِنهُ طَهورا
قَد أَملوا فيمَن يمنّ عَلَيهُم / وَدَعوا سَميعاً في المُلوك بَصيرا
ما أَبصَروا لَما رَأوا أَعلامه / إِلّا عَليماً بِالحُروب خَبيرا
شَرِبوا بِفَضلك إِذ مَنَنت عَلَيهُم / كَأساً وَكانَ مَزاجُها كافورا
لَم تَبقِ لَولا العَفو في أَطلالهم / إِلّا يَتيماً قَد بَكى وَأَسيرا
لَما رَدَدت عَلى الجَميع نُفوسَهُم / وَجَدوا بِما وَهَبت يَداك نُشورا
قَد عدتمُ عَنهُم وَأَمسى فَضلَكُم / فيهُم وَأَضحى سَعيَكُم مَشكورا
هَتَفَت بِذكركم المَنابر بِينَهُم / قَبلَ اللِقاء وَكَبِروا تَكبيرا
أَبني الَّذي نَطَق الكِتاب بَفضلِهِ / وَأَتى لِكُل المُؤمنين بَشيرا
إِن قُلت فيكُم ما علمت قَليله / نظماً لفظتم لُؤلُؤاً مَنثورا
أَيقال فيكُم بَيت شعر بَعدَما / جاءَ الكِتاب بِحَمدِكُم مَسطورا
أَولاكُم مَولاكُم مِن منّه ال / بيت الحَرام وَبَيتِهِ المَعمورا
قَد أَذهَب الرَجس المُهيمن عَنكُم / كَرَماً وَطَهر بَيتَكُم تَطهيرا
وَلِذالكم لَو أَستَمد مِن الحَيا / مَدحاً وَأَتَخذ الغَضا مَنشورا
ما كُنتُ إِلّا قاصِراً وَمُقَصِرا / وَلَو أَنَّني جاريت فيهِ جَريرا
خُذها إِلَيك وَإِن نَأَيت يَتيمة / كَالدُر نَظماً وَالدَراري نورا
سَهلت وَما عَسَرت لِأَنك مالك / صَيّرت بِالعَزم العَسير يَسيرا
ظَهَرَ الهِلال فَكانَ سَعدك أَزهَرا
ظَهَرَ الهِلال فَكانَ سَعدك أَزهَرا / وَجَلال مَجدك في المَعالي أَظهَرا
وَبَدا وَبَدر عُلاك في إِقباله / يَغشى الهِلال بِنور ما قَد أَظهَرا
قَد حَلَ في بدء المحرم مَنزِلاً / مِن دون طالعك الَّذي قَد أَسفَرا
ما لاحَ مِن غَرب وَيمنك مُشرق / إِلّا وَكانَ الفَرق أَسنى مَنظَرا
وَرَآك فَوقَ صُعوده وَسُعوده / قَدراً وَأَجدَر بِالسُمو وَأَقدَرا
يَتَكَلف البَدر الكَمال وَينثَني / صُفر اليَدين يُدير وَجهاً أَصفَرا
يَبدو وَقَد سَحَبَ السَحاب لِنوره / ذَيلاً تَضمخ حينَ أَسفَر عصفرا
وَعلاك تَتَخذ الثُرَيا مَوطِئاً / وَتَجل قَدراً ان تَحل عَلى الثَرى
وَلَقَد هَمَمت بِأَن أَصوغ قَلائِداً / تَروي الصحاح فَتستَقل الجَوهَرا
لِلّه سُؤددك المُحيط كَماله / بِالوَصف حَتّى نَستَمد الأَبحُرا
فاهنأ بِعام أَنتَ غُرة يمنه / بِالعز أَيمَن كَيفَ شئت وَأَيسَرا
جَعَلَ الهِلال طَليعة لِقدومه / وَالجَو رقاً وَالكَواكب أَسطَرا
وَهِيَ المَواقيت الَّتي قَد أَوضَحَت / لِلناس ما شاءَ الإِله وقَدَرا
لازلت في أَسنى المَعالي كَعبة / طافَ السُرور بِرُكنِها مُستَغفِرا
يا بَدر تَم في سَماء جَلاله / يَسمو عَلى بَدر السَماء إِذا سَرى
أَبشر فَإِن عَلا كَمالك أَرخَت / بُشراي عام العز جاءَ مُبَشِرا
بِكَ العلم في كُل المَعالم أَزهرا / وَأَشرَق أَنواراً وَأَظهَر أَزهُرا
يَعوذ بِكَ الإِسلام في كُلِ حادث / جَليل رَأى هَذا الجَلال فَكَبّرا
وَلَو جاءَكَ البَحر المُحيط مَكاثِراً / لَقُلت لَهُ لاقَيت للعلم كَوثَرا
فَأَينَ العَروسي وَهُوَ بالعلم ناطق / وَخَيرَهُما مَن كانَ يَلفظ جَوهَرا
خَضم إِذا يَممت نَحوَ رِحابِهِ / وَجَدت شَريفاً أَكرَم الخَلق عُنصِرا
تَأَلق في التبيان مِصباح نورِهِ / وَأَوضح مَعناه البَديع فَنَوّرا
مَتى رمت مِن عَلياه تَفسير آية / وَجَدت خَبيراً بِالبَيان مُفَسِرا
وَإِن جالَ في النُطق الفَصيح تَجد لَهُ / لِساناً قريشياً بَليغاً مقررا
وَإِن كُنتَ في علم العُروض مُعرِّضاً / بعلم القَوافي مِنهُ جاريت أَبحُرا
هُوَ البَحر في كُل العُلوم مَتى طَما / رَوَت مِنهُ بَل عَنهُ المَدائن وَالقُرى
تَمَهل إِذا ما جئت ناديه سائِلاً / كَما شئت وَاِحذَر سَيله إِن تَحَدّرا
لَهُم همم لا تَرتَضي النجم مَوطِئاً / وَلا البَدر كُرسياً وَلا الشَمس مَظهَرا
كَذلك أَفعال الكَريم الَّذي إِذا / تَقَدَم فيما شاءَ لِمَن يَتَأَخَرا
إِذا ما اِصطَفاه اللَه الناس مَلجأ / بِهِ أَورَد الفَضل العَميم وَأَصدَرا
فَلا زالَ ذا جاه جَليل مُؤمل / نَرى طالِباً مِن غَيرِهِ الخَير لَن يَرى
سَأشكُره شُكراً جَميلاً عَلى المَدى / يَفوق شَذاه المسك إِذ كانَ أَعطَرا
بُشرى بِشَمس نورَها لَما زَهى
بُشرى بِشَمس نورَها لَما زَهى / وَنَما بِها نور السَعادة أَسفَرا
هِيَ طَلعة النَجل السَعيد نَجابة / لَما تَبَدّت لاحَ صُبح مُزهِرا
نادَت بِبُشراه العُلا في عزّه / بوركت مِن وَلد نَراه مطهرا
وَأَتى الهَنا ليجرّ حلة عَهدِهِ / بِمحمد فدنا السُرور مُبَشِرا
لا زالَ في عزّ بِفَضل سامك / يَسمو بِهِ أَمل إِلى أَعلى الذرى
أَلزهر مُبتَسِمٌ عَن لؤلؤ المَطَر
أَلزهر مُبتَسِمٌ عَن لؤلؤ المَطَر / وَفي النَسيم شَذا مِن نَشرِهِ العطر
فيمَ التَواني وَثَغر الصُبح يَضحكَ مَن / نَجم عَلى اللَيل أَضحى ذاهب البَصَر
وَطابَت الراح وَاِرتاحَت لِنفحتها / أَرواحُنا وَتَهادَت نَسمة السحر
فَبادر الحان وَالأَلحان مُطرِبَة / فَإِن لي وَطراً في نَغمة الوَتَر
قَد صَفّق الماء وَالأَغصان راقصة / وَالريح تَسحَب أَذيالاً عَلى النَهر
وَالنَرجس الغَض في أَجفانه سَقم / عَن اللَواحظ يَروي صحة الخَبَر
وَالوَرد يَستر بِالأَكمام وَجنَته / عَن العُيون حَياء مثل ذي خَفَر
وَالوَرق تَرفع أَصوات الثَناء عَلى / رَوض السَماح اِبن عَون يانع الثَمَر
يَريك تَلحينها بِالمَدح كَيف غَدا / حسّان في يَعرُب يَثني عَلى مَضر
حَتّى تَلعمت سَجعاً حينَ أَنشره / يَطوي مَناقب طَيٍّ طَي مَقتَدر
وَإِن نظمت عُقوداً في مَدائحه / سارَت إِليَّ القَوافي سَير مُعتَذر
وَهَكَذا شيم الشَهم الَّذي اِبتَسَمَت / مَباسم الحَمد عَن أَوصافِهِ الغرر
يَريك نَثر الدَراري سحر منطقه / بَراعة وَيَريك النَظم في الدرر
بِكُل لَفظ رَقيق لَو يُجرّده / كَالسَيف جالَ عَلَيهِ جَوهر الفكر
في كَفِّهِ قَلم فَوقَ الطُروس جَرى / هَذا السماك وَهَذي صَفحة القَمَر
ذي غُرة تَمنح البَدر المُنير سَنا / وَراحة لا تُراعي حُرمة البَدر
مَناقب تارِكات الشَمس حائرة / وَمُشخصات عُيون الأَنجُم الزُهر
يا شامل الجَمع مِن جود وَمِن كَرَم / وَجامع الشَمل بَين النَصر وَالظَفر
أَضحَت لِصارمك الأَبطال صاغرة / وَاذعنت لَكَ أَهل البَدو وَالحَضَر
كَأَنَّهُ صولجان وَهُوَ مُنصَلت / مِن غَمدِهِ وَرُؤس القَوم كَالأَكر
قَومت سُمر القَنا وَالعَين هاجِعَة / فَايقَظَت بِظباها راقد السمر
حَتّى إِذا وَردت مِن صَدرِهِ وَرَوت / لَم تشك حَرّ الصَدى في الوَرد وَالصَدر
ظَلَت عَلى ريشها الأَعداء طائرة / إِن الطُيور بِغَير الريش لَم تَطر
فَرّقت شَمل العِدا وَالمال مَقتَدرِاً / حَتّى جَمَعَت بِهِ فَضلاً عَلى البَشَر
جادَت يَداك فَجارَت بِالنَوال عَلى ال / أَموال لَكِن عَلى الأَيتام لَم تَجر
إِنَّ المُلوك حسام أَنتَ جَوهَره / وَالسَيف مِن غَيرِ ماء غَير مُشتَهر
وَهَذِهِ دَولة كَالجسم صُرتَ لَها / روحاً وَكالعَين فيها صُرت كَالحور
فَإِن زَهَت كَسَماء كُنت كَوكَبها / وَإِن ذكت كَرِياض كُنت كَالمَطر
كَم بَينَ مِن مدحهم جاءَت بِهِ سور / تُتلى وَمِن مَدحِهُم يُروى مَع السير
لَو بَعض نورَكُم لِلشَمس ما اِحتَجَبَت / أَو لِلبُدور بَدَت في أَكمَل الصور
أَو بَعض جودَكُم مِن نور جدّكم / لَكانَ فَجر المَعالي غَير مُنفَجر
لَولا اِشتهار مَواضيكم بملَّته / لَكانَ طيّ المَواضي غَير مُنتَشر
لَولا أَسنتكم قامَت بسنته / لَكانَ طَعن القَنا كالوَخز بِالإِبر
يَفنى الزَمان وَلا تَفنى مآثركم / فَلا محا اللَه مِنكُم طيّب الأَثَر
إِن جزتم بِمَحلّ المَحل صارَ بِكُم / خَصب المَراعي وَيَجري الماء في الحَجَر
يَممتمُ أَرض نَجد فَاِكتَسَت بِكُم / مِنها الرِياض بِثَوب أَخضَر نَضر
وَطَئتُم في جَمادى قَفرها فَغَدَت / بِكُم رَبيعاً لِمَن أَضحى عَلى سَفَر
حَرثتم بِحَوامي الخَيل مهمهها / فَاِزرَع رِماحَك تَحصد يانع الجزر
وَاكسُ الربى حللاً حَمراء قانية / بَعدَ اِخضِرار وَلا تبقي وَلا تذر
وَخَض بِحار الوَغى بِالصافِنات فَقَد / تَغني الخُيول عَن الأَلواح وَالدَثر
هُم أَهل نَجد الأُلى اِعتَزَت أَوائِلَهُم / بِالدَهر حَتّى دَهاهم حادث الغَير
قوم عموا فَبَغوا جَهلاً وَما عَلِموا / إِن الحسام إِليهُم شاخص النَظَر
عارين عَن حلل التَقوى قَد اِندَرَجَت / شيوخَهُم في ثِياب العار مِن صغر
فَامحق بِماضيك ما تَحوي قَبائِلَهُم / يَحيى بِفضلك فينا خالد الشعر
يا كَعبة المَجد يا ذا الحَمد يا حَرم ال / لاجي إِليهِ وَأمن الخائف الحَذر
خُذها لآلئ مَدح في عُلاك غَدَت / تَسمو عِلى الدرّ في نظم وَمُنتَثر
مِن كُلِ بَيت بِهِ خود لَكُم رَفعت / طَرفاً كَحيلاً وَلَكن غَير مُنكَسر
تَحكي الرِياض بَهاءً حينَ تبصرها / وَالزَهر مُبتَسم عَن لؤلؤ المَطَر
وَليَ اِبن عَون المُلك يا بَيتَ ابشر
وَليَ اِبن عَون المُلك يا بَيتَ ابشر / وَاهتُف بِأَمن الطائِفين وَبَشر
فَلَقَد حَمى المَولى حِماك بضيغم / ضار بِأَطراف الرِماح مُظفر
يَأتي وَآية ملكه إِقباله / بِالجَيش تَحمله مُتون الضمرّ
وَتَرى لِواء العَدل يَخفق فَوقَهُ / شَوقاً لِمَركزه تِجاه المنبر
وَإِذا تَجَرَد سَيفَهُ بِالمُنحَنى / تَسري أَشعة وَمضهِ في شمر
في فتية كادَ الحَمام عَلى الوَرى / يَوماً بِغَير سيوفَهُم لَم يَجتَر
مُتعودي بِذُل النُفوس صِيانة / لِلعَرض مُستَبقى طلاب المَفخَر
ما هَمَهُم إِلّا إِجابة صارخ / فَوقَ السَوابق تَحتَ ظل العَثير
أَخلاقَهُم جبُلت عَلى حُب التُقى / وَإِعانة العاني وَيسر المعسر
تَخذوا الوَفاء بِما أَذموا خلة / وَكَذا الكِرام بَعهدها لَم تغدر
تَسري إِرادته السَنية فيهُم / مَسرى عَدالته وَحد الأَبتَر
ملك يَجلُّ إِذا بَدا في هاشم / عَن أن يُقاس بتبّع في حَمير
كَالشَمس ما بَينَ الكَواكب أَشرَقَت / في الأُفق مِن تَحت العَجاج الأَكدَر
يَلقى الرِجال فَلَم يَقل يَوماً لَها / عَجَباً وَيَعجَب مِنهُ كُل غَضَنفر
طَبعت عَلى غَوث العِباد سيوفه / وَبِذا تَعوّد كُل رُمح سَمهري
تَأبى الجُفون بِأَن تَضم شفارها / ما لَم تَحلّ بِهامة أَو مغفر
يا مَن يَفرّج كُل وَقت كُربة / عَن جيرة البَيت الحَرام الأَطهَر
تاللَهِ ما جَهِلوا عُلاك فعوقبوا / بِسواك لَكن حكمة لَم تَظهَر
سر غَير مَأمور وَدارك فتنة / تَأبى السُكون بِغَير جحجاح سَرى
بشعاب مَكة قَد تَشعب أَمرها / حَتّى نَسينا أَمر آل الأَصفَر
فَاطلق أَعنتها وَشَتت معشَرا / جارَت عَلى جيران ذاكَ المَشعر
قَد عوّد اللَه الحَطيم بِعَودكم / أَمناً وَما أَجراه لَم يَتَغَير
أَقم الشَعائر بِالمَشاعر وَاستَبق / حُسن المَعاد إِلى الجِهاد الأَكبَر
وَاِبن المَكارم بِالصَوارم فَوق ما / كانَت مُشَيَدة بِأَشرَف مَظهَر
علمت ألسنة الأسنة في الوَغى / تَكليم أَطراف الكَمي القسور
أَنظر شفار البيض كَيفَ تَشَوَقَت / لِلوَرد مِن علق النَجيع الأَحمَر
وَعيون أَودية الحِجازِ شَواخص / لِيَروق ناظِرُها بَهيّ المَنظَر
وَالساكِنو تلكَ الدِيار تَعَطَشَت / ليد نَداها كَالسَحاب المُمطر
وَتَشوّقت أَقطارها لمُمَلَّك / كانَت بِهِ في نعمة لَم تَكفر
نَثر النَوال عَلى الثَناء فَجاءَهُ / كَالدُر في أَسلاكِهِ لَم يَنثر
وَتَناسَقَت أَوصافه فَتَلألَأت / كَالثَغر يبسم عَن نَقيّ الجَوهَر
رقت كَأَخلاق لَهُ فَكَأنَّما / أَلفاظُها مِن سحر لَحظي جؤذر
فَبَعَثت مِن فكري لَهُ بِقَصيدة / كَاللؤلؤ المَنظوم فَوقَ المَنحر
لَما اِشترى حسن الثَناء جلوتها / وَعُقودها تَزهو كَنَجم المُشتَري
خَلبت لَباقتها القُلوب لَطافة / مُذ وَشحت بحلى كريم العنصر
فلتهنإِ العَلياء بِالملك الَّذي / بِسواه أَرباب العُلى لَم تَفخَر
وَلتَسعَد الدُنيا بِهِ فَلَقَد بَدا / سَعد الهمام بِطالع مُستَظهر
وَقَد اِنجَلى نَجم السُرور وَأَشرَقَت / شَمس التَهانيءِ بَعدَ طول تَستر
وَالعز بِالإِقبال يَجلو غُرّة / يَزهو بِها وَجه الهَناء المُسفر
قرَت بِهِ أُم القُرى وَصفا الصَفا / وَتَهلَلَت أَهل المَقام الأَنور
وَبَشير مقدمه أَشار مُؤرِخاً / وَليَ ابن عَون الملك يا بيت ابشر
بُشرى بِنَصر بِالفُتوح ميسّر
بُشرى بِنَصر بِالفُتوح ميسّر / وَدَوام عز حَيث سرت مَسير
نَشرت لَكَ الأَعلام مِن فَوق العُلى / فَطَويت ذِكرى كُل باغ مفتر
وَجه البَسيطة ضاقَ عَن جَيشٍ بِهِ / رُمتَ العِدى فركبت هَول الأَبحر
سرتم وَمَوج البَحر يَلطم وَجهه / أَسَفاً عَلى الأَعداءِ كَالمُتَحَسَّر
وَالسُحب تُرسل أَدمُعاً مِن حُزنِها / وَالرَعد يَندُب في قَبائل حمير
وَالجَوّ مسودّ الجَوانب عابس / وَالبَرق يَضحَك مِنهُ كَالمُستَبشر
وَالجاريات تَأَزرت بقلوعها / وَالريح قَد لَعِبَت بِفَضل المئزر
رقصت عَلى نَقر النَسيم بدفها / وَتمايلَت بالتيه كَالمُستَكبر
طارَت بِنا نَحو الحَديدة سرعة / مِثل السَوابق في العَجاج الأَكدَر
حملت لَها جَيشاً مُذ اِنتَبَذَت بِهِ / غَربيها وَضعت أَسود العَسكَر
من كُلِ مَولوج لَدَيها لَم يَزَل / في النَقع يَلعب بِالحسام الأَبتَر
وَلَدوا عَلى مَهد العُلى وَقد اِغتَدوا / بَدَم العِدى وَتَكَحلوا بِالعَثير
رَفَعوا الخِيام عَلى النُجوم وَأَوقَدوا / في الأَرض ناراً بِالقَنا المُتَكَسَر
وَلَقَد أَقاموا بِالأَسنة سَوقها / في يَوم حَرب بِالسُيوف مسعّر
فَقَضَت بِبيع المُعتَدين سُيوفَهُم / لِلنسر لما غابَ عَنها المُشتَري
وَتَواثَبوا نَحوَ الحُصون فَزَلزَلَت / وَالقَوم بَينَ مُجَندل وَمعفر
حَتّى إِذا اِقتَلَعوا القِلاع وَأَسبَلوا / ذَيل العَفاف رَأَيت كُل مشمر
أَسد إِذا نَزَعوا الدُروع لِرَغبة / في حَتفهم لَبِسوا دُروع تَصبّر
قَوم عَصوا إِلّا لِأَمر أَميرَهُم / ملك بَفعل خَطيئة لَم يَأمر
فَضحت مَناقِبُه المُلوك وَأَظهَرَت / تَقصير كِسرى عَن عُلاه وَقَيصر
فَتح المَمالك لا لِكَثرة رَغبة / فيها وَلَكن رَغبة في المَفخر
وَلَقَد نَحاها وَالبُنود خَوافق / وَالرُعب في قَلب الحُسين وَحَيدَر
طَلَبوا السَلامة مِن سطاه وَسالَموا / ملكاً عَلَيهِ عَسيرَهُم لَم يَعسر
وَقَد اِستَقالوا عَثرة الحَسَن الَّذي / زَلَت بِهِ قَدَم الضَرير المُبصر
وَتَزاحَموا حَولَ البِساط لِيَنظُروا / حَرَم الوفود وَكَعبَةَ المُستَغفر
حَتّى إِذا ثَبَتت بِهَم أَقدامَهُم / نَكَسوا الرُؤوس لذي المَقام الأَكبَر
نَظَروا إِلى ملك لَديهِ كُلُ ذي / ملك كَبير كَالأَقَل الأَصغَر
وَلَو أَن مَن قادَ الجُيوش إِلَيهُم / غَير ابن عون عاد غَير مظفر
إِن كُنتُ تَجهَل فعله فَاسأل بِهِ / مِن شئتهُ مِن أَبيض أَو أَسمَر
وَسَل الحِجاز وَأَرض نَجد وَالمُخا / عَمّن دَحاها بِالخُيول الضمّر
ذلّت لَهُ أُسد الوَغى مِن حَمير / مُذ أَيقَنَت مِنهُ بِمَوت أَحمَر
حَتّى إِذا ما أَذّنوا بِقدومه / هَبط الإِمام وَكانَ فوقَ المنبر
وَتَسابَقوا طَوعاً لَهُ في مَشهَد / وَالكُل بينَ مُهلل وَمكبر
سَجَدوا وَقَد نَظَروه شُكراً لِلّذي / خَلَقَ العِباد وَخابَ من لَم يَشكر
دَهشوا لَدَيهِ وَفل صارم ملكهم / سَيف الخِلافة دَهشة المُتَحير
فَكَأَنَّهُم لَما غَدوا في حيرة / أَهل العِراق أَتاهُم ابن المُنذر
كادَ ابن يحيى أَن يَموت لرعبه / لَولا تَبسمه وَحُسن المَنظَر
أَمّ الحَديدة آملاً لَما رَأى / غَوث اللَهيف بِها وَكَهف المعسر
جاءَ الحِمى فَرَوى بِفَضل وَاِنثَنى / يَروي الحَديث عَن الرَبيع وَجَعفَر
رَويت بِجَدوى آل مُحسن أَرضَهُم / حَتّى اِكتَسَت زَهواً بِثَوبٍ أَخضَر
لِلّه قَوم لَم يَزَل مِن دَأبِهُم / خَوض البِحار وَكُل برّ مقفر
حَرثت رُبى نَجد حَوافر خَيلَهم / قَدماً وَكَم زَرَعوا بِها مِن سَمهري
وَسَقوا الرِياض بجودهم فَتَزاهرت / وَغَدَت بِغَير مَديحهم لَم تثمر
آلت رِماحهم وَقَد خاضوا الوَغى / إِن لَم تَرد صَدر العِدى لَم تَصدر
وَسُيوفَهُم رَأَت القراب محرماً / إِلّا الرِقاب وَرَأس كُلُ غَضَنفَر
فسلوا المَمالك عَن نَداهُم وَاَخبَروا / في أَي قطر جودَهُم لَم يَقطر
ما رَوضة ماسَت حَدائق زَهرها / طَرَباً وَتَيهاً بِالرَبيع المُزهر
غَنى الحَمام عَلى قُدود غُصونِها / سحراً فَأَغنى عَن سَماع المزهر
يَوماً بِأَحسَن مِن مَديح صغتهُ / فيهُم بنظم قَلائد لَم تنثر
فَإِذا شَدَت وَرق الحمى ناديتها / يا ورق في ورق الغُصون تَستري
وَإِذا رَأَيت الجَوّ مِني قَد خَلا / وَهَممت بِالترحال بيضي وَأَصفَري
أني لِقاموس العُروض وَنظمه / أَروي الفَرائد عَن صحاح الجَوهَر
لا تعدلوا في الشعر كل معمم / كَالثَور ذي القرنين بِالاسكندر
ما كُل مَن يُملي القَصيدة ناظم / قَد يَنتَمي للشعر مَن لَم يَشعر
لَو كانَ فيهُم شاعر لوقَفَت في / ديوانِهِ أَدَباً وَلَم أَتَكَبَر
لَكنهم جَهِلوا بِهِ ثَمَ اِدَعوا / ما قَصَرَت عَنهُ شُيوخ زمخشر
حَجوا وَلَكن بَيت كُل قَصيدة / وَسَعوا وَلَكن في اِستراق مُنكر
وَحبوتموهم لا لِشائب غَفلة / لَكن لحلمكم وَطيب العُنصر
يا آل مُحسن لَم يَزل اِحسانَكُم / يَدع الدَنيء عَلى حِماكم يَجتري
وَلَقَد جَلَوت عَلَيكُم مَنظومة / في فكر غَيري مثلها لَم يَخطر
بكراً عروباً بِالبَديع تَقَلَدَت / لَما بَدَت وَتَخَتمَت بِالبُحتري
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير / وَأَيدي التَهاني بِالسُرور تُشير
مَواكب عزٍّ أَشرَقَت حينَ أَشرَقَت / كَواكب سَعد قَد بَدَت وَبدور
وَقَد نَشَرَت لِلنَصر فَوقَ رُؤوسِنا / مَع السُؤدد الأَعلام أَينَ نَسير
وَطارَت بِنا تلك المطي كَأَنَّها / وَقَد أَسرَعَت يَوم الرَحيل طُيور
قسيّ صَناديد الوَغى بمتونها / سِهام وَأَقطار الفَلاة نَحور
مَدَدنا عَلى أَعناقِها السوط فَاِعتَدَت / وَكادَت عَلى هام السماك تَسير
وَرَدنا بِها ماء العَروس فعرّجت / إِلى مَورد العَرجاء وَهِيَ تَغير
وَكَحلت الأَجفان بالميل مُذ هَوَت / كَما قَد هَوَت نَحوَ الحَمام صُقور
قَطَعنا المَروري فَدفداً بَعد فَدفَدٍ / إِلى ان وَصَلنا وَاِستَمَر مَرير
فيمَّمت المَرعى فَقُلنا لَها اِرجَعي / فَربع المَعالي مخصب وَنَضير
وَدونَك مَرعى الجود راعي رُبوعه / فَثم غَدير المكرمات غَزيز
فَحَنت لَما قُلنا وَأَلقَت رِحالها / وَذلل مِنها الصَعب وَهُوَ عَسير
ضَرَبنا خِيام المَجد شَرق عَنيزة / وَكُلٌّ لَهُ فَوقَ النُجوم سَرير
لَثمنا بِها كف ابن عَون محمد / فَفاضَت عَلَينا بِالنَوال بُحور
كميّ كَريم أَريحي غَضَنفر / يَكاد عَلى جور الزَمان يُجير
لَهُ همم في المَجد تَسمو كَأَنَّها / قَد اِرتَفَعَت فَوقَ النُسور نُسور
يُنادي مُنادي المَوت عِندَ مَجاله / وَخَيل المَنايا بِالعِداة تَدور
بِأَي النَواحي تَنزلون وَقَد غَدا / عَلَيكُم نَواح الصارِخات يَثير
وَأَسمَر مَثل الغُصن بِالمَوت مُثمر / عَلَيهِ قُلوب المُعتَدين تَطير
وَسَيف بِكَأس الحَتف طافَ عَلَيكُم / فَذوقوا فَما لِلظالمين نَصير
وَأَني لنجد نَجدة وَسيوفنا / لَها المَوت حَدّ وَالرِقاب جَفير
إِذا لَمَعَت كَالنجم في غَسق الوَغى / يَلوح لَها فَوق المَجَرة نور
وَأَرماحنا مِن صَدر كَل غَضَنفَر / لَها أَين كُنا مَورد وَصَدور
فَيا ملك الدُنيا وَمن حُسن ذكره / كَصارمه بَين الأَنام شَهير
أَطاعَكَ خَوفاً فَيصَل مِن سميه / وَذلّ وَما كُل السُيوف ذُكور
وَأَبصر في كَف ابن عَون مُهنداً / يَرويه قرم بِالضراب خَبير
فَظَل يَذود النَوم عَنهُ لرعبه / وَمِن حَولِهِ لِلثاكلات زَفير
وَأَطفَأ نيران الحُروب بِدَمعه / وَما أَطفَئت بِالدَمع قَبل سَعير
رَآها وَما شَبَت فَشابَت قُرونه / وَما اتقدمت فَانقاد وَهُوَ صَغير
وَيا طالَما أَفنى الجموع بِسَيفه / وَمِن حَولِهِ لِلأعوجية سور
كَتائب أَبطال يَبدد شَملها / هَزبر عَلى هَول الحُروب جُسور
وَما كُل مَن وافاه مثل مُحمد / خَبير بِتَدبير الجُيوش بَصير
رَأى ملكاً في الحكم كَالرُمح عادِلاً / وَفي الحَرب كَالسَيف الصَقيل يَجور
مَنون بِهِ طَرف العَدو مُسهد / أَمانٌ بِهِ طَرف الصَديق قَرير
رَأتهُ الأَعادي كَالقُبول إِذا سَرى / فَوَلّت عَلى الأَعقاب وَهِي دبور
لِهَذا قَد اِندَقَت مَفاصل فَيصَل / وَكادَت عَلَيهِ الدائِرات تَدور
وَلَكنهُ لِلحادِثات مُجَربٌ / وَيَعلم عُقبى ما إِلَيهِ يَصير
تُلافي أُمور الملك قَبل تلافه / وَمِن غَير رأي لا تَتم أُمور
وَلما رَأى عَبد العَزيز بَريدة / أَتاها نَذير مِنهُ جاءَ يَزور
وَوافى يَقود القود وَالخَيل مُسرِعاً / عَلى الرأَس يَمشي وَالفُؤاد يَطير
يُبَشِرُنا عَقد اللِواء بِنَصرة / بِها ابن لُؤيّ لِلعَدو نَذير
سَمونا عَلى هام السماك تَرفعاً / فَلَيسَ لَنا في ذا الزَمان نَظير
بِبيض رِقاب القَوم أَضحَت قرابها / وَسمر لَها صَدر الخَميس سَمير
وَكَم مِن أَغَرٍّ بِالسِنان محجل / بِأَدمية لا يَعتريه فتور
إِذا ما عَدا صُبحاً وَغارَ عَلى العِدى / تَرى موريات القَدح كَيف تَغير
تَرَكنا مَطيراً في الفَدافد شردا / فَمنهم قَتيل في الوَغى وَأَسير
طَويناهُم طَيّ السجل بِأَرضهم / فَلَيسَ سِوى يَوم النُشور نُشور
نَهَبنا نُفوس القَوم وَهِيَ عَسيرة / وَعَفنا نَفيس المال وَهُوَ يَسير
رَميناهُم بِالشُهب وَالصُبح واضح / فَأظلم مِن لَيل العَجاجة نير
كَأَنَّهُم فَوقَ السَوابق خَرّد / لَهُنَّ مُتون الصافِنات خُدور
فَما فيهم قُرم يُمانع عَنهُم / وَقَد هُزموا أَو بِالثَبات يَشير
وَلِلبيض في الأَعناق عِندَ اِعتِناقَهم / صَليل وَللسمر الدقاق صَرير
فَكانَ دَمار القَوم بَعدَ حَياتَهُم / دَليلاً عَلى أَن الحَياةَ غُرور
وَلَم يَبقَ مِنهُم مَن يُواري مجندلاً / فَلَيسَ سِوى جَوف الطيور قُبور
وَكَم عُرباً مِن شدة الرعب غادَرَت / لهيبتنا الغدران حينَ نثور
يَرون إِذا ناموا كَأَنّا نَدوسَهُم / وَلِلخَيل في تلك الرُؤوس عَثير
يَروعَهُم سَيف ابن عَون بِن مُحسن / فَتى مِنهُ تَصريف الزَمان حذور
كَذا يَطرد الأَعداء مَن يَطلب العُلى / وَيَرقى مَراقي المَجد وَهُوَ جَدير
فَيا مَن سَما فَوق السَماكين قَدره / فَلا سُؤدد إِلّا إَلَيهِ يَصير
وَيا فالق الهامات مِن دون جُنده / وَللأَسد مِن تَحت العَجاج زَئير
قَطَعت إَلَيكَ البيد في طَلب العُلى / وَذاكَ بِفَضل مِن نداك يَصير
وَلَيسَت يَدي عَما أَروم قَصيرة / وَلَكِنَّما باعَ الزَمان قَصير
لَعَلّي بِفَضل منك أَبلَغ خطة / يَقصر عَنها أَول وَأَخير
أَهوّن بِذُل النَفس مِن دون عزّها / وَكَيف يَهون الأَمر وَهُوَ عَسير
سَتصحب مني يا ابن عَون غَضَنفَراً / وَإِن كُلّ مِنهُ الظَفر فَهُوَ ظَفور
وَإِن ضَعفت أَعضاؤه إِنّ قلبه / قويّ عَلى ما يَعتريه صَبور
وَسَوف تَرى مني اللَيالي عَجائِباً / وَتَحَدَث مِن بَعد الأُمور أُمور
لحى اللَه دَهراً ساوَرَتني صُروفه / ليعظم في عَينيّ وَهُوَ حَقير
رَأى صَغري فَاِستَصغَر الدَهر همتي / وَلي همم لَو صادمته يَمور
فَلا تَعذلوه إِنّ مِنهُ تَعجبي / قَليل وَلَكن مِن بَنيه كَثير
إِذا ما اِستَقام المَرء فيهُم تَعَوَجوا / كَأَن سُرور المخلفين شُرور
قَد اِتَفَقوا لَكن عَلى الخَلف بَينَهُم / وَكُل امرئٍ يَهوى الخِلاف غَدور
عَسى وَلَعَل اللَه يَرغم أَنفَهُم / بِسَيف اِبن عَون وَالإِله قَدير
وَدونَك يا نَسل الكِرام قَصيدة / لَها البَدر طرس وَالنُجوم سُطور
بَلاغة قَول ما لَها مِن مُطاول / يَقصّر عَنها عَنتر وَجَرير
بِحَمدك قَد سادَت وَما كُل شاعر / لَهُ بِاِمتِداح الأَكرَمين شُعور
أَتاكَ بِها كَالشَمس في الحُسن وَالبَها / مُحبٌّ لَما أَسدَت يَداك شُكور
إِذا ما اِستَهَلَّت في بَراعة مَدحَكُم / تفاوح مِن مسك الخِتام عَبير
لَو أَن أَبناء القَريض جَميعَهُم
لَو أَن أَبناء القَريض جَميعَهُم / هاموا بأَودية الكَلام البارع
وَاِستَخلَصوا ما رَقَ مِنهُ وَما اِنتَهَت / مِنهُ البَلاغة في مَقام واسع
لَم يَبلِغوا نَعت السَيد محمد / كَلا وَلَم يَأتوا بِبَعض الواقع
مِن بَعدِ ما نادى السُرور مُؤرِخاً / بِالسَعد وافى نَطق هَذا الطالع
غَرَست بَوادريهُم وِداداً تَرَعرَعا
غَرَست بَوادريهُم وِداداً تَرَعرَعا / وَلَو عاهَدوه بِالوَفاء لأَمرعا
عَلى أَن ذاكَ الغَرس أَثمَر بِالنَوى / وَجانيه قَلب بِالنَوى قَد تَقَطَعا
سَقتهُ فروّته عُيون تَفَجَرَت / فَأَجرَت عُيوناً وَهِيَ تحسب أَدمعا
سَأَطوي بِوَخد البُزَّل البيد في الدُجى / وَأَقطَع مِن تلك الفَراسخ أَذرُعا
وَأَحدو المَطايا بِالحَنين وَرُبما / رَكِبت جَواري البَحر للبر شرّعا
إِلى ابن رَسول اللَهِ وَابن وَصيه / لِبَدر تَحَرى مَهبَط الوَحي مطلَعا
لمتخذ دار الخِلافة مَوطِناً / وَنَشر سَجاياه طوى الأَرض أَجمَعا
سَما لِلمَعالي بِالعَوالي وَقَد رَقى / مَكاناً عَليا كاسمه وَتَرَفعا
وَأَحرَز مَجد الأَولين وَمَن أَتى / أَخيراً وَلم يَتبع قباذاً وَتَبعا
وَهَل يَترك النور المُبين مِن اِهتَدى / وَيَطلب مِن بَعد النَبيّ مشرعا
يَرى الحَزم قَبل العَزم فيما يَرومه / فَيَجعَل مِنهُ السَهل ما كاَن أَمنَعا
شَريف لَهُ الذكر الجَميل وَحَسبه / مِن الحَمد ما أَبدى الكِتاب وَأَبدَعا
همام عليّ القَدر لا البَدر بالغ / علاه وَلا بَهرام مِنهُ بِأَرفعا
لَو اِنتَظَمَت زَهر الكَواكب لَم تَجد / سُلوكاً سِوى مَدحي إَلَيهِ وَمهيعا
وَغاية عرفان البَرية أنه / كَريم مِن الأَصل الكَريم تَفَرعا
يَقولون لي هَلا تَحريت وَصفه / فَقُلت بودي أَن أَقول وَيَسمَعا
وَهَيهات أَن أُحصي النُجوم زَواهِراً / وَلو زَلَ عَنها كُل غَيم وَأقشَعا
تَضيق أَساليب البَديع فَمدحه / أَحاطَ بِما ضَم المُحيط وَأَوسَعا
إَلَيكَ اِبن عَون قَد نظمت قَلادة / تَجانس تاجاً بِالجمان تَرَصَعا
فَكُنتُ كَمَن أَهدى إِلى البَحر لُؤلُؤاً / وَلِلشَمس مصباحاً وَلِلسَيف مبضعا
وَما زلت أَهلاً لِلصَنيع وَلَم يَكُن / وِدادي إِلى آل النَبيّ تَصَنعا
أَحبهم ما دمت حَياً ديانة / وَاِرغَب لَكن عَن سِواهم تَرَفَعا
وَقَد سارَ شعري بَينَ شَرق وَمغرب / فَما اِختارَ غَير البَيت وَالآل مَوضِعا
وَما طارَ في الآفاق بدعاً مَديحَهُم / وَلكنه نَشر زَكيٌّ تَضَوعا
لَئن كُنتُ قَد أَحسَنت في آل محسن / فَحُب ذَوي عَون الكِرام الَّذي دَعا
فُروع أُصول أَينَعَت ثَمَراتِها / وَأَحسَن ما في الرَوض ما كانَ أَينَعا
فيا اِبن الَّذي قَد فَرق المال وَالعِدا / وَفي جَمع آل البَيت ساوى مُجمعا
أَراني أَتحفت السَماء بِأَنجُم / وَرَب رَحيق بِالمَزاج تَشَعشَعا
وَجَردت لَكن مِن مَعاليك مقولاً / وَأَجريت لَكن مِن مَعانيك يَنبعا
فَجئت بِها مثل الثَنايا تَناسَقَت / وَدر حباب توّج الجام مترعا
تَقبل مِن يَمناك لليمن قبلة / وَتَسعى لِتَقبيل اليَسار تَطَوعا
قولوا لذا البَيت العَتيق وَحَدَثوا
قولوا لذا البَيت العَتيق وَحَدَثوا / عَن فَضل بانيه وَكانَ حَنيفا
يا مَظهَر الوَحي المُنيف وَقبلة ال / دين الحَنيف المُعتلى تَشريفا
إِن الوفود عَليك في تاريخَهُم / جاءوك بُشرى بِالحُسين شَريفا
يا واهب الآلاف لِلألاف
يا واهب الآلاف لِلألاف / مِن غَير تَقتير وَلا إِسرافِ
رفقاً بِأَهل المأزمين فَأنَّهُم / القوا الزَمام لآل عَبد مُناف
ما جيرة البَيت الشَريف أَولي التُقى / مَع ضَعفِهُم في قوة الأشراف
أَسلافَهُم كانتَ أَحلت ساعة / مِن بعدِها حرمت عَلى الأَسياف
خَلف قَد اِستَبقى النَبي جُدودَهُم / فهبوهم لِأولئك الأَسلاف
للسلم قَد جَنحوا فَمنوا وَأَصفَحوا / ما قتل نصفَهُم مِن الإِنصاف
أَحلاف قومكم فَكونوا مثلَهُم / وَتَآلفوا فَالخَير في الإِيلاف
هُم كَالعَبيد وَأَنتُم ساداتهم / بَل سادة الأَشراف وَالأَطراف
وَإِذا أَساؤوا أَحسَنوا لمسيئهم / وَارعوا ذِمام بَقية الأَحلاف
أَنتُم بَنو عَون بن مُحسن فَاِجعَلوا / عَون الرَفيق لَكُم مِن الأَوصاف
فَإِذا هُم اِقتَتَلوا وَشَذوا أَصلَحوا / ما بَينَهُم خَير مِن الإِجحاف
صَلى عَلَيكُم مِن هُدى بَأبيكُم / طَه وَأَنزَل سورة الأَعراف
تَيمنت في قَصدي بلمعة بارق
تَيمنت في قَصدي بلمعة بارق / وَما لمجاز القَول فعل الحَقائق
وَأَورَدت آمالي المَعالي وَلَم أَهب / وَرود العَوالي أَو صُدور الفَيالق
وَجاريت في النَظم الجَواري مُسابِقاً / بِهِ غرراً زانَت وَجوه السَوابق
يَقولون لي زيد رَوى فَضل خالد / فَقُلت حَديث ساقه غَير صادق
أَرى قَصَبات السبق في حَلبة العُلا / وَما كُل سبّاق إَلَيها بِلاحق
فَحَتّى مَتى تَغريب نَجم بلاغَتي / وَما يَتَجَلى الصُبح مِن غَير شارق
أَسامٍ بِلا سامٍ وَحامٍ إِذا طَغى / زَمان بِطوفان مِن الهَم دافق
فَغادرت قَوماً لا يُقال بظلَهُم / لَأَنعَم في ظل مَديد السَرادق
وَفارَقت أَبناء الزَمان مَسيراً / مَديح جَميل الذكر بَين المَفارق
تَخيرت مِن هَذي الخَلائق جَهبذاً / خَليقاً بِأَن يَدعى كَريم الخَلائق
قَد اِبتَدأتني مِنهُ قَبلَ لِقائِهِ / مَكارم فَياض اللهى خَير سابق
تَعلمني حَسن الثَناء صِفاته / وَنَظم صحاح الجَوهر الُمتَناسق
فَأَيقنت إِنَّ البَحر يَلفظ لُؤلُؤاً / يَروقك في جيد مِن الحُسن رائق
تَود مَصابيح السَماء لَو أَنَّها / أَعيرت مَكان الصَمت حلية ناطق
فَتَروي كَما يُروى النَدى عَن سَحابِهِ / أَيادٍ تَوالَت مِن أَيادٍ دَوافق
وَثقت بِهِ مُستَظهِراً لاعتماده / عَلى ناصر تَرجوه آمال واثق
وَنَزهت طَرفي في حلاه كَناظر / إِلى سود أَحداق وَخُضر حَدائق
وَفي طَلب الخَلق اِتباع سميّه / دَليل عَلى تَعظيمه عِندَ خالق
بِمَن تَفخر الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها / شَبيه أَبي سُلطان حامي الحَقائق
فَمَن مثله وَالبَدر عندَ تَمامه / إِذا رامَ أَن يَحكيه يَرمي بِماحق
لَهُ هِمم مضّاءة وَعَزائم / تَسامَت عَلى هامات شَم الشَواهق
وَفيٌّ ذَكيٌّ لَوذعيٌّ إِذا اِرتَأى / هُديتَ بَرأي الأَلمَعي المُوافق
لَدى مِسلق سَوق البَلاغة نافق / لَدَيهِ وَلم يَسمَع نفاق المُنافق
خَبير بِتَصريف المَعاني فَلفظه / لدقته فَخم جَليل الدَقائق
فَدَعني مِن رَجم الظُنون فَإِنَّها / تَصور لِلأَفكار بَعض الخَوارق
فَقُل لِلوَرى إِني تَجَنبت غيره / تَجَنَب مَعشوق مَصون لِعاشق
وَسَيرت مِن فكري شُروداً زففتها / إِلى الكفء تَهدي مِن مُشوق لِشائق
لترتع في رَوض تَروي مِن الحَيا / وَقَطر النَدى فيهِ حَياة الخَلائق
يَرنح تِذكار المَعارف عَطفه / فَيَصبو وَلا يَصغى لِقَول اللقالق
أَتَتهُ عَلى اِستحياء حَوراء قَد غَدا / بَديع قَوافيها لَها كَالنَمارق
وَقَد بَدأته بالتَحية إِذ بَدَت / وَفُضَّ خِتامُ المسك عَنها لِناشق
كادَت تَزف بِنا الرِكاب السَبق
كادَت تَزف بِنا الرِكاب السَبق / فَإِذا الطَريق حَماه صل مطرق
أَرح المَطي فَقَد تَمَرَد مارد / صَعبت مَراقيه وَعَز الأَبلق
تَرجو المَعالي وَالعَوالي دونَها / الشَمس قَد غربت وَأَين المَشرق
فَاِضرب عَن الإِسراع صَفحاً وَاِعتَمد / ان السَريع بِغَير حَزم أَحمَق
وَاِصبر لَدَهرك لا تهبه فَرُبَما / قَطع المُحيط مَع السَلامة زَورَق
مَن لي بِأَصوات الحداة تَرنَمَت / وَالقود تَرقُص وَالبَيارق تَصفق
وَالجُند بِالروح الأَمين مُؤيد / وَالبند بِالنَصر المُبين مخلق
وَالملك بِالنَسَب الشَريف مُتَوَج / وَالدين بِالحَسَب المُنيف مُطَوق
وَالمَجد في بَيت النُبوة راسخ / شَرَفاً يَتيه بِهِ اللوى وَالأَبرق
وَإِذا النَدى يَوماً تَطابَق وَالنَدى / فَالبرّ عَبد اللَه بَحر مُطبق
ملك إِذا ملك زَها بِجدوده / وَجُدوده فَهُوَ الشَريف المعرق
تَلقاهُ بَدراً بِالجَلال مُسَربَلا / يَتلوه نَجم بِالدُروع مقرطق
في مَوكب سام يَحف بِكَوكَب / أفق العَجاج بِنوره يَتأَلَق
تَتَكَلَم الأَبطال قَبل لِقائِهِ / وََتَكاد أَلسِنَة الأَسنة تَنطق
فَإِذا طَغى بِهُم الوَغى وَتَجَرَدَت / بيض الظِبا احمرّ الحَديد الأَزرَق
يَرجو القُبول بِأَن يُسابق خَيله / وَالبَرق لَم يَلحَق سَناه فَيَسبق
وَيل لِقَحطان إِذا غَضِبَت بَنو / عَدنان وَانتَشَر اللوا وَالصَنجق
وَرَمتهم تلك البَنادق وَاِنثَنوا / وَقُلوبَهُم مَثل البَيارق تَخفق
وَالخَيل مثل السَيل في أَعقابِهم / فَالسَيل يَغرق وَالصَواعق تَحرق
وَعلى الكَميت مِن الكُماة غَضَنفر / تَفري براثنه العِدى وَتمزق
يَبدو فتبتسم الصَوارم وَالقَنا / تَبكي دَماً وَالحَي مِنهُم يَصعق
مِن آل محسن عَون كُل مُؤمل / جوداً يَكاد إِذا تَدَفَق يَغرَق
أَمسى لِناديهم نَداهُم داعياً / زَمراً يَقيدها النَوال المُطلَق
يا ابن الَّذي لَولا قَضاءٌ سابق / جاءَت لآمله العُلا تَتَمَلَق
كَم حاول المَنطيق حَصر صِفاته / بِالشعر فَاِنبَهَر البَليغ المفلق
وَلَطالَما دَلَت مَعاليه عَلى / نَهج البَلاغة فَاِستَقامَ المَنطق
أَخفى مَواهبه فَباحَ بِسره / شكر عَلَيها وَالوَفاء مصدق
لَكنه بَدر مَضى بِتَمامه / وَالبَدر يَأخذ في الكَمال فَيَمحَق
وَأَراك تَحذو حَذوه في فَضله / كَرَماً فَتَسبقه لَما لا يَلحَق
وَاِلَيكَها بَدوية في وَسمِها / يَجري عَلَيها مِن صِفاتك رَونَق
مَدَت إِلى عَلياك باعاً طائِلاً / وَأَراك كُفؤاً وَالسَعيد مُوَفَق
جاءَتكَ تَرفل في غَلائل حُسنِها / وَصداقها وَهُوَ القُبول مُحَقق
فَاسلم وَدُم أَبَداً وَباعد وَاقتَرب / إِني بَغَيرك قَد لا أَتَعَلَق
تَرنو النُجوم بِلَحظِها البرّاق
تَرنو النُجوم بِلَحظِها البرّاق / وَالجَوّ في الإِرعاد وَالإِبراق
فَإِذا تَبَسَمَت البُروق لِغبطة / بَكَت السَماء بَدمعها المهراق
وَكَذَلك الأَرَضون في أَكنافِها / جَدب يشاب بِوابل غيداق
مَن كانَ سالم دَهره فَليعتَبر / بِتَعانق الأَسياف وَالأَعناق
لَولا الإِساءَة ما تَميز محسن / تَبدي السُموم فَضائل الترياق
وَلَقَد حَبست النَفس عَن شَهواتها / وَجَمعت أَجفاني عَلى الأَحداق
وَمَنعت ما انضمّت عَلَيهِ جَوانِحي / وَجَعَلت شُكرَكُم عَلى الإِطلاق
لا تَقطَعوا أَمَلي الَّذي أَملتهُ / ملق الكِرام يَزيد في الإِملاق
وَتَخلقوا بِالمُكرَمات تَلطفاً / فَالكُل مُفتَقر إِلى الخلاق
لا تَجعَلوا مَدحي لمدحكم جزاً / وَصل الممنع منية المُشتاق
لا تَحسَبوا أَني عَجزت وَإِنَّما / جَف المداد لِجَفوة الأَوراق
قسماً بِمَن جَعَل البَديع مِن الثَنا / ذخر المُنافق خشية الإِنفاق
إِني عَلى العَهد القَديم وَإِنَّما / حَظ الأَديب عَداوة الأَرزاق
لَكن أَتيت مُؤَخراً مِن بَعد ما / لَدغ الزَمان وَما لَهُ مِن راق
وَأَرى كَثيراً في النُجوم ثَوابِتاً / وَالبَدر ذا كلف حَليف محاق
عاملتموني بِالجَفاء رويدَكُم / الوَرد ذو أَرج بِلا إِحراق
مالي أَراكُم تُنكِرون مَكانَتي / الشَمس لا تَخفي مَع الإِشراق
قلدتمُ غَيري الجَميل وَقلتمُ / حَسب المُغَرّد زينة الأَطواق
أَسدَيتُمُ الجَدوى لَهُ وَسَددتُمُ / طُرق الرَجاء عَليَّ بِالإِطراق
إِن لَم يَكُن مثلي يُسيء وَمِثلَكُم / يُغضي فَأين مَكارم الأَخلاق
أَرجو وُجودَكُمُ وَجودَكُم مَعاً / وَالشارِدات كَحلبة بِسباق
قَد زادَكُم شَرَف الأُصول فَضائِلاً / فَأَضفتُم الأَخلاق لِلأَعراق
فَعَلَيكُم مني السَلام خِتامه / مسك زَكيّ النَشر في الآفاق
أَرى لَمع بَرق مِن ثَناياك مُشرق
أَرى لَمع بَرق مِن ثَناياك مُشرق / أَضاءَ سَناه بَين غَرب وَمُشرق
فَغادر لَو اللَيل كَالفَرق أَبيَضاً / وَقَد كانَ مسوَداً كَيوم التَفَرّق
بَسمت لَنا عَن لُؤلؤ في عَقيقة / تَلألأ فيها نور جَوهره النَقي
يَرينا حباباً مِن ثَناياك في فَم / حَكى الكَأس لُطفاً وَهُوَ عَين المُحقق
فَهاتي أَذيقينا الرَحيق مُسلسلاً / مِن الريق أَعني لا الرَحيق المُعتق
وَطوفي بِهِ جوداً عَلَينا فَقَد صَفا / زَمان الصَفا وَاسعي بِهِ وَتَصَدقي
وَلا تَحرمي يا كَعبة الحُسن مِن طَوت / إَلَيكَ بِهِ الدُنيا مَطايا التَشوق
فَما لذة الأَيّام غَير مدامة / تدار عَلى سَجع الحَمام المُطَوق
بِرَوض إِذا ما جَنّ ماء غَديره / تَسلسل في أَصل الأَسيلات ما بَقي
تَراسَلَت الأَطيار فَوقَ غُصونه / كَأَنَّ عَلى الأَوراق وَشي مُنَمق
إِذا اِعتَنَقَت فيهِ الحَدائق راعَها / جَنى نَرجس يرنو إَلَيها كمحدق
وَإِن كتم الرِيحان سَر أَريجه / يَطير بِهِ النمام في كُل مفرق
وَإِن حَدَث النَهر الحَصى بِصَفائِهِ / يَميل إِلَيهِ البان في زيّ مُطرَق
تَروح برياه النَسيم وَتَغتَدي / فَتفترق الأَغصان طَوراً وَتَلتَقي
تَدر عَلَيهِ السُحب دُراً كَأَنَّهُ / قَلائد مَدحي في السَعيد المُوَفَق
هُوَ المُحسن المَقصود مِن آل مُحسن / وَأَشرَف مَن يَسمو المَعالي وَيَرتَقي
وَمَن فَرَق الأَعداء في كُل مَفرق / وَفلق منها الهام في كُلِ فَيلَق
أَدامَ السَرى فَالعرب مِن تَحت بَيرَق / تَحف بِهِ وَالتُرك مِن تَحت صَنجَق
تَضيق صَدر الأَرض كَثرَةُ جَيشِهِ / وَتَوسَع قَلب المَأزق المُتَضيق
لَو اِتَخَذَت أَعداؤه النَجم مَلجَأ / غَزاها عَلى شُهب مِن الخَيل سَبق
يَعلمها حسن الطراد اِقتِحامه / بِأَعلامهِ في مَأزِقٍ بَعدَ مَأزقِ
فَتى لا يَرى يَوم الكَريهة لافِتاً / عِنان كَمَيت أَو شَكيمة أَبلَق
إِذا التَهَبَ السَيف الرَقيق لَدى الوَغى / وَرَوى صَداه بِالدَم المُتَرَقرق
تَرى بَرق ماضي في غمام عَجاجة / وَسَيل دَم بَين الرُبى مُتَدَفق
فَيا ناهب الأَعمار يا غير جائر / وَيا واهب الأَموال يا خَير مُنفق
وَيا جامِعاً شَمل المَعالي وَشامِلاً / جَميع البَرايا بِالنَوال المفرّق
يَمينك وَالسَيف اليَماني فيهُما ال / مُنى وَالمَنايا لِلسَعيد وَلِلشَقي
فَلَم يَمضِ يَوم ما فَلقَت صَباحه / بِبَذل نَدى هام وَهام مُفلق
فَداعيك مُرتاد وَعاديك مُرتدٍ / وَيا نَعم ما تَرجو الأَنام وَتَتَقي
سَمَت بِكَ يا اِبنَ العَبدَليّ عَزائم / مَواض عَلى فرق الفَراقد تَرتَقي
وَخُذها عروباً أَعرَبَت عَن صِفاتَكُم / بَلاغتها قَد أَخرَسَت كُل مسلق
وَما أَنا إِلّا ناظم دُرَّ فَكرَتي / وَلَم أَنتَحل فيما أَقول وَأَسرق
وَما هُوَ إِلا ماء وَجه أَصونهُ / بِتَنزيه لَفظي عَن كَلام مُلفق
فَلا تَعدلوا مثلي بشر عصابة / فَمنطقة الجَوزاء مِن دون مَنطِقي
وَإِن يَعترضني في عُروضي جاهل / وَعرض لي عَرضاً كَثَوب مخلق
فَلا كُنت قلت الشعر ان لَم أَكُن بِهِ / أَمزق ذاكَ العَرض كُل مُمَزق
لِيَعلَم مَن في الشَرق وَالغَرب أَنني / صَفَعت جَريراً قَبل صَفع الفَرَزدق
وَما دامَ عَبد اللَه ذخري وَمَلجَأي / وَعَوني شَفيت النَفس مِن كُل أَحمَق
وَدونَك يا سَبط ابن عَون وَليدة / تَميس دَلالاً في حلا فكر مُغلَق
نُجوم بَديع في سَماء بَلاغة / تَزاهَت بِنور مِن مَعاليك مُشرق
إِذا طَرَقَت سَمع الفَتى فعلت بِهِ / لَباقَتِها فعل السلاف المُروق
تَطوف بَكَأس مِن صِفاتك ختمها / نَوافح مسك بِالمَدائح أَعبَق
بُشرى بِبَدر سَما مِن نوره الحبك
بُشرى بِبَدر سَما مِن نوره الحبك / فَالأَرض تَزهو بِهِ وَالفلكُ وَالفَلك
وَمَصر في زينة تَجلى بطلعتها / كَأَنَّها أُفق وَالنجم محتبك
وَقائم قادم قَد حَل مَوكبه / وَنور كَوكَبه يَجلي بِهِ الحلك
تَخشى الغَزالة إِن تَدنو لتلثم ما / ضَم الشِراك وَلم يَنصب لَها شُرك
قُل لِلَّذي ظَنَ إِدراك العُلا قَنصاً / ماجَ المُحيط فَضاعَ الصَيد وَالشَبك
فَإِن تَسامى وَلَم يَلحَق فَلا عَجَب / سَما السماك لَما لا يَبلغ السمك
تَنَزَه اللَه عَن ندٍ يُشاركه / لا تحسبن بِأَن الأَمر مُشتَرك
اليَوم قرّ مِن الكُرسيّ قائِمه / بِذي قِران بِهِ الأَقران ترتبك
رَأى الخَليفة رَأياً فيكَ أَنتَ لَهُ / كُفء وَغَيرك أَفاك وُمؤتَفك
مَن هُمّ بِالأَمر لا تَثنيه غايته / وَلا يَرى وَهُوَ في اللَذات مُنهَمك
أَلقَت إَلَيكَ العُلا طَوعاً أَزمتها / وَسالمتك وَفي الأَكباد معترك
جَمَعت مِن رُتب العَلياء ما اِفتَرَقَت / كَذَلِكَ التبر يَغلو وَهُوَ مُنسَبك
وَقَد نَظَمت أُمور المُلك فَاِنتَظَمَت / لا يحسن الدر إِلّا وَهُوَ مُنسَبك
لَبّت نِداك العُلا إِذ أَنتَ كعبتها / فَحجها لَكَ أَني كُنتُ وَالنُسك
فَمن يُحاول أَمراً قَد أَحطَت بِهِ / أَين الخَضم إِذا ما ماج وَالبَرك
وَزينة كاالدَراري الزُهر حينَ بَدَت / وَقَد تَجليتَ لَم يُدرك لَها دَرك
كَأَنَّها حينَ تَبدو في مَنازلها / مِن السَنا بِدَرٌ تَزهو بِها السُكك
يَعلو الثُريا الثَرى مِن حسن بَهجَتِهِ / وَلِلمَصابيح في أَرجائِهِ حبك
لِلّه ملك سَما فَوقَ السِماك سَنا / وَصاحب التاج مِنهُ ذَلِكَ المُلك
وَطالع مِن سُعود حينَ لاحَ لَنا / زَهواً تَهني بِهِ الإِنسان وَالمُلكُ
بُشرى لِمَصر فَأَن العز أَرخها / بِالأَصل وَالفرع إِسماعيل مُمتَلك
هَل ابن سَبيل يَسأل اللَه رحمة
هَل ابن سَبيل يَسأل اللَه رحمة / إِلى روح إِبراهيم ذو نفسٍ زَكي
وَيَروي هَنيئاً ثُم يَروي مُؤرِخاً / سَبيلاً زَكيّ الخَير مَورِده زَكي
جادَت بِوَصل بَعد طول دَلالها
جادَت بِوَصل بَعد طول دَلالها / مَطبوعة جبلت عَلى ادلالها
وَسَرى بِطَيف خَيالها جنح الدُجى / مِن بَعد ما جَنحت إِلى عذالها
زارَت عَلى شَوق مُحبيها وَما / زالَت تَجر إَلَيهِ في أَذيالها
سَفرت فَقُلنا قَد تَأَلق بارق / يَزجي رشاش الطَل في أَطلالها
وَتَكَلَفَت صلة المتيم عِندَما / نَظرت كَمال البَدر دونَ كَمالها
غَيداء جادَت بِالزيارة بَعدَما / جارَت وَمل الدَهر طول ملالها
سَمَحت بِما أَسدت إِليّ وَإِنَّما / صلة المَعنى مِن تَمام وِصالها
حَسناء قَد تاهَت عَليّ كَأَنَّها / حَسنية وَالمَجد في سربالها
ما ضَرَها لَو أَنَّها قَد أَحسَنَت / بِالجَمع بَينَ جَميلها وَجَمالها
هَلا تَعَلمت المَكارم مِن بَني / حَسَن جَماهير الأَكارم آلها
إِن لَم تَصِلني فَالسلو وَلَيسَ لي / إِلا عَليّ وَالعُلى في فالها
ضراب أَمصال الحَديد بمثلها / بَأساً وَضَرب الناس في أَمثالِها
تَأبى العَوالي وَالمَعالي وَالنَدى / إِن قست يَوماً مثلها بِمِثالها
لَو أَملَت كُل البَرية بَعض ما / فيهِ لَأَمسى رُشدَها كَضِلالها
وَلَقَد أَجَل بَني نَمي في الورى / عَن أَن أَشبه أَسدها بِنمالها
وَإِذا الكَواكب في السَماء تَلألأت / فَالشَمس في الإِشراق فَوقَ هِلالها
يا ابن الَّذي نَظمت بِحُسن سُلوكه / زَهر النُجوم عَلى عُلو مَنالها
تَرك السَوالف كَالسَوالف وَاِكتَفى / بِالعادِيات فَعُد مِن ابطالها
جَر الجُيوش تَجر زرق أَسنة / وَالبيض عاكفة عَلى جريالها
قَد أَورَث المَجد المُؤثل نَسله / أَهل الكَمال فَكُنت مِن أَقيالها
لَكَ نسبة علوية نَبَوية / غَراء فَالعَلياء مِن أَحجالها
سَلت صَوارِمها العَزائم فَاِرتَوَت / وَدَم العِدا مُتلهب بِنِصالها
بيض عَلى الغَبراء حاكَت ظلة / خَضراء وَالجَنات تَحتَ ظِلالها
وَقَد اِختَرَطَت لفكرتي في وَصفكم / مِنها سُيوفاً مَن لَها بِصقالها
وَلَقَد علمت بِأَن مَدحي قاصر / وَعلالكم التَنزيل في إِجلالها
أَفَبَعد ما جاءَ الكتاب مفصلاً / تَتَفاضل البَلغاء في أَقوالها
هبني بَلَغت مِن العُلا أَسبابها / هَل أَبلغ الإِقبال مِن إِقبالها
وَأَرى الشَوارد مثل أَرزاق الوَرى / مَطرودة وَالعَقل مثل عقالها
لَكِنَّني أَسعى لِأدركها وَهَل / تَجري الأَهلة في سِوى اِكمالها
تَعَزَزت إِجلالاً وَسَدَت جَلالا / تَعالَ كَما شاءَ العَزيز تَعالى
فَما عَن سُدى سَدَت الجَميع وَإِنَّما / كَمالكَ من فَضل بَلَغَت كَمالا
ظَلَلَت عَلى آثار مَن سارَ سابِقاً / فَكُنت إِلى اللاجي إِلَيك ظَلالا
وَهَل لَكَ مثل إِن تَعَمَدَت مَنطقاً / وَمَن ذا يَرى لابن العَميد مِثالا
بَلاغة لَفظ ذي مَعانٍ بَديعة / عَلَيها وَجدنا الفاضلين عيالا
وَاِنك أَهل للجَميل صَنعته / لِتَكسو المَعالي هَيبة وَجَمالا
وَما فيك عَيب غَير إِنجاز مَوعد / وَحُسن وَفاءٍ لا أَراه مَحالا
وَلما دَعوتَ الكُل حيّ عَلى النَدى / سَعيتُ كَأَني قَد سَمعت بلالا
وَأَدلَجت في أَنوار حَمد تَلألأت / كَمُستَخدَم في بَيت مَجدك لالا
أَهم إِلى نيل المَرام مُشَمِراً / لَدَيك وَإِن كانَ الجَميع كَسالى
وَأَرجع صُفر الكَف مِن كُل مَوعد / كَمَن يَبتَغي مِمَن أَحبَّ وِصالا
عَلى أَن في الدُنيا وَفي تلكَ كُلنا / يؤمل في فضل الإِله تَعالى
وَأَسأَل رَبي أَن يُديمك إِنَّهُ / كَريم رَحيم لا يرد سوآلا