المجموع : 84
فَحمٌ شَبَّهُ الغُلامُ وَأَدلى
فَحمٌ شَبَّهُ الغُلامُ وَأَدلى / في كَوانينِهِ حَياةَ النُفوسِ
كانَ كَالآبُنوسِ غَيرَ مُحَلّى / فَغَدا وَهوَ مُذهَبُ الآبُنوسِ
لُقِّيَ النارَ في ثِيابِ حِدادٍ / فَكَسَتهُ مُصَبَّغاتِ عَروسِ
هذا الحَماحِمُ زَهرٌ
هذا الحَماحِمُ زَهرٌ / فيهِ حَياةُ النُفوسِ
كَأَنَّهُ حينَ يَبدو / بُرادَةُ الآبُنوسِ
غَرَّدَ الطَيرُ فَنَبِّه مَن نَعَسْ
غَرَّدَ الطَيرُ فَنَبِّه مَن نَعَسْ / وَأَدِر كَأسَكَ فَالعَيشُ خُلَسْ
سَلَّ سَيفُ الفَجرِ مِن غِمدِ الدُجى / وَتَعَرّى الصُبحُ مِن قُمصِ الغَلَسْ
وَبَدا في حُلَلٍ فِضِّيَّةٍ / نالَها مِن ظُلمَةِ اللَيلِ دَنَسْ
فَاِسقِني مِن قَهوَةٍ مِسكِيَّةٍ / في رِياضٍ عَنبَرِيّاتِ النَفَسْ
صَوَّرَهُ خالِقُهُ جامِعاً
صَوَّرَهُ خالِقُهُ جامِعاً / لِكُلِّ شَيءٍ حَسَنٍ بارِعِ
وَكُلُّ حُسنٍ مِن جَميعِ الوَرى / مُختَصَرٌ مِن ذلِكَ الجامِعِ
لا تَقبَلَنَّ مِنَ الرَشيدِ كَلامَهُ
لا تَقبَلَنَّ مِنَ الرَشيدِ كَلامَهُ / وَإِذا دَعاكَ أَخو الغَوايِةَ فَاِسمَعِ
وَدَعِ التَزَهُّدَ وَالتَجَمُّلَ لِلوَرى / فَالعَيشُ لَيسَ يَطيبُ لِلمُتَوَرِّعِ
كَأَنَّها في الكُئوسِ إِذ جُلِيَت
كَأَنَّها في الكُئوسِ إِذ جُلِيَت / مِن عَسجَدٍ رَقَّ لَونُهُ وَصَفا
أَغضَبَها الماءُ حينَ مازَجَها / فَأَزبَدَت في كُئوسِها أَنَفا
تَجاوَزَ الإِسرافَ في ظُلمِهِ
تَجاوَزَ الإِسرافَ في ظُلمِهِ / حَتّى لَقَد هَمَّ بِإِسرافِهِ
فَثَغرُهُ مَظلومُ مِسواكِهِ / وَحَصرُهُ مَظلومُ أَردافِهِ
مِن ظُلمُهُ جارَ عَلى نَفسِهِ / كَيفَ أُرَجّى حُسنَ إِنصافِهِ
أُناسٌ إِذا غابوا رَمَتكَ سِهامُهُم
أُناسٌ إِذا غابوا رَمَتكَ سِهامُهُم / وَخَصَّكَ مِنهُم في الحُضورِ وَالتَمَلُّقُ
غُرورُ لِقاءٍ قَد تَبَيَّنتُ زورَهُ / فَأَصبَحَ عِندي بائِراً لَيسَ يَنفُقُ
وَإِنَّ اِمرَأً نالَت يَداهُ كِفايَةً / وَلازَمَ فيهِم بَيتَهُ لَمُوَفَّقُ
سَلا عَن حُبِّكَ القَلبُ المَشوقُ
سَلا عَن حُبِّكَ القَلبُ المَشوقُ / فَما يَصبو إِلَيكَ وَلا يَتوقُ
جَفاؤُكَ كانَ عَنكَ لَنا عَزاءً / وَفَد يُسلى عَن الوَلَدِ العُقوقُ
عَشِقتُ مَن لا أُلامُ فيهِ وَما
عَشِقتُ مَن لا أُلامُ فيهِ وَما / يَخلو مِنَ اللَومِ كُلُّ مَن عَشِقا
رَأيُ الوَرى في سِواهُ مُختَلِفٌ / وَأَنتَ تَلقاهُ فيهِ مُتَّفِقا
وَكُلُّ قَلبٍ إِلَيهِ مُنصَرِفٌ / كَأَنَّهُ مِن جَميعِها خُلِقا
وَسَحابٍ إِذا هَمى الماءُ فيهِ
وَسَحابٍ إِذا هَمى الماءُ فيهِ / أَلهَبَ الرَعدُ في حَشاهُ البُروقا
مِثلُ ماءِ العُيونِ لَم يَجرِ إِلّا / ظَلَّ يُذكي عَلى القُلوبِ حَريقا
قُم فَاِسقِني صافِيَةً
قُم فَاِسقِني صافِيَةً / تَهتِكُ جُنحَ الغَسَقِ
أَما تَرى الصُبحَ بَدا / في ثَوبِ لَيلٍ خَلَقِ
أَما تَرى جَوزاءَهُ / كَأَنَّها في الأُفُقِ
مِنطَقَةٌ مِن ذَهَبٍ / فَوقَ قَباءٍ أَزرَقِ
وَصَفراءَ مِن ماءِ الكَرومِ كَأَنَّها
وَصَفراءَ مِن ماءِ الكَرومِ كَأَنَّها / فِراقُ عَدُوٍّ أَو لِقاءُ صَديق
كَأَنَّ الحَبابَ المُستَديرَ بِطَوقِها / كَواكِبُ دُرٍّ في سَماءِ عَقيقِ
صَبَبتُ عَلَيها الماءَ حَتّى تَعَوَّضَت / قَميصَ بَهارٍ مَن قَميصِ شَقيقِ
جَوهَرِيُّ الأَوصافِ يَقصُرُ عَنهُ
جَوهَرِيُّ الأَوصافِ يَقصُرُ عَنهُ / كُلُّ وَصفِ لِكُلِّ ذِهنٍ دَقيقِ
شارِبٌ مِن زَبَرجَدٍ وَثَنايا / لُؤلُؤٍ فَوقَها فَمٌ مِن عَقيقِ
عُدتُ إِلى الغَيِّ بَعدَ نُسكي
عُدتُ إِلى الغَيِّ بَعدَ نُسكي / وَلَذَّ لي فيكَ طَعمُ مَحكي
أَضحَكُ لِلكاشِحينَ جَهراً / وَلي ضَميرٌ عَلَيكَ يَبكي
تَمنَعُنى أَن أَبوحَ نَفسٌ / تَأنَفُ مِن ذِلَّةِ التَشَكّي
عَيني الَّتي أَوقَعَت فُؤادي / يا عينُ ماذا لَقيتُ مِنكِ
عَلِّل فُؤادَكَ وَالدُنيا أَعاليلُ
عَلِّل فُؤادَكَ وَالدُنيا أَعاليلُ / لا يَشغَلَنكَ عَنِ اللَهوِ الأَباطيلُ
وَلا يَصُدَّنكَ عَن أَمرٍ هَمَمتَ بِهِ / مِنَ العَواذِلِ لا قالٌ وَلا قيلُ
فَخَيرُ يَومَيكَ يَومٌ أَنتَ فيهِ إِذا / مُيِّزتَ في الناسِ مَحمودٌ وَمَعذولُ
وَإِن أَتَوكَ فَقالوا كُن خَليفَتَنا / فَقُل لَهُم إِنَّني عَن ذاكَ مَشغولُ
فَإِنَّ ذلِكَ أَمرٌ مَع نَفاسَتِهِ / وَنُبلِهِ بِفَناءِ العُمرِ مَوصولُ
وَاِرضَ الخُمولَ فَلا يَحظى بِلَذَّتِهِ / إِلّا اِمرؤٌ خامِلٌ في الناسِ مَجهولُ
وَلا تَبِع عاجِلَ الدُنيا بِآجِلِ ما / تَرجو فَذلِكَ أَمرٌ شَأنُهُ الطولُ
اِسفِك دَمَ القَهوَةِ الصَهباءِ تَحيَ بِهِ / روحي فَإِنَّ دَمَ الصَهباءِ مَطلولُ
يا خائِفَ الإِثمِ فيها حينَ يَشرَبُها / لا تَقنَطَنَّ فَعَفوُ اللَهِ مَأمولُ
قُم فَاِسقِني النَصَّ مِمّا حَرَّموهُ وَلا / تَعرِض لِما كَثُرَت فيهِ الأَقاويلُ
مِن قَهوَةٍ عُتِّقَت في دَنِّها حِقَباً / كَأَنَّها في سَوادِ اللَيلِ قِنديلُ
عَروسِ كَرمٍ أَتَت تَختالُ في حُلَلٍ / صُفرٍ عَلى رَأسِها لِلمَزجِ إِكليلُ
كَأَنَّها بِأَكُفِّ القَومِ إِذ جُلِيَت / ذَوبٌ مِنَ الذَهَبِ الإِبريزِ مَحلولُ
في فِتيَةٍ جَعَلوا لِلَّهوِ طاعَتَهُم / فَما لَهُم عَن طَريقِ اللَهوِ مَعدولُ
جَليسُهُم لَيسَ يَروى مِن حَديثِهِمُ / يَوماً وَبَعضُ حَديثِ القَومِ مَملولُ
لا كَالَّذينَ إِذا ما كُنتَ حاضِرَهُم / فَفي سُكوتِهِمُ المَأمولُ وَالسولُ
تَرى مَجالِسَهُم مَملوءَةً لَجباً / وَكُلُّ ذاكَ فُضولٌ عَنكَ مَعزولُ
إِن كُنتَ تَعلَمُ ما بي
إِن كُنتَ تَعلَمُ ما بي / وَأَنتَ لَستَ تُبالي
فَصارَ قَلبُكَ قَلبي / وَصِرتَ في مِثلِ حالي
بَل عِشتَ في طيبِ عَيشٍ / تَقيكَ نَفسي وَمالي
دَعَوتُ إِذ ضاقَ صَدري / عَلَيكَ ثُمَّ بَدا لي
بَدا مِشمِشُ الأَشجارِ فيها كَأَنَّهُ
بَدا مِشمِشُ الأَشجارِ فيها كَأَنَّهُ / يَلوحُ عَلى خُضرِ الغُصونِ المَوائِلِ
قِبابٌ بِمُخضَرِّ الرِياحينِ غُشِّيَت / وَقَد زُيِّنَت مِن عَسجَدٍ بِجَلاجِلِ
لا تَقبَلَنَّ مِنَ الرَشيدِ كَلامَهُ
لا تَقبَلَنَّ مِنَ الرَشيدِ كَلامَهُ / وَإِذا دَعاكَ أَخو الغَوايِةَ فَاِقبَلِ
وَدَعِ التَزَهُّدَ وَالتَجَمُّلَ لِلوَرى / فَالعَيشُ لَيسَ يَطيبُ بِالمُتَجَمِّلِ
وَاِشرَب مُزَعفَرَةَ القَميصِ سُلافَةً / مِن صَنعَةِ البَردانِ أَو قُطْرُبُّلِ
كَأسٌ إِذا رَمَتِ الهُمومَ بِسَهمِها / لَم يُخطِ نافِذُهُ سَواءَ المَقتَلِ
تَحلو وَتَعذُبُ في النُفوسِ كَأَنَّها / كَبْتُ العَدُوِّ ورَغمُ أَنفِ العُذَّلِ
حَمراءُ يَرحُبُ كُلُّ صَدرٍ ضيقٍ / مَعَها وَيُفتَحُ كُلُّ بابٍ مُقفَلِ
تَحكي ضِرامَ النارِ إِلّا أَنَّها / نارٌ لَعَمرُكَ لَيسَ تُؤذى المُصطَلى
لا سِيَّما مِن كَفِّ طاوِيَةِ الحَشا / تَرنو بِناظِرَتَي خَذولٍ مُطفِلِ
يَومٌ أَتاكَ بِوَجهِهِ المُتَهَلِّلِ
يَومٌ أَتاكَ بِوَجهِهِ المُتَهَلِّلِ / ناهيكَ مِن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ
خَلَعَ الغَمامُ عَلى اِخضِرارِ سَمائِهِ / خِلَعاً فَبَينَ مُمَسَّكٍ وَمُصَندَلِ
وَعَلا عَلى الأَشجارِ قَطرُ سَمائِها / فَبَدَت لِعَينِ الناظِرِ المُتَأَمِّلِ
تَحكي قِبابَ زَبَرجَدٍ قَد كُلِّلَت / بِمُنَظَّمٍ مِن لُؤلُؤٍ وَمُفَصَّلٍ
وَأَتاكَ زَهرُ البَاقِلاءِ كَأَنَّهُ / يَرنو إِلَيكَ بِطَرفِ أَغيَدَ أَكحَلِ
وَالوَردُ يَخجَلُ كُلَّ نَوْرٍ طالِعٍ / فَتَراهُ مُنتَقِباً بِحُمرَةٍ مُخجَلِ
وَحَكى بَياضُ الطَلِّ في كافورِهِ / وَجهَ الخَريدَةِ في الخِمارِ الصَندَلِ
وَتَغَرَّدَت أَطيارُهُ فَحَكَت لَنا / نَغَماتِ مَعبَدَ في الثِقيلِ الأَوَّلِ
مِن كُلِّ صافِيَةِ الصَفيرِ إِذا دَعَت / أَغنَتكَ عَن صَنجٍ هُناكَ وَجُلجُلِ
وَكَأَنَّما الدُنيا عَروسٌ أَقبَلَت / في كُلِّ أَنواعِ المَلابِسِ تَنجَلي