القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 591
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً
إِذا لَم تَستطعْ للرزءِ دَفْعاً / فَصَبراً للرزيّةِ وَاِحتِسابا
فَما نالَ المُنى في العَيشِ إِلّا / غَبِيُّ القَومِ أَو فطنٌ تغابى
هِيَ الدّنيا نُغَرُّ بها خَدوعاً / ونُورَدُها على ظمأٍ سرابا
وَهَذا الدَّهر يُصبِحُ ثُمَّ يُمسي / يَقودُ إِلى الرَّدى مِنّا صِعابا
وَهَل أَحياؤُنا إِلّا تُرابٌ / بِظَهرِ الأرضِ يَنتظرُ التّرابا
صَدَعتَ بِما كَتبتَ صَميمَ قلبي / عَلى عَجلٍ فلم أُطِقِ الجوابا
فَلَو أَنّي اِستَطَعت حَمَلتُ وَحدي / وَلَم أهب الأَذى عنكَ المصابا
وَغَيرك من نعلّمهُ التعزّي / ونُذكره وقد ذَهَل الثَّوابا
فَلَو حابى الزّمان سِواك خَلْقاً / لَكانَ سَبيل مِثلك أَن يُحابى
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا
عَلى شَجَرِ الأراكِ بَكيتُ لمّا / مَررتُ بِهِ فَجاودتُ السّحابا
وَكَم نادَيتُ فيهِ مِن حَبيبٍ / عَهِدتُ بِهِ فَلَم أَسمَع جَوابا
فَواهاً لِلأَراكِ مَقيلَ صَبٍّ / فَقَدتُ بِهِ الأَحبّةَ والشّبابا
وَأَكنافاً لِغانِيَةٍ رِحاباً / وأفناناً لناعمةٍ رطابا
وَسَقياً لِلأَراكِ مَساءَ يَومٍ / نَزَلتُ بِهِ فَطبتُ لَه وَطابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا
إِذا ساءَلْتَنِي فَخُذِ الجَوابا / فَكَم فَتَحَ الكَلامُ عَليَّ بابا
عَتبتَ وَما اِجتَرمتُ إِلَيكَ جُرماً / فَأَحمِلُ فيهِ منكَ لِيَ العتابا
وَما كُنتُ اِستَرَبْتُ وَإِنْ أَرَتني / صُروفَ الدّهرِ عِندَكَ ما أَرابا
فُجِعت وَقَد تَخِذتكَ لي خليلاً / بِجرمي أَو حُرمت بِكَ الصّوابا
وَلَو أَنّي قَطَعتكَ لَم أُعنَّفْ / وَلم أقرع لِقربي منكَ نابا
وَلَمّا أَن ظَمِئت إِلَيك يوماً / وَردتُ ولَم أَرِدْ إِلّا سَرابا
فَإِنْ تَشحَط فَما أَهوى اِقتِراباً / وَإِن تَرحل فَما أَرجو إِيابا
وَلَستَ بِمُبصرٍ منّي رسولاً / وَلَستَ بِقارِئٍ عَنّي كِتابا
أَلا قَبحَ الإِلهُ وُجوهَ قومٍ / أَذلّوا في طِلابهمُ الرّقابا
أَراقوا مِن وجوهِهم حياءً / وَما أَخذوا بهِ إِلّا تُرابا
وَهُمْ مِن لُؤمِهم في قَعرِ وهدٍ / وَإِن رفعوا بدورِهم القِبابا
وَمَن يَكُ عارِياً مِن كُلِّ خَيرٍ / فَما يُغنيهِ أَن لَبِسَ الثيابا
في كُلِّ يَومٍ أَرى عجيباً
في كُلِّ يَومٍ أَرى عجيباً / جَرّ عَلى مِفْرقي المَشيبا
وَمِن خطوبٍ يَزرنَ قَلبي / شِبتُ وَما آنَ أَن أَشيبا
أُرى بَغيضاً إِذا تَمَنَّتْ / عَينايَ أَن تُبصِرَ الحَبيبا
ما لِيَ يا قومُ وَاللّيالي / يَغمُزْن لي عودِيَ الصّليبا
يُرحِلنَني عَن قرا أَمونٍ / أَردت وَحدي لَها الرّكوبا
وَلَم أعَفْ سلمها فَلم ذي / تَشِبُّ ما بَينَنا الحُروبا
وَكُلّما تُبنَ مِن ذُنوبٍ / إِليَّ جَدّدنها ذنوبا
كَأنَّني مُخطئٌ بِشيءٍ / ما كُنتُ إِلاّ بِهِ مُصيبا
مَن عَذيري مِن سَقامٍ
مَن عَذيري مِن سَقامٍ / لَم أَجدْ مِنهُ طبيبا
وَهُمومٍ كأُوارِ ال / نارِ يسكنّ القُلوبا
وَكروبٍ لَيتَهنَّ ال / يَومَ أَشبهْنَ الكروبا
وَخطوبٍ مُعضلاتٍ / بِتن يُنسين الخُطوبا
شيّبتْ منّيَ فَوْدَي / يَ ولم آتِ المشيبا
وَرَمتْ في غصنِيَ اليَبْ / سَ وَقَد كانَ رَطيبا
بانَ عَنّي وَتَناءى / كُلّ مَن كانَ قَريبا
وَتَعرَّيتُ مِنَ الأَحْ / بابِ في الدّنيا عُزوبا
وَسَقاني الدّهرُ مِن فُر / قَةِ مَن أَهوى ذَنوبا
إِنَّ يومَ الطفِّ يومٌ / كانَ لِلدّينِ عَصيبا
لَم يَدعْ في القَلب منّي / لِلمَسرّاتِ نَصيبا
إِنّه يَومُ نحيبٍ / فَاِلتَزِمْ فيهِ النّحيبا
عُطَّ تامورَك وَاِتركْ / معشراً عطّوا الجيوبا
وَاِهجر الطيبَ فَلم يت / رُك لَنا عاشور طيبا
لَعَنَ اللَّه رجالاً / أترعوا الدّنيا غُصوبا
سالموا عَجزاً فلمّا / قَدروا شنّوا الحروبا
في المَعرّات يهبّو / نَ شمالاً وجنوبا
كُلّما لِيموا عَلى عَي / بِهمُ اِزدادوا عُيوبا
رَكِبوا أَعوادَنا ظُل / ماً وَمازِلنا رُكوبا
وَدَعونا فَرأوا من / نا عَلى البُعد مُجيبا
يَقطع الحَزْن وَيطوِي / في الدّياجيرِ السُّهوبا
بِمَطِيٍّ لا يُبالي / نَ عَلى الأَيْنِ الدُّؤوبا
لا وَلا ذُقنَ عَلى البُع / دِ كَلالاً ولُغوبا
وَخُيولٍ كَرِئالِ ال / دوِّ يَهززنَ السّبيبا
فَأَتَوْنا بِجُموعٍ / خالَها الراؤونَ رُوبا
بِوجوهِ بَعدَ إسْفا / رٍ تَبرقعنَ العُطوبا
فَنَشِبْنا فيهم كُرْ / هاً وَما نَهوى النُّشوبا
بِقُلوبٍ لَيسَ يعْرف / نَ خفوقاً ووجيبا
وَلَقَد كانَ طَويلُ ال / باعِ طَعّاناً ضَروبا
بِالظُّبا ثمّ القَنا يَفْ / ري وَريداً وَتَريبا
لا يرى وَالحربُ تُغلى / قدرُها مِنها هَيوبا
فَجَرى مِنّا وَمِنهم / عَنْدمُ الطّعن صَبيبا
وَصَلِينا مِن حَريق ال / طَعنِ وَالضّربِ لَهيبا
كانَ مَرعانا خَصيباً / فَبِهمْ عادَ جَديبا
لَم نَكُنْ نَألف لَولا / جورُهم فينا خُطوبا
لا وَلا تُبصرُ عَينٌ / في ضَواحينا نُدوبا
طَلَبوا أَوْتارَ بَدْرٍ / عِندَنا ظُلماً وحُوبا
وَرَأوا في ساحَةِ الطّف / فِ وَقَد فاتَ القليبا
قَد رَأَيتمْ فَأَرونا / مِنكمُ فَرداً نَجيبا
أَو تَقيَّاً لا يُرائى / بِتُقاهُ أَو لَبيبا
كُلَّما كُنّا رُؤوساً / لِلوَرى كُنتُم عُجوبا
ما رَأَينا مِنكُم بِال / حقِّ إِلّا مُستريبا
وَصَدوقاً فَإِذا فت / تَشتَهُ كان كَذوبا
وَخَليعاً خالِياً عنْ / مَطمَعِ الخَير عَزوبا
وَبَعيداً بِمَخازي / هِ وَإِن كانَ نَسيبا
لَيتَ عُوداً مِن غشومٍ / حقَّنا كانَ صَليبا
وَبِودّي أَنَّ منْ يأْ / صلُنا كان ضريبا
في غَدٍ ينضُبُ تيّا / رٌ لكم فينا نُضوبا
وَيَقيءُ البارِدَ السَّلْ / سالَ من كان عَبوبا
ويعودُ الخَلَقُ الرّث / ثُ مِنَ الأمرِ قَشيبا
وَالّذي أَضحى وَأَمسى / ناشِباً يُضحِي نكيبا
آل ياسين وَمَنْ فَض / لُهُم أَعيا اللّبيبا
أنتُمُ أمْنِي لدَى الحش / رِ إِذا كنتُ نَخيبا
أنتُمُ كشّفتُمُ لِي / بِالتّباشيرِ الغُيوبا
كَم رَدَدتمْ مِخلَباً عن / ني حديداً ونيوبا
وَبكم أَنجو إِذا عُو / جِلتُ موتاً أن أَنوبا
وَإِلَيكم جَمَحاني / ما حَدا الحادونَ نيبا
وَعَلَيكُم صلَواتي / مشهداً لِي ومغيبا
يا سَقَى اللَّهُ قُبوراً / لكمُ زِنَّ الكثيبا
حُزنَ خير الناسِ جَدّاً / وَأَباً ضَخْماً حسيبا
لَقِي اللَّهَ وَظنَّ ال / ناسُ أَن لاقى شعوبا
وَهوَ في الفِرْدَوسِ لَمّا / قيلَ قَد حَلَّ الجُبوبا
لَيسَ المَشيبُ بذنبٍ
لَيسَ المَشيبُ بذنبٍ / فَلا تعُدّيهِ ذَنبا
غُصِبتُ شَرخَ شَبابي / بِالليلِ والصُّبح غَصْبا
فَشَبّ شَيبُ عِذاري / كَما اِشتَهى الدَّهر شبّا
إِنْ كُنتُ بُدِّلت لَوناً / فَما تَبَدّلت حبّا
أَو كنتُ بوعِدتُ جسماً / فَما تَباعدتُ قلبا
فَكُلّما شابَ رَأسي / نَما غَرامي وشبّا
يا مُرّةَ الظُّلمِ طَعماً / وَحُلْوَةَ الظَّلمِ شِرْبا
رضِي مُحبُّكِ قَسْراً / بِأَنْ تَزوريهِ غِبّا
وَما يُبالِي وَسِلْمٌ / واديكِ مَنْ كانَ حَربا
أَسْخَطْتَنِي فَرضيتُ من كَلَفٍ
أَسْخَطْتَنِي فَرضيتُ من كَلَفٍ / ولربّما رضِيَ الّذي غَضِبا
وبَسَمْتَ يومَ البين من عَجَبٍ / فأريتَ من بَرْدِ اللَّمى شَنَبا
وَظَلمتَ في هجري بلا سببٍ / وَلَقد طَلبتَ فَلَم تَجِد سَببا
وَلَقد وَهبتُ فَما رَجعتُ لَكم / قَلبي وَكَم رجع الّذي وَهَبا
وَبَلَغتُمُ عِندِي مآربكم / عفواً ولم أبلغ بكم أَرَبا
وَأَعَنْتُمُ عَمداً وَعَن خطأٍ / غِيَرَ الزّمان عليَّ والنُّوَبا
وَوصِبْتُ مِنكم ثمَّ مِن يَدكمْ / طولَ الزّمانِ وَلَم أَكن وَصِبا
وَإِذا اِلتفَتّ إِلى سمائِكُمُ / تَهْمِي عليَّ وتُمطِرُ العَجَبا
أَلفيتُ صفوي كلَّه كَدِراً / وَوجدتُ جِدّي كلَّه لَعِبا
صدّ عنّي كارهاً قُر
صدّ عنّي كارهاً قُر / بي وَإِن كانَ حَبيبا
وَرَأى في الفاحِم الجَعْ / دِ من الرّأسِ مشيبا
كَشِهابٍ غابتِ الشُّه / بُ وَيَأبى أَن يَغيبا
أَو كَنارٍ تخمُد النّا / رُ وَيَزدادُ لَهيبا
كُنتُ عُرياناً بِلا عي / بٍ فَأَهدى لي عيوبا
قُلتُ ما أذْنَبتُ بالشّي / بِ إِلَيكُم فَأتوبا
هُوَ داءٌ حَلَّ جِسمي / لَم أَجِدْ مِنهُ طَبيبا
لَم تَجِدْ ذَنباً وَلَكِنْ / أنتَ لفَّقتَ ذنوبا
عادَت إِليَّ بَغيضةٌ فَتَودَّدت
عادَت إِليَّ بَغيضةٌ فَتَودَّدت / هَيهاتَ مَن جَعلَ البَغيضَ حَبيبا
عادَت إِليَّ فَخلت أَنّ شيبتِي / خُلِستْ وَأَبدلها الزَّمان مشيبا
فَكَأنَّني أَبصَرتُ منها بغتةً / يَومَ الوِصالِ مِنَ الحبيبِ رَقيبا
وَوَددت أَنّ طلوعَها مقليّةً / مشنيّةً في الناسِ كانَ غروبا
قَد كنتِ لي داءً وَلَكِن لَم أَجِدْ / مِن داءِ سُقْمِك في الرّجال طبيبا
وَلَحبّذا زَمنٌ مَضى ما كانَ لي / قًربٌ إِليكِ وكنتُ منكِ سليبا
يا لَيتَ من قَدَرَ التّلاقي بيننا / جَعَلَ الفراقَ مِنَ اللّقاءِ قَريبا
زَمَنٌ إِذا قاطَعتِنا مُتَبَسِّمٌ / ضافٍ وإِن واصلتِ كان قَطوبا
وَكأَنّ قَلبي وَهوَ غَيرُ مُقَلْقَلٍ / مُلئتْ بقُربك حافَتاهُ وَجيبا
لَو لَم تَكوني في الزّمانِ عجيبةً / ما أَبصَرتْ عَينايَ فيهِ عَجيبا
وَخَلوتُ عُمري كلَّه مِن ذَنبهِ / فَجَعلتُ مِنكِ لَهُ إِلَيَّ ذنوبا
وخَلَفْتِ في جلدي وَلَم يكُ دهرَه / إِلّا السّليمَ جَرائحاً ونُدوبا
وَلَقيتُ فيكِ مِنَ العناءِ غَرائباً / وَأَخذتُ مِن أَدهى البلاءِ ضروبا
وَتَركتِ قَلبي لا يُفيقُ كآبةً / وَجُفونَ عَيني لا تملّ نحيبا
وَكأنَّني لمّا أخذتُكِ كارهاً / قَسمي حُرمتُ وما أخذت نصيبا
لَو كُنتِ عيباً واحداً صَبرتْ له / نَفسي وَلكِن كنتِ أنتِ عيوبا
لا تَسَلْنِي عَمّا أَراهُ فإنّي
لا تَسَلْنِي عَمّا أَراهُ فإنّي / كُلَّ يومٍ أَرى بِعَيني عَجيبا
كُلّ داءٍ في القَلبِ منّي وَفي الجِس / مِ عَلى أَنَّني عَدِمتُ الطَّبيبا
أَتَمنّى لَو باتَ مِنّي بعيداً / كلُّ مَن كانَ في جِواري قَريبا
يا خَليلي عَلى الرّخاءِ في البؤْ / سِ أَصِخْ لي أشكو إليك الخطوبا
وَسِهاماً أَصَبْنَ جِسمي فلمّا / لم تضِرْني أَصبن منّا القلوبا
لا أَرى إِذْ رأيت إلّا مَعيباً / وَهْوَ مَعْ ذاكَ طالبٌ لي عيوبا
وَمِلاءٌ مِنَ الذُّنوب سَجاياهُ / وَيَنعى بُطلاً عليّ الذُّنوبا
قَرنتك بِي واللَّه يَعلَمُ أَنّني
قَرنتك بِي واللَّه يَعلَمُ أَنّني / أَرَدْتُ بِكَ الحُسنى فعدتُ المُخيّبا
وَما كُنتُ فيما جِئتُ أَوّلَ صادق / أَساؤوا بهِ ظنَّاً فكانَ المكذَّبا
فَلا تَطمَعوا مِن ذي حِجىً بِنَظيرها / فَكُلُّ اِمرِئٍ يُدعى إِلى مِثلِها أَبى
قولوا لِمَن غَلط الزّمان بِهِ
قولوا لِمَن غَلط الزّمان بِهِ / فَأَنالَه ما لم يَكنْ حَسِبَهْ
لا تَفرحنَّ بِما أَتاكَ بِهِ / فَالدّهرُ يَسلُبُ كلَّ مَا وَهَبَهْ
إِنَّ الزّمانَ أَرادَ طُرفَتَنا / فَأرى بِما أَعطَاكَهُ عجَبَهْ
بِأَبِي زائراً أتانِيَ لَيْلاً
بِأَبِي زائراً أتانِيَ لَيْلاً / سارِقاً نَفسَه منَ البوّابِ
ما ثَناه عنِّي تَقَضِّي شَبابِي / وهْوَ في وجْنتيه ماءُ الشّبابِ
باتَ بيني وبينه خَشيَةُ الل / هِ وخوفُ العذابِ يومَ العذابِ
لَم أَزِدْهُ شيئاً وَبينَ ضُلوعي / كلُّ شَوقٍ على مَليحِ العتابِ
ثمَّ ولَّى كَما أَتى أَرِجَ الأخ / بارِ في النّاسِ طيّبَ الأثوابِ
عالماً أنّنِي وإنْ كنتُ أهوا / هُ فغيرُ الحَرامِ منه طِلابي
وَلَقد جاءني وَما كانَ في نفْ / سِيَ إسعافُهُ ولا في حِسابي
غَيرَ أَنّي عَفَفْتُ حتّى كأنّي / لا أُباليهِ أو بغَيْرِيَ ما بِي
يا لَيلةً لَمّا نَأى بَدرُها
يا لَيلةً لَمّا نَأى بَدرُها / عَن أُفقِهِ باتَ إِلى جَنْبي
ضَجيعَ جِسمي وَغَرامِي بهِ / ضَجيع أسرارِيَ في قلبي
وَزارني واللّيلُ مُستحْلِكٌ / غَضبان ملآن منَ العَتْبِ
كَأنَّ ما يُجرِمه مِن يَدِي / أَو الّذي يُذنِبُهُ ذنبي
فَلَم أَزَلْ أَجعل خَدّي لهُ / تُرْباً لِرِجْلَيْهِ عَلى التُّربِ
حَتّى اِنثَنى يَضحَكُ عَن لُؤلؤٍ / رَطْبٍ ثَوى في مَشربٍ عَذْبِ
وَقالَ لي حَسبُك مِمّا أرى / فقلتُ أو ترضى فما حسبِي
أَلا يا لَقومِي لاِعتِنانِ النّوائبِ
أَلا يا لَقومِي لاِعتِنانِ النّوائبِ / وَللغُصنِ يُرمى كلَّ يومٍ بشاذِبٍ
وَللنّاسُ إمّا ظاعنٌ حانَ يومُهُ / وَإمّا مقيمٌ لاِجتراعِ المصائبِ
وَزَوْرُ المَنايا إِنْ حَميناه جانباً / أَتانا كَأَنْ لَمْ يُحْمَ مِن كلِّ جانبِ
يُعطُّ عَلينا كلَّ سَرْدٍ مضاعفٍ / ويخطو إلينا كلَّ بابٍ وحاجِبِ
وكم هاربٍ مِنْ أنْ يلاقِيَهُ الرّدى / مُغذٍّ ولكنْ لا نجاءَ لهاربِ
نُقِلُّ اِعتِباراً في الزّمانِ تغابياً / وَأَبصارُنا مَملوءَةٌ بالعجائبِ
وَنَصبو إِلى وِرْدِ الحياةِ وصرفُها / يذودُ بنا عنها ذِيادَ الغرائبِ
بُلينا منَ الدّنيا بِخلْفٍ مُجَدَّدٍ / وَإِن درَّ أَحياناً بِأَيدِي الحوالبِ
وَنَظْما إلى ما لا يَزالُ يُذيقُنا / لُعابَ الأَفاعِي أَو شِيالَ العَقاربِ
وَخِلٍّ تَولّى المَوتُ عنّي بِشَخصِهِ / توَلِّيَ مُمتدِّ النّوى غيرِ آيبِ
كَأنِّيَ لمّا صكَّ سَمعي نَعِيُّهُ / صُكِكْتُ بمسنونِ الغِرارين قَاضبِ
وَفارقني مِن غيرِ شَيءٍ أرابَه / وَصدُّ المقاصِي غيرُ صدِّ المعاتِبِ
طَواهُ الرّدى طيَّ الرِّداءِ وعُطِّلتْ / مَغانِي الحِجى منهُ وغُرُّ المناقبِ
خَليليَّ قوما فَاِندُبا مَنْ بِقُربِه / لَهَوْتُ زَماناً عن سَماعِ النوادِبِ
وَيا لَهْفَتِي منهُ عَلى ذِي مَودّةٍ / بَريءِ الأَديمِ مِن قروفِ المَعايبِ
نَسيبِيَ بِالوُدِّ الصحيحِ وأَقْربي / وَصاحِبيَ الأدْنى إِذا اِزوَرَّ صاحِبي
وَمَنْ كُنتُ لا أُفضِي لَه بِخليقةٍ / وَلا أَشتكِي منهُ اِعوِجاجَ المذاهبِ
مَذاقٌ كَما يَحلو الشّهادُ لِذائقٍ / وَصَفوٌ كَما يَصفو الشّرابُ لشاربِ
وَلَمّا بَلَوْتُ الأَصدقاءَ ووُدَّهُم / خلصْتُ إِليهِ مِن خِلال التّجارِبِ
فَأَعْلَقتُ قلبي منهُ مِلْء جَوانِحي / وَأَغلقتُ كفِّي منه مِلْءَ رواجِبي
شَقَقنا لهُ في التُّربِ بيتاً كَأنّما / شَقَقناهُ مِنْ وَجْدٍ بِه في التَرائبِ
وَهِلْنا عليهِ مِن جَوانبِ قبرِهِ / ثَرىً طابَ لمّا مسَّ طِيبَ الضّرائِبِ
أَيا ذاهِباً بُقّيتُ لِلحزنِ بعدَهُ / أَلا إِنَّني حزناً عَليك كَذاهبِ
تُوُفّيتَ دونِي غَيرَ أَنَّكَ هالكاً / توفّيتَ آمالِي وعُلْتَ مطالبِي
فَأَصبحتُ فَرْدَ الشّخص لولا تلهّفٌ / يَزور بِسارٍ مِن همومٍ وسارِبِ
وَلَوْ أنّ غير الدّهر رابكَ بالرّدى / عَجِلنا إِليهِ بالقنا والقواضبِ
وَدافَعَ عنكَ الضّيمَ حتّى يزيغه / رِجالٌ رجالٌ مِن لويّ بن غالبِ
إِذا ما دُعوا طاروا إِلى حَومَةِ الوغى / عَلى كلِّ مَعروقِ الجناجِنِ شازِبِ
جَريئونَ رَكّابون إِمّا تنمّروا / رقابَ المنايا أو ظهورَ المعاطِبِ
وَكَم لهُمُ في باب كلّ عظيمةٍ / قراعُ أَكفٍّ أَو زِحامُ مناكبِ
سقَى اللَّه قَبراً كنتَ حشوَ ضريحهِ / غزيرَ الحوايا مستهلّ الهيادِبِ
تَقَعقَعُ في جوّ السّماءِ رعودُه / ويوقِد فيه البرقُ نارَ الحُباحبِ
وَإِنْ مزّقتْ عنه الشّمال برودَه / عَلى عَجَلٍ حاكَتْه أيدي الجنائبِ
وَما لِيَ أَستسقِي الغمامَ لقبرِهِ / وقد نُبْتُ عنه بالدّموِع السّواكبِ
عِتابٌ لِدهرٍ لا يَمَلُّ عتابي
عِتابٌ لِدهرٍ لا يَمَلُّ عتابي / وشَكوى إِلى مَنْ لا يردّ جوابي
وَأَطلُبُ ما أَعيا الرّجالَ طِلابُه / فَيا لِلحِجى كَم ذا يَكونُ طِلابي
وَبِي ما أَذودُ النّاسَ عن باب علمِهِ / وكلُّ أُساتي جاهلون بما بِي
فلِي كَبِدٌ تَصلى بغيرِ خريدةٍ / وَلِي جَسدٌ يبلي بغير كَعابٍ
إِذا لَم أُرَغْ عند الغوانِي تغزّلاً / فَمثلُ مشيبي بينهنَّ شَبابي
وَلَو كنتُ يوماً بالخِضاب موكَّلاً / خضبتُ لمَن يَخفي عليهِ خضابي
فَإِن تعطِني أولى الخِضاب شبيبةً / فإنّي أُخيراه بغير شبابٍ
وَأَين منَ الإِصباحِ صِبغةُ غَيْهبٍ / وَأَين مِنَ البازيّ لون غُرابٍ
وقد قلّصتْ خَطْوِي الليالي وشمّرتْ / برَوْحاتها من جيئتِي وذهابي
وَكَم ظَفر الأقوامُ في البيض كالدُّمى / بفُوفِ المنى منهنَّ لا بثيابِ
وَلِي هِممٌ لمّا طَمحْنَ إلي العُلا / طمحْنَ كثيراتٍ وقلّ صِحابي
فمِنْ عذْبِ أزوادِ النّزاهةِ مطعمِي / ومن ماءِ أحواض العَفاف شرابي
فأيّ بلادٍ ما خرقتُ فِجاجها / وَفي أَيّ أَرضٍ لم تدُرَّ سحابي
وَأَيّ صَديقٍ لَم تُصبْه مثوبتي / وَأَيّ عدوٍّ لَم يَنلهُ عِقابي
أُريدُ الغنى مِن غيرِ ما جانب الغنى / فسهمِيَ لا يُصمى وسيفِيَ ناب
وَفي راحَتي أَسعى وَمن دونِ راحتِي / ركوبُ شِماساتِ المتون صِعابِ
وَربّ أُناسٍ جارِعي مُرَّ بِغْضَتِي / وَأَضلُعُهم ملأى بخبّ ضَبابِ
بَطيئينَ عنّي ناكِصينَ عَنِ الّتي / رَقَيْتَ إِلَيها من قلالِ هضابِ
وَلَمّا جرَوْا يَرجونَ سَبْقي إِلى العُلا / مَضيتُ وَلَمّا يَلحَقوا بترابي
يريدونَ أَن أَشقى برَجْع خطابِهمْ / وَمنْ فيهم يستطيعُ رَجْعَ خطابي
وَودّوا وأنّى ما يَودّون أنّهم / أصابوا معاباً لِي وأين معابي
وَمُذْ أَخطَأوا بابَ الصّواب ونكّبوا / عَنِ الرّشدِ باتوا حاسِدينَ صَوابي
وَقَد صَفِرتْ مِن كُلّ مَجدٍ أكفّهُمْ / ولم تخلُ من مجدٍ حَوَتْهُ وِطابي
ولمّا تناهبنا النّدى جئتُ راكباً / سنامَ النّدى في كلّ يومِ نِهابِ
وَقَد عَلِموا أنّي عَلى غيرِ ريبةٍ / تُلَطُّ سُجوفي ثمّ يُغلَق بابي
وإنّي وأَدناسُ الزّمان كَثيرةٌ / مَررتُ فَلم تَعلقْ بهنّ ثِيابي
وَما كانَ جاري وَالقِرى يستفزّه / مَروعاً وقد وافى بِنَبحِ كلابي
وَلا طارِقِي يرجو ثوابِيَ عائداً / بعسرٍ ولا يُسرٍ بغير ثوابِ
فَقلْ للعدى كونوا جميعاً بنجوَةٍ / إذا ماج تيّاري وجُنّ عُبابي
وَلا تَأمَنوا وَالشرّ ينتجُ بِالأَذى / وَقَد سَحَّ وَدْقِي أَنْ تَسيلَ شِعابي
وَوثبة مَفتول الذّراعِ قُصاقِصٍ / يُساعد ظُفراً في الصّريع بنابِ
هجومٍ عَلى الأقرانِ لَم يَثنِ كيدَه / كَميٌّ بِإقدامٍ ولا بهِبابِ
تَبوعٍ لحوقٍ في يديهِ طِلابه / وَما كلُّ باغٍ فائزاً بطِلابِ
ثَوى الغابَ مَرهوبَ المكانِ وما الرّدى / يُلاقيه إلّا في خبيئةِ غابِ
تَرى حولَهُ أَسلابَ قومٍ ولم يكنْ / ليحفل في مَنْ بزّه بسِلابِ
وَما لحظُهُ إلّا كَنجمَيْ دُجُنَّةٍ / وَلا بَطشُهُ إلّا كَمثل حِرابِ
له زَفرةٌ مِن فوق جنب صريعهِ / كما صُكَّ صُلْبٌ يابسٌ بصِلابِ
حَكتْ زَفرة المغلوب حزناً وخيبةً / وما هي إلّا زفرةٌ لِغلابِ
وَنهشةَ مَسموم اللِّثاثِ لعابُهُ / خَروقٌ إلى الأرداءِ كلّ حجابُ
تَراه لَصوقاً بالتّراب كأنّه / قطيعٌ طريحٌ أو سقيطُ حِقابِ
لَه مَلْمَسٌ لَيْنٌ وَحشو أديمِهِ / خشونةُ فرّاءٍ لكلِّ إِهاب
يَسدُّ على السّاري الطريقَ مجرُّهُ / وآثاره يحمين كلّ نِقابِ
كأنّ عليه جبّةً وهو صائفٌ / وفي القُرِّ عُريانٌ بغيرِ ثيابِ
يُمجّ سِماعاً في اللّديغِ كأنّه / لُغامُ نياقٍ أو نضيح حِبابِ
وما مشيُهُ إلّا تغضّنُ نِسْعَةٍ / تَلَوَّى على كوماء ذاتِ هِبابِ
حُبابٌ بأعلى الواديين طريقُهُ / وَما المَوتُ إِلّا في طَريق حبُابِ
يَصمّ عنِ الرّاقي وَيحدُرُ ظامِئاً / لدانٍ إِلى مطواه كلّ وئابِ
فَشاكٍ تَشكّاهُ بِغَيرِ تَعِلَّةٍ / وماضٍ توخّاه بغير إيابِ
سَلِ البارقَ العلويّ ليلة شُمتَهُ / وأعشى الكرى رَكْبي معاً ورِكابي
أَلستُ وَقَد خامَ الكماة عن الرّدى / لَبِستُ طعاني نَحوه وضِرابي
عَشِيّةَ هابَ الدّارعون تورُّدي / هُناك وَهمّ الطاعنون جنابي
إِلى أَن رأوْا سَيفي وَرمحيَ في الطُّلى / بِغَير أَنابيبٍ وغير ذُبابِ
وما حيلتِي أن كنتُ في سرّ أُسرَتي / ولم يشركوا في صفوتي ولُبابي
ولم أكُ يوماً قانعاً في فضيلةٍ / بأصلي ولا في مَحتِدٍ بنصابي
وكنتُمْ وهاداً هابطاً ثمّ أنتُمُ / تسامون في العلياء أهلَ روابِ
وهيهات أن تستصبحوا في دُجُنَّةٍ / بغير مصابيحٍ وغير شهابِ
وَهَل فيكمُ إلّا مَلومٌ مُفَنَّدٌ / ببذلِ أَساةٍ أو بمنع ثوابِ
وَهل درّ يوماً خيرُكمْ وهو نازحٌ / بشيءٍ سوى مسحي له وعِصابي
صحبتُكُمُ جهلاً بكم وملأتُ مِنْ / عهودكمُ وهْيَ الضعاف عِيابي
وإنْ فُتّكُمْ فضلاً فكم فات قبلكمْ / سَبوقٌ على بُعد المدى لكوابِ
أَعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ
أَعلى العهدِ منزلٌ بالجنابِ / كان فيه متى أردتُ طِلابي
المَغاني تلكَ المَغاني فَهل في / هنَّ ما قَد عهدتُ مِن أَطرابي
لَيستِ الدّارُ بعد أن توحش الدّا / ر ترى غيرَ جندلٍ وترابِ
وإذا لم يعدْ نحيبي على الرّبْ / عِ حَبيباً فليسَ يُغني اِنتِحابي
حرُّ قلبٍ إذا تمكّن من قل / بِ المُعَنَّى حماهُ بَرْدُ الشّبابِ
والمعافى منْ لم يَقُدْه إلى اللّو / عةِ يوماً تفرّقُ الأحبابِ
والمطايا يوم السّقيفةِ ما رُح / حلْنَ إِلّا تَعمّداً لعذابي
إِنّ نُعْماً وكان قلبيَ فيما / ألِفَتْهُ موكَّلاً بالتّصابي
سَأَلتني عنِ الهَوى في ليالٍ / ضاعَ فيهنَّ مِن يديَّ شَبابي
فَمَتى ما أَجَبتُها بِسوى ذك / رِ مَشيبي فَذاكَ غيرُ جوابي
صارَ منّي مثلَ الثَّغامة ما كا / نَ زَماناً مُحْلَوْلِكاً كالغُرابِ
لَيسَ يبقى شيبي عَلى شَأنِهِ الأو / وَلِ في كَرّ هذِهِ الأحقابِ
مَنْ عذيري من المشيب وقد صا / رَ بُعَيْدَ الشّباب من أثوابي
وشفاني في غير ما دافه الساقِي / وَراءَ المَشيبِ مِن أَوصابي
أيُّها الرّاكب المغِذُّ على وج / ناءَ مثل العَلاةِ كالحرفِ نابِ
لَيسَ يَدنو منها الكلالُ ولا تَنْ / فَكُّ عَن عَجْرَفيّةٍ وهِبابِ
لا تُعنِّ الرِّكابَ تطلُبُ ما نلْ / ناه عفواً صفواً بغير رِكابِ
أَنَا في حوزةِ الهمُامِ فخارِ الْ / مُلكِ كالنَّجم في أعزّ جَنابِ
في محلٍّ كالبحر إن كنتُ ظمآ / نَ وإن رابني العِدا كالغابِ
بالغاً ما أردتُهُ من زيادا / تٍ عليهِ ما كنّ لي في حسابِ
شَغلَ اللّحظَ بي وَلم يُصغِ إلّا / لِندائي مِن بَينِهمْ وَخِطابي
قَد سَمِعناهُ قائلاً فَسمعنا / نطقَه وارداً بفصلِ الخطابِ
ورأينا نوالَه فرأينا / سَبَلاً ليس مثلُه للسّحابِ
وَبَلوناهُ في الوَغى فَأَصَبنا / هُ ضروبَ اليدين يومَ الضِّرابِ
في مقامٍ ضنْك تَجول بِه الخَي / لُ على أرْؤُسٍ هَوَتْ ورقابِ
ولأَنتَ الّذي أَعاجيبُه في الد / دَهرِ كَلّتْ عنها قُوى الألبابِ
طَلَبوا شَأوه وَأَين منَ الأو / شالِ سيلٌ يجيءُ مِلء الشِّعابِ
وَتَمنّوا مَكانَه لا بِأَسبا / بٍ وأنّى دَرٌّ بغيرِ عِصابِ
وَإِذا عَنّتِ الضّرائب للأَس / يافِ بانتْ قواطعٌ مِن نوابِ
ما أُبالِي إذا رضيتَ عن الطّا / عةِ منّي بالمُحْفظِينَ الغِضابِ
وإذا ما رأيتَ منّي صواباً / فحقيرٌ عَماهُمُ عن صوابي
وَلَئِنْ أَظلَموا بِعيني فما أح / فِلُ ظَلْماءَهمْ وَأَنتَ شِهابِي
وَإِذا كُنتَ لِي شراباً فما تُخ / دَعُ لي مُقلةٌ بلمْعِ سرابِ
لا أَبانَ الزّمانُ فيك اِنثلاماً / لا وَلا همَّ ما ترى باِنقلابِ
وأتاك النّيروزُ بالسّعد واليُم / نِ ونيلِ الأَوطارِ والآرابِ
وَإِذا ما مَضى يَعود ولا أخْ / لاكَ من جَيْئةٍ له وذهابِ
في زَمانٍ يُنسِي زمانَ التّصابِي / وَنَعيمٍ يُسلِي نعيمَ الشّبابِ
أَدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي
أَدِرْ أيّها السّاقي الكؤوسَ على صَحْبِي / وَدعنيَ ظمآناً ففي غيرها نَخْبِي
وإنْ كنتَ تبغي بالمدامةِ نشوةً / فعندِيَ ما يُوفِي على نشوةِ الضَّربِ
أَبَيْتُ الهوى دهراً ولمَّا عرفتُهُ / عرفتُ مطاعَ الأمر مُغتَفَر الذّنبِ
وهيّمَ إطرابَ الفؤادِ أوانِسٌ / خَلَصْنَ إلى ذاك الممنَّعِ من حبّي
عَلَوْن النَّقا يوماً بأوفى من النّقا / ولُثْنَ على أبهى من العَصْبِ بِالعصبِ
ونادَمْننَا وهْناً بمنعرج اللّوى / فَضوَّأْنَ للسّارين داجِيةَ السَّهْبِ
وعانقْنَ قُضباناً من الرّنْدِ مرّةً / بأيدٍ سِباطٍ هنّ أندى من القضْبِ
وناعمةِ الأطراف حلّ ودادُها / مَكانَ شغافِ القلبِ مِن حبّةِ القلبِ
دَعاني قبولٌ خَلَّفَتْهُ إلى الصّبا / وما كلُّ من تمّتْ محاسنُهُ يُصبْي
خُلِقتُ كما شاءَ الصّديق مُحكّماً / عليَّ خليلي نازلاً في هوى صَحْبي
وذمّ رجالٌ أنّني غيرُ مُعْجَبٍ / فيا عَجَباً ماذا يفيدهُمُ عُجْبي
ولو أنّني أزهى بشيءٍ مُنِحْتُه / زهيتُ بفخرِ الملكِ في العُجْم والعُرْبِ
حياتِيَ منه بِالمحلّ الَّذي بهِ / يُحَسِّدُني قومي ويَغبطني شَعْبي
وأرْكَبني أثباجَ كلّ فضيلةٍ / مُمَنَّعَة الأرجاءِ محميّةِ الغَرْبِ
ففي خُلقِهِ ذاك المُفَسَّحِ مرتعِي / ومِنْ لفظهِ ذاك المشرّف لِي عُشبي
وَكَم جهدَ الأعداءُ فيما يسوؤُني / فما خوّفوا أَمْني ولا ذَعْذَعوا سِرْبي
رَضينا عَنِ الدُّنيا وَأَنتَ تركتَنا / بلا سَخَطٍ في ذا الزّمان ولا عَتْبِ
وجُدْتَ ولم تُسْأل بكلِّ نفيسةٍ / وَقَبلكَ قَومٌ لا يدرّون بالعَصْبِ
شَرِبنا أُجاجاً مِنْهُمُ وَتَنازحوا / عَنِ المَوردِ المَورودِ والمنهلِ العّذْبِ
وَما نِلتَه إِلّا بِحَقٍّ أتيتَهُ / وكم نيلَتْ العظمى من الأمر بالغصبِ
حَلفت بِمن ضحّت مِنى يوم نحرِهمْ / وما عقروا من أُمِّ سَقْبٍ ومن سَقْبِ
وبالنّفرِ الثّانين عُقْلَ رِكابِهمْ / على عَرَفاتٍ يبتغون رضا الربِّ
لقد نال فخرُ الملك ما شاءَ من عُلاً / حَلَلْنَ على أعلى محلٍّ من السُّحْبِ
فتىً لم يزلْ يغدو بِعرْضٍ مُمَنَّعٍ / ومالٍ مُذالٍ لا يفيق من النّهْبِ
ولم يرضَ سهلَ الأمرِ يرطب مسُّه / وَلَم تلْقَهُ إلّا على مركبٍ صَعْبِ
وَرامَ مداهُ المُترفون وإنّما / يَرومونَ ما رامَ الوِهادُ من الهَضْبِ
فللّهِ أيّامٌ مضين قطعتَها / بلا سَأمٍ منها على ضُمَّرٍ قُبِّ
وَلا ظِلَّ إلّا ما تُفيءُ لك القَنا / وَلا زادَ إلّا نُجعةُ الطّعنِ والضّربِ
تَصولُ بِعَضْبٍ في يديك وَخلفَه / مِنَ الرأْي ما أَمضى وأقضى من العَضْبِ
فَصفْوُكَ لا يُبلى بِشيءٍ منَ القذى / وخِصْبكَ لا يُمنى بشيءٍ من الجَدْبِ
وَطاولتَ أعماراً طِوالاً فطُلتَها / وأربيتَ حتى نِلتَ ما لم ينْل مُربِ
وَلا زالَ هَذا العيدُ يَتلوهُ مثلُهُ / تعاقُبَ أنواءِ السّحاب على التُّربِ
أَلا مَنْ معينِي مِن خليلٍ أَعدُّه / عَلى شُكر نعماءِ أتتني بلا كسبِ
تَجشّم خير الناس طُرّاً عيادَتي / فَجاءَ بِما حسبي به شرفاً حسبي
وَلَم يَعرِفوا شُكراً لها ولربّها / فلم يعْلمونا كيف نشكر في الكُتْبِ
فإنْ أَعْيَ عن شكرٍ لها من صنيعةٍ / فَذلك مِن ذنبِ البلاغةِ لا ذَنبي
أَيا صاحبِي إِنْ لم تكنْ في شديدتي
أَيا صاحبِي إِنْ لم تكنْ في شديدتي / كفيلاً بها دوني فلستَ بصاحبي
ولو لم تكنْ خير الأُلى عَجَمَتْهُمُ / بَنانِيَ لم أضمُمْ عليك رواجبي
ذَخرتك لي في النّائباتِ ومنْ يكنْ / صديقاً صدوقاً فهْوَ ذُخرُ النّوائبِ
وما ضرّ والقربُ المؤلّفُ بيننا / ودادٌ لنا أنْ لم تكنْ من أقاربِي
أجِرْنِيَ إمّا بالقواضب والقنا / أو الرّأْي إنْ خَطْبٌ أناخ بجانبي
وكنْ قَبَسِي إنْ كان قومٌ دياجِري / وكنْ صادقي إنْ كان دهرِيَ كاذِبي
وَقُمْ وَاِكفِنِي إن كنتَ تَسطيع هذِهِ / حلولِيَ مغلوباً بوادِي العجائبِ
أَلا هَل لما فات من مطلبِ
أَلا هَل لما فات من مطلبِ / وهل عن ردَى المرءِ من مَهرَبِ
وَهَل لامرئٍ يبتغيهِ القضا / ءُ من مُستجارٍ ومن مذهبِ
عذيرِيَ من حادثات الزّمان / أجِدُّ لهنَّ ويلعبْنَ بي
يُثلّمْنَ من حَنَقٍ مَرْوَتي / ويرعَيْنَ من نَهَمٍ خُلّبي
وإمّا بَرِحْنَ ففي طيّهن / نَ ما شئتَ من تعبٍ مُتعبِ
وإنْ هنّ صفّينَ لي مشرباً / رَجَعْنَ فَرنّقْنَ لي مَشْربي
فكم ذا أُعلّلُ بالمُبْرِضاتِ / وأُخدَعُ بالبارق الخُلّبِ
وأُعدي بأدواء هذا الزّما / نِ عَدْوَى المُصحِّ من المُجرَبِ
ولو كنتُ أعجبُ من حادثٍ / عجبتُ من الحادث الأقربِ
أتاني على عُدَوَاءِ الدّيارِ / لَواذِعُ مِن نبأٍ مُنصِبِ
فإنّ نجيع فخار الملو / كِ سِيط هنالك بالأثْلَبِ
وإنّ أُسامةَ ذا اللِّبدَتيْ / نِ صُرِّع عن خُدَعِ الأَذْؤُبِ
غُلبتمْ بنقضِكُمُ عهدَهُ / ومن غلّبَ الغدْرُ لم يغلِبِ
بأيِّ يدٍ قُدتمُ غِرَّةً / خِزامةَ ذا المُقرَمِ المُصْعَبِ
وكيف ظفِرتُمْ وبُعدُ المنا / ل بينكُمُ بسنا الكَوكبِ
وَكَيف عَلِقْتُم عَلى ما بِكمْ / من العَجْزِ بالحُوَّلِ القُلَّبِ
وأينَ يمينُكُمُ والعُهو / تطايحن في نَفْنفٍ سَبْسَبِ
وَأَصبح ملكُكُم بعدَه / بغير ذراعٍ ولا مَنكِبِ
وما كنتُ أخشى على الأُفعوانِ / مَدى الدّهرِ مِن حُمةِ العقربِ
أَمِنْ بَعد أَن قادَها نحوَكمْ / نفوراً مُحَرَّمَةَ المركبِ
وَأَولَجها بَين أَبياتكمْ / وَلَيسَ لَها ثمَّ من مرغَبِ
وَدافع عنها لِغير القوي / يِ كلَّ شديدِ القُوى مُحرِبِ
تُجازونَهُ بجزاء العدوِّ / وتَجْزونَه أُسْوَةَ المُذنِبِ
ولو رابه منكُمُ ما أرا / بَ شآكمْ وَلكن لم يَرْتَبِ
خُذوها تلَذُّ لَكمْ عاجلاً / وآجلُها غيرُ مُستَعذَبِ
ولا تَرقبوا غير ودْقِ الحِمام / وشيكاً من العارِضِ الصيِّبِ
ففِي الغيبِ مِن ثارِه فيكُمُ / شفاءٌ لأفئدةٍ وُجَّبِ
ألا غنّياني بقرع السّيوفِ / فَما غيرُها أبداً مُطربي
وحُثّا عليَّ كؤوسَ النّجيعِ / سواءً شربتُ ولم أشربِ
ولا تمطُلا ثاره إنّه / فتىً حرّم المَطْلَ في مَطلبِ
كأنّي بها كجبالِ الحجا / زِ يُقبلنَ أو قِطَعِ الغَيْهبِ
عليهنّ كلُّ شُجاعِ الجَنان / إذا رُهبَ الهولُ لم يَرهَبِ
لأسيافهم في رؤوس الكُماةِ / مصمّمة القُضُب اللّهّبِ
ولمّا مررنا على رَبْعِهِ / خرابِ الأنيس ولم يَخرِبِ
تَبدّل بعدَ عَجيج الوفودِ / بحاجاتِهم صرَّةَ الجُندُبِ
ومن سابغاتٍ ملَأْن الفِناءَ / من القَزّ أردية العنكبِ
بَكينا على غَفَلاتٍ بِهِ / سُرِقنَ وعيشٍ مضى طيّبِ
وَقُلنا لما كانَ صعبَ المَذا / لِ من سَبَلِ العين لا تَصعُبِ
أيا دارُ كيف لبستِ العَفاء / وماءُ النضارِة لم ينضُبِ
وَكيفَ نسيتِ الّذي كان فيكِ / من العزّ والكرم الأرحبِ
وكيف خلوتِ من القاطنين / وغربانُ بينك لم يَنعَبِ
وَأَين مَكامنُ ذاكَ الشجاع / ومربضةُ الأسدِ الأغلبِ
وأين مواقفُ وِلْدانِهِ / ومُزدَحمِ الجُند في الموكبِ
ومجرى سوابقِهِ كالصّقورِ / جلبنَ صباحاً على مَرْقَبِ
أيمضِي وأسيافُهُ ما فَتِئْ / نَ بالضّرب والسُّمرُ لم تُخضَبِ
وَلَم تُعجل الخيلُ مذعورةً / إلى مَرغبٍ وإلى مرهبِ
ولم يُستلبْ بالرّماح الطّوا / لِ في الرّوع واسطةُ المِقْنَبِ
ولو عَلِمَ السّيفُ لمّا علا / كَ حالَ كليلاً بلا مَضرِبِ
وبُدّل من ساعدٍ هزّه / لحتفك بالسّاعد الأعضبِ
تعامَه قومٌ سقوك الحِمامَ / فما فيهُمُ عنك مِن مُعرِبِ
فلو عن رداكَ سألنهاهُمُ / أحالَ الحضور على الغُيَّبِ
ألِفْتَ التكَرّم حتّى غفل / تَ عن جانب الحاسد المُجلبِ
ولم تَعتدِ المنعَ للطّالبين / فجدْتَ بنفسك للطُّلَّبِ
فإِن تكُ يا واحداً في الزّمانِ / ذهبتَ ففضلُك لم يذهبِ
وإنْ حجّبوك بنسْجِ الصّفيحِ / فغرُّ مساعيك لم تُحجَبِ
سلامٌ عليك وإن كنتَ ما / سلمتَ من الزّمن الأخيبِ
وواهاً لأيّامك الماضياتِ / مُضِيَّ السّحابة عن مُجدبِ
فَما بِنْتَ إلّا كبين الحياةِ / وشرخِ الشّباب عن الأشيبِ
ولا خَير بعدكَ في الطيّباتِ / فَما العَيشُ بَعدك بالطيّبِ
حَرامٌ عليّ اِكتسابُ الإخاءِ / فَمثل إِخائك لم أكسِبِ
وَلستَ ترانِيَ فيمنْ ترا / هُ إِلّا عَلى نجوَةِ الأجْنَبِ
ولستُ به طالباً غيرَه / فقِدْماً وجدتُ ولم أطلُبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025