المجموع : 79
وَذي حَنينٍ يَكادُ شَجواً
وَذي حَنينٍ يَكادُ شَجواً / يَختَلِسُ الأَنفُسَ اِختِلاسا
إِذا غَدا لِلرِّياضِ جاراً / قالَ لَها المَحلُ لا مِساسا
تَبَسَّمَ الزَهرُ حينَ يَبكي / بِأَدمُعٍ ما رَأَينَ باسا
مِن كُلِّ جَفنٍ يَسِلُّ سَيفاً / صارَ لَها غِمدُهُ رِئاسا
أَدِرها عَلى أَمنٍ فَما ثَمَّ مِن باسِ
أَدِرها عَلى أَمنٍ فَما ثَمَّ مِن باسِ / وَإِن حَدَّدَت آذانَها وَرَقُ الآس
وَما هِيَ إِلّا ضاحِكاتُ غَمائِمٍ / لِواعِبُ مِن وَمضِ البروق بِمِقباس
وَوَفدُ رِياحٍ زَعزَعَ النَهرَ مُدَّةً / كَما وَطِئَت دِرعاً سَنابِكُ أَفراس
خَفَضتُمُ لِلمَعالي نَحوَ أَندَلُسٍ
خَفَضتُمُ لِلمَعالي نَحوَ أَندَلُسٍ / أَعِنَّةَ السابِحَينِ الفُلكِ وَالفرسِ
وا خجلةَ البَحر إِن لَم يَحلُ مَشرَبُهُ / وَإِن غَدا عَنبَرِيَّ اللَونِ وَالنَفسِ
وَمُجِدّينَ لِلسُرى قَد تَعاطَوا
وَمُجِدّينَ لِلسُرى قَد تَعاطَوا / غَفَواتِ الكَرى بِغَير كُؤوسِ
جَنَحوا وَاِنثَنَوا عَلى العِيسِ حتّى / خِلتُهُم يَلثُمونَ أَيدِي العِيسِ
نَبَذوا الغُمضَ وَهوَ حُلوٌ إِلى أَن / وَجَدُوهُ سُلافَةً في الرُؤوسِ
سَلامٌ أَبا بَكرٍ عَلَيكَ وَرَحمَةٌ
سَلامٌ أَبا بَكرٍ عَلَيكَ وَرَحمَةٌ / تَحِيَّةَ صِدقٍ مِن أَخٍ لَكَ مُختَصِّ
لَعَمري وَما أَدري بِصَدعِ زُجاجِه / عَلَيكَ فَقَد تُدني اللَيالي كَما تُقصي
لَقَد بانَ عَنّي يَومَ وَدَّعتَ صاحِبٌ / بَريءُ أَساليبِ الوِدادِ مِنَ النَقصِ
أَقولُ لِنَفسي حينَ طارَت بِكَ النَوى / أَخوك فَريشي مِن جَناحِكِ أَو قُصّي
فَباتَت عَلى ظَهرِ النُزوعِ إِلَيكُمُ / تَطيرُ بِما في الوَكرِ أَجنِحَةُ الحِرصِ
إِلى كَم أَبا بَكرٍ نَحومُ بِأَنفُسٍ / ظماءٍ إِلى عَهدِ الأُجَيرِعِ أَو حِمصِ
كَأَن لَم تَرَ تِلكَ الربى وَكَأَنَّها / عَرائِسُ تَرعاها المَواشيطُ لا نَصِّ
وَلا رَنَّقَت تِلكَ الأَراكَةُ فَوقَنا / بلوث إِزارِ الظِلِّ في كَفَلِ الدعصِ
وَكانَ لَنا فيها هُناكَ مَآرِبٌ / نُطيعُ الهَوى العُذرِيَّ فيها وَلا نَعصي
لَيالينا بِالريِّ وَالعَيشُ صالِحٌ / وَظِلُّكَ عَنها غَيرُ مُنتَقِلِ الشَخصِ
وَما ذِكرُها لَولا شَفاً مِن عَلاقَة / تَتَبَّعُها نَفسي تَتَبُّعَ مُستَقصي
وَدَدت أَبا بَكرٍ لَوَ اَنِّيَ عالِمٌ / وَلِلكَونِ زَندٌ لَيسَ يُقدَحُ بِالحِرصِ
هَلِ الغَيبُ يَوماً مُفرِجاً لي بابَهُ / فَاُنظُرَ مِنهُ كَيفَ أُنسُكَ في حمصِ
بِأَزرَقَ سَلّالِ الحُسامِ وَقَد بَدا / يُداعِبُ في كَأسٍ تَحَرَّكُ لِلرَّقصِ
وَما معصَمٌ رَيّانُ دارَ سِوارُهُ / عَلى مِثلِ ماءِ الدُرِّ في بَشَرٍ رَخصِ
بِأَسمَحَ مِنهُ في العُيونِ إِذا بَدا / وَلا سيما وَالشَمسُ جانِحَةُ القرصِ
خَليجٌ كَخَيطِ الفَجرِ تَنجَرُّ فَوقَهُ / ذُيولُ عَشِيّاتٍ مُزَخرَفَةُ القمصِ
سَبوقاً مَغَبّاتِ الظَلامِ إِلَيهِما
سَبوقاً مَغَبّاتِ الظَلامِ إِلَيهِما / لِيَقرِيَ ضَيفاً أَو يُجيرَ مُرَوَّعا
ما أَنزَغَ الشَيخَينِ بَينَ الوَرى
ما أَنزَغَ الشَيخَينِ بَينَ الوَرى / إِبليسُ لا قُدِّسَ وَابنُ الخَليع
ما مِثلُ مَوضِعِكَ اِبنَ رِزقٍ مَوضِعُ
ما مِثلُ مَوضِعِكَ اِبنَ رِزقٍ مَوضِعُ / رَوضٌ يَرِفُّ وَجَدوَلٌ يَتَدَفَّعُ
وَكَأَنَّما هُوَ مِن بَنانِكَ صَفحَةٌ / فَالحُسنُ يَنبُتُ في ثَراهُ وَيُبدِعُ
وَعَشِيَّةٍ لَبِسَت رِداءَ شُحوبِها / وَالجوُّ بِالغَيمِ الرَقيقِ مُقَنَّعُ
بَلَغَت بِنا أَمَدَ السُرورِ تَأَلُّفاً / وَاللَيلُ نَحوَ فِراقِنا يَتَطَلَّعُ
فَاِبلُل بِها رَمَقَ الغَبوقِ فَقَد أَتى / مِن دونِ قُرصِ الشَمسِ ما يُتَوَقَّعُ
سَقَطَت وَلَم تَملِك يَمينُكَ رَدَّها / فَوَدِدتُ يا مُوسى لَوَ اَنَّكَ يُوشَعُ
طَرَقَت مَطلَعَ الثُرَيّا وَوَلَّت
طَرَقَت مَطلَعَ الثُرَيّا وَوَلَّت / وَالثُرَيّا تَشُمُّ ريحَ الوُقوعِ
تَحتَ جُنحٍ مِنَ الدُجى أَورَثَتهُ / عَبَقاً في قَميصِهِ المَخلوعِ
أَيُّها اللَيلُ هَل دَرى البَدرُ أَنّي / بِتُّ مِن أُختِهِ مَكانَ الضَجيعِ
أَمكَنَتني مِنَ العِناقِ فَلَمّا / جَلَبَ الفَجرُ ساعَةَ التَوديعِ
عَمَدَت بُردَها بِغُصنٍ وَقامَت / تَنفُضُ الطَلَّ أَحمَراً مِن دُموعِ
اُنظُر إِلى نَقشِيَ البَديعِ
اُنظُر إِلى نَقشِيَ البَديعِ / يُسليكَ عَن زَهرَةِ الرَبيعِ
لَو جُنِيَ البَحرُ مِن رِياضٍ / كانَ جَنى رَوضِيَ المَريعِ
سَقانِيَ اللَهُ دَمعَ عَيني / وَلا وَقاني جَوى ضُلُوعي
فَما أُبالي شَقاءَ بَعضي / إِذا تَشَقَّيتُ في جَميعي
كَيفَ تَراني وُقِيتَ ما بي / أَلَستُ مِن أَعجَبِ الرُبوعِ
أَو حَبَّذا مَثواكَ في الضُلوعِ
أَو حَبَّذا مَثواكَ في الضُلوعِ /
لَو أَنَّهُ أَغنى عَن التَودِيعِ /
وَلَم أَرَ مِثلَ صَفّارٍ تَصَدّى
وَلَم أَرَ مِثلَ صَفّارٍ تَصَدّى / كَما صَدئَ الصَقيلُ مِنَ السُيوفِ
غَدا يَعطو بِأَنملَتَي حَديدٍ / عُيونَ القِطرِ كَالذَهَبِ المَشوفِ
إِذا ما النارُ مَجَّتها إِلَيهِ / كَمِثلِ الجَمرِ رائِعَةَ الخفوفِ
تَلَألَأَ نورُهُ فَخَبا سَناها / كَما ظَهرَ القَوِيُّ عَلى الضَعيفِ
وَإِلّا ما لَها تَربدُّ سَودا / كَأَنَّ شموسَها قِطَعُ الكُسوفِ
يا وَردَةً جادَت بِها يَدُ مُتحِفي
يا وَردَةً جادَت بِها يَدُ مُتحِفي / فَهَمى لَها دَمعي وَهاجَ تَأَسُّفي
حَمراءُ عاطِرَةُ النَسيمِ كَأَنَّها / مِن خَدِّ مُقتَبِلِ الشَبيبَةِ مُترَفِ
عَرَضَت تُذَكِّرُني دَماً مِن صاحِبٍ / شَرِبَت بِهِ الدُنيا سُلافَةَ قَرقَفِ
فَلَثَمتُها شَغَفاً وَقُلتُ لِعَبرَتي / هِيَ ما تَمُجُّ الأَرضُ مِن دَمِ يُوسُفِ
ذاتَ الجَناحِ تَقَلَّبي
ذاتَ الجَناحِ تَقَلَّبي / بِجَوانِحِ القَلبِ الخَفوق
وَتَساقَطي بِالسَرحَتَي / نِ تَساقُطَ الدَمعِ الطَليق
وَسَليهِما بِأَرَقَّ مِن / عِطفَي قَضيبِهِما الوَريق
هَل بَعدَنا مُتَمَتِّعٌ / في مِثلِ ظِلِّهِما العَتيق
وَإِذا صَدَرتِ مُبينَةً / لِتُبَلِّغي النَبَأَ المَشوق
أُختَ الهَواء فَعالِجي / بِأَخي الهَوى حَتّى يُفيق
وَلتَعلَمي إِن ضِفتِ يا / وَرقاءُ ذا جَفنٍ أَريق
أَنَّ القِرى عَبَراتُهُ / فَتَعَلَّمي لَقطَ العَقيق
أَيُّها الآمِلُ خَيماتِ النَقا
أَيُّها الآمِلُ خَيماتِ النَقا / خَف عَلى قَلبِكَ تِلكَ الحَدَقا
إِنَّ سِرباً حُشِيَ الخَيمُ بِهِ / رُبَّما غَرَّكَ حَتّى تَرمُقا
لا تُثِرها فِتنَةً مِن رَبرَبٍ / تُرعِدُ الأُسدُ لَدَيهِ فَرَقا
وَاِنجُ عَنها لَحظَةً سَهمِيَّةً / طالَ ما بَلَّت رِدائي عَلَقا
وَإِذا قيلَ نَجا الرَكبُ فَقُل / كَيفَما سالَمَ تِلكَ الطُرُقا
يا رُماةَ الحَيِّ مَوهوبٌ لَكُم / ما سَفَكتُم مِن دَمي يَومَ النَفا
ما تَعَمَّدتُم وَلكِن سَبَبٌ / قَرَّبَ الحَينَ وَأَمرٌ سَبَقا
وَاِلتِفاتاتٌ تَلَقَّت عَرَضاً / مَقتَلَ الصبِّ فَخلَّتهُ لَقى
آهِ مِن جَفنٍ قَريحٍ بَعدَكُم / يَشتَكي خَدّايَ مِنهُ الغَرَقا
وَحَشا غَيرِ قَريرٍ كُلَّما / رُمتُ أَن يَهدَأَ عَنكُم خَفَقا
وَفُؤادٍ لَم أَضَع قَطُّ يَدي / فَوقَهُ خِيفَة أَن تَحتَرِقا
ما لِنَجمٍ عَكَفَت عَيني عَلى / رَعيِهِ لَيسَ يَرِيمُ الأُفُقا
وَلِعَينٍ خَلَعَت فيكَ الكَرى / كَيفَ لَم تَخلَع عَلَيكَ الأَرَقا
أَيُّها اللُوّامُ ما أَهدَأَكُم / عَن قُلوبٍ أَسهَرَتنا قَلَقا
ما الَّذي تَبغُونَ مِن تَعذِيبِها / بَعدَما ذابَت عَلَيكُم حُرَقا
قَومَنا فُوزوا بِسُلوانِكُمُ / وَدَعُوا بِاللَهِ مِن تَشوَّقا
وَاِرحَموا في غَسَقِ الظَلماءِ مَن / باتَ بِالدَمعِ يَبُلُّ الغَسَقا
عَلِّلُونا بِالمُنى مِنكُم وَلَو / بِخَيالٍ مِنكُمُ أَن يَطرُقا
وَعِدُونا بِلِقاءٍ مِنكُمُ / فَكَثيرٌ مِنكُمُ ذِكرُ اللِقا
لَو خَشِينا الجَورَ مِن جيرَتِنا / لَاِنتَصَفنا قَبلَ أَن نَفتَرِقا
وَاِصطَبَحنا الآنَ مِن فَضلَةِ ما / قَد شَرِبنا ذلِكَ المُغتَبَقا
فَسَقى اللَهُ عَشِيّاتِ الحِمى / وَالحِمى أَكرَم هَطّالٍ سَقى
قَد رُزِقناها وَكانَت عيشَةً / قَلَّما فازَ بِها مَن رُزِقا
لا وَسَهمٍ جاءَ مِن نَحوِكُمُ / إِنَّهُ أَقتَلُ سَهمٍ فُوِّقا
وَحُلى نَجدٍ سَنُجري ذِكرَها / أَوسَعَتنا في الهَوى مُرتَفَقا
ما حَلا بَعدَكُم العَيشُ لَنا / مُذ تَباعَدتُم وَلا طابَ البَقا
فَمَنِ المُنبي إِلَينا خَبَراً / وَعَلى مُخبِرِنا أَن يَصدُقا
هَل دَرَت بابِلُ أَنّا فِئَةٌ / تَجعَلُ السِحرَ مِنَ السِحرِ رُقى
نَنقُشُ الآيَةَ في أَضلاعِنا / فَتَقينا كُلَّ شَيءٍ يُتَّقى
مِن بَنانِ الوَزَرِ الأَعلى الَّذي / يُخجِلُ السِحرَ إِذا ما نَطَقا
لِمَن كَلِمٌ كَالسِحرِ مِن غُنجِ أَحداقِ
لِمَن كَلِمٌ كَالسِحرِ مِن غُنجِ أَحداقِ / سَقاكَ بِكَأسٍ لَم تُدِرها يَدُ الساقي
دَعاكَ خَليلٌ وَالأَصيلُ كَأَنَّهُ
دَعاكَ خَليلٌ وَالأَصيلُ كَأَنَّهُ / عَليلٌ يُقَضّي مُدَّةَ الرَمقِ الباقي
إِلى شَطِّ مُنسابٍ كَأَنَّكَ ماؤُهُ / صَفاءَ ضَميرٍ أَو عُذوبَةَ أَخلاقِ
وَمَهوى جَناحٍ لِلصِّبا يَمسَحُ الرُبى / خَفِيِّ الخَوافي وَالقَوادِمِ خَفّاقِ
وَفِتيانُ صِدقٍ كَالنُجومِ تَأَلَّفوا / عَلى النَأيِ مِن شَتّى بُروجٍ وَآفاقِ
عَلى حينِ راحَ البَرقُ في الجَوِّ مُغمِداً / ظُباهُ وَدَمعُ المُزنِ في جَفنِهِ راقِ
وَجالَت بِعَيني في الرِياضِ اِلتِفاتَةٌ / حَبَستُ بِها كَأسي قَليلاً عَنِ الساقي
عَلى سَطرِ خيرِيٍّ ذَكَرتُكَ فَاِنثَنى / يَميلُ بِأَعناقٍ وَيَرنو بِأَحداقِ
فَقِف وِقفَةَ المَحبوبِ مِنهُ فَإِنَّها / شَمائِلُ مَشغوفٍ بِمَرآكِ مُشتاقِ
وَصل زَهراتٍ مِنهُ صُفراً كَأَنَّها / وَقَد خَضِلَت قَطراً مَحاجِرُ عُشّاقِ
وَمَنظومَةٍ سَبعاً وَعِشرينَ دُرَّةً
وَمَنظومَةٍ سَبعاً وَعِشرينَ دُرَّةً / تُدارُ عَلى الدُنيا كُؤوسُ رَحيقِها
عَوى نَحوَها الكَلبُ الأُعَيمى حَسادَةً / وَمَن ذا يَعيبُ الشَمسَ عِندَ شُروقِها
لَآلِئُ تومٌ أَشرَقَتهُ بِريقِهِ / وَزادَت ظَلاماً عَينَهُ بِبَريقِها
لَوى العِيُّ صَمّاوَيهِ عَن سِرِّ رَوضِها / فَلَم يَدرِ ما ريحانُها مِن شَقيقِها
كَأَنِّيَ قَد أَرسَلتُهُنَّ حِجارَةً / عَلَيهِ فَراغَت أُذنُهُ عَن طَريقِها
وَجَدوَلٍ كَاللَجينِ سائِل
وَجَدوَلٍ كَاللَجينِ سائِل / صافي الحَشا أَزرَقِ الغَلائِل
عَلَيهِ شَكلٌ صَنَوبَرِيٌّ / يُفتَلُ مِن مائِهِ خَلاخِل
بَدا الشَفَقُ البادي بُعَيدَ أَصيل
بَدا الشَفَقُ البادي بُعَيدَ أَصيل / يجرِّرُ بِالآفاقِ حُمرَ ذُيولِ
وَفي عَرضِهِ الأَقصى هِلالٌ كَأَنَّما / يُجَرِّرُ مِنهُ النَسرُ ضِلع قَتيلِ