القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ شُهَيد الأَندَلُسي الكل
المجموع : 87
إِنَّ لآليكَ أَحْدَثَتْ صَلَفَا
إِنَّ لآليكَ أَحْدَثَتْ صَلَفَا / فاتَّخَذَتْ مِن زُمُرُّدٍ صَدَفَا
تَسْكُنُ دُرّاتُهَا البُحُورَ وذِي / تَسْكُنُ للحُسْنِ رَوْضةً أُنُفَا
هامَتْ بلُحْفِ الجِنَانِ فاتَّخَذَت / مِن سُنْدُسٍ في جِنَانِهَا لُحُفَا
نثقبها بالثُّغُورِ مِن لُطُفٍ / حَسْبُكَ منَّا ببِرِّ مَن لَطُفَا
جازَ ابْنُ ذَكْوانَ في مَكَارِمِه / حُدُودَ كَعْبٍ وما به وُصِفَا
قَدَّمَ دُرَّ الرِّيَاضِ مُنْتَخِبا / منه لأَفْرَاسِ مَدْحِهِ عَلَفَا
أَكْلُ ظَرِيفٍ وطُعْمُ ذِي أَدَبٍ / والفُولُ يَهْوَاهُ كُلُّ مَن ظَرُفَا
رَخَّصَ فيهِ شَيْخٌ له قَدَرٌ / فكانَ حَسْبِي مِن المُنَى وَكَفَى
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ إِخْوَانِي وعِشْرَتَهُم
أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ إِخْوَانِي وعِشْرَتَهُم / وكلَّ خِرْقٍ إِلى العلياءِ سَبّاقِ
وفِتْيَةً كنُجُومِ القَذْفِ نَيِّرهُمُ / يَهْدِي وصائِبُهُمْ يُودى بإِحْراقِ
وكوْكَباً لِيَ منهمْ كانَ مَغْرِبُهُ / قَلْبِي ومَشْرِقُهُ مَا بَيْنَ أَطْواقِي
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي ما أُفَارِقُهُ / إِلا وَفِي الصَّدْرِ مِنِّي حَرُّ مُشْتَاقِ
كُنَّا أَلِيفَيْنِ خانَ الدَّهْرُ أُلْفَتَنَا / وأَيُّ حُرّ على صَرْفِ الرَّدَى باقِ
فإِنْ أَعِشْ فلعلَّ الدَّهْرَ يَجْمَعُنَا / وإِنْ أَمُتْ فَسَيَسقِيهِ كَذَا السّاقِي
لا ضيَّعَ اللَّهُ إِلا مَن يُضِيِّعُهُ / ومَن تَخَلَّقَ فِيه غَيْرَ أَخْلاقِي
قَد كانَ بَرْدِي إِذا مَا مَسَّنِي كلفٌ / لا يَثْلمُ الحُبُّ آدابِي وأَعْرَاقِي
حتَّى رَمَتْنَا صُرُوفُ الدَّهْرِ عن كَثَبٍ / فَفَرَّقَتْنَا وَهل مِن صَرْفِه واقِ
إِنِّي لأَرْمُقُهُ والمَوْتُ يَضْغَطُنِي / فأَقتضي فُرْجةً مُرْتَدَّ أَرْمَاقِي
فَرِيقُ العِدا مِن حَدِّ عَزْمِكَ يفرق
فَرِيقُ العِدا مِن حَدِّ عَزْمِكَ يفرق / وبالدَّهْرِ مِمّا خافَ بَطْشَكَ أَولَقُ
عَجِبْتُ لمَنْ يعتَدُّ دُونَكَ جُنَّةً / وسَهْمُكَ سَعْدٌ والقضاءُ مفوِّقُ
ومَن يَبْتَنِي بيتاً ليقطَعَ دُونَهُ / مَمَرَّ رِيَاحِ النَّصْرِ وهو الخَوَرْنَقُ
وما شَرِبَ ابْنُ الشُّرْبِ قَبْلَكَ خَمْرَةً / مِن الذُّلِ بالعَجْزِ الصَّرِيحِ تُصَفّقُ
تَوَهَّمَ فيه الرُّعنُ حِصْناً فزُرْتَهُ / بأَرعنَ فيه مُرعِدُ المَوْتِ مبرِقُ
وحَوْلَكَ أَسْيَافٌ مِن السَّعْدِ تُنتَضَى / وفَوْقكَ أَعْلامٌ مِن النّصْرِ تَخْفُقُ
بأَبْيَضَ مُسْوَدِّ الدِّلاصِ كأَنَّهُ / شهابٌ علَيْهِ مِن دُجَى اللَّيْلِ يَلْمَقُ
وأَسْودَ مبيَضِّ القبَاءِ كأَنَّمَا / يَطِيرُ به نَحْوَ الكَرِيهةِ عَقْعَقُ
وخَيْلٍ تمشَّي للوَغَى ببُطُونِهَا / إِذا جَعَلَتْ بالمُرْتَقَى الصَّعْبِ تَزلَقُ
غَنَّاكَ سَعْدُكَ في ظِلّ الظُّبَا وسَقَى
غَنَّاكَ سَعْدُكَ في ظِلّ الظُّبَا وسَقَى / فاشْرَبْ هَنِيئاً عَلَيْكَ التَّاجُ مُرْتَفِقَا
سَقْياً لأُسْدٍ تَساقَى المَوْتَ أَنْفُسُهَا / وتلْبَسُ الصَّبْرَ في يَوْمِ الوَغَى حَلَقَا
قامَتْ بنَصْرِكَ لمّا قامَ مُرْتجلاً / خَطِيبُ جُودِكَ فيها يَنْثُرُ الوَرقَا
سَرَيْتَ تقدُم جَيْشَ النَّصْرِ متخذاً / سُبْلَ المَجَرَّةِ في إِثْر العُلا طُرُقَا
في ظِلِّ لَيْلٍ مِن الماذِىِّ مُعْتَكرٍ / يجلُو إِلى الخَيْلِ منه وَجْهُكَ الفَلقَا
وصَفْح قِرْنٍ غداةَ الرَّوعِ يَكْتُبُه / مِن الظُّبَا قَلَمٌ لا يَعْرِفُ المشَقَا
أَجرَيْتَ للزَّنْجِ فَوقَ النَّهْرِ نَهْرَ دَمٍ / حتَّى اسْتَحَالَ سَماءً جُلِّلَتْ شَفَقَا
وَساعَدَ الفَلَكُ الأَعْلَى بقَتْلِهِمُ / حتَّى غَدا الفُلْكُ بالنَّاجِي به غَرِقَا
مِن كُلِّ أَسْوَدَ لم يَدْلِفْ على ثَبَجٍ / وبانَ جَدُّكَ يجلُو صفْحَهُ يقَقَا
كأَنَّ هامتَهُ والرُّمحُ يحملُهَا / غرابُ بَيْنٍ على بانِ النَّقا نَغقَا
إِذا وَنى ثَغر الخطِّيُّ ثُغرتَهُ / أَوْ عاذَ بالنَّهْرِ مَسْلُوبَ القُوَى غَرِقَا
وأَيُّ نَهْرٍ يُرَجِّي العِبْرَ عابِرُهُ / وسُفنُهُ طافِيَاتٌ غُودِرَتْ فِلَقَا
مَرَضُ الجُفُونِ ولَثْغَةٌ في المَنْطِقِ
مَرَضُ الجُفُونِ ولَثْغَةٌ في المَنْطِقِ / سَبَبَانِ جَرّا عِشْقَ مَن لم يَعْشَقِ
مَن لِي بأَلْثَغَ لا يَزال حَدِيثُهُ / يُذْكى على الأَكْبَادِ جَمْرَةَ مُحْرِقِ
يُنْبِي فَيَنْبُو في الكَلامِ لِسَانُهُ / فكأَنَّهُ مِن خَمْرِ عَيْنَيْهِ سُقِي
لا يُنْعِشُ الأَلْفَاظَ مِن عَثَراتِها / ولَو انَّهَا كُتِبَتْ له في مُهْرَقِ
بَكى أَسفاً للبَيْنِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ
بَكى أَسفاً للبَيْنِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ / وقد هَوَّنَ التَّوْدِيعُ بَعْضَ الَّذِي لَقِي
وَما للَّذِي وَلَّى به البَيْنُ حَسْرَةٌ / بَكَيْتُ وَلَكِنْ حَسْرَةً للَّذِي بَقِي
وَقد شاقَنِي الوُرْقُ السّواجعُ بالضُّحى / ومَن يسْتمع داعِي الصّبابَةِ يشتَقِ
على فَنَنٍ مِن أَيْكةٍ قد تَعَلَّقَتْ / بحبْلِ النَّوَى مِن قَلْبي المُتَعَلِّقِ
فَصَدَّقْتُها في البَيْنِ مِن غَيْرِ عَبْرةٍ / وكَمْ مِن كَثيرِ الدّمْعِ غَيْرِ مُصَدَّقِ
لَعَلَّ نَسيمَ الرِّيحِ تأَتي به الصّبا / بنشرِ الخُزامى والكِباءِ المُعَبَّقِ
كأَنَّ علَيْهَا نَفْحةً عَبْشَمِيَّةً / أَتَتْ مِن جنابِ المُسْتَعِينِ المُوَفَّقِ
فنِلْتَ الَّذِي قد نِلْتَ إِذ لَيْسَ للعُلا / سواكَ كأَنَّ الدَّهْرَ للنَّاسِ منْتَقِ
ولمَّا رأَيْتُ العَيْشَ وَلَّى برأسِهِ
ولمَّا رأَيْتُ العَيْشَ وَلَّى برأسِهِ / وأَيقَنْتُ أَن المَوْتَ لا شَكَّ لاحِقِي
تمنَّيْتُ أَنِّي ساكِنٌ في غَيابة / بأَعْلَى مَهَبِّ الرِّيحِ في رأَسِ شاهِقِ
أُدَرُّ سقيط الحَبِّ في فَضْلِ عِيشةٍ / وحيداً وحِسْيُ الماءِ ثِنيُ المَفالقِ
خَلِيليَّ مَن ذاقَ المَنِيَّةَ مَرَّةً / فَقد ذُقْتُها خَمْسِينَ قَوْلةَ صادق
كأَني وَقد حانَ ارْتِحالِيَ لم أَفُزْ / قَدِيماً مِن الدُّنيا بلَمحةِ بارقِ
فمَن مُبْلِغٌ عَني ابْنَ حَزْمٍ وكانَ لي / يَداً في مُلِمَّاتِي وعِنْدَ مَضَايقِي
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ إِني مُفارِقٌ / وحَسْبُكَ زاداً مِن حَبيبٍ مُفَارِقِ
فلا تَنْسَ تَأْبِينِي إِذا ما فقدتَني / وتَذْكارَ أَيَّامِي وفَضْلَ خلائِقِي
وحَرِّكْ به باللَّهِ مِن أَهْلِ فَنِّنا / إِذا غَيَّبُوني كُلَّ شَهْم غُرانِق
عَسَى هامَتي في القَبْرِ تَسْمَعُ بَعْضُه / بتَرْجِيعِ سارٍ أَوْ بتَطرْيبِ طارِقِ
فلي في ادِّكارِي بَعْدَ مَوْتي راحةٌ / فلا تمنَعُونيها عُلالَة زاهِقِ
وإِني لأَرجُو اللَّهَ فيما تَقَدَّمَتْ / ذُنُوبي به ممّا دَرى مِن حَقائِقي
وكأَنَّني لمّا انْحَطَطْتُ به
وكأَنَّني لمّا انْحَطَطْتُ به / أَرْمي الفَلاة بكَوْكَب طَلْقِ
وكأَنَّني لمّا طَلَبْتُ به / وَحْش الفَلاةِ على مَطا بَرْقِ
أَبكيتَ إذ ظَعَنَ الفَريقُ فراقضها
أَبكيتَ إذ ظَعَنَ الفَريقُ فراقضها /
إِنِّي امْرُؤ لَعِب الزَّمانُ بهِمّتي / وسُقِيتُ مِن كأس الخُطوبِ دهاقَهَا
وكَبَوْتُ طِرْفاً في العُلا فاستَضْحَكَتْ / حُمُرُ الأَنامِ فما تَرِيمُ نِهاقَهَا
وإِذا ارْتَمَتْ نَحْوِي المُنى لأَنالَها / وَقفَ الزَّمانُ لها هُناكَ فَعاقَهَا
وإِذا أَبُو يَحْيَى تَأَخَّرَ سَعْيُهُ / فمَتى أُؤَمِّلُ في الزَّمانِ لَحاقَهَا
المُلْبِسِي ذَهَبِيّةً مِن فَضْلِهِ / شَنَتِ العُيُونَ فلم تُطِق رقْراقَها
والمانِعي مِن صَرْفِ دهْرِي بعدما / قَلَبتْ إِليّ الحادِثاتُ حِداقَهَا
حَتَّامَ لا تزوي جِيادُكَ للوَغى / وتَشِيم مِن بِيضِ السُّيُوفِ رقاقَهَا
وتَسُدُّ طُرْقَ الأَرْضِ منكَ بجَحْفَلٍ / يذَرُ المُلُوكَ مُديمةً إِطرْاقَهَا
بَحْر إِذا خَفَقَتْ عُقابُ لِوائِهِ / بتُخُومِ أَرْضٍ لم تَخَفْ إِخْفاقَهَا
اللَّه في أَرْضٍ غُذِيتُ هَواءَها / وعِصابةٍ لم تَتَّهِمْ إِشْفاقَهَا
نَكَزَتْهُمُ أَفْعَى الخُطُوبِ وعُوجلُوا / بمُثَمَّلٍ منها فكُنْ دِرْياقَهَا
وافْتَحْ مَغالِقَها بعَزْمةِ فَيْصَلٍ / لَوْ حاوَلَتْ سَوْقَ الثُّرَيَّا ساقَهَا
بَطَلٌ إِذا خَطَبَ النُّفُوسَ إِلى الوَغى / جَعَلَ الظُّبا تَحْتَ العَجاجِ صِداقَهَا
لَوْ عارَضَتْ هُوجَ الرِّياحِ بَنانُهُ / يَوْماً لسدَّ ببَعْضِها آفاقَهَا
ولَو انَّها منه إِذا ما اسْتَلَّها / تَتَعَرَّضُ الجَوْزاء حَلَّ نِطاقَهَا
وإِذا المُلُوكُ جَرَتْ جياداً في الوَغى / والجُود قَطَّعَ جَفْوةً أَعْناقَهَا
ولَو انَّ أَفْواهَ الضَّراغِمِ مَنْهَلٌ / لِلْوِرْدِ أَوْردَ خَيْلَهُ أَشداقَهَا
فلمَّا بَدا فيهِمْ سُلَيْمانُ عِنْدَها
فلمَّا بَدا فيهِمْ سُلَيْمانُ عِنْدَها / وصاحَ ابْنُ ذَكْوانٍ فثارَ رِجالُ
هَدَى من ضَلالِ الحائِرِينَ مُحَمّدٌ / وأَذَّنَ بالبَيْتِ العَتِيقِ بِلالُ
وقامَ أَبُو عِمْرَانَ يَرْأَبُ صَدْعَها / بسَعْيٍ تَجَلَّى عن هُداهُ ضَلالُ
وَزِيرٌ متى يَسْتَوْزِرِ المَلْك رأيَهُ / أُمِرتْ له في النَّائِباتِ حِبالُ
ولَيْسَ كمَنْحُوسٍ مِن القَوْمِ مُنْحِسٍ / تَعاظَمَ حتى قِيلَ لَيْسَ يُنالُ
أَعانَتْهُ أَمْوالٌ تَخوَّنَ عَيْنَها / وأَعْلَتْهُ غُثْرٌ سُوقةٌ وسِفالُ
له كَعْبُ نَحْسٍ لم يُصاحِبْ به امْرءاً / على الدَّهْرِ إِلا رُدَّ وَهْوَ خَيالُ
فَفي كُلِّ عَصْر مِن عُصُور حَياتِهِ / تُثَلُّ عُرُوشٌ أَوْ تُدَكُّ جِبالُ
هُوَ الدَّاءُ فاسْتأَصِلْه تَلْبَسْ جَمالَها / وَداءُ كُعُوبِ المُنْحِسِينَ عُضالُ
وفِتْيةٍ كالنُّجُومِ حُسْناً
وفِتْيةٍ كالنُّجُومِ حُسْناً / كُلُّهُمُ شاعِرٌ نَبِيلُ
مُتَّقِدُ الجانِبَيْنِ ماضٍ / كأَنَّهُ الصّارِمُ الصّقِيلُ
راموا انْصِرافي عنِ المَعالي / والغَرْبُ مِن دُونِها فليلُ
فاشتَدَّ في إِثْرِها مِسَحٌّ / كُلُّ كَثِير بها قَلِيلُ
في مَجْلِسٍ شابَهُ التَّصابي / وطارَدَتْ وَصْفَه العُقُولُ
كأَنَّما بابُهُ أَسيرٌ / قد عَرَضَتْ وَسْطَه نُصُولُ
يُرادُ منه المَقال قَسراً / وهْو على ذاكَ لا يَقُولُ
يَنْظُرُ مِنْ لِبْدِهِ لَدَيْنَا / بَحْرُ دَمٍ تَحْتَه يَسِيلُ
كأَنَّ أَخفافَنا علَيْه / مَراكِبٌ ما لها دَلِيلُ
ضَلَّتْ فَلَمْ تَدْرِ أَيْنَ تَجْرِي / فَهْيَ على شطِّهِ تُقِيلُ
هل أَبْصَرَتْ عَيْناكَ يا خَلِيلي
هل أَبْصَرَتْ عَيْناكَ يا خَلِيلي / قَنَافِذاً تُباعُ في زَنْبِيلِ
من حَرْشَفٍ مُعْتَمدٍ جَلِيلِ / ذِي إِبَرٍ تَنفُذُ جِلْدَ الفِيلِ
كأَنَّها أَنْيَابُ بِنْتِ الغُولِ / لَوْ نُخسَتْ في استِ امرئ ثَقِيلِ
لَقَفَّزتْهُ نَحْوَ أَرْضِ النِّيلِ / لَيْسَتْ تُرى طَيَّ حَشا مِنْدِيلِ
نُقْلُ السّخِيفِ المائِنِ الجَهُولِ / وأَكْلُ قَوْمٍ بارِحِي العقُولِ
أُقْسِمُ لا أَطعَمْتُها أَكيلِي / ولا طَعِمْتُها على شَمُولِ
أَمِن رَسْمِ دارٍ بالعَقِيقِ مُحيلِ
أَمِن رَسْمِ دارٍ بالعَقِيقِ مُحيلِ /
وَلمّا هَبَطْنَا الغَيْثَ تُذْعَرُ وحْشُهُ / على كُلِّ خَوَّارِ العِنانِ أَسِيلِ
وَثارَتْ بَناتُ الأَعْوَجِيّاتِ بالضُّحَى / أَبابِيلَ مِن أَعْطَافِ غَيْرِ وَبِيلِ
مُسَوَّمةً نَعْتَدُّها مِن خِيارِها / لطَرْدِ قَنِيصٍ أَوْ لطَرْدِ رعِيلِ
إِذا ما تَغَنَّى الصَّحْبُ فَوْقَ مُتُونها / ضُحيّا أَجابَتْ نَحْتَهُمْ بصَهِيلِ
نَدُوسُ بها أَبْكارَ نَوْرٍ كأَنَّهُ / رِداءُ عَرُوسٍ أُوذِنَتْ بحَلِيلِ
رَمَيْنا بها عرْضَ الصُّوارِ فأَقْعَصَتْ / أَغَنَّ قَتَلْنَاهُ بغَيْرِ قَتِيلِ
وبادَرَ أَصْحابي النُّزُولَ فأَقَبَلَتْ / كَرادِيسُ من عَضِّ الشَّواءِ نَشِيلِ
نُمَسِّحُ بالجودان مِنه أَكُفَّنا / إِذا ما اقْتَنَصْنا منه غَيْرَ قَلِيلِ
فقُلْنا لساقِيها أَدِرْها سُلافةً / شَمُولاً ومِن عَيْنَيْكَ صِرْفَ شَمُولِ
فقامَ بكأسَيْهِ مُطيعاً لأَمْرِنا / يَمِيلُ به الإِدْلالُ كُلَّ ممِيلِ
وشَعْشَعَ راحَيْه فَمازالَ مائِلاً / برأَسٍ كَرِيمٍ منهُمُ وتَلِيلِ
إِلَى أَن ثَناهُمْ راكِدِينَ لِما احْتَسوا / خَلِيعِينَ مِن بَطْشٍ وفَضْلِ عُقُولِ
نَشاوَى على الزَّهْراءِ صَرْعَى كأَنَّهُمْ / أَساطِينُ قَصْرٍ أَوْ جُذُوعُ نَخِيلِ
أَبَرْقٌ بَدا أَمْ لَمْعُ أَبْيَضَ قاصِلِ
أَبَرْقٌ بَدا أَمْ لَمْعُ أَبْيَضَ قاصِلِ / ورَجْعُ صَدى أَمْ رَجْعُ أَشْقَرَ صَاهِلِ
أَلا إِنَّهَا حَرْبٌ جَنَيْتُ بِلَحظَةٍ / إِلى عُرُبٍ يَوْم الكَثِيبِ عَقَائِلِ
هَوى تَغْلِبِيٌّ غالَبَ القَلْبَ فانْطَوَى / على كَمَدٍ مِن لَوْعةِ القَلْبِ داخِلِ
رِدي تَعْلَمِي بالخَيْلِ مَا قَرَّبَ النَّوى / جِيَادَكِ بالثَّرْثَارِ يا ابْنَةَ وائِلِ
جَزَيْنَا بِيَوْمِ المَرْجِ آخَرَ مِثْلَهُ / وغُصْناً سَقَيْنا نَابَ أَسْمَرَ عاسِلِ
تَرَدَّدَ فيها البَرْقُ حتَّى حَسِبْتُهُ / يُشِيرُ إِلى نَجْمِ الرُّبَى بالأَنامِلِ
رُبىً نَسَجَتْ أَيْدي الغَمامِ لِلِبسِها / غَلائِلَ صُفْراً فَوْقَ بِيضِ غلائِلِ
سَهِرْتُ بها أَرْعَى النُّجُومَ وأَنجما / طَوالعَ للرّاعِينَ غَيْرَ أَوافِلِ
وقد فَغَرَتْ فاها بها كُلُّ زَهْرة / إِلى كُلِّ ضَرْعٍ للغَمَامةِ حافِلِ
وَمَرَّتْ جُيوشُ المزْنِ رَهْواً كأَنَّها / عَسَاكِرُ زَنْجٍ مُذْهَبَاتُ المناصِلِ
وحَلَّقَتِ الخَضْراءُ في غُرِّ شُهْبِها / كَلُجَّةِ بَحْرٍ كُلِّلَتْ باليَعالِلِ
تخالُ بها زُهْرَ الكَوَاكِبِ نَرْجِساً / على شَطِّ وادٍ للمَجَرّةِ سائِلِ
وتلْمَحُ مِن جَوزائِها في غُرُوبِها / تَساقُطَ عَرْشٍ واهِن الدَّعْمِ مائِلِ
وتَحْسَبُ صَقْراً واقِعاً دَبَرانَهَا / بعُشِّ الثُّرَيّا فَوْقَ حُمْرِ الحَوَاصِلِ
وبَدْرَ الدُّجَى فيها غَدِيراً وحَوْلَهُ / نُجُومٌ كطَلْعَاتِ الحَمَامِ النَّواهِلِ
كأَنَّ الدُّجَى هَمّي ودَمْعِي نُجُومُهُ / تَحَدَّرَ إِشْفَاقاً لدَهْرِ الأَراذِلِ
هَوَتْ أَنْجُمُ العَلْيَاءِ إِلا أَقلّهَا / وغِبْنَ بما يَحْظَى به كُلُّ عاقِلِ
وأَصْبَحْتُ في خَلْفٍ إذا ما لَمَحْتَهُم / تَبَيَّنْتَ أَنَّ الجَهْلَ إِحْدَى الفَضَائِلِ
وما طابَ في هَذِي البَرِيَّةِ آخرٌ / إِذا هُو لم يُنْجَدْ بطِيبِ الأَوائِلِ
أَرَى حُمُراً فَوْقَ الصَّواهِلِ جَمّةً / فأَبْكي بعَيْنِي ذُلَّ تِلْكَ الصَّواهِلِ
ورُبَّت كُتَّابٍ إِذا قِيل زَوِّرُوا / بَكَتْ مِنْ تَأَنِّيهِمْ صُدُورُ الرَّسائِلِ
ونَاقِلِ فِقْهٍ لم ير اللَّه قَلْبُهُ / يظُنّ بأَنَّ الدِّين حِفْظُ المسائِلِ
وحامِلِ رُمْحٍ راح فَوْقَ مضَائِهِ / بِه كاعِباً في الحيّ ذات مغَازِلِ
حُبوا بالمُنَى دُونِي وغُودِرْتُ دُونَهُمْ / أَرُودُ الأَمانِي في رِياضِ الأَباطِلِ
وما هِي إِلا هِمَّةٌ أَْشجعِيَّةٌ / ونَفْسٌ أَبتْ لِي مِن طلابِ الرَّذائِلِ
وفَهْمٍ لَوِ البِرْجِيس جِئْتُ بجدِّهِ / إِذاً لَتَلَقَّانِي بنَحْسِ المقَاتِلِ
وكَيْف ارْتِضَائِي دارةَ الجهْلِ منْزِلاً / إِذا كانَت الجوْزاءُ بعْض منَازِلي
وصبْرِي على محْضِ الأَذَى مِن أَسافِلٍ / ومجْدِي حُسامِي والسّيادةُ ذابِلي
ولمّا طَما بحْرُ البيانِ بفِكْرتِي / وأَغْرقَ قَرْنَ الشَّمْسِ بعْضُ جداوِلي
زَفَفْتُ إِلى خَيْرِ الورى كُلَّ حُرّةٍ / مِن المدْحِ لم تَخْمُلْ برعِي الخَمائِلِ
وما رمْتُهَا حتَّى حطَطْتُ رِحالَهَا / على ملك منهم أَغَرَّ حُلاحِلِ
وكِدْتُ لفَضْلِ القَوْلِ أَبْلُغُ ساكِتاً / وإِن ساءَ حُسّادِي مدى كُلِّ قائِلِ
أَنُوحُ على نَفْسِي وأَندبُ نُبْلَهَا
أَنُوحُ على نَفْسِي وأَندبُ نُبْلَهَا / إِذا أَنا في الضَّرَّاءِ أَزمعْتُ قتلَهَا
رضيتُ قضاءَ اللَّهِ في كُلِّ حالة / عليَّ وأَحكاماً تيقَّنْتُ عدلَهَا
أَظلُّ قَعيد الدّارِ تجنُبُني العصا / على ضَعْفِ ساقٍ أَوْهَن السُّقْمُ رِجلَهَا
وأَنْعى خسيساتِ ابْنِ آدم عاملاً / براحَةِ طِفْل أَحكم الضُّرُّ نَصْلَهَا
أَلا رُبَّ خَصمٍ قد كفيت وكُرْبةٍ / كشفْتُ ودارٍ كُنْتُ في المحْلِ وبلُهَا
ورُبَّ قَريضٍ كالجرِيضِ بعثْتهُ / إِلى خُطْبةٍ لا يُنْكِرُ الجمْعُ فَضْلَهَا
فمن مُبْلِغُ الفِتْيانِ أَنَّ أَخاهُمُ / أَخُو فَتكةٍ شَنْعَاءَ ما كانَ شكْلَهَا
علَيْكُمُ سلامٌ مِن فَتًى عضَّهُ الرَّدى / ولم ينْس عينْاً أَثْبتَتْ فيه نَبْلَهَا
يُبِينُ وكَفُّ الموْتِ يَخْلَعُ نَفْسه / وداخلُهَا حُبٌّ يهوِّنُ ثُكْلَها
يا سيِّداً أَرِجتْ طِيباً شمائِلُهُ
يا سيِّداً أَرِجتْ طِيباً شمائِلُهُ / وشاكَلَتْ شِعْرَهُ حُسْناً رَسَائِلُهُ
وسَائِلاً لِيَ عَمَّا لَيْسَ يَجْهَلُهُ / ولا الَّذِي كُلِّفَ التَّفْصِيلَ جاهِلُهُ
الوَرْدُ عَهْداً ونَشْراً صِنْوُ عهْدِكَ لا / تُنْسِي أَواخِرَهُ طِيباً أَوائِلُهُ
ووَصْلُه في كِلا الحالَيْنِ مُفْتَرَضٌ / سِيّانِ قاطِعُهُ جَهْلاً وواصِلُهُ
فالعُودُ يَخْفُقُ والمِزْمَارُ يَتْبَعُهُ / وهاجِرُ الرّاحِ قد هاجَتْ بَلابِلُهُ
تُخْبِرْ بِمِثْلِ الَّذِي أَنْتَ العَلِيمُ به / أَيَّامُنَا والصِّبَا تُعْصَى عواذِلُهُ
أَفي كُلِّ عامٍ مَصْرَعٌ لعَظِيم
أَفي كُلِّ عامٍ مَصْرَعٌ لعَظِيم / أَصابَ المَنَايا حادِثِي وقَدِيمي
هَوَى قَمَرا قَيْسِ بْن عَيْلانَ آنِفاً / وأَوْحَشَ مِن كَلْبٍ مَكَان زَعِيمِ
فَكَيْفَ لِقَائِي الحادِثَاتِ إِذا سَطَتْ / وقد فُلَّ سَيْفِي منهُمُ وعَزِيمِي
وكَيْفَ اهْتِدائي في الخُطُوبِ إِذا دَجَت / وقد فَقَدَتْ عَيْنَايَ ضَوْءَ نُجُومِي
مَضَى السَّلَفُ الوَضَّاحُ إِلا بَقِيّةً / كغُرّةِ مُسْوَدِّ القَمِيصِ بَهيمِ
رَمَيت بها الآفاقَ عَنِّى غَرِيبَةً / نَتِيجةَ خَفَّاقِ الضُّلُوعِ كَظِيمِ
لأُبْدِي إِلى أَهْلِ الحِجَا مِن بَواطِنِي / وأُدْلِي بعذْرٍ في ظَوَاهِرِ لُومِ
أَنا السيْف لم تَتْعَبْ به كَف ضارِبٍ / صَرومٌ إِذا صادَفْت كَفَّ صَرومِ
سَعَيْتُ بأَحْرَارِ الرِّجَالِ فخانَنِي / رِجَالٌ ولم أُنْجَدْ بجَدّ عَظِيمِ
وضيَّعَنِي الأَمْلاكُ بَدْءاً وعَوْدةً / فضِعْت بدارٍ منهُم وحَرِيمِ
فإِنْ رَكِبَتْ منِّي اللَّيَالِي هَضِيمةً / فقَبْلِيَ مَا كانَ اهْتِضَام تَمِيمِ
أَما وأَبِي الأَيَّام لَوْلا اعْتِدَاؤهَا / لَظَاهَرْت في ساداتِهَا بقُرومِ
وقَارَعْت مَن يَبْغِي قِرَاعِي منهم / بأَحْلامِ بَطْشٍ أَوْ بِطَيْش حلُومِ
أَحَلُّوا مَلامِي لا أَبَا لأَبِيهِم / وإِنِّي ورَبِّ المَجْدِ غَيْر مَلُومِ
فَلا تَعْذُلُونِي إِنْ وَلِهْت فإِنَّهَا / علاقةُ حَبْرٍ لا علاقةُ رِيمِ
أَبا عَبْدةٍ إِنَّا عَذَرْناك عِنْدَمَا / رَجَعْنَا وغَادَرْنَاك غَيْرَ ذَمِيمِ
أَنَخْذُل مَن كُنَّا نَرود بأَرْضِهِ / ونَكْرَع منه في إِناءِ علُومِ
ويَجْلُو العَمَى عنَّا بأَنْوارِ رأيهِ / إِذا أَظْلَمَت ظَلْمَاءُ ذات غُيومِ
كأَنَّكَ لم تُلْقِحْ برِيحٍ مِن الحِجَا / عَقَائِمَ أَوْكَارٍ بغَيْرِ عَقِيمِ
ولم نَعْتَمِدْ مَغْنَاكَ غَدْواً ولم نزَلْ / نَؤُمُّ لفَصْلِ الحُكْمِ دارَ حَكِيمِ
اقْرَ السَّلامَ على الأَصْحَابِ أَجْمَعهم
اقْرَ السَّلامَ على الأَصْحَابِ أَجْمَعهم / وخُصَّ عَمْراً بأَزْكَى نُورِ تَسْلِيمِ
وقُمْ له يا أَعزَّ النَّاسِ كُلِّهِمُ / شخْصاً عليّ وأَولاهُمْ بتَكْرِيمِ
اللَّهُ جارُكَ مِن ذِي مَنْعَةٍ ظَفِرَتْ / منه اللَّيالي بعِلْقٍ غَيْرِ مَذمومِ
ما كانَ حُبّكَ إِلا صَوْبَ غادِيَةٍ / طِيباً وحاشا لحُبِّي فيكَ مِن لُومِ
إِن شاءَ صَرْفُ الرَّدَى تَقْدِيم أَطْوعِنا / فقد رَضِيتُ حَمَاكَ اللَّهُ تَقْدِيمِي
وإِنْ أَحَبَّ الثَّرَى جِسْماً ليَأكُلَه / أَسْمَحْ بجِسْمِي له يَفْدِيكَ تَعْظِيمِي
عِشْنَا أَلِيفَيْنِ في بَرِّ الهَوى زَمَناً / حَتَّى رَقِي بِنَوانا طائِرُ الشُّومِ
فَشتَّتَتْ نُوَبُ الأَيّامِ أُلْفَتَنا / قَسْراً ولم يُغْنِهَا ظَنِّي وتَنْجِيمِي
طَرَقَتْكَ بالدَّهْنا وصَحْبُكَ نُوَّمُ
طَرَقَتْكَ بالدَّهْنا وصَحْبُكَ نُوَّمُ / واللَّيْلُ أَدْهَمُ بالثُّرَيّا مُلْجَمُ
والشَّامُ خِطَّتُكُمْ ولَيْسَتْ نِسْبةً / إِلا كَمَا نُسِبَتْ إِلَيْهَا الأَنْجُمُ
وطائِرةٍ تَهْوِي كأَنَّ جَناحها
وطائِرةٍ تَهْوِي كأَنَّ جَناحها / ضَمِيرٌ خَفِيُّ لا يُحَدِّدُهُ وهْمُ
مُلازِمةٍ للرَّوْضِ حتى كأَنَّما / لها كُلُّ ما تفْتَرُّ عنه الرُّبى طُعْمُ
تَمُجُّ بفِيها الشَّهْد صِرْفاً ويخْتَفِى / لمُشْتارِهِ ما بيْنَ أَحْشائِها سَهْمُ
مُنافِرةٍ للإِنْسِ تأنَسُ بالفَلا / مُفَرِّقةٍ للشَّهْدِ مِن بَعْضِها السُّمُّ
فإِدْناؤُها رُشْدٌ وَهَتْكُ حِجابها / إِذا احْتَجَبتْ في غَيْرِ أَيَّامِها ظُلْمُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025