القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 99
دَعِ الدارَ بِالبَحرَينِ تَعفو رُبوعُها
دَعِ الدارَ بِالبَحرَينِ تَعفو رُبوعُها / وَسُقها وَلَو لَم يَبقَ إِلّا نُسوعُها
وَخَلِّ أَحاديثَ المَطامِعِ وَالمُنى / أَلا إِنَّما أَشقى الرِجالِ طَمُوعُها
وَلا تَحسِدَن فيها رِجالاً بِشبعِها / فَخَيرٌ لَها مِن ذَلِكَ الشِبعِ جُوعُها
فَلا بُدَّ لِلمُنحي عَلى الزادِ وَحدَهُ / إِذا ما اِمتَلا مِن هَوعَةٍ سَيصُوعُها
وَإِن دَولَةٌ وَلَّت قَفاها فَوَلِّها / قَفاكَ فَأَعيى كُلّ شَيءٍ رُجوعُها
وَلا تَتعَبَن في نُصحِ مَن غابَ رُشدُهُ / وَهَوِّن فَخَفّاضُ المَباني رَفُوعُها
لَعَلَّ ذُرىً تَهوي فَتَعلُوا أَسافِلٌ / لِذاكَ فَرَفّاعُ البَرايا وَضُوعُها
وَبِع بِالقِلى دارَ المَهانَةِ وَالأَذى / فَما الرابِحُ المَغبوطُ إِلّا بَيُوعُها
وَلا تَتَّكِل عَجزاً وَلُؤماً وَذِلَّةً / عَلى قَولِهِم بَغيُ الرِجالِ صَرُوعها
مَتى صُرِعَ الباغي فَعاشَ قَتيلُهُ / بَلى طالَما أَردى النُفوسَ هَلُوعُها
وَحَسبُكَ مِن لَومِ الرَذايا فَإِنَّها / تُقِلُّ وَتَقمى أَن يُرَجّى سُطوعُها
فَقَد غَرَّها شُعٌّ يُسَدّيهِ جَهلُها / وَهَل عَن ضِعافِ المُولِ يُغني شُعُوعُها
إِذا نَفَرَت عَن قَريَةٍ طَيرُ سَعدِها / فَما يُرتَجى إِلّا بِبَخسٍ وقُوعُها
تُهَدِّدُ بِالرَمضاءِ قَوماً أَصُولُها / نَشَت في لَظىً مُذ أَنبتَت وَفُرُوعُها
وَتَطلُبُ إِجفالَ القَناطِرِ بِالنَوى / وَوَقعُ بِغالٍ فَوقَها لا يَضُوعُها
وَتَكسُو سَرابيلَ المَديحِ مَعاشِراً / تَنابِلَةً أَبواعُها لا تَبُوعُها
عَدِمتُ رِجالاً لا لِضَيمٍ إِباؤُها / إِذا غَضِبَت أَو لا لِحَقٍّ نُجوعُها
مَتى لَم تَرُعها بِتَّ مِنها مُرَوَّعاً / وَتَأمَنُ مِن مَكروهِها إِذ تَروعُها
أَلا يا لقَومي الأَكرَمينَ مَتى أَرى / بِنا الخَيلَ تَهوي مُطبِقاتٍ صُروعُها
عَلَيهنَّ مِنّا فِتيَةٌ عَبدَلِيَّةٌ / جَرِيٌّ مُزَجّاها جَوادٌ مَنُوعُها
مُقَدَّمَةٌ أَسلافُها في ظَعائِنٍ / حِسانِ المَجالي طَيبّاتٍ رُدُوعُها
وَقَد جَعَلت نَخلَين خَلفَاً وَيَمَّمَت / قُرى الشامِ أَو أَرضَ العِراقِ نجُوعُها
فَخَيرٌ لَعَمرِي مِن بَساتينِ مُرغَمٍ / عَلى ذي المَجاري طَلحُ نَجدٍ وَشُوعُها
وَمِن ماءِ نَهرِ الجَوهَرِيَّةِ لَو صَفَا / ذُبابَةُ حَسيٍ لا يُرَجّى نُبُوعُها
وَمِن مَروَزِيٍّ بِالقَطيفِ وَلالِسٍ / عَباءٌ بوَادي طَيّئٍ وَنُطُوعُها
وَمِن لَحمِ صافٍ في أَوَال وَكَنعَدٍ / ضِبابٌ وَجُرذانٌ كَثيرٌ خُدُوعُها
أَما سَهمُنا في بَحرها المِلحُ ماؤُهُ / وَفي نَخلِها العُمِّ الطَوادي جُذُوعُها
وَلَيسَ لَنا في الدُرِّ إِلّا مَحارُهُ / وَلا في عُذُوقِ النَخلِ إِلّا قُمُوعُها
فَبُعداً لِدارٍ خَيرُها لِعَدُوِّها / وَقَومٍ بِأَسوا كُلِّ حَظٍّ قَنُوعُها
فَعَزماً فَقَد طالَت مُداراتُنا العِدى / وَطالَ بِسُوءِ الغَيثِ فِينا ولُوعُها
فَإِنَّ لَنا مِن مَورِدِ الذُلِّ مَنزَعاً / إِلى غَيرِهِ وَالأَرضُ جَمٌّ صُقُوعُها
فَلا دارَ إِلّا حَيثُ يُهتَضَمُ العِدَى / وَلا عِزَّ إِلّا حَيثُ يَبدُو خضُوعُها
سَتَعلَمُ لَكِن حَيثُ لا العِلمُ نافِعٌ / ذَوُو الجَهلِ مَن ضَرّارُها وَنفوعُها
إِذا أَقبَلَت شُعثُ النَواصي تَضُمُّها / عَلَيهِم مَساعيرُ الوَغى وَتَصُوعُها
أَلَسنا حُماةَ الحَيِّ وَالخَيلُ تَدَّعي / إِذا فَرَّ خَوفاً مِن لَظاها شَكُوعُها
بِنا يُمنَعُ الثَغرُ المَخُوِفُ وَعِندَنا / رياضُ النَدى يَزدادُ حُسناً وَشوعُها
نعُدُّ إِذا نَحنُ اِنتَمَينا أُبُوَّةً / تُوازِنُ هاماتِ الرِجالِ شُسُوعُها
وَما زالَ فينا لا يُدافعُ ذاكُمُ / رَبيعُ مَعَدٍّ كُلِّها وَرُبُوعُها
إِذا هَضبَةٌ لِلعِزِّ طالَت فِراعُها / فَلا تَلقَنا إِلّا وَمِنّا فُرُوعُها
تَلُوذُ بِنا عَليا مَعَدٍّ إِذا جَنَت / فَيَأمَنُ جانِيها وَيهدى مَرُوعُها
بِنا يَأكُلُ الصَعوُ البُزَاةَ وَيَتَّقي / شَذا الأَخطَلِيّاتِ الحَرامَى خمُوعُها
عَفاءٌ عَلى البَحرَينِ لَو قيلَ أَينَعَت / زَنابيرُ واديها وَجادَت زُرُوعُها
فَهَل ذاكَ إَلّا لِلعَدُوِّ وَعُصبَةٍ / سَيَشقى بِها مَتبوعُها وَتَبُوعُها
لَقَد صَدَّعُوا عَمداً عَصاها فَلا اِلتَقَت / وَلا اِلتَأَمَت إِلّا عَلَيهم صُدُوعُها
لَعَمرُكَ ما عَيني بِعَينٍ إِذا اِلتَقَى / هُجوعُ مَعاوِينِ العِدى وَهجوعُها
فَإِن رَضِيَت قَومي بِنَقصِي فَلي غِنىً / بِنَفسي وَجَلّابُ المَنايا دَفُوعُها
مَتَى لَم أَضِق ذَرعاً بِأَرضٍ فَإِنَّني / لَدى الهَمِّ جَوّابُ المَوامي ذَرُوعُها
يُشَيِّعُني قَلبٌ إِلى العِزِّ تائِقٌ / وَنَفسٌ إِلى العَليا شَديدٌ نُزُوعُها
أُشَرِّفُها مِن أَن يَكُونَ إِباؤُها / لِواجِبِ حَقٍّ أَو لِضَيمٍ خُنوعُها
وَما أَنا في السَرّاءِ يَوماً فَرُوحُها / وَلا أَنا في الضَرّاءِ يَوماً جَزُوعُها
سأُنزِلُها المَلحُودَ أَو رَأسَ هَضبَةٍ / مِنَ العِزِّ يُعيي كُلَّ راقٍ طُلوعُها
وَما طَلَبي العَلياءَ إِرثُ كَلالَةٍ / فَيَقصُرُ خَطوي دُونَها فَأَسُوعُها
عَلَيَّ لَها سَعيُ الكِرامِ فَإِن أَمُت / فَوَهّابُها سَلّابُها وَنَزُوعُها
يا باكِياً لِدِمنَةٍ وَأَربُعِ
يا باكِياً لِدِمنَةٍ وَأَربُعِ / اِبكِ عَلى آلِ النَبِيِّ أَو دَعِ
يَكفيكَ ما عايَنتَ مِن مُصابِهِم / مِن أَن تبكّي طَلَلاً بِلَعلَعِ
تُحِبُّهُم قَلبي وَتَبكي غَيرَهُم / إِنَّكَ فيما قُلتَهُ لَمُدَّعِ
أَما عَلِمتَ أَنَّ إِفراطَ الأَسى / عَلَيهِمُ عَلامَةُ التَشَيُّعِ
أَقوَت مَغانيهِم فَهُنَّ بِالبُكا / أَحَقُّ مِن وادي الغَضا وَالأَجرُعِ
يا لَيتَ شِعري مَن أَنُوحُ مِنهُمُ / وَمَن لَهُ يَنهَلُّ فَيضُ أَدمُعي
أَلِلوَصِيِّ حينَ في مِحرابِهِ / عُمِّمَ بِالسَيفِ وَلَمّا يَركَعِ
أَم لِلَّذي أَودَت بِهِ جَعدَتُهُم / يَومَئِذٍ بِكاسِ سُمٍّ مُنقِعِ
وَإِنَّ حُزني كَقَتيلِ كَربَلا / لَيسَ عَلى طُولِ البِلى بِمُقلِعِ
إِذا ذَكَرتُ يَومَهُ تَحَدَّرَت / مَدامِعي لِأَربَعٍ في أَربَعِ
يا راكِباً نَحوَ العِراقِ جُرشُعا / يُنمَى لِعَبدِيِّ النِّجارِ جُرشَعِ
إِذا بَلَغتَ نِينَوى فَقِف بِها / وُقُوفَ مَحزُونِ الفُؤادِ مُوجَعِ
وَاِلبِس إِذا اِسطَعتَ بِها ثَوبَ الأَسى / وَكُلَّ ثَوبٍ لِلعَزاءِ فَاِخلَعِ
فَإِنَّ فِيها لِلهُدى مَصارِعاً / رائِعَةً بِمثلِها لَم يُسمَعِ
فَاِسفَح بِها دَمعَكَ لا مُستَبقِياً / في غَربِهِ وَبُح غَراماً وَاِجزَعِ
فَكُلُّ دَمعٍ ضائِعٌ مِنكَ عَلى / غَيرِ غَريبِ المُصطَفى المُضَيَّعِ
لِلّهِ يَوماً بِالطُفوفِ لَم يَدَع / لِمُسلِمٍ في العَيشِ مِن مُستَمتَعِ
يَومٌ بِهِ اِعتَلَّت مَصابيحُ الدُجى / بِعارِضٍ مِنَ الضَلالِ مُفزِعِ
يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ مِن دَعامَةٍ / تَشُدُّ رُكنَ الدِينِ لَم تُضَعضَعِ
يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ مِن داعِيَةٍ / تَدعُو إِلى الشَيطانِ لَم تُبتَدَعِ
يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ مِن غَمامَةٍ / تُحيي ثَرى الإِسلامِ لَم تُشَيَّعِ
يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ قَطُّ رايَةٌ / تَهدي إِلى ضَلالَةٍ لَم تُرفَعِ
يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ قَطُّ مارِنٌ / وَمَعطِسٌ لِلحَقِّ لَم يَنجَدِعِ
يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ مِن وَسيلَةٍ / حقّاً لِآلِ المُصطَفى لَم تُقطَعِ
يَومٌ بِهِ الكَلبُ الدَريعُ يَعتَدِي / عَلى هِزبَرِ الغابَةِ المُدَرَّعِ
يَومٌ بِهِ غُودِرَ سِبطُ المُصطَفى / لِلعاسِلاتِ وَالضِباعِ الخُمَّعِ
لَهفي لَهُ يَدعُو الطّعان مُعلِناً / دُعاءَ مَأمُونِ الفِرارِ أَروَعِ
يَقُولُ يا شَرَّ الأَنامِ أَنتُمُ / أَكفَرُ مِن عادٍ وَقَومِ تُبَّعِ
كاتَبتُمُوني بِالمَسيرِ نَحوَكُم / وَقُلتُمُ خُذ في المَسيرِ أَو دَعِ
فَنَحنُ طَوعٌ لَكَ لَم نَنسَ الَّذي / لَكُم مِن العَهدِ وَلَم نُضَيِّعِ
حَتّى إِذا جِئتُ لِما يُصلِحُكُم / مِن إِرثِ جَدّي وَذرَارِيهِ مَعي
لَقِيتُمُوني بِسُيُوفٍ في الوَغى / مُنتَضَياتٍ وَرِماحٍ شُرَّعِ
هَل كانَ هَذا في سِجِلّاتِكُمُ / يا شَرَّ مَرأىً لِلوَرى وَمَسمَعِ
هَل لَكُمُ أَن تَفُوا بِبَيعَتي / أَن تَسمَحُوا لي عَنكُمُ بِمَرجعِ
قالَوا لَهُ هَيهاتَ ذاكَ إِنَّهُ / ما لَكَ في سَلامَةٍ مِن مَطمَعِ
بايِع يَزيداً أَو تَرى سُيوفَنا / هامَكُمُ يَقَعنَ كُلَّ مَوقِعِ
فَعِندَها جَرَّدَ سَيفاً لَم يَضَع / نِجادَهُ مِنهُ عَلى أَيِّ مَوضِعِ
وَعاثَ في أَبطالِهِم حَتّى اِتَّقى / مِن بَأسِهِ الحاسِرُ بِالمُقنَّعِ
وَحَولَهُ مِن صَحبِهِ كُلُّ فَتىً / حامي الذِمارِ بَطَلٍ سَمَيذَعِ
كَم غادِرٍ غادَرَهُ مُجَدَّلاً / وَالخَيلُ تُردي وَالكُماةُ تَدَّعي
حَتّى رَماهُ الرِجسُ شُلّت يَدُهُ / عَن بارِعِ الرَميَةِ صُلبِ المَنزَعِ
فَخَرَّ وَالهَفا لَهُ كَأَنَّما / عَلَيهِ رَدعٌ أَو خَلوقٌ أَودَعِ
مِن بَعدِ أَن لَم يَبقَ مِن أَنصارِهِ / غَيرُ طعامِ أَنسُرٍ وَأَضبُعِ
ثَمَّتَ مالُوا لِلخيامِ مَيلَةً / قالَت لِرُكنِ الدِينِ إِيهاً فَقَعِ
ضَرباً وَنَهباً وَاِنتِهاكَ حُرمَةٍ / وَذَبحَ أَطفالٍ وَسَلبَ أَذرُعِ
لَقَد رَأَوا في الفِكرِ تَعساً لَهُم / رَأيَ قُدارٍ رَأَيُهُم فَيَصدَعِ
وَأَينَ عَقرُ ناقَةٍ مِمّا جَنَوا / يا لَلرِجالِ لِلفِعالِ الأَشنَعِ
ما مِثلُها في الدَهرِ مِن عَظيمَةٍ / لَقَد تَعَدَّت كُلَّ أَمرٍ مُفظِعِ
تُسبى ذراري المُصطَفى مُحمَّدٍ / رِضاً لِشانيهِ الزَنيمِ الدُكَّعِ
يا لَهفَ نَفسي لِلحُسَينِ بِالعَرا / وَقَد أُقيمَ أَهلُهُ بِجَعجَعِ
لَهفي لِمَولايَ الشَهيدِ ظامِئاً / يُذادُ عَن بَحرِ الفُراتِ المُترَعِ
لَم تَسمحِ القَومُ لَهُ بِشَربَةٍ / حَتّى قَضى بِغُلَّةٍ لَم تُنقَعِ
لَهفي لَهُ وَالشَمرُ فَوقَ صَدرِهِ / لِحَينِ أَوداجٍ وَهَشمٍ أَضلُعِ
لَهفي لَهُ وَرَأسُهُ في ذائِلٍ / كَالبَدرِ يزهى في أَتَمِّ مَطلَعِ
لَهفي لِثَغرِ السِبطِ إِذ يَقرَعُهُ / مَن سَيَوَدُّ أَنَّهُ لَم يُقرَعِ
يا لَهفَ نَفسي لِبناتِ أَحمَدٍ / بَينَ عِطاشٍ في الفَلا وَجُوَّعِ
يُسَقنَ في ذُلِّ السِبا حَواسِراً / إِلى الشآمِ فَوقَ حَسرِ أَضلُعِ
يَقدُمُهُنَّ الرَأسُ في قَناتِهِ / هَدِيَّةً إِلى الدَعِيِّ اِبنِ الدَعِي
يَندُبنَ يا جَدَّهُ لَو رَأَيتَنا / نُسلَبُ كُلَّ مِعجَرٍ وَبُرقُعِ
نُهدَى إِلى الطاغي يَزيد لُعثاً / شُعثاً بِأَسوا حالَةٍ وَأَبدَعِ
يَحدي بِنا حادٍ عَنيفٌ سَيرُهُ / لَو قِيلَ إِرتَع ساعَةً لَم يَرتَعِ
يُتعِبُنا السَيرُ فَيَستَحِثُّنا / إِذا تَخَلَّفنا بِضَربٍ مُوجِعِ
وَلَو تَرى السَجّانَ في كُبُولِهِ / يَضرِبُ ضَربَ النَعَمِ المِسلَعِ
يَعزِز عَلَيكَ جَدَّنا مُقامُنا / وَمَصرَعٌ في الطفِّ أَيُّ مَصرَعِ
اِستَأصَلوا رِجالَنا وَما اِكتَفوا / بِسَبيِ نِسوانٍ وَذَبحِ رُضَّعِ
ثُمَّ يَصِحنَ يا حُسَينَاهُ أَما / بَعدَ فِراقِ اليَومِ مِن تَجَمُّعِ
خَلَّفتَنا بَعدَكَ وَقفاً محجِراً / عَلى الحَنينِ وَالنَوى وَالجَزَعِ
واعَجَباً لِلأَرضِ كَيفَ لَم تَثُخ / وَلِلسَماءِ كَيفَ لَم تُزَعزَعِ
فَلَعنَةُ الرَحمَنُ تَغشى عُصبَةً / غَزَتهُمُ وَعُصبَةً لَم تدفَعِ
يا آل طَهَ أَنتُمُ وَسيلَتي / عِندَ الإِلَهِ وَإِلَيكُم مَفزَعي
واليتُكُم كَيما أَكونَ عِندَكُم / تَحتَ لِواءِ الأَمنِ يَومَ الفَزَعِ
وَإِن مَنَعتُم أَن يُوالي غَيرَكُم / إِن يَردِ الحَوضَ غَداً لَم يُمنَعِ
إِلَيكُمُ نَفثَةَ مَصدُورٍ أَتَت / مِن مُقحَمِ الشِعرِ إِلى مِصقَعِ
مَغرِبيٌّ عَرَبيٌ طَبعُهُ / وَنَجرُهُ وَلَيسَ بِالمُدَرَّعِ
يُنمى إِلى البَيتِ العُيونِيِّ إِلى / أَجَلِّ بَيتٍ في العُلى وَأَرفَعِ
عَلَيكُمُ صَلّى الإِلَهُ وَسَقى / أَجَلّ بَيتٍ في العُلى وَأَرفَعِ
رِدى مُرَّ الحتُوفِ وَلا تُراعِي
رِدى مُرَّ الحتُوفِ وَلا تُراعِي / فَما خَوفُ المَنِيَّةِ مِن طِباعي
وَعَزماً صادِقاً فَلَكَم مَضيقٍ / بِصِدقِ العَزمِ صارَ إِلى اِتِّساعِ
وَمَن هابَ المَنيَّةَ أَدرَكَتهُ / وَماتَ أَذَلَّ مِن فَقعٍ بِقاعِ
ذَريني وَالمُلوكَ بِكُلِّ أَرضٍ / أُكايلُها الرَدى صاعاً بِصاعِ
فَما أَيمانُهُم تَعلو شمالي / وَلا أَبواعُهُم تَعدُو ذِراعي
تُخَوِّفُني اِبنَةُ العَبديِّ حَتفي / وَإِقحامي المَهالِكَ وَاِفتِراعي
وَتَعذِلُني عَلى إِنفاقِ مالي / وَتَزعُم أَنَّهُ لِلفَقرِ داعِ
فَقُلتُ لَها وَقَد أَربَت وَزادَت / رُوَيدَكِ لا شَقيتِ فَلَن تُطاعي
أَما وَالأَريَحيَّةِ إِنَّ سَمعي / لِما تَهذي العَواذِلُ غَيرُ واعِ
أَأَحفلُ بِالفِراقِ وَكُلُّ شِعبٍ / تُصَيِّرُهُ المَنونُ إِلى اِنصِداعِ
وَأَرهبُ أَن أَمُوتَ وَكُلُّ حَيٍّ / سَينعاهُ إِلى الأَقوامِ ناعِ
وَأَخشى الفَقرَ وَالدُنيا مَتاعٌ / وَرَبّي بِالكِرامِ أَبَرُّ راعِ
دَعيني أَركَبُ الأَهوالَ إِنّي / رَأَيتُ رُكوبَها فيهِ اِتِّداعي
فَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ / إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ
فَإِنَّ بِأَرضِنا بَقَراً شِباعاً / وَلَكِن بَينَ آسادٌ جِياعِ
وَهَل يَهنا البَهيمَةَ خِصبُ مَرعىً / إِذا ما آنَسَت صَوتَ السِباعِ
إِذا راعَ الوداعُ قُلوبَ قَومٍ / فَلي قَلبٌ يَحِنُّ إِلى الوداعِ
وَإِن يَنزَع إِلى الأَوطانِ غِمرٌ / فإِنَّ إِلى النَوى أَبَداً نِزاعي
يُراعُ لِفُرقَةِ الأَوطانِ نِكسٌ / ضَعيفُ العَزمِ أَخلى مِن يَراعِ
وَكَم مِن فُرقَةٍ طالَت فَكانَت / بُعَيدَ اليَأسِ داعِيَةَ اِجتِماعِ
تُقارِعُني الحَوادِثُ عَن مُرادي / وَأَرجُو أَن يُذلِّلَها قِراعي
وَإِنّي وَالعُلى فَرَسا رِهانٍ / كَما أَنا وَالنَدى أَخَوا رَضاعِ
وَلَستُ إِذا الهُمومُ تَأَوَّبَتني / مُلاقيها بِآراءٍ شَعاعِ
وَلَكِنّي سَأَلقاها بِعَزمٍ / وَباعٍ في المَكارِمِ أَيّ باعِ
سَئِمتُ تَقَلُّبي فَوقَ الحَشايا / وَنَومي بِالهَواجِرِ وَاِضطِجاعي
إِذا يَوماً نَبَت بي دارُ قَومي / فَما تَنبُو المَطِيُّ عَنِ اِنتِجاعي
سَأَطلُبُ حَقَّ آبائِي وَحَقّي / وَلَو مِن بَينِ أَنيابِ الأَفاعي
وَإِنَّ المَوتَ في طَلَبِ اِرتِفاعٍ / لَدَيَّ وَلا حَياتي في اِتِّضاعِ
وَثَوبُ اللَيثِ فِيَّ إِذا تَبَدَّت / فَريسَتُهُ وَإِطراقُ الشُجاعِ
يُخادِعُني عَنِ العَليا رِجالٌ / وَأَينَ بَنو الفَواعِلِ مِن خِداعي
أَأَبقَى تابِعاً وَلَدَيَّ فَضلٌ / يَسومُ الناسَ كُلَّهُمُ اِتِّباعي
يُطاوِلُني بِقَومي كُلُّ عَبدٍ / تَنَقَّلَ مِن لَكاعٍ في لَكاعِ
أَهُمُّ بِهَجوِهِم فَأَرى ضَلالاً / هِجائي دونَ رَهطِ اِبنِ الرِقاعِ
أَنا اِبنُ السابِقينَ إِلى المَعالي / وَأَربابِ المَمالِكِ وَالمَساعي
حَلَلنا مِن رَبيعَةَ في ذُراها / وَجاوَزنا الفُروعَ إِلى الفِراعِ
وَقَد عَلِمت نِزارٌ أَنَّ قَومي / سُيوفُ ضِرابها يَومَ المَصاعِ
وَأَنّا المانِعُونَ حِمى مَعَدٍّ / وَأَهلُ الذَبِّ عَنها وَالدِفاعِ
نُهينُ لَها التِلادَ وَلا نُحاشي / وَنُوطِئُها البِلادَ وَلا نُراعي
وَنَشري البَيِّعاتِ بِكُلِّ خَطبٍ / عَناها لا لِبَيعٍ وَاِبتِياعِ
وَما زالَت مَدى الأَيّامِ فينا / لَها راعٍ وَساعٍ أَيّ ساعِ
وَما حِفظُ العُلى وَالمَجدِ شَيءٌ / مِنَ الأَشياءِ كَالمالِ المُضاعِ
وَإِن نَفخَر نِجِيءُ بِكُلِّ مَلكٍ / حَليمٍ قادِرٍ عاصٍ مُطاعِ
بَنَينا عِزَّنا وَرَسى عُلانا / بِضَربِ الهامِ وَالكَرَمِ المُشاعِ
بِنا يَستَنسِرُ العُصفُورُ تِيهاً / وَتَخشى الأسدُ صَولاتِ الضِباعِ
وَمَجهولٌ إِذا يُعزى كَشَيءٍ / وَإِنسانٌ وَأَخفى مِن نُخاعِ
تَرَكناهُ كَأَنتَ وَذا وَأَضحى / كَمِثلِ الطَودِ ما بَينَ البِقاعِ
وَإِرِّيسٍ جَعَلناهُ رَئيساً / يَسومُ الناسَ غَيرَ المُستَطاعِ
فَصارَ يُعَدَّ ذا رَأيٍ وَعَقلٍ / وَكانَ يُعَدَّ في الهَمَجِ الرِعاعِ
وَأَرعَنَ باذِخٍ صَعبِ المَراقي / صَكَكناهُ فَآذن بِاِنقِشاعِ
فَلا يَستَغرِقَنَّ الحُمقُ قَوماً / فَكَم مِن رفعَةٍ سَبَبُ اِتِّضاعِ
فَإِنَّ سُيُوفَنا ما زالَ فيها / شِفاءٌ لِلرُؤوسِ مِن الصُداعِ
يَخَبِّرُ تُبَّعٌ عَنها وَكِسرى / بِذا وَالمُنذِرانِ وَذُو الكَلاعِ
فَكَم قِدماً رَبَعنا مِن رُبوعٍ / بِهنَّ وَكَم أَبَرنا مِن رَباعِ
إِلام أُورِدُ عُتباً غَيرَ مُستَمَعِ
إِلام أُورِدُ عُتباً غَيرَ مُستَمَعِ / وَأُنفِقُ العُمرَ بَينَ اليَأسِ وَالطَمَعِ
وَكَم أُحيلَ عَلى الأَيّامِ مُفتَرِياً / ما تُحدِثُ البدعُ النَوكَى مِن البِدَعِ
آلَيتُ أَنفَكُّ مِن حِلٍّ وَمُرتَحَلٍ / أَو أَن تَقولَ لِيَ الآمالُ خُذ وَدَعِ
لا صاحَبَتنِيَ نَفسٌ لا تُبَلِّغُني / مَراتِبَ العِزِّ لَو في ناظِرِ السَبُعِ
سَيَصحَبُ الدَهرَ مِنّي ماجِدٌ نَجِدٌ / لَو داسَ عِرنِينَ أَنفِ المَوتِ لَم يُرَعِ
أَأَقبَلُ النَقصَ وَالآباءُ مُنجِبَةٌ / وَالبَيتُ في المَجدِ ذُو مَرأىً وَمُستَمَعِ
لَأَركَبَنَّ مِنَ الأَهوالِ أَعظَمَها / هَولاً وَما يَحفَظُ الرَّحمنُ لَم يُضَعِ
وَلا أَكونُ كَمَن يَسعى وَغايَتُهُ / وَمُنتَهى سَعيِهِ لِلرِّيِّ وَالشِبَعِ
أَيذهَبُ العُمرُ لا يَخشى مُعانَدَتي / خَصمي وَجاري بِقُربي غَيرُ مُنتَفِعِ
وَبَينَ جَنبَيَّ عَزمٌ يَقتَضي هِمَماً / لَو ضَمَّها صَدرُ هَذا الدَهرِ لَم يَسَعِ
فَلا رَعى اللَهُ أَرضاً لا أَكونُ بِها / سُمّاً لِمُستَنكِفٍ غَيثاً لِمُنتَجِعِ
كَم عايَنَ الدَهرُ مِنّي صَبرَ مُكتَهِلٍ / إِذ لَيسَ يُوجَدُ صَبرُ العودِ في الجَذَعِ
وَكَم سَقاني مِن كَأسٍ عَلى ظَمَأٍ / أَمَرَّ في الطَعمِ مِن صابٍ وَمِن سَلَعِ
وَما رَمَتني بَكرٌ مِن نَوائِبهِ / إَلّا صَكَكتُ بِصَبري هامَةَ الجَزَعِ
سَلِ الأَخِلّاءِ عَنّي هَل صَحِبتُهُمُ / يَوماً مِنَ الدَهرِ إِلّا وَالوَفاءُ مَعي
أَلقى مُسيئَهُمُ بِالبِشرِ مُبتَسِماً / حَتّى كَأَن لَم يَخُن عَهداً وَلَم يُضِعِ
وَسَلهُمُ هَل وَفى لي مِن ثِقاتِهمُ / حُرٌّ وَلَم يَشرِ في نَقضي وَلَم يَبِعِ
ثَكِلتُهُم ثُكلَ عَينٍ ما تَبَطَّنَها / مِنَ القَذى أَو كَثُكلِ العُضوِ لِلوَجَعِ
لَقَد تَفَكَّرتُ في شَأني وَشَأنِهمُ / فَبانَ لي أَنَّ ذَنبي عِندَهُم وَرَعي
فآهِ مِن زَفَراتٍ كُلَّما صَعَدَت / في الصَدرِ كادَت تُوَرّي النار مِن ضِلعي
يَسُوقُها أَسَفٌ قَد ثارَ مِن نَدَمٍ / يُربي عَلى نَدَمِ المَغبُونِ مِن كُسَعِ
وَلَيسَ ذاكَ عَلى مالٍ نَعِمتُ بِهِ / حِيناً وَأَفناهُ صَرفُ الأَزلَمِ الجَذِعِ
وَلا عَلى زَلَّةٍ أَخشى عَواقِبَها / وَالناسُ حِزبانِ ذُو أَمنٍ وَذُو فَزَعِ
لَكِن عَلى دُرَرٍ تَزهُو جَواهِرُها / في عِقدِ كُلِّ نِظامٍ غَيرِ مُنقَطِعِ
تَوَّجتُها مَعشَراً لا أَبتَغي عِوَضاً / عَنها وَإِنّيَ في قَومي لَذُو قَنَعِ
وَكُنتُ أَولى بِها مِنهُم وَكَم مِنَنٍ / ضاعَت وَما فائِتٌ يَمضي بِمُرتَجَعِ
وغَرَّني مِنهُمُ لَفظٌ خُدِعتُ بِهِ / وَالناسُ ما بَينَ مَخدوعٍ وَمُختَدِعِ
فَلو تَكونُ إِلى الأَصدافِ نِسبَتُها / لَكانَ لِي كَرَمٌ يَنهى عَن الهَلَعِ
لَكِنَّها الجَوهَرُ الطَبعِيُّ قَد أَمِنَت / مِنَ التَشَظّي مَدى الأَيّامِ وَالطَبَعِ
ليُبعِدَنِّيَ عَنهُم شَدُّ ناجِيَةٍ / وَجناءَ غُفلٍ مِن التَوقِيعِ وَالوَقَعِ
أَو ذاتُ قِلعٍ مِنَ العَيناءِ ما عُرِفَت / في زَجرِها بخَلٍ يَوماً وَلا هِدَعِ
وَلا رَغَت عِندَ حَملِ الثِقلِ مِن ضَجَرٍ / وَلا إلى هُبَعٍ حَنَّت وَلا رُبَعِ
تَجري مَعَ الريحِ إِن هَوناً وَإِن مَرَحاً / فَنِعمَ مُطلِعَةٌ مِن هَولِ مُطَّلِعِ
فَتِلكَ أَو هَذِهِ أَجلو الهُمومَ بِها / إِذا تَطاوَلَ لَيلُ العاجِزِ الضَرِعِ
يَأبى لِيَ المَجدُ أَن أَرضى بِغَيرِ رِضاً / وَرَأيِ ماضٍ وَعَزمٍ غَيرِ مُفتَرِعِ
ما أَقبَحَ الذُلَّ بِالحُرِّ الكَريمِ وَما / أَسوا وَأَقبَحَ مِنهُ العِزُّ بِاللُكَعِ
ما لي أُجمجِمُ في صَدري بَلابِلَهُ / وَمَنكِبُ الأَرضِ ذو مَنأىً وَمُتَّسَعِ
وَكُلُّ أَرضٍ إِذا يَمَّمتُها وَطني / وَكُلُّ قَومٍ إِذا صاحَبتهُم شِيَعي
وَلي مِنَ الفَضلِ أَسنَاهُ وَأَشرَفَهُ / وَهِمَّةٌ جاوَزَت بي كُلَّ مُرتَفِعِ
المَجدُ أَعتَقُ وَالآدابُ بارِعَةٌ / وَذِروَةُ المَجدِ مُصطافي وَمُرتَبَعي
لِيَ النَّباهَةُ طَبعٌ قَد عُرِفتُ بِهِ / وَكُلُّ مَعنىً مِنَ الأِلفاظِ مُختَرَعي
فَيَأسكُم مِن رُجُوعِي بَعدَ مُنصَرَفي / نِطافُ دِجلَةَ تُغنِيني عَنِ الجُرَعِ
سَيَعرِفُ الخاسِرُ المَغبُونُ صَفقَتَهُ / مِنّا وَمَن ضَيّعَ البازِيَّ بِالوَصَعِ
لا خَيرَ في مَنزِلٍ تَشقى الكِرامُ بِهِ / وَيُلحَقُ السَيِّدُ المَتبُوعُ بِالتَبَعِ
كَم لُمتُ قَومي لا بَل كَم أَمَرتُهُمُ / بِحَسمِ داءِ العِدا فيهِم فَلَم أُطَعِ
فَلَم أَجِد بَعدَ يَأسي غَيرَ مُرتَحَلي / عَنهُم لِهَمٍّ أسَلِّيهِ وَمُتَّدَعِ
فَإِن يُرِيعُوا أَرِع وَالعَقلُ مُكتَسَبٌ / وَالرَيعُ خَيرٌ وَمَن لِلعُميِ بِالرَسَعِ
غَرامٌ أَثارَتهُ الحَمامُ السَواجِعُ
غَرامٌ أَثارَتهُ الحَمامُ السَواجِعُ / ونارُ جَوىً أَذكَت لَظاها المَدامِعُ
وَقَلبٌ إِذا ما قُلتُ يُعقِبُ راحَةً / أَبَت حُرَقٌ تَأتي بِهِنَّ الفَجائِعُ
أَفي كُلِّ يَومٍ للحَوادِثِ عَدوَةٌ / لَها في سُوَيدَا حَبَّةِ القَلبِ صادِعُ
فَلو أَنَّ هَذا الدَهرَ لا دَرَّ دَرُّهُ / يُسالِمُ أَربابَ العُلى وَيُوادِعُ
وَلَكِنَّهُ يَختارُ كُلَّ مُهَذَّبٍ / لَهُ الفَضلُ فينا وَاللُهى وَالدَسائِعُ
أَبَعدَ اِبنِ إِبراهِيمَ يا دَهرُ يُبتَغى / إِلَيكَ خُلودٌ أَو تُرَجّى صَنائِعُ
تَعِستَ لَقَد عَلَّمتَنا بَعدَهُ البُكا / وَعَرَّفتَنا بِالثُكلِ ما الحُزنُ صانِعُ
فَتىً كانَ بَرّاً بِالعَشيرَةِ راحِماً / رَؤُوفاً بِها لا تَزدَهيهِ المَطامِعُ
وَلَم تَلقهُ في مَحفَلٍ مِن نَدِيِّهِ / يُشاري عَلى ما ساءَها وَيُبايِعُ
وَلَو شاءَ جازى بِالعُقوبَةِ قُدرَةً / وَلَكِن لَهُ مِن خَشيَةِ اللَهِ رادِعُ
يَصُدُّ عَن العَوراءِ حَتّى كَأَنَّما / بِهِ صَمَمٌ عَمّا يَقولُ المُقاذِعُ
كَريمُ الثَنا تَأبى الدَنِيَّةَ نَفسُهُ / هُمامٌ لِأَبوابِ الحَوادِثِ قارِعُ
لَهُ حِكَمٌ مَأثورَةٌ حينَ تَلتَقي / بِآرائِها عِندَ المُلوكِ المَجامِعُ
يَقولُ فَلا يُخطي إِذا ما تَأَخَّرَت / عَنِ القَولِ ساداتُ الرِجالِ المَصاقِعُ
جَميلُ السَجايا كُلَّما اِزدادَ رِفعَةً / تَواضَعَ حَتّى قيلَ ماذا التَواضُعُ
سَواءٌ عَلَيهِ في القَضِيَّةِ مَن دَنَت / بِهِ الرَحِمُ القُربى وَمَن هُوَ شاسِعُ
نَشا مُذ نَشا لَم يَدرِ ما الجَهلُ وَالخَنا / وَسادَ بَني أَيّامِهِ وَهوَ يافِعُ
وَلا عَرَفَ العَوراءَ يَوماً وَلا اِنتَحى / إِلى خطَّةٍ يَبغي بِها مَن يُقاذِعُ
إِذا قيلَ مَن أَوفى مَعَدٍّ بِذِمَّةٍ / أَشارَت إِلَيهِ بِالبَنانِ الأَصابِعُ
لَقَد فُجعَت غُنمٌ وَبَكرٌ وَطُوطِئَت / لِمَهلِكِهِ أَكتادُها وَالقَبائِعُ
كَما فُجِعَت مِن قَبلِهِ بِجِدُودِهِ / بَنُو جُشَمٍ وَالمَجدُ لِلمَجدِ تابِعُ
فَصَبراً بَنِي مَستُور فَالدَهرُ هَكَذا / وَكُلٌّ عَلَيهِ لِلمَنايا طَلائِعُ
فَفيكُم بِحَمدِ اللَهِ حِصنٌ وَمَعقِلٌ / وَنُورٌ مُبينٌ يَملَأُ الأُفقَ ساطِعُ
فَمَن كانَ عَبدُ اللَهِ مِنهُ خَليفَةً / فَما ماتَ إِلّا شَخصُهُ لا الطبائِعُ
فَتىً لَم يَزَل مُذ كانَ قَبلَ اِحتِلامِهِ / يُدافِعُ عَنكُم جاهِداً وَيُصانِعُ
فَما عاشَ فَالبَيتُ الرَفيعُ عِمادُهُ / يَطولُ عَلى الأَيّامِ وَالرَبعُ واسِعُ
وُقِيتَ الرَدى وَالسُوءَ يا با مُحمَّدٍ / وَحَلَّت بِمَن يَهوَى رَداكَ القَوارِعُ
تَعَزَّ فَكُلٌّ سَالِكٌ لِسَبيلِهِ / وَكُلُّ اِمرِئٍ مِن خَشيَةِ المَوتِ جازِعُ
وَنَحنُ سَواءٌ في المُصابِ وَإِن نَأَت / بِنا الدارُ فَالأَرحامُ مِنّا جَوامِعُ
وَلا شَكَّ مِنّا في التَأَسّي وَإِنَّما / نُعَزِّيكَ إِذ جاءَت بِذاكَ الشَرائِعُ
دَعُوهُ فَخَيرُ الرَأيِ أَن لا يُعَنَّفا
دَعُوهُ فَخَيرُ الرَأيِ أَن لا يُعَنَّفا / فَلو كانَ يَشفِي داءَهُ اللَوم لاِشتَفى
وَرِفقاً بِهِ يا عاذِليهِ فَإِنَّهُ / شَجِيٌّ وَقد قاسى مِنَ اللَومِ ما كَفى
فَلولا هَوىً لا يَملكُ العَزمَ عِندَهُ / لَكانَ حِمِيَّ الأَنفِ أَن يَتَعَطَّفا
وَلَكِنَّ مَن يَعشِق وَلَو كانَ ذا عُلىً / فَلا بُدَّ أَن يَعنُو وَأَن يَتَلَطَّفا
خَلِيلَيَّ قُوما فَاِسقِياني رُعِيتُما / سُلافَةَ خَمرٍ مُرَّةَ الطَعمِ قَرقَفا
بِكَفِّ نَديمٍ أَو تَراءَى بِحُسنِهِ / لِيَعقُوبَ لَم يَأسَف لِفُقدانِ يُوسُفا
وَلَو أَنَّهُ لِلبَدرِ لَيلَةَ تِمِّهِ / تَجَلّى لأَبدى غِيرَةً مِنهُ وَاِختَفى
نَظَلُّ بِعَينَيهِ نَشاوى وَثَغرِهِ / فَما نَتَحَسّى الكَأسَ إِلّا تَرَشُّفا
وَلا بَأَسَ لَو غَنَّيتُماني فَقُلتُما / رَعى اللَهُ بِالجَرعاءِ حَيّاً وَمَألَفا
بِخَفقِ المَثاني في ظِلالِ حَدائِقٍ / تَظَلُّ عَلى أَغصانِها الطَيرُ عُكَّفا
دُجَيلِيَّةٌ لَو حَطَّ غَيلانُ رَحلَهُ / بِها ساعَةً أَنسَتهُ حُزوى وَمُشرِفا
كَنِسيانيَ الأَوطانَ في ظِلِّ سَيِّدٍ / جَلى الغَمَّ عَن سَوداءِ قَلبي وَكَشَّفا
دَعانِيَ إِذ لَم آتِهِ مُتَعَرِّضاً / لِنَيلٍ وَأَدنى مِن مَكاني وَشَرَّفا
وَضاعَفَ إِكرامي وَبِرّي بَداهَةً / فَنَفسي فِداهُ ما أَبَرَّ وَأَلطَفا
وَما ضَرَّني مَع قُربِهِ أَنَّ مَنزِلي / وَقَومي بِأَكنافِ المُشَقَّرِ وَالصَفا
يَقُولُونَ ماتَ الأَكرَمونَ وَأَصبَحَت / بِحارُ النَدى قاعاً مِنَ الخَيرِ صَفصَفا
وَلَم يَبقَ في هَذا البَريَّةِ ماجِدٌ / يُلاذُ بِهِ إِن رَيبُ دَهرٍ تَعَجرَفا
فَقلتُ لَهُم أَخطَأتُمُ إِنَّ لِلنَدى / وَلِلجُودِ بَحراً يَقذِفُ الدُرَّ مُردفا
فَما دامَ فَخرُ الدينِ يَبقى وَنَسلُهُ / فَلا تَسأَلوا عَمَّن مَضى أَو تَخَلَّفا
فَإِن غالَهُم رَيبُ المَنونِ كَغَيرِهِم / فَقَولُوا عَلى الدُنيا وَأَبنائِها العَفا
وَمَن يَلقَ فَخرَ الدينِ يَلقَ اِبنَ تارحٍ / جَلالاً وَإِنسانِيَّةَ وَتَحَنُّفا
هُوَ الطاهِرُ الأَخلاقِ لا دِينُهُ رِيا / وَلا مَجدُهُ دَعوى وَلا جُودُه لَفا
سَليلُ مُلوكٍ لا تَرى في قَدِيمِهِ / لَئِيماً وَلا مُستَحدَثَ البَيتِ مُقرِفا
أَتى بَعدَهُم وَالدَهرُ قَد سَلَّ سَيفَهُ / عَلى الناسِ وَاِستَشرى بِحَدٍّ وَأَوجَفا
فَلَم يَثنِ مِنهُ ذاكَ باعاً وَلا يَداً / وَلا عَزمَةً لا بَل لآبائِهِ اِقتَفى
لَعَمري لَقَد أَحيا النَدى بَعدَ مَوتِهِ / وَجَدَّدَ رَبعاً لِلعُلى كانَ قَد عَفى
وَأَضحى بِهِ المَعروفُ غَضّاً وَأَصبَحَت / حِياضُ النَدى مِن فَيضِ كَفَّيهِ وُكَّفا
وَرَدَّ إِلى الآمالِ رُوحاً غَدَت بِها / تَنُوءُ وَكانَت مِن هَلاكٍ عَلى شَفا
تَرى الجُودَ وَالإِحسانَ فيهِ غَريزَةً / وَطَبعاً بِهِ سادَ الوَرى لا تَكَلُّفا
وَما ذاكَ إِلّا أَنَّهُ هانَ مالُهُ / عَلَيهِ فَأَعطى بِاِبتِسامٍ وَأَضعَفا
يُهيلُ عَلى سُوّالِهِ مِن نَوالِهِ / إِذا ما الجوادُ الغَمرُ كالَ وَطفَّفا
ضَحُوكٌ إِذا ما العامُ قَطَّبَ وَجهَهُ / عُبُوساً وَخَوّى كُلّ نَجمٍ وَأَخلَفا
عَلى أَنَّهُ البَكّاءُ في حِندِسِ الدُجى / خُشوعاً وَلَم يَصدِف عَن الرُشدِ مَصدَفا
بَلاهُ الإِمامُ البَرُّ حِيناً وَغَيرهُ / فَلَم يَرَ أَزكى مِنهُ نَفساً وَأَشرَفا
وَوَلّاهُ أَمرَ المُسلمينَ فَلَم يَرُع / تَقِيّاً وَلا راعى لِدُنياهُ مُسرِفا
وَلا خانَ بَيتَ المالِ جَهراً ولا خَفا / وَلا زاغَ عَن نَهجِ الإِمامِ وَلا هَفا
وَجَدنا الإِمامَ الناصِرَ المُهتَدى بِهِ / أَبَرَّ إِمامٍ بِالرَعايا وَأَرأَفا
فَلا عَدِمَ الإِسلامُ أَيّامَهُ الَّتي / أَقامَت بِدارِ المُشرِكينَ التَلَهُّفا
وَعاشَ الدَواميّونَ في ظِلِّ عِزِّهِ / يُصافُونَ مَن صافي وَيجفونَ مَن جَفا
فَإِنَّهُمُ زَينُ العِراقِ وَأَهلُهُ / وَسادَاتُ مَن وافى مِنىً وَالمُعرَّفا
أُجِلُّهُمُ عَن حاتِمٍ وَاِبنِ مامَةٍ / وَأَوسُ إِذا هَبَّت مِنَ الرِيحِ حَرجَفا
فَيا تارِكاً نَقلَ الأَحادِيثِ عَنهُمُ / وَيَنقُلُ أَخبارَ الأَوالي تَعَسُّفا
فِعالُهُمُ شَيءٌ تَراهُ حَقيقَةً / فَحَدِّث بِهِ وَاِلغِ الحَديث المُزَخرَفا
لِكُلِّ اِمرِئٍ مِمَّن لَهُ الفَضلُ خُلَّةٌ / بِها قَومُهُ صارُوا رُؤوساً وَآنفا
فَكَعبٌ جَوادٌ وَالزبيديُّ فارِسٌ / وَقَيسٌ حَليمٌ وَالسَمَوأَلُ ذُو وَفا
وَتِلكَ خِلالٌ فيهمُ قَد تَجَمَّعَت / فَكُلُّ فَتىً مِنهُم بِها قَد تَعَطَّفا
وَزادُوا خِلالاً لَو عَدَدتُ عَشيرَها / لَدَوَّنتُ فيها مُصحَفاً ثُمَّ مُصحَفا
فَيا قاصِدَ البَحرَينِ يُزجي شِمِلَّةً / كَأَنَّ عَلى أَشداقِها الهُدلِ كرسُفا
إِذا أَنتَ لاقَيتَ المُلوكَ بَني أَبي / أَريبَهُمُ وَالأَبلَخَ المُتَغَطرِفا
فَحَيِّهِمُ مِنّي تَحِيَّةَ وامِقٍ / عَطُوفٍ عَلى اِبنِ العَمِّ لَو عَقَّ أَو جَفا
وَقُل لَهُمُ لا تُغفِلُوا شُكرَ سَيِّدٍ / تَوَخّى أَخاكُم بِالكَرامَةِ وَاِصطَفى
وَمَن لَم يُوَفِّ اِبنَ الدَواميّ حَقَّهُ / عَلى مُوجِباتِ الشُكرِ مِنكُم فَما وَفى
فَقَد أَلبَسَ النَّعماءَ حَيّي رَبيعَةٍ / كَما أَلبَسَ النَعماءَ مِن قَبلُ خِندِفا
وَهَل يَكفُر الإِحسانَ إِلّا اِبنُ غيَّةٍ / يُقَلِّبُ قَلباً بَينَ جَنَبَيهِ أَغلَفا
وَيأَبى لِيَ الكُفرانَ أَنّي اِبنُ حُرَّةٍ / كَريمٌ مَتى صَرَّفتُ عَزمي تَصَرَّفا
وَإِنّي وَإِن كُنتُ الرَفيعَ عِمادهُ / لَأُثني عَلَيهِ بِالَّذي كانَ أَسلَفا
وَلا يَمنَعَنّي ذاكَ بَيتٌ بِناؤُهُ / أَنافَ عَلى هادي الثُرَيّا وَأَشرَفا
فَقَدتَ الرَدى يا با عَلِيٍّ إِلى العِدى / وَجُزتَ المَدى تُرجى وَتُخشى وَتُعتَفى
وَمُتِّعتَ بِالأَمجادِ أَبنائِكَ الأُلى / بِهم يُكتَفى في كُلِّ خَطبٍ وَيُشتَفى
وَلا بَرِحَت تَسطُو الخِلافَةُ مِنهُمُ / بِأَبيضَ تَدعُوهُ مُفيداً وَمُتلِفا
وَعاشَ مُعادِي مَجدِهِم وَحَسُودُهُم / يُكابِدُ غَمّاً لا يَرى عَنهُ مَصرفا
بُنَيَّ مُذ غِبتَ عَن عَينَيَّ ما عَرَفَت
بُنَيَّ مُذ غِبتَ عَن عَينَيَّ ما عَرَفَت / غمضاً وَلا بِتُّ إِلّا ساهِراً دَنِفا
وَلا سَمِعتُ بِشَخصٍ آبَ مِن سَفَرٍ / إِلّا حَنَنتُ وَأَعلَنتُ البُكا أَسَفا
قَضى أَخُوكَ حُسَينٌ نَحبَهُ وَمَضى / وَهَل سِواكَ تراهُ مِنهُ لِي خَلَفا
فَما مَرَرتُ بِقَبرٍ مُذ فُجِعتُ بِهِ / إِلّا وَصِحتُ بِأَعلى الصَوتِ وَا لَهَفا
فَاِرحَم أَباكَ فَلو أَبصَرتَ عَبرَتَهُ / وَكُلَّما كَفَّ مِن شأَنٍ لَها وَكَفا
قَد أَقرَحَ الدَمعُ عَينَيهِ وَقَد وَهَنَت / مِنهُ العِظامُ وَأَضحى الجِسمُ قَد نَحُفا
شَيخٌ أَنافَ عَلى السَبعينَ حَلَّ بِهِ / ثُكلٌ وَشَوقٌ فَإِن داما فَوَا تَلَفا
إِن لَم يَمُت خافَ أَن يَعمى وَمَن عَمِيَت / عَيناهُ ماتَ وَإِن لَم يَسكُنِ الجَدَفا
بُنَيَّ ما أَنتَ مِن أَهلِ العُقوقِ وَلا / عَوَّدتَني مِنكَ إِلّا البِرَّ وَاللُطَفا
فَرِقَّ لِي وَاِرث مِن هَمٍّ أُكابِدُهُ / شَوقاً إِلَيكَ وَحُزناً لِلّذي سَلَفا
وَاِدفَع بِلُقياكَ عَنّي وَحشَةً وَأَسىً / عَلى إِذابَةِ جِسمٍ بالضَنى اِختلَفَا
وَكُن جَوابَ كِتابي حينَ تَنشُرُهُ / وَأمُر بِشِدٍّ وَلَمّا تَبلُغِ الطَرَفا
وَلا تَكَلَّف لِرِزقٍ غُربَةً وَشَقا / الرِّزقُ آتٍ فَلا تَحمِل لَهُ كَلَفا
أَبَرُّ شُهُودِي أَنَّني لَكَ عاشِقٌ
أَبَرُّ شُهُودِي أَنَّني لَكَ عاشِقٌ / سُهادي وَسُقمي وَالدُمُوعُ الدَوافِقُ
فَجُودا بِلا مَنٍّ وَجُودَا بِلا أَذىً / فَما ماتَ مَومُوقٌ وَلا عاشَ وَامِقُ
فَلا عارَ في وَصلِ اِمرِئٍ ذِي صَبابَةٍ / فَذا الناسُ مُذ كانُوا مَشُوقٌ وَشائِقُ
وَلا تَحسَبِ الشَكوى الدَليلَ عَلى الهَوى / فَكَم صامِتٍ وَالدَمعُ عَن فيهِ ناطِقُ
لَقَد مُنِعَ النُطقَ اللِسانُ وَعاقَهُ / عَنِ البَثِّ وَالشَكوى مِن البَينِ عائِقُ
وَمِن أَينَ لي قَلبٌ يُؤَدّي عِبارَةً / إِلى مَنطِقي وَالبَينُ بِالقَلبِ آبِقُ
فَآهٍ عَلى سُلطانِ حَقٍّ مُوَفَّقٍ / لِما جاءَ في القُرآنِ حَقّاً يُوافِقُ
فَيَقطَعُ في حَقّي يَدَ البَينِ إِنَّهُ / لِسَوداءِ قَلبي يَومَ نُعمانَ سارِقُ
خَليلَيَّ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانَ إِنَّني / بِحِبلِكُما دونَ البَرِيَّةِ واثِقُ
أَبُثُّكُما وَجدي وَأَشكُو إِلَيكُما / جَوىً بَينَ أَثناءِ الحَشا لا يُفارِقُ
وَأُنبِيكُما أَنّي عَلى ما عَهِدتُما / إِذا ضَيَّعَ العَهدَ المَلُولُ المماذِقُ
فَعَزماً فَفي وَخدِ المَطايا تَعِلَّةٌ / لِذي هِمَمٍ وَالمَوتُ غادٍ وَطارِقُ
وَقَد يَفجَأُ المَرءَ الحِمامُ وَما قَضى / لَهُ وَطَراً وَالناسُ ماضٍ وَلاحِقُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / بِحَيثُ اِلتَقى سِقطُ اللِّوى وَالأَبارِقُ
وَهَل أَرَيَنَّ العِيسَ تَهوي رِقابُها / بِنا حَيثُ أَنقاءُ العُيونِ الشَواهِقُ
وَهَل أَرِدَن ماءَ العُذَيبِ غُدَيَّةً / وَقَد مَلَّ حادينا وَضَلَّ الفُرانِقُ
وَهَل تَصحَبَنّي فِتيَةٌ أَبَواهُمُ / عَلِيٌّ وَفَضلٌ لا صَدِىٌّ وَغافِقُ
وَشُعثٌ أطارَ النَومَ عَنها وَلاحَها / رُكوبُ المَرامي وَالهُمومُ الطَوارِقُ
سَرَت مِن قُرى البَحرَينِ وَاِستَنهَضَتهُمُ / هُمومٌ بِأَدناها تَشيبُ المَفارِقُ
أَقُولُ لَهُم وَالعِيسُ تَسدُو كَأَنَّها / بِنا بَينَ أَجزاعِ المُرارِ النَقانِقُ
صِلُوا اللَيلَ وَخداً بِالمَطايا فَإِنَّها / شَوارِفُ بُزلٌ لَيسَ فيها حَقائِقُ
فَقالَوا رُوَيداً بِالمَطِيِّ فَإِنَّها / رَذايا وَذا يَومٌ مِن الحَرِّ ماحِقُ
فَقُلتُ أَبُقياً كُلُّ هَذا وَرأَفَةً / عَلَيها وَهَل لِلسَيرِ إِلّا الأَيانِقُ
فَمِيلُوا عَلَيها بِالسِياطِ وَعَرِّفُوا / ذَوي الجَهلِ مِنّا كَيفَ تَحوي الوَسائِقُ
وَعَدُّوا وَرُدُّوا عَن كَظيمٍ وَنَكِّبُوا / غَضايا فَما بِالنَومِ تُطوى السَمالِقُ
وَلا تَرِدُوا إِلّا اِلتِقاطاً وَلَو أَتى / ظَماها عَلى أَجرانِها وَالوَدائِقُ
فَإِن هِيَ لِلوَفراءِ تاقَت فَإِنَّني / إِلى مَورِدٍ عَذبٍ بِحَرّانَ تائِقُ
إِلى مَورِدٍ لا يَعرِفُ الأَجنَ ماؤُهُ / وَلا نَبَتَت في حافَتيهِ الغَلافِقُ
جَرى مِن يَمينِ الأَشرَفِ المَلكِ ماؤُهُ / فَكُلُّ خَليجٍ مِنهُ لِلعَينِ رائِقُ
حَرامٌ عَلَيها دُونَهُ الماءُ وَالكَلا / وَأَن تَلتَقي أَعضادُها وَالمَفارِقُ
فَيَومَ تُوافيهِ تُراحُ وَيَنقَضي / شَقاها وَيُلقى مَيسُها وَالنَمارِقُ
وَتُضحي بِحَيثُ العِزُّ عَودٌ لنابِه / صَريخٌ وَحَيثُ الجُودُ غَضٌّ غُرانِقُ
تكَفِّرُ إِجلالاً وَتَسجُدُ هَيبَةً / وَقَد حَزَّتِ الأَوساطَ مِنها المَناطِقُ
مُرِمِّينَ إِلّا عَن حَديثٍ مُصَرَّدٍ / تُخالِسُهُم أَبصارُهُم وَتُسارِقُ
لَدى مَلكٍ مِن آلِ أَيّوبَ لَم تَسِر / بِأَحسَنِ نَشرٍ مِن ثَناهُ المَهارِقُ
كَريمٍ مَتى تَقصِدهُ تَقصِد مُيَمَّماً / جَواداً زَكَت أَعراقهُ وَالخلائِقُ
فَتىً لَو يُباري جُودَهُ البَحرُ لاِلتَقَت / دَرادِيرُ في حِيرَانِهِ وَمَغارِقُ
لَهُ هَيبَةٌ كَم ضَيَّقَت مِن مُوَسَّعٍ / وكَم قَد غَدا رَهواً بِها المتَضايِقُ
يَرُدُّ مِنَ المُستَصعَباتِ بِطَرفِهِ / وَإِيمائِهِ ما لا تَرُدُّ الفَيالِقُ
زَئيرُ لَيُوثِ الحَربِ حينَ تُحِسُّهُ / هَريرٌ وَإِمّا زَمجَرَت فَنَقانِقُ
إِذا غابَ فَهيَ الأُسدُ زأراً وَصَولَةً / وَإِن حَضَرَ الهَيجاءَ فَهيَ خَرانِقُ
أَحَلَّتهُ أَعلى كُلِّ مَجدٍ وَسُؤددٍ / صَوارِمُهُ وَالمُقرَباتُ السَوابِقُ
وَأَلبَسَهُ تاجَ المَعالي سَخاؤُهُ / وَإِقدامُهُ وَالضَربُ فارٍ وَفارِقُ
لَهُ الناسُ وَالدُنيا مِنَ اللَهِ نِحلَةً / حَباهُ بِها وَاللَهُ يُعطي وَيأفقُ
أَحَقُّ مُلوكِ الأَرضِ بِالمُلكِ مَن بِهِ / يَنالُ الغِنى الراجي وَتُحمى الحَقائِقُ
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ ضاقَت بِرَحبِها / مَغارِبُها عَن عَزمِهِ وَالمَشارِقُ
يُسابِقُهُ في الرَوعِ عِرنِينُ أَنفِهِ / وَلِلرُّمحِ حملاقٌ وَلِلسَيفِ عاتِقُ
وَيَومٍ يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ / وَيَحوَلُ قَبلَ الطَرفِ فيهِ الحَمالِقُ
وَتَمشي نُسورُ الجَوِّ فَوقَ عَجاجِهِ / وَتَبني بِهِ أَوكارَهُنَّ اللقالِقُ
كَأَنَّ العَجاجَةَ عارِضٌ وَكَأَنَّما / بِهِ المَشرَفِيّاتُ المَواضي عَقائِقُ
وَتَحسَبُ مِن رَأيِ الأَسِنَّةِ أَنَّها / قَواذِفُ قَذفٍ صَوَّتَت وَصَواعِقُ
وَقَد أَبطَلَ الضَربُ القِسيَّ وَأُلقِيَت / فَلَم يَبقَ إِلّا ضارِبٌ وَمُعانِقُ
مَشى نَحوَهُم مَشيَ السَبنتى فَداحِضٌ / بِشِكَّتِهِ أَو طائِشُ اللُبِّ زاهِقُ
بِنَصلٍ يَقُولُ المَوتُ حينَ يَشُكُّهُ / بِزَوجَةَ مَن يُعلى بِهِ أَنتِ طالِقُ
فَصَكَّ بِهِ الأَبطالَ صَكّاً بِهِ اِلتَقَت / لِقاءَ قِلىً أَقدامُها وَالعَنافِقُ
سَلِ الكُفرَ مَن أَودى بِدمياطَ رُكنَهُ / وَقَصَّرَ أَعلى فَرعِهِ وَهوَ باسِقُ
يُخَبِّركَ صِدقاً أَنَّ مُوسى هُوَ الَّذي / بِصارِمِهِ باقَت عَلَيهِ البَوائِقُ
وَقَد جاءَت الإِفرَنجُ مِن كُلِّ وجهَةٍ / كَأَنَّ تَداعيها السُيُولُ الدَوافِقُ
كَتائِبُ مِلءُ البَرِّ وَالبَحرِ مَن بَدَت / لَهُ قالَ ذا جُنحٌ مِنَ اللَيلِ غاسِقُ
تَسيرُ بِسَدٍّ مِن حَديدٍ لَوَ اِنَّهُ / هُوَ السَدُّ لَم يَخرِقهُ لِلوَعدِ خارِقُ
لَهُ لجَبٌ كادَت مِراراً لِهَولِهِ / تَقَطَّعُ بَينَ المُسلِمينَ العَلائِقُ
فَما كانَ إِلّا أَن أَحَسُّوا قُدُومَهُ / تَحُفُّ بِهِ تِلكَ البُنودُ الخَوافِقُ
يَهُزُّ حُساماً لَم يَكُن مِن دِمائِها / لَهُ صابِحٌ مِنهُم برِيٍّ وَغابِقُ
وَمالوا لِقَذفِ المالِ في اليَمِّ بِالضُحى / وَبِاللَيلِ ثارَت في الرِحالِ الحَرائِقُ
وَأَزعَجَهُم مَن ذاقَ لِلجُرحِ بَعدَهُم / بِأَمسٍ وَهَل يَستَعذِبُ المَوتَ ذائِقُ
فَوَلّوا فَمُنكَبٌّ عَلى أُمِّ رَأسِهِ / لَدُن ذاكَ لَم يَنفُق وَآخَرُ نافِقُ
وَمُستَعصِمٌ بِالبَحرِ مِنهُ وَعائِدٌ / بِأَخلَقَ تَنبُو عَن صَفاهُ المَطارِقُ
وَلَم يَبقَ يُثني مِن عَنانِ جَوادِهِ / أَبٌ لِاِبنِهِ وَالمَوتُ لِلقَومِ خانِقُ
فَسالَ دَمٌ لَو سالَ في الأَرضِ لَاِستَوى / بِها رَدَغٌ ما عُمِّرَت وَمَزالِقُ
جَرى مِنهُ فَوقَ البَحرِ بَحرٌ فَمَوجُهُ / إِلى الآنِ مِن بَعدِ الأَقاحي شَقائِقُ
فَصارَ نَئيماً ذَلِكَ الزَأرُ وَاِغتَدَت / بُغاماً لِفَرطِ الخَوفِ تِلكَ الشَقائِقُ
وَلَم يُنجِ مِنهُم لُجُّ بَحرٍ وَلا حَمَت / حُصونٌ أُديرَت حَولَهُنَّ الخَنادِقُ
وَلا مَنَعت في مُلتَقاها مُلوكها / قَرابَتُها صُهبُ اللِّحى والبَطارِقُ
فَيا لَكَ عَصراً أَلبَسَ الكُفرَ حُلَّةً / مِنَ الذُلِّ لا تَبلى وَلِلمِسكِ ناشِقُ
وَمَدَّ عَلى الإِسلامِ سِتراً مُوَفَّقاً / مِنَ العِزِّ يَبقى ما تَأَوَّهَ عاشِقُ
فَلَولاهُ لَم يَنطِق بِدِمياطَ داعِياً / إِلى كَلِمَةِ التَوحيدِ وَالعَدلِ ناطِقُ
فَأُقسِمُ ما والاهُ إِلّا مُوَحِّدٌ / تَقِيٌّ وَما عاداهُ إِلّا مُنافِقُ
فَلا يُعدِمَنَّ اللَهُ أَيّامَهُ الَّتي / بِها يَفتُقُ الإِسلامُ ما الكُفرُ راتِقُ
أَبا الفَتحِ لا زالَت بِكَفَّيكَ تَلتَقي / مَفاتيحُ أَرزاقِ الوَرى وَالمَغالِقُ
إِلَيكَ رَمَت بِي نائِباتٌ هَوارِقٌ / لِدَمعي وَأَحداثٌ لِعَظمي عَوارِقُ
أَبِيتُ وَفي صَدري مِنَ البَينِ خارقٌ / وَفي عُنُقي مِن كَظمَةِ الغَمِّ خانِقُ
وَلَم يَبقَ بَعدَ اللَهِ إِلّاكَ مَقصِدٌ / تَمُدُّ إِلَيهِ بِالأَكُفِّ الخَلائِقُ
فَكَم لُجِّ تَيّارٍ إِلَيكَ اِعتَسَفتُهُ / تُهالُ لِرُؤياهُ العُيونُ الرَوامِقُ
وَكَم جُبتُ مِن مَجهولَةٍ وَمُشَيِّعي / بِها قَلبُ مَأثورٍ وَشَيخانُ آفِقُ
وَما لِيَ خُبرٌ بِالفَيافي وَإِنَّما / سَناؤُكَ فيها قائِدٌ لي وَسائِقُ
شُهورٌ تِباعٌ سَبعَةٌ وَثَلاثَةٌ / أُرافِقُ لا أَلوي بِها وَأُفارِقُ
أَسيرُ مُجدّاً أَربَعاً وَيَعوقُني / ثَمانٍ مِنَ الحُمّاءِ وَالخَوفِ عائِقُ
وَأَينَ مِنَ البَحرَينِ سَنجارُ وَالقَنا / وَمِن راحَتَيها كِندَةٌ وَالجَرامِقُ
وَلَكِن إِذا ما المَرءُ لَم يَلقَ يَومَهُ / أَتى أَيَّ أَرضٍ رامَها وَهوَ رافِقُ
وَحُسنَ حَديثِ الناسِ عَنكَ اِستَفَزَّني / إِلَيكَ وَوُدٌّ يَعلَمُ اللَهُ صادِقُ
فَداكَ مِنَ الأَسواءِ كُلُّ مُضَلَّلٍ / عَنِ الرُشدِ لَم يَطرُقه لِلجُودِ طارِقُ
وَلا زِلتَ مَحرُوسَ الجَنابِ مُمَلَّكا / رِقابَ عِدى عَلياكَ ما ذَرَّ شارِقُ
أَمِن دِمنَةٍ بَينَ اللِّوى وَالدَّكادِكِ
أَمِن دِمنَةٍ بَينَ اللِّوى وَالدَّكادِكِ / شُغِفتَ بِتَذرافِ الدُموعِ السَوافِكِ
عَفَت غَيرَ آرِيٍّ وَأورَقَ حائِلٍ / وَأَشعَثَ مَشجُوجٍ وَسُفعٍ رَوامِكِ
وَنُؤيٍ كَجِذمِ الحَوضِ غَيَّرَ رَسمُهُ / وَجِيفُ الحَصا بالمُوجِفاتِ الحَواشِكِ
كَأَنَّ فُؤادي ناطَهُ ذُو سَخيمَةٍ / قَليلُ التَحَنّي في صُدورِ النَيازِكِ
غَداةَ تَداعى الحَيُّ بِالبَينِ بَعدَما / جَلا الصُبحُ أَعجازَ النُجومِ الدَوالِكِ
وَقَد قَرَّبُوا لِلبَينِ كُلَّ هَمَرجَلٍ / أَمُونِ القَرى ضَخمِ العَثانين تامِكِ
قِمَطرٍ دَرَفسٍ فَيسَرِيٍّ كَأَنَّما / مَناكِبُهُ جُلِّلنَ وَشيَ الدَرانِكِ
رَعى واجِفاً فَالصُلبُ مِن أَجبُلِ الغَضا / بِحَيثُ اِستَهَلَّت كُلُّ وَطفاءَ رامِكِ
وَفي الجِيرَةِ الغادينَ لا عَن مَلالَةٍ / ظِباءٌ عَلى تِلكَ الهِجانِ البَوائِكِ
خِماصُ الحَشا حُمُّ الشِفاهِ كَأَنَّما / يَلُثنَ مُرُوطَ العَصبِ فَوقَ العَوانِكِ
وَيَبسِمنَ عَن نَورِ الأَفاحِيِّ لَم يَزَل / يُغَذّى بِدَرّاتِ الذِهابِ الرَكائِكِ
وَفِيهِنَّ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانَ غادَةٌ / يُطَيِّبُ رَيّاها عَبيرَ المَداوِكِ
كَأَنَّ عَلى فيها سُلافَةَ قَرقَفٍ / وَقَد غُوِّرَت أُمُّ النُجُومِ الشَوابِكِ
أَقُولُ لِها سِرّاً وَقَد غابَ كاشِحٌ / رَقيبٌ مَقالَ العاشِقِ المُتَهالِكِ
لَكِ الخَيرُ ما هَذا الجَفاءُ وَهَذِهِ / دِياري وَأَهلي زُلفَةٌ مِن دِيارِكِ
أَتَرضينَ قَتلي لا بِسَلَّةِ صارِمٍ / مِن البِيضِ إِلّا سَلَّةً مِن لِحاظِكِ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَإِعراضُ بَغضَةٍ / لَنا أَو دَلالٌ فَاِفصحي عَن مَقالكِ
فَلي هِمَّةٌ عَلَيا وَنَفسٌ أَبِيَّةٌ / تَمُجُّ وِصال اللّاوِياتِ المَواعِكِ
وَلِي عَزمَةٌ إِن ساعَدَ الجدُّ أَشرَقَت / وَنافَت عَلى شُمِّ الرِعانِ الشَوامِكِ
ولا بُدَّ مِن نصِّ القِلاصِ وَإِن غَدَت / حُطاماً أَعالي دَأيِها المُتلاحِكِ
عَلَيهِنَّ فِتيانٌ كِرامٌ تَحَرَّجُوا / مِنَ النَومِ إِلّا فَوقَ تِلكَ الحَوارِكِ
أَقُولُ لَهُم وَالعِيسُ تَشدُو كَأَنَّها / مَعَ الآلِ أُمّاتُ الرِئالِ الرَواتِكِ
أَقيمُوا صُدورَ اليَعمُلاتِ ورَفِّعُوا / عَنِ السُبلِ تَنجُوا مِن سَبيلِ المَهالِكِ
فَعَنَّ لَنا مِن بَين سِتّينَ لَيلَةٍ / وَميضُ سَناً عَن أَيمَنِ الجَوِّ نابِكِ
فَقالُوا تَرى النَجمَ اليَمانيَّ قَد بَدا / يَلُوحُ بِمُستَنٍّ مِنَ الأُفقِ حالِكِ
فَقُلتُ لَهُم ما ذاكَ نَجمٌ تَرَونَهُ / بِناحِيَةِ الخَضراءِ ذاتِ الحَبائِكِ
فَقالوا فَماذا قُلتُ نارٌ بِرَبوَةٍ / تُشَبُّ لِأَبناءِ الهُمومِ الضَرابِكِ
يُضِيءُ سَناها بِالدُجى مُتَنَمِّرٌ / عَلى الدَهرِ مُودِي البَرك رَحبِ المَبارِكِ
أَغَرُّ نَماهُ كُلُّ حامٍ مُمانِعٍ / عَنِ المَجدِ بِالمُستَأثراتِ البَواتِكِ
مِنَ العَبدليّينَ الأُلى في أَكُفِّهِم / حَياةٌ لِأَوّابٍ وَمَوتٌ لِباعِكِ
أُناسٌ هُمُ الناسُ اِنتَدَوا وَتَشَعّبَت / بِهِم هِمَمٌ ما بَينَ ناءٍ وَآرِكِ
فَحُلّوا عُرى التِرحالِ وَاِستَعصِمُوا بِهِ / مِنَ الدَهرِ واِرمُوا صَرفَهُ بِالدَوامِكِ
فَإِنَّ لَدَيهِ مِن عَلِيٍّ مَقاذِفاً / عَنِ المَجدِ يَخشى فَتكَهُ كُلُّ فاتِكِ
يُجيرُ عَلى الأَيّامِ ما لا تُجيرُهُ / عَلَيهِ وَيَسطُو بَالخُطُوبِ العَوارِكِ
مَنيعُ الحِمى لا يَذعَرُ القَومُ سَرحَهُ / وَلا تُتَّقى غاراتُهُ بِالمَآلِكِ
فَتىً لا يَرى مالاً سِوى ما أَفادَهُ / طِعانُ العِدى في المَأزَقِ المَتَضانِكِ
وَلا يَقتَني مِن مالِهِ غَيرَ سابِحٍ / وَأَبيضَ مَخشُوبِ الغِرارَينِ باتِكِ
وَمَسرُودَةٍ جَدلاءَ تَضفو ذُيولُها / عَلى قَدَمِ القَرمِ الأَنَدِّ الضُبارِكِ
وَأَحسَنُ مِن شَدوِ المَزاهِيرِ عِندَهُ / صَليلُ المَواضي في مُتونِ التَرائِكِ
وَلا يَتَساوى رَدعُ مِسكٍ وَعَنبَرٍ / لَدَيهِ بِرَدعٍ مِن دَمِ القِرنِ صائِكِ
وَإِن جَعَلَت فَوقَ الأريكِ مَقيلَها / رِجالٌ فَسَل عَنهُ رِجالَ الأَوارِكِ
لَهُ كُلَّ يَومٍ غارَةٌ مُشمَعِلَّةٌ / تَرى الصِّيدَ مِن شَدّاتِها في مَناسِكِ
بِها يَحتَوِي نَهبَ الأَعادي وَيَصطَفي / عَقائِلَ أَبناءِ المُلوكِ العَواتِكِ
حَمِيٌّ عَلى ما حازَهُ وَأَتَت بِهِ / إِلَيهِ الأَتاوى مِن مَليكٍ مُتارِكِ
هُمامٌ إِذا ما هَمَّ لَم يَثنِ عَزمَهُ / أَقاويلُ أَبناءِ الطِغامِ الضُكاضِكِ
ترى العَرَبَ العَربا يحُجّونَ بَيتَهُ / كَأَنَّهُمُ جاؤُوا لِذَبحِ النَسائِكِ
رِجالاً وَرُكباناً فَمِن طَالِبٍ غِنىً / وَمِن تائبٍ عَن ذِلَّةٍ مُتَدارِكِ
تَخالُ إِياساً في الفَصاحَةِ باقِلاً / لَدَيهِ وَفُرسانُ الوَغى في تَداوُكِ
إِذا صالَ لَم يُعدَل بِقَيسِ بنِ خالِدٍ / وَإِن قالَ لَم يُعدَل بِسَعدِ بنِ مالِكِ
وَإن جادَ بَذَّ المَرثدِيِّينَ جُودُهُ / وَأَنسى بَني الآمالِ جُودَ البَرامِكِ
أَبا ماجِدٍ لَم يَبقَ إِلّاكَ ماجِدٌ / يُرجّى لِأَبكارِ الخُطُوبِ النَواهِكِ
أَنِفتُ لِمَدحي مَن سِواكُم لِأَنَّني / إِلى ذِروَتَيكُم في سِنامٍ وَحارِكِ
وَأَكبَرتُ نَفسي أَن أُرى مُتَضائِلاً / أُرَجّي نَوالاً مِن لَئِيمٍ رَكارِكِ
مَخافَةَ تَرّاكٍ يَقُولُ وَقَولُهُ / أَمَضُّ وَأَمضَى مِن حُدودِ النَيازِكِ
لَوَ اِنَّ بَني القَرمِ العُيونيِّ سادَةٌ / كِرام يُرَوّونَ القَنا في المَعارِكِ
لَغارُوا عَلى النَظمِ الجَميلِ وَلَم يَكُن / لَهُم في مَعاني لَفظِهِ مِن مُشارِكِ
أَما كانَ فيهِم مِثلُ عَمرو بنِ مرثِدٍ / وَذُو المَجدِ دفّاعُ الهُمومِ السَوادِكِ
فَغَر فَبَناتُ الفِكرِ أَولى بِغَيرَةٍ / وَأَجدَرُ مِن نُجلِ العُيونِ الرَكارِكِ
وَحافِظ عَلى الذِكرِ الجَميلِ فَإِنَّما / مَصيرُ الفَتى أُحدُوثَةٌ في الشَكائِكِ
وَلا تُسلِمَن لِلدَهرِ مَولىً هَواكُمُ / هَواهُ وَمَهما ساءَكُم غَيرُ حاسِكِ
يَمُتُّ بِوُدٍّ مِن ضَميرٍ تَحُوطُهُ / عَواطِفُ أَرحامٍ إِلَيكُم شَوابِكِ
وَلَستُ وَإِن أَودى الزَمانُ بِثَروَتي / وَزاحَمَني مِنهُ بِخَصمٍ مُماحِكِ
بِمُهدٍ ثنائي وَالمَناديح جَمَّةٌ / إِلى حَوتَكِيٍّ أَبشَع اللُؤمِ راعِكِ
يَرى مُورِدَ الآمالِ حَولَ فِنائِهِ / بِعَينِ نوارٍ تَلحَظُ الشَيبَ فارِكِ
ولا ضارِعٍ طَوعَ المُنى يَستَفِزُّني / إِلى مُقرِفٍ رَجمُ الظُنونِ الأَوافِكِ
وَلَستُ بِمفراحٍ بِمالٍ أُفيدُهُ / لعَمري وَلا آسٍ عَلى إِثرِ هالِكِ
وَلا مادِحٍ إِلّا سُراةَ بَني أَبي / جَمالُ المَعالي بَل لُيُوثُ المَعارِكِ
وَلي وَقفَةٌ في دارِهِم إِثرَ وَقفَةٍ / وما ذاكَ في أَشباهِ قَومي بِشائِكِ
فَإِن صَدَّقُوا ظَنّي وَظنّيَ أَنَّهُم / نُجُومُ سَماءٍ شَمسُها غَيرُ دالِكِ
فَإِمّا نَبَت بِي دارُهُم أَو تَوَعَّرَت / عَلَيَّ فَما ضاقَت رِحابُ المَسالِكِ
إِلَيكُنَّ عَنّي فَاِنصَرِفنَ عَلى مَهلِ
إِلَيكُنَّ عَنّي فَاِنصَرِفنَ عَلى مَهلِ / فَلَستُ بِمُرتاعٍ لِهَجرٍ وَلا وَصلِ
وَما ذاكَ مِن بُغضٍ لَكُنَّ وَلا قِلىً / وَلَكِنَّ قَلبي عَن هَواكُنَّ في شُغلِ
أَبَت لِي وِصالَ البِيضِ هِمّاتُ ماجِدٍ / بَعيدِ الحَمايا غَيرِ نِكسٍ وَلا وَغلِ
غَيُورٍ عَلى العَلياءِ أَن يَبتَني بِها / رَزايا أُناسٌ ما تُمِرُّ وَلا تُحلي
سَواسِيَةٍ لا في مَعَدٍّ مِن الذُرى / وَلا في بَني قَحطانَ في الكاهِلِ العَبلِ
مَضَت حِقبُ الدُنيا وَما في بُيُوتِهِم / لِعِزِّ المَعالي مِن سَليلٍ وَلا بَعلِ
أَضاعُوا حِماها فَاِستُبيحَ وَأَيقَظُوا / عَلَيها البلا مِن كَلِّ حافٍ وَذي نَعلِ
وَباعُوا بِرُخصٍ باعِثَ العدلِ فيهِمُ / فَراحُوا وَكُلٌّ مِنهُمُ في يَدَي عَدلِ
وَأَضحَوا كَفَقعٍ أَو أَداحِيِّ قَفرَةٍ / تُقَلَّبُ بِالمِنساةِ وَاليَدِ وَالرِجلِ
تَسُومُهُمُ سُوءَ العَذابِ بِغلظَةٍ / عِداهُم وَيُسقونَ المَهانَةَ بِالرَطلِ
فَذُو المَالِ مِنهُم لا يَزالُ لِأَجلِهِ / يَروحُ أَخا وَيلٍ وَيَغدُو أَخا ثُكلِ
وَذُو الفَقرِ في هَمَّينِ هَمّ مَعيشَةٍ / وَهَمِّ عَدُوٍّ فَهوَ يَمشي بِلا عَقلِ
فَأَروحُهُم مَن راحَ فيهم وَرَأسُهُ / كَرَأسِ عَلاةِ القَينِ وَكَفِّهِ الطَبلِ
فَذُو الحَزمِ مَن أَعطى بِباعٍ قَصيرَةٍ / وَأَلقى مَقاليدَ الأُمورِ إِلى نَذلِ
وَذُو العَزمِ مَن أَمسى وَأَصبَحَ عائِذاً / بِجِلفٍ مِنَ الأَعرابِ أَو عاهِرٍ طِملِ
وَإِمّا اِنتَدى بَعضَ البَوادي وَبَعضُهُم / سَواءٌ بِضاحي البَرِّ أَو باحَةِ الرَحلِ
فَأَقوَلُهُ قَد كانَ جَدّي وَوالِدي / وَجَدُّ أَبي خُدّامَ رَهطِكَ مِن قَبلي
فَإِن يَتَلقّى بِالقَبُولِ مَقالَهُ / فَيا لَكَ مِن فَخرٍ وَيا لَكَ مِن فَضلِ
وَإِن قالَ كلّا ما عَلِمتُ فَيا لَها / خُوَيخِيَّةٌ تُدعى مُضَيَّقَةَ السُبلِ
وَإِن جاءَ يَوماً نازِلاً لِهَوانِهِ / تَلَقّاهُ مِنهُ بِالإِقامَةِ وَالنُزلِ
كَأَنَّ عَلَيهِ إِذ يَحُلُّ نَقيعَةَ ال / قُدُومِ وَلَيسُوا لِلسَماحَةِ بِالأَهلِ
أَلا يا لَقَومي مِن رَبيعَةَ هَل أَرى / لَكُم يَومَ بَأسٍ يَصدِمُ الجَهلَ بِالجَهلِ
إِلى مَ تُقاسُونَ الهَوانَ أَذِلَّةً / وَأَنتُم إِذا كُوثِرتُمُ عَدَدُ النَملِ
يَسُوقُكُم كَرهاً إِلى ما يَسُوءُكُم / عَبيدُكُمُ سَوقَ الأُحَيمِرَةِ الهُزلِ
وَكَم تَتَرَدُّونَ الخُمولَ ضَراعَةً / وَلُؤماً وَتَشرونَ الغَباوَةَ بِالنُبلِ
يَوَدُّ الفَتى مِنكُم إِذا عَنَّ أَو بَدا / لَهُ مِن بَني القِيناتِ أَسوَدُ كَالحَجلِ
بِأَنَّ حَضيضَ الأَرضِ أَضحى بِقَعرِهِ / لَهُ نَفَقٌ مِمّا اِعتَراهُ مِنَ الخبلِ
فَذُو القَدرِ مِنكُم وَالجَلالَةِ يَحتوي / صفاياهُ مِنهُم بالمَطاميرِ وَالحَبلِ
وَسائِرُكُم بِالبُهم يَرعى مُحَلِّقاً / بِأَثوابِهِ رُعباً مِنَ الجَدِّ وَالهَزلِ
عَزيزُكُمُ يَرضى مِنَ الدُرِّ بِالحَصى / وَيَقنَعُ لَو يُعطى مِنَ الدَرِّ بِالمَصلِ
فَقُبحاً لَكُم ماذا تَعُدُّونَ في غَدٍ / إِذا اِفتَخَرَ الأَقوامُ يا أَخلَفَ النَسلِ
فَإِن كانَ خَوفُ القَتلِ وَالأَسرِ داءَكُم / فَشَأنُكُم أَدهى مِنَ الأَسرِ وَالقَتلِ
فَعَزماً فَموتُ العِزِّ عِندَ ذَوي النُهى / حَياةٌ وَعَيشُ الذُلِّ مَوتٌ بِلا غُسلِ
فَقَد يُنكِرُ الضَيمَ الكَريمُ بِسَيفِهِ / إِنِ اِسطاعَ أَو بِالشَدقَمِيَّةِ وَالرَحلِ
كَما فَعَلَ العَبسِيُّ قَيسٌ وَإِنَّما / أَخُو الهِمَّةِ العَليا أَخُو الحَسَبِ الجَزلِ
أَشاعَ لِعَبسٍ بِالسَلامِ وَأرقَلَت / بِهِ العِيسُ مِن نَجدٍ إِلى كَنَفي وَبلِ
وَحَلَّ عَلى الأَتلادِ غَيرَ مُجاوِرٍ / وَلَكِنَّ عِضّاً لا يَنامُ عَلى تَبلِ
وَلا خَيرَ عِندي في حَياةٍ كَأَنَّها / حَياةُ دَعاميصِ الفَراشَةِ في الضَحلِ
وَذي إِربَةٍ أَهدى لِيَ اللَومَ ناصِحاً / وَذُو اللُبِّ أَحياناً يُريعُ إِلى العَذلِ
يَقُولُ بِتَأنيبٍ أَأُنسيتَ ما جَرى / عَلَيكَ مِنَ الأَغلالِ والسِجنِ وَالكَبلِ
وَإِحرازِ ما أُوتيتَهُ وَاِكتَسَبتَهُ / عَلى غَيرِ ذَنبٍ مِن فِراخٍ وَمِن نَخلِ
وَتفريقَهُ في كُلِّ شاوٍ وَخارِبٍ / وَذاتِ هَنٍ كَالماءِ في رَدعِ الوَحلِ
وَسَلبِ الحِسانِ المُكرَماتِ تَهاوُناً / بِهنَّ وَدَمعُ الأَعيُنِ النُجلِ كَالوَبلِ
وَما كانَ مِن إِخراجِهِنَّ صَوارِخاً / مِنَ الضَيمِ مِن بَعدِ القِصارَةِ وَالشّكلِ
وَسُكنى البَوادي دارَهُنَّ وَإِنَّها / لَدَارُ اِمرِئٍ لا بِالحصورِ وَلا الخَطلِ
أَمِثلُكَ يَرضى دارَ ذُلٍّ إِذا مَأى / بها نَأمُ الضَيّونِ طارَ أَبُو الشِبلِ
أَما كانَ في أَرضِ العِراقِ مَراغِمٌ / تَرُوقكَ عَن دارِ الزَلازلِ وَالأَزلِ
فَقُلتُ لَهُ أَربِع عَلَيَّ وَفي الحَشا / لَوافِحُ أَحقادٍ مَراجِلُها تَغلي
وَجَدِّكَ لَم تَعذِل مَلُوماً وَلَم تَهج / جَثُوماً وَلَم تُوقِظ نؤُوماً عَلى تَبلِ
لِأَمرٍ تَخَطَّيتُ الخَطايا وَلَم أَزل / بِمَطوِ المَطايا أُتبِعُ الجَهلَ بِالجَهلِ
وَما أَعجَبَتني دارُ ذُلٍّ وَإِن غَدَت / مَنازِلَ قَومي وَالأَكارِمِ مِن أَهلي
وَلَكِنَّني حاوَلتُ ما إِن أَتَمَّهُ / لِيَ اللَهُ لَم أَجفَل بِمَحلٍ وَلا مَغلِ
وَقُلتُ عَسى يَوماً كَيَومٍ شَهِدتُهُ / قَديماً لِكَيما يلحَقَ الشُومُ بِالثُكلِ
أَكُونُ بِهِ قُطبَ الرَحى وَمُديرَها / بِعَزمٍ عَلى أَهلِ الضَلالَةِ وَالجَهلِ
فأَلفَيتُ قَوماً إِن طَلَبتَ اِنبِعاثَهُم / لِيَومِ سِبابٍ فَاِدعُ بِالخَيلِ وَالرَجلِ
وإِن رُمتَ فيهم دَفعَ ضَيمٍ وَنُصرَةٍ / بِهِم رُمتَ أَو شالاً مِنَ اِصطُمَّةِ الرَملِ
يُرَجّونَ عَبداً خائِباً قَعَدَت بِهِ / عَلى الخِزيِ أُمّاتٌ وَقَفنَ عَلى الغُسلِ
شَريساً أَعارَتهُ اللَيالي جَهالَةً / جَلالاً وَمالاً وَهيَ مَعتُوهَةُ العَقلِ
قِراعٌ وَلَكِنَّ الكَوَادنَ لَم تَكُن / لِتَجري مَعَ الخَيلِ العرابِ عَلى الحَبلِ
فَما وَلَدَتني حاضِنٌ حَنَفِيَّةٌ / عبيدِيَّةٌ تَسمُو إِلى الحسَبِ الجَزلِ
وَلا عُرِفَت في المَروَتَينِ أُبُوَّتي / وَلا كُنتُ أهدى السابِقينَ إِلى الفَضلِ
وَلا نَزَلَ الأَضيافُ يَوماً بِعقوَتي / وَلا ثَبَتَت في ماقِطٍ حَرجٍ رِجلي
لَئِن أَنا لَم أَغشَ اللِئامَ بِوَقعَةٍ / يَشيبُ لَها مِن هَولِها مَفرِقُ الطِفلِ
وَيَومٍ يَظَلُّ العَثرُ فيهِ نَبائِلاً / مُغَربَلَةً فَوقَ الشَناوِيرِ وَالزَبلِ
لِيَعلَمَ أَهلُ الغَدرِ أَنَّ عَداوَتي / لَأَمقَرُ مِن صابٍ وَأَقطَعُ مِن نَصلِ
وَإِنّي لَكالنَشرِ الَّذي تَستَلِذُّهُ / وَأَهنى لَها لَو قدِّرَت مَرتَعَ الأزلِ
وَهَل يَكشِفُ الغَمّاءَ عَن ذي ضَرورَةٍ / وَيَجلو ظَلامَ الخَطبِ إِلّا فَتىً مِثلي
كَذَلِكَ كانَت مُنذُ كانَت أُبُوَّتي / ذَوو الهامَةِ الخَشناءِ وَالجانِبِ السَهلِ
إِذا السَيِّدُ الجَبّارُ أَبدى تَعامياً / وَصَعَّرَ خَدّاً وَاِستَباحَ حِمى المَطلِ
أَضاءَت لَهُ أَسيافُنا فَهَدَينَهُ / وَقَوَّمنَهُ فَاِستَبدَلَ الحِلمَ بِالجَهلِ
فَسائِل مَعَداً هَل لَها مِن مُعَوِّلٍ / سِوانا إِذا البَزلاءُ قامَت عَلى رِجلِ
وَهَل قادَنا بِالجَهضَمِيَّةِ سَيِّدٌ / وَإِن كانَ فينا واسِعَ البَأسِ وَالفَضلِ
أَلَم نَترُكِ الضحيانَ يَكبُو وَبَعدَهُ / كُلَيباً أَذَقنا عِرسَهُ مَضَضَ الثَكلِ
وَأَردى أَخانا اليَشكُريَّ وَفَرخَهُ / فَوارِسُ مِنّا غَيرُ ميلٍ وَلا عُزلِ
سَواءٌ عَلَينا قَومُنا إِذ تُضِيمُنا / وَأَعَداؤُنا وَالفَرعُ يُنمي إِلى الأَصلِ
ظَنَنتُ حَسُودي حينَ غالَت غَوائِلُه
ظَنَنتُ حَسُودي حينَ غالَت غَوائِلُه / يُريعُ إِلى البُقيا وَتُطوى حَبائِلُه
وَقُلتُ كَفاهُ ما لَقيتُ وَنالَني / بِهِ الدَهرُ مِمّا كانَ قِدماً يُحاوِلُه
فَأَغمَضتُ جَفناً وَالقَذى مِلءُ ناظِري / وَأَبدَيتُ سلماً لَيسَ تخشى دَغائِلُه
وَأَطفأتُ نارَ الجَهلِ بِالحِلمِ بَعدَما / غَلى المِرجَلُ الأَحوى وَذيقَت تَوابِلُه
وَوَطَّنتُ نَفسي لِلمُداراةِ ما رَأى / رَأيتُ وَمَهما قالَهُ أَنا قائِلُه
فَما زادَ ذُو الأَضغانِ إِلّا تَمادِياً / وَلا بَشَّرَت إِلّا بِشرٍّ مَخائِلُه
كَذَلِكَ أَحوَالُ الحَسُودِ وَخِبُّهُ / وَما تَقتَضي أَخلاقُهُ وَشمائِلُه
فَلا تَرجُ يَوماً في حَسُودٍ مَوَدَّةً / وَإِن كُنتَ تُبدي وُدَّهُ وَتُجامِلُه
وَلا تَبغِ بالإِحسانِ إِرضاءَ كاشِحٍ / فَلَيسَ بِمغنٍ في دَمالٍ تَدامُلُه
فَقُل لِخَليعٍ هَمُّهُ ما يَسُوءُني / رُوَيدَكَ فاتَ الزُجَّ في الرُمحِ عامِلُه
وَلا تَحسَبَنّي ضِقتُ يَوماً بِما جَرى / ذِراعاً فَما ضاقَت بِحُرٍّ مَراكِلُه
فَقَد يُدرِكُ البَدرَ الخُسوفُ وَتَنجَلي / غَياهِبُهُ عَن نُورُهِ وَغَياطِلُه
وَقَد يَجزِرُ الرَجّافُ طَوراً وتارَةً / يُسَيِّرُ ذاتَ الجُلِّ بِالمَدِّ ساحِلُه
فَإِن سَاءَني القَومُ الكِرامُ وَضَيَّعُوا / حُقوقي وَهَديُ المَجدِ فيهِم وَكاهِلُه
فَقَبلي أَخُو شَنّ بنِ أَفصى أَضاعَهُ / بَنُو عَمِّهِ دَونَ الوَرى وَفَضائلُه
وَلا بُدَّ هَذا الدَهرُ يَرجِعُ صَحوُهُ / وَيَنجابُ عَنهُ غَيُّهُ وَيُزايِلُه
وَقَد يُشرِقُ الرّيقُ الفَتى وَهوَ غَوثُهُ / وَيَجرَحُهُ ماضي الشَبا وَهوَ فاصِلُه
فَيَنطِقُ عَن صِدقٍ وَيَسمَعُ واعِياً / وَيَفهَمُ عَن عَقلٍ فَيَزهَقُ باطِلُه
فَيَذهَبُ قَومٌ كَاليَعاليلِ لا يُرى / لَها أَثَرٌ وَالماءُ تغطي جَداوِلُه
فَجَدعاً وَعَقراً لِلزَمانِ إِذا اِستَوى / مُطَهَّمُهُ في عَينِهِ وَطَهامِلُه
وَقُبحاً لِدَهرٍ أَصبَحَ العَلُّ فيلُهُ / وَأَضحَت بُزاةُ الطَيرِ فيهِ عُلاعِلُه
فَلا يَفرَحِ الخَلفُ الهِدانُ بِنَكبَتي / فَما نالَني مِن صَرفِها فهوَ نائِلُه
عَلى أَنّني لا مُستَكيناً لِحادِثٍ / وَسيّانِ عِندي نِيلُهُ وَصَلاصِلُه
وَقائِلَةٍ وَالعِيسُ تُحدَجُ لِلنَوى / وَدَمعُ الجَوى قَد جالَ في الخَدِّ جائِلُه
عَلَيكَ بِصَبرٍ وَاِحتِسابٍ فإِنَّما / يَفُوتُ الثَنا مَن راحَ وَالصَبرُ خاذِلُه
وَلا تَرمِ بِالأَهوالِ نَفساً عَزيزَةً / فَذا الدَهرُ قَد أَودى وَقامَت زَلازِلُه
فَكَم كُربَةٍ في غُربَةٍ وَمَنِيَّةٍ / بِأُمنِيَّةٍ وَالرِزقُ ذُو العَرشِ كافِلُه
فَقُلت لَها وَالعَينُ سَكرى بِزَفرَةٍ / أُرَدِّدُها وَالصَدرُ جَمٌّ بَلابِلُه
أَبالمَوتِ مِثلي تُرهِبينَ وَبِالنَوى / وَعاجِلُهُ عِندي سَواءٌ وَآجِلُه
وَلَلمَوتُ أَحيا مِن حَياةٍ بِبَلدَةٍ / يُري الحُرَّ فيها الغَبنَ مَن لا يُشاكِلُه
وَما غُربَةٌ عِن دارِ ذُلٍّ بِغُربَةٍ / لَوَ اِنّ الفَتى أَكدى وَغَثَّت مَآكِلُه
وَرُبَّ غَريبٍ ناعِمٍ وَاِبنِ بَلدَةٍ / تُبَكِّيهِ قَبلَ المَوتِ فيها ثَواكِلُه
وَإِنّ مُقامي يا اِبنَةَ القَومِ لِلقَلى / وَلِلضَيمِ لَلعَجز الَّذي لا أُزامِلُه
فَلا تُنكري خَوضي الطَوامي وَجَوبِيَ ال / مَوامي إِذا الآلُ اِسجَهَرَّت طَياسِلُه
فَمِن كَرَمِ الحُرِّ اِرتِحالٌ عَن الفِنا / إِذا قُدِّمَت أَوباشُهُ وَرَعابِلُه
وَلا بُدَّ لي مِن وَقفَةٍ قَبلَ رِحلَةٍ / أُذيل بِها دَمعي فَيَنهَلُّ وابِلُه
عَلى جَدَثٍ أَضحى بِهِ المَجدُ ثاوياً / بِحَيثُ يَرى شَطَّ العَذارِ مُقابِلُه
لِأَسأَلَ ذاكَ القَبرَ هَل غَيَّرَ البِلى / مَحاسِنَ مَجدٍ غَيّبَتها جَنادِلُه
وَهَل هَمَّت المَوتى بِإشعاءِ غارَةٍ / يُثارُ بِها مِن كُلِّ جَوٍّ قَساطِلُه
فَقَد نامَتِ الأَحيا عَنِ الغَزوِ فَاِستَوى / بِكُلِّ سَبيلٍ أُسدُهُ وَخَياطِلُه
فَيا عَجَباً مِن مُلحِدٍ ضَمَّ فَيلَقاً / وَبَحراً وَطَوداً يركَبُ المُزنَ عاقِلُه
مَضى طاهِرَ الأَخلاقِ وَالخِيمِ لَم يَمِل / إِلى سَفَهٍ يَوماً وَلا خابَ آمِلُه
فَيا لَكَ مِن مَجدٍ تَداعَت فُرُوعُهُ / وَمالَ ذُراهُ وَاِنقَعَرَّت أَسافِلُه
لِيَبكِ العُلى وَالمَجدُ وَالبَأسُ وَالنَدى / لَقَد صَلَّ واديها وَجَفَّت مَسايِلُه
وَتَندبُهُ البيضُ الصَوارِمُ وَالقَنا / لِما أَنهَلَتها كفُّهُ وَأَنامِلُه
لَعَمري لَئِن كانَ الأَميرُ مُحمَّدٌ / قَضى وَأُصيبَت يَومَ نَحسٍ مَقاتِلُه
لَقَد مُنيَت مِنهُ الأَعادي بِثائِرٍ / هُمامٍ أَبى أَن يَحمِلَ الضَيمَ كاهِلُه
أَيا فَضلُ لا زالت لِنُعماكَ تَلتَقي / بِمَغناكَ ساداتُ المَلا وَعَباهِلُه
مَنحتُكَ وُدّاً كُنتُ قَبلُ مَنحتُهُ / أَباكَ وَمُزني لَم تَقَشَّع هَواطِلُه
وَلاقَيتُ مِن جَرّائِكُم ما عَلِمتَهُ / وَهَل أَحَدٌ مِن سائِرِ الناسِ جاهِلُه
وَكَم مُبغِضٍ لِي في هَواكُم وَشانئٍ / عَلَيَّ بِنارِ الحِقدِ تَغلي مَراجِلُه
فَلا تَحمِلنّي وَالمَناديحُ جَمَّةٌ / عَلى مَوردٍ يَستَعذِبُ المَوتَ ناهِلُه
أَرَيتُكَ إِن أَخَّرتَني وَجَفَوتَني / وَذا الدَهرُ قَد أَربى وَبانَ تَحامُلُه
وَجازَت قُرى البَحرَينِ عِيسي وَأَصبَحَت / عُمانِيَّةً وَاِستَبهلَتها سَواحِلُه
وَأًصبَحَ في الحَيِّ اليَمانيّ رَحلُها / وَحَفَّت بِهِ أَقيالُهُ وَمَقاوِلُه
أَوِ اِستَقبَلَت أَرضَ الحِجازِ فَيَمَّمَت / بَني حَسَنٍ وَالفَضلُ بادٍ شَواكِلُه
أَوِ اِنتَجَعَت آلَ المُهَنّا فَفيهمُ / حِمىً آمِنٌ لا يَرهَبُ الدَهرَ نازِلُه
أَوِ اِعتامَتِ القَومَ الَّذينَ أَحَلَّهُم / ذُرى كُلِّ اِمرِئٍ قُدّامُهُ مَن يُسائِلُه
فَقُل لي عِمادَ الدِينِ ماذا أَقُولُهُ / وَكُلُّ اِمرِئٍ قُدّامُهُ مَن يُسائِلُه
إِذا قيلَ لِي مِن أَينَ أَقبَلتَ وَاِرتَمَت / بِكَ العِيسُ أَو مَن كُنتَ قِدماً تُواصِلُه
وَمَن رَهطكَ الأَدنى الَّذي لَكَ فَخرُهُ / وَنابِهُ قَدرٍ لا يُساوِيهِ خامِلُه
هُناكَ يَكُونُ الصِدقُ نَقصاً عَلَيكُمُ / وَلا يَتَحرّى الكِذبَ إِلّا أَراذِلُه
وَمَنصِبُكَ السامي إِلى الفَخرِ مَنصِبي / وَرَبعُكَ رَبعي وَالعُلى أَنتَ آيِلُه
فَجُد بِالَّذي تَحوي يَداكَ عَلى الوَرى / وَضِنَّ عَلَيهم بِالَّذي أَنا قائِلُه
فَما المِسكُ إِلّا مِن عَقابيلِ نَشرِهِ / وَلا الجَوهَرُ المَكنونُ إِلّا خَصائِلُه
وَرَأيُكَ أَعلى وَالرِضا ما رَضيتَهُ / وَكُلُّ اِمرئٍ غُولُ المَنِيَّةِ غائِلُه
أَفي كُلِّ دارٍ لي عَدُوٌّ أُصاوِلُه
أَفي كُلِّ دارٍ لي عَدُوٌّ أُصاوِلُه / وَخَصمٌ عَلى طُولِ اللَيالي أُزاوِلُه
وَطاوٍ عَلى بَغضايَ تَصرُفُ نابُهُ / عَلَيَّ وَبِالشَحناءِ تَغلي مَراجِلُه
كَأَنَّ أَباهُ كانَ قاتِلَهُ أَبي / وَها أَنا إِن أَوفى بيَ العُمرُ قاتِلُه
دَعُوني وَأَرضَ اللَهِ فَهيَ عَريضَةٌ / فإِن يَفلُلِ العَزمُ الَّذي أَنا حامِلُه
سَتَشهَدُ لي بِالسَيرِ في كُلِّ مَهمَهٍ / أَواخِرُ لَيلي إِن أَعِش وَأَوائِلُه
سَئِمتُ مُداراةَ اللَيالي وَغَرَّني / صَديقٌ أُصافيهِ وَخِلٌّ أُواصِلُه
وَضِقتُ ذِراعاً باِبنِ عَمٍّ مُحَبَّبٍ / إِلَيَّ وَإِن لَم تَسقِ أَرضي مَخاثِلُه
فَكَم لَيلَةٍ عَلَّلتُ نَفسي بِذِكرِهِ / وَسَكَّنتُ قَلبي فَاِطمَأَنَّت بَلابِلُه
فَلَمّا اِلتَقَينا كانَ حَظّي جَفاؤُهُ / وَكانَ لِغَيري بِرُّهُ وَنَوافِلُه
وَلَم أَسَتشِر قَلبي عَلى بَتِّ حَبلِهِ / مِنَ اليَأسِ إِلّا كادَ لُبّي يُزايِلُه
حُنُوّاً عَلَيهِ وَاِنتِظاراً لَعَلَّهُ / يُريعَ فَتُعصى في اِصطِناعي عَواذِلُه
وَإِنّي مَعَ الغَبنِ الَّذي يَرمضُ الحَشا / لأَحمي وَأَرمي دُونَهُ مَن يُناضِلُه
وَأُظهِرُ للأَقوامِ أَنّي بِقُربِهِ / مَليكٌ يُرَجّى رِفدُهُ وَفَواضِلُه
وَإِن ذَكَروهُ في النَدى قُلتُ ماجِدٌ / وَهوبٌ لِجُلِّ المالِ حُلوٌ شَمائِلُه
وَعَنَّفَني في قَصدِهِ وَاِصطِفائِهِ / رِجالٌ وَفي النَظمِ الَّذي أَنا قائِلُه
وَقالوا أَلَيسَ الماءُ يَعرِفُ طَعمَهُ / بِأَوَّلَ سِجلٍ مُرتَويهِ وَناهِلُه
وَأَنتَ فَقَد جَرَّبتَ كُلَّ مُجَرَّبٍ / وَطاوَلتَ ما لا كانَ خَلقٌ يُطاوِلُه
وَقُلتَ فَأَحسَنتَ المَقالَ وَلَم تَدَع / لِمُبتَدِعِ الأَشعارِ مَعنىً يُحاوِلُه
وَقُمتَ مَقاماً لَو يُقامُ لِغَيرِهِ / لَقالَ اِرتياحاً أَحسُن البِرِّ عاجِلُه
فَدَع عَنكَ مَولىً لا يُفيدُكَ قُربُهُ / وَذُمَّ اِبنَ عَمٍّ لا يَعُمُّكَ نائِلُه
وَهَل يَنفَعُ النَجدِيّ غَيمٌ لِأَرضِهِ / صَواعِقُهُ العُظمى وَلِلغَورِ وابِلُه
فَقُلتُ رُوَيداً إِنَّهُ اِبنُ مُحمَّدٍ / وَإِن ساءَني إِعراضُهُ وَتَغافُلُه
وَإِنّي لَأَرجُو وَليَةً مِن غَمامِهِ / بِها يَمرَعُ الوَادي وَيَخضَرُّ باقِلُه
أَقولُ لِرَهطٍ مِن سُراةِ بَني أَبي / وَدَمعُ المَآقي قَد تَداعَت حَوافِلُه
إِلى مَ بَني الأَعمامِ نُغضي عَلى القَذى / وَنُكثِرُ لَيّانَ العُلى وَنُماطِلُه
هَلِ الشَرُّ إِلّا ما تَرونَ وَرُبَّما / تَعَدّى فَأَنسى عاجِلَ الشَرِّ آجِلُه
وَهَل يَحمِلُ العَزمَ الثَقيلَ أَخُو العُلى / وَيَضعُف عَن حَملِ الظُلامَةِ كاهِلُه
وَما بَعدَ سَلبِ المالِ وَالعِزِّ فَاِعلَمُوا / مُقامٌ وَزادُ المَرءِ لا بُدَّ آكِلُه
وَلا بَعدَ تَحكيمِ العِدى في نُفوسِنا / وَأَموالِنا شَيءٌ مِنَ الخَيرِ نَأمُلُه
أَطاعَت بِنا إِخوانُنا كُلَّ كاشِحٍ / خَبيثِ الطَوايا يُشبِهُ الحَقَّ باطِلُه
وَجازَ عَلَيهِم قَولُ مَن قالَ إِنَّنا / عَدُوٌّ مَعَ الإِمكانِ تُخشى غَوائِلُه
فَأَينَ عُقولُ القَومِ إِذ يَقبَلونَهُ / فَما يَستوي مَنقوصُ عَقلٍ وَكامِلُه
أَنَحنُ بَنَينا العِزَّ أَم كانَ غَيرُنا / بَناهُ وَشَرُّ الناسِ مَن خابَ عامِلُه
وَهَل كانَ عَبدُ اللَهِ والِدَ مَعشَرٍ / سِوانا فَيُستَصفى وَتَمشي وَسائِلُه
فَأُقسِمُ ما هَذا لِخَيرٍ وَإِنَّهُ / لَأَوَّلُ ما الأَمرُ المُقَدَّرُ فاعِلُه
وَمَن يَستَمِع في قَومِهِ قَولَ كاشِحٍ / أُصيبَت كَما شاءَ المُعادي مَقاتِلُه
وَما كُلُّ مَن يُبدي المَوَدَّةَ ناصِحٌ / كَما لَيسَ كُلُّ البَرقِ يَصدُقُ خائِلُه
وَقَد يُظهِرُ المَقهُورُ أَقصى مَوَدَّةٍ / وَأَوهاقُهُ مَبثُوثَةٌ وَمَناجِلُه
وَمَن لَم يُقابِل بِالجَلالَةِ قَومَهُ / أَتاهُ مِنَ الأَعداءِ ما لا يُقابِلُه
وَمَن لَم يُبِح زُرقَ الأَسِنَّةِ لَحمَهُ / أُبيحَ حِماهُ وَاِستُرِقَّت حَلائِلُه
وَمَن لَم يُدَبِّر أَمرَهُ ذُو بَصيرَةٍ / شَفيقٌ بَكَتهُ عَن قَريبٍ ثَواكِلُه
وَكَم مِن هُمامٍ ضَيَّعَ الحَزمَ فَاِلتَقَت / عَلَيهِ عِداهُ بِالرَدى وَدخائِلُه
وَما المَرءُ إِلّا عَقلُهُ وَلِسانُهُ / إِذا قالَ لا أَبرادُهُ وَغَلائِلُه
فَقُومُوا بِعَزمٍ وَاِجعَلُوني مُقَدَّماً / فَأَيُّ حُسامٍ لَم تُرَصَّع حَمائِلُه
وَسِيرُوا عَلى طَيرِ الفَلاحِ فَقَد أَرى / رَسُولَ الجَلا وافى وَقامَت دَلائِلُه
فَإِنّي كَفيلٌ بِالخَرابِ لِبَلدَةٍ / يُراعى بِها مِن كُلِّ حَيٍّ أَراذِلُه
وَمِن ضَعفِ رَأي المَرءِ إِكرامُ ناهِقٍ / وَقَد ماتَ هزلاً في الأَواخِيِّ صاهِلُه
وَمَن ضَيَّعَ السَيفَ اِتِّكالاً عَلى العَصى / شَكى وَقعَ حَدِّ السَيفِ مِمّن يُنازِلُه
وَلَيسَ يَزينُ الرُمحَ إِلّا سِنانُهُ / كَما لا يَزينُ الكَفَّ إِلّا أَنامِلُه
فَإِن تَرفُضوا نُصحي فَما أَنا فيكُمُ / بِأَوَّلِ مَيمُونٍ عَصَتهُ قَبائِلُه
سَأُمضي عَلى الأَيّامِ عَزمي وَإِن أَبَت / لَأَظفَرَ مِنها بِالَّذي أَنا آمِلُه
فَإِنَّ بِقُربي مِن رِجالي مُتَوَّجاً / تُواصِلُ أَسبابَ العُلى مَن يُواصِلُه
مَنيعُ الحِمى لا يُذعِرُ القَومُ سَرحَهُ / وَلا يَمنَعُ الأَعداءُ شَيئاً يُحاوِلُه
إِلَيكَ عِمادَ الدّينِ عِقدُ جَواهِرٍ / تَناهى فَما يُؤتى بِعقدٍ يُشاكِلُه
فَقَد كُنتُ قَد عِفتُ القَريضَ زَهادَةً / بِمُستامِهِ إِذ يُرخِصُ الدُرَّ جاهِلُه
وَأَكبَرتُ نَفسي عَن مَديحي مُذَمَّماً / بِكُلِّ قَبيحٍ بَشَّرتنا قَوابِلُه
وَلَولاكَ لَم أَنبِس بِبَيتٍ وَلَو طَمى / مِنَ الشِعرِ بَحرٌ يَردفُ المَوجَ ساحِلُه
وَلَكِنَّ لي فيكُم هَوىً وَقَرابَةً / تُحَرِّكُني وَالرَحمُ يُحمَدُ واصِلُه
وَإِنّي لَأَشنا المَدحَ في غَيرِ سَيِّدٍ / أَبُوهُ أَبي لَو زاحَمَ النَجمَ كاهِلُه
فَلا زِلتَ كَهلاً لِلعَشيرَةِ يُلتَجى / إِلَيهِ إِذا ما الدَهرُ عَمَّت زَلازِلُه
رُوَيدَكَ يا هَذا المَليكُ الحَلاحِلُ
رُوَيدَكَ يا هَذا المَليكُ الحَلاحِلُ / فَما المَجدُ إِلّا بَعضُ ما أَنتَ فاعِلُ
دَعِ الشِعرَ حَتّى يَشمَلَ الحَدَّ حِكمَةً / وَشَأنَكَ وَالدُنيا فَأَنتَ المُقابَلُ
فَقَد جُزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنَدى / وَتِربُكَ في لِعبِ الصِبا مُتَشاغِلُ
وَأَدرَكتَ ما فَوقَ الكَمالِ وَلَم يُقَل / لِمِثلكَ في ذِي السِنِّ إِنَّكَ كامِلُ
أَخَذتَ بِأَعضادِ العَشيرَةِ بَعدَما / هَوَت وَعَلَت مِنها الرُؤُوسَ الأَسافِلُ
وأَنقَذتَها مِن بَعدِ أَن لَعِبَت بِها / يَدُ الدَهرِ وَاِستَولَت عَلَيها الزَلازِلُ
فَأَنتَ لِناشِيها أَخٌ وَلِطِفلِها / أَبٌ راحِمٌ وَاِبنٌ لِذي الشَيبِ واصِلُ
عَلى أَنَّكَ المَولى الَّذي يُقتَدى بِهِ / وَلَكِنَّ طَبعاً تَقتَضيهِ الشَمائِلُ
أَطاعَت لَكَ الأَيّامُ كَرهاً وَسَلَّمَت / إِلَيكَ مَقاليدَ الأُمُورِ القَبائِلُ
فَقُل لِلّيالي كَيفَ تَجري صُرُوفُها / فَما الفَضلُ شَيءٌ غَيرُ ما أَنتَ قائِلُ
فَقَد أَذعَنت لِلخَوفِ مِنكَ وَأَهطَعَت / إِلى قَولِ مَأمُولٍ تَلَقّاهُ آمِلُ
زَهَت بِكَ آفاقُ البِلادِ وَأَخصَبَت / رُباها وَطابَت في ذُراها المَآكِلُ
وَنامَت عُيُونٌ رُبَّما عافَتِ الكَرى / بِلا رَمَدٍ فيها وَقَرَّت بَلابِلُ
تَرَكتَ الغُواةَ الغُثرَ فَوضى وَطالَما / غَدَت وَلَها مِن قَبلُ فينا مَحافِلُ
وَأَوليتَها مِنكَ الهَوانَ وَأَصبَحَت / وَكُلُّ غَويٍّ خاشِعٌ مُتضائِلُ
وَلَم يَبقَ مِن حِزبِ الضَلالِ اِبنُ غَيَّةٍ / عَلى الأَرضِ إِلّا وَهوَ خَزيانُ خامِلُ
رَفَعتَ عِمادَ المَجدِ مِن بَعدِ ما وَهى / وَرثَّ وَأَضحى رُكنُهُ وَهوَ مائِلُ
وَأَحيَيتَ رُوحَ الجُودِ مِن بَعدِ ما قَضى / وَرَدَّ عَلَيهِ التُربَ حاثٍ وَهائِلُ
وَقُمتَ بِأَحكامِ الشَريعَةِ فَاِستَوَت / لَدَيكَ ذَوُو الأَجبالِ طَيٌّ وَوائِلُ
وَأَوهَيتَ كَيدَ الفاسِقينَ فَأَصبَحُوا / وَناصِرُهُم مِن جُملَةِ الناسِ خاذِلُ
وَداوَيتَ قَرحاً كانَ في كَبدِ العُلى / تَبَطَّنهُ داءٌ مِنَ الغِلِّ قاتِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ أَنتَ إِذا اِلتقَت / صُدُور المَذاكي وَالخِفافُ الذَوابِلُ
وَنِعمَ المُرَجّى في السِنينِ إِذا اِستَوَت / مِنَ الضُرِّ أَبناءُ السُرى وَالأَرامِلُ
وَنِعمَ المُراعي لِلنَّزيلِ إِذا غَدا / أَكيلاً وَأَفنى مالَهُ مَن يُنازِلُ
وَنِعمَ الصَريخُ المُستَجاشُ إِذا اِرتَوَت / لَدى الرَوعِ مِن هامِ الكُماةِ المَناصِلُ
وَنِعمَ لِسانُ القَومِ إِمّا تَأَخَّرَت / عَنِ القَولِ ساداتُ الرِجالِ المَعاوِلُ
وَنِعمَ مُناخُ الرَكبِ أَهدى لَهُ السُرى / سَنا النارِ في الظَلماءِ وَالعامُ ماحِلُ
فَيَا سائِلي عَن شَأنِ فَضلٍ وَلَم يَزَل / بَغيضاً إِليَّ العالِمُ المُتَجاهِلُ
سَلِ القَومَ عَنهُ يَومَ جاءَت وَأَقبَلَت / تَخُبُّ المَذاكي تَحتَها وَتُناقِلُ
أَغارَت عَلى دَربِ الحَنائِدِ غارَةً / يَطيرُ الحَصا مِن وَقعِها وَالجَراوِلُ
لَها فَيلَقٌ بِالجَوِّ ذِي النَخلِ كامِنٌ / وَرَيعانُها لِلمَسجِدِ الفَردِ شامِلُ
وَطارَدَتِ الفِتيانَ فيها وَأَظهَرَت / كُناها وَكُلٌّ عارِفٌ مَن يُجادِلُ
فَوَلَّت حُماةُ القَومِ خَيلاً وَلَم تَزَل / بَنُو الحَربِ في يَومِ التَلاقي تُحاوِلُ
فَراحَت عَلَيها الخَيلُ فَاِنبَعَثَت لَها / جَحافِلُ جَمعٍ تَقتَفيها جَحافِلُ
فَحاصَت حِذارَ القَتلِ وَالأَسرِ خَيلُهُ / وَسُمرُ القَنا فيهنَّ صادٍ وَناهِلُ
فَأَورَدَهُم صَدرَ الحِصانِ كَأَنَّما / لَهُ المَوتُ جُندٌ بِالمُعادينَ كافِلُ
وَعاجَلَ طَعناً سَيِّدَ القَومِ فَاِغتَدَوا / وَقَد عافَ كُلٌّ مِنهُمُ ما يُحاوِلُ
بِها رَدَّ أَرواحَ التَوالي وَقَد غَدَت / إِذا ثارَ مِنهُم راجِلٌ طاحَ راجِلُ
أَقولُ وَقَد طالَ اِهتِمامي وَعَبرَتي / عَلى الخَدِّ مِنها مُستَهِلٌّ وَجائِلُ
وَقَد قَلِقَت مِنّي الحَشا وَتَتابَعَت / ظَواهِرُ أَنفاسٍ وَأُخرى دَواخِلُ
أَيا نَفسُ صَبراً لِلبَلايا فَرُبَّما / أَتى فَرَجٌ لِلمَرءِ وَالمَرءُ غافِلُ
فَكَم ضاقَ أَمرٌ ثُمَّ وَافى اِتِّساعُهُ / وَما عاجِلٌ إِلّا وَيَتلوهُ آجِلُ
وَقَد يَأمَنُ النَقصَ السُها لِاِحتِقارِهِ / وَيَخشى الخُسوفَ البَدرُ وَالبَدرُ كامِلُ
وَما بَينَ مَوتُورٍ وَلا بَينَ واتِرٍ / لِفَصلِ القَضا إِلّا لَيالٍ قلائِلُ
وَلَيسَ عَجيباً أَن يُحَقَّرَ عالِمٌ / لَدى ضِدِّهِ أَو أَن يُوَقَّرَ جاهِلُ
فَقَد رُبَّما لِلجَدِّ يُكرَمُ ناهِقٌ / فَيُخلى لَهُ المَرعى وَيُحرَمُ صاهِلُ
وَقَد يُلبَسُ الدِيباجَ قِردٌ وَلُعبَةٌ / وَتُلوى بِأَعناقِ الرِجالِ السَلاسِلُ
وَما الدَهرُ إِلّا فَرحَةٌ ثُمَّ تَرحَةٌ / تَناوَبُها الأَيّامُ وَالكُلُّ زائِلُ
فَقِرّي حَياءً وَاِطمَئِنّي جَلادَةً / فَأَيُّ كَريمٍ سالَمتهُ الغَوائِلُ
فَما أَنا بِالعَلِّ الجزُوعِ إِذا عَرى / مِنَ الدَهرِ خَطبٌ أَو تَعَرّضَ نازِلُ
وَما كانَ حَملي لِلأَذى عَن ضَراعَةٍ / وَلَكِن لِأَمرٍ كانَ مِنّي التَثاقُلُ
وَإلّا فَعِندي لِلسُرى أَرحَبِيَّةٌ / وَعَزمٌ يَفُلُّ السَيفَ وَالسَيفُ فاصِلُ
وَفِيَّ عَلى عَضِّ اللَيالي بَقِيَّةٌ / وَإِن قُطِعَت مِن راحَتَيّ الأَنامِلُ
وَلِي عَن مَكانِ الذُلِّ مَنأىً وَمَرحَلٌ / وَذا الناسُ في الدُنيا غَريبٌ وَآهِلُ
وَلَستُ غَريباً أَينَ كُنتُ وَإِنَّما / مَعانِيَّ غُربٌ في الوَرى لا المَنازِلُ
وَلَولا رَجائِي في الأَميرِ لَقَلَّصَت / بِرَحلي عَنِ الدارِ القِلاصُ العباهِلُ
وَلَكِن إِذا ما النَفسُ جاشَت وَعَدتَها / بِما وَعَدَتني فيهِ تِلكَ المَخائِلُ
فَيَسكُنُ مِنها الجَأشُ حَتّى كَأَنَّني / بِها فَوقَ أَعلامِ المَجَرَّةِ نازِلُ
وَحُقَّ لِمثلي أَن يُؤَمِّلَ مِثلَهُ / وَفي الناسِ مَأمُولٌ يُرَجّى وَآمِلُ
لِأَنَّ عَلِيّاً جَدَّهُ عَمِّيَ الَّذي / يَطُولُ بِهِ بَيتي عَلى مَن يُطاوِلُ
وَضَبّارُ جَدّي عَمُّهُ وَكِلاهُما / خَليصانِ وَالعَمُّ المُهَذَّبُ ناجِلُ
وَيَجمَعُنا في الأُمَّهاتِ اِبنُ يُوسُفٍ / عَلِيٌّ وَنُعمان الأَغَرُّ الحُلاحِلُ
وَلِيَ دُونَ هَذا عِندَ فَضلٍ وَسيلَةٌ / إِذا اِنقَطَعَت فيما سِواهُ الوَسائِلُ
وَعِندي مِنَ المدحِ الَّذي ما اِهتَدى لَهُ / جَريرٌ وَلا تِلكَ الفُحولُ الأَوائِلُ
أَقَرَّ بِفَضلِ الفَضلِ بادٍ وَحاضِرٌ / وَساقَ إِلَيهِ الشُكرَ حافٍ وَناعلُ
وَأَضحى سَريرُ المُلكِ يَختالُ فَرحَةً / بِهِ وَتَجَلَّت عَنهُ تِلكَ القَساطِلُ
فَيا نَحسُ سِر بُعداً وَسُحقاً وَلا تَجُز / بِداري مَدى الأَيّامِ أُمُّكَ هابِلُ
فَقَد حالَ فَضلٌ دونَ ما أَنتَ طالِبٌ / لَدَيَّ وَذُو الإِحسانِ وَالجُودِ فاضِلُ
وَأَصبَحَ دُوني راجِحٌ وَكَأَنَّهُ / أَخُو غايَةٍ صَعبُ العَريكَةِ باسِلُ
مُلوكٌ هُمُ الشُمُّ الرَواسي رَزانَةً / إِذا ما اِستَخَفَّ الحِلمَ حَقٌّ وَباطِلُ
وَإِن نَهَضُوا يَوماً لِحَربٍ رَأَيتَهُم / كَأَنَّهُمُ فَوقَ الجِيادِ الأَجادِلُ
نَماهُم إِلى العَلياءِ أَشرَفُ والِدٍ / تَقُومُ لَهُ بِالمَأثُراتِ الدَلائِلُ
أَبُو القاسِمِ المَلكُ الَّذي عُرِفَت بِهِ / حِدادُ المَواضي وَالعِتاقُ الصَواهِلُ
هُمامٌ لَهُ عَزمٌ وَحَزمٌ وَمَحتِدٌ / كَريمٌ وَبَأسٌ لا يُطاقُ وَنائِلُ
وَعَدلٌ تَساوى فيهِ سامٍ وَيافِثٌ / وَحامٍ وَمُبدِي قطعِهِ وَالمَواصِلُ
وَلا بَرِحَت تَسطُو رَبيعَةُ في العِدى / بِمِثلِهِمُ ما طَبَّقَ الأَرضَ وابِلُ
وَما ناحَ قُمرِيُّ الحَمامِ وَما دَعا / أَخُو فاقَةٍ وَاستَجلَبَ المَدحَ باذِلُ
وَعاشُوا جَميعاً في نَعيمٍ وَغِبطَةٍ / وَحاسِدُهُم في غُمَّةٍ لا تُزايِلُ
صِداقُ المَعالي مَشرفِيٌّ وَذابِلُ
صِداقُ المَعالي مَشرفِيٌّ وَذابِلُ / وَسابِغَةٌ زَغفٌ وَأَجرَدُ صاهِلُ
وَطَعنٌ إِذا الغُزُّ المَساعيرُ أَقبَلَت / تَخُبُّ مَذاكيها بِها وَتُناقِلُ
وَضَربٌ إِذا ما الصِيدُ هابَت وَأَحجَمَت / وَفَرَّ مِنَ الفرسانِ مَن لا يُنازِلُ
وَنَصّ القِلاص القُودِ تَخدي كَأَنَّها / نَعامٌ بِأَعلى قُلَّةِ الدَوِّ جافِلُ
يَجُوبُ بِهِ البَيداءَ كُلُّ شَمَردَلٍ / يُسارِعُ في كَسبِ العُلى وَيُعاجِلُ
سَواءٌ عَلَيهِ لَيلُهُ وَنَهارُهُ / وَتَهجِيرُهُ وَقتَ الضُحى وَالأَصائِلُ
فَيا خاطِبَ العَلياءِ لا تَحسَبَنَّها / حَديثَ العَذارى أَنشَأَتهُ المَغازِلُ
تَنَحَّ وَدَعها هَكَذا غَيرَ صاغِرٍ / لِمَلكٍ هُمامٍ ما اِشتَهَت فَهوَ باذِلُ
أَغَرُّ عُيونِيٌّ كَأَنَّ جَبينَهُ / صَفيحَةُ سَيفٍ أَخلَصَتهُ الصَياقِلُ
نَماهُ إِلى العَلياءِ فَضلٌ وَعَبدَلٌ / وَأَحمَدُ وَالقَرمُ الهِزَبرُ الحُلاحِلُ
هُوَ المَشرَبُ العَذبُ الَّذي طابَ وِردُهُ / إِذا خَبُثَت لِلشّارِبينَ المَناهِلُ
سمامُ العِدى جَمُّ النَدى دافِعُ العِدى / بَعيدُ المَدى يَعلُو بِهِ مَن يُطاوِلُ
بِهِ اِفتَخَرَت هِنبٌ وَطالَت بِمَجدِهِ / لُكَيزٌ وَعَزَّت عَبدُ قَيسٍ وَوائِلُ
لَهُ ذِروَةُ المَجدِ المُؤَثَّلِ وَالعُلى / إِذا اِنشَعَبَت يَومَ الفَخارِ القَبائِلُ
حَميدُ السَجايا ما تَروحُ عِداتُهُ / مُسالمةً هاماتُهُم وَالمَناصِلُ
يُحكِّمُ في أَعدائِهِ حدَّ سَيفِهِ / إِذا حُطِّمَت في الدّارِعينَ العَوامِلُ
إِذا ما رَآهُ ناظرٌ خالَ أَنَّهُ / شِهابٌ عَلى جانٍ مِنَ الأُفقِ نازِلُ
يَرومُ ذَوو الأَغراضِ إِدراكَ شَأوِهِ / وَأَينَ مِنَ البَحرِ الخِضَمِّ الجَداوِلُ
وَهَيهاتَ نَيلُ الفَرقَدينِ وَلَو رَقى / عَلى مُشمَخِرّاتِ الذُرى المُتَناوِلُ
هُوَ البَحرُ لَكِن مَدُّهُ غَيرُ جازِرٍ / هُوَ البَدرُ إِلّا أَنَّهُ الدَهرَ كامِلُ
هُوَ الشَمسُ في جَوِّ السَماءِ وَنُورُها / عَلى كُلِّ مَن فَوقَ البَسيطَةِ شامِلُ
هُوَ المُزنُ إِلّا أَنَّهُ فَوقَ سابِحٍ / وَفي كُلِّ أَرضٍ مِنهُ سَحٌّ وَوابِلُ
هُوَ اللَيثُ إِلّا أَنَّ عِرِّيسَهُ القَنا / وَصيداتِهِ الصّيدُ المُلوكُ العَباهِلُ
هُوَ النَصلُ لَكِن لا يحُسُّ غِرارَهُ / بَنانٌ وَبِالأَيدي تُحَسُّ المَناصِلُ
إِذا صَبَّحَت راياتُهُ دارَ مَعشَرٍ / عِدىً كَثُرَت أَيتامُها وَالأَرامِلُ
وَإِن رُبِطَت بَينَ القِبابِ جِيادُهُ / فَهُنَّ بِأَكبادِ المُلوكِ جَوائِلُ
فَقُل لِلعِدى مَهلاً قَليلاً فَإِنَّهُ / سِمامٌ لِمَن يَبغي العَداوَةَ قاتِلُ
كَأَنَّكُم لَم تَعرِفُوا سَطَواتِهِ / إِذا الحَربُ فارَت مِن لَظاها مَراجِلُ
سَلُوا تُخبَرُوا مِن غَيرِ جَهلٍ لِفِعلِهِ / بَني مالِكٍ فَالحُرُّ بِالحَقِّ قائِلُ
أَلَم يَجلِبِ الجُردَ العِتاقَ شَوازِباً / مِنَ الخَطِّ تَتلُوها المَطايا المَراسِلُ
إِلى أَن أَناخَت بِالدَجانيّ بَعدَما / بَراها السُرى وَالأَينُ فَهيَ نَواحِلُ
فَصَبَّحنَ حَيّاً لَم تُصَبَّح حِلالهُ / قَديماً وَلا رامَت لِقاهُ الجَحافِلُ
فَكُم قَرمِ قَومٍ غادَرَتهُ مُجَدَّلاً / تَقُطُّ شَواهُ الخامِعاتُ العَواسِلُ
وَكَم مالِ نَحّامٍ مِنَ القَومِ أَصبَحَت / تُقَسَّمُ غَصباً جُلُّهُ وَالعَقائِلُ
وَكَم عاتِقٍ لَم تَترُكِ الخِدرَ ساعَةً / تُقلِّبُ كَفَّيها لَهُ وَهيَ ثاكِلُ
تَقُولُ وَدَمعُ العَينِ مِنها كَأَنَّهُ / جُمانٌ هَوى مِن سِلكِهِ مُتوابِلُ
حَنانيكَ يا اِبنَ الأَكرَمينَ فَلَم تَدَع / لَنا أَملاً تُلوى عَلَيهِ الأَنامِلُ
وَفي لِينَةٍ أَردى شَغاميمَ طَيِّئٍ / جِهاراً وَلَونُ الجَوِّ بِالنَقعِ حائِلُ
عَشِيَّةَ لا يَلوي عِنانَ جَوادِهِ / حِمىً وَالعَذارى دَأبُهُنَّ التَعاوُلُ
غَدا مِثلَ ما راحَ الظَليمُ يَحُثُّهُ / عَلى الجَريِ لَيلٌ قَد أَظَلَّ وَوابِلُ
فَإِن يَنجُ مِن أَسيافِهِ فَلَقَد نَجا / وَفي قَلبهِ خَبلٌ مِن الرُعبِ خابِلُ
وَكانَ لَهُم بِالحَزمِ يَومٌ عَصَبصَبٌ / وَقَد حَشَدَت لِلحَربِ تِلكَ القَبائِلُ
عَنينٌ وَآلُ الفَضلِ مِن آلِ بَرمَكٍ / وَكُلُّهُمُ لِلعِزِّ أَنفٌ وَكاهِلُ
وَجاءَت زَبيدٌ كَالجَرادِ وَطَيِّئٌ / وَكُلٌّ يُمَنّي نَفسَهُ ما يُحاوِلُ
وَكانُوا يَظُنّونَ الأَميرَ بِدارِهِ / مُقيماً وَجاءَتهُم بِذاكَ الرَسائِلُ
فَضاقَت عَلى أَحياءِ قَيسٍ رِحابُها / مِنَ الخَوفِ وَاِنسَدَّت عَلَيها المَناهِلُ
وَجاءَت إِلَيهِ الرُسلُ مُخبِرَةً لَهُ / بِما قَد دَهى وَالأَمرُ إِذ ذاكَ هائِلُ
فَسارَ مِنَ الأَحساءِ تَطوي بِهِ الفَلا / عِتاقُ المَذاكي وَالمَطِيُّ الذَوامِلُ
فَمَرَّت بِقَصرِ العَنبَرِيِّ وَلَم يَكُن / لَها بِسِوى دارِ الأَعادي تَشاغُلُ
فَما شَعَروا حَتّى تَداعَت عَلَيهِمُ / كَما يَتَداعى صَيِّبٌ مُتَوابِلُ
شَوائِلُ تشوال العَقارِبِ فَوقَها / لُيُوثٌ وَلَكِن غابُهُنَّ القَساطِلُ
فَثارُوا يُرِشّونَ الطّرادَ وَكُلُّهُم / يُطاعِنُ في مَوجاتِها وَيُجاوِلُ
إِلى أَن بَدَت مِن آلِ فَضلٍ عِصابَةٌ / قَصيرٌ لَدَيها الباذِخُ المُتَطاوِلُ
يَقودُ نَواصِيها أَخُو الجُودِ ماجِدٌ / وَفَضلٌ إِذا هابَ الكَمِيُّ المُنازِلُ
وَأَحمَدٌ السامي عَظيمٌ وَكُلُّهُم / أَخُو ثِقَةٍ يَعلُو عَلى مَن يُصاوِلُ
فَزادَ مَقاديمَ الفَوارِسِ بَعدَما / تَحَطَّمَ فيها مَشرَفِيٌّ وَذابِلُ
وَأَقبلَ لَيثُ الغابِ أَعني مُحمّداً / يُفَتِّشُ عَن أَشبالِهِ وَيُسائِلُ
فَقِيلَ لَهُ تَحتَ العَجاجَةِ دَأبُهُم / طِعانُ العِدى في حَيثُ تَخفى المَقاتِلُ
فَأَورَدَهُم صَدرَ الحِصانِ كَأَنَّهُ / بِأَخذِ نُفوسِ القَومِ بِالسَيفِ كافِلُ
فَطارُوا سِلالاً مِن أَسيرٍ وَهارِبٍ / وَمِن هالِكٍ تَبكي عَلَيهِ الثَواكِلُ
وَلَم يَبقَ إِلّا خائِفٌ مُتَرَقِّبٌ / حِماماً سَريعاً أَو نَزيلٌ مُنازِلُ
وَمِن بَعدِ ذاكَ العِزِّ أَضحَت مُلُوكُهُم / وَكُلٌّ لَدَيهِ خاشِعٌ مُتَضائِلُ
وَلا عارَ لَو عاذُوا بِأَكنافِ سَيِّدٍ / يَطُولُ فَلا تُرجى لَدَيهِ الطَوائِلُ
فَمِن قَبلِ ذا عاذَت بِأَكنافِ هانِئٍ / بَنُو مُنذِرٍ إِذ عارَضَتها الغَوائِلُ
فَقُل لِعُقَيلٍ غَثِّها وَسَمينِها / إِذا جَمَعتها في النُجوعِ المَحافِلُ
أَلا إِنَّما فِعلُ الأَميرِ مُحَمَّدٍ / لِإحياءِ ما سَنَّ الجُدودُ الأَوائِلُ
هُمُ بِخَزازَى دافَعُوا عَنكُمُ العِدى / وَذَلِكَ يَومٌ مُمقِرُ الطَعمِ باسِلُ
فَشُكراً بِلا كُفرٍ لِسَعيِ رَبيعَةٍ / فَما يَكفُرُ النَعماءَ في الناسِ عاقِلُ
إِلَيكَ اِبنَ شَقّاقِ الفَوارِسِ مِدحَةٌ / تُطَأطَأ لَها مِن حاسِديكَ الكَواهِلُ
أَتَتكَ كَنَظمِ الدُرِّ مِن ذي قَرابَةٍ / لِإِحياءِ وُدٍّ لا لِمالٍ يُحاوِلُ
زَهَت هَجَرٌ مِن بَعدما رَثَّ حالُها
زَهَت هَجَرٌ مِن بَعدما رَثَّ حالُها / وَعادَ إِلَيها حُسنُها وَجَمالُها
وَأَضحَت تُباهي جَنَّتي أَرضِ مَأربٍ / لَيالي بَنُو ماءِ السَماءِ حِلالُها
فَيا حُسنَها حينَ اِستَقَرَّ قَرارُها / وَزايَلَها ما كانَ فيهِ وَبالُها
بِأَوبَةِ مَيمُونِ النَقيبَةِ لَو سَطا / عَلى الأرضِ خَوفاً مِنهُ زالَت جِبالُها
بِهِ اِعتَدَلَت أَرض الحَساءِ وَغَيرُها / وَقَد كانَ أَعيَى لِلأَنامِ اِعتِدالُها
إِذا غابَ عَنها غابَ عَنها رَبيعُها / وَإِن آبَ فيها آبَ فيها ثِمالُها
فَتىً لَم يَزَل مُذ كانَ يخشى وَيُرتَجى / إِذا قَصَّرَت عَن يَومِ خَطبٍ رِجالُها
فَيَخشاهُ جَبّارٌ وَيَرجُوهُ خائِفٌ / وَأَرمَلَةٌ قَد ماتَ هُزلاً عيالُها
يَجُذُّ مَقالاتِ الرِجالِ بِلَفظَةٍ / وَيَقصُرُ عَنهُ عِندَ ذاكَ جِدالُها
تَوَدُّ مُلوكُ الشَرقِ وَالغَربِ أَنَّهُ / يَمينٌ وَأَنَّ العالمينَ شِمالُها
هُمامٌ مَتى نُودي عَلى الخَيلِ بِاِسمِهِ / تَضايَقَ عَنها في المَكَرِّ مَجالُها
وَإِن حُدِيَت بَعدَ الكَلالِ قَلائِصٌ / بِذكراهُ وَهناً زالَ عَنها كَلالُها
وإِن نُزلَ الخرمُ المَخُوفُ فَبَيتُهُ / مِن الأَرضِ عالي هُضبِها وَتِلالُها
وَإِن نَزَلَ الوَسمِيُّ دارَ قَبيلَةٍ / رَعاهُ ولَو أَنَّ الرياضَ قِلالُها
أَعَزَّ عُقَيلاً عِزُّهُ فَتَدَامَلَت / وَمِن قَبلُ أَعيى مَن سِواهُ اِندِمالُها
كَفاها وَأَغناها بِنائِلِ كَفِّهِ / وَمالِ عِداها فَاِغتَدَت وَهوَ مالُها
وَأَنزَلَها دارَ الأَعادي بِسَيفِهِ / فَأَضحَت خَفافيثاً لَدَيها صِلالُها
وأَورَدَها بِالمَشرَفيِّ مَوارِداً / حَرامٌ بِغَيرِ المَشرَفيِّ بَلالُها
أَقامَ عُهُوداً بَينَ عَمرٍو وَعامِرٍ / عَيِيٌّ عَلى أَيدي الرِجالِ اِنحِلالُها
لَعَمري لَنِعمَ المُستَغاثُ إِذا دَعَوا / لِنائِبَةٍ جَلَّت وَآذى اِحتِمالُها
وَنِعمَ لِسانُ القَومِ إِن قيلَ مَن لَها / خَطيبٌ وَأَعيَى الحاضِرينَ مَقالُها
وَنِعمَ مُناخُ الطارِقينَ إِذا أَتَت / تُقَلقِلُ مِن بَعدِ الهُدُوِّ رِحالُها
وَنِعمَ مَلاذُ المُعتَفينَ إِذا نَبا / زَمانٌ وَهَبَّت عامَ مَحلٍ شَمالُها
وَنِعمَ سَدادُ الثَغرِ تَكثُرُ دُونَهُ / مَعاذيرُ أَربابِ العُلى وَاِعتِلالُها
فَيا ذا العُلى وَالمَجدِ وَالدَوحَةِ الَّتي / زَكى فَرعُها وَاِزدادَ طيباً ظِلالُها
وَجَدِّكَ مُذ فارَقتَنا ما صَفَت لَنا / حَياةٌ وَلا خَلّى العُيونَ اِنهِمالُها
وَما ذاكَ إِلّا لِاِشتِياقٍ مُبَرِّحٍ / إِلى لَثمِ كَفٍّ لَيسَ كُلٌّ يَنالُها
أَنامِلُها فيها حَياةٌ وَرَحمَةٌ / ومَوتٌ وَيُغني الطالِبينَ اِنهِمالُها
فَعِش أَبَداً يابا عَلِيٍّ بِعِزَّةٍ / يَزيدُ عَلى مَرِّ اللَيالي جَلالُها
فَأَنتَ الَّذي لَولاهُ لَم تَبقَ رايَةٌ / لِمَجدٍ وَرَثَّت غَيرَ شَكٍّ حِبالُها
وَجِد وَاِجتَهِد في آلِ جَروانَ إِنَّهُم / سُيوفٌ تُقَرّي حاسِديكَ نِصالُها
هُمُ بَذَلُوا فيما يَسُرُّكَ أَنفُساً / كِراماً وَنارُ الحَربِ يَعلُو اِشتِعالها
وَهُم حَطَّمُوا سُمرَ العَوالي وَفَلَّلُوا / مَضارِبَ أَسيافٍ حَديثاً صِقالُها
غَداةَ أَبي الجرّاحِ يَغدو كَأَنَّهُ / نَعامَةُ قَفرٍ تَقتَفيها رِئالُها
وَذادُوا الأَعادي عَن حِماكَ وَفَلَّقُوا / جَماجِمَ لَم يَبرَح قَديماً ضَلالُها
وَأُوصِيكَ خَيراً بِالعَشيرَةِ كُلِّها / فَإِنَّكَ مِن بَعدِ الإِلَهِ مَآلُها
فَأَنتَ الَّذي أَحيَيتَها وَأَغثتَها / وَقَد كَثُرَت قِيلُ الأَعادي وَقالها
فَلا تَكتَرِث مِن قَولِ واشٍ وَشى بِها / فَما مُبلِغُ الحُسّادِ إِلّا مِحالها
وَأَلغِ مَقالاتِ الوُشاةِ فَإِنَّها / لأَشياءَ ظَنّي أَنَّها لا تَنالُها
أَقيما عَلى حَرِّ المُدى أَو تَرَحَّلا
أَقيما عَلى حَرِّ المُدى أَو تَرَحَّلا / فَلَستُ بِراضٍ مَنزِلَ الهُونِ مَنزِلا
وَلا تَسأَلاني أَينَ تَرمي رَكائِبي / فَمالَكُما أَن تُسلِماني وَتسأَلا
فَقَد سَئِمَت نَفسي المُقامَ وَشاقَني / رُكُوبُ الفَيافي مَجهَلاً ثُمَّ مَجهَلا
وَكَيفَ مُقامي بَينَ أَوباشِ قَريَةٍ / أَرى الرَأسَ فيها مَن بِها كانَ أَسفَلا
بَني عَمِّ مَن أَمسى كَثيراً سَوامُهُ / وَإِن كانَ أَدنى مِن هُتَيمٍ وَأَرذَلا
وَأَعداءُ مَن غالَت يَدُ الدَهرِ مالَهُ / وَإِن كانَ أَسرى مِن قُرَيشٍ وَأَنبلا
لَحى اللَّهُ مَن يُغضي عَلى ضَيمِ صاحِبٍ / وَمَن يَجعَلُ الخِلَّ المُناصِحَ مَأكلا
وَمَن لا يَرى حَقَّ الصَديقِ وَلَو نَبا / بِهِ الدَهرُ أَو أَضحى مِنَ المالِ مُرمِلا
وَمَن لا يُجازي الوُدَّ بِالوُدِّ مُفضِلاً / وَيَجزي القِلى وَالصَدَّ بِالصَّدِّ وَالقِلى
خَليليَّ كُفّا عَن جِدالي فَإِنَّني / أَرى الرَأيَ كُلَّ الرَأيِ أَن أَتَرَحَّلا
فَقَد جاءَ في بَيتٍ مِنَ الشِعرِ سائِرٍ / لَنا مثلٌ مِن عالِمٍ قَد تَمَثَّلا
وَإِنَّ صَريحَ الحَزمِ وَالرَأيِ لِاِمرِئٍ / إِذا أَدرَكَتهُ الشَمسُ أَن يَتَحَوَّلا
فَكَيفَ بِنارٍ لا يَزالُ وَقودُها / حَديداً إِذا حُشَّت بِرِفقٍ وَجَندَلا
إِلى كَم أُداري بَينَ قَومي وَأَتَّقي / وَأَصدى فَأُسقى الماءَ صاباً وَحَنظَلا
بَلَوتُ صُروفَ الدَهرِ كَهلاً وَيافِعاً / فَما اِزدَدتُ عِلماً غَيرَ ما كانَ أَوَّلا
وَأَلقى صُروفَ الدَهرِ سِنَّ اِبنِ أَربَعٍ / فَتَحسَبُني الأَحداثُ عوداً مُذَلَّلا
كَذا الماجِدُ الأَحساب يَمضي وَما دَرَت / رُواةُ المَساعي أَيَّ عَصرَيهِ أَفضَلا
وَقَلَّبتُ هَذا الدَهرَ بَطناً وَظاهِراً / فَأَلقَيتُهُم ذِئباً وَهِرّاً وَتَنفُلا
وَما اِختَرتُ خِلّاً مِنهُمُ أَتَّقي بِهِ / زَمانِيَ إِلّا اِشتَقتُ أَن أَتَبَدَّلا
دَعَوتُ رِجالي مِن قَريبٍ فَخِلتُني / دَعَوتُ إِلى الجُلّى أَسيراً مُكَبَّلا
وَأَعلَنتُ في الحَيِّ البَعيدِ فَلم أَجِد / عَلَيهِم لِمثلي في الخُطوبِ مُعَوِّلا
وَمِن قَبلُ ما نادَيتُ في حَيِّ عامِرٍ / وَكُنتُ لِداعِيهِم إِذا الأَمرُ أَغفَلا
فَصُمَّت رِجالٌ عَن دُعائي وَأَحجَمَت / كَمِثلِ بُغاثِ الطَيرِ عايَنَ أَجدَلا
ولَو دِرهَمٌ يَوماً دَعاهُم لَأَقبَلَت / رِجالٌ وَخَيلٌ تَملأُ الجَوَّ قَسطَلا
كَذَلِكَ مَن يَبغي الوَضائِمَ لا يَني / يُضامُ وَيُسقى بِالكَبيرِ المُثَمِّلا
وَلا لَومَ في شاني عَلَيهِم لِأَنَّني / لَأَلوي بِهِ أَو أَجعَل الآلَ مَنهَلا
وَلَو أَنَّ مَن نادَيتُ مِن صُلبِ عامِرٍ / لَأَوضَعَ إِيضاعاً لِصَوتي وَأَرفَلا
وَلَكِنّ أَوباشاً لَعَمري تَجَمَّعَت / مَعَ اِبنِ عَلِيٍّ إِذ تَوَلّى وَأَجهَلا
نَفتهُم قَديماً بَكرَةً وَمُحارِبٌ / وَلَم يَجِدُوا في حَيِّ شَيبانَ مَدخَلا
وَلَو أَنَّ عِرقاً مِن رَبيعَةَ فيهِمُ / لَكانُوا عَلى الأَرحامِ أَحنا وَأَوصَلا
أَلا يا لَقومي هَل أَرى في جَنابِكُم / مُطاعاً لَدى الساداتِ مِنكُم مُبَجَّلا
وَهَل أُصبِحُ الأَعداءَ مِنكُم بِصَيلَمٍ / تُغادِرُ دارَ القَومِ رَبعاً مُعَطَّلا
أَيُصبِحُ حَظّي فيكُمُ وَهوَ ناقِصٌ / وَتَغدُو حُظوظُ الغَيرِ أَوفى وَأَكمَلا
وَيُكرَمُ أَقوامٌ مُعيدٌ أَبُوهُمُ / وَيُحرَمُ مَن يُدعى عَلِيّاً وَعَبدَلا
أَما وَأَبيكُم إِنَّها لَبَلِيَّةٌ / إِذا جالَ فيها فِكرُ مِثلي تَمَلمَلا
حِذاراً عَلى العَقدِ الَّذي عَقَدَت لَنا / أَوائِلُنا في العِزِّ أَن يَتَحَلَّلا
وَخَوفاً مِنَ الأَمرِ الَّذي يَشعَبُ العَصا / وَمَن خَذَل المَولى لَهُ كانَ أَخذَلا
أَقولُ وَقَد فَكَّرتُ في أَمرِ عُصبَةٍ / إِذا قُلتُ عَنها أَدبَرَ الشَرُّ أَقبَلا
وَقَد شَرِقَت لِلغَبنِ عَيني بِمائِها / وَحُقَّ لِماءِ العَينِ أَن يَتَهَمَّلا
تَرى أَنَّ أَفعالَ اللَيالي الَّتي جَرى / لَنا شُومُها صارَت عَلى وَزنِ أَفعَلا
فَيا شِقَوتا ما لي أَرى كُلَّ ساعَةٍ / أُمُوراً مُحالاتٍ وَرَأياً مُضَلَّلا
وَما لي أَرى الساداتِ إِمّا مُشَرَّداً / بِأَرضِ الأَعادي أَو مَضيماً مُكَبَّلا
شَفى غَيظَهُ مِنّا المُعادي لَوِ اِشتَفى / وَحَرَّمَ فينا مِن قَريبٍ وَحَلَّلا
وَما نالَ مِنّا ذاكَ إِلّا لِأَنَّنا / جَعَلنا لَهُ دِرعاً وَرُمحاً وَمُنصَلا
وَمَن يُعطِ خَصماً دِرعَهُ وَحُسامَهُ / وَسابِقَهُ فَليَلبَسِ الذُلَّ مُشملا
وَمَن مَلَّكَ الأَعداءَ تَدبيرَ أَمرِهِ / فَذاكَ الَّذي يُدعى العَديمَ المُثَكَّلا
وَمَن رامَ طولَ العُمرِ بِالذُلِّ وَالغَبا / رَأى المَوتَ مَرأَىً عاجِلاً وَمُؤَجَّلا
وَمَن لَم تَكُن أَنصارُهُ مِن رِجالِهِ / أُخيفَ وَأَضحى بِالجناياتِ مُبسَلا
وَمَن لانَ يَوماً لِلعِدى هانَ وَاِصطَلى / عَلى الكُرهِ مِن نيرانِها شَرَّ مُصطَلى
وَمَن لَم يُقَدِّم لِلأُمورِ مُقَدَّماً / أَضاعَ وَأَبدى لِلمرامينَ مَقتَلا
فَآهٍ لِقَومي لَو أُطِعتُ لَدَيهِمُ / دَرَوا أَنَّ فيهِم حازِمَ الرَأيِ فَيصَلا
لَقَد كُنتُ لا أَرضى الدَنِيَّةَ فيهمُ / وَلا يَزدَهيني عَنهُمُ مَن تَمَحَّلا
وَلَكِن إِذا ما الأَمرُ حُمَّ اِنتِهاؤُهُ / أَقامَ مُقامَ الأَضبَطِ الوردِ خَيطَلا
وَأَقمَنُ شَيءٍ بِالهَلاكِ مَدينَةٌ / تُريكَ نَبِيهَ القَدرِ مَن كانَ أَخمَلا
فَيا رَبِّ لا صَبراً عَلى ذا وَلا بَقاً / فَسُق فَرَجاً أَو لا فَمَوتاً مُعَجَّلا
أَفي كُلِّ يَومٍ لِلخُطوبِ أصالي
أَفي كُلِّ يَومٍ لِلخُطوبِ أصالي / أَلا ما لِأَحداثِ الزَمانِ وَما لي
يُفَجِّعنَني في كُلِّ يَومٍ يَمُرُّ بي / بِأَنفَسٍ مالٍ أَو بِأَشرَفِ آلِ
أَرى الشَرَّ قُدّاماً وَخلفاً وَأَتَّقي / نِبالَ الأَذى عَن يَمنَةٍ وَشِمالِ
إِذا قُلتُ جَلّى بَعضُ هَمّي أَتَت لَهُ / نَوائِبُ أَمضى مِن حُدودِ نِصالِ
كَأَنَّ الرَزايا وَالمَنايا تَحالَفا / عَلى عَكسِ آمالي وَبَثِّ مَآلي
لَحى اللَهُ هَذا الدَهرَ كَم يَستَفِزُّني / لِخَوضِ بِحارٍ أَو لِشَقِّ جِبالِ
يُكَلِّفُني جَريَ الجَوادِ وَقَد لَوى / شِكالاً عَلى ساقَيَّ خَلفَ شِكالِ
وَقَد مَصَّ مُخَّ العَظمِ حَتّى إِزارهُ / وَبَدَّلَهُ مِن نِيِّهِ بِهُزالِ
وَهَل يَقطَعُ الشّكلَ الجَوادُ عَلى الوَنى / وَلَو جالَ في الآرِيِّ كُلَّ مَجالِ
أَقولُ وَقَد فَكَّرتُ في أَمرِ خِلَّتي / وَأَمري وَحالِ الأَرذَلينَ وَحالي
أَلا لَيتَني قَد كُنتُ خِدناً مُخادِناً / لِخَيطِ نَعامٍ في الفَلا وَرِئالِ
وَلَم أَكُ عارَفتُ اللِئامَ وَلَم أَنُط / حِبالَ خَسيسٍ مِنهُمُ بِحِبالي
فَلَم أَرَ مِنهُم غَيرَ خِبٍّ يَمُدُّ لي / لِسانَ مُحِبٍّ مِن طَوِيَّةِ قالِ
لَهُ شِيمَةُ السَنَّورِ في لُطفِ خدعِهِ / وَلَكِنَّهُ في اللَمسِ حَيَّةُ ضالِ
إِذا جِئتُ فَدّاني وَأَبدى بَشاشَةً / وَلاحَظَني مِنهُ بِعَينِ جَلالِ
وَإِن غِبتُ أَدنى ساعَةٍ مِن لحاظِهِ / تَمَحَّلَ في غَيبي بِكُلِّ مِحالِ
إِلى اللَهِ أَشكُو مَنجَمي في مَعاشِرٍ / هُمُ شَرُّ ماضٍ في الزَمانِ وَتالِ
صَحِبتُهُمُ مُستَصفِياً فَوَجَدتُهُم / أَليمَ عَذابٍ في أَشَدِّ نِكالِ
إِذا قُلتُ حَلَّ الدَهرُ غِلَّ صُدُورِهِم / أَبَت سُوءُ أَخلاقٍ وَقُبحُ خِصالِ
ولا ذَنبَ لي إِلّا حِجىً وَبَراعَةٌ / وَمَجدٌ وَبَيتٌ في رَبيَعَةَ عالِ
وَمَيلي إِلى أَهلِ التَواضُعِ وَالعُلى / بِوُدّي وَبُغضي الأَسفَلَ المُتَعالي
وَمَعرِفَتي آباءَهُم وَجُدُودَهُم / وَرَفضي لِقيلٍ في الأَنامِ وَقالِ
لِعِلمي بِيَومٍ ما بِهِ ذُو نَدامَةٍ / يُرَدُّ وَلا ذُو عَثرَةٍ بِمُقالِ
وَلا السَيِّدُ الجَبّارُ فيهِ بِسَيِّدٍ / مُطاعٍ وَلا عالي الرَعاعِ بِعالِ
بِهِ الحُكمُ لِلّهِ الَّذي لا قَضاؤُهُ / بِحَيفٍ وَلا سُلطانُهُ بِمُزالِ
أُداريهمُ حَتّى كَأَنّي لَدَيهمُ / أَسيرُ طِعانٍ أَو أَسيرُ سُؤالِ
وَلَو شِئتُ قَد كُنتُ المُدارى لِأَنَّني / أَصُولُ بِأَيدٍ في الأَنامٍ طِوالِ
إِذا شِئتُ لَبّى دَعوَتي كُلُّ ماجِدٍ / يُعَدُّ لِيَومَي نائِلٍ وَنِزالِ
جِبالٌ إِذا طاشَت حُلومُ بَني الوَغى / رَواسٍ وَلَكِن في شُخوصِ رِجالِ
عَلى كُلِّ مَحبُوكِ القَرى شَنجِ النَسا / تَجِيءُ رِعالاً مِن وَراءِ رِعالِ
نِتاجُ اِبنِ حَلّابٍ وَقَيدٍ وَلاحِقٍ / وَغُلِّ المَذاكي كامِلٍ وَعُقالِ
بِها كم وَطِئنا مِن رِقابِ قَبيلَةٍ / وَحَيٍّ عَلى مَرِّ الزَمانِ حِلالِ
وَذُو الحُمقِ لَو نادى أَراهُ نِداؤُهُ / بَناتِ اِبنِ آوى في شُخوصِ سَعالي
تَجِيءُ بِآلاتٍ لَها مُستَعِدَّةً / لِحَصدِ غِلالٍ لا لِضَربِ قِلالِ
عَلى كُلِّ مَرقُومِ الذِراعَينِ يَنتَمي / لِأَلأَمِ عَمٍّ في الكِدادِ وَخالِ
تَشاحَجُ فيها آتُنٌ مُوجدِيَّةٌ / يَنُسنَ بِآذانٍ لَهُنَّ طِوالِ
لَنا كَدحُهُم في حَيثُ كانُوا وَكَدحُها / حَلالٌ مِن الباري وَغَيرُ حَلالِ
عَدِمتُ زَمانَ السُوءِ أَمّا بُزاتُهُ / فَعُطلٌ وَأَمّا بُومُهُ فَحوالِ
أَراهُ وَلُوعاً بِالكِرامِ يَلُسُّها / كَلَسِّ الكَلا مِن يَمنَةٍ وَشِمالِ
كَأَنَّ لَهُ ثَأراً عَلى كُلِّ ماجِدٍ / جَمالٍ لِأَهلِ الأَرضِ وَاِبنِ جَمالِ
فَقُل لِبَني الأَوباشِ مَهلاً فَإِنَّها / لَيالٍ وَتَأتي بَعدَهُنَّ لَيالِ
فَإِن رَقَدَت عَينُ الزَمانِ هُنَيئَةً / فَكَم يقظَةٍ مِنهُ أَتَت بِزَوالِ
فَلَولا أُفُولُ الشَمسِ لَم يَبنِ السُها / وَلَولا الدُجى ما لاحَ ضَوءُ ذُبالِ
فَلا تَطمَعِ الأَوباشُ فينا فَإِنَّنا / رَحاها وَما الأَوباشُ غَيرُ ثُفالِ
فَإِنَّ هُتَيماً لَو حَوَت مالَ هاشِمٍ / هُتَيمٌ فَلا يَغرُركَ طَيفُ خَيالِ
سَتَرجِعُ فيما عُوِّدت مِن حَميرِها / وَمِن خَرقِ أَشنانٍ وَخَصفِ نِعالِ
فَصَبراً قَليلاً سَوفَ تَجني غِراسَها / ثَمارَ بَلايا أَينَعَت وَوَبالِ
وَإِلّا فَلا عَزَّت مُلُوكُ بَني أَبي / وَلا خَطَرَ الفِعلُ الجَميلُ بِبالي
فَكُلٌّ لَهُ مِمّا قَضى اللَهُ عادَةٌ / سَتُدرِكُهُ لَو نالَ كُلَّ مَنالِ
فَسَوفَ تَرونَ الشَمسَ قَد غالَ نُورُها / نُجُوماً مُسَمّاةً وَبَدرِ كَمالِ
فَكَيفَ بِها مَخسُولَةً لَو تَساقَطَت / لَما عَدَلَت في الفَقدِ عُودَ خِلالِ
وَمَن عَوَّدَ اللَهُ الجَميلَ فَإِنَّهُ / سَيَبقى بِجِدٍّ في العَشيرةِ عالِ
عَلى ذاكَ مِنّي شاهِدٌ غَيرُ غائِبٍ / يُبَيِّنُ لِلأَقوامِ صِدقَ مَقالي
وَآلُ بَني جَروانَ لَمّا رَمَتهُمُ / بِداءٍ عَلى غَيرِ الكِرامِ عُضالِ
أَرادَت عِداهُم نَيلَ ما كانَ مِن عُلىً / لَهُم يا لَقَومي مِن عَمىً وَضَلالِ
وَأَطمَعَهُم قَتلُ الرَئيسِ وَما جَرى / مِن اِخراجِ آلٍ وَاِستِباحَةِ مالِ
فَما رَبِحُوا غَيرَ العَناءِ وَإِن غَدَت / عُقُولُهُم تُدعى عُقُولَ سِخالِ
وَهَل عَمَلٌ أَغنى عَن المالِ أَو شَفى / حَرارَةَ ظَمآنٍ تَرَيّعُ آلِ
فَلم يَمضِ إِلّا الحَولُ ثُمَّ رَأَيتُهُم / عَلى رَغمِ شانِيهِم بِأَنعَمِ بالِ
يَلُوذُ مُعادِيهم بِهم وَهو خاضِعٌ / كَما تَخضَعُ الجُربُ العِجافُ لِطالِ
فَلَو أَنَّهُم شاؤُوا لأَضحَت مَنازِلٌ / تَمُرُّ بِها الأَيّامُ وَهيَ خَوالِ
وَلَكِنَّ حُسنَ العَفوِ مِنهُم سَجِيَّةٌ / إِذا ما عَفا وَالٍ وَعاقَبَ والِ
وَمِن حَقِّ بَيتٍ مِنهُ يُعزى اِبنُ عَبدَلٍ / دَوامُ عُلُوٍّ في أَتَمِّ كَمالِ
وَمَن يَلقَ إِبراهيمَ يلقَ اِبنَ تارَحٍ / أَخي العَزمِ في نسكٍ وَعَزمِ خِلالِ
وَيَلقَ اِبنَ يَعقُوبَ المُكَرَّمَ يُوسُفاً / نَبِيَّ الهُدى في عِفَّةٍ وَجَمالِ
فَتىً حَلَّ مِن عَليا لُكَيزٍ وَعامِرٍ / بِأَعلى مَحَلٍّ مِن ذُرىً وَقِلالِ
فَيا بِأَبي أَخلاقُهُ الغُرُّ إِنَّها / لَأَعذَبُ مِن صافي الثِّغابِ زلالِ
أَخٌ وَاِبنُ عَمٍّ حينَ أَدعُو وَوالِدٌ / شَقيقٌ وَخِلٌّ لا يَخُونُ وَكالي
كَفى ساكِنَ البَحرَينَ كُلَّ عَظيمَةٍ / وَناءَ بِأعباءٍ تكِدنَ ثِقالِ
فَلولاهُ لا زالَ الرَفيعَ عِمادُهُ / لَصال عَلَيها الدَهرُ كُلَّ مصالِ
فَدامَ لَهُ طُولُ البَقاءِ مُعَظَّماً / لِعَقرِ مَتالٍ أَو لِمَنعِ نَوالِ
وَلا زالَ يَعلُو في السَعادَةِ جَدُّهُ / وَيَنمى بَلا نَقصٍ بِماءِ هِلالِ
أُمَيمُ لا تُنكِري حِلّي وَمُرتَحَلي
أُمَيمُ لا تُنكِري حِلّي وَمُرتَحَلي / إِنَّ الفَتى لَم يَزَل كَلّاً عَلى الإِبِلِ
وَسائِلي وارِدَ الرُكبانِ عَن خَبَري / يُنبيكِ أَنّيَ عَينُ الماجِدِ البَطَلِ
لا أَشرَبُ الماءَ ما لَم يَصفُ مَورِدُهُ / وَلا أَقولُ لِمُعوَجِّ الوِصالِ صِلِ
تُكَلِّفِيني مُقاماً بَينَ أَظهُرِكُم / وَلَيسَ يَبدُو فِرِندُ السَيفِ في الخِلَلِ
ما دامَتِ البيضُ في الأَجفانِ مُغمَدَةً / فَما يَبينُ لَها في الهامِ مِن عَمَلِ
وَفي التَنَقُّلِ عِزٌّ لِلفَتى وَعُلاً / لَم يَكمُلِ البَدرُ لَولا كَثرَةُ النَقلِ
وَالمَندَلُ الرَطبُ في أَوطانِهِ حَطَبٌ / وَقَد يُقوَّمُ في الأَسفارِ بِالجُملِ
داوَيتُكُم جاهِداً لَو أَنَّ داءَكُمُ / مِمّا يُداوى بِغَيرِ البيضِ وَالأَسَلِ
وَكُلَّما زادَ نُصحي زادَ غَيُّكُمُ / لا بارَكَ اللَهُ في وُدٍّ عَلى دَخَلِ
أَسَأتمُ وَظَنَنتُم لا أَباً لَكُمُ / أَن لا أُحِسَّ بِطَعمِ الصابِ في العَسَلِ
إِن أَترُكِ العَودَ في أَمرِ اِغتِنائِكُمُ / فَنَهلَةُ الطَرفِ مَجزاةٌ عَنِ العَلَلِ
كَم قَد غَرَستُ مِنَ الإحسانِ عِندَكُمُ / لَو يُثمِرُ الغَرسُ في صَفواءَ مِن جَبَلِ
لا تَحسَبُوا أَنَّ بُعدَ الدارِ أَوحَشَني / البُعدَ آنَسُ مِن قُربٍ عَلى دَغَلِ
لَقَد تَبَدَّلتُ مِنكُم خَيرَ ما بَدَلٍ / فَاِستَبدِلُوا الآنَ مِنّي شَرَّ ما بَدَلِ
شَرُّ الأَخِلّاءِ مَن تَسري عَقارِبُهُ / لا خَيرَ في آدِمٍ يُطوى عَلى نَغلِ
لا تَنقِمُونَ عَلى مَن لا يَبيتُ لَكُم / مِنهُ سَوامٌ وَلا عِرضٌ عَلى وَجَلِ
يُزانُ ناديكُمُ يَومَ الخِصامِ بِهِ / كَما تُزانُ بُيُوتُ الشِعرِ بِالمَثَلِ
إِذا خَطِيبُكُم أَكدَت بَلاغَتُهُ / أَجابَ عَنهُ فَلَم يُقصِر وَلَم يُطِلِ
أَثرى زَماناً فَلَم يَذمُمهُ سائِلُهُ / وَقَلَّ مالاً فَلَم يَضرَع وَلَم يَسَلِ
يَكسُوكُمُ كُلَّ يَومٍ مِن مَحاسِنِهِ / وَمَجدِهِ حُلَلاً أَبهى مِنَ الحُلَلِ
وَلَم يَزَل هَمُّهُ تَشييدَ مَجدِكُمُ / يَوَدُّ لَو أَنَّهُ أَوفى عَلى زُحَلِ
يُهينُ في وُدِّكُم مَن لا يَوَدُّ لَهُ / هُوناً وَيُكرِمُ فيهِ عِلَّةَ العِلَلِ
إِن قُلتُمُ الخَيرَ يَوماً قالَ مُبتَجِحاً / عَنكُم وَإِن قُلتُمُ العَوراءَ لَم يَقُلِ
ما ضَرَّكُم لَو وَفَيتُم فَالكَريمُ إِذا / حالَ اللَئيمُ وَفى طَبعاً وَلَم يَحلِ
أَلَستُ أَوفاكُمُ عَهداً وَأَحلَمُكُم / عَقداً وَأَقوَمُكُم بِالفَرضِ وَالنَفَلِ
أَلَيسَ بَيتُكُم في العِزِّ مَركَزُهُ / بَيتي فَما كانَ مِن فَخرٍ فَمِن قبلي
أَلَستُ أَطوَلَكُم في كُلِّ مَكرُمَةٍ / باعاً وَأَحملَكُم لِلحادِثِ الجَلَلِ
كَم يَنفُقُ الغِشُّ فِيكُم وَالنِفاقُ وَكَم / لا تَرغَبُونَ إِلى نُصحٍ ولا عَذَلِ
إِن يُمسِ مَقتُكُمُ حَظّي فَحُقَّ لَكُم / الوَردُ مِن قُربِهِ يُغمى عَلى الجُعَلِ
وَإِن عَكَفتُم عَلى من لا خَلاقَ لَهُ / دُوني فَقَد عَكَفَت قَومٌ عَلى هُبَلِ
أَمَّلتُ دَفعَ مُلِمّاتِ الخُطوبِ بِكُم / فَآهِ واشَقوتا مِن خَيبَةِ الأَمَلِ
وَكُنتُ أَحسَبُكُم مِمَّن تَقرُّ بِهِ / عَيني فَأَلفَيتُكم مِن سُخنَةِ المُقَلِ
إِن يَخفَ ما بَينَكم فَضلي فَلا عَجَبٌ / لا يَستَطيعُ شُعاعَ الشَمسِ ذُو السَبَلِ
يا لَيتَ شِعريَ وَالأَنباءُ ما بَرِحَت / تُسايِرُ الريحَ بِالأَسحارِ وَالأُصُلِ
هَل جاءَ قَومي وَأَخداني الَّذينَ هُمُ / إِن أُرمَ مِن قِبَلِ الرامينَ لا قِبلي
بِأَنَّني لَم أَرِد وِرداً أُعابُ بِهِ / وَلَم أَقِف ذاتَ يَومٍ مَوقِفَ الخَجَلِ
كَسَوتُ قَومِيَ وَالبَحرَين ثَوبَ عُلاً / يَبقى جَديداً بَقاءَ الحُوتِ وَالحَملِ
لَقَد تَقَدَّمتُ سَبقاً مَن تَقَدَّمَني / سِنّاً وَأَدرَكَ شَأوي فارِطَ الأوَلِ
بِذاكَ قُدوَةُ أَهلِ العِلمِ قاطِبَةً / أَبو البَقاءِ مُحِبُّ الدَينِ يَشهَدُ لي
هُوَ الإِمامُ الَّذي كُلٌّ لَهُ تَبَعٌ / مِن كُلِّ حافٍ عَلى الدُنيا وَمُنتَعِلِ
فَما الخَليلُ لَهُ مِثلٌ يُقاسُ بِهِ / وَهَل يُقايَسُ بَينَ البَحرِ والوَشَلِ
وَبَعضِ غُلمانِهِ يَكفي فَكَيفَ بِهِ / مُهَذَّباً لَم يَحِف جَوراً وَلَم يَمِلِ
وَلَم يَقُل وَحدَهُ ما قالَ بَل شَهدَت / بِهِ الأَفاضِلُ مِن بَغدادَ عَن كَمَلِ
وَلَيسَ في الشِعرِ مِن فَضلٍ يَطُولُ بِهِ / مِثلي وَلَو فاقَ أَعلى سَبعِها الطُوَلِ
بَل فَضلُ مِثلِيَ أَن يَسمُو بِهِمَّتِهِ / عَن مَدحِ فَدمٍ عَن العَلياءِ في شُغُلِ
يا ساهِرَ الطَرفِ مِن خَوفٍ وَمِن وَجَلِ
يا ساهِرَ الطَرفِ مِن خَوفٍ وَمِن وَجَلِ / نَم في جِوارِ الهُمامِ السَيِّدِ البَطَلِ
وَلا تَرُعكَ خَيالاتٌ تَمُرُّ بِها / كانَت تَرُوعُكَ في أَيّامِكَ الأُولِ
فَقَد كَفاكَ مُقاساةَ الأَذى مَلكٌ / مُتَوَّجٌ بَينَ فَضلِ ذِي النَدى وَعَلي
وَيا أَخا المالِ لا تَوجَل وَباهِ بِهِ / في الناسِ وَاِقطَع عُرى مَن شِئتَ أَو فَصلِ
فَقد تَرى دَولَةَ الساداتِ قَد خَفَقَت / أَعلامُها وَتَوَلَّت دَولَةُ الخوَلِ
وَاِبعَث إِلى المُدنِ بِالبُشرى مُخَبِّرَةً / بِمُلكِ أَروَعَ لا عِيٍّ وَلا وَكِلِ
كَيما تَعُودَ إِلى الأَوطانِ آيِبَةً / قَومٌ رَأَوا قَبلُ فيها خَيبَةَ الأَمَلِ
جَلاهُمُ الضَيمُ عَنها فَاِغتَدَوا هَرَباً / مِن غَيرِ ما بغضَةٍ مِنهُم وَلا مَلَلِ
في أَرضِ فارِسَ لا يُحصى عَديدُهُمُ / وَفي العِراقَينِ مِلءُ السَهلِ وَالجَبَلِ
مُذَبذَبينَ عَن الأَوطانِ كُلّهمُ / مِن شِدَّةِ الشَوقِ وَالتِذكارِ في شُغُلِ
وَمَن أَقامَ بِها قامَت قِيامَتُهُ / وَعايَنَ النارَ مِن خَلفٍ وَمِن قُبُلِ
وَجاءَهُ كُلَّ يَومٍ مَن يُحاسِبُهُ / مِن غَيرِ فَرضٍ يُؤَدِّيهِ وَلا نَفَلِ
يَبيتُ آمِنُهُم مِمّا يُكابِدُهُ / فَوقَ الحَشِيَّةِ مِثلَ الشارِبِ الثَمِلِ
وَلَيسَ يَأمَنُ إِلّا مَن أُذَمُّ لَهُ / عَبدٌ نَشا مِن نِتاجِ الزِّنجِ كَالعَجَلِ
أَو خَلفُ سُوءٍ مِنَ الأَعرابِ هِمَّتُهُ / ما أَسخَطَ اللَهَ مِن قَولٍ وَمِن عَمَلِ
يا هاجِرَ الدارِ مِن خَوفٍ هَلُمَّ فَقَد / نادى بِكَ الأَمنُ أَن أَقدِم عَلى عَجَلِ
وَلا تَخَف فَالَّذي قَد كُنتَ تَعهَدُهُ / أَزالَهُ سَيِّدُ الأَملاكِ مُنذُ وَلي
أَبُو سِنانٍ حَليفُ المَكرُماتِ وَمَن / أَنافَ سُؤدُدُهُ السامي عَلى زُحَلِ
مُحيي البِلادِ وَقَد أَشفَت عَلى جُرُفٍ / هارٍ وَمانِعُها بِالبيضِ وَالأَسَلِ
وَباعِثُ العَدلِ حَيّاً بَعدَما صَرَخَت / وَأَعلَنَت أُمُّهُ بِالوَيلِ وَالثَكَلِ
لَو عادَ وَالِدُهُ حَيّاً وَخاصَمَهُ / مُستَضعَفٌ لَم يَحِف جَوراً وَلَم يَمِلِ
كَم رَدَّ مَظلَمَةً قَد ماتَ ظالِمُها / وَلَم يُناقِش ذَوي الدَعوى وَلَم يَسَلِ
وَكَم يَدٍ في الأَذى وَالظُلمِ قَد بَسَطَت / كَفّاً فَبَدَّلَها مِن بَعدُ بِالشَلَلِ
هَذا وَكَم عَبدِ سُوءٍ كانَ هِمَّتُهُ / حَملَ النَمائِمِ وَالبُهتانِ وَالنَغَلِ
أَراحَ مِنهُ قُلوبَ المُسلِمينَ وَلَم / يَصحَب وَبَدَّلَهُ نِكلاً مِن النَكَلِ
وَكَم نَدِيِّ ضَلالٍ كانَ ذا لجَبٍ / سَطا فَأَخرَسَهُ عَن قَولِ لا وَهَلِ
أَحمى مِنَ المَرءِ جَسّاسِ بنِ مُرَّة إِذ / أَردى كُلَيباً بِعَزمٍ غَيرِ ذي فَشَلِ
لَم يَقبلِ العارَ في ضَيمِ النَزيلِ وَلَم / يَقنَع بِنَقصٍ وَلا يَحتَجُّ بِالعِلَلِ
أَحنى وَأَعدَلُ مِن كِسرى غَداةَ رَمى / بِالسَهمِ قَلبَ اِبنِهِ في الحَقِّ لَم يُبَلِ
وَلَيسَ يَعدِلُهُ الطائيُّ في كَرَمٍ / يَوماً وَكَيفَ يُقاسُ البَحرُ بِالوَشَلِ
وَأَينَ مِنهُ كُلَيبٌ في النِزالِ إِذا / عَضَّت حُدودُ السُرَيجِيّاتِ بِالقُلَلِ
سَل عَنهُ يَومَ أَغارَت في كَتائِبِها / خَيلُ القَطيفِ مِنَ القَرحا إِلى الجَبَلِ
يَحُثُّها مِن عُقَيلٍ كُلُّ ذي أَشَرٍ / مَولى فَوارِسَ لا ميلٍ وَلا عُزَلِ
أَعطى أَسِنَّتَهُم نَحرَ الجَوادِ وَلَم / يَسمَح لَهُم في مَجالِ الطَعنِ بِالكَفَلِ
حَتّى حَمى خَيلَهُ غَصباً وَساعَدَهُ / قَلبٌ جَرِيءٌ وَرَأيٌ غَيرُ ذي خَطَلِ
ثُمَّ اِنثَنى راجِعاً وَالنَصرُ صاحِبُهُ / يَمشي بِهِ المُهرُ مُختالاً عَلى مَهلِ
كَم مِن أَخي كُربَةٍ أَحيا بِصارِمِهِ / وَكَم أَماتَ بِهِ مِن ثائِرٍ بَطَلِ
وَكَم ظَلامِ وَغَىً جَلّى غَياهِبَهُ / مِن بَعدِ أَن صارَ وَقتُ الظُهرِ كَالطَفَلِ
يا طِيبَ أَيّامِهِ يا حُسنَ دَولَتِهِ / لَقَد أَبَرَّت عَلى الأَيّامِ وَالدُوَلِ
فَلَيتَ أَنّهُما داما وَدامَ وَلَم / يَكُن لَهُم أَبَدَ الأَيّامِ مِن دُولِ
لَولا الرَجاءُ الَّذي كُنّا نُؤَمِّلُهُ / فيها لَمُتنا بِغِلِّ النَفسِ عَن كملِ
لَكِن تحاتي حُشاشاتُ النُفوسِ إِذا / كادَت تَقضّى بِقَولٍ فيهِ مُتَّصِلِ
بِأَنَّهُ الثائِرُ المَنصُورُ يسنِدُهُ / عَن الرُواةِ عَن الأَبدالِ وَالرُسُلِ
بِهِ أَنارَت قُرى البَحرَينِ وَاِبتَهَجَت / بِقاعُها وَتَسَمَّت قُرَّةَ المُقَلِ
وَأَصبَحَت بَعدَ ثَوبِ الذُلِّ قَد لَبِسَت / ثَوباً مِنَ العِزِّ ذا وَشيٍ وَذا خَمَلِ
وَراحَ من حَلّها في رَأسِ شاهِقَةٍ / لَو رامَهَا الأَسوَدُ النَعّابُ لَم يَصِلِ
لَو حَلَّها آدَمٌ مِن بَعدِ جَنَّتِهِ / لَم يَبغ عَنها إِلى الفِردَوسِ مِن حِوَلِ
يا اِبنَ المُلوكِ الأُلى شادُوا مَمالِكَهُم / بِالمَشرَفِيّاتِ لا بِالمَكرِ وَالحِيَلِ
نَماكَ مِن آلِ إِبراهِيمَ كُلُّ فَتىً / مُنَزَّهِ العِرضِ مِن غِشٍّ وَمِن دَغَلِ
قَومٌ هُمُ القَومُ في بَأسٍ وَفي كَرَمٍ / وَفي وَفاءٍ وَفي حِلٍّ وَمُرتَحَلِ
يُمضُونَ في الناسِ ما قَالُوا وَغَيرُهُم / إِن أَنكَرُوا مِنهُ بَعضَ القَولِ لَم يَقُلِ
في كُلِّ حَيٍّ تَرى إِلّا أَقَلَّهُم / بَيتاً وَمَفخَرُ ذاكَ البَيتِ في رَجُلِ
وَأَنتُمُ مَعشَرٌ لَو رامَ طِفلُكُمُ / نَيلَ السَماءِ لَصَكَّ الحوتَ بِالحَملِ
مَن ذا يُعَدُّ كَعَبدِ اللَهِ جَدِّكُمُ / جَدّاً وَيَدعُو فَتىً كَالفَضلِ أَو كَعلي
وَمَن يُسامي أَبا المَنصُورِ وَالِدَكُم / فَخراً وَأَينَ الثَرى مِن مَعقَلِ الوَعلِ
وَمَن كَمِثلِ بَنيهِ يَومَ عادِيَةٍ / يَمشي الكُماةُ إِلَيها مِشيَةَ الوَجَلِ
وَفي أَبي مِسعَرٍ فَخرٌ تُقِرُّ بِهِ / كُلُّ القَبائِلِ مِن حافٍ وَمُنتَعِلِ
وَأَينَ مِثلُ بَني الفَضلِ الَّذينَ إِذا / سُئِلُوا أَنالُوا بِلا مَطلٍ وَلا مَذلِ
وَلَو ذَكَرتُ مُلوكاً مِن أُبُوَّتِكُم / مَضَوا تَرَكتُ مُلوكَ الأَرضِ في خَجَلِ
لَكِن رَأَيتُ اِمتِداحيكُم بِسالفِكُم / في الجاهِلِيَّةِ نَفسُ العيِّ وَالخَطَلِ
لِأَنَّ مَن قَد رَأَينا مِن أَماجِدِكُم / بِبَعضِهِم يَكتَفي السامي عَلى الأُوَلِ
وَأَنتَ يابا سِنانٍ مِنهُمُ خَلَفٌ / وَذَلِكَ النُبلُ مِن آبائِكَ النّبلِ
جُزتَ المَدى وَتَحاماكَ الرَدى وَغَدَت / أُمُّ العِدى بِكَ أُمّ الوَيلِ وَالهَبَلِ
وَعاشَ أَبناؤُكَ الغُرُّ الَّذينَ هُمُ / في الجُودِ وَالبَأسِ فينا غايَةُ الأَمَلِ
فَفي حَياتِكُمُ صَفوُ الحَياةِ لَنا / بِغَيرِ شَكٍّ وَطيبُ اللَهوِ وَالجَذَلِ
وَماتَ غَيظاً عَلى الأَيامِ حاسِدُكُم / وَإِن يَعِش فَبِذُلٍّ غَيرِ مُنتَقِلِ
أَبا الفَضائِلِ يا مَن في مُفاضَتِهِ
أَبا الفَضائِلِ يا مَن في مُفاضَتِهِ / بَدرٌ وَبَحرٌ وَثُعبانٌ وَرئبالُ
لا تَحلِفَنَّ بِقَولِ المُرجِفينَ وَما / قَد زَخرَفُوا فَعَلى ذا الوَضعِ ما زالُوا
فَقَد عَهِدتُكَ طَوداً ما تُزَعزِعُهُ / نَكباءُ عادٍ فكَيفَ القِيلُ وَالقالُ
مَن ذا يَهُمُّ بِغابٍ أَنتَ ضيغمُهُ / وَحَولَكَ الأُسدُ في الماذِيِّ تَختالُ
قَد كُنتَ وَحدَكَ لا جُندٌ وَلا عَدَدٌ / وَقَد أَتَوكَ فَقُل لي ما الَّذي نالُوا
هَل غَيرُ إحراقِ غَلّاتٍ وَقَد شَقِيَت / بِهِم عَجائِزُ هِمّاتٌ وَأَطفالُ
وَكُلُّ ذا لَيسَ يُشفى غَيظَ ذي حَنَقٍ / وَكَيفَ يَشفي غَليلَ الحائِمِ الآلُ
وَأَنتَ لَو شِئتَ أَضحَت كُلُّ ناحِيَةٍ / مِن أَرضِهِم وَبِها نَوحٌ وَإِعوالُ
لَكِن أَبى لَكَ حِلمٌ راسِخٌ وَتُقىً / ما لا تَوَهَّمهُ غَوغاءُ جُهّالُ
وَأَنتَ تَعلَمُ لازِلتَ المَنيعَ حِمىً / أَنَّ الشَدائِدَ لِلساداتِ غِربالُ
قَد أَحسَنَ المُتَنَبّي إِذ يَقولُ وَما / زالَت لَهُ حِكَمٌ تُروى وَأَمثالُ
لا يُدرِكُ المَجدَ إِلّا سَيّدٌ فَطِنٌ / لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ
وَأَنتَ ذاكَ الَّذي نَعني فَلا اِنقَطَعَت / إِلى القِيامَةِ لِلراجيكَ آمالُ
وَسُرَّ وَاِسعَد بِذا الشَهرِ الأَصَمِّ فَقَد / وَافاكَ يَصحَبُهُ نَصرٌ وَإِقبالُ
وَاِسلَم وَدُم في نَعيمٍ شامِلٍ وَعُلاً / ما دامَ لِلعَيشِ بِالوَعساءِ إِرقالُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025