القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمارة اليَمَنِيّ الكل
المجموع : 316
يا كاشف الضر إذ ناداه أيوب
يا كاشف الضر إذ ناداه أيوب / وجامع الشمل إذ ناجاه يعقوب
وعالم السر والنجوى إذا خفيت / ضمائر سرها بالغيب محجوب
لعل معروفك المعروف ينقذني / من لوعة جمرها بالثكل مشبوب
هب لي أمانك من خوف يبيت به / للهم في القلب تصعيد وتصويب
وقد فزعت بآمالي إليك وفي / رحاب جودك للعافين ترحيب
سعيك للجمعة محسوب
سعيك للجمعة محسوب / والأجر عنه لك مكتوب
ما فاتت الجمعة من لم يفت / عزمته في الله مطلوب
يكفيك فضلاً أن نعت التقى / إليك دون الناس منسوب
عبد الرحيم قد احتجب
عبد الرحيم قد احتجب / إن الخلاص هو العجب
أنادي من الإخوان غير مجيب
أنادي من الإخوان غير مجيب / وأمدح بالأشعار غير مثيب
وأقطع أياماً تقول همومها / لأنفاس نفسي كيف شئت فذوبي
ومستخبر ما بال حالك حالكاً / فقلت سقام لم يعن بطبيب
ولا خير في أسجاع من جاع بطنه / ولو أعربت يوماً بلحن عريب
ومن ألزم الإخوان ذنب زمانه / أتى بضلال في الزمان عجيب
أكلفهم ما لا يجوز كأنما / طرحت عليهم حصرماً بزبيب
سأبكي على ابني مدتي وحياتي
سأبكي على ابني مدتي وحياتي / ويبكيه عني الشعر بعد مماتي
وأقطع أيامي عليه بلوعة / تعبر عن مكنونها عبراتي
وكل أسى دون الذي يستحقه / وليس وفاء العهد غير وفاتي
وربتما لم أبط عنه فإنني / رأيت قريباً كل ما هو آت
أتبلي المنايا مهجة ابن ذخرته / لدهري ويبلوني بخمس بنات
وكنت أرجي أن يكون محمداً / ذخيرة آمالي وكنز حياتي
فافقرني صرف الردى بذخيرتي / وبت رجائي واستباح نباتي
رحلت أبا الأضياف عني بأنسهم / فأقوت لأنسي منهم عرصاتي
فهل علمت عادات جودك أنني / عفت جنباتي من نزول عفاتي
وما عشت إلا ست عشرة حجة / سقى عهدهن الله من سنوات
وقد كنت تغري الناس بالبر والتقى / كريم الصبا ناء عن الصبوات
محمد لا تبعد فإن حشاشتي / تكدر صافيها بقرع صفاتي
ترحلت عن صدري وحجري إلى البلى / فعرس ركب الهم في حجراتي
غدت لك أعواد المناياي مطية / وليس لها حاد سوى زفراتي
أعندك أن النوم نافراً أعيناً / لها سنة لم تكتحل بسنات
وأنك لم توحش سواي من الورى / ولا وسمت بالثكل غير سماتي
وأن سرور النفس جانب جانبي / وأقسم لا يبدو على قسماتي
وأن محلاً بنت عنه تفرقت / جماعة عواد له وأساة
لقيت الردى مستبشراً غير أنه / لقاء رمى شملي بسهم شتات
رزقت ثبات الجأش لطفاً ورحمة / وطشت فلم أملك عليك ثباتي
وخاطبتني والنفس في سكراتها / خطاب امرء صاح من السكرات
بنفسي ثاو في القرافة سار عن / محل عفاة نحو دار رفات
فقير إلى الرحمن دون عبادة / غني عن الإحسان والحسنات
هجرت جميل الصبر فيه لأنني / وجدت جميل الصبر غير موات
وكنت به دون البرية واثقاً / إذا خان إخواني وقل ثقاتي
وبيتني فيه الحمام ولم أكن / على حذر من طارقات بياتي
وعهدي به يرنو إلي وطرفه / حسير وقلبي دائم الحسرات
ووا رحمتا بل حسرتا لنواظر / سرت بيننا مخذولة النظرات
ومازلت أرجوه إلى أن رأيته / على الرغم مني ساكن الحركات
فقبلت وجهاً كان لي منه قبلة / أصلي إليها من جميع جهاتي
وآليت لا أسلوه حتى أزوره / وإن قريباً كل ما هو آت
أرى ابنيْ عليٍّ ركب الله فيهما
أرى ابنيْ عليٍّ ركب الله فيهما / سجايا نفوس بينهن شتات
فهذا له في المكرمات تسرع / وهذا له في النائبات ثبات
وأحمد ينبوع المحامد والندى / إذا نضب الإحسان والحسنات
وللحسن الفضل الذي هو كاسمه / وما كل أسماء الرجال سمات
قفا فلعل الفيض من عبراته
قفا فلعل الفيض من عبراته / يبرد حر الوجد من زفراته
وميلا إلى سفح المقطم واربعا / على روضة في السفح من هضباته
ففي الروضة البيضاء قبر بربوة / يلوح سمو القدر فوق سماته
وإن أنتما لم تعرفاه فإنه / يفوح نسيم المسك من جنباته
وقولا له يا قبر بلغ سلامنا / سلمت إلى سر الندى وسراته
وقولا له يا قبر بلغ دعاءنا / إلى سمع مسرور بصوت دعاته
وأعلمه أنا كل يوم نزوره / على سابقات هن بعض هباته
وأن مواطي خلينا حول قبره / تكاد تعفيها دموع عفاته
وأن الأسى لو لم يكن في قلوبنا / عرفنا الأسى من صاهلات كماته
ألم ترها تصغي إلينا إذا جرى / حديث قراه أو حديث قراته
مؤدبة الأعطاف من طول ما رأت / وما سمعت من حلمه وأناته
تباركت مفقوداً مضى لسبيله / ونحن مدى الأيام في بركاته
نزاعي به قوماً ونرعى لأجله / فوجد رعاياه كوجد رعاته
سيبكيك عصر كنت خير ثقاته / وأيام ملك كنت أكفي كفايته
وثغر إذا أعيا على الملك سده / شددت عراه من جميع جهاته
وتبكيك بالدمع الشتيت مواطن / ضمنت بها للملك جميع شتاته
وذو لجب لما سريت تقوده / هفت عذبات النصر في عذباته
ومستوضح نهج الصبوات كفيته / برائك غربي سيفه وقناته
ومعتقد فيك الحفاظ حفظته / من الموت لما جف ريق لهاثه
ومعترك في المشتركين شهدته / فكنت برغم الشرك حامي حماته
وآخر في الإسلام فزت بحمده / وأحرزت أجري صبره وثباته
تلفت في ضيق المجال فلم يجد / سواك وفي العهد عند التفاته
وذي عثرة لو لم تقلها ولم تقل / لعاً لم يقله الدهر من عثراته
هجرت إلى حاجاته سنة الكرى / وقد خاط جفنيه بسناته
وهل يعدم التأييد فكر وخاطر / يبيت وخوف لله في خطواته
فتى كان لا يرضى بفضل صلاته / إذا لم يشيعها بفضل صلاته
تبيت الخطايا وهي عنه بحجرة / ويتلى كتاب الله في حجراته
أبا حسن يهنيك أنك لم تمت / وصدرك مطوي على حسراته
ولكن بلغت المنتهى مترقياً / ذرى شرف أعليت من شرفاته
وحلقت في جو من المجد والعلى / أسفت بغاث الطير دون بزاته
واطلعت من آفاق مجدك كوكباً / فأشرق نور منك في قسماته
أضاءت وجوه المكرمات بيوسف / وضاعت مساوي الدهر في حسناته
ولو لم تكن شمساً كنعتك لم تغب / وخلفك بدر كامل في صفاته
ولو لم تجد يا شمس بالبدر لم نقم / بما فيك من وصف الكمال وذاته
وما أنت إلا دوحة طاب غصنها / فأطلع طيب الذكر من ثمراته
وغيث ملث فارق الأرض بعدما / حلى عاطلاً من جيدها بنباته
فدى لأبي الحجاج أفراس حلبة / عواطل من أوضاحه وشياته
هو الجذع المربي على كل قارح / سبوح وما يرضي بسبق لداته
وقور فما تنزو بوادر طيشه / عليك إذا ما خفت من نزواته
أخو صلة يوم الكريهة والندى / مواقعها في ماله وعداته
جزيت علياً عن جميل وداده / ومثلي وفى للخل بعد وفاته
وخلدت فيه ما يدوم وإن أمت / فإن لسان الدهر بعض رواته
ويا أسفي أني وقفت مرثياً / لمن صانني عن مدحه في حياته
أبا حسن فات الذي كان بيننا / فمن لي يرد الأمر بعد فواته
كأني حوت الماء نش غديره / فهل شربة من ملحه أو فراته
ولاشك إلا أن همة يوسف / ستنجز ما قد كان لي من عداته
كريم المحيا لا يزال ابتسامه / يخبر بالإكرام عن مكرماته
مهيب كأن النار من لفحاته / وهوب كأن الغيث من نفحاته
أما المكين المرتضى فعله
أما المكين المرتضى فعله / فإنه جوهرة الوقت
قد نزه الرحمن أفعاله / عن شيمة التقصير والمقت
وإنما السرتي لا قدس الرحمن / من يعزى إلى سرت
سود ما بيض من حاجتي / بعرض أو ليقة الزفت
فإن يكن بر فعجل به / فالسحت لا يسمح بالسحت
أأرجو بقاء أم صفاء حياة
أأرجو بقاء أم صفاء حياة / وقد بددت شملي النوى بشتات
وقد صدعت بالبين قلبي وأضرمت / لهيباً تقويها به زفراتي
أأسلو عن ابن عزتي بتغربي / سأبكي عليه مدتي وحياتي
وأذري دماً من مقلتي بعد أدمع / تضرجه في وجنتي عبراتي
وأقطع أيامي بهم وترحة / وأبقى حزيناًَ بعده لمماتي
أتبلى الليالي خير نجل ذخرته / وتبقي لي الأيام شر بناتي
رجوت بإسماعيل ذخراً لشدتي / وعوناً على دهري لما هو آت
فخيب ظني باغتصاب ذخيرتي / زماني وأرداني بسهم شتات
طفيل عظيم النفس يصبو إلى التقى / ولم يصب للأهواء والصبوات
ترحلت إسماعيل عنا فأوحشت / منازلنا مأهولة العرصات
لئن غبت عن عيني فإنك حاضر / بقلبي كنقش في أصم صفاة
وما عشت إلا سبعة من سني الورى / سقى عهدهن الله من سنوات
وعاجلني فيك الحمام فخطمت / صروف الليالي صعدتي وقناتي
خيالك في عيني كأنك لم تزل / تطوف وتسعى في ذرى حجراتي
جعلتك في قبر وقد كنت في الحشا / مقيماً فلم أملك عليك ثباتي
لئن كنت طفلاً إن حزنك خطبه / كبير شديد معظم الخطرات
وعهدي به لما دهاه حمامه / يجاهد كرباً وهو في غمرات
ومازال يرجو نفسه ويقول لي / أيا أبتي ادن لي وآت
فأدنو إليه وهو يرنو بطرفه / يخاطبني والنفس في سكرات
إلى أن رأيت الحال أفضى إلى الفنا / وأن بني ساكن الحركات
فقبلت عينيه وقبلت وجهه / وودعته توديع بتل بتات
فوا رحمتا بل حسرتا لفراقه / ويا أسفي لو أشتفي بأساة
ويأمرني بالصبر كل مغفل / ولم يدر أن الصبر غير موات
ولا صبر لي إلا التحرق والبكا / وتصعيد أنفاس من الزفرات
وأبكي لثاو بالقرافة مودع / بدار قرار في جوار حفاة
سأبكي عليه ما ترنم طائر / وما غرد القمري على شجرات
وآليت لا أسلوه حتى يضمني / وإياه لحد في محل رفات
سلام عليه كلما هبت الصبا / وأهدي إليه أفضل الصلوات
يا من بليغ المعاني من عبارته
يا من بليغ المعاني من عبارته / ومن صريح المعاني من إشارته
ومن تروح المنايا في إمارته / جنداً وتغدو الأماني في أمارته
ومن إذا جد في يومي ندى وردى / فالليث والغيث نزر في غزارته
هل أنت مصغ إلى شكواي حر جوى / لو شئت بردت ما بي من حرارته
إعراض مثلك عن مثلي بصفحته / شر تذوب الرواسي من شرارته
ولو صددت عن الأيام ما عرفت / فيها حلاوة عيش من مرارته
ما بال من شيدت أفعاله شرفاً / لعامر يتعامى عن عمارته
فليت شعري أبا الماضي يزيد على ال / ماضي فواغبن حظي من خسارته
وأنت أول من دل الرجال على / فضلي وأسفر حظي من سفارته
نادى نداك على شعري ليرفعه / سوماً وأربح شعري في تجارته
وكنت مثل أتي السيل مغترباً / لولاك ما قر سيلي في قرارته
إن أكثر الناس في قول مدحت به / فبان نزح شوط من مهابته
فقد تجمع في بيت مدحت به / علاك ماكثروه من نزارته
بيت ترى كل سمع حين أنشده / يقضي فريضة حج في زيارته
لله درك عز الدين من ملك / أضحت ممالك مصر في خفارته
يا سيداً قامت علاه بذاتها
يا سيداً قامت علاه بذاتها / مستغنياً عن نعتها وصفاتها
إن لم تكن لك في القوافي رغبة / فالطم بها وجه الرجاء وهاتها
فالأم لا تأبى إذا لم يولها / أصهارها خيراً طلاق بناتها
ونهج سعت فيه إليك طرائف
ونهج سعت فيه إليك طرائف / فبرزت إذ خافت وخابت سعاته
بذلت به الدر المصون لأروع / تصدق دعوى المادحين هباته
تجنبت مطروق الكلام وهذه / سلافة ما أنشأته وابتداته
ولم أر مثل الشعر يرجو بغاثه / مطاراً بجو قد حمته بزاته
توهم قوم أنه الوزن وحده / وقد غاب عنهم سره وسراته
فذلك لون الماء في العين واحد / وما يتساوى ملحه وفراته
متى رمت منه رقة وجزالة / فإن كلامي ماؤه وصفاته
وغير بهيم الخط شعر أقوله / وأوصافكم أوضاحه وشياته
يا رب إني أرى مصراً قد انتبهت
يا رب إني أرى مصراً قد انتبهت / لها عيون الأعادي بعد رقدتها
فاجعل بها ملة الإسلام باقية / واحرس عقود الهدى من حل عقدتها
وهب لنا منك عوناً نستجير به / من فتنة يتلظى جمر وقدتها
لما رأيت عراص القصر خالية
لما رأيت عراص القصر خالية / عن الأنيس وما في الربع سادات
أيقنت أنهم عن ربعهم رحلوا / وخلفوني وفي قلبي حزازات
ساءلت أبله قلبي في السلو وقد / يقال للبله في الدنيا إصابات
فقال رأي ضعيف لا يطاوعني / كيف السلو وأهل الفضل قد ماتوا
يا رب إن كان لي في قربهم طمع / عجل بذاك فللتسويف آفات
إليك أبا إسحاق عنت حويجة
إليك أبا إسحاق عنت حويجة / يؤملها صرف الزمان ويرتجي
بخلت بها عن غير سمعك طاوياً / مدارج أسماع الورى طي مدرج
وما الذهب الإبريز لوناً وقيمة / يقاس إلى لوني رصاص وبهرج
وما يممت إلا جواداً بنانه / ثبات لمرتج ومفتاح مرتج
لوت عن لقاء الباخلين عنانها / إلى ذي سماح يرتجي وجه مرتجي
وليست لها فيما تملكه إرادة / فألجم لها فيما عداه وأسرج
أتيت إلى بابك المرتجى
أتيت إلى بابك المرتجى / فألفيته مغلقاً مرتجا
فقلت لبوابه سائلاً / أيغلق باب النهى والحجى
فقال أراك كثير الكلام / وعندي من الرأي أن تخرجا
وإلا نتفت سبال المديح / وألحقتها بسبال الهجا
اليوم عاد إلى المحلة روحها
اليوم عاد إلى المحلة روحها / ومزيل علة أهلها ومريحها
واستبشرت بعد العبوس وإنما / ولي الأمور أمينها ونصيحها
عادت إلى الحال القديم فأصبحت / لا يشتكي ألم السقام صحيحها
لاشك إلا أن مدة نحسها / زالت فهبت بالسعادة ريحها
فرحت بسيف الدين فرحة مهجة / وافى إليها بالحياة مسيحها
أيخفى صحيح الوجد والسقم لائح
أيخفى صحيح الوجد والسقم لائح / ويكتم سر الشوق والدمع بائح
جنحت إلى الواشي ولولاه ما التقى / سهادي وطرفي والجوى والجوانح
منعت الكرى لما منحتك مهجتي / وهل مانع نوماً سواي ومانح
وليلة هوّمنا بذي الطلح زارنا / خيالك وهناً والمطايا طلائع
فبت ولم أشكر سوى منة الكرى / أطرحه ذكر الهوى ويطارح
حديث الندى عما سواه مطوح / وركن الهدى ما لم يشيده طائح
يشاركه في ماله دون مجده / إذا استأثر الأملاك دان ونازح
لئن شاركوه في اسمه دون فعله / فما يستوي البحران عذب ومالح
تهب له ريحا غمام وغمة / ففي كل قطر منه ساق وسافح
على شاكر بل ماكر من سحابه / منائح إن يسخط بهن مذابح
لئن حل في دست الوزارة عادل / سما قبله فيها إلى النجم صالح
فإنك يا بدر بن زريك عنهما / لنعم المكافي للعدى والمكافح
ولما تجاوزت النهاية في العلى / ولاذت بعطفيك الملوك الجحاجح
خفضت جناحي قدرة فارسية / لهمتها طرف إلى الطرف طامح
بعزمك لاذ الملك واعتصم الهدى / وذلت صعاب الدهر وهي جوامح
نهضت بأمر الدولة النهضة التي / جزاك بها خيراً ولي وكاشح
وقام بما تحتاجه منك أروع / كفتها صفايا ماله والصفائح
ومهدت قطريها فلا منزل العلى / بناب ولا ناب النوائب كالح
وأوريت ناريها عقاباً ونائلاً / وما وريا إلا وزندك قادح
خلقت بها عزاً وكنزاً عمادها / عليه إذا اجتاحت سواها الجوائح
فما اعتلقت إلا وسيفك سابح / ولا اغتلقت إلا وسيفك فاتح
ولو لم يفح مسكاً عليك ثناؤها / لأثنت عليك الباقيات الصوالح
وغر مساع لو أردت اختصارها / غدت ألسن الأيام وهي شوارح
وجوهر أشعار تبيت عقودها / وهن على الشعري روام روامح
يغوص لها في بحر جودك خاطري / وغيري على الأصداف طاف وطافح
إذا سرحت في وصف مجدك هجرت / له وسرت فهي السواري والسوارح
وإن مسحت أعطافها بك هزها / ثناء لأقطار البسيطة ماسح
وقد يبسط الإحسان منقبض الثنا / وتبرأ من بعد القروح القرائح
وقربت مني وادعاً نازح الفنا / وكم خاب بعد الكر ساع وكادح
وأوردتها غزو الندى بعد نزره / وعند ضياء الصبح تخفى المصابح
عرائس لولا وجود بدر يصونها / لباتت بمدح الباخلين تسافح
وكيف أرجى صونها عند باخل / وقد فسدت في الأكرمين المناكح
خذ العفو واصفح عن قصور قصائدي / فإنك عن ذنب المقرين صافح
وسامح وخذ بعض الذي تستحقه / فمن عادة أن الكريم يسامح
وأسجح لها ماء البشاشة وحده / فما قصدها إلا السجايا السجائح
فكم منة أخفيتها فتكفلت / بشهرتها عنك القوافي الفصائح
وضافية الأذيال رحت أجرها / وتحتي من نعماك أجرد سابح
صحائف جود ينشر الحمد طيها / وعنوانها فوق المدائح لائح
مضى عنك صوم وهو بالبر مفرح / وقابلت فطراً قلبه بك فارح
فلا زال عيد الفطر أسعد قادم / تزورك فيه بالهناء المدائح
فما يستحق الشكر غيرك منعم / ولا يستحق البر غير مادح
إذا راح غيري بالثنا وهو خاسر / فإني بكم في متجر الحمد رابح
إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح
إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح / وأخلع برديه على المنع والمنح
وأفتح من أبوابه كل مقفل / يشن عليها خاطري غارة الفتح
ويشركني في نظمها كل ناقص / يعارض بالمصباح شارقة الصبح
يعيب دعي القوم غر قصائدي / وليس له فيه صريحي ولا صرحي
عصته زناد الشعر إذ رام قدحها / فأداه ضعف القدح عنها إلى القدح
تخلف عن شأوي فجمل نفسه / بنقد كلامي وهو من نقد السرح
فيا نابح الجوزاء من هوة الثرى / ترفق فقد أتعبت نفسك بالنبح
وابق على قرنيك من نطح صخرتي / وإلا فقد أوهيت قرنيك بالنطح
توهمت فكري مثل فكرتك التي / لها خاطر دامي القريحة والقرح
وإن أجاج القول مثل زلاله / وما يستوي عذب المذاقة بالملح
قصائد لم يقصدن إلا خليفة / وإلا وزيراً عارفاً قيمة المدح
وإلا جواداً مثل ورد تسوقها / سجاياه بالإكرام والخلق السحج
مليك ترى من حلمه وانتقامه / حياة وموتاً بالصفيحة والصفح
فتى نجحت أيامه من فعاله / بغر مساع صانهن عن الشح
فدى لك يا تاج الخلافة كل من / تعاطى ثنائي من بخيل ومن سمح
فإنك أفسدت القوافي على الورى / بجود نهاها أن تعود إلى الصلح
وقلت لها من لم يكرمك منهم / فلا تنظريه رأس مال ولا ربح
فكيف بذاك الوعد لو كان حاصلاً / فإنك مقرون المواعيد بالنجح
إذا أغمضت عمن سواك جفونها / صدوداً ولم تسمح لغيرك باللمح
طرقتها والليل وحف الجناح
طرقتها والليل وحف الجناح / وما تلبست بثوب الجُناح
في ليلة بات نجادي لها / ذوائباً يخفقن فوق الوشاح
والحسن قد ألف أشتاته / غصن تثنى فوق ردف رداح
نام رقيب الصبح عن ليلتي / وبات لي كل مصون مباح
أجمع من خمر ومن مبسم / بحمرة الورد بياض الإقاح
حصلت من ريق ومن منطق / على اقتراح ونمير قراح
ترنحت من نشوات الصبا / فبت مسروراً بنشوان صاح
وفاح من عرف الدجى عنبر / أحرقه الفجر بجمر الصباح
لاموا عليها مغرماً سمعه / كراحة الناصر عند السماح
الناصر الحامي ذمار الهدى / وحوزة الشرك به تستباح
إن عقدت آراؤه راية / تكفل الله لها بالنجاح
يقسم مابين الندى والردى / مالاً مباحاً وعدواً مجاح
لا يبلغ الطرف مدى جيشه / والطرف يطوي الأرض بالإلتماح
لا يهتدي طيف الكرى إن سرى / فيه ولا تخلص هوج الرياح
لو ذاب وبل النيل يوم الوغى / سقى الروابي وبطون البطاح
أو ستر الليل نجوم الدجى / سرى على هدي نجوم الرماح
كأنما أسيافه روضة / لما بها من ورقات الصفاح
قد شهدت أعداؤهم أنهم / فوارس الحرب وأسد الكفاح
ملك صلاح الدين لا قوضت / أطنابه ملك التقى والصلاح
سيرة عدل حسنت عندنا / ما كان من وجه الليالي القباح
سافر في الدنيا وأقطارها / ذكر غداً عنه جميلاً وراح
أصبحت الأيام منقادة الرأ / س إلى كفيه بعد الجماح
وسمعها يصغي إلى كل ما / يقوله من غرض واقتراح
قد بعل الدهر بأيامه / مذ سح وبلاً ووبالاً وساح
فلو رمى كلكل سلطانه / على ثبير لتردى وطاح
قل لابن أيوب وكم ناصح / أنفع ممن هو شاكي السلاح
حارب على مصر نجوم السما / فملك مصر ما عليه اصطلاح
وقامر الدهر بضرب الطُلى / من دونها إن لم تفدك القداح
فالسيف لولا حده لم يعد / ما أسقطته عن تميم سجاح
والملك لا يسكت خطابه / إن لم تكلمهم كلوم الجراح
واصدم بها شعث النواصي ربى / غزة أو ما حولها من نواح
وأبق فيها مثل عاداتها / حصائد القتلى وندب النواح
قولا لمن في عزمه فترة / ارجع إلى الجد وخل المزاح
والقدس قد آذن إغلاقه / على يدي يوسف بالانفتاح
ملك إذا حدثت عن بأسه / قال الندى واذكر حديث السماح
بلغ ملوك الأرض أني به / غنيت عن نيل الأكف الشماح
واخترته من بينهم منعماً / وليست الرغوة مثل الصراح
من حل في عصمة إحسانه / فليس بالطالب حسن السراح
تقول لي أنعمة كلما / هممت بالسير أقم لا براح
وصاحب أنشدته مدحه / فصاح زدني من قواف فصاح
نتائج ألقحها جوده / أي نتاج لم يكن عن لقاح
قد عبقت باسمك ألفاظها / فعرفها ينفح في الامتداح
نوافح لم أدر من طيبها / فاه بها الراوي أم المسك فاح
هنئت بالعام الذي سعده / على أعاديك قضاء متاح
تكفلت أيامه أنها / خادمة صدرك بالانشراح

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025