المجموع : 316
يا كاشف الضر إذ ناداه أيوب
يا كاشف الضر إذ ناداه أيوب / وجامع الشمل إذ ناجاه يعقوب
وعالم السر والنجوى إذا خفيت / ضمائر سرها بالغيب محجوب
لعل معروفك المعروف ينقذني / من لوعة جمرها بالثكل مشبوب
هب لي أمانك من خوف يبيت به / للهم في القلب تصعيد وتصويب
وقد فزعت بآمالي إليك وفي / رحاب جودك للعافين ترحيب
سعيك للجمعة محسوب
سعيك للجمعة محسوب / والأجر عنه لك مكتوب
ما فاتت الجمعة من لم يفت / عزمته في الله مطلوب
يكفيك فضلاً أن نعت التقى / إليك دون الناس منسوب
عبد الرحيم قد احتجب
عبد الرحيم قد احتجب / إن الخلاص هو العجب
أنادي من الإخوان غير مجيب
أنادي من الإخوان غير مجيب / وأمدح بالأشعار غير مثيب
وأقطع أياماً تقول همومها / لأنفاس نفسي كيف شئت فذوبي
ومستخبر ما بال حالك حالكاً / فقلت سقام لم يعن بطبيب
ولا خير في أسجاع من جاع بطنه / ولو أعربت يوماً بلحن عريب
ومن ألزم الإخوان ذنب زمانه / أتى بضلال في الزمان عجيب
أكلفهم ما لا يجوز كأنما / طرحت عليهم حصرماً بزبيب
سأبكي على ابني مدتي وحياتي
سأبكي على ابني مدتي وحياتي / ويبكيه عني الشعر بعد مماتي
وأقطع أيامي عليه بلوعة / تعبر عن مكنونها عبراتي
وكل أسى دون الذي يستحقه / وليس وفاء العهد غير وفاتي
وربتما لم أبط عنه فإنني / رأيت قريباً كل ما هو آت
أتبلي المنايا مهجة ابن ذخرته / لدهري ويبلوني بخمس بنات
وكنت أرجي أن يكون محمداً / ذخيرة آمالي وكنز حياتي
فافقرني صرف الردى بذخيرتي / وبت رجائي واستباح نباتي
رحلت أبا الأضياف عني بأنسهم / فأقوت لأنسي منهم عرصاتي
فهل علمت عادات جودك أنني / عفت جنباتي من نزول عفاتي
وما عشت إلا ست عشرة حجة / سقى عهدهن الله من سنوات
وقد كنت تغري الناس بالبر والتقى / كريم الصبا ناء عن الصبوات
محمد لا تبعد فإن حشاشتي / تكدر صافيها بقرع صفاتي
ترحلت عن صدري وحجري إلى البلى / فعرس ركب الهم في حجراتي
غدت لك أعواد المناياي مطية / وليس لها حاد سوى زفراتي
أعندك أن النوم نافراً أعيناً / لها سنة لم تكتحل بسنات
وأنك لم توحش سواي من الورى / ولا وسمت بالثكل غير سماتي
وأن سرور النفس جانب جانبي / وأقسم لا يبدو على قسماتي
وأن محلاً بنت عنه تفرقت / جماعة عواد له وأساة
لقيت الردى مستبشراً غير أنه / لقاء رمى شملي بسهم شتات
رزقت ثبات الجأش لطفاً ورحمة / وطشت فلم أملك عليك ثباتي
وخاطبتني والنفس في سكراتها / خطاب امرء صاح من السكرات
بنفسي ثاو في القرافة سار عن / محل عفاة نحو دار رفات
فقير إلى الرحمن دون عبادة / غني عن الإحسان والحسنات
هجرت جميل الصبر فيه لأنني / وجدت جميل الصبر غير موات
وكنت به دون البرية واثقاً / إذا خان إخواني وقل ثقاتي
وبيتني فيه الحمام ولم أكن / على حذر من طارقات بياتي
وعهدي به يرنو إلي وطرفه / حسير وقلبي دائم الحسرات
ووا رحمتا بل حسرتا لنواظر / سرت بيننا مخذولة النظرات
ومازلت أرجوه إلى أن رأيته / على الرغم مني ساكن الحركات
فقبلت وجهاً كان لي منه قبلة / أصلي إليها من جميع جهاتي
وآليت لا أسلوه حتى أزوره / وإن قريباً كل ما هو آت
أرى ابنيْ عليٍّ ركب الله فيهما
أرى ابنيْ عليٍّ ركب الله فيهما / سجايا نفوس بينهن شتات
فهذا له في المكرمات تسرع / وهذا له في النائبات ثبات
وأحمد ينبوع المحامد والندى / إذا نضب الإحسان والحسنات
وللحسن الفضل الذي هو كاسمه / وما كل أسماء الرجال سمات
قفا فلعل الفيض من عبراته
قفا فلعل الفيض من عبراته / يبرد حر الوجد من زفراته
وميلا إلى سفح المقطم واربعا / على روضة في السفح من هضباته
ففي الروضة البيضاء قبر بربوة / يلوح سمو القدر فوق سماته
وإن أنتما لم تعرفاه فإنه / يفوح نسيم المسك من جنباته
وقولا له يا قبر بلغ سلامنا / سلمت إلى سر الندى وسراته
وقولا له يا قبر بلغ دعاءنا / إلى سمع مسرور بصوت دعاته
وأعلمه أنا كل يوم نزوره / على سابقات هن بعض هباته
وأن مواطي خلينا حول قبره / تكاد تعفيها دموع عفاته
وأن الأسى لو لم يكن في قلوبنا / عرفنا الأسى من صاهلات كماته
ألم ترها تصغي إلينا إذا جرى / حديث قراه أو حديث قراته
مؤدبة الأعطاف من طول ما رأت / وما سمعت من حلمه وأناته
تباركت مفقوداً مضى لسبيله / ونحن مدى الأيام في بركاته
نزاعي به قوماً ونرعى لأجله / فوجد رعاياه كوجد رعاته
سيبكيك عصر كنت خير ثقاته / وأيام ملك كنت أكفي كفايته
وثغر إذا أعيا على الملك سده / شددت عراه من جميع جهاته
وتبكيك بالدمع الشتيت مواطن / ضمنت بها للملك جميع شتاته
وذو لجب لما سريت تقوده / هفت عذبات النصر في عذباته
ومستوضح نهج الصبوات كفيته / برائك غربي سيفه وقناته
ومعتقد فيك الحفاظ حفظته / من الموت لما جف ريق لهاثه
ومعترك في المشتركين شهدته / فكنت برغم الشرك حامي حماته
وآخر في الإسلام فزت بحمده / وأحرزت أجري صبره وثباته
تلفت في ضيق المجال فلم يجد / سواك وفي العهد عند التفاته
وذي عثرة لو لم تقلها ولم تقل / لعاً لم يقله الدهر من عثراته
هجرت إلى حاجاته سنة الكرى / وقد خاط جفنيه بسناته
وهل يعدم التأييد فكر وخاطر / يبيت وخوف لله في خطواته
فتى كان لا يرضى بفضل صلاته / إذا لم يشيعها بفضل صلاته
تبيت الخطايا وهي عنه بحجرة / ويتلى كتاب الله في حجراته
أبا حسن يهنيك أنك لم تمت / وصدرك مطوي على حسراته
ولكن بلغت المنتهى مترقياً / ذرى شرف أعليت من شرفاته
وحلقت في جو من المجد والعلى / أسفت بغاث الطير دون بزاته
واطلعت من آفاق مجدك كوكباً / فأشرق نور منك في قسماته
أضاءت وجوه المكرمات بيوسف / وضاعت مساوي الدهر في حسناته
ولو لم تكن شمساً كنعتك لم تغب / وخلفك بدر كامل في صفاته
ولو لم تجد يا شمس بالبدر لم نقم / بما فيك من وصف الكمال وذاته
وما أنت إلا دوحة طاب غصنها / فأطلع طيب الذكر من ثمراته
وغيث ملث فارق الأرض بعدما / حلى عاطلاً من جيدها بنباته
فدى لأبي الحجاج أفراس حلبة / عواطل من أوضاحه وشياته
هو الجذع المربي على كل قارح / سبوح وما يرضي بسبق لداته
وقور فما تنزو بوادر طيشه / عليك إذا ما خفت من نزواته
أخو صلة يوم الكريهة والندى / مواقعها في ماله وعداته
جزيت علياً عن جميل وداده / ومثلي وفى للخل بعد وفاته
وخلدت فيه ما يدوم وإن أمت / فإن لسان الدهر بعض رواته
ويا أسفي أني وقفت مرثياً / لمن صانني عن مدحه في حياته
أبا حسن فات الذي كان بيننا / فمن لي يرد الأمر بعد فواته
كأني حوت الماء نش غديره / فهل شربة من ملحه أو فراته
ولاشك إلا أن همة يوسف / ستنجز ما قد كان لي من عداته
كريم المحيا لا يزال ابتسامه / يخبر بالإكرام عن مكرماته
مهيب كأن النار من لفحاته / وهوب كأن الغيث من نفحاته
أما المكين المرتضى فعله
أما المكين المرتضى فعله / فإنه جوهرة الوقت
قد نزه الرحمن أفعاله / عن شيمة التقصير والمقت
وإنما السرتي لا قدس الرحمن / من يعزى إلى سرت
سود ما بيض من حاجتي / بعرض أو ليقة الزفت
فإن يكن بر فعجل به / فالسحت لا يسمح بالسحت
أأرجو بقاء أم صفاء حياة
أأرجو بقاء أم صفاء حياة / وقد بددت شملي النوى بشتات
وقد صدعت بالبين قلبي وأضرمت / لهيباً تقويها به زفراتي
أأسلو عن ابن عزتي بتغربي / سأبكي عليه مدتي وحياتي
وأذري دماً من مقلتي بعد أدمع / تضرجه في وجنتي عبراتي
وأقطع أيامي بهم وترحة / وأبقى حزيناًَ بعده لمماتي
أتبلى الليالي خير نجل ذخرته / وتبقي لي الأيام شر بناتي
رجوت بإسماعيل ذخراً لشدتي / وعوناً على دهري لما هو آت
فخيب ظني باغتصاب ذخيرتي / زماني وأرداني بسهم شتات
طفيل عظيم النفس يصبو إلى التقى / ولم يصب للأهواء والصبوات
ترحلت إسماعيل عنا فأوحشت / منازلنا مأهولة العرصات
لئن غبت عن عيني فإنك حاضر / بقلبي كنقش في أصم صفاة
وما عشت إلا سبعة من سني الورى / سقى عهدهن الله من سنوات
وعاجلني فيك الحمام فخطمت / صروف الليالي صعدتي وقناتي
خيالك في عيني كأنك لم تزل / تطوف وتسعى في ذرى حجراتي
جعلتك في قبر وقد كنت في الحشا / مقيماً فلم أملك عليك ثباتي
لئن كنت طفلاً إن حزنك خطبه / كبير شديد معظم الخطرات
وعهدي به لما دهاه حمامه / يجاهد كرباً وهو في غمرات
ومازال يرجو نفسه ويقول لي / أيا أبتي ادن لي وآت
فأدنو إليه وهو يرنو بطرفه / يخاطبني والنفس في سكرات
إلى أن رأيت الحال أفضى إلى الفنا / وأن بني ساكن الحركات
فقبلت عينيه وقبلت وجهه / وودعته توديع بتل بتات
فوا رحمتا بل حسرتا لفراقه / ويا أسفي لو أشتفي بأساة
ويأمرني بالصبر كل مغفل / ولم يدر أن الصبر غير موات
ولا صبر لي إلا التحرق والبكا / وتصعيد أنفاس من الزفرات
وأبكي لثاو بالقرافة مودع / بدار قرار في جوار حفاة
سأبكي عليه ما ترنم طائر / وما غرد القمري على شجرات
وآليت لا أسلوه حتى يضمني / وإياه لحد في محل رفات
سلام عليه كلما هبت الصبا / وأهدي إليه أفضل الصلوات
يا من بليغ المعاني من عبارته
يا من بليغ المعاني من عبارته / ومن صريح المعاني من إشارته
ومن تروح المنايا في إمارته / جنداً وتغدو الأماني في أمارته
ومن إذا جد في يومي ندى وردى / فالليث والغيث نزر في غزارته
هل أنت مصغ إلى شكواي حر جوى / لو شئت بردت ما بي من حرارته
إعراض مثلك عن مثلي بصفحته / شر تذوب الرواسي من شرارته
ولو صددت عن الأيام ما عرفت / فيها حلاوة عيش من مرارته
ما بال من شيدت أفعاله شرفاً / لعامر يتعامى عن عمارته
فليت شعري أبا الماضي يزيد على ال / ماضي فواغبن حظي من خسارته
وأنت أول من دل الرجال على / فضلي وأسفر حظي من سفارته
نادى نداك على شعري ليرفعه / سوماً وأربح شعري في تجارته
وكنت مثل أتي السيل مغترباً / لولاك ما قر سيلي في قرارته
إن أكثر الناس في قول مدحت به / فبان نزح شوط من مهابته
فقد تجمع في بيت مدحت به / علاك ماكثروه من نزارته
بيت ترى كل سمع حين أنشده / يقضي فريضة حج في زيارته
لله درك عز الدين من ملك / أضحت ممالك مصر في خفارته
يا سيداً قامت علاه بذاتها
يا سيداً قامت علاه بذاتها / مستغنياً عن نعتها وصفاتها
إن لم تكن لك في القوافي رغبة / فالطم بها وجه الرجاء وهاتها
فالأم لا تأبى إذا لم يولها / أصهارها خيراً طلاق بناتها
ونهج سعت فيه إليك طرائف
ونهج سعت فيه إليك طرائف / فبرزت إذ خافت وخابت سعاته
بذلت به الدر المصون لأروع / تصدق دعوى المادحين هباته
تجنبت مطروق الكلام وهذه / سلافة ما أنشأته وابتداته
ولم أر مثل الشعر يرجو بغاثه / مطاراً بجو قد حمته بزاته
توهم قوم أنه الوزن وحده / وقد غاب عنهم سره وسراته
فذلك لون الماء في العين واحد / وما يتساوى ملحه وفراته
متى رمت منه رقة وجزالة / فإن كلامي ماؤه وصفاته
وغير بهيم الخط شعر أقوله / وأوصافكم أوضاحه وشياته
يا رب إني أرى مصراً قد انتبهت
يا رب إني أرى مصراً قد انتبهت / لها عيون الأعادي بعد رقدتها
فاجعل بها ملة الإسلام باقية / واحرس عقود الهدى من حل عقدتها
وهب لنا منك عوناً نستجير به / من فتنة يتلظى جمر وقدتها
لما رأيت عراص القصر خالية
لما رأيت عراص القصر خالية / عن الأنيس وما في الربع سادات
أيقنت أنهم عن ربعهم رحلوا / وخلفوني وفي قلبي حزازات
ساءلت أبله قلبي في السلو وقد / يقال للبله في الدنيا إصابات
فقال رأي ضعيف لا يطاوعني / كيف السلو وأهل الفضل قد ماتوا
يا رب إن كان لي في قربهم طمع / عجل بذاك فللتسويف آفات
إليك أبا إسحاق عنت حويجة
إليك أبا إسحاق عنت حويجة / يؤملها صرف الزمان ويرتجي
بخلت بها عن غير سمعك طاوياً / مدارج أسماع الورى طي مدرج
وما الذهب الإبريز لوناً وقيمة / يقاس إلى لوني رصاص وبهرج
وما يممت إلا جواداً بنانه / ثبات لمرتج ومفتاح مرتج
لوت عن لقاء الباخلين عنانها / إلى ذي سماح يرتجي وجه مرتجي
وليست لها فيما تملكه إرادة / فألجم لها فيما عداه وأسرج
أتيت إلى بابك المرتجى
أتيت إلى بابك المرتجى / فألفيته مغلقاً مرتجا
فقلت لبوابه سائلاً / أيغلق باب النهى والحجى
فقال أراك كثير الكلام / وعندي من الرأي أن تخرجا
وإلا نتفت سبال المديح / وألحقتها بسبال الهجا
اليوم عاد إلى المحلة روحها
اليوم عاد إلى المحلة روحها / ومزيل علة أهلها ومريحها
واستبشرت بعد العبوس وإنما / ولي الأمور أمينها ونصيحها
عادت إلى الحال القديم فأصبحت / لا يشتكي ألم السقام صحيحها
لاشك إلا أن مدة نحسها / زالت فهبت بالسعادة ريحها
فرحت بسيف الدين فرحة مهجة / وافى إليها بالحياة مسيحها
أيخفى صحيح الوجد والسقم لائح
أيخفى صحيح الوجد والسقم لائح / ويكتم سر الشوق والدمع بائح
جنحت إلى الواشي ولولاه ما التقى / سهادي وطرفي والجوى والجوانح
منعت الكرى لما منحتك مهجتي / وهل مانع نوماً سواي ومانح
وليلة هوّمنا بذي الطلح زارنا / خيالك وهناً والمطايا طلائع
فبت ولم أشكر سوى منة الكرى / أطرحه ذكر الهوى ويطارح
حديث الندى عما سواه مطوح / وركن الهدى ما لم يشيده طائح
يشاركه في ماله دون مجده / إذا استأثر الأملاك دان ونازح
لئن شاركوه في اسمه دون فعله / فما يستوي البحران عذب ومالح
تهب له ريحا غمام وغمة / ففي كل قطر منه ساق وسافح
على شاكر بل ماكر من سحابه / منائح إن يسخط بهن مذابح
لئن حل في دست الوزارة عادل / سما قبله فيها إلى النجم صالح
فإنك يا بدر بن زريك عنهما / لنعم المكافي للعدى والمكافح
ولما تجاوزت النهاية في العلى / ولاذت بعطفيك الملوك الجحاجح
خفضت جناحي قدرة فارسية / لهمتها طرف إلى الطرف طامح
بعزمك لاذ الملك واعتصم الهدى / وذلت صعاب الدهر وهي جوامح
نهضت بأمر الدولة النهضة التي / جزاك بها خيراً ولي وكاشح
وقام بما تحتاجه منك أروع / كفتها صفايا ماله والصفائح
ومهدت قطريها فلا منزل العلى / بناب ولا ناب النوائب كالح
وأوريت ناريها عقاباً ونائلاً / وما وريا إلا وزندك قادح
خلقت بها عزاً وكنزاً عمادها / عليه إذا اجتاحت سواها الجوائح
فما اعتلقت إلا وسيفك سابح / ولا اغتلقت إلا وسيفك فاتح
ولو لم يفح مسكاً عليك ثناؤها / لأثنت عليك الباقيات الصوالح
وغر مساع لو أردت اختصارها / غدت ألسن الأيام وهي شوارح
وجوهر أشعار تبيت عقودها / وهن على الشعري روام روامح
يغوص لها في بحر جودك خاطري / وغيري على الأصداف طاف وطافح
إذا سرحت في وصف مجدك هجرت / له وسرت فهي السواري والسوارح
وإن مسحت أعطافها بك هزها / ثناء لأقطار البسيطة ماسح
وقد يبسط الإحسان منقبض الثنا / وتبرأ من بعد القروح القرائح
وقربت مني وادعاً نازح الفنا / وكم خاب بعد الكر ساع وكادح
وأوردتها غزو الندى بعد نزره / وعند ضياء الصبح تخفى المصابح
عرائس لولا وجود بدر يصونها / لباتت بمدح الباخلين تسافح
وكيف أرجى صونها عند باخل / وقد فسدت في الأكرمين المناكح
خذ العفو واصفح عن قصور قصائدي / فإنك عن ذنب المقرين صافح
وسامح وخذ بعض الذي تستحقه / فمن عادة أن الكريم يسامح
وأسجح لها ماء البشاشة وحده / فما قصدها إلا السجايا السجائح
فكم منة أخفيتها فتكفلت / بشهرتها عنك القوافي الفصائح
وضافية الأذيال رحت أجرها / وتحتي من نعماك أجرد سابح
صحائف جود ينشر الحمد طيها / وعنوانها فوق المدائح لائح
مضى عنك صوم وهو بالبر مفرح / وقابلت فطراً قلبه بك فارح
فلا زال عيد الفطر أسعد قادم / تزورك فيه بالهناء المدائح
فما يستحق الشكر غيرك منعم / ولا يستحق البر غير مادح
إذا راح غيري بالثنا وهو خاسر / فإني بكم في متجر الحمد رابح
إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح
إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح / وأخلع برديه على المنع والمنح
وأفتح من أبوابه كل مقفل / يشن عليها خاطري غارة الفتح
ويشركني في نظمها كل ناقص / يعارض بالمصباح شارقة الصبح
يعيب دعي القوم غر قصائدي / وليس له فيه صريحي ولا صرحي
عصته زناد الشعر إذ رام قدحها / فأداه ضعف القدح عنها إلى القدح
تخلف عن شأوي فجمل نفسه / بنقد كلامي وهو من نقد السرح
فيا نابح الجوزاء من هوة الثرى / ترفق فقد أتعبت نفسك بالنبح
وابق على قرنيك من نطح صخرتي / وإلا فقد أوهيت قرنيك بالنطح
توهمت فكري مثل فكرتك التي / لها خاطر دامي القريحة والقرح
وإن أجاج القول مثل زلاله / وما يستوي عذب المذاقة بالملح
قصائد لم يقصدن إلا خليفة / وإلا وزيراً عارفاً قيمة المدح
وإلا جواداً مثل ورد تسوقها / سجاياه بالإكرام والخلق السحج
مليك ترى من حلمه وانتقامه / حياة وموتاً بالصفيحة والصفح
فتى نجحت أيامه من فعاله / بغر مساع صانهن عن الشح
فدى لك يا تاج الخلافة كل من / تعاطى ثنائي من بخيل ومن سمح
فإنك أفسدت القوافي على الورى / بجود نهاها أن تعود إلى الصلح
وقلت لها من لم يكرمك منهم / فلا تنظريه رأس مال ولا ربح
فكيف بذاك الوعد لو كان حاصلاً / فإنك مقرون المواعيد بالنجح
إذا أغمضت عمن سواك جفونها / صدوداً ولم تسمح لغيرك باللمح
طرقتها والليل وحف الجناح
طرقتها والليل وحف الجناح / وما تلبست بثوب الجُناح
في ليلة بات نجادي لها / ذوائباً يخفقن فوق الوشاح
والحسن قد ألف أشتاته / غصن تثنى فوق ردف رداح
نام رقيب الصبح عن ليلتي / وبات لي كل مصون مباح
أجمع من خمر ومن مبسم / بحمرة الورد بياض الإقاح
حصلت من ريق ومن منطق / على اقتراح ونمير قراح
ترنحت من نشوات الصبا / فبت مسروراً بنشوان صاح
وفاح من عرف الدجى عنبر / أحرقه الفجر بجمر الصباح
لاموا عليها مغرماً سمعه / كراحة الناصر عند السماح
الناصر الحامي ذمار الهدى / وحوزة الشرك به تستباح
إن عقدت آراؤه راية / تكفل الله لها بالنجاح
يقسم مابين الندى والردى / مالاً مباحاً وعدواً مجاح
لا يبلغ الطرف مدى جيشه / والطرف يطوي الأرض بالإلتماح
لا يهتدي طيف الكرى إن سرى / فيه ولا تخلص هوج الرياح
لو ذاب وبل النيل يوم الوغى / سقى الروابي وبطون البطاح
أو ستر الليل نجوم الدجى / سرى على هدي نجوم الرماح
كأنما أسيافه روضة / لما بها من ورقات الصفاح
قد شهدت أعداؤهم أنهم / فوارس الحرب وأسد الكفاح
ملك صلاح الدين لا قوضت / أطنابه ملك التقى والصلاح
سيرة عدل حسنت عندنا / ما كان من وجه الليالي القباح
سافر في الدنيا وأقطارها / ذكر غداً عنه جميلاً وراح
أصبحت الأيام منقادة الرأ / س إلى كفيه بعد الجماح
وسمعها يصغي إلى كل ما / يقوله من غرض واقتراح
قد بعل الدهر بأيامه / مذ سح وبلاً ووبالاً وساح
فلو رمى كلكل سلطانه / على ثبير لتردى وطاح
قل لابن أيوب وكم ناصح / أنفع ممن هو شاكي السلاح
حارب على مصر نجوم السما / فملك مصر ما عليه اصطلاح
وقامر الدهر بضرب الطُلى / من دونها إن لم تفدك القداح
فالسيف لولا حده لم يعد / ما أسقطته عن تميم سجاح
والملك لا يسكت خطابه / إن لم تكلمهم كلوم الجراح
واصدم بها شعث النواصي ربى / غزة أو ما حولها من نواح
وأبق فيها مثل عاداتها / حصائد القتلى وندب النواح
قولا لمن في عزمه فترة / ارجع إلى الجد وخل المزاح
والقدس قد آذن إغلاقه / على يدي يوسف بالانفتاح
ملك إذا حدثت عن بأسه / قال الندى واذكر حديث السماح
بلغ ملوك الأرض أني به / غنيت عن نيل الأكف الشماح
واخترته من بينهم منعماً / وليست الرغوة مثل الصراح
من حل في عصمة إحسانه / فليس بالطالب حسن السراح
تقول لي أنعمة كلما / هممت بالسير أقم لا براح
وصاحب أنشدته مدحه / فصاح زدني من قواف فصاح
نتائج ألقحها جوده / أي نتاج لم يكن عن لقاح
قد عبقت باسمك ألفاظها / فعرفها ينفح في الامتداح
نوافح لم أدر من طيبها / فاه بها الراوي أم المسك فاح
هنئت بالعام الذي سعده / على أعاديك قضاء متاح
تكفلت أيامه أنها / خادمة صدرك بالانشراح