القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 265
أأحمدُ ما أبْثَثَتُكَ الهمَّ والجوى
أأحمدُ ما أبْثَثَتُكَ الهمَّ والجوى / مكاشفةً إلا لأنك عارفُ
ألا لا تَنَلْ شكوايَ منكَ فانها / تُؤلِّمُ حتى الصخرَ هذي القذائف
يقولون مطبوعُ القريض لطيفُه / فهل قوبلت باللطف تلك اللطائف
ألا لو يبوحُ الشعر مني بما انطوى / لَهَبَّتْ على هذي الطُروس العواطف
وليل دجوجي الحواشي سعرته
وليل دجوجي الحواشي سعرته / بنار الأسى بين الجوانح فاستعر
نشرت به الآمال وهي هواجس / بعقد الثريا لو غدا مثلها انتثر
وردد لي همس الطبيعة نغمة / من الشعر ما كانت سوى خاطر خطر
أعرت الدراري فكرة تبعث الأسى / إلى القلب شأن الناظرين ذوي الفكر
شكوت إلى البدر الهوى شأن من مضى / قبلي فلم أسكت ولا نطق القمر
بثثت إليه أنةً توهن الصفا / فلما تغاضى صح لي أنه حجر
أسفا تبيت رباك وهي مدرّة
أسفا تبيت رباك وهي مدرّة / للرزق رهن الفقر والاملاق
خدعوك إذ سمّوا قيودك حلية / ما أسبه الاصفاد بالأطواق
لك في العراق جوانح ملهوفة / تشكو الذي تشكينه وتلاقي
أني شآمي إذا نسب الهوى / وإذا نسبت لموطن فعراقي
ويذيع منك البرق كامن لوعتي / فيدي على قلبي من الاشفاق
رقت طباع بنيك فهي إذا انبرت / سألت كصفو نميرك الرقراق
كم في الجوانح لي إليهم زفرة / كمنت ليوم تزاور وتلاقي
ورسائل برقية مهزوزة / اسلاكها من قلبي الخفاق
أما الهوى فدليله شرقي متى / ذكروا رباك بدمعي المهراق
أرقت أجفاني فلو راودتها / غمضاً لما طاوعن في الاطباق
قالوا : دمشق فقلت : غاية الربى / قالوا : لذاك تطاول الاناق
أبن الشام سلام صب واجد / يهدي إليكم أكرم الأعلاق
يهفو إليكم لوعة لا مدَّعي / ما أهون الدعوى على العشاق
أنا ما بكيت الشعر ذل وإنما / أبكي الشعور يباع في الأسواق
أنا للتجاذب نقطة إن سَّرني / لقياكم ساء العراق فراقي
ما كان أصفى ما أسال من الهوى / هذا اليراع بهذه الأوراق
عَدِّ عنك الكؤوسَ قد طِبتُ نَفسا
عَدِّ عنك الكؤوسَ قد طِبتُ نَفسا / واسقِنيها مراشفاً لك لُعْسا
إن يُحسَّ الغرامَ قلبي فحقٌّ / خلق اللهُ عَبده لُيحِسّا
لست انسى عيشي وخيرُ زَمانٍ / زَمَنٌ طِيبُ عيشهِ ليسَ يُنسَى
حبذا دجلةٌ وعيشيَ رَهْوٌ / طيب الرَوحتين مغدىً وُممسْى
حينَ ايامُنا من الدهر يومٌ / فيه تُستَفرغ الكؤوس وتُحسى
يَحسَب الشَربُ أنهم علموا الغيب / وهم يخطئون ظَنّاً وَحدْسا
طاف وهناً بها علينا إلى أن / لم يكد أن يعي من القوم حِسا
عيَّ منا اللسانُ فالكل خُرْسٌ / ينقُلون الحديثَ رَمزاً وهَمسْا
رمتُ كأساً ومذ تلجلجتُ اوميت / بكفي فظنّني رُمتُ خَمسا
فأتاني بها فلمْ اعترضها / حذراً أن يكونَ مثليَ جبسا
إن ردَّ الكريم عارٌ على النَفس / وحاشاي انني صُنتُ نَفسْا
أُفرغَت كالنُضار بل هي أبهى / فعليها لم يوجب الشرعُ خُمسا
ولها في العُروقِ نبضٌ خفيٌ / مثلما يُمسك الطبيبُ المِجَسا
وكأن النديمَ لما جلاها / افقٌ يُطلِعُ المَسرَّةَ شمسا
يا نديمي أمري اليكَ فزدْني / او فدَعني فلستُ أنطقُ نَبسا
لا تقطِّبْ اني ارى الانس جِناً / وتبسَّمْ لأحسَبَ الجنَّ إنسا
ما ترى الفجرَ والدجى في امتزاج / مثل خيطَي ثوب خِلاطاً وَمسَّا
كم أرادَ الصبحُ المُتاحُ انطلاقاً / وأرادت له دَياجيه حَبْسا
ما شربنا الكؤوس الا لانّا / قد رأينا فيها لخديكَ عَكْسا
انتَ تدري حرمانَ ذي العقل في الناسِ / فزدني منها جُنوناً ومَسا
لا تُمِلها عني وفيَّ حَراكٌ / واسقنِها حتى ترانيَ يَبسا
إن عُمْراً مستلطَفاً باعه المرء / بغير الكؤوس قد بيعَ بَخْسا
أنا حِلس الطِلا ولست كشيخ / خلسَ الدينَ وهو يُحسَب حِلسا
لو يبيع الخَمّار دَيناً بدينِ / لاشتراها وباع أخراه وكسْا
ان أحلى مما يسبح هذا الحبرُ / قرْعُ النديم بالكأس جَرْسا
لا تلُم في الطِلا ولا في انتهاكي / ما أبى الله .. اذ نهى ان تُحسّا
ان نيل الحرام أشهى من الحِلِّ / وأحلى نيلاً واعذبُ كأسا
قد طويتُ الحديثَ خوفَ رقيب / يبتغى فيه مطعناً ليَدُسّا
وهجرنا الكؤوسَ لكن لعُرسٍ / هو اصفى كأساً واطيبُ أُنسا
وانتقلنا لكن لبُرج سُعود / قَرنَ الله فيه بدرْاً وشَمسا
هي جَلَّت عُرساً فزيدت بهاءً / دارةُ المجدِ إنهُ جلَّ عُرسا
طاب مُمسى سروره فليبكِّرْ / أبدَ الدهر مُصبِحاً حيث أمسى
لك عمٌّ احيا مزايا ذويه / وأرانا الجدودَ تنفُضُ رمْسا
لا تلمه ان هزَّ للشعر عِطفاً / إنّ فيه من دوحة المجدِ رِسّا
هو اصفَى من اللُجينِ وأوفى / في المعالي من الهضاب وأرسَى
وهو إن ينتسِبْ فمن أهل بيت / اذهبَ الله عنه عاراً ورِجسا
بيت مجدٍ كالبحر طامٍ ولكن / أنت فيه أبا الضيائينِ مَرْسى
يا بنَ بنتٍ البيت الذي كان نَجماً / لكَ سعداً وفي أعاديك نَحسا
لستُ انسى مدحَ الجواد ومن كان / من المدح فرضُه كيف يُنسى
مستفيضُ الندى وكم من يَمينٍ / صخرةٌ زلقَة الجوانب مَلسا
حَيَّرت مادحيكَ رقهُ طبعٍ / تَحلِفُ الخمرُ أنها منه أقسى
قد بلونا سجليكَ قبضاً وبسطا / وخَبَرنا دَهرَيك نُعمى وبُؤسى
فوجدناكَ في الجميع رضيّاً / وحميداً مصَّبحاً ومُمَسَّى
وهززنا في الأريحية غُصناً / ورأينا في الدست رضوى وقُدْسا
وكأن اللغات بتن يفرقن / كما تشتهيه نِعمَ وبئسا
فكسونَ الصديقَ شهماً ونَدْبا / واعدن العَدُوَّ نذلاً ونِكسا
وارتديتَ العلى لباساً وتاجاً / وسواك ارتدى الحريرَ الدِمَقسا
لك كفٌ كالركن فينا فأقصى / منيةِ النَفس عندنا ان تُمَسّا
وبليدٍ لا يكتفي من سَنا النار / بومضٍ حتى يجرِّبَ لمسا
قال هل القنَّه قلتُ : تَعْيَا / قال : حتى غباره قلتُ : نَحسْا
رُوضِّت كُّفه فلولا رجامُ / الناس اقرى بها الطيور وعسا
رِدْ نداه وبطشَه وتُقساه / واتركُنْ حاتِماً وعمراً وقُسّا
وذكرنا في اليوم عُرسَ علىٍّ / فكأنَّ السرورَ قد كان أمسى
حيث مُدّاحه تجول وثوب النحس / يُنضى ومِطرفَ السعد يُكسي
طاب غَرْساً مُصدّقاً لا كمن يُحسَبُ / نُكراً ان قيل قد طاب غَرْسا
هو قاسٍ ان اغضَبُوه ولكن / لو يَهُزّ الصَفَا نَداهُ لحَسّا
لو تكون النجوم بُرداً وتاجاً / لكسيناكَهُنّ عِطفاً ورأسا
ان علوتم فحقكم اولستم / قد رَفَعتم لكعبةِ الله أسُّا
هزني مدحُكم فقلتُ ولا يصلُح / عودُ الغناء حتى يُجَسّا
ايها المقتفُونَ شأْوي هَلمّوا / وخذوا عَنيَ البلاغةَ دَرسْا
انا آليت ان أُعيد رسوماً / منه أضحت بعد ابن حبوبَ دُرسا
انا لا أدَّعي النبوةَ الاّ / أنني أرجعُ المقاويلَ خُرسْا
انا في الشعر فارسٌ إن أغالَب / يكنِ الطبعُ لي مِجَنّاً وتُرسا
كل ُّ محبوكةٍ فلا تُبصرُ المعنى / مُعّمىً ولا ترى اللفظ لَبْسا
واذا ما ارتمت عليَّ القوافي / نلتُ مختارَها وعِفتُ الأخسا
ان اكن اصغرَ المجيدين سِناً / فانا أكبرُ المجيدين نَفْسا
طبقّت شهرتي البلادَ وما / جاوز عمري عشراً وسبعاً وخمساً
هو العزم لا ما تدعي السمر والقضب
هو العزم لا ما تدعي السمر والقضب / وذو الجد حتى كل ما دونه لعب
ومن أخلفته في المعالي قضية / تكفل في إنتاجها الصارم العضب
ومن يتطلب مصعبات مسالك / فأيسر شئ عنده المركب الصعب
ومن لم يجد إلا ذعاف مذلة / وروداً فموت العز مورده عذب
وهل يظمأ اللاوى من الذل جانباً / وبيض الظبا رقراقها علل سكب
إذا رمت دفع الشك بالعلم فاختبر / بعينك ماذا تفعل الأسد الغلب
أما والهضاب الراسيات ولم أقل / عظيما فكل دون موقفه الهضب
لئن أسلمتهم عزة النفس للردى / فما عودتهم أن يلم بهم عتب
أحباي لو لم تمسك القلب أضلعي / لطار أسى من برج ذكراكم القلب
قضيتم وفي صدر الليالي وليجة / وما غيركم يستلها فلها هبوا
سقاك الحيا أرض العراق ولا رقت / جفون غوادية وناحت بك السحب
تضمنت لا ضمنت شراً لظالم / كواكب ليل الخطب إن حلك الخطب
بكيت وحيداً في رباك ولم أرد / مخافة واش ان يساعدني الركب
فيا شرق حتى الحشر تربك فوقه / دليل لمن يدر ما فعل الغرب
لمنِ المحافلُ جمّة الوُفّادِ
لمنِ المحافلُ جمّة الوُفّادِ / جَلَّ المَقام بها عن الانشادِ
مَنْ زان صدرَ المجلس الأعلى وقد / طفح الجلال بحيثُ فاض النادي
مِن صاحبُ السِّمة التي دَّلت على / أدب الحضارة في جمال البادي
يا نجلِ " سوريا " وتلك مزية / شهِدت بها بمهارة الأولاد
في كل يوم للمحافل رنةٌ / لك من نيويوركٍ إلى بغداد
ما قدرُ هذا الاحتفالِ وإنما / كلُ الزمان محافلٌ ونوادي
تَعْدادُ مجد المرء منقصة إذا / فاقت مزاياه عن التَّعْداد
يا كاشف الآثار زور أهلها / وكفت بذوُرك عندهم من زاد
رُحماكِ بالامم الضَّعاف هوت بها / إحنٌ فَمُدَّ لها يدُ الأسعاد
وأشفق على تلك الجوانح إنها / حُنيت أضالعُها على الأحقاد
وَّجدْ بدعوتك القبائل تهتدي / عن غَيِّها ولكل شعب هادي
إقرأ على " مصر " السلامَ وقل لها / حَيَّتْ رباكِ روائحٌ وغوادي
لا توحشي دارَ الرشيد فانها / وقفٌ على الإبراق والإرعاد
وتصافحي بيد الاخاء فهذه / كفُّ العراق تمُدُ حبل وداد
لا تْرهَبَنَّكِ قسوةٌٌ من غاصبٍ / عاتٍ فان الحق بالمرصاد
لا تَخْدعَنَّك حِليةٌ موهومة / ما أشبه الأطواقَ بالأقياد
ما أنصفوا التاريخ وهو صحائف / بيض نواصع لفعت بسواد
أمثقِفَ القلم الذي آلى على / أن ليس ترجَحُ كفهُ استعباد
ومشَّيداً ركناً يلتجى / منه بأمنعِ ذمة وعماد
أنصِفْ شكية شاعر قد حَّلقت / بالصبر منه فظائع الأنكاد
إني سمعت وما سمعت بمثله / نبأً يرن على مدى الآماد
سورية أمُّ النوابغ تغتذي / هدفَ العداة فريسةَ الأوغاد
تُّضحي على البلوى كما تُمسي وقد / خَفَت الزئيرُ فريسةَ الآساد
لم تكفِها الظُّلَمَ التي / غَشيتْ ولم تَهمُمْ بقدح زناد
أكذا يكون على الوداد جزاؤها / أم لست من ابنائها الأمجاد
حنَّت إليك مرابعٌ فارقتها / لو أن بُعداً هز قلبَ جماد
حدث عن الدنيا الجديدة إنها / أم الشعوب حديثة الميلاد
ماذا تقول غداً إذا بك حدَّقت / خُوْصُ العيون بمحضر الأشهاد
وتساءل الاقوامُ عنّا هل نما / فينا الشعور وما غناء الحادي
وتعجَّبوا من مهبِط الوحي الذي / سمِعوا وليس سوى قرارةِ وادي
وعلمت ما في الدار غيرُ تشاجر / وتطاحن ومذلة وفساد
أتذيع سرّ حضارةٍ ان غُيبَّت / منها السرائر فالرسوم بوادي
" كل المصائب قد تمر على الفتى / فتهون غير شماتة الحُسّاد"
قل إن سُئلتَ عن الجزيرة مُفصحاً / ما أشبهَ الأحفادَ بالأجداد
ما حُوِّلت تلك الخيامُ ولا عَدَتْ / فينا على تلك الطباع عوادي
نارُ القِرى مرفوعةٌ وبجنبها / نارُ الوغى مشبوبةُ الايقاد
أبقيةَ السلف الكريم عجيبةٌ / ما غيرتكِ طوارئ الآباد
ما لوَّثَتْ منك الحقائبُ مسحة / موروثةً لك قبلَ أعصر عاد
ما للحوادث فاجأتكِ كأنها / كانت على وعد من الأوعاد
نام " الرشيد " عن العراق وما درى / عن مصره فرعون ذو الأوتاد
حالت عن العهد البلاد كأنها / لبست لفقدِهُمُ ثياب حِداد
واستوحشت عرصاتُها ولقد تُرى / دارَ الُوفادة كعبة الوُفاد
إذ مُلْكُها غض الشباب وروُضها / زاهي الطراز مفوف الأبراد
وعلى الحِمى للوافدينَ تطلع / بتعاقب الاصدار والايراد
أغرى بها الاعداءَ صيقلُ حسنها / وجنت عليها نَضْرةُ المرتاد
فتساندوا بعد اختلاف مطامع / أن لا يقيمَ الشرقَ أيَّ سناد
وإذا أردتَعلى الحياة دلائلا / لم تلق مثلَ تآلف الأضّداد
إن هزكمْ هذا الشعورُ فطالما / لانَ الحديدُ بضربة الحداد
او تنكروا مني حماسة شاعر / فالقومُ قومي والبلاد بلادي
عَجِلَتْ على وطني الخطوبُ فحتَّمت / ان لا يقَرَّ وسادهُ ووسادي
ذَخَرتُ لأحداثِ الزّمانِ يَراعا
ذَخَرتُ لأحداثِ الزّمانِ يَراعا / يُجيد نِضالاً دونَها وقِراعا
وأعددْتُه للطارئاتِ ذَخيرةً / يُزيحُ عن الشرِّ الكمينِ قناعا
وألفيتُني في كلِّ خطبٍ يَنُوبُه / أُدافعُ عنه ما استطعتُ دِفاعا
وما في يدي إلاّ فؤادي أنَرْته / لِيُلْقي على سُودِ الخطوبِ شُعاعا
وكلّفْتُ نفسي أنْ تُحَقِقَ سُؤلْها / سِراعاً أو الموتَ الزؤامَ سراعا
وما ذاك إلاّ كالمؤدّي رسالةً / رأى كَتْمَها حَيْفاً بها فأذاعا
أهبتُ بشبانِ العراقِ وإنَّما / أردتُ بشعري أن أهيجَ سباعا
أنفْتُ لهذا النشءِ بينا نُريده / طويلاً على صدّ الكوارثِ باعا
يَدِبُّ الى البلوَى هزيلا كأنه / ربيبُ خُمولٍ نَشْأةً ورَضاعا
فما استَنْهضتْ منه الرزايا عزائماً / ولا أحْكَمَ التجريبُ منهُ طباعا
فلا هو بالجَلْدِ المُطيقِ احتمالها / ولا بالشُّجاعِ المستميتِ صراعا
فكم زعزعٍ ما حرّكَتْ منه ساكناً / وكم فُرَصٍ عنّت له فأضاعا
لقد طبقّ الجهلُ البلادَ وأطْبَقَت / على الصّمتِ شبانُ البلادِ جَماعا
وإنَّك لا تَدري أنشءاً مهذباً / تَسوقُ الرزايا أم تسوقُ رعاعا
بمصرَ ومصرٌ ما تزال طريدةً / شرى الظلمُ منها ما أراد وباعا
دويُّ شبابٍ أرْجَفَ الجورُ وقعَه / وزعزعَ من بُنيانِهِ فتداعى
لنا كلُّ هيئاتِ الشبابِ تَصَنُّعاً / وأزيائهم تمويهةً وخِداعا
وليس لنا إلاّ التطاحنُ بيننا / عِراكاً على موهومةٍ ونزاعا
هَلُمّوا الى النشء المثقّفِ واكشِفوا / حجاباً يُغَطّي سَوءةً وقناعا
تروا كلَّ مفتولِ الذراعين ناهداً / قصيراً إذا جدَّ النّضالُ ذِراعا
وكلَّ أنيقِ الثوبِ شُدَّ رباطُه / إلى عُنُقٍ يُعشي العيونَ لمَاعا
يموعُ إذا مسّ الهجيرُ رداءه / كما انحلَّ شَمْعٌ بالصِلاء فماعا
تراه خليَّ البالِ أن راح داهناً / وأن قد ذكا منه الأريجُ فضاعا
وليس عليه ما تكاملَ زيُّه / إذا عَرِىَ الخَلْقُ الكثيرُ وجاعا
وأن راحَ سوطُ الذُّلِ يُلهب أمةً / كراهِيَةً يستاقُها وطَواعا
ولم تُشجِهِ رؤياً وسمعاً قوارعٌ / يسوء عياناً وقعُها وسَماعا
وربَّ رءوسٍ بَرْزَةٍ عشّشت بها / خُرافاتُ جهلٍ فاشتكَيْنَ صُداعا
وساوسُ لو حققّتَها لوجدتَها / من المهدِ كانت أذؤباً وضباعا
بها نوّمَتَنْا الأمهاتُ تخوّفاً / وما أيقظتنا الحادثاتُ تِباعا
ومُرّوا بأنحاءِ العراقِ مُضاعةً / وزوروا قرىً موبوءةً وبقاعا
تروا من عِراقٍ ضاع ناساً تسوءكم / عراةٌ حفاةٌ صاغرين جياعا
وإنَّ شباباً يرقَبُ الموتَ جائعاً / متى اسطاعَ عن حوْضِ البلاد دفاعا
وإنَّ شباباً في التبذل غاطساً / متى كان درعاً للبلاد مَناعا
غَزَتْ أمم الغربِ الحياةَ تُريدُها / وما زوُدَّت غيرَ الشبابِ متاعا
رأى شعبه مُلكاً مُشاعاً لخيره / فأصبح مُلكاً للبلاد مشاعا
إذا أصحرتْ للخطب كان شبابُها / حصوناً منيعاتٍ لها وقلاعا
فقرَّبتِ الأبعادَ عزماً وِهمّةً / وأبدلَتِ الدهرَ المطاولَ ساعا
ونحن ادّخَرْنا عُدّةً من شبابِنا / هزيلاً ومنخوبَ الفؤاد يراعا
إذا ما ألّمت نكبةٌ ببلاده / مضى ناجياً منها وحلّ يفاعا
زوى الشعبُ عنه خيرَه ورفاهَه / فلو سِيمَ فَلْساً بالبلاد لباعا
يرى في الصناعاتِ احتقاراً ويزدهي / إذا طَمْأنَ التوظيفُ منه طماعا
وها نحن في عصرٍ يَفيضُ صناعةً / نرى كلَّ من حاك الحصيرَ صناعا
نقاوِمُ بالعود البوارِجَ تلتظي / ونعتاضُ عن حدّ البخارِ شِراعا
كَرُبْتُ على حالٍ كهذي زريَّةٍ / أقول لأحلامٍ حلمتُ وَداعا
على أنّني آسٍ لعقلٍ مهذَّبٍ / وقلبٍ شُجاعٍ أن يَروحَ ضياعا
وَجَدْتُ جباناً من وَجدْتُ مُهذَّباً / وَجَدْتُ جهولاً من وَجَدتُ شُجاعا!
عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا
عاودتُ بعد تغيُّبٍ لُبنانا / ونزلتُ رَحْبَ فِنائه جَذلانا
ودَرَجتُ اقتنصُ الشباب خَسِرتُه / ذا رِبحةٍ ورَبِحته خسرانا
فوجدتُ رَيْعان الجمالِ ولم أسَأ / أني أضعت من الصبا ريعانا
ووجدتُ في مرح الحياة طفولتي / وشبيبتي وكهولتي سِيّانا
ونقضتُ بيني والكوارثِ مَوثِقاً / وأخذت من عَنَتِ الزمان أمانا
وأقَمت من يَومي لأمسيَ حاجزاً / وضَرَبت سَداً بينَنا النِسيانا
وطلَبتُ عونَ قريحتي فوجدتُها / سمحاءَ تبذُل خيرَها مِعوانا
وأثرتُ هاجعةَ القوافي لم تجد / في الراقدين لركضة ميدانا
قام الجفافُ بعذرها واستامَها / خِصبُ الجبال مرونةً ولِيانا
وأريتها " حَمّانة " فرأتْ بها / مَلَكاً يمُدُّ الشعرَ لا شيطانا
وأردتُها تَصِف الحياة رقيقةً / وجليلةً وتُجيدها إتقانا
فشكَتْ إلى لُغىً تضيقُ حروفُها / عن أن تُسيغ السجعَ والأوزانا
" شاغورُ حمانا " ولم يَرَ جنةً / من لم يشاهدْ مرةً " حمانا "
مرْجٌ أرادتْه الطبيعةُ صورةً / منها على إبداعها عُنوانا
فحبتْه بالمُتَع الروائعِ كلِّها / ورَمَت عليه جمالَها ألوانا
المنتقاةَ من الحياة طبيعةً / والمصطفاة من البلاد مكانا
والخافقاتِ ظلالُها عن سَجسَجٍ / يَشفى الغَليل ويُثلجُ الظمأنا
والغامراتِ عيونُها وديانَها / وجبالَها وبقيعَها الفينانا
والغارقاتِ مروجُها في سُندُسٍ / خُضرٍ تَفوح من الشَذا أردانا
وادٍ تَلَفَّت ناشئاً فاذا به / بين الجبال تكفَّلَته حَنانا
واذا بها بمياهه وغياضِه / جاءَت تحوِّطُ مَرْجه بستانا
انظر إلى الجبل الأصمِّ بزرعِه / متبختراً وبضرعِه رَيّانا
لامستِ بالشك اليقينَ وزعزعَتْ / مرآكِ نفساً تنشُدُ الإيمانا
أمِنَ الجنان وخمرها لكِ صورةٌ / صوِّرَت عنكِ الجنانُ جنانا
عاودتُ ماءَكِ ناهلاً وحسبتُني / عاودتُ بعدَ تعفُّفٍ إدمانا
يا اختَ " لا مرتين " ارهفَ جوُك / الإحساسَ منه ولطَّفَ الوجدانا
هذي الينابيعُ الحسانُ تفجَّرتْ / منها ينابيعُ البَيان حِسانا
الخالداتُ خلودَ شمسك طلقةً / والسامياتُ سموَّ هضبِك شانا
والباعثاتُ من العواطف خيرَها / إيناسةً . وأرقَّها أحزانا
وحيٌ تنزَّلَ والندى ورسالةٌ / هَبَطتْ وأضواء النجوم قِرانا
في ساعةٍ أزَليةٍ بهباتِها / شأت الوحاة وبَزَّتِ الأزمانا
يا أيها النهرُ الذي بخريره / وَعَتِ العصورُ نشيدَهُ الرنّانا
يا أيها الجبلُ المَهيبُ بصمته / مترهِّباً يستلهمُ الأكوانا
يا أيها الشجَرُ الذي بحفيفِه / وفَّى الحياة ونورها شُكرانا
ما ضرَّ انك ما مَلَكتَ لسانا / ولأنت أفصحُ مَنطِقاً وبيانا
" شاغور حَمّانا " أثارَ بلُطفه / قِممَ الجبال وأرقَصَ الوديانا
فرشت له صُمُّ الصفا أذيالها / وتفتحَّت ثَغَراتُها أحضانا
ومَشَى عليها مالكاً ادراجها / متشوقاً لمسيله عَجْلانا
غَنِنَتْ به غُرُّ الضِفاف فخورةً / وزَهَا به يَبَسُ الثَرى جذلانا
وكسا الحشائشَ رونقاً لم تُعطَهُ / وجلا رُواءُ نميره العيدانا
وبدا الحَصَى اللمّاعُ في رَقراقه / دُرراً غواليَ تزدهي وجُمانا
تَرَكَ الجبالَ وعُريَها وهَجيرَها / وتقمَّصَ الاشجارَ والأغصانا
ورمى الخيالَ بمعجزٍ من حُسْنِهِ / في حالتَه كاسياً عُرْيانا
واستقبلته على الضِفاف بلابلٌ / نَشْوى تُغَنِّى مثلَه نَشْوانا
مُتَلوِّياً يُعطيك في لَفتاته / بين المسارب تائهاً حيرانا
ألقت عليه الشمسُ نُوراً باهتاً / زان الظلال رقيقةً وازدانا
وارتد إبّان الظهيرة غائماً / كالفجر يُعلن ضجةً اِيذانا
أوغَلتُ في أحراجه وكأنني / أصبحت أولَ مرَّةٍ فنّانا
وكأنني فيما أُحاولُ هاربٌ / حَذِرٌ مخافةَ ان يَرَى إنسانا
ووجدتُ نفسي والطبيعة ناسيا / ماذا يضمّ العالمان سوانا
ورميتُ أثقال المطامحِ جانباً / ووجدت عن خُدُعاتِها سُلوانا
وحسِبت عصفوراً يُلاعب ظلَّه / في الماءِ ينعمُ راحةً وأمانا
واستسلمتْ نفسي لاحلامِ الصبا / ولمَسْت طيف خيالها يقظانا
ومَزَجْتُ بين الذكريات خليطةً / فوجدتُني متلذِّذاً أسيانا
وتسلَّلتْ بالرَغم مني مرَّةً / صُورُ الحقائق تبعثُ الأشجانا
فإذا الخيال المحضُ يلمعُ زاهياً / وإذا الحقيقةُ تُطفىءُ اللمَعَانا
أأمريك يابنت " كولمبس "
أأمريك يابنت " كولمبس " / لحبِّك وقع على الأنفس
صبوت إليك وأين الفرات / وأهلوه من بحرك الاطلس
حنّنا ولو كان في وسعنا / سعينا إليك على الارؤس
إذا آنس الصبَّ ذكر الحبيب / ففي غير ذكرك لم آنس
هواجس تدني إليك المنى / ولولا المنى قط لم أهجس
وأني ومابي حبّ الصخور / أحن إلى صخرك الأملس
هوى لو بشهب الدراري صبت / ولو بالعواصف لم تهمس
إذا كان من ثمر للمنى / ففي غير أرضك لم يغرس
وكم قائل ما اصطلى في الهوى / بناري وقد غرّه ملمسي
أليس سواها نفيس يرام / فقلت : هواي مع الأنفس
أحبّاى حتى م يصبو لكم / معاف ويذكركم من نسي
ألا هل أتاكم بأني متى / تدر كأس حبّكم أحتس
وأني كالليل بادي الهموم / وأني كالنجم لم انعس
ولي قلب حر عصيُّ الزمام / فإن راضه حبُّكم يسلس
وكم ليلة بتُّ في عزلة / ومن طيب ذكراكم مجلسي
وبلدة ذل تميت الشعور / فمنطيقها الحرُّ كالأخرس
أحب بلادي لو لم أخف / بها شرَّ ذي الغدرة الأشرس
يجاذب قلبي إليها الهوى / ويأبى المقام بها معطسي
جفوني ولا ذنب إلا الاباء / وإن طاب من بينهم مغرسي
وقالوا تناسى ولا حنة / وهل بلبل حنَّ للمحبس !
أرجِعي ما استطعتِ لي من شَبابي
أرجِعي ما استطعتِ لي من شَبابي / يا سُهولاً تَدَثَّرَتْ بالهِضابِ
غسَلَ البحرُ أخْمَصَيْها ورشَّتْ / عبِقاتُ النَّدى جِباهَ الرَّوابي
واحتواها " صِنّينُ " بينَ ذِراعيه / عجوزاً له رُواءُ الشَّباب
كلَّلتْ رأسَهُ " الثّلوجُ " ومسَّتْهُ / بأذيِالها مُتونُ السَّحاب
وانثنى " كالاطار " يحتضِنُ الصّورةَ / تُزْهَى أو جَدْولٍ في كتاب
كلَّما غامَ كُربةً من ضَبابٍ / فرَّجَتْ عنه قُبْلةٌ من شِهاب
وبدَتْ عندَ سفحِه خاشِعاتُ / الدور مثل " الزٍّميت " في مِحراب
وحواليَهِ من ذَراريهِ أنماطٌ / لِطافٌ من مُسْتَقِلٍّ وكابي
و " القُرَيَّاتُ " كالعرائس تُجْلى / كلَّ آنٍ تلوحُ في جِلباب
منْ رقيقِ الغُيوم تحتَ نِقابِ / ومِنَ الشَّمسِ طلقةً في إهاب
وهي في الحالتين فِتنةُ راءٍ / بينَ لونينِ من مُشِعٍّ وخابي
والبيوتُ المُبَعْثراتُ " نَثارُ " / العُرس مبثوثةً بدونِ حساب
وتراها بينَ الخمائلِ تلتفُّ / عليها عمارةً في غاب
وتماسَكْنَ – والطبيعةُ شِعرٌ - / كقوافٍ يَلْمَعْنَ غيرَ نوابي
زهوُ حُمْرِ القبِاب في الجبَلِ الأخضرِ / يَسبي كزهو أهلِ القباب
و " الكرومُ " المُعرِّشاتُ حُبالى / مُرضِعاتٌ كرائمَ الأعناب
حانياتٌ على " الدوالي " تُحَلِّينَ / عناقيدَ زينةً للكعاب
رافعاتُ الرءوسِ شُكْراً وأُخرى / ساجداتٌ شُكْراً على الأعتاب
سِلْنَ في الحَقْل مثلَ رُوحٍ لجسمٍ / وتمدَّدْنَ فيهِ كالأعصاب
وتصايَحْنَ: أين .أينَ النَّدامى ؟ / وتغامَزْنَ ثَمَّ للأكواب
وتخازَرْنَ والمَعاصِرُ أبصاراً / حِداداً مَلِيئةً بالسّباب
نَظَراتٍ كانت خِطاباً بليغاً / ولدى " العاصرينَ " فحوى الخطاب
إنَّ خيرَ الشُهورِ إرثاً لشهرٍ / ما تَلقَّى " أيلولُ " من شهرِ " آب"
كيفَ لا ترقصُ الطبيعةُ في أرضٍ / ثراها مُخَضَّبٌ بالشراب
غاضَ " نبعُ " النَّهارِ يُؤْذنُ ضوء البدرِ / قد فاضَ نبعهُ بانسِكاب
وانزوَتْ تلكُمُ الخليعهُ ! طولَ اليومِ / " عُريانةً " وراءَ حجاب
وأتتْ في غَيابةِ " الشَّفَقِ "الأحمرِ / ما تشتهي مِنَ الألعاب
أي لونٍ ألقتْ على الأرضِ حَلَّى / كلَّ ما فوقَها وأيَّ خِضاب
هدأ الحَقْلُ والمدينةُ والغابُ / ودوَّى الصَّدى ورَجْعُ الجواب
ثمَّ سدَّ الدُروبَ جيشُ " الكَدودين " / طَوالَ النَّهارِ في أتعاب
حبَّذا منظرُ " الفؤوس " استراحتْ / في " نِطاقِ " الفلاَّحِ والحطَّاب
واستقلَّ الجبالَ " راعي " غُنَيْماتٍ / يُدَوّي " بزجلَةٍ " و " عتاب"
يا مَثارَ الأحلامِ يا عالَمَ الشّعر / طريّاً يا جَنَّةً من تراب
يا خيالاً لولا الحقيقةُ تُنبي / عنه كنَّا من أمرهِ في ارتياب
حسبُ نفسي من كلِّ ما يأسِرُ النَّفْسَ / اغتِراراً من الأماني العِذاب
هجعةٌ في ظِلال " أرزِكِ" تَنفي / مِن هُمومي ووَحشتي واكتئابي
وصديقي وحشٌ أعزُّ وأوفى / من حسودٍ ومن صديقٍ محابي
لا أقولُ " العدوُّ " إنَّ عِداتي / " نَسَبٌ " واضحٌ من الأنساب؟!
كلَّما شاقني التأملُ لفتَّني مجاري / المياهِ بينَ الشِّعاب
بينَ صفَّيْ " صَنَوْبرٍ " كشُعورِ الغيد / لُمَّتْ على قُدودٍ رِطاب
آيةُ اللهِ عندَ لُبنانً َ هذا الحسنُ / في عامرٍ له وخراب
رُبَّ " وادٍ " بادي المقاتِلِ تعلوهُ / الأخاديدُ كالجروح الرِّغاب
كانَ في سِحرهِ كآخَرَ زاهٍ / مستفيضِ المياهِ والأعشاب
وفِجاجٍ مَغْبَرّةٍ كُنَّ أبهى / روعةً من مُفَيَّحاتٍ رِحاب
قلتُ إذ حِرتُ : أيُّ أرض لها الفضلُ / على غيرها وحارَ صِحابي !
أدْخُلوا " جنَّةَ " النَّعيم تُلاقوا / ألفَ " رضوانَ " فاتحاً ألفَ باب
غيرَ أنّي أنكرتُ في جنَّةِ الفِردوسِ / "ربّاً " مُوَكَّلاً بعذاب!
إيهِ " لُبنانُ " والحديثُ شجونٌ / هل يُطيقُ البيانُ دَفعاً لما بي ؟
حارَ طيَّ الَّلهاةِ مّني سؤالٌ / أنا أدرى بردِّهِ والجواب!
ما تقولونَ في أديبٍ " حريبٍ! / مُسْتَقلٍّ " يلوذُ ب " الانتداب" ؟
خلتُ أني فررْتُ مِن " جوِّ بغدادَ " / وطُغيانِ " جَوْرها " الَّلَّهاب
ومِنَ البغيِ والتَّعَسّفِ والذُّلِّ / فظيعاً مُحَكَّماً في الرّقاب
ومِنَ الزّاحفينَ كالدُودِ " هُوناً " / تحتَ رِجليْ " مسْتَعْمِرٍ " غَلَّاب
ومنَ" الصَّائلينَ " في الحُكْمِ زُوراً / كخيولٍ " مُسوَّماتٍ " عراب
خِلْتُ أنّي نجوتُ مِنْ ذا ومن / بَطشةِ عاتٍ وخائنٍ كذّاب
غانماً " سَفرتي " وها أنا في حالٍ / تُريني غنيمتي في الإياب
أفيَبْقَى " الأحرارُ " مِنَّا ومِنكُم / بينَ سَوْطِ " الغريبِ " والإرهاب؟
أنا مذ همتُ فيكمُ كانَ دأبي
أنا مذ همتُ فيكمُ كانَ دأبي / أنَّ ما ترتَضون يحمله قلبي
إن تزيدوا الجوى فأهلاً وإلا / حَسبُكُم ما لقيتُ منكم وحسبي
وبحسبي من الأحبةِ ظُلماً / ان يُعَدَّ الغُلُوُّ في الحبِّ ذنبي
يعلم الناسُ ما لأكابدُ منكمْ / في سبيل الهَوى ويعلَمُ ربي
يا أبا صادقٍ أُحبُّك حُباً / ليس يبقي على اصطبار المُحِّب
إن عتَبنْا فلم يكن عن مَلال / أحسَنُ الوُدِّ ما يشاب بعَتْب
لستُ أدري عَقَقْتُ صَحبيَ لما / هِمتُ أم عَقَّني لأجلك صَحْبي
غير أني أراكَ وافقتَ طَبْعي / دونَ هذا الوَرَى وجانَسْتَ لُبي
واراني صَبّاً بأخلاقك الغُرِّ / وما كنتُ قبل ذاك بصَب
ولعَمري لقد تربيَّتُ حتى / عَرَفَ الناسُ فيكَ فضل المربي
ايُّ عيشٍ لي في العمارة رَغْدٌ / وزَمَانٌ مَضىَ هنالِك عَذْب
وأحاديثُ لا تُمَل من الوجدِ / بلَفظٍ كاللؤلؤ الرَطَبِ رَطْب
حبذا دجلةٌ وعن جانبيها / تَتَمشّى الظلالُ جَنباً لجنب
ان تَسَلْني عن الزَّمان وأهليهِ / فاني طِبٌّ بهم ايَّ طِب
عِش كما تشتهي اذا كنت خِبّاً / والزَم البيتَ إن تكنْ غيرَ خِب
ليت مولى " حَمدان " يُنشَرُ حياً / ليرى كيفَ حالهُ " المتنبي "
يا مستثيراً دمعةً صَمدتْ
يا مستثيراً دمعةً صَمدتْ / لطوارئِ الدّنيا فلم تَثُرِ
إنَّ التي صَعُبَتْ رياضتُها / أنزلتَها قسراً على قَدَر
وأسَلْتَها وهي التي عَجَزَتْ / عن أن تُسيلَ فوادحَ الغِيَر
ردتْ نداءَ كوارثٍ عَظُمَتْ / ودعا فلبَّتْ مَنطِقَ الوَتَر
هل عند أنْمُلَةٍ تُحَرِّكُها / باللطفِ إنَّ الدمعَ بالأثر
وهل الدموعُ ودفعُها وطرٌ / للناسِ تَدْري أنَّها وطري
ما انفكّتِ البلوى تُضايِقُني / حتى شَرَيْتُ النفعَ بالضرر
وَوَجَدْتُني بالدمعِ مبتهجاً / مثلَ ابتهاجِ الزرع بالمطر
غطّى العيونَ فلم تَجِدْ نَظَراً / دمعٌ أعزُّ عليّ من نَظَري
يا دمعةً غراءَ غاليةً / يَفْديكِ ما عندي من الغُرَر
من قابلاتٍ حكمَ مُنْتَقِدِ / وشجارِ مفتَخرٍ ومحتَقَر
لغة العواطفِ جلَّ مَنْطِقُها / عن أن يُقاسَ بمنطقِ البشر
فتّشتُ عنكِ فلم أجِدْ أثراً / حتى ظننتُ العينَ من حجر
ومَرَيْتُ جَفْني مَريَ ذي ثِقَةٍ / ورجعتُ عنك رجوعَ مُنْدَحِر
وغدوتُ أحْسُدُ كلَّ مكتئبٍ / ذي محجَرٍ بالدمع مُنْفَجِر
كم أزمةٍ لو كنتِ حاضرةً / فَرَّجْتِها بمسيلِك العَطِر
لو كنتِ عندي ما ثَقلتُ على / كأس الشراب ومجلس السَّمر
لغسلتُ جَفْناً راح من ظمأٍ / مُتَلَهباً مُتَطايِرَ الشَّرر
أنا بانتظارِكِ كلَّ آونةٍ / علماً بأن الحزنَ مُنْتَظِري
طال احتباسُكِ يسن مُخْتَنَقي / ومحاجري والآن َ فانحدري
كنتِ الأمينةَ في مخابِئها / وأراكِ بعدَ اليومِ في خطر
واذا امتنعتِ عليّ فاقتنعي / أنَّ " الكمنجةَ " خيرُ مُعْتَصَر
سيلي فلا تُبقي على غُصَصٍ / رانتْ على قلبي ولا تذَري
واستصحبِي جَزَعا يلائِمُني / وخذي اصطباري إخْذَ مُقْتَدر
فلقد أضرَّ بَسحنتي جَلَدي / فملامحي تُربي على عمري
كم في انكسار القلب من حِكَمٍ / لا عاش قَلْبٌ غَيرُ مُنْكَسِر
هذي الطبائعُ لا يُطَهِّرُها / مثلُ اصطلاءِ الهمِّ والكدر
وَلَرُبَّ نفسٍ بان رَوْنَقُها / جراءَ حُزْنٍ غير مُنْتَظَر
مُسَّ الكمنجةَ يَنْبَعِثْ نَفَسٌ / يمتدُّ في أنفاسِ مُحْتَضَر
في طوعِ كفكَ بَعْثُ عاطفتي / وخَلاصُها من رِبقةِ الضّجر
وأزاحني عن عالَمٍ قَذِرٍ / نَحْسٌ لآخرَ زاهرٍ نَضِر
بالسمعِ يَفْدي المرءُ ناظِرَهُ / وأنا فديتُ السَّمْعَ بالبصر
يا قلبُ – والنسيانُ مَضْيَعَةٌ - / هذا أوانُ الذِّكْر فادَّكِر
هذي تواقيعٌ مُحَلِّقَةٌ / بك في سماءِ تَخَيُّلٍ فَطِر
واستعرضِ الأيامَ حافةً / مكتظَّةً بِتَبايُنِ الصُّوَر
أذْكُر مسامَرَةً ومجْتَمَعاً / مزدانتين بقُبلَةِ الحَذر
مطبوعتين بقلبِ مثريةٍ / بالمغريات وقلبِ مُفْتَقِر
متفاهمين فما نبا وجل / لوقوعِ ذنبٍ غير مغتَفَر
أذْكُرْ تَوَسُّدَها ثنيَّتَها / وسنانةً محلولةَ الشعر
معسولةَ الأحلامِ ذاهبةً / بِخَيالِها لمدارجِ الصِّغَر
أذْكر يداً مرّتْ على بَدَنٍ / هي منهُ حتى الآن في ذُعُر
ولُيَيْلَةً بيضاءَ خالدةً / منها عرفت لذائذَ السفر
ثم اعطفِ الذكْرَى إلى جهةٍ / أُخرى تُرعْ بعوالِمٍ أُخَر
تُذْهلْ لمغتصَبٍ على مَضض / أمسى يقلَّبُ في يَدَيْ أشِر
بَدَنٌ بلا قلبٍ لدى أثِرٍ / عاتٍ على الشَّهَواتِ مُقْتَصِر
ثمرٌ بلا ظلٍ لديك كما / في أسرِهِ ظلٌّ بلا ثمر
كم مثلِ قلبِك ذاهبٌ هدَراً / لتحكُّماتِ الدين في البشر
سَلْمُ الزمانِ وإن حرصتً قَليلُ
سَلْمُ الزمانِ وإن حرصتً قَليلُ / لا بدّ أنْ سيغول شملَك غولُ
بالرغم مما رجفت أوهامُنا / ياتي المخوف ويُمنع المأمول
كم ذا يسرُّك أن تفوتَك ساعةٌ / طالت أأنت إلى الممات عجول
حقاً أقولُ وما الحِمامُ بتاركي / إني على كُرْه الرَّدَى مجبول
يكفي العقولَ جهالةً تعريفُها / للموت أنَّ سبيلَه مجهول
الليلُ مغبرُّ النجومِ حزينُها / والصبحُ في حبلِ الدُّجى موصول
والشمسُ كاسفةُ الجْببين مُُشيحةٌ / والبدرُ حيرانُ السُّرى مذهول
حزناً ليومَ أبي محمدَ إنّهُ / يومٌ على يومِ الحسابِ يطول
الله يَجْزيكَ الجميلَ فكلُّ ما / خلّفتَه في المسلمينَ جميل
المُعوِلاتُ عليك غُرُّ مكارمٍ / قامت عليها رنّةٌ وعويل
وطَنْتَ نفسَك للصِعاب فذُللت / إنّ الصعابَ يروضُها التذليل
وبذرتَ للأوطانِ أشرفَ بذرةٍ / ستطول أفراعٌ لها وأصول
أعمالُك الغُرُّ الحسانُ خوالدٌ / والمرءُ عن أعماله مسؤول
كن آمنا أن لا تضيع مَتاعبٌ / سيُقيمُها التِمثالُ والتَّمثيل
مهّدْتَ للنَشءِ الجديدِ سبيلَه / فليشكرنَّك بعد جيلِكَ جيل
وملكتَ لم تَقُدِ الرعيلَ وإنما / يُغنيك رأيُك أنْ يُقادَ رعيل
حَمَلَتْ لنا الأسلاكُ نعيَك موجزَاً / حتى كأنْ لم يوحَشِ التنزيل
أو أنَّ دينَ محمدٍ لم ينصدعْ / حتى بكى قرآنَه الانجيل
أعيت بما حملت فجاءت عَيَّةٌ / لا تستبينُ النطقَ حين تقول
منهوكة لم يبق فيها من ذماً / نبأٌ على سَمْعِ الزمانِ ثقيل
الله ما هذا الجلال حياتُهُ / ترنيمةٌ ومماتُه تبجيل
هل مدَ روحُ اللهِ عيسى روحَه / ام كان يَنْفُثُها به جبريل
قم وانعَ للبيتِ الحرامِ شعارَهُ / وقلِ انطوى التكبيرُ والتهليل
وتعطلتْ سُبُلُ المحامدِ والتقى / والمكرماتِ فما هناك سبيل
قد قلتُ فيك وقلتُ ثانيَ مَرَّةٍ / ولسوف أرجِع كرّتي فأقول
أما العراق وقد قضيتَ فكفُّهُ / مشلولةٌ وحسامُهُ مفلول
إنْ ينتفضْ فَبِقوةٍ مستغلبٌ / أو ينتهضْ فَبِذِلَّةٍ مغلول
الله والأوطان تعرِفُ نيّتي / وعليَّ فيما أدعيهِ وكيل
إني إذا شَغَل الغرامُ متَبَّلاً / فانا الذي ببلادِه مشغول
وطنٌ جميلٌ وجهُهُ بغدادُه ُ / ورُضابَهَ من دجلةٍ معسول
كيف السُّلُوُّ وليس تبرحُ بُكْرَةٌ / فيه تَهِيجُ صبابتي وأصيل
إني لأشتاقُ الفراتَ وأهلَهُ / ويَروقُني ظِلُّ عليه ظليل
وأُحبُّ شاطئَهُ وروعةَ سَفْحِهِ / تحنو على الأمواجِ فيه نخيل
أشفى على جُرف المهالك موطنٌ / بيديهِ لا يدِ غيره مقتول
آلامُه صدعُ الشقاق بأهله / وبلاؤهُ الأوهامُ والتضليل
في كل يوم ضجة ملعونة / أنْ يحدثَ التغييرُ والتبديل
يا شرقُ يا مهدَ السَّلامِ ألمْ يَئن / أنْ يستطيرَ إلى السلام رسول
إن يُسْرِجِ المستعمرون خيولَهم / فلهم تِراتٌ جمّةٌ وذُحول
أو تنس "عمور " وما دفعوا بها / لم تُنس " قرطبةٌ" ولا " إشبيل "
مَخَرَتْ بأشباهِ البُحور سفائنٌ / وعدت بأمثال الصُّقورِ خُيول
وعظ الشيخُ ولكنْ
وعظ الشيخُ ولكنْ / أذني فيها انصمامْ
كلُّ شغْلي يومَ / عيد الفِطْرِ كأس ومُدام
لِتنالَ الخمرٌ مني / ثأرَ أيامِ الصِيّام
مدةً غبت بها عن / وجهِ خمّار وجام
وبحسبي بعض ما / فرطّتُ في ذينِ أثام
قلت للمعجَبينَ بابنِ العميدِ
قلت للمعجَبينَ بابنِ العميدِ / ومُساماتهِ لعبدِ الحميدِ
إنَّ هذا وذاك عبادُ أصنام / ومأساةُ سّيدٍ ومسود
هم أناسٌ تولّعوا بالثريدِ / واستُميلوا بزاهياتِ البُرود
وأتَيْنا من بعدِ ألْفٍ نغني / النفسَ في وصف أكلِهِمْ للثَّريد
قد شَغَلْنا افكارَنا بقديمٍ / وَنَسِينا تقديرَ جيلٍ جديد
أن خيرَ الآدابِ ما انهض الشعبَ / وما فكَّ من إسارِ قيود
كؤوسُ الدمعِ مُتْرَعةٌ دِهاقُ
كؤوسُ الدمعِ مُتْرَعةٌ دِهاقُ / وللحزنِ اصطباحٌ واغتباقُ
مضى " فرْعَوْنُ " لم تَفقِدْهُ مصرٌ / ولا " هارونُ " حنَّ له العراق
أُديف " الرافدان " فلن يرادا / ولا " بردى" من البلوى يُذاق
وكيف يَلَذُّ للوُرّادِ ماءٌ / عليهِ من بنيهِ دمٌ يُراق
ثباتاً يا دِمَشقُ على الرزايا / وتوطيناً وإن ضاق الخناق
وفوزاً بالسِّباق وليس أمراً / غريباً أن يكونَ لكِ السباق
دمشقُ وأنتِ غانيةٌ عروسٌ / أمشتبك الحرابِ لكِ الصََّداق؟
أذنباً تحسبون على البرايا / إذا ما ضويقوا يوماً فضاقوا
بعين اللهِ ما لقيتْ شعوب / لحد السيف مكرهةً تُساق
عجافاً أُطلقت ترعى ولكن / معاهدة القويّ لها وَثاق
وعيقَتْ مُذْ بَغَتْ حقاً مضاعا / وساموها الدمار فلمْ يُعاقوا
ذروا هذي الشعوبَ وما اشتهته / مذاقُهُمُ لهمُ ولكم مذاق
تحررتِ البلادُ سوى بلادٍ / ذُيولٍ شانهن الالتحاق
أبابُ الله يُفتح للبرايا / وعن هذي البلاد به انغلاق
وكيف تسير مطلقةً بلادٌ / عليها من احابيلٍ نطاق
فيا وطني ومن ذكراك روحي / إذا ما الروحُ أحرجها السياق
أُشاق إلى رُباكَ وأيُّ حرٍّ / أقَلَّتهُ رُباك ولا يُشاق
ويا جوَّ العراقِ وكنت قبلاً / مداواةُ المراض بك انتشاق
لقد خَبُثَتْ الأنفاسُ حتى / لروحي منك بالروح اختناق
على " مدنية " زهرت وفاقا / سلامٌ كلما ذُكرَ الوفاق
تولى أسّها الباني اعتناء / وشيد ذِكْرَها الحَسَنَ اتفاق
أُشاق لها اذا عنَّت خيامٌ / وأذكرها اذا حنَّت نِياق
تغشتها النزاهةُ لم تَشُبْها / أساليبٌ كِذابٌ واختلاق
كما شيّدتُمُ شِدْنا وزِدنا / ولكن ما لقينا لم تلاقوا
وما سِيانِ بالرفق امتلاكٌ / لمملكة وبالسيف امتشاق
سلوا التاريخَ عن شمس أُديلت / وعن قمر تَعاوَرَهُ المحاق
هل الأيامُ غيّرتِ السجايا / وهل خَشُنَتْ طباعُهُمُ الرِقاق
وهل إفريقيا شهِدت سَراةً / بها كالعرب مذ عُبِرَ الزُّقاق
غداةَ البحر تملِكه سفينٌ / لنا والبر تحرُسُهُ عتاق
و " طارقُ " ملؤُهُ نارٌ تَلَظَّى / وحشوُ دروعِه سمٌّ ذُعاق
بأنْدَلُسٍ لنا عرشٌ وتاجٌ / هوى بهما التخاذلُ والنفاق
هما شيئان ما اجتمعا لشعبٍ / فاما الملكُ فيهِ أو الشقاق
أولئك مَعشرٌ سَكرِوا زماناً / وناحُوا ملكَهُم لما أفاقوا
فانْ كُتِبَ الفراقُ لنا فصبراً / على كل الورى كُتِبَ الفراق
لنا شوق إذا ذكروا رباها / وإنْ نُذكَرْ لها فلها اشتياق
يُطاق تقلبُ الأيام فينا / وأما أنْ نَذلَّ فلا يُطاق
كِلُوا إلى الغَيبِ ما يأتي به القَدَرُ
كِلُوا إلى الغَيبِ ما يأتي به القَدَرُ / واستَقبلوا يومَكُمْ بالعزمِ وابتدروا
وصَدِّقُوا مُخْبِراً عن حُسْنِ مُنْقلَبٍ / وآزِرُوه عسى أنْ يَصْدُقَ الخَبَرُ
لا تَتْرُكوا اليأسَ يَلقى في نُفوسكم / لَه مَدَبَّاً ولا يأخُذْكُمُ الخَوَر
إنَّ الوساوِسَ إنْ رامَتْ مَسارِبَها / سَدَّ الطريقَ عليها الحازِمُ الحَذِر
تَذكَّروا أمس واستوُحوا مَساوئهُ / فقدْ تكونُ لَكُمْ في طَيَّه عِبَر
مُدُّوا جَماجِمَكمْ جِسراً إلى أملٍ / تُحاوِلونَ وشُقُوا الدربَ واخْتَصِروا
وأجمِعوا امرَكُم يَنْهَضْ بسعيِكُمُ / شَعبٌ إلى هِمَمِ الساعينَ مُفْتَقِر
إنَّ الشبابَ سِنادُ المُلْكِ يَعضُدُهُ / أيّامَ تُوحِدُهُ الأرزَاءُ والغِيَر
أتتْكُمُ زُمرةٌ تحدو عزائِمَها / ما خَلَّفت قَبلها من سيّيءٍ زُمَر
ألفتْ على كلِّ شبرٍ من مَسالكها / يلوحُ مما جَنى أسلافُها أثر
مُهمةٌ عظُمت عن انْ يقوم بِها / فردٌ وأن يتحدَّى امرَها نفر
ما إن لكُم غيرَهُ يومٌ فلا تَهنوا / وقد أتتكم بما تخشونه نُذُر
طالتْ عَمايةُ ليلٍ ران كَلْكَلُه / على البلادِ وإنَّ الصُبْحَ يُنتظر
وإنما الصُبحُ بالأعمال زاهيةً / لا الوعدُ يُغري ولا الأقوالُ تنتَشِر
وأنتَ يا بن " سليمانَ" الذي لَهِجتْ / بما جَسرتَ عليه البدوُ والحضر
الكابتُ النفسَ أزماناً على حنَقٍ / حتى طغى فرأينا كيفَ ينفجر
والضاربُ الضربةَ لصَدمتِها / لحمُ العُلوج على الأقدام ينتثر
هل ادَّخرتَ لهذا اليوم إهبَته / أم أنت بالأجل الممتَّدِ مُعتذر
أقدَمتَ إقدامَ من لا الخوفُ يمنَعُهُ / ولا يُنَهنِهُ مِن تَصميمهِ الخطر
وحَسْبُ امرِك توفيقاً وتوطئةً / أنَّ الطُغاةَ على الأعقابِ تَندحر
دبَّرتَ أعظمَ تدبيرٍ وأحسنَه / تُتلى مآثِرُهُ عُمراً وتُدَّكر
فهل تُحاوِل ان تُلقي نتائِجه / يأتي القضاءُ بها أو يَذْهب القَدَر
وهل يَسُرُك قولُ المُصطلين به / والمُستغِلين أنَّ الأمرَ مبتَسَر
وأنَّ كُلَّ الذي قد كانَ عِندَهم / على التبدل في الأسماءِ مُقْتَصر
وهل يَسُرُك أن تخفي الحُجُولُ به / ما دامَ قد لاحتِ الأوضاحُ والغُرَر
أُعيذُ تلك الخُطى جَبَّارةً صُعِقَت / لها الطواغيتُ وارتجَّت لها السُرُر
أنْ يَعتري وقْعَها من رَبكةٍ زَللٌ / أو أن يثبِّط من إقدامها الحَذَر
ماذا تُريد وسيفٌ صارِمٌ ذَكرٌ / يحمي الثغورَ و أنتَ الحيَّة الذَكر
والجيشُ خلفَك يُمضي مِن عزيمتهِ / فَرطُ الحماسِ ويُذكيها فتَستعِر
أقدِمْ فأنتَ على الإقدامِ مُنطَبِعٌ / وأبطُشْ فأنت على التنكيل مُقتدر
وثِقْ بأن البلادَ اليومَ أجمعَها / لما تُرجيِّه مِن مسعاك تَنتظِر
لا تُبقِ دابِرَ أقوامٍ وتَرْتَهم / فَهم إذا وَجدوها فُرصَةً ثأروا
هُناك تنتظِرُ الأحرارَ مَجزرةٌ / شنعاءُ سوداءُ لا تُبقي ولا تَذَر
وثَمَّ شِرذِمةٌ الفَتْ لها حُجُباً / من طُولِ صَفحٍ وعَفوٍ فهي تَستَتر
إنّي أُصارِحك التعبيرَ مُجترئاً / وما الصريحُ بذي ذَنبٍ فَيعتذر
إن السماءَ التي ابديتَ رَونَقها / يومَ الخميس بدا في وَجهها كَدَر
تَهامَسَ النفَرُ الباكون عَهدَهُم / أن سوفَ يرجِعُ ماضيهم فَيزدِهر
تَجري الأحاديثُ نكراءً كعادتِها / ولم يُرَعْ سامرٌ مِنهُم ولا سمر
فحاسبِ القومَ عن كلِّ الذي اجترحوا / عما أراقوا وما اغتلوا وما احْتَكروا
للآن لمْ يُلغَ شبرٌ من مَزارعِهم / ولا تَزحزح مّمِا شيَّدوا حَجر
ولم يزل لهمُ في كلِّ زاويةٍ / مُنوِّهٌ بمخازيهم ومُفَتخر
وتلكَ لِلحرَّ مأساةٌ مُهيَّجةٌ / يَدمى ويدمعُ منها القلبُ والبصَر
فضيِّقِ الحبلَ واشدُدْ مِن خناقِهُمُ / فَربَّما كانَ في إرخائه ضَرر
ولا تَقُلْ تِرَةٌ تبقى حَزازتُها / فَهُمْ على أيِّ حالٍ كُنتَ قد وُتِروا
تَصوَّرِ الأمرَ معكوساً وخُذْ مَثَلاً / مما يَجرُّونه لو أنهم نُصِروا
أكانَ للرِفِقِ ذِكرٌ في مَعاجِمهمْ / أم كانَ عن " حِكمةٍ " أو صحبِهَ خَبَر
واللهِ لاقتِيدَ "زيدٌ " باسم " زائدةٍ" / ولأصطلى " عامرٌ " والمبتغى " عُمَر"
ولا نمحى كلُ رَسمٍ من مَعالمكُم / ولاشتَفَتْ بِكُم الأمثالُ والسِيَر
ولا تزالُ لهم في ذاكَ مأرُبَةٌ / ولا يزالُ لهم في أخذِكُم وطَر
أصبحتُ أحذرُ قولَ الناسِ عن أسفٍ / من أن يروا تِلكمُ الآمالَ تَندَثِر
تَحرَّكَ الَلحدُ وانشقَّت مُجدَّدةً / أكفانُ قَومٍ ظنَّنا أنَّهم قُبِروا
حمامة أيك الروض مالي ومالك
حمامة أيك الروض مالي ومالك / ذعرت فهل ظلم البرية هالك
نفرت وقد حق النفور لأنني / مجسم أحزان وقفت حيالك
ولولا جناح طار عن موقع الأسى / لكان قريباً من منالي منالك
أعندك علم أنني من معاشر / أبوهم جنى واختار أدنى المسالك
رماهم إلى شر المهالك آدم / فهم أبرياء حملوا وزر هالك
هلمى .هلمى . أن هاتيك نسبة / تقرب ما بيني وبين الملائك
ألسنا وان كنا شتاتا يضمنا / اسانا وإن لم تمس حالي كحالك
ألفت الرياض الزهر يسم ثغرها / وما ألفتي غير الوجوه الحوالك
هزجت فنظمت الدموع قلائداً / فليت مثالي كان لي من مثالك
بعيشك كم غنى مثيلك طائر / وكم نائح مثلي ثوى في ظلالك
تقولين : خلق ليس يدري سوى العنا / عجيب ..فمن أنباك أني كذلك
رأيتك قبلت الغدير لأنه / على صفحتيه لاح مرأى خيالك
وداعبت فيه البدر فانصاع مذعراً / موج ارتجافا خشية من جلالك
فقلت مطاراٍ امة الشرق هكذا / تملكت الاطيار أعلى الممالك
تباكوا وقالوا : الشرق مال دعامه / وهل دعم قامت بغير التمالك !
وقالوا : هي الدنيا عراك رويدكم / فانا ضعاف مالنا والتهالك
نصحنا ولا يجدي وكم قبل رددت / بمثل مقالي صحفهم ومقالك
سألتك ما معنى وجود مكون / إذا لم تكن عقباه غير المهالك
وهل هذه الدنيا سبيل لعابر / أم الأرض مهواة الغواة الهوالك
وإني أراني بين نوم ويقظة / أسيان حالي في هنا أو هناك
أجيبي فلي صوت يقطعه الأسى / فقد لذ للقلب المعنى سؤالك
فردت وأوردت مثل زند لقادح / خواطر يسمو وقعها عن مداركي
وقالت : نعم في ذلك السر حكمة / فقلت : وما شككت في غير ذلك
وبتنا كما شاءت اخوة جنسنا / خليلين أصفى من عقيل ومالك
درسنا كتاب العاطفات وما آعتنت / بنو نوعنا الا بدرس التفارك
الى ان بدا وجه الطبيعة سافراً / يضاحك من ثغر الاقاح المضاحك
وقد شردت فكري هنالك ضجة / لأطيارها تدعو بنبذ التفاكك
إذا ما السماء كانت دخانا كما أدعوا / فليس سوى أنفاس أهل الحسائك
هناك شكرت الطير رأفة مشفق / على جنسه شأن الحزين المشارك
منى خالجت نفسي وأحبب بها منى / تريني حياتي فوق الشهب النيازك
فقلت الى اللقيا سلام مودع / هنالك عيش الخالدين هنالك
دعِ النُبلَ للعاجز القُعْدَدِ
دعِ النُبلَ للعاجز القُعْدَدِ / وما اسطعتَ من مَغنمٍ فازْدَدِ
ولا تُخْدَعَنَّ بقولِ الضِعافِ / من الناس أنّك عَفُّ اليد
وأنك في العيش لا تقتفي / خطا الأدنياءِ ولا تقتدي
سفاسفُ تضحك من أمرها / صرامةُ ذي القوةِ الأيّد
فلا تغد طوعاً لأمثالها / متى ما تُغرَّرْ بها تَنْقَد
ولا تَبْقَ وحدَكَ في حِطّة / ومهما يكن سلّمٌ فاصعد
فانك لو كنت محضَ الاباء / ومحضَ الشهامة والسُّودَد
وأصْدَقُ في القول من هُدْهُدٍ / وأخشنُ في الحق من جلمد
وأعطيتَ في الخلق طُهرَ الغمام / وفي الفضل منزلةَ الفرقد
شريفاً تشير إليك الأكفُّ / وتُنْعَتُ بالعَلَمِ المُفْرَد
لما زاد حظُّك من عِيشة / على حظّ ذي العاهةِ المُقْعَد
إليكَ النصيحةَ من مُصْطَلٍ / بنار التجارب مُستَحْصِد
ستطلُبُها عند عضّ الخطوب / عليك بأنيابها الحرّد
رِدِ العيشَ مزدحمَ الضِفَّتَيْنِ / من الغِشّ ملتحمَ المورد
ملياً بذي قوة يَسْتقي / وذي عِفّةٍ مستضامٍ صدي
وجُلْ فيه أروغَ من ثعلبٍ / وأشجعَ من ضيغمٍ مُلْبِد
وكن رجلَ الساعةِ المجتبَى / من اليوم ما يرتجى في غد
وإلا فإنّك من منكد / من العيش تمشي إلى أنكد
ذليلاً متى تمضِ لا يُبتأسْ / عليك وإن تبقَ لا تُنْشَد
وأنت إذا لم تماش الظروفَ / على كل نقص حريبٍ ردي
إذا ما مخضتَ نفوسَ الرجالِ / من الأقربين إلى الأبعد
وأوقفتَ نفسك للمدعين / سموّ المقاصدِ بالمرصد
تيقنتَ أن الذي يدّعون / من المجد للآن لم يُولَد
هم الناسُ لا يفضُلون الوحوشَ / بغير التحيُّلِ للمقْصِد
فلا تأتِ ساحةَ هذي الذئابِ / تُنازِلُها بفمٍ أدرد
وخذ مخلباً لك من غَدْرَةٍ / وناباً من الكِذْبِ فاستأسد
ولا تتديَّنْ بغير الرّياءِ / وغَيْرَ النفاق فلا تعبُد
وصلِّ على سائرِ الموبقاتِ / صلاةَ المُحالِفِ للمسجد
وما اسطعت فاقطع يد المُعْتَدَي / عليه وقبّلْ يدَ المُعتَدي
ومجّدْ وضيعاً بهذي الهِنات / تحدّى مكانهَ ذي المَحتِد
ونفسَك في النفع لا تبلُها / وعَقْلَكَ في الخير لا تُجهِد
يغطّي على شَرَفِ المنتَمى / ويسحق من عزّة المَوْلِد
ويقضي على مُطْرِفِ المكرُمات / ويأتي على الحَسَب المُتلد
مهارشةَ الواغلِ المدّعي / وتهويشةَ المُغْرِضِ المُفسِد
أقول لنفسي وقد عربدتْ / رجالٌ لغاياتها : عربدي
ولا تَحْسَبينيَ في مأزِقٍ / قليلَ الغَنا ضيِّقَ المَنْفْد
وهيهاتَ لا تدركين المنى / بسيرِ أخي مَهَلٍ مُقْصِد
وإنكِ إن لم تواني الحياةَ / بنفس المخُاطِرِ تُستْعْبَدي
ولا بدّ أن تقحمي مقحماً / وإلا فلا بد أن تُطْرَدي
فحِصّةُ مستحفزٍ مجرمٍ / لأشرفُ من حِصّةِ المجتدي
رأيت المغامر في موقف / به يفْتََدي نفسَهُ المفتدي
تناوَلُهُ الألْسُنُ المُقْذِعات / ويعصِفُ بالشتم منه الندى
وحيداً كذي جَرَبٍ مزدَرىً / يروح هضيماً كما يغتدي
ولم يَطُلِ العهدُ حتى انجلت / كوارثُ ما هنّ بالسرمد
فكان الأميرَ وكان الزعيمَ / وكان مثالَ الفتى السّيد
وكان المبَّجلَ عند المغيب / وكان المقَدَّمَ في المشهد
يَلَذُّ لكلِ فمٍ ذكْرُهُ / متى يجْرِ في مَحْفِلٍ يُحْمَد
وكان وأمثالُه عبرةً / على ضوئها يهتدي المهتدي
لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي
لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي / سَلَكتُ بأوطاني سبيلَ التمرُّدِ
إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ / تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد
لوِ الأمرُ في كَفِّي لجهَّزتُ قوّةً / تُعوِّدُ هذا الشعبَ ما لم يُعوَّد
لو الأمرُ في كفِّي لاعلنتُ ثورةً / على كلِّ هدّام بألفَي مشيِّد
على كُلِّ رجعيٍّ بألفَي منُاهضٍ / يُرى اليوم مستاءً فيبكي على الغد
ولكننَّي اسعَى بِرجلٍ مَؤوفةٍ / ويا ربَّما اسطو ولكنْ بلا يَد
وحوليَ برّامونَ مَيْناً وكِذْبَةً / متى تَختَبرهُم لا تَرى غيرَ قُعدد
لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى / يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي
ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ / تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد
مشَتْ اذ نضَتْ ثَوبَ الجُمود مواطنٌ / رأت طَرْحَهُ حَتماً فلم تَتردَّد
وقَرَّتْ على ضَيْم بلادي تسومُها / من الخَسف ما شاءَتْ يدُ المتعبِّد
فيا لك من شعبٍ بَطيئاً لخيرِه ِ / مَشَى وحثيثاً للعَمَى والتبلُّد
متى يُدْعَ للاصلاح يحرِنْ جِماحُه / وان قيد في حبل الدَجالةِ يَنْقد
زُرِ الساحةَ الغَبراء من كل منزلٍ / تجد ما يثير الهَمَّ من كلِّ مَرقد
تجد وَكرَ أوهامٍ وملقَى خُرافةٍ / وشَتّى شُجونٍ تَنتهي حيثُ تَبتدي
هم استسلموا فاستعبَدتْهم عوائدٌ / مَشت بِهمُ في الناس مشيَ المقيَّد
لعمْركَ في الشعب افتقارٌ لنهضةٍ / تُهيِّجُ منه كل اشأمَ أربد
فإمّا حياةٌ حرّةٌ مستقيمةٌ / تَليقُ بِشَعبٍ ذي كيان وسؤدُد
وإمّا مماتٌ ينتهَي الجهدُ عِندَهُ / فتُعذَرُ فاختر أيَّ ثَوْبيَك ترتدي
وإلا فلا يُرجى نهوضٌ لأمّةٍ / تقوم على هذا الأساس المهدَّد
وماذا تُرَجِّي من بلاد بشعرة / تُقاد وشَعب بالمضلِِّّين يَهتدى
اقول لقَومٍ يجِذبون وراءهُم / مساكين أمثالِ البَعير المعبَّد
اقاموا على الأنفاس يحتكرونها / فأيَّ سبيلٍ يَسلُلكِ المرءُ يُطردَ
وما منهمُ الا الذي إنْ صَفَتْ له / لَياليه يَبْطَر او تُكَدِّرْ يُعربِد
دَعوا الشعبَ للاصلاح يأخذْ طريقَه / ولا تَقِفوا للمصلحينَ بمَرْصَد
ولا تَزرعوا اشواككم في طريقه / تعوقونه .. مَن يزرعِ الشوكَ يَحصِد
أكلَّ الذي يشكُو النبيُّ محمدٌّ / تُحلُونَه باسم النبيِّ محمّد
وما هكذا كان الكتابُ منزَّلاً / ولا هكذا قالت شريعةُ لَموعد
اذا صِحتُ قلتُم لم يَحنِ بعد مَوعد / تُريدون إشباعَ البُطون لمَوعد
هدايتَك اللهمَّ للشعب حائراً / أعِنْ خُطوات الناهضين وسدِّد
نبا بلساني أن يجامِلَ أنني / أراني وإنْ جاملتُ غير مُخَلَّد
وهب أنني أخنَتْ عليَّ صراحتي / فهل عيشُ من داجَي يكون لسرمَد
فلستُ ولو أنَّ النجومَ قلائدي / أطاوع كالأعمى يمين مقلدي
ولا قائلٌ : اصبحتُ منكم وقد أرى / غوايَتكم او انني غير مهتدي
ولكنني ان أبصِرِ الرشد أءتمرْ / به ومتى ما احرزِ الغي أبعد
وهل انا الا شاعر يرتجونَه / لنصرة حقٍ او للطمةِ معتدي
فمالي عمداً استضيمُ مواهبِي / وأورِدُ نفساً حُرَّةً شرَ مَورد
وعندي لسانٌ لم يُخِّني بمحفِلٍ / كما سَيْف عمروٍ لم يَخنُه بمشْهَد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025