المجموع : 141
نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَ الأَدَبا
نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَ الأَدَبا / وَإِنْ خُلِقْتَ لَها- إِنْ لَمْ تَزُرْ حَلبَا
شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا / في راحَةِ الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحبَبَا
أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْتَارَ حِلْيَتَهُ / وَقَدْ طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّهُبَا
لَوْ أَنْصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ / لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّصُبا
مَلاعِبَ الصِّيْدِ مِنْ حَمْدانَ، ما نَسَلوا / إِلَّا الأَهِلَّةَ وَالأَشْبالَ وَالقُضُبا
أَلخالِعينَ عَلى الأَوْطانِ بَهْجَتَها / وَالرَّافِعينَ عَلى أَرْماحِها القَصبَا
حُسامُهُمْ مانَبا في وَجْهِ مَنْ ضَرَبوا / وَمُهْرُهُمْ ما كَبا في إِثْرِ مَنْ هَرَبا
ما جَرَّدَ الدَّهْرُ سَيْفاً مِثْلَ«سَيْفِهِمِ» / يُجْري بِهِ الدَّمَ أَوْ يُجْري بِهِ الذَّهَبا
رَبُّ القَوافي عَلى الإِطلاقِ شاعِرُهُمْ / أَلخُلْدُ والمَجْدُ في آفاقِهِ اصْطَحَبا
سَيْفانِ في قَبْضَةِ الشَّهْباءِ لا ثُلِما / قَدْ شَرَّفا العُرْبَ بَلْ قَدْ شَرَّفا الأَدَبا
عُرْسٌ مِنَ الجِنِّ في الصَّحْراءِ قَدْ نَصبَوا / لَهُ السُّرادِقَ تَحْتَ الَّليْلِ وَالقُبَبا
كَأَنَّهُ تَدْمُرُ الزَّهْراءُ مارِجَةً / بِمِثْلِ لُسْنِ الأَفاعي تَقْذِفُ اللَّهَبا
يا مُلْبِسَ الحِكْمَةِ الغَرَّاءِ رَوْعَتَها / حَتَّى هَتَفْنَا: أَوَحْيًا قُلْتَ أَمْ أَدَبا
كأَنَّما هِيَ أَصْداءٌ يُرَدِّدُها / هذا إِذا بَثَّ، أَوْ هذا إِذا عَتَبا
قالوا اسْتَباحَ أَرسْطو، حينَ أَعْجَزَهُمْ، / وَإنَّهُ اسْتَلَّ مِنْ آياتِهِ النُّخَبا
مهْلاً، فَما الدَّهْرُ إِلَّا فَيْضُ فَلْسَفَةٍ / يَعودُ بِالدُّرِّ مِنْهُ كُلُّ مَنْ دَأَبا
مَنْ عَلَّمَ ابْنَ أَبي سُلْمَى« حَكيمَتَهُ» / وَقُسَّ ساعِدَةَ الأَمْثالَ وَالخُطَبا؟
قالوا: الجدَيدُ، فَقُلْنا: أَنْتَ حُجَّتُهُ / يا واهِباً كُلَّ عَصْرِ كُلَّ ما خلَبَا
عَفْواً نَبيَّ القَوافي، أَيُّ نابِغَةٍ / لَمْ يَزْرَعوا حَوْلَهُ البُهتْانَ وَالكَذِبَا
مَنَعْتَ عَنْهُمْ ضياءَ الشَّمْسِ فَانْحَجَبوا / فَهَلْ تَلومُهُمُ إِنْ مَزَّقوا الحُجُبا
أَضْرَمْتَ ثَوْرَتَكَ الهَوْجاءَ فَالتَهَمتْ / مِنَ القَريضِ الهَشيمَ الغَثَّ وَالخَشَبا
حَتَّى رَجَعْتَ وَلِلأَقْلامِ هَلْهَلَةٌ / في كَفِّ أَبْلَغِ مَنْ غَنَّى وَمَنْ طَرِبا
غَضِبْتَ لِلْعَقْلِ أَنْ يَشْقى فَثُرْتَ لَهُ / بِمِثْلِ ما انْدفَعَ البُرْكانُ وَاصْطَخَبا
هَلِ النُّبوَّةُ إِلَّا ثَوْرَةٌ عَصَفَتْ / عَلى التَّقاليدِ حَتَّى تَسْتَحيلَ هَبا
ما ضَرَّ مُوقِدَهَا، وَالخُلْدُ مَنْزِلُهُ / إِذا رَمى نَفْسَهُ في نارِها حَطَبا
أيها الطائرُ الذي ألِفَ الروضَ
أيها الطائرُ الذي ألِفَ الروضَ / مقاماً وجاورَ الأنهارا
وتلهّى حيناً بسَقسقَةِ الماء / فكانت لشدوهِ أوتارا
وتهادى عليه من حلَلِ الريشِ / أفانينُ تأخذُ الأبصارا
من سواد يحكي قلنسوة القسيس / في راسه الصغير استدارا
وازرقاق كأنهُ حين زار / الأفق أهدى إليه منهُ إزارا
واغبِراراٍ كأنما تركَ الغيمُ / عليه مذ جازَهُ آثارا
كان في الروض ملعبٌ لك / يا طير وملهى تمضي عليه النهارا
تترامى في معطف الغصن حينا / وأحايين تلثمُ الأزهارا
وتحيي الصباح إذ يتلالا / وتحييه عندما يتوارى
تسجعُ السجعةَ البديعةَ في الفجر / وتأتي بمثلها تكرارا
أصلاةٌ في حمد ربّك لم تبقِ / افتناناً في نظمها وابتكارا
أم حنين إلى الحبيب الذي أقسمَ / أن لا يطيرَ عنك فطارا
نغمٌ لو وعنهُ أذنُ الليالي / لتمَنّت أن تغتدي أسحارا
كان في الروض كالهواء طليقاً / فغدا في الحديد يشكو الإسارا
هكذا أيها الشقيق أنا اليومَ / كلانا نحاربُ الأقدارا
ماذا أقولُ له إذا رجَعنا
ماذا أقولُ له إذا رجَعنا / يوما ولم يُبصركِ في القَصرِ
ماتت عليك أسىً أجيبيهِ / وإذا رأيت الحزن منطبعا
في وجهه الذواي من القهر / كوني له أختاً وعزيه
وإذا ترقّق لي ليستمعا / ما قلت ساعة نزعك المرّ
قولي له ابتسمت فتُسليه / وغذا أراد بأن نسير معا
للقبر كي يبكي على القبرِ / رحماكِ إنّ الدمع يؤذيه
جبلٌ من البُنيانِ زلزِلَ فوقَهُم
جبلٌ من البُنيانِ زلزِلَ فوقَهُم / وانقَضّ بعصفُ فيهم ويُدَمدِمُ
لله منظَرُهم وقد فغرَ الردى / فمهُ وقال استسلموا فاستسلموا
جُثَثٌ مطوّحةٌ ذراها عاصفٌ / وحمالقٌ ميلٌ وأشلاءٌ دمُ
بين انفلات الروح واستمساكها / تحت الجنادل والمعاولُ ترزمُ
أملٌ كخيط أبيض في قاتم / متلبد أو سكرةٌ وتوهّم
صُورٌ تطوفُ بهم مخضّبةَ الرؤى / اسدٌ يمضزِّقُهُم وينهَشُ أرقَمُ
وأمرّ من هذا وأوجعُ زوجةٌ / خطرة كومضِ البرقِ أو خطرَ ابنمُ
لاحا كأخيلَةٍ خلالَ غمامَةٍ / حمراء تشرَقُ بالضرام وتسجمُ
وحبيبةٍ في شملتي مجنونةٍ / وقفَت تحدّثٌ في الفضاء وترسمُ
وكأنها لما رأتهُ صفّقت / وتضاحكت في وجههِ تَتَهَكَّمُ
حمّى لها نهمُ السباع ويقظةٌ / تحت التراب هي الجحيمُ الأعظمُ
من للبلاد إذا تجهّم وجهُها
من للبلاد إذا تجهّم وجهُها / وإذا تالب حشدها وتنادى
وتساءلت عن مفرد في حبّه / لبلاده لبس الحياة جهادا
إن قال قالت أمةٌ بلسانه / وتقطعت لسماعه أجيادا
شيخ على جرج الشباب كأنه / لجمَ الزمانَ فكان حيثُ أرادا
لله يومكَ أيّ ساعة محشَرٍ / نشرت على تلك الربى الأجسادا
وهَتِ العزائمُ للمصاب فلم تطق / أجسادها أن تحملَ الأكبادا
وشجى الرياض فقطّعت أطواقها / وبكت ففارق زهرها الأعوادا
ولو استطاع الأرز طأطأ خاشعاً / وأصابَ من تقبيل كفّك زادا
هي خطبةٌ للموت أروعُ ما بها / أن الخطيبَ ولا خطابَ أجادا
أوحيد أمّته تقىً وهدايةً / هلا سمعت وحيدها إنشادا
خلعَت قصائدهُ وعليك عيونها / وحبتكَ من ورقِ الخلود وسادا
يا نفسِ بين اليوم والأمسِ
يا نفسِ بين اليوم والأمسِ / عبرٌ لمن يغدو ومن يمسي
درسٌ هيَ الدنيا لمجتهدٍ / أفتَجهلين فوائدَ الدرسِ
كم من ليال قد صبغتُ بها / بدمِ المحابِرِ أبيضَ الطرسِ
واليوم لا طرسي ولا قلمي / في قبضتي حتى ولا حسي
لأكاد مما قام في خلدي / أمشي متى أمشي بلا رأس
وأكاد مّا حل في بدني / أخفى فتجهلُ موضعي نفسي
نعمى كفرت بها فما لبِثَت / وكذا يكون تحوّلُ الشمسِ
لو كان أمسي مائلاً لغَدي / لبَكى غدي أسفاً على أمسي
لَبِسَ الكبرياء والحسن بردا
لَبِسَ الكبرياء والحسن بردا / وانبرى يلفحُ الهوى واستبدّا
فابسطي يا سماءُ كفّك عمرا / واجعلي حولهُ الملائكَ جندا
ومري القفرَ أن يفيضَ عيونً / تفرشُ الطرق ياسميناً ووردا
إيه ريحانةَ الرياحين فيضي / مرحاً واملإي الجوانحَ وجدا
إمسحي جبهةَ الظلام تفض نورا / ومُرّي على الصخور فتندى
حملضت كل روضةٍ أجملَ الزهر / وصاغت منها لجيدكِ عقدا
واغتدى كلُّ جدولٍ يتمنّى / وانبرى كلّ بلبُلٍ يتصدّى
عرسٌ للرياض للطير للأنهار / لم يبقِ للمباهجِ مجدا
قطّعت شرعها الكواكبُ كي / تنسُجَ برداً وكي تلازمَ خدا
وانحنَت كلّ نخلَةٍ كجناحٍ / أخضرِ الريشِ ودّ لو كان زندا
عُذرٌ لمن مات لا عرقٌ لمن سلما
عُذرٌ لمن مات لا عرقٌ لمن سلما / إذا تهدّم مجدٌ واستبيحَ حمى
شفاك داؤُكَ أشفى الداء أقتُلُه / للحرّ إن صدمَ الأحداث فانصدما
لبنان هل لي إلى أذنيك صاعقةٌ / يزيل تهدارها من أذنك الصمما
قضى على الأسد دهرٌ لا ذمامَ له / أن تركبَ الموتَ حتى تنقِذَ الأجما
هذا شبابكَ يشقى في ضراعتِهِ / وهو البراكينُ لكن يجهلُ الحُمَما
زجوا بكلّ أبي قعرَ موحِشَةٍ / وحكموا البومَةَ الشوهاءَ والقَزِما
يقول غاضر ماضيه لحاضرهِ / حملُ فيك الهوى والعذلَ والتهما
أكُلّما اكتسحَ الأوطان مكتسحٌ / طاطأت حتى يساوي رأسُكَ القدما
رب النشيد عزاء النفس في وطن / ما أنصف الحي حتى ينصف الرمما
لله قلبك ما أحنى كأن به / لكل ذي رقّة من عطفهِ رحِما
ترعى الهموم به حتى إذا عرضَت / لك الوجوهُ عرضتَ الوجهَ مبتسِما
كدوحة وسط الصحراء قائمةِ –صبّ الهجيرُ على أغصانها الضرما /
لكنها ترسل الأظلال وارفةً / على القوافلِ في الصحراءِ والنَسَما
يا ناشر الراية الخضراء ما خفقت / إلا وماج ربيعٌ تحتها ونما
تلك العشيات من وشي مطارفها / وذلك الرفرفُ الفينانُ من رسما
وهذه القبل السكرى التي التهمت / جيد الأزاهر من أوحى لها النهما
طوائف من تهاويل وأخيلة / أعملتَ سحركَ فيها فانبرت كلما
فتى الشوارد من خمر ومن زهر / عقد فريد على سلك يسيل دما
يسقي الهناء ولا يسقى فيا ألما / ما أن تحت الدجى إلا شفى ألما
سيان عند ابتناء المجد في وطن / من يحمل السيف أو من يحمل القلما
تيهاً دمشقُ على المفاخرُ والعُلى
تيهاً دمشقُ على المفاخرُ والعُلى / غير الجهاد وصلته بجهاد
تلك الشمائل من شيوخ أمية / عباقة النفحات في الأحفاد
بيت العروبة كالمقام نقاوة / وعكاظ في الإطراب والإنشاد
تتفجر الأنغام في جنباته / من صدر صادحه وشعر زياد
هو منبت لمكارم هو مطلع / لكواكب هو ملعب لجياد
حسان لم ينقل سوى صلواته / السمحاء في مدح الرسول الهادي
إني وقفت بها أسائل عن فتى / من آل جفنة رائح أو غاد
الحاملين الشمس فوق وجوههم / والحاملين الشهب في الأغماد
خلعت صوارمهم على راياتهم / حللاً مصبغة من الأكباد
ورموا بها أم الزمان، فأنجبت / غرر الملوك وقادة القواد
في مفرق الأيام حمر وقائع / منهم، وفي الأعناق بيض أياد
«يسقون من ورد البريص عليهم» / طرب النفوس ورونق الأجساد
رفعوا الشآم على الصفائح والندى / وبنوا من الصلبان بيت الضاد!
لبنان يا وله البيان أذاكرٌ
لبنان يا وله البيان أذاكرٌ / أم لست تذكر نجدتي وكفاحي
قلبتُ باسمك كل جرح سائل / وركزت بندك عاليا في الساح
أنا إن حجبتُ فليسَ ذاك بضائري / وعلى الخواطر غدوتي ورواحي
تتحجبُ الأرواح وهي خوالدٌ / وترى العيونُ زوائلَ الأشباحِ
ولربما خدعتكَ صفحةُ هادىء-بني وفي الأحشاء عصف رياح /
ني إذا جنّت رياح سفينَتي / ذهبَ الجنونُ بحكمةِ الملاح
عش أنت أني مت بعدك
عش أنت أني مت بعدك / وأطل إلى ماشئت صدك
ماكان ضرك لو عدلت / أما رأت عيناك قدك
وجعلت من جفني متكأً / ومن عيني مهدك
ورفعت بي عرش الهوى / ورفعت فوق العرش بندك
وأعدت للشعراء سيدهم / وللعشاق عبدك
أغضاضه ياروض إن / أنا شاقني فشممت وردك
أنقى من الفجر الضحوك / فهل أعرت الفجر خدك
وأرق من طبع النسيم / فهل خلعت عليه بردك
وألذ من كأس النديم / فهل أبحت الكأس شهدك
وحياة عينك وهي عندي / مثلما الأيمان عندك
ماقلب أمك إن تفارقها / ولم تبلغ أشدك
فهوت عليك بصدرها / يوم الفراق لتستردك
بأشد من خفقان قلبي / يوم قيل: خفرت عهدك
أخاك يا شعر فهذا عمر
أخاك يا شعر فهذا عمر / وهذه نعم وتلك الذكر
لوحان من فجر الصبا وورده / غذاهما قلب وروى محجر
فرخان في وكر تلاقى جانح / وجانح ومنقر ومنقر
يختلس القبلة من مبسمها / هل تعرف العصفور كيف ينقر
وهو إذا أنعن في ارتشافها / علمنا كيف يذوب السكر
رسالة من فمه لفمها / كذا رسالات الهوى تختصر
إيه أبا الحطاب ما أحلى الهوى / تنظم من نواره وتنثر
فبعضه يحلم في أوراقه / وبعضه على الربى مبعثر
ملأت أفق الحب عطراً وسنى / وصوراً للوحي فيها سور
ألجنة الزهراء ما ترسمه / والحمرة العذراء ما تعتصر
والنغم الخالد ما تنشده / والمثل الشارد ما تبتكر
ألطرب السمح إذا دارت طلا / أو سبق فالشاعر المغبر
حلق ولا تحفل أأزرى حاسد / أو انبرى لحتفه شويعر
عاب على البلبل ما يطرحه / من ريشه وهو به يأتزر
قلف لي بنعم وبأتراب لها / يلعبن ما شاء الصبا والأشر
ليلة ذي دوران هل كانت كما / حدثت أم أخيلة وصور
ونعم هل كانت كما صورت أم / بالغ في تلوينها المصور
وذلك المجن ما أوهنه / يكاد من رقته ينتشر
يا للمنى أعن يمين كاعب / وعن شمال كاعب ومعصر
فمن هنا حيث تندى الزهر / ومن هنا حيث تدلى الثمر
وأنت لا تألو دعاباً في الهوى / شم وتقبيل واشيا أخر
قالوا الحجاز مجدب لما عموا / ونعم فيه روضة ونهر
إت زقت العود أناشيد الهوى / حن لها العود وجن الوتر
أو صفقت للهو في أترابها / ماج لها الوادي وغنى الشجر
ألحب مذبوح على أقدامها / والحسن في ألحاظها يكبر
تعرت الشمس على وجنتها / وانشق لو تعلم أين القمر
ألعنب الأحمر مسفوح على / شفتها ما الأقحوان الأصفر
والوردة البيضاء أو قل نهدها / كأنه من خيلاء يسكر
من ثمر الفرصاد في ذروته / الريانة المعطار كبش أحمر
أو أننه رأس ملاك أشقر / يحمله صدر حنون أشقر
دغدغه أخو هوى فمد من / لسانه وراح شهداً يقطر
لو أنصف الشع وقد فجرته / جداولاً يسطع منها الشرر
تجذف الأحلام في ألواحه / ويتعرى عندهن السحر
لو أنصف الشعر لكنت قبلة / معسولة في ثغره يا عمر
أو أنصفت نعم وقد أبرزتها / للفتنة الكبرى مثالاً يؤثر
في بدعة للشعر لم يحلم بها / قسي ولم ينهد لها كثير
تداولتها هضبة فهضبة / وناولتها للخلود الأعصر
لو أنصفت لكشفت عن صدرها / تود لو تطبع تلك الأسطر
وصفقت لعمر قائلة / بنظري الأسود هذا الأسمر
ألشعر روح الله في شاعره / ذلك يوحيه وهذا ينشر
ألحكمة الغراء من أسمائه / وعدن من أوطانه وعبقر
له على الآفاق فتح زاهر / وفي عباب الماء فتح أزهر
يمضيهما منه خيال مارد / أبو الفتوحات الذي لا يقهر
تعلق العلم على أسبابه / فحلق الطود وقال الحجر
رفقاً أبا الخطاب جاوزت المنى / فهل ترى في الأفق تاجاً يصفر
أشرف من الذروة كم في سفحها / للطير من أجنحة تكسر
ثلاثة ما عشت عاشت للعلى / ألحب ثم الشعر ثم المنبر
لولاك والشعر الذي أبدعته / ما نعم ما دوران إلا أثر
ما الحسن لولا الشعرإلا زهرة / يلهو بها في لحظتين النظر
لكنها إن أدركتها رقة / من شاعر أو دمعة تنحدر
سالت دماء الخلد في أوراقها / ونام تحت قدميها القدر
عشتَ فالعَب بشعرها يا نسيمُ
عشتَ فالعَب بشعرها يا نسيمُ / واضحكي في خدودها يا نجوم
من ملاكٌ في بردَتَيها مقيم / جسدٌ طاهرٌ وروحٌ كريم
سكب الله دمعةً فإذا هي / نفس ليلى بلطفها المتناهي
أيباهي بحسنه متباه / وهي ليلى وذاك قول الإله
شعرها قطعة من الليل والخد / قبلته شمس الضحى فتورّد
وعلى صدرها متى تتنهّد / موجة هزّت الصغيرين في المهد
إن مشت فالقلوب تحت خطاها / لا تبالي نعيمها من شقاها
إن قلبا تدوسه قدماها / ودماه تبلّ ذيلَ رداها
يا مصرُ ما نظمَ الجهاد قصيدة
يا مصرُ ما نظمَ الجهاد قصيدة / إلا استهلّ بذكركِ الفواح
أو سال جرحٌ من جبين مجاهدِ / إلا عصبتِ جراحهُ بجراح
بردى شقيق النيل منذ أميّة / جُمععنا على الأفراح والأتراح
نسبٌ كخدّ الوردِ في شفَةِ الضحى / يختال بين العاصِ والجراح
يا لها ثورةً تأجّجُ في صدركَ
يا لها ثورةً تأجّجُ في صدركَ / تردي الظنون فيها الظنونا
بسمةُ الهزءِ أين منها أبو بحر / وفولتير سيدا الهازئينا
فأحايين لا أرى لك دنيا / وأحايين لا أرى لك دينا
لست أدري أأنت في وصفِكَ النفسَ / مصيبٌ أم الحكيمُ ابنُ سينا
أيراها ورقاء من رفرفِ الخلد / وتبقى لديك ماء وطينا
سر ذي النفس لا مدارهُ روما / أدركتهُ ولا شيوخُ أثينا
هل رأيت النجوم تزداد نوراً / كلما احلولك الدجى وفتونا
هكذا الفكرُ يصدعُ الليل بالنور / غذا لم تك العيون عيونا
سابحٌما يشاءُ في بحرهِ الهادي / كما يدفعُ الشراع السفينا
أيبالي من عنده البعد والقرب / سواءٌ أن يعجزَ المعجزينا
قد تحدّ الأبعاد من نافذِ الطرف / فينهار متعَبا مستكينا
عثراتُ العيون نصف حياة المرء / مهما يكن رصيناً رزينا
ربّ شاكٍ فقدَ العيون ولا / ينفكّ يهدي العيون للمبصرينا
الهوى والشباب والأمل المنشود
الهوى والشباب والأمل المنشود / توحي فتبعث الشعر حيّا
الهوى والشباب والامل المنشود / ضاعت جميعها من يديّا
يشرب الكأس ذو الحجى ويبقّي / لغد في قرارةِ الكأس شيّا
لم يكن لي غدٌ فأفرغتُ كأسي / ثم حطّمتها على شفتيّا
أيها الخافق المعذب يا قلبي / نزحت الدموع من مقلتيّا
أفحتم على ارسال دمعي / كلما لاح بارق في محيّا
يا حبيبي لأجل عينيك ما القى / وما اول الوشاة عليّا
أأنا العاشق الوحيد لتلقي / تبعات الهوى على كتفيّا
إسقني من لماك أشهى من الخمر / وتم ساعةٌ على راحتيا
أنا ماض غدا مع الفجر فاسكب / نغمات الخنان في أذنيّا
قولي لشمسك لا تغيبي
قولي لشمسك لا تغيبي / وتكبدي فلك القلوب
بغداد يا وطن الجها / د ومرضع الأدب الخصيب
غناك دجلة والفرا / ت قصائد الزمن العجيب
رقصت قوافيها على / نغم البشائر والحروب
أعراس دارا من مقا / طعها وخيبة سنحريب
حتى إذا طلع الرشي / د وماج في الأفق الرحيب
صهر القرون وصاغها / تاجاً لمفرقك الحبيب
أسد العراق وما الريا / ح الهوج طاغية الهبوب
أمضى وأنفذ منك إذ / تثبين للأمر العصيب
قلمت أظفار الزما / ن ورعت داهية الخطوب
وبنيت بالقلم الحلي / م وبالمهندة الغضوب
مجداً تنقل في العلى / بين الأشعة والطيوب
بغداد يا شغف الجما / ل وملعب الغزل الطروب
بنت المكارم للعرو / بة فيك جامعة القلوب
بيت من الأخلاق ضا / قت عنه أخلاق الشعوب
وسع الديانات السما / ح وضم أشتات الندوب
زفرات أحمد في رسا / لته وآلام الصليب
بغداد ما حمل السرى / مني سوى شبح مريب
جفلت له الصحراء وال / تفت الكثيب إلى الكثيب
وتنصتت زمر الجنا / دب من فويهات الثقوب
يتساءلون وقد رأوا / قيس الملوح في شحوبي
والتمتمات على الشف / ه مضرجات بالنسيب
تبكي لها قبل الصبا / ويذوب فيها كل طيب
يتساءلون: من الفتى ال / عربي في الزي الغريب
صحراء يا بنت السما / ء البكر والوحي الخصيب
أنا لو ذكرت ذكرت أح / لامي وأنغامي وكوبي
إحدى الشموع الذائبا / ت أمام هيكلك الرهيب
أنا دمعة الأدب الحزي / ن رسالة الألم المذيب
من قلب لبنان الكئي / ب لقلب بغداد الكئيب
لبيك نابغة العرا / ق وحجة الشرق القريب
لبيك معجزة البيا / ن الحر والقلم الخصيب
حجاج روحك وهي مل / ء الكون تقذف باللهيب
تخبو الشموس وتنطفي / وتظل نامية الشبوب
حلم سفكت دم الشبا / ب فدى لمبسمه الشنيب
حب الخلود وكم أري / ق عليه من جفن سكيب
لولاه لم تلد الطرو / س الحمر إكليل الأديب
آليت أقتحم الجحي / م على جواد من ذنوبي
فأغوص في الأبدية ال / خرساء والأزل القطوب
أتلمس الأشباح والأ / رواح من خلل الحقوب
حتى إذا انكشف الجحي / م يئز بالضرم الصخوب
سكنت ثائرة الضلو / ع وكاد يصرعني وجيي
وسألت عن دانتي وعن / شيخ المعرة ذي الريوب
أحقيقة عرفا لظى / أم وصف مبتدع نجيب
لجميل ليلى فيه ما / شاء التفنن من ضروب
صور ملونة الجنا / ح على مخيلة خلوب
آليت اقتحم الجحي / م على جواد من ذنوبي
آليت لكني ارعوي / ت وقلت يا نفسي اهدئي بي
مهما سما عقل الحكي / م يزل عن حجب الغيوب
يا فيلسوف العرب وال / أيام كالحة النيوب
هلا ذكرت لنا العرا / ق ومجد غابره الذهيب
يفتر عن مثل ابن سي / نا والنواسي الأريب
إرث وهبت له الصبا / وسقيته دمع المشيب
ونشرت أنجمه على / بغداد من كفن المغيب
شيخ القريض أبا الرصي / ن الجزل والمرح اللعوب
ما زلت ألمحها على / لبنان طافرة الوثوب
من معصم النبع الدفي / ق لمعطف الغصن الرطيب
وأخو الوفا لبنان يرف / ل منه في الثوب القشيب
هو والعراق الحر مه / د هوى وأيكة عندليب
فجران من مزن السما / ء ووردتان على قضيب
بَلّغُوهَا إذاأتَيْتُمْ حِمَاهَا
بَلّغُوهَا إذاأتَيْتُمْ حِمَاهَا / أنني مت في الغرام فداها
وَاذْكُرُونِي لهَابِكُلّ جَمِيلٍ / فَعَسَاهَا تَبْكِيعَليَّ عَسَاهَا
وَاصْحَبُوهالِتُرْبَتي، فَعِظامي / تَشْتَهي أنْتَدُوسَهَا قَدَمَاهَا
لَمْ يَشُقْني يَوْمُالقِيامَةِ، لَوْلا / أمَلي أنّنيهُنَاكَ أرَاهَا
وَلَوَ انَّالنَّعِيمَ كانَ جَزَائي / فِي جِهادي وَالنّارَكانَتْ جَزَاها
لأتَيْتُ الإلَهَزَحْفاً، وعَفّرْتُ / جَبينيَ كَيْأسْتَمِيلَ الإلَهَا
وَمَلأتُ السَّمَاءشَكْوَى غَرَامي / فَشَغَلْتُالأبْرَارَ عَنْ تَقْوَاهَا
وَمَشَى الحُبُّ فيالمَلائِكِ، حَتّى / خَافَ جِبْرِيلُمِنْهُمُ عُقْبَاهَا
قُلْتُ: يا رَبّ، أيُّذَنْبٍ جَنَتْهُ / أيُّ ذَنْبٍ لَقَدْظَلَمْتَ صِبَاهَا
أنتَ ذَوّبْتَ فيمَحاجِرِها السّحْرَ / وَرَصّعْتَبِاللآلىء فَاهَا
أنْتَ عَسّلْتَثَغْرَها فقُلوبُ النَّاس / نَحْلٌ أكْمَامُهَاشَفَتَاهَا
أنتَ مِنْ لَحْظِهَاشَهَرْتَ حُساماً / فَبَرَاءٌ مِنَالدّمَاء يَدَاهَا
رَحمةً رَبّ، لَستُأسألُ عَدْلاً / رَبّ خُذْني إنْأخطأتْ بِخُطَاهَا
دَعْ سُلَيْمَى تكونُحَيثُ تَرَانِي / أوْ فَدَعْنِي أكُونُحَيثُ أرَاهَا
يا هندُ قد ألِفَ الخميلَةَ بُلبلٌ
يا هندُ قد ألِفَ الخميلَةَ بُلبلٌ / يشدو فتصطفِقُ الغصونُ وتطرَبُ
تتعَشّقُ الأزهار عذبَ غنائهِ / فإذا شدا فبكُلّ ثغر كوكَبُ
والغصنُ والأوراقُ آذانٌ له / ماذا ترى فيها النسيم يُتَبتِبُ
هو شاعر الأطيار لا متكبّرٌ / صلفٌ ولا هو بالإمارة معجَبُ
وإذا الضحى لمعت بوارق ثغره / نادى بأجناد الطيور تأهبوا
فسمعت للأطيار موسيقى على / نغماتها يأتي النهار ويذحب
والصوت موهبةُ السماء فطائر / يشدو على غصن وآخر ينعب
وسعوا به فإذا الهزار مقفصٌ / والبوم منطلق الجوانحِ يلعبُ
يا هند إني كالهزار فإن يكن / هو مذنبا فأنا كذلك مذنب
رضيت وقد ذهب الجفا
رضيت وقد ذهب الجفا / وكذا الهوى لين وشدّه
وتبسمت فعلمت أن / رجعت لناتلك الموده
ورمى الهوى بي فارتميت / وكان نهداها المخدّه
فأنا بصدر حبيبتي / كفراشة في قلب ورده