المجموع : 123
سَقَى اللَّهُ بِالأَجْرَعِ الْفَرْدِ دَارَاً
سَقَى اللَّهُ بِالأَجْرَعِ الْفَرْدِ دَارَاً / لأَمْرٍ بِهَا الشَّوْقُ وَالْبَرْقُ ثَارَا
وَقَفْتُ بِهَا مُرْسِلاً عَبْرَةً / تُطِيلُ السَّحَائِبُ مِنْهَا اعْتِبَارَا
وَلَمْ أَرَ مِنْ قَبْلِ ذَا الدَّمْعِ مَاءً / يُؤَجِّجُ فِي الْقَلْبِ مِنِّيَ نَارَا
وَكَمْ ظَلْتُ فِيهَا أَنَا وَالنَّسِيمُ / غَدَاةَ التَّفَرُّقِ نَشْكُو ضِرَارَا
كَأَنَّ اللَّوَاحِظَ أَعْدَيْنَنَا / فَكُلُّ عَلِيلٍ يُدِيمُ اعْتِذَارَا
وَكَمْ جِئْتُهَا خَلْفَ بَرْقٍ لَمُوعٍ / كِلاَنَا لَعَمْرِيَ يَحْدُو الْقِطَارَا
وَفَوْقَ الرَّوَاجِلِ أَحْوَى الجُفُونِ / بِبُعْدٍ وَإِنْ ظَلَّ يُدْنِي مَزَارَا
حَكَى الظَّبْيَ لَحْظاً وَجِيداً وَفَرْعاً / وَبِالرَّغْمِ مِنْهُ حَكَاهُ نِفَارَا
وَلَمْ أَنسَ لاَ أَنْسَ يَوْمَ النَّوَى / ذَوَائِبَ فِي لَيْلِهَا الصَّبُ حَارَا
وَحُسْنَ الثُّغُورِ الَّتِي خِلْتُهَا / حُبَاباً عَلَى خَمْرَةِ الرِّيقِ دَارَا
وَقَالُوا هُوَ الدُّرُّ أَصْدَافُهُ / قِبَابٌ فَأَجْرَيْتُ دَمْعِي بِحَارَا
وَكَمْ بِالْحِمَى مِنْ غَزَالٍ رَعَى / بِنَجْدٍ فُؤَادِي وَخَلَّى الْعَرَارَا
وَشَمْسٍ تَوَارَتْ لَنَا بِالحِجَابِ / وَلَكِنْ حِجَاب قُلُوبِ الغَيَارَى
فَأَعْقَبَهَا اللَّيْلُ وَهْوَ القَتَامُ / يُقِلُّ السَّحَائِبَ وَهْيَ الْمَهَارَى
وَيَا مَنْ رَآنِي أَجِدُّ اصْطِبَاحاً / بِكَأْسِ الْغَرَامِ وَأَبْلَى اصْطِبَارَا
وَعَاطِلَةِ الْجِيدِ حَلَّيْتُهَا / بِشِعْرِي نِظَاماً وَدَمْعِي نِثَارَا
وَجَاهَرْتُ بِالْحُبِّ لَمَّا بَدَتْ / فَلَمْ أَرَ بَدْراً يُحِبُّ السِّرَارَا
وَقَالُوا حَكَى اللَّحْظَ مِنْهَا فُؤَادِي / صَدَقْتُمْ وَلَكِنْ حَكَاهُ انْكِسَارَا
فَيَا مُبلِياً عُمْرَهُ فِي الطِّعَانِ / كَفَتْكَ الطِّعَانَ قُدُودُ الْعَذَارَى
وَيَا كَاسِراً لِي جُفُونَ الظِّبَاءِ / كَفَى الحَّبَّ كَسْرُ الجُفُونِ احْوِرَارَا
وَمَا اشْتَعَلَ الرَّأْسُ مِنِّيَ شَيْباً / فَأَوْدَعَ إِلاَّ ضُلُوعِي السِّرَارَا
وَقَدْ نَبَتَتْ حَبَّةُ الْقَلْبِ فِي / خَمِيل مُسِيلِ الدُّمُوعِ ادِّكَارَا
لَعَمْرُ الْهَوَى وَالعُهُودِ الَّتِي / بِذِكْرِي لَهَا سَاكِنُ الْغَوْرِ غَارَا
لَقَدْ فَرَّقَ الْبَيْنُ إِلاَّ شُجُونِي / وَبَلَّتْ دُمُوعِي إلاَّ الأَوَارَا
وَأَرَّقَنِي وَالعُيُونُ هُجُوعٌ / حَمَامٌ كَقَلْبِي بِذِي الأثْلِ طَارَا
وَقَدْ هِجْتُهُ مِثْلَ مَا هَاجَنِي / فَأَبْكِي مِرَاراً وَيَبْكِي مِرَارَا
وَمِمَّا نَفَى النَّوْمَ عَنِّيَ بَرْقٌ / ظَنَنَّاهُ بَيْنَ الثَّنَايَا افْتِرَارَا
وَقَدْ أَعْجَزَ السُّحْبَ عَنْ بَذْلِهِ / فَتُهْدِي لُجَيْناً وَيُهْدِي نُضَارَا
لَحَا اللَّهُ قَلْبِيَ كَمْ ذَا الْهَوَى / وَقَدْ رَدَّ دَهْرِي شَبَابِي المُعَارَا
وَعَادَ نصُولاً بِطُولِ الْخِضَابِ / فَأَدْرَكَ فِي مُنْغِصِ الشَّيْبِ ثَارَا
أَرَى الطِّبَّ عَارَا وَلَوْ قُلْتُ آهاً / عَلَى زَمَنِ الْحَيْفِ لَمْ يَكُ عَارَا
رُبُوعٌ مَتَى تَرِبَتْ بِالْحَجِيجِ / جَعَلْنَا الشُّعُورَ عَلَيْهَا شِعَارَا
مِنَ المُوقِدَاتِ جِمَارَ الْهَوَى / إِذَا مَا رَمَى الصَّبُّ فِيهَا الْجِمَارَا
سَفَكْنَا الدُّمُوعَ بِهَا وَالدِّمَا / فَرَاقَتْ خُدُودُ البِطَاحِ احْمِرَارَا
وَلِلَّهِ جمْعٌ وَجَمْعِي بِهَا / لِشَمْلِ المُحِبِّينَ أمْسَوْا حَيَارَى
وَمَوْقِفُنَا وَالدُّجَى مسْكَةٌ / فَكَفُّ الصَّبَاحِ تَزِيدُ انْتِشَارَا
وَقَدْ فَجَّرَ الفجر نَهْرَ النَّهَارِ / فَغَاصَتْ حَصَى الشُّهْبِ فِيهِ جِهَارَا
أَأُمَّ القُرَى هَلْ لِبَذْلِ الْقِرَى / سَبِيلٌ فَمَا غِبْتُ عَنْكِ اخْتِيَارَا
وَلَكِنْ ذُنُوبِي أَطَلْنَ انْتِزَاحِي / وَصَيَّرْنَ أَيَّامَ أُنْسِي قِصَارَا
وَكَمْ حجَّةٍ أَصْبَحَتْ حُجَّةً / عَلَيَّ فَلَمْ تُجْدِ إِلاَّ اعْتِذَارَا
بِنَفْسِيَ رَكْبٌ بِبَرْحِ الْهَوَى / تَرَاهُمْ سُكَارَى وَمَا هُمْ سُكَارَى
صَحِبْتُهُمُ وَالدُّجَى فَاحِمٌ / فَأَشْعَلْتُ وَجْدِي حَتَّى اسْتَنَارَا
فَلِلَّهِ عَيْنُ امْرِىءٍ أَبْصَرَتْ / رَوَاحِلَهَا فِي بُرَاهَا تَبَارَى
طَوَالَعَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ / بِشَعْثٍ تَمُدُّ الأَكُفَّ افْتِقَارَا
أَهِلَّة سَيْرٍ تُسَمَّى مَطَايَا / بِأَفْلاَكِ أُفْقٍ تُسَمَّى قِفَارَا
وَلَمَّا أَتَيْنَا نَؤُمُ العَقِيقَ / جَرَى كَاسْمِهِ دَمْعُ عَيْنِي ابْتِدَارَا
وَأَسْرَى إِلَى الْحَرَّةِ الصَّبُّ يَطْوِي / عَلَى الوَجْدِ فِيهَا ضُلُوعاً حِرَارَا
وَأَنْضَيْتُ ثَوْبَ الْهَوَى إِذْ دَنَا / إِليَّ النَّقَا وَالْتَمَسْتُ الدِّيَارَا
وَعِنْدَ المُصَلَّى أَعَدْتُ الصَّلاَةَ / عَلَى الْمُصْطَفَى وَالْتَثَمْتُ الجِدَارَا
وَأَقْبَلْتُ أُهْدِي بِبَابِ السَّلاَمِ / إِلَيْهِ سَلاَماً وَأُبْدِي الوَقَارَا
وَقُلْتُ أَيَا نَفْسِي لاَ تَجْزَعِي / وَلاَ تَسْأَمِي لِلْخَلاَصِ انْتِظَارَا
فَإنَّ الشَّفَاعَةَ قَدْ أُوْجِبَتْ / لِكُلِّ امْرِىءٍ ذَلِكَ القَبْرَ زَارَا
وَهَذَا النَّبِيُّ الكَرِيمُ الَّذِي / يُقِيلُ العِثَارَ وَيَرْعَى الْجِوَارَا
رَسُولٌ أَتَى رَحْمَةً لِلْوَرَى / عَلَى حِين خَافُوا بَوَاحاً بَوَارَا
رَفِيعُ الْمَنَاسِبِ عَماً وَخَالاً / مَنِيعُ الجَوَانِبِ أَهْلاً وَجَارَا
نَمَتْهُ إِلَى الْغُرِّ مِنْ هَاشِمٍ / مَحَاتِدُ طَالَتْ وَطَابَتْ نِجَارَا
وكُثْرُ المَعَالِي إِذِ المَجْدُ نَزْرٌ / إِذَا زَهْرَةُ الْحَمْدِ أَعْلَتْ فَخَارَا
وَقَدْ رَحِمَ اللَّهُ أَرْحَامَهَا / بِنُورٍ أَضَاءَ وَمَا إِنْ تَوَارَى
فَلَوْ زَارَهُ الْبَدْرُ بَانَ لَهُ / مِنَ الشَّمْسِ عَنْهُ القُصُورُ اضْطِرَارَا
شَفِيعٌ إِذَا النَّارُ نَارُ الْجَحِيمِ / أَقَامَتْ شَرَاراً وَلَفَّتْ شَرَارَا
وَلَوْلاَ حَيَا الْغَيْثِ أَضْحَتْ هَشِيماً / خَمَائِل زَهْرٍ شَذَاهَا اسْتدَارَا
لِمَوْلِدِهِ جَلَّ مِنْ مَولْدٍ / خَبَتْ نَارُ فَارِسَ وَالْمَاءُ غَارَا
وَإِيوَانُ كِسْرَى تَدَاعَى سُقوطاً / فَأَبْدى انْكِسَاراً وَذَلَّ افْتِقَارَا
وَحُقَّ لِذِي العَقْلِ حُسْنُ افْتِكَارٍ / إِذَا مَا أَبَى الْعَقْلُ إِلاَّ افْتِكَارَا
وَلاَحَتْ لآِمِنَةٍ أُمِّهِ / قُصُورٌ بِبُصْرَى تَرَاءَتْ قَرَارَا
وَيَا حُسْنَهَا بَعْدَ إِذْ جَاءَهَا / يُصَاحِبُ فِي البِيدِ قَوْماً تجَارَا
وَأَرْخَتْ سُتُوراً عَلَيْهَا الغَمَامُ / تَمَارَى بِمَكَّةَ مَنْ قَدْ تَمَارَى
وَشُقَّ لَهُ الْبَدْرُ نِصْفَيْنِ لَمَّا / تَمَارَى بِمَكَّةَ مَنْ قَدْ تَمَارَى
وَصُبْحاً أَشَارَ لأَصْنَامِهَا / فَظَلَّتْ سَوَاقِطَ لَمَّا أَشَارَا
وَأَلْقَى أَنَامِلَهُ فِي الإنَاءِ / فَأَنْبَعَ مِنْهَا مِيَاهاً غِزَارَا
وَلَوْ فَاضَ حِسًّا كَمَا فَاضَ مَعْنىً / نَدَاهُ لَفَاقَ الْبِحَارَ انْفِجَارَا
هُوَ القَاتِلُ الْمَحْلَ لَمَّا دَعَا / فَصَيَّرَ فِي الغَابِرِينَ الغِبَارَا
وَأَرْسَلَهَا فِي بُرُودِ النَّسِيمِ / جَوَارِيَ سُحْبٍ هَوينَ ابْتِكَارَا
وَحَنَّ لَهُ الْجِذْعُ يَوْمَ النَّوَى / حَنِينَ الرَّوَاحِلِ تَحْوِي العِشَارَا
وَجَاءَتْ لَهُ الشَّجَرُ الْعَادِيَاتُ / تَجُرُّ عُرُوقاً مُلِئْنَ ثِمَارَا
وَلَمَّا قَضَتْ حَقَّهُ أَسْرَعَتْ / بِرُجْعَى امْتِثَالاً لَهُ وَائْتِمَارَا
وَسَلَّمَ حَبراً عَلَيْهِ الحِجَارُ / فَأَبْهَجَ أَهْلَ الحِجَا وَالحِجَارَا
وَسَبَّحَ فِي الكَّفِّ مِنْهُ الحَصَا / فَمَا كَفَّ لَكِنْ أَخَا الْبِرَّ بَارَى
لَقَدْ مَرَّ شَهْرُ الصَّوْمِ عَنْكَ مُؤَدِّياً
لَقَدْ مَرَّ شَهْرُ الصَّوْمِ عَنْكَ مُؤَدِّياً / ثَنَاءً كَمَا هَبَّ النَّسِيمُ الْمُعَطَّرُ
وَمَا أَمْطَرَتْ فِيهِ السَّحَابُ وَإِنَّمَا / بَكَى أَدْمُعاً خَوْفَ النَّوى تَتَحَدَّرُ
وَحَسْبُكَ مِنْ ضَيْفٍ كَرِيمٍ قَرَيْتَهُ / مِنَ البِرِّ أَعْمَالاً إِلَى اللَّهِ تُذْخَرُ
وَذِي لُجَبٍ زَارَ السَّبِيكَةَ فَانْثَنَتْ / بِنِيرَانِ كَرَّاتِ الخُيُولِ تَشَحَّرُ
وَلاَحَتْ لَنَا أَعْلاَمُكَ الحُمْرُ تَنْتَشِي / بِهَا السّمْرُ فِي أَطْوَادِهَا حِينَ تُنْشَرُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ لِلدَّهْرِ قَبْلَهَا / تَوَرُّدَ خَدٍّ كَانَ بِالحُسْنِ يَقْطُرُ
كُمَاةٌ تَلاَقَتْ تَحْتَ نَقْعِ سُيُوفِهِمْ
كُمَاةٌ تَلاَقَتْ تَحْتَ نَقْعِ سُيُوفِهِمْ / وَلِلْهَامِ رَقْصٌ كُلَّمَا طُلِبَ الثَّارُ
فَلاَ غَرْوَ أَنْ غَنَّتْ وَتِلْكَ رَوَاقِصٌ / فَبَيْنَهُمْ فِي مَأْزقِ الحَرْبِ أَوْتَارُ
دَعُوا أَدْمُعِي شَوْقاً لِلُقْيَاكُمُ تَجْرِي
دَعُوا أَدْمُعِي شَوْقاً لِلُقْيَاكُمُ تَجْرِي / فَإِنِّيَ فِي حُبِّي لَكُمْ رَابِحُ التَّجْرِ
وَاْهْدُوا لَنَا رُوحَ العُذَيْبِ وَبَارِقٍ / وَلَكِنْ مِنَ الرِّيقِ الْمُعطَّرِ وَالثَّغْرِ
وَلاَ تَبْتَغُوا مِنِّي السُّلُوَّ فَإنَّنِي / سَأَسْلُو سُلُوَّ الْبَانِ عَنْ وَاكِفِ القَطْرِ
وَأَتْرُكُ تَهْيَامِي بِكُمِ وَصَبَابَتِي / كَمَا تَرَكَ الحَادِي السُّرَى لَيْلَةَ النَّفْرِ
وَأَنْسَاكُمُ لَكِنْ كَمَا نِسِيَ الْهَوَى / عَلَى النَّأْيِ قَيْسٌ وَابْنُ مَعْمَرٍ العُذْرِي
فَيَا صَاحِبَيْ نَجْوَايَ مِنْ آلِ عَامِرٍ / أَلاَ نَادِمَانِي بِالغَرَامِ مَدَى عُمْرِي
وَيَا مُثْقِلَ الْخِدْرِ الَّذِي قَذَفَتْ بِهِ / أَمُونٌ تُبَاري الرِّيحَ فِي الْبَلَدِ القَفْرِ
دَعَوْتُكَ فَاحْلُلْ بَيْتَ قَلْبِيَ زَائِراً / بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ لِلْبَيْتِ ذِي الْحِجْرِ
وَبِالسِّجْفِ فِي الْحَيِّ الْمُمَنَّعِ غَادَةٌ / يَبِيتُ بِهَا نَجْمُ السَّمَاءِ عَلَى ذُعْرِ
مُنَعَّمَةٌ لَذَّ الشَّقَاءُ بِحُبِّهَا / وَلَوْ أَنَّهَا تُبْدِي هَجِيراً مِنَ الْهَجْرِ
وَلَوْ صَدَعَتْ قَلْبِي وَحَيَّتْ بِوَجْهِهَا / لَقُلْتُ صَبَاحٌ دُونَهُ صَدْعَةُ الْفَجْرِ
بِوَادِي الغَضَى حَلَّتْ وَلَكِنْ مِنَ الحَشَا / وَشِعْبِ النَّقَا لَكِنْ مِنْ السِّحْرِ وَالنَّحْرِ
وَأَسْنَدَ وَجْدِي مِنْ أَحَادِيثِ حُسْنِهَا / غَرائِبَ لَمْ تَخْطُرْ بِبَالِ وَلاَ فِكْرِ
فَلَمْ تَرْوِ يَوْماً عَنْ نَمُومٍ سِوَى الشَّذَا / وَلَمْ تَرُوِ يَوْماً عَنْ ضَعِيفٍ سِوَى الخِصْرِ
إِذَا لَمْ أُشَاهِدْ رَبْعَهَا كُلَّ لَيْلَةٍ / فَإِنَّكَ يَا إِنْسَانَ عَيْنِي لَفِي خُسْرِ
وَمِمَّا أَثَارَ الْوَجْدَ جِيدٌ أَمَالَنِي / بِوَسْوَاسِ حَلْيٍ مَالِكٍ فِي الهَوَى أَمْرِي
وَثَغْرٌ ثَنَانِي الرَّدُّ عَنْ لَثْمِ دُرِّهِ / كَأَنَّ رَقِيبِي قَدَّمَ الرَّاءَ مِنْ دُرِّ
نَسِيتُ وَلاَ أَنْسَى مَعَاهِدَ بِالْحِمَى / يُمَثِّلُهَا فِكْرِي وَيَلْزَمُهَا ذِكْرِي
إِذَا انْتَصَبَتْ دَوْحَاتُهَا خَفَضَتْ بِهَا / غُصُوناً قَرَاهَا الغَيْثُ فِي الوَرَقِ الخضْرِ
وَقَدْ جَرَّهَا نَفْحُ الصَّبَا بَعْدَ رَبْعِهَا / كَأَنَّ نُسَيْمَاتِ الصَّبَا أَحْرُفُ الْجَرِّ
عَجِبْتَ لِنَبْتٍ وَسْطَهَا وَهْوَ بَاقِلٌ / يَخِيمُ بِهِ قُسُّ عَنِ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ
وَرُبَّ رِيَاضٍ بِالغُوَيْرِ تَزَيَّنَتْ / بِنَضْرِ نَبَاتٍ غَاصَ فِي مَائِهَا الْغَمْرِ
وَأُخْرَى بِذَاتِ الجَزْعِ طَيّ ظِلاَلهَا / نَعِمْتُ بِهِ يَقْظَانَ فِي سِنَةِ الْعُمْرِ
وَلَمَّا تَقَضَّى اللَّيْلُ إِلاَّ أَقَلَّهُ / حَبَتْنَا بِمِعْطَارِ الشَّذَا أَرِجِ النَّشرِ
كَأَنَّ بُرُوقَ الجَوِّ نَارٌ تَلَهَّبَتْ / وَمَا ارْفَضَّ مِنْ جُنْحِ الدُّجَى عَنْبَرُ الْشِّحْرِ
إِذَا مَا الْتَقَى فِي نَهْرِهَا سَاكِنَانِ مِنْ / قَضِيبٍ وَمِنْ حَصْبَاءَ حُرِّكَ بِالْكَسْرِ
مُجَرِّرَةٌ ذَيْلَ النَّسِيمِ طَرُوبَةٌ / وَلاَ طَرَبَ الْحَادِي بِذِي الأثْلِ وَالسِّدْرِ
تَرَى الغَيْثَ فِيهَا بَاكِياً مُتَعَيِّراً / إِذَا ضَاعَ مِنْ أَكْمَامِهِ مُؤرجُ الزَّهْرِ
مُعَانِقَةٌ مِنْ قُضْبِهَا كُلَّ أَهْيَفٍ / وَلاَ هَيَفَ الأَعْطَافِ فِي الْحُلَلِ الْحُمْرِ
تَكَادُ لَعَمْرِي فِيهِ كُلُّ حَمَامَةٍ / تَشِبُّ عَنِ الطَّوْقِ ارْتِيَاحاً عَلَى الذّكْرِ
وَكَمْ سَاعَدَتْهَا وَهْيَ بِالشّرْبِ بَرَّةٌ / وَمَا بِرُّهَا بِالبِدْعِ كَلاَّ وَلاَ النُّكْرِ
بِقَطْرِ النَّدَى قَطْرُ النَّدَى وَسْطَهَا اقْتَدَى / فَمَا نَامَ لَمَّا نَامَ ذُو الكَأْسِ وَالوَتْرِ
فَمَنْ عَاذِرِي مِنْ حِيرَتِي وَتَوَلُّهِي / إِذَا سَفِرَتْ مِنْهَا المَحَاسِنُ لِلسَّفْرِ
أَعَادَتْ لِيَ الشَّوْقَ الْقَدِيمَ مَيَاهُهَا / وَسُقْنَ الْهَوَى مِنْ حَيْثُ أَدْرِي وَلا أَدْري
كَأَنِّي عَلِيُّ وَالْعُيُونُ الَّتِي رَنَتْ / عُيُونُ المَهَا بَيْنَ الرُّصَافَةِ وَالجِسْرِ
أَلاَ يَا نَدِيماً حُثَّ مِسْكِيَّةَ الشَّذَا / إِلَى الدَّير لاَ دَارِينَ مَنْسُوبَةَ النَّجْرِ
تُرَاجِعُهَا أَيْدِي السُّقَاةِ كَأَنَّهَا / وَقَدْ قُطِعَتْ بِالْمَزْجِ بَيْتٌ مِنَ الشِّعْرِ
نَشَدْتُكَ هَلْ غُصْنُ الرِّيَاضِ ابْنُ هَانِىءٍ / يَمِيلُ بِسَابَاطا ارْتِيَاحاً إِلَى الْخَمْرِ
وَهَلْ بُلْبُلُ الدَّوْحَاتِ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمٍ / يَظَلُّ دَفِيناً فِي الرِّيَاحِينِ ذَا سُكْرِ
وَهَلْ أَهْدَتِ الأَزْهَارُ عَاطِرَ نَفْحِهَا / مَعَ الْفَجْرِ أَمْ أَهْدَتْ مَدِيحَ بَنِي نَصْرِ
إِمَامُ الْهُدَى جَزْلُ الرِّدَا شَرَكُ العِدَى / غَمَامُ النَّدَى بَحْرُ الجَدَا مَعْدِنُ الذُّخْرِ
كَرِيمُ اللُّهَا زَاكِي النُّهَى مَجْدُهُ انْتَهَى / لأَوْجِ السُّهَا كَيْفَ اشْتَهَى دُونَ مَا نُكْرِ
إِذَا هُوَ أَجْرَى الطَّرْفَ وَالطَّبْلُ صَائِلٌ / يَفُضُّ دُرُوعَ الْهِنْدِ بِالذُّبَّلِ السُّمْرِ
تَرَى الْغَيْثَ فَوْقَ الْبَرْقِ وَالرَّعْدُ قَاصِفٌ / يَقُدُّ سَحَابَ اللَّيْلِ بِالأَنْجُمِ الزُّهْرِ
إِذَا شَكَّ بِالْخَطِّي دِرْعَ مُنَازِلٍ / عَلَى طَرْفِهِ وَالنَّقْعُ فِيهِ دَمٌ يَجْرِي
أَرَى أَسْمَراً فِي أَزْرَقٍ فَوْقَ أَبْيَضٍ / عَلَى أَدْهَمٍ فِي أَدْكَنٍ وَهْوَ مُحْمَرِّ
وَأَصْبَحَ مِنِّي الْكُلُّ وَالْبَعْضُ رَاوِياً / أَحَادِيثَ نُعْمَاكَ الَّتِي شَرَّفَتْ قَدْرِي
فَقَلْبِيَ عَنْ رُوحٍ وَعَنْ نَائِلٍ يَدِي / وَعَنْ مَرْحَبٍ أُذْنِي وَعَيْنِيَ عَنْ بِشْرِ
فَلَوْ أُلِّفَ الشَّوْقُ الَّذِي قَدْ لَقِيتُهُ / حَكَى بَأْسَكَ الْمَشْهُورَ فِي الْبَدْوِ وَالْحَضْرِ
وَلَوْ أَنَّ دَمْعِي إِذْ نَأَيْتَ مُجَمَّعٌ / حَكَى جُودَكَ الْمَبْذُولَ فِي السِّرِّ والْجَهْرِ
وَمَاذَا عَسَى يُنْهِي لَكَ الْعَبْدُ إِنَّمَا / وَكَلْتُكَ لِلْحُبِّ الْقَدِيمِ الَّذِي تَدْرِي
فَيُضْفِي لَدَيْنَا بُرْدَ حَامٍ مِنَ الْعُلاَ / وَيُضْفِي عَلَيْنَا بُرْدَ سَامٍ مِنَ الْفَخْرِ
يَعِمُّ الْوَرَى مِنْ كَوْمِهِ وَعُلُومِهِ / فَهَذِي لِمَنْ يَقْرَا وَهَذِي لَمَنْ يَقْرِي
فَيُحْيِي بِنَشْرِ الْجُودِ مَيْتاً مِنَ الْغِنَى / وَيُرْدِي بِطَيِّ الْبُخْلِ حَيًّا مِنَ الْفَقْرِ
وَيُبْدِي بِوَصْلِ الْعِلْمِ صُبْحاً مِنَ الْهُدَى / وَيُخْفِي بِقَطْعِ الْجَهْلِ لَيْلاً مَنِ الْكُفْرِ
هُمَامٌ إِذَا مَا صَالَ أَوْ جَالَ فِي الْوَغَى / فَلَيْثٌ لِمُغْتَرٍّ وَغَيْثٌ لِمُعْتَرِّ
رَفِيعُ عِمَادِ الْبَيْتِ رَحْبٌ فِنَاؤهُ / عَظِيمُ رَمَادِ النَّارِ مُغْتَبِطُ الْوَفْرِ
حَكَى سَيْفُهُ يَوْمَ الضُّيُوفِ مُهَلْهِلاً / فَلَمْ يُبْقِ بَعْدَ النَّابِ حَيًّا عَلَى بَكْرِ
مُقِيمٌ عَلَى دِينِ السَّمَاحَةِ وَالنَّدَى / وَبَذْلُ النَّدَى والْفَضْلِ فَرْضٌ عَلَى الْحُرِّ
إِذَا هُوَ أَعْطَاهَا دَنَانِيرَ رُشِّحَتْ / بِلَوْنِ مُحِبٍّ فِي الْهَوَى خَالِعِ العُذْرِ
يُؤَرِّخُ ذُو الأَمْدَاحِ مِمَّا جَنَتْ بِهِ / يَدَاهُ تَوَارِيخَ السَّعَادَةِ وَالنَّصْرِ
أتَتْكَ وَقَدْ هَزَّ الدّجَى مَضْجِعَ الْفَجْرِ
أتَتْكَ وَقَدْ هَزَّ الدّجَى مَضْجِعَ الْفَجْرِ / بِكَأْسَيْنِ مِنْ رِيقٍ بَرُودٍ وَمِنْ خَمْرِ
وَأَبْهَجَتِ الأَبْصَارَ وَالْحُسْنُ مُبْهِجٌ / بِدُرَّيْنِ مِنْ عِقْدٍ نَفِيسٍ وَمِنْ ثَغْرِ
وَكَمْ سُتِرَ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ وَوَجْهُهَا / بِلَيْلَيْنِ مِنْ جُنْحٍ بَهِيمٍ وَمِنْ شَعْرِ
وَجُلِّيَ جُنْحُ اللَّيْلِ لَمَّا بَدَتْ لَنَا / بِنُورَيْنِ مِنْ وَجْهٍ جَمِيلٍ وَمِنْ بَدْرِ
وَحَيَّتْ وَقَدْ لَذَّ السُّرَى سَحَراً لَنَا / بِصُبْحَيْنِ مِنْ أَضْوَاءِ أُفْقٍ وَمِنْ بِشْرِ
وَمِنْ عِطْفِهَا إِذْ طَابَ نَشْراً فَعطَّرَتْ / بِطِيبَيْنِ مِنْ مِسْكٍ يَضُوعُ وَمِنْ نَشْرِ
وَمَالَتْ عَلَى الرَّوْضِ النَّضِيرِ فَرَاقَنَا / بِغُصْنَيْنِ مِنْ قَدٍّ وَمِنْ فَنَنٍ نَضْرِ
وَجَادَ هَوىً بِي وَالْهَوَاءُ الَّذِي لَهُ / بِغَيْثَيْنِ مِنْ دَمْعٍ يَصُوبُ وَمِنْ قَطْرِ
وَجَدَّتْ بِعَرْضِ الْبِيدِ سَيْراً فَبَرَّحَتْ / بِنَارَيْنِ فِيهَا مِنْ هَجِيرٍ وَمِنْ هَجْرِ
وَمَا رَاعَنِي إِلاَّ القِبَابُ كَأَنَّهَا / كَمَائِمُ رَوْضٍ يَنْطَوِينَ عَلَى زَهْرِ
وَأَسْرَابُ غِزْلاَنٍ عَرَضْنَ سَوَانِحاً / وَلاَ بُدَّ مِنْ مَرْعَىً فَكَانَ مِنَ الصَّدْرِ
وَمَا بِيَ إِلاَّ أَعْيُنٌ بِسِهَامِهَا / رَمَتْ ذَا الْهَوَى الْعُذْرِيَّ مِنْ غَيْرِ مَا عُذْرِ
مُنَصَّلَةٌ بِالْغُنْجِ وَالْهَذْبُ رِيشُهَا / تُطَاوِلُ قَوْسَ الْحَاجِبَيْنِ بِهَا ذُعْرِي
وَرَكْبٍ سَرَوْا وَاللَّيْلُ قِطْعَةُ عَنْبَرٍ / تَضُوعُ إِذَا جَلَّى لَنَا الْبَرْقُ عَنْ جَمْرِ
سَوَابِحُ فِي بَحْرِ السَّرَابِ وَإِنَّمَا / مَعَادِنُ دُرِّ اللَّفْظِ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ
إِذَا أَطْلَعُوا عُوجَ الْمَطِيِّ أَهِلَّةً / حِسْبْتَهُمُ مِنْ فَوْقِهَا أَنْجُمٌ تَسْرِي
وَلَمْ أَنْسَ بِالشِّعْبِ الْيَمَانِي مَوْقِفِي / عَلَى دِمَنٍ يَرْفُلْنَ فِي حُلَلٍ خُضْرِ
وَقَدْ حَمَلَتْ فِيهَا السَّحَابُ كَأَنَّهَا / مَدَامِعُ عَيْنِي أَوْ عَطَايَا بَنِي نَصْرِ
تَبَابِعَةٌ مِنْ آلِ يَعْرُبَ قَادَةٌ / لَهُمْ مَا لَهُمْ مِنْ مَكْسَبِ الْعِزِّ مِنْ وَفْرِ
مِنَ الْمُتَّقِينَ اللَّهَ إِنْ نَذَرُوا فَهُمْ / عَلَى أَكْمَلِ الْحَالاَتِ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
بُدُورُ عُلاً مِنْ آلِ خَزْرَجَ أَذْكَرُوا / أَجَلَّ عُهُودٍ فِي حُنَينٍ وَفِي بَدْرِ
هُمُ خَيْرُ أَمْلاَكِ الزَّمَانِ وَخيْرُهُمْ / مُحَمَّدٌ الْمَحْمُودُ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ
وَإِنْ يَكُ مِنْهُمْ فَهْوَ فَوْقَهُمُ عُلاً / وَأَشْرَفُهُمْ وَالْكُلُّ ذُو شَرَفٍ كُثْرِ
وَقَدْ جَاءَ فَضْلٌ فِي لَيَالٍ كَثِيرَةٍ / وَمَجْمُوعُ ذَاكَ الْفَضْلِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
وَلِلَّهِ جَيْشٌ أَبْهَجَتْنَا خُيُولُهُ / بِمَا رَاقَ مِنْ كَرٍّ وَشِيكٍ وَمِنْ فَرِّ
وَمَرُّوا صَبَاحاً وَالسَّبِيكَةُ كَاسْمِهَا / بِمَا بَذَلَتْ تَجْرِي لِتُرْبِحَ لِي تَجْرِي
وَقَدْ صَعَدَتْ فِي الْجَوِّ آيّةُ طَبْلَةٍ / تُحَاكِي عَمُودَ الْفَجْرِ أَسْفَرَ لِلسَّفْرِ
وَأَنْحَوْ عَلَيْهَا بِالْعِصِيِّ كَأَنَّهَا / بُرُوقٌ وَلَكِنْ بِالْبُرُوقِ غَدَتْ تُزْرِي
مِنَ الطَّبَلاَتِ الَّلائِي مَا زَالَ كَسْرُهَا / لَدَى الْبَطَلِ الأَحْمَى يُعَدُّ مِنَ الْجَبْرِ
وَضَارِبُهَا يَوْمَ الْوُفُودِ عُقُوقُهُ / وَإِنْ كَانَ لاَ يَخْفَى يُعَدُّ مِنَ الْبِرِّ
فَذَلِكَ مِنْهُ لِلْجِهَادِ تَدَرُّبٌ / سَيَشْقَى بِهِ الْحِزْبِ الَّذِي دَانَ بِالْكُفْرِ
وَقَدْ جَالَ نَقْعُ الْخَيْلِ فِي جَنَبَاتِهَا / كَمَا جَالَ فِي الأَفْكَارِ مَعْنَىً مِنَ الشِّعْرِ
وَيَوْمَ سِبَاقِ الْخَيْلِ أَبْصَرْتُ ضُمَّراً / كَمَا طَارَ فِي الْبَيْدَاءِ سِرْبُ القَطَا الْكَدْرِ
وَقُلْتُ بُرُوقٌ فِي دَيَاجٍ وَإِنَّمَا / شَهِدْتُ اخْتِلاَطَ الشُّهْبِ مِنْهُنَّ بِالصُّفْرِ
وَكَرُّوا بِهَا حُمْراً مُجَلَّلَةً فَلَمْ / أَرَ شَفَقاً مِنْ قَبْلِهَا زِينَ بِالْفَجْرِ
وَكُلُّ كُمَيْتٍ جَاءَنَا كَسَمِيِّهِ / فَأَطْرَبَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِنْ وِزْرِ
وَمَا سَدَّ نَقْعُ الْخَيْلِ أُفْقاً وَإِنَّمَا / رَأَى الشَّمْسَ قَدْ خَافَتْ فَنَابَ عَنِ السِّتْرِ
وَقَالُوا بَدَا وَشْيٌ عَلَى الْحَطَبِ الَّذِي / أَتَى خَيْرَ مَنْ يَقْرِي الضُّيُوفَ وَمَنْ يُقْرِي
فَقُلْتُ لَعَلَّ الْغَالِبِيَّ مُحَمَّداً / سَقَاهُ بِغَيْثٍ مِنْ مَوَاهِبِهِ ثَرِّ
فَعَادَتْ لَهُ الأَوْرَاقُ وَالتَّاجُ زَهْرُهُ / كَوَشْيٍ لَهُ صَنْعَاءُ بَاتَتْ عَلَى ذُكْرِ
وَإِنْ كَانَ وَشْياً فَاعْجَبُوا لِخَلِيفَةٍ / نَدَاهُ لِطُلاَّبِ النَّدَى بِالنَّدَى يُغْرِي
وَقُولُوا وَبَعْضُ الْقَوْلِ يَشْفِي صُدُورَنَا / وَيُعْرِبُ عَمَّا فِي الْجَوَانِحِ مِنْ سِرّ
أَحَتَّى حُطَامَ الأَرْضِ أَصْبَحَ كَاسِياً / لَهَا وَأَرَاهَا رِفْعَةَ الشَّأْنِ وَالْقَدْرِ
وَقَصْرٍ بَنَاهُ خَيْرُ بَانٍ فَلَمْ يَكُنْ / يُضَاهِيهِ فِي الأَرْضِ الْعَرِيضَةِ مِنْ قَصْرِ
عَجَائِبُهُ فَوْقَ الْعَجَائِبِ إِنَّهَا / عَجَائِبُ لَمْ تَخْطُرْ بِبَالٍ وَلاَ فِكْرِ
حَكَتْ أَرْضُهُ أُفْقَ السَّمَاءِ فَزَهْرُهَا / يَنُوبُ بِلاَ شَكٍّ عَنِ الأَنْجُمِ الزُّهْرِ
وَخِلْنَا مُنِيرَ الصُّبْحِ هَامَ بِحُبِّهِ / فَأَبْقَى عَلَيْهِ لَوْنَهُ أَبَدَ الدَّهْرِ
إِذَا لَمْ أُشَاهِدْهُ وَأُبْصِرْ جَمَالَهُ / فَإِنَّكَ يَا إِنْسَانَ عَيْنِي لَفِي خُسْرِ
وَعَهْدِي بِجَارِي الْمَاءِ يَسْفُلُ دَائِماً / فَيَحْنُو عَلَيْهِ الشَّارِبُونَ إِذَا يَجْرِي
وَهَا هُوَ يَعْلُو لِلسَّمَاءِ تَشَرُّفاً / بِمُجْرِيهِ مَسْرُوراً بِمَا نَالَ مِنْ فَخْرِ
وَأُقْسِمُ لَوْلاَ وَجْهُ خَيْرِ خَلِيفَةٍ / لَمَا مُكِّنَ الورَّادُ مِنْ عَذْبِهِ الْغَمْرِ
وَلَكِنَّهُ لَمَّا بَدَا خَرَّ سَاجِداً / وَأَهْدَى حُبَاباً زَادَ فَضْلاً عَلَى الدُّرِّ
وَخِلْتُ الَّذِي يَعْلُو مِنَ الْمَاءِ غَادَةً / أَتَتْ عُرُساً تَزْهَى بِهِ مُدَّةَ الْعُمْرِ
وَأَعْجَبَهَا رَقْصٌ فَحِينَ تَمَايَلَتْ / تَسَاقَطَ حَلْيٌ جَالَ عَنْهَا وَلَمْ تَدْرِ
وَيَا حُسْنَهَا لِلنَّاظِرِينَ بُحَيْرَةً / بِهَا رُكَّعُ الأَغْصَانِ بَاتَتْ عَلَى طُهْرِ
كَأَنَّ الصَّبَا فِيهَا يَخُطُّ مَدَائِحاً / حِسَاناً فَمِنْ سَطْرٍ يُضَمُّ إِلَى سَطْرِ
وَقَدْ خِلْتُهَا أُمَّ البُحَيْرَةِ مُرْضِعاً / عَلَى ظَهْرِهَا اسْتَلقت وَيَا لَكَ مِنْ ظَهْرِ
وَخشَّتُهَا الْبَيْضَاءُ نَهْدٌ بِصَدْرِهَا / لَهُ لَبَنٌ يَعْلُو بِدُرٍّ عَلَى دُرِّ
وَيَا لَكَ مِنْ قَصْرٍ مَشِيدٍ مُقَصِّرٍ / بِإِيَوَانِ كِسْرَى مُزْدَرٍ هَرَمَيْ مِصْرِ
بِهِ هَزَّ أَعْطَافَ الزَّمَانِ وأَهْلَهُ / صَنِيعٌ لَهُ خِصْرٌ وَنَاهِيكَ مِنْ خِصْرِ
وَلَمَّا رَأَى الإعْذَارَ زَادَ مَحَاسِناً / كَعَلْيَاءِ بَانِيهِ تَجِلُّ عَنِ الْحَصْرِ
وَأَعْجَبُ مِنْ صَبْرِ الأَمِيرِ وَسِنُّهُ / قَضَى مِثْلُهُ أَلاَّ يُطَالَبَ بِالصَّبْرِ
أَمِيرٌ لَهُ فَضْلٌ سَيُرْوَى حَدِيثُهُ / بِذِي الحَجَرِ الْمَنْصُوبِ لِلَّثْمِ وَالحِجْرِ
وَلاَ زِلْتَ فينا يَا ابْنَ نَصْرٍ مُؤَيَّداً / مِنَ اللَّهِ بِالفَتْحِ الْمُبِينِ وَبِالنَّصْرِ
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّذِي / هُوَ الأَهْلُ كُلُّ الأَهْلِ لِلْحَمْدِ وَالشُّكْرِ
وَلَمَّا أَتَتْ أَرْضَ الْعَدُوِّ جُيُوشُهُ
وَلَمَّا أَتَتْ أَرْضَ الْعَدُوِّ جُيُوشُهُ / تَيَقَّنْتُ أَنَّ الْحَرْبَ ضَرْبٌ مِنَ السِّحْرِ
وَلَمْ أَرَ إِلاَّ الْخَيْلَ صُفَّتْ صُفُوفُهَا / فَقُلْتُ عُقُودٌ قَدْ نُسِقْنَ عَلَى نَحْرِ
وَجَالَ عَلَى الآفَاقِ مُسْوَدُّ نَقْعِهَا / فَقُلْتُ طُرُوسٌ زَانَهَا الْخَطُّ بِالْحِبْرِ
وَسَالَ دَمٌ فِي كُلِّ دِرْعٍ مُفَاضَةٍ / فَقُلْتُ نَثِيرُ الْوَرْدِ أُلْقِي فِي نَهْرِ
وَجُدِّلَتِ الأَبْطَالُ فِي كُلِّ مَعْرَكٍ / فَقُلْتُ نَدَامَى لَمْ يَفِيقُوا مِنَ السُّكْرِ
وَيَارُبَّ يَوْمٍ خِلْتُ فِيهِ رِمَاحَهُ / قُدُودَ عَذَارَى جُلْنَ فِي حُلَلٍ حُمْرِ
وَخُيِّلَ لِي أَنَّ السُّيُوفَ مَبَاسِمٌ / فَقَبَّلْتُهَا وَالْغِيدُ يَضْحَكْنَ فِي إِثْرِي
هَنِيئاً كَمَا حَيَّا الْحَيَا أَوْجُهَ الزَّهْرِ
هَنِيئاً كَمَا حَيَّا الْحَيَا أَوْجُهَ الزَّهْرِ / وَبُشْرَى كَمَا جَلَّى الدُّجَى وَضَحُ الْفَجْرِ
وَنُعْمَى أَتَتْ تَتْرَى كَمَا وَافَتِ الصَّبَا / فَجَرَّتْ ذُيُولَ الرَّوْضِ عَاطِرَةَ النَّشْرِ
وَحُسْنَى أَتَتْ فِي إِثْرِ حُسْنَى كَمَا أَتَى / إِلَى الرَّوْضِ إِثْرَ الغَيْثِ مُنْسَكِبُ النَّهْرِ
وَإِقْبَالُ مَلْكٍ رَاقَ بِالْعِزِّ تَاجُهُ / كَمَا رَاقَ تَاجُ الأُفْقِ بِالأَنْجُمِ الزُّهْرِ
وَعَصْرٌ غَدَا يَفْتَرُّ بِالسَّعْدِ ثَغْرُهُ / كَمَا افْتَرَّ ثَغْرُ الْكَأْسِ عَنْ حَبَبِ الْخَمْرِ
وَأَيَّامُ أُنْسٍ قَدْ مَحَتْ كُلَّ وَحْشَةٍ / كَمَا قَدْ مَحَا صُبْحُ الرِّضَى لَيْلَةَ الْهَجْرِ
وَإِدْرَاكُ آمَالٍ مَلَكْتَ قِيَادَهَا / كَمَا مَلَكَ السَّاقِي قِيَادَ أَخِي السُّكْرِ
سَمَتْ بِكَ أَفْلاَكُ الْخِلاَفَةِ رَاقِياً / كَمَا قَدْ سَمَا فِي أَوْجِهِ طَائِرُ النَّسْرِ
وَوَاقَعْتَ بِالْحَرْبِ الشَّقِيَّ الَّذِي بَغَى / كَمَا قَدْ بَغَى شَرُّ الْبُغَاةِ عَلَى الصَّقْرِ
وَضَمَّكَ بَيْتُ الْمُلْكِ أَبْلَجَ أَزْهَراً / كَمَا ضَمَّتِ الأصْدَافُ كَشْحاً عَلَى الدُّرِّ
وَسُرَّتْ بِكَ الدُّنْيَا وَرَاقَ جَمَالُهَا / كَمَا رَاقَ مَنْسُوقُ الْحُلِيِّ عَلَى النَّحْرِ
وَجَالَ إِلَيْكَ النَّصْرُ فِي حُلَلِ الرِّضَى / كَمَا جَالَ غُصْنُ الرِّوْضِ فِي الورقِ الخُضْرِ
وَيَهْنِيكَ عِيدٌ بِالسَّعَادَةِ وَالْمُنَى / كَمَا عَادَ بُرْدُ العَصْبِ لِلطَّيِّ وَالنَّشْرِ
وَجَاءَكَ لِلأعْيَادِ فِي الْفَضْلِ سَابِقَاً / كَمَا سَبَقَ الأَمْلاَكَ دَوْماً بَنُو نَصْرِ
وَقدْ ذَهَبَتْ بِالأَمْنِ كُلُّ مَسَاءَةٍ / كَمَا ذَهَبْتْ شَيْمَا الإِمَارَةِ بِالْبَشْرِ
وَلِلَّه فَتْحٌ قَدْ طَرِبْتُ لِوَقْتِهِ / كَمَا طَرِبَتْ نَفْسُ الْجَوَادِ إِلَى الشُّكْرِ
هَزَزْتَ بِهِ الدُّنْيَا فَدَلَّ عَلَى الْعُلاَ / كَمَا دَلَّ مَرْقُوبُ الْهِلاَلِ عَلَى الشَّهْرِ
وَأَصْبَحْتَ فِي الْحَمْرَاءِ تَسْكُنُ رَبْعَهَا / كَمَا سَكَنَ القَلْبُ المُؤَمَّنُ فِي الصَّدْرِ
حَرِيصاً عَلَى الجُودِ المُوَاصَلِ وَالنَّدَى / كَمَا حَرِصَتْ نَفْسُ الْبَخِيلِ عَلَى الْوَفْرِ
فَلاَ شَخْصَ إِلاَّ وَهْوَ جَذْلاَنُ فَارِحٌ / كَمَا خَرَجَ الحُجَّاجُ فِي لَيْلَةِ النَّفْرِ
وَيَا ابْنَ أَبِي الْحَجَّاجِ لِلسَّعْدِ يُهْتَدَى / كَمَا يَهْتَدِي الضُّلاَّلُ بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّي
إِمَامُ رِضىً قَدْ جَاءَ فِي الْفَضْلِ أَوَّلاً / كَمَا جَاءَ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِ السَّطْرِ
بِبَذْلِ النَّدَى وَالْبَأْسِ يُعْرَفُ دَائِماً / كَمَا تُعْرَفُ الأَنْهَارُ بِالْمَدِّ وَالْجَزْرِ
هُمَامٌ يَزِينُ الأرْضَ نَقْعُ جِيَادِهِ / كَمَا زُيِّنَتْ بِيضُ القَرَاطِيسِ بِالْحِبْرِ
يَحُومُ عَلَى فَيْضِ النَّجِيعِ حُسَامُهُ / كَمَا حَامَ ظَمآنٌ عَلَى مَوْرِدٍ غَمْرِ
إِلَيْكَ أَبَا عَبْدِ الإلهِ أَتَى الْمَلاَ / كَمَا قَدْ أَتَى الحُجَّاجُ شَوْقاً إِلَى الْحِجْرِ
وَحَنَّتْ لِرُؤْيَاكَ الْقُلُوبُ مَحَبَّةً / كَمَا حَنَّتِ الْوَرْقاءُ لَيْلاً إِلَى الْوَكْرِ
وَعَادَتْ بِكَ الدُّنْيَا إِلَى الخَفْضِ وَالْغِنَى / كَمَا عَادَ سِرُّ العَاشِقِينَ إِلَى الْجَهْرِ
وَكُنْتَ لِفَيْضِ الْجُودِ أَصْلاً وَلِلْعُلَى / كَمَا كَانَ ضَوْءُ الشَّمْسِ أَصْلَ السَّنَا البَدْرِي
وَإِنِّيَ بِالأَمْدَاحِ فِيكَ لَمُولَعٌ / كَمَا وَلَعَ الأَبْطَالُ بِالْكَرِّ وَالْفَرِّ
وَإِنِّيَ بِالأَشْعَارِ قَدْ جِئْتُ مُتْحِفَاً / كَمَا أَتْحَفَ الْجَمَّالُ يَثْربَ بِالتَّمْرِ
بِمَقْدَمِكَ الْمَيْمُونِ أَرَّخْتُ أَسْعُدِي / كَمَا أَرَّخَ الرُّومُ التَّوَارِيخَ بِالصّفْرِ
وَأَنْتَ الَّذِي صُنْتَ الْوَرَى وَحَمَيْتَهُمْ / كَمَا قَدْ حَمَى رَبّ التُّقَى جَانِب الصَّبْرِ
وَأَصْبَحْتَ بِالسَّيْفِ الْمُطَاوِلِ غَالِباً / كَمَا يَغْلِبُ الْيُسْرَانِ بِالشَّرْعِ لِلْعُسْرِ
وَلَكِنْ عَلَى عَفْوٍ جُبِلْتَ تَكَرُّماً / كَمَا جُبِلَتْ نَفْسُ الْجَبَانِ عَلَى الذُّعْرِ
فَلاَ زِلْتَ فِي بُرْدِ السَّعَادَةِ رَافِلاً / كَمَا تَرْفُلُ الْحَسْنَاءُ فِي حُلَلِ الْخَمْرِ
وَدَامَ لَك الْعِزُّ الْمُجَدَّدُ وَالْعُلَى / كَمَا دَامَ حُبُّ الْعُرْبِ لِلنَّظْمِ والنَّثْرِ
أَلاَ أَسْعِدَا عَيْنِي عَلَى السُّهْدِ وَالْبُكَا
أَلاَ أَسْعِدَا عَيْنِي عَلَى السُّهْدِ وَالْبُكَا / فَقَدْ وَاصَلَ السُّهْد الْمُبَرِّح تَذْكَارِي
وَأَبْدَى الرَّدَى فَتْكُ ابْنِ عَبَّادَ إِذْ سَطَا / فَلاَ غَرْوَ أَنْ أَبْكِي لِفَقْدِ ابْنِ عَمَّارِ
أَنَا التُّرْسُ قَدْ أُنْشِئْتُ بِالأَمرِ عُدَّةً
أَنَا التُّرْسُ قَدْ أُنْشِئْتُ بِالأَمرِ عُدَّةً / لِيَوْمِ جِهَادٍ مُطْلِعٍ غُرَّةَ النَّصْرِ
فَلاَقُوا بِيَ الأَعْدَاءَ فِي زَحْفِهِمْ وَلاَ / تُبَالُوا بِقَرْعِ الزُّرْقِ وَالْبِيضِ وَالسُّمْرِ
وَلاَ تُنْكِرُوا سَتْرِي لِمَقْتَلِ حَامِلِي / فَفِي اسْمِي كَمَا شَاهَدْتُمُ أَحْرُفُ السَّتْرِ
وَقَالُو أَبُو حَفْصٍ حَوَى الْمُلْكَ غَاصِباً
وَقَالُو أَبُو حَفْصٍ حَوَى الْمُلْكَ غَاصِباً / وَإِخْوَتُهُ أَوْلَى وَقَدْ جَاءَ بِالنُّكْرِ
فَقُلْتُ لَهُمْ كُفُّوا فَمَا رَضِيَ الْوَرَى / سِوَى عُمَرٍ مِنْ بَعْدِ مَوْتِ أَبِي بَكْرِ
وَظَبْيٌ طَرَّ عَارِضَهُ وَأَعْفَى
وَظَبْيٌ طَرَّ عَارِضَهُ وَأَعْفَى / عِذَاراً بَعْدُ يَزْهُو بِاخْضِرَارِ
رَأَى سَقَماً بِمُقْلَتِهِ فَوَافَى / بِآسٍ عَادَ لَكِنْ مِنْ عذَارِ
أَتَوْنِي بِنَمَّامٍ مِنَ الرَّوْضِ يَافِعٍ
أَتَوْنِي بِنَمَّامٍ مِنَ الرَّوْضِ يَافِعٍ / سَقَتْهُ الغَوَادِي كُلَّ أَسْجَمَ مِدْرَارِ
فَلاَ غَرْوَ أَنْ أَصْلَيْتُهُ نَارَ زَفْرَتِي / وَحُكْمٌ عَلَى النَّمَّامِ الالْقَاءُ فِي النَّارِ
هَذِهِ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ تَوَارَتْ
هَذِهِ الشَّمْسُ بِالْحِجَابِ تَوَارَتْ / بَعْدَ نُورٍ لَهَا وَرَحْبٍ وَبِشْرِ
وَأَتَى اللَّيْلُ بِالنَّسِيمِ عَلِيلاً / فَهْوَ يَمْشِي مِنْ أُفْقِهِ لاِبْنِ زُهْرِ
وَلَقَدْ أَقُولُ وَعَنْبَرٌ ذَاكَ الْفَتَى
وَلَقَدْ أَقُولُ وَعَنْبَرٌ ذَاكَ الْفَتَى / يَلْقَى الفَوَارِسَ فِي الْعَجَاجِ الأَكْوَرِ
يَا عَاثِرِينَ لَدَى الجِلاَدِ لَعاً فَقَدْ / بَسَقَتْ لَكُمْ رِيحُ الجِلاَدِ بِعَنْبَرِ
لَهُ شَفَةٌ أَضَاعُوا النَّشْرَ فِيهَا
لَهُ شَفَةٌ أَضَاعُوا النَّشْرَ فِيهَا / بِلَثْمِ حِينَ سَدَّتْ ثَغْرَ بَدْرِ
فَمَا أَشْهَى لِقَلْبِي مَا أَضَاعُوا / لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسَدَادِ ثَغْرِ
هُنَّ البُدُورُ تَغَيَّرَتْ لَمَّا رَأَتْ
هُنَّ البُدُورُ تَغَيَّرَتْ لَمَّا رَأَتْ / شَعَرَاتِ رَأْسِي آذَنَتْ بِتَغَيُّرِ
رَاحَتْ تُحِبُّ دُجَى شَبَابٍ مُظْلِمٍ / وَغَدَتْ تَعَافُ ضُحَى مَشِيبٍ نَيِّرِ
يَاخَيْرَ مَلْكٍ بِهِ الدُّنْيَا قَدِ ابْتَهَجَتْ
يَاخَيْرَ مَلْكٍ بِهِ الدُّنْيَا قَدِ ابْتَهَجَتْ / وَخَيْرَ مُعْتَضِدٍ فِيهَا وَمُنْتَصِرِ
قَدْ حَنَّتِ السُّحْبُ مِنْ شَوْقٍ إِلَيْكَ وَلَمْ / تَشْعُرْ بِذَلِكَ إِذْ جَاءَتْ عَلَى قَدَرِ
وَاسْتَشْعَرَتْ أَنَّنَا لَمْ نَدْرِ مَا قَصَدَتْ / فَأَرْسَلَتْ سَيْلَهَا يَسْعَى عَلَى الأَثَرِ
فَقَبَّلَ الأَرْضَ إِعْظَاماً وَأَوْسَعَهَا / لَثْماً وَلَمْ يَطْوِ مِنْ كَشْحٍ عَلَى ضَرَرِ
سَرِيرَةٌ ظَلَّ يُبْدِيهَا وَيُظْهِرُهَا / مِنَ الْمَحَبَّةِ حَتَّى جَاءَ بِالْعِبَرِ
فَاعْجَبْ لِمَاءٍ غَدَا يُخْفِي سَرَائِرَهُ / مَعَ الصَّفَاءِ ويُبْدِيهَا مَعَ الْكَدَرِ
لاَ زِلْتَ فِي العِزِّ وَالسَّعْدِ الْمُجَدَّدِ مَا / وَافَى الحَجِيجُ لِقَصْدِ الحِجْرِ وَالْحَجَرِ
وَالطَّاعِنَاتُ قُدُودُهُنَّ بَنِى الْوَغَى
وَالطَّاعِنَاتُ قُدُودُهُنَّ بَنِى الْوَغَى / بَيْنَ الصَّوَارِمِ وَالْقَنَا الْخَطَّارِ
فَكَأَنَّمَا الأَجْفَانُ أَجْفَانُ الظُّبَا / وَكَأَنَّمَا الأَشْفَارُ حَدُّ شِفَارِ
يَا ثَالِثَ الْقَمَرَيْنِ أَنْتَ الْمُعْجِزُ
يَا ثَالِثَ الْقَمَرَيْنِ أَنْتَ الْمُعْجِزُ / حُسْناً وَأَنْتَ لِذَا وَذَاكَ مُعَزَّزُ
لِلَّهِ طَيْفُكَ إِذْ أَلَمَّ وَلِلدُّجَى / بُرْدٌ بِإِيمَاضِ البُرُوقِ مَطَرَّزُ
وَالشُّهْبُ تَجْنَحُ لِلْغُرُوبِ كَأَنَّهَا / أَسْرَارُ حُبٍّ خَوْفَ وَاشٍ تَرْمُزُ
حَتَّى بَدَا الصُّبْحُ الْمُنِيرُ كَرَايَةٍ / بَيْضَاءَ فِي هَضَبَاتِ نَجْدٍ تَرْكُزُ
وَذَكَتْ كَعَرْفِكَ رَوْضَةٌ أَزْهَارُهَا / عَنْ زُهْرِ شُهْبِ الأُفْقِ لا تَتَمَيَّزُ
وَالْقُضْبُ كَالأَلِفَاتِ سَاجِعُ وُرْقِهَا / مِنْ فَوْقِهَا هَمَزَاتُهَا إِذْ تَبْرُزُ
وَالْوَرْدُ فِيهَا أَوْجُهٌ مُحْمَرَّةٌ / خَجَلاً وَنَرْجِسُهَا عُيُونٌ تَغْمِزُ
وَبِأَيْمُنِ الأثَلاَتِ رَبْعٌ مَاحِلٌ / نِسْيَانُهُ وَالصَّبْرُ كُلٌّ مُعْوِزُ
رَبْعٌ عَفَتْهُ الرِّيحُ إِلاَّ جُثَّماً / نَارُ الأَسَى لِجَنَابِهَا تَتَحَيَّزُ
عَهْدِي بِهِ وَالْعَيْشُ صَفْوٌ وَالصَّبَا / أَنْفٌ وَمَوْعِدُ كُلِّ أُنْسٍ مُنْجَزُ
وَيُزَهِّنِي ذَاكَ التَذَلُّلُ فِي الْهَوَى / فَتَذَلُّلِي فِي العَاشِقِينَ تَعزُّزُ
وَلَقَدْ نَظَرْتُ إِلَى السُّيُوفِ لَوَاحِظٌ / أَبَداً تَكُرُّ عَلَى النُّفُوسِ وَتُجْمِزُ
وَرِمَاحُ أَعْطَافٍ تَهِزُّ بِمَأْزِقٍ / أَهْلَ الْهَوَى أَبْطَالُهُ لاَ تُحْجَزُ
وَكَأَنَّمَا بِيضُ الْقِبَابِ كَمَائِمٌ / وَالْغِيدُ أَزْهَارٌ تُصَانُ وَتُحْرَزُ
وَكَأَنَّمَا عُوجُ الْمَطِيِّ أَهِلَّةٌ / فِي لَيْلِ نَقْعٍ بِالْبُرُوقِ تَحَفَّزُ
وَكَأَنَّمَا الْعُشَّاقُ خَلْفَ حُدَاتِهَا / وَرْقٌ لَهُنَّ بِشَجْوِهِنَّ تَمَيُّزُ
وَعَلَى غَيَارَى الْحَيِّ إِنْ هَزُّوا الْقَنَا / بَشَرَى بِلَبَّاتِ الْفَوَارِسُ تُغْرَزُ
وَتَخَيَّلُوا لَيْلَى هَيَ الْبَدْرُ الَّذِي / يُنْمَى إِلَيْهِ تَبَرُّجٌ وَتَبَرُّزُ
مَيَّاسُ قَدٍّ جَالَ بَيْنَ بُرُودِهَا / خُوطٌ لَعَمْرِي لَيْسَ فِيهِ مَغْمَزُ
لَمْ أَدرِ هَلْ مِنْ ثَغْرِهَا أَمْ أَدْمُعِي / عِقْدٌ يَلُوحُ بِجِيدِهَا إِذْ تَبْرُزُ
وَلَقَدْ تَفُضُّ حَدِيثَهَا عَنْ جَوْهَرٍ / يَصْبُو إِلَيْه الجَوْهَرُ الْمُتَحَيِّزُ
لَكِنْ مَدِيحُ مُحَمَّدٍ مَلِكُ الْوَرَى / أَشْهَي لِقَلْبِي أَطْنَبُوا أَوْ أَوْجَزُوا
مَوْلاَيَ مُعْطىً مُلْك رَبِّي فَسَيِّدِي / بَلْ قَدْرُهُ أَعْلَى وَوَصْفِيَ مُعْجزُ
مَلِكُ الْمُلُوكِ وَمُحرِزُ الْمَجْد الَّذِي / قَدْ جَلَّ مِقْدَاراً وَجَلَّ الْمُحْرِزُ
خَيْرُ السَّلاَطِينِ الْكِرَامِ مُمَدَّحٌ / أَثْنَى عَلَيْهِ مُقَصِّدٌ وَمُرَجِّزُ
وَإِمَامُ كُلِّ إِمَامِ هَدْيٍ لَمْ يَكُنْ / لَوْلاَ تَعَزُّزُ قَدْرِهِ يَتَعَزَّزُ
أَمَا المَعَالِي فَهْيَ غَيْرُ نَوَاشِزٍ / عَنْهُ وَيَطْلُبُهَا سِوَاهُ فَتَنْشَزُ
وَالْعِلْمُ أَجْمَعُ فِي يَدَيْهِ مَلاَكُهُ / وَإِذَا يُدَارُ فَمَا سِوَاهُ الْمَرْكَزُ
ذُو الْجِدِّ إِنْ تَنْبُو السُّيُوفُ فَسَيْفُهُ / مَاضٍ عَلَى كُلِّ العُدَاةِ مُفَوّزُ
ذُو السَّعْدِ قَامَ مَقَامَ كُلِّ كَتِيبَةٍ / مِلْء الأَبَاطِحِ لِلْحُرُوبِ تَجَهَّزُ
أَمْدَاحُهُ الْحُسْنَى تُوَشِّي دَائِماً / بِيضَ السُّيُوفِ كَمَا انْتَقَتْ وَتُطَرِّزُ
مَسَكَ الْمُهَنَّدَ وَالْيَرَاعَ فَقِرْنُهُ / مِنْ ذَا وَذَاكَ لَهُ اسْتَمَرَّ تَحَرّزُ
وَحَمَى الْبِلاَدَ وَزَادَ أَمْناً أَهْلَهَا / فَدَنَا الْبَعِيدُ وَوُطِّنَ الْمُسْتَوْفِزُ
بَادِي السَّمَاحَةِ فَاضِلٌ مُتَفضِّلٌ / فِيهِ وَإِلاَّ فِي الْمَدِيحِ تَحَوُّزُ
مِنْ أُسْرَةٍ غُرِّ الْوُجُوهِ خَلاَئِفٍ / تَتَضَاءَلُ الشُّهْبُ العُلاَ إِنْ يَعْتَزُوا
مِنْ آلِ قَحْطَانَ الَّذِين هُمُ هُمُ / وَالْخَيْلُ تَعْجَلُ لِلنِّزَالِ وَتَحْفِزُ
أَزْوَالُ أَيَّامِ الْحُرُوبِ شِعَارُهُمْ / طَعْنٌ عَلَى الْقُدُمِ الْفَوَارِسِ مُجْهِزُ
ألْقَوْمُ كُلٌّ مِنْهُمُ مُتَسَابِقٌ / فِي حَلْبَةِ الْمَجدِ الأَثِيلِ مُبَرِّزُ
وَهُمُ الَّذِينَ تَوَارَثُوا الشَّرَفَ الَّذِي / يُغْنِي مَآثِرَهُ الزَّمَانُ وَيَكْنِزُ
وَمُحَمَّدٌ فِيهِمْ أَجَلُّ خَلِيفَةٍ / وَأَغرُّ نَدْبٍ بَذْلُهُ لاَ يُعْوِزُ
أَسْدَيْتَهَا نِعَماً زَكَتْ وَمَوَاهِباً / بِالْفَقْرِ مَنْ خَلُصَتْ لَهُ لاَ يُنْبَزُ
فَلَدَيَّ أَرْحَبُ حَيِّزٍ لِوُفُودِهَا / أَبَداً وَلِلْحَمْدِ الْمُواصَلِ حَيِّزُ
وَوَعَدْتَنِي وَعْداً فَمِثْلِي يَرْتَجِي / إِنْجَازَهُ كَرَماً وَمِثْلُكَ يُنْجِزُ
أَجِزْنِي بَوَصْلٍ عَلَى مِدْحَتِي
أَجِزْنِي بَوَصْلٍ عَلَى مِدْحَتِي / فَلِي فِيكَ مَدْحٌ يُدَوِّي عَزِيزَا
وَإِنْ كُنْتَ لِي فِي الْوَرَى مَالِكاً / فَمَا مَالِكٌ مِثْلُهَا لَنْ يُجِيزَا