المجموع : 54
إني بحبك كم عذول لامني
إني بحبك كم عذول لامني / كم مرّة بالنوم طيفك زارني
شرك الجمال لقيته فاصطادني / يا جارة الوادي طربت وعادني
ما يشبه الأحلام من ذكراك /
إياك والهجران فاتنة الورى / أخشى من الهجران ألتحف الثرى
قسما بربّ البيت مثلك لن أرى / مثّلت بالذكرى هواك وفي الكرى
والذكريات صدى السنين الحاكي /
أخت الفزالة هل أراك بخلوة / يوما من الأيام هل من زورة
إن كنت عاقبت المحبّ بجفوة / فلقد مررت على الرياض بربوةٍ
غنّاء كنت حيالها ألقاك /
تاللَهِ ما أحلى اللقا بعد النوى / قبل اللقاء تحطّمت منّي القوى
لما انتهى أمد الفراق وما حوى / لم أدر ما طيب العناق على الهوى
حتى ترفّق ساعدي فطواك /
نظرت إليّ فقلت رحماك اغمدي / هذا المهنّد لست جار معتدي
أنسيت يوم جعلت خدّك مسجدي / وتأوّدت أعطاف بانك في يدي
يا ظيبة الوادي وناهبة الحجى / أنسيت يوم بعثت في قلبي الرجا
أنسيت يوم أتيت في غسق سجا / ودخلت في ليلين فرعك والدجى
ولثمت كالصبح المنوّر فاك /
داعبتها فاستضحكت وتمايلت / وضممتها فترنّحت وتباعدت
أفتذكرين إذ الصدور تقاربت / وتعطّلت لغة الكلام وخاطبت
عينيّ في لغة الهوى عيناك /
قسما بحسنك وهو حسن مفرد / قسما بشعرك وهو فاحم أسود
قسما بخدّك بالحيا متورّد / لا أمس من عمر الزمان ولا غد
جمع الزمان فكان يوم لقاك /
لي طرفٌ لم يدر ما الإغفاء
لي طرفٌ لم يدر ما الإغفاء / وفؤاد عاثت به الأدواء
يوم ولّت يقودها الرقباء / خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغُرُّهُنّ الثناء /
صحت لما حان الفراق وحمّا / ويك بالحب أشبعيني ضمّا
أنكرتني وأوسعتني ذمّا / أتُراها تناست اسميَ لما
كثرت في غرامها الأسماء /
يا ترى هل فؤادها يتألّم / بعدما حيل بينها والمتيّم
فاسألوها لأيّ شيء لأعلم / إن تراني تصدّ عنّي كان لم
تك بيني وبينها أشياء /
يوم جاءت فقلت جنّ الظلام / لا تخافي إنّ الوشاة نيام
فرنت ثمّ أقبلت والغرام / نظرةٌ فابتسامة فسلام
فكلام فموعد فلقاء /
منحتني من ثغرها الحلو منّا / وهبتني ولم تزل تنثني
قبلةً وهي كل ما أتمنّى / يوم كنا ولا تسل كيف كنّا
نتساقى من الهوى ما نشاء /
يوم قالت العيش ليس يطيب / يا حبيبي لمن جفاه الحبيب
فخذ العهد فالصباح قريب / وعلينا من العفاف رقيب
تعبت في مراسه الأهواء /
يوم قمنا وأدبرت فتعالت / من فؤادي التنهدات وآلت
ثم لما اطمأنّ قلبي ومالت / جاذبتني ثوب العصي وقالت
أنتم الناس أيها الشعراء /
فبخمر الجمال أنتم سكارى / لا تزالون ليلكم والنهارا
واتخذتم حب الغواني شعارا / فاتقوا اللَه في قلوب العذارى
فالعذارى قلوبهنّ هواء /
إغتال قلبي يا له من جائر
إغتال قلبي يا له من جائر / وأراني دمه في ناظري
وعجيب كل ذا من هاجري / وإذا مثّلته في خاطري
صفّق القلب إليه وهفا /
أخبروا من صدّ عنّي وغوى / لست اسلوه وإن طال النوى
رغم ما قاسيت من جور الجوى / أنا سهران على عهد الهوى
لم أنم وهو بعهدي ما وفا /
لست بالسالي ولا بالصابر / فحبيبي لم يزل في خاطري
آه ما قولكم بالنافر / أنا لو ناديته يا هاجري
هذه روحي فخذها ما احتفى /
من لصبّ بات منهوك القوى / داؤه استعصى وأضناه الجوى
هكذا يعمل بالصبّ النوى / فصفا لي يا خليليّ الدوا
وأرى الحيلة أن لا تصفا /
بحقوق الحبّ يدري مجحف / وبتعذيبي حبيبي مسرف
لم أزل والوجد روحي متلف / مستهام في هواه مدنف
أترضّى مستهاما مدنفا /
هل يقاسي ما أقاسي أحد / فعسى الآمال يحييها غد
ويفي بالوعد ظبي مفرد / صح لي في السر منه موعد
ثمّ ما صدّقت حتى أخلفا /
طاف السقاة بها ما كان أشهاها
طاف السقاة بها ما كان أشهاها / فيا ندامى أراح أم حمياها
فقد تضوّع في الكاسات ريّاها / سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها /
هيهات أنسى وما ليلى بناسيةٍ / سويعة جمعتنا فوق رابية
حتى إذا سمعت ترجيع شادية / باتت على الروض تسقيني بصافية
لا للسلاف ولا للورد رياها /
وكاشفتني ولم تملك عواطفها / بحبها فنفت نفسي مخاوفها
والكأس من غلة لم تغن راشفها / ما ضرّ لو جعلت كأسي مراشفها
ولو سقَتني بصاف من حميّاها /
فيا للوعة قلبي من تبرّمها / ويا لحرقة روحي من تجنّبها
فهل لها مأرب من لي بمأربها / هيفاء كالبان يلتفّ النسيم بها
ويلفت الطير تحت الوشي عطفاها /
تغزو القلوب ولا خوف ولا ندم / وكم هناك جرى دمع وسال دم
حوراء عذراء ما زلّت بها قدم / حديثها السحر إلا أنّه نغم
جرت على فم داود فغنّاها /
وذات طوق شكت والقلب طارحها / وقطّعت كبدي اللَه سامحها
يا ليل قل لي فصعب أن أفاتحها / حمامة الأيك من بالشجو طارحها
ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها /
بكت لها اللَه واستبكت وما كتمت / ووقدةُ الوجد في أعماقها اضطرمت
واستعرضت صور الماضي ومذ وجمت / مدّت إلى الليل جيدا نافرا ورمت
إليه أذنا فحارت فيه عيناها /
يا ليل رفقا بها رفقا فما نكثت / عهدا لأحبابها كلا ولا حنثت
فكم بجنحك عن أحلامها بحثت / وعادها الشوق للأحباب فانبعثت
تبكي وتهتف أحيانا بشكواها /
يا ساقي الراح أحشائي قد التهبت / يا ضارب العود أفكاري قد اضطربت
إني لفي مأتم والساعة اقتربت / يا زهرة الأيك أيّام الهوى ذهبت
كالحلم واها لأيّام الهوى واها /
يا جارة الوادي طربت وعادني
يا جارة الوادي طربت وعادني / ما زادني شوقا إلى مرآك
فقطعت ليلي غارقا نشوان في / ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثّلت في الذكرى هواك وفي الكرى / لمّا سموت به وصنتُ هواك
ولكم على الذكرى لقلبي عبرةٌ / والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة / كم راقصت فيها رؤاي رؤاك
خضراء قد سبت الربيع بدلّها / غنّاء كنت حيالها ألقاك
لم أدر ما طيب العناق على الهوى / والروض أسكرهُ الصبا بشذاك
لم أدر والأشواق تصرخ في دمي / حتّى ترفّق ساعدي فطواك
وتأوّدت أعطاف بانك في يدي / سكرى وداعب أضلعي فطواك
أين الشقائق منك حين تمايلا / وأحمرّ من خفريهما خدّاك
ودخلت في ليلين فرعك والدجى / والسكر أغراني بما أغراك
فطغى الهوى وتناهبتك عواطفي / ولثمت كالصبح المنوّر فاك
وتعطّلت لغة الكلام وخاطبت / قلبي بأحلى قبلة شفتاك
وبلغت بعض مآربي إذ حدّثت / عينيّ في لغة الهوى عيناك
لا أمس من عمر الزمان ولا غد / بنواك آه من النوى رحماك
سمراء يا سؤلي وفرحة خاطري / جمع الزمان فكان يوم لقاك
لا الأنس أنس ولا الأفراح أفراح
لا الأنس أنس ولا الأفراح أفراح / كلا ولا الراح راح بعدما انزاحوا
مضوا وما بحت عن سرّ الهوى لهم / وما أبانوا لي الشكوى وما باحوا
يا صاح لا كفكفت كفّاي بعدهم / دمعي على أن دمع العين فضّاح
منحتهم كل ما شاء الغرام ولا / غرابة فصريع الكأس منّاح
يا قوم نفسي سالت لوعة وأسى / هلا عذرتم أهيل العشق إذ ناحوا
باللَه معذرة فالدهر جرّعني / صاب القنوط ومن يسقاه نوّاح
شقيت بالحبّ لا عاش السعيد به / إنّ الشقا بالهوى للغيب مفتاح
يا صاح لست بمرتاح فاشربها / صرفا وأشدوا متى يا صاح أرتاح
كل الأخلاء في لهو وفي طرب / وحسبهم منك عيدان وأقداح
وحسب قلبي آلامٌ مبرّحة / خرس وللوجد زند فيه قدّاح
لي من دموعي صهباءٌ أبلّ بها / غليل قلبي ودمعي المنهمي راح
يا خلّ والروح بالآفاق هائمة / ترجو العزاء وكم في الجوّ أرواح
سل الأصائل والأسمار ملتمسا / عسى تجيبك أمساء وأصباح
كم أغمض الجفنُ والأحلامُ شاردة / عنه وتدنو خيالات وأشباح
أوّاه لا بهجة الأيام في نظري / حسن وليس بها زهو وأفراح
كفّوا الملام فآمالي محطّمة / شيّعتها بالبُكا فالطرف سحّاحُ
وهكذا الحبّ شوقٌ ملحفٌ وأسى / مضنٍ ودمع وهمٌّ فيه ملحاح
جدّ الهوى بعدما شطّ المزارٌ وقد / ظننتُ من قبل إنّ الحبَّ مزّاح
يا روضة الوصل لا الأطيار ساجعة / ولا عبيرك بالأجواء فوّاح
ولا النديم طروب بعدما سكتت / ولا السمير رعاك اللَه ممراح
ولا ابنة الكرم بالكاسات ضاحكة / كلا ولا العود بالأسحار صدّاح
فهل يطيل ربيع الوصل غيبته / أم لا فتحتضن العشّاقَ أرواح
إغفاءةٌ الدهر لو طالت لما عبثت / بنا الصروف وصرف الدهر يجتاح
يا مرتع الروح يا ملهى طفولتنا / إني إليك وربّ البيت جنّاح
وكيف لا يا ملاذ العاشقين ولي / قلبٌ لأفقك خفّاقٌ وسبّاح
متى على رملك الفضيّ تجمعنا / على المحبّة والإخلاص أفراح
مع إخوةٍ في ضفاف النهر قد نزلوا / فمن لروحي وقلبي بعدما راحوا
يا من شغفتُ به لا حسن صورته / أغرت فؤادي فإنّ الحسن ينزاح
رحماك طال السرى والليل معتكر / فاسفر فوجهك وضّاح ولمّاح
حام الفؤاد كما حام الفراش ولم / يزل وطلعتك الغراء مصباح
مولاي زورق حبّي كيف تغرقه / فأنت ربّانهُ والقلب ملّاحُ
من لروحي فلا الرحيق رحيق
من لروحي فلا الرحيق رحيق / ولقلبي فلا الرفيق رفيق
يا ملاكي أوّاهُ أغربةُ البين / تعالى نعيبها والنعيق
يا عروس الخيال والصيف ولّى / تاركا في النفوس ما لا تطيق
شجنٌ صادح وشوق ملح / وجراح لم تندمل وحروق
آه شف الحنين روحي واضنى ال / وجد قلبي وأنه لخليق
يا منى القلب قد خلا شاطىء الرم / ل فلا عاشق ولا معشوق
ورياح الخريف تعصف في الأف / قِ تباعا ورعدهُ والبروقُ
بعدما كان يا شقيقة روحي / ملؤه الشدر إذ يدار الرحيق
لا الأخلّاءُ يا فتاتي فريقا / ن فريق يحسو ويلهو فريق
لا ولا العود في سكون الدجى يش / دو فيعلو الهتاف والتصفيق
لا ولا أكؤسُ الطلا مترعات / حفّها في دجى الظلام بريق
آه ما أعظم المصاب تعالَي / شاركيني الأسى فحزني عميق
يا فتاتي عرائس الوحي والإل / هام غابت متى يكون الشروق
كسر العود والندامى مع السمّ / ار راحوا وحطّم الإبريق
جفّ كأسي فلا الصبوح صبوح / بعد صحبي ولا الغبوق غبوق
فتعالي إلى الشوطيء وهنا / طارحيه الغرام فهو مشوق
ولنرق دمعنا على رمله الص / ادي ونشكو الهوى ولم لا نريق
شبّ واحسرتاه بين ضلوعي / منذُ أن غبت يا منايَ حريق
مزّق النفس من لظاه زفير / يلهبُ القلب حرّهُ وشهيق
يا غذاء الفؤاد يا فرحة النف / س تعالَي فإنّ عهدي وثيق
بأبى ثغرك الجميل فللقلب / رفيق حياله وخفوق
ومحيّاك يا فتاتي وفيه / أقحوانٌ ونرجس وشقيق
مبسم مشرق ووجه طليق / وخصال غرّ وطبع رقيق
وجبين زاه وخدّ اسيل / وعيون نشوى وقد رشيق
يا فتاتي سكرت من غير خمر / فمتى يا حياة روحي أفيق
يا فتاتي إنّي لديك رقيق / ومن الظلم أن يهان الرقيق
يا فتاتي إني ضللت وضاع ال / قلب منّي فأين أين الطريق
يا فتاتي إنّي غرقت فهل من / منقذ كم وكم ينادي الغريق
يا فتاتي إنّي أُسرت وكم ه / بّ لعذلي واحسرتاه طليق
يا فتاتي إنّي مسوق حناني / ك إذا ما أتى إليك المسوق
يا فتاتي رحماك إنّي شقيّ / فاسعديني وإنّني لحقيق
يا فتاتي حمّلتني فوق ما أس / طيع رحماك إنّني لا أطيق
لا حبيبٌ أشكو إليه فيرثي / لشكاتي ولا صديق صدوق
لا ولا والد يرقّ ولا أمّ / فتحنو ولا شقيق شفوق
قد سقاني الغرام سمّا زعافا / لك ما ذقته وما سأذوق
يا عروس الإلهام يا مصدر الوح / ي هلُمّي فإنّ عهدي وثيق
أنا حلّقت ثمّ قصّ جناحي / يا ملاكي دهرٌ ظلومٌ عقوق
فأريشيه كي أحلّق في ج / وّ الأماني ما راقني التحليق
أي وعينيك فاض كأس غرامي
أي وعينيك فاض كأس غرامي / يا حبيبي وما بلغت مرامي
يا حبيبي تلك الدعايات لم ترو / وربّي صدى فؤادي الظامي
يا أسيل الخدّين باللَه هب لي / قبلةٌ من لماك واشف أوامي
بحقوق الحبّ المبرّح إرحم / وتصدّق بها على المستهام
يا حبيبي رحماك أنهكني الصحو / وفي ثغرك الجميل مدامي
أمن العدل أن تجرّعني الصاب / دهاقاً جاما على إثر جام
وأقاسي من الضنا والسقام / ما أقاسي وأنت تلهو أمامي
يا حبيبي وللفؤاد طوافٌ / فارعه حول ثغرك البسّام
يا حبيبي إليك فوّضت أمري / رغم أنف الوشاة واللوام
هاك قلبي وهاك عقلي وروحي / يا ملاكي وخذ إليك زماني
أنت ألهمتني القريض فأنصت / لنشيدي يا مصدر الإلهام
واصغ يا منيتي ومشعل روحي / بسكون الدجى إلى أنغامي
ساهراً حول شاطىء الرمل وحدي / نادبا شاكيا بجنح الظلام
وأنادي والقلب ذاب وجفّ ال / كاسُ أين الطلا وأين غلامي
وإذا ما بدا الصباح وبُحّ / الصوت منّي وسال جرحي الدامي
أدبر الليل حاملاً زفراتي / وأنيني وتاركا آلامي
يا حبيبي إليك وجّهت وجهي / أي وعينيك طيلة الأعوام
كيف لا والجمال فيك تجلّى / وبه قد عبدت ربّ الأنام
لك ثغر يفترّ عن بسمات / ضوؤها أيقظ الشعور السامي
بسمات ما افترّ مبسمك الور / ديّ عنها إلّا وطاطأت هامي
تتجلّى بها البراءة والطهر / وهذا وتلك سرّ غرامي
وحديث كم هزّ أوتار روحي / ودلال ألذّ من أحلامي
وطباع أرقّ من بسمة الفجر / وصوتٌ يزري بشدو الحمام
ومحيّا ملائكيّ جميل / في فضا الروح لاح بدر تمام
وبروحي روح أخفّ وأتقى / من رحيق الصباح بالأكمام
وقوام أين الأماليد منه / بالتثنّي أجمل به من قوام
يا حبيب الفؤاد زدني غراما / بخضوعي لديك واسترحامي
أنت تدري بأنّني بك صبٌّ / لست أعمى يا أيّها المتسامي
أصدر الحكم إنّ حكمك عدل / أنا راضٍ لو جرت بالأحكام
يا حبيبي حتّام أكتم حبّي / أي وعينيك فاض كأس غرامي
حسب الغواني أنهنّه
حسب الغواني أنهنّه / حطّمن قلبي حسبهنّه
وبدا نحوس في الهوى / لمّا تألّق سعدُهُنّه
فملكن إحساسي عليّ / فطاف قلبي حولهنّه
صديان لا يشفي صدا / ه سوى اللمى يا ليلتهُنّه
قل للمريضات الجفو / ن رويدكنّ رويدكُنّه
اللَهَ في مهج برا / ها يا عذارى حبُّكُنّه
اللَهُ أعطاكنّ فالدن / يا وزينتُها لكنّه
رفقاً بأفئدة الشبا / بِ فقد شجاها صدّكنّه
حامت كما حام الفرا / شُ على شقيق خدودكُنّه
لمّا تبدى سربها / نّ اصطاد قلبي سربُهُنّه
لم أدر وا لهفي على / ليلايَ هل هيَ بينُهنّه
فنسيت ربّي كيف لا / وسجدت إجلالاً لهنّه
والشاطىءُ الرملي ص / فّق هاتفا فرحا بهنّه
والموج داعب حينَما / عانقنَهُ أردافهنّه
يا ليتَهُنّ عرفنني / يا صاح إذ غازَلتُهنّه
ما خطبهنّ نفرن من / ي حينما كاشفتُهُنّه
أو ما علمنَ بأنّ لي / قلباً يقدّس طهرهنّه
ليس عيداً بل مأتم يا صحابي
ليس عيداً بل مأتم يا صحابي / فاملأوا الكأس إن أردتم عذابي
إشربوا الراح يا ندامى هنيئا / ودعوني أحسو مرير الصاب
إنّ شدوا الأوتار يشجي فؤادي / وتثير الأسى كؤوس الشراب
يا رفاق الصبا دعوني فلا يجدي / فتيلاً لومي كفانيَ ما بي
أنا روح تنوح طورا على الأر / ضِ وطوراً على متونِ السحاب
أنا في هذه الحياة غريبٌ / بائس تائه وراء الضباب
أنا في الحبّ يا رفاقي شقيّ / وسعيدٌ وا فرحتي واكتئابي
أنا صديان يا لتعس نصيبي / أنا سهران يا لطول انتحابي
أنا ولهان من لقلبي وروحي / أنا حيران يا أولي الألباب
أنا سكران ما شربت مداما / فاسألوني وأنصتوا لجوابي
يا رفاقي لا تحفروا لي إذا ما / متّ شوقا قبراً بقفر يباب
احفروا لي قبرا على شاطىء البحر / لعلّ الأمواج تبكي شبابي
وادفنوني بين الصخور عسى يه / دأ روعي وثورتي واضطرابي
يا صخور الشاطي بربّك إن مرّ / على مرقدي هنا أحبابي
خبّريهم عمّا لقيت من الهمّ / وشتّى الآلامِ والأوصاب
ساءَهم أن أعيش صبّا أناغيهم / بأشعاري الرقاق العذاب
وأنا شاعر خلقتُ لأشدو / لا لأتلو القرآن في المحراب
فهل الحبّ والتغزّل ذنبٌ / آه واضيعة المنى والرغاب
فلأمت في سبيلهم ناعم البا / ل لعلّي أرتاح تحت التراب
يا ليالي الصيف الجميلة قد عد / ت فأين الصبا وأين التصابي
أين بنت الكروم أين حبيبي / أين كأسي بل أين منّي صحابي
كم تعلّلت بالأماني وهل يش / في غليل الظمآن لمع السراب
سائلي الرملَ والصخور وموج الب / حر عنّي يا منية الأتراب
أنا حطّمت رغم أنفي يراعي / يا لحزني وقد طويت كتابي
ثمّ كسّرتُ بعد ذلك إبري / قي وعودي ولم أدع أكوابي
يا صحابي ويلاه استأسد الثعلب / واستنعجت أسود الغاب
والهزير الهصور أصبح كبشا / خاضعا رغم أنفه للكلاب
وقضى نحبه هزاري لمّا / أصبح الروق مسرحا للغراب
وجناح الحياة منّي مهيض / وجوادي في حلبة السبق كابي
يا صحابي والدهر قد رفع العبدَ / وسام الأحرار سوءَ العذاب
بعدما طارد الرؤوسَ وأقصا / هُم وغصّ الميدانُ بالأذناب
ذكرى أثارت غافيَ الأحزان
ذكرى أثارت غافيَ الأحزان / أشجاك يوم العيد ما أشجاني
شجنٌ ممضّ صارخٌ وكآبةٌ / خرساء يا للبؤس والحرمان
يا للتعاسة لا حبيب أرتجي / منه الوصال ولا أخ واساني
صدعت صباح العيد كأسي زفرةٌ / أطلقتها من قلبيَ الحرّانِ
حتى إذا سال الصبوحُ وددت لو / أنّي اغتبقت بدمعيَ الهتّان
وكذلك استبدلتهُ وظننتُ أن / الخمرَ تطفىءُ غلّة الصديان
فشربتها صرفاً ولم أسكر ولم / أطرب وزاد الحون كأسي الثاني
أنا لا أغنّي أيّها الساقي ومع / ذرة إذا ما نحت يا أقراني
كلّ امرىءٍ منكم يضاحكُ كأسهُ / طرباً وكاسي ويحهُ استبكاني
وشربتمُ وطربتمُ ما كان أس / عدكُم بأكؤُسِكم وما أشقاني
كفوا الملام فلست أوّل بائس / يستبدل الأفراح بالأحزان
إلحاحُكم يدمي فؤادي فاقبلوا / عذري ويؤلم عتبكم وجداني
لا أشكرَنّ مهنّئي بالعيد بل / شكري الجزيل لمن به عزّاني
واللَهِ لا نفسي به هنّأتُها / كلّا ولا أهلي ولا إخواني
إلّاكَ يا بدري فهاك تهانئي / بالعيد من أعماق قلبي العاني
يا من حفظت عهودهُ واضاع عه / دي واستجبت نداءهُ وعصاني
ومنحتهُ حبّي فأدبر ساخراً / منّي وأشمت حاسدي وجفاني
أو ما علمت بأنّ هجرك سامني / سوء العذاب وشفّني وبراني
وأنا فديتكَ شاعرٌ حسبي من الدّ / نيا وما فيها فتىً يرعاني
أسقيه آونةً ويسقيني وإن / ناغيتهُ بقصائدي ناغاني
ويبُثّني شكواه حين أبثّهُ / شكوايَ والكأسان يستمعان
فإذا شربناها على همس الصبا / هتف السرور وصفّق القلبان
يا زينةَ الدنيا ويا دنيا المنى / والشعر والأحلام والألحان
العيد عيدي يوم تسقيني واس / قيك المدام وأنت في أحضاني
ألعيد عيدي يوم أقطف من خدو / دك يا منايَ شقائق النعمان
ألعيد يوم الهمس والنجوى إلى / أن يصبح التعبير بالخفقان
ألعيد يوم ننام ملء جفوننا / متعانقين كأنّنا طفلان
ألعيد يوم يصفّقُ القلبان من / فرح اللقاء وتهتف الروحان
ألعيد يوم أمتّع الطرف الذي / أسهدتهُ بجمالكَ الفتّان
لا الروض روضٌ ولا الصهباء صهباء
لا الروض روضٌ ولا الصهباء صهباء / ولا الندامى ميامينٌ أحبّاءُ
شطّ المزارُ فلا طيفٌ ولا أملٌ / أينَ الأخلّاء لا عاش الأخلّاء
حوّاءُ أوّاه من داء تأصّل في / قلبي فعزّ الدوا واستفحل الداءُ
ومن لواعج شوق قطّعت كبدي / حتّى رثى لي أعداءٌ الداءُ
من للكئيب وقد شقّت مرارتهُ / من للحزينِ وقد مسّته ضرّاء
فلا الطعام مساغٌ حين يطعَمهُ / ولا يبلُّ صداه ويحهُ الماءُ
يعيشُ في هذه الدنيا بلا أملٍ / نصيبه نوبٌ منها وأرزاء
يا مشعل الروح كم قال العواذلُ لي / لا أنتِ ولا حوّاءُ حوّاء
هجرتِ والروح لا تنفكّ حائرةً / وجُرتِ والأذنِ عن شكوايَ صمّاء
وفي جحيمِ الجوى نفسٌ معذّبةٌ / وما لطَرفيَ مذ فارقت إغفاءُ
سلي الصبا أنّني أودَعتهُ نبا / وطالما هيّجتني منه أنباءُ
حوّاء تذكارُ ذاك العهد برّح بي / وما أنا يا حياة الروح نسّاءُ
هذا هو الكاس في كفّي سأشربها / فهيَ الدواء وقد كلّ الأطبّاء
فلستُ أوّل مشتاقٍ تجرّعها / ومغرمٍ أودعَتهُ القبر حسناء
وها هيَ الروح قرباناً أقدّمها / يا مذبح الحبّ لا عاش الأشحّاء
حالي كحالكَ أيّها الشحرور
حالي كحالكَ أيّها الشحرور / قستِ الحياة فكلُّنا مأسور
فالعسكر المفجوع ضاق بحبسه / وابن الرشيد بسجنه موتور
الأسد تؤسرُ والنعاج طليقةٌ / والصقر يهوي والغراب يطيرُ
أخي مطلقٌ والقلب مني مشبع
أخي مطلقٌ والقلب مني مشبع / بهم تنوء الراسيات بحمله
فعطفاً على فرد شقي بعيشه / فليس شقيا في الحياد كمثله
عهدتك ندباً كاملاً ذا مكارمٍ / فتى أريحي الكف يزهو بخلقه
فديتك اسعفني بعطفك إنني / أغار علي البؤس وحدي بجيشه
فديتك فاطلق اسر فهد فإنه / مقر بفضل منك يعنو بأسره
تريث إلى أن يأتي الفرج الذي / به دينكم تشتاق نفسي لدفعه