القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : كاظِم الأُزْري الكل
المجموع : 137
أعلمت ما أبدعت من أحدوثة
أعلمت ما أبدعت من أحدوثة / هي عقر كل جواد مجد أجود
وواحشتاه لظاعنين ترحلوا / بالطيبات وخلفوا اليوم الردى
إن كان يبلغهم سلامي فاقروا / عني السلام أهيل ذاك المعهد
فهناك من ريح السماح لواقح / تزجي سحائب مورقات الجلمد
يا آل عبد الله أن خطوبكم / سلبت من الأيام كل تجلد
إن غيبت شمس السعود فإنما / في البدر للثقلين أسعد مشهد
وإذا عشا نظر المكارم بعده / كنتم لتلك العين الأثمد
بشراكم بنزول فادحة أبت / لأبيكم إلا جوار محمد
أنّي أعزيكم بها لا والعلى / من ذا يعزّى بالنصيب الأسعد
لكم معاني المكرمات جميعها / والناس قائمة بمعنى مفرد
لو تهتدي الدنيا بغير هداكم / لم تحظ ناشدة السماح بمرشد
وأغنّ يفقدني ربيع شبيبتي
وأغنّ يفقدني ربيع شبيبتي / فأعيدها منه بشم ورود
وإذا أهالتك الرماح بفتكها / هانت عليك من الدمى بقدود
ريم الكناس لانت أعجب آية / تسبى الضراغم بالتفاتة جيد
هل حيلة تهدي إليك فاهتدي / ولو أن مسكنها شفار حديد
أو ساعة تطوي البعاد ونلتقي / فأفوز منك ولو بنيل وعيد
أهل العقيق من الخدود فدتكم / أهل الغضا من أضلع وكبود
لا تكثروا منّا عليّ بوصلكم / فلحاظكم لم تخل من تهديد
ذهبت بنا تلك العيون إلى اسى / مزج الوصال لنا بكاس صدود
إن كلفتني السقم سود محاجر / فلقد شفتني منه بيض خدود
إلى الحب أرشدني إذا كنت مرشدي
إلى الحب أرشدني إذا كنت مرشدي / فما أنا إلا للغرام بمهتد
ولا ترج سلواني فقد بعت لذتي / على يد من أهوى بهم منكد
فأصبحت بين الشمس من خد غادة / قتيلا وبين البدر من خد أغيد
وما أنس لا أنسى التي كم تعطفت / علي بتقبيل ورشف مردد
وضنت بوعد لا تطيق نجازه / وكم متلف في الدهر انجاز موعد
أقول لها يا ضرة الشمس هل لها / أجل مرادي من سبيل فأهتدي
مننت برشف ربما بل غلة / وصنت الذي أمسى نهاية مقصدي
حبيبة قلبي آه من لوعة النوى / وويلاه من بين على الصب معتد
فلا تنكري مني دما سال في الهوى / بحيث متى استشهدت خدك يشهد
خليلي إن أضمرتما لي مودة / فهذا محل الوامق المتودد
أتتني من الدنيا غوازي حوادث / ذوات يد تطوي النفوس ولاتد
كأني موقوف على الوجد والأسى / تروح عليّ النائبات وتغتدي
خليلي إن ساعفتماني هنيئة / بيومي هذا حزتما الأجر في غد
خذالي من ألحاظ ريم بذي النقا / أماناً فقد صالت بكل مهند
خليلي ما نفع الخليل لخله / إذا لم يعنه في الخطوب ويسعد
بنفسي التي في ثغرها البرق والندى / وفي خدها النوار والكلأ الندي
أما ورضاب الثغر تطفي ببرده / حشاشة وجد في الحشا متوقد
وطرف كطرف الريم لا والتفاتة / تردي المها ثوب الحياء فترتدي
ودهر تقضى بين حان وحانة / وجيداء تسبي الناظرين وأجيد
وكأس مدام لو تطعم ريقها / فم الدهر يوما مال ميل المعربد
وطول قلى يرضي الخليط وأهله / ويمسي به أهل الهوى في تنكد
وطيب وصال لو يباع ويشتري / بذلت به روحي وما ملكت يدي
وكافور خد فوقه خال عنبر / كأبيض ما في العين زين بأسود
لانت منى قلبي فلا تتباعدي / صليني بقرب يا أميمة أو عدي
ومنجدة في الركب لاشد رحلها / لبين ولا سارت بها ساق أوخد
وقفنا نجده الحزن من بعد هزله / وللحب عهد ليس بالمتجدد
ولما التقينا والمطايا مثارة / وللحب نهب في قلوب وأكبد
جرى العتب حتى ظلت العيس تلتوي / بأعناقها والخيل تكدم باليد
عشية ناوحت الحمام على الهوى / وأغريت بالتعديد كل معدد
عشية طال اللثم حتى رأيتها / وقد عوضت عن درها بالزبرجد
عشية أطلقنا البكاء على النوى / وكل بأصفاد الهوى كالمقيد
فديتك لا خل على البين مسعدي / وها ضاع من قبل بين تجلدي
دعيني عما لم أعوده من قلى / شديد على الإنسان ما لم يعود
أأحمد أنت أوفى الناس عهدا
أأحمد أنت أوفى الناس عهدا / ومجدا بعد والدك المجيد
عهدت لنا بأن تجدي مرار / وطبع الحر أنهى للعهود
فزودنا بمطلبنا وزدنا / فليس على عطائك من مزيد
وكم جيش يؤمك مستفيدا / سينعم منك بالكرم المفيد
وأنا كالرياض لها احتياج / لماء السحب من كرم وجود
وإن تسمح فإنك ذو سماح / تسهل شدة اليوم الشديد
وأين البخل عنك فررت منه / فرار الحسن من صور القرود
ومن لعبت بأنملة الغوادي / فليس يخاف اخلاف الوعود
كفي رويدك واقصري يا هذي
كفي رويدك واقصري يا هذي / هيهات ليس الفيلسوف بهاد
هلّا مررت على قباب سعاد
هلّا مررت على قباب سعاد / فرأيت كيف تفتت الأكباد
للَه هاتيك الكناس تكفلت / بحفاظهن مجاثم الآساد
قسما بها ما عنّ منجد برقها / إلا وبل بعبرتيّ نجادي
يا أيها الغلمان أن مهاكم / تركت صلاحي معلما بفساد
واستبدلت أنسي بأعظم وحشة / فالبيد فرشي والتلاع وسادي
ما مر بي آن وحق هواهم / إلا وزاد الوجد ملء مزادي
فضح النسيم حديث مية إذ سرى / بالمندلي مضمخ الأبراد
هات الرسائل يا نسيم فإننا / لم نكترث بعدي ولا بعواد
قالوا الرحيل غدا فويلي من غد / ماذا يريد غد بأهل ودادي
قالوا فؤادك لا تدعه للدمى / هدفا فقلت لهم وأين فؤادي
أخدوه مني يوم صاح بركبهم / ذاك النفير وجد ذاك الحادي
لا كان من يبغي الورود ويرعوي / حذرا من الأصدار والإيراد
يا دار لا بعدت قبابك من فتى / سد البعاد عليه كل سداد
أمن الدنو وليس يدري أنه / خبأت له الأيام خبء بعاد
فكأنه الساري الذي عرضت له / صماء شاهقة من الأطواد
لا العذل يغويه فيسليه ولا / هو عاثر من وصلكم برشاد
لم يدر كيف يكون آخر أمره / إلى شقاء أم إلى اسعاد
إن كنت تكره أن تطيب حياته / فالورد دون رضاك شوك قتاد
أو كان لا يرضيك إلا وجده / باع السرور بأبخس الأنكاد
يا سيدي ما كان أكثر حسدي / واليوم صرت شماتة الحساد
اللَه بي فلقد حمدت وئيدها / حتى كبا جلدي وعيل جلادي
إن لم تكن مما يروع آخذا / بيدي فحسبي أحمد الأمجاد
المنجد المرتاع من وقداتها / لأفضل فوق فضيلة الأنجاد
والتارك الأموال نهبة وافد / فكأنها وقف على الوفاد
والمصلح الأفساد بالقلم الذي / ليس المداد له سوى الأمداد
قالت له العلياء دع عنك العدى / ما للكرام سوى اللئام أعاد
أحسدوه إذ وجدوه رغم أنوفهم / مت يا جموح أسى على المقتاد
عمت منافعه فقل في والد / جاء الأنام بأنجب الأولاد
لا رفده وعد ولا أبعاده / فعل وبئس المرفد المتمادي
والجود قد يرضى بمن ميعاده / صدق وأين الصادق الميعاد
يا أيها الواري الزناد اليّة / بالفضل من مصباحك الوقاد
وبمطئن من حلومك راسخ / رجحت رزانته على الأطواد
وبحلبتي كرم وخوض ملاحم / أدركت شوطهما على الآماد
ومن الذي أولاك من حكم الندى / طبا يقوم مائل الأجساد
يا عود أحمد عد بكل جميلة / كالشمس جارية على المعتاد
بأبي الذي من زار باب رجائه / ألقى عصاه بباب كل مراد
أراك للدنيا عقدت الحبى
أراك للدنيا عقدت الحبى / ولم تنل من وصلها ما تريد
وتطلب الأخرى على تركها / لأن ما أنت الحليم الرشيد
طلعت بنور السعد يا أيها البدر
طلعت بنور السعد يا أيها البدر / فلم يخل بحر من سناك ولا بر
ورب حجاب للملوك خرقتَه / بزرق رماحٍ من أسنتها النصر
نشرت طوايا كلّ حتفٍ عليهم / بمنشورة الرايات يطوي بها العمر
ومصقولة من مرهفاتك آذنت / بإرغام قوم حشو آنافهم كبر
صوارم كانت للرقاب صوارما / كما جدع الظلماء ما شحذ الفجر
مضارب تفري كل درع وجوشن / إذا الصخر لاقى بعضها انطبع الصخر
بمثلك نال المجد سالف ثاره / وللازمة الصماء يدخر الذخر
رأى الدهر ما استودعته من سرائر / فألقى العصا طوعاً لمن أمره الأمر
وذي همة توطا بها عنق السها / كذاك لعمري تفعل الهمم الغر
ابت خيله إلا الأسنة مرتعا / وهل سمرات الملك إلا القنا السمر
وزير حوت منه الوزارة باسلا / يحط به من كل وازرة وزر
سليمان عصر فرج العسر يسره / ولو لم يكن تفرجيه عسر العصر
خليليّ ما أدرى وإن كنت داريا / أأخلاقه أزهى أم النجم الزهر
إذا أنتما كررتما نظريكما / بأحسن معنى منه غالكما الفكر
فلا تعجبا من بشره في جلاله / فأن كريم الطبع آيته البشر
عجائبه في السلم والحرب جمة / ولا عجيب إن أحدث العجب البحر
وعزم يفل الزغف من قبل قرعها / ألا هكذا فلتصنع الخدم البتر
تجيش مواضيه بمكنونة الردى / فتحسبها سرا يجيش به صدر
ويفتر عن نيل الأماني كلها / نداه كما يفتر عن شنب ثغر
نقيّ من الأدران يابى جوارها / كذا العقل يأبى أن تخامره الخمر
نضا كالحسام الهندوانيّ جوده / فنادى منادي جوده قتل الفقر
ورب بغاث قد تصدى لصيدها / من اللَه صقر لا يناهزه صقر
هو الباز ما للورق منه سلامة / ولو كان في أوج الثريا لها وكر
أعد أيها الراوي لنا ذكر وصفه / وحدث عن اليم المحيط ولا نكر
صفوح عن الجاني ولكن لسيفه / تألق إيماض يجف له القطر
مقيل من الأيام زلة نعلها / لمثل علاه كان ينتظر الدهر
كبا البرق حتى لم ينل شأو رفده / وإن لم ينفت مسراه سهل ولا وعر
به صحت الأيام بعد اعتلالها / ولولا وجود الخمر ما وجد السكر
متى خفقت في أرض قوم بنوده / أماتهم من قبل موتهم الذعر
وإن كان للأطواد صبر فإنها / إذا رمقت مرآه أعوزها الصبر
فكم معشر أدبتهم بمواعظ / من الصمّ ما للصم عن سمعها وقر
جلبت لهم شر الطعان فعالهم / ويا حبذا شر به يدفع الشر
ومذ بسطوا للغدر كفا أريتهم / عواقب ما يجني على أهله الغدر
ونزّهت نفسا حرة عن دمائهم / فجئت بهم أسرى وفي إثرك الفخر
لك الرأي مصقول الحواشي كما صفت / صفاح المواضي أو كما خلص التبر
وما نوء ثجّاج من الوبل واكف / يهش لرؤيا ريقه البلد القفر
ولا روضة غنّى بها الرعد مرزما / فظل على ذاك الغنا يرقص الزهر
بأطيب من ريّا مكارمك التي / يذر على كل النواحي لها عطر
وما أنت إلا صورة البدر طالعا / وفي كل شطر من إنارته شطر
يضيء به محلولك الأفق أبهما / ويحدو به في كل ناحية سفر
وما عتبة ما حاتم ما ابن مامة / على أنها العنقاء طار بها ذكر
يمينا برب الراقصات الى منى / وما ضمن البيت المحجب والحجر
لئن شئت صيرت الجبال بزجرة / كما يتثنى في ذرى غصن نظر
بك استقصت الأيام ما في نفوسها / ولولا هبوب الريح ما التطم البحر
من الركب يطفو في السراب ويغمر
من الركب يطفو في السراب ويغمر / كنانة أم شم العرانين يشكر
أم استصحبوا من آل قحطان فتية / ينص بهم خد الفخار ويصعر
أساطين قد حلوا السنام من العلى / فزان بهم دست وزين منبر
يؤمهم هاد من اللَه لو دجا / عويص فعن عين العناية ينظر
كريم السجايا ذو محيا منور / ألا حبذا ذاك المحيا المنور
يرومون طوساً جاد طوسا مجلجل / من السحب خفاق البوارق ممطر
فأكرم بها من بلدة قد تقدست / بصاحبها والجار بالجار يفخر
همام تزل العين عنه مهابة / ويعظم عن رجم الظنون ويكبر
فسل محكم التنزيل عنه فإنه / سيعرب ما عنك النواصب تضمر
مغان أبت غلا العلى فكأنها / تطالب وتراً عند كيوان يذكر
فكيف وقد جلّت بلا هوت قدرة / تحير أرباب النهى فتحيروا
بحيث دلالات النوبة شرع / تجلى وأنوار الإمامة تزهر
وللملأ الأعلى هبوط ومعرج / وللعائذين الهيم ورد ومصدر
وكم قد علا منها مقام ومعشر / فجل مقام ما هناك ومشعر
ولما دعا داعي الهدى قلت أرّخوا / أجبت ابن موسى صادق الحزم جعفر
حارت عقول البرايا فيك والفكر
حارت عقول البرايا فيك والفكر / فلم تكن بك بعد اليوم حكم
أتيتنا بنظام كله حكم / وجئتنا بكتاب ما به نكر
لو كان في زمن جاءت به نذرال / باري إلى الناس لاستغنت به النذر
هذي قصيدتك الغراء قد لبست / ثوباً بديعاً تمنى وشبه الزهر
لم يتلها أحد إلا وكان له / بكلّ لفظ ومعنى معجب سكر
جلت فليست من الأفكار ناشئة / لكنها ىية جاءت بها الزبر
تاهت بها زمر تحت السماء كما / تاهت على الفلك الأعلى بها زمر
ما دار في العالم العلويّ من فلك / إلا ولاح به من وجهها قمر
ما أبصرت مثلها الدنيا ولا سمعت / ببعض آياتها القدسية البشر
هذي هي الشمس لا تكثر لها نظراً / يوماً فيلحقك الأعياء والضرر
شمس بأفق سماء القلب مشرقها / تجلى بأنوارها الأحزان والكدر
وليس نعجب إلا أن يقال لنا / قد أطلعت هذه السيارة الفكر
كم أرشدت حائراً أنوارها وهدت / فلا تضل وهذي العين والأثر
هذا كتاب هدى فانشر طويته / وانظر بما تنبىء الآيات والسور
واضرب به المثل الأعلى فإن له / فينا عجائب لا تحصى وتنحصر
فنحن نكتب في الدنيا عجائبه / وكان يكتبها من قبلنا القدر
هذي بشائره نادت مبلغة / وافتكم آية الرحمن فاعتبروا
والمجد يخطب لا مجد ولا شرف / إلا لدى سيد سادت به مضر
فما رأينا له وصفا يحيط به / كالماء ليس يرى لوناً به النظر
يا صاحب الشرف الأعلى الذي افتخرت / به قريش وأهل الفضل تفتخر
فقد سدت نظماً على من جاء قبلك أو / يجيء بعدك والقف كلما سحروا
فإن نظمك لم تبلغ أوائله / ايدي الركائب إلا وانتهى السفر
بمدحك الزاهر الزاهي المديح غدا / يزهو وفي وجهه من نوره غرر
نجابه معشر طابت عناصرهم / وأهلك اللَه أقواماً به كفروا
دانت له شعراء العصر قاطبة / وكم أثاروا له حرباً فما انتصروا
قالوا أشرت بأدنى ما ادعيت به / سيعلمون غداً من ذلك الأشر
لا تبتئس بالذي أخفوه بينهم / فلن يضروك أن أخفوا وأن جهروا
يخشون منك كما يخشى الجبان من ال / قرم الجسور فيقضي أمره الحذر
ويعرفونك من بعد كما عرفت / قرب الضياغم من أنفاسها الحمر
فإن فخرت به الآداب فيه فقد / سادوا بشعرك في الدنيا وما شعروا
خليليَّ ما هذي الضعون السوائر
خليليَّ ما هذي الضعون السوائر / أعفر كِناس أم نجوم زواهر
تخيلها البيض الهجان كأنها / معاصم قد عضت عليها أساور
فنبهت الأشواق مثنى وموحداً / كما ذعر السرب المهوم ذاعر
ألا يا فتاة الحي قومي لتنظري / فعال فتى من فعله الليث حاذر
وإني أبي الضيم كهلا ويافعا / فهل لابيّ يا ابنة القوم عاذر
وربّ صريخ في ظلام أجبته / كما ثار من رقش الأراقم ثائر
فأبت إلى قومي أرى الفضل فضله / وآب إلى أصحابه وهو شاكر
ونافثة بالسحر من كلماتها / وبعض كلام الناس للب ساحر
فلا تعجبن مني بصحبة ناقص / فقد تصحب الليل النجوم الزواهر
أرى اللهو يا سلمى لغيري بضاعة / وغير فؤادي بالدنية تاجر
ظفرت بما يعيى الأوائل بعضه / ولكن بغيض للنفوس المعاصر
ومارث مجدي حيث رثت ملابسي / فقد تودع الحق الحقير الجواهر
رقدتم وأسهرنا العيون لأجلكم / وكم راقد يسعى له الليل ساهر
أتلوي ذوات الدل عني عنانها / ومثلي من تلوى عليه الخناصر
عرضن لنا والبدن تدمى نحورها / مها الانس إلا أنهن نوافر
تباه لهن عني إذ طرقت مسلما / وسالت على تلك الوجوه النواظر
وأنكرن عرفاني غداة رأينني / وقد يذكر المنسيّ يا سعد ذاكر
وكيف التصابي بعد ما انصرم الصبا / لقد طويت ياميّ تلك الدفاتر
ذكرت الصبا فاغرورق الجفن دامياً / وقد أفصحت بالغدر تلك الغدائر
قذفت الصبا قذف السيول غشاءها / متى أتضحت للشيب مني معاذر
وأضرم نار الوجد قلبي فما له / ضمير بود العامرية عامر
قفي قبل تفريق أبثك ساعة / أحاديث دهر كلهن نوادر
أقلي من التعليل يا أخت تغلب / فما زغب التعليل بالحر طائر
وقد نمت ليلا كنت أرعى نجومه / لعل خيال الأخيلية زائر
صحا اليوم من سكر الشبيبة شارب / وعاد إلى بحبوبة الفيض سائر
وأقداح راح نصطليها مجامراً / ممسكة للَه تلك المجامر
وحمراء أقبسنا لها نار جذوة / على جبهة المريخ منها مآثر
تدور على أيدي الندامى كأنها / حظوظ على أهل الحظوظ دوائر
طردنا بها المستصعبات كأنها / عفاريت شلتها النجوم الزواهر
أدرنا بطون الأمر مثل ظهوره / بواطن لم تكدر لنا وظواهر
قبسنا من النار التي قبساتها / قضى اللَه أن تفنى بهن الدياجر
زمان حلا بالبيض لكنه خلا / على مثل ذكراه تشق المرائر
أخذت بأطراف البلاد كأنني / بها مثل في الشرق والغرب سائر
فما السهم حتى يرفض القوس صائب / وما السيف حتى يهجر الغمد باتر
سنخرق أطراف الستائر بالقنا / متى أغلقت دون الملوك الستائر
ململة الأطراف ذات بوارق / تطن طنين الرعد فيها الزماجر
تعلم منا كل ملك سداده / وفي جودة الآراء للعمي ناظر
وصمت ملوك الأرض عما أقوله / وماذا عسى تجدي الجياع الجواهر
متى يطلق المأسور منك بزورة / ألم تدر أن الوعد للمرء آسر
ولا تيأسن من فرجة بعد شدة / فقد يرخص الغالي وتغلو البوائر
لك الود مني والنصيحة كلها / ومالك مني يا نديم السرائر
وفينا ولم نغدر بافشاء سرهم / وكل مذيع للسرائر غادر
وممتلىء من كامن الغدر باطناً / تشكل منه بالأمانة ظاهر
يريك خداعاً أن وجدك وجده / ويطرب لو دارت عليك الدوائر
أقام مقام الكلب عاقر وده / ومن عدّة الصيد الكلاب العواقر
بسطت له وجه الرضا عابثاً به / وللشهم رأي بالأحيمق ساخر
أرى الخيل لا تخفى على من يسوسها / وإن حسنت للغير منها مناظر
أرى الكوكب الهادي إذا أحلو لك الدجى / وهل نافع لولا الضياء النواظر
والمح أعقاب الأمور بفطنة / تلوح لها قبل الورود المصادر
وقد تدرك الأشياء قبل وقوعها / وتعرف في أولى الأمور الأواخر
فدع منظري ليس الرجال مناظراً / وخذ مخبري إن الرجال مخابر
فقد تصدق الأشياء عما سمعته / وتكذب في بعض الأمور النواظر
كفى حمقاً بالمرء انفاق زيفه / على صيرفيّ حنكته البصائر
وإني لادرى الناس بالمكر كله / ولكن متى نال الغنيمة ماكر
وما أنا ممن يزجر الطير مشفقا / وأين من الأمر الربوبيّ طائر
ويعجبني من لا يوازي صديقه / على فعل عيب وهو للعيب ساتر
ذخرتكما يا صاحبي لشدة / وللساعة الخشنا تصان الذخائر
أعيذكما أن تجعلا الجبن متجراً / فصاحب هاتيك التجارة خاسر
وللخمر خمر لا تخامر أهلها / ولكنها للأجنبي تخامر
ومن لج في استمطاء عشوا كبت به / وكل ركوب للجاجة عاثر
ومن سافرت عن ساحة العجز نفسه / إلى نيل ما تهوى فنعم المسافر
إذا لم تكن أيدي الرجال بواتراً / فيا ليت شعري ما تفيد البواتر
ولا تجعلا إلا المشقة مركبا / قضى اللَه أن ينسى المشقة ظافر
ومن ركب الليث الهصور فلا يلم / سوى نفسه أن تدم منه الأظافر
وكم قانع بالجبن لا طال عمره / يخاف حضور الموت والموت حاضر
وللأجل المحتوم للمرء كافل / كما حفظت خوط العيون المحاجر
طرقناهم والطعن بالطعن مردف / كأن القناناب عن الموت كاشر
أرى الخير في الدنيا بطيئا مسيره / فما بال ساعي الشر بالشر بادر
انظر إليه كأنه غصن بدا
انظر إليه كأنه غصن بدا / لكنه غصن ببدر مثمر
وانظر إلى ذاك اللثام كأنه / من فوق عارضه سحاب مقمر
باللَه يا قمر الهوى هل لمعة / من نور وصلك للقلوب تنور
أو لفتة من جيد عطفك إنما / لفتات أجياد المها لا تنكر
ظلّ المساعد في هواك وإنما / كثر اللحاة على هواك فاكثروا
ما بالهم لا يعذرون متيماً / كل الصبابة فيه جزء أيسر
ما للعدول على هواك يلومني / عمي العذول أما يراك فيعذر
أنسيت ليلة زرت ترقب واشيا / من وجنتيك يذيع ما هو مضمر
ما قمت ترفل بالدجى حتى غدا / برد النسيم بعنبر يتعطر
والسحب كالركبان تقتحم السرى / والبدر يخفى بينهن ويظهر
يكسو السحائب غير لون ثيابها / فكأنها فيه بساط أصفر
ومدامة كالشمس في افلاكها / يسعى بها قمر الجمال الأزهر
يسعى بها من وجنتيه بروضة / يشفى العليل بها ويجلى المنظر
ويلاه من اين السلو طريقه / ضاع الطريق وليس عنه مخبر
ويلاه جار على فؤادي ناظر / بعث الغرام فليته لا ينظر
هو الملك أهل أن يقلّ له السفر
هو الملك أهل أن يقلّ له السفر / ومن لم ينل بالسيف فخراً فلا فخر
فهاجر عن الأوطان في طلب العلى / فليس بمصطاد على الوكن الصقر
ومن لمي ر الهندي سائس ملكه / فلا نهيه نهي ولا أمره أمر
وقاس بأقداح الخديعة أهلها / فليس بمكر ما يزاح به المكر
وما الأمر إلا بين راض وساخط / لقد ذمت الأشلاء ما حمد النسر
وإن رمت أمراً فارتقب ما وراءه / فبعد انتزاع السهم لا ينفع الحذر
وخذ بالمعالي واطرح ما وراءها / فذخر الملوك الجند والسوقة الوفر
ورب كريم يفتدى بأكارم / وتقطع دون الهامة الأنمل العشر
وإن رمت سبر المرء فانظر كتابه / فعنوان عقل الحبر ما كتب الحبر
وقابل بحسن العفو كل إساءة / فإن جزاء العود للمحرق العطر
ولا تجعلن المكر للنفس ديدناً / فكم بترت أوداج صيقلها البتر
ولا تطلبن السعد إلا بأسعد / فلولا ضياء الشمس لم يشرق البدر
وإن شئت أن تعلو من العز ذروة / يكاد لها يعلو السماك بل النسر
فذرها تلف السهل بالوعر قاصدا / سليمان رب المكرمات ولا فخر
فتىً يشتري الذكر الجميل بماله / وما المال إلا ما به يشترى الذكر
وكم جاس نقعاً فانجلى عن جبينه / بأبلج رفّاف على تاجه النصر
وأظهر في الآفاق كل عجيبة / ولا عجب أن يقذف الدرر البحر
وكم سار والرايات تخفق خلفه / مواردها بيض مصادرها حمر
وبحر سماح ليس يجزر مده / وكل عباب شأنه المد والجزر
ويا ربما بالغيب وكل ظنه / فاضحى له وجه الغيوب ولا ستر
وإن راح يكفي الناس أيسر جوده / فلم يكفه للناس أيسر جوده
وكيف تضاهيه الغوادي بنائل / ونائلها ماء ونائله تبر
فظالمه من قاس بالطود حلمه / وطاعنه من قال نائله البحر
ورب رعاع ناضلوه جهالة / واخطأ رام من رميته البدر
وما كل من هاج الوغى بحميها / فكم وكل لليث أبرزه الخدر
وغر رماه التيه بالتيه ضلّة / فأضحى ولا بحر يقيه ولا بر
ولا ورد الأمواه إلا وأصبحت / تراءى له منها المحجلة الغر
فنهنهت عنه جحفلا وهو الردى / ووكلت فيه جحفلا وهو الذعر
ومن عجب الدنيا أبو العجل أن يرى / لقاء أبي شبل ومن شأنه الفر
ولو كان شهما لاويا جذّ راسه / أجل له من أني ولى له الدبر
ومن حارب المسعود قد حارب القضا / إلا إن أمر اللَه ما فوقه أمر
فيا ملك الأعناق عفواً ورأفة / فغير عجيب أن عفا الملك البر
لتهنأ بعيد فيك أصبح عيده / ولولا انهماء القطر لم يشرق القطر
ولا زلت محفوظاً بعين عناية / تجلى بك الجلى ويحيا بك الثغر
فيا لك فتحاً طبق الكون ذكره / فغنى به الشادي وسار به الذكر
وقال به اليوم الأغر مؤرخا / سليمان مجلوب له الفتح والنصر
تباً إلى الشعر كم أبني جوانبه
تباً إلى الشعر كم أبني جوانبه / لكلّ بيت دنيّ بيتهم شعر
فربَّ مادح قوم فوق قدرهم / أطال في ذمهم لو أنهم شعروا
من يقدم غير الحسام نذيراً
من يقدم غير الحسام نذيراً / يجد الناس آثماً أو كفورا
وإذا اشتقت غير ضرب وطعن / فالبس الخنث واخلع التذكيرا
إنما الهزل للغواني ومن كا / ن لأخلاقها أخاً ونظيراً
وتجنب نقائص القول والفع / ل ورم بالكمال ملكا كبيرا
قسم لها ناهضاً على قدم الأق / دام واركب من كل خشناء كورا
إن من كان همه في المعالي / هجر الظل واستظل الهجيرا
ومن الجبن أن تؤخر مسعا / ك فأقدم واخر التأخيرا
أو لم يدر من توانى ملالا / أن قطر الندى يعود غديرا
ما على المبتغي أثارة عز / أن تصدّى للراقصات مثيرا
ليس شرط المنى التواني ومن م / شمر زنداً لم يذمم التشميرا
والمعالي أدق من عمل الأكسير م / علماً ومن رأى الأكسيرا
راحة المرء في الدؤوب ولولا / حدة الراح ما أفادت سرورا
من أعار الآمال سمعاً تلقى / كل مالا يفيد غلا عرورا
من يجد حال صحة وشباب / لم يكن في خموله معذورا
أخر البيض يوم غزوك والخي / ل وقدم أمامها التدبيرا
وإذا خانت المساعي فمهلا / ربما تحدث الأمور أمورا
هكذا تستدير دائرة الأيام م / يوماً صحوا ويوماً مطيرا
وإذا أحلولكت خطوب فناهي / ك بشمس النهى سراجا منيرا
وخذ الحذر في الأمور وإن كا / ن لعمري لا يدفع التقديرا
حيث أن الذي نرى من حديث م / الحزم أمراً يستحسن التحذيرا
وإذا الحلم لم يكن مستشاراً / يوم طيشٍ فمن تراه مشيرا
خلق العقل للقلوب أميراً / وعلى الجيش أن يطيع الأميرا
وإذا كنت عاشقاً حور الأعين م / فاعشق من أعين الطعن حورا
إن خلع العذار من شيم الشوس م / كما ملّت العذار ي الخدورا
كل من تاجر الظبي والعوالي / اعقبته تجارة لن تبورا
إن تحاول سلطان تلك الأماني / فاتخذ قائم اليماني وزيرا
لا تقصر في صحبة الجد يجعل / لك في جنة الأماني قصورا
وإذا ما جهلتها فتبين / من سليمان علمها المأثورا
الأبيّ الذي أطاعته غول / ما أطاعت كسرى ولا سابورا
باسم ثغره صبيحة يوم / كدرت شمسه به تكديرا
فارس الغازيات عربا وعجما / واطئات بطونهم والظهورا
أبرزت للعيون جنة حسن / وأعدت للظالمين سعيرا
صاحب المخذم الذي بات يشكو / الموت منه ويلا ويدعو ثبورا
فاتك بالكماة يزبدها البأ / س كما تزبد الرياح البحورا
مطمع بشره كأن بليلا / جاء للناس بالغمام بشيرا
إن تسل عن وجوده إنما / الإحسان والحسن ربياه صغيرا
أنخ العيس في مغانيه تنظر / كيف تهدي الأنواء تورا وتورا
وإذا قيس بالملوك وقيسوا / كان كالقطب للأثير مديرا
شيم لو تشكلت لم تكن إلا / شموساً وأنجماً وبدورا
مكرمات إن أدعاها سواه / جاء نكراً بها وظلماً وزورا
ما لكم تدعون وحدة مسعا / ه كذبتم فادعوا ثبوراً كثيرا
أريحيّ من الغوائل مأمون / وإن كان في الورى محذورا
فيلسوف ذو خبرة واطلاع / سل به إن شككت يوما خبيرا
يأخذ الرأي من طبيب المنايا / وبصير من استشار بصيرا
فكأن القضاء أنزل للحرب / كتاباً بنصره مسطورا
وإذا أعوز الملوك عبير / تخذ العشير المثار عبيرا
لست أنسى له اصطلاما عتيا / كان يوما على العتاة عسيرا
يوم طار البغاث إذ دهمتها / شزب الخيل حاملات صقورا
يوم طاش الحليم وارتبك / المقدام حتى ظننته مسحورا
يوم عضت على شكائمها الخيل / ورضت من الصدور صدورا
يوم غل الرقاب محدودب الظهر / كما غلّ أسرها مأسورا
يوم قامت به قيامة طعن / نقرت بالأسنة الناقورا
تحسب الحرب للمنايا كتاباً / وصفوف الكماة فيها سطورا
حبذا الضمر التي صبحتهم / فأحالت صباحهم ديجورا
فجأت دارهم وكانوا ملوكاً / فإذا هم لم يملكوا قطميرا
ودهاهم بصبية من كماة / تحسب القوم لؤلؤاً منثورا
يوردون الكماة أكواب حتفٍ / قدروها من طعنهم تقديرا
صبية تحسب الأسنة والماذية / الزعف جنّة وحريرا
لو ترى القوم والقنا مشرعات / لتحققت من قلوب صخورا
فأعادوا الأعداء فوجين فوجا / مرتعاً للظبى وفوجاً أسيرا
سقطوا رمّة وطاروا سراعاً / حيث أن النسور كانت قبورا
بأبي قاصم الظهور بعزم / لا تراه للمجرمين ظهيرا
إن للَه في مرامي سطاه / قدراً من قضائه مقدورا
يتولاه في هدى وانتصار / وكفى اللَه هاديا ونصيرا
صعقت لاسمه الحوادث صرعى / وطوى اللَه رقّها المنشورا
وبما ضم أفقه من شهاب / يقذف المارد الرجيم دحورا
أشهر الخافقين ذكراً ولو لم / يودع السر لم يكن مشهورا
يا مجير الطريد كان لك اللَه / تعالى من كل بأس مجيرا
كم بذلت الحسنى لقوم أساؤا / فأبى الظالمون إلا كفورا
جمع الدهر فيك ما شت في / الناس فكنت الورى وكانوا الدهورا
زارك النجح والفلاح وحجج / المجد والجد بيتك المعمورا
جزرت دونك النهى واستمدت / أبحر الرأي بحرك المسجورا
وسقاك النصر الإلهي من رائق / أقداحه شراباً طهورا
وبلغت المنى واجلبت للأبطال / يوماً عليهم قمطريرا
وتولاك طالع اليمن بالنصر / ولقاك نضرة وسرورا
فأذقت العدى المنايا وفجرت / عليهم أنهارها تفجيرا
وأطرت القلوب في يوم بؤس / كان بالطعن شره مستطيرا
كل قوم لهم نذير ولكن / خلق السيف للئام نذيرا
كان كل أصم أعمى عن / الحق فصيرته سميعاً بصيرا
أنت ذاك القضاء لا تعرف / التقديم في حالة ولا التأخيرا
كم أذقت البوار أبطال قوم / لم يكونوا لولا حسامك بورا
فكأن النصال كانت كؤوسا / وكأن الرجال كانت ثغورا
كلما حاولت مقامك قوم / كان حجراً عليهم محجورا
كل جوّ جالت جيادك فيه / كان مسكاً وتربه كافورا
أبداً لا تمل خيلك غزواً / ومتى ملّت النجوم المسيرا
يا أبا المالك الذي قد تولى / من أمور العوالم الندبيرا
إي وعينيك إن طول القوافي / تشتكي في ثنائك التقصيرا
غير أني أرحت بالنفث صدراً / ربّ نفثٍ بروّح المصدورا
والهوى يركب الفتى كلّ صعب / ويريه الأمر العسير يسيرا
وأنا اليوم تائب من ضلالي / مستقيل فهل ترى لي عذيرا
كم أحالت على المقادير أقوام / أراهم لم يعرفوا التقديرا
ثم قالوا بالجبر قولا شنيعاً / أي ذنب لمن غدا مجبورا
ذكر المعاهد في العقيق وما جرى
ذكر المعاهد في العقيق وما جرى / فجرت مدامعه عقيقاً أحمرا
دمن لهوت بها وأيام الصبا / كالغصن عاوده الشباب فاثمرا
كانت وكنا لا نراع بحادث / ولنا من الأيام أن نتبخترا
ويلاه من فلك قضى دورانه / أن لا نرى منه الذي كنا نرى
أيام تشرق بالخدود كأنها / زهر أصاب من السحائب ممطرا
أيام ترشفنا النعيم زجاجة / ماء الحياة بها يرى متفجرا
يسعى بها ذو وجنة قمرية / يشفي الغليل بها ويجلوا المنظرا
للَه نفس متيّم جشمتها / خطط الغرام ورمت أن تتبصرا
رامت من المقل النجاة فما نجت / ما كل واردة أصابت مصدرا
قالوا جنيت فقلت أي جناية / لهوى النفوس بما عليها قدرا
خلوا فؤادي والغرام فإنه / لا ذنب للإنسان في قدر جرى
يا أيها القمر الذي حركاته / في كلّ آونة تزين الأعصرا
أنظر إلي ولا تسل عن حالتي / فالعين ليس يفيدها ما لا ترى
يا حاديي تلك الركاب عشية / جدّ الهوى فترفقا بي تؤجرا
إن تسرقا لي نظرة أحيا بها / فكأنما أحييتما كل الورى
كم ليلة عانقت بيض ظبائها / وعناقها بالبيض منعقد العرى
صافحت فيها كل صفحة وجنة / نلت الجنان بها وذقت الكوثرا
والنفس تأنس حيث حل حبيبها / ولو أنها باتت مجاورة الثرى
ولقد ذكرت الخيل يوم طرادها / والشمس تلتثم القتام الأكدرا
فوقفت ما بين الأسنة والظبي / ظمآن أرتشف النجيع الأحمرا
والعيش في شرف النفوس ومن يهن / كان الحمام به أحق وأجدرا
كم سرت في طلب المعالي موعياً / عزماً تضيق لديه أوعية السُرى
قلقلت فيه ركائباً تعشو إلي / نار الوغى وتصد عن نار القرى
وهززت أطراف الرماح لغارة / هصرت لي العود الذي لن يهصرا
إن التأخر في الأمور هو الردى / أو ما ترى عصر المشيب تأخرا
لو كان معنى الجبن شخصا بارزاً / لم تلق خلقاً منه أسوء منظرا
فإذا حلمت حلمت لا عن ذلة / لكن لي معنى بذاك مقدرا
وإذا غضبت نفخت في قصب القنا / فأحلتها في الحال جمرا مسعرا
إياك من غضب الحليم فإنه / كالنصّل صيّره الصقال مجوهرا
ولربّ صاعقة أتت من ممطر / والنار قد تلج القضيب الأخضرا
ولقد أقول لبائس يشكو الأذى / متأسفاً من دهره متحسّرا
خفض عليك فلا تكن قلق الحشا / إن الظلام يعود صبحاً مسفرا
تشكو الزمان وفي الزمان ندى الذي / لولا مس الحصباءَ أصبح جوهرا
فلقد أذمَّ من الخطوب سميدع / ذمم المكارم عنده لن تخفرا
إيه فصبغة كلّ علم أصبحت / أمة لأعلم من رأيت ومن ترى
هو صبغة اللَه الذي اكتحلت به / عين السواد من العراق فأبصرا
هو صبغة اللَه التي حيّا بها / زحل الزمان فصار بدرا نيّرا
الفاضح الحكاء بالحكم التي / وقف الكمال ببابها متحيّرا
لم تثنه في الجود لومة لائم / أرأيت بالجبل النسيم مؤثّرا
تجري المكارم من مواقع بأسه / فتخال عذب الماء من حجر جرى
زانت مكارمه المكارم كلّها / فكأنها كانت لعين محجرا
وأغر في مرآة جوهر علمه / أمست وجوه الغيب أوضح ما يرى
نالت به الأيام أوفر حظها / للَه من وجد النصيب الأوفرا
قيسَ الوجود به فكان كماله / كفاً وكان العالمون الخنصرا
يا من به صور المكارم أبصرت / والدهر لولا الشمس لم يك مبصرا
أأقيس جودك بالمكارم كلّها / من قاس بالذهب الصعيد الأغبرا
لم تجر خيلك في ميادين النّدى / إلا أثرت من المكارم عثيرا
إني رأيت لك الحوادث غلمة / لو رمتَ أهداها إليك تصورا
أبدلت بالقلم الحسام فلم تزل / تبري يداك به الوشيجَ الاسمرا
أعددت منه كتائباً ملكيّة / تثني بأيسرها العديد الأكثرا
قلم إذا أرسلته في مشكل / وافاك عن نبأ الغيوب مخبّرا
يجري فلا يمضي الزمان مضاءه / ما كل منصلت يقد المغفرا
للَه عصرك فاز منك بسؤدد / كنت الأنام به وكان الأعصرا
ولقد رفلت من العلى بموشح / لو مسّ ترب الأرض أصبح عنبرا
طبع الزمان على هواك فأصبحت / تلقي ضمائره إليك المضمرا
ولك اليد البيضا الكريمة لم تكن / إلا ثريا الجود في فلك الثرى
بحر لو إنّ البحر يشبه وردها / لم يهد للوراد إلا جوهرا
بأبي انفرادك في العلوم كأنما / قلم العلوم بغير لوحك ما جرى
يا آل بيت اللَه عزّ مقامكم / عن أن يقال وجلّ عن أن يذكرا
لكم الحديث حديث قرآن العلى / يتلو من الآيات ما لا يفترى
إن كان علم الناس أصبح عارضاً / فعلومكم كانت لذلك أبحرا
لمعت لكم في المكرمات بوارق / لو شامها قيظ الزمان لا مطرا
تاللَه ما نشر السماحة ريحه / إلا وجدت لها المكارم عشيرا
أنت الذي نبهت راقدة الهدى / من بعد ما عبثت بها سنة الكرى
ولكم كففت من الحوادث راميا / من بعد ما جذب القسبيّ فأوترا
يا موجباً بذل الجوائز إذ غدا / لكتاب آيات السماح مفسّرا
حاشا لجودك أن تجود بأصغر / والدهر نال بك الفخار الأكبرا
يا آخذاً بيد الندى من أمة / تركته متلول الجبين معفّرا
إن يحيى فيك اللَه دارسة العلى / فكذاك يحيي اللَه بالماء الثرى
من ذا يحاول وصف شأوك كلّه / لا بل يجل ثناك عن أن يحصرا
ولقد وقفت ببابه أنا والورى / كل تحير عن مداه وفصرا
لو يشتري ذاك الثناء شريته / لكن من الأشياء ما لا يشتري
أو ما ترى الإنسان يحسب هاذياً / في القول إن بسط الكلام فأكثرا
هذا كتاب غلا جعلت ختامه / من غيبة الأسرار مسكا أفذرا
طرقت وطرف النجم يعثر بالسرى
طرقت وطرف النجم يعثر بالسرى / والليل قد ملأ الجفون من الكرى
خطرت كما اهتزت أنابيب القنا / ورنت فقل ما شئت في أسد الشرى
قالت مراشفها لطالب وردها / ما كل واردة أصابت مصدرا
وكان وجنتها ونقطة خالها / شجر من الكافور يحمل عنبرا
تندى مراشفها بأعذب سلسل / فعجبت للنيران تصحب كوثرا
يا حسنها بتشكلات جمالها / طورا قضيب نقى وطورا جؤذرا
عنّت فكاد الدهر يرقص نشوة / لغنائها والصخر يورق مثمرا
من ربرب الحي السويحلي سربها / لكن كل الصيد في جوف الفرا
من كلّ ذات غدائر رفاقة / ذرّت على الآفاق مسكا أذفرا
وتخال فوق أسيلها أصداغها / جيش النجاشي قد تقدم قيصرا
تدمي النواظر خدها فكأنما / نفض الشقيق عليه لونا أحمرا
يا حاديي تلك الظعون عشية / جدّ الهوى فترفقا بي تؤجرا
إن تسرقا لي نظرة أحيا بها / فكأنما أحييتما كل الورى
والنفس تأنس حيث حلّ أنيسها / ولو أنه سكن اليباب المقفرا
ولكم طرقت الخيس حول كناسها / والشهب تعتنق الظلام الأكدرا
أقدم فكم دون التأخر آفة / أو ما ترى عصر المشيب تأخرا
لو كان معنى العجز شخصاً بارزاً / لو تلق خلقاً منه أسوأ منظر
ولقد أقول لبائس يشكو الأذى / متأسفاً من دهره متحسرا
خفض عليك ولا تكن قلق الحشا / إن الظلام يعود صبحا مسفرا
تشكو الزمان وفي الزمان حزور / لو لامس الحصباء أصبح جوهرا
هذا سليمان الذي أشفى على / زحل العراق فصار بدرا نيرا
الباهر الوزراء بالحكم التي / وقف الكمال ببابها متحيرا
سرت وزارته البلاد كأنما / أهدت إلى الوفاد أنواع القرى
زانت مكارمه المكارم كلها / فكأنها كانت لعين محجرا
نالت به الزوراء أوفر حظّها / للَه من وجد النصيب الأوفرا
تجري السماحة من صلابة بأسه / فتخال عذب الماء من حجر جرى
هذا الوزير وصاحب العهد الذي / ذمم المكارم عنده لن تخفرا
ذو همة ليست تقاس بغيرها / من قاس بالشم الرواسي العشيرا
ملك ولكن الملوك عبيده / ما كل منصلت يقد المغفرا
يا من به صور المكارم أبصرت / والدهر لولا الشمس لم يك مبصرا
طبع الزمان على هواك فأقبلت / تلقي ضمائره إليك الهدى
أنت الذي ايقظت للناس الهدى / من بعد ما عبثت به سنة الكرى
للَه عصرك فاز منك بسؤدد / كنت الأنام به وكان الأعصرا
يا آخذا بيد الندى من أمية / تركته متلول الجبين معفرا
إن يحيى فيك اللَه دراسة العلى / فكذاك يحيي اللَه بالماء الثرى
ولكم كففت من الحوادث راميا / من بعد ما جذب القسبيّ فأوترا
يا عيد هذا العيد كم لك عائد / عادت به الأيام روضاً أنظرا
سهلت للناس العسير بحكمة / طول الفلاسف عن مداها قصّرا
وبدت لسعدك طلعة ميمونة / كالبرق أقبل بالغمام مبشرا
ومضى قصارى السوء عنك فأرخو / للعيد عيد منك اشرف نيّرا
أدر الزجاجة لا عدمت مديرا
أدر الزجاجة لا عدمت مديرا / واسق الندامى نضرة وسرورا
وأفض علينا من تجلي حسنها / ناراً تدك من القلوب الطورا
عجباً لها يا للملا ببروزها / ناراً وقد حشت العوالم نورا
من خالها زوراً فقد غنمت بها / يد معشر لا يشهدون الزورا
هات اسقنا ذات الصفاء وخلنا / من عين كرم كدّرت تكديرا
للَه خمر لم يخامر جرمها / خبث فكانت للطهور طهورا
معصورة بالوهم لم تذكر لها / أهل العصور السالفات عصيرا
مخبوءة في حانةٍ قد عطّرت / كلّ العوالم ريحها تعطيرا
يا صاحبيّ إلا أعذراني بالتي / لطفت فكانت للرحيم نشورا
طوت الدهور وما استحال شبابها / فكأنها لم تعرف التغييرا
شمطاء فاعجب من حداثة سنها / عذراء فاغنم وصلها معذورا
أم الدهور وحبذا تاثيرها / من قبل أن يجد الوجود أثيرا
هي جنة المأوى فقل لاباتها / ذوقوا عذاباً دونها وسعيرا
بل صورة الحسن التي مهما بدت / لعيون قوم كبروا تكبيرا
اللَه أكبر يالها من صورة / لا يستطيع لها امرؤ تصويرا
فاشرب وغنّ على اسمها مترنّما / واقض الليالي ضاحكاً مسرورا
واشكر زماناً أنت فيه لماجد / لولاه لم يك سعيه مشكورا
هذا سليمان الذي لقحت به / أم الكمال مباركا مبرورا
بأبي الوزير وقيم الملك الذي / أمسى له الراي السديد وزيرا
حامي ثغور المسلمين بمرهفٍ / كم فضّ من أهل الشقاق ثغورا
ملك توسّم بالخصال حميدة / وارتاد روضَ المكرمات نضيرا
أخذ العراق به الأمان فلم يخف / هولا وكان الخائف المذعورا
سكنت نفيسات السخاء بكفّه / شبه اللآليء قد سكن بحورا
وأغر لما استصفحته معاشر / وجدوه بالصفح الجميل جديرا
شاموا بوارقه فكانت نضرة / للرائدين وروضة وغديرا
خِدن المكارم والمكارم خِدنه / كلّ إلى كلّ يطير سرورا
نظم الهبات الباهرات قلائدا / لم تتخذ إلا العفاة نحورا
أولاه مولاه السياسة والهدى / وكفى بربّك هادياً ونصيرا
يا من تهللت البلاد بعوده / طرباً كما شرح الصدور سرورا
كم بدرة في بدرة أطلعتها / للناظرين كواكباً وبدورا
أقبلت باليمن المطلّ على الورى / كالغيث أقبل بالربيع مطيرا
وعفا لمقدمك الزمان مؤرخاً / بالسعد عدت مكرماً محبورا
هي المعاهد أبلتها يد الغير
هي المعاهد أبلتها يد الغير / وصارم الدهر لا ينفك ذا أثر
يا سعد دع عنك دعوى الحبّ ناحية / وخلني وسؤال الارسم الدثر
أين الألى كان إشراق الزمان بهم / إشراق ناصية الآكام بالزهر
جار الزمان عليهم غير مكترث / وأي حرّ عليه الدهر لم يجر
فكم تلاعب بالأمجاد حادثه / كما تلاعبت الغلمان بالأكر
لا حبذا فلك دارت دوائره / على الكرام فلم تترك ولم تذر
وإن ينل منك مقدار فلا عجب / هل ابن آدم إلا عرضة الخطر
وكيف تأمن من مكر الزمان يد / خانت بآل عليّ خيرة الخير
أفدي القروم الألى سارت ركائبهم / والموت خلفهم يسرى على الأثر
للَه من في مغاني كربلاء ثوى / وعنده علم ما يأتي من القدر
إذا الشياطين بارته انبرت شهب / ترميهم عن شهاب اللَه بالشهب
ما أومضت في الوغى منهم بروق ظبى / إلا وفاض سحاب الهام بالمطر
يسطو بمثل هلال منه بدر دجىً / في جنح ليل من الهيجاء معتكر
هم الأسود ولكنّ الوغى أجم / ولا مخالب غير البيض والسمر
ثاروا فلولا قضاء اللَه يمسكهم / لم يتركوا لأبي سفيان من أثر
أبدوا وقائع تنسي ذكر غيرهم / والوهز بالسمر ينسي الوخز بالإبر
غر المفارق والاخلاق قد رفلوا / من المحامد في أسنى من الحبر
سل كربلاكم حوت منهم هلال دجى / كأنها فلك للأنجم الزهر
لم أنس حامية الإسلام منفرداً / خالي الظعينة من حام ومنتصر
يرى قنا الدين من بعد استقامتها / مغموزة وعليها صدع منكسر
فقام يجمع شملا غير مجتمع / منها ويجبر كسراً غير منجبر
لم أنسه وهو خواض عجاجتها / يشق بالسيف منها سورة السور
كم طعنة تتلظى من أنامله / كالبرق يقدح من عود الحيا النضر
وضربة تتجلى من بوارقه / كالشمس طالعة من صفحتي نهر
كأن كل دلاص منهم برد / يرمى بجمر من الهنديّ مستعر
وواحد الدهر قد نابته واحدة / من النوائب كانت عبرة العبر
من آل أحمد لم تترك سوابقه / في كلّ آونة فخراً لمفتخر
إذا نضا بردة التشكيل عنه تجد / لاهوت قدس تردّى هيكل البشر
ما مسه الخطب إلا مس مختبر / فما رأى منه إلا إشراف الخبر
واقبل النصر يسعى نحوه عجلا / مسعى غلام إلى مولاه مبتدر
فأصدر النصر لم يطمع بمورده / فعاد حيران بين الورد والصدر
يا نيرا راق مرآه ومخبره / فكان للدهر ملء السمع والبصر
لاقاك منفرداً اقصى جموعهم / فكنت أقدر من ليثٍ على حمر
لم تدع آجالهم إلا وكان لها / جواب مصغٍ لأمر السيف مؤتمر
صالوا وصلت ولكن أين منك هم / النقش في الرمل غير النقش في الحجر
يا من تساق المنايا طوع راحته / موقوفة بين أمريه خذي وذري
للَه رمحك إذ ناجى نفوسهم / بصادق الطعن دون الكاذب الأشر
حتى دعتك من الأقدار داعية / إلى جوار عزيز الملك مقتدر
فكنت أسرع من لبّى لدعوته / حاشاك من فشل عنها ومن خور
وحق آبائك الغرّ الذين هم / على جباه العلى أنقى من الغرر
لولا ذمام بنيك الزهر ما اعتصرت / خمر الغمام ولا دارت على الزهر
قد كنت في مشرق الدنيا ومغربها / كالحمد لم تغن عنها سائر السور
ما انصفتك الظبى يا شمس دارتها / إذ قابلتك بوجه غير مستتر
ولا رعتك القنا يا ليث غابتها / إذ لم تذب لحياء منك أو حذر
أين الظبى والقنا مما خصصت به / لولا سهام أراشتها يد القدر
أما رأى الدهر إذ وافاك مقتنصا / بأن طائره لولاك لم يطر
واصفقة الدين لم تنفق بضاعته / في كربلاء ولم يربح سوى الضرر
وأصبحت عرصات الكتب دارسة / كأنها الشجر الخالي من الثمر
يا دهر حسبك ما أبديت من غير / اين الأسود أسود اللَه من مضر
أمسى الهدى والندى يستصرخان بهم / والقوم لم يصبحوا إلا على سفر
شمائل ان بكتها كل مكرمة / فحق للروض أن يبكي على المطر
رزء إذ اعتبرته الشمس فانكسفت / فمثله العبرة الكبرى لمعتبر
وأن بكى القمر الأعلى لمصرعه / فما بكى قمر إلا على قمر
لا درّ درك يا وادي الطفوف أما / راعيت أحمد أو أوقات منتظر
كم من قلائد مجد للنبيّ عدا / من آل صخر عليها ناقض المِرَر
وكيف أنسى لهم فيها أصيبية / بباترات الصدى مبتورة العمر
ما للمواضي الظوامي منهم رويت / فليت ريّ ظماها كان من سَقر
وما على السمر لو كفّت أسنتّها / عن أكرم الخلق من بيض ومن سمر
يا ابن النبيين ما للعلم من وطن / إلا لديك وما للحلم من وطر
إن يقتلوك فلا عن فقد معرفة / الشمس معروفة بالعين والأثر
لم يطلبوك بثأر أنت صاحبه / ثار لعمرك لولا اللَه لم يثر
ولم يصيبك سوى سهم الألى غدروا / كجائر البيضلولا الكفّ لم يجر
يا دهر مالك تقذي كلّ رائقة / وتنزل القمر الأعلى إلى الحفر
جررت آل عليّ بالقيود فهل / للقوم عندك ذنب غير مغتفر
تركت كلّ أبيّ من أسودهم / فريسة بين ناب الكلب والظّفر
ما للمكارم قد خلّت قلائدها / فانحط منحدر في إثر منحدر
وما لحالية الوفاد عاطلة / تبكي على البحر لا تبكي على الدرر
أما ترى علم الإسلام بعدهم / والكفر ما بين مطويّ ومنتشر
أي المحاجر لا تبكي عليك دماً / أبكيت واللَه حتى محجر الحجر
أنظر إلى هاديات العلم حائرة / والصحف محشوة الأحشاء بالفكر
وامسح بكفك عين الدين إنّ لها / من المدامع ما يلهي عن النظر
لم أنس من عترة الهادي جحاجحة / يسقون من كدر يكسون من عفر
قد غيّر الطعن منهم كل جارحة / إلا المكارم في أمن من الغِيَر
هم الاشاوس تمضي كلّ آونة / وذكرهم غرّة في جبهة السيَر
مضت نفوس وأيم اللَه ما وجدت / أظفار أيدي الردى إلا من الظفر
أفدي الضراغم ملقاة على كثب / ومنظر اليأس منها قاتل النظر
من ذاكر لبنات المصطفى مقلا / قد وكلتها يد الضراء بالسهر
وكيف اسلو لآل اللَه أفئدة / يعار منها جناح الطائر الذعر
هذي نجائب للهادي تقلصها / ايدي نجائب من بدو ومن حضر
وهذه حرمات اللَه تهتكها / خزر الحواجب هتك النوب والخزر
لهفي لرأسك والخطار يرفعه / قسراً فيطرق رأس المجد والخطر
من المعزّي نبيّ اللَه في ملأ / كانوا بمنزلة الأرواح للصور
ان يتركوا حضرة السفلى فإنهم / من حضرة ا لملك الأعلى على سرر
وإن أبوا لذّة الأولى مكدرة / فقد صفت لهم الأخرى من الكدر
أنى تصاب مرامي الخير بعدهم / والقوس خالية من ذلك الوتر
بني أمية إن ثارت كلابكم / فإنّ للثار ليثاً من بني مضر
سيف من اللَه لم تفلل مضاربه / يبري الذي هو من دين الإله بري
كم حرة هتكت فيكم لفاطمة / وكم دمٍ عندكم للمصطفى هدرِ
أين المفر بني سفيان من أسد / لو صاح بالفلك الدوار لم يدر
مؤيد العزّ يستسقى الرشاد به / أنواء عز بلطف اللَه منهمر
وينزل الملأ الأعلى لخدمته / موصولة زمر الأملاك بالزمر
يا غاية الدين والدنيا وبدءهما / وعصمة النفر العاصين من سقر
ليست مصيبتكم هذي التي وردت / كدراء أوّل مشروب لكم كدر
لقد صبرتم على أمثالها كرما / واللَه غير مضيع أجر مصطبر
فهاكم يا غياث اللَه مرثية / من عبد عبدكم المعروف بالأزدي
يرجو الإغاثة منكم يوم محشره / وأنتم خير مذخور لمدّخر
سمي كاظمكم أهدى لكم مدحا / أصفى من الدر بل أنقى من الدرر
حيّيتم بصلاة اللَه ما حييت / بذكركم صفحات الصحف والزبر
قسماً بربّ الراقصات إلى منى
قسماً بربّ الراقصات إلى منى / غرّ الوجوه مقلّدات المنحر
ومناسك الحرم الحرام وما حوى / ذاك المقام من المحلّ الأنور
والعاكفين على محاريب التُقى / والطائفين بركن ذاك المشعر
ومعالم الإسلام لاح منارها / فأضاءت الدنيا بأبلج أنور
ما للحوائج غير همّة أحمد / ذي الحزم والعزم الأجل الأكبر
ملك عليه من الهداية والنهى / والمكرمات دلائل لم تنكر
هو كوكب الاسعاد والقمر الذي / ليل الخطوب بغيره لم يقمر
قاموس أنواع المعارف لم يزل / يهدي لوارده صحاح الجوهر
وقف الصواب من الأمور جميعها / ما بين مورد رأيه والمصدر
تتفجر الآلاء منه نوابعاً / كالشرق ينبوع الصباح المسفر
نشاب أكباد برشق أسنَّة / عن غير أنياب الردى لم تكثر
يا بدر لا تطمع بمثل كماله / أين النحاس من النضار الأنضر
آليت أن ترقى مراقي أحمد / اللَه أكبر قد حنثت فكفّر
وله السجايا الواضحات كأنها / درر الكواكب في الآهاب الأخضر
إن لم يكن للمجد إلا أفقه / فالشرق يأتي بالصباح المسفر
بشرى لأحمد ذي المحامد أنّه / في ذمّة اللَه التي لم تخفر
العاقد الحلال من يظفر به / يظفر بأكسير السعود الأكبر
فكّاك معتقل مغيث طريدة / يا دهره خييت بين الأدهر
مقدام كلّ كتيبة جرّارةٍ / فكأن تبّع في أوائل حمير
خطاط مجدٍ غير أنّ يراعه / لا يستمد سوى المداد الأحمر
من معشر بيض كأن فعالهم / غزر تلوح على جباه الأعصر
أهل اليد البيضاء والمقل التي / نظروا بها تمثال ما لم ينظر
من كلّ ذي دنف ترى لحسوده / غيظ الجريح إلى السنان الأخزر
أن ينظروا الفيت أبهج منظر / أو يسيروا الفيت أصدق مخبر
يا عيسَ آمالي إليه ترحلي / وإذا انختِ بداره فاستبشري
أو ما علمت بأنها الدار التي / دارت بها كرة النصيب الأوفر
ينبيك حسن رياضها وحياضها / كيف الجنان وكيف طعم الكوثر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025