المجموع : 160
أبعدك أصغى الى العاذل
أبعدك أصغى الى العاذل / وهل يبدل الحق بالباطل
لسوف يرى سعيه بيننا / ويجزى من الحكم العادل
أرى الحب فوضى وبي هاجس / يمثل لي غيلة القاتل
فيا ظبي رفقاً بقلب امرئ / كليم وجسم فتى ناحل
فؤادي عفَّى عليه الهوى / فزال وما كان بالزائل
لقد علمتك الجفا عذلي / وحسبك من عالم عامل
ومن عجب أن لي حسدا / أطالوا هجائي بلا طائل
ومن عينه ابيضَّ إنسانها / رأى الصبح كالغسق الحائل
يسير الكمال إلى مصطفى / وتسعى المعالي إلى كامل
خطيب المنابر منطيقها / اذا قام في محفل حافل
له قلم مثل حد الظبي / اذا رعفت في يد الصائل
ينبه للمجد قوماً سهوا / عن المجد سهو الفتى الغافل
وليس سواه بمصر امرؤ / مشوق إلى مجدها العاجل
يحرر مصرا ويبنى لها / صروح السعادة في القابل
فلا زال يرقى إلى سؤدد / يعز على الحاسد الجاهل
وما كل راج بلوغ العلى / إلى ذروة المجد بالواصل
أيا نصر ما هذا رهان سميدع
أيا نصر ما هذا رهان سميدع / أصوغ له شكري وأحمده حمدا
عهدتك توفى للعباد وعودهم / فما لك لا توفى لشاعرهم وعدا
أجلك عن قوم اذا هم تعمدوا / لي الفقر ازجيت الثراء لهم عمدا
وان زجروا طيراً بنحس تمر بي / زجرت لهم طيراً تمر بهم سعدا
فلا تحوجني للعباد ورفدهم / وانت بوادي النيل أكرمهم رفدا
رفقاً بصب في هواك صريع
رفقاً بصب في هواك صريع / قد بات يشكو من جوى وولوع
مليا حببتك غير ناشد سلوة / يوماً ولا متطلع لنزوع
أرخصت من وجدي وحسبك انه / أغلى هوى حنيت عليه ضلوعي
وخدعت قلبي في هواك ولم أزل / أهفو اليك بقلبيَ المخدوع
لولا غرامك ما انثنيت بناظر / يلقاك بين مهابة وخشوع
كيف المتاب وكيف تغفر زلتي / ان كان لا يأتي الهوى بشفيع
رفقاً على نفس أطرت شعاعها / وعلى فؤاد للفراق هلوع
منع العواذل ان أراك ولم أكن / في الحب اول سائل ممنوع
عشقوا الوشاية فادرعت من الهوى / ومن الأسى بجواشن ودروع
ولقد هممت بزورة تحت الدجى / لولا هلال راعني بطلوع
لا تتركي قلبي لديَّ فانني / عفت البقاءَ لقلبيَ المفجوع
قلب تلهب من جواه ومقلة / ملئت ولكن من دم ونجيع
لجزعت لو أبصرتني يوم النوى / في موقف جم الخطوب فظيع
والدهر أطرق رأسه متهيباً / مما ألمّ بشملنا المصدوع
فقفي رعاك اللَه أمتع ناظري / قبل الفراق وساعة التوديع
هل بعد هذا البين لا كانت نوى / بك طوحت من أوبة ورجوع
كيف السبيل إلى اللقاء ودوننا / بيداء ملتطم الحباب مريع
مني السلام على الشآم واهله / وعلى ربي بك ازهرت وربوع
يا ليتنا كنا كما شاء الهوى / فرحَين فيه بشملنا المجموع
متنقلين على هضاب غضة / نجتاز ينبوعاً إلى ينبوع
وانا وانت على رباها تابع / يمشي وراء المالك المتبوع
نلفى الطبيعة في غضون بهاءها / من كل صنع للاله بديع
شهر على نار الغرام قضيته / وعددته باليوم والاسبوع
لا عشت ان لم أُلفَ صبا ساهداً / ما بين حر جوى ووكف دموع
طال السكوت فما لهذا الشاعر
طال السكوت فما لهذا الشاعر / وضع اليراع وماله من عاذر
مرت عليه الحادثات فخالها / في مرها مثل السحاب العابر
يا طائراً في روض شعرك بلبلا / هل سجعة تزرى بسجع الطائر
فاشهر يراعك بعد طول غموده / وافلل به حد الحسام الباتر
واستجل من آيات فكرك غادة / يدعونها في الغيد بنت الخاطر
ماذا ترجى من أديب لم يزل / يحيى لياليهُ بطرف ساهر
أسفاً على ماضي الزمان وخشية / مما يجيء وحسرة في الحاضر
والقوم ليس بهم نصير عندما / تسطو الحوادث كالهزبر الكاسر
فاذا وفيت إلى صديق منهمُ / أخلصت في ود له وسرائر
عد الوفاء ذريعة تبغى بها / ممن صحبت بلوغ حظ وافر
يجفو ويعبس ان قصدت رحابه / متبوئاً منها مكان الزائر
فاذا أفدت لهى يديه بدا به / ملل ينم عن الوداد الفاتر
حتى ينغصك النوال وتبتغي / لو عدت في النعمى بصفقة خاسر
أين الأولى كانوا اذا مدوا يدا / هطلت كشؤبوب السحاب الماطر
هاتيكم الايدي التي لا ينقضى / مدح الأديب لها وشكر الشاكر
درجوا وها أنا بعدهم في معشر / جاروا عليّ مع الزمان الجائر
ان بحت بالشكوى هتكت سريرتي / فيهم ورحت حليف جد عاثر
واذا سكت اكاد أقضي حسرة / من كل همّ في الفؤاد مخامر
واذا عتبت خشيت كسر قلوبهم / عند العتاب وما لها من جابر
ويذود عنهم مقولي بشوارد / في جيدهم كاللؤلؤ المتناثر
ولربما يشكو الحزين فلم ينل / الا الشمات من العدو الكاشر
جيل سواسية وشعب عنده / ان الوفيَّ بعهده كالغادر
ولكم صبرت وللحوادث مرهف / ان سل يوماً فلّ عزم الصابر
يبغون مني أن اثير عزائمي / واهز في كفي يراع الثائر
ليقال احمد يا له من ناظم / جم البيان ويا له من ناثر
ماذا ينسق في زمان لقبوا / فيه الجبان بليث غاب خادر
ودعوا الذي يدري الكتابة فاضلا / وربيب أقلام وخدن محابر
فاذا تعلم بعضٍ ما يرضى النهى / سموه مفضالاً ورب مفاخر
واذا تهدج في الخطابة صوته / سموه منطيقا وحلف منابر
واذا تبين حذقه فخروا به / ودُعي بنابغة الزمان النادر
انظر إلى شعراء قد يدعونهم / في كل ناد بالفضائل عامر
هذا الأمير وذا الكبير وآخر / رب الفصاحة والبيان الساحر
والشعر يبكي عصره مستعدياً / منهم إلى اللَه العزيز القادر
ولغيرهم القاب علم أصبحت / تعلو وتهبط مثل قدح الياسر
والعلم يشهد انهم نقلوا لنا / ما في صحائف كل سفر داثر
وسطوا على ما دونته يد الأولى / كدوا وجدوا في الزمان الغابر
ولمعشر رتب العلاء تظنها / جاءت اليهم كابراً عن كابر
هذا السريّ وذا الوجيه وآخر / رغم الضلال شريف بيت طاهر
والمجد يشهد أنها رتب لهم / فرحوا بها فرح الصغير القاصر
وأجلهم قدراً وأموجهم غنى / ما بين سكير وبين مقامر
وأذلهم ذاك الشريف اذا أتى / يوم الحساب بوجه جان باسر
يعزى إلى بيت النبيّ وحقه / يعزى إلى النمرود أو للسامري
ولقد ترى الألقاب في أسمائهم / مما يكل لها لسان الحاصر
والصحف ما زالت تجود لهم بها / والعقل يرمقها بعين الساخر
فلتتق الرحمن في ألقابها / تلك الكبار وفي الثناء العاطر
كثرت علينا حيث لا تحصى ولا / ندري لها من أول أو آخر
عبَّاد ألقاب اذا هم ازهقوا / من دونها الأرواح ليس بضائر
هم كالممثل في الثياب فسافل / في نفسه ومملك في الظاهر
عمون لا ادعو سواك أخا نهى / ضافى الجلال ورب فضل باهر
حسبي من الحكماء أنك بينهم / ترنو إلى الدنيا بأصدق ناظر
كلمات صدق أشبهت نجم الهدى / ان لاح بين حنادس ودياجر
قد خطها قلمي الضعيف وفاتها / للناشئين منار عصر زاهر
لما بين وعظ للعباد وعبرة / للناس أو مثل شرود سائر
حكم تُبلّ النفس من أدواءها / وتريهمُ حذق الطبيب الماهر
جاءت كما يبغي حجاك لآلئا / أقبلت أهديها لبحر زاخر
فاليك ازجيها فانت كفيلها / وأجلّ مرجو وأفضل ناصر
ذكر الرجال مخلد بفعالهم / والشعر في التاريخ أصدق ذاكر
أرى العلم في صدر الكريم يزينه
أرى العلم في صدر الكريم يزينه / ويحجب في صدر اللئيم ويستر
كمصباح بلّور تشعشع نوره / وآخر من خزف به الضوء أغبر
لقبوك ولو تدري بما صنعوا
لقبوك ولو تدري بما صنعوا / ما اخترت لاسمك الا عسكراً لقبا
فيك المهابة حتى قال ناظرها / لأنت وحدك تحكى عسكراً لجبا
يا صاحب الفتيا لك الفضل الذي
يا صاحب الفتيا لك الفضل الذي / تثنى لديه أخادع العظماء
لو كان يعطى المرء غاية قدره / لعنت لقدرك هامة الجوزاء
حسب الامام وأنت افضل عالم / أربى بحكمته على العلماء
الأزهر المعمور بعدك دارس / صفر من العقلاء والحكماء
لو كنت منك رغبت عن بث الهدى / في أمة بضلالها عمياء
يفنى الزمان وليس يفنى للفتى / بغض من الحساد والأعداء
ما اضحك النبلاء في أيامهم / الا تبجح معشر جهلاء
هم ينبحونك والضلال حليفهم / نبح الكلاب فراقد الزرقاء
ورأوك خير مملك متبوئ / بين العباد أريكة الافتاء
بلونا الحب فاخترناه شرعاً
بلونا الحب فاخترناه شرعاً / رغبنا فيه عن دين ودنيا
وما مليا سوى خود خريد / رمتنا بالقلى ظلما وبغيا
وما العشاق الا خير قوم / أطاعوا للهوى أمراً ونهيا
أرقهمُ إذا ذكر التصابي / جميل بثينة ونسيم مليا
أيا فرقد المجد والمحتد
أيا فرقد المجد والمحتد / ويا كوكب السعد والسؤدد
يهنئك الدهر بالمفرحات / وإقبال سعدك والمولد
طلعت فخط يراع العلى / الا مرحباً بالفتى السيد
أبوك وأنت وذات العفاف / لكالشمس والبدر والفرقد
كفاك انتساباً إلى طلعة / أجلّ امرئ مسعد منجد
ففاخر بتلك التي انجبت / اذا المجد قبلك لم يولد
لقد عقدت للعلى راية / على غير بيتك لم تعقد
ولولا التقى أمها ساجداً / فتى لسوى اللَه لم يسجد
ولولا الصيانة نلت الفخار / بلثم يد كالسحاب الندى
فذلك يهمى بأمواهه / وهاتيك تنهل بالعسجد
طلعت فهشت اليك العلى / كأنك جئت على موعد
وسلك دهرك في كفه / من البشر كالصارم المغمد
وكانت نجوم الدجى حوّما / عليك كطير على مورد
فمن غانيات يهنئننا / ومن خادمات ومن أعبد
يصيحون بدر بدا طالعاً / فجلى دجى الحندس الأسود
وقابلة تجتلى حسنه / واخرى تشير له باليد
وكان النضار نثاراً لهم / ينوب عن الملح للمجتدى
وقد كان ليلك في حسنه / عموداً من الصبح للمهتدى
وقد كان طيب احاديثهم / ينوب عن الند في الموقد
ونور علاك ونار القرى / بغيرهما الضيف لم يرشد
فهذا يضيء وهذى على / رعان المكارم لم تخمد
وحتى كأن الشموع اغتدت / أصابع في أعين الحسد
أهنيك لا طالباً منة / على ان برك لم يجحد
ولكنني شاعر شاعر / بحبي لبيتكم الأسعد
فمن عمك الفاضل المرتجى / إلى خالك السيد الأيد
إلى ذلك الصهر رب النهى / كريم السلالة والمحتد
كأنكم الزهر في افقها / إذا زدتها المدح لم تزدد
فإن تفخروا بي فمثل افتخار ال / نبيّ بحسانه الأوحد
وإن قيل من أنتمُ في العلى / كفاكم بياناً ثنا أحمد
تيمور يا ابن الأولى عزوا بسؤددهم
تيمور يا ابن الأولى عزوا بسؤددهم / وخيرَ من يرتجى في الحادث الجلل
اني شكرتك شكر الروض باكره / من الغمام ملثُّ العارض الهطل
من لي بيمناك يا ابن الغر ألثمها / فإنها خلقت للثم والقبل
لقد تمنيت ان تطوى بشاردة / لكنَّ فكري من الأيام في شغل
فاعذر فتاك على تقصير همته / فانه منك يوم الحمد في خجل
وقائلةٍ ما بال ثغرك باسماً
وقائلةٍ ما بال ثغرك باسماً / أصادفت بشرا أم غنيت بمال
فقلت لها بشر ومال ومجلس / على الخير مأهول بخير رجال
فقالت لمن هذي المحامد كلها / فقلت لها لابن الكرام هلال
وغادرتها تدعو من البشر ربها / بحفظك محفوفاً بارغد حال
وما صغت مدحي فرحة ليد امرئ / كثار العطايا عنده كقلال
أبا أحمد دم للثناء مخلدا / لتزدان أيام به وليال
يقولون في مرآى الهلال سعادة
يقولون في مرآى الهلال سعادة / يحلّ بها يسرٌ وتحسن حال
فكيف وفي عيني هلالان واحدٌ / هو الشهر وابن الاكرمين هلال
ليهنأ أناس أبصروا المجد جهرة
ليهنأ أناس أبصروا المجد جهرة / اذا قيل هذا أحمد بن هلال
وإن صوروه حاسر الرأس بينهم / فقد صوروا للمجد خير مثال
تهيبت المنون على ابتعاد
تهيبت المنون على ابتعاد / فكيف بها اذا اقترب البغاة
أفيقوا يا بني الدنيا أفيقوا / ففي هذا القصاص لكم حياة
هو الجاني وما للعدل ذنب
هو الجاني وما للعدل ذنب / ولا لقضاتهِ فيما جناه
أراق على يديه دماً بريئاً / فنال جزاءَ ما كسبت يداه
لا تلوموا تلك السيوف الدوامي
لا تلوموا تلك السيوف الدوامي / جلت الشك عن عقول الأنام
علمتهم أن لا حياة لشعب / رازح تحت مطلق الاحكام
أي نصف ترجون من حاكم يح / سب هذي الرقاب كالأنعام
ورث الملك بالرجال وبالما / ل كأن الرجال بعض الحطام
فاذا اهتم منة بالرعايا / فاهتمام الجزار بالاغنام
قيصرُ الروس قام بين البرايا / ناشراً دعوة الهدى والسلام
ذاكراً اننا بنو رجل فرد / خلقنا للحب لا للخصام
موعزاً بانعقاد مؤتمر التحك / يم يقضى في المعضلات الجسّام
ربَّ أمرٍ صعب المنال بعيد / صيرته العقول سهل المرام
هبه حلماً فالسعي فيه جميل / وجمال الحياة بالأحلام
هذه الأرض ترتجيك فحقق / ظنها فيك يا سليل الكرام
لك في منحها السلام أيادِ / خالداتٌ غرٌّ مدى الأيام
ولبثنا عيوننا شاخصات / ناظرين انجلاء ذاك الغمام
فاذا السلام حرب عوان / كل يوم نيرانها في اضطرام
قيصر الروس لا تضيّق على الصف / ر مداهم فالصفر اهل انتقام
لك ملك رحب الفضاء فسيح / فتعهد أجزاءه بالنظام
أفمهما أوجست من شعبك المو / تور خوفاً دفعته للصدام
لا رعاك الاه يا أرض منشو / را ولا رطبت ثراك الهوامى
ما لعقبانك اتخمن وغدرا / نك أصبحن بالدماء طوامى
كم خميس وافاك يمرح زهوا / ثم لم يبق منه غير العظام
شهر الحرب شاهروها وباتوا / في أمان والقتل في الأقوام
سئم الروس فتكها بئست العي / شة من ذلة لموت زؤام
قال مقدامهم هلم إلى الوا / لد نشكو مظالم الحكام
ومشوا للمليك عزلا ومدل / ين اليه بحرمة وذمام
فتلقتهمُ جنود أبيهم / برشاش الردى وحد الحسام
ملأت منهم الشوارع اشلا / ء كراديس فهي كالآكام
قيصرَ الروس ان شعبك أولا / دُك فاربأ واشفق على الأرحام
قيصر الروس خف دعاءَ الثكالى / وبكاءَ الاطفال والايتام
أفهذا الحق الالهيُّ أن يق / تل شعبٌ أتاك لاسترحام
زال ما كنتَ تدّعيه من الح / ق بما سال من دماءٍ حرام
إيه داود إيه يا ابن الكرام
إيه داود إيه يا ابن الكرام / ربَّ قولٍ أحد من صمصام
ليتني قيصرُ السلام فأعنو / يا جديراً مني بأزكى السلام
خُلقَ الناس للوئام وللأل / فة والاتحاد لا للخصام
انما الشر كامنٌ في البرايا / ودليلٌ عليه حملُ الحسام
خذ يميناً تر العباد عداةً / وحسام الاذى على كل هام
انظر الحربَ والخلائقَ فيها / تقطف الموت من غصون الصدام
أنظر الجيش أسكرته المنايا / سكرة المرء من دبيب المدام
يترامون جثة بعد أخرى / كجبال تدكدكت أو إكام
وتخال السيوف فيها غماما / ودماء الرقاب سيل الغمام
كادت النار أن تدوب وكاد ال / سماء يذكو لما به من ضرام
وترى الهام سجداً لظباة / فلَّها الضرب في يمين القيام
يا لها وقفة بساحة حرب / تصهر الصم من لظى واضطرام
عبرات تسيل سيل الغوادي / ليس يشفين من صدى وأوام
مهجات أذابها كلُّ طاغ / ورماها بحتفها كل رام
وجسوم لقى على الأرض تشكو / ما بها من اصابة وسقام
وأيامي يذلن دمعاً مصوناً / وثكالى ينحن نوح الحمام
وأبٌ يبكي من محاق هلال / كان يرجوهُ للعلى والتمام
يا لهُ موقفاً عليهم عصيبا / يوقف الشيخ عند سنّ الغلام
ليس في الناس من يؤمَّلُ فيه / أو يرجَّى لنصرة وذمام
يسخر الغرُّ بالمليك ويزرى / جاهلُ القوم بالحكيم الامام
ويقولون إنما لنظام / خُلق الخلق بئسه من نظام
يقتل المرءُ زوجهُ وأخاهُ / أو أباهُ لثروة وحطام
ويقود المليك بالظلم شعباً / رازحاً تحت مطلق الأحكام
هو لو لم يقدهُ للملك حظ / كان مثل الانام بين الانام
قيصر الروس بئست الحرب هذي / فمتى تأمر الوغى بانصرام
ومتى تنزل النفوس محلّاً / آمناً من طوارئ الايام
ضجت الارض والخلائق مجت / كأس موت تدور فيهم زؤام
أنت مثلت في البداية فصلاً / لم يرق في العيون عند الختام
كنت ترجو السلام للخلق طرّاً / فاعد للعباد عهد السلام
قيصر الروس عمرك اللَه عفواً / أنت أولى بالعفو لا بانتقام
ما للشبيبة قد خابت أمانيها
ما للشبيبة قد خابت أمانيها / وأصبح اليأس محتلاً بناديها
هذي الشبيبة حيا اللَه زهرتها / وزادها اللَه زهواً في تجليها
باتت ترجى حقوقاً كان هاضمها / أحقَّ من كان يوليها ويحميها
أفى الخلائق من ترجى عدالته / وقد شكى الظلم بين الناس قاضيها
ما للمدارس حسرى الوجه عابسة / وكوكب النحس يبدو في نواحيها
كانت معاهدَ بالعرفان آهلةً / ما بالها اندثرت من بعد أهليها
والعلم لم يقن إلا من صحائفها / والمجد لم يرجَ إلَّا من مراقيها
أحق بالدمع عيناها وقد همتا / اذا هي ادكرت في الحال ماضيها
كانت ربوعاً عليها للنهى علم / يهدى إلى سبل العرفان راجيها
كانت مغاني يبدو للحجا قمر / على ذراها فلم تلبث دياجيها
كانت مناهل يروى النفس منبعها / أيام كان أوار الجهل يظميها
زالت ولم ننس ماضيها وحاضرها / شتان ما بين ماضيها وحاليها
نرى اعتصاباً بوادي العلم منتشراً / كأنه النار تصلى في تلظيها
دعاته سئموا ايذاءَ انفسهم / والنفس تسأم ممن بات يؤذيها
قد أحرجوهم فزادوا في مطالبهم / كالريح للنار تصليها وتذكيها
نظارة العلم تأساءً ومرحمةً / خيرٌ لمثلك في الشكوى تلافيها
ماذا يضركِ لو أسديتِ مكرمة / بالحمد نمدحها والشكر نطريها
ان النفوس التي باهت بكثرتها / أضحى قليل من الاشياء يرضيها
فان هدمت معاني العلم عن جنف / به اتصفتِ فان الشعبَ يبنيها
أيا أمة المجد في الغابر
أيا أمة المجد في الغابر / إلى م خمولك في الحاضر
وما كان يعزى اليك الخمو / ل ولا كان يخطر بالخاطر
منيت بناس أرى ذكرهم / يعد شناراً على الذاكر
فمن خائن يستحق الردى / اذا عاقبوه ومن غادر
وكل طموح إلى غاية / تراقب بالقلب والناظر
قعدت وما فيك من ناهض / ونمت وما فيك من ساهر
أرى الشرق يرجو شفاء له / وما فيه من نطس ماهر
أزيحوا الغشاوة عن عينه / فليس له اليوم من عاذر
مشى الغرب يختال في برده / ويسحب ذيل فتى قادر
يجود الفرنج لأبنائه / بجود كصوب الحيا ماطر
وأدناهمُ مثل أعلاهمُ / وأولهم فيه كالآخر
فيا غرب مالك من خاذل / ويا شرق مالك من ناصر
تمر الحوادث لا نرعوى / ولا تسمع الاذن للزاجر
وكم فيك يا شرق من كاتب / أراك الرشاد ومن شاعر
إلى م تغرُّ بدنيا عفت / وتخنع للزمن الجائر
كأنا نيامٌ وأحداثه / تمرّ كطيف له زائر
لقد كنت يا مصر فيما مضى / مدرّبة البطل الثائر
وكم من عرين غداة الوغى / يصان بليث به خادر
لقد أخذوك على غرة / فسرت بخد لهم صاغر
ولما رأيت العدى حلقوا / رجعت إلى صفقة الخاسر
وضلَّ زعيمك من جهله / فطوّح بالبلد الزاهر
وسار المهاجم في سيره / وحلق في الجو كالطائر
أرى الدهر في الشرق من عجبه / غدا واقفاً وقفة الحائر
ترى أمةً بين أجنادها / تصول بعضب لها باتر
وتحمي البلاد بأنيابها / وتزأر كالاسد الكاسر
وتقهر بالعلم اعداءها / وليس سوى العلم من قاهر
وهامدة قد ضحى ظلها / وأخرى مشت مشية العاثر
ورازحة تحت اثقالها / تنوح على سؤدد داثر
بنى مصر لا تقطعوا ودها / مقاطعة الصب بالهاجر
ولا تكسروا بالأذى قلبها / فما للزجاجة من جابر
وحضوا على العلم ابناءها / فليس لها العلم بالضائر
وأن كتاباً يضم النهى / لأرخصُ من خرمة العاصر
أبعد المدح ننشدك الرثاء
أبعد المدح ننشدك الرثاء / ويرضى الدهر فيك بان نساء
أنرثى العلم أم كرم السجايا / أم الفضل الغزير أم الاخاء
أنبكي الخير أم نبكي العطايا / أم الود الصريح أم السخاء
أليس من الرزايا ان ننادي / عليك ولا تجيب لنا نداء
ولو خيرتنا من قبل كانت / نفوس الخلق اجمعهم فداء
وسار النعش مثل الروض يزهو / وعين القوم تسقيهِ الدماء
فلو أبصرتهُ أبصرت ركباً / عليهِ الدهر قد خلع البهاء
وصحبك من رحيلك في ذهول / وراء النعش قد ملأُوا الفضاء
لقد كنت الدواء لكل داء / فمالك هجت في الأحشاء داء
أيرجى بعد من أودى شفاءٌ / وقد فقدَ العليلُ بهِ الدواء
نقولا نم بقبرك بين بر / ضمنت بهِ المثوبةَ والجزاء
ولازال الحيا يسقى ضريحاً / دفنا في جوانبهِ العلاء
أخصك بالرثاء ولا أعزى / سوى نفسي اذا طلبت عزاء
فأنت لديَّ مثلُ أخي وإني / لأَعظم من ذوي القربى بلاء
سيدركنا الحمام وبعد حين / نزايلها اقتداءً واقتفاء